هذا المنشور الرئيسي هو جزء من سلسلة حالة العالم التي تنشرها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.
التنويه المطلوب:
منظمة الأغذية والزراعة. 2020. حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2020. استدامة العمل . روما.
التحقق الرقمي من الوثيقة: https://doi.org/10.4060/ca9229ar
إنّ الأوصاف المستخدمة وطريقة عرض المواد في هذا المنتج الإعلامي لا تعرب عن أي رأي خاص لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) في ما يتعلق بالوضع القانوني أو التنموي لأي بلد أو إقليم أو مدينة أو منطقة، أو في ما يتعلق بسلطاتها أو بتعين حدودها وتخومها. ولا تعرب الإشارة إلى شركات محدّدة أو منتجات بعض المصنّعين سواء كانت مرخصة أم لا، عن دعم أو توصية من جانب منظمة الأغذية والزراعة أو تفضيلها على مثيالتها مما لم يرد ذكره.
ولا تعرب الأوصاف المستخدمة وطريقة عرض المواد الإعلامية في الخرائط عن أي رأي خاص لمنظمة الأغذية والزراعة في ما يتعلق بالوضع القانوني أو الدستوري لأي بلد أو إقليم أو مجال بحري، أو في ما يتعلق بتعيين حدود كل منها.
وقد اتخذت منظمة الأغذية والزراعة جميع الاحتياطات المعقولة للتحقق من المعلومات الواردة في هذا المنشور. ومع ذلك، يجري توزيع الموارد المنشورة ضامن من أي نوع، سواء بشكل صريح أو ضمني.
إن وجهات النظر المعبر عنها في هذا المنتج الإعلامي تخص المؤلف (المؤلفين) ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المنظمة أو سياساتها.
ISBN 978-92-5-132757-9
ISSN 1020-5519 [عوبطم]
ISSN 2663-8665[عبر الانترنيت]
© منظمة الأغذية والزراعة 2020
بعض الحقوق محفوظة. ويتاح هذا العمل بموجب ترخيص المشاع الإبداعي – نسب المصنف - غير التجاري – الترخيص بالمثل 0.3 لفائدة المنظمات الحكومية الدولية (CC BY-NC-SA 3.0 IGO; https://creativecommons.org/licenses/by-nc-sa/3.0/igo).
بموجب أحكام هذا الرتخيص، يمكن نسخ هذا العمل، وإعادة توزيعه، وتكييفه لأغراض غير تجارية، بشرط التنويه بمصدر العمل على نحو مناسب. وفي أي استخدام لهذا العمل، لا ينبغي أن يكون هناك أي اقتراح بأن المنظمة تؤيد أي منظمة، أو منتجات، أو خدمات محددة. ولا يسمح باستخدام شعار المنظمة. وإذا تم تكييف العمل، فإنه يجب أن يكون مرخصا بموجب نفس ترخيص المشاع الإبداعي أو ما يعادله. وإذا تم إنشاء ترجمة لهذا العمل، فيجب أن تتضمن بيان إخلاء المسؤولية التي بالإضافة إلى التنويه المطلوب: “لم يتم إنشاء هذه الترجمة من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة. والمنظمة ليست مسؤولة عن محتوى أو دقة هذه الترجمة. وسوف تكون الطبعة الإنجليزية الأصلية هي الطبعة المعتمدة.“
وتجرى أي وساطة تتعلق بالنزاعات الناشئة بموجب الترخيص وفقا لقواعد التحكيم للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي المعمول بها في الوقت الحاضر.
مواد الطرف الثالث. يتحمل المستخدمون الراغبون في إعادة استخدام مواد من هذا العمل المنسوب إلى طرف ثالث، مثل الجداول، والأشكال، والصور، مسؤولية تحديد ما إذا كان يلزم الحصول على إذن لإعادة الاستخدام والحصول على إذن من صاحب حقوق التأليف والنشر. وتقع تبعة المطالبات الناشئة عن التعدي على أي مكون مملوك لطرف ثالث في العمل على عاتق المستخدم وحده.
المبيعات، والحقوق، والترخيص. يمكن الاطلاع على منتجات المنظمة العالمية على الموقع الالكتروني للمنظمة: http://www.fao.org/publications/ar ويمكن شراؤها من خلال .publications-sales@fao.org أما تقديم طلبات الاستخدام التجاري فتقدم عن طريق: www.fao.org/contact-us/licence-request وينبغي تقديم الاستفسارات المتعلقة بالحقوق والترخيص إلى: copyright@fao.org
صورة الغلاف ©FAO/Kyle LaFerriere
غانا. الزوارق ومعدات الصيد في حوض الزورق ، تيما.
1- إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم واستخدامه وتجارته
2- إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية البحرية:البلدان والمناطق المنتجة الرئيسية
3- إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية البحرية:الأنواع الرئيسية
4- إنتاج المصايد الطبيعية:مناطق الصيد الرئيسية في منظمة الأغذية والزراعة
5- إنتاج المصايد الطبيعية في المياه الداخلية:البلدان المنتجة الرئيسية
6- إنتاج تربية الأحياء المائية من المجموعاتالرئيسية للأنواع بحسب القارة في عام 2018
7- إنتاج الطحالب المائية من تربية الأحياء المائيةبحسب البلدان المنتجة الرئيسية
9- الإنتاج العالمي للطحالب المائية من تربية الأحياء المائية
10- الإنتاج السمكي من تربية الأحياء المائية في الأقاليموبحسب بلدان منتجة رئيسية مختارة
12- عمالة صيادي الأسماك ومستزرعي الأسماكفي العالم بحسب الإقليم
14- توزيع نسبة المصيد العالمي من الأسماكعلى الأحواض المائية/النهرية الرئيسية
15- اتجاهات الإنتاج والمساهمة النسبية في المصيد العالمي
16- مجموع ونصيب الفرد من الاستهلاك الظاهريللأسماك بحسب الأقاليم والمجموعة الاقتصادية، 2017
17- الإنتاج المتوقع للأسماك لعام 2030 (بمكافئ الوزن الحيّ)
18- تجارة الأسماك المتوقعة للاستهلاك البشري(بمكافئ الوزن الحيّ)
19- نبذة عن البيانات التي تتناولها دراسة Illuminating Hidden Harvests
20- المتغيرات المستخدمة في تقييم تهديداتمصايد الأسماك الداخلية
21- درجات التهديدات المحدقة بمناطق الأحواضالتي تدعم مصايد الأسماك الداخلية
22- سلسلة الإمدادات السمكية التي تدعمهاقواعد البيانات التسلسلية
1- الإنتاج العالمي من مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية
2- الاستخدام العالمي للأسماك واستهلاكها الظاهر
3- مساهمة الأقاليم في الإنتاج العالمي من مصايد الأسماكوتربية الأحياء المائية
4- الاتجاهات السائدة في المصايد الطبيعية العالمية
5- البلدان العشرة الرئيسية المنتجة للمصيد الطبيعيفي العالم في 2018
6- الاتجاهات السائدة في ثلاث فئات رئيسية من مناطق الصيد
7- البلدان الخمسة الرئيسية المنتجة للمصيد منالمياه الداخلية
8- الإنتاج العالمي للحيوانات والطحالب المائيةمن تربية الأحياء المائية في الفترة 1990-2018
9- معدل النمو السنوي لإنتاج الأسماك من تربية الأحياء المائية في الألفية الجديدة
10- مساهمة تربية الأحياء المائية في الإنتاج الإجماليللحيوانات البحرية
11- إنتاج أنواع تربية الأحياء المائية بواسطة العلفومن دون علف، 2000-2018
13- الحصة الإقليمية للعمالة في مصايد الأسماكوتربية الأحياء المائية
15- توزيع السفن المزوَّدة بمحركات والسفن غير المزوَّدة بمحركات حسب الإقليم في عام 2018
16- نسبة سفن الصيد المزوَّدة بمحركات والسفن غير المزوَّدة بها حسب الإقليم في عام 2018
17- توزيع سفن الصيد المزوَّدة بمحركات حسب الإقليم في عام 2018
18- توزيع أحجام سفن الصيد المزوَّدة بمحركات حسب الإقليم في عام 2018
19- الاتجاهات العالمية لحالة أرصدة الأسماك البحرية في العالم خلال الفترة 1974-2017
21- الأنماط الزمانية الثلاثة لعمليات إنزال الأسماك في الفترة 1950-2017
23- استخدام إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم في الفترة 1962-2018
25- مساهمة الأسماك في إمدادات البروتينات الحيوانية، متوسط الفترة 2015-2017
26- نصيب الفرد من الاستهلاك الظاهر، متوسط الفترة 2015-2017
27- المساهمة النسبية لتربية الأحياء المائية والمصايد الطبيعية في الأسماك المخصَّصة للاستهلاك البشري
28- إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم والكميات الموجهة للتصدير
29- أكبر البلدان المصدّرة والمستوردة للأسماك والمنتجات السمكية من حيث القيمة، 2018
30- التجارة في الأسماك والمنتجات السمكية
31- التدفقات التجارية للأسماك والمنتجات السمكيةبحسب القارة (حصة مجموع الواردات من حيث القيمة)،2018
32- قيم واردات وصادرات المنتجات السمكية فيمختلف الأقاليم، مع الإشارة إلى صافي العجز أو الفائض
33- حصص مجموعات الأنواع الرئيسية في تجارة الأسماك من حيث القيمة، 2018
34- مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأسماك
35- أسعار أسماك القاع في النرويج
36- أسعار التونة الوثابة في إكوادور وتايلند
37- أسعار مسحوق السمك وجريش فول الصويا في ألمانيا وهولندا
38- أسعار زيت السمك وزيت فول الصويا في هولندا
39- الإطار القانوني الدولي لمصايد الأسماك
41- عدد خطط إدارة مصايد الأسماك الطبيعية البحرية والداخلية التي أبلغ الأعضاء عن وضعها وفقًا للمدونة
43- عدد البلدان التي أبلغت أن لديها إطارًا قانونيًا لتنمية تربية الأحياء المائية وفقًا للمدونة
44- نظام المعلومات المقترح ومن ضمنه سجل للأنواع المستزرعة للموارد الوراثية المائية
45- عملية إعداد الخطوط التوجيهية لتربية الأحياء المائية المستدامة والمحتوى اللازم لوضعها
48- الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق وأهداف التنمية المستدامة
50- وضع الصكوك القانونية الدولية والبيئيةوصكوك الإدارة
51- إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية في العالم، للفترة 1980-2030
52- معدل النمو السنوي لتربية الأحياء المائية في العالم، للفترة 1980-2030
53- إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياءالمائية في العالم، للفترة 1980-2030
54- مساهمة تربية الأحياء المائية في الإنتاج السمكي الإقليمي
55- الإنتاج العالمي من مسحوق السمك، للفترة 1990-2030
56- زيادة دور تربية الأحياء المائية
58- خرائط التهديدات على مستوى الأحواض في مصايد الأسماك الداخليّة المهمة
1- تنقيح إحصاءات المنظمة بشأن إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية
2- أهمية البيانات المصنَّفة بحسب نوع الجنس: التركيزعلى المرأة في أنشطة ما بعد الصيد
3- البيانات المتعلّقة بصيد الأسماك والقائمة على نظام تحديد الهوية الآلي
4- إدارة مصايد الأسماك أداة مهمّة بشكل جليّ لتحسينحالة الأرصدة
5- ميزانيات الأغذية الصادرة عن المنظمة بشأن الأسماكوالمنتجات السمكية
6- قاعدة معارف منظمة الأغذية والزراعة بشأن مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بالأرقام
7- الملامح القطرية لمنظمة الأغذية والزراعة في مجالي مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية
9- توحيد التسميات المستخدمة للموارد الوراثية المائية
12- السّنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائيةالحرفية في 2022
13- ضمان الحصول على سبل عيش آمنة والوصول إلىالتنمية المستدامة: مصيد المحار في نهر الفولتا في غانا
15- إدارة المصيد العرضي بطريقة أكثر استدامة فيأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي
16- نهج المنظمة القائم على تربية الأحياء المائية والبستنة في المناطق النائية من غرب أفريقيا
18- تحديد المخاطر واحتياجات الإدارة الخاصة بالموارد الهشّة في النظم البحرية
19- التكيّف مع تغيّر المناخ: شيلي تتخذ الإجراءات اللازمة
20- التصدي للظواهر القصوى: منهجية منظمة الأغذية والزراعة لمواجهة الأضرار والخسائر
22- تأثر البلدان بآثار تغيُّر المناخ على مصايد الأسماك الطبيعية
أطلقت الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2015، خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي هي عبارة عن خطة عمل مميزة لتحقيق السلام والرخاء في العالم. وباعتمادها هذه الخطة، أبدت البلدان عزمها اللافت على اتخاذ خطوات جريئة وتحوّلية للانتقال بالعالم نحو مسار قوامه الاستدامة والقدرة على الصمود.
ولكن بعد خمسة أعوام من التقدم المتفاوت، ومع بقاء أقل من عشر سنوات لبلوغ الموعد المحدد، وعلى الرغم من التقدم المحرز في العديد من المجالات، فإنه من الواضح أن العمل الرامي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشرة لا يمضي قدمًا بالسرعة أو على النطاق المطلوبين. ونتيجة لذلك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة خلال مؤتمر القمة الخاص بأهداف التنمية المستدامة الذي عقد في سبتمبر/أيلول 2019، جميع قطاعات المجتمع إلى التأهب لعقد من العمل من أجل الإسراع في إيجاد حلول مستدامة لأكبر التحديات التي يواجهها العالم والتي تتراوح بين الفقر وعدم المساواة وتغيّر المناخ وسدّ الفجوة المالية.
لذلك، يأتي تخصيص إصدار عام 2020 من تقرير حالة المواردالسمكية وتربية الأحياء المائية في العالم لموضوع استدامة العمل من باب الضرورة وفي التوقيت المناسب. ويساهم قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية إلى حد كبير في تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة، وبخاصة الهدف 14 المتمثل في حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة. وتقع على عاتق منظمة الأغذية والزراعة، بوصفها راعية لأربعة من أصل عشرة مؤشرات متعلّقة بالتقدم المحرز نحو بلوغ هدف التنمية المستدامة 14، مسؤولية تسريع الزخم العالمي الرامي إلى تحقيق صحة المحيطات وإنتاجيتها، وهو زخم سيتلقى دفعًا إضافيًا خلال مؤتمر الأمم المتحدة الثاني للمحيطات.
ولا يزال إصدار عام 2020 من تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم يبرز الدور الكبير والمتنامي الذي تؤديه مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في توفير الأغذية والتغذية وفرص العمل. كما أنه يبيّن أبرز التحديات الماثلة أمامنا رغم التقدم المحرز على جبهات عدّة. وعلى سبيل المثال، هناك أدلة متزايدة على أن الأرصدة تبقى على الدوام عند مستويات أعلى من تلك المستهدفة أو تتجدد عندما تخضع مصايد الأسماك لإدارة سليمة، الأمر الذي يعطي المصداقية لمديري المصايد وحكومات العالم الراغبة في اتخاذ إجراءات حازمة. ولكنّ التقرير يبيّن أيضًا أن النجاحات التي تحققت في بعض البلدان والأقاليم لم تكن كافية لعكس الاتجاه العالمي المتمثل في استغلال الأرصدة استغلالًا مفرطًا، الأمر الذي يشير إلى أن حالة الأرصدة السمكية سيئة وآخذة في التدهور في الأماكن التي لا تدار فيها مصايد الأسماك أو التي لا تكون فيها هذه الإدارة فعالة. ويسلّط هذا التقدم المتفاوت الضوء على الحاجة الماسة إلى تكرار السياسات والتدابير الناجحة وإعادة تكييفها في ضوء الواقع السائد والاحتياجات في مصايد محددة. ويستلزم ذلك آليات جديدة لدعم التنفيذ الفعال للوائح السياساتية والإدارية الخاصة بمصايد الأسماك والنظم الإيكولوجية المستدامة، بوصفها الحل الوحيد لضمان استدامة مصايد الأسماك حول العالم.
وتُعد منظمة الأغذية والزراعية وكالة تقنية تم إنشاؤها لمكافحة الجوع والفقر. لكن، في وقت يقترب فيه عدد سكان العالم من بلوغ عتبة عشرة مليارات نسمة، نواجه واقعًا يتمثل في ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من النقص التغذوي وسوء التغذية منذ عام 2015. وفي حين أنه ليس هناك من حل سحري لهذه المشكلة، لا يوجد أدنى شك في أننا سنحتاج إلى إيجاد حلول مبتكرة لإنتاج المزيد من الأغذية وضمان إمكانية الوصول إليها وتحسين التغذية. وبينما ستحافظ مصايد الأسماك الطبيعية على أهميتها، أثبتت تربية الأحياء المائية بالفعل أنها تؤدي دورًا حاسمًا في تحقيق الأمن الغذائي العالمي في ظل نمو إنتاجها بنسبة 7.5 في المائة سنويًا منذ عام 1970. ويتطلب الاعتراف بقدرة تربية الأحياء المائية على مواصلة النمو وبضخامة التحديات البيئية التي يجب أن يواجهها القطاع في ظل تكثيف الإنتاج، اتباع استراتيجيات جديدة لتنمية تربية الأحياء المائية على نحو مستدام. وتحتاج هذه الاستراتيجيات إلى تسخير التطورات التقنية في مجالات مثل الأعلاف، والانتقاء الوراثي، والأمن الأحيائي ومكافحة الأمراض، والابتكار الرقمي، إلى جانب تطوير الأعمال في مجالي الاستثمار والتجارة. ويجب إسناد الأولوية لمواصلة تنمية تربية الأحياء المائية في أفريقيا وفي أقاليم أخرى سيمثّل فيها النمو السكاني أكبر تحد للنظم الغذائية.
وتشكّل مبادرة منظمة الأغذية والزراعة للعمل يدًا بيد إطارًا مثاليًا للجهود التي تجمع بين الاتجاهات والتحديات السائدة في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في سياق النمو الأزرق. وتهدف المبادرة إلى تسريع وتيرة تحوّل النظم الغذائية من خلال جمع الجهات المانحة بالجهات المستفيدة باستخدام أفضل البيانات والمعلومات المتاحة. وتسند هذه المبادرة القائمة على الأدلة والتي تقودها البلدان وتعود ملكيتها لها، الأولوية للبلدان التي تعاني من محدودية البنى التحتية والقدرات الوطنية والدعم الدولي والتي يمكنها أن تستفيد بوجه خاص من التعاون الفعال والشراكات لنقل المهارات والتكنولوجيا. وعلى سبيل المثال، يرجّح أن تكون آثار تغيّر المناخ على مصايد الأسماك الطبيعية البحرية أشد في المناطق المدارية في أفريقيا وآسيا حيث يُتوقع أن يتسبّب الاحترار بانخفاض الإنتاجية. ويمكن للتدخلات المستهدفة لتنمية مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في الإقليمين والتي تعالج الاحتياجات الخاصة لهذين الأخيرين من حيث الغذاء والتجارة وسبل العيش، أن تحقق التغيير التحولي اللازم لإطعام الجميع في كل مكان.
وينطوي جزء من هذه التدخلات المستهدفة على الاعتراف بأن معظم النظم الغذائية تؤثر على البيئة ولكن تحصل تبادلات تضمن تحسين الأمن الغذائي والتغذوي وتقلّل في الوقت نفسه إلى أقصى حدّ من الآثار المترتبة على النظم الإيكولوجية الداعمة لها. ولا يُعترف بالأسماك والمنتجات السمكية على أنها من الأغذية الأكثر سلامة على وجه الأرض فحسب، بل أيضًا على أنها من الأغذية الأقل تأثيرًا على البيئة الطبيعية. ولهذه الأسباب، ينبغي مراعاتها على نحو أفضل في الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية والعالمية للأمن الغذائي والتغذية، وضمان مساهمتها في التحوّل الجاري في النظم الغذائية للقضاء على الجوع وسوء التغذية.
وإن عام 2020 هو عام مهم بالنسبة إلى منظمة الأغذية والزراعة لأنه يصادف مرور خمس وسبعين عامًا على تأسيسها. فهذه المنظمة هي الوكالة المتخصصة الأقدم التابعة للأمم المتحدة. ويصادف هذا العام أيضًا مرور خمس وعشرين عامًا على صدور مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد التي وجّهت تطوير السياسات في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية حول العالم. ولكن هذا ليس الوقت المناسب للاحتفال. فالمناسبتان تذكراننا بعلّة وجودنا، وتمثلان نداءً للعمل ونقطة انطلاق لإحداث التغيير في عالم يشهد تحولات سريعة ويحتاج إلى حلول مبتكرة وتحوّلية لمعالجة المشاكل القديمة والجديدة على السواء. وأثناء كتابة هذا التقرير، ظهر فيروس كورونا (كوفيد19-) كواحد من أصعب التحديات التي واجهناها معًا منذ إنشاء منظمة الأغذية والزراعة. وستزيد التداعيات الاجتماعية والاقتصادية الوخيمة المترتبة عن هذا الوباء من صعوبة نضالنا للقضاء على الجوع والفقر. وبما أنّ قطاعي مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية هما الأشدّ تأثرًا بالجائحة، تساعد المعلومات الأساسية الواردة في هذا التقرير المنظمة على الاستجابة للوضع الراهن من خلال حلول فنية وتدخلات هادِفة.
ويعدّ تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم المطبوع الوحيد من نوعه الذي وفّر على مدى سنوات عديدة نظرة فنية ومعلومات مستندة إلى الوقائع بشأن قطاع يتسم بأهمية حاسمة لنجاح المجتمعات. ويسلّط التقرير الضوء على أمور عدة من ضمنها الاتجاهات والأنماط الرئيسية الملاحظة في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية العالمية، ويستكشف المجالات الجديدة والمرتقبة التي ينبغي النظر فيها كشرط لإدارة الموارد المائية على نحو مستدام في المستقبل. وأتمنى أن تترك هذه الطبعة أثرًا كميًا ونوعيًا أكبر من الطبعات السابقة وأن تشكّل مساهمة قيّمة تساعدنا على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.
شو دونيو |
تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2020 هو ثمرة عملية بدأت في يناير/كانون الثاني 2019 ودامت 18 شهرًا. وجرى تشكيل هيئة تحرير مؤلفة من موظفين من إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في منظمة الأغذية والزراعة بدعم من فريق تنفيذي أساسي ضمّ مدير إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في المنظمة وخمسة موظفين وخبراء استشاريين من فرع الإحصاءات والمعلومات التابع لإدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وممثلًا عن مكتب الاتصالات في المنظمة. وعقدت هيئة التحرير، برئاسة مدير إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، اجتماعات منتظمة لوضع مخطط لمحتوى التقرير وهيكله وصقل مصطلحاته واستعراض التقدم المحرز فيه.
وقررت هيئة التحرير تعديل هيكل طبعة عام 2020 مع الإبقاء على شكل طبعات السنوات السابقة والعملية المتبعة فيها فقط في الجزء الأول عن «الاستعراض العالمي». وسيتغيّر اسم الجزء الثاني ليصبح «استدامة العمل»، وسيركز على القضايا التي احتلت الصدارة في الفترة 2019–2020. وسيتناول هذا الجزء بصفة خاصة القضايا المتصلة بالهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة ومؤشراته التي تقوم فيها المنظمة بدور وكالة الأمم المتحدة «الراعية». وستتناول أقسام هذا الجزء مختلف جوانب استدامة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية: التقييم، والرصد، ووضع السياسات، وضمان الأمن، ورفع التقارير، والسياق. وقررت هيئة التحرير أيضًا استهلال الجزء الثاني بقسم خاص بمناسبة مرور خمس وعشرين عامًا على صدور مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد (المدونة)، وللإبلاغ عن التقدم المحرز منذ اعتماد المدونة. وسيُشكّل الجزء الثالث آخر جزء من هذا المطبوع وسيشمل التوقعات (آفاق المستقبل) والقضايا الناشئة.
وانبثق قرار تنقيح هيكل التقرير من تعقيبات المراجعين الداخليين والخارجيين على الطبعة السابقة، بما في ذلك استبيان تم إجراؤه عن طريق الإنترنت. وأُجري التنقيح بتوجيه من المسؤولين في إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية واستفاد من مساهمات مختلف فروع تلك الإدارات. ووافقت الإدارية العليا لإدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على هذا الهيكل.
وخلال الفترة الممتدة من أبريل/نيسان إلى مايو/أيار 2019، دُعي الموظفون في إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية إلى تحديد المواضيع الملائمة والمساهمين المناسبين في الجزأين الثاني والثالث، ووضعت هيئة التحرير الخطوط العريضة للمطبوع ونقحتها. وشارك في العملية من مرحلة التخطيط وصولًا إلى الاستعراض موظفو الإدارة في المقرّ الرئيسي كلهم تقريبًا، ودُعي موظفو المكاتب الميدانية إلى المساهمة في التقارير الإقليمية. وترافق هذا الهيكل المنقّح مع تغيير في قيادة المؤلفين للجزء الثاني – إذ تم تكليف كل عضو من مختلف أعضاء هيئة التحرير بالمسؤولية عن موضوع يتضمن ما لا يقلّ عن قسمين. وساهم في إعداد التقرير عدد كبير من المؤلفين من المنظمة (بعضهم ساهم في عدّة أقسام) وكذلك العديد من المؤلفين من خارج المنظمة (أنظر القسم «شكر وتقدير»).
وفي يونيو/حزيران 2019، تم إعداد ملخص عن الجزأين الثاني والثالث بمساهمة من جميع المؤلفين الرئيسيين وجرى تنقيحه استنادًا إلى تعليقات هيئة التحرير. وعرضت وثيقة الملخص على الهيئة الإدارية لإدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية ونائب المدير العام لشؤون المناخ والموارد الطبيعية للموافقة عليها في يونيو/حزيران 2019. وشكّلت هذه الوثيقة بعد ذلك المخطط الذي استرشد به المؤلفون في صياغة التقرير.
وجرت صياغة الجزأين الثاني والثالث بين سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول 2019، وتم تحرير محتواهما الفني واللغوي وإرسالهما في يناير/كانون الثاني 2020 إلى المسؤولين في إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في المنظمة لاستعراضهما من جانب خبراء خارجيين وهيئة التحر
ويستند الاستعراض العالمي الوارد في الجزء الأول إلى إحصاءات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الرسمية للمنظمة. ولكي يُعبِّر هذا الجزء عن أحدث الإحصاءات المتاحة، تمت صياغته في الفترة من فبراير/شباط إلى مارس/آذار 2020 بعد الإقفال السنوي لمختلف قواعد البيانات المواضيعية التي تنظم البيانات. وهذه الإحصاءات هي نتاج برنامج تم وضعه لضمان أفضل ما يمكن من المعلومات، بما يشمل المساعدة على تعزيز قدرة البلدان على جمع البيانات وتقديمها وفقًا للمعايير الدولية وبشكل متأنٍ ومنسّق ومراجعتها والتحقق من صحتها. وفي غياب التقارير الوطنية، يمكن للمنظمة أن تقوم بإعداد تقديرات مستمدة من أفضل البيانات المتاحة من المصادر الأخرى أو من خلال المنهجيات الموحدة.
وأُرسلت مسودة من التقرير إلى إدارات المنظمة ومكاتبها الإقليمية الأخرى لإبداء التعليقات عليها، وعرضت المسودة النهائية على مكتب نائب المدير العام لشؤون المناخ والموارد الطبيعية، ومكتب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للموافقة عليها.
تم إعداد تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2020 بتوجيه عام من Manuel Barange، وهيئة تحرير بقيادته وعضوية كل من Vera Agostini وMarcio Castro de Souza وNicole Franz وKim Friedman وGraham Mair وJulian Plummer وMarc Taconet وRaymon van Anrooy وKiran Viparthi.
والمؤلفون الرئيسيون (المرتبطون جميعًا بالمنظمة، ما لم يُذكر خلاف ذلك) هم:
إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية: James Geehan (المؤلف الرئيسي)
إنتاج تربية الأحياء المائية: Xiaowei Zhou (المؤلف الرئيسي)
صيادو ومستزرعو الأسماك؛ أسطول الصيد: Jennifer Gee (المؤلفة الرئيسية)
حالة الموارد السمكية: Yimin Ye (المؤلف الرئيسي)، وTarûb Bahri وPedro Barros وSimon Funge-Smith وNicolas Gutierrez وJeremy Mendoza-Hill وHassan Moustahfid وYukio Takeuchi وMerete Tandstad وMarcelo Vasconcellos
تجهيز الأسماك: Stefania Vannuccini (المؤلفة الرئيسية) وAnsen Ward وAhern Molly وOmar Riego Penarubia
استهلاك الأسماك: Stefania Vannuccini (المؤلفة الرئيسية) وFelix Dent وGabriella Laurenti
تجارة الأسماك ومنتجاتها: Stefania Vannuccini (المؤلفة الرئيسية) وFelix Dent
كيف دعمت المدونة اعتماد الممارسات المستدامة؟: Rebecca Metzner (المؤلفة الرئيسية) وAlexander Ford وJoseph Zelasney وNicole Franz
التقدّم المحرز في تحقيق الاستدامة – ما يكشف عنه الاستبيان الخاص بالمدونة: Joseph Zelasney (المؤلف الرئيسي)، وAlexander Ford وRebecca Metzner وNicole Franz
نُظم البيانات والمعلومات المتعلقة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في المنظمة: Marc Taconet (المؤلف الرئيسي) وAureliano Gentile وStefania Savore وRiccardo Fortuna
نظام لمعلومات الموارد الوراثية المائية من أجل دعم النمو المستدام في تربية الأحياء المائية: Graham Mair (المؤلف الرئيسي) وDaniela Lucente وMarc Taconet وStefania Savore وTamsin Vicary وXiaowei Zhou
مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم: Eszter Hidas (المؤلفة الرئيسية) وMatthew Camilleri وGiuliano Carrara وAlicia Mosteiro
شرعية المنتجات ومنشؤها: John Ryder وNianjun Shen (المؤلفان الرئيسيان)
الاستدامة والحيازة وإمكانية الوصول وحقوق المستخدمين: Rebecca Metzner (المؤلفة الرئيسية) وAmber Himes Cornell وNicole Franz وJuan Lechuga Sanchez وLena Westlund وKwang Suk Oh و Ruben Sanchez Daroqui
الاستدامة الاجتماعية على طول سلاسل القيمة: Marcio Castro de Souza (المؤلف الرئيسي) وMariana Toussaint
ممارسات الصيد المسؤول: Raymon van Anrooy (المؤلف الرئيسي) وMariaeleonora D’Andrea وCarlos Fuentevilla وAmparo Perez Roda
الخطوط التوجيهية وأفضل ممارسات تربية الأحياء المائية المستدامة: Lionel Dabbadie (المؤلف الرئيسي) وRodrigo Roubach
مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وخطة التنمية المستدامة لعام 2030: Audun Lem(المؤلف الرئيسي) وWilliam Griffin
استدامة الأرصدة: Yimin Ye (المؤلف الرئيسي)
التقدم المحرز في تنفيذ الصكوك الدولية لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم: Matthew Camilleri (المؤلف الرئيسي) وGiuliano Carrara وEszter Hidas
إتاحة إمكانية وصول صغار صيادي الأسماك إلى الموارد البحرية والأسواق: Nicole Franz (المؤلفة الرئيسية) وJennifer Gee وJoseph Zelasney وValerio Crespi وSofiane Mahjoub
الاستدامة الاقتصادية: Marcio Castro de Souza (المؤلف الرئيسي) وWeiwei Wang
تعميم مراعاة التنوع البيولوجي في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية: Kim Friedman (المؤلف الرئيسي) وRaymon van Anrooy وAmber Himes-Cornell وPedro Barros وSimon Funge-Smith وMatthias Halwart وGraham Mair وPiero Mannini وRodrigo Roubach و Vera Agostini
الاستدامة في المناطق غير الخاضعة للولاية الوطنية: Piero Mannini (المؤلف الرئيسي) وAlejandro Anganuzzi وWilliam Emerson
استراتيجيات التكيُّف مع تغيُّر المناخ: Florence Poulain (المؤلفة الرئيسية) وTarûb Bahri وFelix Inostroza Cortés وAlessandro Lovatelli وStefania Savore
معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة وتلويثها للبيئة البحرية: Raymon van Anrooy (المؤلف الرئيسي) وIngrid Giskes و Pingguo He
الأسماك في استراتيجيات النُظم الغذائية من أجل الأمن الغذائي والتغذية: Molly Ahern (المؤلفة الرئيسية) وJohn Ryder
إنجازات النمو الأزرق: Lahsen Ababouch (خبير دولي في مجال مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية؛ المؤلف الرئيسي) وHenry De Bey وVera Agostini
التوقعات بشأن مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية: Stefania Vannuccini (المؤلفة الرئيسية) وPierre Maudoux
أضواء على الصيد المستتر: Kate Bevitt (المركز العالمي للأسماك) (المؤلفة الرئيسية) وNicole Franz وGiulia Gorelli وXavier Basurto (جامعة ديوك)
تحسين تقييم مصايد الأسماك الداخلية في العالم: Simon Funge-Smith (المؤلف الرئيسي)
التكنولوجيات الجديدة والكاسحة من أجل نُظم بيانات وممارسات مبتكرة: Marc Taconet (المؤلف الرئيسي) وNada Bougouss وAnton Ellenbroek وAureliano Gentile وYann Laurent وNianjun Shen
التنوع البيولوجي في تربية الأحياء المائية: Melba Reantaso (المؤلفة الرئيسية) وXiaowei Zhou
نحو رؤية جديدة لمصايد الأسماك الطبيعية في القرن الحادي والعشرين: Manuel Barange
واستفاد هذا التقرير أيضًا من الاستعراض الخارجي الذي أجراه البروفيسورMassimo Spagnolo (معهد البحوث الاقتصادية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء) وKevern Cochrane (قسم دراسات الأسماك وعلوم مصايد الأسماك، جامعة روديس، جنوب أفريقيا). واستعرض التقرير داخل المنظمة كل من Vera Agostini وManuel Barange وهيئة التحرير، وكذلك الزملاء في الشُعب الفنية الأخرى من خارج إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
وقدّمت دائرة برمجة الاجتماعات والتوثيق التابعة لشُعبة المؤتمر والمجلس وشؤون المراسم خدمات الترجمة والطباعة.
وقدّمت المجموعة المعنية بالنشر في مكتب الاتصالات في المنظمة الدعم التحريري وساعدت في التصميم وتخطيط الشكل الخارجي للتقرير، وكذلك تنسيق إنتاج الطبعات بجميع اللغات الرسمية الست.
ملاحظة: في وقت كتابة هذا التقرير (مارس/آذار 2020)، أثرت جائحة فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد19-) على معظم دول العالم، مع وقع شديد على الاقتصاد العالمي وقطاع إنتاج وتوزيع الأغذية، بما في ذلك مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وتراقب منظمة الأغذية والزراعة الوضع عن كثب لتقييم الأثر الشامل للوباء على إنتاج واستخدام وتجارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
لقد أدّت التطوّرات العلمية في السنوات الخمسين الأخيرة إلى تكوين فهم أفضل لعمل النظم الإيكولوجية المائية وإلى زيادة الوعي العالمي حول الحاجة إلى إدارتها بطريقة مستدامة. وبعد مرور خمسة وعشرين عامًا على اعتماد مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد (المدونة؛ منظمة الأغذية والزراعة، 1995)، باتت أهمية استخدام موارد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بطريقة رشيدة تحظى الآن باعتراف واسع وبالأولوية. وتم الاسترشاد بالمدونة لوضع صكوك وسياسات وبرامج دولية ترمي إلى دعم جهود الإدارة الرشيدة على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية. وتم تعزيز هذه الجهود وإسناد الأولوية لها منذ عام 2015 من أجل معالجة الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة، وغيره من أهداف التنمية المستدامة المتعلّقة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، بصورة متّسقة ومنسّقة. وتحقيقًا لهذه الغاية، يحظى تنفيذ سياسات إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية القائمة على العلوم، المقترن بالنظم الشفافة والتي يمكن التنبؤ بها لاستخدام الأسماك والتجارة فيها دوليًا، بقبول واسع النطاق باعتبارها معايير أساسية دنيا لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المستدامة. ولدعم الجهود القائمة على الأدلة، تعرض هذه الطبعة من تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم إحصاءات محدّثة وتم التحقق منها في ما يتعلّق بالقطاع، وتحلّل القضايا الحالية والناشئة والنُهج اللازمة لتسريع الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق هدف استدامة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
وتشير التقديرات إلى أن الإنتاج العالمي للأسماك1 بلغ حوالي 179 مليون طن في عام 2018 (الجدول 1 2 والشكل 1) في ما وصلت قيمته الإجمالية لدى البيع لأول مرة إلى 401 مليار دولار أمريكي، أتى 82 مليون طن منه بقيمة تقدّر بحوالي 250 مليار دولار أمريكي من إنتاج تربية الأحياء المائية. وتم استخدام 156 مليون طن من المجموع الكلي للاستهلاك البشري، ما يساوي معدل إمداد سنوي يقدّر بحدود 20.5 كلغ للفرد الواحد. وتم تخصيص المقدار المتبقي البالغ 22 مليون طن لاستخدامات غير غذائية، لإنتاج المساحيق والزيوت السمكية بصورة رئيسية (الشكل 2). ومثّلت تربية الأحياء المائية 46 في المائة من الإنتاج الإجمالي و52 في المائة من الأسماك المخصَّصة للاستهلاك البشري. وظلّت الصين منتجًا رئيسيًا للأسماك، حيث استحوذت على 35 في المائة من الإنتاج العالمي في عام 2018. وجاءت حصة كبيرة من الإنتاج في عام 2018 من آسيا (34 في المائة)، باستثناء الصين، تليها الأمريكيتان (14 في المائة) وأوروبا (10 في المائة) وأفريقيا (7 في المائة) وأوسيانيا (1 في المائة). وشهد الإنتاج الإجمالي للأسماك زيادات كبيرة في العقود القليلة الأخيرة في جميع القارات باستثناء أوروبا حيث تراجع تدريجيًا في الفترة الممتدة بين أواخر ثمانينيات القرن الماضي ومنتصف العقد الأول من الألفية الثالثة، في حين أنه زاد بمقدار الضعف تقريبًا في أفريقيا وآسيا خلال السنوات العشرين الأخيرة (الشكل 3).
وزاد الاستهلاك العالمي للأسماك المخصصة للأغذية3 ﺑﻤﻌﺪل ﺳﻨﻮي ﺑﻠﻎ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ 3.1 في المائة بين عامي 1961 و2017، وهو معدل يساوي حوالي ضعف معدل النمو السكاني العالمي (1.6 في المائة) في الفترة نفسها ويتخطى معدل استهلاك سائر البروتينات الحيوانية الأخرى (اللحوم ومنتجات اللبان والحليب وغيرها) الذي زاد بنسبة 2.1 في المائة سنويًا. ونما نصيب الفرد الواحد من استهلاك الأسماك المخصصة للأغذية من 9.0 كيلوغرامات (بمكافئ الوزن الحي) في عام 1961 إلى 20.5 كيلوغرامات في عام 2018، أي بحوالي 1.5 في المائة سنويًا.
ورغم استمرار الفوارق في مستويات استهلاك الأسماك بين الأقاليم والدول منفردة، يمكن تحديد اتجاهات واضحة. ففي البلدان المتقدمة، زاد الاستهلاك الظاهر للأسماك من 17.4 كيلوغرامات للفرد الواحد في عام 1961 ليصل إلى ذروته عند 26.4 كيلوغرامات للفرد الواحد في عام 2007، ثم تراجع بشكل تدريجي ليبلغ 24.4 كيلوغرامات في عام 2017. وفي البلدان النامية، زاد الاستهلاك الظاهر للأسماك بشكل ملحوظ من 5.2 كيلوغرامًا للفرد الواحد في عام 1961 إلى 19.4 كيلوغرامات في عام 2017، أي بمعدل سنوي بلغ في المتوسط 2.9 في المائة. ومن بين هذه البلدان، زاد الاستهلاك في البلدان الأقل نموًا بمعدل سنوي بلغ في المتوسط 1.3 في المائة، من 6.1 كيلوغرامًا في عام 1961 إلى 12.6 كيلوغرامات في عام 2017. ولقد زاد هذا المعدل بشكل ملحوظ في السنوات العشرين الأخيرة ليبلغ 2.5 في المائة سنويًا بسبب نمو إنتاج الأسماك ووارداتها. وفي بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، زاد استهلاك الأسماك بمعدل سنوي مستقر بلغ حوالي 1.5 في المائة، من 4.0 كيلوغرامات في عام 1961 إلى 9.3 كيلوغرامات في عام 2017.
وفي سنة 2017، استحوذ استهلاك الأسماك على 17 في المائة من متناول سكان العالم من البروتينات الحيوانية و7 في المائة من مجموع البروتينات المستهلَكة. وعلى الصعيد العالمي، وفّرت الأسماك ما يقارب 20 في المائة من متوسط نصيب الفرد من متناول البروتينات الحيوانية لأكثر من 3.3 مليارات نسمة، ووصلت هذه النسبة إلى 50 في المائة أو أكثر في بلدان مثل بنغلاديش وكمبوديا وغامبيا وغانا وإندونيسيا وسيراليون وسري لانكا والعديد من الدول الجزرية الصغيرة النامية.
ووصل الإنتاج العالمي لمصايد الأسماك الطبيعية في عام 2018 إلى مستوى قياسي بلغ 96.4 ملايين طن (الجدول 1 والشكل 1)، بزيادة قدرها 5.4 في المائة عن متوسّط الأعوام الثلاثة السابقة. وتُعزى هذه الزيادة في معظمها إلى مصايد الأسماك الطبيعية البحرية التي زاد الإنتاج فيها من 81.2 مليون طن في عام 2017 إلى 84.4 ملايين طن في عام 2018، ما يمثّل المصيد العالمي الأكبر منذ عام 1996 (عندما بلغ أعلى مستوى على الإطلاق وقدره 86.4 ملايين طن). ونجمت زيادة المصيد البحري بصورة رئيسية عن زيادة مصيد الأنشوفة (Engraulis ringens) في بيرو وشيلي. وبلغ المصيد من المصايد الداخلية أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 2018 وقدره 12.0 مليون طن. واستحوذت البلدان المنتجة السبعة الرئيسية لمصايد الأسماك الطبيعية العالمية على حوالي 50 في المائة من مجموع المصيد، مع إنتاج الصين 15 في المائة من المجموع تليها إندونيسيا (7 في المائة) وبيرو (7 في المائة) والهند (6 في المائة) والاتحاد الروسي (5 في المائة) والولايات المتحدة الأمريكية (5 في المائة) وفييت نام (3 في المائة). واستحوذت البلدان المنتجة العشرين الرئيسية على حوالي 74 في المائة من الإنتاج الإجمالي للمصايد الطبيعية.
وعلى مرّ السنين، سجّل مصيد الأنواع البحرية الرئيسية تفاوتات ملحوظة وتقلّبات بين البلدان المنتجة الأولى. وكان مصيد أسماك الأنشوفة مرّة أخرى الأكبر بين الأنواع الرئيسية حيث بلغ أكثر من 7.0 ملايين طن في عام 2018 بعد أن كان قد بلغ مستويات أدنى في عام 2016. واحتلت أسماك قدّية ألاسكا (Theragra chalcogramma) المرتبة الثانية بين الأنواع التي سجّلت المصيد الأكبر (3.4 ملايين طن)، في حين جاءت أسماك التونة الوثاب (Katsuwonus pelamis) في المرتبة الثالثة للسنة التاسعة على التوالي مع 3.2 مليون طن. ومثّلت الأسماك الزعنفية 85 في المائة من الإنتاج الإجمالي، وكانت الأسماك السطحية الصغيرة المجموعة الرئيسية فيها تليها أنواع الغادسيات وأسماك التونة والأنواع الشبيهة بها. واستمر ازدياد مصيد أسماك التونة ليصل إلى أعلى مستوياته في عام 2018 عند 7.9 ملايين طن تقريبًا، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى نموه في غرب ووسط المحيط الهادئ (3.5 ملايين طن في عام 2018 مقابل 2.6 ملايين طن في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة). ومثّلت أسماك التونة الوثاب والأصفر الزعانف في مجموعة الأنواع هذه، حوالي 58 في المائة من المصيد. وتراجع مصيد رأسيات الأرجل إلى حوالي 3.6 ملايين طن في عامي 2017 و2018 مقارنة بأعلى مستوى له سجّله في عام 2014 وقدره 4.9 ملايين طن، ولكنه لا يزال مرتفعًا.
وشكّل المصيد العالمي في المياه الداخلية 12.5 في المائة من الإنتاج الإجمالي لمصايد الأسماك الطبيعية. وتباينت أهميته بشكل ملحوظ بين البلدان الرئيسية المنتجة في مجال الصيد الطبيعي، حيث استحوذ على أقل من 1 في المائة من مجموع المصيد في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وبيرو مقابل 44 و65 في المائة من المجموع في ميانمار وبنغلاديش على التوالي.
ويتركّز المصيد في المياه الداخلية بدرجة أكبر من المصيد البحري، من الناحية الجغرافية وبحسب البلدان على السواء. وقد أنتج ستة عشر بلدًا أكثر من 80 في المائة من مجموع المصيد في المياه الداخلية، حيث استحوذت آسيا على ثلثي الإنتاج العالمي من المياه الداخلية منذ منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة. ويُعتبر المصيد في المياه الداخلية مهمًا أيضًا للأمن الغذائي في أفريقيا التي تستحوذ على 25 في المائة من المصيد العالمي، في حين يمثّل المصيد من أوروبا والأمريكيتين معًا نسبة 9 في المائة.
وفي عام 2018، بلغ الإنتاج العالمي للأسماك من تربية الأحياء المائية 82.1 مليون طن، والطحالب المائية 32.4 ملايين طن، والأصداف البحرية للزينة واللؤلؤ 26 000طن، ما أدى إلى ارتفاع المجموع إلى أعلى مستوى له على الإطلاق وقدره 114.5 ملايين طن. وطغت الأسماك الزعنفية (54.3 ملايين طن، منها 47 مليون طن من تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية و7.3 ملايين طن من تربية الأحياء المائية البحرية والساحلية) والرخويات الثنائية الصمامات (17.7 ملايين طن) والقشريات (9.4 ملايين طن) على الإنتاج السمكي من تربية الأحياء المائية في عام 2018.
وبلغت مساهمة تربية الأحياء المائية العالمية في الإنتاج العالمي للأسماك 46.0 في المائة في عام 2018 بعدما كانت تبلغ 25.7 في المائة في عام 2000 و29.7 في المائة في سائر العالم باستثناء الصين مقابل 12.7 في المائة في عام 2000. وعلى المستوى الإقليمي، مثّلت تربية الأحياء المائية 17.9 في المائة من الإنتاج الإجمالي للأسماك في أفريقيا، و17.0 في المائة منه في أوروبا، و15.7 في المائة منه في الأمريكيتين، و12.7 في المائة منه في أوسيانيا. وزادت حصة تربية الأحياء المائية من إنتاج الأسماك في آسيا (باستثناء الصين) من 19.3 في المائة في عام 2000 إلى 42.0 في المائة في عام 2018 (الشكل 3). وأنتجت تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية معظم الأسماك المستزرعة (51.3 ملايين طن أو 62.5 في المائة من المجموع العالمي)، لا سيما في المياه العذبة، مقارنة بنسبة 57.7 في المائة في عام 2000. وتراجعت حصّة الأسماك الزعنفية المنتَجة بشكل تدريجي من 97.2 في المائة في عام 2000 إلى 91.5 في المائة (47 مليون طن) في عام 2018، في حين زاد إنتاج مجموعات أخرى من الأنواع لا سيما من خلال استزراع القشريات في المياه العذبة في آسيا، بما في ذلك الأربيان وجراد البحر وسرطان البحر.
وفي عام 2018، بلغ إنتاج تربية الأحياء المائية البحرية والساحلية من الرخويات الصدفية 56.3 في المائة (17.3 مليون طن). والزعنفيات (7.3 مليون طن) والقشريات (5.7 مليون طن) مسؤولة عن 42.5 في المائة مجتمعة، بينما يتكون الباقي من حيوانات مائية أخرى.
وتجاوزت تربية الأحياء المائية المعتمدة على العلف (57 مليون طن) التربية غير المعتمدة عليه، حيث استحوذت هذه الأخيرة على 30.5 في المائة من الإنتاج الإجمالي لتربية الأحياء المائية في عام 2018 مقارنة بنسبة 43.9 في المائة في عام 2000، على الرغم من استمرار نمو الإنتاج السنوي بالقيمة المطلقة ليبلغ 25 مليون طن في عام 2018. وكان 8 مليون طن من أصل هذا المجموع مؤلفًا من الأسماك الزعنفية التي تتغذى بالترشيح في المياه الداخلية (ولا سيما الشبوط الفضي والشبوط الكبير الرأس) و17 مليون طن من اللافقريات المائية، وبخاصة الرخويات البحرية الثنائية الصمامات.
وتسيطر آسيا على استزراع الأسماك، حيث أنها أنتجت 89 في المائة من المجموع العالمي من حيث الحجم في السنوات العشرين الأخيرة. وزادت حصّة أفريقيا والأمريكيتين في الفترة نفسها، في حين تراجعت حصّة أوروبا وأوسيانيا بشكل طفيف. وباستثناء الصين، عززت بلدان منتجة رئيسية عديدة (بنغلاديش وشيلي ومصر والهند وإندونيسيا والنرويج وفييت نام) حصتها من الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية بدرجات متفاوتة على مدى العقدين الماضيين. وأنتجت الصين نسبة من الأغذية المائية المستزرعة أكبر من سائر بلدان العالم مجتمعة منذ عام 1991. ولكن نتيجة للسياسات الحكومية المطبّقة منذ عام 2016، لم يتجاوز نمو استزراع الأسماك في الصين نسبة 2.2 و1.6 في المائة في عامي 2017 و2018 على التوالي. وتراجعت حصة الصين من الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية من 59.9 في المائة في عام 1995 إلى 57.9 في المائة في عام 2018، ومن المتوقع أن تواصل انخفاضها في السنوات القادمة.
وتشير التقديرات إلى أن 59.51 مليون شخص كانوا يعملون (بدوام كامل أو جزئي أو بصورة موسمية) في عام 2018 في القطاع الأولي لمصايد الأسماك الطبيعية (39.0 مليون شخص) وتربية الأحياء المائية (20.5 ملايين شخص)، ما يمثّل زيادة طفيفة عن عام 2016. وشكّلت النساء 14 في المائة من مجموع هؤلاء الأشخاص حيث بلغت حصتها 19 في المائة في تربية الأحياء المائية و12 في المائة في مصايد الأسماك الطبيعية. ويعيش معظم العاملين في قطاع الإنتاج الأولي في البلدان النامية، وغالبيتهم من صغار الصيادين الحرَفيين والعاملين في تربية الأحياء المائية. ويتواجد العدد الأكبر من العاملين في آسيا (85 في المائة)، تليها أفريقيا (9 في المائة) والأمريكيتان (4 في المائة) وأوروبا وأوسيانيا (1 في المائة لكل منهما). وعندما يتم شمل البيانات المتعلّقة بعمليات ما بعد الصيد، تشير التقديرات إلى أن المرأة تمثّل عاملًا واحدًا من أصل عاملين اثنين في القطاع.
وقُدّر العدد الإجمالي لسفن الصيد، من القوارب الصغيرة من دون سطح وغير المزوّدة بمحركات إلى السفن الصناعية الكبيرة، بحوالي 4.56 ملايين سفينة في عام 2018، الأمر الذي يمثل تراجعًا بنسبة 2.8 في المائة عن عام 2016. ورغم تراجع عدد السفن، بقيت آسيا تملك أسطول الصيد الأكبر الذي قُدّر عدد سفنه بحوالي 3.1 مليون سفينة أو 68 في المائة من المجموع في عام 2018. ومثّلت السفن الأفريقية 20 في المائة من الأسطول العالمي في حين شكّلت سفن الأمريكيتين 10 في المائة منه. وفي أوروبا وأوسيانيا، مثّل حجم الأسطول أكثر من 2 في المائة وأقل من 1 في المائة من الأسطول العالمي على التوالي على الرغم من الأهمية التي يتمتع بها الصيد في الإقليمين. وبقي المجموع العالمي للسفن المزوّدة بمحركات مستقرًا عند 2.86 ملايين سفينة أو 63 في المائة من مجموع الأسطول. ويخفي هذا الاستقرار الاتجاهات الإقليمية، بما في ذلك الانخفاضات منذ عام 2000 في أوروبا و عام 2013 في الصين بسبب الجهود المبذولة لتقليل أحجام الأسطول. وامتلكت آسيا حوالي 75 في المائة (2.1 مليون سفينة) من أسطول السفن المزوّدة بمحركات المبلّغ عنه في عام 2018، تليها أفريقيا مع 280 000سفينة مزودة بمحركات. ويوجد أكبر عدد من السفن غير المزودة بمحركات في آسيا (947 000سفينة) تليها أفريقيا (أكثر بقليل من 643 000سفينة)، مع وجود أعداد أصغر في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وأوسيانيا وأمريكا الشمالية وأوروبا. وكانت أغلبية هذه السفن من دون سطح في فئة الطول الإجمالي الذي يقلّ عن 12 مترًا. وعلى الصعيد العالمي، قدّرت منظمة الأغذية والزراعة عدد سفن الصيد التي يبلغ طولها الإجمالي 24 مترًا أو أكثر بحوالي 67 800سفينة في عام 2018.
واستمر تدهور حالة موارد مصايد الأسماك البحرية، وفقًا لرصد منظمة الأغذية والزراعة الطويل الأجل للأرصدة السمكية البحرية المقدّرة. وانخفضت نسبة الأرصدة السمكية الواقعة ضمن المستويات المستدامة بيولوجيًا من 90 في المائة في عام 1974 إلى 65.8 في المائة في عام 2017 (ما يمثّل انخفاضًا بنسبة 1.1 في المائة منذ عام 2015)، مع تصنيف 59.6 في المائة منها كأرصدة سمكية يتم صيدها بأعلى قدر من الاستدامة و6.2 في المائة منها كأرصدة غير مستغلّة بالكامل. وانخفضت الأرصدة السمكية التي يتم صيدها بأعلى قدر من الاستدامة بين عامي 1974 و1989 ثم ارتفعت إلى 59.6 في المائة في عام 2017، ويُعَبِّر ذلك في جانب منه عن تحسُّن تنفيذ تدابير الإدارة. وفي المقابل، زادت نسبة الأرصدة التي يتم صيدها بمستويات غير مستدامة بيولوجيًا من 10 في المائة في عام 1974 إلى 34.2 في المائة في عام 2017. وفي ما يخصّ إنزال المصيد، تشير التقديرات إلى أن 78.7 في المائة من إنزال الأسماك البحرية الحالي يأتي من الأرصدة المستدامة بيولوجيًا.
وفي عام 2017، سجّلت منطقة البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، من بين مناطق صيد الأسماك الرئيسية لمنظمة الأغذية والزراعة، أعلى نسبة (62.5 في المائة) من الأرصدة السمكية التي يتم صيدها ضمن مستويات غير مستدامة، تلتها منطقتا جنوب شرق المحيط الهادئ (54.5 في المائة) وجنوب غرب المحيط الأطلسي (53.3 في المائة). وفي المقابل، سجّلت مناطق شرق وسط المحيط الهادئ، وجنوب غرب المحيط الهادئ، وشمال شرق المحيط الهادئ، وغرب وسط المحيط الهادئ أدنى نسبة (ما بين 13 و22 في المائة) من الأرصدة السمكية التي يتم صيدها ضمن مستويات غير مستدامة. وتراوحت النسبة في مناطق أخرى ما بين 21 و44 في المائة في عام 2017.
وجرى صيد 69 في المائة من أرصدة الأنواع العشرة التي شهدت أكبر عمليات إنزال بين عامي 1950 و2017، وهي الأنشوفة، وقدّيّة ألاسكا، والرنجة الأطلسية، والقد الأطلسي، وأسماك الشك الزرو في المحيط الهادئ، والماكريل جاك الشيلي، والبلشار الياباني، وسمك التونة الوثاب، وبلشار أمريكا الجنوبية، والكبلين، ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017. ومن بين أنواع التونة السبعة الرئيسية، جرى صيد 66.6 في المائة من أرصدتها عند مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017، ما يمثّل زيادة بحوالي 10 نقاط مئوية عن عام 2015. وعمومًا، بات من الواضح بصورة متزايدة أن مصايد الأسماك التي تخضع لإدارة مكثّفة قد شهدت تراجعًا في متوسط ضغط الصيد وزيادة في متوسط الكتلة الأحيائية للأرصدة مع بلوغ العديد منها مستويات مستدامة بيولوجيًا أو حفاظها عليها، في حين تبقى مصايد الأسماك ذات نظم الإدارة الأقل تطورًا في حالة سيئة. ويسلّط هذا التفاوت في التقدم الضوء على الحاجة الماسة إلى تكرار السياسات والتدابير الناجحة وإعادة تكييفها في ضوء الواقع الذي تشهده مصايد أسماك محددة، وإلى التركيز على إنشاء آليات يمكنها أن تطوّر وتنفذ السياسات واللوائح بطريقة فعالة في مصايد الأسماك الخاضعة لإدارة ضعيفة.
وفي عام 2018، تم استخدام حوالي 88 في المائة من الإنتاج العالمي للأسماك (156 مليون طن) للاستهلاك البشري المباشر. وتم استخدام النسبة المتبقية التي تبلغ 12 في المائة (22 مليون طن) لأغراض غير غذائية، منها 82 في المائة (أو 18 مليون طن) لإنتاج المساحيق والزيوت السمكية (الشكل 2). وازدادت نسبة الأسماك المستخدمة للاستهلاك البشري المباشر بشكل ملحوظ من 67 في المائة في ستينيات القرن الماضي. ولا تزال الأسماك الحية أو الطازجة أو المبرَّدة تمثّل الحصة الأكبر (44 في المائة) من الأسماك المستخدَمة للاستهلاك البشري المباشر باعتبارها أشكال الأسماك المفضّلة والأعلى ثمنًا، تليها الأسماك المجلّدة (35 في المائة) والأسماك المجهزة والمحفوظة (11 في المائة) والأسماك المقدَّدة (10 في المائة).
ويتم إنتاج حصة متنامية من المساحيق والزيوت السمكية، تتراوح بين 25 و35 في المائة بحسب التقديرات، إنطلاقًا من المنتجات الثانوية لتجهيز الأسماك والتي كانت تُهدر سابقًا أو تُستخدم كعلف مباشر أو في السيلاج أو الأسمدة. وتشكّل الكائنات المائية الأخرى، بما فيها الأعشاب البحرية والنباتات المائية، موضوع تجارب واعدة ومشاريع رائدة ترمي إلى استخدامها في الطب ومستحضرات التجميل ومعالجة المياه وصناعة الأغذية وكوقود أحيائي.
وتظل الأسماك ومنتجات المصايد من السلع الغذائية الأكثر تداولًا في العالم. ففي عام 2018، تم تداول 67 مليون طن أو 38 في المائة من الإنتاج الإجمالي لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على المستوى الدولي. وأبلغ ما مجموعه 221 دولة ومنطقة عن تجارته بالأسماك، الأمر الذي عرّض حوالي 78 في المائة من الأسماك ومنتجات المصايد للمنافسة من التجارة الدولية. وبعد هبوط حاد في عام 2015، عادت التجارة وانتعشت في الأعوام 2016 و2017 و2018 مع تسجيل معدلات نمو سنوية من حيث القيمة بلغت 7 و9 و5 في المائة على التوالي. وبصورة عامة، زادت قيمة الصادرات العالمية من الأسماك بين عامي 1976 و2018 من 7.8 مليار دولار أمريكي لتصل إلى ذروتها عند 164 مليار دولار أمريكي، ما يمثل معدل نمو سنوي قدره 8 في المائة بالقيمة الإسمية و4 في المائة بالقيمة الحقيقية (بعد تعديله استنادًا إلى التضخم). وفي الفترة نفسها، ارتفعت كمية الصادرات العالمية من 17.3 مليون طن بمعدل نمو سنوي بلغ 3 في المائة. وتمثّل صادرات الأسماك والمنتجات السمكية حوالي 11 في المائة من قيمة تصدير المنتجات الزراعية (باستثناء المنتجات الحرجية).
وكانت الصين، بالإضافة إلى كونها المنتج الرئيسي للأسماك، المصدّر الرئيسي للأسماك منذ عام 2002 وثالث أكبر بلد مستورد لها من حيث القيمة منذ عام 2011. وكانت النرويج المصدّر الرئيسي الثاني للأسماك منذ عام 2004، تليها فييت نام (منذ عام 2014) والهند (منذ 2017) وشيلي وتايلند. وزادت البلدان النامية حصتها من التجارة الدولية في الأسماك من 38 إلى 54 في المائة من قيمة الصادرات العالمية ومن 34 إلى 60 في المائة من الكميات المتداولة بين عامي 1976 و2018.
وفي عام 2018، كان الاتحاد الأوروبي4 أكبر سوق لاستيراد للأسماك (34 في المائة من حيث القيمة)، تليه الولايات المتحدة الأمريكية (14 في المائة) واليابان (9 في المائة). وفي عام 1976، كانت هذه الحصص تبلغ 33 في المائة و22 في المائة و21 في المائة على التوالي.
وفي حين أن أسواق البلدان المتقدمة لا تزال تهيمن على واردات الأسماك، زادت بشكل مطرد أهمية البلدان النامية كبلدان مستهلكة. وأدى التوسّع الحضري واتساع الطبقة الوسطى المستهلكة للأسماك إلى زيادة الطلب في الأسواق النامية بحيث تجاوز الطلب في البلدان المتقدمة. ومثّلت واردات الأسماك والمنتجات السمكية في البلدان النامية 31 في المائة من قيمة المجموع العالمي و49 في المائة من كميته في عام 2018، مقارنة بنسبة 12 و19 في المائة على التوالي في عام 1976. ولا تزال أوسيانيا والبلدان النامية في آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي من كبار مصدّري الأسماك. وتتميز أوروبا وأمريكا الشمالية بعجز في تجارة الأسماك. وتُعتبر أفريقيا مستوردًا صافيًا من حيث الحجم، غير أنها تُعتبر مصدّرًا صافيًا من حيث القيمة. وتشكّل الواردات الأفريقية من الأسماك التي تتكون بصورة رئيسية من الأسماك السطحية الصغيرة وأسماك البلطي، مصدرًا مهمًا للتغذية، لا سيما بالنسبة إلى السكان الذين كانوا لولاها ليعتمدوا على مجموعة ضيّقة من الأغذية الأساسية.
لقد كان الاتجاه الطويل الأجل السائد في الإنتاج الإجمالي العالمي لمصايد الأسماك الطبيعية مستقرًا نسبيًا منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي حيث تراوح المصيد بشكل عام بين 86 مليون طن و93 مليون طن في السنة (الشكل 4). ولكنّ الإنتاج الإجمالي العالمي لمصايد الأسماك الطبيعية بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 2018 عند 96.4 ملايين طن، ما يمثّل زيادة بنسبة 5.4 في المائة عن متوسط السنوات الثلاث السابقة (الجدول 1).
وتعزى هذه الزيادة المسجّلة في عام 2018 في معظمها إلى مصايد الأسماك الطبيعية البحرية التي ارتفع الإنتاج فيها من 81.2 مليون طن في عام 2017 إلى 84.4 ملايين طن في عام 2018، في حين بلغ المصيد في المصايد الطبيعية في المياه الداخلية أعلى مستوى على الإطلاق وقدره 12 ملايين طن تقريبًا. وبقيت الصين البلد المنتج الرئيسي للمصايد الطبيعية على الرغم من الانخفاض الذي طرأ في مصيدها في الفترة 2009–2016 (الإطار 1)، ومن التراجع في المصيد المبلّغ عنه في الفترة 2017–2018. وشكّلت الصين حوالي 15 في المائة من الإنتاج الإجمالي العالمي للمصايد الطبيعية في عام 2018، متخطية بذلك إنتاج ثاني وثالث أكبر بلدين منتجين معًا. وشكّلت البلدان المنتجة السبعة الرئيسية لمصايد الأسماك الطبيعية (الصين وإندونيسيا وبيرو والهند والاتحاد الروسي والولايات المتحدة الأمريكية وفييت نام) حوالي 50 في المائة من الإنتاج الإجمالي العالمي للمصايد الطبيعية (الشكل 5)؛ في حين مثّلت البلدان المنتجة الرئيسية العشرين حوالي 74 في المائة منه.
بالمقارنة مع إصدار عام 2018 من تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم،1 تكشف بيانات مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية في إصدار عام 2020 عن حدوث تراجع في السنوات من 2009 إلى 2016 نتيجة تنقيح البيانات الخاصة بالصين. وفي عام 2016، أجرت الصين ثالث تعداد زراعي وطني تحت إشراف وزارة الزراعة والشؤون الريفية بالتعاون مع المكتب الوطني للإحصاء. وشمل التعداد خمسة ملايين مقابلة. وكما حدث للمرة الأولى في تعداد عام 2006، شمل تعداد عام 2016 أيضًا أسئلة عن مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. ويمكن لعمليات التعداد الزراعي أن تُساهم بدور مهم في توفير مصدر سليم إحصائيًا للإحصاءات من خلال جمع مجموعة أوسع من البيانات بالمقارنة مع البيانات التي يمكن الحصول عليها من مصادر البيانات الإدارية أو استقصاءات العينات (التي تُستخدم عادة لتقدير الإحصاءات الزراعية، بما فيها إحصاءات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية). واستنادًا إلى نتائج التعداد، وباستخدام المعايير والمنهجيات الدولية، نقَّحت الصين بياناتها التاريخية المتعلقة بالزراعة، وتربية الحيوانات، وتربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك، حتى عام 2016. وساعدت البيانات العامة التي جُمعت من خلال التعداد على تنقيح البيانات المتعلقة بمناطق تربية الأحياء المائية وإحصاءات إنتاج البذور، والعمالة، والأساطيل، والمؤشرات الأخرى. وأتاحت هذه البيانات المنقحة معرفة محسَّنة وشاملة بقطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وحجمه، واستُخدمت كمرجع لتحسين التقديرات السابقة لبيانات إنتاج الأسماك في الصين لعام 2016. وباستخدام بيانات عام 2016 كمعيار للمقارنة، عدَّلت الصين بيانات إنتاجها من مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية للفترة 2012-2015 وفقًا لنسب الإنتاج في التقارير السنوية المقدَّمة من كل مقاطعة عن كل سنة من السنوات ذات الصلة. وباستخدام نفس الأساس المنطقي وبالتشاور مع الصين، نقحت المنظمة بعد ذلك إحصاءاتها السابقة عن الإنتاج في الصين خلال الفترة من عام 2009 إلى عام 2011 كي تُعبِّر بشكل أفضل عن التطور العام للإنتاج في الصين ولتجنب حدوث أي انقطاع كبير في السلاسل والاتجاهات.
وتباينت التنقيحات تبعًا للنوع والمنطقة والقطاع وأسفرت بالإجمال، بعد استبعاد النباتات المائية، عن تصحيح في بيانات عام 2016 كي تعبّر عن تخفيض في مجموع إنتاج الصين من مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بحوالي 13.5 في المائة تقريبًا (5.2 مليون طن). ويُعبِّر هذا الرقم الإجمالي عن تخفيض نسبته 7.0 في المائة (3.4 مليون طن) في إنتاج الصين من تربية الأحياء المائية، و10.1 في المائة (1.8 مليون طن) في إنتاجها من مصايد الأسماك الطبيعية. وأسفرت هذه التعديلات، إلى جانب التنقيحات الأخرى التي أجرتها بضعة بلدان أخرى، عن خفض الإحصاءات العالمية للمنظمة لعام 2016 بحوالي 2 في المائة للإنتاج العالمي من مصايد الأسماك الطبيعية و5 في المائة للإنتاج العالمي من تربية الأحياء المائية. وينبغي الإشارة أيضًا إلى أنه تم أيضًا تنقيح بيانات إنتاج الصين من النباتات المائية كي تعبّر عن تخفيض في الوزن الجاف بما نسبته 8 في المائة في عام 2016.
وظلّت الصين أكبر بلد منتج للأسماك على الرغم من تنقيح بياناتها وانخفاض إنتاجها من مصايد الأسماك الطبيعية (الذي يُقدَّر بنسبة 11 في المائة في عام 2018 بالمقارنة مع عام 2015) وتباطؤ نمو إنتاجها من تربية الأحياء المائية الذي نجم أساسًا عن تنفيذ خطتها الخمسية للفترة 2016-22020. وفي عام 2018، وصل إنتاجها إلى62.2 مليون طن (47.6 مليون طن من تربية الأحياء المائية و14.6 مليون طن من مصايد الأسماك الطبيعية) أي ما يعادل 58 في المائة من مجموع تربية الأحياء المائية، وما نسبته 15 في المائة من مصايد الأسماك الطبيعية، و35 في المائة من مجموع إنتاج الأسماك.
وهذه هي المرة الثانية التي تُجري فيها الصين تنقيحًا كبيرًا لبيانات إنتاجها من مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية. أما التنقيح الأول فكان للسنوات 1997-2006. وعُدِّلت بيانات عام 2006 بعد تنقيح المنهجية الإحصائية نتيجة للتعداد الزراعي الوطني للصين لعام 2006 وبالاستناد أيضًا إلى نتائج مختلف الاستقصاءات التجريبية التي أُجري معظمها بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة. ونتيجة لذلك، نُقحت بيانات الصين لعام 2006 إلى الأسفل بأكثر من 10 في المائة، أي ما يعادل تخفيضًا بأكثر من مليوني (2) طن في إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية وبأكثر من 3 ملايين طن في إنتاج تربية الأحياء المائية. وانطوت هذه التغييرات على تخفيض نسبته 2 في المائة في الإنتاج العالمي من مصايد الأسماك الطبيعية و8 في المائة في الإنتاج العالمي من تربية الأحياء المائية. ونُقحت بعد ذلك إحصاءات الفترة 1997-2005 ونجم عن ذلك تخفيض في إحصاءات إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم التي أبلغت عنها منظمة الأغذية والزراعة. ويتاح مزيد من المعلومات عن التغييرات المتعلقة بالفترة 1997-2006 والأعمال التي أجرتها المنظمة بالتشاور مع السلطات في الصين في إصدارات السنوات 2008 و2010 و2012 من تقرير تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم..
وتجري أدناه مناقشة الاتجاهات السائدة في مصيد المياه البحرية والداخلية الذي يمثّل 87.4 و12.6 في المائة من الإنتاج العالمي على التوالي في السنوات الثلاث الأخيرة.
ارتفع إجمالي المصيد البحري العالمي من 81.2 مليون طن في عام 2017 إلى 84.4 مليون طن في عام 2018 ولكنه بقي دون الذروة التي وصل إليها في عام 1996 وقدرها 86.4 مليون طن. واستحوذ مصيد الأنشوفة (Engraulis ringens) من بيرو وشيلي على معظم الزيادة في المصيد في عام 2018، بعد تسجيله مستوى متدنٍّ نسبيًا في السنوات الأخيرة.
وحتى عند مراعاة مصيد الأنشوفة الذي غالبًا ما يكون كبيرًا ولكن متغيرًا إلى حد كبير بسبب تأثير ظاهرة النينيو، كان إجمالي المصيد البحري مستقرًا نسبيًا منذ منتصف العقد الأول من الألفية الثانية حيث تراوح بين 78 مليون طن و81 مليون طن سنويًا بعد أن تراجع عن مستوى الذروة الذي بلغه في أواخر تسعينيات القرن الماضي.
ورغم الاتجاه المستقر نسبيًا في الإنتاج الإجمالي للمصايد البحرية، شهد مصيد الأنواع الرئيسية تفاوتات ملحوظة على مرّ السنين وتقلّبات في البلدان المنتجة الرئيسية، ولا سيما إندونيسيا التي زاد مصيدها البحري من أقل من 4 ملايين طن في مطلع الألفية الثالثة إلى أكثر من 6.7 ملايين طن في عام 2018، ولو أن هذه الزيادة تعزى جزئيًا إلى التحسينات في جمع البيانات والتبليغ عنها في البلاد.
وفي عام 2018، استحوذت البلدان المنتجة السبعة الرئيسية على أكثر من 50 في المائة من الإنتاج الإجمالي للمصايد الطبيعية البحرية، ومثّلت الصين 15 في المائة من المجموع العالمي (الجدول 2) تليها بيرو (8 في المائة) وإندونيسيا (8 في المائة) والاتحاد الروسي (6 في المائة) والولايات المتحدة الأمريكية (6 في المائة) والهند (4 في المائة) وفييت نام (4 في المائة).
وفي حين تبقى الصين البلد المنتج الرئيسي للمصايد الطبيعية البحرية في العالم، تراجع مصيدها من متوسط قدره 13.8 ملايين طن في السنة بين عامي 2015 و2017 إلى 12.7 ملايين طن في عام 2018. ومن المتوقع أن يؤدي استمرار تطبيق سياسة الحد من المصيد بعد انتهاء الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016–2020) إلى تراجع إضافي في السنوات القادمة (أنظر القسم بعنوان التوقعات المرتبطة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية).
وفي عام 2018، أبلغت الصين عن 2.26 مليون طن تقريبًا من الأسماك المصطادة من "مصايد الأسماك في المياه البعيدة"، ولكنها لم تقدّم تفاصيل خاصة بالأنواع ومناطق الصيد سوى للمصيد المسوَّق في الصين (حوالي 40 في المائة من إجمالي المصيد في المياه البعيدة). وفي ظلّ غياب المعلومات الأوفى، تم إدخال ما تبقى من 1.34 مليون طن في قاعدة بيانات منظمة الأغذية والزراعة تحت عنوان "الأسماك البحرية غير المدرجة في مكان آخر" في منطقة الصيد الرئيسية 61، شمال غرب المحيط الهادئ، ما قد يمثّل مصيدًا مبالغًا فيه في تلك المنطقة.
وفي حين تُعتبر تقديرات المصيد الإجمالي للصين في قاعدة بيانات منظمة الأغذية والزراعة كاملة، ثمة حاجة إلى إجراء تحسينات لإدراج مصيد الصين من مصايد الأسماك في المياه البعيدة بصورة أدق بحسب المنطقة وتصنيف المصيد بحسب الأنواع.
وتشمل قاعدة بيانات منظمة الأغذية والزراعة بشأن المصايد الطبيعية البحرية العالمية مصيد أكثر من 1 700نوع (بما في ذلك فئة الأنواع "غير المدرجة في مكان آخر")، بحيث تمثّل الأسماك الزعنفية حوالي 85 في المائة من الإنتاج الإجمالي للمصايد الطبيعية البحرية وتشكّل الأسماك السطحية الصغيرة المجموعة الرئيسية تليها أسماك الغادسيات والتونة والأنواع الشبيهة بها.
وفي عام 2018، كان مصيد الأنشوفة مرّة أخرى الأكبر بين الأنواع حيث بلغ أكثر من 7.0 ملايين طن سنويًا بعدما سجّل مستوى متدنٍّ نسبيًا السنوات الأخيرة. واحتلت أسماك قدّية ألاسكا (Theragra chalcogramma) المرتبة الثانية بين الأنواع مع مصيد قدره 3.4 ملايين طن، في حين جاءت أسماك التونة الوثابة (Katsuwonus pelamis) في المرتبة الثالثة للسنة التاسعة على التوالي مع مصيد بلغ 3.2 مليون طن (الجدول 3).
وسجّل مصيد أربع مجموعات قيّمة للغاية (أسماك التونة ورأسيات الأرجل والأربيان وجراد البحر) أوزانًا قياسية جديدة في عامي 2017 و2018، أو تراجع مصيدها بشكل هامشي عن الذروة المسجّلة في السنوات الخمس الأخيرة:
◂استمر مصيد أسماك التونة والأنواع الشبيهة بها بالارتفاع على أساس سنوي ليبلغ أعلى مستوياته في عام 2018 عند أكثر من 7.9 ملايين طن، ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى المصيد في غرب ووسط المحيط الهادئ الذي زاد من حوالي 2.6 ملايين طن في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة إلى أكثر من3.5 ملايين طن في عام 2018. ومثّلت أسماك التونة الوثابة والتونة الصفراء (Thunnus albacares)، في مجموعة الأنواع هذه، حوالي 58 في المائة من المصيد في عام 2018.
◂وتراجع مصيد رأسيات الأرجل من مستوى الذروة البالغ 4.9 ملايين طن في عام 2014 إلى حوالي 3.6 ملايين طن في عامي 2017 و2018، ولكنه بقي عند مستويات عالية نسبيًا ميّزت نموه شبه المتواصل خلال السنوات العشرين الأخيرة. ورأسيات الأرجل أنواع سريعة النمو وتتأثر تأثرًا كبيرًا بالتقلبات البيئية ما يفسّر التقلب في مصيدها، بما في ذلك التراجع الأخير في مصيد أنواع الحبار الرئيسة الثلاثة وهي الحبّار الطائر العملاق (Dosidicus gigas) والحبار الأرجنتيني قصير الزعانف (Illex argentinus) والحبار الطائر الياباني (Todarodes pacificus).
◂وسجّل مصيد الأربيان والجمبري مستويات عالية جديدة في عامي 2017 و2018 تخطت 336 000طن، ويعزى ذلك في الغالب إلى الانتعاش المستمر في مصيد الأربيان الأرجنتيني الأحمر (Pleoticus muelleri) نتيجة لتدابير الإدارة الناجحة التي طبقتها السلطات الوطنية الأرجنتينية. وعوّضت زيادة المصيد عن التراجع في أنواع الأربيان الرئيسية الأخرى، ولا سيما نوع Acetes japonicus والإربيان الخشنة الجنوبية (Trachypenaeus curvirostris).
◂واستمر ورود تقارير تفيد بأن مصيد جراد البحر تخطى 300 000طن بعد أن بلغ أعلى مستوى قدره 316 000طن في عام 2016. وزاد مصيد اللوبستر الأمريكي (Homarus americanus) بصورة متواصلة منذ عام 2008 وبات يمثّل الآن أكثر من نصف المصيد الإجمالي في هذه المجموعة وعوّض عن تراجع مصيد النوع الرئيسي الثاني، وهو اللوبستر النرويجي (Nephrops norvegicus).
وترد في الجدول 4 إحصاءات المصيد وفقًا لمنطقة الصيد الرئيسية في منظمة الأغذية والزراعة في السنوات الخمس الأخيرة والمصيد في العقود الأخيرة. ويمكن ملاحظة اتجاهات واضحة إذا تم تصنيف مناطق الصيد ضمن الفئات التالية (الشكل 5):
◂ المناطق المعتدلة (المناطق 21 و27 و37 و41 و61 و67 و81)؛
◂ المناطق المدارية (المناطق 31 و51 و57 و71)؛
◂ مناطق التيارات الصاعدة (المناطق 34 و47 و77 و87)؛
◂ منطقتي القطب الشمالي والقطب الجنوبي (المناطق 18 و48 و58 و88).
ولا يزال المصيد في المناطق المعتدلة مستقرًا بين 37.5 ملايين طن و39.6 ملايين طن في السنة بعد أن بلغ ذروتين في عامي 1988 و1997 قدرهما حوالي 45 مليون طن. وتعزى التقلبات الملاحظة في مستويات المصيد جزئيًا إلى إدراج المصيد الصيني من "الأسماك البحرية غير المدرجة في مكان آخر" في المنطقة 61، في شمال غرب المحيط الهادئ، علمًا بأن جزءًا كبيرًا منه يشمل الأسماك التي اصطادتها البلدان في المياه البعيدة في مناطق أخرى.
ولقد كان المصيد في مناطق معتدلة أخرى مستقرًا بمعظمه في السنوات العشر الأخيرة باستثناء التراجع الأخير في المنطقتين 41 و81، في جنوب غرب المحيط الأطلسي وجنوب غرب المحيط الهادئ، الأمر الذي يعزى جزئيًا إلى الانخفاض الكبير في مصيد الدول التي تصطاد في المياه البعيدة والتي تستهدف رأسيات الأرجل في جنوب غرب المحيط الأطلسي وأنواع مختلفة في جنوب غرب المحيط الهادئ.
وفي المناطق المدارية، استمر الاتجاه المتمثل في زيادة المصيد في عامي 2017 و2018 حيث بلغ المصيد في المحيط الهندي (المنطقتين 51 و57) والمحيط الهادئ (المنطقة 71) أعلى مستوى له وقدره 12.3 و13.5 ملايين طن على التوالي.
وفي المحيط الهندي، شهد المصيد زيادة مطردة منذ ثمانينيات القرن الماضي، لا سيما في المنطقة 57، في شرق المحيط الهندي، وكانت هذه الزيادة مدفوعة بمعظمها من مصيد الأسماك السطحية الصغيرة والكبيرة (التونة والخرمان) والأربيان.
وفي المنطقة 71، في غرب وسط المحيط الهادئ، استحوذت أسماك التونة والأنواع الشبيهة بها على معظم الزيادة في المصيد حيث ارتفعت كمية أسماك التونة الوثابة بصورة خاصة من مليون (1) طن إلى أكثر من 1.8 ملايين طن في السنوات العشرين الأخيرة. وفي المقابل، ظلّ مصيد مجموعات الأنواع الرئيسية الأخرى مستقرًا أو حتى انخفض في السنوات الأخيرة في حالة الأسماك السطحية الصغيرة.
وفي المنطقة 31، في غرب وسط المحيط الأطلسي، ظلّ المصيد مستقرًا نسبيًا منذ منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة حيث تراوح بين 1.4 و1.6 ملايين طن في السنة. وتتوقف الاتجاهات السائدة في الإنتاج الإجمالي إلى حد كبير على مصيد الولايات المتحدة الأمريكية لسمك رنجة خليج المكسيك (Brevoortia patronus)، وهو نوع من فصيلة الرنكات يتم تحويله إلى مسحوق وزيت السمك ويمثّل 35 في المائة من إجمالي المصيد.
ويتميّز المصيد في مناطق التيارات الصاعدة بتقلّب سنوي كبير. ويتأثر المصيد المشترك لهذه المناطق (الشكل 6) بدرجة كبيرة بمصيد المنطقة 87، جنوب شرق المحيط الهادئ، حيث يكون لأحوال المحيطات المتأثرة بظاهرة النينيو أثر كبير على وفرة الأنشوفة. ويمثّل هذا المصيد ما بين 50 و70 في المائة من إجمالي المصيد في المنطقة 87.
وفي هذه المنطقة، تمثّل الاتجاه الطويل الأجل في تراجع المصيد منذ منتصف تسعينات القرن الماضي حتى مع أخذ التقلّب في مصيد الأنشوفة في الاعتبار. ولقد انخفض المصيد السنوي من أكثر من 20 مليون طن في عام 1994 إلى 7 و10 مليون طن في السنوات الأخيرة، ويعزى ذلك إلى تراجع مصيد النوعين الرئيسيين وهما: الأنشوفة وأسماك الماكريل جاك الشيلي (Trachurus murphyi). ولكن استمر نمو مصيد الحبار الطائر العملاق العالي القيمة بشكل ملحوظ منذ العقد الأول من الألفية الثالثة، الأمر الذي عوّض جزئيًا عن انخفاض مصيد الأنواع الأخرى.
وفي المنطقة 34، في شرق وسط المحيط الأطلسي، زاد المصيد بشكل شبه مستمر ليبلغ أعلى مستوى له وقدره 5.5 ملايين طن في عام 2018. وفي المنطقة 47، في جنوب شرق المحيط الأطلسي، تم تسجيل الاتجاه المعاكس حيث انخفض المصيد بشكل تدريجي من الذروة التي بلغها في عام 1978 وقدرها 3.3 مليون طن ولو أنه تعافى من أدنى مستوى له سجّله في عام 2009 وقدره 1.2 مليون طن.
وفي المنطقة 77، في شرق وسط المحيط الهادئ، ظلّ المصيد ثابتًا بشكل عام بين 1.6 ملايين طن و2 مليون طن في السنة.
وأفادت مناطق الصيد في القطب الجنوبي (المناطق 48 و58 و88) عن أعلى مستوى للمصيد منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وقدره 331 000طن. والمصيد في المنطقة مدفوع بالكامل تقريبًا من أسماك كريل القطب الجنوبي (Euphausia superba) التي زادت كميتها من أقل من 100 000طن في أواخر تسعينيات القرن الماضي إلى 313 000طن في عام 2018، بعد انخفاضها في مطلع التسعينيات. وظلّ مصيد النوع الثاني الأهم، وهو سمك باتاغونيا المسنن (Dissostichus eleginoides)، مستقرًا نسبيًا حيث تراوح بين 10 500طن و12 200 طن في السنة.
زاد المصيد العالمي في المياه الداخلية بوتيرة مطردة من سنة إلى أخرى ليبلغ أكثر من 12 مليون طن في عام 2018، وهو أعلى مستوى سجّله على الإطلاق. كذلك، ارتفعت حصّة المياه الداخلية من الإنتاج الإجمالي للمصايد الطبيعية العالمية من 8.0 في المائة في أواخر تسعينيات القرن الماضي إلى 12.5 في المائة في عام 2018، ما عوّض عن التراجع في إنتاج المصايد الطبيعية البحرية منذ أواخر التسعينيات.
ولكن، قد يكون هذا الاتجاه المتصاعد على نحو مستمر في إنتاج المصايد في المياه الداخلية مضللًا، إذ يمكن أن يعزى جزء من زيادة المصيد إلى تحسّن عمليات الإبلاغ والتقييم على المستوى القطري وليس إلى زيادة الإنتاج. وإن العديد من نظم جمع البيانات المتعلّقة بالمياه الداخلية غير موثوق بها أو غير موجودة في بعض الحالات، في حين أن التحسّن في الإبلاغ قد يخفي أيضاً الاتجاهات في فرادى البلدان.
وكان المصيد من المياه الداخلية مستقرًا نسبيًا في الصين، وهو البلد المنتج الرئيسي، حيث بلغ 2.1 مليون طن في السنة في المتوسط خلال السنوات العشرين الأخيرة في حين أن زيادة إجمالي المصيد من المياه الداخلية كانت مدفوعة إلى حد كبير من عدد من البلدان المنتجة الرئيسية الأخرى، ولا سيما الهند وبنغلاديش وميانمار وكمبوديا (الشكل 7). وتساهم معظم البلدان التي أفادت عن تراجع المصيد مساهمة متدنية نسبيًا في الإنتاج العالمي للمصايد الطبيعية في المياه الداخلية مع أن بعضًا من هذه المصايد يشكل مصدرًا محليًا مهمًا للأغذية التي تتألف منها الأنماط الغذائية الوطنية أو الإقليمية، ولا سيما في البرازيل وتايلند وفييت نام.
وتتركّز المصايد الطبيعية في المياه الداخلية بقدر أكبر من المصايد الطبيعية البحرية في البلدان المنتجة الرئيسية التي تملك مسطحات مائية أو أحواض أنهر مهمة. وفي عام 2018، ساهم 16 بلدًا بأكثر من 80 في المائة من الإنتاج الإجمالي للمصايد الطبيعية في المياه الداخلية مقابل 25 بلدًا للمصايد الطبيعية البحرية.
وللسبب نفسه، تتركّز البلدان المنتجة الرئيسية للمصايد الطبيعية في المياه الداخلية تركّزًا أكبر من الناحية الجغرافية، وتعدّ جهات مساهمة مهمة في إجمالي المصايد الطبيعية في آسيا حيث يشكّل المصيد من المياه الداخلية مصدرًا مهمًا للأغذية بالنسبة إلى العديد من المجتمعات المحلية. ولقد استحوذت آسيا باستمرار على ثلثي الإنتاج العالمي في المياه الداخلية منذ منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة (الجدول 5)، في حين تتواجد البلدان المنتجة الستة الرئيسية جميعها في آسيا وقد مثّلت 57 في المائة من إجمالي المصيد من المياه الداخلية في عام 2018.
وتستحوذ أفريقيا على 25 في المائة من الإنتاج العالمي للمصايد الطبيعية في المياه الداخلية التي تعد مصدرًا مهمًا للأمن الغذائي، لا سيما في حالة البلدان غير الساحلية المنخفضة الدخل. ويمثّل المصيد من أوروبا والأمريكيتين مجتمعةً 9 في المائة من الإنتاج الإجمالي للمصايد الطبيعية في المياه الداخلية، في حين أن حصة المصيد من أوسيانيا تكاد لا تذكر.
وتمثّل أربع مجموعات رئيسية من الأنواع حوالي 85 في المائة من إجمالي المصيد في المياه الداخلية. ولقد شهد مصيد المجموعة الأولى "الكارب والباريل وغيرها من السيبرينيدات" زيادة متواصلة حيث ارتفع من حوالي 0.6 مليون طن في السنة في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة إلى أكثر من 1.8 ملايين طن في عام 2018، الأمر الذي يفسّر معظم الزيادة في المصيد من المياه الداخلية في السنوات الأخيرة. ولقد ظلّ مصيد ثاني أكبر مجموعة وهي "أسماك التيلابيا وغيرها من البلطيات" مستقرًا نسبيًا وتراوح بين 0.7 مليون طن و0.85 مليون طن في السنة، في حين أن مصيد قشريات ورخويات المياه العذبة ظلّ هو أيضًا مستقرًا نسبيًا وتراوح بين حوالي 0.4 مليون طن و0.45 مليون طن في السنة بعد انخفاض عن الذروة التي وصل إليها في مطلع الألفية الثالثة ومنتصف تسعينيات القرن الماضي.
تمثّل التقارير الوطنية المصدر الرئيسي للبيانات المستخدمة لصيانة قواعد بيانات منظمة الأغذية والزراعة الخاصة بمصايد الأسماك الطبيعية وتحديثها، ولكنها ليست المصدر الوحيد لها. تتوقف بالتالي جودة إحصاءات المنظمة إلى حد كبير على دقة واكتمال وحسن توقيت البيانات التي تجمعها المؤسسات الوطنية المعنية بمصايد الأسماك وتقدمها إلى المنظمة سنويًا.
وفي الكثير من الأحيان، تكون البيانات المقدمة ناقصة أو غير متسقة أو لا تمتثل لمعايير التبليغ الدولية، وتعمل منظمة الأغذية والزراعة على مراجعتها قدر الإمكان بالتعاون مع البلدان. وفي حين زاد تقسيم الأنواع (وهو مؤشر على الجودة في المصيد المبلّغ عنه) بمقدار الضعف بين عامي 1996 (1 035نوعًا) و2018 (2 221نوعًا) بفضل الجهود التي بذلتها منظمة الأغذية والزراعة، لا يزال جزء كبير من المصيد غير مبلّغ عنه على مستوى الأنواع، لا سيما بالنسبة إلى المجموعات من قبيل أسماك القرش والراي والكيميرا في المصايد الطبيعية البحرية.
وتتباين جودة البيانات واكتمالها بين المصايد الطبيعية البحرية والمصايد في المياه الداخلية، حيث تكون بيانات المصيد البحري المتاحة بحسب الأنواع أكثر اكتمالًا عادةً من بيانات المصيد في المياه الداخلية. علاوة على ذلك، هناك مشكلة على صعيد حسن التوقيت أو عدم رفع البيانات إلى منظمة الأغذية والزراعة، الأمر الذي يؤثر على جودة تقديرات المنظمة المتعلّقة بالإنتاج الإجمالي لمصايد الأسماك الطبيعية واكتمالها. وإن التأخير في تقديم الاستبيانات يجعل من الصعب على منظمة الأغذية والزراعة أن تعالج الإحصاءات المتعلّقة بمصايد الأسماك الطبيعية وأن تتحقق من صحتها وتقوم بمراجعتها، لا سيما خلال السنة الأخيرة، قبل إصدار البيانات الرسمية عادةً في منتصف شهر مارس/آذار من كل عام. وفي ظلّ غياب التقارير الوطنية أو في حالة عدم اتساق البيانات، يمكن لمنظمة الأغذية والزراعة أن تعدّ تقديرات استنادًا إلى أفضل البيانات المتاحة من المصادر الرسمية البديلة (بما فيها البيانات التي تنشرها المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك) أو من خلال المنهجيات الموحّدة.
ويشكّل عدم رد بعض البلدان على استبيانات منظمة الأغذية والزراعة في السنوات الأخيرة، مصدر قلق. ففي عام 2018، تم تقدير المصيد في عدد من البلدان المنتجة الكبيرة، تقديرًا جزئيًا بسبب عدم الإبلاغ أو مشكلات موثوقية البيانات:
◂ لم تبلّغ البرازيل منظمة الأغذية والزراعة عن بيانات الإنتاج (من المصايد الطبيعية وتربية الأحياء المائية) الرسمية منذ عام 2014 لذلك تم تقدير الإحصاءات الخاصة بها، باستثناء البيانات المتعلّقة بأسماك التونة والأنواع الشبيهة بها التي تم الحصول عليها من خلال المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك.
◂ أطلقت إندونيسيا مبادرة البيانات الواحدة في مايو/أيار 2016 لتوحيد الإجراءات المتعلّقة بجمع بيانات مصايد الأسماك ومعالجتها والوصول المفتوح إليها، وبالتالي لتحسين جودة هذه البيانات. وفي سياق الانتقال بين نظامين، قامت منظمة الأغذية والزراعة بتقدير المصيد بشكل جزئي في عامي 2017 و2018 لتحسين موثوقية وتطابق الاتجاهات التاريخية.
◂ عملت منظمة الأغذية والزراعة مع ميانمار، انطلاقًا من بيانات عام 2015 وصولًا إلى عام 2006، بمراجعة المصيد التاريخي من المصايد الطبيعية البحرية وفي المياه الداخلية وبتخفيضه استنادًا إلى التقديرات المتعلّقة بقدرات الصيد. وتواصل منظمة الأغذية والزراعة تطبيق المنهجية نفسها في تقدير مصيد السنوات الأخيرة في الوقت نفسه الذي تتعاون فيه مع البلد لتحسين جمع البيانات عن مصايد الأسماك في إقليم يانغون.
ولا يمكن تحسين الجودة الإجمالية لبيانات المصيد في قواعد البيانات العالمية التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة إلا من خلال تحسين نظم جمع البيانات الوطنية بغية إنتاج معلومات أفضل يمكنها أن تدعم القرارات في مجال السياسات والإدارة على المستويين الوطني والإقليمي (أنظر "النهج المتبع في منظمة الأغذية والزراعة لتحسين جودة وفائدة البيانات عن المصايد الطبيعية" [منظمة الأغذية والزراعة، 2018أ، الصفحات 94–100]). وتواصل منظمة الأغذية والزراعة دعم المشاريع الرامية إلى تحسين نظم جمع البيانات الوطنية، بما فيها خطط أخذ العينات بالاستناد إلى تحليل إحصائي سليم، وتغطية القطاعات الفرعية لمصايد الأسماك التي لم تؤخذ العيانات منها من قبل، وتوحيد عملية أخذ العيّنات في مكان إنزال المصيد.
وفقًا لأحدث الإحصاءات العالمية التي جمعتها منظمة الأغذية والزراعة عن تربية الأحياء المائية، بلغ الإنتاج العالمي من هذه الأخيرة مستوى قياسيًا آخر قدره 114.5 ملايين طن بالوزن الحي في عام 2018 (الشكل 8) وقُدِّر مجموع قيمة مبيعاته عند باب المزرعة بمبلغ 263.6 مليارات دولار أمريكي. وتألف الإنتاج الإجمالي من 82.1 مليون طن من الحيوانات المائية (250.1مليار دولار أمريكي) و32.4 ملايين طن من الطحالب المائية (13.3 مليارات دولار أمريكي) و26 000 طن من الأصداف البحرية واللؤلؤ لأغراض الزينة (179 000 دولار أمريكي).
وهيمنت على استزراع الحيوانات المائية في عام 2018 الأسماك الزعنفية (54.3 ملايين طن بقيمة 139.7 مليارات دولار أمريكي) التي تم صيدها في تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية (47 مليون طن بقيمة 104.3 مليارات دولار أمريكي) وتربية الأحياء المائية البحرية والساحلية (7.3 ملايين طن بقيمة 35.4 مليارات دولار أمريكي). وجاءت الرخويات في المرتبة الثانية (17.7 ملايين طن بقيمة 34.6 مليارات دولار أمريكي)، ولا سيما ثنائيات الصمامات، تليها القشريات (9.4 ملايين طن بقيمة 69.3 مليارات دولار أمريكي) واللافقاريات البحرية(435 400طن بقيمة ملياري دولار أمريكي) والسلاحف المائية (370 000طن بقيمة 3.5 مليارات دولار أمريكي) والضفادع (131 300طن بقيمة 997 مليون دولار أمريكي).
ونما الإنتاج العالمي للحيوانات المائية من تربية الأحياء المائية بمتوسط 5.3 في المائة سنويًا في الفترة 2001–2018 (الشكل 9) في حين بلغ معدل النمو 4 في المائة فقط في عام 2017 و3.2 في المائة في عام 2018. ويعزى معدل النمو المنخفض الأخير إلى التباطؤ في الصين، وهو البلد المنتج الأكبر، حيث زاد الإنتاج من تربية الأحياء المائية بنسبة 2.2 في المائة فقط في عام 2017 و1.6 في المائة في عام 2018، في حين استمر الإنتاج المجمع في سائر العالم بالنمو بشكل معتدل بنسبة 6.7 و5.5 في المائة على التوالي في العامين المذكورين.
وشهد الإنتاج العالمي للطحالب المائية المستزرعة الذي هيمنت عليه الأعشاب البحرية، نموًا بطيئًا نسبيًا في السنوات الأخيرة وتراجع بنسبة 0.7 في المائة في عام 2018. ويعزى هذا التغيير بصورة رئيسية إلى النمو البطيء في إنتاج أنواع الأعشاب البحرية المدارية وتراجُع الإنتاج في جنوب شرق آسيا، بينما استمر إنتاج أنواع الأعشاب المائية المستزرعة في المناطق المعتدلة والمياه الباردة بالارتفاع.
ويُعدّ القطاع الفرعي لتربية الحيوانات والنباتات المائية واستزراعها لأغراض الزينة نشاطًا اقتصاديًا راسخًا وموزّعًا على نطاق واسع حول العالم. وتتم تربية التماسيح والقاطور والتماسيح الاستوائية لأغراض تجارية في بعض البلدان لجلودها ولحومها. ولكن هناك نقص في البيانات المتعلّقة بإنتاج الحيوانات المائية لأغراض الزينة. وتتعلّق البيانات المتاحة بشأن التماسيح وغيرها من الحيوانات المائية التي تتم تربيتها في المزارع والتي تغطي البلدان المنتجة بشكل جزئي، بعدد هذه الحيوانات وليس بوزنها. بالتالي، يتم استبعادها من المناقشة الواردة في هذا القسم.
ولقد شهدت معدلات النمو السنوي المرتفعة للإنتاج العالمي للحيوانات المائية التي بلغت 10.8 و9.5 في المائة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي على التوالي، تباطؤًا تدريجيًا خلال الألفية الثالثة. ووصل معدل النمو السنوي المتوسط إلى 5.8 في المائة في الفترة 2001–2010 و4.5 في المائة في الفترة 2011–2018 (الشكل 9).
ورغم النمو البطيء على المستوى العالمي، تم تسجيل معدل نمو مرتفع في الفترة 2009–2018 في عدد من البلدان، منها البلدان المنتجة الرئيسية مثل إندونيسيا (12.4 في المائة) وبنغلاديش (9.1 في المائة) ومصر (8.4 في المائة) وإكوادور (12 في المائة).
وفقًا لبيانات السلاسل الزمنية المتعلّقة بمجموعات الأنواع الرئيسية، تجاوز إنتاج تربية الأحياء المائية في العالم تدريجيًا إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية. وتم بلوغ مرحلة "استزراع كمية أكبر من مصيد" الطحالب المائية في عام 1970، وأسماك المياه العذبة في عام 1986، والرخويات في عام 1994، والأصناف الثنائية المجال في عام 1997، والقشريات في عام 2014. ولكن رغم ارتفاع الإنتاج من تربية الأحياء المائية العالمية، من غير المحتمل أن يتخطى استزراع الأسماك البحرية إنتاج المصايد الطبيعية البحرية في المستقبل.
وزادت مساهمة تربية الأحياء المائية في إنتاج الأسماك في العالم بشكل مستمر من 25.7 في المائة في عام 2000 إلى 46.0 في المائة في الفترة 2016–2018. وباستبعاد البلد المنتج الأكبر، وهو الصين، تبلغ هذه الحصة 29.7 في المائة في عام 2018 في سائر أنحاء العالم مقارنة بنسبة 12.7 في المائة في عام 2000. وعلى الصعيد الإقليمي، مثّلت تربية الأحياء المائية نسبة تتراوح بين 16 و18 في المائة من الإنتاج الكلي للأسماك في أفريقيا والأمريكيتين وأوروبا، تليها أوسيانيا بنسبة 12.7 في المائة. وزادت حصة تربية الأحياء المائية في إنتاج الأسماك في آسيا (باستثناء الصين) إلى 42 في المائة في عام 2018، مرتفعة من نسبة 19.3 في المائة المسجلة في عام 2000 (الشكل 10).
وفي عام 2018، أنتج 39 بلدًا من جميع الأقاليم باستثناء أوسيانيا، كمية من الحيوانات المائية المستزرعة أكبر من الحيوانات المائية المصطادة. واصطادت هذه البلدان التي تضم حوالي نصف سكان العالم، 63.6 ملايين طن من الأسماك المستزرعة في حين بلغ إنتاج المصايد الطبيعية مجتمعة 26 مليون طن. وشكّلت تربية الأحياء المائية أقل من نصف ولكن أكثر من 30 في المائة من مجموع الإنتاج الإجمالي من الأسماك في 22 بلدًا آخر في عام 2018، بما في ذلك العديد من البلدان الرئيسية المنتجة للأسماك مثل إندونيسيا (42.9 في المائة) والنرويج (35.2 في المائة) وشيلي (37.4 في المائة) وميانمار (35.7 في المائة) وتايلند (34.3 في المائة).
ويعيق نقص الإبلاغ من قبل 35 إلى 40 في المائة من البلدان المنتجة، بالاقتران مع عدم كفاية الجودة واكتمالها في البيانات المبلغ عنها، قدرة منظمة الأغذية والزراعة على إعطاء صورة أكثر وضوحًا وتفصيلًا عن حالة واتجاهات تطور تربية الأحياء المائية في العالم. وتلقت منظمة الأغذية والزراعة 119 تقريرًا من تقارير البيانات الوطنية في عام 2018، التي تمثّل 87.6 في المائة (71.9 ملايين طن، باستثناء النباتات المائية) من إجمالي إنتاج الأسماك الغذائية حسب الحجم. ويقوم العديد من البلدان التي لا تقدّم التقارير، بإصدار تقارير منتظمة عن مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. واستخدمت منظمة الأغذية والزراعة هذه التقارير لتقدّر أن الإنتاج في هذه البلدان يبلغ 12.4 في المائة (10.1 مليون طن) من الإنتاج الإجمالي. وتتألف البيانات المتبقية من إحصاءات رسمية جُمعت على أساس مخصص من بضعة بلدان لم تجب رسميًا على طلب منظمة الأغذية والزراعة للحصول على البيانات الوطنية.
ومن بين البلدان العشرة الرئيسية التي سجلت أكبر إنتاج إجمالي من الأنواع المستزرعة والبرّية في عام 2018، تخطى إنتاج تربية الأحياء المائية في أربعة منها عتبة 50 في المائة من الإنتاج الإجمالي للأسماك (وهي الصين 76.5 في المائة، والهند 57 في المائة، وفييت نام 55.3 في المائة، وبنغلاديش 56.2 في المائة)؛ وبقي الإنتاج في البلدان الستة الأخرى أدنى بكثير من عتبة 50 في المائة (وهي بيرو 1.4 في المائة، والاتحاد الروسي 3.8 في المائة، والولايات المتحدة الأمريكية 9 في المائة، واليابان 17 في المائة، والنرويج 35.2 في المائة).
تنتج تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية معظم الحيوانات المائية المستزرعة، لا سيما في المياه العذبة؛ وبالتالي، تسمى تربية الأحياء المائية في المياه العذبة في معظم البلدان المنتجة. وفي بعض البلدان، تستخدم تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية أيضًا المياه المالحة والقلوية لتربية الأنواع المحلية المكيّفة طبيعيًا مع هذه البيئات أو الأنواع التي تمّ إدخالها، بما فيها الأنواع البحرية، والتي تتحمّل هذه الظروف ويكون أداؤها مرضيًا وعلى قدر توقعات المزارعين.
وتتسم نظم الاستزراع بتنوع كبير من حيث أساليب وممارسات ومرافق التربية والاندماج مع الأنشطة الزراعية الأخرى. وتبقى الأحواض الترابية نوع المرافق الأكثر شيوعًا في إنتاج تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية رغم استخدام خزانات النظم المتدفقة، والخزانات فوق الأرض، والأقفاص على نطاق واسع حيث تسمح الظروف المحلية بذلك. ولا يزال استزراع الأسماك في حقول الأرزّ يتسم بالأهمية في المناطق التي يعتبر نشاطًا تقليديًا فيها، ولكنه يشهد أيضًا توسعًا سريعًا لا سيما في آسيا. ولكن تم تحقيق تقدم سريع وكبير في تحسين النظم المتكاملة لتربية الأحياء المائية في المياه الداخلية في السنوات الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى زيادة الإنتاجية وتحسين كفاءة استخدام الموارد وإلى الحد من الآثار المترتبة على البيئة.
وفي عام 2018، أنتجت تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية 51.3 مليون طن من الحيوانات المائية، ما يمثّل 62.5 في المائة من إنتاج الأسماك الغذائية المستزرعة في العالم مقارنة بنسبة 57.9 في المائة في عام 2000. وتراجعت هيمنة الأسماك الزعنفية على تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية بشكل تدريجي من 97.2 في المائة في عام 2000 إلى 91.5 في المائة (47 مليون طن) في عام 2018، ما يعكس نمو مجموعات الأنواع الأخرى نموًا قويًا، ولا سيما استزراع القشريات في المياه العذبة في آسيا مثل الأربيان واستاكوزا المياه العذبة وسرطان البحر (الجدول 6). ويشمل إنتاج الأربيان من تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية كميات كبيرة من الأنواع البحرية مثل الأربيان الأبيض الأرجل الذي تتم تربيته في المياه العذبة وكذلك في المياه المالحة والقلوية في بعض المناطق القاحلة مثل صحراء غوبي في شينجيانغ، الصين، وهي المكان الأبعد من البحر في العالم.
تؤدي تربية الأحياء المائية الساحلية دورًا مهمًا في سبل عيش المجتمعات الساحلية وعمالتها وتنميتها الاقتصادية المحلية في العديد من البلدان النامية. وتتم ممارستها في بيئات اصطناعية بشكل كامل أو جزئي في مناطق مجاورة للبحر، مثل البرك الساحلية والبحيرات المسوّرة. وفي تربية الأحياء المائية الساحلية بواسطة المياه المالحة، تُعتبر الملوحة أقل ثباتًا منها في تربية الأحياء المائية البحرية بسبب الأمطار أو التبخر، تبعًا للموسم والموقع. ومع أن البرك الساحلية، الحديثة أو التقليدية، لتربية الأحياء المائية موجودة في جميع أقاليم العالم تقريبًا، إلا أنها تتركّز بشكل كبير في جنوب وجنوب شرق وشرق آسيا وفي أمريكا اللاتينية حيث تجري تربية القشريات والأسماك الزعنفية والرخويات، والأعشاب البحرية بدرجة أقل. ومع أن العديد من البلدان الآسيوية، ومؤخرًا بلدان أمريكا اللاتينية وأوروبا وأمريكا الشمالية، قامت بتطوير خبراتها ومؤسساتها الداعمة لتربية الأحياء المائية البحرية والساحلية، لا تزال معظم البلدان الأفريقية متخلفة عن الركب رغم التوقعات الطموحة على المستويين الإقليمي والوطني. وهناك حاجة إلى وجود السياسات المناسبة والتخطيط وإلى بيئة تمكينية داعمة للبنية التحتية والخبرات الفنية والاستثمار من أجل تعزيز تربية الأحياء المائية البحرية في أفريقيا.
وتمارَس تربية الأحياء المائية البحرية، التي تُعرف أيضًا بتربية الأحياء البحرية، في البحر وفي بيئة المياه البحرية. وبالنسبة إلى بعض الأنواع التي يتوقف إنتاجها على البذور التي تظهر بشكل طبيعي في البحر، تحصل دورة الإنتاج بجميع مراحلها في البحر. أما بالنسبة إلى الأنواع التي تعتمد على البذور المنتَجة في المفاقس والحاضنات في المياه العذبة، فتمثّل تربية الأحياء المائية البحرية مرحلة التربية من دورة الإنتاج.
ونظرًا إلى أن البلدان تجمع عادةً البيانات المتعلّقة بإنتاج تربية الأحياء المائية الساحلية والبحرية لتبليغها إلى منظمة الأغذية والزراعة، يصعب فصل الأرقام المتعلّقة بتربية الأحياء البحرية عن أرقام تربية الأحياء المائية الساحلية. وهذه هي بشكل خاص حال الأسماك الزعنفية المنتَجة في البرك الساحلية والأقفاص في البحر، لا سيما في آسيا. وفي مقابل آسيا، يتم إنتاج معظم الأسماك الزعنفية المستزرعة في المياه المالحة في البحر مع وجود بعض الاستثناءات في بلدان مثل مصر وأنواع مثل التربوت في أوروبا (الجدول 7).
وأنتجت تربية الأحياء المائية البحرية والساحلية مجتمعة 30.8 مليون طن (106.5 مليار دولار أمريكي) من الحيوانات المائية في عام 2018. وعلى الرغم من التطورات التكنولوجية في تربية الأحياء المائية الزعنفية البحرية، تنتج التربية البحرية والساحلية حاليًا كمية من الرخويات أكبر من كمية الأسماك الزعنفية والقشريات. وفي عام 2018، مثّلت الرخويات الصدفية (17.3 ملايين طن) 56.2 في المائة من إنتاج تربية الأحياء البحرية والساحلية. وشكّلت الأسماك الزعنفية (7.3 ملايين طن) والقشريات (5.7 ملايين طن) معًا ما نسبته 42.5 في المائة.
فاق إنتاج تربية الأحياء المائية المغذاة بالعلف إنتاج القطاع الفرعي لتربية الأحياء المائية غير المغذاة بالعلف في العالم. واستمرت مساهمة تربية الأحياء المائية غير المغذاة بالعلف في الإنتاج الإجمالي للحيوانات المائية المستزرعة بالانخفاض من 43.9 في المائة في عام 2000 إلى 30.5 في المائة في عام 2018 (الشكل 11)، ولو أن الإنتاج السنوي واصل نموه بالقيم المطلقة. وفي عام 2018، ارتفع الإنتاج الإجمالي من تربية الأحياء المائية غير المغذاة بالعلف إلى 25 مليون طن، حيث تكوّن من 8 ملايين طن من الأسماك الزعنفية التي تتغذى بالترشيح والتي تُستزرع في تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية (ومعظمها من الشبوط الفضي Hypophthalmichthys molitrix والشبوط كبير الرأس Hypophthalmichthys nobilis) و17 مليون طن من اللافقاريّات المائية، ومعظمها من الرخويات البحرية الثنائية الصمامات المستزرعة في البحار، والبحيرات، والبرك الساحلية.
وفي عمليات الاستزراع المتنوع، يمكن للأنواع التي تتغذى بالترشيح أن تحصد الأعلاف المستخدمة لتغذية الأنواع المغذاة بالعلف، تبعًا لنوع العلف وجودته. وفي الوقت نفسه، يتم إنتاج الأعلاف المصممة خصيصًا إنتاجًا تجاريًا واستخدامها من بعض المزارعين للشبوط الكبير الرأس في جنوب الصين، ومحار الموس في المقاطعات الساحلية الشرقية والشمالية الشرقية في الصين، والمحار ذي الصدفة الصلبة في مقاطعة تايوان الصينية. وفي أوروبا، برزت ممارسة جديدة تقضي بتربية المحار الصغير في خزّانات داخلية حتى يبلغ الحجم القابل للتسويق عبر إطعامه أنواعًا مختارة من الطحالب الدقيقة التي يتم إنتاجها اصطناعيًا في برك خارجية.
ويُعد تخزين الشبوط الذي يتغذى بالترشيح في نظم التربية المتعددة الأنواع، ممارسة شائعة في آسيا وأوروبا الوسطى والشرقية وأمريكا اللاتينية. فهو يعزز الإنتاجية الإجمالية للأسماك عن طريق استخدام الأغذية الطبيعية وتحسين جودة المياه ضمن نظام الإنتاج. وخلال السنوات الأخيرة، برزت أنواع أخرى من الأسماك الزعنفية التي تتغذى بالترشيح مثل سمك مجداف المسيسيبي (Polyodon spathula)، ضمن الاستزراع المتنوع في بضعة بلدان، لا سيما في الصين، حيث يُقدر حجم الإنتاج بعدة آلاف الأطنان. وبالإضافة إلى الأسماك الزعنفية التي تتغذى بالترشيح، يتم الآن استخدام ثنائيات الصمامات في المياه العذبة، بما في ذلك الأنواع التي يتم إنتاجها من أجل لؤلؤ المياه العذبة، لمعالجة مخلّفات تربية الأحياء المائية في المزارع الفردية وفي تجمع العديد من المزارع ضمن أطر مجتمعية.
وتوصف أحيانا ثنائيات الصمامات البحرية، وهي كائنات تتغذى بالترشيح وتستخرج المادة العضوية اللازمة للنمو من المياه، والطحالب البحرية التي تنمو عن طريق التمثيل الضوئي من خلال امتصاص المغذيات الذائبة، بأنها أنواع استخلاصية. وعندما تُستزرع في المنطقة نفسها مع أنواع مغذاة بالعلف، تفيد البيئة عن طريق التخلص من النفايات، بما في ذلك النفايات من الأنواع المغذاة بالعلف، وبالتالي تخفض حمولة المغذيات. وتشجع عمليات التخطيط لتطوير تربية الأحياء المائية وتقسيمها إلى مناطق في الاتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية، تربية الأنواع الاستخلاصية مع الأنواع المغذاة بالعلف في مواقع تربية الأحياء البحرية نفسها. وشكّل إنتاج الأنواع الاستخلاصية 57.4 في المائة من الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية في عام 2018.
سمح التنوع الكبير في الظروف المناخية والبيئية في أماكن تمارَس فيها تربية الأحياء المائية حول العالم ببروز عدد كبير ومتنوع من الأنواع المستخدَمة في أنواع مختلفة من ممارسات الإنتاج من تربية الأحياء المائية في المياه العذبة والمياه المسوسة والمياه البحرية والمياه المالحة الداخلية.
وبالنسبة إلى عام 2018، سجّلت منظمة الأغذية والزراعة البيانات المتعلّقة بإنتاج تربية الأحياء المائية في البلدان والمناطق التي رفعت التقارير إليها ضمن ما مجموعه 622 وحدة سمّيت لأغراض إحصائية "فرادى الأنواع". ويتطابق إنتاج فرادى الأنواع هذه من تربية الأحياء المائية مع 466 نوعًا فرديًا، و7 أنواع هجينة من الأسماك الزعنفية داخل الصنف الواحد، و92 مجموعة من الأنواع على مستوى الأجناس، و32 مجموعة من الأنواع على مستوى الأسرة، و25 مجموعة من الأنواع على مستوى الترتيب أو أعلى.
ولكن يخطئ الكثيرون في حساب "فرادى الأنواع" باعتبارها العدد الإجمالي للأنواع المائية المستزرعة. وعلى سبيل المثال، ترد في قاعدة بيانات منظمة الأغذية والزراعة بيانات الإنتاج المتعلّقة بالقاروس البحري الأوروبي (Dicentrarchus labrax) والقاروس المبقّع (Dicentrarchus punctatus)، بالإضافة إلى تلك المتعلّقة ب"القاروس غير المدرج في مكان آخر" (.Dicentrarchus spp) للحالات التي لا يكون فيها البلد الذي رفع البيانات أكيدًا من النوع المنتَج بالتحديد. ويؤدي ذلك إلى وجود ثلاثة من فرادى الأنواع في حين أن جنس القاروس لا يتضمن في الواقع سوى نوعين اثنين.
ولا تشمل الأرقام السابق ذكرها الأنواع التي أنتِجت عن طريق تجارب بحثية في مجال تربية الأحياء المائية، أو التي تربّى كأغذية حيّة في عملية التفريخ خلال تربية الأحياء المائية، أو الأنواع المائية الموجهة لغرض الزينة التي تربّى في الأسْر. ولقد ارتفع العدد الإجمالي لفرادى الأنواع المستزرعة تجاريًا الذي سجلته منظمة الأغذية والزراعة بنسبة 31.8 في المائة، من 472 نوعًا في عام 2006 إلى 622 نوعًا في عام 2018، وذلك نتيجة مشتركة لجهود التحقيق التي قامت بها منظمة الأغذية والزراعة والتحسينات في الإبلاغ عن البيانات من قبل البلدان المنتجة. ولكنّ بيانات منظمة الأغذية والزراعة لا تواكب السرعة الفعلية لتنوع الأنواع في تربية الأحياء المائية. وتتألف العديد من الأنواع الوحيدة المسجلة في الإحصاءات الرسمية للعديد من البلدان في الواقع من أنواع متعددة وفي بعض الأحيان من الأنواع الهجينة. وبينما لم تسجل منظمة الأغذية والزراعة إلا سبعة أنواع من الأسماك الزعنفية الهجينة في الإنتاج التجاري، فإن عدد الأنواع الهجينة المستزرعة أكبر بكثير.
واعتبارًا من عام 2018، كان من المعروف أن هناك ما بين 200 و300 نوع إضافي، بما في ذلك بعض الهجائن، يجري استزراعها في تربية الأحياء المائية بالإضافة إلى الأنواع البالغ عددها 466 نوعًا والهجائن السبعة المذكورة أعلاه. ويعزى عدم ورود هذه الأنواع والهجائن في إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة بشأن الإنتاج العالمي إلى الصعوبات التي تعترض عملية جمع البيانات الميدانية، وتكتّل مجموعات الأنواع في القائمة المعيارية للأنواع في نظام الإحصاءات الوطنية، وسرّية البيانات المتعلّقة بالقوانين الوطنية.
ورغم التنوع الكبير في الأنواع التي تتم تربيتها، يغلب على إنتاج تربية الأحياء المائية من حيث الحجم عدد صغير من الأنواع "الأساسية" أو مجموعات الأنواع على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية. ويشمل استزراع الأسماك الزعنفية، وهو القطاع الفرعي الأكثر تنوعًا، 27 نوعًا ومجموعة أنواع مثّلت أكثر من 90 في المائة من الإنتاج الإجمالي للأسماك الزعنفية في عام 2018، ومثّلت فرادى الأنواع العشرين الأهم 83.6 في المائة من هذا الإنتاج (الجدول 8). ولا تُستزرع إلا أنواع قليلة من القشريات والرخويات والحيوانات المائية الأخرى مقارنة بالأسماك الزعنفية.
في عام 2018، شكّلت الأعشاب البحرية المستزرعة 97.1 في المائة حسب الحجم لما مجموعه 32.4 مليون طن من الطحالب المائية التي تمّ جمعها بصورة طبيعية وتلك المستزرعة مجتمعة. ويتم استزراع الأعشاب البحرية في عدد صغير نسبيًا من البلدان التي تهيمن عليها بلدان شرق وجنوب شرق آسيا. ولقد زاد الإنتاج العالمي للطحالب الكبيرة البحرية، أو الأعشاب البحرية، أكثر من ثلاثة أضعاف من 10.6 ملايين طن في عام 2000 إلى 32.4 ملايين طن في عام 2018 (الجدول 9). ورغم تباطؤ معدلات النمو في السنوات الأخيرة، شكّل النمو السريع في استزراع أنواع الأعشاب البحرية المدارية (Kappaphycus alvarezii و.Eucheuma spp) في إندونيسيا كمواد خام لاستخراج الكارجينان المحرّك الرئيسي لزيادة إنتاج الأعشاب البحرية المستزرعة في العقد الأخير. وزادت إندونيسيا إنتاجها من الأعشاب البحرية المستزرعة من أقل من 4 ملايين طن في عام 2010 إلى أكثر من 11 مليون طن في عامي 2015 و2016 وإلى مستويات إنتاج مماثلة في عامي 2017 و2018.
وهناك كم محدود من البيانات المبلّغ عنها من جانب عدد صغير من البلدان المنتجة في أوروبا وأمريكا الشمالية والمتعلّقة باستزراع الأعشاب البحرية على نطاق صغير بسبب سرّيتها. ولكن يحظى تعزيز استزراع الأعشاب البحرية ورصده باهتمام متزايد لتنمية الاقتصاد الأحيائي المراعي للمناخ والبيئة.
ومن أصل 32.4 ملايين طن من الأعشاب البحرية المستزرعة التي أُنتجت في عام 2018 (الجدول 9)، تنتَج بعض الأنواع (مثل Undaria pinnatifida و.Porphyra spp و.Caulerpa spp المنتجة في شرق وجنوب شرق آسيا) كأغذية بشرية بشكل رئيسي، مع أن المنتجات المنخفضة الجودة والفضلات الواردة من مصانع التجهيز تُستخدم لأغراض أخرى، بما في ذلك العلف لاستزراع أذن البحر.
ويتناسب استزراع الطحالب الدقيقة مع تعريف تربية الأحياء المائية المقبول على نطاق واسع. ولكن يميل استزراع الطحالب الدقيقة إلى أن يكون خاضعًا للتنظيم والرصد المحكمين على المستوى الوطني أو المحلي، وذلك بصورة مستقلة عن تربية الأحياء المائية. وقام مسح وطني لتربية الأحياء المائية أجري مؤخرًا في أحد البلدان الرئيسية العشرين المنتجة في مجال تربية الأحياء المائية، بشمل استزراع الطحالب الدقيقة ولكن من المتوقع إدراجه في النظام الوطني لجمع البيانات عن تربية الأحياء المائية والتبليغ عنها.
ومع أن منظمة الأغذية والزراعة سجلت 000 87 طن من الطحالب الدقيقة المستزرعة من 11 بلدًا في عام 2018، فقد أفادت الصين وحدها عن 600 86 طن منها. ويُعتبر استزراع الطحالب الدقيقة مثل السبيرولينا (.Spirulina spp) وكلوريلا (.Chlorella spp) وهايمتوكوكوس بلوفياليس (Haematococcus pluvialis) ونانوكلوروبسيس (.Nannochloropsis spp) التي تتراوح مستويات إنتاجها من الإنتاج المنزلي إلى الإنتاج التجاري الواسع النطاق، ممارسة راسخة في العديد من البلدان لإنتاج المكمّلات الغذائية البشرية ولاستخدامات أخرى. وتقلل بيانات منظمة الأغذية والزراعة من الحجم الحقيقي لعملية الاستزراع العالمي للطحالب الدقيقة بسبب عدم توافر البيانات من كبار المنتجين مثل أستراليا وتشيكيا وفرنسا وآيسلندا والهند وإسرائيل وإيطاليا واليابان وماليزيا وميانمار والولايات المتحدة الأمريكية.
كما يظهر في الجدول 10، يبقى نمط التوزيع المتفاوت في إنتاج تربية الأحياء المائية وتنميتها في مختلف الأقاليم والبلدان حول العالم، من دون تغيير إلى حد كبير. وتملك بلدان نامية عديدة طموحات كبيرة في ما يتعلّق بتنمية تربية الأحياء المائية لإطعام سكانها الذين تتزايد أعدادهم بسرعة. ويتطلب ذلك توافر الإرادة السياسية لتعزيز السياسات والاستراتيجيات المناسبة والاستثمار والتعاون في القطاعين العام والخاص، مع التركيز بوضوح على زيادة الإنتاج بشكل مستدام.
ولقد هيمنت آسيا على الإنتاج العالمي للحيوانات المائية المستزرعة من تربية الأحياء المائية، حيث بلغت حصتها منه 89 في المائة في العقدين الأخيرين تقريبًا. وفي هذه الفترة، زادت أفريقيا والأمريكيتان حصتهما من الإنتاج العالمي للحيوانات المائية المستزرعة في حين تراجعت حصتا أوروبا وأوسيانيا بشكل طفيف. وقامت كل من مصر وشيلي والهند وإندونيسيا وفييت نام وبنغلاديش والنرويج، من بين البلدان المنتجة الرئيسية، بتعزيز حصتها من الإنتاج الإقليمي أو العالمي بدرجات متفاوتة خلال العقدين الأخيرين. وبالإضافة إلى مصر، عمدت نيجيريا إلى زيادة إنتاجها من تربية الأحياء المائية بشكل ملحوظ لتصبح ثاني أكبر بلد منتج في أفريقيا على الرغم من أن حصة القارة لا تزال متدنية عند حوالي 2.7 في المائة من الإنتاج العالمي من تربية الأحياء المائية.
وأنتجت الصين نسبة من الأغذية المائية المستزرعة أكبر من سائر بلدان العالم مجتمعة منذ عام 1991. وترمي السياسات المتّبعة منذ عام 2016 إلى إعادة تشكيل قطاع تربية الأحياء المائية في البلاد من أجل اعتماد ممارسات أكثر مراعاة للبيئة، وتحسين جودة المنتجات، وتحسين كفاءة استخدام الموارد وأدائها، وتعزيز المساهمة في التنمية الاقتصادية الريفية والتخفيف من الفقر في مناطق مستهدفة. ونتيجة لذلك، بلغ معدل النمو السنوي لاستزراع الأسماك نسبة 2.2 و1.6 في المائة فقط في عامي 2017 و2018 على التوالي. وتراجعت حصة الصين من الإنتاج العالمي من 59.9 في المائة في عام 1995 إلى 57.9 في المائة في عام 2018، ومن المتوقع أن تواصل تراجعها في السنوات القادمة. وفي السنوات الأخيرة، أفادت بلدان منتجة رئيسية أخرى عن انخفاض أسعار الأنواع الأساسية في السوق، ما يعكس تشبّع هذه الأخيرة بهذه الأنواع المنتجة بكميات كبيرة أقله بصورة موسمية وعلى المستوى المحلي.
ويبيّن الشكل 12 أنه في حين يتباين مستوى تنمية تربية الأحياء المائية بشكل كبير داخل المناطق الجغرافية وفي ما بينها، يهيمن عدد قليل من البلدان المنتجة الرئيسية على إنتاج بعض مجموعات الأنواع. فتهيمن البلدان النامية من قبيل الصين والهند وإندونيسيا على إنتاج الأسماك الزعنفية من تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية في حين يُعتبر عدد صغير من البلدان الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، مثل النرويج وشيلي واليابان والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية وكندا واليونان، بلدانًا منتجة رئيسية لأنواع الأسماك الزعنفية المستزرعة في البحر، لا سيما سلمونيات المياه الباردة. ويعتمد العديد من البلدان النامية في شرق وجنوب شرق آسيا بدرجة أكبر على تربية الأحياء المائية الساحلية لإنتاج الأسماك الزعنفية المستزرعة منه على تربية الأحياء المائية البحرية في البحر، لا سيما في البلدان المعرّضة كل سنة للأعاصير المدارية كالصين والفلبين وفييت نام.
ويهيمن الجمبري البحري على إنتاج القشريات المستزرعة عادة في تربية الأحياء المائية الساحلية، ويُعتبر مصدرًا مهمًا لعائدات النقد الأجنبي لعدد من البلدان النامية في آسيا وأمريكا اللاتينية.
ومع أن كمية الرخويات البحرية التي تنتجها الصين تفوق بدرجة كبيرة الكمية التي تحققها الجهات المنتجة الأخرى، تنتج بعض البلدان كميات كبيرة من ثنائيات الصمامات. وتشمل هذه البلدان كلًا من اليابان وجمهورية كوريا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا (الجدول 11).
تشير التقديرات إلى أن 59.51 مليون شخص كانوا يعملون في عام 2018 في القطاع الأولي لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية (الجدول 12)، و14 في المائة منهم من النساء. وفي المجموع، كان هناك ما يُقدر بحوالي 20.53 مليون عامل في قطاع تربية الأحياء المائية و38.98 مليون عامل في قطاع مصايد الأسماك. ويُظهر الشكل 13 التوزيع الإقليمي للعمالة في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بالنسب المئوية. وبصورة عامة، نما مجموع العمالة (بما في ذلك العمل بدوام كامل وجزئي والعمل الموسمي) في القطاع الأولي نموًا طفيفًا بعد تسجيل زيادات مطردة في العمالة في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على السواء. ومقارنة بالأرقام المناظرة الواردة في الإصدارات السابقة من تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم، تمثّل هذه الأرقام تنقيحًا للسلاسل الزمنية في الفترة 1995–2017. واضطلعت منظمة الأغذية والزراعة بهذا العمل من خلال سلسلة واسعة من المشاورات مع البلدان الأعضاء لمراجعة البيانات التاريخية، والكشف عن مصادر جديدة للبيانات، والتحقق من الأخطاء في البيانات، وإجراء التقديرات حسب الاقتضاء. وجرى هذا النشاط، في 35 بلدًا، بالتعاون مع منظمات التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي وسمح بمواءمة مجموعات البيانات المتعلقة بالعمالة وبتبسيط عملية جمع البيانات من خلال تقديم استبيان مشترك بشأن العمالة في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في القطاعين الأولي والثانوي بغية إزالة عبء التبليغ المزدوج الذي تتحمله البلدان الأعضاء.
ويعيش معظم العاملين في صيد الأسماك واستزراعها في البلدان النامية، وغالبيتهم من صغار الصيادين الحرَفيين والعاملين في تربية الأحياء المائية. ولا يمكن اعتبار مختلف أنواع العمل في القطاع الأولي متساوية بما أن أشكال العمالة أو الاستخدام تتراوح بين العرضية وبدوام كامل وتختلف بين الوظائف الموسمية والمؤقتة والدائمة. وفي الكثير من الأحيان، ينخرط العاملون في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في أنواع العمل غير المستقر التي يمكنها أن تصل إلى حد العمل الجبري والرق. ويتم تفصيل العمل المكثّف الذي أنجزته منظمة الأغذية والزراعة في منتدى العمل اللائق في القسم بعنوان الاستدامة الاجتماعية على طول سلاسل القيمة في الصفحة 118.
ويتباين عدد الأشخاص العاملين في القطاع الأولي لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بحسب الأقاليم. ويعرض الشكل 14 التوزيع الإقليمي بالاستناد إلى البيانات المصنّفة بحسب نوع الجنس. وبصورة عامة، يتواجد العدد الأكبر من الصيادين والعاملين في تربية الأحياء المائية في آسيا (85 في المائة من المجموع العالمي)، تليها أفريقيا (9 في المائة) والأمريكيتان (4 في المائة) وأوروبا وأوسيانيا (1 في المائة لكل منهما). وشهدت أفريقيا نموًا مطردًا في عدد العاملين في القطاع مع استمرار توفير معظم فرص العمل في مجال الصيد. وتستمر العمالة في تربية الأحياء المائية بالازدياد في أفريقيا ولكن بأرقام مطلقة أصغر. ولا تزال آسيا تسجل نموًا في العمالة في هذا القطاع ولو بوتيرة معتدلة أكثر، مع استخدام العدد المطلق الكبير من الأشخاص في القطاع الأولي لتربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك. وتشهد أوسيانيا أيضًا زيادة طفيفة ولكن مطردة في العمالة، حيث أن عدد العاملين في مصايد الأسماك ثابت وعددهم المتدني في تربية الأحياء المائية يزداد بوتيرة بطيئة. وشهدت العمالة في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية تراجعًا في الأمريكيتين وأوروبا. ولكن إذا نُظر إليها في كل قطاع على حدة في أوروبا، يتّضح أنها واصلت نموها بوتيرة بطيئة في تربية الأحياء المائية في حين أنها أخذت في التراجع في مصايد الأسماك منذ عام 2010.
على المستوى العالمي، إن نسبة النساء من مجموع اليد العاملة في تربية الأحياء المائية (19 في المائة) أكبر منها في مصايد الأسماك (12 في المائة) (الشكل 14). وبصورة عامة، تؤدي المرأة دورًا مهمًا على طول سلسلة قيمة الأسماك، حيث أنها توفّر اليد العاملة في مصايد الأسماك التجارية والحرفية على السواء. وعندما توضع التكنولوجيا والرساميل المناسبة بتصرّفها، يمكن للمرأة أن تكون أيضًا صاحبة مشاريع صغيرة، لا سيما في العمليات الأسريّة الصغيرة. وفي معظم الأقاليم، تشارك المرأة بقدر أقل في مصايد الأسماك الطبيعية في عرض البحر بعيدًا عن الشواطئ. وعلى سبيل المثال، تعمل النساء في ألاسكا في الولايات المتحدة الأمريكية، بصورة أساسية في مصايد أسماك السلمون القريبة من الشواطئ (Szymkowiak، 2020). وفي مصايد الأسماك الساحلية الصغيرة النطاق، تتولى المرأة عمومًا مسؤولية المهام التي تتطلب المهارات والوقت والتي يتم الاضطلاع بها برًّا، أو تدير القوارب والزوارق الصغيرة التي تخرج إلى عرض البحر للصيد.
ويتم الترويج لتربية الأحياء المائية على أنها من قطاعات النمو المهمة ونشاط يسمح بتمكين النساء والشباب لا سيما من خلال تيسير اتخاذ المرأة للقرارات المتعلّقة باستهلاك الأغذية المغذية وتوفيرها (منظمة الأغذية والزراعة، 2017). ولكن يذكّر Brugère وWilliams (2017) بأنه يجب إيلاء الاهتمام للأنواع التي تجري تربيتها، والأفكار المسبقة بشأن أدوار الجنسين5، والتحكم بالإنتاج لتمكين المرأة بالفعل والسماح لها بالاستفادة من هذه المزايا المحتملة.
ومع أن منظمة الأغذية والزراعة لا تجمع الإحصاءات بشأن العمالة في القطاع الثانوي بشكل منتظم، يفيد العديد من المؤلفين والمنظمات غير الحكومية بأن عاملًا واحدًا من أصل عاملين اثنين هو امرأة عندما يتم النظر في القطاعين الأولي والثانوي للأغذية البحرية على السواء (أنظر المثال في 2 الإطار). وتتعاون المنظمة في الوقت الراهن مع منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي لجمع مثل هذه البيانات. وتقضي الخطة بتقييم توافر هذه البيانات في بلدان أخرى في السنوات القادمة من أجل إبراز أهمية بيانات العمالة في مرحلة ما بعد الصيد وإجراء تقييم أكثر شمولًا لقطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، مع مراعاة أهمية المساهمة التي تقدمها المرأة في الإنتاج والتجارة والأمن الغذائي وسبل العيش. وستتسم هذه التحسينات بأهمية حاسمة للسماح بتطوير وتصميم سياسات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المراعية للمنظور الجنساني بهدف تعزيز دور المرأة في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والمضي قدمًا في تحقيق المساواة بين الجنسين في هذا القطاع. ولكن تجدر الإشارة إلى أن البيانات المصنّفة بحسب نوع الجنس ليست كافية لإبراز الواقع الذي تعيشه النساء العاملات في مختلف أجزاء القطاع وموقعهن الفعلي فيه. وبصورة خاصة، لا تعكس هذه البيانات دور المرأة ومسؤولياتها، ولا قدرتها على الحصول على الموارد والأصول والائتمان والمعلومات والتدريب والتكنولوجيا والتحكم بها، ولا السلطة التي تملكها (أو لا تملكها) ولا قدرتها على اتخاذ القرارات والوصول إلى مواقع القيادة. ومن الضروري اعتماد منظور جنساني في جمع البيانات من أجل السماح بدراسة التفاعلات وعلاقات القوّة المعقّدة بين النساء والرجال في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وإن التصوّرات الجنسانية راسخة وتتباين بشكل كبير بين الثقافات وداخلها. ولكن يمكنها أن تتغيّر مع مرور الوقت ولا يجب أن تظل ثابتة (منظمة الأغذية والزراعة، 2017). ولقد كثرت الدراسات والنُهج المتعلّقة بالمساواة بين الجنسين وأظهرت كيف يتم إسناد الأدوار الأقل استقرارًا للمرأة أو تعيينها في مناصب متدنية الأجر أو غير مدفوعة الأجر وتتطلب قدرًا أقل من المؤهلات – في القطاع الثانوي في الكثير من الأحيان – وكيف أن المرأة لا تحظى بالاعتراف الكافي أو الكامل في القطاع.
تهيمن مشاركة الرجال في مصايد الأسماك في أفريقيا في عمليات الصيد في حين تعنى النساء بشكل أساسي، ولكن غير حصري، في الأنشطة اللاحقة بها مثل المناولة بعد الصيد وبيع الأسماك الطازجة وتجهيزها وتخزينها وتعبئتها وتسويقها. وتمثّل هذه النساء 58 في المائة من الجهات الفاعلة في أنشطة ما بعد الصيد في سلسلة قيمة الأغذية البحرية. وفي العديد من البلدان الأفريقية، تؤدي الأسماك المدخّنة دورًا مهمًا في الأنماط الغذائية اليومية وتعدّ مصدرًا رئيسيًا للدخل بالنسبة إلى العديد من المجتمعات الساحلية. ويتميز عادةً التجهيز في مصايد الأسماك الصغيرة النطاق بعمليات التدخين الساخن والتجفيف التي تتولى النساء مسؤولية القيام بها.
وتتأثر النساء مجهزات الأسماك اللواتي يستخدمن الأفران التقليدية بالدخان والحرارة ويعانين من مشاكل تنفسية. وتتضرّر أعينهن وجلدهن أيضًا ويفقد بعضهن بصماتهن، الأمر الذي يضيف عبئًا آخر على حصولهن على بطاقات الهوية أو المستندات الرسمية. وتتفاوت النتائج الاجتماعية المترتبة عن تقنية تجهيز الأسماك هذه، ويمكنها أن تؤثر سلبًا على العائلة حيث أنها تولّد توترات داخل الأسرة. ويقترن عبء العمل المنتِج بعبء العمل الإنجابي غير مدفوع الأجر داخل الأسرة المعيشية (إنجاب الأطفال وتربيتهم؛ والأعمال المنزلية، بما في ذلك الطهي وجلب المياه وخشب الوقود؛ والاعتناء بأفراد الأسرة المسنين والمرضى) وبعبء العمل المجتمعي، الأمر الذي يولّد عبئًا ثلاثيًا للعمل تتحمله النساء العاملات في الزراعة ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. ويحول ذلك دون حصول المرأة على الوقت والمجال لتتمتع بحقوقها الإنسانية ولتحقيق ذاتها وكامل طاقاتها.
وفي عام 2008، قام المركز الوطني لتدريب الفنيين في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية (Centre National de Formation des Techniciens des Pêches et Aquaculture) في كوت ديفوار بتصميم تقنية لتجهيز الأسماك بالتدخين بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة بغية تحسين ظروف العمل وجودة المنتجات وسلامتها بشكل ملحوظ. ومن شأن هذه التقنية المراعية للمنظور الجنساني أن تخفف عبء العمل الواقع على كاهل النساء عبر اختصار مدّة التجهيز، وأن تقلل تعرّضهنّ للحرارة والدخان. ومن الفوائد الأخرى لهذه التقنية أنها تخفّض خطر نشوب الخلافات مع الزوج بفضل إزالة رائحة الأسماك المدخّنة التي تنبعث باستمرار من جسم المرأة وتتيح لهذه الأخيرة المزيد من الوقت لتمضيته مع أسرتها. وعلاوة على ذلك، تتم تقوية مجتمعات الصيد عبر إنشاء شبكات أمان اجتماعية نتيجة اعتماد الأفران وتحسين استقرار الدخل. ويؤدي ذلك إلى توفير القدرة على الصمود، وتحسين سبل العيش، والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي والحد من الفقر. وتساهم هذه التقنية أيضًا في الحد من الفواقد بعد الصيد وتمديد فترة تخزين منتجات الأسماك المدخّنة لفترة تتراوح بين 5 و6 أشهر. كما أنها تحد من استخدام خشب الوقود، الأمر الذي يجعلها تقنية ذكية مناخيًا. وبصورة خاصة، تعزز هذه التقنية الاعتبار والاحترام لمهنة تجهيز الأسماك داخل المجتمع المحلي والمجتمع بكامله، وبالتالي تزيد التضامن والتلاحم الاجتماعي بسبب هيكلة النساء المجهّزات للأسماك وتنظيمهن في تعاونيات.1
تشير التقديرات إلى أن العدد الإجمالي العالمي لسفن الصيد في عام 2018 بلغ 4.56 مليون سفينة، بانخفاض 2.8 في المائة عن عام 2016. وبين عامي 2013 و2018، تم تخفيض حجم الأسطول في الصين بحوالي 20 في المائة من 1 071 000سفينة إلى 864 000سفينة. ولا تزال آسيا تملك الأسطول الأكبر حجمًا مع 3.1 مليون سفينة، ما يمثّل 68 في المائة من المجموع العالمي (الشكل 15). وتعكس هذه الأرقام تراجعًا في الأعداد المطلقة وفي الحصة النسبية للأسطول الآسيوي من المجموع العالمي في العقد الأخير. ويشكّل الأسطول الأفريقي الآن 20 في المائة من المجموع العالمي في حين أن حصة أسطول الأمريكيتين بقيت ثابتة عند حوالي 10 في المائة من المجموع. ويشكّل الأسطول الأوروبي أكثر بقليل من 2 في المائة من المجموع العالمي في حين أن حصة أوسيانيا تقل عن 1 في المائة منه على الرغم من أن الصيد يبقى نشاطًا مهمًا في الإقليمين، ولا سيما في مجتمعات الصيد التي تملك هذه الأساطيل وتشغّلها.
ولقد تم تخفيض قدرة الأسطول الصيني بشكل مطرد بعد أن بلغ عدد سفن الصيد ذروته في عام 2013. وساهم هذا الانخفاض في عدد السفن في تحديد الاتجاه السائد في آسيا وكذلك في العالم بسبب حجم الأسطول الصيني الكبير. وعلاوة على ذلك، انتهج الاتحاد الأوروبي سياسة لخفض قدرة أسطول الصيد منذ عام 2000. ويملك إقليم أوروبا برمته أعلى نسبة من السفن المزوّدة بمحركات والتي تمثّل 99 في المائة من أسطوله. وظل المجموع العالمي للسفن المزوّدة بمحركات مستقرًا عند حوالي 2.86 مليون سفينة أو 63 في المائة من الأسطول الإجمالي.
ويبيّن الشكل 16 نسبة السفن المزوَّدة بمحركات والسفن غير المزوَّدة بها بحسب الإقليم. ويُظهر الشكل الحصة النسبية لكل إقليم من السفن المزوَّدة بمحركات والسفن غير المزوَّدة بمحركات. وتجدر الإشارة إلى أن المجاميع تبلغ 100 في المائة في جميع الفئات وليس بحسب الإقليم. ويتوزّع أسطول السفن المزوَّدة بمحركات بشكل غير متساوٍ حول العالم (الشكل 17) حيث تملك آسيا حوالي 75 في المائة من أسطول هذه السفن المبلّغ عنها في عام 2018 (2.1 مليون سفينة) تليها أفريقيا مع حوالي 280 000سفينة مزوَّدة بمحركات. ويوجد أكبر عدد على الإطلاق من السفن غير المزوَّدة بمحركات في آسيا حيث بلغ حوالي 947 000سفينة في عام 2018، تليها أفريقيا (أكثر بقليل من 643 000قارب غير مزود بمحركات)، ثم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، وأوسيانيا، وأمريكا الشمالية، وأوروبا. وكانت أغلبية هذه السفن من دون سطح في فئة الطول الإجمالي الذي يقلّ عن 12 مترًا وشملت القوارب الصغيرة المستخدمة للصيد. وتشير النسبة الكبيرة من السفن غير المصنَّفة من حيث حالة التسيير بمحركات وفئة الطول ونوع السفينة، إلى الحاجة إلى تحقيق المزيد من التحسينات في مستوى تفصيل المعلومات المبلَّغ عنها.
ولقد برز اتجاه نزولي عالمي في عدد سفن الصيد وحصل تعديل في المجاميع الوطنية والإقليمية كنتيجة لعملية شاملة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة لمراجعة البيانات المتعلّقة بالأساطيل في الفترة 1995–2017 وتحسينها. وتم اختيار هذه الفترة لتكون الإطار الزمني الرئيسي ذلك أنها تسمح بتطوير البيانات التاريخية عما يزيد على 20 سنة وعرضها بمزيد من التفصيل. واتّبع سير العمل إجراءً روتينيًا قضى بالتواصل عن كثب مع البلدان الأعضاء لمراجعة البيانات التاريخية، والكشف عن مصادر جديدة للبيانات، والتحقق من الأخطاء في البيانات، وإجراء التقديرات حسب الاقتضاء.
في عام 2018، بلغت نسبة سفن الصيد المزوَّدة بمحركات (التي كانت فئة طولها معروفة) والتي يقل طولها الإجمالي عن 12 مترًا 82 في المائة تقريبًا في العالم، وكانت أغلبية هذه السفن من دون سطح، وكانت تلك السفن الصغيرة هي السائدة في كل الأقاليم (الشكل 18). وتتوفر آسيا على أكبر عدد على الإطلاق من السفن المزوَّدة بمحركات التي يقل طولها عن 12 مترًا، تليها الأمريكيتان (ولا سيما أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي). ولم تبلغ نسبة سفن الصيد المزوَّدة بمحركات التي يبلغ طولها 24 مترًا وأكثر (وتبلغ حمولتها الطُنية الإجمالية أكثر من 100 طن تقريبًا) إلا نحو 3 في المائة، وكانت نسبة هذه القوارب الكبيرة أعلى في أوسيانيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. وعلى الصعيد العالمي، أشارت منظمة الأغذية والزراعة إلى أن هناك نحو 67 800سفينة صيد يقدّر طولها الإجمالي بحوالي 24 مترًا على الأقل. وكانت هذه التقديرات ثمرة عمل تعاوني يجري تفصيله في الإطار 3 والعمل الروتيني الرامي إلى تحسين جودة البيانات ودقّتها. وتجدر الإشارة بوجه خاص إلى أن الإبلاغ عن السفن ذات الحجم والنوع غير المعروفين يبقى عاملًا مهمًا، ذلك أن الأعضاء الذين يملكون بعض الأساطيل الأكبر حجمًا لا يبلغون عن إحصاءاتهم بحسب تصنيف الحجم.
عملت منظمة الأغذية والزراعة بالاشتراك مع مؤسسةGlobal Fishing Watch (GFW)، ومؤسسة Fundación AZTI (AZTI Fundazioa) والهيئة المعنية بصيد الأسماك في سيشيل (Seychelles Fishing Authority) على مدى سنتين لإجراء دراسة عن نقاط القوة والضعف في بيانات صيد الأسماك القائمة على نظام تحديد الهوية الآلي. وأسفر هذا التعاون عن إعداد الأطلس العالمي لصيد الأسماك القائم على نظام تحديد الهوية الآلي.1 وجاء هذا الأطلس ثمرة تحليل معمّق لبيانات مؤسسة Global Fishing Watch المستمدة من نظام تحديد الهوية الآلي لكل منطقة على حدة، واستند إلى معارف أكثر من 50 خبيرًا في مصايد الأسماك وبيانات مصايد الأسماك التابعة للمنظمة وعمليات إعادة بناء المصيد، وشمل دراستي حالة مفصلتين لمصايد أسماك التونة في خليج بسكاي (إسبانيا) وسيشيل.
واستخدمت الدراسة في جوهرها البيانات القائمة على نظام تحديد الهوية الآلي التي نشرتها مؤسسة Global Fishing Watch والتي تتبّعت أنشطة أكثر من 60 000سفينة صيد. وكانت السفن المشمولة بتحليل بيانات نظام تحديد الهوية الآلي هي تلك التي زاولت صيد الأسماك لمدة 24 ساعة على الأقل خلال السنة المرجعية. ومن بين السفن التي جرى تتبّعها، تم تحديد أكثر بقليل من 22 000سفينة مباشرة من خلال مقابلة بيانات نظام تحديد الهوية الآلي بالسجلات الخاصة بالسفن، فيما تم تحديد السفن المتبقية بحسب نوعها من خلال خوارزميات مؤسسة Global Fishing Watch التي تحدد سفن الصيد بالاستناد إلى سلوكها.
ويتفاوت استخدام نظام تحديد الهوية الآلي بين أساطيل الصيد العالمية. فقد تبيّن أن حوالي ثلثي سفن الصيد التي يتخطى طولها الإجمالي 24 مترًا في العالم هي سفن صينية، وأن معظمها بث إشارة خاصة بنظام تحديد الهوية الآلي في مرحلة معيّنة من عام 2017. وكانت إندونيسيا تملك ثاني أكبر أسطول وطني من السفن التي يتخطى طولها الإجمالي 24 مترًا، ولكن لم تكن سوى نسبة صغيرة جدًا منها مجهّزة بنظام تحديد الهوية الآلي. وتستخدم معظم بلدان الاتحاد الأوروبي نظام تحديد الهوية الآلي بشكل كثيف في سفن الصيد. وأشارت الدراسة إلى أن معظم البلدان التي تملك أساطيل كبيرة وفقًا لتصنيف البنك الدولي، هي بلدان متوسطة الدخل من الشريحة العليا أو ذات الدخل المرتفع.
وجرى استخدام إحصاءات الأساطيل الخاصة بمنظمة الأغذية والزراعة التي أفاد الأعضاء عنها، لمقارنة عدد السفن التي تبث بيانات نظام تحديد الهوية الآلي ونوعها مع سائر سفن الصيد حول العالم. واستُخدمت عملية التبليغ التي تباينت من حيث الوقت والتغطية، كأساس مرجعي للمقارنة. وفي بعض الحالات، وفّرت البيانات القائمة على نظام تحديد الهوية الآلي مصادر جديدة للبيانات، وقد أدى هذا العمل التعاوني إلى إدخال تحسينات على البيانات التي ترد في مجموعة بيانات المنظمة وساعد على تحسين التقديرات المتعلّقة بالعدد الإجمالي للسفن التي يتخطى طولها الإجمالي 24 مترًا.
وتبيّن من خلال هذا البحث، أن بيانات نظام تحديد الهوية الآلي وفّرت في بعض المناطق مثل شمال الأطلسي، صورة شبه كاملة عن نشاط الصيد الذي تمارسه السفن التي يتخطى طولها الإجمالي 15 مترًا. ولكن في مناطق مثل المحيط الهندي، لا توفّر بيانات نظام تحديد الهوية الآلي سوى صورة جزئية عن مجموع سفن الصيد ونشاطها. ويعزى ذلك جزئيًا إلى النسبة الكبيرة من السفن الحرَفية أو الصغيرة في العديد من المناطق الوسطى والجنوبية، وكذلك إلى قلّة استخدام السفن الكبرى لنظام تحديد الهوية الآلي. وفي جنوب شرق آسيا، هناك عدد صغير جدًا من سفن الصيد مجهّز بنظام تحديد الهوية الآلي وجودة استقبال إشاراته ضعيفة. ولكنّ أهمية البيانات القائمة على نظام تحديد الهوية الآلي تتزايد سنة بعد سنة ذلك أن عدد السفن التي تبث البيانات إلى هذا النظام يرتفع كل عام. وعلى سبيل المثال، زاد عدد هذه السفن بنسبة تراوحت بين 10 و30 في المائة سنويًا بين عامي 2014 و2017.
ورغم الانتشار العالمي للسفن الصغيرة، من المرجح أن يكون عددها المقدَّر أقل دقة لأنها في كثير من الأحيان لا تخضع لشروط الترخيص والتسجيل، خلافًا للسفن الصناعية. وحتى عندما يتمّ تسجيلها، قد لا تدرج ضمن الإحصاءات الوطنية. وتزداد حدة نقص المعلومات والتقارير خصوصًا في حالة أساطيل المياه الداخلية، التي غالبًا ما يتم إهمالها بالكامل في السجلات الوطنية أو المحلية. وفي ما يتعلّق بالتبليغ عن سفن المياه الداخلية في أوروبا، تُظهر البيانات زيادة في عدد هذه السفن غير أنها لا تعكس في الواقع سوى تغييرًا في عملية التبليغ. وما زال التبليغ عن البيانات لا يسمح بتصنيف الأساطيل بشكل دقيق كأساطيل بحرية وأساطيل في المياه الداخلية. ولكن العمل جارٍ لتحسين ذلك من خلال الجهود المبذولة، كتلك التي يجري وصفها في القسم بعنوان مشروع Illuminating Hidden Harvests في الصفحة 176 والتي تركز على مصايد الأسماك صغيرة النطاق، ومن خلال العمل الجاري في منظمة الأغذية والزراعة لتحسين جودة البيانات والإبلاغ عنها. ولا تسمح المعلومات المتعلّقة بالسفن (والتي يجري جمعها من خلال السجلات) للبلدان بالتبليغ عن عدد السفن فحسب، ما يعزز تطوير الإدارة المستنيرة لمصايد الأسماك، بل تشكّل أيضًا خطوة حاسمة أولى نحو الاعتراف بأنشطة مصايد الأسماك صغيرة النطاق والجهات الفاعلة فيها وتحديدها بشكل رسمي على المستويين الإقليمي والعالمي.
ويبيّن الجدول 13 عدد السفن المبلّغ عنها من قبل البلدان والمناطق المختارة في كل إقليم، والمصنَّفة بحسب فئة الطول الإجمالي وحالة التسيير بمحركات. وتوفر هذه البلدان والمناطق المختارة بيانات موثوقة وتمثيلًا إقليميًا جيدًا. وفي حين أن هذه الأرقام لا تمثّل بالضرورة المتوسط في كل إقليم، فمن الجدير بالذكر أن سبعة بلدان فقط من أصل 28 بلدًا ومنطقة مبيّنة في الجدول لديها 200 سفينة أو أكثر يتجاوز طولها الإجمالي 24 مترًا. وتشكّل عادة السفن غير المزوَّدة بمحركات مكونًا صغيرًا من إجمالي الأسطول الوطني، إلا في بنن حيث تشكّل الأغلبية الساحقة، وفي كمبوديا وسري لانكا حيث تصل نسبتها إلى 50 في المائة من المجموع. وفي البلدان المختارة من أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، كانت الأغلبية الساحقة من السفن مزوَّدة بمحركات، ولوحظ وجود نمط مشابه لذلك في أوسيانيا وأوروبا. وأكدت دراسة حديثة (Rousseau وآخرون، 2019) أنه رغم استحواذ السفن الصغيرة المزوَّدة بمحركات على حصة كبيرة من الأسطول العالمي للسفن المزوَّدة بالمحركات من حيث العدد، فهي لا تمثّل الحصة الأكبر من قوة المحرّك الإجمالية. ولاحظت الدراسة أيضًا أن السفن الكبيرة التي تمثّل حوالي 5 في المائة من الأسطول شكّلت أكثر من 33 في المائة من قوة المحرّك الإجمالية.
استنادًا إلى تقييم منظمة الأغذية والزراعة،6 شهدت حصّة الأرصدة السمكية الواقعة ضمن مستويات مستدامة بيولوجياً7 تراجعاً من 90 في المائة في عام 1974 إلى 65.8 في المائة في عام 2017 (الشكل 19). وفي المقابل، ارتفعت النسبة المئوية للأرصدة التي تم صيدها بمستويات غير مستدامة بيولوجيًا، لا سيما في أواخر سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، من 10 في المائة في عام 1974 إلى 34.2 في المائة في عام 2017. وتتعاطى هذه الحسابات مع جميع الأرصدة السمكية بطريقة متساوية بغض النظر عن كتلتها الأحيائية ومصيدها. وفي ما يخصّ عمليات إنزال المصيد، يأتي 78.7 في المائة منه حاليًا من الأرصدة المستدامة بيولوجيًا.
وفي عام 2017، شكّلت الأرصدة السمكية التي يتم صيدها بأعلى قدر من الاستدامة 59.6 في المائة من مجموع الأرصدة المقدّرة، والأرصدة السمكية غير المستغلّة بالكامل 6.2 في المائة منه. وسجّلت الأرصدة السمكية غير المستغلّة بالكامل تراجعًا متواصلًا بين عامي 1974 و2017، في حين انخفضت الأرصدة السمكية التي يتم صيدها بأعلى قدر من الاستدامة بين عامي 1974 و1989 ثم ارتفعت إلى 59.6 في المائة في عام 2017.
وفي عام 2017، سجّلت منطقة البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود (المنطقة 37)، من بين 16 منطقة إحصائية رئيسية للمنظمة، أعلى نسبة من الأرصدة السمكية التي يتم صيدها ضمن مستويات غير مستدامة، تليها منطقة جنوب شرق المحيط الهادئ مع 54.5 في المائة (المنطقة 87) وجنوب غرب المحيط الأطلسي مع 53.3 في المائة (المنطقة 41) (الشكل 20). وفي المقابل، سجّلت مناطق شرق وسط المحيط الهادئ (المنطقة 77)، وجنوب غرب المحيط الهادئ (المنطقة 81)، وشمال شرق المحيط الهادئ (المنطقة 67)، وغرب وسط المحيط الهادئ (المنطقة 71) أدنى نسبة (13 إلى 22 في المائة) من الأرصدة السمكية التي يتم صيدها ضمن مستويات غير مستدامة بيولوجيًا. وتراوحت النسبة في مناطق أخرى ما بين 21 و44 في المائة في عام 2017 (الشكل 20).
ويختلف النمط الزماني لإنزال المصيد بين منطقة وأخرى تبعًا لإنتاجية النظم الإيكولوجية، وكثافة الصيد، والإدارة، وحالة الرصيد السمكي. وبشكل عام، بعد استثناء منطقتي القطب الشمالي والقطب الجنوبي حيث نسبة إنزال المصيد ضئيلة للغاية، يمكن ملاحظة ثلاث مجموعات من الأنماط (الشكل 21): (1) مناطق تتميّز باتجاه تصاعدي بشكل متواصل في ما يخصّ المصيد منذ عام 1950؛ (2) ومناطق يتأرجح فيها المصيد حول قيمة ثابتة على الصعيد العالمي منذ عام 1990، بالاقتران بهيمنة أنواع الأسماك السطحية والتي لا تعيش لفترة طويلة؛ (3) ومناطق ذات اتجاه تنازلي إجمالي بعد بلوغ ذروات تاريخية. وتتمتع المجموعة الأولى بأعلى نسبة من الأرصدة المستدامة بيولوجيًا (71.5 في المائة) مقارنة بالمجموعتين الثانية (64.2 في المائة) والثالثة (64.5 في المائة). ولا يُعتبر ربط نمط الصيد بحالة الرصيد السمكي أمرًا بسيطًا. وبشكل عام، يشير اتجاه تصاعدي في المصيد عادة إلى تحسّن حالة الرصيد السمكي أو توسّع نطاق كثافة الصيد، بينما يرتبط الاتجاه التنازلي على الأرجح بانخفاض التوافر. ولكن هناك أسباب أخرى يمكنها أن تفسّر تراجع المصيد، مثل التغيّرات البيئية وتدابير مصايد الأسماك الرامية إلى الحدّ من كثافة الصيد لإعادة بناء الأرصدة المستغلة استغلالًا مفرطًا.
تختلف الإنتاجية وحالة الأرصدة أيضًا اختلافًا كبيرًا بين الأنواع. وبالنسبة إلى الأنواع العشرة التي شهدت أكبر عمليات إنزال بين عامي 1950 و2017 – وهي الأنشوفة البيروفية، وقدّيّة ألاسكا، والرنجة الأطلسية، والقد الأطلسي، وأسماك الشّك الزرو في المحيط الهادئ، والماكريل جاك الشيلي، والبلشار الياباني، وسمك التونة الوثاب، وبلشار أمريكا الجنوبية، والكبلين – فقد جرى صيد 69.0 في المائة من الأرصدة ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017، وهذه نسبة أعلى بقليل من المتوسط العالمي. ومن بين هذه الأنواع العشرة، تسجّل أسماك الماكريل جاك الشيلي والقدّ الأطلسي والبلشار الياباني نسبًا أعلى من متوسط الأرصدة المستغلة استغلالًا مفرطًا.
وتكتسي التونة أهمية بالغة بسبب مصيدها بكميات كبرى وقيمتها الاقتصادية العالية والتجارة الكثيفة بها على الصعيد الدولي. وبالإضافة إلى ذلك، تخضع إدارتها المستدامة لتحديات إضافية كون توزيعها يتّسم بكثرة الارتحال وكثيرًا ما يكون متداخل المناطق. وإن أنواع التونة السبعة الرئيسية ذات الأهمية التجارية العالمية هي الباقور (Thunnus alalonga)، والتونة السندرية (Thunnus obesus)، والتونة الوثاب (Katsuwonus pelamis)، وتونة الزعانف الصفراء (Thunnus albacares)، وثلاثة أنواع من تونة الزعانف الزرقاء (Thunnus thynnus وThunnus maccoyii وThunnus orientalis). وبلغ إنزال مصيد هذه الأنواع مجتمعة 5.03 مليون طن في عام 2017، ما يمثّل زيادة بنسبة 5 في المائة عن عام 2015 وتراجعًا بنسبة 1 في المائة عن الذروة التاريخية المسجّلة في عام 2014.
أشارت التقديرات في عام 2017 إلى أنه من بين أنواع التونة السّبعة الرئيسية، تم صيد 33.3 في المائة من الأرصدة عند مستويات غير مستدامة بيولوجيًا مقابل 66.6 في المائة عند مستويات مستدامة بيولوجيًا. وشهدت ثلاثة أرصدة تحسّنًا في حالتها التي تحولت من غير مستدامة إلى مستدامة، منها التونة السندرية في شرق وغرب المحيط الهادئ وتونة الزعانف الصفراء في شرق المحيط الهادئ.
وتتميز أرصدة التونة بأنها تخضع لتقييم جيّد، وهناك عدد قليل جدًا من أرصدة أنواع التونة الرئيسية التي لا تكون حالتها معروفة. وفي المقابل، تبقى معظم أنواع التونة الثانوية و/أو الأنواع الشبيهة بالتونة غير خاضعة للتقييم أو جرى تقييمها في ظروف تشوبها درجة عالية من عدم اليقين. ولا يزال الطلب على أسماك التونة في الأسواق مرتفعًا، ولا تزال أساطيل صيد التونة تتمتع بقدرة إنتاجية مفرطة وكبيرة. وهناك حاجة لإدارة فعّالة، بما في ذلك تطبيق قواعد لمراقبة عملية الصيد، من أجل استعادة الأرصدة المستغلة استغلالًا مفرطًا والمحافظة على الأرصدة الأخرى عند مستويات مستدامة. كما يتعيّن بذل جهود إضافية كبيرة في مجال جمع البيانات عن أنواع التونة الثانوية و/أو الأنواع الشبيهة بالتونة، والإبلاغ عنها وتقييمها.
تسجّل منطقة شمال غرب المحيط الهادئ أعلى نسبة إنتاج بين مناطق الصيد في المنظمة حيث بلغت 25 في المائة من إنزال المصيد العالمي في عام 2017. وقد تراوح إجمالي المصيد ما بين 17 و24 مليون طن في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وبلغ حوالي 22.2 مليون طن في عام 2017. وتاريخيًا، كان البلشار الياباني (Sardinops melanostictus) وقدّية ألاسكا (Theragra chalcogramma) أكثر الأنواع إنتاجية، حيث بلغت ذروة إنزالهما 5.4 و5.1 مليون طن على التوالي. ولكن مصيد هذه الأسماك انخفض بشكل كبير في السنوات الخمس والعشرين الأخيرة. وفي المقابل، ازدادت عمليات إنزال السبيط، والحبار القاعي، والأخطبوط، والأربيان بشكل كبير منذ عام 1990. وفي عام 2017، كانت الأنشوجة اليابانية (Engraulis japonicus) تُستغل استغلالًا مفرطًا، بينما تم صيد رصيدين من سمك قدّية ألاسكا بصورة مستدامة واستغلال رصيد آخر استغلالًا مفرطًا. وفي عام 2017، جرى عمومًا صيد نحو 65.4 في المائة من الأرصدة السمكية التي ترصدها المنظمة (والمشار إليها في ما بعد بالأرصدة المقدّرة) ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا و34.6 في المائة من الأرصدة خارج هذه المستويات في منطقة شمال غرب المحيط الهادئ.
وفي العقود الأخيرة، تراوح المصيد في شرق وسط المحيط الهادئ بين 1.5 و2.0 مليون طن. وبلغ مجموع عمليات إنزال المصيد 1.7 مليون طن في عام 2017. وتتألف نسبة كبيرة من إنزال المصيد في هذه المنطقة من الأسماك السطحية الصغيرة والمتوسطة الحجم (بما في ذلك أرصدة كبيرة من بلشار كاليفورنيا والأنشوجة والماكريل جاك في المحيط الهادئ) والسبيط والأربيان. وأرصدة هذه الأنواع التي لا تعيش لفترة طويلة هي عادةً أكثر عرضة للتقلّبات في أحوال المحيطات، الأمر الذي يؤدي إلى تقلّب الإنتاج حتى لو كان معدل الصيد ثابتًا عند مستوى مستدام. وفي الوقت الحالي، يؤثر الصيد المفرط على الموارد الساحلية المختارة العالية القيمة، مثل الهامور والأربيان. ولقد بقيت نسبة الأرصدة المقدّرة التي يتم صيدها ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في منطقة شرق وسط المحيط الهادئ، ثابتة عند 86.7 في المائة منذ عام 2015.
وأنتجت منطقة جنوب شرق المحيط الهادئ 7.2 مليون طن من الأسماك في عام 2017، ما يمثّل حوالي 10 في المائة من عمليات الإنزال العالمية. وكانت أسماك الأنشوجة البيروفية (Engraulis ringens) والحبار الطائر العملاق (Dosidicus gigas) النوعين الأكثر إنتاجية، حيث بلغ إنزال المصيد الخاص بهما حوالي 4.0 و0.76 مليون طن على التوالي. وتُعتبر هذه الأنواع مُستغلة ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا رغم تحديد بعض الشواغل بشأن حالة الحبار الطائر العملاق في ساحل شيلي. وجرى صيد أسماك الماكريل جاك الشيلي (Trachurus murphyi) وأسماك الشك الزرو في المحيط الهادئ (Scomber japonicus) أيضًا ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا. وفي المقابل، استمر استغلال سمك بلشار أمريكا الجنوبية (Sardinops sagax) استغلالًا مفرطًا في حين أنه يجري صيد سمك باتاغونيا المسنن (Dissostichus eleginoides) حاليًا عند مستويات غير مستدامة بيولوجيًا. وبصورة عامة، يجري صيد 45 في المائة من الأرصدة المقدّرة في منطقة جنوب شرق المحيط الهادئ ضمن مستويات مستدامة.
وسجّلت منطقة شرق وسط المحيط الأطلسي اتجاهًا عامًا متزايدًا في المصيد رغم التقلبات منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، لتبلغ قيمة المصيد 5 ملايين طن في عام 2017 وهي الأعلى في السلسلة الزمنية. والسردين (Sardina pilchardus) هو النوع الوحيد الأكثر أهمية، حيث يبلغ المصيد المبلّغ عنه ما يقارب مليون طن سنويا منذ عام 2014 وتبقى أرصدة السردين مستغلة استغلالًا غير كامل. ويعدّ السردين المبروم (Sardinella aurita) نوعًا آخر من الأنواع السطحية الصغيرة المهمة. وقد انخفض مصيده عمومًا منذ عام 2001 ليصل إلى حوالي 220 000طن في عام 2017، ما يساوي حوالي 50 في المائة فقط من قيمته القصوى. ويُعتبر هذا النوع نوعًا مستغلًا استغلالًا مفرطًا. ومن المعروف أنه يجري صيد الموارد القاعية بشكل مكثّف في المنطقة وأنه يوجد تباين في حالة الأرصدة التي يصنّف بعضها بالمستدامة وبعضها الآخر بغير المستدامة. وبصورة عامة، جرى صيد 57.2 في المائة من الأرصدة المقدّرة في منطقة شرق وسط المحيط الأطلسي ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017.
وتراوح مجموع المصيد في منطقة جنوب غرب المحيط الأطلسي بين 1.8 و2.6 مليون طن (بعد فترة من الارتفاع انتهت في منتصف ثمانينات القرن الماضي) وبلغ 1.8 مليون طن في عام 2017، ما يمثّل تراجعًا بنسبة 25 في المائة عن عام 2015. ويعدّ الحبار الأرجنتيني القصير الزعانف (Illex argentinus) النوع الأهم في إنزال المصيد حيث يمثّل ما بين 10 و40 في المائة من مجموع المصيد في المنطقة. ولكن مجموع عمليات إنزال هذا النوع شهد هبوطًا حادًا من أكثر من 1.0 مليون طن في عام 2015 إلى 360 000طن في عام 2017. وشهدت أسماك غرناد الباتاغون (Macruronus magellanicus) والبياض الأزرق الجنوبي (Micromesistius australis) انخفاضًا مستمرًا في المصيد في السنوات العشرين الأخيرة. وعرفت أسماك النازللى الأرجنتيني (Merluccius hubbsi)، وهي النوع الثاني الأهم من حيث إنزال المصيد في المنطقة، إنزالًا مستقرًا عند حوالي 350 000طن في العقد الأخير ولكنّ حالتها بقيت غير مستدامة على الرغم من بوادر انتعاش بطيء. وبصورة عامة، جرى صيد 46.7 في المائة من الأرصدة المقدّرة في منطقة جنوب غرب المحيط الأطلسي ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017، ما يمثّل تحسّنًا بنسبة 4 في المائة عن عام 2015.
وفي عام 2017، بقي إنزال المصيد في شمال شرق المحيط الهادئ عند المستوى نفسه كما في عام 2013 وقدره 3.3 مليون طن. ولم تحدث أي تغيّرات ملحوظة في تكوين المصيد من حيث الأنواع منذ ذلك الحين. ولقد بقيت أسماك قدّيّة ألاسكا (Theragra chalcogramma) النوع الأكثر وفرة، حيث مثّلت حوالي 50 في المائة من مجموع إنزال المصيد. وتُعتبر أسماك قدّ المحيط الهادئ (Gadus microcephalus) والنازللي وسمك موسى أيضًا من أكبر الأنواع المساهِمة في المصيد. ولقد شهدت أسماك السلمون والتروت والهف تباينات كبيرة ضمن السّنة نفسها تراوحت بين 0.3 و0.5 مليون طن في العقد الماضي مع بلوغ حجم المصيد 480 000طن في عام 2017. ويبدو أن جميع الأرصدة المقدّرة في جنوب غرب المحيط الأطلسي تُدار على نحو مستدام باستثناء أرصدة السلمون. وبصورة عامة، جرى صيد 83.9 في المائة من الأرصدة المقدّرة في المنطقة ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017.
وسجّلت منطقة شمال شرق المحيط الأطلسي ثالث أكبر إنتاج في عام 2017، مع مصيد بلغ حجمه 9.3 مليون طن. ووصل إنزال المصيد إلى ذروته عند 13 مليون طن في عام 1976 ثم هبط، ولكنه عاد وانتعش في تسعينات القرن الماضي ليستقر عند حوالي 70 في المائة من قيمته القصوى. وتعرّضت الموارد في هذه المنطقة لضغوط صيد شديدة في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي. ونتيجة لاستنفاد الموارد، عمدت البلدان منذ ذلك الحين إلى التخفيف من ضغوط الصيد لإعادة تكوين الأرصدة المستغلة استغلالًا مفرطًا. وحافظت معظم الأرصدة على الحالة نفسها منذ عام 2015، مع تسجيل بعضها نتائج إيجابية حيث لم تعد تُصنّف على أنها مستغلة استغلالًا مفرطًا. وتم صيد 79.3 في المائة من الأرصدة المقدّرة في شمال شرق المحيط الأطلسي ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017.
وأنتجت منطقة شمال غرب المحيط الأطلسي 1.84 مليون طن من الأسماك في عام 2017 في ما يشكّل استمرارًا للاتجاه النزولي عن الذروة التي بلغت 4.5 مليون طن في بداية السبعينات من القرن الماضي. ولم تعرف مجموعة أسماك القدّ الأطلسي (Gadus morhua) والنازللي الفضي (Merluccius bilinearis) والنازللي الأبيض (Urophycis tenuis) والغادُس الأسمر (Melanogrammus aeglefinus) انتعاشًا جيدًا مع استقرار عمليات الإنزال عند حوالي 0.1 مليون طن منذ أواخر التسعينات من القرن الماضي، ما يمثّل 5 في المائة فقط من الذروة التاريخية البالغة 2.2 مليون طن. ولم تنتعش الأرصدة بعد مع أن مصايد الأسماك خفّضت المصيد بشكل ملحوظ. وقد يُعزى عدم الانتعاش إلى حدّ كبير إلى العوامل البيئية، ولكن لا تزال هناك حاجة لاتخاذ مزيد من الإجراءات لإدارتها. وفي المقابل، شهد مصيد اللوبستر الأمريكي (Homarus americanus) زيادة سريعة بلغت 160 000 طن في عام 2017. وبصورة عامة، جرى صيد 56.2 في المائة من الأرصدة المقدّرة في شمال غرب المحيط الأطلسي ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017.
وبلغ مجموع المصيد في منطقة غرب وسط المحيط الأطلسي حدًّا أقصى قدره 2.5 مليون طن في عام 1984 ثم انخفض تدريجيًا إلى 1.2 مليون طن في عام 2014 وعاود ارتفاعه بشكل طفيف ليبلغ 1.5 مليون طن في عام 2017. وشهدت أرصدة كبيرة من سمك رنجة خليج المكسيك (Brevoortia patronus) والسردين المبروم (Sardinella aurita) والتونة الوثاب (Katsuwonus pelamis) تراجعًا في المصيد، ولكن التقديرات تشير إلى أنها مستدامة بيولوجيًا. وتعرّضت أسماك النهّاش والهامور للصيد الكثيف منذ الستينات من القرن الماضي ولكن بعض أرصدتها بدأت الآن بالانتعاش في خليج المكسيك بعد اعتماد لوائح إدارية أكثر صرامة. ويبدو أن أنواع اللافقاريات القيّمة مثل جراد البحر في بحر الكاريبي (Panulirus argus) وملكة المحار (Lobatus gigas) مستغلّة بالكامل، كما هو الحال بالنسبة إلى موارد الأربيان في خليج المكسيك. وبالرغم من ذلك، لم تُظهر بعض أرصدة الجمبريات في جرف الكاريبي وغيانا علامات انتعاش خلال السنوات الأخيرة، رغم خفض جهد الصيد. وتشهد حاليًا أرصدة المحار الكأسي الأمريكي (Crassostrea virginica) في خليج المكسيك استغلالًا مفرطًا. وتم صيد 61.4 في المائة من الأرصدة المقدّرة في منطقة غرب وسط المحيط الأطلسي ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017.
وأظهرت منطقة جنوب شرق المحيط الأطلسي اتجاهًا تنازليًا في عمليات الإنزال منذ بداية السبعينات من القرن الماضي، من إنتاج إجمالي قدره 3.3 مليون طن إلى 1.6 مليون طن في عام 2017، وهو انتعاش طفيف بالنسبة إلى قيمة 1.3 مليون طن في عام 2013. وتدعم أسماك الماكريل والنازللي أكبر مصايد الأسماك في المنطقة وقد انتعشت أرصدتها، بما في ذلك أرصدة النازللي في المياه العميقة والمياه الضحلة قبالة سواحل جنوب أفريقيا وناميبيا، إلى مستويات مستدامة بيولوجيًا نتيجة للتوظيف الجيّد وتدابير الإدارة الصارمة التي اعتُمدت منذ عام 2006. ولا تزال أرصدة البلشار الجنوب الأفريقي (Sardinops ocellatus) متدهورة جدًا، ما يستوجب اعتماد تدابير حفظ خاصة من قبل ناميبيا وجنوب أفريقيا. ولا تزال أرصدة السردين (Sardinella aurita وSardinella maderensis) الكبيرة جدًا قبالة أنغولا وجزئيا في ناميبيا، ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا. ولم تكن الرنجة المبرومة ذات الرأس البيضاء (Etrumeus whiteheadi) مستغلة استغلالًا كاملًا. ولكن ظلّت أسماك ماكريل كونن (Trachurus trecae) تُستغَل بإفراط في عام 2017، واستمرت أرصدة سمكة أُذن البحر البرلمون (Haliotis midae) التي تستهدفها بشدّة عمليات الصيد غير القانوني، في التدهور وبقي استغلالها مفرطًا. وبصورة عامة، جرى صيد 67.6 في المائة من الأرصدة المقدّرة في جنوب شرق المحيط الأطلسي ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017.
وبعد أن سجّل مجموع إنزال المصيد في منطقة البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود حدًّا أقصى تاريخيًا بلغ مليوني طن في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، تراجع إلى أدنى مستوى له بما قدره 1.1 مليون طن في عام 2014 واستقر عند حوالي 1.3 ملايين طن في السنة منذ عام 2015. ولقد سجّلت الأرصدة القاعية في المنطقة معدلات نفوق أعلى من الأرصدة السطحية الصغيرة بسبب الصيد. وتتعرّض الأرصدة التجارية المهمة لأسماك النازللي (Merluccius merluccius) والتربوت (Scophthalmus maximus) لضغط الصيد الكبير في حين يسجّل العديد من أرصدة الأنشوجة (Engraulis encrasicolus) والسردين (Sardina pilchardus) مستويات للكتلة الأحيائية أدنى من المستويات المستدامة بيولوجيًا. ورغم الاتجاه التنازلي في معدلات صيد بعض الأرصدة في السنوات الأخيرة (مثل التربوت في البحر الأسود)، لا تزال المنطقة تعاني مع الصيد المفرط. وفي عام 2017، جرى صيد 37.5 في المائة من الأرصدة المقدّرة في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا. 8
وأنتجت منطقة غرب وسط المحيط الهادئ ثاني أكبر إنزال للمصيد قدره 12.6 ملايين طن (16 في المائة من المجموع العالمي) في عام 2017، ما يمثّل استمرارًا للاتجاه الخطي التصاعدي المسجّل منذ عام 1950. والأنواع الرئيسية هي التونة والأنواع الشبيهة بها التي ساهمت بحوالي 21 في المائة من مجموع عمليات الإنزال. ويمثّل السردين والأنشوجة أيضًا نوعين رئيسيين في المنطقة. وتتسم أنواع الأسماك بدرجة عالية من التنوع ولكن غالبًا ما لا يتم فصل المصيد بحسب الأنواع. وغالبًا ما يسجَّل إنزال المصيد بوصفه "أنواعًا مختلفة من الأسماك الساحلية" و"أنواعًا مختلفة من الأسماك السطحية" و"أسماكًا بحرية غير محدّدة" شكّلت معًا 6.1 مليون طن أو حوالي 50 في المائة من مجموع عمليات الإنزال في المنطقة في عام 2017. وتُعتبر قلّة من الأرصدة مستغلة استغلالًا غير كامل، لا سيما في الجزء الغربي من بحر الصين الجنوبي. وربما يرجع استمرار ارتفاع المصيد المبلّغ عنه إلى توسيع نطاق الصيد ليشمل مناطق جديدة أو إلى التغيّرات في المستويات الغذائية للأنواع المستهدفة. وتجعل الخصائص الاستوائية وشبه الاستوائية لهذه المنطقة، إلى جانب تدني وفرة البيانات، تقييم الأرصدة أمرًا صعبًا ينطوي على شكوك كبيرة. وبصورة عامة، جرى صيد 77.6 في المائة من الأرصدة المقدّرة في غرب وسط المحيط الهادئ ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017.
ولا تزال منطقة شرق المحيط الهندي تشهد زيادة مطردة في المصيد الذي بلغ 7 ملايين طن في عام 2017، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق. وليس من الواضح ما إذا كانت الزيادة المتواصلة في المصيد تُعزى إلى التغيّرات في أنماط الصيد وإنتاجية الموارد أو إلى مشاكل في جمع البيانات وإعداد التقارير عن المصيد. ويطرح رصد إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية مشكلة بوجه خاص في خليج البنغال وبحر أندمان بسبب الخصائص الملازمة لمصايد الأسماك صغيرة النطاق والمتعددة الأنواع. ولم يجرِ تقييم حالة معظم الأرصدة في المنطقة بشكل جيد بسبب قلّة البيانات (الأمر الذي ينطوي على مستويات عالية من عدم اليقين) وبالتالي يجب معالجتها بحذر. وتشير المعلومات المتاحة إلى أنه من المرجّح أن تكون أرصدة أسماك Tenualosa toli، وSciaenidae، والسيف المقوس (Trichiurus)، والسلور (Ariidae)، والسردين (Sardinella spp.)، والسردين الهندي (Sardinella longiceps) مستغلة استغلالًا مفرطًا بينما يجري صيد أسماك الأنشوجة (Engraulidae)، وTenualosa ilisha، وRastrelliger kanagurta، والعتعوت (Decapterus spp.)، وPenaeus merguiensis، والروبيان النمري العملاق (Penaeus monodon)، والصبيدج (Sepiidae)، والحبارة (Sepiolidae) بطريقة مستدامة. ويشير التقييم الحالي إلى أنه جرى صيد68.6 في المائة من الأرصدة المقدّرة في شرق المحيط الهندي ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2017.
وفي غرب المحيط الهندي، استمر ارتفاع مجموع عمليات الإنزال وبلغ 5.3 مليون طن في عام 2017. وكشفت تقييمات حديثة عن أن أرصدة الجمبريات الرئيسية التي يتم صيدها في جنوب غرب المحيط الهندي، وهي مصدر رئيسي لعائدات التصدير، لا تزال تظهر علامات واضحة على الاستغلال المفرط ما دفع البلدان المعنية إلى اعتماد تدابير إدارية أكثر صرامة. وتواصل لجنة مصايد أسماك جنوب غرب المحيط الهندي تحديث عملية تقييم حالة الأرصدة السمكية الرئيسية في المنطقة. وقدّر تقييم عام 2017 أنه جرى صيد 66.7 في المائة من الأرصدة المقدّرة في غرب المحيط الهندي ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في حين أنه تم صيد 33.3 في المائة منها ضمن مستويات غير مستدامة بيولوجيًا.
تم تصنيف 34.2 في المائة من الأرصدة السمكية في مصايد الأسماك البحرية العالمية في عام 2017 على أنها مستغلة استغلالًا مفرطًا. ويستدعي هذا الاتجاه التصاعدي المستمر (الشكل 19) بذل مزيد من الجهود واتخاذ إجراءات فعالة لمكافحة الصيد المفرط. ولا يخلّف الصيد المفرط الذي يعرّف على أنه استغلال وفرة الأرصدة إلى ما دون المستوى الذي يمكن أن ينتج غلة مستدامة قصوى، آثاراً سلبية على التنوع البيولوجي وعمل النظم الإيكولوجية فحسب، بل يقلّل أيضًا من إنتاج الأسماك، مما يؤدي بدوره إلى نتائج اجتماعية واقتصادية سلبية. وقدّرت إحدى الدراسات (Ye وآخرون، 2013) أنه يمكن لإعادة تكوين الأرصدة المستغلة استغلالًا مفرطًا لكي تبلغ مستوى الكتلة الأحيائية التي تمكّنها من إنتاج غلّة مستدامة قصوى، أن تزيد من إنتاج المصايد بمقدار 16.5 مليون طن وأن تحققّ ريعًا سنويًا مقداره 32 مليار دولار أمريكي. ومن شأن ذلك أن يزيد من مساهمة مصايد الأسماك البحرية في الأمن الغذائي والاقتصادات والرفاه للمجتمعات الساحلية. ويبدو الوضع أكثر حرجًا بالنسبة إلى بعض موارد الأسماك كثيرة الارتحال والمتداخلة المناطق وغيرها من الموارد التي يتم صيدها فقط أو جزئياً في أعالي البحار. وينبغي أن يُستخدم اتفاق الأمم المتحدة بشأن الأرصدة السمكية (الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2001) كأساس قانوني لتدابير إدارة مصايد أسماك أعالي البحار.
وفي ما يتعلّق بأهداف التنمية المستدامة، يدلّ الوضع في عام 2017 على أنه من غير المرجّح أن يتم تحقيق المقصد 14–4 (المتمثّل في إنهاء الصيد المفرط في مصايد الأسماك البحرية بحلول عام 2020). وسيحتاج تحقيق هذا المقصد إلى الوقت وإلى:
◂ الإرادة السياسية الحازمة، لا سيما على المستوى الوطني؛
◂ وتعزيز القدرات المؤسساتية والخاصة بالحوكمة، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات في مجال ممارسات الإدارة الأفضل والقائمة على العلم؛
◂ ومراقبة طاقة الصيد وكثافته على مستويات لا تؤثر على إنتاجية الموارد؛
◂ وتغيير تصورات المستهلكين من خلال آليات السوق والتثقيف؛
◂ وتقوية نظام الرّصد العالمي لتوفير المعلومات الشفافة والمتاحة في الوقت المناسب للجمهور.
ويمكن للزيادة المستمرة في نسبة الأرصدة السمكية التي يتم صيدها ضمن مستويات غير مستدامة بيولوجيًا، أن تحجب الاختلافات القائمة بين الأقاليم. وبصورة عامة، شهدت مصايد الأسماك التي تخضع لإدارة مكثّفة تراجعًا في متوسط ضغط الصيد وزيادة في الكتلة الأحيائية للأرصدة التي بلغ بعضها مستويات مستدامة بيولوجيًا، في حين تبقى مصايد الأسماك الخاضعة لإدارة أقل تطورًا في حالة سيئة (الإطار 4). ويسلّط هذا التفاوت في التقدّم الضوء على الحاجة الماسّة إلى تكرار السياسات والتدابير الناجحة وإعادة تكييفها في ضوء الواقع الذي تعرفه مصايد أسماك محددة، وإلى التركيز على إنشاء آليات يمكنها أن تنفذ السياسات واللوائح في مصايد الأسماك بطريقة فعالة وفي ظلّ إدارة بسيطة.
تهدف إدارة مصايد الأسماك إلى حماية الموارد السمكية والنظم الإيكولوجية وصونها وإلى تقديم أساس منطقي لاستخدامها المستدام. وهي تسعى إلى تحقيق ذلك من خلال الاستفادة من المشورة القائمة على العلم ومشاركة أصحاب المصلحة والتعاون الإقليمي، ومن خلال الاعتماد على نظام من القواعد واللوائح المتفق عليها إلى جانب نظام مناسب للرصد والمراقبة والإنفاذ. ولجميع البلدان حول العالم مؤسسات خاصة لممارسة مثل هذه السلطة الإدارية ضمن مناطقها الاقتصادية الخالصة، وقد انضم العديد منها إلى هيئات إقليمية ودولية معنية بمصايد الأسماك وإلى منظمات لإدارة الأرصدة المشتركة ومصايد الأسماك في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية. وينبغي أن تتوافر هذه السلطات المعنية بمصايد الأسماك عندما تبدأ عملية الصيد، كما أنها تؤدي أدوارًا مهمة في إنشاء النظم القانونية والخاصة بالحوكمة، ووضع خطط الإدارة، وتنظيم ممارسات الصيد. ولكن إلى أي مدى تُعتبر نظم إدارة مصايد الأسماك الحالية في العالم فعالة؟ وما الذي تم إنجازه بفضل تنظيم الإدارة؟
تظهر وثيقة صدرت مؤخرًا1 أنه في حالة الأرصدة "المقدّرة"، زاد متوسط ضغط الصيد وتراجعت الكتلة الأحيائية للأسماك حتى عام 1995 في المتوسط عندما بدأ ضغط الصيد يتبدد. وبحلول عام 2005، بدأ متوسط الكتلة الأحيائية يزيد وبلغ مستوى أعلى من المتوقع سمح بتحقيق الغلّة المستدامة القصوى في عام 2016. وبموازاة ذلك، تراجع ضغط الصيد إلى مستويات أدنى من المستوى الذي يُتوقّع فيه تحقيق الغلّة المستدامة القصوى (أنظر الشكل). وتستند هذه الدراسة إلى تعاون دولي امتدّ على عقود لجمع التقديرات المتعلّقة بحالة الأرصدة السمكية - أو عشائر الأسماك المتميزة - حول العالم. وتتسم هذه النتائج بالأهمية لأنها تبيّن أن مصايد الأسماك تخضع لإدارة مستدامة في بعض الأماكن وأن إدارتها تتمتع بالفعالية، الأمر الذي يسمح بانتعاش الأرصدة السمكية. ويعطي ذلك المصداقية للجهات المعنية بإدارة مصايد الأسماك وللحكومات الراغبة في اتخاذ إجراءات حازمة. وثمة حلّ واضح لضمان استدامة مصايد الأسماك حول العالم ويتمثّل في إدارة مصايد الأسماك بطريقة فعالة. وتجدر الإشارة إلى أنه في فترة الذروة في عام 1994، أتى حوالي 50 في المائة من جميع الأسماك التي تم إنزالها من "الأرصدة المقدّرة".
المتوسط الهندسي للكتلة الأحيائية B/BMSY ، وضغط الصيد عند مستوى الغلّة المستدامة القصوى ،U/UMSY والمصيد/متوسط المصيد في الفترة 1970 - 2016 ، المقدّر بحسب نموذج الدولة-الحيّز المكاني
وليست الأسماك مكوّنات منعزلة في النظم الإيكولوجية البحرية. فقد عملت منظمة الأغذية والزراعة على تعزيز الأرصدة السمكية السليمة في سياق نهج قائم على النُظم، والنظر في الآثار المضاعفة المترتبة عن الصيد على مستوى النظام الإيكولوجي. وبحثت إحدى الدراسات2 في فعالية مصايد الأسماك على مستوى النظام الإيكولوجي في خمسة نظم إيكولوجية بحرية كبرى (هي بحر الشمال، وبحر بارنتس، وتيّار بنغويلا، وبحر البلطيق، وشمال شرق الرصيف القاري للولايات المتحدة الأمريكية) من حيث الغلّة ومقياس كلّي للأثر على النظام الإيكولوجي. واستنتجت الدراسة أن ثلاثة من هذه النظم الإيكولوجية البحرية الضخمة الخمسة تتسم بالفعالية في ما يتعلّق بالغلّة والأثر على النظام الإيكولوجي على المدى الطويل وأن فعاليتها قد تحسّنت في السنوات الثلاثين الماضية، في حين أن النظامين الإيكولوجيين الآخرين لا يتسمان بالفعالية ولكنهما يسجّلان تحسّنًا مطّردًا. وتكشف هذه النتائج مرّة أخرى أنه يمكن للإدارة الفعالة أن تتحسّن وتؤدي إلى الكفاءة على مستوى النظام الإيكولوجي، وأن تحقق المكاسب على نطاق النظم الإيكولوجية في ما يتعلّق بالصون وإنتاج مصايد الأسماك.
ولكنّ النجاحات في تحقيق استدامة مصايد الأسماك لم تكن متكافئة. ففي حين تقوم البلدان المتقدمة بتحسين الطريقة التي تدير فيها بعض المصايد أسماكها، تعاني البلدان النامية من تدهور الأوضاع على مستوى طاقة الصيد المفرطة والإنتاج لكل وحدة من الجهد وحالة الأرصدة.3 ومقارنة بالأقاليم التي تُدار بشكل مكثّف، تسجّل الأقاليم التي تكون فيها إدارة مصايد الأسماك أقلّ صرامة معدلات حصاد أكبر بثلاثة أضعاف في المتوسط ووفرة في الأرصدة التي هي في حالة سيّئة أقلّ بمقدار النصف من الأرصدة المقدّرة.1 وتُعتبر الإدارة الأقلّ كثافة أمرًا شائعًا في العديد من البلدان النامية، ويعزى هذا الوضع إلى أوجه الترابط الاقتصادي المقترن بالقدرة المحدودة على الإدارة والحوكمة.3 وليست النجاحات التي تحققت حاليًا في بعض البلدان والأقاليم كافية لعكس الاتجاه التنازلي العالمي في الأرصدة المستغلّة استغلالًا مفرطًا. ويسلّط هذا التفاوت في التقدّم الضوء على الحاجة الماسة إلى تكرار السياسات والتدابير الناجحة وإعادة تكييفها في ضوء الواقع الذي تعرفه مصايد أسماك محددة، وإلى التركيز على إنشاء آليات يمكنها أن تنفذ السياسات والأنظمة الإدارية بطريقة فعالة من أجل استدامة مصايد الأسماك والنظم الإيكولوجية.
توجد الأحواض التي تدعم مصايد الأسماك الطبيعية الداخلية في جميع أنحاء العالم. وتُشكّل هذه الأحواض في بعض الحالات أهم مصادر أسماك المصايد الداخلية كغذاء في النُظم الغذائية الوطنية والإقليمية (مثل البحيرات العظمى الأفريقية، وحوض نهر ميكونغ الأدنى، ومنطقتي الأمازون البيروفية والبرازيلية، وحوض نهر براهام بوترا وحوض نهر إياروادي). ويمكن لإنتاج هذه الأحواض في أماكن أخرى أن يكون متواضعًا، ولكنه يتميَّز بأهميته المحلية الكبيرة في النظام الغذائي (مثل المناطق الداخلية من سري لانكا، وسومطرة وكاليمانتان في إندونيسيا). ويمكن من خلال توزيع بيانات مصيد الأسماك في المصايد الداخلية الوطنية حسب الأحواض والأحواض الفرعية والمسطحات المائية الكبيرة أن يتيح تكوين صورة واقعية لمناطق الصيد في مصايد الأسماك الداخلية (الشكل 22).
يبيّن الجدول 14 الأحواض المائية أو النهرية الستين الأهم من حيث مساهمتها في المصيد العالمي من أسماك المصايد الداخلية. ويمكن أن تكون نسبة الخمسين في المائة الأولى من إجمالي المصيد العالمي من أسماك المصايد الداخلية راجعة إلى الأحواض السبعة الأولى. وتستأثر هذه الأحواض أيضًا ببعض أعلى مستويات نصيب الفرد من استهلاك الأسماك في العالم.
تعود بعض أكبر مصايد الأسماك الداخلية في العالم إلى الأحواض أو النُظم النهرية التي تواجه تهديدات شديدة جراء الضغوط البيئية البشرية والطبيعية. غير أن الرصد المنتظم لحالة مصايد الأسماك الطبيعية في معظم هذه الأحواض محدود أو منعدم (أنظر القسم بعنوان تحسين تقييم مصايد الأسماك الداخلية في العالم). وتتأثر مصايد الأسماك الداخلية تأثرًا كبيرًا بتقلبات الظروف البيئية والمناخية بالإضافة إلى تأثيرات الصيد، وتتعرّض لتغيّرات شديدة في نفس السنة أو في ما بين السنوات بسبب ذلك. وتتوقف ضغوط الصيد الواقعة على مصايد الأسماك الداخلية على الكثافة السكانية؛ والإنتاجية الأوَّلية والإنتاج الثانوي للمسطح المائي؛ وإمكانية الوصول إلى مصايد الأسماك؛ والاعتماد الاجتماعي والاقتصادي على أسماك المصايد الداخلية؛ وتوافر أغذية وسُبل معيشية بديلة.
وتؤثر العوامل البيئية الطبيعية والبشرية على الموائل المائية وتدفقات المياه واتصال الموائل ونوعية المياه. وتؤثر أيضًا آثار التقلبات المناخية والموسمية على الدورات السنوية القصيرة الأجل والاتجاهات على الأجل الأطول. وتؤثر الأنشطة البشرية في قطاع الزراعة (بما يشمل الريّ) والتوسع الحضري، والصناعة وبناء السدود جميعها بقوة على المياه والنُظم الإيكولوجية المائية. وتتأثر حالة مصايد الأسماك الداخلية بالتفاعلات القائمة بين جميع هذه العوامل داخل المستجمعات وأحواض الأنهار بصفة عامة، وهو ما يُعبِّر عن الصلة بين موارد المياه والنُظم الإيكولوجية المائية ومصايد الأسماك.
ونشرت المنظمة في عام 2018 لمحة عامة شاملة تناولت فيها مصايد الأسماك الداخلية في العالم (Funge-Smith، 2018)؛ وتناولت تلك الوثيقة أيضًا خيارات تحسين تقييم مصايد الأسماك الداخلية.
استنادًا إلى إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة بشأن مصايد الأسماك الداخلية في العقد الممتد من عام 2007 إلى عام 2016 يتميَّز الاتجاه العالمي العام باستقرار النمو. وقد يكون هذا الاتجاه العالمي في إنتاج مصايد الأسماك الداخلية مضللًا لأنه يكشف عن زيادة مستمرة على مرّ الزمن. ويمكن أن تعزى هذه الزيادة في جانب منها إلى تحسن الإبلاغ والتقييم على المستوى القطري وليس إلى زيادة الإنتاج. ويمكن لتحسّن الإبلاغ أن يخفي وراءه أيضًا تراجعًا في مصايد الأسماك في بلدان بعينها.
ولتحديد مكونات هذا الاتجاه العالمي لمصيد مصايد الأسماك الداخلية، تم إجراء تحليل للمصيد في البلدان خلال العقد الممتد من عام 2007 إلى عام 2016. ويبيّن التحليل على المستوى الوطني (باستخدام اختبار مان-كندال لتحليل الاتجاهات، مستوى ثقة بنسبة 90 في المائة) اتجاه المصيد في كل بلد على حدة، وبالتالي تأثير ذلك على الاتجاه العالمي لمصايد الأسماك الداخلية. ويتيح ذلك تحديد البلدان التي تساهم بدور إيجابي في نمو مصايد الأسماك الداخلية مقابل البلدان التي لا يوجد فيها أي اتجاه واضح لمصيد المياه الداخلية أو التي يتراجع فيها هذا المصيد.
ولم يكن من الممكن إدراج جميع البلدان البالغ عددها 153 بلدًا التي لديها مصيد من المياه الداخلية. ويرجع ذلك إلى أن بعض البلدان لا تقدّم إلى المنظمة أي تقارير بما يكفي من الانتظام، ويتطلّب ذلك بالتالي تقييم مصيدها الوطني. ولكي يستند تحليل الاتجاه إلى التقارير الوطنية (وليس إلى تقديرات المنظمة) استُبعدت من التحليل البلدان التي أبلغت المنظمة بمصيدها من المياه الداخلية سبعة مرات أو أقلّ خلال العقد. وتمثّل البلدان الثلاثة والأربعون المستبعدة من التحليل 15.1 في المائة (309 756 1 أطنان) من مصيد مصايد الأسماك الداخلية في العالم في عام 2016. أما البلدان المتبقية البالغ عددها 110 بلدان، فقد أُجري فيها تحليل مان-كندال للاتجاهات (بمستوى ثقة نسبته 90 في المائة) لتحديد الاتجاه في الإنتاج الذي تم الإبلاغ عنه (الجدول 15).
أشار سبعة وثلاثون بلدًا إلى اتجاه الإنتاج نحو الزيادة خلال العقد، ويمثّل ذلك 58.7 في المائة من مصيد مصايد الأسماك الداخلية في العالم (الشكل 22). وكانت العوامل المحرّكة الرئيسية لهذا الاتجاه في الصين والهند وكمبوديا وإندونيسيا ونيجيريا والاتحاد الروسي والمكسيك.
وأشار ثمانية وعشرون بلدًا إلى تراجع الإنتاج، وهو ما يمثّل 5.9 في المائة من مصيد مصايد الأسماك الداخلية في العالم، وساهم في هذا الاتجاه كل من البرازيل وتايلند وفييت نام وتركيا. وتستأثر هذه البلدان الأربعة جميعًا بإنتاج كبير في قطاع تربية الأحياء المائية. وتتسم مصايد الأسماك الداخلية بأهميتها الكبيرة على المستوى دون الوطني في هذه البلدان (مثل بلدان منطقة حوض نهر ميكونغ وحوض الأمازون)؛ ومن هنا ينبغي ألّا يكون هذا التراجع سببًا في الشعور بالرضا بالوضع القائم.
وكشف سبعة وعشرون بلدًا عن استقرار المصيد، وهو ما يدلّ على انعدام التقلبات في اتجاه المصيد المبلغ عنه أو قلّته. وأهم المساهمين في هذه المجموعة جمهورية تنزانيا المتحدة وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي وكازاخستان. وتمثّل هذه المجموعة 7.7 في المائة من مصيد المصايد الداخلية في العالم. ولا يوجد في البلدان السبعة عشر المتبقية أي اتجاه ملحوظ من حيث الزيادة أو التراجع في مصيدها. وتمثّل هذه البلدان 12.6 في المائة من مصيد مصايد الأسماك الداخلية في العالم، ويهيمن على المجموعة كل من بنغلاديش ومصر، وتليهما زامبيا.
وخلاصة هذا التحليل هو أن النمو في مصايد الأسماك الداخلية في العالم يحرّكه 34 بلدًا، ويتأثر هذا الاتجاه بحوالي 8 من البلدان المنتجة الكبيرة نسبيًا. وتساهم البلدان الأربع والعشرين التي أبلغت عن تراجع في المصيد بنسبة منخفضة نسبيًا في الإنتاج العالمي، ولكن يوجد في بعضها مصايد أسماك غذائية داخلية كبيرة ذات أهمية محلية.
يتنوع إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية من حيث الأنواع والتجهيز وأشكال المنتجات الموجَّهة للاستخدامات الغذائية وغير الغذائية. وبالنظر إلى أن الأسماك غذاء سريع التلف، يلزم توخي عناية خاصة عند صيده وفي جميع مراحل سلسلة الإمداد من أجل الحفاظ على جودة الأسماك وخصائصها التغذوية، ولتجنب التلوث والفاقد والمهدر منها. وفي هذا السياق، يستخدم كثير من البلدان الحفظ والتغليف من أجل الاستخدام الأمثل للأسماك وزيادة عمرها التخزيني وتنويع منتجاتها. وعلاوة على ذلك، يمكن لتحسين استخدام إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية أن يحدّ من الفاقد والمهدر ويُساعد على تقليص الضغوط الواقعة على الموارد السمكية وأن يعزز استدامة القطاع.
وازدادت خلال العقود الأخيرة تعقيدات قطاع الأسماك وديناميته، إذ شهد تطورات نجمت عن ازدياد الطلب من صناعة التجزئة، وتنويع الأنواع، والاستعانة بمصادر خارجية في عمليات التجهيز، وازدياد قوة روابط الإمداد بين المنتجين والمجهزين وقطاع التجزئة. وأدى اتساع سلاسل قيمة المتاجر الكبرى وكبار تجار التجزئة في العالم إلى زيادة دورها كجهات فاعلة رئيسية في التأثير على المتطلبات والمعايير اللازمة لدخول الأسواق.
وعلاوة على ذلك، فإن التوسع في تسويق المنتجات السمكية والاتجار بها واستهلاكها في العالم في العقود الأخيرة (أنظر استهلاك الأسماك، الصفحة 65، و تجارة الأسماك والمنتجات السمكية، الصفحة 73) صاحبه تطور كبير في معايير جودة الأغذية وسلامتها، وتحسّن الخصائص التغذوية والحد من الفاقد. وطُبقت تدابير صحية صارمة على المستويات الدولية والإقليمية والدولية للوفاء بمعايير سلامة الأغذية وجودتها، وضمان حماية المستهلك، استنادًا إلى مدونة الدستور الغذائي للممارسات المتعلقة بالأسماك والمنتجات السمكية (هيئة الدستور الغذائي، 2016) وتوجيهاتها للبلدان بشأن الجوانب العملية لتنفيذ الممارسات الصحية السليمة ونظام إدارة سلامة الأغذية ضمن نظام تحليل مصادر الخطر ونقاط الرقابة الحرجة.
استُخدم في عام 2018 حوالي 88 في المائة (أي أكثر من156 مليون طن)9 من مجموع إنتاج الأسماك الذي بلغ179 مليون طن للاستهلاك البشري المباشر (الشكل 23) بينما استُخدمت النسبة المتبقية وهي 12 في المائة (أي حوالي22 مليون طن) لأغراض غير غذائية، منها 80 في المائة (أي حوالي18 مليون طن) حوّلت إلى مساحيق سمكية وزيت السمك، بينما استُخدمت معظم الكميات المتبقية (4 ملايين طن) كأسماك للزينة وللاستزراع (مثل الزريعة أو الإصبعيات أو صغار الأسماك البالغة للتربية) أو في الطعوم، أو في الاستخدامات الصيدلانية، أو كغذاء للحيوانات الأليفة، أو كمواد خام للتغذية المباشرة في تربية الأحياء المائية وتربية الثروة الحيوانية وحيوانات الفراء.
وازدادت نسبة الأسماك المستخدمة في الاستهلاك البشري المباشر بنسبة كبيرة مقابل 67 في المائة في الستينيات من القرن الماضي. وفي عام 2018، استأثرت الأسماك الحية أو الطازجة أو المبرَّدة بأكبر حصة من الأسماك المستخدمة في الاستهلاك البشري المباشر (44 في المائة)، وكانت في كثير من الأحيان الشكل المفضل والأعلى سعرًا للأسماك، تليها الأسماك المجمَّدة (35 في المائة)، والمجهَّزة، والمحفوظة (11 في المائة)، والمعالجة10 (10 في المائة)، والتجميد هو الطريقة الرئيسية لحفظ الأسماك الغذائية، فهو يستأثر بما نسبته 62 في المائة من جميع الأسماك المجهَّزة الموجَّهة إلى الاستهلاك البشري (باستثناء الأسماك الحيّة أو الطازجة أو المبرَّدة).
وتخفي هذه البيانات العامة فروقًا كبيرة. وتختلف كثيرًا طرق استخدام الأسماك وتجهيزها باختلاف القارات والأقاليم والبلدان، بل وتختلف أيضًا داخل البلدان. وتبلغ حصة الأسماك المستخدمة في صنع المساحيق السمكية وزيت السمك أعلى مستوى لها في أمريكا اللاتينية، تليها آسيا وأوروبا. وفي أفريقيا، تزيد نسبة الأسماك المعالجة عن المتوسط العالمي. ويُستخدم حوالي ثلثا إنتاج الأسماك الموجَّه إلى الاستهلاك البشري على شكل أسماك مجمَّدة ومجهَّزة ومحفوظة في أوروبا وأمريكا الشمالية. وفي آسيا، تُباع كميات كبيرة من الإنتاج للمستهلكين على شكل أسماك حيّة أو طازجة.
ومكَّنت التحسينات الكبيرة في التجهيز والتبريد وصنع الثلج والنقل من توزيع الأسماك لمسافات طويلة عبر الحدود وفي مجموعة أوسع من المنتجات. وتنوّعت في الاقتصادات الأكثر تقدّمًا عمليات تجهيز الأسماك، لا سيما على شكل منتجات ذات قيمة مضافة عالية، مثل الوجبات الجاهزة. وارتفعت في البلدان المتقدمة حصة الأسماك المجمَّدة الموجَّهة إلى الاستهلاك البشري من 27 في المائة في ستينيات القرن الماضي إلى 43 في المائة في ثمانينيات القرن نفسه، مسجّلة رقمًا قياسيًا بلغ 58 في المائة في عام 2018، بينما تراجعت حصة الأسماك المعالجة من 25 في المائة في ستينيات القرن الماضي إلى 12 في المائة في عام 2018. وفي كثير من البلدان النامية، تطور تجهيز الأسماك من الطرق التقليدية إلى عمليات إضافة قيمة أكثر تقدمًا، تبعًا للسلعة والقيمة السوقية. ولوحظ عمومًا في البلدان النامية ازدياد حصة الإنتاج الموجَّه إلى الاستهلاك البشري في شكل أسماك مجمدة (من 3 في المائة في الستينيات إلى 8 في المائة في الثمانينيات، و31 في المائة في عام 2018) وأسماك مجهَّزة ومحفوظة (من 4 في المائة في الستينيات إلى 9 في المائة في عام 2018). وانخفضت الأسماك المحفوظة باستخدام التمليح والتخمير والتجفيف والتدخين – المتعارف عليها بصفة خاصة في أفريقيا وآسيا – من 29 في المائة في الستينيات إلى 10 في المائة من جميع الأسماك الموجَّهة إلى الاستهلاك البشري في البلدان النامية في عام 2018. ومع ذلك، لا تزال معظم الأسماك في البلدان النامية تُستخدم حيةً أو طازجة بعد فترة وجيزة من إنزالها أو اصطيادها من تربية الأحياء المائية حتى مع انخفاض هذه الحصة من 62 في المائة في الستينيات إلى 51 في المائة في عام 2018 (الشكل 24).
وتتميّز الأسماك الحيّة بشعبية كبيرة، ولا سميا في شرق آسيا وجنوبها الشرقي وفي الأسواق المتخصصة في بلدان أخرى، وبصورة رئيسية بين الجاليات الآسيوية المهاجرة. وفي الصين وبعض بلدان جنوب شرق آسيا، يتم تداول الأسماك الحيّة ومناولتها منذ أكثر من 000 3 سنة، ولا تزال الممارسات المتّبعة في تسويقها في كثير من الحالات مستمدة من التقاليد ولا تخضع للوائح تنظيمية رسمية. غير أن تسويق الأسماك الحيّة ونقلها يمكن أن ينطوي على تحديات، لأن ذلك يخضع في كثير من الأحيان للوائح التنظيمية الصحية، ومعايير الجودة، ومتطلبات الرفق بالحيوان (لا سيما في أوروبا وأمريكا الشمالية). غير أن تسويق الأسماك الحيّة استمر في الازدياد خلال السنوات الأخيرة بفضل تحسّن اللوجستيات والتطورات التكنولوجية.
يمكن أن تتفاوت الخصائص التغذوية للأسماك تبعًا لطريقة تجهيزها وتحضيرها. ويؤدي التسخين (عن طريق التعقيم أو البسترة أو التدخين بالحرارة أو الطهو) إلى تقليل مقدار العناصر الغذائية التي تتلف بالحرارة بالرغم من أن تركزها يمكن أن يزداد عن طريق الطهو، وهو ما يمكن أن يقلّل من محتوى الرطوبة النسبية في الأغذية ويزيد بالتالي من تركز بعض المغذيات. ويمكن لعدّة مواد كيميائية سواء أكانت طبيعية (مثل بعض مكونات الدخان) أو المضافة اصطناعيًا (مثل مضادات الأكسدة) أن تقلّل من أثر التسخين أو العمليات الأخرى على الجودة التغذوية للأسماك. وأما التبريد والتجميد فهما الأقل تأثيرًا على الخصائص التغذوية للأسماك.
كما جاء أعلاه، تُحوَّل نسبة كبيرة، وإن كان بقدر أقلّ، من إنتاج مصايد الأسماك في العالم إلى مساحيق وزيوت سمكية. ومسحوق السمك هو نوع من الدقيق البروتيني الذي يتكون بعد طحن الأسماك أو أجزاء منها وتجفيفها، أما الحصول على زيت السمك فيكون من خلال عصر الأسماك المطهوة ثم بعد ذلك بالطرد المركزي للسائل المستخلَص. ويمكن إنتاج المسحوق السمكي وزيت السمك من الأسماك الكاملة أو من بقايا الأسماك أو من المنتجات الثانوية السمكية الأخرى الناشئة عن عمليات التجهيز. ويُستخدم عدد من الأنواع المختلفة لإنتاج المساحيق والزيوت السمكية، كأسماك كاملة – وهي بشكل أساسي أنواع الأسماك السطحية الصغيرة، بما في ذلك كميات كبيرة من الأنشوفة البيروفية.
ويتقلّب إنتاج المساحيق والزيوت السمكية تبعًا للتغييرات في مصيد هذه الأنواع، لا سيما الأنشوفة، وتهيمن عليها ظاهرة النينو–التذبذب الجنوبي الذي يؤثر على وفرة الأرصدة. وأدى تطبيق ممارسات الإدارة السليمة ومخططات إصدار الشهادات إلى تخفيض كميات المصيد غير المستدام من الأنواع المستخدمة في التحويل إلى مساحيق سمكية. ووصلت الكميات المستخدمة في صنع المساحيق السمكية وزيت السمك إلى ذروتها في عام 1994 عندما تجاوزت 30 مليون طن ثم تراجعت إلى أقل من 14 مليون طن في عام 2014. وازدادت في عام 2018 إلى حوالي 18 مليون طن بسبب ازدياد مصيد الأنشوفة البيروفية (أنظر القسم بعنوان إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية).
واقترن هذا الانخفاض التدريجي في كمية الإمدادات المعروضة بزيادة كبيرة في الطلب بفعل النمو السريع في صناعة تربية الأحياء المائية، ما أدى إلى زيادة أسعار المساحيق والزيوت السمكية. ونتيجة لذلك، يجري إنتاج حصة متزايدة من المساحيق السمكية وزيت السمك من المنتجات الثانوية السمكية. وتُشير التقديرات حاليًا إلى أن هذه المنتجات الثانوية تُستخدم لإنتاج ما يتراوح بين 25 و35 في المائة من مجموع حجم المساحيق والزيوت السمكية، وإن كانت هناك اختلافات في ما بين الأقاليم. ومن ذلك على سبيل المثال أن استخدام المنتجات الثانوية في أوروبا يُقدَّر بنسبة كبيرة نسبيًا تبلغ 54 في المائة من مجموع الإنتاج (Jackson وNewton، 2016). وفي ظل عدم توقّع حدوث زيادات كبيرة في الأسماك البرية الكاملة (الأسماك السطحية الصغيرة بصفة خاصة)، لا بدّ أن تكون أي زيادة في إنتاج المساحيق السمكية ناجمة عن المنتجات الثانوية والتي ستكون مختلفة في قيمتها التغذوية نظرًا لانخفاض محتواها من البروتينات وإن كانت أغنى من حيث محتواها من المعادن والأحماض الأمينية بالمقارنة مع المساحيق السمكية التي يتم الحصول عليها من الأسماك الكاملة.
ومع ذلك فإن المساحيق السمكية وزيت السمك هي الأغنى بالعناصر المغذية والأكثر قابلية للهضم بالنسبة للأسماك المستزرعة، فضلًا عن كونها مصدرًا رئيسيًا للأحماض الدهنية من أوميغا–3 (حمض الأيكوسابنتينويك وحمض الدوكساهيكسانويك). ومع ذلك، بات واضحًا أن دخولها في الأعلاف المركَّبة لتربية الأحياء المائية يتجه نحو التراجع وذلك في جانب كبير منه بسبب تفاوت المعروض من الإمدادات وتقلّب الأسعار بالاقتران مع الزيادة المستمرة في الطلب من صناعة الأعلاف المائية. ويزداد استخدامها بصورة انتقائية في مراحل محددة من الإنتاج، مثل استخدامها في المفارخ، ومع الأرصدة البياضة، والتغذية الإنهائية، بينما يتراجع استخدام المساحيق والزيوت السمكية في التسمين. من ذلك على سبيل المثال أن حصتها في أغذية تسمين سلمون الأطلسي المستزرع تقل حاليًا في كثير من الأحيان عن 10 في المائة.
وفي ما يتعلق بالاستهلاك البشري المباشر، يمثّل زيت السمك أغنى مصدر متاح للأحماض الدهنية المتعددة غير المشبَّعة الطويلة السلسلة التي تؤدي مجموعة واسعة من الوظائف الحاسمة لصحة الإنسان. غير أن المنظمة الدولية لمنتجي دقيق وزيت السمك تشير إلى أن حوالي 75 في المائة من الإنتاج السنوي لزيت السمك لا يزال يُستخدم في أعلاف تربية الأحياء المائية (Auchterlonie، 2018). وبالنظر إلى تقلّب إنتاج المساحيق السمكية وزيت السمك وما يرتبط بذلك من تقلبات في الأسعار، يسعى كثير من الباحثين إلى إيجاد مصادر بديلة للأحماض الدهنية المتعددة غير المشبَّعة الطويلة السلسلة. وتشمل هذه البدائل أرصدة العوالق الحيوانية البحرية الكبيرة، مثل كريل القطب الجنوبي (Euphausia superba)، ومجداف الأرجل (Calanus finmarchicus) رغم استمرار وجود مخاوف بشأن آثارها على شبكات الأغذية البحرية. ويتم تسويق زيت الكريل بصفة خاصة كمكمّل تغذوي للإنسان بينما يُستخدم مسحوق الكريل لإنتاج أعلاف بحرية معيَّنة. ومع ذلك، هناك تحديات عملية متعلقة بتجهيز هذه المواد الخام، لا سيما بسبب الحاجة إلى تخفيض محتواها من الفلوريد وبسبب التكلفة الكبيرة لإدراج منتجات العوالق الحيوانية كزيت عام أو كمكون بروتيني في أعلاف الأسماك.
ويُستخدم سيلاج السمك، وهو عبارة عن هيدروزيلات بروتينية غنية، كبديل أقل تكلفة للمساحيق السمكية وزيت السمك، ويزداد استخدامه كمادة مضافة إلى الأعلاف المستخدمة على سبيل المثال في تربية الأحياء المائية وفي صناعة أغذية الحيوانات الأليفة. ويمكن لسيلاج السمك الذي يتم الحصول عليه عن طريق تحميض البروتينات الحيوانية وتحلله المائي أن يُحسِّن النمو ويحد من نفوق الحيوانات التي تتغذى على الأعلاف (Kim وMendis، 2006؛ Toppe وآخرون، 2018).
أدى التوسّع في تجهيز الأسماك إلى زيادة كميات المشتقات التي يمكن أن تمثّل ما يصل إلى 70 في المائة من الأسماك المجهَّزة. وغالبًا ما كان يتم في السابق التخلّص من مشتقات المنتجات السمكية كنفايات؛ أو استخدامها مباشرة كعلف لتربية الأحياء المائية أو الماشية أو الحيوانات الأليفة أو الحيوانات التي تربى لإنتاج الفراء؛ أو استخدامها في إنتاج سيلاج السمك والأسمدة. ومع ذلك، ازداد الاهتمام بالاستخدامات الأخرى للمنتجات السمكية الثانوية خلال العقدين الأخيرين، فهي يمكن أن تكون مصدرًا مهمًا للتغذية ويمكن استخدامها حاليًا بكفاءة أكبر بفضل تقنيات المعالجة المحسَّنة (Al Khawli وآخرون، 2019). وينطوي القدر الهائل من المعالجة للمشتقات على تحديات بيئية وتقنية كبيرة بسبب حمولتها الكبيرة من الميكروبات وتعرّضها للتدهور السريع ما لم تعالج أو تخزَّن بصورة سليمة. وبالتالي فإن جمع هذه المشتقات ومعالجتها في الوقت المناسب أمر حاسم لتجهيزها. وتتكوَّن المنتجات الثانوية في العادة من رؤوس الأسماك (التي تمثّل ما يتراوح بين 9 و12 في المائة من إجمالي وزن الأسماك) والأحشاء (ما يتراوح بين 12 و18 في المائة) والجلد (ما يتراوح بين 1 و3 في المائة) والعظام (ما يتراوح بين 9 و15 في المائة) والقشور (حوالي 5 في المائة).
ويمكن للمشتقات السمكية أن تخدم مجموعة واسعة من الأغراض. ويمكن استخدام الرؤوس والهياكل والشرائح والجلد مباشرة كغذاء أو يمكن تجهيزها على شكل نقانق سمكية، وفطائر، وكعكات، ووجبات خفيفة، وجيلاتين، وحساء، وصلصات، ومنتجات أخرى للاستهلاك البشري. وتُستخدم عظام الأسماك الصغيرة التي تحتوي على القليل من اللحم كوجبات خفيفة في بعض البلدان. وتُستخدم أيضًا المشتقات السمكية في إنتاج الأعلاف (لا تقتصر فقط على المساحيق السمكية وزيت السمك)، والوقود الأحيائي والغاز الأحيائي ومنتجات الحمية الغذائية (الكيتوسان)، والمنتجات الصيدلانية (زيوت أوميغا–3)، والأصباغ الطبيعية، ومستحضرات التجميل، وبدائل اللدائن، وكمكونات في عمليات صناعية أخرى.
ويمكن الحصول على الإنزيمات والببتيدات النشطة بيولوجيًا من فضلات الأسماك، ويمكن استخدامها في إنتاج سيلاج السمك أو الأعلاف السمكية أو صلصلة السمك. ويزداد الطلب أيضًا على إنزيمات التحلل البروتيني للأسماك التي يمكن عزلها عن الأحشاء الداخلية للأسماك نظرًا لاستخداماتها الواسعة في صناعة الجلود، والمنظفات، والصناعات الغذائية والصيدلانية، وعمليات العلاج البيولوجي (Mohanty وآخرون، 2018).
وتُشكّل عظام الأسماك، بالإضافة إلى كونها مصدرًا للكولاجين والجيلاتين، مصدرًا ممتازًا للكالسيوم والمعادن الأخرى، مثل الفوسفور الذي يمكن استخدامه في الأغذية والأعلاف أو المكملات الغذائية. ويمكن أن يساعد فوسفات الكالسيوم، مثل هيدروكسي الأباتايت، الموجود في عظام الأسماك، على سرعة التئام العظام في أعقاب الإصابات الكبيرة أو العمليات الجراحية. ويستخدم الكولاجين في مجموعة متنوعة من التطبيقات، مثل الأغلفة الصالحة للأكل، ومستحضرات التجميل، والمواد الطبية الحيوية اللازمة للتطبيقات الصيدلانية. ويُشكّل جيلاتين الأسماك بديلًا يستعاض به عن الجيلاتين البقري ويمكنه تثبيت المستحلبات حتى بعد تعرّضه لتغيرات في درجات الحرارة، والتركز الملحي ودرجة الحموضة. وتوفِّر الجلود، لا سيما جلود الأسماك الكبيرة، الجيلاتين وكذلك الجلود التي تُستخدم في صنع الملابس والأحذية وحقائب اليد والمحافظ والأحزمة والمصنوعات الأخرى. ويمكن استخدام البروتينات المضادة للتجمُّد المستمدة من أنسجة جلود الأسماك القطبية لتقليل الأضرار الناتجة من تخزين اللحوم بالتجميد. ويمكن للخواص المضادة للفطريات والبكتيريا التي تتميَّز بها الأدمة ومخاط الأدمة في الأنواع السمكية المختلفة، والكبد، والأمعاء، والمعدة، والخياشيم لدى بعض أنواع الأسماك، والدم والقشور لدى بعض القشريات، أن تُشكّل حاجزًا مناعيًا.
وبالإضافة إلى الزعنفيات، يمكن أيضًا استخدام المنتجات الثانوية للقشريات وذوات المصراعين في تطبيقات عديدة لا تزيد فقط من قيمة هذه المنتجات، بل تعالج أيضًا المسائل المتعلقة بالتخلص من النفايات الناتجة من معدل التحلّل الطبيعي البطيء لأصدافها. ويوفِّر الكيتين، وهو مركَّب متعدد السكريات مستخلص من نفايات أصداف القشريات، مصدرًا محتملًا للمواد المضادة للميكروبات. وكشف الكيتوزان المشتق من الكيتين عن مجموعة واسعة من التطبيقات، لا سيما في مجالات معالجة المياه العادمة، ومستحضرات التجميل، ومستحضرات النظافة، والأغذية، والمشروبات، والمواد الكيميائية الزراعية، والمستحضرات الصيدلانية. وتوجد أيضًا في نفايات القشريات أصباغ، مثل الأستاكزاسين وأستيراته، والبيتا كاروتين، واللوتيين، والأستاسين، والكانتازانثين، والزياكسانثين. ويُستخدم بعضها في الطب والتطبيقات الطبية الحيوية نظرًا لتأثيراتها الكبيرة المضادة للأكسدة ومحتواها من سلائف فيتامين ألف. ويمكن تحويل الرخويات ذوات المصراعين، مثل بلح البحر والمحار، إلى كربونات الكالسيوم أو أوكسيد الكالسيوم، وهما من المركبات الكيميائية المتعددة الأغراض ويُستخدمان في مجموعة واسعة من التطبيقات الصناعية. وتشمل الاستخدامات الأخرى للأصداف تحويلها إلى مستحضرات تجميل وأدوية تقليدية (مسحوق اللؤلؤ) ومكملات الكالسيوم في العلف الحيواني (مسحوق الأصداف) والمشغولات اليدوية والمجوهرات.
وتمثّل الكائنات البحرية الأخرى موضوع بحوث موسعة نظرًا لما توفره من إمكانية اكتشاف جزيئات جديدة قوية. وطوِّرت عقاقير مضادة للسرطان بصفة خاصة من الإسفنج البحري والبكتيريا الزرقاء والغلالات. وتشمل التطبيقات الأخرى إنتاج مادة الزيكونوتيد، وهي مسكّن قوي للألم مشتق من سمّ القواقع المخروطية، والفيدارابين، وهو عقار مضاد للفيروسات تم عزله من نوع من الإسفنج البحري (Malve، 2016). وفي حين أن هذه المركبات الكيميائية مركبة كيميائيًا، يجري أيضًا بحث إمكانية استزراع بعض أنواع الاسفنجيات لهذه الأغراض.
واستُخدمت الطحالب البحرية والنباتات المائية الأخرى كغذاء لعدة قرون في آسيا، ويزداد الاهتمام بها في بلدان كثيرة في مناطق أخرى باعتبارها صديقة للبيئة وغنية بالمغذيات، مثل اليود والحديد والفيتامين ألف (Tanna وMishra، 2019). ويمكن استخدام الطحالب البحرية عمومًا في شكل مساحيق مجفَّفة كإضافات للأعلاف وفي مستحضرات التجميل (مثل طحالب Saccharina latissimi)، البدائل الغذائية والعناصر المضافة، وهي تعالج صناعيًا لاستخراج المثخنات، مثل الألجينات، والأغار والكاراغينان. وتُستخدم الطحالب البحرية في الطب لمعالجة نقص اليود وكعقار طارد للديدان المعوية (التكنولوجيا الأحيائية البحرية، 2015). وتستكشف البحوث أيضًا استخدام الطحالب البحرية كبديل للملح في التحضير الصناعي للوقود الأحيائي.
يُمثِّل الفاقد والمهدر من الأغذية في العالم مسألة خطيرة ويُشكّل محور تركيز الغاية 12–3 لأهداف التنمية المستدامة التي تسعى إلى خفض الهدر إلى النصف بحلول عام 2030. وتتسم المناولة السليمة والنظافة الصحية ومراعاة سلسلة التبريد من الصيد إلى الاستهلاك بأهمية حاسمة في منع الفاقد والمهدر والحفاظ على الجودة. وتُشير التقديرات إلى أن الفاقد والمهدر سنويًا في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية يبلغ 35 في المائة من الصيد العالمي. ويتراوح إجمالي الفاقد والمهدر من الأسماك في معظم أقاليم العالم بين 30 و35 في المائة. وتُشير التقديرات إلى أن معدلات الهدر بلغت أعلى مستوى لها في أمريكا الشمالية وأوسيانيا اللتين يُهدر فيهما أثناء مرحلة الاستهلاك حوالي نصف جميع مصيد الأسماك. وفي أفريقيا وأمريكا اللاتينية، تُفقد الأسماك أساسًا بسبب عدم كفاية البنية التحتية والخبرة الفنية في مجال حفظ الأسماك، بينما يبلغ المهدر أدنى مستوى له في أمريكا اللاتينية (أقل من 30 في المائة من إجمالي الفاقد من الأسماك).
وترجع خسائر الأسماك، كمًّا ونوعًا، إلى القصور في كفاءة سلاسل القيمة. ورغم التقدّم التقني والابتكارات، لا تزال بلدان كثيرة – وبخاصة الاقتصادات الأقل نموًا – تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات والممارسات اللازمة لمناولة الأسماك على متن السفن وعلى الشواطئ والحفاظ على جودة الأسماك. وترتبط أوجه القصور الرئيسية بالوصول إلى الكهرباء ومياه الشرب والطرقات والثلج والتخزين البارد والنقل المبرَّد. ويتطلب الحدّ بفعالية من الفاقد والمهدر من الأسماك سياسات ملائمة وأُطرًا تنظيمية، وبناء القدرات، وخدمات وبنية تحتية، فضلًا عن الوصول الفعلي إلى الأسواق. ومن المهم فهم الطريقة التي تتفاعل بها هذه العوامل المختلفة في سياق معيَّن في ظلّ تباين التفاعلات والأولويات تبعًا للموقع والنوع والمناخ والثقافة. وينبغي التشديد على أن تخفيض الفاقد والمهدر من الأسماك يمكن أن يفضي إلى تقليل الضغوط الواقعة على الأرصدة السمكية، ويمكن أن يساهم في تحسين استدامة الموارد والأمن الغذائي.
ازداد الاستهلاك الظاهر للأسماك الغذائية على امتداد 60 عامًا12 بمعدل يزيد كثيرًا على معدل النمو السكاني في العالم. وخلال الفترة من عام 1961 إلى عام 2017، كان متوسط معدل النمو السكاني لإجمالي استهلاك الأسماك للأغراض الغذائية 3.1 في المائة متجاوزًا بذلك معدل النمو السكاني السنوي (1.6 في المائة). وخلال الفترة نفسها، تجاوز أيضًا متوسط معدل النمو السنوي لإجمالي استهلاك الأسماك للأغراض الغذائية (أي مجموع الإمدادات، أنظر الإطار 5) معدل النمو السنوي لجميع البروتينات الحيوانية الأخرى (اللحوم والبيض والحليب وما إلى ذلك) حيث سجّل زيادة بلغت في متوسطها 2.1 في المائة سنويًا، كما تجاوز معدل النمو السنوي لجميع اللحوم البرية مجتمعة (2.7 في المائة سنويًا) أو فرادى المجموعات (لحوم الأبقار، والضأن، والماعز، والخنازير) باستثناء الدواجن التي سجّلت معدل نمو بلغ 4.7 في المائة سنويًا. وارتفع نصيب الفرد من استهلاك الأسماك للأغراض الغذائية من 9.0 كيلوغرامات (بمكافئ الوزن الحي) في عام 1961 إلى 20.3 كيلوغرام في عام 2017 بمعدل بلغ في متوسطه حوالي 1.5 في المائة سنويًا، بينما ازداد إجمالي استهلاك اللحوم بنسبة 1.1 في المائة سنويًا خلال الفترة نفسها. وتشير التقديرات الأوَّلية في 2018 إلى أن نصيب الفرد من استهلاك الأسماك قد يصل حاليا إلى 20.5 كيلوغرام. ولم يكن التوسع في الاستهلاك مدفوعًا فقط بالزيادة في الإنتاج، بل وكذلك بمجموعة من العوامل الأخرى الكثيرة. وتشمل هذه العوامل التطورات التكنولوجية في التجهيز، وسلسلة التبريد، والشحن والتوزيع؛ وارتفاع مستوى الدخل في العالم، وهو ما يرتبط ارتباطًا قويًا بازدياد الطلب على الأسماك والمنتجات السمكية؛ والتخفيضات من الفاقد والمهدر؛ وازدياد وعي المستهلكين بالفوائد الصحية للأسماك.
تُمثِّل ميزانيات الأغذية الصادرة عن المنظمة مقاربة منهجية شاملة وموحدة لتقييم نمط الإمدادات الغذائية واستخدامها سنويًا في أي بلد. ويُمثِّل تجميع هذه الميزانيات، وفقًا للمنهجية الحالية المعمول بها في المنظمة، عملية إحصائية تجمع بين البيانات المستقاة من مختلف القطاعات على أساس المعلومات المتاحة سنويًا. ولا تمثِّل الأسماك والمنتجات السمكية المسجَّلة في هذه الميزانيات سلعًا فردية، ولكنها تجمع بين مختلف الأنواع والمنتجات. واُدرج حوالي 400 2 نوع تم إنتاجه، و000 1 من فرادى الأنواع التي جرى تداولها في التجارة ضمن ثماني مجموعات رئيسية متماثلة في خصائصها البيولوجية، بما يُعبِّر عن التصنيف الإحصائي الدولي الموحَّد للحيوانات والنباتات المائية. وهذه المجموعات الثماني هي: أسماك المياه العذبة والأسماك الثنائية المجال، والأسماك القاعية؛ والأسماك السطحية؛ والأسماك البحرية الأخرى؛ والقشريات؛ والرخويات باستثناء رأسيات الأرجل، ورأسيات الأرجل؛ والحيوانات المائية الأخرى.
وتُجمع البيانات الأوَّلية عن الإنتاج (مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية) والتجارة في 8 مجموعات رئيسية وفقًا أيضًا لأحد عشر نوعًا من المنتجات على أساس ما تمر به من تجهيز (طازجة، أو مبرَّدة كاملة، أو مجمَّدة كاملة، أو شرائح طازجة أو مبرَّدة، أو شرائح مجمَّدة، أو معالجة، أو معلَّبة، أو مجهزة، أو محوَّلة إلى مساحيق وزيوت، وما إلى ذلك). وتتم بعد ذلك موازنة المنتجات وفقًا للمعادلة التالية التي تصلح لكل سلسلة من السلع السمكية الأوّلية والمجهَّزة ويتم إعدادها لكل سنة تقويمية ولكل بلد على حدة:
الإنتاج المحلي (مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية) مخصومًا منه الاستخدامات غير الغذائية (بما يشمل الكمية المستخدمة في التحويل إلى مسحوق السمك وزيت السمك والاستخدامات غير الغذائية الأخرى)، مخصومًا منها صادرات الأسماك الغذائية، ومضافًا إليها واردات الأسماك الغذائية، زائدًا أو ناقصًا التغيُّر في الأرصدة.
وتُطبَّق بعد ذلك عوامل مكونات الأغذية المحددة على الإمدادات ذات الصلة من كل نوع من أنواع المنتجات للحصول على السعرات الحرارية والبروتينات والدهون. وللحصول على إحصاءات قابلة للمقارنة بوحدات متجانسة
منطبقة على جميع بلدان العالم، تُحوَّل البيانات إلى مكافئ أوَّلي (مكافئ الوزن الحيّ، أي وزن الأسماك عند الصيد) باستخدام عوامل التحويل الفني المحددة. وتعادل النتيجة مجموع الاستهلاك الفعلي للأسماك الغذائية، وهو ما يمكن التعبير عنه بنصيب الفرد مقسومًا على عدد السكان في كل بلد على حدة.
وعند تحليل بيانات ميزانيات الأغذية، من المهم مراعاة أنها تُشير إلى "متوسط الغذاء المتاح للاستهلاك البشري"، وأنها لا تشير إلى مقدار ما يؤكل بالفعل. ولا يمكن رصد مقدار الأغذية المأكولة بالفعل إلاّ من خلال أنواع أخرى من التحليل والاستقصاء، مثل الاستقصاءات الأسريّة أو استقصاءات الاستهلاك الفردي للأغذية. وعلاوة على ذلك فإن بيانات إنتاج مصايد أسماك الكفاف ومصايد الأسماك الترفيهية وكذلك التجارة العابرة للحدود بين بعض البلدان النامية قد تكون ناقصة وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تقديرها بأقل من قيمتها الفعلية.
وتُستخدم عمومًا ميزانيات الأغذية لدعم تحليل السياسات وصنع القرار ولتوفير تقدير لمدى الاكتفاء الذاتي، ولتقدير مدى الوفاء بالمتطلبات التغذوية الكافية، وكعنصر رئيسي لتقدير الطلب على الأغذية. وفي ما يتعلق بالأسماك والمنتجات السمكية، تمثّل ميزانيات الأغذية أيضًا أداة مفيدة لرصد التطورات التي تطرأ على توافر الأسماك المحلية واستخدامها بصفة عامة، والكشف عن التغييرات التي تطرأ على أنماط الأنواع المستهلكة، وإعطاء مؤشر على دور الأسماك في الكميات الإجمالية المعروضة من الإمدادات الغذائية وحصة الأسماك من البروتينات الحيوانية والبروتينات بصفة عامة. وعلاوة على ذلك، تُمثِّل ميزانيات الأغذية أداة قوية لزيادة التحقق من جودة البيانات التي يتم جمعها ومضاهاتها، والربط بين الإنتاج (مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية) والاستخدام. وتُعبِّر نتائج ميزانيات الأغذية عن جودة ما يتم تجميعه من بيانات. ولذلك تسعى المنظمة باستمرار إلى تحسين هذه الإحصاءات بالإضافة إلى الأخذ بالمنهجية الأصح وبيانات مكونات الأغذية وعوامل التحويل اللازمة لحساب ميزانيات الأغذية. وجرى أيضًا في السنوات الأخيرة بذل جهود كبيرة لإتاحة بيانات ميزانيات الأغذية الخاصة بمصايد الأسماك للمستخدمين من خلال مجموعة أوسع من المنصات والأدوات.
وبالنظر إلى التنوع الكبير للحياة المائية، تتفاوت التركيبة التغذوية للأسماك تفاوتًا كبيرًا تبعًا لنوعها وطريقة تجهيزها وتسويقها. ومع أن الأسماك والمنتجات السمكية ليست كثيفة في سعراتها الحرارية فإنها قيِّمة ومهمة نظرًا لما تحتويه من بروتينات عالية الجودة وأحماض أمينية أساسية وأحماض دهنية متعددة غير مشبَّعة ومغذيات دقيقة، مثل الفيتامينات والمعادن. ووفَّرت الأسماك في المتوسط حوالي 35 سعرة حرارية فقط للفرد في اليوم الواحد في عام 2017 وأكثر من 100 سعرة حرارية للفرد يوميًا في البلدان التي أصبحت تفضّل الأسماك وحافظت على ذلك في تقاليدها (مثل آيسلندا واليابان والنرويج وجمهورية كوريا) والتي لا يمكنها الحصول بسهولة على بروتينات بديلة (مثل جزر فارو، وغرينلاند، وعدة دول نامية جزرية صغيرة، مثل جزر كوك، وكريباس، وملديف، وتوكيلاو). وتساهم الأسماك بنسبة أكبر في الأنماط الغذائية من حيث البروتينات الحيوانية العالية الجودة، والأحماض الدهنية المتعددة غير المشبَّعة والمغذيات الدقيقة ذات الأهمية الأساسية للأنماط الغذائية المتنوعة والصحية. وتتسم بروتينات الأسماك بأهميتها الأساسية في النمط الغذائي لبعض البلدان ذات الكثافة السكانية العالية التي ينخفض فيها إجمالي المتناول من البروتينات، لا سيما في الدول النامية الجزرية الصغيرة. وتُمثّل الأسماك لهؤلاء السكان في كثير من الأحيان مصدرًا ميسور التكلفة للبروتينات الحيوانية ليس فقط الأرخص سعرًا مقارنة بسائر مصادر البروتينات الحيوانية، بل وكذلك مصدرًا مفضلًا وجزءًا من الوصفات الغذائية المحلية والتقليدية. وفي عام 2017 استأثرت الأسماك بحوالي 17 في المائة من إجمالي البروتينات الحيوانية، و7 في المائة من جميع البروتينات المستهلَكة في العالم. وعلاوة على ذلك، زوَّدت الأسماك حوالي 3.3 مليار نسمة بنحو 20 في المائة من متوسط نصيب الفرد من المتناول من البروتينات الحيوانية (الشكل 25). وساهمت الأسماك بما نسبته 50 في المائة أو أكثر من إجمالي المتناوَل من البروتينات الحيوانية في بنغلاديش وكمبوديا وغامبيا وغانا وإندونيسيا وسيراليون وسري لانكا وبعض الدول النامية الجزرية الصغيرة.
ويبلغ أيضًا متوسط الاستهلاك اليومي من إجمالي الدهون التي توفرها الأسماك مستويات منخفضة نسبيًا تقترب من 1.2 غرام للفرد، ولكن الأسماك تُشكّل مصدرًا مهمًا للأحماض الدهنية من أوميغا–3الطويلة السلسلة الصحية، والأحماض الأمينية الأساسية، والفيتامينات (لا سيما الفيتامينات ألف وباء ودال) والمعادن، مثل الحديد والكالسيوم والزنك والسيلينيوم. وتعني هذه المكونات التغذوية الفريدة أن الأسماك مصدر قيّم للتنويع الغذائي الصحي حتى ولو بكميات صغيرة نسبيًا. ويتسم ذلك بأهمية أكبر لكثير من بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض وأقل البلدان نموًا التي يمكن أن يعتمد فيها السكان اعتمادًا مفرطًا على مجموعة ضيقة نسبيًا من الأغذية الأساسية التي لا يمكنها توفير ما يكفي من الأحماض الأمينية الأساسية والفيتامينات والمغذيات الدقيقة والدهون الصحية.
ووفقًا لإصدار عام 2019 من تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم (منظمة الأغذية والزراعة وآخرون، 2019) لا يزال حوالي 11 في المائة (أي أكثر من 820 مليون نسمة) من سكان العالم يعانون قصورًا غذائيًا مقارنة بما نسبته 10.6 في المائة في عام 2015. وفي حين أن غالبية الأشخاص الذين يعانون قصورًا غذائيًا، بالأرقام المطلقة، يتركزون في جنوب آسيا، وفي أفريقيا، وبصفة خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يشير هذا المؤشر إلى تدهور الأمن الغذائي العالمي. ويرجع ذلك إلى عوامل كثيرة تشمل الضغوط الناجمة عن ازدياد السكان، والنزاعات وعدم الاستقرار، وتفاوت الدخل، والفقر، وعدم فعالية سياسات التغذية. وتباطأت في الوقت نفسه، أكثر مما كان مرتقبًا، وتيرة التقدّم المحرَز نحو تحقيق الأهداف التي وضعتها منظمة الصحة العالمية من أجل الحدّ من سوء التغذية في العالم بحلول عام 2030 والتي تتفق الآن مع الإطار الزمني لأهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف 2 (القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي والتغذية المحسَّنة وتعزيز الزراعة المستدامة). ويلاحَظ أن بعض مشاكل سوء التغذية، مثل فقر الدم لدى النساء في سنّ الإنجاب وانتشار السمنة، بما في ذلك لدى الأطفال، تميل إلى الارتفاع على المستوى العالمي. ويُشكّل الإفراط في استهلاك الأغذية الغنية بالسكر والدهون وآثارها السلبية على الصحة مشكلة متنامية في كثير من البلدان النامية والمتقدمة على السواء. ويمكن لزيادة استهلاك الأسماك بما تحتويه من خصائص تغذوية متنوعة وقيَّمة أن يحد مباشرة من انتشار سوء التغذية وأن يصحح الأنماط الغذائية المختلة التي ترتفع فيها السعرات الحرارية وتنخفض فيها المغذيات الدقيقة. ويتطلب ذلك تطبيق سياسات تغذوية سليمة لزيادة استهلاك الأسماك ومعالجة كثير من جوانب القصور التغذوي الأشد والواسعة الانتشار في العالم النامي، لا سيما نقص الحديد واليود والفيتامين ألف والزنك. ويمكن أن تتحقق المنافع التغذوية برمتها نتيجة استهلاك الأسماك الكاملة من الأنواع الصغيرة نظرًا لأن رؤوسها وعظامها وجلودها غنية بالمغذيات الدقيقة. ويساعد ذلك أيضًا على الحد من المهدر من الأسماك وتعزيز الأمن الغذائي العالمي. وبالإضافة إلى الوفاء بالمتطلبات التغذوية الأساسية، أشارت الدراسات إلى فوائد صحية متعددة مرتبطة باستهلاك الأسماك بانتظام. إذ يمكن لاستهلاك الأسماك لدى النساء الحوامل والأطفال الصغار بصفة خاصة أن يساهم في النمو الإدراكي أثناء المراحل الحرجة من نمو الأجنة أو الأطفال الصغار (الأيام الألف الحاسمة الأولى الأكثر أهمية). وبالإضافة إلى ذلك، ثمة أدلة تبيّن المنافع الصحية الناشئة عن استهلاك الأسماك على الصحة العقلية والوقاية من أمراض القلب والشرايين والسكتة الدماغية والتنكس البقعي المرتبط بالسن.
وتخفي البيانات العالمية عن استهلاك الأسماك وجود تباينات إقليمية كبيرة سواءً بين البلدان أو داخلها. ويتراوح الاستهلاك السنوي للفرد الواحد من الأسماك بين أقل من كيلوغرام واحد (1) وأكثر من 100 كيلوغرام بسبب تأثير العوامل الثقافية والاقتصادية والجغرافية، بما يشمل القرب من المصيد ومرافق تربية الأحياء المائية وإمكانية الوصول إليها. ويفسِّر ذلك إلى حد كبير سبب استمرار الدول الجزرية، مثل آيسلندا وكريباس وملديف وكثير من الدول الجزرية الصغيرة النامية، في تسجيل مستويات استهلاك تزيد في بعض الحالات مئات الأضعاف عن العديد من الدول غير الساحلية، مثل إثيوبيا ومنغوليا وطاجيكستان. ولا تزال هذه البلدان غير الساحلية تستهلك أقل من كيلوغرام واحد (1) من الأسماك على الرغم من أن التقدّم في اللوجستيات والبنية التحتية لسلسلة التوريد جعل من السهل تدريجيًا الوصول إلى المنتجات السمكية التي يتم حصادها وتجهيزها على بُعد آلاف الكيلومترات. وتمثّل الاختلافات في مستويات الدخل عاملًا مهمًا آخر وراء الاختلافات في استهلاك الأسماك شأنها شأن توافر البروتينات التي يمكن استخدامها كبدائل وأسعار تلك البروتينيات. وهناك محددات أخرى تشمل المناخ، والتغلغل في السوق، والخصائص الديمغرافية الإقليمية، وكذلك كثافة البنية التحتية للنقل والتوزيع وجودتها.
ورغم الفروق المستمرة في مستويات استهلاك الأسماك بين مناطق العالم وفرادى البلدان (الشكل 26)، يمكن تحديد بعض الاتجاهات الواضحة. ففي البلدان المتقدمة، ازداد الاستهلاك الفعلي السنوي للأسماك من 17.4 كيلوغرامات للفرد الواحد في عام 1961 ووصل إلى ذروته التي بلغت 26.4 كيلوغرامات للفرد الواحد في عام 2007، وتراجع تدريجيًا في السنوات التالية إلى 24.4 كيلوغرامات في عام 2017. أما في البلدان النامية، فكانت القيمة أقلّ رغم ازديادها بشكل ملحوظ من 5.2 كيلوغرامات في عام 1961 إلى 19.4 كيلوغرامات في عام 2017 بمعدل سنوي بلغ في المتوسط 2.4 في المائة. ومن بين هذه البلدان، سُجلت في أقل البلدان نموًا التي يقع معظمها في أفريقيا زيادة سنوية في استهلاك الفرد السنوي من الأسماك من 6.1 كيلوغرام في عام 1961 إلى 12.6 كيلوغرامات في عام 2017 بمعدل سنوي بلغ في المتوسط 1.3 في المائة. وازداد معدل النمو بصورة ملموسة في السنوات العشرين الأخيرة ووصل في المتوسط إلى 2.9 في المائة سنويًا، وهو ما يرجع بشكل أساسي إلى التوسّع في إنتاج الأسماك واستيرادها، لا سيما الأنواع السطحية الصغيرة، في عدد من الدول الأفريقية. وفي بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض التي ازداد فيها استهلاك الفرد السنوي من الأسماك من 4.0 كيلوغرامات في عام 1961 إلى 9.3 كيلوغرام في عام 2017، ظل معدل النمو ثابتًا تقريبًا عند حوالي 1.5 في المائة. وازدادت نسبة البروتينات السمكية من مجموع البروتينات الحيوانية في الأنماط الغذائية للمستهلكين في البلدان النامية مقارنة بالبلدان المتقدمة على الرغم من الانخفاض النسبي في مستويات استهلاكهم للأسماك. وفي عام 2017، شكّل استهلاك الأسماك حوالي 29 في المائة من متناول البروتينات الحيوانية في أقل البلدان نموًا، و19 في المائة في البلدان النامية الأخرى، وحوالي 18 في المائة في بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض. وسُجل ركود في هذه النسبة في السنوات الأخيرة، على الرغم من ازديادها منذ عام 1961، وذلك بسبب ازدياد استهلاك البروتينات الحيوانية الأخرى. وازدادت حصة الأسماك من متناول البروتينات الحيوانية بمعدل ثابت في البلدان النامية من 12.1 في المائة في عام 1961 إلى ذروة بلغت 13.9 في المائة في عام 1989، ثم تراجعت هذه النسبة إلى 11.7 في المائة في عام 2017 بينما تواصل ارتفاع استهلاك البروتينات الحيوانية الأخرى.
وظلت اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا تهيمن على نسبة كبيرة من استهلاك الأسماك في العالم على مرّ التاريخ. وفي عام 1961، استأثر الاستهلاك في هذه الأسواق الثلاث معًا بحوالي نصف (47 في المائة) إمدادات الأسماك في العالم. وفي عام 2017، باتت تلك النسبة أقرب إلى الخُمس (19 في المائة) من مجموع استهلاك الأسماك الغذائية الذي بلغ 153 مليون طن، بينما استأثرت آسيا بنسبة 71 في المائة (مقابل 48 في المائة في عام 1961). وزادت الصين بصفة خاصة حصتها من 10 في المائة في عام 1961 إلى 36 في المائة في عام 2017. واستهلكت الأمريكيتان في عام 2017 ما نسبته 10 في المائة من مجموع إمدادات الأسماك للأغراض الغذائية وتلتها أفريقيا التي بلغت نسبة استهلاكها 8 في المائة، وأوسيانيا بأقل من 1 في المائة. ونشأ هذا التراجع الكبير في أهمية الأسواق المتقدمة عن تغييرات هيكلية في القطاع. وشملت تلك التغييرات ازدياد دور البلدان الآسيوية في إنتاج الأسماك (لا سيما تربية الأحياء المائية) والتوسّع الحضري والزيادة الكبيرة في سكان بلدان الاقتصادات الناشئة، ونسبة مواطني الطبقة المتوسطة ذوي الدخل المرتفع، لا سيما في آسيا.
ومنذ عام 1961، ازداد متوسط استهلاك الفرد من الأسماك في آسيا بمعدل سنوي بلغ 2 في المائة. كما زاد استهلاك الفرد من الأسماك في أمريكا اللاتينية وأفريقيا بوتيرة أسرع مما كان عليه في الأسواق التقليدية الكبيرة خلال الفترة نفسها ليصل إلى 1.3 في المائة على حد سواء، ولكن هذه الأقاليم بدأت من قاعدة منخفضة. وفي الوقت نفسه كان استهلاك الفرد من الأسماك في أوروبا وأمريكا الشمالية أقل من 1 في المائة (0.8 و0.9 في المائة على التوالي)، وتراجع بما نسبته 0.2 في المائة سنويًا في اليابان. وسُجل في الآونة الأخيرة مزيد من الانخفاض في معدل نمو استهلاك الفرد في هذه الأسواق الأخيرة. ولا يزال من الممكن ازدياد الطلب في ظل تراجع مستويات استهلاك الفرد في الأسواق الناضجة، وهو ما يُعبِّر عن تحوّل نحو المنتجات الأعلى ثمنًا وقيمةً مضافةً بدلًا من الزيادات في الكميات المستهلكة.
وعلى المستويين الإقليمي والقاري، انخفض نصيب الفرد من استهلاك الأسماك في أفريقيا بينما وصل إلى ذروته التي بلغت 10.5 كيلوغرامات في عام 2014 ثم تراجع إلى 9.9 كيلوغرامات في عام 2017 (الجدول 16). غير أن الاستهلاك داخل أفريقيا تراوح بين حد أقصى بلغ 12 كيلوغرامًا للفرد الواحد في غرب أفريقيا و5 كيلوغرامات للفرد الواحد في شرق أفريقيا. ولوحظ نمو كبير في شمال أفريقيا (من 2.9 كيلوغرامات للفرد الواحد إلى 14.7 كيلوغرامات للفرد الواحد ما بين عامي 1961 و2017) بينما ظلّ استهلاك الفرد ثابتًا أو تراجع في بعض بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ويرجع انخفاض استهلاك الأسماك في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى عدد من العوامل المترابطة التي تشمل، من بين جملة أمور أخرى، ازدياد السكان بمعدل أكبر من معدل ازدياد المعروض من إمدادات الأسماك؛ وركود إنتاج الأسماك بسبب الضغوط الواقعة على موارد مصايد الأسماك الطبيعية؛ والتنمية الضعيفة لقطاع تربية الأحياء المائية. وعلاوة على ذلك، يُساهم انخفاض مستويات الدخل في تراجع مستوى استهلاك الأسماك، وكذلك عدم كفاية البنية التحتية اللازمة لعمليات الإنزال والتخزين والتجهيز، والافتقار إلى قنوات التسويق والتوزيع اللازمة لتسويق المنتجات السمكية. ومع ذلك، ينبغي التشديد على أن الأحجام الفعلية في أفريقيا ربما تكون أعلى من القيم المشار إليها في الإحصاءات الرسمية نظرًا إلى القصور في تسجيل مساهمات مصايد الكفاف وبعض مصايد الأسماك صغيرة النطاق والتجارة غير الرسمية عبر الحدود.
وترافقت الاتجاهات الواسعة التي دفعت نمو استهلاك الأسماك في العالم خلال العقود الأخيرة بكثير من التغييرات الأساسية في الطرق التي يتبعها المستهلكون في اختيار المنتجات السمكية وشرائها وتحضيرها واستهلاكها. وأدت عولمة الأسماك والمنتجات السمكية، مدفوعة بزيادة تحرير التجارة وتيسيرها من خلال التطورات في تكنولوجيات تجهيز الأغذية ونقلها، إلى توسيع سلاسل الإمداد إلى درجة بات من الممكن معها صيد نوع من الأسماك في بلد ما وتجهيزه في بلد آخر واستهلاكه في بلد ثالث. وساعدت التجارة الدولية على تقليل تأثير الموقع الجغرافي والإنتاج المحلي المحدود، ووسَّعت بذلك الأسواق أمام كثير من الأنواع، وأتاحت خيارات أوسع للمستهلكين. وتشكّل الواردات جزءًا كبيرًا ومتزايدًا من الأسماك المستهلكة في أوروبا وأمريكا الشمالية (ما يتراوح بين 70 و80 في المائة تقريبًا) وأفريقيا (35 في المائة في عام 2017 مقابل أكثر من 40 في المائة في السنوات السابقة) بسبب الطلب الكبير عليها، بما في ذلك الطلب على الأنواع غير المنتجة محليًا، إزاء الإنتاج السمكي المحلي الثابت أو الآخذ في التراجع. وأتاح هذا التطور للمستهلكين إمكانية الحصول على أنواع من الأسماك التي يتم صيدها أو استزراعها في أقاليم بعيدة عن مكان شرائها، كما أدى التطور إلى إدخال أنواع ومنتجات جديدة إلى ما كان يُشكّل من ذي قبل مجرد أسواق محلية أو إقليمية. وعلى الرغم من تعدد الخيارات المتاحة لمستهلك معيَّن، تتشابه الخيارات بصورة متزايدة بين البلدان والأقاليم على الصعيد العالمي. وأدى أيضًا التنويع الدولي لمصادر الإمدادات والتطورات في تكنولوجيات الحفظ بدرجة ما إلى التقليل من النقص الموسمي في أنواع بعينها في بعض الأسواق. ونتيجة لذلك، من المرجح أن يتأثر استهلاك عدد أكبر من الأشخاص في أسواق متباعدة جغرافيًا بصدمات الإمداد الكبيرة المؤثرة على الأنواع الرئيسية. ويزداد الطلب على نُظم التتبّع وخطط إصدار الشهادات لمجموعة متزايدة من الأسماك والمنتجات السمكية في ظل ازدياد وعي المستهلكين بمسائل الاستدامة والمشروعية والسلامة والجودة.
كما ساهم التوسع الحضري في تشكيل طبيعة استهلاك الأسماك ونطاقها في بلدان كثيرة. ومنذ عام 2007، يُمثّل سكان المناطق الحضرية أكثر من نصف سكان العالم، ولا تزال هذه النسبة آخذة في الازدياد. وبلغ عدد المدن الكبرى (المدن التي يزيد عدد سكانها على 10 ملايين نسمة) 33 في عام 2018، منها أكثر من 15 مدينة في البلدان النامية (إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة، 2018). ويمتلك سكان المناطق الحضرية في العادة دخلًا أكبر يمكنهم إنفاقه على البروتينات الحيوانية، مثل الأسماك، وتناول الطعام خارج المنزل في أغلب الأحيان. وبالإضافة إلى ذلك، تتيح البنية التحتية في المناطق الحضرية قدرًا أكبر من الكفاءة في تخزين الأسماك والمنتجات السمكية وتوزيعها وتسويقها. وتتطور المتاجر الكبرى والمتاجر الكبيرة بسرعة في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ويزداد بيع المنتجات السمكية من خلال هذه القنوات مقابل تجار الأسماك التقليديين وأسواق السمك. وفي الوقت نفسه، تمثّل سهولة تحضير الطعام اعتبارًا متزايد الأهمية لدى سكان المناطق الحضرية الذين يعيشون أسلوب حياة سريع الإيقاع ويواجهون طلبًا كبيرًا على وقتهم. ونتيجة لذلك، يزداد الطلب على المنتجات السمكية التي يتم إعدادها وتسويقها من أجل الراحة سواءً من خلال تجارة التجزئة أو خدمات الأغذية السريعة. وتتميَّز التفضيلات الغذائية للمستهلكين في المناطق الحضرية في العصر الحديث بالتشديد على الحياة الصحية والاهتمام الكبير نسبيًا بمنشأ الأغذية التي يتناولونها – وهذه اتجاهات من المرجح أن تواصل تأثيرها على أنماط استهلاك الأسماك في الأسواق التقليدية والناشئة على حد سواء.
ومع أن منتجي الأسماك ومسوّقيها يمكن أن يحافظوا على درجة من التجاوب مع التطورات التي تطرأ على تفضيلات المستهلكين، فإن لتوافر الموارد الطبيعية والاعتبارات البيولوجية دورًا أساسيًا في تحديد الأنواع والمنتجات المتاحة للمستهلكين. وأدى التوسّع الكبير في تربية الأحياء المائية منذ منتصف ثمانييات القرن الماضي إلى زيادة حادة في نسبة الأسماك المستزرعة المستهلكة مقارنة ببدائلها البرية حتى في ظلّ وجود اختلافات بين البلدان والأقاليم من حيث التفضيلات، وتستهلك البلدان الآسيوية، وهي البلدان المنتجة الرئيسية، حصة أكبر من الأسماك المستزرعة. وعلى المستوى العالمي، تُشكّل تربية الأحياء المائية منذ عام 2016 المصدر الرئيسي للأسماك المتاحة للاستهلاك البشري، وهو ما يمثّل زيادة ملحوظة بالنظر إلى أن هذه النسبة اقتصرت على 4 في المائة في عام 1950، و9 في المائة في عام 1980، و19 في المائة في 1990 (الشكل 27). وفي عام 2018، بلغت هذه النسبة 52 في المائة، ومن المتوقع أن تستمر في المدى البعيد. ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن هذه الأرقام لا تُعبِّر عن الكمية المتناولة بالفعل (الإطار 5). وإذا أُخذت في الاعتبار الكميات الصالحة للأكل (أي عندما تُستبعد القشور والأجزاء الأخرى غير الصالحة للأكل التي يمكن أن تتفاوت أيضًا بتفاوت التقاليد)، ستظل مصايد الأسماك الطبيعية أهم مصدر للأسماك المأكولة نظرًا لارتفاع حصة الرخويات ذوات المصراعين والقشريات المستزرعة مقارنة بالأنواع البرية، ولكن الفجوة بدأت تضيق.
وتنطوي هيمنة تربية الأحياء المائية في أسواق الأسماك العالمية على تداعيات مهمة بالنسبة لتوزيع الأسماك واستهلاكها. ويتيح استزراع الأسماك مراقبة عمليات الإنتاج أكثر مما في مصايد الأسماك الطبيعية، كما أنه أنسب لإتاحة التكامل الرأسي والأفقي في الإنتاج وسلاسل الإمداد. ونتيجة لذلك، أدّت تربية الأحياء المائية إلى زيادة توافر الأسماك بأسعار أرخص في الأقاليم والبلدان التي تقلّ أو تنعدم فيها إمكانية الحصول على الأنواع المستزرعة، وهو ما يؤدي إلى تحسين التغذية والأمن الغذائي. وأدى التوسّع في إنتاج تربية الأحياء المائية، خاصة تربية أنواع مثل الإربيان، والسلمون، والرخويات ذوات المصراعين، والبلطي، والشبوط، والقرموط (بما في ذلك سمك البنغاسيوس) إلى زيادة مطردة في معدلات استهلاك الفرد من هذه المجموعات من الأنواع في السنوات الأخيرة. ومنذ بداية التوسّع في إنتاج تربية الأحياء المائية في عام 1990، كان متوسط معدل النمو السنوي في استهلاك الفرد حتى عام 2017 أكبر في استهلاك أسماك المياه العذبة والأسماك الثنائية المجال (3.9 في المائة) والقشريات (2.9 في المائة) والرخويات، باستثناء رأسيات الأرجل (2.7 في المائة). وفي الوقت نفسه، كان النمو في فئات الأنواع المؤلفة بشكل أساسي من الأسماك البرية (رأسيات الأرجل، والأسماك السطحية، والأسماك القاعية، والأسماك البحرية الأخرى) صفريًا أو سلبيًا خلال الفترة نفسها، باستثناء رأسيات الأرجل، إذ سُجلت زيادة طفيفة بمعدل نمو سنوي بلغ في المتوسط 0.1 في المائة في الفترة 1990-2017.
وفي عام 2017، شكّلت الزعنفيات حوالي ثلثي الأسماك المستهلكة. ومع ذلك، تراجعت منذ عام 1961 نسبة مجموع الزعنفيات (من المياه العذبة والبحرية) في إجمالي إمدادات الأسماك للأغراض الغذائية من 86 إلى 74 في المائة. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى انخفاض حصة الأسماك البحرية (من 69 إلى 34 في المائة) وزيادة حصة زعنفيات المياه العذبة وأسماك المياه الثنائية المجال (من 17 إلى 40 في المائة)، والقشريات (من 5 إلى 10 في المائة) والرخويات، باستثناء رأسيات الأرجل (من 7 إلى 13 في المائة) في الفترة نفسها الممتدة من عام 1961 إلى 2017. وتألفت المجموعة الرئيسية من الأنواع المستهلَكة في عام 2017 من أسماك المياه العذبة والأسماك الثنائية المجال حيث بلغت 8.1 كيلوغرام للفرد، وتليها الأسماك السطحية (3.1 كيلوغرام)، والرخويات، باستثناء رأسيات الأرجل (2.6 كيلوغرامات)، والقشريات (2.0 كيلوغرام)، والأسماك القاعية (2.8 كيلوغرامات)، والأسماك البحرية الأخرى (1.0 كيلوغرام)، ورأسيات الأرجل (0.5 كيلوغرام) والحيوانات المائية الأخرى واللافقاريات (0.2 كيلوغرام). ومن المهم الإشارة إلى أن هذه الحسابات التي تُستخدم فيها القيم بدلًا من الأحجام ستسفر عن اختلافات كبيرة نظرًا إلى انخفاض قيمة نسبة كبيرة من أنواع المياه العذبة، مثل الشبوط، بينما ترتفع كثيرًا أسعار القشريات، مثل الإربيان والكركند على سبيل المثال.
ولا تشمل ميزانيات الأغذية حاليًا الطحالب البحرية والنباتات المائية الأخرى المستزرعة في جانب كبير منها وإن كانت تشكّل مكونًا مهمًا في المطبخ الوطني في كثير من أنحاء آسيا، لا سيما شرق آسيا. وتشمل الأنواع المستزرعة طحالب نوري الحمراء (النوعان Pyropia وPorphyra) المستخدمة في تغليف السوشي، وعشبة البحر اليابانية (Laminaria japonica)، وهي وجبة خفيفة شعبية في شرق آسيا تؤكل مجففة أو مخللة، وطحالب يوكيوما (Eucheuma) المستخدمة في تجهيز الأغذية وكذلك كمكوّن في مستحضرات التجميل. وتحتوي الطحالب البحرية على معادن مغذيات دقيقة (مثل الحديد والكالسيوم واليود والبوتاسيوم والسيلينيوم) والفيتامينات (لا سيما ألف وجيم وباء–12) وهي المصدر غير السمكي الوحيد لأحماض أوميغا–3 الطبيعية الطويلة السلسلة.
بعد حوالي 50 عامًا من التوسّع السريع، أكدت التجارة الدولية دورها المهم في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم اليوم باعتبارها قوة محركة للنمو الاقتصادي وعاملًا مساهمًا في الأمن الغذائي العالمي. وتتسم صادرات الأسماك والمنتجات السمكية بأهميتها الأساسية في اقتصادات كثير من البلدان والأقاليم. ومن ذلك على سبيل المثال أنها تستأثر بما يزيد على 40 في المائة من مجموع قيمة تجارة السلع في كابو فيردي وجزر فارو وغرينلاند وآيسلندا وملديف وسيشيل وفانواتو. وفي عام 2018، بلغت الأسماك المتداولة في التجارة الدولية 67 مليون طن (بمكافئ الوزن الحي)، أي ما يعادل تقريبًا 38 في المائة من جميع الأسماك التي تم صيدها أو استزراعها على نطاق العالم (الشكل 28). وفي السنة نفسها، قُدّمت تقارير من 221 دولة وإقليمًا تفيد عن ممارسة نشاط ما من أنشطة تجارة الأسماك. وتمثّل القيمة الإجمالية المسجَّلة للصادرات التي بلغت 164 مليار دولار أمريكي في عام 2018 13 حوالي 11 في المائة من قيمة صادرات المنتجات الزراعية (باستثناء المنتجات الحرجية) وحوالي 1 في المائة من قيمة مجموع التجارة السلعية. وإذا أُخذت في الاعتبار صادرات الأسماك واللحوم البرية الموجَّهة إلى الاستهلاك البشري يتبيَّن أن لحوم الأسماك منذ عام 2016 كانت أعلى من اللحوم البرية من حيث القيمة (51 في المائة مقابل 49 في المائة). ومع ذلك، لا تشمل هذه الأرقام العالمية قيمة التجارة في خدمات مصايد الأسماك، مثل الإرشاد وإدارة الموارد وتنمية البنية التحتية وإصدار الشهادات والتوسيم وتعزيز التجارة وخدمات التسويق والصيانة والبحوث. ولا تزال القيمة الإجمالية لهذه الخدمات غير معروفة لأنها تُسجَّل في العادة مع قيمة الخدمات المرتبطة بالخدمات الأخرى.
وجاء نمو التجارة الدولية في الأسماك والمنتجات السمكية في جانب كبير منه عقب التوسّع في التجارة بشكل عام، وهو ما عززته سياسات العولمة والتحرير في العقود الأخيرة. وخلال الفترة من 1960 إلى 2018، ازدادت حصة التجارة السلعية في الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 16.7 إلى 46.1 في المائة (البنك الدولي، 2020). وفي ما يتعلق بقطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وكثير من الصناعات، يمكن تقسيم هذا التكامل الاقتصادي العالمي المتدرج إلى عدد من اتجاهات مترابطة ولكن متمايزة، على الشّكل التالي. فقد أصبحت الأنشطة الاقتصادية المختلفة اللازمة لإنتاج الأسماك وتجهيزها وحفظها وتعبئتها مجزأة جغرافيًا بصورة أكبر، وبدأت سلاسل إمداد الأسماك تزداد طولًا وتعقيدًا. وتَعبر المنتجات السمكية في كثير من الأحيان حدودًا دولية متعددة أثناء رحلتها من الإنتاج إلى التجهيز ثم إلى المستهلك النهائي. وأصبحت حملات التسويق الدولية الواسعة تُشكّل أحداثًا منتظمة نظرًا لسعي البلدان المنتجة إلى توسيع أسواق التصدير وتنويعها، وساعدت أيضًا، إلى جانب تكنولوجيا المعلومات، على تيسير دمج الأطباق التي طالما كانت تخص بلدان بعينها، مثل السوشي، في قوائم الأغذية البحرية في العالم. وبالنسبة إلى المنتجين المحليين، باتت ديناميكيات السوق الدولية الأوسع متزايدة الأهمية، إذ تشير التقديرات إلى أن 78 في المائة من الأسماك والمنتجات السمكية تتعرّض لمنافسة من التجارة الدولية (Tveterås وآخرون، 2012). ولم يعد أثر صدمات حدوث اختلالات في الإمدادات المعروضة، مثل تفشّي الأمراض وغير ذلك من أسباب تقلّب الأسعار في كثير من الأنواع التي يكثر تداولها في التجارة الدولية، مقصورًا على البلد أو المنطقة التي تقع فيها تلك الصدمات.
وخلال الفترة من 1976 إلى 2018، ازدادت قيمة صادرات الأسماك والمنتجات السمكية العالمية بمعدل سنوي بلغ8 في المائة بالقيمة الإسمية و4 في المائة بالقيمة الحقيقية (المعدَّلة لمراعاة التضخم). وزادت إيرادات التصدير في عام 2018 بأكثر من 20 مرّة على أرقام عام 1976 التي بلغت 7.8 مليارات دولار أمريكي. وخلال الفترة نفسها، ازدادت كميات الصادرات العالمية بمعدل 3 في المائة سنويًا من 17.3 مليون طن (بمكافئ الوزن الحي). ويُشير التباطؤ النسبي في معدل نمو الحجم إلى زيادة مطردة في قيمة الوحدة بمرور الوقت، وهو انعكاس لكل من ارتفاع أسعار الأسماك وازدياد نسبة المنتجات المجهَّزة في حجم التجارة.
وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية أثناء الفترة 2008–2009، تباطأت عمومًا اتجاهات الارتفاع في التجارة الدولية للأسماك والمنتجات السمكية، وهو ما يُعبِّر عن تباطؤ في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي الذي شهد جوًا من الكساد وضعف ثقة المستهلك خيّم على عدة أسواق رئيسية متقدمة وناشئة. وسجلت بعد ذلك تجارة الأسماك والتجارة السلعية في مجملها هبوطًا حادًا في عام 2015 بنسبة بلغت 10 و13 في المائة على التوالي. وشملت بعض العوامل وراء هذا الانكماش العقوبات التجارية المفروضة على الاتحاد الروسي والهبوط الاقتصادي في البرازيل وتحسّن قيمة دولار الولايات المتحدة مقابل مجموعة من العملات ما قلّل من القيمة الفعلية للعمليات التجارية التي أُجريت بهذه العملات. وتحقق بعض ذلك انتعاش في السنوات 2016 و2017 و2018 التي سُجلت فيها معدلات نمو في تجارة الأسماك والمنتجات السمكية بما نسبته 7 في المائة، و9 في المائة، و5 في المائة في ظل تحسّن الظروف الاقتصادية في معظم اقتصادات العالم والزيادة القوية في أسعار الأسماك.
وأدى تصاعد التوترات التجارية مؤخرًا بين اثنين من أكبر الشركاء التجاريين في العالم، هما الصين والولايات المتحدة الأمريكية، إلى ظهور حالة من عدم التيقن في سوق الأسماك العالمية. وبينما شملت قائمة الرسوم الجمركية التي فرضتها البلدان عددًا من منتجات الأسماك المتداولة كثيرًا في التجارة، مثل البلطي والكركند، فإن الأثر الاقتصادي الأوسع وعدم التيقن العام كان في نهاية المطاف القوة المحرّكة الرئيسية لتباطؤ النمو، ليس فقط في الصين والولايات المتحدة الأمريكية، بل وكذلك على المستوى العالمي. وتشير التقديرات المتاحة لعام 2019 إلى أن مجموع قيمة التجارة تقلص بنحو 2 في المائة من حيث الكمّ والقيمة مقارنة بالسنة السابقة. وأثّر بالفعل تفشي مرض فيروس كورونا (كوفيد–19) الذي لا يزال مستمرًا حتى وقت كتابة هذا التقرير (مارس/آذار 2020) سلبًا على التجارة بين المصدّرين والمستوردين الرئيسيين في عام 2020.
ويبيّن الشكل 29 البلدان الأولى من حيث تصدير واستيراد الأسماك والمنتجات السمكية. وكانت الصين أيضًا، بالإضافة إلى كونها المنتج الرئيسي للأسماك، أكبر مُصدّر للأسماك والمنتجات السمكية منذ عام 2002، وثالث أكبر بلد مستورد من حيث القيمة منذ عام 2011. وازدادت واردات الصين في السنوات الأخيرة جزئيًا بسبب اعتمادها على مصادر خارجية في بلدان أخرى لإجراء عمليات التجهيز، ويُعبِّر ذلك أيضًا عن تنامي الاستهلاك المحلي في الصين للأنواع غير المنتجة محليًا. ووفقًا لآخر التقديرات المتاحة لعام 2019، تراجعت صادرات الصين بحوالي 7 في المائة مقارنة بعام 2018 (20 مليار دولار مقابل 21.6 مليار دولار)، ربما تأثرت بالنزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
وأصبحت النرويج المصدِّر الرئيسي الثاني منذ عام 2004، وتليها الآن فييت نام التي أصبحت المصدر الرئيسي الثالث منذ عام 2014. ويتألف مصيد الأسطول النرويجي من كميات كبيرة من الأنواع السطحية الصغيرة والأسماك القاعية، مثل سمك القد، في حين أن قطاع استزراع السلمون في النرويج هو الأكبر في العالم. وفي ظلّ ارتفاع أسعار سمك القد والسلمون على نطاق العالم، حققت صناعة صادرات الأغذية البحرية في النرويج أرقامًا قياسية في إيرادات التصدير خلال السنوات الأخيرة وصلت إلى ذروة بلغت 12 مليار دولار أمريكي في عام 2018 قبل أن تتراجع قليلًا (-0.1 في المائة) في عام 2019. وفي الوقت نفسه نجحت فييت نام في الحفاظ على نمو ثابت في السنوات الأخيرة. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى قوة اتصالاتها التجارية مع السوق الصينية السريعة النمو وتوسعها في قطاع استزراع سمك البنغاس (Pangasius spp.) في دلتا نهر ميكونغ، وازدهار صناعة التجهيز وإعادة التصدير.
ومنذ عام 2017، أصبحت الهند رابع مصدّر رئيسي بفضل الزيادة الحادة في إنتاج الإربيان المستزرع. ومع ذلك، وبعد تحقيق مستوى الذروة الذي بلغ 7.2 مليار دولار أمريكي في عام 2017، انخفضت قيمة صادرات الهند بما نسبته 3 في المائة في عام 2018 وبنسبة أخرى بلغت 1 في المائة في عام 2019 (6.8 مليار دولار أمريكي)، مدفوعة في ذلك بشكل رئيسي بفعل تراجع أسعار الإربيان. وفي شيلي، اتسع إنتاج تربية الأحياء المائية من سمك السلمون الأطلسي وسلمون كوهو وسمك تراوت قوس قزح وتحوّل إلى صناعة حديثة بمليارات الدولارات وبات يحتل المرتبة الثانية بعد النرويج في الإنتاج العالمي من تربية الأحياء المائية. وشهدت شيلي نموًا مستدامًا في إيرادات التصدير إزاء الطلب العالمي القوي على سمك السلمون في جميع أنحاء الأمريكيتين وأوروبا وآسيا وفي ظل الزيادة في الأسعار. وفي عام 2018، أصبحت شيلي خامس مصدِّر رئيسي للأسماك والمنتجات السمكية، ولكن قيمتها تراجعت في عام 2019 بما نسبته 3 في المائة لتصل إلى 6.6 مليارات دولار أمريكي. وشهدت تايلند، سادس مصدِّر رئيسي للأسماك، تراجعًا كبيرًا في الصادرات منذ عام 2012، وذلك بشكل أساسي بسبب انخفاض إنتاجها من الإربيان نتيجة تفشي الأمراض التي أدت إلى تآكل قدرتها التنافسية على المستوى العالمي.
ومن السّمات المميزة لتطور سوق الأسماك العالمية الزيادة المطردة في حصة البلدان النامية من تدفقات التجارة الدولية وما صاحب ذلك من تسارع معدلات النمو بالمقارنة مع البلدان المتقدمة (الشكل 30). وخلال الفترة من عام 1976 إلى عام 2018، ازدادت الصادرات من البلدان النامية بمعدل 8.4 في المائة سنويًا من حيث القيمة مقابل 6.8 في المائة في البلدان المتقدمة. وفي الفترة من 1976 إلى 2018، ازدادت حصة البلدان النامية من تجارة الأسماك والمنتجات السمكية من 38 في المائة من قيمة الصادرات العالمية إلى 54 في المائة، ومن 39 في المائة إلى 60 في المائة من مجموع الكميات (بمكافئ الوزن الحي) مدعومة في ذلك بقوة نمو إنتاجها في قطاع تربية الأحياء المائية والاستثمار الكبير في تنمية سوق التصدير. وحققت الصين وسائر بلدان شرق آسيا وجنوبها الشرقي وأمريكا الجنوبية أكبر المكاسب خلال تلك الفترة. وفي عام 2018، بلغت قيمة صادرات الأسماك في البلدان النامية 88 مليار دولار أمريكي ووصلت إيراداتها الصافية من تصدير الأسماك (الصادرات مخصومًا منها الواردات) 38 مليار دولار أمريكي، أي أعلى من صادرات السلع الزراعية الأخرى (مثل اللحوم والتبغ والأرزّ والسكر) مجتمعة. وتساهم تجارة الأسماك والمنتجات السمكية، باعتبارها مصدرًا لإيرادات التصدير ولفرص العمل، بدور مهم في النمو الاقتصادي في البلدان النامية.
واستأثرت ثلاث أسواق رئيسية بنسبة كبيرة من مجموع الواردات لعدة عقود – الاتحاد الأوروبي،14 والولايات المتحدة الأمريكية واليابان – وهي جميعًا تعتمد بشكل كبير على الواردات لتلبية طلب المستهلكين على أنواع أغلى نسبيًا في كثير من الأحيان من الأنواع التي تستهلكها البلدان الأخرى. وفي عام 1976، مثَّلت قيمة واردات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية واليابان 33 في المائة و22 في المائة و21 في المائة على التوالي من الإجمالي العالمي. وبينما لم يطرأ تغيير على حصة الاتحاد الأوروبي (34 في المائة) في عام 2018، انخفضت حصتي الولايات المتحدة الأمريكية واليابان إلى 14 في المائة و9 في المائة على التوالي. ووفقًا لأحدث التقديرات المتاحة، استمرت هذه الاتجاهات في عام 2019. ونجم تراجع حصتيهما عن تسارع نمو الطلب في كثير من الاقتصادات الناشئة، لا سيما في شرق آسيا وجنوبها الشرقي.
وبينما لا تزال الأسواق المتقدمة تهيمن على واردات الأسماك، فإن أهمية البلدان النامية كمستهلك وكمنتج للأسماك والمنتجات السمكية ازدادت باطراد. وأدى التوسع الحضري وتحسّن الدخل المتاح واتساع الطبقة المتوسطة المستهلكة للأغذية البحرية إلى زيادة نمو الطلب في الأسواق الناشئة بخطى أسرع بكثير مما كان ملحوظًا في البلدان النظيرة المتقدمة. وفي عام 2018، مثَّلت واردات الأسماك في البلدان النامية 31 في المائة من المجموع العالمي من حيث القيمة و49 في المائة من حيث الكمية (بالوزن الحي) مقابل 12 في المائة و19 في المائة على التوالي في عام 1976. وبالنظر إلى ازدياد القوة الشرائية للمستهلك وتطور تفضيلاته، تتجه نسبة متزايدة من الإنتاج الذي كان يُصدَّر من قبل إلى الأسواق المتقدمة نحو تلبية طلب المستهلكين الإقليميين والمحليين. وباتت بلدان مثل البرازيل والصين الآن مستهلكًا كبيرًا للأنواع العالية القيمة، مثل الإربيان والسلمون. وفي ما يتعلق ببلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، ازدادت قيمة الواردات بمعدل نمو سنوي بلغ في المتوسط حوالي 6 في المائة في الفترة 1976-2018، ولكن هذه القيم بقيت في معظم الحالات عند مستويات منخفضة للغاية مقارنة بسائر العالم.
وفي عام 2018، بلغ متوسط قيمة واردات الأسماك والمنتجات السمكية في البلدان النامية 1.6 دولارات أمريكية لكل كيلوغرام مقابل 3.4 دولار أمريكي للكيلوغرام الواحد في البلدان المتقدمة. وبالتالي، بينما تشابهت أحجام الواردات في المجموعتين، استأثرت البلدان المتقدمة بحوالي 69 في المائة من قيمة الواردات العالمية في عام 2018 وكذلك، وفقًا للبيانات الأوّلية، في عام 2019. ويرجع هذا التضارب في جانب كبير منه إلى دور مستويات الدخل في تحديد أنواع المنتجات التي يطلبها المستهلكون، بالإضافة إلى اختلاف عادات استهلاك الأغذية. ومن العوامل الأخرى التي تدفع قيمة الوحدة نحو الهبوط في واردات البلدان النامية حجم أنشطة التجهيز وإعادة التصدير في هذه الأقاليم.
ولا تزال تدفقات التجارة الأقاليمية (الشكل 31) كبيرة، على الرغم من أن الإحصاءات الرسمية لا تُعبِّر بشكل كافٍ عن هذه التجارة في كثير من الأحيان، لا سيما في أفريقيا وبلدان مختارة في آسيا وأوسيانيا. ولا تزال أوسيانيا والبلدان النامية في آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بلدانًا مصدّرة صافية كبرى للأسماك. وانتعشت صادرات أمريكا اللاتينية التي تشمل بشكل أساسي الإربيان والتونة والسلمون والمساحيق السمكية من إكوادور وشيلي وبيرو في عام 2018. وتتميَّز أوروبا وأمريكا الشمالية بعجز تجاري في قطاع الأسماك (الشكل 32). أما أفريقيا، فهي مستورد صافٍ من حيث الحجم، ولكنها مصدِّر صافٍ من حيث القيمة، وهو ما يُعبِّر عن ارتفاع قيمة وحدة الصادرات الموجهة بشكل رئيسي إلى أسواق البلدان المتقدمة، لا سيما أوروبا. وتتألف الواردات الأفريقية في جانب كبير منها من أنواع سطحية صغيرة رخيصة الثمن، مثل الماكريل أو البلطي، ولكنها تُمثِّل مصدرًا مهمًا للتنويع الغذائي للسكان الذين يعتمدون بخلاف ذلك على مجموعة ضيقة من الأغذية الأساسية.
ومما يسَّر تنامي أهمية تدفقات التجارة الإقليمية زيادة عدد اتفاقات التجارة الإقليمية باطراد منذ تسعينيات القرن الماضي. وهذه الاتفاقات هي اتفاقات تجارة متبادلة تحدِّد معدلات تبادل تجاري تفضيلية بين الشركاء التجاريين في المنطقة الجغرافية نفسها. وتنطبق هذه الاتفاقات حاليًا على نسبة كبيرة من التجارة العالمية بالأسماك والمنتجات السمكية، ومن المتوقع أن تستمر في أداء دور بازر في هيكل التجارة الدولية وديناميكياتها.
وتُستخدم التعريفات، باعتبارها مكونات أساسية للاتفاقات الثنائية أو باعتبارها تدابير مفروضة من جانب واحد، على نطاق واسع في أدوات السياسات التجارية وتُشكِّل محدِّدات مهمة لتدفقات التجارة العالمية. ويمنع مبدأ منظمة التجارة العالمية للدول الأكثر رعاية بصفة عامة الأعضاء من التمييز بحق الشركاء التجاريين، ولكن يمكن تخفيض التعريفات الجغرافية أو إزالتها كجزء من اتفاقات التجارة الحرة أو تسهيل وصول البلدان النامية إلى الأسواق من خلال تطبيق نُظم التعريفات التفضيلية، مثل نظام الأفضليات المعمَّم. ولا تزال أسعار التعريفات المفروضة على الأسماك والمنتجات السمكية منخفضة بصورة عامة، لا سيما التعريفات المفروضة على المواد الخام غير المجهزة. ومع ذلك، لا يزال كثير من البلدان النامية يفرض تعريفات عالية على الأسماك والمنتجات السمكية، وهو ما يمكن أن يحدّ من التجارة الأقاليمية. وفي حالات أخرى، تخضع منتجات سمكية معيَّنة، مثل التونة المعلَّبة وشرائح التونة، لحصص الرسوم الجمركية. ويتيح ذلك استيراد كمية معيَّنة من المنتج بتعريفة مخفّضة. ويمكن أيضًا استخدام معدلات الرسوم الجمركية كحوافز كما في نظام التفضيلات المعمم للاتحاد الأوروبي الذي يتيح مزيدًا من الحوافز التجارية للبلدان التي يمكنها إثبات الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق العمل، والتنمية المستدامة، والحكم الرشيد. وشكّل تخفيض التعريفات المفروضة على الواردات قوة دافعة رئيسية للتوسّع في التجارة الدولية خلال العقود الأخيرة، وبات من المقبول بصفة عامة زيادة تخفيض التعريفات مع مرور الوقت رغم توقف هذا الاتجاه مؤقتًا أو تراجعه بسبب التطورات الجغرافية السياسية أو التحولات في السياسات المحلية.
وعلاوة على ذلك، يمكن أن تؤثر عوامل أخرى عديدة على إمكانية وصول البلدان المصدِّرة إلى الأسواق الدولية. ويفرض المنظمون والمشترون، لا سيما كبار شركات التجزئة الموحدة، أنواعًا مختلفة من المعايير والمتطلبات على المنتجات المستوردة. وتشمل هذه التدابير التجارية غير الجمركية ما يلي: معايير السلامة والجودة؛ وإجراءات ترخيص الاستيراد؛ وقواعد المنشأ وتقييم الامتثال؛ ومعالجة التصنيفات الجمركية؛ وإجراءات التقييم والتخليص الجمركي. ونتيجة لذلك، يمكن لعملية تأمين الوصول إلى أسواق منتج معيَّن أن تنطوي على إجراءات ورقية موسَّعة، وإجراءات مطوَّلة لاستصدار الشهادات، ورسوم مختلفة، ويمكن أن تتطلب درجة من المعرفة والقدرة التقنية التي قد يتعذَّر تحقيقها، لا سيما بين الموردين في البلدان النامية. ومن المتوقع أن يساعد دخول اتفاق منظمة التجارة العالمية لتيسير التجارة حيز التنفيذ في فبراير/شباط 2017 على التغلّب على بعض هذه التحديات وتسريع حركة التداول، والإفراج عن السلع وتخليصها جمركيًا عبر الحدود، وبالتالي الحدّ من هذه التأثيرات السلبية على التجارة.
وتتأثر البلدان النامية على وجه الخصوص بالعواقب السلبية المحتملة للوائح التنظيمية والمعايير المفرطة الصرامة، ذلك أن الامتثال يمكن أن يفرض تكاليف باهظة على المشاركين في سلسلة الإمداد التي تتألف في كثير من الأحيان من أعمال تجارية صغيرة مشتتة تفتقر إلى القدرة المطلوبة من حيث البنية التحتية والتكنولوجيا والخبرة الفنية. وفي ما يتعلق بالأسماك والمنتجات السمكية، فإن اللوائح التنظيمية والمعايير المرتبطة باستدامة الموارد وإنتاج تربية الأحياء المائية هي الأكثر صلة في هذا الصدد لأنها كثيرة ومتنوعة. ويمثل ذلك مجالًا محتملًا للنزاعات التجارية الناشئة عن المعايير المتعددة والمتنوعة ومتطلبات تقييم الامتثال.
يمكن لإحصاءات التجارة بالسلع السمكية أن تدعم إدارة الموارد السمكية، ويمكن أن تساعد على الكشف عن تحركات المنتجات المتحصَّل عليها بطريقة غير مشروعة. ومع ذلك، يتوقف الاستخدام في هذا الصدد على دقة البلاغات وتفاصيلها. وتصنَّف إحصاءات التجارة في العادة ضمن فئات سلعية محدَّدة وفقًا للنظام المنسق لتوصيف السلع وترميزها الذي وضعته منظمة الجمارك العالمية. وأكبر مستوى مُجمَّع داخل هذا النظام هو المستوى المؤلف من ستة أرقام وينبغي أن يكون التصنيف عند هذا المستوى موحدًا في جميع أجهزة الإبلاغ. ويمكن لفرادى البلدان والأقاليم أن تدرج في كثير من الأحيان فئات سلعية إضافية عند مستويات تجميعية أقل من أجل مراعاة منتجات أو مجموعات منتجات معيَّنة ذات أهمية خاصة. ويعتمد استخدام إحصاءات التجارة على دقة الإبلاغ والتفاصيل المتضمنة في تعريف فئات رموز النظام المنسق لتوصيف السلع الأساسية وترميزها. وسعت منظمة الأغذية والزراعة إلى النهوض بالجهود في هذا الاتجاه عن طريق الدفع نحو تعديل رموز تصنيف الأسماك والمنتجات السمكية في عامي 2012 و2017 لمعالجة مسألة عدم كفاية التصنيف حسب الأنواع وأشكال المنتجات. ومع ذلك، لا يزال ثمة مجال كبير للتحسين من حيث الفروق التي تُميِّز بين مختلف الأنواع وأنماط المنتجات. ومن الفروق الملحوظة غير الموضحة في إطار النظام المنسق لتوصيف السلع الأساسية وترميزها عند مستوى الأرقام الستة التمييز بين المنتجات المستزرعة والمنتجات الطبيعية. وتُشير التقديرات الحالية الموثوقة إلى أن الحصة التقريبية من منتجات تربية الأحياء المائية في التجارة الدولية تبلغ ربع مجموع الكمية وثلث مجموع القيمة. وإذا أُخذت في الاعتبار المنتجات السمكية الموجَّهة إلى الاستهلاك المباشر فقط تزداد هذه الحصة إلى ما يتراوح بين 27 و29 في المائة من الأحجام المتداولة في التجارة، وما يتراوح بين 36 و38 في المائة من القيمة.
ويتألف أكثر من 90 في المائة من الكمية (بمكافئ الوزن الحي) المتداولة في تجارة الأسماك والمنتجات السمكية من منتجات مجهَّزة (أي باستثناء الأسماك الكاملة الحية والطازجة) في عام 2018، واستأثرت المنتجات المجمَّدة بأعلى حصة. وعلى الرغم من قابلية الأسماك للتلف بسرعة، أدى طلب المستهلكين والتكنولوجيا المبتكرة في مجال التبريد والتغليف والتوزيع إلى زيادة تجارة الأسماك الحية والطازجة والمبرَّدة التي استأثرت بحوالي 10 في المائة من تجارة الأسماك العالمية في عام 2018. ويتألف حوالي 78 في المائة من كميات الأسماك المصدَّرة من منتجات موجهة إلى الاستهلاك البشري. ويتم تداول كثير من المساحيق السمكية وزيت السمك لأن البلدان المنتجة الرئيسية (في أمريكا الجنوبية والبلدان الاسكندنافية وآسيا) ليست عمومًا نفس البلدان التي تُشكّل مراكز الاستهلاك الرئيسية (في أوروبا وآسيا).
ولا تشمل القيمة المذكورة أعلاه لصادرات الأسماك والمنتجات السمكية في عام 2018، وهي 164 مليار دولار أمريكي، 2 مليار دولار أمريكي إضافية من تجارة الطحالب البحرية والنباتات المائية الأخرى (63 في المائة) والمشتقات السمكية غير الصالحة للأكل (29 في المائة) والإسفنج والمرجان (8 في المائة). وازدادت تجارة النباتات المائية من 65 مليون دولار أمريكي في عام 1976 إلى أكثر من 1.3 مليار دولار أمريكي في عام 2018، وكان في طليعة البلدان المصدِّرة الرئيسية إندونيسيا وشيلي وجمهورية كوريا؛ أما البلدان المستوردة الرئيسية فتمثّلت في الصين واليابان والولايات المتحدة الأمريكية. ونظرًا إلى ازدياد إنتاج المساحيق السمكية والمنتجات الأخرى المشتقة من المنتجات الثانوية الناشئة عن تجهيز الأسماك (أنظر القسم بعنوان استخدام الأسماك وتجهيزها)، سُجلت طفرة في تجارة المشتقات السمكية غير الصالحة للأكل من 9 ملايين دولار أمريكي في 1976 إلى 600 مليون دولار أمريكي في عام 2018.
وتتميَّز تجارة الأسماك والمنتجات السمكية بقدر كبير من التنوع بين الأنواع وأشكال المنتجات. ويُعبِّر ذلك عن تباين أذواق المستهلكين وتفضيلاتهم، حيث تتراوح الأسواق بين أسواق الحيوانات المائية الحية ومجموعة واسعة من المنتجات المجهَّزة. وتعتبر السلمونيات (السلمون والتراوت) أهم السلع المتداولة في التجارة من حيث القيمة منذ عام 2013 حيث أنها استأثرت بحوالي 19 في المائة من مجموع قيمة المنتجات السمكية المتداولة دوليًا في عام 2018. وخلال السنة نفسها، تمثّلت الأنواع الرئيسية الأخرى المصدَّرة في الإربيان والجمبري اللذين بلغت نسبتهما 15 في المائة من المجموع، وتلتهما الأسماك القاعية (مثل النازلي والقد والحدوق وقدية ألاسكا وغيرها) بنسبة 10 في المائة والتونة (9 في المائة) (الشكل 33). وفي عام 2018، استأثرت المساحيق السمكية بحوالي 3 في المائة من قيمة الصادرات، وزيت السمك بما نسبته 1 في المائة. ويتم أيضًا تداول عدد من الأنواع العالية الحجم ولكن المنخفضة القيمة نسبيًا بكميات كبيرة سواءً على المستوى الوطني أو على المستويين الإقليمي والدولي.
ويُحسب مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأسماك عبر مجموعة من الأسعار لمجموعات الأنواع الرئيسية. وتعبّر قيمة مؤشر أسعار الأسماك التي تبلغ 100 عن متوسط السعر الملحوظ خلال فترة الأساس 2014–2016. ورغم الهبوط الحاد في مستويات المؤشر عقب الأزمة المالية العالمية خلال الفترة 2008–2009 وتقلبات الأسعار التي ارتبطت في المقام الأول بالانتعاش والكساد الذي تمرّ به أنواع معيَّنة من تربية الأحياء المائية المتداولة بشدة في التجارة، اتجهت أسعار الأسماك عمومًا نحو الصعود بسبب القيود المفروضة على نمو المعروض من الإمدادات، لا سيما إمدادات مصايد الأسماك الطبيعية، واستمرار الطلب المرتفع في العالم. وانخفضت الأسعار الدولية للأسماك بحوالي 3 في المائة في المتوسط في عام 2019 مقارنة بالسنة السابقة (الشكل 34). ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى تراجع أسعار كثير من الأنواع المستزرعة المهمة، بما فيها الإربيان والسلمون وسمك البنغاسيوس والبلطي، وكذلك التونة المعلَّبة نتيجة لزيادة العرض على الطلب.
لقد ثبت أن السلمون، لا سيما سلمون الأطلسي المستزرع، غذاء بحري متنوع الاستخدامات وشعبي يتوافق مع اتجاهات تفضيلات المستهلكين الحديثة. وأصبح السلمون أكبر سلعة سمكية وحيدة من حيث القيمة نتيجة الطلب القوي سواءً في الأسواق المتقدمة أو النامية في أقاليم العالم كلها تقريبًا. واتسعت أسواق سمك سلمون كوهو المستزرع، وتراوت قوس قزح، وأنواع السلمون البري في مصايد أسماك شمال المحيط الهادئ، ولكن السلمون الأطلسي يستأثر بأكبر نسبة من إيرادات التصدير. ويمثّل استزراع سلمون الأطلسي الذي تتصدر إنتاجه النرويج وشيلي، واحدًا من أكثر صناعات إنتاج الأسماك ربحية وتقدمًا من الناحية التكنولوجية على مستوى العالم؛ أما على صعيد السوق، فإن الصناعة معروفة باستراتيجيات التسويق الدولية المنسقة والوتيرة السريعة في ابتكارات المنتجات. وساعدت القيود المادية والتنظيمية المفروضة على نمو الإنتاج على رفع أسعار السلمون المتداول في التجارة إلى مستويات قياسية في عام 2018، وهي مستويات تحققت مرة أخرى في أواخر عام 2019 ومطلع عام 2020.
يمثّل الإربيان والجمبري أكثر المنتجات السمكية تداولًا في التجارة على مرّ التاريخ، ويتركز الجانب الأكبر من الإنتاج في آسيا وأمريكا اللاتينية، وتقع الأسواق الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان. ومع ذلك، تراجعت حصة الإربيان من مجموع التجارة في الآونة الأخيرة وتفوّق عليها سمك السلمون من حيث إجمالي القيمة المتداولة في التجارة. وتمثّل الأسواق الناشئة، لا سيما الصين، أهدافًا متزايدة الأهمية لمصدّري الإربيان ومسوّقيه، في حين أن مجال زيادة النمو في الأسواق المتقدمة التقليدية محدود. وعانى أيضًا قطاع الإربيان المستزرع الذي يوفِّر حاليًا غالبية حجم الإنتاج للسوق العالمية، من أثر تفشي الأمراض وتقلبات الأسعار المصاحبة لدورة الانتعاش والكساد. وأدّت الأحجام الكبيرة من إنتاج تربية الأحياء المائية في عامي 2018 و2019 إلى دفع أسعار السوق نحو الانخفاض، ما أدى إلى بالمنتجين إلى وضع خطط متحفظة. وأدت الزيادة في واردات الصين والتي ترجع في جانب كبير منها إلى قمع تهريب الإربيان غير المشروع (وغير الـمُبلَّغ عنه) عبر البلدان الوسيطة، مثل فييت نام، إلى دعم الزيادات في إيرادات التصدير في إكوادور بصفة خاصة.
تتميَّز سوق الأسماك البيضاء في العالم بتنافسيتها، وتسودها درجة عالية نسبيًا من قابلية الاستبدال بين الأنواع المختلفة سواءً الصيد البري أو المستزرع. وهيمنت أسماك القد وقدية ألاسكا على هذا القطاع تقليديًا، ولكن مستزرعي البلطي والبنغاسيوس نجحوا في زيادة حصتهم في سوق الأسماك في العالم، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية ومؤخرًا في الصين. وتأثرت صناعة البلطي في الصين، وهي الأكبر في العالم، سلبًا بفرض رسوم جمركية على واردات البلطي في الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك التحوّل في أولويات التنمية لدى حكومة الصين. ومن المتوقع أن ينشأ نمو الصادرات في المستقبل عن المنتجين الآسيويين الآخرين، مثل إندونيسيا وكذلك الصناعة الآخذة في الاتساع في أمريكا اللاتينية. ولا يزال قطاع تربية الأحياء المائية الآخذ في الاتساع في فييت نام يستأثر بأسماك قرموط البنغاس جميعها تقريبًا المتداولة دوليًا على الرغم من ازدياد اعتماد المصدّرين على السوق الصينية لاستيعاب الإمدادات الإضافية. وانخفضت إمدادات المصيد البري من الأسماك القاعية البحرية إجمالًا في عام 2019 مقارنة بما كانت عليه في عام 2018، ما أدى إلى الدفع بأسعار بعض الأنواع، مثل القد، نحو الارتفاع (الشكل 35). وأدى استمرار ارتفاع تكاليف التجهيز في الصين إلى إيجاد حوافز لتشجيع نقل عمليات التجهيز إلى أوروبا والاستفادة أيضًا من فرصة تقليص تكاليف النقل إلى الأسواق الأوروبية.
تتوجَّه معظم أسماك التونة المعلبة إلى أسواق الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، في حين أن اليابان هي أكبر مستورد في العالم للتونة الطازجة والمجمَّدة الكاملة أو على شكل شرائح. وتقع صناعات تجهيز وإعادة تصدير التونة المستوردة الرئيسية في الصين وإكوادور والفلبين وإسبانيا وتايلند. ويتم الحصول على المواد الخام من أساطيل التونة التي تقوم بصيد أرصدة التونة الإقليمية على مسافات بعيدة تحت إشراف المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك. وتشمل التونة أنواعًا متعددة في دوائر العرض المدارية وشبه المدارية في المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ والمحيط الهندي. وتُستخدم التونة ذات الزعانف الزرقاء والتونة الكبيرة العين في العادة في إنتاج الساشيمي والسوشي، بينما تُستخدم التونة الوثابة، والتونة البيضاء والتونة الصفراء في المنتجات المعلَّبة والمجهَّزة والمحفوظة الأخرى. وتُسوَّق التونة المعلبة وتُباع في معظمها من خلال سلاسل المتاجر الكبيرة الموحدة كأسماك غذائية بأسعار معقولة، بينما تُباع وجبات الساشيمي والسوشي للمستهلكين من ذوي الوعي الصحي في ظل الزيادة العامة في شعبية الطعام الياباني في الأسواق الدولية. وفي أواخر عام 2019، شهد فائض مصيد التونة هبوطًا في أسعار التداول التجاري للمواد الخام للتونة إلى مستويات قياسية (الشكل 36) وهو ما أدى بدوره إلى تراجع إيرادات التصدير للمجهزين الرئيسين رغم انتعاش الأسعار في مطلع عام 2020.
تُشكّل رأسيات الأرجل فئة من الرخويات تشمل الأخطبوط والحبار والصبيدج. وتستأثر أساطيل الصين والمغرب بغالبية مصيد الأخطبوط على نطاق العالم، بينما يتوفّر الحبار والصبيدج بصورة أساسية في الصين وفييت نام وبيرو والهند. وتُحصد نسبة كبيرة من مصيد الصين باستخدام أسطولها الذي يُبحر لمسافات طويلة. ويشيع الأخطبوط كمكوّن في مجموعة متنوعة من الأطباق واكتسب شعبية بين المستهلكين في المجتمعات الحديثة، وتشمل تلك الأطباق سلطة السمك النيء والتاباس الإسباني، بينما يشيع الحبار في قوائم الطعام في المطاعم وكغذاء بحري مجمَّد مغلَّف في المتاجر الكبيرة. وازدادت ندرة إمدادات رأسيات الأرجل، لا سيما الأخطبوط، في السنوات الأخيرة في ظل تراجع إنتاجية مصايد الأخطبوط المهمة، وهو ما يتطلب وجود أنظمة صارمة لإدارتها. وفي السنوات الأخيرة، كان الطلب على رأسيات الأرجل قويًا، مع ارتفاع في الأسعار.
تشمل الرخويات ذوات المصراعين بلح البحر والبطلينوس والأسقلوب والمحار. وتُمثّل تربية الأحياء المائية اليوم أكبر مصدر على الإطلاق للرخويات ذوات المصراعين، وتُعدّ الصين أكبر مورِّد بهامش كبير. وازداد الطلب على ذوات المصراعين بدرجة كبيرة بمرور الوقت نتيجة لارتفاع الدخل على نطاق العالم وكذلك بسبب الخصائص المؤاتية لأنواع ذوات المصراعين من منظور المستهلك. وينطوي إنتاج ذوات المصراعين من خلال تربية الأحياء المائية المسؤولة على أثر بيئي إيجابي وفوائد تغذوية كبيرة، لا سيما من حيث توفير المغذيات الدقيقة. وحفَّز استمرار أسعارها العالية التوسع في صناعة استزراعها في مختلف الأقاليم.
تشمل بعض أكثر الأنواع السطحية الصغيرة الأكثر تداولًا في التجارة أسماك الماكريل والرنكة والسردين والأنشوفة. وتنتشر مصايد الأسماك السطحية الصغيرة جغرافيًا وتزداد شبكة المنتجين والأسواق تعقيدًا. وغالبًا ما تشمل أرصدة الأسماك السطحية الصغيرة مناطق اقتصادية خالصة متعددة وتتأثر تحركاتها كثيرًا بالظروف المناخية. ونتيجة لذلك، يمكن أن تنطوي مفاوضات الحصص على تحديات، وتشيع التقلبات في المعروض من الإمدادات، وتتذبذب الأسعار بدرجة كبيرة. وتُستخدم بصفة عامة الأنواع الأكبر، مثل الماكريل والرنكة والسردين المخصصة للاستهلاك البشري، بينما تستخدم الأنواع السطحية الأصغر حجمًا لتحويلها في العادة إلى مساحيق أو زيوت سمكية لاستخدامها في الأعلاف، وذلك بشكل أساسي في تربية الأحياء المائية، وكذلك في الإنتاج الحيواني. ومع ذلك، يزداد تسويق هذه الأنواع الأصغر حجمًا، بما فيها الأنشوفة البيروفية، للاستهلاك البشري ولاستخدامها في المكمّلات التغذوية. ويؤدي تنامي إنتاج مسحوق السمك في بعض بلدان غرب أفريقيا وتوجيهه بشكل رئيسي للتصدير، إلى طرح مخاوف بشأن الأمن الغذائي بعد أن انخفضت كميات الأسماك السطحية المتاحة للاستهلاك البشري، بما فيها السردين المبروم وسمك البونغا. ورغم تراجع أسعار المساحيق السمكية بصفة عامة منذ منتصف عام 2018 (الشكل 37)، يُشير الإغلاق المبكر للموسم الثاني لصيد الأنشوفة البيروفية في أواخر عام 2019 وهبوط المعروض من إمدادات المواد الخام إلى تراجع محتمل لهذا الاتجاه. وتتجه أسعار زيت السمك نحو الارتفاع منذ منتصف عام 2018 ومن المتوقع أن تسّجل زيادات أخرى (الشكل 38).
تشكّل موارد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في النظم الإيكولوجية البحرية وللمياه العذبة على السواء، أكبر مصدر للبروتينات الحيوانية في العالم. وتتمتع مصايد الأسماك بأهمية حاسمة للأمن الغذائي والتغذية وتوفّر مسارات للتنمية تساهم في بناء عالم ينعم بقدر أكبر من الرخاء والسلام والإنصاف.
واليوم، تعترف البلدان على نطاق واسع بأهمية استخدام موارد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بطريقة رشيدة وتعطيها الأولوية. ولكن لم يكن الاستخدام الرشيد للموارد دومًا في صلب استراتيجيات التنمية في القطاع. فخلال فترة طويلة من الزمن، كان هناك افتراض يقول إن الموارد غير محدودة، وبعد الحرب العالمية الثانية، دفعت التطورات العلمية والتكنولوجية عجلة التنمية المكثفة لمصايد الأسماك وأساطيل الصيد. ومع مرور الوقت، استُبدل هذا الافتراض الزائف بإدراك أن الموارد السمكية قابلة للنضوب، وإن كانت متجددة.
ومع انهيار العديد من الأرصدة السمكية في العالم في أواخر ثمانينات القرن الماضي، بات جليًا بشكل متزايد أن موارد مصايد الأسماك لم تعد قادرة على تحمّل تسارع وتيرة جهد الصيد بعيدًا عن الرقابة فى أغلب الأحيان، وأن هناك حاجة ملحة إلى اتباع نُهج جديدة لإدارة المصايد تجمع بين الصون والاعتبارات البيئية. وغدت أيضا المصايد غير الخاضعة للتنظيم في أعالي البحار، والتي تشمل فى بعض الأحيان الأنواع السمكية المتداخلة المناطق والكثيرة الارتحال، مصدر قلق متزايد.
وتشكّل مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد (المدونة) التي اعتمدها الأعضاء في منظمة الأغذية والزراعة (المنظمة) بالإجماع عام 1995، وثيقة تأسيسية تحدد المبادئ والمعايير المتفق عليها عالميًا لاستخدام موارد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، بما في ذلك من خلال الآليات الإقليمية والتعاون، من أجل ضمان الاستخدام المستدام للموارد المائية الحية بالانسجام مع البيئة (منظمة الأغذية والزراعة، 1995). وبذلك، تم الاسترشاد بالمدونة في السنوات الخمس والعشرين الماضية لوضع عدد من الصكوك توفّر الإطار الشامل للجهود الدولية والإقليمية والوطنية الرامية إلى استخدام موارد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على نحو مستدام ورشيد.
مثّل تقرير Bruntland لعام 1987بعنوان «مستقبلنا المشترك» (اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية، 1987) نقلة نوعية في الجهود المبذولة على المستوى العالمي لتحقيق التنمية المستدامة. وجاء التقرير وسط قلق دولي متزايد في ما يخص الإفراط فى صيد الأرصدة السمكية المهمة، والأضرار التى تلحق بالنظم الإيكولوجية، والخسائر الاقتصادية، والقضايا التى تؤثر على تجارة الأسماك – وجميعها عوامل تهدد استدامة مصايد الأسماك في الأجل الطويل وتضرّ بالتالي بمساهمة المصايد في تحقيق الأمن الغذائي. وفي عام 1991، طلبت لجنة مصايد الأسماك، في دورتها التاسعة عشرة، إلى المنظمة أن تبلور مفهوم الصيد الرشيد وأن تضع مدونة سلوك تحقيقًا لهذه الغاية.
وفي ما بعد، طلب المؤتمر الدولي المعني بالصيد الرشيد الذي عقد فى كانكون، في المكسيك عام 1992إلى المنظمة أن تعدّ مدونة سلوك دولية بشأن الصيد الرشيد. وشكّل إعلان كانكون الذي انبثق عن هذا المؤتمر مساهمة مهمة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية لعام 1992، ولا سيما جدول أعمال القرن الحادي والعشرين الذي مهّد الطريق أمام اعتماد الأهداف الإنمائية للألفية وأهداف التنمية المستدامة الحالية.
وبعد الإحاطة علمًا بهذه التطوّرات وغيرها من التطوّرات المهمة في مصايد الأسماك العالمية، سهّلت المنظمة التفاوض بشأن المدونة لتتفق مع الصكوك الحالية وتضع بطريقة غير إلزامية، مبادئ ومعايير قابلة للتطبيق لحفظ مصايد الأسماك كافة وإدارتها وتطويرها. وفي 31أكتوبر/تشرين الأول 1995، اعتُمدت المدونة بالإجماع من جانب أكثر من 170حكومة عضو خلال الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر المنظمة من أجل تزويد العالم بإطار رائد للجهود الوطنية والإقليمية والدولية الرامية إلى استخدام الموارد المائية الحيّة على نحو مستدام.
تعزّز المدونة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الرشيدة عبر تغطية جميع جوانب القطاع تقريبًا، من ممارسات الصيد وتربية الأحياء المائية المسؤولة إلى التجارة والتسويق، وقد وجّهت السياسات الحكومية في جميع القارات. وتقرّ المدونة بالأهمية التغذوية، والاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، والثقافية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وكذلك بمصالح جميع المعنيين بحصاد واستزراع وتجهيز وتجارة واستهلاك المأكولات البحرية.
يتمثّل هدف المدونة في تعزيز الممارسات الرشيدة، من الصيد وصولًا إلى الاستهلاك، في قطاع مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية. وتحدد المدونة المبادئ المتعلّقة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والأنشطة ذات الصلة، وتوفّر معايير للسلوك لجميع الأشخاص المعنيين بالقطاع. كما أنها تحدد المعايير لصياغة السياسات الوطنية من أجل إدارة موارد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بطريقة رشيدة وتنميتها. علاوة على ذلك، تشكّل المدونة نقطة مرجعية لمساعدة الدول على وضع أو تحسين الأطر القانونية والمؤسساتية لحوكمة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
وتقوم المدونة بتيسير وتعزيز التعاون الفني والمالي لحفظ موارد مصايد الأسماك وإدارتها، وإجراء البحوث بشأن مصايد الأسماك والنظم الإيكولوجية المرتبطة بها، وللتجارة في الأسماك ومنتجات المصايد. وتعزز المدونة مساهمة مصايد الأسماك في تحقيق الأمن الغذائي مع إعطاء الأولوية للاحتياجات الغذائية للمجتمعات المعتمدة على الموارد، وتدعو إلى حماية الموارد المائية الحيّة وموائلها.
إن المدونة عالمية في نطاقها وهي موجهة إلى: الأعضاء وغير الأعضاء في المنظمة؛ وكيانات الصيد؛ والمنظمات شبه الإقليمية والإقليمية والعالمية، سواء كانت حكومية أو غير حكومية؛ وجميع الأشخاص المعنيين بحوكمة موارد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وبإدارتها وتنميتها مثل الصيادين، والعاملين في تجهيز الأسماك والمنتجات السمكية وتسويقها، وغيرهم ممن يستخدمون البيئة المائية في ما يتصل بصيد الأسماك. والمدونة طوعية في طبيعتها، ولكنّ بعض أجزائها يستند إلى القواعد ذات الصلة في القانون الدولي. كما أنها تتسم باتساع نطاقها حيث إنها تغطي صيد الأسماك والمنتجات السمكية وتجهيزها والتجارة فيها، وعمليات الصيد، وتربية الأحياء المائية، وبحوث مصايد الأسماك، وإدماج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في إدارة المناطق الساحلية.
يتضمن القانون الدولي لمصايد الأسماك (Al Arif، 2018) عددًا من الصكوك الملزمة وغير الملزمة15 المتعلّقة بإدارة مصايد الأسماك وحفظها والتي جرى التفاوض عليها تحت مظلة الأمم المتحدة (الشكل 39). وتعدّ المدونة مرجعًا رئيسيًا للمساعدة في صياغة السياسات وغيرها من الأطر القانونية والمؤسساتية.
تم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي غالبًا ما يشار إليها بدستور المحيطات، في عام 1982 بعد تسع سنوات من المفاوضات. وتشكّل هذه المعاهدة الدولية اتفاقية إطارية توفّر الأساس الذي يستند إليه بناء إطار دولي لإدارة موارد مصايد الأسماك. ووفرت الاتفاقية للدول الساحلية حقوقًا ومسؤوليات لإدارة واستخدام الموارد السمكية ضمن نطاق مناطقها الاقتصادية الخالصة التي تضم زهاء 90 في المائة من المصايد البحرية في العالم. وتمنح الدول الحق في المشاركة في أنشطة الصيد في أعالي البحار وأجبرتها على التعاون مع الدول الأخرى لحفظ الموارد المائية الحيّة وإدارتها، بما في ذلك من خلال إنشاء منظمات شبه إقليمية أو إقليمية لمصايد الأسماك.
وافق مؤتمر المنظمة في عام 1993 على اتفاق تعزيز امتثال سفن الصيد في أعالي البحار لتدابير الصون والإدارة الدولية الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2003. ويتمثل هدف هذا الاتفاق في تعزيز امتثال سفن الصيد في أعالي البحار لتدابير للصون والإدارة الدولية. ووافقت الأطراف على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم اضطلاع السفن التي ترفع علمها بأي نشاط يقوّض فعالية تدابير الصون والإدارة الدولية، وعلى اعتماد تدابير الإنفاذ في ما يتعلّق بسفن الصيد التي تخالف أحكام الاتفاق. ووافقت الأطراف أيضًا على إبرام اتفاقات أو ترتيبات تعاونية للمساعدة المتبادلة، عند الاقتضاء وعلى النحو المناسب، وعلى تشجيع أي دولة أو طرف في الاتفاق على الموافقة عليه واعتماد تدابير تتفق مع أحكامه.
اعتُمد اتفاق تنفيذ أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، المؤرخة 10 كانون الأول/ديسمبر 1982، بشأن حفظ وإدارة الأرصدة السمكية المتداخلة المناطق والأرصدة السمكية الكثيرة الارتحال (اتفاق الأمم المتحدة بشأن الأرصدة السمكية) في عام 1995 من جانب مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالأرصدة السمكية المتداخلة المناطق والأرصدة السمكية الكثيرة الارتحال بهدف تنفيذ الأحكام ذات الصلة من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. ووضع هذا الاتفاق شرطًا لأنظمة الإدارة يستند إلى مبدأ الاحتياط وأفضل المعلومات العلمية المتاحة.
اعتُمد الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه (الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء) من جانب مؤتمر المنظمة في عام 2009 ودخل حيّز التنفيذ في عام 2016. وهو الاتفاق الدولي الملزم الوحيد الذي تم تطويره خصيصًا لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. ويهدف هذا الاتفاق إلى منع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه عبر منع السفن المنخرطة في هذا النوع من الصيد من استخدام المرافئ وتفريغ مصيدها. وبهذه الطريقة، يحدّ الاتفاق من الحوافز التي تجعل هذه السفن تواصل عملها، بينما، في نفس الوقت، يمنع المنتجات السمكية الناشئة عن أنشطة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم من بلوغ الأسواق الوطنية والدولية.
تتألف المدونة من مجموعة من المبادئ والأهداف والعناصر المتعلّقة بحفظ الموارد المائية الحية وإدارتها وتنميتها، مع إيلاء الاهتمام الواجب للنظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي. ومع أن المدونة تمثّل اتفاقًا عالميًا عامًا في الآراء أو اتفاقًا حول مجموعة واسعة من قضايا مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، يبقى تطبيقها طوعيًا. وتفسّر المدونة وتطبّق بما يتفق مع قواعد القانون الدولي ذات الصلة، وليس فيها ما يخلّ بحقوق الدول وولايتها وواجباتها بموجب القانون الدولي كما جاء في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. وحتى نهاية عام 2018، كانت مجموعة نواتج أو «صكوك» المدونة تضم ثمانية خطوط توجيهية، وثمانية صكوك قانونية (من بينها المدونة نفسها)، وأربع خطط عمل دولية، وثلاث استراتيجيات، و32 خطًا توجيهيًا فنيًا. ويتم رصد عملية تنفيذ المدونة من خلال ثلاثة استبيانات تجرى مرّة كل سنتين كما ورد في القسم بعنوان التقدّم المحرز في تحقيق الاستدامة، الصفحة 96.
طرأ الكثير من التغييرات في السنوات الخمس والعشرين الماضية، بدءًا بالصيد المفرط وصولًا إلى تطور التجارة الدولية السريع في الأسماك والمنتجات السمكية، ونمو تربية الأحياء المائية بوتيرة سريعة، والاعتراف بآثار تغيّر المناخ على مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. والأسماك والمنتجات السمكية هي الآن من أكثر السلع الغذائية تداولًا في العالم، حيث بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 145 مليار دولار في عام 2017. وتعدّ الأسماك المصدر الرئيسي للبروتينات الحيوانية بالنسبة إلى الملايين من الأشخاص حول العالم، وتعتمد معيشة أكثر من 10 في المائة من سكان العالم على المصايد الطبيعية وتربية الأحياء المائية (منظمة الأغذية والزراعة، 2018أ).
وخلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، عملت منظمة الأغذية والزراعة والعديد من المنظمات والمؤسسات الأخرى على تعزيز تنفيذ المدونة والصكوك الداعمة لها. وقد تطوّرت هذه الصكوك، التي تتألف من حوالي 50 خطًا توجيهيًا دوليًا وفنيًا، و4 خطط عمل دولية و3 استراتيجيات، وجرى تكييفها لدعم المجتمع الدولي في مواجهة التحديات الناشئة. وقد سهّلت المنظمة عقد مئات المؤتمرات، وحلقات العمل، والمشاورات بين الخبراء، والمشاورات الفنية لصياغة المدونة والصكوك الداعمة لها ونشرها، ولدعم تنفيذ المدونة على المستويات الإقليمية والوطنية والمحلية.
والمدونة متاحة في الوقت الحاضر بأكثر من 40 لغة. وقد وجّهت الجهود التي بذلتها منظمة الأغذية والزراعة وغيرها من المنظمات الدولية ووكالات التنمية لتوفير الخدمات الاستشارية والمساعدة القانونية والسياساتية والفنية للحكومات من أجل صياغة أو مراجعة التشريعات والسياسات والترتيبات المؤسساتية الوطنية المتعلّقة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والقضايا ذات الصلة. واسترشدت بها خدمات الدعم المقدّمة لمنظمات مصايد الأسماك الإقليمية وشبه الإقليمية من أجل تحسين إطارها القانوني لتعزيز الآليات الإقليمية والتعاون. وساهمت المدونة في تشكيل تنمية القدرات الفنية للحكومات من أجل تقوية نظم البحوث والاحصاءات والمعلومات بغية دعم اتخاذ قرارات سياساتية قائمة على الأدلة على المستويين الوطني والإقليمي.
لقد كانت المدونة، بوصفها أداة سياساتية تم اعتمادها وتطبيقها على المستوى العالمي، عنصرًا مساعدًا على التغيير ومحفّزًا للتعاون على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. واليوم، باتت السياسات والتشريعات المتعلّقة بمصايد الأسماك في معظم البلدان متّسقة مع المدونة. وقد شكّلت المدونة وصكوكها السياسات المتعلّقة بمصايد الأسماك والأطر القانونية والخاصة بالإدارة حول العالم، الأمر الذي أدّى إلى ترسيخ مبادئ التنمية المستدامة والرشيدة لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. ولقد كانت المدونة أيضًا محفّزًا مهمًا لإدراج اعتبارات الصون والاعتبارات البيئية في إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية ولتطوير نهج النظم الأيكولوجية في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
وبالنسبة إلى سكان العالم الذين يتوقع أن يتخطى عددهم 9 مليار نسمة بحلول عام 2050، توفّر المدونة والصكوك ذات الصلة إطارًا لتعزيز مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المستدامة وللنهوض بالدور الذي تؤديه في النظم الغذائية المستدامة. علاوة على ذلك، توفّر المدونة التوجيهات اللازمة لتحديد كيفية معالجة القضايا الجديدة والناشئة في مصايد الأسماك، مثل تنمية تربية الأحياء المائية على نحو مستدام، وتدهور المحيطات، والمسؤولية الاجتماعية، وصون التنوع البيولوجي، وتغيّر المناخ. بالتالي، ستؤدي المدونة دورًا أساسيًا في العمل الدولي في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية دعمًا لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 (خطة عام 2030).
تنصّ المادة 4 من المدونة على أن ولاية لجنة مصايد الأسماك تلحظ أن تطلعها منظمة الأغذية والزراعة كلّ سنتين على التقدّم المحرز في تنفيذ المدونة (الشكل 40). وتُنفذ هذه المهمة في جانب كبير منها باستخدام استبيان المنظمة بشأن تنفيذ مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد والصكوك ذات الصلة، والذي يغطي كل مادة من مواد المدونة. وترسل المنظمة كل سنتين استبيانها إلى جميع الأعضاء والأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك ومجموعة مختارة من المنظمات غير الحكومية، ويُشكّل ما يقدَّم من ردود الأساس لتقرير مرحلي يُناقش في اللجنة. وأعدّت المنظمة حتى الآن 11 تقريرًا من هذه التقارير. وترسل المنظمة أيضًا استبيانين آخرين لرصد تنفيذ المادتين 9 (تنمية تربية الأحياء المائية) و11 (ممارسات ما بعد المصيد والتجارة) من المدونة. وتُناقش نتائجهما كل سنتين في اللجنة الفرعية المختصة بتربية الأحياء المائية واللجنة الفرعية المختصة بتجارة الأسماك، على التوالي.
في عام 2014، وضِعت نسخة رقمية من استبيان المدونة للسماح للمشاركين بالإجابة على الأسئلة بإيجاز، والمساعدة على الإبلاغ عن تطبيق المدونة وكذلك التطورات المتصلة بها. وفي عام 2016، أجاب على الاستبيان 115 من أصل193 عضوًا، أي بزيادة نسبتها 20 في المائة مقارنة بعام 2014؛ وازداد هذا الرقم مرّة أخرى إلى 128 عضوًا في الاستبيان الأخير (في عام 2018).
ووافقت لجنة مصايد الأسماك خلال دورتها الثانية والثلاثين في عام 2016، على استخدام البيانات المستخرجة من الاستبيانات في التقارير الوطنية عن مؤشرات أهداف التنمية المستدامة وأهداف آيتشي للتنوع البيولوجي، مع إيلاء المراعاة الواجبة للسرية. ووضِعت بعد ذلك منهجيات لمؤشر التنمية المستدامة 14–6–1(الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم) والمؤشر 14–ب–1 (حقوق مصايد الأسماك صغيرة النطاق في الوصول إلى الموارد البحرية) بالتشاور مع أمانة لجنة مصايد الأسماك، ووافق عليها فريق الخبراء المشترك بين الوكالات المعني بمؤشرات أهداف التنمية المستدامة. وقامت أمانة اللجنة، إلى جانب ذلك، بتوسيع أقسام الاستبيان ذات الصلة بمؤشرات أهداف التنمية المستدامة والإبلاغ عن أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي. وتتيح الزيادة في تدفق الأعمال الجارية بالاقتران مع هذه المنصات معالجة عناصر الاستبيان ذات الطابع السري معالجة غير مسبوقة.
تُشير الردود على الاستبيان، على المستويين الإقليمي والعالمي، إلى اتجاه قوي نحو تحسّن إدارة مصايد الأسماك البحرية والداخلية على حد سواء (الشكلان 41 و42).
ومن الاتجاهات الإيجابية الأخرى خلال العقد الأخير استخدام نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك كنظام مفضَّل لإدارة مصايد الأسماك. ويشير ثلاثة أرباع الأعضاء إلى اعتمادهم نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك، وقام معظم هذه البلدان بالإبلاغ عن إجراءات ملائمة للإدارة وتحديد أهداف إيكولوجية واجتماعية اقتصادية وأهداف للحوكمة.
وفي عام 2011، أشارت الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك في تقاريرها إلى أنه من المستبعد أن تكون المدونة فعالة ما لم تعتمد تلك المنظمات نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك، بما يشمل استخدام نقاط مرجعية مستهدفة في مصايد الأسماك لدى الأعضاء. وقام حتى الآن ثلاثة أرباع الأعضاء تقريبًا بوضع نقاط مرجعية مستهدفة مصحوبة بطرق للرصد والتقييم.
ويبشّر هذا التحوّل نحو الأخذ بتدابير الإدارة باستخدام نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك بتحسّن الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية. وعلى الرغم من مبادرات المنظمة لدمج نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك ضمن إدارة المناطق الساحلية، ظلّ التقدّم يمضي بوتيرة بطيئة خلال السنوات الخمس والعشرين السابقة. وربما ازداد البطء في وتيرة التقدّم المحرز منذ عام 2010 عندما تراجعت الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية، كأولوية عليا للبدان التي تقوم بالرد على الاستبيان، من 43.6 في المائة إلى 28.9 في المائة في عام 2011، وتبلغ النسبة حاليًا 27.4 في المائة. ويُشير أقلّ من ثلث الأعضاء إلى وضع سياسة كاملة وتمكينية وأُطر قانونية ومؤسسية للإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية، وأنشأ حوالي نصف الأعضاء أطرًا جزئية في انتظار الأخذ بها (الشكل 43). وتتعلّق النزاعات الأكثر شيوعًا التي تُشير التقارير إلى وقوعها داخل المناطق الساحلية بالنزاعات على معدات الصيد والنزاعات بين مصايد الأسماك الساحلية والصناعية. غير أن معظم الأعضاء المعنيين يشيرون إلى وجود آليات لتسوية النزاعات. وهذا الأمل في أن يكون الوضع على أعتاب التغيير ليس بدون أساس من الصحة، فالبلدان تشير إلى أنها تنظّم أساطيلها بمزيد من الفعالية من خلال الرصد والمراقبة والإشراف، وهو ما يحدّ من قدرة الصيد ويزيد من الأنشطة البحثية. وتُشير الردود على الاستبيان إلى أن هذه الجهود تقترن في جانب كبير منها بمبادرات للأخذ بنهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك، ولكنها مع ذلك قادرة على إحداث أثر إيجابي على مبادرات الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية.
يزداد الاهتمام بدور مصايد الأسماك صغيرة النطاق والداخلية. ويهتم الأعضاء بالحصول على توجيه أفضل بشأن حوكمة مصايد الأسماك صغيرة النطاق منذ منتصف العقد الأول من هذا القرن، لا سيما في ما يتعلق بالسلامة في البحر منذ عام 2009. والواقع أن الاهتمام بمصايد الأسماك صغيرة النطاق ازداد باطراد خلال السنوات الخمس والعشرين الأخيرة، ويشير الأعضاء بصورة متزايدة إلى أهميتها. ولاقى اعتماد الخطوط التوجيهية الطوعية القائمة على حقوق الإنسان من أجل ضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر (الخطوط التوجيهية لاستدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق) في عام 2014 ترحيبًا باعتباره قفزة كبيرة نحو إدارة مصايد الأسماك البحرية والداخلية الصغيرة النطاق. ولاحظ الأعضاء أيضًا دور الخطوط التوجيهية لاستدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في المساعدة على وضع السياسات واللوائح الاجتماعية المتعلقة بالجوانب ذات الصلة الوثيقة بمصايد الأسماك صغيرة النطاق.
ومن الاتجاهات الحديثة التي كانت وراء تحفيز هذه العملية تعريف مصادر الأسماك صغيرة النطاق، إذ اعتمد أقلّ بقليل من نصف الأعضاء تعريفًا قانونيًا لمصايد الأسماك صغيرة النطاق. ويسود أيضًا بين البلدان اتجاه إيجابي مصحوب بتعريف لمصايد الأسماك صغيرة النطاق والبلدان التي تجمع بيانات خاصّة بالقطاع (لا سيما الإنتاج، وقيمة الإنتاج، والعمالة، والتجارة).
وتُشير الردود على الاستبيان أيضًا إلى ازدياد الآليات التي يمكن من خلالها لصيادي الأسماك والعاملين في قطاع الصيد المساهمة في عمليات صنع القرار، وسيشمل أكثر من ثلاثة أرباع هذه الآليات تعزيز المشاركة النشطة من جانب النساء. وعلى الصعيد العالمي، تحتلّ مصايد الأسماك صغيرة النطاق حاليًا صدارة جدول الأعمال في مناقشات لجنة مصايد الأسماك. وفي ما يتعلق بمصايد الأسماك الداخلية، يركّز التعاون الإقليمي على ما يلي: حظر طرق الصيد المدمِّرة؛ ومعالجة التنوع البيولوجي للموائل والنُظم الإيكولوجية المائية؛ والاستجابة لمصالح صغار الصيادين وحقوقهم في خطط الإدارة.
كشف الاستبيان عن أن أهمية تربية الأحياء المائية في جداول الأعمال الوطنية ازدادت كثيرًا في ما بين عامي 2011 و2018 (الشكل 43). وفي عام 2007، أشار 87 في المائة من البلدان القليلة التي أدرجت تربية الأحياء المائية كقطاع اقتصادي، إلى أن لديها شكلًا ما من أشكال الأُطر القانونية لتنظيم تنمية تربية الأحياء المائية المسؤولة. وبحلول عام 2012، أشار 98 في المائة من الأعضاء إلى مزاولة تربية الأحياء المائية في بلدانهم، ولكن لم يُشر سوى حوالي 40 في المائة من تلك البلدان إلى وجود أُطر تشريعية ومؤسسية. ويبدو بالتالي أن نمو أنشطة تربية الأحياء المائية يمضي بوتيرة أسرع من صياغة التشريعات ووضع الأُطر القانونية التي تُنظِّم تربية الأحياء المائية. وفي عام 2018، ازداد الرقم إلى أكثر من النصف بقليل، ولكنه لا يزال يوحي بحاجة بعض البلدان إلى اعتماد إطار قانوني لتحسين النشاط الاقتصادي في قطاع تربية الأحياء المائية والاستفادة منه. وبالإضافة إلى ذلك، يكفل الأعضاء الذين اتخذوا تدابير لتعزيز ممارسات تربية الأحياء المائية المسؤولة بالمثل عن دعم المجتمعات المحلية الريفية ومنظمات المنتجين ومستزرعي الأسماك.
أفاد 77 في المائة من الأعضاء في عام 2012 عن تطبيق نظم فعالة كاملة إلى حد كبير وتمكينية لضمان سلامة الأسماك والمنتجات السمكية وجودتها. وتحقق في هذا الميدان تقدّم مطرد منذ عام 2001 عندما أشار 58 في المائة فقط من الأعضاء إلى وجود نظام فعال لإدارة سلامة الأغذية. ويمكن ملاحظة مؤشر لهذا التقدم في مستوى الأولوية التي توليها البلدان لممارسات ما بعد الصيد، والانخفاض الذي بلغ 6.9 في المائة في ما بين عامي 2011 و2018. وعبَّرت الردود في عام 2018 عن ازدياد التوجه نحو تحسين استخدام المصيد العرضي. وعلاوة على ذلك، أشار أكثر من ثلاثة أرباع الأعضاء إلى أن المصنعين كانوا في وضع يتيح لهم تتبع منشأ المنتجات السمكية التي يقومون بشرائها، ويمكن أيضًا ملاحظة ذلك في الزيادة التي بلغت 6.1 في المائة في الأولوية التي تعطيها البلدان للتجارة. ويُبرز قسم الاستبيان المتعلق بممارسات ما بعد الصيد والتجارة زيادة عالمية في نُظم ضمان سلامة الأغذية وجودتها المنفذة منذ عام 2012. ويمكن الاستدلال من ذلك التحوّل في الأولويات على أن البلدان باتت، بعد تطويرها ممارسات ما بعد الصيد، قادرة على التركيز أكثر على خيارات التجارة المستدامة التي أثبتت بصورة متزايدة أنها تُدرّ ربحًا أكبر في الوقت الذي يطلب فيه المستهلكون في الأسواق العالية القيمة ضمانات للأغذية البحرية المستدامة المعتمدة بشهادات.
وفي ظلّ ما بات يسود من اعتراف بأن الاتجار بالأسماك التي يتم اصطيادها بصورة غير قانونية يمثّل مشكلة، اتخذ معظم الأعضاء تدابير لمعالجة هذه المشكلة، وذلك في كثير من الأحيان من خلال تعزيز الرقابة على مصايد الأسماك وتفتيشها، وكذلك من خلال الضوابط الجمركية والحدودية، وتنفيذ خطط عمل وطنية لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ وتنظيم وردعه والقضاء عليه. وفي السنوات الأخيرة، دعم تطبيق الخطوط التوجيهية الطوعية للمنظمة بشأن خطط توثيق المصيد هذه الإجراءات، ومن المتوقع أن يكون بدء سريان الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء وتنفيذه خطوة كبيرة في مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم والنهوض بجهود التتبع.
في ما يتعلق بتنفيذ المدونة، يشير معظم البلدان إلى وجود قيود مرتبطة بعدم كفاية الموارد المالية والبشرية. وللتغلب على هذه القيود، سلّط الأعضاء الضوء على الحاجة إلى ما يلي: الحصول على مزيد من الموارد المالية والبشرية؛ والتدريب وزيادة الوعي؛ وإجراء تحسينات في البحوث والإحصاءات.
وربما سيحفّز التركيز على مصايد الأسماك صغيرة النطاق وتربية الأحياء المائية زيادة العمل مع المجتمع المدني في تحقيق أهداف المدونة. ويمكن ملاحظة دور المنظمة في تحفيز هذا الدور، بل وفي جميع المجالات التي تغطيها المدونة، في حلقات العمل الإقليمية والوطنية الجارية، وكذلك الخطوط التوجيهية الفنية، وترجمة بعض الخطوط التوجيهية، والمساعدة في وضع خطط عمل وطنية. ومع ذلك، أدخلت أمانة لجنة مصايد الأسماك أداة تتيح للمستخدمين استخراج تقرير لكل مؤشر بعد إتمام الاستبيان من أجل تحسين استخدام نظام الإبلاغ عن المؤشرات.
وأخيرًا، اقترح العديد من البلدان التي تسدي المشورة بشأن العلاقة بين المدونة والاستبيان ضرورة إجراء استعراضات دورية للاستبيان كي يشمل التحديات والحدود الجديدة في مصايد الأسماك وحوكمة المحيطات.
ثبت عمومًا أن الاستبيان أداة مهمة للتقارير المقدّمة من الأعضاء والأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك بشأن تنفيذ المدونة على الصعيد العالمي. وعلاوة على ذلك، أظهر الاستبيان في السنوات الأخيرة إمكانية تكييفه مع القضايا الناشئة والإبلاغ عن غايات التنمية المستدامة ذات الصلة.
وما يبعث على التشجيع رؤية العدد المتزايد من الردود منذ رقمنة الاستبيان وتحسين إمكانية الوصول إليه. وعلاوة على ذلك، أثبت توسيع مواضيع الاستبيان أنه مفيد للإبلاغ عن مجالات مثل مصايد الأسماك صغيرة النطاق التي ربما لم تكن تحظى من قبل بالاهتمام الواجب. وينبغي أن يكون الاستبيان استباقيًا – أي أن يشمل القضايا الناشئة، والتعلّم من الردود السابقة في صياغة أسئلة جديدة. ومن المتوقع أن تساهم الردود الجيدة والموثوقة من الأعضاء والأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك التي تُعبِّر عن الواقع على الأرض محليًا ووطنيًا وإقليميًا في جعل الاستبيان أداة قيّمة لقياس التقدّم صوب مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المستدامة وأهداف التنمية المستدامة ذات الصلة.
طوّرت المنظمة، بتوجيه من أعضائها وحرصًا منها على الاستجابة للمطالب المجتمعية العالمية، مجموعة واسعة من البيانات والمنتجات الإعلامية لتحديد خطوط الأساس، ورصد التغيّرات، ودعم صنع القرارات. وعند قمة الهيكل التنظيمي، يوجّه تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم بوصفه مطبوعًا رئيسيًا تصدره المنظمة، الجهات الرفيعة المستوى المعنيّة بالسياسات ويدعم وضع السياسات القائمة على الأدلة. ولقد شكّلت أهداف التنمية المستدامة منذ عام 2015 محرّكات رئيسية على مستوى السياسات في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. ويستعرض هذا القسم نظم البيانات والمعلومات الخاصة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في المنظمة ويبيّن حالة واتجاهات الأركان الثلاثة للاستدامة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية (الإطار 6a).
إن قاعدة معارف المنظمة بشأن مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية متوافرة كنظام لقواعد بيانات متكاملة من خلال مجموعة شاملة من البيانات المرجعية (أنظر الشكل). وتتألف قاعدة المعارف من:
◂ 12 قاعدة بيانات خاصة بالبيانات المرجعية أو المصطلحات، مثل قائمة الأنواع في نظام المعلومات الخاصة بالعلوم المائية ومصايد الأسماك لأغراض الإحصاءات السمكية، والتصنيف الاحصائي الدولي الموحّد لمعدات صيد الأسماك، والتصنيف الاحصائي الدولي الموحّد للمنتجات السمكية، ومسرد المصطلحات الخاصة بتربية الأحياء المائية؛
◂ 13 قاعدة بيانات إحصائية عالمية وإقليمية تتعلّق مثلًا بالإنتاج من المصايد الطبيعية وتربية الأحياء المائية، والتجارة، والأساطيل، والصيادين، وميزانيات الأغذية، وهي متاحة بعدّة صيغ شكلية منها ملف PDF، وكتاب سنوي، ومنصّة تفاعلية متطورة لطرح الأسئلة؛
◂ 34 قاعدة بيانات بالسجلات أو قوائم الجرد التي يتم نشرها عبر الفهارس أو صحائف الوقائع المتعلّقة مثلًا بالأنواع المائية البرّية والمستزرعة، والأرصدة السمكية، ومناطق الصيد الإحصائية، وتدابير دولة الميناء، واللمحة العامة عن القطاع الوطني لتربية الأحياء المائية، والأنواع المستزرعة؛
◂ 8 قواعد بيانات أرضية فضائية يمكن الوصول إليها من خلال أجهزة معاينة الخرائط أو كاتالوج GeoNetwork، مثل جهاز معاينة خرائط الأرصدة ومصايد الأسماك، وأطلس مصيد أسماك التونة والخرمان، وقاعدة البيانات عن النظم الإيكولوجية البحرية الهشّة، والخرائط لإعطاء لمحة عامة عن القطاع الوطني لتربية الأحياء المائية؛
◂ 68 موقعًا إلكترونيًا مواضيعيًا؛
◂ أكثر من 20 برنامجًا أو منصّة تفاعلية وتطبيقًا على الهواتف المحمولة، بما في ذلك لوحة استفسار إلكترونية أو التطبيق المكتبي FishStatJ الذي يقدّم قدرة وظيفية على الاستفسار المفصّل عن المتسلسلات الزمنية الإحصائية الخاصة بمصايد الأسماك، والأدوات المتخصصة لإدارة البيانات، ومؤشرات أداء تربية الأحياء المائيّة في العالم؛ وبرمجيات OPEN ARTFISH وCalipseo وSmartForms التي توفّر مجموعة من الحلول المكتبية وحلول الهواتف المحمولة وشبكة الويب والحلول السحابية لجمع البيانات وإدارتها والإبلاغ عنها؛
◂ مستودع يضم أكثر من 15 200مطبوع إداري وتقرير عن الاجتماعات.
سُبل مساهمة قاعدة معارف المنظمة بشأن مصايد أسماك وتربية الأحياء المائية في دعم الركائز الاقتصادية والبيئية والاجتماعية لأهداف التنمية المستدامة
وتسمح قواعد البيانات هذه المترابطة من الناحية الدلالية للمستخدمين بإجراء عمليات البحث بحسب المواضيع أو بتحميل المواد بأشكال مختلفة، وللتطبيقات باستخراج المحتوى ذي الصلة (مثل الرسوم البيانية أو الخرائط أو النصوص) لإدماجه في المنتجات الإعلامية التي تم إثراؤها.
تم تصميم قواعد بيانات المنظمة المتعلّقة بإحصاءات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية عن الإنتاج، والأساطيل، والتجارة، والاستخدام، وميزانيات الأغذية (أنظر 5 الإطار)، للاستجابة لتركيز المجتمعات بعد الحرب على الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي. وفي العقود الثلاثة التالية، تحسّنت جودة قواعد البيانات هذه – والتي تعتمد إلى حدّ كبير على قدرة الأعضاء على جمع البيانات الإحصائية وإدارتها والتبليغ عنها – بفضل تطوّر التصنيفات الموحّدة الدولية المتعلّقة بالأنواع المائية، ومناطق الصيد، وأنواع المعدات، والسفن، والتجارة، وغيرها، وبتوجيه من مجموعة العمل المعنية بتنسيق الإحصاءات الخاصة بمصايد الأسماك. واستُكملت هذه التصنيفات بكتالوجات مصوّرة هدفت إلى مساعدة البلدان في عملية التحديد ووضع المصطلحات.
ومع اعتماد المدونة في عام 1995 (منظمة الأغذية والزراعة، 1995)، أدّى التركيز على استدامة القطاع إلى اتباع نُهج تكميلية للإحصاءات الرئيسية. وقامت استراتيجية المنظمة الرامية إلى تحسين المعلومات عن حالة مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية والاتجاهات السائدة فيها، بتعزيز قوائم جرد المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية لتطوير قاعدة معارف شاملة ضرورية لإبراز أهمية مصايد الأسماك صغيرة النطاق وسبل العيش ذات الصلة. وأعقب ذلك مبادرة إعداد الخرائط لإعطاء لمحة عامة عن قطاعات تربية الأحياء المائية الوطنية، عن عدم كفاية المعارف عن القطاع. كما بدأ العمل على جرد مصايد الأسماك الطبيعية (أنظر أدناه) لزيادة إبراز مصايد الأسماك التي لا يجري رصدها من خلال نظم الإحصاءات القائمة.
بعد اعتماد الأهداف الإنمائية للألفية في عام 2000، اكتسبت استدامة النظم الإيكولوجية الزخم مع إعلان ريكيافيك بشأن الصيد الرشيد في النظم االإيكولوجية البحرية مما أدى إلى نهج النظام الإيكولوجي لمصايد الأسماك. ونتيجة لذلك، أطلقت المنظمة والأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك نظم معلومات وشراكات مختلفة، منها:
◂ نظام رصد الموارد السمكية الذي ينشر المعلومات المستندة إلى قوائم الجرد والمتعلّقة بحالة الأرصدة ومصايد الأسماك؛
◂ وقاعدة بيانات إدخال الأنواع المائية، وقاعدة البيانات عن النظم الإيكولوجية البحرية الهشة، وقاعدة بيانات التدابير المتعلّقة بصون أسماك القرش وإدارتها، التي تعكس الإجراءات المعتمدة من جانب أصحاب المصلحة (المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك والدول) للحفاظ على الموائل الهشة (مثل النظم الإيكولوجية البحرية الهشة) والأنواع الهشة (مثل أسماك القرش)؛
◂ وشبكة نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك التي تسهّل الوصول إلى موارد المنظمة بشأن تطبيق هذا النهج؛
◂ وفي المستقبل القريب، نظام المنظمة لرصد الموارد الوراثية المائية (أنظر القسم بعنوان نظام معلومات بشأن الموارد الوراثية المائية لدعم النمو المستدام في تربية الأحياء المائية).
وتمثّل أحد المجالات الرئيسية لاستعادة استدامة الموارد السمكية خلال العقد الأخير، وهو مجال شدّدت عليه أهداف التنمية المستدامة أيضًا، في مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. وتشكّل سجلات السفن رأس الحربة في جهود تشاطر البيانات على المستوى الدولي، وقد أطلقت المنظمة منذ عام 2018 السجلّ العالمي لسفن الصيد وسفن النقل المبرّدة وسفن التموين (السجلّ العالمي). وأدت هذه التطورات وغيرها إلى أن تكون قاعدة معارف المنظمة بشأن مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية كما هي اليوم (6 الإطار).
وتتم صيانة نظم المعلومات هذه باستخدام مستويات مختلفة من الرقابة والملكية والإدماج (7 الإطار). والأساس مدمج بالكامل في مختلف وحدات المنظمة التي تقوم بصيانته مباشرة، إما من خلال تقارير البلدان أو عبر الشراكات (مع الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك مثلًا) التي ترعاها المنظمة. وتعتمد عمليات نظم المعلومات بشكل متزايد على المنصات السحابية من خلال الاتفاقات التجارية أو الشراكات مع منظمات غير الساعية للربح. ويتم البحث في استخدام قواعد بيانات خارجية لا تملكها المنظمة، عبر إبرام الشراكات و/أو اتفاقات محددة لتشاطر البيانات. وتعمل المنظمة في هذه النماذج الجديدة كجهة راعية تضمن الجودة العالية لقاعدة المعارف، وحياديتها واستقلالها وشفافيتها والحفاظ عليها على الأجل الطويل.
لطالما كان هناك طلب كبير على الملامح القطرية للمنظمة في مجالي مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية باعتبارها منتجات إعلامية.1 وتلبّي الملامح الإلكترونية احتياجات كل من يريد الحصول بسرعة على نظرة شاملة ولكن مقتضبة ومتوازنة عن قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في بلد ما.
وتعطي هذه المجموعة مثالًا على الطريقة التي تواجه فيها المنظمة التحدي المتمثّل في صيانة السجلات وتحديثها بصورة منتظمة في سياقٍ تزداد فيه القيود على الميزانية. وتطوّرت الملامح لتصبح تجميعًا نموذجيًا للمعارف نتيجة تدفقات مختلفة للعمل، وهي تجسّد اليوم الطبيعة المتكاملة لقاعدة معارف المنظمة بشأن مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
وتتألف الملامح القطرية من ثلاثة أجزاء. يتضمن الجزء الأول موجزًا إحصائيًا يتم تحديثه مرّة كل سنتين على الأقل لتلبية احتياجات الإدارة الداخلية في المنظمة، وجداول إحصائية ورسوم بيانية يتم إدخالها (من خلال المتحكمات) وتحديثها تلقائيًا مع قاعدة البيانات الإحصائية التي تُنشر سنويًا. ويقدّم الجزء الثاني لمحة عامة تعطي فيها المعلومات النوعية المزيد من التفاصيل بشأن المعلومات الكمية الواردة في الجزء الأول. ويشمل الجزء الثالث خرائط إضافية ونظم معارف خاصة بمصايد الأسماك عبر ربط الملامح تلقائيًا بمنتجات وموارد أخرى للمنظمة. وتشمل قواعد البيانات المواضيعية المرتبطة بعضها ببعض كلًا من: الملامح القطرية للمنظمة؛ وتقارير نظام رصد الموارد السمكية بشأن الموارد البحرية ومصايد الأسماك؛ وقاعدة البيانات التشريعية للمنظمة؛ والمعلومات عن الأجهزة الإقليمية المعنية بمصايد الأسماك؛ وجهاز البحث عن سفن الصيد؛ وقاعدة بيانات إدخال الأنواع المائية؛ واللمحة العامة عن القطاع الوطني لتربية الأحياء المائية؛ والاستعراض العام للتشريعات الوطنية لتربية الأحياء المائية. وهناك أيضًا روابط توصل إلى مطبوعات المنظمة وتقاريرها ومحفوظاتها الإخبارية ذات الصلة.
ولا يزال قسم "التقارير السردية" في الجزء الثاني، يمثّل تحديًا بسبب العدد الكبير من البلدان ومساهمات الخبراء الوطنيين الذين جرى التعاقد معهم والموظفين الداخليين الذين تمت استشارتهم خلال عملية تحرير الملامح القطرية واستعراضها. ولهذا السبب تقيم المنظمة الشراكات مع المنظمات المعنية للسماح بإجراء تحديثات أكثر انتظامًا وفي الوقت المناسب. وعلى سبيل المثال، أدّت الاتفاقات المبرمة بين المنظمة وأمانة جماعة المحيط الهادئ، ومع مركز معلومات السوق والخدمات الاستشارية الخاصة بالمنتجات السمكية فى أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، إلى تحديث حوالي 50 من الملامح في السنوات الثلاث الماضية ويجري العمل على اتفاق جديد مع البنك الدولي.
وإن الملامح التي جرى تحديث التفاصيل والمتحكمات في الجزء الأول منها متاحة لأكثر من 170 بلدًا، وقسم التقارير السردية الوارد في الجزء الثاني متوافر باللغات الإنكليزية أو الفرنسية أو الإسبانية لأكثر من 80 بلدًا. ونظرًا إلى الطلب الكبير، ستسعى المنظمة إلى مواصلة تحسين توقيت المعلومات المقدّمة ودقتها.
وتتمتع قاعدة المعارف هذه بقيمة عالية بالنسبة إلى مختلف المستخدمين. وعلى سبيل المثال، يعدّ قسم «اللمحة العامة» في تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم – الذي يسترشد بمؤشرات المنظمة المستندة إلى قاعدة المعارف هذه – القسم الذي يتمتع بأعلى تصنيف في هذا المطبوع الرئيسي الصادر عن المنظمة. ويبيّن تحليل لكيفية وصول المنظمة إلى الجماهير المستهدفة، الطريقة التي يقوم فيها المطبوع الرئيسي ومنتجات قاعدة المعارف بدعم عملية الانتقال من العلوم إلى السياسات في مصايد الأسماك العالمية (Ababouch وآخرون، 2016). كما أنه يظهر أن الإحصاءات بشأن الإنتاج والتجارة والاستهلاك الظاهر، وميزانيات الأغذية التي تعدّها المنظمة، تشكّل مصادر البيانات الرئيسية للمحللين من الأوساط الأكاديمية وواضعي السياسات ومؤسسات التنمية لوضع إسقاطات عن العرض والطلب على الأسماك على المدى المتوسط إلى الطويل في سياق الأمن الغذائي الأوسع، وهي تحظى باهتمام كبير من جانب المخططين على الأجل الطويل.
يمكن تقييم جدوى قاعدة المعارف على ضوء احتياجات الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة إلى البيانات (أنظر القسم بعنوان رفع التقارير بشأن استدامة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية). وعلى سبيل المثال، يستخدم مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1الذي يتطلب فهم حالة الأرصدة السمكية لتحسين إدارتها، بدعم من قاعدة البيانات الإحصائية للمنظمة بشأن مصايد الأسماك الطبيعية، ونظام رصد الموارد السمكية، والسجلات العالمية للأرصدة السمكية ومصايد الأسماك. ويستهدف الهدف 14–6 من أهداف التنمية المستدامة إلى منع الإعانات الضّارة، وترجع المفاوضات التي تجريها منظمة التجارة العالمية بشكل منتظم إلى قواعد بيانات منظمة الأغذية والزراعة بشأن المصيد والأساطيل في العالم، والسجل العالمي لسفن الصيد وسفن النقل المبرّدة وسفن التموين، ونظام رصد الموارد السمكية، والسجلات العالمية للأرصدة السمكية ومصايد الأسماك بوصفها مصادر للأدلة.
ولكن يصطدم تطبيق مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1أيضًا بعدم كفاية جودة بيانات المصيد ومحدودية البيانات المتعلقة بجهود الصيد لتقييم الأرصدة؛ وستتطلب التدابير اللازمة لبناء قدرات البلدان (منظمة الأغذية والزراعة، 2018أ) جهدًا كبيرًا من جانب المجتمع الدولي لمعالجة مثل هذه المشاكل (أنظر أيضًا 23 الإطار).
بالإضافة إلى ذلك، يتطلب مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–ب–1 تكوين فهم أكبر لمساهمة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سبل العيش في حين أن مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–7–1الذي يقيس المساهمة الاقتصادية لمصايد الأسماك المستدامة، يتطلب جمع قيمة المصيد بشكل منهجي على النحو الذي شرعت فيه منظمة الأغذية والزراعة عام 2019. ولا تتوافر البيانات بشأن مساهمة تربية الأحياء المائية البحرية في الناتج المحلي الإجمالي بسبب محدودية البيانات المتعلّقة بنظم الاستزراع (التي تقوم مجموعة العمل المعنية بتنسيق الإحصاءات الخاصة بمصايد الأسماك بتطوير تصنيف لها) والممارسات المستدامة المتصلة بها. وتُظهر هذه الأمثلة الحاجة إلى تحسين البيانات الاجتماعية والاقتصادية الواردة والمجمّعة من المنظمة (منظمة الأغذية والزراعة، 2016). ويعمل مشروع Illuminating Hidden Harvests (أنظر القسم بعنوان Illuminating Hidden Harvests) على تقييم محدّث لأداء مصايد الأسماك صغيرة النطاق البحرية والداخلية ولكيفية توصيفها بطريقة موضوعية. ومن شأن ذلك أن يحسّن طريقة رصد مصايد الأسماك صغيرة النطاق في قواعد البيانات العالمية.
ويتطلّب مؤشرا هدف التنمية المستدامة 14–2–1و14–5–1التركيز بقدر أكبر على التقليل من الآثار الضارة على الموائل والنظم الإيكولوجية من مصايد الأسماك. ويُظهر النظام النموذجي لإدارة المعلومات المتعلّقة بالمناطق المحمية كيف يمكن دمج معلومات المنظمة بشأن مصايد الأسماك في المستودعات الخارجية للمعلومات عن للتنوع البيولوجي (نظام المعلومات البيولوجية الجغرافية للمحيطات)، والمناطق البحرية المحمية (المناطق البحرية المحمية؛ المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة) وخصائصها البيئية والاجتماعية والاقتصادية (إدارة التنوع البيولوجي والمناطق المحمية) لدعم عملية الصون والتطبيقات المكانية. وتوفّر مبادرة البحار الذكية (iMarine) منصّة مبتكرة لاتفاقات تقاسم البيانات المبرمة مع هذه الجهات الفاعلة الخارجية (iMarine،د2019أ) مثلًا في سياق التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية.
وبما أن أهداف التنمية المستدامة تعتمد على التقييمات القطرية، فهي تشكّل فرصة فريدة لزيادة توليد البيانات، وجودتها، وتوافرها، واستخدامها في نظم الرصد القطاعية من أجل توفير التوجيهات في مجال السياسات. وتبيّن الأمثلة المذكورة أعلاه الطريق الذي تسلكه المنظمة إلى الأمام للاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والشراكات من أجل مواجهة التحديات الماثلة أمام رصد أهداف التنمية المستدامة والإبلاغ عنها بشكل ملائم.
ينبغي تلبية الطلب المتنامي على الأسماك والمنتجات السمكية بشكل رئيسي من زيادة إنتاج تربية الأحياء المائية. ولا بدّ من توافر عناصر عديدة لتحقيق هذا النمو بطريقة مستدامة، ولكن أحد المجالات التي يجري تجاهلها أحيانًا هي الحاجة إلى إدارة الموارد الوراثية المائية بطريقة فعالة. وتشمل الموارد الوراثية المائية هنا الحمض النووي، والجينات، والكروموسومات، والأنسجة، والخلايا التناسلية، والأجنة، وغيرها من مراحل الحياة المبكرة، والأفراد، والسلالات، والأرصدة، وجماعات الكائنات ذات القيمة الفعلية أو الممكنة بالنسبة إلى الأغذية والزراعة.
ويُنظر عادةً في تنوع الموارد الوراثية المائية إلى مستوى الأنواع فقط. ويتم إنتاج أكثر من 600 نوع في تربية الأحياء المائية (بينما يتم صيد أكثر من 1 800نوع) وهذا العدد آخذ بالارتفاع مع تطوّر تقنيات الزراعة الخاصة بأنواع جديدة. وعلى الرغم من توحيد الإنتاج حول عدد صغير من الأنواع «السلعية» من قبيل أسماك الشبوط والبلطي والسلمون والقريدس، فإنه من المرجّح أن يستمر العدد الإجمالي للأنواع المستزرعة بالارتفاع. وفي حين أن هناك فهمًا جيدًا نسبيًا لتنوع الأنواع المستزرعة، يوجد شحّ في المعارف المتعلّقة بالموارد الوراثية المائية دون مستوى الأنواع.
ويشكّل التنوع الوراثي موردًا في غاية الأهمية بالنسبة إلى تربية الأحياء المائية. فهو يتيح للكائنات أن تنمو، وأن تتكيّف مع التأثيرات الطبيعية والناتجة عن صنع البشر مثل تغيّر المناخ، وأن تقاوم الأمراض والطفيليات، وأن تستمر في التطور والتكيّف مع نظم الاستزراع. وتقرّ المنظمة بأنه لا يمكن إدارة الموارد الوراثية المائية بطريقة فعالة في ظل عدم توافر المعارف، وهي تعمل على تحسين الفهم وتطوير المنتجات المعرفية المتعلّقة بالموارد الوراثية المائية.
تنشر المنظمة البيانات الإحصائية السنوية بشأن إنتاج تربية الأحياء المائية المتأتي من جميع البلدان والأقاليم المنتجة المعروفة. ولإظهار تنوع الأنواع المائية، يتم تسجيل هذه البيانات ضمن وحدات إحصائية محدّدة تسمى «فرادى الأنواع» وتستمد أسماؤها العلمية (وأسماؤها الشائعة حيثما توافرت) من نظام المعلومات الخاصة بالعلوم المائية ومصايد الأسماك (8 الإطار).
إن نظام المعلومات الخاصة بالعلوم المائية ومصايد الأسماك هو القائمة المرجعية المعيارية بالأنواع التي تحتفظ بها المنظمة لجمع الإحصاءات عن إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية في العالم. وتوفّر قاعدة بيانات هذا النظام الإسم العلمي لفرادى الأنواع المحتفظ بها، وتصنيفها التوصيفي الأعلى، والرموز ذات الصلة. وتقسّم الرموز المعطاة بموجب التصنيف الاحصائي الدولي الموحّد للحيوانات والنباتات المائية، الأنواع التجارية على 50 مجموعة و9 أقسام وفقًا لخصائصها التصنيفية والإيكولوجية والاقتصادية. وتستخدم المنظمة الرمز التصنيفي لتوصيف فرادى الأنواع بمزيد من التفصيل ولفرزها ضمن كل مجموعة من مجموعات التصنيف الاحصائي الدولي الموحّد، في حين يعدّ المعرّف ذات الحروف الثلاثة رمزًا فريدًا يُستخدم على نطاق واسع لتبادل البيانات مع المراسلين الوطنيين وبين وكالات مصايد الأسماك.
ويرد أكثر من 12 750نوعًا من فرادى الأنواع في نظام المعلومات الخاصة بالعلوم المائية ومصايد الأسماك، وتم التبليغ عن أن أقل من 5 في المائة منها مستزرعة وفقًا لإحصاءات المنظمة عن تربية الأحياء المائية الصادرة في مارس/آذار 2019. ويحتفظ نظام المعلومات الخاص بالعلوم المائية ومصايد الأسماك بالسجلات على مستوى الأنواع بصورة رئيسية، مع وجود 150 سجلًا على مستوى الأجناس أو أعلى. ويشتمل النظام أيضًا على بعض الهجائن التي يمكن توفير الإحصاءات عن إنتاج تربية الأحياء المائية الخاصة بها، مثل السلور الهجين (Clarias gariepinus × C. microcephalus) والقاروس الأمريكي الهجين (Morone chrysops × M. saxatilis). وفي نظام المعلومات عن الموارد الوراثية المائية، سيوفّر نظام المعلومات الخاصة بالعلوم المائية ومصايد الأسماك دعامة الأنواع التي ستستند إليها صياغة قائمة جرد الأنواع المستزرعة.
ويمكن أن تشكّل مستخلصات علوم الأحياء المائية ومصايد الأسماك، بوصفها صاحب مصلحة في السلسلة المرجعية لنظام المعلومات الخاصة بالعلوم المائية ومصايد الأسماك، أداة دعم قيّمة لنظام المعلومات الخاصة بالموارد الوراثية المائية. ومستخلصات علوم الأحياء المائية ومصايد الأسماك هي عبارة عن شراكة تم إنشاؤها عام 1971 لضمان نشر المعلومات المتعلّقة بعلوم الأحياء المائية ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وقدّم أكثر من 100 مؤسسة من حول العالم سجلات ببليوغرافية لقاعدة بيانات مستخلصات علوم الأحياء المائية ومصايد الأسماك التي تضم أكثر من 3.7 مليون سجل.
وإن تركيز هذه المستخلصات على جمع الوثائق غير الرسمية التي يصعب الوصول إليها والتي تتمتع بأهمية خاصة بالنسبة إلى الباحثين وواضعي السياسات، يضعها في وضع مثالي للمساهمة في زيادة المعارف والوعي حول الموارد الوراثية المائية. وتساعد موسوعة مصطلحاتها المتعلقة بموضوعات محدّدة على تحديد المعلومات ذات الأهمية المتعلّقة بالموارد الوراثية المائية، ويمكن استخدام المصطلحات الجغرافية والتصنيفية لتحديد أين تجرى البحوث الوراثية ذات الصلة في مجال تربية الأحياء المائية في العالم وأي أنواع تتناول. وعلى سبيل المثال، عندما يخلق شريك في مستخلصات علوم الأحياء المائية ومصايد الأسماك سجلًا بشأن التوصيف الوراثي لًأسماك فتْرة إفريقيا الشّماليّة (C. gariepinus) المستخدمة في تربية الأحياء المائية في نيجيريا، يمكن ربط هذا السجل بالسجل المناسب في قائمة تسجيل الموارد الوراثية المائية.
وعلى الرغم من أن معظم الأدبيات العلمية متاحة للجميع على الإنترنت، فإن استخدام مستخلصات علوم الأحياء المائية ومصايد الأسماك لمفردات لغوية مضبوطة من أجل فهرسة سجلاتها يعني أنه بإمكانها أن تؤمن مستوى معيّنًا من الدقة والتحديد في نظم البيانات والمعلومات كتلك المتعلّقة بالموارد الوراثية المائية. ويضمن نموذج الشراكات الدولية الخاص بمستخلصات علوم الأحياء المائية ومصايد الأسماك تمثيل المؤسسات من حول العالم، الأمر الذي يسمح بالتصدي للتحيّز في النشر والحرص على عدم فقدان البحوث القيّمة التي تجرى في البلدان والأقاليم الممثلة تمثيلًا ناقصًا من جانب الناشرين التقليديين.
وسيضمن ربط كل من السجلات الببليوغرافية الخاصة بمستخلصات علوم الأحياء المائية ومصايد الأسماك وقاعدة بيانات نظام المعلومات الخاصة بالعلوم المائية ومصايد الأسماك، بالبيانات الواردة في قائمة تسجيل الموارد الوراثية المائية دفقًا من المعلومات المحدّدة جدًا عن أنواع تربية الأحياء المائية، مع تنبيه المستخدمين إلى البحوث ذات الصلة بالموارد الوراثية المائية التي يجريها المساهمون في المستخلصات (المؤسسات البحثية، والمنظمات غير الحكومية، والأوساط الأكاديمية).
وتشير فرادى الأنواع إلى نوع واحد أو مجموعة من الأنواع المحدّدة من ناحية التصنيف. ويتباين مستوى تجميع فرادى الأنواع تباينًا كبيرًا، من الأنواع ذات الصلة الوثيقة التي تنتمي إلى الصنف نفسه وصولًا إلى الأنواع غير المترابطة التي تملك خصائص مشتركة (مثل اللافقاريات البحرية). ولا يتمتع نظام المعلومات الخاصة بالعلوم المائية ومصايد الأسماك، المصمَّم لتوليد الإحصاءات المتعلّقة بالإنتاج، بأي سلطة على الحالة التصنيفية للأنواع أو مجموعات الأنواع. كما أنه ثابت نسبيًا مع خضوعه لتحديثات صغيرة دورية تستند بالضرورة إلى التغيّرات الموثوقة والمتسقة والمفصلة في التسميات أو الإضافات عليها. وبالنسبة إلى إحصاءات المنظمة عن الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية، يتم تجميع الإنتاج المسجَّل على مستوى الأنواع أو أعلى منه.
وتشمل مصادر المعلومات الأخرى المتعلّقة بالموارد الوراثية المائية مستخلصات علوم الأحياء المائية ومصايد الأسماك (8 الإطار) التي تسمح بإجراء عمليات بحث في قاعدة بيانات واسعة للموارد المنشورة، بما في ذلك بشأن الموارد الوراثية للأنواع المائية. وتملك قاعدة بيانات الأسماك FishBase معلومات مفصّلة عن الأنواع الزعنفية (Froese وPauly،ح2000)، فيما تملك قاعدة بيانات الحياة البحرية SeaLifeBase معلومات مماثلة عن الوحدات التصنيفية البحرية الأخرى (Palomares وPauly،ح2019)؛ وتشمل قاعدتا البيانات معلومات تم نشرها عن الموارد الوراثية ولكن من غير الإشارة بصورة عامة إلى خصائص الموارد الوراثية المائية الموجودة في المزارع. ويشكّل نظام بيانات الشفرة الشريطية للحياة (Ratnasingham وHebert،خ2007) منصة لتخزين الشفرات الشريطية للحمض النووي وتحليلها. وبفضل المعلومات التسلسلية التي يملكها عن أكثر من 15 000نوع من الأسماك، يعدّ النظام معيارًا مقبولًا على نطاق واسع لتحديد الأنواع التجارية من الناحية الوراثية ولكن ليس على مستوى أدنى من الأنواع.
وأقرّت هيئة الموارد الوراثية للأغذية والزراعة (الهيئة) بشحّ المعارف المتعلّقة بالموارد الوراثية المائية على مستوى أدنى من الأنواع وأسندت الأولوية في عام 2007 إلى جمع المعلومات عن هذه الموارد. وقد أدى ذلك إلى إعداد التقرير عن حالة الموارد الوراثية المائية للأغذية والزراعة في العالم (منظمة الأغذية والزراعة، 2019أ) الذي يقتصر نطاقه على الأنواع المستزرعة وأقاربها البرّية ضمن الولاية الوطنية والذي يقدّم لمحة موجزة عن حالة الموارد الوراثية المائية. ومع أن هذا التقرير لا يعدّ جردًا كاملًا، إلا أنه يلقي ضوءًا جديدًا على المحرّكات والاتجاهات في استخدام الموارد الوراثية المائية في تربية الأحياء المائية. كما أنه يحدّد الاحتياجات والتحديات الرئيسية التي يجب معالجتها لتعزيز صون هذه الموارد المهمة واستخدامها على نحو مستدام وتنميتها. وشكّلت التقارير القطرية الواردة من 92 بلدًا يمثلون 96 في المائة من الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية، مصدر المعلومات الرئيسي في التقرير.
وحدّد هذا الأخير بعض الاختلافات بين الأنواع التي بلّغت عنها جهات الاتصال الوطنية من خلال هذه العملية وتلك التي يتم إبلاغ المنظمة عنها بصورة منتظمة. وقد سلّط ذلك الضوء على الحاجة إلى زيادة مواءمة إجراءات رفع التقارير على المستويين الوطني والعالمي. ولدى تحليل التقارير القطرية، كان من المواضح أنه ليس هناك استخدام موحّد للمصطلحات لوصف الموارد الوراثية المائية. وقد اعتمد التقرير مصطلحات موحّدة (9 الإطار). ويعدّ «النوع المستزرع» مصطلحًا مهمًا بشكل خاص لوصف كافة الموارد الوراثية المائية الموجودة في تربية الأحياء المائية. وفي عام 2019، حدّدت حلقة عمل لخبراء المنظمة 12 نوعًا مستزرعًا محددًا لإدراجها في نظام للمعلومات (الشكل 44).
يُعتبر توحيد المصطلحات لوصف الموارد الوراثية المائية أمرًا ضروريًا لفهم استخدامها في تربية الأحياء المائية ورصده بطريقة فعالة. ويستخدم تقرير حالة الموارد الوراثية المائية للأغذية والزراعة في العالم1 التعاريف التالية التي تستند جزئيًا إلى الأعراف المعتمدة في صياغة مصطلحات المحاصيل والثروة الحيوانية. إلا أنه تم استحداث مصطلحي "السلالة" و"النوع المستزرع" مؤخرًا.
المصطلحات الموحّدة المستخدمة في مجال الموارد الوراثية المائية
وتبيّن النتائج التي خلُص إليها التقرير وجود اختلافات رئيسية بين الموارد الوراثية المائية والأرضية. وعلى سبيل المثال، فإن حالة الموارد الوراثية المائية من منظور الصون مشجّعة مقارنة بالقطاعات الزراعية الأخرى، إذ إن الأقارب البرّية لجميع الأنواع المستزرعة لا تزال موجودة في الطبيعة ولو أن بعضها معرّض للخطر. كما أن هناك مستوى عال من التفاعل بين الموارد الوراثية المائية المستزرعة وأقاربها البرّية ذلك أن تربية الأحياء المائية تعتمد في الكثير من الأحيان على الأقارب البرّية كمصدر للبذور. ولكن يمكن لنظم تربية الأحياء المائية أن تترك آثارًا ضارّة على موارد الأقارب البرّية من خلال تغيير أو الإخلال بالموائل وهروب الموارد الوراثية المائية الشائعة في المفاقس أو إطلاق سراحها.
وهناك عدد قليل نسبيًا من سلالات أو أصناف الموارد الوراثية المائية المدجّنة التي تتميّز بشكل كبير عن موارد الأقارب البرّية. ويسلّط ذلك الضوء على الفرصة الكبيرة المتاحة لزيادة غلّة تربية الأحياء المائية بطريقة مستدامة من خلال الاعتماد الواسع النطاق لبرامج التحسين الوراثي الفعالة التي تركّز على التربية الانتقائية للأنواع ذات القيمة الأدنى وكميّة الإنتاج الأكبر في البلدان النامية. ولاحظ التقرير أيضًا أن الأنواع الدخيلة غير الأصلية تتمتع بأهمية كبيرة في تربية الأحياء المائية العالمية ولكن يمكنها أن تمثّل تهديدًا بالنسبة إلى التنوع الوراثي الأصلي، وبالتالي يجب إدارتها إدارة متأنية.
طلبت الهيئة، ردًا على حالة الموارد الوراثية المائية للأغذية والزراعة في العالم، أن تقوم المنظمة بإعداد خطة عمل عالمية بشأن الموارد الوراثية المائية. وستشكّل خطة العمل هذه بعد إقرارها من جانب المنظمة وأعضائها، إطارًا لتعزيز صون الموارد الوراثية المائية بشكل فعّال واستخدامها بطريقة مستدامة وتنميتها، وأساسًا لتعبئة الموارد. وسيعتمد تطويرها وتنفيذها على الزخم الذي تحقق من خلال إعداد التقرير ونشره. وستشكّل خطة العمل العالمية أيضًا حافزًا لتضع البلدان استراتيجيات وطنية وإقليمية لإدارة مواردها الوراثية المائية بطريقة فعالة. وسيتمثل دور المنظمة في تطوير موارد قابلة للتطبيق عالميًا والترويج لها لدعم عملية إعداد مثل هذه الاستراتيجيات.
ونظرًا إلى الخصائص المميّزة التي تتمتع بها الموارد الوراثية المائية مقارنة بالموارد الوراثية الأرضية، سيختلف تركيز خطة العمل العالمية بعض الشيء عن خطط العمل العالمية القائمة بشأن الموارد الوراثية النباتية والحيوانية والحرجية، لا سيما لجهة إدراج مجال أولوية رفيع المستوى يركّز على الإسراع في تنمية الموارد الوراثية المائية لتربية الأحياء المائية. وإن مجالات الأولوية الاستراتيجية الأربعة المقترحة لخطة العمل العالمية هي:
◂ نظم التوصيف والرصد والمعلومات الوطنية والإقليمية والعالمية للموارد الوراثية المائية؛
◂ وتطوير الموارد الوراثية المائية لتربية الأحياء المائية بالشّكل المناسب؛
◂ والاستخدام المستدام للموارد الوراثية المائية وصونها؛
◂ والسياسات والمؤسسات وبناء القدرات لإدارة الموارد الوراثية المائية.
ويجري تطوير خطة العمل العالمية على مدى سنتين بالتشاور مع لجنة مصايد الأسماك وأجهزتها الفرعية لتتفاوض جماعة العمل الحكومية الدولية الفنية المعنية بالموارد الوراثية المائية بشأنها في سبتمبر/أيلول 2020 قبل عرضها على الهيئة في مطلع عام 2021.
يؤدي الافتقار إلى المعلومات الموثوقة والمتاحة بشأن الموارد الوراثية المائية دون مستوى الأنواع، إلى عرقلة صنع القرارات الفعالة المتعلّقة بإدارتها. وفي حين يملك عدد قليل من البلدان نظم معلومات وطنية، ليس هناك مورد موحّد لتسجيل المعلومات عن الأرصدة، أو السلالات، أو الأصناف، أو الهجائن، أو الأنواع المستزرعة الأخرى من الموارد الوراثية المائية. وسيسمح تطوير مثل هذا المورد للمنتجين، ومديري الموارد، والقيّمين على الصون، وصانعي السياسات، والباحثين باتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارة هذه الموارد بطريقة فعالة واستخدامها على نحو مستدام وتبادلها بشكل ملائم.
وتدعم الحكومة الألمانية المنظمة لإعداد سجل نموذجي للموارد الوراثية المائية يكون من شأنه توفير قائمة جرد بالأصناف المستزرعة للأنواع التي تتم تربيتها في البلدان الأعضاء في المنظمة. وسيشكّل السجل المكوّن الرئيسي لنظام معلومات أوسع بشأن الموارد الوراثية المائية (سيطلق عليه إسم AquaGRIS)(الشكل 44). وسيتضمن السجل مؤشرات لرصد: التقدّم المحرز في الحفاظ على حالة أرصدة الأنواع المستزرعة والأقارب البرّية؛ والتقدّم المحرز على ضوء خطة عمل عالمية مستقبلية؛ والتقدّم الذي قد يتم إحرازه على ضوء مقصد هدف التنمية المستدامة 2–5 الذي يُطبّق حاليًا على الموارد الوراثية الأرضية فقط.
وتعدّ الإدارة الفعالة للموارد الوراثية المائية أمرًا أساسيًا لنمو تربية الأحياء المائية بشكل مستدام في المستقبل. ولكن لا يمكن تحقيقها في غياب المعلومات المناسبة عن حالة الموارد الوراثية، لا سيما دون مستوى الأنواع. ويبيّن تقرير حالة الموارد الوراثية المائية للأغذية والزراعة في العالم الوضع الحالي لهذه الموارد المستخدمة في تربية الأحياء المائية، ويجب أن يشكّل حافزًا لاتخاذ إجراءات المتابعة. وبإعدادها خطة عمل عالمية تستمد معارفها الجديدة من نظام عالمي للمعلومات، تضطلع المنظمة بدور رئيسي في تحويل إدارة هذه الموارد الحيوية في المستقبل.
يمثّل عام 2020 علامة فارقة مهمة في استعراض ما تحقق من تقدّم على الصعيد العالمي في مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. والواقع أن الغايتين 14–4 و14–6 للتنمية المستدامة – اللتين تهدفان إلى القضاء على الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وإلغاء الإعانات التي تساهم في هذا الصيد بحلول عام 2020 على التوالي – هما القوتان المحركتان للحكومات والمنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك، والمنظمات الحكومية الدولية وغير الحكومية في العالم لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. ويستعرض هذا القسم التطورات الرئيسية في اعتماد وتنفيذ الصكوك الدولية والأدوات والمبادرات التي تُشجع وتيسّر مكافحة هذا النشاط الضار للغاية.
وافق مؤتمر المنظمة في عام 2009 على الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه (الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء). ويهدف الاتفاق إلى منع دخول الأسماك التي يتم اصطيادها بطرق غير قانونية دون إبلاغ ودون تنظيم الأسواق الوطنية والدولية عن طريق منع السفن الأجنبية الضالعة، أو التي يُشتبه في أنها ضالعة، في صيد غير قانوني دون إبلاغ ودون تنظيم من دخول الموانئ واستخدامها.
ودخل الاتفاق المذكور حيّز النفاذ في يونيو/حزيران 2016 بعد أن وقَّعه 30 طرفًا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، باعتباره طرفًا واحدًا يمثّل دوله الأعضاء. واستمر بناء الزخم منذ ذلك الحين. وبلغ عدد الأطراف في الاتفاق 66 عضوًا في فبراير/شباط 2020.
وعُقد أول اجتماع للأطراف في الاتفاق في مايو/أيار 2017 في أوسلو، النرويج، فيما عُقد الاجتماع الثاني في يونيو/حزيران 2019 في سانتياغو، شيلي. وكان الهدف من هذين الاجتماعين هو الدفع قدمًا بتنفيذ الاتفاق، وأسفر الاجتماعان عن التقدّم التالي حتى الآن.
من الأركان الأساسية للاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء، سرعة وكفاءة تبادل المعلومات بين الأطراف بشأن السفن الأجنبية التي تلتمس الدخول إلى موانئها المعيَّنة واستخدامها. وينبغي الاطلاع بصورة شبه آنية على المعلومات، ومنها على سبيل المثال ما إذا كانت السفن قد مُنعت من دخول موانئ أخرى أو استخدامها، وسجل الامتثال الخاص بها، ونتائج أي عمليات تفتيش تم إجراؤها، وذلك للسماح بالكشف السريع عن أنشطة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم.
واعترفت الأطراف في الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء بأهمية الوصول إلى تلك المعلومات الأساسية من أجل الوفاء بمتطلبات الاتفاق، واقترحت بناءً على ذلك إنشاء نظام عالمي لتبادل المعلومات من أجل تيسير تبادل المعلومات ذات الصلة بالاتفاق. وكلَّفت الأطراف منظمة الأغذية والزراعة بوضع النظام العالمي لتبادل المعلومات وأنشأت مجموعة عمل غير رسمية لتقديم التوجيه بشأن تطوير النظام.
وكخطوة أولى للتمكين من تبادل المعلومات بين الأطراف، طوّرت المنظمة تطبيقات للاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء كي تقوم الدول من خلالها بتحميل أسماء موانئها المعيَّنة وجهات الاتصال الوطنية التابعة لها، وقامت 39 دولة بتحميل معلومات عن موانئها المعيَّنة.
وفي ما يتعلق بوضع النظام العالمي المستقبلي لتبادل المعلومات، اتفقت الأطراف على ما يلي: (1) ضرورة أن يكون النظام العالمي لتبادل المعلومات قادرًا على ربط نُظم دول الميناء الوطنية والإقليمية القائمة المستخدمة بالفعل وتكميلها، وأن يوفِّر في الوقت نفسه للأطراف التي لم يتوافر فيها هذا النظام بعد بخيار الوصول مباشرة إلى النظام العالمي لتبادل المعلومات؛ (2) وأهمية مشاركة الدول بدور نشط في السجل العالمي (أنظر 10 الإطار) لتعظيم إمكانات السجل العالمي في دعم أداء النظام العالمي لتبادل المعلومات؛ (3) وضرورة دخول النظام العالمي لتبادل المعلومات طور التشغيل في أقرب وقت ممكن.
السجل العالمي لسفن الصيد وسفن النقل المبرَّدة وسفن التموين (السجل العالمي) هو مستودع عالمي للبيانات المعتمدة من الدول بشأن السفن المشاركة في عمليات الصيد. والهدف الرئيسي للسجل العالمي هو زيادة الشفافية وإمكانية التتبّع (ودعم تقديرات مخاطر السفن المشاركة في أنشطة الصيد) من أجل منع أنشطة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعها والقضاء عليها في إطار الصكوك الدولية القائمة، بما يشمل الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه.
ويتطلب إدراج سفينة في السجل العالمي أن يكون لها رقم في نظام المنظمة البحرية الدولية لتعريف السفن. وقد وُضع هذا النظام في الأصل لتعريف سفن الشحن وسفن الركاب، ولكنّ توسيعه ليشمل سفن الصيد1 أتاح، للمرة الأولى، نظامًا عالميًا فريدًا لتعريف تلك السفن. ويبقى رقم التعريف الصادر عن المنظمة البحرية الدولية مع السفينة منذ إنشائها حتى تحويلها إلى خردة حتى بغض النظر عن تغيير العَلَم الذي ترفعه، وأدى ذلك بالتالي إلى تحسين تعريف السفينة والمعلومات الخاصة بها وإمكانية تتبّعها.
ومنذ إصدار نظام معلومات السجل العالمي في الدورة الثالثة والثلاثين للجنة مصايد الأسماك (يوليو/تموز 2018)، ازدادت باطراد المشاركة في المبادرة، لا سيما في أقاليم المنظمة في أوروبا، وأمريكا الشمالية، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. وبلغ عدد أعضاء المنظمة المشاركين في السجل العالمي 62 من الأعضاء في فبراير/شباط 2020، وتوحَّدت بذلك المعلومات المتعلقة بما مجموعه 902 10من السفن في مستودع واحد - وهو ما يُمثِّل حوالي نصف الأسطول العالمي الذي يحمل رقمًا تعريفيًا صادرًا عن المنظمة البحرية الدولية والمؤهل لإدراجه على السجل العالمي.
ولا يزال النظام يشهد تطورات تهدف بشكل أساسي إلى تحسين أداء النظام وإمكانية استخدامه وآليات تحميل البيانات، وإيجاد صلات مع النُظم الأخرى ذات الصلة. وتسعى هذه التطورات، بصفة خاصة، إلى تيسير تبادل المعلومات في المستقبل من خلال آليات التحميل التلقائي للبيانات، بما في ذلك تكوين صلات مع قاعدة بيانات خدمات معالجة المعلومات البحرية والتجارية (IHS Maritime)، وقواعد بيانات الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك وقواعد البيانات الإقليمية والوطنية القائمة الأخرى، والنظام العالمي لتبادل المعلومات التابع للاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه.
تُساهم الدول الأطراف النامية التي تُشكّل غالبية الأطراف في الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء، بدور رئيسي في ضمان تنفيذ الاتفاق على نطاق واسع. واعترافًا بهذا الدور، أنشأت الأطراف مجموعة عمل مخصّصة، هي مجموعة العمل المنشأة بموجب الجزء السادس، لمعالجة متطلبات الدول الأطراف النامية. وأنشأت الأطراف من خلال مجموعة العمل المنشأة بموجب الجزء السادس صندوقًا لمساعدة الدول الأطراف النامية على تلقي دعم لتنمية قدرتها في مجال تنفيذ الاتفاق (11 الإطار). وبالإضافة إلى ذلك، كلَّفت الأطراف منظمة الأغذية والزراعة بمهمّة إنشاء بوابة عالمية لتنمية القدرات من أجل مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم بهدف تجميع المعلومات المتعلقة بمبادرات تنمية القدرات على نطاق العالم بما يمكّن من تحسين التنسيق والاتساق بين الجهات الفاعلة.
أطلقت المنظمة في عام 2017 برنامجها العالمي لدعم تنفيذ الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه والصكوك الدولية التكميلية (البرنامج). ويهدف البرنامج إلى المساهمة في الجهود الوطنية والإقليمية والعالمية لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه. ويمثّل البرنامج الإطار العام الذي تقوم من خلاله المنظمة وشركاؤها في التنمية بوضع وتعبئة إجراءات منسقة لدعم تنفيذ التدابير التي تتخذها دولة الميناء. وفي فبراير/شباط 2020، كان البرنامج يتألف من عشرة مشاريع يزيد تمويلها على 16 ملايين دولار أمريكي من الاتحاد الأوروبي، وآيسلندا، والنرويج، وجمهورية كوريا، وإسبانيا، والسويد، والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي فبراير/شباط 2020، دعم البرنامج: (1) 33 من الدول النامية من أجل صياغة استراتيجيات وخطط عمل وطنية لتنفيذ الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه والصكوك الدولية التكميلية لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم؛ (2) و18 من الدول النامية في إعادة صياغة سياساتها وتشريعاتها الوطنية، و13 من الدول النامية في تحديث نُظم وإجراءات الرصد والمراقبة والإشراف من أجل مواءمتها مع متطلبات الاتفاق والصكوك الدولية التكميلية؛ (3) و54 مسؤولًا من 16 من الدول النامية لتلقي تدريب قانوني على القانون الدولي لمصايد الأسماك، و24 مسؤولًا من 7 بلدان لتلقي تدريب على نُظم الرصد والمراقبة والإشراف وتفتيش الموانئ؛ (4) و4 دول لتلقي حلقات دراسية على المستوى الوطني حول الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء.
أكدت الأطراف الحاجة إلى عملية لرصد تنفيذ الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء واستعراضه، لا سيما في هذه المرحلة المبكرة من التنفيذ. واعتمدت الأطراف استبيانًا لاستعراض وتقييم فعالية الاتفاق، وتتولى المنظمة المسؤولية عن توزيعه على الأطراف في منتصف عام 2020. وستعرض النتائج الموحَّدة للاستبيان في الاجتماع الثالث للأطراف في الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء المقرّر عقده في بروكسيل، بلجيكا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020. ومن المتوقع أن يركز الاجتماع بقوة على تقييم فعالية الاتفاق وفقًا للمادة 24–2.
وفقًا للدراسات الاستقصائية التي أُجريت باستخدام رسائل البريد الإلكتروني من خلال شبكة أمانات الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك في مارس/آذار 2019، تؤدي الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك دورًا مهمًا في تنفيذ الاتفاق. وقدَّمت تسع أجهزة إقليمية لمصايد الأسماك، تضمّ أطرافًا متعاقدة من 93 دولة ساحلية والاتحاد الأوروبي، مساهمات في هذه الدراسة الاستقصائية. واعتمدت بالفعل ستّ من بين تسع أجهزة إقليمية لمصايد الأسماك تدابير للصون والإدارة في ما يتصل بالتدابير التي تتخذها دولة الميناء، وتم تحديد معظمها باعتباره متوائمًا بمعظمه أو كليًا مع الاتفاق. ووضعت أيضًا خمس من هذه الأجهزة الإقليمية الستّ آليات لرصد الامتثال لتدابير الصون والإدارة. وأخيرًا، اتخذت ثلاث من الأجهزة الإقليمية السبع لمصايد الأسماك التي لديها أطراف متعاقدة من الدول النامية مبادرات ووضعت مواد لبناء القدرات من أجل دعم تنفيذ تدابير الصون والإدارة المتعلقة بالاتفاق.
أصبحت المسافنة موضوع جدل كبير باعتبارها واحدة من الثغرات المحتملة في إدارة مصايد الأسماك العالمية. وتُستخدم المسافنة على نطاق واسع في عدد من مصايد الأسماك لتقليل تكاليف التشغيل وتعظيم فرص الصيد. ومن الصعب رصد عمليات المسافنة ومراقبتها، وبخاصة ما يتم منها في البحر. ولذلك يمكن للمسافنة أن تُشكّل نقطة دخول المصيد الناشئ عن أنشطة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم إلى السوق. ويزداد خطر مساهمة المسافنة في الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم في الأقاليم التي لا توجد فيها حوكمة قوية لمصايد الأسماك وتنخفض فيها القدرة على الرصد والمراقبة.
وفي عام 2017، بادرت المنظمة بإجراء استعراض عالمي للوائح تنظيم المسافنة وممارساتها وآليات مراقبتها. وعُرضت الدراسة على الدورة الثالثة والثلاثين للجنة مصايد الأسماك في يوليو/تموز 2018 حيث أعرب الأعضاء عن قلقهم بشأن أنشطة المسافنة، ودعوا إلى إجراء دراسة أخرى لدعم وضع خطوط توجيهية بشأن أفضل الممارسات لتنظيم المسافنة ورصدها ومراقبتها. ولذلك عكفت المنظمة طوال عام 2019 على إجراء دراسة عالمية للمسافنة، ركزت فيها على جمع مزيد من البيانات الكمية بهدف تحديد خصائص مختلف أنواع الممارسات والحوافز الاقتصادية والأنماط ووسائل الرصد والمراقبة المتاحة، والمجالات التي تغطيها اللوائح التنظيمية ذات الصلة. وستُعرض نتائج الدراسة على الدورة الرابعة والثلاثين للجنة مصايد الأسماك في يوليو/تموز 2020.
من الحاسم لفهم فعالية التدابير المطبقة لمكافحة ظاهرة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم تحديد خط أساس لمستوى هذا النوع من الصيد. ومع ذلك، يُشكّل تقدير حجم الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم مسألة معقّدة تعتمد على كثير من العوامل، مثل نوع مصايد الأسماك ومدى توافر المعلومات. وتدرس المنظمة مجموعة من الوثائق للاسترشاد بها في منهجية تقييم الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم في المستقبل لضمان إمكانية المقارنة بين عمليات التقييم بغض النظر عن الجهة التي تجريها. وستتألف الخطوط التوجيهية الفنية للمنظمة بشأن تقدير حجم الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وأثره من ستّة مجلدات، نُشر منها أول مجلدان ومن المقرّر نشر المجلدات الأربعة الأخرى في السنوات المقبلة.
سيُيسّر تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية عملية وسم معدات الصيد التي اعتُمدت مؤخرًا (أنظر القسم بعنوان معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة) رصد معدات الصيد وتتبّع مستخدميها وأغراض استخدامها، وسيساهم ذلك بالتالي في مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم.
ازداد في السنوات الأخيرة الزخم العالمي والإرادة السياسية لمعالجة الآثار المدمِّرة الناجمة عن الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم والقضاء عليها، ولا شكّ في أن الجهود تمضي في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الغايتين 14–4 و14–6 لأهداف التنمية المستدامة، حتى وإن جاء ذلك متأخرًا نوعًا ما.
وتلفت المحافل والرابطات والمؤتمرات الدولية الانتباه بصورة متزايدة إلى الحاجة إلى معالجة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم والتصدي له، على غرار ما قام به مجلس التعاون الاقتصادي لبلدان آسيا والمحيط الهادئ، ومجموعة العشرين وكومنولث الأمم، مؤخرًا من خلال مختلف الآليات.
وتركّز الدول والمنظمات النشطة في مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم بصورة متزايدة على التعاون والتضامن في معالجة هذه المسألة بصورة شاملة وتكاملية. من ذلك على سبيل المثال أن منظمة العمل الدولية أصبحت في أكتوبر/تشرين الأول 2019 عضوًا كاملًا في مجموعة العمل المخصصة المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة البحرية الدولية والمعنية بالصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم والمسائل ذات الصلة.
وعلى المستوى الإقليمي، تتحرك الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك، والمنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك، والكيانات الأخرى نحو إنشاء آليات للتعاون على المستوى الإقليمي، مثل خطط العمل الإقليمية (ومنها على سبيل المثال الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط، وهيئة مصايد غرب وسط الأطلسي، ولجنة مصايد أسماك المنطقة الوسطى الغربية لخليج غينيا) أو مجموعات عمل غير رسمية لتبادل المعلومات (مثل شبكة تبادل المعلومات والخبرات بين بلدان أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي) لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم.
وأخيرًا، تستمر المفاوضات داخل منظمة التجارة العالمية من أجل التوصّل إلى اتفاق يُلزم الدول بحظر تقديم إعانات (أو مواصلة تقديمها) للأشخاص المشاركين في الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. غير أن فرض ذلك الحظر يتطلّب عددًا من الشروط الأساسية المسبقة، بما يشمل الاتفاق على مجموعة من تعاريف المصطلحات، مثل (الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم)، وخطوات أو معايير لتحديد حدوث صيد غير قانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. وقد ثبت أن الاتفاق على هذه التعاريف والمعايير يُشكّل تحديًا كبيرًا ولكنّ الأمل معقود على التوصل إلى توافق عام في الآراء.
ترافق الارتفاع الملحوظ في الطلب العالمي على الأسماك والمنتجات السمكية في السنوات الأخيرة مع زيادة الوعي للحاجة لضمان أن الإمدادات تأتي من عمليات خالية من المشاكل الاقتصادية والبيئية والاجتماعية على طول سلسلة القيمة السمكية. وبالإضافة إلى الشروط الأساسية التي أُنشئ تتبع الأغذية البحرية لمعالجتها، أي سلامة الأغذية، انصبّ الاهتمام على مشروعية إمدادات الأسماك والأغذية البحرية. وفي الوقت نفسه، استمر النقاش حول الجدوى من إصدار شهادات الاستدامة في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وكلفتها ومنافعها، وأدّت المخاوف بشأن التحديات التي يواجهها المنتجون في البلدان النامية في هذا الصدد إلى بروز عدد من برامج التحسين. وثمة مسألة أخرى ترتبط بمشروعية المنتجات، وهي الغش في الأغذية. وفي حين أن هذه المسألة ليست ظاهرة جديدة، إلا إنها حظيت بالاهتمام خلال السنوات الأخيرة. وتأخذ بلدان عديدة على الصعيد الحكومي وعلى مستوى القطاع الخاص، بزمام مبادرات كبرى لمكافحة الغش في الأغذية.
وهناك اعتراف واسع بخطط توثيق المصيد على أنها أداة مفيدة لمنع دخول الأسماك المتأتية من المصيد الذي لا يتماشى مع التدابير المطبقة التي يتم بفضلها ضمان مشروعية الأغذية البحرية عند نقطة الدخول، إلى سلسلة القيمة. وبعد اعتماد الخطوط التوجيهية الطوعية لخطط توثيق المصيد الصادرة عن المنظمة (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ب)، بدأت هيئة مصايد أسماك التونة في المحيط الهندي عملية لوضع خطة جديدة لتوثيق المصيد. وستكون هذه الخطة الرابعة التي تضعها منظمة إقليمية لإدارة مصايد الأسماك بعد تلك الخاصة باتفاقية صون الموارد الحية البحرية في القطب الجنوبي، والهيئة الدولية لصون أسماك التونة في المحيط الأطلسي، والهيئة الدولية لصيانة التونة زرقاء الزعانف. وفي غضون ذلك، تم وضع عدد من التدابير المتصلة بالسوق لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، منها نظام شهادات المصيد في جمهورية كوريا (الذي يستهدف ثلاثة أنواع)، وبرنامج رصد استيراد الأغذية البحرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وخطة توثيق المصيد لرابطة أمم جنوب شرق آسيا. وهناك مبادرات وطنية أو إقليمية أخرى قيد النقاش أو التطوير. ويدلّ ذلك على الالتزام والتوافق العالميين لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم من خلال نُهج متعددة. وبعد مرور عقد تقريبًا على اعتمادها، تطوّرت لائحة الاتحاد الأوروبي التنظيمية الخاصة بإصدار شهادات المصيد إلى خطة توثيق إلكترونية اسمها CATCH ويُتوقع أن توفّر قاعدة بيانات واحدة لرصد ضوابط الاستيراد في الوقت الحقيقي.
ويستكشف عدد من مطبوعات المنظمة الحديثة الأدوار التي يمكن أن تضطلع بها مختلف السلطات الوطنية لضمان فعالية تتبّع الأغذية البحرية الوطنية ولدعم أداء خطط توثيق المصيد (Hosch،م2018؛ منظمة الأغذية والزراعة، 2018ج). ويعدّ الحوار العالمي بشأن تتبع الأغذية البحرية (2016) منصة دولية بقيادة القطاع من شأنها تطوير إطار موحّد لممارسات التتبع البيني للأغذية البحرية بالاستناد إلى أربع ركائز، وهي: (1) عناصر البيانات الرئيسية المتفق عليها دوليًا؛ (2) والخصائص الفنية لنظم التتبع القائمة على التشغيل البيني؛ (3) وأسس المقارنة المتفق عليها دوليًا من أجل التحقق من صلاحية البيانات؛ (4) ومواءمة اللوائح الوطنية المراعية للشركات. وتسعى مبادرة دولية أخرى، هي تحالف الأغذية البحرية من أجل المشروعية والتتبّع، إلى تحقيق التعاون والتآزر بين الجهود المبذولة في مجال تتبّع الأغذية البحرية.
وقد ركّز النقاش حول إصدار شهادات الاستدامة بقدر أكبر على التحديات القائمة في الأقاليم النامية مثل ارتفاع التكاليف، وضعف الحوافز، والافتقار إلى البيانات، وضعف الحوكمة. ولكن كان تعدّد مثل هذه الخطط في السنوات الأخيرة مربكًا. وقد أدى تكاثر نظم التصنيف ومشاريع تحسين مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية إلى تعقيد الأوضاع أكثر فأكثر. ولوحظ إحراز تقدّم في مجال المواءمة، حيث اعترفت المبادرة العالمية بشأن استدامة الأغذية البحرية يتسعة تصنيفات بيئية (لكل من المأكولات البحرية التي يتم اصطيادها من البرية والمزروعة) تستخدم أدوات المقارنة المرجعية الخاصة بها (المبادرة العالمية بشأن استدامة الأغذية البحرية، 2019). وليس هناك ما يدل على أنه سيتم إلغاء شهادات الاستدامة في المستقبل القريب لا سيما في ظل تزايد طلب المستهلكين على الأغذية البحرية المستدامة وعدم وجود بديل أفضل. إن نسبة كبيرة من الإنتاج العالمي للأغذية البحرية غير جاهزة للانخراط في خطط إصدار شهادات التوسيم الإيكولوجي والاستدامة القائمة. وإن برنامج قياس الأداء وتسريعه التابع للمبادرة العالمية بشأن استدامة الأغذية البحرية والمدعوم من منظمة الأغذية والزراعة، هو برنامج مستند إلى السوق ويستهدف منتجي الأغذية البحرية الذين يعملون حاليًا على إصدار شهادات الاستدامة أو الذين لا يشاركون في هذه العملية. ويدعم البرنامج المنتجين المحليين للالتزام بإجراء تحسينات تدريجية ضرورية ضمن أطر زمنية محددة وفقًا للمدونة. وفي ظل حوافز السوق لإجراء تحسينات يمكن التحقق منها في أداء الاستدامة وتقليل الحواجز التي تعترض الوصول إلى السوق، يمكن أن يزيد البرنامج مشاركة منتجي الأغذية البحرية بشكل ملحوظ في عملية التحسين وإصدار الشهادات.
وإن قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية عرضة بشكل كبير للغش في الأغذية نظرًا إلى مدى تعقيده، والفارق في الأسعار بين الأنواع المتشابهة، وتعدد الأنواع وسلاسل القيمة المقابلة لها. وأظهرت دراسات أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي أن قطاع الأغذية البحرية يحتل المرتبة الثانية أو الثالثة من حيث القطاعات الغذائية الأكثر عرضة للغش. وقد كشف عمل رئيسي تولى تنسيقه مؤخرًا كل من المفوضية الأوروبية والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) ومكتب الشرطة الأوروبي (يوروبول) في 11 بلدًا أوروبيًا، عن ممارسات غش تتعلق بأسماك التونة، بما في ذلك استبدال الأنواع وبيع أسماك التونة المخصصة للتعليب بطريقة احتيالية كأسماك طازجة. وتم حجز أكثر من 51 طنًا من هذه الأسماك واستهلال خمس قضايا جنائية.
وفي عام 2018، أبرز تقرير صادر عن المنظمة كيف أن مكافحة الغش في الأسماك مهمة معقدة تحتاج إلى تعزيز البرامج التنظيمية الغذائية الوطنية، وإنشاء نظم فعّالة للتتبّع تستند إلى أسس علمية، وتحسين أساليب اختبار مدى أصالة الأسماك (منظمة الأغذية والزراعة، 2018د). وشدّد التقرير أيضًا على ضرورة أن يقوم قطاع الأسماك بإنشاء وتطبيق نظم لتقدير مدى تعرّض الأسماك للغش بهدف تحديد المصادر المحتملة للغش في الأسماك ضمن سلاسل الإمداد، وإعطاء الأولوية لتدابير المراقبة للتقليل من مخاطر تلقي مكونات أو مواد خام مغشوشة أو مزيفة.
وفي عام 2019، أنشأت لجنة الدستور الغذائي المعنية بفحص الواردات والصادرات الغذائية ونظم إصدار الشهادات مجموعة عمل إلكترونية معنية بالغش في الأغذية وتتمتع باختصاصات واسعة لمراجعة نصوص الدستور الغذائي من أجل تحديد كيفية إحراز تقدّم في العمل في هذا المجال.
وبالاستناد إلى هذه المبادرات، عقدت المنظمة في روما في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 حلقة عمل فنية بشأن الغش في الأغذية للمساعدة على وضع نهج شامل لمعالجة الغش في الأغذية. وخلال حلقة العمل هذه، استكشف موظفو المنظمة والخبراء الجوانب المتعددة الأوجه للغش في الأغذية وحددوا التدابير والأدوات والإجراءات الرئيسية الموجودة لمكافحة الغش في الأغذية عبر مختلف سلاسل القيمة. وكان الغرض من حلقة العمل، على وجه التحديد، الاتفاق على العناصر الرئيسية التي تساهم في الغش في الأغذية وتحديد العناصر والمؤسسات والآليات التي ينبغي للبلدان أن تضعها للتصدي بفعالية لهذه المشكلة.
يشير مصطلح «الحيازة» بصورة عامة إلى المعايير والقواعد المتعلّقة بكيفيّة تحكّم الناس بالموارد الطبيعية مثل الأراضي، والمياه، والغابات، ومصايد الأسماك، وبالموارد المائية الأخرى الموجودة في البحيرات والأنهر والبحار، وكيفيّة وصولهم إليها واستخدامهم لها. ويدل مصطلح «المستخدم» على الشخص أو مجموعة الأشخاص أو الكيانات الأخرى التي قد تقوم بهذه الأفعال. بالتالي، يتعلّق موضوع حقوق الحيازة وحقوق المستخدمين بمن يمكنه استخدام هذه الموارد ولكم من الوقت وتحت أي شروط. وتصف حوكمة الحيازة وحقوق المستخدمين ما إذا كان باستطاعة الأشخاص أن يوضحوا ويكتسبوا ويحموا الحق في استخدام هذه الموارد وإدارتها، وكيف يمكنهم القيام بذلك.
وهناك اعتراف واسع في مصايد الأسماك البحرية والداخليّة بالعلاقة بين استخدام الموارد بطريقة مستدامة والحيازة الآمنة، وحقوق المستخدمين وحقوق الوصول. وثمة إقرار متزايد أيضًا بأن الاستدامة البيئية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالاستدامة الاجتماعية والاقتصادية لمجتمعات مصايد الأسماك الساحلية والداخلية وتتوقف عليها على المدى الطويل. وتستند سبل عيش الكثيرين، وبخاصة وسط فقراء الريف، على الوصول المضمون والعادل إلى موارد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وإدارتها، ذلك أن هذه الموارد توفّر الملجأ والأغذية المغذية جدًا، وتدعم الممارسات الاجتماعية والثقافية والدينية، وتعدّ عاملًا أساسيًا في تحقيق النمو الاقتصادي المنصف والتماسك الاجتماعي. بالتالي، تشكّل الحوكمة غير الفعالة لحقوق الحيازة وحقوق المستخدمين التي لا تراعي الحاجة إلى موازنة الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية، تهديدًا خطيرًا لسبل العيش الآمنة واستخدام الموارد الطبيعية على نحو مستدام. وتتسبّب هذه الحوكمة في غالب الأحيان بالفقر المدقع والجوع في المجتمعات المحلية التي تعتمد على هذه الموارد الطبيعية. بالتالي، تعدّ نظم الحيازة المناسبة، بما في ذلك حقوق الوصول وحقوق المستخدمين الواضحة، عناصر أساسية لضمان استدامة مصايد الأسماك ومساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وعلى مدى قرون، وُجِدت نظم حيازة مختلفة عديدة دعمت مجموعات مختلفة من الأهداف الاجتماعية والإدارية والسياساتية الضمنية والصريحة، ما يعكس ركائز الاستدامة الثلاث: ضمان صون الموارد؛ والمساهمة في الرفاه الاجتماعي؛ وتوليد المنافع الاقتصادية في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر. وتتراوح هذه النظم بين حقوق الوصول والاستخدام المجتمعية أو التقليدية أو الخاصة بمجموعات أخرى، والحصص الفردية القابلة للتحويل أو حصص المصيد، والمناطق التفضيلية لمجموعات معيّنة مثل صغار الصيّادين. وفي حين تعطي بعض النظم الأولية للكفاءة الاقتصادية بين مستخدمي الموارد المعترف بهم (مثل الأفراد أو مجموعات الأشخاص)، تستلهم نظم أخرى بنظم الحيازة غير الرسمية أو العرفية، أو تفضي إلى الاعتراف الرسمي بها.
وإذا تم تصميم نظم الحيازة وحقوق المستخدمين بطريقة صحيحة، يمكنها أن تضمن نشاط المستخدمين التاريخيين والمجتمعات المعتمدة عليهم، وأن تتيح الوصول الحصري إلى الموارد، وأن تهيئ الظروف للمساعدة على تلافي الصيد المفرط. وبذلك، يصبح الصيد نشاطًا طويل الأجل يكون فيه مستخدمو الموارد مسؤولين عن مستقبل القطاع ويؤدون دورًا مهمًا كقيّمين على الموارد. ولكن بما أن الحقوق تُعطى وهي أيضًا محدودة، فإنها تصبح قيّمة بالنسبة إلى أصحاب المصلحة من داخل القطاع وخارجه الأمر الذي قد يجعل القطاع عرضة للقوى الاستثمارية التي تملك أهدافًا مختلفة عن أهداف المستخدمين التاريخيين والمجتمعات المحلية التي تعتمد على الموارد المائية المحلية. بالتالي، فإنه من الضروري حماية حقوق الحيازة المشروعة من المعاملات التي يمكنها أن تهدد سبل عيش المجتمعات الساحلية، وأمنها الغذائي، وتغذيتها. ويتجلّى هذا الاعتبار في المبادئ الخاصة بالاستثمارات المسؤولة في الزراعة ونظم الأغذية التي وضعتها لجنة الأمن الغذائي العالمي، والخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني، والخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر.16
وتولّد مختلف طرق الاعتراف بحقوق الحيازة وحقوق المستخدمين وحقوق الوصول وتخصيصها، تبادلات اجتماعية واقتصادية وبيئية مهمة. ويعدّ فهم هذه النقطة أمرًا حيويًا في ظل ازدياد الاهتمام بالموارد المائية في السياسات الوطنية المتعلّقة بالتنمية الاقتصادية وصون الموارد الطبيعية. ويمكن أن تظهر المنافسة على الموارد داخل قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية حيث لا تكون نظم الحيازة محددة بشكل واضح أو مطبّقة بالطريقة المناسبة. وهذه هي الحال مثلًا عندما تستهدف مصايد الأسماك الكبيرة والصغيرة النطاق الأرصدة السمكية، أو عندما يستحوذ قطاع تربية الأحياء المائية المتنامي في المياه العذبة والمناطق البحرية على مساحات أكبر ويولّد آثارًا غير مقصودة على مصايد الأسماك الطبيعية. وبالمثل، يحتاج نمو القطاعات الأخرى مثل السياحة، والتنمية الحضرية، والبنية التحتية للموانئ، والطاقة، والنقل، والصناعات الأخرى في الأماكن التي تحصل فيها عمليات مصايد الأسماك أو تربية الأحياء المائية وأنشطتها ذات الصلة، إلى تقييم دقيق. ويمكن لهذا النمو أن يولّد فرصًا لكسب العيش تكمّل أنشطة مصايد الأسماك أو تندمج معها. ولكن، لا تتم مراعاة أنشطة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية ولا يتم استشارة أصحاب المصلحة مع أنّ المعايير الدولية تدعو إلى إشراكهم في صنع القرارات المتعلّقة بمن يحصل على حقوق حيازة الأراضي والمياه والموارد المائية واستخدامها وكيف. وتتطلب المعايير الدولية أيضًا مراعاة حقوق مستخدي مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في تدابير الصون المكاني، ولا سيما في تصميم المناطق البحرية المحمية. وتسفر النًهج الأكثر شمولًا ونظم الإدارة التشاركية القائمة على المناطق التي تشمل بشكل مباشر المجتمعات الساحلية التي تعتمد سبل عيشها على مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، عن نتائج مشجّعة في ما يتعلّق بتدابير الصون الفعالة التي تحقق التوازن بين الأهداف البيئية والاجتماعية والاقتصادية داخل القطاعات الاقتصادية وفي ما بينها على السواء.
ويتمثّل أحد الشروط الأساسية لضمان وجود نظم حيازة مناسبة في تمتّع جميع أصحاب المصلحة المعنيين بعملية التطوير والتنفيذ، بالقدرات المناسبة ليضطلع كل منهم بدوره في الحوكمة الرشيدة. وينبغي لإدارات مصايد الأسماك الوطنية أن تفهم مختلف خيارات الحيازة والتبادلات الخاصة بكل منها. كما تتمتع القدرة على تطبيق الأساليب التشاركية لإجراء المشاورات مع الجهات الفاعلة الرئيسية لتحديد نظم الحيازة وحقوق المستخدمين الأنسب وتفعيلها، بالقدر نفسه من الأهمية. وتتوقف فعالية نظام الحيازة إلى حد كبير على المشاركة الجماعية وتبنّي مستخدمي الموارد للنظام. ويظهر ذلك بوضوح في ترتيبات الإدارة المشتركة للمناطق البحرية التي تجري إدارتها محليًا أو استخدام الحلول المكانية مثل حقوق مستخدمي الأقاليم التي يتم تطويرها بمشاركة مباشرة من المجتمعات المحلية لمستخدمي الموارد.
وتعدّ المدونة الإطار التوجيهي المعياري العالمي الذي يمكنه أن يلهم نظم الحيازة الشاملة والمنصفة لدعم مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المستدامة (منظمة الأغذية والزراعة، 1995). وبصورة خاصة، تنص الفقرة 6–18 من المدونة التي تستبق إلى حدّ ما مقصد هدف التنمية المستدامة 14–ب، على ما يلي: «ينبغي للدول أن تحمي بصورة مناسبة حقوق صيادي الأسماك والعاملين في قطاع الصيد، لا سيما أولئك العاملين في مصايد أسماك الكفاف والمصايد الصغيرة النطاق والحرفية بما يكفل لهم سبل عيش آمنة ومنصفة، وكذلك الوصول التفضيلي، عند الاقتضاء، إلى مناطق الصيد التقليدية والموارد في المياه الخاضعة لولايتها الوطنية». كذلك، تدعو الفقرة 9–1–4من المدونة الدول إلى كفالة عدم تأثر سبل عيش المجتمعات المحلية ووصولها إلى مناطق الصيد، تأثرًا سلبيًا نتيجة لتنمية تربية الأحياء المائية. وتنص فقرات أخرى ذات صلة في المدونة على ما يلي:
◂ ينبغي أن تشارك مجتمعات الصيد في عمليات صنع القرارات وفي الأنشطة الأخرى المتصلة بتخطيط وتطوير إدارة المناطق الساحلية (10–1–2)؛
◂ [ينبغي] للأطر المؤسساتية والقانونية أن تحدد الاستخدامات الممكنة للموارد الساحلية، وأن تنظم الوصول إليها، مع مراعاة حقوق مجتمعات الصيد الساحلية وممارساتها التقليدية التي تتفق مع التنمية المستدامة (10–1–3)؛
◂ ينبغى للدول أن تيسّر اعتماد ممارسات الصيد التي تكفل تجنب النزاع بين مستخدمي موارد مصايد الأسماك وبينهم وبين المستخدمين الآخرين للمناطق الساحلية (10–1–4).
بالإضافة إلى ذلك، تشمل الصكوك العالمية الأخرى ذات الصلة التي تعدّ بمثابة أطر توجيهية لضمان حقوق الحيازة والمستخدمين والوصول، تلك المذكورة أعلاه وهي: الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني، والخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر، والخطوط التوجيهية الطوعية لدعم الإعمال المطّرد للحق في غذاء كاف في سياق الأمن الغذائي الوطني، والمبادئ الخاصة بالاستثمارات المسؤولة في الزراعة ونظم الأغذية. وتدعم جميع هذه الخطوط التوجيهية الطوعية ظهور نهج قائم على حقوق الإنسان ويتطلب توافر الحوكمة الجيّدة والمشاركة والتشاور والشمول والشفافية وسبل الانتصاف، من جملة أمور أخرى. ويساعد تطبيق هذه الأطر أصحاب المصلحة على تكوين فهم أفضل للآثار المترتبة عن مختلف أنواع نظم الحيازة وحقوق المستخدمين، بما في ذلك على أشدّ الناس ضعفًا وتهميشًا، وبالتالي يدعم صنع قرارات أكثر استنارة.
ولقد تضمنت الجهود الإضافية لفهم وتحسين نظم الحيازة الآمنة وحقوق المستخدمين وحقوق الوصول، المؤتمرات والاجتمعات التي عقدتها المنظمة مؤخرًا بعنوان: حقوق الحيازة وحقوق المستخدمين في مصايد الأسماك 2018: تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030؛ واجتماع أصدقاء حقوق المستخدمين لعام 2019. وتشارك المنظمة حاليًا في مجموعة من حلقات العمل الإقليمية حول العالم بشأن حقوق الحيازة وحقوق المستخدمين في مصايد الأسماك، وذلك ردًا على نداء لتطوير التوجيهات العملية بشأن الخيارات والفرص المتاحة لينظر فيها أصحاب المصلحة في مصايد الأسماك عند النهوض بحقوق الحيازة وحقوق المستخدمين في القطاع، مع إيلاء عناية خاصة للفوارق الوطنية والإقليمية. ومن المتوقع أن تؤدي هذه التوجيهات إلى الإسراع في اعتماد الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات والخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق وتطبيقها على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية، وإلى دعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتشكّل خطة عام 2030 التزامًا راسخًا بعدم إهمال أحد، ويدعو المقصد 14–ب من أهداف التنمية المستدامة بصورة خاصة إلى إتاحة إمكانية الوصول إلى الموارد البحرية والأسواق لصغار الصيادين الحرفيين (12 الإطار).17 ويجب دعم هذا الوصول بحقوق الحيازة الآمنة وحقوق المستخدمين على الموارد المائية التي تشكّل أساسًا للرفاه الاجتماعي والثقافي وسبل العيش والتنمية المستدامة للمجتمعات المحلية التي تعتمد على مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، بما في ذلك للرجال والنساء (13 الإطار). ويعدّ تطوير المعرفة حول حقوق الحيازة وحقوق المستخدمين خطوة أساسية لضمان الاستدامة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وينطبق ذلك على كيفية الوصول إلى مصايد الأسماك الطبيعية البحرية والداخلية والأماكن الساحلية والمائية في العالم، واستخدامها وإدارتها. كما أنه يسري أيضًا على تفاعلاتها مع حيازة الأراضي، والمياه، والغابات، والحقوق ذات الصلة.
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2022 السنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية. وتُعتبر منظمة الأغذية والزراعة الوكالة الرئيسية للاحتفال بهذه السنة بالتعاون مع المنظمات والأجهزة الأخرى المعنية في منظومة الأمم المتحدة. وتشكّل السنة الدولية في عام 2022 اعترافًا مهمًا بالملايين من صغار الصيادين ومستزرعي الأسماك والعاملين في مجال صيد الأسماك الذين يوفّرون الأغذية الصحية والمغذية لمليارات الأشخاص ويساهمون في تحقيق هدف القضاء على الجوع. وتستحق مصايد الأسماك صغيرة النطاق وتربية الأحياء المائيّة أن تحظى بالاهتمام أيضًا لما لها من أهمية حاسمة بالنسبة إلى سبل عيش الملايين من الأشخاص، والحاجة إلى إدارتها الرشيدة لدعم النظم الإيكولوجية المائية الصحية.
وبقيادة الاحتفال بهذه السنة الدولية، تسعى المنظمة إلى تركيز انتباه العالم على الدور الرئيسي الذي يمكن أن يؤديه صغار المزارعين ومستزرعو الأسماك والعاملون في مجال صيد الأسماك في تحقيق الأمن الغذائي والتغذية، والقضاء على الفقر، وللحاجة الملحة لتحسين إدارتهم، بهدف زيادة الفهم والوعي والتدابير الرامية إلى دعمهم. وستتيح السنة الدولية في عام 2022 فرصة قيّمة لإرسال رسائل عامة للجمهور العريض ورسائل مصممة خصيصًا لحثّ واضعي السياسات، والشركاء في التنمية، والأوساط الأكاديمية، والقطاع الخاص، ومنظمات مصايد الأسماك صغيرة النطاق وتربية الأحياء المائيّة على اتخاذ الإجراءات اللازمة.
ويشكّل الاحتفال بهذه السنة أيضًا فرصة لتعزيز المشاركة الهادفة والالتزام من جانب صغار المنتجين في الإدارة المستدامة، ولتيسير إقامة الشراكات على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية. وستساهم الرسائل المبعوثة خلال السنة الدولية في عام 2022 بالارتقاء بالوعي العالمي، وتمكين صغار المنتجين، وتسليط الضوء على المنافع التي يمكن جنيها من تقوية مصايد الأسماك اصغيرة النطاق وتربية الأحياء المائية عن طريق السياسات والممارسات الشاملة والواعية لإدارتهما المستدامة. وتتيح السنة الدولية في عام 2022 والاستعدادات لها فرصة جيدة لاستعراض الإنجازات المتعلّقة بأهداف الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر، ولتشجيع الدول على إدراج هذه الخطوط التوجيهية الطوعية في السياسات والبرامج العامة.
ويتم تشكيل لجنة توجيهية دولية مؤلفة من ممثلين قطريين من مختلف الأقاليم، ومنظمات الأمم المتحدة، والشركاء المعنيين الآخرين من المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية، لدعم الاستعدادت للسنة الدولية في عام 2022 والاحتفال بها. علاوة على ذلك، تدخل السنة الدولية في عام 2022 في نطاق عقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية (2019-2028)، بحيث قد يعزّز الاحتفالان بعضهما البعض لتسليط المزيد من الضوء على صغار المنتجين. ويمكن للسنة الدولية في عام 2022 أن تشكّل أيضًا منطلقًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما المقاصد ذات الصلة بالهدف 14، بحلول عام 2030. ولاغتنام هذه الفرصة، حان الوقت للتفكير بطريقة مبتكرة، والتكاتف والبدء بالتخطيط فورًا لكيفيّة جعل السنة الدولية في عام 2022 سنة لا تنتسى. وتوفّر الدورة الرابعة والثلاثون للجنة مصايد الأسماك في عام 2020 منبرًا ممتازًا لاستكشاف مع الأعضاء كيفية القيام بذلك.
عملت المجتمعات المحلية وحَصَدة المحار في مصبّ نهر الفولتا معًا على ضمان الحقوق الفردية وحقوق الحيازة لمنقبي ومستزرعي المحار.1 وعلى سبيل الابتكار، قام مشروع باختبار أداة المنظمة الخاصة بالحيازة المفتوحة من أجل رسم خريطة بمزارع المحار تحت الماء. وتتبع الحيازة المفتوحة نهجًا قائمًا على حشد الموارد لجمع علاقات الحيازة. وتم تطويرها كأداة لتقوم المجتمعات المحلية بتقييم وتوضيح نظم الحيازة فيها من أجل حماية الحقوق الفردية والجماعية لأعضائها. وتسمح الأجهزة المحمولة بتحديد حقوق الحيازة المشروعة على المستوى الميداني بفضل ترسيم الحدود. ومن ثم يجري تحميل البيانات على خادوم مجتمعي على الإنترنت. وقد نجح تكييف هذه الأداة للسماح بتسجيل الحقوق العرفية وغير الرسمية حيث يعترف القانون بها.
وتم اتباع نهج تدريجي في تحليل الترتيبات الحالية المتعلّقة بحقوق الحيازة التقليدية في مصايد المحار، ورسم الخرائط المكانية لمناطق صيد المحار الرئيسية، وإعداد وتوزيع الخرائط التي تبيّن الاستخدامات المتنافسة، بما في ذلك: الملاحة والنقل المحلي، والترفيه، والضيافة (بما في ذلك فندق جديد)، والعقارات، وتربية الأحياء المائية. وحدّدت العملية أصحاب المصلحة الرئيسيين وإمكنية تطوير برنامج للإدارة المشتركة من جانب جمعيات الصيادين، مع إيجاد خيارات لإدارة حقوق المستخدمين واحتياجات الحيازة والاستدامة. وتمت مناقشة عملية توثيق ونشر أفضل الممارسات والدروس المستفادة مع السلطات التقليدية والحكومة المحلية ليسترشد بها التفويض الرامي إلى ضمان حقوق المستخدمين.
لقد التزمت البلدان في سياق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بعدم إهمال أحد، ويعدّ الاعتراف هنا بكرامة الإنسان أمرًا أساسيًا. وفي ما يتعلّق بالهدف 8 من أهداف التنمية المستدامة (العمل اللائق والنمو الاقتصادي) بصورة خاصة، يُعتبر تشجيع الأعمال الحرّة وتعزيز استحداث فرص العمل تدبيرين فعالين للقضاء على السخرة والرق والاتجار بالبشر.
وينبغي الإصغاء، في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، إلى الصيادين والعاملين في مجال صيد الأسماك. وفي جميع أنحاء العالم، تم توثيق الانتهاكات والاعتداءات المرتكبة ضد حقوق الإنسان وحقوق العمل في القطاع، ولا يزال هناك حالات عديدة تشوبها ممارسات غير مقبولة على الرغم من الجهود الجديرة بالثناء التي يبذلها العديد من الحكومات والقطاع. ولا تحصل هذه الحالات في البلدان النامية فقط، بل في البلدان المتقدمة أيضًا وفي جميع مراحل سلاسل القيمة.
ويأخذ العديد من المشغلين مسؤولياتهم على محمل الجد ويحترمون القوانين والمعايير الوطنية والدولية على السواء. ولكن تستمر الممارسات غير المقبولة في الكثير من الحالات حيث القدرات المؤسساتية ضعيفة، وإنفاذ القوانين معدوم، وأصوات الصيادين والعاملين في مجال صيد الأسماك غير مسموعة. وعلى صعيد أكثر إيجابية، يؤدي تزايد الوعي عند البلدان، ومجموعات المستهلكين، وتجّار التجزئة، والقطاع نفسه إلى حدوث تحوّل نحو رفع مستوى المعايير، بما في ذلك من خلال إصدار الشهادات والتوسيم.
وقد كشفت تقارير مختلفة عن حالات كانت فيها ظروف العمل مريعة في قطاع مصايد الأسماك. كما أنه تم التبليغ عن حدوث انتهاكات في مصانع تجهيز الأسماك وعلى متن سفن الصيد حيث يكون رصد ظروف العمل أصعب. وهناك مؤشرات قوية تدل على أن الاتجار بالبشر، والسخرة، وأوجه استغلال العمالة الأخرى على متن سفن الصيد ترتبط بالصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم حيث يعدّ العمال المهاجرون فئة هشة بصورة خاصة.
وفي السنوات الأخيرة، دعى العديد من المبادرات الحكومية وغير الحكومية والعمليات التشاركية المتعددة أصحاب المصلحة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية إلى تعزيز العمل اللائق، ولا سيما الاعتراف بحقوق الإنسان وحقوق العمل على طول سلاسل قيمة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
لقد حدد إطار التخطيط الاستراتيجي الخاص بالمنظمة المسؤولية الاجتماعية كأمر أساسي للقضاء على الجوع والفقر في الريف، بما في ذلك في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وشدّد الأعضاء، خلال الدورة الخامسة عشرة للجنة الفرعية المختصة بتجارة الأسماك التابعة للجنة مصايد الأسماك (في أكادير، المغرب) في عام 2016، على القلق المتنامي إزاء الظروف الاجتماعية وظروف العمل في القطاع.
وفي عام 2017، رحبت الدورة السادسة عشرة للجنة الفرعية المختصة بتجارة الأسماك التابعة للجنة مصايد الأسماك (في بوسان، جمهورية كوريا) بإدراج المسؤولية الاجتماعية على جدول الأعمال. وأكد الأعضاء على أهمية قضايا المسؤولية الاجتماعية وصلتها بسلاسل القيمة، وبخاصة الإقرار بحقوق الإنسان وحقوق العمل وحمايتها على المستويين الوطني والدولي.
وفي عام 2018، أوصت لجنة مصايد الأسماك في دورتها الثالثة والثلاثين بإعداد توجيهات عن الاستدامة الاجتماعية في المستقبل بالتعاون مع أصحاب المصلحة المعنيين، بما في ذلك القطاع ورابطات العاملين في مجال صيد الأسماك.
وفي عام 2019، أعادت الدورة السابعة عشرة للجنة الفرعية المختصة بتجارة الأسماك التابعة للجنة مصايد الأسماك (في فيغو، إسبانيا) التأكيد على أهمية المسؤولية الاجتماعية في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية (لجنة مصايد الأسماك لدى المنظمة، 2020). وأشارت اللجنة الفرعية إلى العمل الذي عرضته الأمانة وأثنت على جهود المنظمة في إطار عملية التشاور الواسعة والشاملة التي أدت إلى وضع مشروع التوجيهات. كما أنها أوصت بأن تقوم الأمانة بإعداد وثيقة استشرافية لتحديد سياق القضايا الخاصة بقطاع مصايد الأسماك، على أن تتضمن خطوطًا عريضة واضحة عن أبرز التحديات مع الإشارة إلى أن أي توجيه يجب أن يكون طوعيًا ويستهدف الجهات الفاعلة في قطاع الأعمال.
يقوم برنامج المنظمة الاستراتيجي بشأن خفض الفقر في الريف بتشجيع العمل اللائق والحماية الاجتماعية في الزراعة، بما في ذلك في مجموعة كبيرة من الأنشطة ذات الصلة في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وقد اكتسب هذا العمل المزيد من الأهمية منذ أن أقرّت لجنة مصايد الأسماك بالروابط بين الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وظروف العمل. ولكن ليس هناك حتى تاريخه أي وثيقة دولية تركّز بصورة خاصة على المسؤولية الاجتماعية في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وتغطي جميع المراحل في سلسلة القيمة. ونتيجة لذلك، طلبت لجنة مصايد الأسماك إلى المنظمة أن تضع إطارًا توجيهيًا تجمع وتدمج فيه الصكوك الدولية القائمة ذات الصلة التي تغطي مراحل سلسلة قيمة الأسماك والأغذية البحرية التي تؤدي الاستدامة الاجتماعية فيها دورًا أساسيًا. ويجب أن تستند هذه الوثيقة إلى سيادة القانون على الصعيد الدولي مع احترام حقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية وإلى صكوك ومعايير منظمة العمل الدولية ذات الصلة.
وقد أجرت المنظمة منذ عام 2014 مشاورة سنوية لأصحاب المصلحة المتعددين بعنوان «حوار فيغو بشأن العمل اللائق في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية» لاستعراض مختلف التجارب، والتحديات والفوائد ذات الصلة، فضلا عن سبل تعزيز العمل اللائق في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وتهدف المشاورة إلى مناقشة قضايا العمل واقتراح الإجراءات ذات الأولوية لتنفيذ الأطر والصكوك القانونية الدولية والوطنية ذات الصلة من قبل الحكومات، والنقابات، والمنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني، والقطاع، من جملة جهات أخرى.
وتم توسيع نطاق عمل المنظمة في مجال الاستدامة الاجتماعية في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية عام 2019 عندما أجرت المنظمة أربع مشاورات لأصحاب المصلحة المتعددين في أكادير (المغرب)، وبروكسل (بلجيكا)، وروما (إيطاليا)، وشانغهاي (الصين) لتقاسم المدخلات والتعليقات والاقتراحات وردود الفعل الواردة من أصحاب المصلحة المعنيين في القطاع. وشارك في المشاورات أكثر من 154 ممثلًا عن النقابات، والحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والأوساط الأكاديمية، والمجتمع المدني، والقطاع، والمنظمات الدولية.
وفُتح باب التشاور حول مشروع التوجيهات الأول بشأن المسؤولية الاجتماعية، على الإنترنت لمدة ستة أسابيع من أجل الحصول على التعليقات والاقتراحات. وورد أكثر من 750 تعليقًا من أكثر من 1 000شخص دعتهم المنظمة لكي يتسجلوا في المشاورة الإلكترونية التي شارك فيها 57 مشتركًا. وتم استعراض التعليقات الواردة واستخدامها لإثراء مشروع التوجيهات.
وأخيرًا، تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2016 قامت منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بإعداد التوجيهات المشتركة بينهما بشأن سلاسل الإمداد الزراعي المسؤولة، لمساعدة المؤسسات على التقيّد بالمعايير القائمة الخاصة بالسلوك التجاري المسؤول على طول سلاسل الإمداد الزراعي بهدف الحدّ من الآثار السلبية والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة. وتضمنت التوجيهات المشتركة بين المنظمتين كلًا من الخطوط التوجيهية الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بشأن المؤسسات المتعددة الجنسيات، والمبادئ الخاصة بالاستثمارات المسؤولة في الزراعة ونظم الأغذية التي وضعتها لجنة الأمن الغذائي العالمي، والخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني.
أصبح العمل في مجال الاستدامة الاجتماعية في سلاسل قيمة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية محور تركيز رئيسي للمجتمع الدولي وأصحاب المصلحة الرئيسيين في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. ويحتلّ بناء التوافق في الآراء حول التوجيهات الدولية وتوفير المساعدة الفنية للبلدان النامية، ولا سيما الأقل نموًا، لتتمكن من تلبية المتطلبات الحديثة والوفاء بالتزاماتها المتعلّقة بأهداف التنمية المستدامة من أجل تحقيق الاستدامة الاجتماعية في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، مكانة مركزية في جهود المنظمة. ويتطلّب ذلك تعبئة الموارد والتعاون الدولي مع منظمة العمل الدولية، ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، والمنظمات الاقليمية لإدارة مصايد الأسماك، وأصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين لدعم منظمة الأغذية والزراعة في هذا المسعى.
تحدّد المادة 8 من المدونة المبادئ الخاصة بممارسات الصيد الرشيد. كما أنها تغطي مجالات الاهتمام الرئيسية المتعلّقة بعمليات الصيد، والتكنولوجيا، وأنواع المعدّات وآثارها البيئية، وواجب الدول في الحرص على أن تحصل عمليات الصيد بطريقة مسؤولة. ولكن يجب أن تدمج هذه الجوانب آخر التطورات في مجال الحدّ من المصيد العرضي والمصيد المرتجع، وتكنولوجيات الصيد، وتمويل مصايد الأسماك، والسلامة في البحر، والضمان الاجتماعي، والعمل اللائق.
ما زال الصيد يمثّل أحد أكثر المهن خطورة في العالم مع تسجيل معدلات مرتفعة من الحوادث والوفيات في معظم البلدان. وقد زاد عدد الحوادث والوفيات في صفوف الصيادين بشكل مستمر على الرغم من زيادة الوعي وتحسّن الممارسات. ويعزى ذلك جزئيًا إلى الزيادة الكبيرة في عدد الأشخاص العاملين في مصايد الأسماك الطبيعية من 27 مليون عام 2000 إلى 40 مليون عام 2016. وعلى الرغم من عدم توافر الأرقام الدقيقة، تشير التقديرات المتحفّظة إلى ارتفاع عدد الوفيات في مجال صيد الأسماك إلى أكثر من 32 000شخص سنويًا. وإن أعداد الصيّادين المصابين بجروح أو الذين يعانون من أمراض مرتبطة بالعمل أعلى بكثير. وتترتّب عن هذه الوفيات والحوادث آثار كبيرة على العائلات، وطواقم السفن، والمجتمعات المحلية.
وأظهر المؤتمر الدولي الخامس لسلامة وصحة قطاع مصايد الأسماك الذي عقد في كندا عام 2018، أن معدل الوفيات السنوية في قطاع مصايد الأسماك في العديد من البلدان النامية لا يزال يتخطى 80 حالة لكل 100 000صيّاد ناشط. وأفاد المؤتمر بأن هذه الأعداد تتراجع بشكل طفيف في بعض البلدان المتقدمة ولكن بوتيرة بطيئة جدًا. ولكن تشير الأدلة غير الرسمية من بلدان نامية عديدة إلى أن عدد الحوادث آخذ في الارتفاع وأنه لا يتم معالجة مسألة السلامة في البحر بطريقة ملائمة. ولا بدّ من سدّ الثغرات في المعلومات بشأن الحوادث والوفيات في البلدان النامية وتقدير أسبابها. ولا بدّ من أن يتحرّك جميع أصحاب المصلحة لمعالجة مسألة السلامة في البحر والسلامة والصحة المهنيتين في تجهيز الأسماك وتربية الأحياء المائية. وبعد الدعوة التي أطلقتها لجنة مصايد الأسماك عام 2018، دعمت المنظمة وشركاؤها تطوير نظام تبليغ عن الحوادث والوفيات في مصايد الأسماك في منطقة البحر الكاريبي وبرنامج لبناء قدرات صغار الصيّادين هناك في مجال السلامة في البحر (الإطار 14). بالإضافة إلى ذلك، قامت المنظمة بالتعاون الوثيق مع برنامج خليج البنغال – المنظمة الحكومية الدولية، بإعداد دلائل عملية بشأن السلامة في البحر لصغار الصيّادين في جنوب آسيا ومنطقة البحر الكاريبي (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ج).
تتكرر كثيرًا حوادث السلامة في البحر في مصايد الأسماك صغيرة النطاق، ولكنّ متطلبات السلامة ولوائحها والتدريب عليها لا تناسب في جميع الحالات صغار صيادي الأسماك.
وفي توكيلاو، وهو إقليم يضم ثلاث جزر مرجانية في المحيط الهادئ، لا يُعتبر الصيد مجرد مصدر للغذاء والتغذية، بل طريقة حياة. وتعمل المنظمة وهيئة السلامة البحرية في نيوزيلندا مع المجتمعات المحلية على برنامج لتحسين السلامة في البحر لصغار صيادي الأسماك. ويشمل البرنامج توفير معدات السلامة الملائمة، والتدريب على استخدام المعدات، والتثقيف على السلامة في المدارس. ويشمل البرنامج أيضًا تدريبًا على إصلاح المحركات وصيانتها، نظرًا لأن أعطال المحركات سبب رئيسي للصعوبات التي تواجهها السفن الصغيرة. ويسعى البرنامج إلى دمج الحلول المستمدة من المجتمع المحلي في الممارسات القائمة.
وحدَّدت المجتمعات المحلية، بدعم من المنظمة، التكنولوجيات والأدوات الملائمة كي تُشكِّل جزءًا من "مجموعة لوازم النجاة" لاستخدامها على متن السفن الصغيرة. وحُدِّدت تحديات السلامة المرتبطة بالمعدات وطُرحت توصيات لدمج الممارسات التقليدية ومهارات الملاحة البحرية في برامج التوعية والتدريب الجديدة على السلامة في البحر.
ويجري إخضاع الصيادين الشباب للاختبار لتحديد مدى معرفتهم وفهمهم للصيد والملاحة البحرية من خلال مراسم الكوكوميت "kaukumete" لاختبار الكفاءة. ويصبح الشاب رئيسًا لطاقم صيد (tautai) عندما يجتاز الاختبار بنجاح. وشارك رؤساء الصيادين والمجتمع المحلي في مشاورة مجتمعية حول فجوات السلامة وممارساتها ومتطلبات معدات السلامة لسفن الصيد خارج البحيرة.
وفي منطقة البحر الكاريبي، أعدت المنظمة حزمة تدريبية ونظّمت (بالاشتراك مع مؤسسة السلامة في الصيد) دورة لتدريب المدربين في قطاعات حرس السواحل والقوات البحرية ومصايد الأسماك على السلامة في البحر لصغار صيادي الأسماك. وتتميَّز الحزمة التدريبية بمرونتها وتتيح مجموعة من وحدات التدريب النموذجية (الاستعداد للطوارئ، وإصلاح المحركات وصيانتها، وإدارة مخاطر السلامة، والتعامل مع القوارب، والإسعافات الأوَّلية، والاتصالات، وغيرها).
وتلقى حوالي 600 من صيادي الأسماك في جميع أنحاء منطقة البحر الكاريبي تدريبًا محددًا على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدعم من المنظمة في الفترة 2019-2020، تم التركيز فيه على الأجهزة الثلاثة الأهم للسلامة في البحر لصغار الصيادين، وهي الجهاز اللاسلكي العالي التردد، والنظام العالمي لتحديد المواقع، والهاتف الخلوي. ودرَّبت المنظمة صغار الصيادين من خلال تدريبات على استخدام اللاسلكي والنظام العالمي لتحديد المواقع والهواتف الخلوية في غرف الدراسة والبحر. ويمتلك كثير من صيادي الأسماك أجهزة لاسلكية ذات ترددات عالية، ولكنهم يجهلون الطريقة الصحيحة لتوجيه نداء استغاثة. وقد لا يعرفون كيفية تحديد موقعهم باستخدام النظام العالمي لتحديد المواقع أو قراءة النظام أو الإبلاغ عن موقعهم لعناصر الإنقاذ، مثل حرس السواحل. وهذه المهارة الجديدة - وهي التبليغ عن موقعهم بصورة صحيحة - حاسمة للإنقاذ السريع والعاجل عندما يتعرّض الصيادون لحالات طوارئ في البحر.
تعدّ الحماية الاجتماعية أداة رئيسية لمعالجة نقاط الضعف والمخاطر المحددة التي يعاني منها الصيادون. ولكن غالبًا ما يتم إهمال الصيادين، مثلهم مثل غيرهم من فقراء الريف، في سياسات وبرامج الحماية الاجتماعية الوطنية. واستعرضت المنظمة وصول صغار الصيادين إلى نظم الحماية الاجتماعية في خمسة بلدان من منطقة البحر الأبيض المتوسط، وحدّدت العديد من قصص النجاح ومجالات التحسين أيضًا (منظمة الأغذية والزراعة، 2019د). ويتمثل واحد من هذه المجالات في جمع البيانات بشأن صغار الصيادين التي تحتاج إلى التنظيم، بما في ذلك البيانات بشأن العمال الأشدّ ضعفًا والعاملين في مراحل ما بعد الصيد. ويمكن توسيع نطاق التغطية حيث تكون برامج معالجة نقاط ضعف الصيادين متاحة، عبر تيسير خيارات المساهمة المرنة. ويجب أن تراعي هذه الترتيبات الطابع الموسمي لعمليات الصيد وتقلّب مداخيل الصيادين والعالمين في مجال صيد الأسماك.
وتُظهر الحالات الناجحة أن خطط الحماية الاجتماعية تشكّل جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية تنمية القطاع، حيث تربط بين إضفاء الطابع الرسمي، ومنح التراخيص لممارسة الصيد، والوصول إلى الأسواق. ويشير الاستعراض أيضًا إلى أن منظمات الصيادين تعدّ جهات فاعلة رئيسية لتقوية الضمان الاجتماعي الذي تقدّمه الدولة وتكملته.
وعلى المستوى الإقليمي، أصبحت الحماية الاجتماعية والعمل اللائق جزءًا لا يتجزأ من خطة العمل الإقليمية العشرية لمصايد الأسماك صغيرة النطاق في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود. وتشمل مجالات العمل المحتملة إجراء تحليل لتكوين فهم أفضل لدور الحماية الاجتماعية في إدارة مصايد الأسماك، ولتعزيز هذا الدور. وسيقترن ذلك باستمرار الدعوة والعمل في مجال دعم السياسات لمساعدة البلدان على الوفاء بالتزاماتها بتحقيق مقصد هدف التنمية المستدامة 1–3.18
ويمكن لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم أن تساعد أيضًا على معالجة محرّكات ظروف العمل التي لا تستوفي المعايير. وفي ظلّ الصيد المفرط وارتفاع التكاليف في العديد من أساطيل الصيد، قام كثير من المشغّلين بتقليص تكاليف اليد العاملة وبالتضحية بمعايير العمل. ولدعم اعتماد المعايير الدولية، عقدت المنظمة وشركاؤها حلقات دراسية في آسيا، وجنوب غرب المحيط الهندي، وغرب أفريقيا لتشجيع السلامة في مصايد الأسماك والعمل اللائق (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ه). وأدّت الاجتماعات إلى إطلاق دعوات لتحسين التعاون بين السلطات المعنية بالسلامة والعمل ومصايد الأسماك. ودعت إجراءات أخرى إلى إدماج الوقاية من انتهاكات حقوق العمل وحقوق الإنسان في القطاع، وإلى إيلاء عناية أكبر بخصوصيات صغار الصيادين.
أصدرت المنظمة في عام 2019 تقييمها الثالث للمصيد المرتجع في مصايد الأسماك البحرية على المستوى العالمي (Pérez Roda وآخرون، 2019) الذي اتّبع نهج «كل مصيدة من مصايد الأسماك على حدة» المعتمد في التقييم الثاني (الصادر في عام 2005). ويشمل التقييم الجديد، من جملة أمور أخرى: تقديرًا للمصيد المرتجع السنوي في مصايد الأسماك البحرية التجارية لفترة 2010–2014؛ وتقييمًا ومناقشةً للمصيد العرضي والمصيد المرتجع للأنواع المعرضة للخطر والمهددة والمحمية؛ واستعراضًا للتدابير الحالية لإدارة المصيد العرضي (15 الإطار) والحدّ من المصيد المرتجع. ويتضمن التقييم ناتجين جديدين بشأن المصيد العرضي والمصيد المرتجع في مصايد الأسماك الطبيعية البحرية في العالم وهما:
◂ المصيد المرتجع السنوي المقدّر بحوالي 9.1 مليون طن (10.1 في المائة من المصيد السنوي)، منه 4.2 مليون طن من شباك الجرّ في قاع البحر، و1.0 مليون طن من الشباك الجرافة المحوَّطة، و0.9 مليون طن من شباك الجر في المياه المتوسطة العمق، و0.8 مليون طن من مصايد الأسماك بالشباك الخيشومية.
◂ تقدير سنوي لتفاعلات مصايد الأسماك مع ما لا يقلّ عن 20 مليون فرد من الأنواع المعرضة للخطر و/أو المهدّدة و/أو المحمية.
عمل المشروع المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة ومرفق البيئة العالمية بشأن الإدارة المستدامة للمصيد العرضي في مصايد الأسماك التي تستخدم شباك الجرّ في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، منذ عام 2015 مع شركاء في الإقليم وبلدان من قبيل البرازيل، وكولومبيا، وكوستاريكا، والمكسيك، وسورينام، وترينيداد وتوباغو لاختبار ودعم ونشر السياسات الاجتماعية والاقتصادية، والتكنولوجيات وأفضل الممارسات التي تحدّ من المصيد العرضي في المصايد بشباك الجرّ القاعية.1
وتكنولوجيات الحدّ من المصيد العرضي متوافرة وسهلة النقل إذا تم تقاسم المعارف الفنية وإتاحة القدرات الاختبارية المحلية، وإذا كان الصيادون مستعدين لاختبار التحسينات في معدات الصيد. وشملت التحسينات الرئيسية في المعدات التي اعتمدها المشروع ونشرها كلًا من: الألواح الشبكية المربعة؛ وأجهزة عين السمكة؛ والزيادات في حجم شبكة الطرف الكيسي. ولقد نالت هذه التدابير الثلاثة قبولًا واسع النطاق وأدت إلى انخفاض المصيد العرضي في الأساطيل الصناعية وشبه الصناعية بنسبة تراوحت بين 25 و50 في المائة، مع تسجيل مستويات مقبولة من الخسائر في الأنواع المستهدفة. وتتماشى هذه النسب مع تلك التي سجلتها مصايد الربويان الأسترالية الشمالية (التي حصلت على شهادة من مجلس التوجيه البحري) ومصايد القريدس التي تستخدم شباك الجرّ في خليج المكسيك في الولايات المتحدة الأمريكية. وعندما تعتمد المصايد بشباك الجرّ على مصيد الأسماك والقريدس على السواء، تحتفظ الأجهزة بعيّنات أكبر من أنواع الأسماك المهمة تجاريًا، الأمر الذي يساهم في الجدوى الاقتصادية والاستدامة البيئية.
ولدعم اعتماد هذه الأجهزة والتدابير، قامت جميع البلدان المشاركة في المشروع بإنشاء هياكل مؤسساتية للإدارة التشاركية، مع إدماج إدارة المصيد العرضي في خطط الإدارة أو التدابير المعيارية. وقد أدى ذلك إلى تشكيل قطاع صيد ملتزم وإلى زيادة الثقة بين الوكالات الحكومية وأصحاب المصلحة المعنيين بمصايد الأسماك. وساهم حظر صيد الأسماك في مناطق معيَّنة وأوقات معيَّنة وفرض أنظمة تصنيف للمناطق على الأساطيل، في الحدّ من المصيد العرضي بشكل ملحوظ في مصايد الأسماك التي تستخدم شباك الجرّ. وبلّغت البلدان المستفيدة عن حصول تحسينات واضحة في قدرتها على تنفيذ نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك، على النحو المبيّن في سلسلة من خطط ولوائح الإدارة التي تبنّتها مجتمعات الصيد بدرجة عالية، ولا سيما في البرازيل وكولومبيا. بالإضافة إلى ذلك، ساعد المشروع المجتمعات المحلية والفئات الضعيفة من النساء على زيادة استخدام المصيد العرضي وتثمينه وعلى المشاركة في عمليات صنع القرارات الخاصة بمصايد الأسماك.
وثمة صعوبة في تقييم التقدّم المحرز في الحدّ من المصيد المرتجع بسبب عدم إمكانية وضع سلاسل زمنية متسقة لمعدلات هذا المصيد على المستوى العالمي بالاستناد إلى السلاسل التي تعتمدها تقييمات المنظمة. بالتالي، فإنه من المستحيل تقدير الاتجاهات الزمنية في مستويات المصيد المرتجع. ولكن يشير التقييم إلى زيادة التقارير الواردة من الوكالات الحكومية بشأن المصيد المرتجع في السنوات العشر الأخيرة. ويمكن أن يشمل ذلك التقارير الخاصة بكل بلد، والتبليغ عن المصيد المرتجع والتقليل منه وفقًا لما تطلبه خطط إصدار الشهادات من جانب طرف ثالث، والزيادة التعاقبية في عدد ونطاق برامج المراقبين على متن السفن والرصد الإلكتروني.
وفي ما يتعلّق بالتفاعلات مع الأنواع المعرضة للخطر و/أو المهددة و/أو المحمية، لا تتوافر بيانات موثوقة بشأن العديد من مصايد الأسماك ومن أجزاء كثيرة في العالم. بالتالي، يجب بذل المزيد من الجهود لتحسين التحديد الكميّ للتفاعلات بين مصايد الأسماك وهذه الأنواع ولتنفيذ التدابير الرامية إلى الحد من معدّل النفوق.
وفي عام 2018، طلبت لجنة مصايد الأسماك إلى المنظمة أن تواصل عملها على تطوير أفضل الممارسات للحدّ من المصيد العرضي للثدييات البحرية على شكل خطوط توجيهية فنية. وعقدت المنظمة في سبتمبر/أيلول 2019، اجتماعًا للخبراء بشأن هذه المسألة.
تستمر التطورات التكنولوجية في تحسين الكفاءة عبر خفض التكاليف وادخار الطاقة. وتشمل الأمثلة على ذلك الابتكارات في نظم الدفع، والتحسينات في تصميم هياكل السفن، وتراجع استخدام السفن الخشبية، واستخدام السفن الأكبر حجمًا. وتركّز الابتكارات التكنولوجية الأخرى على زيادة كفاءة الصيد والحدّ من آثاره البيئية أو الإيكولوجية. وتشمل الابتكارات التي يجري استخدامها الآن على نطاق واسع في هذه المجالات كلًا من النظام العالمي لتحديد المواقع، وأجهزة إيجاد الأسماك، وتكنولوجيا رسم خرائط قاع البحر، وأدوات تجميع الأسماك (بما في ذلك الأدوات التي تتواصل مع السفن عبر الأقمار الصناعية)، والفخاخ القابلة للتحلّل بيولوجيًا والقابلة للتفكك، ومصابيح الديود المشعّ المستخدمة في الصيد ليلًا، وأجهزة الحدّ من المصيد العرضي، وأدوات استبعاد السلاحف، والصنانير الدائرية المستخدمة في عمليات الصيد بالخيط الطويل. ولقد بات الصيد السطحي، في بعض الحالات، قطاعًا فعالًا جدًا حيث ربابنة السفن قادرون على تقدير، عندما ينطلقون إلى عرض البحر، كمّية المصيد الذي يُحتمل أن يصطادوه وأين.
وتشمل التحسينات في تكنولوجيات الصيد وعملياته الرامية إلى معالجة استدامة الموارد ما يلي: الابتكارات في أنواع المعدات للحدّ من المصيد العرضي في المصايد بواسطة شباك الجر؛ وآلات التصوير عالية الدقة تحت سطح الماء لمراقبة سلوك الأسماك الملتقطة في المعدات؛ وطرق جمع معدات الصيد المستعملة وإعادة تدويرها بطريقة منهجية. ولكن غالبًا ما يكون اعتماد هذه التحسينات بطيئًا في مصايد الأسماك صغيرة النطاق على وجه الخصوص (منظمة الأغذية والزراعة، 2019و).
وعلى الرغم من هذه التحسينات التكنولوجية، يؤثر الإفراط في قدرات الصيد سلبًا على ربحية العديد من أساطيل الصيد. وتُظهر النتائج الأولية لتقييم الأداء الفني الاقتصادي لأساطيل الصيد الرئيسية في العالم لعام 2019 تقادم الأساطيل، ذلك أن تدني مستويات ربحية السفن يؤدي إلى تراجع الاستثمارات فيها.
يتطلّب قطاع مصايد الأسماك الحصول على الخدمات المالية (مثل الادخار، والائتمان، والتأمين) والاستثمارات لدعم الانتقال إلى الصيد الرشيد والأكثر استدامة ولمعالجة قضايا التكيّف مع تغيّر المناخ والتخفيف من آثاره. وتعترف البرامج الاستثمارية بأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق تعمل في الكثير من الأحيان في مناطق ساحلية تعاني من الصيد المفرط ويكون الوصول إليها مفتوحًا للجميع. وقد أقامت المنظمة شراكة مع الرابطة الإقليمية للائتمانات الزراعية لآسيا والمحيط الهادئ من أجل بناء قدرات المؤسسات المالية الريفية في مجال التعامل مع قطاع مصايد الأسماك وزيادة وصول صغار الصيادين إلى خدمات التمويل المتناهي الصغر، والقروض، والتأمين. وفي عام 2020، ستدعم برامج ومشاريع رائدة لبناء القدرات في بلدان عديدة في آسيا تنفيذ الخطوط التوجيهية التي تم وضعها عام 2019 (Grace وvan Anrooy،ع2019؛ Tietze وvan Anrooy،ف2019).
إنّ تربية الأحياء المائية نشاط عمره آلاف السنين عرف تطورًا بطيئًا عبر الاستناد في الكثير من الأحيان إلى المعارف التقليدية، أو الإنجازات التي تحققت بفضل فضول المزارعين واحتياجاتهم وتجاربهم الإيجابية وأخطائهم، أو التعاون. ونتيجة لذلك، توسّعت تربية الأحياء المائية عبر القرون واندمجت مع البيئات الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وقد استفادت التطورات الرئيسية في مجال تربية الأحياء المائية من التقدّم العلمي في القرنين العشرين والحادي والعشرين. وكانت النتيجة أنه تم تحقيق نمو غير مسبوق وباتت تربية الأحياء المائية الآن توفّر أكثر من نصف إمدادات الأسماك المخصّصة للاستهلاك البشري في العالم (Cai وZhou،ن2019). ولكن ترتّبت عن ذلك أيضًا آثار بيئية غير مرغوبة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. وتشمل هذه الآثار الضّارة النزاعات الاجتماعية بين مستخدمي الأراضي والموارد المائية (لا سيما المياه) وتدمير خدمات النظم الإيكولوجية المهمة. علاوة على ذلك، أثارت مشاريع تربية الأحياء المائية الأخيرة المخاوف والنقاشات المجتمعية، لا سيما في ما يتعلّق بالأمور التالية: سوء اختيار الموقع؛ وتدمير الموائل (مثل المانغروف)؛ واستخدام المواد الكيميائية والعقاقير البيطرية الضارة؛ وتأثير الأنواع الهاربة على الأرصدة البرّية؛ وعدم كفاية إنتاج المساحيق والزيوت السمكية أو عدم استدامته؛ والآثار الاجتماعية والثقافية على العاملين في مجال تربية الأحياء المائية والمجتمعات المحلية.
ومع أن معظم النظم التقليدية كانت مجدية لفترة طويلة من الزمن، برزت الحاجة إلى تطوير وتعزيز ممارسات تربية الأحياء المائية المستدامة في تسعينيات القرن الماضي واكتسبت زخمًا قويًا منذ ذلك الحين. وقد تم تطبيق نُهج عديدة في هذا الصدد:
◂ قام النهج الأول بتعزيز نظم تربية الأحياء المائية المستدامة التقليدية عبر الاعتراف بها على أكمل وجه. ومن الأمثلة على ذلك تسمية "نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية" التي مُنحت مثلًا لنظام استزراع الأسماك في حقول الأرزّ في الصين ونظام زراعة التوت على قواطع برك الأسماك (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ز). وتقوم بلدان عدة أخرى أيضًا بالترويج لتراثها الخاص في مجال تربية الأحياء المائية المستدامة بطرق مختلفة.
◂ وأعطت جهود أخرى الأفضلية لوضع مدونات الممارسة، ومدونات السلوك، والممارسات الجيدة في تربية الأحياء المائية، وممارسات الإدارة الفضلى (أو الأفضل)، والخطوط التوجيهية الفنية وغيرها، ولتنفيذها من جانب الحكومات وأصحاب المصلحة عن طريق الحوافز (الإعانات، وخفض الضرائب، والدعم الفني، والبحث والتطوير، وما إلى ذلك) وتطبيق اللوائح التي تستهدف الممارسات غير المستدامة (الشروط الصارمة للحصول على التراخيص واللوائح التي تحظّر الممارسات غير المستدامة وتطوير وتطبيق العقاقير البيطرية المأذون بها وما إلى ذلك). واعتمدت المنظمة في عام 1995 مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد (المدونة) (أنظر القسم بعنوان كيف دعمت المدونة اعتماد الممارسات المستدامة؟) التي تعدّ الإطار المرجعي للجهود الوطنية والإقليمية والدولية من أجل ضمان إنتاج الموارد المائية الحيّة وحصدها بطريقة مستدامة بالانسجام مع البيئة (منظمة الأغذية والزراعة، 1995). ومنذ عام 1997، تم إثراء المدونة باستراتيجية ترمي إلى تحسين المعلومات المتعلقة بحالة تربية الأحياء المائية واتجاهاتها وبخطوط توجيهية فنية عديدة لتعزيز تربية الأحياء المائية المستدامة (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ح).
◂ وأدى توسّع تجارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية العالمية في زمن طغت عليه قضايا حماية المستهلك والأزمات خلال تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلى بروز قوانين ولوائح أكثر صرامة في مجال الأغذية، ومعايير خاصة، وشروط قائمة على السّوق هدفت أساسًا إلى معالجة قضايا سلامة الأغذية عبر تعزيز الممارسات الجيدة في تربية الأحياء المائية وشملت تدريجيًا الاعتبارات البيئية والاجتماعية والخاصة برفاه الحيوان.
ولكن هذه التطورات تجاهلت في الكثير من الأحيان العبء الذي يتحمّله المزارعون (مثل كلفة إصدار الشهادات، أو القدرات الفنية التي يتمتع بها صغار أصحاب المصلحة، أو الحاجة إلى التقيّد بالمعايير المتعارضة العديدة). كما أنها لم تراعِ دائمًا الخصائص المحلية لنظم الإنتاج (Mialhe وآخرون، 2018). ونتيجة لذلك، تم تعزيز النُهج الشاملة وغير القطاعية والتشاركية والكلية مثل نهج النظام الإيكولوجي في تربية الأحياء المائية، بغية إعادة إنشاء تبادلات مرضية بين مختلف الأبعاد المحلية والعالمية لاستدامة تربية الأحياء المائية.
وتضاعف الاستهلاك العالمي للأسماك للفرد الواحد منذ الستينات من القرن الماضي (منظمة الأغذية والزراعة، 2018أ). وفي ظلّ النمو السكاني العالمي المتوقع وارتفاع المداخيل، سيحتاج إنتاج تربية الأحياء المائية إلى النمو في العقود القادمة وإلى التقيّد في الوقت نفسه بخطة عام 2030. ويتطلّب ذلك اعتماد نظم جديدة وأكثر استدامة لإنتاج الأسماك.
وحتى تاريخه، تم تنفيذ سياسات وتكنولوجيات مختلفة في العديد من البلدان لدعم استدامة تربية الأحياء المائية وقدرتها على الصمود. وتشمل هذه السياسات والتكنولوجيات، الابتكارات التي تعتمد على التكنولوجيا بشكل مكثف مثل الاستزراع المائي السمكي أو تربية الأحياء المائية المتكاملة، وتكنولوجيا القنوات المائية داخل الأحواض، فضلًا عن الحوكمة المبتكرة، وسياسات العمل اللائق، والمساواة بين الجنسين، وإصدار الشهادات، والعديد من الممارسات الأخرى الجديرة بالثناء (16 الإطار). ودعت اللجنة الفرعية المختصّة بتربية الأحياء المائية (التابعة للجنة مصايد الأسماك) إلى تحديد هذه المبادرات وتوثيقها وجمعها ضمن خطوط توجيهية. ويتمثّل الهدف من ذلك في مساعدة البلدان على تنفيذ المدونة بشكل أفضل وتمكين قطاعات تربية الأحياء المائية لديها من المشاركة بفعالية في تنفيذ خطة عام 2030 (لجنة مصايد الأسماك التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة، 2018؛ منظمة الأغذية والزراعة، 2019ط).
أثبتت خزانات الأسماك التي تجمع بين استزراع سمك القرموط والبستنة أنها توليفة إنتاجية مثمرة في بلدان مثل غانا ونيجيريا حيث تتوفَّر الأعلاف السمكية والإصبعيات محليًا. وعقب بعض المحاولات التجريبية، ثبت أن مجموعات يضم كل منها ما يتراوح بين 10 شباب 15 شابًا يمكنها أن تدير بسهولة مجموعات من 10 خزانات. وبدأت مجموعات الشباب التي قامت بعد ذلك بتكوين تعاونيات، في إنتاج تربية الأحياء المائية باستخدام 500 من صغار سمك القرموط في كل خزان. ونفذت المنظمة مشاريع بالتعاون الوثيق مع الشباب في غانا، ومع المشرّدين داخليًا بالاشتراك مع المجتمعات المحلية المضيفة في نيجيريا، بسبب الأوضاع غير المستقرة في منطقة بحيرة تشاد.
ووفَّرت المشاريع للمستفيدين خزانات الأسماك والمياه، والإصبعيات، والأعلاف السمكية. وتمتلئ خزانات الأسماك بحوالي 000 3 لتر من المياه الجوفية و500 عينة، ما يجعل كثافة الأسماك عالية، وتنتج الأسماك بالتالي كثيرًا من النفايات. وكقاعدة عامة، يتم تصريف المياه الملوثة واستبدالها عندما تصبح "كريهة الرائحة" وتُستخدم بعد ذلك هذه المياه الغنية بالمغذيات في ري الطماطم والذرة وغيرهما من المحاصيل. وفي موسم الحصاد، تُحصد الأسماك ومختلف المزروعات.
وكان أداء نمو الأسماك في البلدين مثيرًا للإعجاب، إذ بلغ متوسط نسبة تحويل العلف 1.1 كيلوغرام من العلف لكل كيلوغرام من الأسماك. ويمثّل ذلك نتيجة ملحوظة لمستزرعي الأسماك المستجدين؛ ويمكن لهذه النسبة أن تتحسَّن أكثر في ظل ازدياد خبرتهم.
ووفقًا لتصميم المشاريع، جرى تنفيذها في المناطق النائية لمساعدة المجتمعات المحلية الضعيفة. ولذلك، تُشير البيانات الاقتصادية المتاحة إلى تحقيق أرباح، ولكن سيكون هناك مجال للتحسين في حال تنظيم توريد الأعلاف السمكية والإصبعيات على مستوى مركزي أكبر. وينطبق ذلك أيضًا على تسويق المنتجات. ولهذا الغرض، أُعدّت في إطار هذه المشاريع برامج تدريبية للتعريف بكيفية تخفيض تكاليف التشغيل. ووفَّرت المشاريع مدخلات لأول دورة للإنتاج، ولكن تم التوضيح للمشاركين بأنه سيتعيَّن عليهم شراء دفعات لاحقة من الإصبعيات والأعلاف بأنفسهم. وفي وقت الحصاد، يتعيَّن عمومًا بيع الإنتاج بالكامل من الخزان الواحد على الفور. وللحدّ من الخسائر المحتملة بعد الحصاد، وفَّرت المشاريع أفران تدخين الأسماك (تقنية منظمة الأغذية والزراعة لتجفيف الأسماك بالتدخين). ويمكن لهذه الأفران أن تقلّل كثيرًا من المواد السامة (الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات) في الدخان الذي يستنشقه المجهزون - وكلهم تقريبًا من النساء - وتساعد أيضًا على منع تلوث لحم الأسماك بتلك المواد. وتتميَّز الأسماك المجهزة بمدّة صلاحية طويلة وجودة ممتازة، ويعني ذلك إمكانية بيعها بسهولة في الأسواق الإقليمية والدولية.
وأدى النهج القائم على تربية الأحياء المائية والبستنة الذي تم تجريبه في غانا ونيجيريا إلى زيادة الاعتماد على الذات والثقة بالنفس لدى المستفيدين الذين ينتجون طعامهم ويحققون دخلًا من المشروع. وتحسَّن الأمن الغذائي والتغذوي في مجتمعاتهم المحلية بصورة كبيرة. وتراجعت معدلات الهجرة بسبب الأوضاع المعيشية بين الشباب وانخفضت بصورة كبيرة أعداد من ينضمون منهم إلى الجماعات المسلحة.
وسيجري إعداد الخطوط التوجيهية لتربية الأحياء المائية المستدامة التي تستهدف واضعي السياسات بصورة أساسية، عبر الاستفادة من الدروس المستخلصة من مختلف دراسات الحالة في أقاليم مختلفة، وتقاسمها. وبموازاة ذلك، سيجري استعراض الخطوط التوجيهية القائمة خلال المشاورات الإقليمية لتحديد الثغرات التي يجب سدّها، والتحديثات التي يلزم القيام بها، والقيود والاحتياجات والتوقعات المحددة للأعضاء. وستتألف الخطوط التوجيهية لتربية الأحياء المائية المستدامة من ثلاثة مكونات رئيسية (الشكل 45) هي:
1– المسارات الممكنة للتنفيذ الناجح لتربية الأحياء المائية المستدامة في مختلف السياقات الإقليمية بناءً على دراسات الحالة التي تتناول الإنجازات في بيئات أو أقاليم مشابهة.
2– سلسلة من الوحدات المواضيعية العملية التي تمثّل جوهر الخطوط التوجيهية لتربية الأحياء المائية المستدامة والتي تصف الأساس المنطقي وخصائص النهج والممارسات المتعلقة بمواضيع محددة، والخطوط التوجيهية والممارسات القائمة، والتوصيات الرئيسية للتنفيذ الناجح وتنمية القدرات، على أساس الإنجازات والصعوبات التي أبرزتها دراسات الحالة. وستكون هذه الوحدات المواضيعية شاملة وعملية. كما أنها ستغطي مزارع تربية الأحياء المائية وبيئاتها الأوسع (أي على مستوى القطاع أو سلسلة القيمة أو المناظر الطبيعية أو الأراضي أو البلد أو الإقليم). وعلى مستوى المزرعة، ستركز الوحدات المواضيعية على ما يلي: تأثير استزراع الأسماك (تصنيف المناطق، واختيار الموقع، وإدارة المنطقة، وتقييم الآثار البيئية، وتقييم المخاطر، وتدابير التخفيف من الآثار)؛ وإدارة عمليات المزرعة وأعمالها (هندسة أو إعادة تأهيل إدارة الأمن البيولوجي والصحة المائية، وإدارة سلامة الأغذية وجودتها، ورفاه الحيوان، والعمل اللائق والآمن)؛ وعمليات تربية الأحياء المائية الخاصة (المصايد القائمة على تربية الأحياء المائية، وتربية الأحياء المائية القائمة على الصيد، وتربية الأحياء المائية قبالة الشواطئ وفي أعالي البحار، وما إلى ذلك). وستركز الوحدات المواضيعية خارج المزرعة على ما يلي: الوصول إلى الأسواق؛ والحوكمة؛ والمساواة بين الجنسين؛ وأداء القطاع وسلسلة القيمة؛ والقدرة المحدّدة للدولة في ما يتعلّق برصد تنمية القطاع بطريقة مستدامة؛ والتكامل؛ وأوجه التآزر والمقايضات بين تربية الأحياء المائية والنظم الإيكولوجية المحيطة بها وأصحاب المصلحة الآخرين (مصايد الأسماك صغيرة النطاق والسياحة والشحن البحري)؛ والبيانات والإحصاءات؛ والتواصل وتبادل المعارف؛ وتقاسم الموارد.
3– سلسلة من دراسات الحالة التي تصف العملية والإنجازات والقيود، لتوضيح المسارات الممكنة وصحائف الوقائع المواضيعية.
وتمت مناقشة المنهجية لإعداد الخطوط التوجيهية لتربية الأحياء المائية المستدامة خلال مشاورة للخبراء عقدت في روما في يونيو/حزيران 2019 وجرى عرضها على اللجنة الفرعية المختصة بتربية الأحياء المائية في دورتها العاشرة في أغسطس/آب 2019. ورحبت اللجنة الفرعية المختصة بتربية الأحياء المائية بالعمل المقترح وعبّرت عن دعمها الكامل له طالبة إلى الأعضاء المساهمة بخبراتهم. وتحقيقًا لهذه الغاية، عقدت مشاورة إقليمية في باماكو، مالي في ديسمبر/كانون الأول 2019، وسيجري تنظيم مشاورات أخرى في آسيا وأمريكا اللاتينية في عام 2020. وشدّدت اللجنة الفرعية المختصة بتربية الأحياء المائية أيضًا على الحاجة إلى وضع خطوط توجيهية تشمل جميع جوانب تربية الأحياء المائية وتكون قابلة للتطبيق على المزارع الكبيرة والمتوسطة والصغيرة النطاق. كما أنها أوصت بأن تكون الخطوط التوجيهية وثيقة ديناميكية تخضع لمراجعة منتظمة.
تمثّل التنمية المستدامة تحديًا دوليًا يتطلّب إقامة تعاون منتظم وفعال بين البلدان والمؤسسات. وتم في عام 2015 اعتماد خطة التنمية المستدامة لعام 2030 (خطة عام 2030) تحقيقًا لهذه الغاية. وتستند هذه الخطة إلى الأسس التي وضعتها أهداف التنمية للألفية وتوفّر مجموعة شاملة من الأهداف التي تسمح للأعمال التجارية والحكومات والأفراد بتركيز الجهود من أجل تحسين المجتمع. وترمي أهداف التنمية المستدامة وعددها 17 هدفًا الواسعة النطاق إلى تحقيق جملة من الأمور منها القضاء على الفقر بجميع أشكاله، والحدّ من عدم المساواة، والتصدي لتغيّر المناخ. وتقع التنمية الشاملة في صلب جميع السياسات. وإن المقاصد مترابطة إلى حدّ بعيد بحيث يساعد التقدّم المحرز في مجال ما على تحقيق أهداف أخرى ويعود بالمنفعة على المجتمع بكامله. ويسمح توافر مجموعة من المقاصد المتفق عليها والقابلة للقياس لفرادى البلدان، والكيانات شبه الوطنية، والهيئات الأخرى بصياغة السياسات والمساعدة بطريقة مركزة ومنسّقة وفعالة. ويمكن معالجة مسألتي المساواة بين الجنسين والمساواة الاجتماعية، كجزء من هذه العملية، وتأمين الفرص في الوقت نفسه لتحسين مستوى التغذية وضمان سبل عيش مستدامة لأشدّ الفئات المحتاجة.
تشجّع أهداف التنمية المستدامة، في سياق مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائيّة، نظم الإنتاج المستدامة بيئيًا واجتماعيًا. ويسمح ذلك من حيث المبدأ بالنهوض بالسبل العادلة والمنصفة لتلبية الاحتياجات الحاضرة من غير المساس بقدرة الأجيال المستقبلية على التصرف بالشكل نفسه. وتحتلّ مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية مكانة محورية في تحقيق الأمن الغذائي والأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وينطوي الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة (حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة) على تبعات واضحة ومهمة بالنسبة إلى مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية؛ وبالتالي، يمكن لتحقيقه أن يحرز تقدّمًا في تحقيق أهداف أخرى للتنمية المستدامة. ويعدّ تعزيز إدارة مصايد الأسماك وسياساتها وممارساتها وتكنولوجياتها أمرًا محوريًا لتأمين الأغذية ذات الجودة لعدد متزايد من الأشخاص وضمان اتّسام الممارسات بطابع أخلاقي ومستدام. وهناك تحديات عديدة تشمل بصورة خاصة تحسين جمع البيانات، وحماية الأنواع المهددة، ومنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، والحفاظ على المناطق البحرية المحمية، وضمان الاستدامة الاجتماعية في سلسلة القيمة. ولقد أرست المبادرات التي تقودها المنظمة الأسس لإحراز تقدّم في جوانب عديدة ذات صلة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية من خلال جملة أمور منها تنفيذ المدونة، والاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه، والخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر. وتشمل المخرجات القابلة للقياس التي ينبغي أن تنتج عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، تحسين سبل العيش وتحقيق قدر أكبر من المساواة مع المحافظة في الوقت نفسه على الموارد الطبيعية وتوجيه السياسات والبرامج والشراكات والاستثمارات.
وتعكس شمولية أهداف التنمية المستدامة حجم التحديات المطروحة وتوفّر خارطة طريق تسمح بتحقيق التنمية المستدامة والشاملة اجتماعيًا وبيئيًا واقتصاديًا.
يحقق إطار الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة التوازن بين الشواغل المتعلّقة بالأمن الغذائي والاعتبارات الخاصة بالاستدامة، حيث يسعى إلى "القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة". وغالبًا ما تتسم المسائل الأساسية التي تهدد الأمن الغذائي والتغذوي بالتعقيد وتمثّل تحديات مستمرة تحدق بالتنمية. وتشير التقديرات إلى أن 821 مليون شخص، أو واحدًا من أصل 9 أشخاص في العالم، عانوا من نقص التغذية في عام 2018. وارتفع هذا الرقم منذ عام 2014 بعد أن كان قد سجّل اتجاهًا نزوليًا لعدّة سنوات. وباتت الحاجة إلى نظم غذائية مستدامة وقادرة على الصمود واضحة بشكل متزايد. ويتيح قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية فرصًا فريدة لدعم ركائز الأمن الغذائي الأربعة، وهي: التوافر وإمكانية الحصول والاستخدام والاستقرار. وتُبذل الجهود حاليًا لزيادة توافر الأسماك واستهلاكها، ما يساهم بالتالي في القضاء على الجوع وسوء التغذية. ويستمر ارتفاع استهلاك الأسماك، إذ إنّ الأسماك هي مصدر الغذاء لمليارات الأشخاص كما أنها تساعد على ضمان أن تكون الأنماط الغذائية مغذّية. وتشكّل الأسماك في الكثير من الأحيان مصدرًا رخيصًا ومغذّيًا للبروتينات، وهي غنية بالأحماض الأمينية الأساسية، وتعدّ مصدرًا مهمًا للمغذيات الدقيقة الأساسية اللازمة للأنماط الغذائية الصحية. وينطبق ذلك بصورة خاصة على المجتمعات المحلية المعزولة التي تعتمد على مصايد الأسماك صغيرة النطاق والحرفية وتربية الأحياء المائيّة، وحيث تشكّل الأسماك جزءًا أساسيًا من النمط الغذائي. وتشكّل مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الخاضعة لإدارة سليمة، مكوّنًا من مكونات التغذية مستدامًا وعالي الجودة وقادرًا على الصمود.
تعزّز أهداف التنمية المستدامة النمو الاقتصادي الشامل والمستدام الذي يمكنه أن يضمن العمالة اللائقة وأن يحدّ من عدم المساواة الاجتماعية وبين الجنسين. وينطوي قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على فرص عديدة لتمكين التنمية المستدامة وتحسين الدخل، لا سيما من خلال تحقيق الهدفين 1 (القضاء على الفقر بجميع أشكاله وفي كل مكان) و8 (تعزيز النمو الاقتصادي المطّرد والشامل والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، والعمل اللائق للجميع) من أهداف التنمية المستدامة. وتمتد سلسلة قيمة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية من الصيد وصولًا إلى التجهيز والتسويق. ويوفّر هذا القطاع الدخل وفرص العمل لحوالي 250 مليون شخص، ويتّسم بالتالي بأهمية محورية في تأمين سبل العيش لنسبة كبيرة من سكان العالم. وهذا أمر مهم على وجه الخصوص في البلدان النامية. وفي بعض الحالات، يمكن لمصايد الأسماك صغيرة النطاق ومصايد الكفاف أن توفّر مصدر الدخل الرئيسي لمجتمعات محلية بكاملها، الأمر الذي يؤمّن القدرة على الصمود من الناحية الاقتصادية حيث تكون فرص العمل البديلة محدودة أو غير موجودة.
تشكّل الاستدامة الاجتماعية، وعدم التمييز، والمساواة بين الجنسين، والنمو المشترك محور التركيز الرئيسي لأهداف التنمية المستدامة بغية ضمان أوسع توزيع ممكن للمنافع المتأتية من الموارد الطبيعية واستخدامها. وترمي أهداف التنمية المستدامة إلى تعزيز التنمية الواسعة النطاق وتحقيق الشمول الاجتماعي والاستقرار. وفي إطار هذه العملية، تشكّل الجهود الرامية إلى تمكين المنظمات الداعمة لتطوير مجتمعات الصيد وتربية الأحياء المائية ومجهّزي الأسماك محور تركيز رئيسي. ويمكن لتعزيز الاستدامة الاجتماعية في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية أن يشكّل حافزًا لتحسين المساواة على صعيد المجتمع بكامله من خلال النهوض بالمساواة بين الجنسين، وضمان حقوق العمال، ووضع خطط الحماية الاجتماعية، والحدّ من أوجه عدم المساواة الاجتماعية بصورة عامة. وينصبّ تركيز خاص على تمكين المرأة من خلال الهدف 5 من أهداف التنمية المستدامة (تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات)، لا سيما في تسويق الأسماك وتجهيز المنتجات السمكية بعد الصيد حيث تشكّل النساء الغالبية العظمى من القوة العاملة. وسيعود تحسين الظروف والمساواة على طول سلسلة القيمة، في العديد من المجتمعات المحلية الأقل نموًا التي تعتمد على مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، بمنافع واسعة النطاق على المجتمع بكامله وسيساعد على استفادة الجميع من ثمار التنمية.
يُراعى استخدام الموارد الطبيعية ومبادئ النظم الغذائية المستدامة في جميع أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدفين 12 (ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة) و13 (اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغيّر المناخ وآثاره). وتتسبّب مخرجات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بانبعاث نسبة أقل من غازات الدفيئة من معظم النظم الغذائية الزراعية لتحقيق تغذية مماثلة. وفي الوقت نفسه، هناك تحديات بيئية ترتبط بإدارة مصايد الأسماك وتغيّر المناخ ومنع الاستغلال غير المشروع. وهناك حاجة إلى توافر مصايد أسماك خاضعة لإدارة سليمة بالإقتران مع ممارسات تشجّع استخدام الموارد بطريقة مستدامة وتحافظ في الوقت نفسه على التنوع البيولوجي المائي في تربية الأحياء المائية من أجل ضمان مستقبل القطاع. وستسمح التكنولوجيات الجديدة التي تؤدي دورًا في التقليل من الفاقد والمهدر من الأغذية على طول سلسلة القيمة السمكية بزيادة كفاءة استخدام الموارد وبالمضي نحو استخدام الأسماك بشكل كامل، الأمر الذي يخفّض الحاجة إلى استخراج مزيد من الموارد. ويشمل ذلك تحويل جزء من الحصاد يكون مصيره الهدر عادةً، إلى سلع قيّمة ومغذّية. ويجب أن تؤدي الإدارة المحكمة لمصايد الأسماك وزيادة كفاءة النقل واستصلاح النفايات بقدر أكبر، دورًا في خفض الفاقد ما بعد الصيد والحدّ من الآثار البيئية المترتبة عن هذا القطاع.
تشكّل مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية جزءًا لا يتجزأ من التنمية المستدامة وتؤدي دورًا أساسيًا في تحقيق الأهداف الواردة في خطة عام 2030. وينطوي الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة (حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة) على تبعات واضحة بالنسبة إلى مصايد الأسماك البحرية وتربية الأحياء المائية، حيث يحدّد أهدافًا ذات قيمة عملية تتطلّب تعاونًا دوليًا لتحقيقها. وإن الروابط القوية القائمة بين أهداف التنمية المستدامة تعني أن تحقيق مقاصد الهدف 14 سيكون له تأثيرات ثانوية إيجابية على المجتمع وأن بلوغ الهدف 14 سيتوقف على التقدّم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأخرى ذات الصلة. وإن المقاصد العشرة لهدف التنمية المستدامة 14 متنوعة وواسعة النطاق حيث أنها تعالج مسائل أساسية تتعلّق بالاقتصادات السليمة والمستدامة. وتعدّ منظمة الأغذية والزراعة الوكالة الراعية لتنفيذ ورصد أربعة مقاصد هي: إنهاء الصيد المفرط؛ والتقليل من الإعانات الضارّة؛ وزيادة الفوائد الاقتصادية المتأتية من مصايد الأسماك المستدامة؛ وتوفير إمكانية وصول صغار الصيادين إلى الموارد والأسواق. ويتّسم عمل المنظمة بأهمية كبيرة في النجاح في تحقيق الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة الذي يشمل أيضًا مقاصد للحدّ من التلوّث البحري، وحماية النظم الإيكولوجية المائية، وتقليل تحمّض المحيطات، وتنمية القدرات العلمية المتعلّقة بمصايد الأسماك، وتحسين تنفيذ القانون الدولي في ما يتعلّق باستخدام المحيطات استخدامًا مستدامًا.
يقيس مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1 الذي تقوم المنظمة بدور الوكالة الراعية له، نسبة الأرصدة السمكية ضمن المستويات المستدامة بيولوجيًا. (انظر القسم بعنوان حالة الموارد السمكية، الصفحة 47 ، والإطار 4). وتصنَّف الأرصدة السمكية التي تبلغ وفرتها (العدد الإجمالي لجميع الإسماك التي يتشكّل منها الرصيد أو كتلتها الأحيائية) مستوى إنتاج الغلّة المستدامة القصوى أو تتجاوزه، على أنها مستدامة بيولوجيًا. وفي المقابل، عندما تنخفض الوفرة دون مستوى إنتاج الغلة المستدامة القصوى، تُعتبر الأرصدة غير مستدامة بيولوجيًا.
ولاحتساب هذه النسبة، يجب وضع قائمة مرجعية بالأرصدة وتقييم حالة كل رصيد وفقًا لمنهجيات متفق عليها. وفي الظروف المثالية، هناك حاجة إلى إجراء تقييم للأرصدة من أجل تشخيص الحالة الراهنة لجميع الأرصدة الواردة في القائمة المرجعية. ولكن يحتاج تقييم الأرصدة موثوق به إلى بيانات إحصائية عن المصيد وعن جهود الصيد، ومؤشرات قياس تاريخ عُمر الأرصدة السمكية، والمعايير الفنية لسفن الصيد، التي ليست متوافرة في الكثير من الحالات. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج تقييم الأرصدة إلى مهارات النمذجة الرقمية. ونتيجة لذلك، يأتي اليوم حوالي 25 في المائة فقط من المصيد العالمي من الأرصدة التي تم تقييمها رقميًا. ويعدّ تقدير وضع العدد الكبير من الأرصدة التي لم تخضع للتقييم بعد، مهمة صعبة جدًا ولكن ضرورية لزيادة حجم الأرصدة التي تُعرف عنها تقديرات الحالة زيادة ملحوظة. ولتنفيذ مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1، عملت المنظمة على تطوير أساليب جديدة قابلة للتطبيق على مصايد الأسماك التي تتوافر بيانات محدودة عنها والتي تفتقر إلى القدرات، وحافظت في الوقت نفسه على المنهجيات الحالية لتقييم الأرصدة. وفي ما يلي موجز عن خطة المنظمة لإجراء التقييمات ورفع التقارير على المستوى القطري.
تقوم المنظمة برصد حالة الأرصدة السمكية في العالم منذ عام 1974 وتصنّف حوالي 445 رصيدًا كل عامين أو ثلاثة. وتمثّل الأنواع التي جرى تقييمها حوالي 75 في المائة من المصيد العالمي، وتوفّر بالتالي لمحة عامة شاملة عن حالة الاستدامة في العالم. وتتوافر بيانات عديدة عن بعض الأنواع فيما لا يتوافر سوى القليل من المعلومات عن الأنواع الأخرى غير إحصاءات المصيد. ولتحقيق التوازن بين الهدف المتمثّل في استخدام أفضل البيانات المتاحة وهدف تقييم حالة الأرصدة في العالم، تستخدم المنظمة أساليب مختلفة تتراوح بين التقييم المعترف به القائم على النموذج ومقاييس الوفرة البديلة المستكملة بآراء الخبراء.
وأُجري التقييم الحالي بالاستناد إلى المجالات الإحصائية الخاصة بالمنظمة وليس بحسب البلدان، وقام بتصنيف الأرصدة السمكية إلى ثلاث فئات هي: الأرصدة غير المستغلّة بالكامل، والمصطادة إلى أقصى حد وعلى نحو مستدام، والمستغلة استغلالًا مفرطًا. وتُعتبر الأرصدة السمكية المستغلة استغلالًا مفرطًا غير مستدامة بيولوجيًا خلافًا للأرصدة السمكية غير المستغلّة بالكامل والمصطادة إلى أقصى حدّ وعلى نحو مستدام التي تُعتبر مستدامة بيولوجيًا. وتُستخدم نسبة الأرصدة المستدامة بيولوجيًا كمؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1.
وتُنشر نتائج التقييم العالمي للمنظمة مرّة كل سنتين في تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم. وتم استخدام نسبة الأرصدة المستدامة بيولوجيًا كمؤشر للهدف 7 من الأهداف الإنمائية للألفية المتعلّق بالبيئة المستدامة، ويجري استخدامه حاليًا كمؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1والهدف 6 من أهداف أيشي في اتفاقية التنوع البيولوجي. وقد حدّد هدف التنمية المستدامة 14 مقصدًا لإعادة 100 في المائة من الأرصدة السمكية إلى المستويات المستدامة بيولوجيًا بحلول عام 2020. ويشير التقييم الأخير إلى أن مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1تراجع من حوالي 90 في المائة عام 1973 إلى 67 في المائة عام 2017. ويدلّ هذا التراجع المستمر على أنه من غير المحتمل أن يتحقّق المقصد في عام 2020 لأن: (1) المؤشر يبتعد أكثر فأكثر عن المقصد؛ (2) ولا يمكن إعادة جميع الأرصدة السمكية إلى مستوى إنتاج الغلة المستدامة القصوى في فترة قصيرة مهما كانت التدابير المتخذة قبل عام 2020. وتحتاج الأرصدة السمكية عادةً إلى ضعفي أو ثلاثة أضعاف مدّة حياتها لكي تأتي أنظمة الإدارة بنتائج فعالة من حيث وفرة الرصيد. وفي حالة الأنواع طويلة العمر مثل القرش الأزرق Prionace glauca وقرش Isurus oxyrinchus، قد تحتاج هذه العملية إلى عشرات السنين لا سيما في ظلّ الظروف البيئية غير المؤاتية.
إن أهداف التنمية المستدامة تقودها البلدان وتعود ملكيتها لها. ولتنفيذ مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1، يجب إجراء تقييم على المستوى القطري. ولكن لا يزال ما يصل إلى 80 في المائة تقريبًا من الأرصدة السمكية في العالم غير خاضع للتقييم (Costello وآخرون، 2012) بسبب البيانات غير الكافية والقدرات المحدودة، لا سيما في البلدان النامية. وليكون مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1مجدٍ، ينبغي أن يشمل الأرصدة التي تتوافر بيانات قليلة بشأنها والتي تقدّم مساهمة كبيرة في مصايد الأسماك، فضلًا عن العدد الصغير من الأرصدة ذات المصيد الكبير التي جرى تقييمها والتي تتوافر معلومات وافية عنها. ولكن ليس هناك أسلوب مقبول عمومًا لتقييم مصايد الأسماك التي تفتقر إلى البيانات. ولإجراء التقييمات على المستوى القطري، فإنه من الضروري تطوير أسلوب جديد يعمل بشكل جيد نسبيًا في ظلّ محدودية البيانات ويتطلّب قدرات فنية أقل.
وقد خصّصت المنظمة قدرًا كبيرًا من الموارد البشرية والمالية خلال العقد الأخير لتطوير أساليب جديدة من أجل توسيع نطاق تقييمها ورصد الأرصدة السمكية في العالم. ورغم عدم إيجاد أسلوب موثوق وقابل للتطبيق عالميًا حتى الآن، أدى التقدّم التراكمي والإنجازات التي تحققت إلى الوصول إلى مرحلة تشهد بروز أسلوب محتمل. وتتعاون المنظمة الآن مع مؤسسات أخرى لإنتاج هذا الأسلوب الجديد الذي يفترض أن يكون جاهزًا للاختبار بحلول عام 2020.
تشكّل دورة التعلّم الإلكتروني التي طوّرتها المنظمة، جزءًا من سلسلات عن إطار مؤشرات أهداف التنمية المستدامة ومنهجياتها وتقديراتها والتبليغ عنها. وتهدف هذه الدورة إلى دعم البلدان في جمع المعلومات الإحصائية عن مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1وتحليلها.
والدورة موجّهة إلى الأفراد الذين يؤدون دورًا في رصد المؤشر والتبليغ عنه، بما في ذلك واضعو السياسات والخبراء والمهنيون الوطنيون العاملين في المكاتب الوطنية للإحصاء، والمؤسسات والأجهزة المحددة لتقدير مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1والتبليغ عنه. ويمكن أن تكون ذات أهمية أيضًا بالنسبة إلى المهنيين في المنظمة وغيرها من الوكالات الدولية والوطنية المسؤولة عن تقديم الدعم على المستوى القطري، وللجامعات والمؤسسات البحثية.
وتتألف دورة التعلّم الإلكتروني من خمسة فصول هي:
1- مقدّمة عامة عن مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1.
2- المفاهيم والعملية التي تقوم عليها تقديرات المؤشر.
3- تقدير المؤشر انطلاقًا من مخرجات تقييم الأرصدة التقليدي.
4- تقدير المؤشر انطلاقًا من الأساليب المحدودة البيانات.
5- الخطوط التوجيهية للرصد والتبليغ الوطنيين.
ونظرًا إلى احتياجات البلدان التي تعاني من قدرات محدودة، تم تطوير بيئة للبحوث الافتراضية لتيسير تطبيق أساليب تقييم الأرصدة المحدودة البيانات التي تجري مناقشتها في الفصل الرابع. ويمكن تحميل البيانات وتشغيل بعض الأساليب البسيطة على الإنترنت (iMarine، 2019ب). ويمكن تحديد حالة الأرصدة بفضل المخرجات للمساعدة في عملية تقدير المؤشر والتبليغ عنه. ولكن تنطوي هذه الأساليب على أوجه قصور ويجب استخدامها بحذر. وسيجري تحديث الأسلوب المحدود البيانات من خلال بيئة البحوث الافتراضية بصورة دورية.
لا يزال الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم يمثّل أحد أكبر الأخطار التي تهدّد النظم الإيكولوجية البحرية وتقوّض الجهود الرامية إلى إدارة مصايد الأسماك بشكل مستدام والحفاظ على التنوع البيولوجي البحري. وكثيرًا ما يتم صيد موارد مصايد الأسماك بطريقة مخالفة، الأمر الذي يؤدي إلى انهيار المصايد المحلية مع تأثر مصايد الأسماك في البلدان النامية بشكل خاص (انظر القسم بعنوان مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، الصفحة 109). ويمكن أن تشق المنتجات المنبثقة عن الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم طريقها إلى أسواق التجارة الخارجية، ما يؤدي إلى اختناق الإمدادات الغذائية المحلية. وخلاصة القول إن الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم يهدّد سبل العيش، ويؤدي إلى تفاقم الفقر، ويزيد من انعدام الأمن الغذائي.
ولقد تم وضع العديد من الصكوك الدولية للقضاء على الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. وتشمل هذه الصكوك مسؤوليات دول العلم والدول الساحلية ودول الميناء ودول السوق. كما أنها تشكّل مجتمعة مجموعة من الأدوات لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. وبعد دخول الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء حيّز التنفيذ في يونيو/حزيران 2016 (أنظر القسم بعنوان كيف دعمت المدونة اعتماد الممارسات المستدامة؟)، وهو أول اتفاق ملزم دوليًا تم تطويره خصيصًا لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، بذلت المنظمة المزيد من الجهود لتنمية القدرات بهدف مساعدة البلدان النامية على تنفيذ الاتفاق والصكوك الدولية التكميلية والآليات الإقليمية لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم.
ويتم قياس التقدّم الذي تحرزه البلدان في تنفيذ الصكوك الدولية لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم في إطار المؤشر 14–6–1لأهداف التنمية المستدامة. ولقد وافق فريق الخبراء المشترك بين الوكالات المعني بمؤشرات أهداف التنمية المستدامة على المنهجية المتبعة لهذا المؤشر في أبريل/نيسان 2018. وتستند هذه المنهجية إلى ردود الدول على استبيان المنظمة بشأن تنفيذ مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد والصكوك ذات الصلة (أنظر القسم بعنوان التقدّم المحرز في تحقيق الاستدامة، الصفحة 96). ويشمل المؤشر خمسة متغيّرات تم إسناد وزن ترجيحي لكل منها تبعًا لأهميتها في القضاء على الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، مع مراعاة مجالات التداخل بين بعض الصكوك. والمتغيّرات الخمسة هي:
◂ الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون البحار وتنفيذها (10 في المائة)؛
◂ والانضمام إلى اتفاق الأمم المتحدة للأرصدة السمكية وتنفيذه (10 في المائة)؛
◂ ووضع وتنفيذ خطة عمل وطنية لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم تماشيًا مع خطة العمل الدولية لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم (30 في المائة)؛
◂ والانضمام إلى الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه وتنفيذه (30 في المائة)؛
◂ وتنفيذ مسؤوليات دول العلم في سياق اتفاق الامتثال والخطوط التوجيهية الطوعية بشأن أداء دولة العلم (20 في المائة).
ويقيّم المؤشر مستوى التنفيذ الخاص بكل متغيّر بالنظر إلى السياسات والتشريعات والأطر المؤسساتية والعمليات والإجراءات. وتُستخدم ردود البلدان على الأسئلة المتعلّقة بكل متغيّر والواردة في الاستبيان لاحتساب نقطة لهذا المؤشر. ومن ثم تحوَّل هذه النقاط إلى نطاقات حيث يُسند إلى الدول مستوى تنفيذ يتراوح بين 1 و5، وهما أدنى وأعلى مستوى على التوالي. وستتاح نقاط المؤشر كل سنتين بعد صدور كل طبعة من الاستبيان.
ويُظهر الشكل 46 أنه تم التوصّل على الصعيد العالمي إلى مستوى متوسط في ما يتعلق بتنفيذ الصكوك الدولية السارية على عملية مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، بعد فترة إعداد التقارير الأولى لهذا المؤشر في عام 2018. وعلى المستوى الإقليمي، تشير الأرقام إلى أن أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا سجّلت أعلى مستوى من التنفيذ. وعلى العكس من ذلك، فقد سُجّلت أدنى مستويات التنفيذ في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وشرق وجنوب شرق آسيا، وشمال أفريقيا، وغرب آسيا، التي سجلت جميعها مستوى متوسط من التنفيذ. وسجّلت الدول الجزرية الصغيرة النامية التي تواجه تحديات خاصة في تنفيذ هذه الصكوك بشكل كامل بسبب مناطقها الاقتصادية الخالصة الكبيرة، مستوى متوسط من التنفيذ أيضًا. وشهدت البلدان الأقلّ نموًا مستوى التنفيذ نفسه.
ومنذ دخول الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه حيّز التنفيذ، ازداد عدد الأطراف فيه بوتيرة سريعة وبلغ 65 دولة ومنظمة عضو واحدة (الاتحاد الأوروبي ممثلًا الدول الأعضاء فيه) في فبراير/شباط 2020. وفي حين يؤكد ذلك الالتزام العالمي الذي قطعته الدول لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم (كما تدلّ عليه النقاط المسجلة في عام 2018 بشأن مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–6–1)، هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتنفيذ هذه الصكوك.
وبالإضافة إلى تنفيذ هذه الصكوك، أصبحت مسألة المسافنة موضع جدل مكثّف باعتبارها ثغرة محتملة في الإدارة العالمية لمصايد الأسماك. وعبّرت لجنة مصايد الأسماك في دورتها الثالثة والثلاثين عن قلقها إزاء أنشطة المسافنة ودعت إلى إجراء دراسة معمّقة لدعم إعداد خطوط توجيهية بشأن أفضل الممارسات لتنظيم المسافنة ورصدها ومراقبتها. ومن شأن هذه الخطوط التوجيهية أن تصبح صكًا إضافيًا لدعم البلدان في مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. وعلاوة على ذلك، تواصل المنظمة تطوير أدوات جديدة مثل النظام العالمي لتبادل المعلومات التابع للاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه، وتحسين الأدوات القائمة مثل السجلّ العالمي لسفن الصيد وسفن النقل المبرّدة وسفن التموين، سعيًا إلى دعم البلدان في مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم.
تساهم مصايد الأسماك صغيرة النطاق بحوالي نصف المصيد العالمي للأسماك وتستخدم أكثر من 90 في المائة من العاملين في مصايد الأسماك الذين نصفهم من النساء (اللواتي يعملن بصورة رئيسية في مجالي التسويق والتجهيز، وعلى سبيل المثال، انظر 2 الإطار، الصفحة 41). كما يُقدّر أن 97 في المائة من مجموع العاملين في مجال صيد الأسماك يعيشون في البلدان النامية، فضلًا عن أن العديد من مجتمعات الصيد الصغيرة النطاق يشهد مستويات عالية من الفقر ويعاني من الإهمال في ما يخصّ إدارة الموارد ومن منظور أوسع للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ويقرّ المقصد 14–ب من خطة عام 2030 المتمثّل في تمكين صغار الصيادين الحرفيين من الوصول إلى الموارد البحرية والأسواق، بأهمية التصدي للتحديات التي تواجهها مصايد الأسماك صغيرة النطاق. وكثيرًا ما يواجه الوصول إلى الموارد البحرية والحيّز البحري تحديات متمثّلة في: زيادة المنافسة من قبل تربية الأحياء المائية البحرية؛ واستهداف تشكيلات الأساطيل المختلفة للأرصدة نفسها وعملها في الحيّز نفسه؛ وتدابير الصون من قبيل المناطق البحرية المحمية. وتنمو القطاعات الأخرى التي تتمتع بأهمية اقتصادية أكبر، مثل السياحة واستغلال الطاقة والنقل البحري، في الحيّز الذي تعمل فيه مصايد الأسماك صغيرة النطاق. وتُعتبر المشاركة المباشرة لصغار الصيادين في إدارة مصايد الأسماك من خلال ترتيبات الادارة المشتركة، أمرًا أساسيًا لإتاحة الوصول إلى الموارد المائية الحيّة البحرية. ويحتاج نموذج الاقتصاد الأزرق/النمو الأزرق الآخذ في التطور، إلى معالجة هذه التحديات لضمان تحقيق التنمية الشاملة للجميع.
وفي ما يتعلّق بالوصول إلى الأسواق، هناك فرص أفضل متاحة لصغار الصيادين ومنتجاتهم. وثمة نُهج وأدوات للتغلّب على المشاكل مثل الامتثال للوائح الخاصة بسلامة الأغذية، وعدم توافر التكنولوجيا الملائمة على غرار تكنولوجيا التجهيز المحسّنة وتكنولوجيا المعلومات والاتصال، وضعف القدرات التنظيمية، بغية ضمان استفادة الجهات الفاعلة في مصايد الأسماك صغيرة النطاق من إمكانية الوصول إلى الأسواق المربحة. وتشمل الأدوات الرئيسية التي تساعد على تحقيق مقصد هدف التنمية المستدامة 14–ب كلًا من: تنمية قدرات الصيادين والعاملين في مجال صيد الأسماك، بما في ذلك النساء في أنشطة ما بعد الصيد؛ والمساعدة الفنية؛ ونشر المعلومات المتعلّقة بشروط الوصول إلى الأسواق وبالأسواق نفسها. ويعطي 17 الإطار مثالاً على جهود إقليمية مبذولة في بلدان المغرب العربي دعمًا لمصايد الأسماك صغيرة النطاق.
في عام 2011، دعت الدورة التاسعة والعشرون للجنة مصايد الأسماك إلى وضع صك دولي لمصايد الأسماك صغيرة النطاق. ونتيجة لذلك، أجرت المنظمة عدة مشاورات مع منظمات صيادي الأسماك والمنظمات الحكومية والأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك، والهيئات الأكاديمية، والمؤسسات البحثية، والمجتمع المدني على المستوى العالمي والإقليمي والوطني. وأفضى ذلك إلى اعتماد الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر (الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق) (منظمة الأغذية والزراعة، 2015).
وفي منطقة البحر المتوسط، ساندت الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط عددًا من الأحداث المكرسة لمصايد الأسماك صغيرة النطاق (ندوة، ومشاورة إقليمية، وحلقة عمل إقليمية). وتُوّجت تلك الجهود بتوقيع خطة العمل الإقليمية بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود (خطة العمل الإقليمية، 2020)، التي وضعت إجراءات ملموسة بما يتفق مع الخطوط التوجيهية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق من أجل دعم تلك المصايد في الفترة 2018-2028. وساهمت الحكومات ومنظمات المجتمع المدني بدور نشط في هذه العمليات في الإقليم الفرعي لشمال أفريقيا. وتضم المنصة المغاربية لمصايد الأسماك صغيرة النطاق التي أنشئت في عام 2014 شبكات مصايد الأسماك الوطنية الصغيرة النطاق في الجزائر وموريتانيا والمغرب وتونس. وبدعم من المنظمة، تؤدي هذه المنصة دورًا مهمًا في الدعوة إلى تحقيق هدف التنمية المستدامة -14ب (توفير إمكانية وصول صغار الصيادين الحرفيين إلى الموارد البحرية والأسواق) عن طريق تنفيذ مشاريع ميدانية وتعزيز الخطوط التوجيهية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق. ويجري حاليًا تنفيذ أنشطة أخرى ذات صلة على المستوى الإقليمي الفرعي لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق من جانب الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط ومبادرة الأمل الأزرق في البحر الأبيض المتوسط، وكذلك من جانب اثنين من مشاريع المنظمة لدعم إدارة مصايد الأسماك في البحر الأبيض المتوسط، هما مشروع تقدير الموارد السمكية والنُظم الإيكولوجية ورصدها في مضيق صقلية، وشبكة التعاون لتيسير تنسيق الدعم المقدَّم لإدارة مصايد الأسماك في المناطق الغربية والوسطى من البحر المتوسط - المرحلة الثانية. ويُساهم هذان المشروعان في تحسين المعارف بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق، ودور مجتمعات مصايد الأسماك صغيرة النطاق في إدارة مصايد الأسماك المستدامة، وعمليات النمو الأزرق. وتدعم المنظمة بصفة خاصة البلدان في تحديد الخصائص الاجتماعية والاقتصادية لمصايد الأسماك صغيرة النطاق، ورسم الخرائط المكانية لأنشطة الصيد، وإشراك مصايد الأسماك صغيرة النطاق في نقاش متعدد أصحاب المصلحة حول إدارة مصايد الأسماك بالاستناد إلى نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك.
وستركز جهود المنظمة في المستقبل على وضع قائمة جرد إقليمية فرعية للقطاع تكمل الأنشطة السابقة والجارية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في شمال أفريقيا. ويهدف هذا الجرد عمومًا إلى تكوين صورة واضحة عن حالة قطاع مصايد الأسماك صغيرة النطاق وتحديد أنسب طرق الصيد من حيث الاستدامة والجدوى الاقتصادية لدعم تحقيق هدف التنمية المستدامة 41-ب في المنطقة الإقليمية الفرعية.
ويتطلّب ذلك توافر إطار تنظيمي وبيئة تمكينية للاعتراف بحقوق صغار الصيادين في الحصول على موارد مصايد الأسماك وبناء قدراتهم للوصول إلى الأسواق، وحمايتها. وتتمتع هذه البيئة التمكينية بثلاث ميزات رئيسية:
◂ الأطر القانونية والتنظيمية والسياساتية الملائمة؛
◂ والمبادرات المحدّدة لدعم مصايد الأسماك صغيرة النطاق؛
◂ والآليات المؤسساتية ذات الصلة التي تتيح مشاركة منظمات مصايد الأسماك صغيرة النطاق في الإدارة والعمليات ذات الصلة.
ويعدّ المؤشر 14–ب–1 (التقدّم الذي أحرزته البلدان في درجة تطبيق الإطار القانوني/التنظيمي/السياسي/المؤسسي الذي يعترف بحقوق الوصول إلى المصايد الصغيرة ويحميها) أداة لتقوم البلدان بتتبّع التقدّم المحرز في تحقيق مقصد هدف التنمية المستدامة 14–ب. وهو يستند إلى ثلاثة أسئلة من استبيان المنظمة بشأن تنفيذ مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد والصكوك ذات الصلة، التي يجيب عليها الأعضاء والأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك مرّة كل سنتين (أنظر القسم بعنوان التقدّم المحرز في تحقيق الاستدامة، صفحة 96). وتشكّل أسئلة الاستبيان الثلاثة المستخدمة للتبليغ عن مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–ب–1، مؤشرات غير مباشرة على الجهود الرامية إلى تعزيز حقوق وصول صغار الصيادين إلى الموارد وإلى تيسيرها. وتتعلّق هذه الأسئلة بصورة خاصة بما يلي:
◂ القوانين أو الأنظمة أو السياسات أو الخطط أو الاستراتيجيات التي تستهدف أو تُعنى بقطاع مصايد الأسماك صغيرة النطاق؛
◂ والمبادرات الجارية لتنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر؛
◂ والآليات التي يساهم من خلالها الصيادون والعاملون في مجال صيد الأسماك على نطاق صغير في عمليات صنع القرارات.
ويلخّص الشكل 47 نتائج التقارير الواردة قياسًا إلى هذه الأسئلة الثلاثة على المستوى الإقليمي في عام 2018.
وتساعد المنظمة، بوصفها وكالة راعية لمؤشر هدف التنمية المستدامة 14–ب–1، أعضاءها والشركاء الآخرين على تكوين فهم أفضل لمقصد هدف التنمية المستدامة 14–ب ورصده ورفع التقارير بشأنه (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ز). وهناك دورة للتعلّم الإلكتروني متاحة على الإنترنت بست لغات وقد تم استخدامها في حلقتي عمل عُقدت إحداها على المستوى العالمي في عام 2017 والأخرى في منطقة المحيط الهادئ في عام 2019. وتمثّلت إحدى نتائج حلقة العمل الأخيرة هذه في الاعتراف بأن الإقليم يملك عددًا من الأطر ذات الصلة، ولا سيما النشيد الجديد (the Noumea Strategy،ا2015) لمصايد الأسماك الساحلية، والتي يجري جمع المعلومات لها بصورة منتظمة (جماعة المحيط الهادئ، 2019). بالتالي، ثمة فرصة لتعزيز التآزر بين النشيد الجديد وعملية التبليغ عن مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–ب–1.
وخلُصت حلقتا العمل إلى أن هناك حاجة إلى نهج تشاركي لإيجاد المعلومات على المستوى الوطني للتمكّن من الإجابة على أسئلة الاستبيان بطريقة مسؤولة. وهناك مصادر عديدة للمعلومات على مستويات مختلفة، ويجب أن تكون عملية جمع المعلومات متعددة التخصصات وتتبع نهجًا من الأسفل إلى الأعلى لجمع المعلومات والمعارف الخاصة بأصحاب المصلحة المحليين وتصنيفها على المستوى الوطني من أجل رفع التقارير. وقد أُطلقت دعوة لدعم منظمات ومنصات مصايد الأسماك صغيرة النطاق للسماح بمشاركتها بفعالية في العمليات. واعتُبر ضمان فعالية التواصل بين المسؤولين عن الإجابة على الاستبيان وجهات الاتصال الوطنية المعنية بأهداف التنمية المستدامة، مسألة ذات الأولوية. بالإضافة إلى ذلك، يجب استشارة الشركاء في التنمية، مثل المنظمات غير الحكومية، إلى جانب الجهات الفاعلة في المجتمعات المحلية ومصايد الأسماك صغيرة النطاق، ويجب أن تؤدي المنظمات الإقليمية دورًا في تيسير جهود جمع البيانات للتبليغ عن مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–ب–1.
وكشفت حلقتا العمل أن عملية رفع التقارير تساعد على فهم الاحتياجات والفرص للمضي قدمًا نحو ضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق، وعلى تحديد الإجراءات والعمليات لتنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر. وتشكّل هذه الخطوط التوجيهية الطوعية إطارًا للعمل على تحقيق مقصد هدف التنمية المستدامة 14–ب، ولا سيما الفصلين الخامس (حوكمة الحيازة في مصايد الأسماك صغيرة النطاق وإدارة الموارد) والسابع (سلاسل القيمة ومرحلة ما بعد الصيد والتجارة) (الشكل 48).
وأظهر تحليل للالتزامات الطوعية التي تم التعهد بها في مؤتمر الأمم المتحدة الرفيع المستوى لدعم تنفيذ هدف التنمية المستدامة 14 في يونيو/حزيران 2017 أن مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة قطعت 278 التزامًا بتحقيق مقصد هدف التنمية المستدامة 14–ب (الأمم المتحدة، 2019أ). وتناولت الالتزامات قضايا من قبيل: تمكين المجتمعات المحلية لإدارة الموارد البحرية؛ وتحسين الوصول إلى مناطق الصيد الساحلية؛ وتحسين القدرات البشرية والمؤسساتية؛ ونقل تكنولوجيات الصيد. وشمل الوصول إلى الأسواق عمومًا إجراءات مثل تحسين التتبّع وإصدار الشهادات والتوسيم الإيكولوجي، فضلًا عن الوصول إلى الأدوات القائمة على السوق وبناء القدرات ذات الصلة في مجتمعات الصيد. علاوة على ذلك، قام المؤتمر العالمي الثالث للمصايد الصغيرة النطاق الذي نظّمته الشبكة البحثية Too Big to Ignore في تايلند في أكتوبر/تشرين الأول 2018 (Ramírez Luna وKereži وSaldaña، 2018)، بمناقشة مقصد هدف التنمية المستدامة 14–ب.
وسيشكّل إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2022 السنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرَفية (أنظر 12 الإطار، الصفحة 117)، مرحلة مهمة لتقييم التقدّم المحرز في تحقيق مقصد هدف التنمية المستدامة 14–ب ولتقاسم الممارسات الجيدة ذات الصلة من حول العالم.
يعرّف مقصد هدف التنمية المستدامة 14–7 (الأمم المتحدة، 2019ب)، بموجب أهداف التنمية المستدامة، على النحو التالي: «زيادة الفوائد الاقتصادية التي تتحقق للدول الجزرية الصغيرة النامية وأقل البلدان نموًا من الاستخدام المستدام للموارد البحريّة، بما في ذلك من خلال الإدارة المستدامة لمصايد الأسماك، وتربية الأحياء المائية، والسياحة، بحلول عام 2030». ويعرّف مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–7–1ذي الصلة على النحو التالي: «مصايد الأسماك المستدامة كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي في الدول الجزرية الصغيرة النامية، وفي أقل البلدان نموًا، وفي جميع البلدان».
وفي عام 2019، وضعت المنظمة منهجية لمؤشر هدف التنمية المستدامة 14–7–1الذي يرصد المساهمة الاقتصادية التي تقدّمها مصايد الأسماك في الاقتصادات الوطنية عبر احتساب مصايد الأسماك المستدامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقام العديد من البلدان أثناء وضع المنهجية، بتأييد هذا الدور المتمثل في تعزيز أهمية قطاع مصايد الأسماك في الاقتصاد. ونظرًا إلى الطابع العالمي لأهداف التنمية المستدامة، تم وضع مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–7–1لينطبق على أكبر عدد ممكن من البلدان، مع إبقاء أي متطلبات إضافية لرفع التقارير عند حدّها الأدنى والاستمرار في استخدام المدخلات المقبولة دوليًا لاحتساب المؤشر.
وتركّز منهجية المنظمة الخاصة بمؤشر هدف التنمية المستدامة 14–7–1فقط على الاستخدام المستدام للموارد البحرية في مصايد الأسماك. وتستند المنهجية إلى ثلاثة مدخلات رئيسية تُعتبر جميعها معايير معترف بها دوليًا، وهي: الناتج المحلي الإجمالي، والقيمة المضافة لمصايد الأسماك، والاستدامة البيولوجية للأرصدة السمكية.
ويعدّ الناتج المحلي الإجمالي بشكل أساسي مقياسًا نقديًا ورئيسيًا لقيمة السلع والخدمات النهائية التي ينتجها بلد ما. وقد اعترفت به الوكالات الدولية وواضعو السياسات والهيئات العامة، من جملة أطراف أخرى. وعند دراسة قيمة السلع والخدمات التي ينتجها قطاع محدد، مثل مصايد الأسماك، تعطي القيمة المضافة صورة تمثيلية عن حجم هذا القطاع في اقتصاد البلد.
وفي ما يتعلّق بالاستدامة البيولوجية للأرصدة السمكية، تقوم المنظمة بتقدير حالتها واتجاهاتها منذ عام 1974 وتغطي حاليًا 584 رصيدًا من الأرصدة السمكية حول العالم19 (يمثلون 70 في المائة من المصيد العالمي؛ أنظر القسم بعنوان حالة الموارد السمكية، الصفحة 47). بالإضافة إلى ذلك، وضعت هذه التقييمات التي أجريت لكل منطقة صيد بحرية رئيسية حددتها المنظمة، أسسًا متينة لتقدير مضاعف الاستدامة – وهو معيار مهم لمؤشر هدف التنمية المستدامة 14–7–1.
ويقيس المؤشر القيمة المضافة لمصايد الأسماك الطبيعية البحرية المستدامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. ومضاعف الاستدامة لكل بلد هو متوسط الاستدامة المرجّح بالنسبة إلى كمية المصيد المتأتي من المصايد الطبيعية البحرية في كل منطقة يضطلع فيها البلد بأنشطة الصيد. وعندما يقوم البلد بعمليات الصيد في منطقة صيد واحدة حدّدتها المنظمة، يساوي مضاعف الاستدامة الخاص به متوسط استدامة الأرصدة في هذه المنطقة.
وعلى المستوى القطري، تقدّر النسبة المئوية لمساهمة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في الناتج المحلي الإجمالي20 عبر قسم القيمة المضافة لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على الناتج المحلي الإجمالي الوطني. ولفصل القيمة المضافة لمصايد الأسماك الطبيعية البحرية عن القيمة المضافة لتربية الأحياء المالية، تُقسم كمية الأسماك المنتجة في مصايد الأسماك الطبيعية البحرية على مجموع21 الإنتاج الوطني للأسماك، ومن ثم تُضرب بنسبة الناتج المحلي الإجمالي من مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
وبعد ذلك، تُعدّل القيمة المضافة لمصايد الأسماك الطبيعية البحرية بواسطة مضاعف الاستدامة الآنف ذكره للحصول على قيمة مصايد الأسماك الطبيعية البحرية المستدامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
ومن الناحية الحسابية، تُحتسب مساهمة مصايد الأسماك الطبيعية البحرية المستدامة في الناتج المحلي الإجمالي لبلد ما على النحو التالي:
SuGDPF: الناتج المحلي الإجمالي من مصايد الأسماك الطبيعية البحرية المستدامة؛
Si: متوسط الاستدامة الذي يتم نشره بصورة دورية عن منطقة الصيد البحري الرئيسية للمنظمة ؛
Qi: كمية الأسماك التي جرى اصطيادها في منطقة الصيد البحري الرئيسية للمنظمة ؛
QN: إجمالي كمية الأسماك التي جرى اصطيادها في مناطق الصيد البحري الرئيسية للمنظمة؛
QM: عدد مصايد الأسماك الطبيعية البحرية؛
QT: الكمية الإجمالية للمصيد؛
VAFIA: القيمة المضافة لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية؛
GDP: الناتج المحلي الإجمالي الوطني.
ومن شأن مؤشر رصد المساهمة الاقتصادية التي تقدّمها مصايد الأسماك المستدامة أن يعزز الأهمية الفعلية لمصايد الأسماك في الاقتصادات الوطنية، مما يدعم تخصيص الموارد التي قد تعود بالفائدة على القطاع على نحو أكثر توازنًا.
ويمكن للإطار الحالي الذي وضعته المنظمة لمؤشر هدف التنمية المستدامة 14–7–1أن يوفّر مقياسًا قويًا ومطبقًا دوليًا للمساهمة الاقتصادية التي تقدّمها مصايد الأسماك الطبيعية البحرية المستدامة. كما أنه يزوّد واضعي السياسات والجمهور العريض بتحليل يربط القطاع بالركائز الأساسية لأهداف التنمية المستدامة ويشجّع الاستخدام المستدام للموارد والأنشطة الاقتصادية المستدامة.
وتُظهر أحدث البيانات المتوافرة عن مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–7–1إلى أن حصة مصايد الأسماك المستدامة في ازدياد بالنسبة للعديد من مناطق العالم المرتبطة بتحسين سياسات إدارة المصايد. أبلغت أقل البلدان نموا والدول الجزرية الصغيرة النامية عن مساهمات ثابتة لمصايد الأسماك المستدامة في ناتجها المحلي الإجمالي منذ عام 2011.
التنوع البيولوجي، أو ما يسمى أيضًا التنوع الأحيائي، هو اختلاف أشكال الحياة على كل مستويات النُظم البيولوجية – من النظام الإيكولوجي وصولاً إلى المستوى الجزيئي. ويدعم التنوع البيولوجي للمياه البحرية والمياه العذبة بصورة مباشرة وغير مباشرة الأمن الغذائي والتغذية وسُبل المعيشة الأساسية لملايين البشر في جميع أنحاء العالم (منظمة الأغذية والزراعة، 2018أ). والمهم هو أن التنوع البيولوجي يوفِّر مصدرًا رئيسيًا للمغذيات الأساسية اللازمة للمجتمعات الأشدّ فقرًا (أنظر القسم بعنوان الأسماك في النُظم الغذائية، الصفحة 155). ومن الحيوي للوفاء بالاحتياجات التغذوية للعدد المتزايد من سكان العالم على نحو مستدام الحفاظ على سلامة النُظم الإيكولوجية المائية.
وتمثّل مصايد الأسماك الطبيعية نُظمًا فريدة لإنتاج الأغذية، لأنها قطاع الأغذية الكبير الوحيد الذي يعتمد تمامًا على التنوع البيولوجي البري. وبالإضافة إلى ذلك تُحصد الأنواع بأقل قدر من التعديل الفيزيائي أو الكيميائي للنظام الإيكولوجي. وعلى الرغم من عدم اعتماد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على التغيير البيئي الكامل النطاق، تعتمد الأنواع التي يتم اصطيادها على عدد من الأنواع والموائل الأخرى أو تدعمها كمكونات للنُظم البشرية الطبيعية المعقدة.
ويؤثر نشاط الصيد بطبيعته على وفرة التجمعات السمكية المستهدفة ويمكن أن يؤثر على حالة الأنواع المرتبطة بها أو المعتمدة عليها. ومن شأن الاستخدام غير المستدام للموارد السمكية أن يضرّ بقدرتها على التجدّد الذاتي وأن يؤثر على سلامة النظام الإيكولوجي وصون التنوع البيولوجي (18 الإطار). ويعرّض الصيد المفرط والتلوث وتدمير الموائل وظواهر التغيُّرات المناخية المرتبطة بالحرارة، إلى جانب الضغوط البشرية الأخرى، للخطر آفاق الأمن الغذائي والتغذية وكذلك سُبل المعيشة القادرة على الصمود في المدى الأبعد – يمكن أن تزيد قيمة خدمات النُظم الإيكولوجية على مكافئ الناتج المحلي الإجمالي السنوي لاقتصادات العالم (Costanza وآخرون، 2017).
تتمثّل في صلب مهمة مديري مصايد الأسماك المحافظة على استدامة الإنتاج، مع إدراك أن الأسماك مورد متجدد ولكن قابل للنضوب. ورغم عدم وجود ما يدلّ على انقراض نوع من أنواع الفقريات البحرية بالكامل بسبب الصيد، أدى تضافر ضغوط الصيد والضغوط الأخرى إلى خسارات في أسماك المياه العذبة والمياه المائلة إلى الملوحة.
ويتعيّن على مديري مصايد الأسماك أن ينظروا في المخاطر كجزء من النهج الوقائي، معترفين بعدم اليقين الذي يكتنف دقة المعلومات والتقديرات المتاحة بشأن الظروف المستقبلية. وينطوي ذلك على النظر في احتمال تحقق التهديدات المعروفة ونتائجها. وتتوافر مجموعة كاملة من المنهجيات النوعية والكمية لتقييم المخاطر، وهذه ممارسة تستفيد من انخراط أصحاب المصلحة على نطاق واسع.1
ويواجه مديرو مصايد الأسماك التحدي المتمثّل في تحقيق الزيادة القصوى في الإنتاج من غير تعريض الأرصدة لمخاطر غير مقبولة، وذلك عبر معرفة: أوجه الضعف المتأصلة في الأنواع؛ وحالة الأرصدة؛ وكيف يمكن أن يستجيب نوع ما للتهديدات. وفي غياب الأدلة العلمية، يجدر بهم اتباع نهج وقائي لتجنّب التسبّب بضرر لا رجوع عنه. وعلى عكس الموارد غير المتجددة، تظهر الآثار الضارّة في مصايد الأسماك بشكل جلي قبل فترة طويلة من حدوث تغيرات لا رجعة عنها. بالإضافة إلى ذلك، هناك تجارب موثقة تتعلّق بالنقاط المرجعية الحساسة التي تحدّد حدود الصيد وردود الإدارة اللازمة ل "إعادة تكوين" الأرصدة.2
وقد اعتمد قطاع صون التنوع البيولوجي أطرًا لوصف خطر انقراض الأسماك. ويملك كل من الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة واتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض، معايير لوصف خطر الانقراض. وغالبًا ما تشكّل هذه النُهج القائمة على المخاطر، مثلها مثل تدابير الاستدامة في مصايد الأسماك، جزءًا لا يتجزأ من أطر الحوكمة في البلدان.
وتغني النُهج القائمة على المخاطر صنع القرارات في مجال إدارة المياه العذبة والمياه البحرية بصورة متزايدة،3 الأمر الذي يدلّ على مزيد من التعقيد في التطور العام الجاري منذ منتصف القرن العشرين من زيادة المصيد إلى التركيز بقدر أكبر على الإدارة والصون.2 ويتيح استخدام هذه النُهج بشكل حكيم ضوابط وموازين للمساعدة على الحرص على أن عمليات الصيد والتجارة تجري بطريقة مستدامة وأنه يتم تجنّب الآثار التي لا رجوع عنها أو تقليلها إلى أدنى حد.
ازدادت في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية مراعاة آثار اصطياد الأسماك واستزراعها على البيئات الطبيعية مع مرور الوقت. وأسفر ذلك عن نُهج للحوكمة أوسع تركيزًا وأكثر استنادًا إلى العلم، وتطورت تلك النُهج ووسَّعت مفهوم إدارة الموارد الطبيعية كي يشمل نماذج تشغيلية أكثر تكاملًا – الإدارة التي تعترف بأن التنوع البيولوجي لا غنى عنه في الإنتاج المستدام (Friedman، Garcia وRice، 2018؛ Brugère وآخرون، 2018). وتُنفّذ هذه المراعاة للتنوع البيولوجي في إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بصورة تدريجية وتفاعلية عبر سلطات الإدارة الوطنية والإقليمية والدولية ومن خلال التعاون وعلاقات التضامن المحدّدة في الاتفاقات والمعاهدات المتعددة الأطراف.
يستجيب المجتمع الدولي للقلق المتزايد بشأن تدهور النُظم الإيكولوجية للمياه البحرية والمياه العذبة من خلال اتخاذ إجراءات على النطاقات الدولية والإقليمية والوطنية والمحلية لصون التنوع البيولوجي أو استعادته. ويجري التفاوض على اتفاقات متعددة الأطراف لتعزيز السياسات والممارسات، مع مراعاة احتياجات التنوع البيولوجي كعنصر أساسي للاستخدام المستدام. والهدف من هذه الاتفاقات هو الحفاظ على الإنتاجية والقدرة على الصمود في النُظم المائية من خلال استباق خسائر التنوع البيولوجي ومواجهتها.
ويمكن رؤية مثال بارز على الاعتراف بالدور الأساسي للتنوع البيولوجي في الاستخدام المستدام بصورة مباشرة وغير مباشرة في عدد من أهداف التنمية المستدامة – لا سيما الهدف 14. وتشمل توجيهات المنظمة للبلدان بشأن كيفية الوفاء بأهداف التنمية المستدامة "تعميم التنوع البيولوجي وحماية وظائف النُظم الإيكولوجية" كمبدأ أساسي للإنتاج المستدام للأغذية (منظمة الأغذية والزراعة، 2018هـ).
وتساعد المنظمة، في إطار جهودها لدعم أعضائها، مجموعة من منتديات السياسات العالمية المتعلقة بالموارد المائية ذات الصلة بتعميم التنوع البيولوجي. وهناك خمسة أمثلة على ذلك: (1) وضع إطار التنوع البيولوجي العالمي لما بعد عام 2020؛ (2) المفاوضات حول وضع صكّ دولي ملزم قانونًا في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية واستغلاله على نحو مستدام؛ (3) وضع قوائم للأنواع، حسب الاقتضاء، وتنفيذ إجراءات الصون المحددة في ملاحق اتفاقية الاتجار الدولي بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض؛ (4) معاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية؛ (5) اتفاقية رامسار بشأن الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية وخاصة بوصفها موئلًا للطيور المائية (اتفاقية رامسار) – وهي مثال على النُهج التي ترتقي بمستوى الإدارة عبر النُظم الإيكولوجية. ويرد أدناه ملخص يوضح النشاط في كل منها، بما في ذلك صلتها بقطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
وتواصل الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي تعزيز "تعميم التنوع البيولوجي من أجل تحقيق الرفاه"، وهو موضوع المؤتمر العالمي لاتفاقية التنوع البيولوجي لعام 2016. ومع تجديد الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي للفترة 2011–2020 وأهداف آيتشي العشرين للتنوع البيولوجي، سيساهم إنشاء إطار التنوع البيولوجي العالمي لما بعد عام 2020 في بلورة رؤية تحويلية جديدة لتحقيق تعميم التنوع البيولوجي، بما في ذلك "الاستخدام المستدام". ويمكن لهذه الأهداف أن تعزّز اتساق السياسات والممارسات في تحقيق كل من صون التنوع البيولوجي والنتائج المتعلقة بمصايد الأسماك إذا صيغت بإحكام. ولذلك، من المهم تحديد أهداف صون التنوع البيولوجي التي تستخدم قطاعات مثل مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وتستهدف البيئات الغنية بالأنواع التي تبلغ فيها الضغوط البشرية أشدّها. ويمكن لعملية وضع الأهداف المحكمة الصياغة أن تركّز اهتمام آليات التمويل الدولية وتولِّد دعمًا مشتركًا بين القطاعات وتعززه من أجل اتخاذ إجراءات تساهم في صون التنوع البيولوجي.
ويسعى المجتمع العالمي في الوقت نفسه إلى تعزيز إدارة الموارد الحيّة في أعماق المحيطات (قاع البحار والمسطحات المائية التي تتجاوز الرف القاري ودول المناطق الاقتصادية الخالصة). وفي هذه الحالة، عُقدت سلسلة من المؤتمرات الحكومية الدولية لوضع صكّ دولي ملزم قانونًا يركّز على هذا التنوع البيولوجي الذي يتجاوز حدود الولاية الوطنية.22 وتستجيب هذه العملية لما استجدّ من فهم للحياة في أعماق المحيطات ولحاجة الحكومات والمنظمات الدولية إلى ضمان الاستدامة والإنصاف في استخدام هذه الموارد المتجدّدة. وتشمل المفاوضات عناصر بشأن كيفية تقييم آثار استخدام هذه الموارد الوراثية، والإدارة المكانية لأي استخدام لهذه الموارد، وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا البحرية. وفي ضوء الحصول على الموارد الوراثية البحرية واستخدامها، تنظر المناقشة أيضًا في سُبل وإمكانية تقاسم المنافع الناشئة عن التسويق التجاري لهذه الموارد (أنظر القسم بعنوان نظام معلومات للموارد الوراثية المائية لدعم النمو المستدام في تربية الأحياء المائية، الصحفة 105).
ومن المتطلبات الأساسية لمصايد الأسماك المنتجة صيانة التنوع البيولوجي الذي يتيح للنُظم الطبيعية القدرة على الصمود في مواجهة الظروف المتغيّرة. ومع أن انقراض الأنواع في المحيطات أقل بصورة ملحوظة عنه على الأرض (McCauley، 2015)، هناك حاليًا استجابات استثنائية تشمل في كثير من الأحيان مجموعة موسَّعة من الجهات الفاعلة على صعيد الحوكمة، لاستعادة إنتاجية كثير من مناطق المحيطات عن طريق وقف الاستنفاد الملحوظ للأرصدة السمكية. واعترافًا باستنفاد الأرصدة لمجموعة من الأسباب، يسعى قطاع مصايد الأسماك ككل إلى وقف اتجاه الصيد المفرط في الأرصدة السمكية المستهدفة وتأثيراتها على الأنواع غير التجارية التي يتم صيدها (Garcia وآخرون، 2018). ويُعزّز كل من اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهدَّدة بالانقراض ومعاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية مجموعة متنوعة من مواقف السياسات المتصلة باستخدام الأنواع الضعيفة والمهدّدة وصونها على نحو مستدام. وفي سياق هاتين الاتفاقيتين، يمكن إدراج الأنواع البحرية وأنواع المياه العذبة في تذييلاتهما حسب إرادة أطراف المعاهدة، وهو ما سيؤدي إلى زيادة تنظيم عمليات الاستحواذ على هذه الأنواع و/أو الاتجار بها. وبالنظر إلى أن المعلومات المتعلقة بحالة هذه الأنواع والمشورة المقترحة بشأن إدراجها متباينة من حيث جودتها (Friedman وآخرون، 2020)، وبالنظر كذلك إلى أن البلدان أفادت عن تحديات مستمرة في الحفاظ على التجارة القانونية في الأنواع بمجرد إدراجها في التذييل الثاني لاتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهدّدة بالانقراض (Friedman وآخرون، 2018)، تدعم المنظمة هذه العملية من خلال الدعوة إلى تشكيل فريق من الخبراء يوفِّر معلومات عن حالة الأنواع المقترح إدراجها (أي مشورة الخبراء بشأن ما إذا كانت الأنواع تفي بمعايير الإدراج المحددة) وتُعزّز المنظمة أيضًا المشورة بشأن إدارة أفضل الممارسات لاستعادة الأنواع التي جرت الموافقة بالفعل على إدراجها في تذييلات الاتفاقية.
وتتناول اتفاقيات أخرى متعدّدة الأطراف صون التنوع البيولوجي على نطاق أوسع من الأنواع. وتُيسّر اتفاقية رامسار، شأنها شأن اتفاقية التراث العالمي، صون التنوع البيولوجي التي يسود قلق بشأن صونها – المشار إليها بالمواقع (مركز رامسار الإقليمي–شرق آسيا، 2017). وتشمل اتفاقية رامسار عدة تدابير للتصدي للتهديدات ذات الطابع الإيكولوجي التي تتعرّض لها المواقع التي توجد فيها أنواع رمزية محدّدة أو مزيد من التنوع البيولوجي المائي العام ذي الأهمية على صعيد الصون، أو التي تتسم فيها خصائص مصايد الأسماك و/أو الخصائص الاجتماعية والثقافية بأهمية عالمية. ويساهم صون هذه الأراضي الرطبة المتنوعة بيولوجيًا وتوخي الحكمة في استخدامها من خلال الإجراءات المحلية والوطنية والتعاون الدولي في تحقيق التنمية المستدامة لنُظم المياه العذبة والنُظم الساحلية (عيَّنت فيجي، على سبيل المثال، موقع كوليكولي كوكوفاتا (Qoliqoli Cokovata) [موقع رامسار رقم 2331] الذي يغطي مناطق الصيد الساحلية بثاني أكبر جزر فيجي)، ويتيح فرصًا لصون التنوع البيولوجي المائي وتعزيزه في النُظم الإيكولوجية الزراعية الخاضعة للإدارة.
وتجري عمليات صون مماثلة للأنواع والمناطق الواقعة ضمن اختصاص المنظمات/الترتيبات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك التي يمكن أن يشمل اختصاصها المياه الواقعة ضمن حدود الولاية الوطنية وخارجها.23 واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة سلسلة من القرارات24 التي تخصّ أعماق البحار وتدعو الدول التي تمارس الصيد في أعالي البحار إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية النُظم الإيكولوجية البحرية الضعيفة من ممارسات الصيد المدمِّرة. وتعمل عدة منظمات/ترتيبات إقليمية لإدارة مصايد الأسماك وهيئات بيئية إقليمية (منظمات ومعاهدات بحار إقليمية) معًا لوضع معايير واضحة لصون هذا التنوع البيولوجي وبما يعبّر عن الالتزام الحاسم من جانب مصايد الأسماك الطبيعية لمعالجة الاعتبارات المتعلقة بالنُظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي في أنشطتها (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2018). وعلى الرغم من التقدّم الكبير الذي حققته المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك، من المعترف به أن تعزيز القدرات لا يزال مطلوبًا، لاسيما في مجالات التخطيط المرتبط بالتنوع البيولوجي، والبحوث، والرصد، والامتثال، والاتصال، وتقييم الآثار المرتبطة بمصايد الأسماك (Juan-Jordá وآخرون، 2018). ويواصل كثير من المنظمات/الترتيبات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك وسلطات مصايد الأسماك الوطنية الاستجابة لهذا النموذج المتغيِّر للإدارة عن طريق زيادة تحديث أو استبدال سياساتها وتدابيرها. ويزداد تحقيق هذه الجهود القطاعية عن طريق التعاون، سواءً من خلال شبكة أمانات هيئات المصايد الإقليمية، أو عن طريق تعزيز العلاقات بين الاستخدام المستدام والمصالح البيئية (Garcia وRice وCharles، 2014).
تتضمن المدونة توجيهات بشأن المؤشرات المستدامة واستخدام النهج الوقائي في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية (منظمة الأغذية والزراعة، 1995)، شأنها شأن الخطوط التوجيهية ذات الصلة. واستجاب هذا الصك للاهتمام المتزايد بتعزيز اعتبارات التنوع البيولوجي في إدارة مصايد الأسماك (Friedman، Garcia وRice، 2018؛ Sinclair وValdimarsson، 2003). وأتاح اعتماد المدونة وأهداف التنمية المستدامة في مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة أساسًا لوضع نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك ونهج النظام الإيكولوجي في تربية الأحياء المائية. وبعد إضفاء الطابع الرسمي على المدونة في عام 1995 وما بعده، شمل نموذج إدارة مصايد الأسماك تدريجيًا الحاجة إلى الحفاظ على إنتاجية النُظم الطبيعية إلى جانب المراعاة الصريحة للأهداف والقيود الاجتماعية والاقتصادية للنُهج التقليدية في مصايد الأسماك. وأسفر ذلك عن زيادة الاعتراف بنهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك باعتباره الإطار العام لإدارة مصايد الأسماك. ووفقًا لمؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة، يعترف ذلك بالحاجة إلى ما يلي: (1) الحفاظ على العمليات الإيكولوجية الأساسية ونُظم دعم الحياة؛ (2) والحفاظ على التنوع الوراثي؛ (3) وضمان الاستخدام المستدام للأنواع والنُظم الإيكولوجية. ويمثّل ذلك كلّه شروطًا مسبقة لتحقيق أهداف الحدّ من الجوع وسوء التغذية والفقر.
ويستند نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك إلى الإدارة الشاملة لأنشطة مصايد الأسماك. ويتطلّب هذا النهج من مصايد الأسماك التقليل إلى أدنى حد من التأثيرات السلبية للصيد على الإنتاجية الطبيعية للنُظم الإيكولوجية، بما يشمل الآثار الضارة التي تلحق بالأنواع غير المستهدفة أو تدهور الموائل. ويراعي أيضًا نهج النظام الإيكولوجي في تربية الأحياء المائية الآثار السلبية المحتملة باعتبارها أيضًا نتيجة لحالات هروب الأنواع، على الموائل وعلى التنوع البيولوجي لنُظم الاستزراع وعملياته. وفي حالات التنظيم الفعال، يتصدى قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بصورة متزايدة، من بين مبادرات أخرى، لتنفيذ الخطوط التوجيهية الدولية لإدارة الصيد العرضي والحد من المصيد المرتجع. ويكفل هذا النهج إدارة آثار نشاط الصيد عن طريق معالجة جميع عمليات الصيد وتقنياته التي تستخدم مختلف أنواع المعدات وما يترتب عن ذلك من آثار على كامل مجموعة الأنواع المتضررة. وفي هذا السياق، قامت المنظمة بتيسير وضع خطوط توجيهية تقنية بشأن أفضل ممارسات الحد من المصيد البحري العرضي لتقليل الصيد العارض ووقوع مجموعات الأنواع الضعيفة والقيّمة إيكولوجيًا في الشباك، مثل الثدييات البحرية وأسماك القرش وأسماك الراي، والطيور البحرية والسلاحف (أنظر القسم بعنوان ممارسات الصيد الرشيد، الصفحة 120).25
ويمكن لنُهج الإدارة المكانية أن توفِّر أدوات فعالة لصون واستعادة النُظم الإيكولوجية التي تدعم الإنتاج التجاري للأسماك، ولصون المجموعات أو إعادة تكوينها، أو للحد من مجموعة أوسع من الضغوط البشرية المنشأ عند الاقتضاء. ويزداد الاعتراف بمساهمة تدابير إدارة مصايد الأسماك القائمة على المناطق في صون التنوع البيولوجي داخل المواقع الطبيعية و/أو تحسين الترابط والتكامل بين بيئات الصون البحرية على نطاق أوسع. ويتفق بعض هذه التدابير مع معايير "تدابير الصون الفعالة الأخرى القائمة على المناطق" وهي نهج مكاني لصون التنوع البيولوجي داخل المواقع الطبيعية، ويُشكّل هذا النهج جزءًا من الهدف 11 من أهداف آيتشي في إطار اتفاقية التنوع البيولوجي. وتدعم المنظمة أعضاءها عن طريق زيادة الوعي بدور تدابير الإدارة المكانية لمصايد الأسماك في زيادة سلامة النُظم الإيكولوجية المائية وإنتاجيتها وقدرتها على الصمود. وتساعد المنظمة وشركاؤها بصفة خاصة البلدان على تنفيذ تدابير الصون الفعالة الأخرى القائمة على المناطق، وهي آلية قادرة على توسيع دائرة المستخدمين لدعم صون التنوع البيولوجي، ويرجع الفضل إليها في كثير من الجهود القطاعية الجارية بالفعل لدعم صون التنوع البيولوجي.
ولا تُمثّل نُهج الإدارة التي تهدف إلى الحفاظ على وفرة الأنواع أو جهود صون النُظم الطبيعية الآليات الوحيدة لتعميم مراعاة التنوع البيولوجي في القطاع. وبالنظر إلى الأهمية الحيوية لدور تربية الأحياء المائية خلال العقود المقبلة من أجل الوفاء بالطلب المتزايد على الأسماك والمنتجات السمكية ولتحقيق الأمن الغذائي، من المهم تحقيق إدارة فعالة للموارد الوراثية المائية التي يتم استخدامها وتطويرها في قطاع تربية الأحياء المائية وكذلك رصد أثر تربية الأحياء المائية على التنوع البيولوجي المائي الطبيعي ومكافحة آثارها السلبية. ويجري دعم أعضاء المنظمة للإبلاغ عن الصورة العالمية المتغيِّرة لصون الموارد الوراثية المائية واستخدامها المستدام وتنميتها. ويُبرز تقرير حالة الموارد الوراثية المائية للأغذية والزراعة في العالم الذي صدر في عام 2019 (منظمة الأغذية والزراعة، 2019أ) الإمكانات الراهنة والمستقبلية للتنويع في الأنواع و"الأنماط المستزرعة" (أنماط الأسماك المستزرعة دون مستوى الأنواع) وكذلك التفاعلات بين الأنواع المستزرعة وأقاربها البرية.
ويتيح تدعيم وتعزيز ممارسات تربية الأحياء المائية المستدامة فرصة أخرى مهمة لتعميم مراعاة التنوع البيولوجي في القطاع. وتحقيقًا لهذه الغاية، تدعم المنظمة أعضاءها من خلال عملية لوضع الخطوط التوجيهية لاستدامة تربية الأحياء المائية (أنظر القسم بعنوان الخطوط التوجيهية وأفضل الممارسات لتربية الأحياء المائية المستدامة، الصفحة 124) والتي تحدّد المواضيع العملية ذات الصلة على المستويين العالمي والإقليمي، وتتناول بالوصف دراسات الحالة الناجحة التي تبيّن أفضل الممارسات وتعزّز المسارات نحو التنفيذ الناجح المناسب لدعم تنمية تربية الأحياء المائية المستدامة على الأجل الطويل (من الأنواع والبيئات المستزرعة إلى سلاسل القيمة) على مستوى البيئة الطبيعية والبلدان والأقاليم. وستوفّر الخطوط التوجيهية بشأن استدامة تربية الأحياء المائية، من خلال هذه العمليات، توجيهات عملية للسلطات الحكومية وصانعي السياسات بهدف مساعدة البلدان على تحسين تنفيذ المدونة والعمل في الوقت نفسه مع قطاع تربية الأحياء المائية وتمكينه من المشاركة بفعالية في تنفيذ خطة عام 2030.
يعتمد دوام الأمن الغذائي والتغذية وسُبل المعيشة على صون التنوع البيولوجي للحياة في النُظم الإيكولوجية المائية. ومن الضروري للنجاح في تحقيق أهداف مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المنتجة والمستدامة ضمان استعادة أشكال الحياة المتنوعة التي تدعم، بصورة مباشرة وغير مباشرة، أداء النُظم الإيكولوجية القادرة على الصمود عند استنفادها، والحفاظ عليها للمساعدة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة المترابطة المتصلة بصفة خاصة بهدف التنمية المستدامة 14.
ويُمثّل "تعميم التنوع البيولوجي" مفهومًا لم يبدأ التركيز عليه إلاّ مؤخرًا في الساحات الدولية. وتعتمد التنمية المستدامة بطبيعتها على النُظم الإيكولوجية السليمة؛ وبالتالي فإن صلتها بالتنوع البيولوجي بتعريفه الأوسع ليست جديدة. كما أن الاعتراف بأهمية النُظم الإيكولوجية السليمة ليس أمرًا جديدًا على قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. ومع ذلك، جرت العادة على استخدام مصطلح التنوع البيولوجي بشكل أساسي عند الإشارة إلى الآثار الضارة للصيد. وغالبًا ما تغيب عن أذهان الأخصائيين وعامة الجمهور العلاقة الحيوية بين التنوع البيولوجي وإنتاج الأغذية وسُبل المعيشة، وهي علاقة لا بدّ من تسليط الضوء عليها. وهذا الفهم المشترك لهذه الصلة، والقدرة على الإشارة بصورة جماعية إلى التاريخ المديد للأعمال المرتبطة بمصايد الأسماك التي تدعم هذه الصلة، والاستفادة من هذا التاريخ، واتخاذ إجراءات ملموسة تدعم هذه الصلة، هو ما يُمكّن بحقّ من تعميم مراعاة التنوع البيولوجي لدعم التنمية المستدامة. وسيتطلب ذلك مزيدًا من التواصل الفعال بين القطاعات، وكذلك شراكات متنوعة. وبالنظر إلى ازدياد الضغوط على المحيطات، لم يعد ثمة وقت يمكن إهداره، وبات تعميم مراعاة التنوع البيولوجي ضرورة حتمية.
تغطي المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية 40 في المائة من سطح الأرض أو 62 في المائة من المساحة الإجمالية للمحيطات. ولطالما جرى استخدام مواردها الحيّة، ولكن في السنوات الأخيرة زاد استخدام مواردها البحرية غير الحيّة أيضًا (Jobsvogt وآخرون، 2014).
وتعرّف اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي دخلت حيّز التنفيذ عام 1994، أعالي البحار على أنها العمود المائي الواقع خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة أو خارج البحر الإقليمي حيث لا يكون هناك منطقة اقتصادية خالصة. ويعرّف قاع البحر الواقع خارج حدود الولاية الوطنية باسم «المنطقة». ويسمح ذلك بالتالي بتمييز المنطقة (قاع البحر) عن أعالي البحار (العمود المائي وراءه)، ويشار إلى مجموع الإثنين على أنه المنطقة الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية. وليست هذه المناطق ملكًا لأي دولة؛ بل تتم إدارتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، من خلال سلسلة من الاتفاقات والأجهزة العالمية والإقليمية التي يملك كل منها ولايته وأولوياته الخاصة. وتتقاسم جميع الأمم التي تملك «مصلحة حقيقية» في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية، مسؤولية إدارتها بطريقة صحيحة وصون مواردها وتنوعها البيولوجي.
وعلى الرغم من امتداد المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية على مساحة جغرافية واسعة، ثمة فهم محدود حاليًا لدورها وتأثيرها وأهميتها بالنسبة إلى المياه الساحلية. وهناك أدلة متزايدة على وجود علاقة وثيقة بين المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية والمياه الساحلية، وعلى أنه يمكن للأنشطة المضطلَع بها في هذه المناطق أن تؤثر على المناطق الساحلية (Popova وآخرون، 2019).
وتشمل موارد مصايد الأسماك ذات الأهمية في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية، كلًا من مصايد أسماك المياه العميقة والأنواع الكثيرة الارتحال من قبيل أسماك التونة. وتطبَّق الخطوط التوجيهية الدولية لإدارة مصايد أسماك المياه العميقة في أعالي البحار حيث يشمل مجموع المصيد (بما في ذلك المصيد العرضي) الأنواع التي يمكنها أن تتحمل مستويات صيد متدنية فقط وحيث تُستخدم معدات الصيد التي يُحتمل أن تلامس قاع البحر أثناء عمليات الصيد. ويحصل الصيد في المياه العميقة عند المنحدرات القارية، والجبال التحمائية، وسلاسل المرتفعات البحرية، وضفاف الرواسب الطينية اللينة، والركائز الصخرية الصلبة، ولا سيما بين 400 و1 500متر، مع أنه يمكن لبعض السفن المتخصصة أن تصطاد الأسماك على عمق 2 000متر.
وفي حين أن الصيد في المياه العميقة بدأ منذ 450 عامًا، اتسع نطاقه بشكل كبير مع انتشار سفن التبريد الصناعي في منتصف خمسينات القرن الماضي، الأمر الذي أدى إلى صيد كميات هائلة من الأسماك. ولكن لم تحدث سوى ثلاثة تطورات رئيسية في مجال الصيد في المياه العميقة منذ عام 1980 وهي: صيد سمك الهلبوت البرتقالي بشباك الجر؛ وصيد الأسماك المسننة بالخيط الطويل؛ وصيد أسماك Greenland halibut بشباك الجر القاعية (Hosch، 2018).
والعديد من الموارد الحيّة في المياه العميقة ذات إنتاجية منخفضة وهي قادرة على تحمّل مستويات متدنية من الصيد فقط. وعندما تنضب، يتطلب استردادها وقتًا طويلًا وقد لا يكون مضمونًا. ولكن المخاوف المتصلة بالصيد في المياه العميقة تتجاوز نطاق الأثر المحتمل على الأرصدة المستهدفة لتشمل الآثار الأكبر المترتبة على الأنواع المصاحبة والتنوع البيولوجي البحري.
وفي المقابل، تعدّ أسماك التونة أنواعًا كثيرة الارتحال حيث تعبر حدود العديد من المناطق الاقتصادية الخالصة لتدخل المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية. وتبلغ غلّة مصايد أسماك التونة حوالي 7 مليون طن (مع أن التقديرات تشير إلى أنه يتم صيد حوالي 40 إلى 50 في المائة فقط من الأسماك في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية).
وبالإضافة إلى هذه الأرصدة السمكية السطحية كثيرة الارتحال والموزّعة على نطاق واسع، تعبر أنواع أخرى تتمتع بالأهمية في مجال الصون المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية والمياه الإقليمية لبلدان عديدة أو تمضي معظم دورتها السنوية في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية (Harrison وآخرون، 2018). وفي المقابل، ينتج الصيد في المياه العميقة حوالي 220 000طن فقط، بشكل أساسي عن طريق السفن الصناعية التي تتفاعل بصورة أكبر مع الموئل (عبر الاضطلاع بعمليات الصيد في قاع البحر أو على مقربة منه)، بما في ذلك النظم الإيكولوجية الهشة. وتتمتع مصايد الأسماك هذه بأهمية كبيرة من حيث صون التنوع البيولوجي والتفاعلات مع المستخدمين الآخرين للحيّز البحري نفسه.
ووضعت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار قواعد شاملة تحكم استخدام المحيطات والبحار ومواردها. ولكن لم يُنظر أثناء عملية التفاوض عليها، إلى الصيد في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية كمشكلة رئيسية تتطلب الاهتمام على سبيل الأولوية. بالتالي، اكتفت الاتفاقية بتوفير مبادئ عامة بشأن صون الموارد السمكية الموجودة جزئيًا أو بالكامل في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية، واستخدامها وإدارتها على النحو الأمثل، داعية جميع الدول إلى التعاون لتطوير هذه المبادئ العامة وتنفيذها.
وتفرض صكوك دولية أخرى اعتُمدت في السنوات العشرين الماضية لصون موارد مصايد الأسماك العالمية وإدارتها، بما في ذلك في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية، موجبات ملزمة قانونًا على الأطراف فيها، مثل: الاتفاق من أجل تنفيذ أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المؤرخة في 10 ديسمبر/كانون الأول 1982، في ما يخص حفظ وإدارة الأرصدة السمكية المتداخلة المناطق والأرصدة السمكية الكثيرة الارتحال؛ واتفاقية منظمة الأغذية والزراعة لتعزيز امتثال سفن الصيد في أعالي البحار لتدابير الصيانة والإدارة الدولية؛ ومؤخرًا، الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه.
وأدت المخاوف المتعلّقة بالصيد في المياه العميقة إلى صدور توجيهات محددة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة (مثلًا من خلال القرارين 61/105 و64/72)، تهدف بصورة أساسية إلى تحسين إدارة مناطق الصيد في أعالي البحار. وقد ساعد ذلك على تعزيز الإجراءات التي تنفذها المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك والتي ترمي إلى حماية الموائل القاعية والنظم الإيكولوجية البحرية الهشة خصوصًا، لا سيما على المستوى الإقليمي. وقد أدت المنظمة أيضًا دورًا محوريًا في وضع الأطر السياساتية الدولية المتعلّقة بالصيد في المياه العميقة. فقد اعتمدت الخطوط التوجيهية الدولية لإدارة مصايد أسماك المياه العميقة في أعالي البحار عام 2008 وأنشأت قاعدة بيانات النظم الإيكولوجية البحرية الهشة.26
وتقع جميع مناطق توزيع أسماك التونة والأنواع الشبيهة بها وجميع الأساطيل التي تصطادها ضمن نطاق ولاية خمس منظمات إقليمية لمصايد أسماك التونة (وهي تضم أكثر من 80 بلدًا). ويعكس ذلك أهمية مصايد أسماك التونة بالنسبة إلى اقتصادات البلدان على طول سلسلة العرض، وفي توفير التغذية للعديد من المجتمعات الساحلية.
وهناك ثماني منظمات إقليمية لإدارة مصايد الأسماك في المياه العميقة ومنظمات أخرى تتمتع بالاختصاص لإدارة مصايد الأسماك السطحية الصغيرة والقاعية في أعالي البحار، وهي تغطي حوالي 77 في المائة من المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية. ويشمل اختصاصها التخفيف من المصيد العرضي وحماية البيئة من الآثار السلبية الكبيرة. وفي جميع المناطق، تتحمل دول العلم مسؤولية الأنشطة التي تضطلع بها سفن الصيد الخاصة بها عندما تستخدم الموارد السمكية في أعالي البحار. وتساهم دول المرفأ والدول الساحلية أيضًا في التحقق من الامتثال للوائح التنظيمية.
وفي حين تقضي الممارسة الفضلى المعترف بها حاليًا بإدارة جميع الأنواع المصاحبة ضمن أطر الإدارة القائمة على النظام الإيكولوجي، يمكن ان تتسم هذه الأطر بالتعقيد ويبقى تشغيلها صعبًا (Tingley وDunn، 2018). بالتالي، تم تنفيذ اعتبارات النظام الإيكولوجي في المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك في الكثير من الأحيان من خلال اعتماد التدابير الرامية إلى التخفيف من أثر الصيد على الأنواع غير المستهدفة أو على بنية النظام الإيكولوجي ووظيفته. وفي المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك في المياه العميقة ، التي تشمل مصايد الأسماك حيث تتفاعل معدات الصيد بقدر أكبر مع الموئل، تم اعتماد بروتوكولات لوقف الصيد عند مصادفة نظام إيكولوجي بحري هش. وقد شهدت مصايد أسماك التونة تحسنًا في الحد من المصيد العرضي للأنواع المصاحبة ذات أهمية مثل السلاحف، والطيور، وأسماك القرش، وأسماك التونة الصغيرة.
ولقد وُضعت معايير دنيا بشأن أفضل المعارف العلمية المتاحة وتم نشرها لدعم إدارة مصايد الأسماك (MFish، 2008). وتعدّ الدرجة العالية من الشفافية في العلوم والإدارة أمرًا أساسيًا لتمكين الصيادين، والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات الأخرى العلمية والمعنية بالإدارة، والمجهزين، وتجار التجزئة من الوثوق بإدارة مصايد الأسماك.
وتقترح التوجيهات الحالية لإدارة الآثار المترتبة على الموائل القاعية إغلاق المناطق أمام معدات الصيد القاعية المتحركة، ولكن يمكنها أن تنطبق أيضًا على المعدات الثابتة. وتغلق المنظمة الإقليمية لإدارة مصايد أسماك جنوب المحيط الهادئ التي تدير أكبر مصيدة لأسماك الهلبوت البرتقالي في أعالي البحار، أكثر من 95 في المائة من المنطقة التي تغطيها وحوالي نصف عمق البحار التي يمكن الصيد فيها ضمن هذه المنطقة (Tingley وDunn، 2018).
وتتوقف فعالية تدابير الإدارة على أساس المنطقة على حركة الأنواع المعنية بها. وتكون المناطق البحرية المحمية أقل فعالية مع الأنواع كثيرة الارتحال مقارنة بأنواع أسماك المياه العميقة التي تقيم في منطقة معيّنة (مثل تلك المتصلة بالجبال التحمائية)، لا سيما في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية، حيث تغطي الأنواع السطحية مناطق جغرافية واسعة.
وتتنوع أهداف المناطق المغلقة. فالعديد منها يرمي إلى حماية مناطق قاعية محددة ذات الأهمية، مثل الجبال التحمائية والشعاب المرجانية في المياه العميقة، أو إلى حماية الأنواع القاعية. وتهدف مناطق مغلقة أخرى إلى الحد من الآثار المترتبة على الأنواع السطحية، بما في ذلك الأسماك الصغيرة والبالغة (Davis وآخرون، 2012). وبصورة عامة، تترافق المناطق المغلقة مع ترتيبات إدارية أخرى تكون أكثر استهدافًا، بما في ذلك لتنظيم جهود الصيد وحصص المصيد، ويتم اعتمادها في إطار المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك. ومن المرجح أن يظل دور المناطق البحرية المحمية السطحية في الصون والإدارة موضع جدل إلى أن يتوافر المزيد من الدراسات الموثقة. وهناك ارتباط وثيق بين قاع البحر والعمود المائي. وتميل البحوث الجديدة بصورة متزايدة إلى ربط مجتمعات وعمليات طبقة المحيطات العليا بإيكولوجيا قاع البحار والكيمياء الجيولوجية الحيوية (O’Leary وRoberts، 2018).
ولا يمكن تحقيق الاستدامة من غير صون التنوع البيولوجي ويتفق الاستخدام المستدام لموارد مصايد الأسماك في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية مع صون التنوع البيولوجي. ويتجسّد هذا الاعتراف في العديد من المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك التي تعتمد نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك والتي تقرّ بالحاجة إلى إدارة مصايد الأسماك بطريقة أكثر شمولًا. بالإضافة تتمثل الصعوبة في إقامة التعاون الكافي عبر القطاعات بين مختلف مستخدمي المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية للحرص على أن يجري رصد الآثار المترتبة عن أي مستخدم على التنوع البيولوجي والتخفيف منها بشكل عام ،. وينبغي اتخاذ تدابير للتقليل من أثر عمليات الصيد على التنوع البيولوجي بالاستناد إلى ولاية المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك ومع ضمان التواصل والتنسيق الملائمين مع المبادرات والمستخدمين الآخرين.
وتطبّق المنظمة منذ عام 2014 بالتعاون الوثيق مع العديد من الشركاء وبدعم من مرفق البيئة العالمية، برنامج الإدارة العالمية لمصايد الأسماك المستدامة وصون التنوع البيولوجي في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية، المعروف بإسم برنامج المحيطات المشتركة/المناطق الخارجة عن الولايات الوطنية. وقد قدّم هذا البرنامج مبادرة مبتكرة وشاملة تتألف من أربعة مشاريع (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ط) تجمع بين الحكومات، والمنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والأوساط الأكاديمية، والصناعة لمحاولة ضمان استخدام موارد المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية بطريقة مستدامة ولتحقيق المقاصد العالمية المتفق عليها في المنتديات الدولية. وقد مهدت النجاحات والدروس المستفادة الطريق أمام قيام شراكة أقوى تقترح الآن مرحلة ثانية من الأنشطة لتعزيز الآثار المترتبة عن البرنامج في سنواته الخمس الأولى.
وهناك توقعات متزايدة لوضع تحديد أوضح للمسؤولية القانونية والأخلاقية والمعنوية الواقعة على عاتق جميع البلدان والأفراد الذين يستخدمون المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية للصيد والتجارة. ويتيح الصك الدولي الجديد الملزم قانونًا بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية واستغلاله على نحو مستدام (قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 72/249)، قيد التطوير حاليا، فرصة مهمة لضمان إدارة هذه المناطق بطريقة مستدامة ومنصفة من جانب جميع القطاعات (الأمم المتحدة، 2018).
تؤدي مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية دورًا رئيسيًا في توفير الأغذية المغذية ذات البصمة الكربونية المنخفضة لسكان العالم الذين تزداد أعدادهم. ويؤمّن القطاع أيضًا الأغذية البديلة من قبيل الأعشاب البحرية الصالحة للأكل. كما أنه يتسم بأهمية حاسمة بالنسبة إلى سبل عيش حوالي 60 مليون شخص حول العالم (منظمة الأغذية والزراعة، 2018أ).
ولكنه من المتوقع أن تتأثر مصايد الأسماك بشكل ملحوظ بتغيّر المناخ نتيجة التغيرات في الظروف غير الأحيائية (درجة حرارة البحر، ومستويات الأكسيجين، والملوحة، والحموضة) والأحيائية (الإنتاج الأولي وشبكات الأغذية) للبحر، الأمر الذي يؤثر على الأنواع المائية من حيث أنماط توزيعها ونموها وحجمها وإمكانيات صيدها وغير ذلك (Barange وآخرون، 2018). ويمكن أن يكون لتغيّر المناخ آثار محتملة أيضًا على الأشخاص الذين يعتمدون على هذه الموارد المائية، والذين يعدّ الكثير منهم من صغار الحصادين، وعلى القطاع والأسواق والتجارة. ومن المتوقع أيضًا أن يرتفع مستوى سطح البحر وأن تزيد موجات الحرّ البحرية وحدّة التغيّرات في الأحوال الجوية القصوى ووتيرتها (مثل الرياح العاتية والعواصف). وفي حالة المصايد الداخلية، يمكن أن تؤدي التفاعلات مع الأنشطة البشرية الأخرى (مثل زيادة الطلب على المياه العذبة من قطاعات أخرى، وبناء السدود)، بالإضافة إلى الاحترار والتغيّرات في هطول الأمطار، إلى بروز آثار إضافية مع اختفاء الموائل وحدوث تغيّرات جذرية في التنوع البيولوجي أو في ديناميكيات ارتحال الأسماك (Harrod وآخرون، 2018). وفي ما يتعلّق بقطاع تربية الأحياء المائية الذي من المتوقع أن يستمر في النمو لتلبية الطلب العالمي على الأغذية المائية، يمكن أن يترتب عن تغيّر المناخ تغيّرات مؤاتية أو غير مؤاتية أو محايدة مع احتمال أن تسود الآثار السلبية في البلدان النامية نتيجة تراجع الإنتاجية بسبب أوضاع الاستزراع دون المستوى الأمثل وغيرها من الاضطرابات (Dabbadie وآخرون، 2018).
وفي العقد الماضي، قامت دراسات عديدة بتحديد المؤشرات الايكولوجية والاجتماعية للضعف إزاء هذه التغيرات وبالنظر في كيفية تأثير تغيّر المناخ على الموارد المائية (مثل Barange وآخرون، 2018). وقد ركّزت دراسات أخرى على الآثار المترتبة عن تغيّر المناخ على مجتمعات الصيد بالاستناد إلى دراسات حالة وأساليب نوعية من منظور العلوم الاجتماعية. علاوة على ذلك، استخدمت دراسات كمّية عالمية وإقليمية عديدة نُهج النمذجة للنظر في الآثار المحتملة لتغيّر المناخ على المصيد السنوي وإعادة توزيع الأرصدة أو المصيد المحتمل في ظل تغيّر المناخ (Cheung وآخرون، 2009؛ Cheung وآخرون، 2010؛ Cheung وآخرون، 2013؛ Blanchard وآخرون، 2012؛ Merino وآخرون، 2012؛ Barange وآخرون، 2014؛ Lotze وآخرون، 2019). وتُظهر دراسات النمذجة هذه بصورة عامة أن إنتاجية مصايد الأسماك ستزيد في المناطق الواقعة على خطوط العرض المرتفعة وستنخفض في المناطق الواقعة على خطوط العرض الوسطى والمنخفضة (Porter وآخرون، 2014)، لا سيما بسبب انتقال الأنواع. ولهذا تداعيات مهمة على البلدان النامية التي تقع عمومًا في المناطق المدارية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك اعتراف بأن مواجهة تغيّر المناخ ستستلزم توافر مجموعة متنوعة من خيارات التكيّف الفنية وغير الفنية على السواء. ويمكن تصنيف هذه الخيارات (Poulain وHimes–Cornell وShelton، 2018) على النحو التالي: التكيّف المؤسساتي؛ وتكيّف سبل العيش؛ والحد من المخاطر وإدارتها من أجل القدرة على الصمود. ويقع التكيّف المؤسساتي بصورة رئيسية على عاتق الهيئات العامة التي تقوم بمعالجة القضايا القانونية والسياساتية والإدارية والمؤسساتية (19 الإطار). وهو يشمل إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بطريقة تراعي الطبيعة الديناميكية للنظم والاحتياجات المجتمعية بما يتماشى مع نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية إلى جانب المخاطر المناخية. وعادة ما ينطوي تكيّف سبل العيش على تدخلات في الأسواق وسبل العيش لمواجهة التغيّرات التي يحدثها تغيّر المناخ داخل القطاع وعلى طول سلسلة القيمة. وتحدث هذه التدخلات بصورة رئيسية في ومن قبل القطاع الخاص والمجتمعات ولكنها قد تتطلب أيضًا دعمًا عامًا لتشجيع وتسهيل التغيّرات. وتشمل تدخلات الحد من المخاطر وإدارتها (مثل أنظمة الإنذار المبكر والمعلومات، واستراتيجيات الوقاية والتأهب) مجموعة من الأنشطة العامة والخاصة الرامية إلى الحد من مخاطر تغيّر المناخ وإدارتها.
شيلي معرّضة بدرجة كبيرة لآثار تغيّر المناخ بسبب مناطقها الساحلية المنخفضة. وتترتّب عن الصيد المفرط وتقلّب الظروف البيئية (مثل درجة الحرارة والأكسيجين والتيّارات) آثار اجتماعية واقتصادية، مع ما يستتبع ذلك من انعكاسات على الأمن الغذائي وعلى مجتمعات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في البلاد. ويتلقى مشروع تعزيز القدرة على التكيّف مع تغيّر المناخ في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في شيلي الذي تم إطلاقه عام 2016، التمويل من مرفق البيئة العالمية وتقوم منظمة الأغذية والزراعة بتنفيذه. ويشارك أصحاب المصلحة من القطاعين العام (واضعو السياسات والهيئات التنظيمية المركزية والإقليمية) والخاص (صغار الصيادين ومستزرعو الأسماك بصورة رئيسية) مشاركة نشطة في هذا المشروع.
تشمل الحواجز التي تعيق التكيّف والتي حدّدها المشروع: (1) أوجه الضعف المؤسساتي؛ (2) والقدرة المحدودة لسبل العيش المحلية على التكيّف؛ (3) وتدني مستوى الوعي بشأن آثار تغيّر المناخ أو عدم تقديرها بشكل واضح في المجتمعات الساحلية. وحدّد المشروع أيضًا خيارات لتخطي هذه العقبات، وتم اختيار أربعة مواقع نموذجية هشّة وتمثيلية (الخلجان) كمواقع لإجراء التدخلات التي يمكن تكرارها وتغيير نطاقها (الشكل ألف).
واعتبارًا من عام 2017، تم تحديد وتصميم 46 مبادرة ركّز بعضها على السلطات الحكومية المركزية والإقليمية (واضعو السياسات والجهات التنظيمية) وبعضها الآخر على المواقع النموذجية الأربعة بما يتماشى مع خصائص مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المحلية (الشكل باء) ومع مراعاة المعارف المحلية على النحو الواجب. ويتم تنفيذ هذه المبادرات بقيادة مراكز البحوث والجامعات والخبراء من القطاع الخاص أو السلطات المعنية بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
نظرًا إلى الجدول الزمني للتدخلات وتنوعها، من المتوقع أن تظهر النتائج النهائية في النصف الثاني من عام 2020. وحتى هذا التاريخ، أدّت المبادرات الجارية (أنظر الجدول) إلى إنشاء وتشغيل سبعة كيانات للتنسيق بين المؤسسات من شأنها التركيز على قطاع مصايد الأسماك على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية وتوفير التدريب والتوعية بشأن تغيّر المناخ للمجتمع المدني والأطفال في المدارس والشباب. علاوة على ذلك، يجري تنفيذ برامج الرصد المناخي والبيئي المحلية لدعم صنع القرارات والتخطيط المحليين اللذين يستهدفان الصيادين والمزارعين.
التدخلات الجارية للتكيّف
وأسفرت توعية الجهات التنظيمية الرسمية عن فهم مفاده أنه يلزم توافر السياسات المناسبة لإنتاج الأغذية الساحلية وأن هذه السياسات ستدعم تنفيذ القانون بشأن خلجان الصيد (Ley de Caletas) الذي يشدّد على رفاه الخلجان الاجتماعي والاقتصادي الطويل الأجل في ظل تغيّر المناخ. وتؤدي الابتكارات والمبادرات الفنية و/أو التكنولوجية و/أو التشغيلية المحلية التي يدعمها المشروع وينفذها، إلى زيادة القدرة الإجمالية لمجتمعات الصيد على الصمود. وشمل تحسين استخدام الموارد الطبيعية مثلًا الحدّ من المصيد العرضي واستخدامه، وإنتاج المنتجات ذات القيمة المضافة على المستوى المحلي، وتحسين/تكييف ممارسات الزراعة. كما تم تنفيذ مبادرات تتعلّق بسبل العيش البديلة (مثل السياحة وفن الطبخ)، وتطوير الممارسات المتكاملة. وتشمل هذه الممارسات الخرائط الديناميكية المواضيعية للمخاطر والرصد، وبرنامج إصدار الشهادات الذي يحدّد التزام مجتمعات الصيد بمصايد الأسماك المستدامة (بما في ذلك التكيّف مع تغيّر المناخ). وتعزّز جميع هذه الإجراءات قدرة مجتمعات الصيد على الصمود وتضمن مساهمتها الواعية في الجهود العالمية الرامية إلى التصدي لتغيّر المناخ.
ولقد حصلت زيادة ملحوظة في المعارف المتعلّقة بمخاطر تغيّر المناخ وآثاره والتعرّض له والتكيّف معه. ولكن يبقى التكيّف المخطط له الناتج عن قرار سياسي متعمّد، أمرًا صعبًا ذلك أنه يجب أن يتصدى للمخاطر المناخية التي يمكن أن تتباين بشكل كبير وغير خطّي مع مرور الوقت. ولهذا السبب تم تطوير عدد من الأدوات/النُهج وتطبيقها على النحو المبيّن أدناه.
وتتمثل نقطة الانطلاق في التخطيط للتكيّف مع تغيّر المناخ في تحديد نوع مشكلة التكيّف التي يجب معالجتها والأهداف والغايات التي يجب تحقيقها (الشكل 49). ويعدّ الجدول الزمني لاتخاذ قرار التكيّف مهمًا لجهة المخاطر المناخية (إن كان على الأجل القصير أو الطويل) والتكيّف معها (إن كان يتعلّق بمشروع مقترح فورًا أو بسياسة تكيّف طويلة الأجل). ومن المهم أيضًا تحديد إطار التكيّف في السياق الأوسع لفهم ما إذا كان يمثّل سياسة أو استثمارًا قائمًا بحد ذاته أو يشكل جزءًا من مبادرة أوسع قد تحتاج إلى التعميم (الإدماج). وفي الحالة الثانية، لا بد من فهم السياق الذي يُتخذ فيه القرار.
قيرغيزستان
صيادون حرفيون مع مصيدهم - مصدر للغذاء وفرص العمل والدخل.
وتقضي الخطوة الثانية بفهم المخاطر المتصلة بتغيّر المناخ. وهي تبدأ عمومًا بتحليل كيف تؤثر الأحوال الجوية أو المناخية الحالية على مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية اليوم (المخاطر الراهنة) وما إذا كان هناك اتجاهات حديثة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، أو تغيّرات في الأحوال الجوية القصوى يكون من شأنها زيادة المخاطر (20 الإطار) أو إتاحة فرص جديدة. ومن المهم أيضًا فهم العوامل الاقتصادية والاجتماعية المدرجة في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية لأنها ستؤثر على الاستجابة في مجال التكيّف مع تغيّر المناخ. وما أن يتم فهم المخاطر الراهنة والسياق الاقتصادي والاجتماعي، تتمثل الخطوة التالية في النظر في توقيت المخاطر المناخية المستقبلية وعدم اليقين المتصل بها. ومن ثم يمكن استخدام سلسلة المخاطر – من الراهنة إلى المستقبلية – للنظر في إجراءات التكيّف المحتملة وبصورة خاصة لتحديد خيارات التكيّف المبكر من أجل التصدي للمخاطر الفورية والمتوسطة والطويلة الأجل. ويتطلب ذلك تحليل متى يمكن أن تظهر المخاطر المحتملة من أجل ترتيب الاستجابة في مجال التكيّف مع تغيّر المناخ وتحديد عمر القرارات المتعلّقة بها. وتتمثل الخطوة التالية في تحديد خيارات التكيّف للتصدي للمخاطر المناخية المحتملة التي جرى تحديدها. ويمكن لاستخدام الأطر التي تساعد على إعطاء الأولوية لخيارات التكيّف المبكر أن يكون مفيدًا جدًا في هذه المرحلة. وتركّز هذه الأطر عادةً على تحديد أولويات التكيّف للسنوات الخمس القادمة تقريبًا أو على معالجة المخاطر القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل. وتحدد الأدبيات (مثل Warren وآخرون، 2018) ثلاث أولويات لخيارات التكيّف المبكر هذه، وهي:
◂ التدخلات التي تعالج الآثار المناخية الراهنة والاتجاهات المبكرة (العجز القائم في التكيّف). وتعرف هذه التدخلات في الكثير من الأحيان بإلإجراءات التي «لا يُندم عليها» أو التي «قلّما يُندم عليها». ويتداخل العديد منها مع الممارسات الجيّدة الحالية في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية؛
◂ والتدخلات المبكرة لضمان مراعاة التكيّف في القرارات المبكرة ذات العمر الطويل أو التي تنطوي على انسداد محتمل، أي الاستثمار الطويل الأجل الذي سيتعرّض لتغيّرات مستقبلية مثل تطور البنية التحتية؛
◂ وتدابير الإدارة التكيّفية المبكرة للمساعدة على إرشاد القرارات التي تملك فترة تنفيذ طويلة أو تنطوي على مخاطر أطول أجلًا، مثل التخطيط والرصد والعمليات التجريبية.
تزداد المخاطر المتعدّدة المتصلة بالمناخ، بما في ذلك الأعاصير المدارية، والارتفاع الشديد في مستوى سطح البحر، والفيضانات، وموجات الحرّ البحرية، على نحو ما ذكر في التقرير الخاص بشأن المحيطات والغلاف الجليدي في ظلّ تغيّر المناخ الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.1 وتتواجد مجتمعات الصيد واستزراع الأسماك والجزر الصغيرة (بما في ذلك الدول النامية الجزرية الصغيرة) في الخط الأمامي لمواجهة هذه التغيّرات. ومنذ عام 1980، ضربت الكوارث الطبيعية جميع أقاليم العالم بوتيرة وحدّة متزايدتين. ويعترف إطار سِنداي للحدّ من مخاطر الكوارث بالدور الرئيسي الذي تؤديه الحكومات، ووكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والوطنية في الحدّ من مخاطر الكوارث، وتتولى منظمة الأغذية والزراعة مسؤولية تحقيق الهدف جيم2- من إطار سِنداي بشأن الخسائر الزراعية المباشرة التي تُعزى إلى الكوارث. وبلغت القيمة الإجمالية للأضرار والخسائر التي لحقت بقطاع مصايد الأسماك بين عامي 2006 و2016 نتيجة للكوارث، أكثر من 1.1 مليار دولار أمريكي ما يمثّل حوالي 3 في المائة من مجموع الأضرار والخسائر في قطاع الزراعة.2
وتؤثر الكوارث في الكثير من الأحيان بشكل ملحوظ على مصايد الأسماك صغيرة النطاق والحرفية. وفي موزامبيق مثلًا، تسبّب إعصار إيداي في عام 2019 بأضرار وخسائر في قطاع مصايد الأسماك بلغت قيمتها حوالي20 مليون دولار أمريكي وشملت: السفن والآلات والمعدات المتضررة والمدمرة؛ والأضرار في البنية التحتية والبيئة (مثل المانغروف)؛ وخسارة أيام الصيد.3 وتدخل بلدان شرق أفريقيا كل سنة في عداد البلدان التي تشهد أكبر عدد من الكوارث الطبيعية والتي هي من صنع الإنسان في أفريقيا. وبالإضافة إلى الأعاصير والعواصف، تؤدي الفيضانات وانزلاق التربة والجفاف والنزاعات إلى تقويض سبل العيش في الإقليم بصورة مستمرة، ما يؤدي في غالب الأحيان إلى أزمات إنسانية وحالات طوارئ الطويلة الأمد. ويُعتبر ذلك في الكثير من الأحيان السبب وراء التهجير الداخلي أو حتى الهجرة عبر الحدود.
وتتطلّب الإدارة الاستباقية للمخاطر المرتبطة بالمناخ وغير المرتبطة به، توافر البيانات السليمة قبل الكوارث وبعدها. ولكن في الكثير من الأحيان، تكون هذه البيانات غير موجودة أو غير مكتملة. ولسدّ هذه الفجوة، طوّرت المنظمة منهجية2 على المستوى المؤسساتي لاحتساب الأضرار والخسائر في قطاع الزراعة، إلى جانب استبيان لتصنيف البيانات. والهدف من ذلك هو إتاحة الأدوات لتبني البلدان نظام معلومات وطني متين وإجراء تحليل قائم على البيانات من أجل إعداد تقييمات ناجحة وفي الوقت المناسب للأضرار والخسائر في القطاعات الفرعية البحرية والداخلية والخاصة بتربية الأحياء المائية. وتشكّل هذه الأدوات جزءًا لا يتجزأ من الاستجابة الرامية إلى الحدّ من مخاطر الكوارث والتكيّف معها، ذلك أنها تظهر القيمة الاقتصادية للأسماك والمنتجات السمكية وتحدّد أصحاب المصلحة الرئيسيين في سلسلة القيمة. وتُعتبر المعلومات الموثوقة بشأن المنتجات والأصول ضرورية لتطوير برامج الاستجابة بشأن التكيّف والقدرة على الصمود على المستويين الوطني والإقليمي.
وقد يكون هناك حاجة إلى جميع الخيارات المذكورة أعلاه التي لا تتعارض مع بعضها البعض.
وفي العديد من الحالات، قد يكون إجراء تحليل أولي على النحو المشار إليه أعلاه كاف لتحديد خرائط الطريق التي تتعلّق بالتكيّف والتخطيط لها. وفي حالات أخرى، قد يلزم إجراء تقييم رسمي للمساعدة على اختيار خيارات التكيّف الأنسب. وعندما تركّز التقييمات على التكيّف القصير المدى الذي لا يُندم عليه أو قلّما يُندم عليه، يمكن استخدام الأساليب التقليدية لدعم القرارات مثل تحليل الكلفة والربح أو التحليل المتعدد المعايير. وبالنسبة إلى الخيارات التي تنطوي على قرارات أطول أجلًا حيث يصبح عدم اليقين مهمًا، يمكن تطبيق مجموعة من أساليب التقييم الأكثر تفصيلًا. وتشمل هذه الأساليب صنع القرارات في ظل عدم اليقين. وهناك توجيهات جديدة متاحة بشأن تطبيق هذه النُهج (Watkiss وVentura وPoulain، 2019) مع أن ذلك لم يطبق على نطاق واسع حتى تاريخه في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وإلى جانب تقييم التكيّف، يجري التركيز على تعميم التكيّف مع تغيّر المناخ في السياسات والخطط المتعلّقة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. ومن شأن هذا التعميم أن يحشد الموارد والأنشطة المتصلة بمصايد الأسماك و/أو تربية الأحياء المائية، وأن يساعد على إدماج تغيّر المناخ إلى جانب قضايا أخرى، الأمر الذي يسمح باتباع نهج أكثر شمولًا. ولكنه يطرح أيضًا تحديات إضافية نظرًا إلى صعوبة إنجاز السياسات والبرامج الشاملة والمشتركة بين القطاعات.
لقد حظيت القمامة البحرية المتأتية من عمليات الصيد باهتمام دولي كبير وتُعتبر من أهم مصادر النفايات البحرية وأكثرها تأثيرًا. وقد وضعت مطبوعات مهمة حديثة متعلّقة بالنفايات البلاستيكية في البحر، هذه المسألة في مقدمة مشاكل البيئة البحرية. وعبّرت الدول عن قلقها المتزايد إزاء هذه المسألة واعتمدت قرارات بشأن القمامة البحرية و/أو الحطام البلاستيكي و/أو الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في كل دورة من دورات جمعية الأمم المتحدة للبيئة في السنوات الأخيرة. وترد العناصر الرئيسية المذكورة في هذه القرارات في الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما المقصد 14–1 المتمثل في منع التلوث البحري بجميع أنواعه والحد منه بدرجة كبيرة، ولا سيما من الأنشطة البرية، بما في ذلك الحطام البحري، وتلوث المغذيات، بحلول عام 2025.
وتشكّل معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة، التي تسمى أيضًا «المعدات الشبحية»، جزءًا كبيرًا من تلوث محيطات العالم وبحاره بالمواد البلاستيكية. وتهدد هذه المعدات الحياة البحرية – حيث يتأثر بها 46 في المائة من الأنواع المدرجة على اللائحة الحمراء للأنواع المهددة بالانقارض الصادرة عن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة عبر الوقوع في شركها أو ابتلاعها، الأمر الذي يؤثر على التنوع البيولوجي. ويمكن أن تستمر معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة، من خلال قدرتها على الإيقاع بالأسماك بعد فقدانها أو تركها، بالتقاط أنواع الأسماك المهمة تجاريًا، الأمر الذي يؤدي إلى هدر الموارد السمكية المهمة وفقدان القيمة. بالإضافة إلى ذلك، فهي تلوث الموائل البحرية الحساسة (مثل الشعب المرجانية) عندما تُترك في قاع البحر أو تُقذف على الشاطئ، وتمثل خطرًا على الملاحة والسلامة في البحر عندما تطوف على سطح الماء. ويمكن للحيوانات أن تنفق بعد ابتلاع القطع المتفككة من معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة ويمكن للجسيمات البلاستيكية الدقيقة المتأتية من هذه المعدات أن تدخل السلسلة الغذائية مع ما يترتب عن ذلك من مشاكل صحية محتملة للبشر.
وفي حين يقدّر أن معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة تمثل حوالي 10 في المائة فقط من جميع النفايات البحرية، إلا أنها تُعتبر الحطام البحري الأكثر فتكًا بالحياة البحرية في المحيطات. ويعزى ذلك إلى طبيعتها المتصلة بصيد الأسماك وإلى استمرارها في صيد الحيوانات البحرية بطريقة غير مباشرة وإيقاعها في شركها لفترة طويلة.
ورغم عدم وجود تقديرات عالمية جديدة بشأن معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة في المحيطات حاليًا، تقدّر مساهمتها في القمامة البحرية بمئات الآلاف من الأطنان سنويًا. وفي عام 2019، قامت منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة البحرية الدولية بتشكيل مجموعة عمل تابعة لفريق الخبراء المشترك المعني بالجوانب العلمية لحماية البيئة البحرية وتعنى بـ "مصادر النفايات البحرية بما فيها معدّات الصيد وغيرها من النفايات المتعلّقة بالشحن" (مجموعة العمل 43) لوضع تقدير أفضل لمساهمة قطاع مصايد الأسماك في النفايات البحرية. ويتمثل الهدف العام من مجموعة العمل هذه في تكوين الفهم بشأن كمية مصادر النفايات البحرية، لا سيما تلك المتأتية من قطاعي الشحن والصيد، ومساهمتها النسبية ونطاق تأثيرها. ولوضع مقياس مرجعي لرصد تدابير التخفيف المستقبلية وتقييمها، تعمل منظمة الأغذية والزراعة مع منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية في استراليا، وجامعة كاليفورنيا ديفيس في الولايات المتحدة الأمريكية، والمبادرة العالمية بشأن معدات الصيد المفقودة أو المتروكة أو المهملة، على تقييم عالمي لتحديد حجم معدات الصيد المفقودة وتوزيعها.
ويتفق المجتمع الدولي والعديد من الهيئات والمنظمات الإقليمية والمتعددة الأطراف بشكل عام على أنه يجب إسناد الأولوية للتدابير الوقائية من أجل الحد من معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة وآثارها الضارة وللتدابير الرامية إلى إزالة المعدات الموجودة في البيئة البحرية. وقامت منظمة الأغذية والزراعة بوصفها وكالة الأمم المتحدة الراعية لمؤشر هدف التنمية المستدامة 14–6–1الذي يقيس مدى تنفيذ الصكوك الدولية الرامية إلى مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، بوضع الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن وسم معدات الصيد التي أقرّتها لجنة مصايد الأسماك في دورتها الثالثة والثلاثين عام 2018 (منظمة الأغذية والزراعة، 2019م).
وتعترف هذه الخطوط التوجيهية الطوعية بأهمية تحديد ملكية معدات الصيد وموقعها ومشروعية استخدامها. ومن شأن الوسم المناسب لمعدّات الصيد ونظام التبليغ المرتبط به على النحو المنصوص عليه في الخطوط التوجيهية الطوعية أن يحد من معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة وآثارها الضارة. ويساعد وسم المعدات على تحديد مصادر معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة، واسترداد المعدات المفقودة، وتيسير تدابير الإدارة من قبيل العقوبات على إهمال المعدات والتخلص منها بطريقة غير مناسبة. وتشجّع الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن وسم معدات الصيد أيضًا على تقديم الحوافز لإعادة استخدام المعدات المستعملة وإعادة تدويرها، وتروّج لأفضل الممارسات من أجل إدارة معدات الصيد، بما في ذلك التخلص منها. ويمكن أن يساعد التطبيق المتسق لنظام متفق عليه لوسم المعدات على تحديد الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم ومنعه، الأمر الذي يحد في المقابل من التخلي عن معدات الصيد والتخلص منها بطريقة غير مشروعة.
وتشدد الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن وسم معدات الصيد على أهمية التوعية وبناء القدرات من أجل تيسير تنفيذها من جانب الدول النامية، ولا سيما الدول النامية الجزرية الصغيرة. بالتالي، عقدت منظمة الأغذية والزراعة بالتعاون مع المبادرة العالمية بشأن معدات الصيد المفقودة أو المتروكة أو المهملة والدول المضيفة، أربع حلقات عمل إقليمية في عام 2019 في: جنوب المحيط الهادئ (فانواتو)، وجنوب شرق آسيا (إندونيسيا)، وغرب أفريقيا (السنغال)، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (بنما). وسيتبع حلقات العمل هذه مشاريع من قبيل Glo–Litter (وهو جزء من برنامج إنمائي مشترك مع النرويج والمنظمة البحرية الدولية) وتدابير محددة لدعم الدول في تنفيذ الإجراءات والأدوات الرامية إلى منع معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة والحد من استخدامها. ويتم الاضطلاع بهذه الأنشطة المتعددة أصحاب المصلحة في إطار برنامج المنظمة الشامل بشأن الممارسات المسؤولة لاستدامة مصايد الأسماك والحد من آثار عمليات الصيد.
وستواصل المنظمة العمل بنشاط مع أصحاب المصلحة، بما في ذلك الدول والمنظمات المعنية الأخرى، لتنفيذ التدابير الرامية إلى منع معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة والحد من استخدامها. وتشجّع المنظمة أيضًا تطوير تكنولوجيات وسم المعدات الفعالة من حيث التكلفة ومن الناحية التشغيلية، والصديقة للبيئة، والقابلة للاستعمال في مختلف أنواع معدات الصيد. كما أنها تدعم التدابير الوقائية، بما في ذلك تشجيع نُهج الاقتصاد الدائري، التي تحد من القمامة البحرية والجسيمات البلاستيكية الدقيقة في المحيطات. ومن شأن إيجاد البدائل للمواد البلاستيكية، بما في ذلك تطوير المواد القابلة للتحلل بيولوجيًا في معدات الصيد، والحد من استخدام المواد البلاستيكية ذات العمر القصير، أن يقلّل من مصادر القمامة البحرية والجسيمات البلاستيكية الدقيقة. وعند معالجة هذه المسائل، يجب إيلاء عناية خاصة بالدول النامية، والدول النامية الجزرية الصغيرة، وبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض نظرًا إلى احتمال افتقارها إلى القدرات البشرية والتمويل.
يساهم التوسع في إنتاج تربية الأحياء المائية إلى حد كبير في تلبية الزيادة في استهلاك الأسماك على المستوى العالمي. ولكن انخفاض الفاقد والمهدر من الأغذية على طول سلسلة القيمة المقترن بتراجع استخدام المنتجات السمكية في أعلاف الحيوانات يعني أن مزيدًا من الأسماك متاح للاستهلاك. ومع أن المساحيق السمكية تأتي بشكل متزايد من المنتجات الثانوية التي كانت تُهدر سابقًا ومن أن استخدام المساحيق السمكية وزيت السمك في الأعلاف لتربية الأحياء المائية آخذ في التراجع، يستمر تحويل الأسماك الغنية بالمغذيات عن الاستهلاك البشري لاستخدامها كأعلاف للأسماك المستزرعة (وغيرها من الحيوانات).
ويمكن لنظم الأغذية المائية27 أن تساعد على معالجة المشكلة المعقدة التي يمثلها «العبء الثلاثي لسوء التغذية» (انعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية والوزن الزائد). ويعتمد العديد من سكان المناطق الساحلية والداخلية على الأسماك بوصفها مصدرًا للبروتينات الحيوانية الذي يسهل الوصول إليه (21 الإطار). وبالإضافة إلى أن الأسماك، ولا سيما الصغيرة منها التي تُستهلك كاملةً، توفّر البروتينات العالية الجودة، فإنها تشكّل مصدرًا غنيًا للأحماض الدهنية أوميغا–3 والفيتامينات ألف ودال وباء والمعادن مثل الكالسيوم والزنك واليود والحديد، بينما تمثّل الطحالب البحرية مصدرًا مهمًا للأحماض الدهنية والفيتامينات والمعادن. وتشمل فوائد استهلاك الأسماك ما يلي: تراجع خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والشرايين؛ وتحسّن صحة الأم خلال الحمل والرضاعة؛ وتحسّن النمو الجسدي والمعرفي أثناء الطفولة المبكرة؛ والتخفيف من حدّة المخاطر الصحية المرتبطة بفقر الدم والتقزم وإصابة الأطفال بالعمى.
يتطلب الطابع المتعدد القطاعات للأمن الغذائي والتغذية سياسات تعالج هذه القضايا عبر قطاعات مختلفة بطريقة منسّقة. وفي دول المحيط الهادئ الجزرية التي يواجه فيها السكان تحديات كبيرة في الحصول على أغذية ميسورة التكلفة ومغذية ومتنوعة، تُشكّل الأسماك جزءًا أساسيًا من نظامها الغذائي وتوفِّر مصدرًا مهمًا للبروتينات والمغذيات الدقيقة.
وتعتمد المجتمعات المحلية في منطقة المحيط الهادئ منذ أمد بعيد اعتمادًا كبيرًا على الموارد البحرية، وتستهلك منها ما يتراوح بين ضعفين إلى 4 أضعاف متوسط الاستهلاك العالمي.1 غير أن التغييرات الكبيرة في أنماط الاستهلاك أسفرت عن زيادة التركيز على الأغذية المجهزة والرخيصة الثمن وغير الصحية، وهو ما أدى بالتالي إلى تفشي جائحة السمنة وساهم في ارتفاع معدلات الأمراض غير المعدية في جميع بلدان المحيط الهادئ.
ورغم هذه الوقائع وأهمية مصايد الأسماك بالنسبة إلى الأغذية والتغذية في منطقة المحيط الهادئ، لا يزال الوعي العام بضرورة مراعاة الأمن الغذائي والتغذية في سياسات مصايد الأسماك محدودًا (أنظر الشكل) شأنه شأن إدراج مصايد الأسماك في سياسات الأمن الغذائي والتغذية. وعلاوة على ذلك، من الصعب إيجاد طرق مستندة إلى الأدلة لتحقيق هذا التكامل.
مستوى دمج الأمن الغذائي والتغذية في السياسات الوطنية لمصايد الأسماك في إقليم المحيط الهادئ
تعمل المنظمة في مجال سياسات الأمن الغذائي والتغذية من أجل تغيير هذا الوضع. وأجرى برنامج تأثير الأمن الغذائي والتغذوي والمرونة والاستدامة والتحول في عام 2019 عمليات تشخيص على المستوى القطري للوقوف على مدى فعالية الأمن الغذائي والتغذية في فيجي وجزر سليمان في محاولة لتحسين جمع الموارد والاستثمار، والقرارات المتعلقة بتنمية القدرات في هذا الميدان من أجل إثراء مبادرات السياسات الجديدة. وحددت التحليلات مصايد الأسماك باعتبارها أساسية لتحقيق القضاء التام على الجوع، ووفَّرت نقاط انطلاق وطرحت توصيات بشأن سُبل دمج القطاع في إجراءات الأمن الغذائي والتغذية المقبلة.
وتُدرك البلدان حاليًا ضرورة دمج هذه السياسات المهمة في أُطر سياساتها الوطنية. وتُشكّل مصايد الأسماك جزءًا من سياسات الأمن الغذائي والتغذية المقبلة في جزر سليمان. وترى مبادرة الأغذية المحلية (Lokol Kaikai) التي تشكّل إطار عمل للأمن الغذائي والسياسة الوطنية للأمن الغذائي والسلامة الغذائية والتغذية أن قطاع مصايد الأسماك يشكّل أحد الأركان الرئيسية. وشارك أصحاب المصلحة المعنيين بقطاع مصايد الأسماك في السياسة الأخيرة بدور نشط باعتبارهم أعضاء في اللجنة العاملة التي تشرف على تنفيذها.
ويواجه إحراز تقدم في بيئة متعددة القطاعات تحديات عدة، ولا بد من مضاعفة الجهود من أجل سد الفجوة بين تصميم السياسات وتنفيذها الفعلي. غير أن هذه الأمثلة توفِّر أدلة واعدة على التغييرات المستمرة في سياسات وخطط الأمن الغذائي والتغذية وتثبت أن التكامل قد بدأ بالفعل.
وتشجّع الحوارات بشأن النظم الغذائية المستدامة والخطوط التوجيهية بشأن صحة الكوكب الصادرة عن لجنة EAT–Lancet، على الحد من استهلاك اللحوم الحمراء كخطوة أساسية لاتباع أنماط غذائية مستدامة، مع الاعتراف بأن يوصى بشدَّة باستهلاك الأسماك من المصايد المستدامة وتربية الأحياء المائية (Willett وآخرون، 2019). ويمكن تحسين هذه الخطوط التوجيهية عبر إيلاء الاعتبار الواجب للتجارة والموقع والثقافة في تحليل العلاقة بين النمط الغذائي والبصمة البيئية (Kim وآخرون، 2019). وتتمتع الأسماك والأغذية المائية بتأثير بيئي أقل، ويتم إنتاجها في الكثير من الأحيان بكفاءة أكبر من الأغذية الحيوانية البرّية (Hilborn وآخرون، 2018)، كما أنها تمثّل مصدرًا ممتازًا للمغذيات الكبرى والمغذيات الدقيقة. ولكن هناك حاجة إلى اعتراف أكبر بالتكامل بين الأغذية الحيوانية الغنيّة بالمغذيات والمنتَجة بطريقة مستدامة (بما فيها الأسماك) والأغذية النباتية لزيادة التوافر الحيوي للمغذيات الدقيقة التي لا يجري امتصاصها بشكل ملائم في الأنماط الغذائية النباتية (Bogard وآخرون، 2015).
وتوفّر تربية الأحياء المائية كمية من الأسماك والطحالب البحرية للاستهلاك البشري أكبر من تلك التي توفرها مصايد الأسماك الطبيعية (Cheshire وNayar وRoos، 2019). ولكن تُستزرع أنواع الأسماك الأكبر آكلة اللحوم التي يجري استهلاكها في البلدان المتقدمة باستخدام علف قائم على الأسماك الصغيرة البرّية، وهي أسماك أغنى بالمغذيات لأنه يتم استهلاكها كاملة، لا سيما في البلدان النامية (Bogard وآخرون، 2015). بالإضافة إلى ذلك، لم تحظ مساهمة مصايد الأسماك الطبيعية الداخلية في الأمن الغذائي والتغذية بالاعتراف الكافي إلا مؤخرًا (Fluet–Chouinard وFunge-Smith وMcIntyre، 2018) – علمًا أن 95 في المائة من مصيد المصايد الداخلية في العالم موجود في البلدان النامية ويتم استهلاك معظمه على المستوى المحلي. وتمثّل البلدان النامية 50 في المائة من قيمة الصادرات من الأغذية البحرية و23 في المائة فقط من وارداتها، وهو ما يمكن النظر إليه نظرة إيجابية من حيث الحد من الفقر ولكنه يشكّل مشكلة كبيرة أيضًا من منظور الأمن الغذائي والتغذوي (Asche وآخرون، 2015). علاوة على ذلك، يمكن تحويل الأسماك الصغيرة ذات القيمة الأدنى عن الاستهلاك البشري لاستعمالها كأعلاف لأنواع الأسماك المستزرعة مع أنها قد تترك أثرًا أكبر من حيث الأمن الغذائي والتغذوي إذا جرى استهلاكها مباشرة.
ولقد تم إيلاء اهتمام متزايد باستخدام الأسماك الصغيرة والطحالب البحرية في المنتجات ذات القيمة المضافة من قبيل الوجبات الخفيفة والتوابل، وصلصة السمك، ومساحيق الأسماك لتقوية أغذية صغار الأطفال. ويسهل تقاسم الأسماك الصغيرة ومساحيق الأسماك ومزجها في الأطباق مع الخضار والبقول والأغذية الأخرى، الأمر الذي يحسّن التوافر الحيوي. وإن مساحيق الأسماك المنتَجة من طحن جميع أجزاء الأسماك الصغيرة أو الأجزاء غير المستخدمة من الأسماك الكبيرة (العظام والرأس والعينين والأحشاء التي تمثّل ما يصل إلى 50 في المائة من الأسماك عند تجهيزها)، غنية بالمغذيات الدقيقة وقد تبين أنها مقبولة جدًا للأطفال (Bogard وآخرون، 2015).
ويمكن للمجتمعات البعيدة جدًا عن المسطحات المائية أو مزارع الأسماك (والتي تسمّى «الصحاري السمكية») أن تنفق المزيد من المال على الأسماك؛ ويرتبط دخل الفرد ارتباطًا إيجابيًا باستهلاك الأسماك ويمكن للمعايير الاجتماعية أن تؤدي دورًا في أنماط الاستهلاك داخل الأسرة (Asche وآخرون، 2015). ويشير ذلك إلى أهمية الموقع، والطابع الموسمي، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، ونوع الجنس في الحصول على الأسماك كمصدر للغذاء.
وقد يؤدي الاستثمار الكبير الذي تتطلبه مزارع تربية الأحياء المائية، المقترن بالقدرة الشرائية المحدودة في البلدان النامية، إلى توجيه الاستثمارات نحو تربية الأحياء المائية المربحة والموجّهة نحو التصدير (Asche وآخرون، 2015). ولتتمكن تربية الأحياء المائية من إيجاد حلول دائمة للأمن التغذوي من دون زيادة أوجه عدم المساواة القائمة في الحصول على الأغذية والأراضي، ينبغي على البرامج الإنمائية أن تراعي الديناميكيات الاجتماعية والثقافية الخاصة بالنظم الغذائية المحلية. ويمكن لإنتاج المنتجات السمكية المبتكَرة بطريقة مراعية للتكاليف، وتوسيع نطاق الصون المراعي للتغذية، وتخزين الأسماك وتوزيعها على الصحاري السمكية، وتحسين حصول المرأة – اقتصاديًا وجغرافيًا – على الأسماك، أن تحسّن الأمن الغذائي والتغذية، لا سيما للمجتمعات المحلية الهشة على المستوى الغذائي.
وهناك حالات ناجحة توجّهت فيها تربية الأحياء المائية نحو تحقيق الأمن الغذائي والتغذوي للسكان الذين يكون وصولهم إلى الأسماك محدودًا أو الذين يفتقرون إلى فرص توليد الدخل. وتنطوي هذه الحالات على نُهج من قبيل الاستزراع المتنوع في البرك حيث تتم تربية الأسماك الصغيرة الغنية بالمغذيات والمعدّة للاستهلاك البشري إلى جانب الأسماك الكبيرة ذات القيمة العالية لزيادة دخل الأسرة. ومن منظور سبل العيش، تساهم مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية بطريقة غير مباشرة في تحقيق الأمن الغذائي من خلال توليد فرص كسب العيش لحوالي 60 مليون شخص يعملون في القطاعات الأولية لمصايد الأسماك الطبيعية (38.98 مليون) وتربية الأحياء المائية (20.53 مليون). وتمثّل المرأة 14 في المائة من هؤلاء الأشخاص، وتزيد هذه النسبة إلى حوالي نصف اليد العاملة الإجمالية عندما تُحتسب أنشطة القطاع الثانوي مثل التجهيز والتسويق. وأثبتت دراسات عديدة أن مشاركة المرأة في أنشطة كسب العيش ترتبط بتحسّن النتائج الصحية والتغذوية لنفسها ولأطفالها.
ويوجد الكثير من الأدلة على الآثار الإيجابية للأسماك والأغذية المائية على صحة الإنسان في الأدبيات العلمية، ولكنها لا تصل إلى العدد الكافي من صانعي القرار، الأمر الذي يؤدي إلى تهميش الدور الذي يمكن ويجب أن تؤديه مصايد الأسماك الطبيعية أو القائمة على التربية في سياسات الأمن الغذائي والتغذية الوطنية. ولتعود منافع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على الأمن الغذائي والتغذية – ولا سيما للأشخاص الهشين على المستوى الغذائي – يجب أن يركّز الاهتمام في مجال وضع السياسات والإدارة على مصايد الأسماك ومزارع الأسماك الأصغر حجمًا المهمة لتوفير الأغذية والقادرة على الاستمرار من وجهة نظر اقتصادية (Bogard وآخرون، 2019). ويمكن لتكوين فهم أفضل لأفضليات الأشخاص الهشين على المستوى الغذائي في ما يتعلّق بالأسماك، وتحسين الصون والتخزين والتوزيع أن يعيدا توجيه مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية نحو تحقيق الأمن الغذائي وضمان توافر الأسماك وإمكانية الحصول عليها في الصحاري السمكية. ويمكن تحسين البيانات بشأن نظم الأغذية السمكية المستدامة من خلال: (1) تجميع البيانات المتعلّقة بتركيبة المغذيات بحسب الأنواع؛ (2) وإدراج الأنواع المحلية وغير المستغلة بالكامل في البيانات المتعلقة بتركيبة الأغذية والاستهلاك؛ (3) وتحليل العلاقة بين الأنماط الغذائية والبصمة البيئية لمختلف أساليب إنتاج الأسماك؛ (4) وتحسين أساليب التبليغ عن أرصدة مصايد الأسماك الداخليّة. ويمكن لزيادة البيانات والأدلة المتعلّقة بالأسماك في النظم الغذائية المستدامة والمغذية أن تحسّن مكانة مصادر الأسماك التي لا تحظى بالقدر الكافي من الاعتراف في صنع القرارات والسياسات الخاصة بالأمن الغذائي والتغذية.
يزداد الاعتراف بالمحيطات والمياه الداخلية (البحيرات والأنهار والخزانات) كعناصر لا غنى عنها في معالجة كثير من التحديات العالمية التي سيواجهها الكوكب في العقود المقبلة، لتتراوح بين الأمن الغذائي العالمي، والحد من الفقر وتغيُّر المناخ، وتوفير الطاقة والموارد الطبيعية وتحسين الرفاه والرعاية الطبية.
ويشار أيضًا إلى النمو الأزرق بأنه "الاقتصاد الأزرق" أو "الاقتصاد الأخضر في عالم أزرق" أو "اقتصاد المحيطات"، وقد استمد جذوره من مفهوم الاقتصاد الأخضر الذي اعتمده مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (ريو20+) في عام 2012. ومع أن الدول الجزرية الصغيرة كانت رائدة في استخدام هذا المصطلح في يوم المحيطات أثناء انعقاد مؤتمر ريو20+، فقد اعتُبر ذا صلة بجميع الدول والبلدان الساحلية المهتمة بالمياه الواقعة داخل حدود ولايتها الوطنية وخارجها.
ويسعى مفهوم النمو الأزرق في جوهره إل فك الارتباط بين التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتدهور البيئي الناشئ عن المستخدمين الرئيسيين للمحيطات والمياه الداخلية. ويشمل هؤلاء المستخدمون قطاعات تقليدية، مثل مصايد الأسماك، والري، والسياحة، والنقل البحري، وكذلك أنشطة جديدة وناشئة، مثل الطاقة المتجددة، وتحلية المياه، وتربية الأحياء المائية البحرية، والأنشطة الاستخراجية في قيعان البحار، والتكنولوجيا الحيوية، والاستثمار التوقعي الأحيائي.
في عام 2013، أطلقت المنظمة مبادرة النمو الأزرق لدعم الأمن الغذائي والحد من الفقر والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية المائية. وتُعرّف المنظمة النمو الأزرق بأنه "نمو وتنمية مستدامان ينبثقان عن أنشطة اقتصادية باستخدام موارد حيّة متجددة من المحيطات والأراضي الرطبة والمناطق الساحلية، وتُقلّل من التدهور البيئي وفقدان التنوع البيولوجي وتعظِّم المنافع الاقتصادية والاجتماعية."
وفي ما يتعلق بالإنتاج المستدام لمصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية، تستفيد مبادرة النمو الأزرق من الإطار الدولي للسياسات الذي يشمل مسارات قانونية وبيئية وإدارية (الشكل 50). والهدف هو تمكين التنفيذ الفعال والمتضافر للسياسات، واستثمارات وابتكارات تدعم النمو المستدام في إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وتولّد فرصًا اقتصادية في السلع والخدمات التي يوفرها النظام الإيكولوجي. وتهدف المبادرة إلى تعبئة الدعم المالي والتقني وبناء القدرات المحلية ووضع أُطر للحوكمة من أجل تصميم استراتيجيات للنمو الأزرق وتنفيذها، وتهيئة خيارات للسياسات ذات منحى عملي، وبناء مؤسسات تُلائم الظروف والقيود الاقتصادية لدى أعضاء المنظمة.
وفقًا لولاية المنظمة، يتركّز العمل في مجال إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على المدونة والاتفاقات والاستراتيجيات والخطوط التوجيهية وخطط العمل الدولية ذات الصلة. وتهدف مبادرة النمو الأزرق في الوقت نفسه، في إطار دعمها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المحلية الساحلية، إلى معالجة القصور الكبير الذي لا يزال يميِّز سلاسل قيمة الأغذية البحرية، لا سيما في الدول النامية الساحلية والجزرية، وذلك في كثير من الأحيان بسبب الافتقار إلى المهارات والتكنولوجيا والبنية التحتية. ويحدّ هذا القصور من جني الثروات من إضافة القيمة ويسبّب خسائر ما بعد الصيد ويضيّق من فرص الوصول إلى الأسواق. وتهدف مبادرة النمو الأزرق أيضًا إلى العمل مع الجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة باستخدام المحيطات أو المياه الداخلية حول السياسات الرئيسية والاستثمار والابتكارات لدعم النمو المستدام في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وهو ما يفتح آفاقًا اقتصادية جديدة في سلع النُظم الإيكولوجية وخدماتها.
أثبتت مبادرة النمو الأزرق التي أطلقتها منظمة الأغذية والزراعة أهميتها لكثير من البلدان الساحلية النامية على شتى المستويات – المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية. وفي إطار الانتقال بالمبادرة من المفهوم إلى التطبيق، مكَّنت مشاريع ميدانية عديدة البلدان المستفيدة من ترجيح الأهمية النسبية لمختلف القطاعات. وبالتالي، تمكَّنت تلك البلدان، تبعًا لظروفها الخاصة، من تحديد القطاعات التي توليها الأولوية، بما يشمل المقايضات بين مختلف مجموعات مستخدمي المحيطات والأراضي الرطبة وكيفية ضمان الاستدامة من خلال الرعاية السليمة للنُظم الإيكولوجية التي تدعم الإنتاج من هذه القطاعات. وفي ما يلي أمثلة توضح أنشطة مبادرة النمو الأزرق للتعريف بالإمكانات الكبيرة لتعزيز التوازن السليم بين النمو المستمر لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، والصون، والمسؤولية الاجتماعية.
في صميم تعزيز مبادرة النمو الأزرق وتنفيذها، تساهم التوعية التي تقوم بها الإدارة العليا للمنظمة ويقوم بها خبراؤها في المنتديات الدولية بدور أساسي. وكان من الحيوي لتمكين الإجراءات، وتجريب نُهج مبادرة النمو الأزرق الابتكارية، وتبادل النتائج وتعميمها، وتوسيع نطاق الخبرات الناجحة، زيادة الوعي بالمبادرة وتعبئة الدعم والموارد الدولية. ومن الأمثلة على المحافل الدولية التي عقدتها المنظمة أو شاركت فيها ما يلي:
◂ مؤتمر آسيا للمحيطات والأمن الغذائي والنمو الأزرق (إندونيسيا، 2013)؛
◂ القمة العالمية للعمل من أجل المحيطات في سبيل تحقيق الأمن الغذائي والنمو الأزرق (هولندا، 2014)؛
◂ إطلاق شبكة العمل العالمية للنمو الأزرق والأمن الغذائي (غرينادا، 2015)؛
◂ مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في سياق الاقتصاد الأزرق، أثناء المؤتمر الرفيع المستوى بشأن إطعام أفريقيا (السنغال، 2015)، ومؤتمر الاقتصاد الأزرق المستدام (كينيا، 2018).
وتشمل الأمثلة على أنشطة زيادة الوعي على المستوى الوطني والمشاورات بين مستخدمي المحيطات والمياه الداخلية:
◂ المغرب: وضع استراتيجية حزام أزرق عُرضت على الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف (2016)؛
◂ حوار بنغلاديش حول الاقتصاد الأزرق في قطاع مصايد الأسماك والاستزراع البحري لتعزيز الاستدامة البيئية والاجتماعية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية ولاستكشاف فرص جديدة في قطاع تربية الأحياء المائية البحرية؛
◂ حلقة عمل وطنية في مدغشقر لاستعراض استراتيجيتها الوطنية بشأن الاقتصاد الأزرق ووضع خارطة طريق لتنفيذها.
منذ إطلاقها في عام 2013، تم تنفيذ أنشطة مبادرة النمو الأزرق في أقاليم وبلدان مختلفة. ويمكن الاطلاع على معلومات مفصَّلة عن هذه الأنشطة في الصفحة الخاصة على شبكة الإنترنت ومدونة مخصصة لهذا الغرض (منظمة الأغذية والزراعة، 2020ه). وترد أدناه ثلاثة أمثلة توضح التطبيق العملي لمبادرة النمو الأزرق على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
ميثاق كابو فيردي للنمو الأزرق: كابو فيردي دولة نامية جزرية صغيرة جافة تقع في منطقة الساحل في أفريقيا. وتتعرّض البلاد بشدّة لتقلبات وتغيُّرات مناخية، ويعيش أكثر من 80 في المائة من سكانها في المناطق الساحلية. ويؤدي قطاع المحيطات أو القطاع "الأزرق"، بما في ذلك مصايد الأسماك والسياحة، دورًا رئيسيًا في الاقتصاد الوطني. وفي عام 2015، اعتمدت حكومة كابو فيردي ميثاقًا لتنسيق جميع سياسات النمو الأزرق والاستثمار في جميع القطاعات التي تستخدم المحيط، ويهدف الميثاق في نهاية المطاف إلى تحقيق مزيد من النمو الاقتصادي وتهيئة فرص للعمل اللائق للسكان وضمان الحفاظ على البيئة في الوقت نفسه. ودعمت المنظمة، بالتعاون مع مصرف التنمية الأفريقي، تنفيذ إطار استراتيجي أو وطني، بما يشمل إطارًا محاسبيًا وخطة وطنية للاستثمار، ومرصدًا للاقتصاد الأزرق – من أجل تحقيق التحوّل نحو النمو الأزرق في كابو فيردي.
حوكمة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وأداء سلاسل قيمة الأغذية البحرية في غرب أفريقيا: تحتوي المياه الساحلية الأفريقية على بعض أغنى مصايد الأسماك في العالم، وتتمتع بإمكانات كبيرة في مجال تنمية تربية الأحياء المائية، وهو ما يؤكده النمو الكبير لقطاع تربية الأحياء المائية في مصر التي بلغ فيها الإنتاج أرقامًا قياسية وصلت إلى 500 561 1طن في عام 2018، أي حوالي ثلاثة أضعاف أرقام عام 2007 التي بلغت000 476طن. وفي غرب أفريقيا، يرتبط حوالي ربع فرص العمل بمصايد الأسماك، ويُساهم هذا القطاع بالبروتينات الأساسية والمغذيات الدقيقة التي يحتاج إليها النظام الغذائي الوطني. وتستمد دول غرب أفريقيا الساحلية ما يصل إلى ثلثي مجمل البروتينات الحيوانية من الأسماك والأغذية البحرية. ويرتبط صيادو الأسماك الحرَفيون بالمستهلكين من خلال شبكة تجارية أقاليمية واسعة من الأسماك الطازجة أو المملحة أو المجففة أو المدخَّنة تؤدي فيها المرأة دورًا محوريًا. غير أن مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تتسم بضعف الحوكمة والقدرة المحدودة للمؤسسات على إحداث التغيير الضروري لتحقيق نمو مستدام. ويسود بين مستخدمي الموارد شعور بالتهميش من عملية صنع القرار، ويفتقرون إلى الحماية الاجتماعية والحوافز التي تشجعهم على الامتثال لتدابير الصون والإدارة.
وتمثّل مبادرة مصايد الأسماك الساحلية مشروعًا يموّله مرفق البيئة العالمية وتنفذه المنظمة في كابو فيردي وكوت ديفوار والسنغال، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة والإدارات الوطنية في كل بلد من تلك البلدان. وتوفِّر المبادرة مساعدة تقنية لأصحاب المصلحة من أجل تحسين الحوكمة والإدارة في مصايد الأسماك وأداء سلاسل القيمة من خلال تنفيذ نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك وما تتضمنه المدونة من خطوط توجيهية أخرى ذات صلة. ويولي المشروع عناية خاصة لتعزيز إمكانية الوصول وحقوق المستخدمين، والمشاركة في الإدارة، والمساواة بين الجنسين، ويدعم أيضًا في الوقت نفسه تحسين ظروف العمل، وجودة المنتجات، وإمكانية الوصول إلى الأسواق على طول سلسلة القيمة.
مشروع صندوق التنمية الأوروبي لتعزيز استدامة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في مجموعة دول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ: انطلق هذا المشروع في ديسمبر/كانون الأول 2019، وهو برنامج مموّل من الاتحاد الأوروبي، وتنفذه المنظمة لدعم التنمية المستدامة لسلاسل قيمة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في مجموعة دول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ. ويجري تقييم سلاسل قيمة الأغذية البحرية في عشرة من هذه البلدان من خلال هذا المشروع لتعزيز إجراءات النمو الأزرق بهدف تعظيم عائدها الاقتصادي ومنافعها الاجتماعية، والحدّ في الوقت نفسه من التأثيرات الضارة على الموائل الطبيعية والحياة البرية البحرية، مع إيلاء عناية خاصة لمصايد الأسماك صغيرة النطاق. وتتمثّل أهداف المشروع في معالجة التحديات الرئيسية في كل سلسلة من سلاسل القيمة؛ ومساعدة البلدان على استكشاف أسواق جديدة، والحد من الفاقد والمهدر؛ وتحسين ظروف عمل صيادي الأسماك، مع ضمان الإدارة المستدامة للأرصدة السمكية ورعاية النُظم الإيكولوجية التي تدعم سلاسل القيمة في هذا القطاع.
يتطلب تنفيذ مشاريع مبادرة النمو الأزرق إجراءات تحويلية مستندة إلى نموذج للنمو الأزرق يقتضي النظر في الاعتبارات البيئية والاقتصادية والاجتماعية. ويتطلب تخفيف الضغوط الواقعة على الأرصدة السمكية في كثير من الأحيان وفي طليعتها تخفيض جهد الصيد و/أو قدرته. ويتطلب النجاح في تحقيق ذلك أنشطة بديلة لإدرار الدخل لصيادي الأسماك. وبالمثل، ثبت أن تحسين الدخل وتهيئة فرص أمام النساء والشباب لكسب العيش ضروري للتخفيف من الفقر لدى المجتمعات المحلية الساحلية في البلدان المستفيدة. وأخيرًا، ومن أجل ضمان قدرة النُظم الإيكولوجية المائية في المستقبل على توفير الغذاء الذي تعتمد عليه المجتمعات المحلية الساحلية، ينبغي الأخذ بالإدارة الشاملة وتعزيز رعاية هذه النُظم الإيكولوجية.
وتشمل المجالات التي تم استكشافها بنجاح في إطار مبادرة النمو الأزرق من أجل توليد أنشطة مدرّة للدخل الأزياء الزرقاء، والسياحة الإيكولوجية في المحيطات، وخدمات مصايد الأسماك، مثل إصدار الشهادات والتوسيم الإيكولوجي. وتستخدم الأزياء الزرقاء المنتجات الثانوية لصناعة الأسماك، مثل جلود الأسماك التي تستخدم في صنع الملابس الجلدية والأحذية – لتهيئة فرص للعمل وإدرار الدخل، وبخاصة للنساء والشباب. وتشترك المنظمة حاليًا في تحالف الأمم المتحدة للأزياء المستدامة الذي يدعم المشاريع والسياسات التي تُعزز مساهمة سلسلة قيمة الأزياء في أهداف التنمية المستدامة (تحالف الأمم المتحدة للأزياء المستدامة، 2020). وبالمثل فإن السياحة الإيكولوجية التي تعزز الصيد الترفيهي المسؤول والثقافات المحلية وصون التنوع البيولوجي يتيح بدائل مهمة للعمل، وبخاصة للشباب في المجتمعات المحلية الساحلية. ونُفذت أنشطة ناجحة في كينيا، ويجري حاليًا تنفيذ مشروع إقليمي (الأمل الأزرق) في الجزائر وتونس وتركيا ويبحث في البنية التحتية والاستثمار والابتكارات.
وغالبًا ما يتطلب تعزيز إجراءات النمو الأزرق تطوير البنية التحتية لموانئ الصيد. ويمثّل ميناء الصيد حلقة حيوية لمختلف أصحاب المصلحة (الصيادون، والمشترون، والبائعون، ومقدمو الخدمات، والمؤسسات العامة والخاصة) المعنيين بتعزيز مصايد الأسماك وتربية الأحياء المستدامة – عن طريق الحد من النفايات والتلوث البيئي والحفاظ على الخصائص التغذوية للأسماك، وجودتها وأسعارها وصادراتها. وفي حين أن إنشاء البنية التحتية مناسبة في المكان المناسب مهم بدرجة كبيرة لسلامة أداء موانئ الصيد، تمثّل إدارة هذه البنية التحتية وصونها اعتبارًا حاسمًا أيضًا. وتهدف مبادرة المنظمة بشأن موانئ الصيد الزرقاء إلى الاستفادة من الوضع الاستراتيجي لموانئ الصيد في سلسلة قيمة الأغذية البحرية لتعزيز نمو اجتماعي واقتصادي إيجابي ومستدام والحد في الوقت نفسه من بصمة التلوث. وانطلاقًا من مشروع ناجح نُفذ في تونس في عام 2018، استضافت المنظمة وميناء فيغو الإسباني أول اجتماع لموانئ الصيد الزرقاء في العالم في يونيو/حزيران 2019 والذي ضمّ ممثلين حكوميين وغير حكوميين من بلدان أفريقيا وآسيا وأمريكا الوسطى والجنوبية لتبادل خبرات موانئ الصيد الزرقاء وأفضل الممارسات من أجل تعميمها على نطاق أوسع.
غير أن تنفيذ نموذج النمو الأزرق يتطلب في كثير من الأحيان أنواعًا جديدة ومبتكرة من التمويل من القطاعين العام والخاص. ويجري حاليًا اختبار العديد من النُهج المالية (من الاستثمار في الأثر إلى التمويل المختلط) والآليات (من السندات الزرقاء إلى التمويل الأصغر) واستخدامها بصورة متزايدة لتعزيز النمو الأزرق في جميع البلدان والمجتمعات المحلية على نطاق العالم. وللمساعدة على زيادة الوعي بهذه النُهج المختلفة والشروط الأساسية المسبقة اللازمة لاستخدامها، أصدرت المنظمة سلسلة من المذكرات التوجيهية التي تهدف في نهاية المطاف إلى المساعدة على تعبئة الموارد المالية من أجل إحداث تغيير تحويلي في النمو الأزرق.
ملاحظة: أثناء إعداد هذا التقرير (مارس/آذار 2020)، كان فيروس كورونا (كوفيد-19) قد انتشر في معظم بلدان العالم مخلّفًا آثارًا وخيمة على الاقتصاد العالمي وقطاع إنتاج الأغذية وتوزيعها، بما في ذلك مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وتتابع منظمة الأغذية والزراعة الوضع عن كثب لتقييم الأثر الكلي المترتب عن الوباء على إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والاستهلاك والتجارة. وتستند التوقعات التالية إلى فرضية حدوث اختلال مهم في الإنتاج والاستهلاك والتجارة على المدى القصير، يليه تحسّن في الأوضاع في نهاية عام 2020 أو مطلع عام 2021. وسيتم إدخال التعديلات في المراجعات المستقبلية للتوقعات عندما تصبح عمليات تقييم الأثر متاحة.
يعرض هذا القسم التوقعات المتوسطة الأجل التي تم الحصول عليها باستخدام نموذج منظمة الأغذية والزراعة الخاص بالأسماك (منظمة الأغذية والزراعة، 2012، الصفحات 186–193) والذي أُعد في عام 2010 لتسليط الضوء على التطورات المستقبلية المحتملة في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. ويرتبط النموذج الخاص بالأسماك بنموذج Aglink-Cosimo من دون أن يكون مدرجًا فيه، ويُستخدم هذا الأخير لتوليد التوقعات الزراعية لفترة عشر سنوات وهي توقعات تضعها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنظمة الأغذية والزراعة في كل عام وتُنشر ضمن التوقعات الزراعية المشتركة بين المنظمتين (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنظمة الأغذية والزراعة، 2020). ويستخدم النموذج الخاص بالأسماك مجموعة من افتراضات الاقتصاد الكلي والأسعار المختارة المستخدمة لإعداد التوقعات الزراعية. وتم الحصول على التوقعات المرتبطة بالأسماك المعروضة في هذا القسم من خلال تحليل مخصص أجرته منظمة الأغذية والزراعة للفترة 2019–2030.
وسيتأثر مستقبل مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بعوامل عديدة مختلفة وبتحديات مترابطة ذات أهمية عالمية وإقليمية ومحلية. ومن المتوقع أن يؤدي النمو السكاني والنمو الاقتصادي بالإضافة إلى التوسّع الحضري والتطورات التكنولوجية والتنوع الغذائي، إلى زيادة الطلب على الأغذية ولا سيما على المنتجات الحيوانية، بما فيها الأسماك. وتصوّر التوقعات المعروضة في هذا القسم آفاق قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على صعيد الإنتاج المحتمل وأوجه استخدامه، والتجارة، والأسعار، والمسائل الرئيسة التي قد تؤثر على العرض والطلب في المستقبل. ولا تمثّل هذه النتائج توقعات، وإنما سيناريوهات معقولة توفّر نظرة ثاقبة حول كيفية تطور هذه القطاعات في ضوء مجموعة من الافتراضات المحددة بشأن: بيئة الاقتصاد الكلي المستقبلية؛ وقواعد التجارة الدولية والتعريفات الجمركية؛ ووتيرة الأحداث وآثارها على الموارد؛ وغياب غيرها من آثار تغيّر المناخ القاسية مثل موجات التسونامي والعواصف الاستوائية (الأعاصير الحلزونية والأعاصير الماطرة والأعاصير الاستوائية) والفيضانات والأمراض الناشئة التي تصيب الأسماك؛ وتدابير إدارة مصايد الأسماك بما في ذلك القيود المفروضة على المصيد؛ وغياب الصدمات في السوق. ونظرًا إلى الدور الرئيسي الذي تؤديه الصين في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، تنظر الافتراضات في التطورات على مستوى السياسات في البلد والتي من المتوقع أن تستمر على طول المسار الذي رسمته الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016–2020) (أنظر منظمة الأغذية والزراعة، 2018أ، الإطار 31، الصفحة 183) الرامية إلى بناء قطاع مصايد أسماك وتربية أحياء مائية أكثر استدامة ومراعاة للبيئة، بعيدًا عن التركيز السابق على زيادة الإنتاج.
استنادًا إلى الافتراضات المستخدمة، من المتوقع أن يزيد الإنتاج الإجمالي للأسماك (باستثناء النباتات المائية) من 179 مليون طن في عام 2018 إلى 204 مليون طن في عام 2030 (الجدول 17). وبالأرقام المطلقة، فإن الزيادة الإجمالية من عام 2018 حتى عام 2030 تبلغ 15 في المائة (26 مليون طن)، ما يمثّل تباطؤًا بالمقارنة مع النمو بنسبة 27 في المائة في الفترة 2007–2018. وستبقى تربية الأحياء المائية القوة الدافعة وراء نمو الإنتاج العالمي للأسماك، ما يشكّل امتدادًا لاتجاه دام عقودًا من الزمن (الشكل 51). ومن المتوقع أن يزيد إنتاج تربية الأحياء المائية بنسبة 32 في المائة (26 مليون طن) عن عام 2018 ليصل إلى 109 مليون طن في عام 2030. ومع ذلك، سيتراجع متوسط النمو السنوي لتربية الأحياء المائية من 4.6 في المائة في فترة 2007–2018 إلى 2.3 في المائة في فترة 2019–2030 (الشكل 52). وسيساهم عدد من العوامل في حدوث هذا التراجع،28 منها: اعتماد اللوائح البيئية وتنفيذها على نطاق أوسع؛ ونقصان توافر المياه ومواقع الإنتاج الملائمة؛ وزيادة تفشي أمراض الحيوانات المائيّة المرتبطة بممارسات الإنتاج المكثّف؛ وتراجع مكاسب الإنتاجية في تربية الأحياء المائية. ومن المرجح أن يتم التعويض عن الانخفاض المتوقع في إنتاج تربية الأحياء المائية في الصين جزئيًا عن طريق زيادة الإنتاج في البلدان الأخرى. وبموجب الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016–2020) التي أطلقتها الصين، فإنه من المتوقع أن تواصل سياسات البلد في العقد القادم الانتقال من تربية الأحياء المائية الموسَّعة إلى تربية الأحياء المائية المكثفة بهدف تحقيق تكامل أفضل بين الإنتاج والبيئة من خلال اعتماد ابتكارات تكنولوجية سليمة إيكولوجيًا، وخفض قدرات الصيد، وبالتالي تسريع وتيرة النمو. ولكن من المرجح أن تزيد حصة الأنواع المستزرعة في الإنتاج العالمي للمصايد (للأغراض الغذائية وغير الغذائية) من 46 في المائة في عام 2018 إلى 53 في المائة في عام 2030 (الشكل 53).
وستستمر آسيا في السيطرة على قطاع تربية الأحياء المائية (الشكل 54) وستكون مسؤولة عن أكثر من 89 في المائة من الزيادة في الإنتاج بحلول عام 2030، الأمر الذي سيجعل حصة القارة من الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية تبلغ 89 في المائة في عام 2030. وفي حين أن الصين ستبقى المنتج الرئيسي في العالم، غير أن حصتها من الإنتاج الإجمالي ستنخفض من 58 في المائة في عام 2018 إلى 56 في المائة في عام 2030. وبصورة عامة، من المتوقع أن يواصل إنتاج تربية الأحياء المائية نموه في جميع القارات، مع تباين في نطاق الأنواع والمنتجات بين البلدان والمناطق. ومن المرجح أن يشهد القطاع أكبر توسع له في أفريقيا (بنسبة تصل إلى 48 في المائة) وفي أمريكا اللاتينية (بنسبة تصل إلى 33 في المائة). وسيكون النمو في إنتاج تربية الأحياء المائية في أفريقيا مدفوعًا من التدابير المتخذة في السنوات الأخيرة لزيادة قدرة الاستزراع، ومن السياسات المحلية التي تشجّع تربية الأحياء المائية نتيجة تزايد الطلب المحلي الناجم عن النمو الاقتصادي الكبير. ولكن على الرغم من هذا النمو المتوقع، سيبقى الإنتاج الإجمالي من تربية الأحياء المائية في أفريقيا محدودًا عند أكثر بقليل من 3.2 ملايين طن في عام 2030، وسيأتي الجزء الأكبر منه (2.2 مليون طن) من مصر.
وفي ما يتعلّق بالأنواع، سيتألف معظم الإنتاج العالمي من تربية الأحياء المائية (62 في المائة) في عام 2030 من أنواع المياه العذبة، مثل الكارب وسمك السلور (بما في ذلك .Pangasius spp)، مقارنة بنسبة 60 في المائة في عام 2018. ومن المتوقع أيضًا أن يستمر إنتاج الأنواع الأعلى قيمة مثل الأربيان والسلمون والتروت، في النمو. وبصورة عامة، من المرجح أن يتباطأ نمو الأنواع التي تحتاج إلى نسب أكبر من المساحيق والزيوت السمكية في نمطها الغذائي بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار هذه المساحيق والنقص في توافرها.
ومن المتوقع أن يبقى إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية مرتفعًا ليصل إلى حوالي 96 مليون طن في عام 2030، مع حدوث بعض التقلبات المرتبطة بظاهرة النينيو المناخية التي ستخفّض المصيد في أمريكا الجنوبية ولا سيما بالنسبة إلى الأنشوفة، ما يؤدي إلى انخفاض إجمالي في إنتاج المصايد الطبيعية في العالم بحوالي 2 في المائة في هذه الأعوام.29 وتشمل العوامل التي تؤثر على استدامة الإنتاج في مصايد الأسماك الطبيعية: (1) زيادة المصيد في بعض مناطق الصيد حيث تنتعش أرصدة بعض الأنواع بفضل تحسّن إدارة الموارد؛ (2) وزيادة المصيد في مياه بعض البلدان التي تملك موارد سمكية غير مستغلّة بالكامل وحيث تتوافر فرص صيد جديدة أو حيث تكون تدابير إدارة المصايد أقل تقييدًا؛ (3) وتحسّن استخدام الحصاد، بما في ذلك تقليص المصيد المرتجع الذي يُلقى من على ظهر السفن والمهدر والفاقد على النحو الذي تقتضيه التشريعات أو الارتفاع في أسعار المنتجات الغذائية وغير الغذائية من الأسماك. وتتضمن التوقعات أيضًا ترجعًا بنسبة 10 في المائة في مصايد الأسماك الطبيعية في الصين نتيجة السياسات التي بدأ تنفيذها في ظل الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016–2020) الآنف ذكرها، والتي يُتوقع استمرارها في العقد القادم. وفي ما يتعلّق بمصايد الأسماك الطبيعية، تهدف السياسات التي تنتهجها الصين إلى الحد من المصيد المحلي من خلال فرض ضوابط على التراخيص، وتخفيض عدد الصيادين وسفن الصيد، والرقابة على الإنتاج. وتشمل الأهداف الأخرى تحديث المعدات والسفن والبنية التحتية؛ وتخفيض إعانات دعم وقود الديزل بشكل منتظم؛ والقضاء على الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم؛ واستعادة الأرصدة السمكية المحلية عن طريق إعادة التخزين والشُعب الاصطناعية والإغلاق الموسمي. ولكن تجدر الإشارة إلى أن السياسات الحالية تشير أيضًا إلى تطور أسطول الصيد في الصين في المياه العميقة، الأمر الذي قد يعوّض جزئيًا عن الانخفاض في المصيد المحلي.
وسوف تنخفض حصة إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية المستخدمة في صنع المساحيق والزيوت السمكية بنسبة ضئيلة خلال العقد القادم (18 في المائة بحلول عام 2030 مقابل 19 في المائة في عام 2018). ولكن من المتوقع أن تكون الكمية الإجمالية للمساحيق والزيوت السمكية التي يتم إنتاجها في عام 2030 أكبر بنسبة 1 و7 في المائة على التوالي من عام 2018 نتيجة زيادة كمية الإنتاج المتأتي من مخلفات الأسماك والمنتجات الثانوية في قطاع التجهيز. ومن المتوقع أن تزيد نسبة الزيوت السمكية المصنوعة من مخلفات الأسماك من 40 إلى 45 في المائة بين عامي 2018 و2030 في حين سترتفع هذه النسبة في ما يتعلّق بالمساحيق السمكية من 22 إلى28 في المائة (الشكل 55).
من المتوقع أن ترتفع الأسعار بالقيمة الإسمية في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في الأمد الطويل وصولًا إلى عام 2030. ويعزى هذا الاتجاه إلى عدد من العوامل. فمن ناحية الطلب، تشمل العوامل تحسّن الدخل والنمو السكاني وارتفاع أسعار اللحوم. ومن ناحية العرض، من المرجح أن يؤدي الاستقرار في إنتاج المصايد الطبيعية والتباطؤ في نمو إنتاج تربية الأحياء المائية وارتفاع تكاليف المدخلات (العلف والطاقة والنفط)، دورًا في ذلك. بالإضافة إلى ذلك، فإن التباطؤ في إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في الصين سيحفز ارتفاع الأسعار في البلاد، مع ما يترتب عن ذلك من آثار على الأسعار العالمية. وستكون الزيادة في متوسط أسعار الأسماك المستزرعة (24 في المائة على مدى الفترة المشمولة بالتوقعات) أكبر من الزيادة في متوسط أسعار الأسماك المصطادة طبيعيًا (23 في المائة عندما تُستثنى الأسماك المخصصة للاستخدام غير الغذائي). وسترتفع أسعار الأسماك المستزرعة أيضًا بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار المساحيق والزيوت السمكية بنسبة 30 في المائة و13 في المائة على التوالي بالقيمة الإسمية بحلول عام 2030 نتيجة للطلب العالمي القوي. وقد يكون لارتفاع أسعار العلف تأثير على تشكيل الأنواع في تربية الأحياء المائية، مع التحوّل نحو الأنواع التي تتطلب أنواع علف أرخص ثمنًا و/أو كميات أقل من العلف أو لا تحتاج إلى العلف بتاتًا. وستحفز الأسعار المرتفعة على مستوى الإنتاج، المقترنة بارتفاع الطلب على الأسماك للاستهلاك البشري، زيادة بنسبة 22 في المائة في متوسط أسعار الأسماك المتداولة دوليًا بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2018.
ومن المفترض أن تنخفض جميع الأسعار بالقيمة الحقيقية (أي بعد تعديلها استنادًا إلى التضخم) بشكل طفيف خلال الفترة المشمولة بالتوقعات ولكنها ستظل مرتفعة نسبيًا. وعلى صعيد فرادى السلع السمكية، قد يكون تقلّب الأسعار أكثر وضوحًا نتيجة لتقلبات العرض أو الطلب. وبما أنه من المتوقع أن يوفر قطاع تربية الأحياء المائية حصة أكبر من إمدادات الأسماك العالمية، قد يكون تأثيره أقوى على تحديد الأسعار في الأسواق الوطنية والدولية للأسماك.
من المتوقع أن تستمر حصة إنتاج الأسماك المخصصة للاستهلاك البشري بالارتفاع لتصل إلى حوالي 89 في المائة بحلول عام 2030. وستشمل العوامل الرئيسية الكامنة وراء هذه الزيادة ارتفاع الطلب نتيجة ارتفاع الدخل والتوسّع الحضري وما يرتبط بهما من نمو في الإنتاج السمكي، وتحسّن أساليب ما بعد الصيد وقنوات التوزيع التي تؤدي إلى توسيع نطاق تسويق الأسماك. وسيتم تحفيز الطلب أيضًا من خلال التغيّرات في الاتجاهات السائدة في الأنماط الغذائية التي تتجه نحو تنوع أكبر في تصنيف الأغذية المستهلكة، ومن خلال التركيز بقدر أكبر على تحسين الصحة والتغذية والأنماط الغذائية مع تأدية الأسماك دورًا رئيسيًا في هذا الصدد. ومن المتوقع في عام 2030 أن تكون نسبة الاستهلاك العالمي للأسماك المخصصة للأغذية30 18 في المائة (28 مليون طن بمكافئ الوزن الحي) أعلى مّما كانت عليه في عام 2018. وبصورة عامة، سيكون متوسط معدل النمو السنوي أبطأ في الفترة المشمولة بالتوقعات (1.4 في المائة) مما كان عليه في الفترة 2007–2018 (2.6 في المائة)، ويعزى السبب الأساسي لذلك إلى انخفاض نمو الإنتاج وارتفاع أسعار الأسماك وتباطؤ النمو السكاني. وسيتم استهلاك حوالي 71 في المائة من الأسماك المتاحة للاستهلاك البشري في العالم في عام 2030 (183 مليون طن) في آسيا، في حين سيتم استهلاك الكميات الأقلّ في أوسيانيا وأمريكا اللاتينية. ومن المتوقع أن يزداد الاستهلاك الإجمالي للأسماك المخصصة للأغذية على جميع المستويات الإقليمية وشبه الإقليمية بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2018، مع توقع حدوث نمو أكبر في أمريكا اللاتينية(33 في المائة) وأفريقيا (27 في المائة) وأوسيانيا (22 في المائة) وآسيا (19 في المائة).
ومن حيث نصيب الفرد، من المتوقع أن يرتفع الاستهلاك العالمي للأسماك من 20.5 كيلوغرامات في عام 2018 إلى 21.5 كيلوغرامات في عام 2030. ومع ذلك، سينخفض معدل النمو السنوي المتوسط لنصيب الفرد من استهلاك الأسماك المخصصة للأغذية من 1.3 في المائة في الفترة 2007–2018 إلى 0.4 في المائة في الفترة 2019–2030. وسيزداد نصيب الفرد من استهلاك الأسماك في جميع الأقاليم باستثناء أفريقيا (حيث سيتراجع بنسبة 3 في المائة). أما معدلات النمو الأكثر ارتفاعًا فمن المتوقع أن تكون في آسيا (9 في المائة) وأوروبا (7 في المائة) وأوسيانيا وأمريكا اللاتينية (6 في المائة لكل منهما). وعلى الرغم من هذه الاتجاهات الإقليمية، فإن الاتجاهات العامة لكميات الأنواع المستهلكة وتنوعها سوف تتباين بين البلدان وداخلها. ومن المتوقع في عام 2030، أن ينشأ حوالي 59 في المائة من الأسماك المتاحة للاستهلاك البشري من إنتاج تربية الأحياء المائية، مقارنة بنسبة 52 في المائة في عام 2018 (الشكل 56). وستستمر الأسماك المستزرعة بتلبية الطلب على الأنواع المستهلكة التي يتم إنتاجها في تربية الأحياء المائية بعد أن كان يتم صيدها بشكل طبيعي بشكل أساسي.
أما في أفريقيا، فمن المتوقع أن يتراجع نصيب الفرد من استهلاك الأسماك تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.2 في المائة سنويًا حتى عام 2030، فينخفض من 10.0 كيلوغرامات في عام 2018 إلى 9.8 كيلوغرامات في عام 2030. وسيكون الانخفاض أكبر في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (من 8.9 كيلوغرامات إلى8.1 كيلوغرامات خلال الفترة نفسها). ويعزى هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى كون النمو السكاني في أفريقيا يتخطى نمو العرض. ولن تكون زيادة الإنتاج المحلي (بنسبة 13 في المائة خلال الفترة 2019–2030) وزيادة واردات الأسماك كافية لتلبية الطلب المتزايد في الإقليم. ومن المتوقع أن ترتفع حصة واردات الأسماك المخصصة للاستهلاك البشري من مجموع إمدادات الأسماك المخصصة للأغذية من 37 في المائة عام 2018 إلى 40 في المائة في عام 2026. ولكن من شأن هذه الزيادة، فضلًا عن نمو الإنتاج في تربية الأحياء المائية (بنسبة 48 في المائة في عام 2030 مقارنة بعام 2018) ومصايد الأسماك الطبيعية (بنسبة 5 في المائة)، أن تعوّض بشكل جزئي فقط عن النمو السكاني. وستشكّل مصر أحد الاستثناءات القليلة، ذلك أنه من المتوقع أن تزيد البلاد إنتاجها الكبير أصلًا من تربية الأحياء المائية (بنسبة 42 في المائة في عام 2030 مقارنة بعام 2018). ويثير التراجع المتوقع في نصيب الفرد من استهلاك الأسماك في أفريقيا مخاوف تتعلق بالأمن الغذائي بسبب ارتفاع معدل انتشار نقص التغذية في الإقليم (منظمة الأغذية والزراعة وآخرون، 2019)، وبأهمية الأسماك في إجمالي استهلاك البروتينات الحيوانية في العديد من البلدان الأفريقية (أنظر القسم بعنوان استهلاك الأسماك، الصفحة 65). وقد يؤدي هذا التراجع أيضًا إلى إضعاف قدرة المزيد من البلدان المعتمدة على الأسماك على تحقيق المقاصد المتصلة بالتغذية (2–1 و2–2) المرتبطة بالهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة (القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسّنة وتعزيز الزراعة المستدامة).
سيستمر تداول الأسماك والمنتجات السمكية بدرجة عالية. ومن المتوقع أن يتم تصدير حوالي 36 في المائة من إجمالي الإنتاج السمكي في عام 2030 على شكل منتجات مختلفة للاستهلاك البشري أو سلع غير صالحة للأكل. أما في ما يتعلق بالكميات، فمن المتوقع أن تنمو التجارة العالمية للأسماك المخصصة للاستهلاك البشري بنسبة 9 في المائة في الفترة المشمولة بالتوقعات وأن تصل إلى أكثر من 54 مليون طن بمكافئ الوزن الحيّ في عام 2030 و47 مليون طن إذا استثنيت التجارة داخل الاتحاد الأوروبي (الجدول 18). وبصورة عامة، فإنه من المتوقع أن ينخفض متوسط معدل النمو السنوي للصادرات من 2 في المائة في الفترة 2007–2018 إلى 1 في المائة في الفترة 2019–2030. ويعزى ذلك جزئيًا إلى: (1) تباطؤ نمو الإنتاج؛ (2) وزيادة الطلب المحلي في بعض البلدان المنتجة والمصدرة الرئيسية مثل الصين؛ (3) وارتفاع أسعار الأسماك، الأمر الذي سيكبح الاستهلاك الإجمالي للأسماك. وستساهم تربية الأحياء المائية في حصة متنامية من التجارة الدولية في السلع السمكية المخصصة للاستهلاك البشري. وستبقى الصين الدولة الرئيسية في قائمة الدول المصدرة للأسماك المخصصة للاستهلاك البشري، تليها فييت نام والنرويج. ومن المتوقع أن يكون الحجم الأكبر من نمو صادرات الأسماك ناتجًا من آسيا التي ستشكّل حوالي 73 في المائة من حجم الصادرات الإضافية بحلول عام 2030. وستزداد حصة آسيا في إجمالي تجارة الأسماك للاستهلاك البشري من 48 في المائة في 2018 إلى 50 في المائة في 2030. ومن المتوقع أن تواصل الاقتصادات المتقدمة اعتمادها على نحو كبير على الواردات لتلبية الطلب المحلي. وسيمثّل الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة الأمريكية نسبة 38 في المائة من إجمالي واردات الأسماك للاستهلاك الغذائي في عام 2030، ما يمثّل انخفاضًا طفيفًا مقارنة بالنسبة المسجّلة في عام 2018 (40 في المائة) (الجدول 18).
يكشف التحليل عن الاتجاهات الرئيسية التالية للفترة الممتدة حتى عام 2030:
◂ من المتوقع أن يزداد إنتاج الأسماك واستهلاكها وتجارتها عالميًا، غير أن معدل النمو سيتباطأ مع مرور الوقت.
◂ رغم انخفاض إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية في الصين، من المتوقع أن يرتفع إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية في العالم ارتفاعًا معتدلًا نتيجة نمو الإنتاج في مناطق أخرى، إذا ما تمت إدارة الموارد على نحو سليم.
◂ من المتوقع أن يؤدي النمو العالمي في إنتاج قطاع تربية الأحياء المائية، على الرغم من تباطؤه، إلى سدّ الفجوة القائمة بين العرض والطلب.
◂ سترتفع الأسعار بالقيمة الإسمية، إلا أن قيمتها الحقيقية ستتراجع رغم بقائها مرتفعة.
◂ سوف تزداد إمدادات الأسماك المخصصة للأغذية في جميع الأقاليم، في حين أنه من المتوقع أن ينخفض نصيب الفرد من استهلاك الأسماك في أفريقيا، لا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ما يثير القلق بشأن الأمن الغذائي.
◂ من المتوقع أن تزداد تجارة الأسماك والمنتجات السمكية بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في العقد الماضي، ولكن من المتوقع أن تظل حصة إنتاج الأسماك التي يتم تصديرها مستقرة.
◂ ومن المتوقع أن يكون للإصلاحات والسياسات الجديدة التي ستطبقها الصين في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية كامتداد لخطتها الخمسية الثالثة عشرة (2016–2020) تأثير ملحوظ على المستوى العالمي، مع تغيّرات في الأسعار والإنتاج والاستهلاك.
تستند التوقعات المعروضة في هذا القسم إلى سلسلة من الافتراضات الاقتصادية والسياساتية والبيئية. وتؤدي صدمة ما في أي من هذه العوامل المتغيّرة إلى اختلاف التوقعات المتعلّقة بالأسماك. ويمكن أن تبرز أوجه عدم يقين وقضايا محتملة عديدة خلال الفترة المشمولة بالتوقعات. وبالإضافة إلى أوجه عدم اليقين الناجمة عن فيروس كورونا (كوفيد-19)، يمكن أن تتأثر التوقعات الواردة هنا بالإصلاحات التي تجريها الصين في مجال السياسات وبمجموعة كبيرة من العوامل الأخرى. ومن المرجح أن يشهد العقد القادم تغيّرات رئيسية في البيئة الطبيعية، وتوافر الموارد، وظروف الاقتصاد الكلي، وقواعد التجارة الدولية والتعريفات الجمركية، وخصائص السوق، والسلوك الاجتماعي، ما قد يؤثر في الإنتاج والأسواق والتجارة على المدى المتوسط. ومن المتوقع أن تترتب عن تقلّب المناخ وتغيّره، بما في ذلك وتيرة الأحوال الجوية القصوى ونطاقها، آثار كبيرة ومختلفة من الناحية الجغرافية على توافر الأسماك والمنتجات السمكية وتجهيزها والتجارة فيها، الأمر الذي يجعل البلدان أكثر عرضة للمخاطر (22 الإطار). ويمكن أن تتفاقم هذه المخاطر من جراء: (1) الحوكمة الضعيفة التي تتسبب بتدهور البيئة وتدمير الموائل، الأمر الذي يؤدي إلى فرض ضغوط على قاعدة الموارد، والصيد الجائر، والصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، والأمراض، وغزو الأسماك الهاربة والأنواع غير المحلية؛ (2) وقضايا تربية الأحياء المائية المرتبطة بإمكانية الوصول إلى المواقع والموارد المائية وتوافرها والحصول على القروض والبذور والخبرات. ولكن يمكن التخفيف من حدة هذه المخاطر من خلال الحوكمة المتجاوبة والفعالة التي تعزز نظم الإدارة الصارمة لمصايد الأسماك، والتنمية الرشيدة لتربية الأحياء المائية، وتحسين التكنولوجيا والابتكارات والبحوث. وعلاوة على ذلك، سيستمر وجود متطلبات الوصول إلى الأسواق المتعلقة بسلامة الأغذية وجودتها ومعايير التتبّع ومشروعية المنتجات بتنظيم التجارة الدولية في الأسماك.
من الآليات الرئيسية التي تؤثر بها عملية تغيُّر المناخ على التنوع البيولوجي البحري1 درجات الحرارة المرتفعة وتحمّض المياه، حيث أنها تؤثر على الإنتاجية وتوزيع الأرصدة السمكية البحرية.2 ويتسم نطاق هذه التغييرات الإيكولوجية وحجمها بأهمية حاسمة للمجتمعات المعتمدة على مصايد الأسماك البحرية من أجل كسب عيشها.3 ولدعم إدارة هذه الآثار والتخفيف منها، أجرت المنظمة دراسة أوَّلية تحدِّد درجة من درجات مخاطر تغيُّر المناخ للدول الساحلية البحرية التي تتاح بيانات عن التغييرات في إمكانات مصيدها حتى عام 2050. ويراعى في هذه الدرجة ما يلي: (1) مخرجات نماذج التنبؤ بالتغييرات في إمكانات المصيد لكل منطقة؛ (2) درجة مركّبة مشتقة من مجموعة مختارة من المقاييس التي تقيس مدى اعتماد الدولة اقتصاديًا وتغذويًا على مصايد الأسماك الطبيعية البحرية بالإضافة إلى المستوى العام لتنميتها الاقتصادية والاجتماعية.
يُطلق على البُعد الذي يبيّن التغيير المتوقع في إمكانات المصيد اسم بُعد الأثر، بينما يُشار إلى البُعد الذي يقيس الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية أنه بُعد القابلية للتأثر (الشكل ألف). وتم توليد أربع نسخ من إطار تحديد الدرجات، واحدة لكل مجموعة من التنبؤات التي ينتجها نموذجان:
1- نموذج الظروف المناخية الحيوية الديناميكية،
2- ونموذج شبكة الأغذية الديناميكية القائمة على الحجم،
في إطار اثنين من سيناريوهات انبعاثات غازات الدفيئة:
1- مسار التركيز التمثيلي 2.6 (انبعاثات منخفضة)،
2- ومسار التركيز التمثيلي 8.5 (انبعاثات مرتفعة)،
على النحو الذي بيَّنه Cheung ،Bruggeman، وMomme4.
وتحدد للدول التي ترتفع لديها هذه الزيادات المتوقعة في إطار هذه المجموعات من السيناريوهات القائمة على النماذج درجة عالية على طول بُعد الأثر بمقياس يبدأ من صفر إلى 1. ويُقسَّم بُعد القابلية للتأثر الذي تتراوح درجته أيضًا من صفر إلى 1، إلى ثلاثة مكونات فرعية:
1- الاعتماد التغذوي الذي يشمل أيضًا الاعتماد على التجارة للحصول على إمدادات الأسماك، والاعتماد الكلي على الأسماك لتلبية المتطلبات التغذوية المعدَّلة لمراعاة الخصائص الديمغرافية، ومتغيِّر وهمي يشير إلى ما إذا كان البلد مصنفًا كبلد من بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض؛
2- والاعتماد الاقتصادي على مصايد الأسماك الطبيعية البحرية، ويُحسب من القيمة التقديرية لإنتاج مصايد الأسماك الطبيعية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، وقيمة صادرات مصايد الأسماك كنسبة مئوية، وكنسبة مئوية لمجموع صادرات السلع، والنسبة المئوية للسكان العاملين في قطاع مصايد الأسماك البحرية؛
3- والمستوى النسبي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويستند ذلك إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مركّب يشمل مؤشرات الحوكمة التي وضعها البنك الدولي، ومتغيرًا وهميًا يشير إلى ما إذا كانت الدولة مصنفة ضمن أقل البلدان نموًا.
وتحدَّد بعد ذلك للدولة درجة مخاطر تتراوح بين صفر و1، وتُحسب هذه الدرجة كمتوسط لدرجات الأثر والقابلية للتأثر الخاصة بتلك الدولة.
ومع أن درجات فرادى البلدان تختلف حتمًا باختلاف مجموعات نماذج وسيناريوهات التوقعات، يمكن ملاحظة عدة نتائج مشتركة بين البلدان. وتقع معظم الدول المحدَّدة بأنها أكثر عرضة لمخاطر التغييرات المتوقعة في
إمكانات المصيد في المناطق الساحلية المدارية من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بالإضافة إلى عدة دول جزرية صغيرة في المحيط الهادئ. وتحصل كل من بنن، وكيريباس، وليبريا، وموريتانيا، وموزامبيق، وسيراليون، وجزر سليمان، وتوغو، جميعها باستمرار على درجات عالية في جميع المجموعات (الشكل باء). وأما خارج أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والمحيط الهادئ، تندرج كمبوديا وهايتي باستمرار ضمن مجموعة الدول المعرَّضة بشدة لخطر مواجهة تأثيرات سلبية ملموسة ناجمة عن تغيُّر المناخ بسبب مجموعة من التغييرات (السلبية) الكبيرة المتوقعة في إمكانات المصيد وضعفها الشديد في مواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية.
ورغم الحاجة إلى وضع استراتيجيات للتخفيف من وطأة التأثيرات واتخاذ قرارات على صعيد السياسات وتنفيذها على أساس كل إقليم على حدة، توفِّر هذه الدراسة الأوَّلية إطارًا عامًا لتحديد الدول ذات الأولوية وتوجيه جهود التدخلات المقبلة العالية الأثر. ويمكن تنفيذ هذه التدخلات ذات الأولوية بالاشتراك مع الشركاء الرئيسيين للمنظمة كجزء من مبادرة العمل يدًا بيد التي تُمسك المنظمة بزمام قيادتها، بالتعاون الوثيق مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأغذية العالمي. ومن خلال بناء شراكات مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى والمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف، تحدِّد هذه المبادرة التي تُمسك البلدان بزمام قيادتها وملكيتها، أفضل الفرص لزيادة مستوى الدخل والحد من أوجه عدم المساواة ومواطن الضعف، وتكفل في الوقت نفسه أن تعبّر السياسات التي تنهض بجميع الركائز الثلاث للتنمية المستدامة - الاقتصادية والاجتماعية والبيئية – تعبيرًا تامًا عن معايير الأمم المتحدة. وتحقيقًا لهذه الغاية، تُعزز المبادرة استخدام التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية وخدمات النُظم الإيكولوجية بصورة مستدامة. وتدعم أيضًا التكيُّف مع تغيُّر المناخ والتخفيف من آثاره والقدرة على الصمود في مواجهته، وتُساند الأهداف الرئيسية لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، بما يشمل التنمية المستدامة للنُظم الغذائية.5
Illuminating Hidden Harvests (تسليط الضوء على الصيد المستتر) هي دراسة عالمية جديدة تنظر في مساهمات مصايد الأسماك صغيرة النطاق وآثارها في سياق التنمية المستدامة. ومن المتوقع أن تصدر هذه الدراسة في أواخر عام 2020، وقد جرت بقيادة منظمة الأغذية والزراعة وجامعة ديوك وبرنامج البحوث المعني بالنظم الغذائية الزراعية للأسماك الذي يقوده المركز العالمي للأسماك WorldFish والذي يتبع للجماعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية. وقد حصلت الدراسة على التمويل من الوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي، والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي، ومؤسسة أوك، والصندوق الاستئماني للجماعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية.
وتعدّ الدراسة من أكبر الجهود المبذولة لجمع البيانات والمعلومات المتاحة عن مصايد الأسماك صغيرة النطاق في العالم. وهي تهدف إلى المساهمة في الأدلة لتوجيه الحوارات وعمليات وضع السياسات العالمية من أجل تمكين الصيادين، ومنظمات المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية من الدعوة لصالح مصايد الأسماك صغيرة النطاق المنتجة والمستدامة والمنصفة.
تؤدي مصايد الأسماك صغيرة النطاق دورًا مهمًا، من قنوات الصرف على جوانب الطرقات في جنوب شرق آسيا إلى الدلتات الكبرى لأنهر العالم الكبرى ومياه المحيطات والبحار القريبة من السواحل. وفي حين أنها قد تبدو مختلفة جدًا في كل من هذه السياقات، إلا أنها تملك قاسمًا مشتركًا يتمثل في توفيرها سبل العيش لملايين الأشخاص والتغذية لمليارات الأشخاص، وتقديمها مساهمة كبيرة في الأسرة والاقتصادات المحلية والوطنية والنمو الاقتصادي. وتشير التقديرات إلى أن مصايد الأسماك صغيرة النطاق تؤمّن 90 في المائة من فرص العمل في قطاع مصايد الأسماك البحرية (البنك الدولي، 2012). وتدعم الأنهر والبحيرات والسهول الفيضية الداخلية عددًا أكبر من الصيادين والمجهزين والتجار من الذي تدعمه القطاعات البحرية، بوصفها في الكثير من الأحيان مكونًا أساسيًا من سبل كسب العيش المعقدة والمتقلبة بحسب المواسم. علاوة على ذلك، تكتسي مصايد الأسماك صغيرة النطاق في الغالب أهمية ثقافية بالنسبة إلى هوية المعنيين بها ويمكنها أن تكون أساسية للبنية الاجتماعية للمجتمعات الساحلية وتراثها الثقافي وتجارتها.
ولكن نظرًا إلى الطبيعة المتنوعة والمشتتة لمصايد الأسماك صغيرة النطاق، فإنه من الصعب تحديد وفهم المساهمات المتعددة التي تقدمها للتنمية المستدامة وتأثيراتها عليها. ونتيجة لذلك، غالبًا ما تُهمّش مصايد الأسماك صغيرة النطاق في العمليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولا تعطى الاعتبار الواجب في السياسات، وذلك رغم الإحصاءات المبهرة التي تتصدر العناوين في بعض الأحيان. ويطرح هذا التخفّي مشكلة متنامية ذلك أن الضغوط متزايدة من خارج القطاع (مثلًا من خلال المنافسة على الحيّز الساحلي/البحري والموارد المائية وآثار تغيّر المناخ) ومن داخله (مثل زيادة جهود الصيد ومحدودية الاستثمارات في الإدارة وزيادة بعض أنواع تدابير الصون) تتفاقم وتكاليف التهميش تزداد وضوحًا.
وتمثّل الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر، إطارًا عالميًا متعدد أصحاب المصلحة وتشاركيًا بصورة كبيرة لمعالجة هذه المسألة (منظمة الأغذية والزراعة، 2015). ويتمثل الهدف الطموح لهذه الخطوط التوجيهية الطوعية في دعم تنمية مصايد الأسماك صغيرة النطاق ومجتمعات الصيد من خلال نهج قائم على حقوق الإنسان في مصايد الأسماك ومتّسم بالاستدامة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وسيتطلب تحقيق هذا الهدف دعمًا وتعاونًا كبيرين من مجموعة من الشركاء، بمن فيهم الحكومات، ومنظمات مصايد الأسماك صغيرة النطاق، والشركاء في التنمية، والمؤسسات البحثية/الأوساط الأكاديمية، والمنظمات غير الحكومية. ويتمثل عنصر أساسي لجمع القرائن لصالح هذا الدعم في تسليط الضوء بشكل أفضل على مساهمات مصايد الأسماك هذه وآثارها المتنوعة، وتقديم الأدلة الموثوقة بطريقة تسمح للمجتمعات المحلية والمؤيدين باستعمالها لتبرير دعم القطاع وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما المقصد 14–ب المتعلّق بتمكين صغار الصيادين الحرَفيين من الوصول إلى الموارد البحرية والأسواق.
شكّلت دراسة الصيد المستتر لعام 2012 محاولة أولى لتلخيص المعلومات بشأن مساهمات مصايد الأسماك الطبيعية المتنوعة والمبلّغ عنها بطريقة مضللة في العالم (البنك الدولي، 2012). وقد أنتجت دراسات حالة مفصلة من بلدان تملك مصايد أسماك داخلية وبحرية صغيرة الحجم وذات أهمية، واستخدمتها لتقدير المساهمات العالمية. وأنتج هذا التجميع بعض التقديرات القيّمة لما تتسم به مصايد الأسماك الكبيرة والصغيرة من أهمية نسبية:
◂ ملايين الأطنان من الأسماك المتأتية من المصايد الصغيرة النطاق «مستترة» – بمعنى أنها غير مرئية ولا يتم التبليغ عنها – مع إشارة التقديرات إلى أنه لا يتم التبليغ عن حوالي 70 في المائة من مصيد المصايد الداخليّة؛
◂ ويعمل 116 مليون شخص من أصل 120 مليون شخص يعتمدون على مصايد الأسماك الطبيعية، في البلدان النامية. ويعمل أكثر من 90 في المائة من هؤلاء في مصايد الأسماك صغيرة النطاق، وتمثّل المرأة حوالي 50 في المائة من هذه اليد العاملة؛
◂ وتنتج مصايد الأسماك صغيرة النطاق في البلدان النامية أكثر من نصف مصيد الأسماك الذي يتم استهلاك ما بين 90 و95 في المائة منه على المستوى المحلي في المناطق الريفية حيث معدلات الفقر مرتفعة والحاجة ماسة إلى التغذية الجيّدة؛
◂ والعمالة في مصايد الأسماك صغيرة النطاق أعلى بأضعاف منها في مصايد الأسماك الكبيرة من حيث كل طن من الصيد.
لدعم الزخم المتزايد في تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر، ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة، قامت منظمة الأغذية والزراعة والمركز العالمي للأسماك WorldFish وجامعة ديوك بالعمل بالشراكة مع الخبراء من حول العالم على مراجعة دراسة الصيد المستتر الأساسية والبناء عليها. وتهدف دراسة Illuminating Hidden Harvests التي تغطي مرحلتي الصيد وما بعده في مصايد الأسماك الداخلية والبحرية، إلى معالجة الأسئلة التالية:
◂ ما هي المساهمات والآثار الاجتماعية والبيئية والاقتصادية والمتعلّقة بالحوكمة لمصايد الأسماك صغيرة النطاق على المستويين العالمي والمحلي (الجدول 19)؟
◂ ما هي محرّكات التغيير الرئيسية في هذه القطاعات، بما في ذلك التهديدات والفرص؟
تتبع دراسة Illuminating Hidden Harvests نهجًا قائمًا على دراسات الحالة للعمل مع الخبرات المحلية في البلدان ذات الأولوية التي تملك قطاعات كبيرة من مصايد الأسماك صغيرة النطاق أو التي تعتمد بشكل ملحوظ على مصايد الأسماك صغيرة النطاق البحرية والداخلية على السواء. وسيجرى توليف عالمي انطلاقًا من البيانات المتعلّقة بدراسات الحالة القطرية، ومجموعات البيانات المتاحة عالميًا وإقليميًا، والردود على استبيان مخصّص للمنظمة موجّه إلى جميع البلدان.
وتسعى دراسة Illuminating Hidden Harvests إلى إظهار الحاجة إلى اتباع نُهج أكثر شمولًا في التنمية المستدامة عبر توسيع نطاق التحليل مقارنة بدراسة الصيد المستتر لعام 2012 وعبر توفير توليف جديد بشأن المنافع الاجتماعية والتغذوية، وخصائص الحوكمة، والتمايز الاجتماعي في تدفّق المنافع من مختلف قطاعات مصايد الأسماك. وستشدّد مجموعة من الدراسات المواضيعية على المعلومات المتاحة بشأن مواضيع مهمة مثل المساواة بين الجنسين، والسكان الأصليين، والهوية الثقافية.
وقد استرشدت منهجية الدراسة بالمشاورات مع الخبراء، ويقدّم فريق استشاري فني الدعم للفريق الأساسي للدراسة.
تشمل دراسة Illuminating Hidden Harvests حوالي 50 دراسة حالة قطرية. وتم اختيار البلدان بحسب الأهمية المطلقة (المستوى العالمي) و/أو النسبية (المستوى القطري) التي تتسم بها مصايد الأسماك صغيرة النطاق فيها، مع مراعاة إنتاج مصايد الأسماك، والإنتاج التقديري لمصايد الأسماك صغيرة النطاق، والعمالة في مصايد الأسماك، ودور الأسماك في الأمن الغذائي، والتمثيل الجغرافي.
وتمثّل البلدان التي شملتها دراسات الحالة 76 في المائة من المصيد البحري العالمي، و83 في المائة من مصيد مصايد الأسماك صغيرة النطاق في العالم، و86 في المائة من الصيادين. وبالنسبة إلى مصايد الأسماك الداخليّة، تمثّل البلدان 89 في المائة من المصيد العالمي في المياه الداخلية و96 في المائة من الصيادين في المياه الداخلية والعاملين في أنشطة ما بعد الصيد. وتتوزع البلدان التي شملتها دراسات الحالة بحسب القارة على الشكل التالي: 26 بلدًا في أفريقيا؛ و18 في آسيا والمحيط الهادئ؛ و10 في أمريكا؛ و5 في أوروبا.
الحكومات ومؤسسات مصايد الأسماك الوطنية: تعدّ المؤسسات الحكومية التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن السياسات والتي تُعتبر جهات فاعلة رئيسية في إدارة مصايد الأسماك، مجموعة مستهدفة مهمة وجهات متعاونة في دراسة Illuminating Hidden Harvests. وبالنسبة إلى البلدان المشمولة بدراسات الحالة، فإنه من المتوقع أن تقدّم الدراسة توليفًا لبيانات المسوحات والبحوث القائمة التي من شأنها إتاحة فكرة جديدة وذات صلة بالسياسات عن مختلف المساهمات التي تقدّمها قطاعات مصايد الأسماك صغيرة النطاق الداخلية والبحرية الوطنية والآثار المترتبة عنها.
وتساهم إدارات مصايد الأسماك بنشاط في دراسة Illuminating Hidden Harvests عبر استكمال مسح مخصص للمنظمة بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق سيدرج في دراسات الحالة الوطنية والتوليف العالمي. ويشمل هذا المسح أسئلة محددة بشأن قطاع مصايد الأسماك صغيرة النطاق وتوافر البيانات. كما أنه يكمّل القسم المتعلّق بمصايد الأسماك صغيرة النطاق في استبيان المنظمة بشأن تنفيذ المدونة (أنظر القسم بعنوان التقدّم المحرز في تحقيق الاستدامة، الصفحة 96) والصكوك ذات الصلة.
مناصرو مصايد الأسماك صغيرة النطاق، ولا سيما منظمات مصايد الأسماك صغيرة النطاق: تعدّ منظمات مصايد الأسماك صغيرة النطاق ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ذات الصلة التي تدعم الجهات الفاعلة في مصايد الأسماك صغيرة النطاق على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، أصواتًا مهمة في الدعوة إلى بناء مستقبل منتج ومنصف ومستدام لمصايد الأسماك صغيرة النطاق يرتكز على مبادئ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر. وينطوي إعداد دراسة Illuminating Hidden Harvests على العمل مباشرة مع هذه المجموعات من أجل فهم الحاجة إلى المعلومات وأفضل النُهج لعرض نتائج الدراسة بطريقة تدعم إدماج مصايد الأسماك صغيرة النطاق بفعالية أكبر في العمليات ذات الصلة داخل مصايد الأسماك وخارجها.
المجتمع العلمي والأوساط الإنمائية: بالنسبة إلى المناصرين والشركاء في البحوث في القطاع، تتسم البيانات والمعلومات المجمّعة الرفيعة المستوى الخاصة بالسياق المحلي والمتعلّقة بالمساهمات التي تقدّمها مصايد الأسماك صغيرة النطاق، بالأهمية في تحديد أولويات البحوث واتجاهها وتصميمها. وتشرك دراسة Illuminating Hidden Harvests مراكز البحوث المحلية والوطنية والدولية والعلماء والممارسين، حسب الاقتضاء، في البلدان المشمولة بدراسات الحالة للمساعدة على تحديد البيانات والدراسات القائمة الأكثر صلة بقطاع مصايد الأسماك صغيرة النطاق. كما أنها تشجّع استكشاف البيانات المتوافرة التي لا يجري تحليلها عادةً من منظور مصايد الأسماك صغيرة النطاق لجهة علاقتها بالتغذية مثلًا والتي يمكنها أن تعطي فكرة مهمة عن مساهمات القطاع وأن تساعد بالتالي على توجيه الاهتمام السياسي والإنمائي.
سيقوم مشروع Illuminating Hidden Harvests بإعداد تقرير توليفي رئيسي سيصدر في أواخر عام 2020. وستنشر دراسات مواضيعية، وربما عدد من دراسات الحالة القطرية، كتقارير منفصلة ومقالات في المجلات العلمية عند الاقتضاء. وتقوم استراتيجية للاتصالات بدعم هذه العملية وتنطوي على العمل عن كثب مع أصحاب المصلحة الرئيسيين لفهم احتياجات الاتصالات بغية دعم مجتمعات مصايد الأسماك صغيرة النطاق والجهود الرامية إلى تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر.
بالإضافة إلى ذلك، سوف تتاح الأساليب المطوّرة لدراسة Illuminating Hidden Harvests، بما في ذلك على شكل دورات للتعلّم الإلكتروني، من أجل تيسير اعتمادها. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى دعم تنمية القدرات في مجال جمع المعلومات المتعلّقة بمصايد الأسماك صغيرة النطاق وتحليلها.
ويتوافر المزيد من المعلومات بشأن الدراسة على الإنترنت (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ن).
يؤدي عدم إجراء رصد منتظم لمجموعة واسعة من مصايد الأسماك الداخلية إلى تقييد القدرة على إعطاء مؤشر لحالة أو سلامة المصايد الداخلية في العالم (أنظر القسم بعنوان مصايد الأسماك الداخلية). ويشمل هذا التقييد كلًا من تأثير نشاط الصيد وكذلك الأثر الناشئ عن الدوافع البشرية المنشأ (بما فيها التقلبات المناخية).
وباستثناء بعض المصايد الكبيرة البارزة، لا يُعبِّر رصد مصايد الأسماك الفردية بصورة وافية عن حالة مصايد الأسماك الداخلية في أحواض الأنهار أو داخل الحدود الوطنية. وينحصر المستوى العالمي الحالي للمعلومات المتاحة للتحليل في بيانات المصيد الوطنية، وهي تجميع لجميع بيانات الإنتاج الوطني التي تقوم البلدان بالإبلاغ عنها.
ولا يتيح رصد اتجاهات ازدياد المصيد الوطني أو تراجعه كثيرًا من المعلومات التي تساعد على فهم حالة مصايد الأسماك الفردية وأرصدتها أو استدامتها داخل بلد ما. ولذلك يجب أن يسعى أي تقييم هادف لمصايد الأسماك الداخلية إلى ربط الضغوط البيئية المتعددة المؤثرة على المسطحات المائية عبر مستجمعات المياه والأحواض. ويمكن أن يشير ذلك إلى مدى تأثير هذه العوامل على درجة مساهمة مستجمع المياه في دعم أنشطة مصايد الأسماك الداخلية (منظمة الأغذية والزراعة، 2018و). وتتعاون المنظمة مع الوكالة الأمريكية للمسح الجيولوجي من أجل وضع خريطة للأخطار العالمية التي تُهدِّد مصايد الأسماك الداخلية. ويستخدم هذا العمل نهجًا لوضع النماذج المتداخلة للجمع بين مجموعات بيانات المعلومات الجغرافية العالمية لعشرين من الضغوط المحددة (المؤشرات الفرعية) المؤثرة على مصايد الأسماك الداخلية (الجدول 20).
أسفرت تلك الجهود عن رسم خريطة مركّبة تهدف إلى توفير مؤشرات مرئية (وقابلة للقياس الكمي) للمستويات النسبية للتهديدات التي تؤثر على إمكانات المسطحات المائية في دعم مصايد الأسماك الداخلية أو التنوع البيولوجي المائي داخل الأحواض الرئيسية وأحواضها الفرعية. ويمكن أيضًا النظر إلى خريطة التهديدات باعتبارها مؤشرًا غير مباشر للضغوط البشرية النسبية المشتركة على أحواض رئيسية أو أحواض فرعية محددة تدعم مصايد الأسماك (الشكل 57) مع ملاحظة أن بعض العوامل المحرِّكة المقاسة، يمكن أن تؤدي، إلى حد ما، إلى زيادة إنتاجية مصايد الأسماك بدلًا من تقييدها.
ويمثّل هذا العمل برنامجًا جاريًا في إطار الوكالة الأمريكية للمسح الجيولوجي. وعندما يتم الانتهاء منه ستتاح الأجزاء الخاصة بنُظم المعلومات الجغرافية لخريطة التهديدات مجانًا من خلال قاعدة بيانات العلوم (ScienceBase) وغيرها من نُظم المعلومات المفتوحة المصدر. وستُشكّل قاعدة بيانات العلوم مستودعًا للبيانات، وفهرسًا للمدونة ووثائق معالجة البيانات، وهمزة وصل بين مجموعات البيانات المكتسبة وعلاقات التعاون ذات الصلة (الوكالة الأمريكية للمسح الجيولوجي، 2020). ومن المتوقع عدم حدوث تغييرات تُذكر على طبقات البيانات على المستوى العالمي المجمَّعة خلال فترة تتراوح بين خمس وعشر سنوات، وسيكون هذا هو الإطار الزمني النموذجي للتحديثات الدورية بشأن حالة تهديدات مصايد الأسماك الداخلية في العالم. وستكون المنظمة قادرة على استخدام المعلومات والبيانات المستخرجة لإجراء مزيد من التحليل والربط لتجميع التقارير عن مصايد الأسماك، ويفضّل أن يكون ذلك على المستوى دون الوطني.
وتحدِّد الخريطة في الشكل 58 المناطق الأكثر عرضة لآثار سلبية بسبب الضغوط الناجمة عن زيادة إغناء المياه بالمغذيات، والكثافة السكانية المرتفعة والتلوث واستخدام الأراضي وتشتت الموائل. ويمكن أن توفِّر الخريطة أفكارًا بشأن المناطق التي تحتاج إلى جهود لفهم عواقب هذه الضغوط، لا سيما إذا كان مستوى المصيد في المنطقة مرتفعًا أو إذا كانت المنطقة ذات أهمية خاصة للتنوع البيولوجي المائي. وغطّت النتائج الأوَّلية للتحليل 87 منطقة من مناطق الأحواض المحددة التي تنتج 95 في المائة من مصيد أسماك المصايد الداخلية في العالم (الجدول 21).
وعلى نطاق الأحواض، تنشأ أكبر التهديدات التي تواجهها مصايد الأسماك الداخلية عن فقدان الاتصال المائي، واستخراج المياه، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع الكثافة السكانية (سيؤدي ذلك في الغالب إلى الدفع نحو الصيد من أجل الغذاء)، وتغيُّر استخدامات الأراضي وما يرتبط بها من جريان سطحي. ويمكن لهذه التهديدات أن تكون أكثر اتصالًا بالنُظم النهرية ونُظم السهول الفيضية أكثر من ارتباطها بنُظم البحيرات الكبرى.
وسجّل حوضان فقط درجة أقل من 3، ويعني ذلك إما كثافات سكانية منخفضة وضغوطًا زراعية منخفضة نسبيًا، أو مناطق تفرض فيها الإدارة البيئية بعض القيود على التهديدات التي تتعرّض لها بيئات المياه العذبة ومصايد أسماكها. غير أن هذين الحوضين ينتجان كميات لا تُذكر من أسماك مصايد الأسماك الداخلية.
وتوفِّر الأحواض التي سجّلت درجات تراوحت بين 4 و5 درجات (47 في المائة) أو أعلى، أي ما يتراوح بين 6 و7 درجات (38 في المائة) غالبية مصيد مصايد الأسماك الداخلية في العالم. وتمثّل هذه الفئة الثانية بعض أكثر مصايد الأسماك الداخلية إنتاجية في العالم التي ترتفع فيها درجات التهديدات نوعًا ما، وهو ما يؤكد أن ارتفاع الكثافة السكانية وحمولات المغذيات في هذه الأحواض، بالاقتران مع وفرة الموارد المائية، قد يكون محركًا لإنتاجيتها. وتوفِّر الأحواض التي تبلغ فيها درجات التهديدات أعلى مستوى لها 10 في المائة فقط من مصيد الأسماك الداخلية في العالم.
ويمكن أن تُعبِّر خرائط التهديدات بصورة أكبر عن مصايد الأسماك في البحيرات الضحلة الكبيرة (مثل بحيرة تونلي ساب) والسهول الفيضية النهرية، والأراضي الرطبة، ودلتا الأنهار، والخزانات، ومصايد الأسماك الواقعة في مسطحات مائية كبيرة للغاية (مثل بحر قزوين، وبحيرات لورانس العظمى، وبحيرة ملاوي، وبحيرة تنغانيقا، وبحيرة فكتوريا). ويمكن أن يُعزى ذلك إلى المعدل الكبير لزمن البقاء وبطء تبدّل المياه في نُظم البحيرات الكبيرة، وهو ما يتيح لها استيعاب أو مراكمة الآثار من خلال عمليات تحدث على مدى سنوات كثيرة قبل الوصول إلى نقطة تحوّل حاسمة. ومن هنا فإن الحوض "المنخفض الأثر" يمكن أن يحيط ببحيرة كبيرة تلاحَظ فيها تأثيرات مهمة للإغناء بالمغذيات (مثل بحيرة فكتوريا). وستحتاج هذه المسطحات المائية إلى تحليل منفصل للتهديد الذي يتعرض له المسطح المائي نفسه.
ويعرض الشكل 58 أربع خرائط لتهديدات مصايد الأسماك الداخلية المهمة على مستوى الأحواض في أفريقيا وآسيا. ويتضح من البيانات المصنفة حسب الأحواض الفرعية كيفية مساهمة مختلف أجزاء الحوض في المستوى العام للتهديد. ويمكن أن تكون المستويات المختلفة ناجمة عن تركز كبير للآثار في بعض المناطق دون بعضها الأخر. ويؤكد ذلك على عدم تأثر جميع أجزاء الحوض بالطريقة نفسها وينطوي على تداعيات بالنسبة إلى مصايد الأسماك والتنوع البيولوجي في كل واحدة من هذه المناطق الفرعية.
من السمات المهمة لخرائط التهديدات إمكانية توسيعها من خريطة عالمية (الشكل 57) وصولًا إلى مستوى الأحواض الرئيسية والأحواض الفرعية (الشكل 58)، بل وحتى إلى مستويات الاستبانة الأقل التي توجد فيها البيانات. ويتيح ذلك لمديري مصايد الأسماك والبيئة دراسة التهديدات والعوامل المحرِّكة على المستوى المناسب لخطة الإدارة، ويدعم نهجًا قائمًا على النظام الإيكولوجي في إدارة مصايد الأسماك.
وتتمثّل ميزة هذه الطريقة في أنها تستخدم بيانات عالمية متاحة للجمهور، وهو ما يسمح بتغطية البلدان التي قد تكون قدرتها على جمع البيانات وإبلاغها إلى المنظمة محدودة للغاية. ويمكن تعزيز تفسير الخرائط بدرجة كبيرة عن طريق التحقّق من نتائج خرائط التهديدات من خلال الملاحظة الميدانية المستندة إلى جمع المعارف والبيانات المحلية، وهو ما يمكن للمنظمة وأعضائها السعي إلى تعزيزه. ومن شأن ربط خرائط التهديدات ببيانات مصايد الأسماك على المستوى دون الوطني أن يمكِّن من إجراء تحليل وطني ووضع خطط أكثر تفصيلًا، ولا سيما الإشارة إلى المناطق التي يلزم بلورة فهم أكبر لتهديداتها الرئيسية وعلاقاتها بإنتاج مصايد الأسماك والتنوع البيولوجي للأسماك. وقد يُمكِّن ذلك وكالات مصايد الأسماك الوطنية من تحديد مصايد الأسماك الداخلية المهمة (أو أشكال التنوع البيولوجي المائي) المعرّضة للخطر، وتحديد أولويات التدخلات المناسبة لرصد مصايد الأسماك وإدارتها.
ويمكن أيضًا استخدام رسم الخرائط لاختيار بعض مصايد الأسماك الداخلية الرئيسية وتتبّعها كمصايد دالّة لإجراء تقييم قابل للتكرار بشأن التغييرات في إنتاج مصايد الأسماك الداخلية في العالم. ويمكن لعمليات التقييم هذه أن تعتمد في البداية على نُهج شاملة لتقييم مصايد الأسماك بهدف الوقوف على حالة مصايد الأسماك بدون الحاجة إلى برامج لأخذ عينات مكثَّفة. ومن شأن ربط فهم حالة مصايد الأسماك الداخلية المختارة بخريطة التهديدات العالمية أن يوفِّر أيضًا خط أساس ووسيلة للإبلاغ الهادف عن التقدّم المحرَز في الأهداف الدولية، مثل أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي في أرصدة أسماك المصايد الداخلية، وكذلك اتخاذ إجراءات بشأن استعادة النُظم الإيكولوجية لدعم أهداف التنمية المستدامة.
وسيتطلّب هذا العمل في نهاية المطاف التزامًا وموارد إضافية لإجراء عمليات تقييم دالّة لمصايد الأسماك بصورة منتظمة، واتفاقًا للإبلاغ ضمن إطار موحَّد لتمكين المنظمة من الحصول على تقييم عالمي مماثل لتقييم المنظمة بشأن حالة الأرصدة البحرية.
تناول تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2018 الحاجة إلى تحسين توافر واستخدام البيانات والإحصاءات والمعلومات المتعلّقة بمصايد الأسماك (منظمة الأغذية والزراعة، 2018أ). وفي حين أن قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية كان عادةً متخلفًا عن غيره من القطاعات في اعتماد نظم المعلومات الفعالة، فإن التركيز يتزايد الآن على الفرص التي يمكن أن تتيحها الابتكارات في تكنولوجيا المعلومات وعلى الطريقة التي يمكنها أن تغيّر طريقة توليد القضايا المتعلّقة باستدامة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وتفسيرها والتواصل بشأنها (منظمة الأغذية والزراعة، 2020و). ويتم نشر أدوات جديدة بالاستناد إلى التكنولوجيات التي أثبتت جدواها مثل الهواتف المحمولة أو النظم القائمة على السحابة، من أجل التصدي لبعض مواطن الضعف الدائمة (23 الإطار). ولكن من المحتمل أن يؤثر بروز التكنولوجيات الجديدة والناشئة – مثل صور الأقمار الاصطناعية العالية الدقة، ونظام تحديد الهوية الآلي، وآلات التصوير وأجهزة الاستشعار في الموقع، والحمض النووي والتوصيف الوراثي، وتكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي – تأثيرًا بالغًا على سلسلة إمداد البيانات القائمة وأن يعيق إدارة القطاع في الأجل القصير إلى المتوسط.
هناك حاجة ماسة إلى التصدي لنقاط الضعف في نظم البيانات الموجودة، في وقت يُتوقع فيه أن تحدث التكنولوجيات الناشئة اضطرابات كبيرة في أطر الرصد والإدارة القائمة. وجمع البيانات في مصايد الأسماك صغيرة النطاق في الغالب ضعيف لأن نشاط الصيد هو عادة منتشر على طول السواحل، ولأن نظم البيانات معقدة ومكلفة. وغالبًا ما تكون البيانات التي يتم جمعها مبعثرة ومعروضة بصيغ شكلية مختلفة. ولا يزال نقص التكامل يشكّل تحديًا كبيرًا أمام رصد القطاع وإدارته. وتواجه البلدان صعوبات متزايدة في التأقلم مع الإبلاغ المتعدّد للأجهزة الدولية. ولمساعدتها على معالجة هذه المسائل، طوّرت المنظمة أداتين مبتكرتين هما:Calipseoو SmartForms .
وSmartForms هو تطبيق متعدّد اللغات لجمع البيانات بشأن مصايد الأسماك واستعراضها. وتسمح المنصة للمستخدمين بتصميم نماذج وفقًا لاحتياجات الدراسات الاستقصائية، وبتثبيت تطبيق على الهاتف المحمول من شأنه أن ينفّذ هذه النماذج، وبتخزين البيانات واستعراضها وتحليلها في قاعدة بيانات محمولة. ويمكن تبادل قاعدة البيانات هذه مع أي نظام مأذون به من نظم الأطراف الثالثة على غرار Calipseo (أنظر أدناه). ويقوم تطبيق SmartForms على نهج تشاركي يسمح لأصحاب المصلحة مثل الصيادين، والمراقبين العلميين، والمؤسسات الوطنية، والمنظمات الحكومية الدولية، بتقاسم التطبيق نفسه وجمع البيانات وفقًا للمعايير الدولية التي ترتبط بالمعايير الوطنية والإقليمية. وفي المقابل، فإن كل دراسة استقصائية مستقلة عن الأخرى وتجمع البيانات في بيئة آمنة وسرّية. وقد تم إطلاق هذا التطبيق الجديد للمنظمة كتطبيق مفتوح المصدر، ويرحَّب بانضمام المنظمات المهتمة إليه ومساهمتها فيه. ومن المتوقع أن يحسّن تطبيق SmartForms القدرة على جمع البيانات، بما في ذلك عبر تنفيذ المعايير الدولية، وينبغي بالتالي أن يسهّل مواءمة مجموعات البيانات بين خطط جمع البيانات. ويشكّل التطبيق أيضًا نهجًا مبتكرًا لجمع البيانات في القطاعات التي تفتقر إلى التوثيق والرصد (مثل مصايد الأسماك الترفيهية والمعلومات الاجتماعية والاقتصادية).
وCalipseo هو حلّ خاص بتكنولوجيا المعلومات لإدماج بيانات مصايد الأسماك وتبسيطها على طول سلسلة الإمداد الوطنية بالبيانات. وهو تطبيق متعدّد اللغات على شبكة الإنترنت يمكن نشره في السحابة أو على الخوادم المحلية. وتم تصميم هذا التطبيق لجمع مختلف أنواع البيانات عن مصايد الأسماك وإدارتها، بما في ذلك البيانات الإدارية الخاصة بمصايد الأسماك (سجلات أو قوائم تسجيل السفن والصيادين وشركات الصيد)، والبيانات عن أنشطة الصيد (أشكال المصيد، والسجلات، وأوامر الشراء من منشآت التجهيز)، وبيانات الدراسات الاستقصائية الإحصائية التي يجري جمعها من خلال تكوين العيّنات، والبيانات البيولوجية (المهمة لتقييم الأرصدة). وإن أداة معالجة البيانات هذه قابلة للتكييف وتنتج التقارير والإحصاءات وفقًا لاحتياجات السلطات الوطنية المعنية بمصايد الأسماك. ويمكن تقاسم البيانات والمعلومات أيضًا مع المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك والمنظمات الدولية التي تولي الأولوية لمنظمة الأغذية والزراعة، وفقًا للصيغ النموذجية أو أساليب الإبلاغ الموحّدة. وبعد تطوير برنامج تجريبي لجزر البهاما، تم نشر النظام الآن في ترينيداد وتوباغو.
وتماشيًا مع رؤية أهداف التنمية المستدامة التي تتوقع جني الفوائد من الابتكار في تكنولوجيا المعلومات، يقوم قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية باعتماد هذه التكنولوجيات بوتيرة سريعة لتحسين الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على طول سلاسل القيمة. وسيؤدي ذلك إلى رصد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المحكمة رصدًا كاملًا مع ربط السفن والمزارع بالشبكات المتعددة أجهزة الاستشعار التي تولّد مجموعات كبيرة من البيانات التي يمكن استخدامها لجميع أغراض الإدارة.
بات تتبّع حركة السفن حول العالم ضمن الإمكانيات الفنية بفضل التطورات في تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية. ويمثّل نظام تحديد الهوية الآلي واحدًا من تكنولوجيات التتبّع المصمَّمة لضمان سلامة الملاحة. فهو يبث موقع السفينة وهويتها ومسارها وسرعتها كل 10 إلى 30 ثانية. ويسمح تتبّع حركة عشرات الآلاف من سفن الصيد الصناعية التي يجري تحليلها بصورة مشتركة مع سجلات السفن بفضل خوارزميات التعلّم الآلي، بتوقع نوع نشاط الصيد وبتحديد كثافة الصيد بحسب المعدات المستخدمة. ومن الممكن بالتالي إنشاء قاعدة بيانات عالمية تتمتع بالدقة المكانية والزمنية غير المسبوقة وتتناول جهود الصيد بحسب نوع المعدات. ولتحقيق ذلك، تقوم المنظمة وشركاؤها بتعزيز قدرة نظام تحديد الهوية الآلي على مساعدة إدارة وبحوث مصايد الأسماك حول العالم، مع تسليط الضوء على نقاط القوة والحدود والثغرات فيه (Taconet وKroodsma وFernandes،2019).
وفي عام 2017، بدأ اعتبار نظام تحديد الهوية الآلي كتكنولوجيا صالحة لتقدير مؤشرات الصيد. فيمكن لهذا النظام أن يتتبّع معظم سفن الصيد الكبرى (التي يزيد طولها عن 24 مترًا) حول العالم، لا سيما أساطيل وسفن الصيد في المياه البعيدة في أعالي البحار والآتية من البلدان ذات الدخل المرتفع والمتوسط. ولكن تمثّل هذه السفن الكبرى 2 في المائة فقط من مجموع سفن الصيد المزوّدة بمحرك في العالم والبالغ عددها 2.8 ملايين سفينة (Taconet وKroodsma وFernandes، 2019)، كما أن نسبة صغيرة فقط من الأساطيل الساحلية الأصغر حجمًا مزوّدة بنظام تحديد الهوية الآلي. ويتباين أداء هذا النظام في تتبّع نشاط الصيد تباينًا كبيرًا بحسب مناطق الصيد. ففي أوروبا مثلًا، حيث معظم السفن التي يزيد طولها عن 15 مترًا مزوّد بنظام تحديد الهوية الآلي، يوفّر هذا الأخير تقديرًا جيدًا لنشاط الصيد في شمال المحيط الأطلسي. ولكن في جنوب شرق آسيا حيث نسبة صغيرة من السفن كبيرة الحجم وعدد قليل جدًا منها مزوّد بنظام تحديد الهوية الآلي وحيث جودة الاستقبال رديئة، لا يبلّغ النظام سوى عن جزء صغير من نشاط الصيد. وتظهر أكبر فروقات بين المعلومات عن نشاط الصيد القائمة على نظام تحديد الهوية الآلي وغيرها من بيانات الصيد، في شرق المحيط الهندي.
ومع أنه يمكن لنظام تحديد الهوية الآلي أن يوفّر المعلومات عن نشاط الصيد بسرعة أكبر من السجلات أو التقييمات الرسمية عن طريق نظام رصد السفن، قد يكون مستوى التفاصيل التي يتيحها (مثل عدد معدات الصيد أو الأنواع التي جرى اصطيادها) غير كاف للعديد من الاستخدامات الأخرى، ويمكن أن تقوم السفن بإطفائه بسهولة مقارنة بنظام رصد السفن أو أن تبث معلومات خاطئة عن هويتها. ويمكن جني العديد من الفوائد من الجمع بين نظام تحديد الهوية الآلي ونظام رصد السفن وبيانات سجلات السفن.
وتتحسن قدرة نظام تحديد الهوية الآلي على التمييز بين المعدات مع أنه ينبغي إحراز المزيد من التقدّم. وتعدّ السفن المزوّدة بخيوط طويلة والموجودة على نطاق واسع في أعالي البحار حول العالم، السفن التي تتعرّف عليها الخوارزميات القامئة على نظام تحديد الهوية الآلي على النحو الأفضل، لدرجة أنه يمكن النظر في هذه التكنولوجيا لتوفير المقاييس عن جهود الصيد في تقييم الأرصدة. ويتعرّف النظام أيضًا على أنواع أخرى من سفن الصيد الرئيسية، مثل سفن الصيد بالشباك القابضة وبشباك الجر، ولكنه يميل إلى عدم إبراز أهميتها بالقدر الكافي مقارنة بالسفن المزوّدة بخيوط طويلة. ولا تزال قدرة نظام تحديد الهوية الآلي على التمييز بين أنشطة الصيد التي تضطلع بها السفن المتعددة المعدات، محدودة.
وبصورة عامة، يمكن البدء باعتبار نظام تحديد الهوية الآلي تكنولوجيا صالحة لتقدير جهود الصيد وتخطيط الحيّز البحري في الوقت الحقيقي تقريبًا، شرط أن تدعمه عمليات التحقّق من قبل الإنسان (نظرًا إلى التفاوت في دقته). وتنظر جهات فاعلة عديدة إلى نظام تحديد الهوية الآلي على أنه تكنولوجيا قادرة على تتبّع الصيد غير القانوني. ولكن تم تصميم النظام في الأساس لأغراض الأمن البحري، أي لتكون السفن على علم بموقع السفن الأخرى، وبالتالي فإن استخدامه لأغراض أخرى من المحتمل أن يؤدي إلى مشاكل وغير موصى به. انطلاقًا من هنا، يمكن استخدام بيانات نظام تحديد الهوية الآلي لتوفير تقديرات إحصائية عن الصيد غير القانوني في بعض الحالات.
ويجب أن يكون النظام في المستقبل قادرًا على دعم إدارة مصايد الأسماك في ظل عدم اليقين وتغيّر المناخ. كما أنه يجب أن يتمكن، هو أو التكنولوجيات الشبيهة به، من رصد حجم المصيد في الوقت الحقيقي تقريبًا وبحسب المصايد، إلى جانب جهود الصيد. وتحتاج هذه الخطوة إلى تحسين أداء الخوارزميات لإدماج مصادر إضافية للبيانات، بما في ذلك نظام رصد السفن وسجلات السفن، والمعرفة الشاملة بشأن بيولوجيا الأنواع وتقنيات الصيد والبيئة المادية والقانونية. وسيحتاج توليد المعلومات والتقديرات الدقيقة عن جهود الصيد والمصيد انطلاقًا من هذه المجموعة الكبيرة من البيانات، إلى الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي. كما ستكون البنى التحتية الجديدة ضرورية لسدّ النقص في البيانات المتعلّقة بتشكيلات الأساطيل التي لا يمكن الكشف عنها حاليًا. وتشمل هذه البنى التحتية الأجهزة المتدنية الكلفة المثبّتة على السفن الصغيرة لبث موقعها، وهي أجهزة يجري اختبارها بالفعل، والأقمار الاصطناعية الجديدة التي ستكون قادرة على الكشف عن أجهزة الإرسال الأصغر حجمًا والسفن التي تستخدم الترددات الراديوية أو على الجمع بين رادار الفتحة الاصطناعية ونظام تحديد الهوية الآلي لتحديد هوية السفن التي لا تستخدم هذا النظام أو نظام رصد السفن.
تجمع أجهزة الاستشعار في تربية الأحياء المائية البيانات البصرية (مثلًا من خلال آلات تصوير الفيديو) والمادية بصورة متزايدة لرصد نمو الأسماك وصحتها والتقليل من فقدان العلف مثلًا. وفي حين ركّزت الابتكارات السابقة على المعدات الحاسوبية وجمع البيانات، باتت المشكلة اليوم تتجلى في الضغط المفروض على المزارعين لتفسير كمّ هائل من البيانات بصورة مستمرة. وفي هذه الحالة، يمكن للذكاء الاصطناعي ومعالجة البيانات المساعدة على تحديد الأنماط السائدة في أنشطة الإطعام وعرض استراتيجيات على المزارعين تتراوح بين استخدام العلف بطريقة فعالة من حيث التكلفة والحفاظ على رفاه الأسماك.
ويؤثر علم الجينوم بوتيرة سريعة على جوانب عديدة من الحياة. ففي قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، أصبحت تكنولوجيا الحمض النووي تتسم بالأهمية في: تربية الأسماك؛ والكشف عن العوامل الممرضة؛ ونظم الإنذار المبكر للكشف عن التهديدات المنقولة بواسطة العوالق إلى تربية الأحياء المائية بالاستناد إلى البصمة البيئية؛ والتحقق من أصالة الأسماك ومصدرها، لا سيما بالنسبة إلى المنتجات السمكية في التجارة الدولية. علاوة على ذلك، يمكن استخدام الحمض النووي للتحقق من أصالة منتجات محددة، مع تخزين البيانات أيضًا في هياكل قواعد البيانات التسلسلية (الجدول 22). ولكن ليس هناك معيار تنظيمي للتحقق من أصالة المنتجات السمكية بالاستناد إلى الحمض النووي، ولا بدّ من إقامة تعاون دولي يستند إلى النظم المتفق عليها في القطاع لجعل هذا الابتكار سهل الوصول.
وتحتاج المعارف اللازمة لتطوير نظم تربية الأحياء المائية وفقًا لنموذج النمو الأزرق، إلى الابتكارات في مجال الرصد. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الإدماج المكثف للبيانات على مختلف المستويات. ويمكن للأقمار الاصطناعية المزوّدة مثلًا بمنتجات الدليل التفاضلي المنمّط للنبات أن تبيّن موقع الأقفاص أو البرك وعددها ومساحتها وحتى نوع تربية الأحياء المائية التي تتم ممارستها. ويوفّر إنترنت الأشياء هذا الترابط بين النظم وأجهزة الاستشعار، وتسمح للمديرين بتحليل البيانات التي تولّدها المراقبة بواسطة الأقمار الاصطناعية بالاقتران مع تلك التي توفّرها البطاقات الإلكترونية للأسماك.
ويتمثل التحدي الرئيسي الذي تفرضه جميع هذه الابتكارات في جمع البيانات من جميع مزوّدي البيانات والبلدان وتحليلها بطريقة متّسقة. وستسفيد الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي إذا كانت البيانات متسقة وتتقيّد بمعايير محددة لجمعها وتجهيزها. ويمكن أن تؤدي المنظمة هنا دورًا قياديًا عبر المساهمة في وضع المعايير والخطوط التوجيهية وأفضل الممارسات عن طريق أجهزة وضع المعايير، مثل مجموعة العمل المعنية بتنسيق الإحصاءات الخاصة بمصايد الأسماك، ومركز الأمم المتحدة لتيسير التجارة والأعمال التجارية الإلكترونية، والتحالف من أجل بيانات البحوث.
الضفة الغربية وقطاع غزة
مستزرع أسماك يحصد الأسماك من إحدى الأحواض البالغ عددها 120 بركة التي ترعاها منظمة الأغذية والزراعة في المنطقة.
تنطوي تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية على إمكانية كبيرة لتحسين التتبّع والدقة والشفافية على طول سلاسل قيمة مصايد الأسماك على الرغم من وجود قيود كبيرة. ويمكنها أن توفّر بنية تحتية إلكترونية للتتبّع يكون من شأنها تخزين عناصر البيانات الرئيسية بصورة دائمة وتقاسمها (مثل منطقة المصيد والأنواع ونوع المنتجات وتاريخ الإنتاج أو انتهاء الصلاحية) إلى جانب أحداث التتبّع المهمة (مثل عمليات سفن الصيد وكمية المصيد وتقسيم المنتجات وتجهيزها). وتُستخدم هذه التكنولوجيا بالفعل كسجل رقمي لتسجيل المعاملات بالمنتجات بين الجهات الفاعلة في سلسلة الإمدادات.
وتكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية هي عبارة عن سلسلة مترابطة تخزّن البيانات القابلة للمراجعة في وحدات تسمّى «كتل» (منظمة الأغذية والزراعة والاتحاد الدولي للاتصالات، 2019). ويمكن استخدامها لتسجيل الأصول المادية والرقمية في سلاسل الإمدادات السمكية وأن تتتبّعها وترصدها. وتتيح هذه التكنولوجيا فرصًا لإدماج وإدارة العمليات وخصائص المنتجات والمعاملات التي تضيفها الجهات الفاعلة في سلسلة الإمدادات وإنترنت الأشياء، أي أجهزة الاستشعار والأجهزة الأخرى، في الوقت الحقيقي. ويُظهر الجدول 22 سلسلة إمدادات سمكية مدعومة من تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية حيث يمكن للمستخدم النهائي (المستهلك) أن يستخرج تاريخ المنتج وخصائصه. وتكون البيانات المخزّنة في قواعد البيانات التسلسلية آمنة ولا مركزية وغير قابلة للتغيير.
ومن شأن تطبيقات تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية في سلاسل الإمدادات الغذائية أن تعالج مجموعة واسعة من القضايا (منظمة الأغذية والزراعة والاتحاد الدولي للاتصالات، 2019؛ Nofima، 2019؛ Bermeo–Almeida وآخرون، 2018) التي تشمل: تحسين سلامة الأغذية وتتبعها وشفافيتها؛ وتحسين الأداء، والعائدات، والمساءلة، وأمن البيانات، وحماية العلامات التجارية. ومن منظور تشغيلي، يمكن لتكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية في سلاسل القيمة السمكية أن توفّر الحوافز لمختلف أصحاب المصلحة في القطاع. وبالنسبة إلى القطاع الخاص، يمكنها أن تحسّن كفاءة التشغيل وأن تعزّز العلامات التجارية في السوق، في حين أنها تسمح للسلطات الحكومية بالتحقق من تقارير المصيد وإقرارها وبإثبات أن سوق التصدير تستوفي الشروط.
ونظرت دراسة حديثة أجرتها المنظمة (Blaha وKatafano، 2020) في تطبيقات تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية في سلاسل القيمة السمكية. وتعدّ أسماك التونة أكثر السلع الأساسية تتبّعًا باستخدام هذه التكنولوجيا، تليها أسماك باتاغونيا المسنّنة والقريدس المستزرَع. ومع أن المبادرات المختلفة تستند إلى منصات مختلفة لتكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية، فهي تلتقي في أهدافها المتعلّقة بتقاسم البيانات وضمان عدم قابلية تغييرها. ويعدّ تطبيق تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية أمرًا مجدٍ عمليًا في سياق السلع السمكية ذات القيمة العالية وسلاسل القيمة المحددة بوضوح، وكذلك حيث يكون تأييد أصحاب المصلحة في سلسلة القيمة فعالًا. وتشمل التحديات: الاعتماد على المساهمات البشرية العرضة للتلاعب أو على بطاقات التوسيم المادية للأسماك (التي يمكن فقدانها أو إلحاق الضرر بها أو التلاعب بها)؛ وعدم الانفتاح على جمهور المنصات الخاصة أو مجموعة منصات تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية، الأمر الذي يؤدي إلى عدم إمكانية التحقق من المعاملات بطريقة مستقلة؛ والحلول التي لم يتم اختبارها بالكامل والمتعلّقة بسيناريوهات سلسلة القيمة السمكية المعقدة الفعلية حيث لا تكون الجهات الفاعلة معروفة.
وتواصل الأدوات المتاحة لتطوير حلول تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية تحسّنها فيما تزداد الحلول المتاحة لتنفيذها. ولكن، بصورة عامة، يصطدم اعتماد الحلول القائمة على تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية وتنفيذها وتوسيع نطاقها في الوقت الحاضر بعدد من الحواجز، أهمها أوجه عدم اليقين المتعلّقة باللوائح التنظيمية المقبلة، وعدم ثقة المستخدمين، والصعوبات في جمع الشبكات القائمة وتشغيلها بطريقة مشتركة (Tripolo وSchmidhuber، 2018). وفي حالة التتبّع في سلاسل القيمة السمكية بالتحديد، يجب أن تؤخذ التحديات المتأصلة في القطاع والفرص التي تتيحها التكنولوجيا بالاعتبار عند تطوير حالات الأعمال، مع إجراء تحليل متأن للتكاليف والمنافع بالاستناد إلى النماذج المصمّمة تصميمًا جيدًا لاتخاذ القرارات (منظمة الأغذية والزراعة والاتحاد الدولي للاتصالات، 2019؛ Litan، 2019) بغية تحديد ما إذا كانت الحلول القائمة على تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية هي الخيار الأفضل مقارنة بنظم التتبّع الإلكتروني القائمة.
وعلى ضوء ما سبق، ونظرًا إلى أن تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية هي تكنولوجيا متقدّمة تستند إلى النظم القائمة وتحسّنها، يبقى الافتقار إلى إمكانية التتبّع وتوحيد المقاييس والتشغيل البيني مصدر قلق كبير. وتؤدي المنظمة دورًا في تقديم المساعدة الفنية للبلدان من أجل تطوير نظم للتتبّع وتطبيقها، وفي الإقرار بالوقت نفسه بمختلف تطبيقات هذه النظم مثل سلامة الأغذية، والمشروعية، والتوسيم الإيكولوجي، وتوثيق المصيد، والغش في مجال الأغذية (منظمة الأغذية والزراعة والاتحاد الدولي للاتصالات، 2019).
تبيّن الأمثلة الواردة أعلاه كيف يجمع قطاع مصايد الأسماك ويحلّل كمًا متزايدًا من البيانات، ما يساهم في «سيل البيانات» وفي تزايد توافر مجموعات البيانات العامة الكبيرة مثل برنامج كوبرنيكوس لمراقبة الأرض والنظام العالمي لمراقبة المحيطات التابع له أو نظم المراقبة التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والشؤون الجوية. وفي العقد الأخير، تمكّن العالم من الوصول إلى كميات غير مسبوقة من البيانات بشأن قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. ويراقب حوالي 400 قمر اصطناعي مناخ الأرض وبيئتها، وتجمع مئات الطافيات البيانات البيئية، وتم تتبّع حوالي 50 000سفينة صيد بالفعل عام 2017. كما أن التكنولوجيا يجب أن تكون قادرة قريبا على رصد نشاط الصيد ومعدات الصيد (المفقودة). وسيستفيد صغار الصيادين البالغ عددهم 100 مليون نسمة والذين يحتاجون إلى ضمان سلامتهم في البحر وإلى أسعار عادلة، من تطبيقات الهواتف المحمولة لتحسين سبل عيشهم والتمكّن من نقل البيانات. وستنتشر أجهزة الاستشعار في كل مكان – السفن والمعدات والحيوانات والفضاء والمياه.
وسيولّد كل من تدفقات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي، تقارير تسرشد بها السلطات وأصحاب مزارع تربية الأحياء المائية وسفن الصيد في الوقت الحقيقي. وفي قطاع تربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك، توفّر هذه الابتكارات بدائل رخيصة الثمن وموثوقة للمهام البسيطة نسبيًا مثل تحليل الأداء بواسطة البيانات البيئية والفنية، أو المهام الأكثر تعقيدًا مثل تحديد خطوط الصيد الآمنة والمربحة. ومن المرجح أن يشكّل الجمع بين البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي عنصر تغيير في إدارة مصايد الأسماك. وعلى سبيل المثال، يتوقع أنه بمقدورهما التنبؤ بالكتلة الأحيائية أو توفير الدعم في الوقت الحقيقي لصنع القرارات المتعلّقة بمناطق الصيد التي يجب إقفالها. الاستراتيجيات التكيّفية بالفعل لإدارة مصايد الأسماك التي تستجيب للإشارات الواردة من الميدان، هي القاعدة. ويمكن أن يصبح تنفيذ اللوائح التنظيمية قائمًا أكثر فأكثر على البيانات وينبغي أن تحسّن وكالات الرصد فهمها للقطاع بشكل ملحوظ.
وتتمتع نُهج التكنولوجيا المتقدمة والبيانات الضخمة بالقدرة على تحسين الاستدامة وظروف عمل الصيادين ومستزرعي الأسماك، وعلى مساعدة المجتمع لتكوين فهم أفضل لأوجه الاعتماد المتبادل التي ستظهر بين تربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك والبيئة. ولكن يمكن أن تتعدى التكنولوجيات الجديدة على الخصوصية، وأن تنتهك أطر الرصد والإدارة القائمة، وألا تؤدي تلقائيًا إلى فرض ضوابط فعالة على الأنشطة. وعلى المنظمة أن تؤدي هنا دورًا في تعزيز استخدام المعايير، وضمان تحسين حقوق الصيادين وسبل عيشهم في المستقبل عبر تقوية التعاون الدولي في مجال إدارة البيانات والخصوصية، وتشجيع تطوير اللوائح والخطوط التوجيهية المناسبة وأفضل الممارسات الخاصة بنظم المعلومات.
تشكّل الأمراض الحيوانية المائية أحد العوائق الأشدّ خطورة التي تعترض توسّع تربية الأحياء المائية المستدامة وتنميتها. ويتمثّل اتجاه سائد على المستوى العالمي في مجال تربية الأحياء المائية في ظهور عامل ممرض لم يبلّغ عنه سابقًا ويمكنه أن يسبّب مرضًا جديدًا وغير معروف وانتشاره بسرعة، بما في ذلك عبر الحدود الوطنية، وتسبّبه بخسائر كبيرة في الإنتاج كل ثلاث إلى خمس سنوات تقريبًا (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ص). وتظهر هذه الأمراض الحيوانية المائية الخطيرة العابرة للحدود في غالب الأحيان نتيجة الإصابة بالفيروسات، ولكن أحيانًا يمكن أن تسبّبها البكتيريا أو الطفيليات. ويلي ذلك فترة طويلة من الوقت (عادة ما تمتدّ لسنوات) تفصل بين ملاحظة حدث نفوق كبير على الأرض، وتحديد العامل المسبّب للمرض وتأكيده لاحقًا، والوعي بشأنه على المستوى العالمي، ووضع نظم الرقابة والإبلاغ/الإخطار وتنفيذها، واتخاذ التدابير الفعالة لإدارة المخاطر. وفي هذا الصدد، "لا بدّ من إحداث نقلة نوعية في التعامل مع مخاطر الأمن الأحيائي في مجال تربية الأحياء المائيّة" على النحو المشار إليه في النسخة السابقة من هذا المطبوع (منظمة الأغذية والزراعة، 2018أ). وإلى حين تحديد مسبّب المرض ونطاق مضيفيه، يمكنه أن يكون قد انتشر بالفعل على نطاق واسع حول العالم (بما في ذلك إلى العشائر البرّية) من خلال حركة الحيوانات الحيّة ذات الوضع الصحي غير المؤكد، بغرض تنمية تربية الأحياء المائية في الكثير من الأحيان.
وفي السنوات الأخيرة، زاد الفهم المكتسب للدوافع الكامنة وراء ظهور الأمراض، ويمكن تصنيف العوامل والمسارات المعنية إلى أربع فئات عامة (لجنة مصايد الأسماك، 2019أ) كالآتي:
◂ التجارة بالحيوانات الحيّة ومنتجاتها وحركتها: أصبحت الأسماك والأربيان والحيوانات المائية المستزرعة الأخرى (والنباتات المائية) سلعًا غذائية متداولًا بها عالميًا بكميات كبيرة أحيانًا ككائنات مائية حيّة (مثل البيوض واليرقات والزريعة والحيوانات البالغة) ومنتجات (طازجة ومجمّدة ومجففة ومملحة ومدخنة). وعندما يغيب الأمن البيولوجي الكافي على الصعيد الوطني، يمكن أن تنتقل العوامل الممرضة (والأنواع المائية الغازية) في الوقت نفسه؛
◂ معرفة العوامل الممرضة ومضيفيها: نظرًا إلى البيئة المائية الفريدة، فإن صحة الأرصدة المستزرعة من الحيوانات المائية ليست واضحة بسهولة. ويدلّ العدد المرتفع للأنواع التي يتم استزراعها في نظم استزراع متنوعة (أكثر من 600 نوع مستزرع على المستوى العالمي) على أن المعرفة بالأمراض الجديدة ومجموعة الأنواع المضيفة المحتملة تتأخر في الكثير من الأحيان عن تنمية تربية الأحياء المائية. وهناك في الكثير من الأحيان وعي جماعي بطيء بشأن التهديدات الجديدة في صفوف أصحاب المصلحة المعنيين والكيانات المسؤولة عن المحافظة على الأمن البيولوجي. كما هناك نقص في المعارف الأساسية بشأن العامل الممرض (مثل القدرة الإمراضية وطرق النقل) ومضيفه/مضيفيه (مثل الأنواع، ومراحل الحياة المصابة، والمناعة، وعلم الوراثة)، وفي اختبارات التشخيص الحساسة والمحدّدة والسريعة لتحديد العوامل الممرضة والمضيفين؛
◂ إدارة صحة الحيوانات المائية: يحدّ الافتقار إلى القدرات المؤسساتية والفنية (أو عدم كفاية عددها وجودتها)من تطبيق تدابير الأمن البيولوجي الفعالة. وفي ما يلي بعض أهمّ العوامل: (1) ضعف الأطر التنظيمية وتطبيق وتنفيذ المعايير والخطوط التوجيهية الدولية المتعلّقة بأفضل الممارسات في مجال الأمن البيولوجي؛ (2) وضعف التنسيق بين المؤسسات المتعدّدة المعنية بإنتاج تربية الأحياء المائية وإدارة صحة الحيوانات المائية (أي السلطات المعنية بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والسلطات البيطرية)؛ (3) وعدم وجود استراتيجيات الأمن البيولوجي المناسبة والمطبّقة تطبيقًا جيدًا، على مستويات المزرعة والقطاع والمستوى الوطني؛ (4) والافتقار إلى القدرة على الاستجابة لحالات الطوارئ أو عدم كفايتها؛
◂ والتغيّرات في النظام الإيكولوجي: تتسم النظم الإيكولوجية المائية بالديناميكية حيث أنها تتغيّر من خلال النشاط البشري المباشر (السدود، وتوسّع المجتمعات، والتلوث، والشحن البحري، والسياحة، وإدخال الأنواع الجديدة، وما إلى ذلك) والتأثيرات غير البشرية (تغيّر المناخ، والأعاصير، وتكاثر الطحالب وغير ذلك). وفي هذه الحالات المتغيرة، يكون النجاح في تربية الأحياء المائية أمرًا معقّدًا بسبب فيسيولوجيا الحيوانات (مثل قيود التكيّف لذوات الدم البارد)، وظهور العوامل الممرضة، وتغيير النطاقات الجغرافية للأرصدة البرية، والميكروبات، والطفيليات ذلك أن العوامل البيئية تتغيّر بالقرب من مستويات التحمّل للمضيفين والعوامل الممرضة.
وتترتّب آثار بيئية واجتماعية واقتصادية عديدة عن تفشي الأمراض في تربية الأحياء المائية ويمكنها أن تكون كبيرة جدًا. وتشمل هذه الآثار: التكاليف المباشرة لخسارة الإنتاج بسبب النفوق والنمو البطيء؛ والإقفال المؤقت أو الدائم لمرافق تربية الأحياء المائية، الأمر الذي يسبب خسارة في العمالة في مجال تربية الأحياء المائية وفي الصناعات السابقة واللاحقة ذات الصلة؛ وتراجع التجارة وفقدان الأسواق بسبب الحظر على التصدير، وخسارة المبيعات المحلية بسبب المخاوف العامة المتعلّقة بسلامة استهلاك الأسماك والأسماك الصدفية (وانتقالها إلى مصايد الأسماك الطبيعية). وقدّرت دراسة حديثة (Shinn وآخرون، 2018) الخسائر الاقتصادية في تايلند نتيجة مرض متلازمة النخر الكبدي الحاد بين عامي 2010 و2016 عند 7.38 مليار دولار أمريكي، والخسارة في الصادرات عند 4.2 مليار دولار أمريكي. ويمكن أن تصل الخسائر الناجمة عن فيروس Enterocytozoon hepatopenaei في تايلند أيضًا إلى 180 مليون دولار أمريكي في السنة. وبحسب الكتاب السنوي لإحصاءات مصايد الأسماك في الصين، تسبّب تفشي الأمراض بخسائر مباشرة في إنتاج تربية الأحياء المائية في البلاد بلغ حجمها 205 000طن وقدرها 401 مليون دولار أمريكي (2.6 مليار يوان صيني) في عام 2018. وفي الاستبيان الذي أجرته وزارة الزراعة الأمريكية من أجل إحصاء تربية الأحياء المائية لعام 2018، تقدّمت الأمراض على جميع الأسباب الأخرى التي أدت إلى خسائر في الإنتاج.
ولقد مثّل الأمن البيولوجي تحديًا لقطاع تربية الأحياء المائية على مدى العقود الثلاثة الأخيرة. ويتفق أصحاب المصلحة في السلطات الوطنية المختصة، وقطاعات الإنتاج، والأوساط الأكاديمية، والهيئات الإقليمية والدولية، ومؤسسات التنمية، والجهات المانحة على الحاجة إلى اتخاذ الإجراءات وقد بذلوا جهوداً كبيرة لمعالجة مسألة الأمن البيولوجي. ولكن كانت هذه الإجراءات في الكثير من الأحيان تفاعلية ومكلفة بسبب عدم تنفيذ النُهج الوقائية الأقلّ كلفة بالاستناد إلى أفضل الممارسات الدولية في مجال الأمن البيولوجي. فهل من شيء آخر يمكن فعله؟
أيّدت اللجنة الفرعية المختصة بتربية الأحياء المائية التابعة للجنة مصايد الأسماك مسار الإدارة التدريجي لتحسين الأمن البيولوجي لتربية الأحياء المائية (مسار الإدارة التدريجي) في دورتها العاشرة المنعقدة في تروندهايم، النرويج في أغسطس/آب 2019 (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ب) بهدف مساعدة الأعضاء على دعم أهداف مبادرة النمو الأزرق للمنظمة، لا سيما تلك المتعلّقة بتعزيز تنمية تربية الأحياء المائية المستدامة لتحقيق الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي. ويركّز هذا النموذج الذي تم عرضه في تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2018 (منظمة الأغذية والزراعة، 2018) على بناء القدرات الإدارية من خلال نهجين مشتركين اثنين من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى مع مشاركة قوية من أصحاب المصلحة، الأمر الذي يؤدي إلى التشارك في إدارة الأمن البيولوجي وتعزيز الالتزام الطويل الأجل بإدارة المخاطر.
ويمكن لبلد مشارك أو مؤسسة مشاركة اتباع المراحل الأربع التالية وفقًا لأوضاعها الخاصة، وباستخدام منصّة مسار الإدارة التدريجي:
1– تحديد المخاطر على صعيد الأمن البيولوجي وتعريفها؛
2– وتطوير نظم للأمن البيولوجي وتنفيذها؛
3– وتعزيز الأمن البيولوجي والتأهب؛
4– ووضع نظم مستدامة للأمن البيولوجي وإدارة الصحة لدعم قطاع تربية الأحياء المائية على المستوى الوطني.
ومع مضي البلدان ومؤسسات تربية الأحياء المائية قدمًا على طريق الأمن البيولوجي، يمكن توقّع النتائج التالية: الحدّ من عبء الأمراض؛ وتحسين الصحة المائية على مستوى المزرعة وعلى المستوى الوطني؛ والتقليل من انتشار الأمراض على الصعيد العالمي؛ وترشيد المنافع الاقتصادية والاجتماعية الوطنية الناشئة عن تربية الأحياء المائية؛ واستقطاب الاستثمارات إلى قطاع تربية الأحياء المائية؛ وتحقيق أهداف نهج "الصحة الواحدة". وستحقّق هذه النتائج المنافع على مستوى المؤسسات وعلى المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية.
وستشمل هذه العملية تطوير مجموعة أدوات خاصة بمسار الإدارة التدريجي لدعم تنفيذها، مثل: الخطوط التوجيهية بشأن الحوكمة والتطبيق على المستوى الوطني؛ والرقابة القائمة على المخاطر؛ وشجرة القرارات للتحقيق في حالات نفوق الحيوانات المائية (بما في ذلك النباتات)؛ ونظم التدقيق في حالات التأهب للطوارئ والاستجابة لها؛ وعبء أمراض الحيوانات المائية؛ والشراكات بين القطاعين العام والخاص؛ وخطط العمل المتعلّقة بالأمن البيولوجي والخاصة بالمزارع والسلع الأساسية (القطاعات).
وتمثَّل قرار مهم آخر تم التوصل إليه في الدورة العاشرة للجنة الفرعية المختصة بتربية الأحياء المائية في التوصية بأن تقوم لجنة مصايد الأسماك، كجزء من برنامج المنظمة العالمي بشأن استدامة تربية الأحياء المائية، بالنظر في إعداد مكوّن طويل الأجل بمساعدة الجهات المانحة يتعلّق بالأمن البيولوجي لتربية الأحياء المائية ويتضمن الركائز الخمس التالية:
1– تعزيز الوقاية من الأمراض على مستوى المزرعة من خلال الاستزراع المسؤول للأسماك (بما في ذلك الحدّ من مقاومة مضادات الميكروبات في مجال تربية الأحياء المائية وتطبيق بدائل مناسبة لمضادات الميكروبات) وغيرها من التدابير القائمة على العلوم والتي أُثبتت جدواها من الناحية التكنولوجية؛
2– وتحسين حوكمة الأمن البيولوجي في مجال تربية الأحياء المائية من خلال تنفيذ مسار الإدارة التدريجي، وتعزيز تفسير المعايير الدولية وتنفيذها، وتعزيز نهج الصحة الواحدة من خلال الجمع بين الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية (المنتجون وأصحاب المصلحة في سلسلة القيمة)، والمنظمات الدولية والإقليمية، ومؤسسات البحوث، والمؤسسات الأكاديمية، والمؤسسات المالية، والجهات المانحة لتصميم تدابير الأمن البيولوجي المطلوبة وتنفيذها؛
3– وتوسيع فهم اقتصاديات الصحة في مجال تربية الأحياء المائية (الأعباء والاستثمارات)؛
4– وتعزيز التأهب لحالات الطوارئ (أدوات الإنذار المبكر والتنبؤ، والكشف المبكر، والاستجابة المبكرة) على جميع المستويات؛
5– وتقديم الدعم النشط للركائز من 1 إلى 4 والعديد من القضايا الشاملة مثل تنمية القدرات والكفاءات، والمعلومات المتعلقة بالأمراض، والتواصل بشأن المخاطر، والتعليم والإرشاد، والبحث والتطوير المستهدفين، والابتكار (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ب).
ويشدّد مسار الإدارة التدريجي على الحاجة إلى فهم اقتصاديات الصحة في مجال تربية الأحياء المائية (الأعباء والاستثمارات، والتكاليف والفوائد). وفي ما يتعلّق بالركيزة الثلاثة، تتعاون المنظمة مع جامعة ليفربول وغيرها من الشركاء للتصدي للأمراض في تربية الأحياء المائية ضمن إطار برنامج العبء العالمي للأمراض الحيوانية. ومن المتوقّع أن يدعم هذا البرنامج المقترن بتوجيهات لتقدير الخسائر الناجمة عن الأمراض المائية، التقديرات الأكثر دقة واتساقًا لكلفة الأمراض على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية. وستبيّن هذه المعلومات المنافع الاقتصادية المحتملة التي يمكن جنيها من تنفيذ مسار الإدارة التدريجي.
ولطالما جرى التشديد على الحاجة إلى استراتيجيات طويلة الأجل في مجال إدارة الأمن البيولوجي، ولا سيما تنفيذ المعايير الدولية لصحة الحيوانات المائية التي وضعتها المنظمة العالمية لصحة الحيوان (المنظمة العالمية لصحة الحيوان، 2020)، بما في ذلك في النسخة السابقة من هذا المطبوع (منظمة الأغذية والزراعة، 2018). ومن بين هذه الاستراتيجيات، بات التطوير الإلزامي لأرصدة مدجّنة معيّنة من الأنواع المستزرعة مائيًا والخالية من العوامل الممرضة والمخصّصة للإنتاج الصناعي المستدام، أمرًا ضروريًا. ولقد حان الوقت لترشيد استخدام الأرصدة الخالية من العوامل الممرضة. وفي حين يتباين استخدام أرصدة الأربيان الخالية من العوامل الممرضة تباينًا كبيرًا بين الأقاليم وممارسات الاستزراع، تُظهر الأدلة بشكل متزايد أن هذه الأرصدة قد حدّت من دخول العوامل الممرضة والأمراض بحد ذاتها إلى المزارع ووفّرت وسيلة آمنة لاعتماد جمبري Penaeus vannamei حول العالم، وهو النوع المفضّل والمهيمن في مجال استزراع الأربيان. وعلاوة على ذلك، أصبح الأربيان الخالي من العوامل الممرضة موردًا مهمًا في الدراسات المختبرية مثل الدراسات بشأن تحديات الأمراض والدراسات التغذوية والكيميائية الأحيائية الأخرى (Alday-Sanz وآخرون، 2018). ويؤدي استخدام المفاقس الملوّثة إلى إدامة المشاكل التي تطرحها الأمراض طيلة دورة الإنتاج.
وفي الختام، لتلبية الطلب المتنامي على الأسماك والأغذية البحرية المخصّصة للاستهلاك البشري، يجب أن تتمتع نظم تربية الأحياء المائية بكفاءة أكبر من خلال زيادة الإنتاجية والربحية عبر اتباع استراتيجيات الوقاية وإدارة الأمن البيولوجي الطويلة الأجل التي يمكنها أن تحدّ بشكل كبير من الخسائر الاقتصادية والبيئية الناجمة عن الأمراض. ومن الضروري إيجاد مضيفين يتمتعون بالصحة والقدرة على الصمود من خلال الأمن البيولوجي الجيد – بالاقتران مع الوراثة الجيّدة والتغذية – لتحقيق قطاع ناضج لتربية الأحياء المائية. ولقد حان الوقت للوفاء بالالتزام المتعدد أصحاب المصلحة وتقديم الدعم المتعدد المانحين لمكوّن متّسق وتعاوني ومنسّق يتعلّق بالأمن البيولوجي في مجال تربية الأحياء المائية في البرنامج العالمي لاستدامة تربية الأحياء المائية.
إنّ قطاع مصايد الأسماك الطبيعية موجود عند مفترق. فمن ناحية، تُساهم الأسماك والمنتجات السمكية بدور حاسم ومتزايد في النمو الاقتصادي، والأمن الغذائي والتغذوي وأمن سُبل المعيشة. من ذلك على سبيل أن من بين 34 بلدًا من البلدان التي تساهم فيها الأسماك بأكثر من ثلث مجموع إمدادات البروتينات الحيوانية، يندرج 18 بلدًا منها ضمن فئة بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض. وعلاوة على ذلك، ازداد نصيب الفرد من استهلاك الأسماك بمقدار الضعف في السنوات الخمسين الأخيرة (أنظر هنا)؛ وتشمل التوصيات الغذائية إدخال زيادة كبيرة على استهلاك الأسماك (Willett وآخرون، 2019). ومن ناحية أخرى، يتم صيد 34 في المائة من أرصدة الأسماك المقدَّرة عند مستويات تتجاوز الاستدامة البيولوجية (أنظر هنا). وعلاوة على ذلك، تتحسَّن حالة الأرصدة السمكية في البلدان المتقدّمة بينما يواجه كثير من البلدان النامية أوضاعًا متفاقمة من حيث القدرة المفرطة، والإنتاج لكل وحدة من وحدات جهد الصيد، وحالة الأرصدة (أنظر 4 الإطار). ولذلك يحتاج قطاع مصايد الأسماك الطبيعية إلى إجراءات كبيرة لإدارته في بعض الأقاليم، لا سيما في سياق الآثار المتوقعة لتغيُّر المناخ في العقود المقبلة.
ويتطلّب عبور هذا المفترق رؤية تحدّد السُبل التي يمكن من خلالها للقطاع الاستجابة لما يواجهه المجتمع من تحديات معقدة وسريعة التغيّر. وتحتاج هذه الرؤية إلى الاعتراف بالدور الحاسم لمصايد الأسماك في التنمية الاقتصادية والأمن الغذائي والتغذوي وأمن سُبل المعيشة في المستقبل في سياق الآثار البيئية المتعددة التي يتعيَّن على الإنسان التصدي لها في البرّ وفي المياه من أجل إرساء أُسس أكثر استدامة للبشرية. وقامت المنظمة، في إطار جهودها لبلورة هذه الرؤية، باستضافة الندوة الدولية بشأن استدامة مصايد الأسماك، في الفترة الممتدة من 18 إلى 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، في روما (منظمة الأغذية والزراعة، 2020و). واستقطب هذا الحدث حوالي 000 1 مشارك من أكثر من 100 بلد، بما فيها الأوساط الأكاديمية، والقطاع الخاص، والحكومات، والمنظمات الحكومية الدولية، والمنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، لمناقشة عدد من المسائل الاستراتيجية التي عولجت في ثماني جلسات مواضيعية. ويرد أدناه ملخص يوجز التوصيات المنبثقة عن المناقشات، حسب الموضوع، كي يطلع عليها جميع أصحاب المصلحة للإحاطة والنظر فيها. ولا تُشكّل هذه التوصيات مجموعة من الخطوات الضرورية المتفق عليها من قبل الجميع، كما أنها ليست واضحة جغرافيًا أو زمنيًا ولم تحدَّد لها أي أولويات على أي نحو. وتمثّل التوصيات مجموعة مشتركة من الآراء بشأن القضايا التي يتعين النظر فيها من أجل دفع الاستدامة قدمًا.
الموضوع 1 – تحديات تحقيق الاستدامة الإيكولوجية لمصايد الأسماك العالمية والإقليمية:
◂ تعزيز عملية تقييم الأرصدة الفردية ورصدها وتحسين الشفافية على مستوى الأرصدة والبلدان لتحسين فهم حالة مصايد الأسماك على النطاقات الجغرافية ذات الصلة.
◂ تشجيع استحداث وتنفيذ طرق أبسط لتقييم الأرصدة تتطلّب بيانات مفصَّلة أقلّ وخبرة فنية أقلّ لتقليص نسبة الأرصدة غير المقيّمة في جميع أنحاء العالم.
◂ تحسين رصد مصايد الأسماك الداخلية وجمع المعلومات البيولوجية ومعلومات عن مصايد الأسماك والموائل بدقة وعلى نحو متسم بكفاءة التكلفة.
◂ تعبئة الموارد وتوفير الدعم المالي لمواصلة برامج تنمية القدرات بهدف تعزيز نُظم تقييم الأرصدة ومصايد الأسماك ورصدها، لا سيما في العالم النامي ومصايد الأسماك صغيرة النطاق والداخلية.
◂ النظر في اعتماد هدف عالمي جديد للإدارة المستدامة يكون أكثر تحفظًا أو تحوطًا في حالات البيانات المحدودة و/أو ضعف الحوكمة.
◂ الافتقار إلى البيانات لا يعني في كل الحالات افتقارًا إلى المعلومات. ويمكن تطوير وتنفيذ آليات أفضل لدمج أنواع متعددة من المعلومات المتاحة، بما يشمل المعارف والخبرة الفنية المحلية وإدراجها في نُهج التقييم والإدارة.
◂ جمع البيانات الأساسية المطلوبة لمصايد معيَّنة ورصد المعارف المحلية للمساعدة على تصميم قواعد نظرية بسيطة لمراقبة الصيد.
◂ تشجيع الاتصالات الملائمة وتعبئة المعارف والتثقيف بين جميع الجهات الفاعلة (الصيادون والعلماء والمديرون) المشاركة في صنع القرار لتحسين نقل المعلومات والامتثال للوائح التنظيمية من أجل إرساء نُظم فعالة للإدارة.
◂ تعزيز الاتصالات الملائمة والتوعية بأثر الصيد غير القانوني على الصيد المفرط واستعادة الأرصدة السمكية.
◂ التشجيع على اعتماد آليات تحسين الامتثال للوائح الإدارة والمكافأة عليها.
الموضوع 2 – كيفية تحسين الصلة بين صون التنوع البيولوجي وأهداف الأمن الغذائي:
◂ دعم وضع أهداف مشتركة للتنوع البيولوجي والأمن الغذائي تعترف بالمقايضات وملائمة وطنيًا ومحليًا.
◂ استخدام أُطر السياسات القائمة والناشئة والتأثير فيها (مثل إطار التنوع البيولوجي العالمي لما بعد عام 2020، وأهداف التنمية المستدامة) التي تتيح فرصًا لتصميم أهداف مشتركة وتنفيذها ورصدها.
◂ مواصلة وضع أُطر شاملة للإدارة المتكاملة تنتقل بسرعة إلى النقاط المرجعية بما يتّسق مع أهداف استدامة النُظم الإيكولوجية لتعزيز الرعاية والإدارة التشاركية التي تترجم بفعالية إلى إجراءات على النطاقات كافة.
◂ تعزيز القدرة على رصد الاستدامة الإيكولوجية والاقتصادية والاجتماعية والإبلاغ عنها عن طريق دمج المعلومات المتعلقة بالنُظم الإيكولوجية (بما فيها السكان) والاستفادة من المجموعات المتنوعة من المعارف (الاجتماعية والاقتصادية والعلوم البيولوجية، والمعارف المحلية والتقليدية) المصنَّفة حسب نوع الجنس.
◂ تشجيع وتعزيز الشراكات المتنوعة والشاملة والمسؤولة لإدارة النُظم الإيكولوجية بفعالية من أجل التنوع البيولوجي والأمن الغذائي.
◂ دمج الآليات القائمة على السوق التي تنهض بالاستدامة في إدارة مصايد الأسماك.
◂ وجود الأدوات (بما فيها التكنولوجيات الجديدة) للمساعدة على تحقيق الأهداف المشتركة. وينبغي أن يستند التنفيذ إلى الخبرات السابقة باستخدام هذه الأدوات، وأن يظلّ مراعيًا للسياقات المحددة.
الموضوع 3 – مساهمة مصايد الأسماك في الأمن الغذائي والتغذية:
◂ استخدام أفضل العلوم المتاحة لوضع سياسات للأغذية وخطط عمل للتغذية.
◂ تحسين جمع البيانات وتحليل استهلاك الأغذية المائية وتحليل المغذيات وسلامة الأغذية (على مستوى الأنواع، مع مراعاة الأجزاء المستخدمة، وطرق التجهيز والتحضير).
◂ ضمان وصول الأغذية المائية إلى الأشخاص الأشدّ حاجة إليها في المجتمعات المحلية المتنوعة داخل الأقاليم، وتلبية الاحتياجات الفردية المتنوعة داخل الأسر – لضمان وصول المغذيات الدقيقة الأساسية والأحماض الدهنية والبروتينات المتاحة بيولوجيًا إلى الأطفال والنساء والرجال.
◂ نشر رسائل محدّدة السياق من خلال قنوات ملائمة لتشجيع استهلاك أغذية مائية متنوعة ومغذية ومنتجة بطريقة مستدامة.
◂ إدراج الأغذية المائية في سياسات نُظم الأغذية نظرًا إلى مساهمتها المحتملة في معالجة سوء التغذية بجميع أشكاله.
◂ تحسين استخدام إمدادات الأغذية المائية وزيادة استقرارها عن طريق دعم التكنولوجيات الكاسحة والابتكارات الاجتماعية والمخاطر المستهدفة لإطلاق شبكات جديدة من حوكمة سلاسل القيمة التي تتوفّر لها مقومات الشمولية والعدالة الاجتماعية.
الموضوع 4 – كيفية ضمان سُبل المعيشة في مصايد الأسماك المستدامة:
◂ تسليط الضوء على مساهمة مصايد الأسماك ودعم الدور الذي تؤديه، لا سيما مصايد الأسماك صغيرة النطاق، في إدرار الدخل، والثقافة، والأمن الغذائي، والتغذية.
◂ الاعتراف بدور النساء وإعطاء الأولوية لتحقيق المساواة بين الجنسين في جميع مراحل سلسلة القيمة، بما يشمل صنع القرار.
◂ تمكين مجتمعات الصيد، وتعزيز النُهج التشاركية وبناء القدرات. وتطوير ودعم مؤسسات شاملة ومنظمات لمصايد الأسماك صغيرة النطاق، بما يشمل المؤسسات والمنظمات التي تمثّل حقوق مجتمعات الشعوب الأصلية والنساء والقطاعات المهمّشة من المجتمعات لكي يكون بوسع المجتمعات المحلية المشاركة في تخطيط الموارد والتنمية والحوكمة من أجل ضمان الوصول إلى الموارد والأسواق.
◂ تعديل نُظم جمع البيانات لكي تشمل بيانات مصنَّفة تراعي التغذية والرفاه والمنظور الجنساني وسائر الأبعاد التي تتجاوز المصيد. وتشجيع العمل مع أصحاب المصلحة لتوليد المعلومات اللازمة لتعزيز الثقة والتعاون بين الحكومات والأوساط الأكاديمية ومجتمعات الصيد الصغيرة النطاق، وبناء القدرة على استخدام المعلومات.
◂ الترويج لنُهج بشأن تنمية مصايد الأسماك وحوكمتها انطلاقًا من مبادئ الخطوط التوجيهية الطوعية لاستدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق.
◂ ضمان قدرة الجهات الفاعلة على طول سلسلة القيمة، لا سميا النساء وصغار المنتجين والمجهزين، على الاستفادة من الفرص وجني نصيب عادل من المنافع والمشاركة الكاملة في نُظم الأغذية المستدامة والمنصفة.
◂ تشجيع الاعتراف بدور مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سُبل معيشة ملايين الأشخاص وغذائهم وتغذيتهم في العالم، واستخدام مناسبة السنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية في عام 2022 لتسليط الضوء على سُبل المعيشة التي توفرها مصايد الأسماك.
الموضوع 5 – الاستدامة الاقتصادية لمصايد الأسماك:
◂ الصيد نشاط اقتصادي، وينبغي أن يكون تخصيص الموارد الاقتصادية الشحيحة واستخدامها بكفاءة وبفعالية جزءًا من مناقشات السياسات في قطاع مصايد الأسماك.
◂ تحسين جمع وتحليل البيانات الاقتصادية المتعلقة بالأثر الكامل للقطاع في دعم صانعي السياسات في اتخاذ قرارات مستنيرة.
◂ إدراج العوامل الاقتصادية في المقايضات على صعيد السياسات كنُظم للدعم الاجتماعي بالاقتران مع استراتيجيات تنمية سلاسل القيمة.
◂ زيادة متوسط عمر صيادي الأسماك واقتران ذلك بزيادة توافر الأدوات التكنولوجية يتيح فرصًا لإعادة الهيكلة القطاعية وتحسين الفرص أمام الشباب والأشخاص المؤهلين، وسيفضي ذلك بالتالي إلى تخفيضات في جهود الصيد وتحسين العائد الاقتصادي واستدامة الموارد.
◂ تعزيز الثقة داخل العلاقات على طول سلسلة القيمة. ولا تدار مصايد الأسماك بمعزل عن غيرها، وتتطلّب بدلًا من ذلك بناء الوعي من خلال المشاركة في الاستدامة على جميع مستويات سلسلة الإمداد، بما يشمل المستهلكين والصيادين.
◂ تحديد وتخصيص حقوق الملكية وتنفيذ إجراءات مستندة إلى السياقات المحلية من أجل تحسين الأداء الاقتصادي لمصايد الأسماك.
◂ ضمان الاستخدام الكامل لرأس المال البشري. وتعميم مراعاة السياسات الشاملة للجنسين من أجل تعزيز دور المرأة ورفاهها وظروف عملها في القطاع، بما يشمل دورها في صنع القرار.
◂ تحسين الحصول على الائتمانات والتمويل والتأمين، خاصة في القطاع الفرعي الصغير النطاق، ولا سيما لرائدات الأعمال والمشغِّلات في الفئات المحرومة.
◂ الحدّ من النفايات وزيادة الاستخدام عن طريق تطوير منتجات وأسواق جديدة.
◂ الحدّ من الإعانات الضارة التي تساهم في القدرة المفرطة والصيد المفرط والقضاء عليها.
◂ تعزيز زيادة المسؤولية الاجتماعية في سلسلة قيمة مصايد الأسماك، والعمل معًا من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص ومن خلال التعاون الدولي مع منظمة العمل الدولية والمنظمة البحرية الدولية وغيرهما.
الموضوع 6 – آثار تغيُّر المناخ على استدامة مصايد الأسماك
◂ تشتدّ الحاجة إلى التكيُّف التحويلي. ويتكيُّف كثير من صيادي الأسماك والعاملين في قطاع تربية الأحياء المائية بالفعل، ولكنّ المؤسسات والسياسات في حاجة إلى أن تحذو حذوهم. ولا بدّ من التعلم من أمثلة التكيُّف الناجح.
◂ الاستجابة لتغيُّر المناخ عن طريق تحسين إدارة مصايد الأسماك من خلال تنفيذ نُهج مشتركة بين القطاعات وشاملة ووقائية تحقق القوة في مواجهة التقلبات بدلًا من الاستقرار.
◂ استحداث آليات تكيُّفية للإدارة المكانية يمكن أن تساعد على معالجة التحولات في عمليات توزيع الأنواع والتغييرات الموسمية في العمليات الإيكولوجية.
◂ تغيُّر المناخ سيسفر في جميع الحالات تقريبًا عن فائزين وخاسرين. ويتطلّب ذلك تفاوضًا على المقايضات والاستفادة من العدل المناخي والإنصاف والاعتبارات الأخلاقية عند اتخاذ قرارات بشأن تخصيص موارد مصايد الأسماك والوصول إليها.
◂ تنويع سلاسل القيمة عن طريق إضافة قيمة إلى الموارد الجديدة أو الموارد التي لا تقدَّر حاليًا حق قدرها. وتعزيز تنويع الأسواق لتجنب الصلات الضعيفة التي تسفر عن انخفاض القدرة على الصمود في مواجهة التغييرات والصدمات. وتثقيف المستهلكين.
◂ تصميم حلول للتكيُّف تراعي الفوارق بين الجنسين من حيث الهشاشة، والاستفادة من المهارات النوعية والدور الإيجابي الذي يمكن للنساء والشباب القيام به.
◂ الاستثمار في الابتكار في مجال الصيد وممارسات استزراع الأسماك، وبدائل التأمين الحديثة، ونُظم الإنذار المبكر، والاتصالات، واستخدام البيانات الآنية المتعلقة بالصناعة.
الموضوع 7 – دور الابتكار وتكنولوجيات المعلومات الجديدة:
◂ تحقيق التكامل بين جمع البيانات وسلاسل الإمداد. ولا تزال جوانب القصور في جمع البيانات مهمة، ولكنها لم تعد العامل المحرِّك الوحيد الكامن وراء الثغرات في البيانات. وتحتاج البلدان النامية بشدّة إلى الاستثمار في القدرة على جمع البيانات وتجميعها وتحليلها في نُظم متكاملة تمامًا.
◂ تعزيز الهياكل الإلكترونية لتقديم الخدمات التحليلية والاستثمار في تكنولوجيات الاستشعار من بُعد، والوصول إلى الإنترنت وأجهزة الاستشعار كطرق لتوليد معارف جديدة وآنية وشاملة.
◂ من شأن تطوير بيانات رئيسية بسيطة وسهلة يمكن جمعها باستخدام تطبيق هاتفي أن يوسِّع كثيرًا مجموعة البيانات لدعم القرارات المتعلقة بإدارة مصايد الأسماك.
◂ معالجة الحواجز المؤسسية والتنظيمية غير الضرورية. والاعتراف بأهمية الحواجز المؤسسية والحكومية والتنظيمية في تنفيذ نُظم معلومات فعالة لمصايد الأسماك وتبادل البيانات، والنظر في سياسات للبيانات المفتوحة تحكمها مبادئ مأمونة وشفافة.
◂ بناء معارف موثوقة من البيانات. وتطوير عمليات محدّدة وشفافة وشاملة لتيسير الاتصال بين العلوم والسياسات من أجل ضمان توليد معارف مشروعة وذات مصداقية وذات صلة ومفتوحة على النطاقات كافة من خلال مصادر البيانات والمعلومات الموثوقة (بما فيها المصادر المستمدة من الشعوب الأصلية).
◂ الحد من الثغرة الرقمية. والاستثمار في جمع البيانات باستخدام التطبيقات الهاتفية واستخدام تكنولوجيات الاستشعار من بُعد، وإشراك مجتمعات الصيد، بما يشمل النساء والشباب، وتمكينهم من خلال الخدمات (بما فيها الخدمات التحليلية) لتحسين سُبل معيشتهم وتيسير إمساكهم بزمام الملكية. وضمان الوعي بالتكنولوجيات الجديدة المتاحة، وبناء القدرات لتيسير الأخذ بها، وضمان خيارات مستدامة.
◂ دعم بناء القدرات في سلسلة إمداد البيانات، أي جمع البيانات، وإدارتها وتحليلها.
◂ وضع خطوط توجيهية دولية للسياسات بشأن السُبل التي يمكن من خلالها تطوير التكنولوجيات الناشئة واستخدامها بصورة منصفة، وضمان مبادئ قابلية العثور، وقابلية الوصول، وقابلية التشغيل البيني، وقابلية إعادة الاستخدام.
◂ يمكن للقطاع العام، عن طريق دعم تعزيز الحوكمة وزيادة الشراكات بين مقدمي البيانات والتكنولوجيا، أن يساعد على توفير بيانات شاملة ومحايدة ويمكن تبادلها من التطبيقات المحلية إلى الإحصاءات العالمية ورصد الاتجاهات.
الموضوع 8 – فرص السياسات لمصايد الأسماك والنُظم الإيكولوجية المائية في القرن الحادي والعشرين
◂ دمج مصايد الأسماك في الأُطر الأوسع للتخطيط والحوكمة – إذ لا يمكن إدارة مصايد الأسماك بمعزل عن غيرها، وينبغي أن تعمل إلى جانب القطاعات الأخرى البارزة والقيّمة اقتصاديًا.
◂ مواصلة الجهود وتكثيفها للقضاء على الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. وينبغي بصفة خاصة لجميع دول العلم والميناء والدول الساحلية ودول الأسواق أن تُصدّق على الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء وتنفذه.
◂ دعم الجهات الفاعلة في مصايد الأسماك صغيرة النطاق عن طريق تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لاستدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق، وزيادة الدعم المالي في سياق الاقتصاد الأزرق وإدارة المحيطات.
◂ تعزيز الإرادة السياسية والقدرة على تحسين تنفيذ أُطر السياسات القائمة ودعم ابتكارات السياسات من أجل مواجهة التحديات الناشئة.
◂ الحرص على أن تكون القرارات المتعلقة بسياسات مصايد الأسماك وإدارتها شاملة، وتعزيز مراعاة الأدلة العلمية والمعارف المحلية والتقليدية.
◂ تحسين التصورات العامة والحكومية بشأن مصايد الأسماك لتبرير الاستثمار والاستجابة للنقد، وبالتالي زيادة الإمساك بزمام ملكية جدول أعمال مصايد الأسماك.
◂ زيادة المساءلة وبناء مزيد من الثقة في قدرة قطاع مصايد الأسماك وشفافيته كي يُشكّل جزءًا من الحل، وتحسين الاتساق مع أهداف الصون.
◂ التأكد من أن سُبل المعيشة والرفاه والعمل اللائق أهداف أساسية في حوكمة مصايد الأسماك وإدارتها، بما يشمل أصحاب المصلحة، وضمان الحقوق وإمكانية الوصول، والمواءمة بين أهداف الأمن الغذائي والإمدادات والصون.
◂ ضمان استناد جهود تنمية الاقتصاد الأزرق إلى التنمية المستدامة ومراعاة الحقوق لمن تعتمد سُبل معيشتهم على البحر الآن وللأجيال المقبلة من صيادي الأسماك.
◂ تحسين المساواة بين الجنسين، ودعم الأجيال الناشئة وبناء القدرات في مجتمعات صيادي الأسماك.
وينبغي للمنظمة وشركائها النظر في التوصيات الواردة أعلاه عند وضع خطط عملها للسنوات المقبلة. وينبغي أيضًا توفير الأساس التقني من أجل إعداد إعلان بشأن استدامة مصايد الأسماك لتوزيعه خلال الدورة الرابعة والثلاثين للجنة مصايد الأسماك. وسيعترف هذا الإعلان بالنجاحات والتحديات في تحقيق استدامة مصايد الأسماك والدفع قدمًا بالمجتمع المحلي من خلال رؤية جديدة وإيجابية لمصايد الأسماك بعد 25 عامًا من موافقة البلدان على مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد التي أصدرتها المنظمة.
Ababouch, L., Taconet, M., Plummer, J., Garibaldi, L. & Vannuccini, S. 2016. Bridging the science–policy divide to promote fisheries knowledge for all: the case of the Food and Agriculture Organization of the United Nations. In B.H. MacDonald, S.S. Soomai, E.M. De Santo & P.G. Wells, eds. Science, information and policy interface for effective coastal and ocean management, pp. 389–417. Boca Raton, USA, CRC Press.
Al Arif, A. 2018. An Introduction to International Fisheries Law Research في: GlobaLex [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 18 ديسمبر/كانون الاول 2019]. www.nyulawglobal.org/globalex/International_Fisheries_Law.html
Al Khawli, F., Pateiro, M., Domínguez, R., Lorenzo, J.M., Gullón, P., Kousoulaki, K., Ferrer, E., Berrada, H. & Barba, F.J. 2019. Innovative green technologies of intensification for valorization of seafood and their by-products. Marine Drugs, 17: 689 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 18 مارس/ آذار 2020]. www.mdpi.com/1660-3397/17/12/689/htm
Alday-Sanz, V., Brock, J., Flegel, T.W., McIntosh, R., Bondad-Reantaso, M., Salazar, M. & Subasinghe, R. 2018. Facts, truths and myths about SPF shrimp in aquaculture. Reviews in Aquaculture [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 12 فبراير/ شباط 2020]. https://doi.org/10.1111/raq.12305
Asche, F., Bellemare, M.F., Roheim, C., Smith, M.D. & Tveteras, S. 2015. Fair enough? Food security and the international trade of seafood. World Development, 67(2010): 151–160.
Auchterlonie, N. 2018. The continuing importance of fishmeal and fish oil in aquafeeds Presented at the Aquafarm Conference, Pordenone, Italy, 15–16 February. في: IFFO [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 25 فبراير/ شباط 2020]. www.iffo.net/iffo-presentations
Barange, M., Bahri, T., Beveridge, M.C.M., Cochrane, K.L., Funge-Smith, S. & Poulain, F., eds. 2018. Impacts of climate change on fisheries and aquaculture: synthesis of current knowledge, adaptation and mitigation options. منظمة الأغذية والزراعة Fisheries and Aquaculture Technical Paper No. 627. Rome, منظمة الأغذية والزراعة. 628 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/i9705en/i9705en.pdf).
Barange, M., Merino, G., Blanchard, L., Scholtens, J., Harle, J., Allison, E., Allen, I., Holt, J. & Jennings, S. 2014. Impacts of climate change on marine ecosystem production in societies dependent on fisheries. Nature Climate Change, 4: 211–216 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 ديسمبر/كانون الاول 2019]. https://doi.org/10.1038/nclimate2119
Bermeo-Almeida, O., Cardenas-Rodriguez, M., Samaniego-Cobo, T., Ferruzola-Gómez, E., Cabezas-Cabezas, R. & Bazán-Vera, W. 2018. Blockchain in agriculture: a systematic literature review. In R. Valencia-García, G. Alcaraz-Mármol, J.D. Cioppo-Morstadt, N. Vera-Lucio & M. Bucaram-Leverone, eds. Technologies and Innovation: 4th International Conference, CITI 2018, Guayaquil, Ecuador, November 6-9, 2018, Proceedings, pp. 44–56. Cham, Switzerland, Springer International Publishing. 316 pp.
Bisaro & Hinkel. 2013. Choosing salient approaches and methods for adaptation: decision support methods for adaptation. MEDIATION Project, Briefing Note.
Blaha, F. & Katafano, K. (forthcoming). Blockchain application in seafood value chains. Rome, منظمة الأغذية والزراعة.
Blanchard, J., Jennings, S., Holmes, R., Harle, J., Merino, G., Allen, I., Holt, J., Dulvy, N. & Barange, M. 2012. Potential consequences of climate change on primary production and fish production in large marine ecosystems. Philosophical Transactions of the Royal Society B, 367: 2979–2989 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 ديسمبر/كانون الاول 2019]. https://doi.org/10.1098/rstb.2012.0231
Bogard, J.R., Farmery, A.K., Little, D.C., Fulton, E.A. & Cook, M. 2019. Will fish be part of future healthy and sustainable diets? The Lancet Planetary Health, 3(4): e159–e160 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 13 ديسمبر/كانون الاول 2019]. https://doi.org/10.1016/S2542-5196(19)30018-X
Bogard, J.R., Thilsted, S.H., Marks, G.C., Wahab, M.A., Hossain, M.A.R., Jakobsen, J. & Stangoulis, J. 2015. Nutrient composition of important fish species in Bangladesh and potential contribution to recommended nutrient intakes. Journal of Food Composition and Analysis, 42, 120–133.
Brugère, C. & Williams, M. 2017. Women in aquaculture. في: GAF [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 22 مارس/ آذار 2020]. www.genderaquafish.org/discover-gaf/gaf-networks-and-resources/women-in-aquaculture/
Brugère, C., Aguilar-Manjarrez, J., Beveridge, M.C.M. & Soto, D. 2018. The ecosystem approach to aquaculture 10 years on – a critical review and consideration of its future role in blue growth. Reviews in Aquaculture, 11: 493–514.
Cai, J. & Zhou, X. 2019. Contribution of aquaculture to total fishery production: the 50-percent mark. FAO Aquaculture Newsletter, 60: 43–45. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca5223en/ca5223en.pdf).
Cheshire, A., Nayar, S. & Roos, G. 2019. Understanding the macroalgal value chain: from production to post-harvest processing. In G. Roos, A. Cheshire, S. Nayar, S.M. Clarke & W. Zhang, eds. Harnessing marine macroalgae for industrial purposes in an Australian context: emerging research and opportunities, pp. 1–21. Hershey, USA, IGI Global.
Cheung, W., Lam, V., Sarmiento, J., Kearney, K., Watson, R., Zeller, D. & Pauly, D. 2010. Large-scale redistribution of maximum fisheries catch potential in the global ocean under climate change. Global Change Biology, 16(1): 24–35 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 ديسمبر/كانون الاول 2019]. DOI: 10.1111/j.1365-2486.2009.01995.x
Cheung, W.W.L., Lam, V.W.Y., Sarmiento, J.L., Kearney, K., Watson, R. & Pauly, D. 2009. Projecting global marine biodiversity impacts under climate change scenarios. Fish and Fisheries, 10(3): 235–251 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 ديسمبر/كانون الاول 2019]. https://doi.org/10.1111/j.1467-2979.2008.00315.x
Cheung, W.W.L., Sarmiento, J.L., Dunne, J., Frölicher, T.L., Lam, V.W.Y., Deng Palomares, M.L., Watson, R. & Pauly, D. 2013. Shrinking of fishes exacerbates impacts of global ocean changes on marine ecosystems. Nature Climate Change, 3: 254–258 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 ديسمبر/كانون الاول 2019]. DOI: 10.1038/NCLIMATE1691
هيئة الدستور الغذائي. 2016. Code of Practice for Fish and Fishery Products. CAC/RCP 52-2003, updated 2016. Rome, FAO & WHO. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/fao-who-codexalimentarius/codex-texts/codes-of-practice).
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2018. Sustainable Ocean Initiative [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 26 ديسمبر/كانون الاول 2019]. www.cbd.int/soi
Costanza, R., de Groot, R., Braat, L., Kubiszewski, I., Fioramonti, L., Sutton, P., Farber, S. & Grasso, M. 2017. Twenty years of ecosystem services: How far have we come and how far do we still need to go? Ecosystem Services, 28: 1–16.
Costello, C., Ovando, D., Hilborn, R., Gaines, S.D., Deschenes, O. & Lester, S.E. 2012. Status and solutions for the world’s unassessed fisheries. Science, 338(6106): 517–520.
Dabbadie, L., Aguilar-Manjarrez, J., Beveridge, M.C.M., Bueno, P.B., Ross, L.G. & Soto, D. 2018. Effects of climate change on aquaculture: drivers, impacts and policies. In M. Barange, T. Bahri, M.C.M. Beveridge, K.L. Cochrane, S. Funge-Smith & F. Poulain, eds. 2018. Impacts of climate change on fisheries and aquaculture: synthesis of current knowledge, adaptation and mitigation options., pp. 449–463. FAO Fisheries and Aquaculture Technical Paper No. 627. Rome, منظمة الأغذية والزراعة. 628 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/i9705en/i9705en.pdf).
Davies, T.K., Martin, S., Mees, C., Chassot, E. & Kaplan, D.M. 2012. A review of the conservation benefits of marine protected areas for pelagic species associated with fisheries. ISSF Technical Report 2012-02. McLean, USA, International Seafood Sustainability Foundation.
منظمة الأغذية والزراعة. 1995. مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد. روما. 78 صفحة. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-v9878a.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2011. Review of the state of world marine fishery resources. FAO Fisheries and Aquaculture Technical Paper No. 569. Rome. 334 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/i2389e/i2389e.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2012. حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية 2012. روما. [النسخة العربية] 238 صفحة. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i2727a.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2015. Voluntary Guidelines for Securing Sustainable Small-Scale Fisheries in the Context of Food Security and Poverty Eradication. Rome. 30 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/a-i4356en.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2016. Data needs for blue growth. في: منظمة الأغذية والزراعة. The State of World Fisheries and Aquaculture 2016. Contributing to food security and nutrition for all, pp. 108–113. Rome. 200 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/a-i5555e.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2017. Towards gender-equitable small-scale fisheries governance and development - A handbook. In support of the implementation of the Voluntary Guidelines for Securing Sustainable Small-Scale Fisheries in the Context of Food Security and Poverty Eradication, by Nilanjana Biswas. Rome. 169 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/a-i7419e.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2018أ. حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية 2018 - تحقيق أهداف التنمية المستدامة. روما. [النسخة العربية] 230 صفحة. الترخيص: CC BY-NC-SA 3.0 IGO. (متاح أيضًا على الرابط:http://www.fao.org/3/i9540ar/i9540ar.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2018ب. The State of Mediterranean and Black Sea Fisheries. General Fisheries Commission for the Mediterranean. Rome. 172 pp. Licence: CC BY-NC-SA 3.0 IGO. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca2702en/CA2702EN.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2018ج. Good Practice Guidelines (GPG) on National Seafood Traceability Systems, by Vincent André. FAO Fisheries and Aquaculture Circular No. 1150. Rome. 32 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/i8795en/I8795EN.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2018د. Overview of food fraud in the fisheries sector, by Alan Reilly. FAO Fisheries and Aquaculture Circular No. 1165. Rome. 29 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/i8791en/I8791EN.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2018ه. ransforming Food and Agriculture to Achieve the SDGs: 20 interconnected actions to guide decision-makers. Technical Reference Document. Rome. 132 pp. Licence: CC BY-NC-SA 3.0 IGO. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/CA1647EN/ca1647en.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2018و. Report of the Advisory Roundtable on the Assessment of Inland Fisheries, Rome, Italy, 8-10 May 2018. FAO Fisheries and Aquaculture Report No. 1240. Rome. 44 pp. Licence: CC BY-NC-SA 3.0 IGO. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/CA2322EN/ca2322en.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2019أ. الوقاية من مخاطر الأمراض الحيوانية المائية في مجال تربية الأحياء المائية وإدارتها من خلال مسار تدريجي للإدارة. الدورة العاشرة للجنة الفرعية المختصة بتربية الأحياء المائية. تروندهايم، النرويج، 23-27 أغسطس/آب 2019. [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 12 فبراير/ شباط 2020]. http://www.fao.org/3/na265ar/na265ar.pdf.
منظمة الأغذية والزراعة. 2019ب. Voluntary Guidelines for Catch Documentation Schemes. في: منظمة الأغذية والزراعة [النسخة الإلكترونية]. Rome. [ورد ذكره في 14ديسمبر/كانون الاول 2019]. www.fao.org/iuu-fishing/international-framework/voluntary-guidelines-for-catch-documentation-schemes/en/
منظمة الأغذية والزراعة. 2019ج. Safety at sea for small-scale fishers. Rome. 103 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca5772en/ca5772en.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2019د. Social protection for small-scale fisheries in the Mediterranean region – a review. Rome. 92 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca4711en/ca4711en.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2019ه. Joining forces in the fisheries sector: promoting safety, decent work and the fight against IUU fishing. Outcomes from the Regional Technical Seminar [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2019]. www.fao.org/3/ca2511en/CA2511EN.pdf
منظمة الأغذية والزراعة. 2019و. Report of the 2019 Symposium on Responsible Fishing Technology for Healthy Ecosystems and a Clean Environment, Shanghai, China, 8–12 April 2019. FAO Fisheries and Aquaculture Report No. 1269. Rome. 90 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/publications/card/en/c/CA5742EN/).
منظمة الأغذية والزراعة. 2019ز. نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية. في: منظمة الأغذية والزراعة [النسخة الإلكترونية]. روما. [ورد ذكره في 27 ديسمبر/ كانون الأوّل 2019]. http://www.fao.org/giahs/giahsaroundtheworld/ar/
منظمة الأغذية والزراعة. 2019ح. Supplementary documentation and analysis towards the preparation of sustainable aquaculture guidelines [النسخة الإلكترونية]. Committee on Fisheries. Tenth Session of the Sub-Committee on Aquaculture, Trondheim, Norway, 23–27 August 2019. COFI:AQ/X/2019/SBD.2. [ورد ذكره في 27 ديسمبر/كانون الاول 2019]. www.fao.org/3/ca5545en/ca5545en.pdf
منظمة الأغذية والزراعة. 2019ط. Report of the 33rd Session of the Committee on Fisheries (Rome, 9–13 July 2018) [النسخة الإلكترونية]. Forty-first Session of the FAO Conference, Rome, 22–29 June 2019. C 2019/23. [ورد ذكره في 27 ديسمبر/كانون الاول 2019]. www.fao.org/fileadmin/user_upload/bodies/Conference_2019/MX970_23/MX970_C_2019_23_en.pdf
منظمة الأغذية والزراعة. 2019ي. أهداف التنمية المستدامة – المؤشر 14 - ب - 1. في: منظمة الأغذية والزراعة [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2019]. http://www.fao.org/sustainable-development-goals/indicators/14b1/ar/
منظمة الأغذية والزراعة. 2019ك. The SSF Guidelines and the Sustainable Development Goals. في: منظمة الأغذية والزراعة [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2019]. www.fao.org/voluntary-guidelines-small-scale-fisheries/news-and-events/detail/en/c/1235924/
منظمة الأغذية والزراعة. 2019ل. Common Oceans – A partnership for sustainability in the ABNJ. في: منظمة الأغذية والزراعة [النسخة الإلكترونية]. Rome. [ورد ذكره في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2019]. www.fao.org/in-action/commonoceans/projects/en/
منظمة الأغذية والزراعة. 2019م. Voluntary Guidelines on the Marking of Fishing Gear. Directives volontaires sur le marquage des engins de pêche. Directrices voluntarias sobre el marcado de las artes de pesca. Rome/Roma. 88 pp. Licence/Licencia: CC BY-NC-SA 3.0 IGO. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca3546t/ca3546t.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2019ن. Voluntary Guidelines for Securing Sustainable Small-Scale Fisheries in the Context of Food Security and Poverty Eradication: Facts and figures. في: منظمة الأغذية والزراعة [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 19 ديسمبر/كانون الاول 2019]. www.fao.org/voluntary-guidelines-small-scale-fisheries/ihh/en/
منظمة الأغذية والزراعة. 2019س. Report of the FAO/MSU/WB First Multi-Stakeholder Consultation on a Progressive Management Pathway to Improve Aquaculture Biosecurity (PMP/AB), Washington, D.C., United States of America, 10–12 April 2018. FAO Fisheries and Aquaculture Report No. 1254. Rome. 76 pp. Licence: CC BY-NC-SA 3.0 IGO. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca4891en/ca4891en.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة. 2020أ. Food loss and waste in fish value chains. في: منظمة الأغذية والزراعة [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 18 مارس/ آذار 2020]. www.fao.org/flw-in-fish-value-chains/en/
منظمة الأغذية والزراعة. 2020ب. Consumption of fish and fishery products. في: منظمة الأغذية والزراعة [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 مارس/ آذار 2020]. www.fao.org/fishery/statistics/global-consumption/en
منظمة الأغذية والزراعة. 2020ج. FAO Yearbook of Fishery and Aquaculture Statistics. في: منظمة الأغذية والزراعة [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 19 مارس/ آذار 2020]. www.fao.org/fishery/statistics/yearbook/en
منظمة الأغذية والزراعة. 2020د. Fishery commodities and trade. في: منظمة الأغذية والزراعة [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 مارس/ آذار 2020]. www.fao.org/fishery/statistics/global-commodities-production/en
منظمة الأغذية والزراعة. 2020ه. Blue Growth. في: منظمة الأغذية والزراعة [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 23 فبراير/ شباط 2020]. www.fao.org/fisheries/blue-growth/en/
منظمة الأغذية والزراعة. 2020و. Proceedings of the International Symposium on Fisheries Sustainability: strengthening the science-policy nexus. FAO Headquarters, 18–21 November 2019. FAO Fisheries and Aquaculture Proceedings No. 65. Rome. 109 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca9165en/ca9165en.pdf).
لجنة مصايد الأسماك لدى منظمة الأغذية والزراعة. 2019أ. Preventing and managing aquatic animal disease risks in aquaculture through a progressive management pathway. Tenth Session of the Sub-Committee on Aquaculture of the Committee on Fisheries, Trondheim, Norway, 23–27 August 2019 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 12 فبراير/ شباط 2020]. www.fao.org/3/na265en/na265en.pdf
لجنة مصايد الأسماك في منظمة الأغذية والزراعة. 2019ب. تقرير الدورة العاشرة للجنة الفرعية المختصة بتربية الأحياء المائية. تروندهايم، النرويج. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca7417ar/CA7417ar.pdf)
لجنة مصايد الأسماك في منظمة الأغذية والزراعة. 2020. تقرير الدورة السابعة عشرة للجنة الفرعية المختصة بتجارة الأسماك التابعة للجنة مصايد الأسماك. فيغو، إسبانيا، 25-29 نوفمبر/كانون الثاني 2019. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/ca8665ar/ca8665ar.pdf)
منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية. 2019. حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2019. الاحتراز من حالات التباطؤ والانكماش الاقتصادي. روما. منظمة الأغذية والزراعة. [النسخة العربية] 237 صفحة. الترخيص: CC BY-NC-SA 3.0 IGO. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/ca5162ar/ca5162ar.pdf).
منظمة الأغذية والزراعة-الاتحاد الدولي للاتصالات. 2019. E-agriculture in action: blockchain for agriculture; opportunities and challenges. 66 pp. Bangkok. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/CA2906EN/ca2906en.pdf).
Fluet-Chouinard, E., Funge-Smith, S. & McIntyre, P.B. 2018. Global hidden harvest of freshwater fish revealed by household surveys. Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America, 115(29): 7623–7628.
Friedman, K., Garcia, S. & Rice, J. 2018. Mainstreaming biodiversity in fisheries. Marine Policy, 95: 209–220.
Friedman, K., Braccini, M., Bjerregaard-Walsh, M., Bonfil, R., Bradshaw, C.J.A., Brouwer, S., Campbell, I., Coelho, R., Cortés, E., Dimmlich, W., Frisk, M.G., Kingma, I., McCully Phillips, S.R., O’Criodain, C., Parker, D., Shephard, S., Tovar-Ávila, J. & Yokawa, K. 2020. Informing CITES Parties: strengthening science-based decision-making when listing marine species. Fish and Fisheries, 21(1): 13–31.
Friedman, K., Gabriel, S., Abe, O., Adnan Nuruddin, A., Ali, A., Bidin Raja Hassan, R., Cadrin, S.X., Cornish, A., De Meulenaer, T., Dharmadi, Fahmi, Huu Tuan Anh, L., Kachelriess, D., Kissol, L. Jr., Krajangdara, T., Rahman Wahab, A., Tanoue, W., Tharith, C., Torres, F. Jr., Wanchana, W., Win, S., Yokawa, K. & Ye, Y. 2018. Examining the impact of CITES listing of sharks and rays in Southeast Asian fisheries. Fish and Fisheries, 19(4): 662–676.
Froese, R. & Pauly, D. eds. 2000. FishBase 2000: concepts, design and data sources. Los Baños, Philippines, International Center for Living Aquatic Resources Management. 344 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fishbase.org).
Funge-Smith, S.J. 2018. Review of the state of world fishery resources: inland fisheries. FAO Fisheries and Aquaculture Circular No. 942, Rev. 3. Rome, FAO. 397 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca0388en/CA0388EN.pdf).
Garcia, S.M., Rice, J. & Charles, A., eds. 2014. Governance of marine fisheries and biodiversity conservation: interaction and coevolution. Chichester, UK. Wiley-Blackwell. 552 pp.
Garcia, S.M., Ye, Y., Rice, J. & Charles, A., eds. 2018. Rebuilding of marine fisheries. Part 1: Global review. FAO Fisheries and Aquaculture Technical Paper No. 630/1. Rome, FAO. 294 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca0161en/CA0161EN.pdf).
Global Dialogue on Seafood Traceability (GDST). 2016. Global Dialogue on Seafood Traceability [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 14 ديسمبر/كانون الاول 2019]. https://traceability-dialogue.org/
Global Sustainable Seafood Initiative (GSSI). 2019. GSSI recognized certification. في: GSSI [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 14 ديسمبر/كانون الاول 2019]. www.ourgssi.org/gssi-recognized-certifcation/
Grace, L. & van Anrooy, R. 2019. Guidelines for micro-finance and credit services in support of small-scale fisheries in Asia. A handbook for finance and fisheries stakeholders. In support of the implementation of the Voluntary Guidelines for Securing Sustainable Small-Scale Fisheries in the Context of Food Security and Poverty Eradication. Rome, FAO. 52 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca5128en/CA5128EN.pdf).
Harrison, A.L., Costa, D.P., Winship, A.J., Benson, S.R., Bograd, S.J., Antolos, M., Carlisle, A.B., Dewar, H., Dutton, P.H., Jorgensen, S.J., Kohin, S., Mate, B.R., Robinson, P.W., Schaefer, K.M., Shaffer, S.A., Shillinger, G.L., Simmons, S.E., Weng, K.C., Gjerde, K.M. & Block, B.A. 2018. The political biogeography of migratory marine predators. Nature Ecology & Evolution, 2(10): 1571–1578.
Harrod, C., Ramírez, A., Valbo-Jørgensen, J. & Funge-Smith, S. 2018. How climate change impacts inland fisheries. In M. Barange, T. Bahri, M.C.M. Beveridge, K.L. Cochrane, S. Funge-Smith & F. Poulain, eds. 2018. Impacts of climate change on fisheries and aquaculture: synthesis of current knowledge, adaptation and mitigation options, pp. 375–391. FAO Fisheries and Aquaculture Technical Paper No. 627. Rome, FAO. 628 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/i9705en/i9705en.pdf).
Hilborn, R., Banobi, J., Hall, S.J., Pucylowski, T. & Walsworth, T.E. 2018. The environmental cost of animal source foods. Frontiers in Ecology and the Environment, 16(6): 329–335.
Hosch, G. 2018. Catch documentation schemes for deep-sea fisheries in the ABNJ – Their value, and options for implementation. FAO Fisheries and Aquaculture Technical Paper No. 629. Rome, FAO. 94 pp. Licence: CC BY-NC-SA 3.0 IGO. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/CA2401EN/ca2401en.pdf).
iMarine. 2019a. iMarine [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 18 ديسمبر/كانون الاول 2019]. www.i-marine.eu/Pages/Home.aspx
iMarine. 2019b. About SDG Indicator 14.4.1VRE. في: iMarine [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019]. https://bluebridge.d4science.org/web/sdg-indicator14.4.1
Intergovernmental Science-Policy Platform on Biodiversity and Ecosystem Services (IPBES). 2019. Status and trends – drivers of change. Unedited draft Chapter 2.1 of the IPBES Global Assessment on Biodiversity and Ecosystem Services. في: IPBES [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 19 فبراير/ شباط 2020]. https://ipbes.net/sites/default/files/ipbes_global_assessment_chapter_2_1_drivers_unedited_31may.pdf
Jackson, A. & Newton, R.W. 2016. Project to model the use of fisheries by-products in the production of marine ingredients with special reference to omega-3 fatty acids EPA and DHA. UK, Institute of Aquaculture, University of Stirling and Marine Ingredients Organisation.
Jobsvogt, N., Hanley, N., Hynes, S., Kenter, J. & Witte, U. 2014. Twenty thousand sterling under the sea: estimating the value of protecting deep-sea biodiversity. Ecological Economics, 97: 10–19.
Juan-Jordá, M.J., Murua, H., Arrizabalaga, H., Dulvy, N.K. & Restrepo, V. 2018. Report card on ecosystem-based fisheries management in tuna regional fisheries management organizations. Fish and Fisheries, 19(2): 321–339.
Kim, B.F., Santo, R.E., Scatterday, A.P., Fry, J.P., Synk, C.M., Cebron, S.R., Mekonnen, M.M., Hoekstra, A.Y., de Pee, S., Bloem, M.W., Neff, R.A. & Nachman, K.E. 2019. Country-specific dietary shifts to mitigate climate and water crises. Global Environmental Change, [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 13 ديسمبر/كانون الاول 2019]. https://doi.org/10.1016/j.gloenvcha.2019.05.010
Kim, S.-E. & Mendis, E. 2006. Bioactive compounds from marine processing byproducts – a review. Food Research International, 39: 383–393.
Litan, A. 2019. Enterprise (permissioned) blockchain; hardly a revolution yet. في: Gartner Blog Network [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 7 يناير/كانون الثاني 2020] https://blogs.gartner.com/avivah-litan/2019/03/05/enterprise-permissioned-blockchain-hardly-revolution-yet/
Lotze, H.K., Tittensor, D.P., Bryndum-Buchholz, A., Eddy, T.D., Cheung, W.W.L., Galbraith, E.D., Barange, M., Barrier, N., Bianchi, D., Blanchard, J.L., Bopp, L., Büchner, M., Bulman, C.M., Carozza, D.A., Christensen, V., Coll, M., Dunne, J.P., Fulton, E.A., Jennings, S., Jones, M.C., Mackinson, S., Maury, O., Niiranen, S., Oliveros-Ramos, R., Roy, T., Fernandes, J.A., Schewe, J., Shin, Y.-J., Silva, T.A.M., Steenbeek, J., Stock, C.A., Verley, P., Volkholz, J., Walker, N.D. & Worm, B. 2019. Global ensemble projections reveal trophic amplification of ocean biomass declines with climate change. Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America, 116(26): 12907–12912 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 ديسمبر/كانون الاول 2019]. https://doi.org/10.1073/pnas.1900194116
Malve, H. 2016. Exploring the ocean for new drug developments: marine pharmacology. Journal of Pharmacy & BioAllied Sciences, 8(2): 83–91.
التكنولوجيا الأحيائية البحرية. 2015. Examples of marine biotechnology successes. في: MarineBiotech [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 18 مارس/ آذار 2020]. www.marinebiotech.eu/wiki/Examples_of_Marine_Biotechnology_successes
McCauley, D.J., Pinsky, M.L., Palumbi, S.R., Estes, J.A., Joyce, F.H. & Warner, R.R. 2015. Marine defaunation: animal loss in the global ocean. Science, 347(6219): 1255641 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 26 ديسمبر/كانون الاول 2019]. DOI: 10.1126/science.1255641
Merino, G., Barange, M., Blanchard, J.L., Harle, J., Holmes, R., Allen, I., Allison, E.H., Badcheck, M.C., Dulvy, N.K., Holt, J., Jennings, S., Mullon, C. & Rodwell, L.D. 2012. Can marine fisheries and aquaculture meet fish demand from a growing human population in a changing climate? Global Environmental Change, 22(4): 795–806 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 ديسمبر/كانون الاول 2019]. https://doi.org/10.1016/j.gloenvcha.2012.03.003
Mialhe, F., Morales, E., Dubuisson-Quellier, S., Vagneron, I., Dabbadie, L. & Little, D.C. 2018. Global standardization and local complexity. A case study of an aquaculture system in Pampanga delta, Philippines. Aquaculture, 493: 365–375 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 27 ديسمبر/كانون الاول 2019]. https://doi.org/10.1016/j.aquaculture.2017.09.043
Ministry of Fisheries (MFish). 2008. Harvest Strategy Standard for New Zealand Fisheries. Wellington. 30 pp.
Mohanty, B., Mohanty, U., Pattanaik, S., Panda, A. & Jena, A. 2018. Future prospects and trends for effective utilization of fish processing wastes in India. Innovative Farming, 3(1): 1–5[النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 18 مارس/ آذار 2020]. www.innovativefarming.in/index.php/innofarm/article/view/239/190
Nofima. 2019. Blockchain and traceability of food products. في: Nofima [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 7 يناير/كانون الثاني 2020]. www.nofima.no/en/nyhet/2018/09/blockchain-and-traceability-of-food-products
منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. 2020. OECD-FAO Agricultural Outlook [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 23 مارس/ آذار 2020].http://www.agri-outlook.org/about/
O’Leary, B.C. & Roberts. C.M. 2018. Ecological connectivity across ocean depths: implications for protected area design. Global Ecology and Conservation, 15: e00431 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2019]. www.sciencedirect.com/science/article/pii/S2351989418301021
Pacific Community. 2019. Future of fisheries: roadmap and report cards. في: Pacific Community [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019]. https://fame1.spc.int/en/publications/roadmap-a-report-cards
Palomares, M.L.D. & Pauly, D., eds. 2019. SeaLifeBase [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2019]. www.sealifebase.org
Pérez Roda, M.A., ed., Gilman, E., Huntington, T., Kennelly, S.J., Suuronen, P., Chaloupka, M. & Medley, P. 2019. A third assessment of global marine fisheries discards. FAO Fisheries and Aquaculture Technical Paper No. 633. Rome, FAO. 78 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/CA2905EN/ca2905en.pdf).
Popova, E., Vousden, D., Sauer, W.H.H., Mohammed, E.Y., Allain, V., Downey-Breedt, N., Fletcher, R., Gjerde, K.M., Halpin, P.N., Kelly, S., Obura, D., Pecl, G., Roberts, M., Raitsos, D.E., Rogers, A., Samoilys, M., Sumaila, U.R., Tracey, S. & Yool, A. 2019. Ecological connectivity between the areas beyond national jurisdiction and coastal waters: safeguarding interests of coastal communities in developing countries. Marine Policy, 104: 90–102.
Porter, J.R., Xie, L., Challinor, A.J., Cochrane, K., Howden, S.M., Iqbal, M.M., Lobell, D.B. & Travasso, M.I. 2014. Food security and food production systems. In C.B. Field, V.R. Barros, D.J. Dokken, K.J. Mach, M.D. Mastrandrea, T.E. Bilir, M. Chatterjee, K.L. Ebi, Y.O. Estrada, R.C. Genova, B. Girma, E.S. Kissel, A.N. Levy, S. MacCracken, P.R. Mastrandrea & L.L. White, eds. Climate Change 2014: Impacts, Adaptation, and Vulnerability. Part A: Global and Sectoral Aspects. Contribution of Working Group II to the Fifth Assessment Report of the Intergovernmental Panel on Climate Change, pp. 485–533. Cambridge, UK, and New York, USA, Cambridge University Press.
Poulain, F., Himes-Cornell, A. & Shelton, C. 2018. Methods and tools for climate change adaptation in fisheries and aquaculture. In M. Barange, T. Bahri, M.C.M. Beveridge, K.L. Cochrane, S. Funge-Smith & F. Poulain, eds. 2018. Impacts of climate change on fisheries and aquaculture: synthesis of current knowledge, adaptation and mitigation options, pp. 535–566. FAO Fisheries and Aquaculture Technical Paper No. 627. Rome, FAO. 628 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/i9705en/i9705en.pdf).
Ramírez Luna, V., Kereži, V. & Saldaña, A., eds. 2018. Proceedings of the 3rd World Small-Scale Fisheries Congress, October 22-26, 2018, Chiang Mai, Thailand [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2019]. https://docs.wixstatic.com/ugd/45cb94_3505c589af504d16921ea246deb51036.pdf
Ramsar Regional Center – East Asia. 2017. The designation and management of Ramsar sites – a practitioner’s guide [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 26 ديسمبر/كانون الاول 2019]. www.ramsar.org/sites/default/files/documents/library/designation_management_ramsar_sites_e.pdf
Ratnasingham, S. & Hebert, P.D.N. 2007. BOLD: The Barcode of Life Data System (http://www.barcodinglife.org). Molecular ecology notes, 7(3): 355–364.
Rousseau, Y., Watson, R.A., Blanchard, J.L. & Fulton, E.A. 2019. Evolution of global marine fishing fleets and the response of fished resources. Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America, 116(25): 12238–12243.
Shinn, A.P., Pratoomyot, J., Griffiths, D., Trong, T.Q., Vu, N.T., Jiravanichpaisal, P. & Briggs, M. 2018. Asian shrimp production and the economic costs of disease. Asian Fisheries Science, 31S: 30–58.
Sinclair, M. & Valdimarsson, G. 2003. Responsible fisheries in the marine ecosystem. Wallingford, UK, CAB International. 448 pp.
Szymkowiak, M. 2020.Genderizing fisheries: Assessing over thirty years of women’s participation in Alaska fisheries. Marine Policy, 115: 103846 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 22 مارس/ آذار 2020]. https://doi.org/10.1016/j.marpol.2020.103846
Taconet, M., Kroodsma, D. & Fernandes, J.A. 2019. Global Atlas of AIS-based fishing activity – challenges and opportunities. Rome, FAO. 395 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca7012en/ca7012en.pdf).
Tanna, B. & Mishra, A. 2019. Nutraceutical potential of seaweed polysaccharides: structure, bioactivity, safety, and toxicity. Comprehensive Reviews in Food Science and Food Safety, 18(3): 817–831.
Tietze, U. & van Anrooy, R. 2019. Guidelines for increasing access of small-scale fisheries to insurance services in Asia. A handbook for insurance and fisheries stakeholders. In support of the implementation of the Voluntary Guidelines for Securing Sustainable Small-Scale Fisheries in the Context of Food Security and Poverty Eradication. Rome, FAO. 58 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca5129en/ca5129en.pdf).
Tingley, G. & Dunn, M., eds. 2018. Global review of orange roughy (Hoplostethus atlanticus), their fisheries, biology and management. FAO Fisheries and Aquaculture Technical Paper No. 622. Rome, FAO. 128 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/ca1870en/CA1870EN.pdf).
Toppe, J., Olsen, R.L., Peñarubia, O.R. & James, D.G. 2018. Production and utilization of fish silage. A manual on how to turn fish waste into profit and a valuable feed ingredient or fertilizer. Rome, FAO. 30 pp. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/documents/card/en/c/I9606EN).
Tripolo, M. & Schmidhuber, J. 2018. Emerging Opportunities for the Application of Blockchain in the Agri-food Industry. Rome and Geneva, FAO and ICTSD. 36 pp. Licence: CC BY-NC-SA 3.0 IGO. (متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/3/CA1335EN/ca1335en.pdf).
Tveterås, S., Asche, F., Bellamare, M.F., Smith, M.D., Guttormsen, A.G., Lem, A., Lien, K. & Vannuccini, S. 2012. Fish is food – the FAO’s Fish Price Index. PLoS ONE, 7(5): e36731 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 مارس/ آذار 2020]. https://doi.org/10.1371/journal.pone.0036731
United Nations. 2018. International legally binding instrument under the United Nations Convention on the Law of the Sea on the conservation and sustainable use of marine biological diversity of areas beyond national jurisdiction. A/RES/72/249. New York, USA. (متاح أيضًا على الرابط: https://undocs.org/A/RES/72/249).
الأمم المتحدة. 2019أ. The Ocean Conference: Registry of Voluntary Commitments. في: United Nations [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2019]. https://oceanconference.un.org/commitments/
الأمم المتحدة. 2019ب . Global indicator framework for the Sustainable Development Goals and targets of the 2030 Agenda for Sustainable Development [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 27 ديسمبر/كانون الاول 2019]. https://unstats.un.org/sdgs/indicators/Global%20Indicator%20Framework%20after%202019%20refinement_Eng.pdf
UN Alliance for Sustainable Fashion. 2020. UN Alliance for Sustainable Fashion [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 23 فبراير/ شباط 2020]. https://unfashionalliance.org/
United Nations, Department of Economic and Social Affairs, Population Division (UN DESA). 2018. World Urbanization Prospects: The 2018 Revision, custom data acquired via website. في: United Nations [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 19 مارس/ آذار 2020]. https://population.un.org/wup/
United Nations, Department of Economic and Social Affairs, Population Division (UN DESA). 2019. World Population Prospects: The 2019 Revision. في: United Nations [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 27 مارس/ آذار 2020]. https://population.un.org/wpp/
United States Geological Survey. 2020. ScienceBase-Catalog. في: USGS [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 18 فبراير/ شباط 2020]. www.sciencebase.gov/catalog/
Warren, R., Wilby, R., Brown, K., Watkiss, P., Betts, R.A., Murphy, J.M. & Lowe, J.A. 2018. Advancing national climate change risk assessment to deliver national adaptation plans. Philosophical Transactions of the Royal Society A: Mathematical, Physical and Engineering Sciences, 376 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 ديسمبر/كانون الاول 2019]. https://doi.org/10.1098/rsta.2017.0295
Watkiss, P., Ventura, A. & Poulain, F. 2019. Decision-making and economics of adaptation to climate change in the fisheries and aquaculture sector. FAO Fisheries and Aquaculture Technical Paper No. 650. Rome, FAO. 67 pp. www.fao.org/3/ca7229en/ca7229en.pdf
Willett, W., Rockström, J., Loken, B., Springmann, M., Lang, T., Vermeulen, S., Garnett, T., Tilman, D., DeClerck, F., Wood, A., Jonell, M., Clark, M., Gordon, L.J., Fanzo, J., Hawkes, C., Zurayk, R., Rivera, J.A., De Vries, W., Sibanda, L.M., Afshin, A., Chaudhary, A., Herrero, M., Agustina, R., Branca, F., Lartey, A., Fan, S., Crona, B., Fox, E., Bignet, V., Troell, M., Lindahl, T., Singh, S., Cornell, S.E., Reddy, K.S., Narain, S., Nishtar, S. & Murray, C.J.L. 2019. Food in the Anthropocene: the EAT–Lancet Commission on healthy diets from sustainable food systems. The Lancet, 393(10170): 447–492.
Willows, R.I., Reynard, N., Meadowcroft, I. & Connell, R.K., eds. 2003. Climate adaptation: risk, uncertainty and decision-making. Part 2. UKCIP Technical Report. Oxford, UK, UKCIP.
البنك الدولي. 2012. Hidden harvest: the global contribution of capture fisheries. Washington, DC. 92 pp. (متاح أيضًا على الرابط: http://documents.worldbank.org/curated/en/515701468152718292/Hidden-harvest-the-global-contribution-of-capture-fisheries).
البنك الدولي. 2020. Merchandise trade (% of GDP). في: البنك الدولي [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 مارس/ آذار 2020]. https://data.worldbank.org/indicator/TG.VAL.TOTL.GD.ZS?end=2018&start=1960&view=chart).
World Commission on Environment and Development. 1987. Our Common Future. Oxford, UK, Oxford University Press. 27 pp. (متاح أيضًا على الرابط: https://sustainabledevelopment.un.org/content/documents/5987our-common-future.pdf).
المنظمة العالمية لصحة الحيوان. 2020. [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 12 فبراير/ شباط 2020]. www.oie.int/
Ye, Y., Cochrane, K., Bianchi, G., Willmann, R., Majkowski, J., Tandstad, M. & Carocci, F. 2013. Rebuilding global fisheries: the World Summit Goal, costs and benefits. Fish and Fisheries, 14(2): 174–185.
1 يونيو/حزيران 2020
ضميمة إلى حالة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم 2020
أُنجز إصدار عام 2020 من تقرير حالة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم في ظلّ تفشي جائحة مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) في مختلف أنحاء العالم. وعليه، يشير المطبوع إلى الجائحة من دون أن يتطرّق إلى معالجة تأثيراتها على هذا القطاع. والغرض من هذه الضميمة هو إبراز هذه التأثيرات المتسارعة وإعطاء خط أساس للتدخلات والمشورة في مجال السياسات.
ومع أنّ كوفيد19-لا يصيب الأنواع المائية (Bondad-Reantaso وآخرون، 2020) فقد طال النظم الغذائية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية كما لم تفعله أي صدمة من ذي قبل. فقد أثّرت التدابير الحمائية التي اتخذتها الحكومات لاحتواء انتشار هذا المرض، وإن كانت ضرورية، على كل مرحلة من مراحل سلاسل إمداد الأطعمة البحرية من الصيد وصولاً إلى إنتاج تربية الأحياء المائية فالتجهيز والنقل والبيع بالجملة وبالتجزئة. لكن، في ظلّ الجائحة المستشرية في العالم، لا تزال الأسماك1 تشكل مصدرًا أساسيًا للبروتينات الحيوانية والمغذيات الدقيقة والأحماض الدهنية أوميغا3- التي تعدّ حيوية في بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض والدول الجزرية الصغيرة النامية حيث تعتمد الأنماط الغذائية إلى حدٍّ كبيرٍ على الأسماك.2
لذا من الأهمية بمكان أن تحافظ هذه البلدان على قدرتها على الحصول على المنتجات السمكية.
إنّ الأسماك والمنتجات السمكية، إضافة إلى أهميتها بالنسبة إلى سبل عيش العديد من المجتمعات المحلية المعتمدة على الأسماك، تعدّ من بين المنتجات الغذائية التي يتم تداولها على نحو كبير في التجارة العالمية حيث يصل إجمالي إنتاج الأسماك في التجارة الدولية إلى 38 في المائة. وقد أحدثت التدابير الضرورية لاحتواء انتشار كوفيد19-اختلالات في جميع شرائح سلاسل الإمداد المحلية والدولية على حدٍّ سواء. وتتسم حماية كل مرحلة من مراحل سلسلة الإمداد بأهمية أساسية لتجنّب حدوث أزمات غذائية عالمية ومحلية ولحماية الاقتصادات المعتمدة على الأسماك.3
تراجعت أنشطة الصيد في القطاعين الحرفي والصناعي خلال الجائحة. وبحسب مرصد الصيد العالمي، انخفض نشاط الصيد الصناعي في العالم بنسبة 6.5 في المائة تقريبًا في نهاية شهر أبريل/نيسان 2020 مقارنة بما كان عليه خلال السنوات الماضية، وذلك بفعل القيود وتدابير الإقفال المتخذة نتيجة كوفيد19-(Clavelle،ا 2020). وقد حدّت بدورها الإمدادات
المحدودة (مثل الثلج والوقود ومعدات الصيد والطعوم) بسبب إقفال المجال أو تعذر توفير المدخلات بالدين، من أنشطة الصيد. وكان لنقص اليد العاملة أيضًا أثر حاد على أنشطة الصيد خاصة في الحالات التي كانت فيها الطواقم مؤلفة من عاملين مهاجرين. ونتيجة لذلك، يتعين على أسرهم في بلدانهم الأم التعامل مع انخفاض تدفقات التحويلات المالية أو توقفها (البنك لدولي، 2020). ومؤخرًا، تجلّت في بعض المناطق بوادر تحسّن في بعض مصايد الأسماك (مثلاً تغير الأنواع المستهدفة واستراتيجيات التسويق بحسب التغيرات في الطلب) حيث تعمد بعض مصايد الأسماك الصغيرة النطاق إلى التكيف بسرعة أكبر مع الطلب في السوق.
تفاوتت التأثيرات على تربية الأحياء المائية بحسب الأقاليم والأنواع والأسواق والقدرة المالية للمزارع. وفي أعقاب الاختلالات الحاصلة، اضطر العديد من المستزرعين العاجزين عن بيع مصيدهم إلى الإبقاء على كميات كبيرة من الأسماك الحيّة. وتعذّر على بعضهم الآخر استكمال المهام الموسمية كافة مثل تربية الأسماك. فأدى هذا إلى رفع التكاليف وزيادة المخاطر خاصة في الحالات التي شهدت فيها إمدادات المدخلات اختلالات أيضًا ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تأخير عملية تجديد الأرصدة وعمليات الصيد اللاحقة. وكانت الأنواع التي تربى لغرض التصدير الأشد تأثرًا بفعل الاختلالات التي طالت النقل الدولي. ورغم الدعم المالي الذي قدّمته بعض الحكومات أو المؤسسات المالية، لا يزال خطر الإفلاس قائمًا. غير أنّ التوقعات الأولية لبعض الشركات تشير إلى أنها قد تكون قادرة على التعافي فور انحسار الأزمة.
وطالت التأثيرات بشكل ملحوظ أيضًا مزارع تربية الأحياء المائية التي توفر الإمدادات لأسواق الأسماك الحيّة أو الخدمات الغذائية العالية الجودة (مثل المطاعم وقطاع السياحة والفنادق). وسوف تعتمد قدرتها على التعافي إلى حدٍّ كبيرٍ على قدرتها على إعادة توجيه مبيعاتها إلى أسواق أخرى، خاصة المتاجر الكبرى والبيع بالتجزئة بما في ذلك استخدام الأدوات الرقمية التي برزت كونها ابتكارًا أساسيًا خلال الأزمة.
وتسعى المؤسسات والمزارع الصغيرة والمتوسطة الحجم جاهدة على صعيد قضايا التدفقات النقدية حيث أنّ الأزمة لم تخفّض مداخيلها فحسب بل انطوت أيضًا على تكاليف جديدة نتيجة كلفة العناية بالأرصدة الحّية في مرافق الإنتاج.
وتأثّر بدوره توافر اليد العاملة والمدخلات في قطاع تربية الأحياء المائية اللازمة للإنتاج (مثل الأدوية والإصبعيات والعلف) بفعل القيود المفروضة على حركة الشحن والتدابير الوقائية وإغلاق الحدود. وقد يشعر مقدمو المدخلات بأثر الأزمة خلال الأشهر المقبلة نتيجة احتمال توقّف الأعمال التجارية عن العمل أو تأخير عملية تجديد مخزوناتها.
تطال التأثيرات السلبية بشكل رئيسي المنتجين الذين يوفرون الإمدادات لقطاع الخدمات الغذائية مثل الفنادق والمطاعم والمقاصف. وقد باشر بعضهم عمليات البيع المباشر والتوصيل إلى المنازل في مسعى إلى التعويض عن خسارة الطلب من جانب الفنادق والمطاعم. وتأثرت الصادرات بشدّة بفعل الاختلالات في حركة النقل. غير أنّ مبيعات المواد الغذائية بالتجزئة بقيت مستقرة أو ارتفعت حتى من خلال بيع الأسماك المجمدة والمعلبة والمتبّلة والمدخّنة التي تصلح لحفظها لمدة أطول.
وتأثر التجهيز بصحة العاملين والنقص في اليد العاملة بفعل الإصابة بكوفيد19-وإخضاع الموظفين للحجر. وتؤثر كذلك التغيرات في الطلب على التخزين مما يؤدي إلى ارتفاع الفاقد والمهدر من الأغذية. وغالبًا ما تشهد العديد من أسواق بيع الأسماك بالجملة وبالتجزئة اكتظاظًا وازدحامًا كبيرين، ما يشكل خطرًا على التجار ومعظمهم من النساء، وعلى المستهلكين أيضًا الذين يجازفون للحفاظ على سبل عيشهم وشراء أسماك طازجة يمكنهم تناولها.
ولا بد من تسليط الضوء على كون سلاسل الإمداد غير النظامية تعاني من تأثيرات أكبر بفعل عدم وجود علاقات تعاقدية نظامية (فلا سلاسل تبريد قائمة ولا تأمين أو سوى ذلك). ومن التداعيات الأخرى لتفشي الفيروس ما يتصل بالتجارة العالمية من إلغاء الفعاليات التجارية الرئيسية الخاصة بالأطعمة البحرية في مختلف أنحاء العالم.
رغم تمكّن بعض مصايد الأسماك صغيرة النطاق من التكيف (مثلًا من خلال البيع مباشرة إلى المستهلكين)، كان صغار صيّادي الأسماك والعاملون في مجال صيد الأسماك بوجه عام هم الأشد تضررًا لأسباب عدّة منها افتقارهم إلى رأس المال للصمود في وجه العاصفة، واعتمادهم على صيد الأسماك لكسب دخلهم/قوتهم اليومي، وعدم حصولهم على الخدمات الصحية. وفي بعض أنحاء حوض البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، اضطرّ أكثر من 90 في المائة من صغار صيّادي الأسماك على وقف أنشطة الصيد خلال فترات الإغلاق التام مع أنّ قطاعهم هو قطاع إنتاج غذائي أساسي، وذلك بعدما تعذّر عليهم بيع مصيدهم و/أو بسبب انخفاض أسعار الأسماك إلى ما دون مستوى مربح (Euronews،ا2020). وقد تأثّرت النساء اللواتي يمثّلن 50 في المائة من القوة العاملة في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية،4 بوجه خاص بسبب تراجع عمليات تفريغ المصيد وإقفال مرافق التجهيز والتسويق أو تقليص أنشطتها (CFFA،ا2020). وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ صيّادي ومجهّزي وبائعي الأسماك (ومن بينهم الكثير من النساء) معرّضون بدرجة أكبر لخطر الإصابة بالعدوى إذ أنهم على اتصال وثيق بسائر العاملين في جميع مراحل سلسلة القيمة (CFFA،ا2020). وعلاوةً على ذلك، تشكّل الأنشطة غير النظامية الواسعة الانتشار في هذا القطاع حاجزًا إضافيًا أمام صيادي الأسماك، والنساء العاملات في مصايد الأسماك، ومربّي الأسماك في الحصول على الحماية التي توفّرها سياسات سوق العمل وآليات الحماية الاجتماعية المبنيّة على الاشتراكات.
وقد تأثرت ظروف العمل وسلامة صيّادي الأسماك في قطاع الحيازات الصغيرة والقطاع الصناعي على حدٍّ سواءٍ بسبب ضرورة العمل لفترات أطول، ما يزيد من التعب والإجهاد. ولكنّ الأزمة الصحية تتيح فرصة لمعالجة ظروف العمل والظروف الصحية بالنسبة إلى أشدّ الفئات ضعفًا وتحسينها، مع التركيز بوجه خاص على الشباب والنساء الذين يعانون من زيادة عبء العمل وارتفاع معدلات حالات العنف الجنساني.
ألحقت تأثيرات جائحة كوفيد19-الضرر بعمليات إدارة مصايد الأسماك. فقد تم تقليص أو تأجيل عدد من الدراسات الاستقصائية المتعلقة بتقييم الأسماك، وعُلقت مؤقتًا برامج المراقبة الإلزامية لمصايد الأسماك، وسيؤدي تأجيل الاجتماعات العلمية والإدارية إلى تأخير تنفيذ بعض التدابير الضرورية ورصد هذه التدابير وإنفاذها.
وقد يؤدي الافتقار إلى الرصد والإنفاذ إلى تشجيع إدارة عمليات صيد الأسماك ورصدها ومراقبتها بمستوى يتّسم بقدر أقل من المسؤولية، وهناك خطر من ارتفاع معدلات الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. وتمثّل سلامة الطاقم مصدر قلق إضافيّ. بيد أن هذه الأزمة قد جعلت استجابات الحكومات في جميع أنحاء العالم غير مسبوقة. وتشمل السياسات والإجراءات المتخذة تدابير لحماية الصحة العامة، وحماية سلامة صيّادي الأسماك والعاملين في مجال صيد الأسماك،5 وتعزيز الحماية الاجتماعية لدعم أشد الفئات ضعفًا وتجنب حدوث أزمة اجتماعية واقتصادية. وترتبط تدابير الحماية الاجتماعية بالمساعدة الاجتماعية (مثل التحويلات النقدية)، والضمان الاجتماعي (مثل التأمين الصحي) والبرامج الخاصة بسوق العمل (مثل الإعانات في حالات البطالة) والخطوات المتخذة لضمان استمرارية الإمدادات الغذائية.
يتمثل الهدف الأول لمنظمة الأغذية والزراعة في ضمان الأمن الغذائي والتغذية للجميع. وفي إطار التصدّي لجائحة كوفيد19-، قادت المنظمة استجابةً لم يسبق لها مثيل تشمل ما يلي: صفحات مخصصة لكوفيد19-على الموقع الإلكتروني للمنظمة، مع تحاليل وحلول محددة الأهداف على امتداد سلاسل القيمة الغذائية، وإحاطات عن السياسات القطاعية والشاملة لعدة قطاعات، والمشورة بشأن خطط الزرع والحصاد.
وتستضيف المنظمة أيضًا اجتماعات تخطيط أسبوعية بشأن كوفيد19-مع المكاتب الإقليمية والإقليمية الفرعية، وتعقد اجتماعات منتظمة مع الأعضاء لإطلاعهم على أحدث المعلومات عن حالة الجائحة والاستجابات الجارية للتصدي لها.
وبالإضافة إلى ذلك، يواصل المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة تقديم الإحاطات للقادة وصانعي القرارات على المستوى الوطني، فضلًا عن المجتمع المحلي الأوسع نطاقًا من خلال التدخلات في المحافل الدولية مثل مجموعة العشرين، والمنتدى الاقتصادي العالمي، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومن خلال المشاركة في مختلف التبادلات الدولية والاجتماعات الثنائية مع الأعضاء.
وفي سياق مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، تركّز استجابة منظمة الأغذية والزراعة في المقام الأول على دعم سلاسل الإمدادات وسبل العيش في هذا القطاع وإنعاشها وتعزيزها، مع التركيز على أشدّ الفئات السكانية والأقاليم ضعفًا. وتيسيرًا لهذا العمل، أنشأت إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية فريق مهام مخصصًا معنيًا بكوفيد19-، لتنسيق المبادرات التي تتخذها هذه الإدارة للاستجابة للجائحة، وتقديم الدعم المنسق للتدابير والتدخلات التي تعالج تأثير كوفيد19-على مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وتحقيقًا لهذه الغاية، تشمل الإجراءات التي اتخذتها المنظمة مؤخرًا والإجراءات الجارية ما يلي:
◂ إعداد إحاطات عن السياسات بشأن تأثيرات كوفيد19-على القطاع والاستجابة على مستوى السياسات (منظمة الأغذية والزراعة، 2020أ)، فضلًا عن مجموعة من الأسئلة والأجوبة لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا إلى المعلومات (منظمة الأغذية والزراعة، 2020ب).
◂ العمل مع الأعضاء والقطاع وممثلي المجتمع المدني وأصحاب المصلحة الآخرين لمراقبة الأوضاع وإسداء المشورة في مجال السياسات والإدارة والشؤون الفنية، فضلًا عن تقديم الدعم الفني للابتكار وتكييف الممارسات على طول سلسلة الإمدادات.
◂ تنسيق المعلومات والاستجابات مع الشركاء الدوليين والإقليميين، مثل الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك (منظمة الأغذية والزراعة، 2020ج)، والمنظمات الاقتصادية الحكومية الدولية، ومراكز البحوث، ومنظمات المجتمع المدني.
◂ مواصلة العمل على تحسين فهم المنظمة للفيروس وتقييم أي مخاطر محتملة على النظم الغذائية العالمية والإقليمية والوطنية − حيث أصبحت المعلومات والمعارف الجديدة مبنية أكثر فأكثر على أسس سليمة (مثلًا المعايير الدولية، وآراء الخبراء، والدراسات التي خضعت لاستعراض الأقران) − وتعبئة الموارد لتنسيق تدابير التخفيف من تأثيرات كوفيد19-.
◂ العمل مع المؤسسات المالية والجهات المانحة لوضع برامج شاملة ومنسقة للتدخلات من أجل معالجة الأولويات الأكثر إلحاحًا لإعادة تنشيط سلاسل الإمدادات.
Bondad-Reantaso, M.G., MacKinnon, B., Hao, B., Huang, J., Tang-Nelson, K., Surachetpong, W., Alday-Sanz, V., Salman, M., Brun, E., Karunasagar, I., Hanson, L., Sumption, K., Barange, M., Lovatelli, A., Sunarto, A., Fejzic, N., Subasinghe, R., Mathiesen, Á.M. & Shariff, M. 2020. Viewpoint: SARS-CoV-2 (the cause of COVID-19 in humans) is not known to infect aquatic food animals nor contaminate their products. Asian Fisheries Science, 33: 74–78 النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 22 مايو/أيار 2020]. https://doi.org/10.33997/j.afs.2020.33.1.009
Clavelle, T. 2020. Global fisheries during COVID-19. In: Global Fishing Watch [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 22 مايو/أيار 2020]. https://globalfishingwatch.org/data-blog/global-fisheries-during-covid-19/
Coalition for Fair Fisheries Arrangements (CFFA). 2020. Hard hit by the Covid-19 crisis, Ivorian women in artisanal fisheries also see it as an opportunity to address long postponed issues. In: CFFA [online]. [Cited 22 May 2020]. www.cffacape.org/news-blog/hard-hit-by-the-covid-19-crisis-ivorian-women-in-artisanal-fisheries-also-see-it-as-an-opportunity-to-address-long-postponed-issues
Euronews. 2020. Coronavirus: supporting Europe’s battered fishing industry. In: Euronews [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 22 مايو/أيار 2020]. www.euronews.com/2020/05/19/coronavirus-supporting-europe-s-battered-fishing-industry
منظمة الأغذية والزراعة. 2020أ. How is COVID-19 affecting the fisheries and aquaculture food systems? [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 22 مايو/أيار 2020]. www.fao.org/3/ca8637en/CA8637EN.pdf
منظمة الأغذية والزراعة. 2020ب. Migrant workers and the COVID-19 pandemic [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 22 مايو/أيار 2020]. www.fao.org/3/ca8559en/CA8559EN.pdf
منظمة الأغذية والزراعة. 2020ج. The impact of COVID-19 on fisheries and aquaculture – a global assessment from the perspective of regional fishery bodies. Initial assessment, مايو/أيار 2020. العدد رقم 1. روما. 35 صفحة. (متاح على الرابط التالي www.fao.org/3/ca9279en/ca9279en.pdf).
البنك الدولي. 2020. البنك الدولي يتوقع أكبر تراجع في التحويلات في التاريخ الحديث. في: البنك الدولي. [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 22 مايو/أيار 2020]. www.worldbank.org/en/news/press-release/2020/04/22/world-bank-predicts-sharpest-decline-of-remittances-in-recent-history
بعض الحقوق محفوظة. ویتاح ھذا العمل بموجب الترخیص، نَسب المُصنَّف - غیر تجاري - الترخیص بالمثل 3.0 منظمة حكومیة دولیة CC BY-NC- SA 3.0 IGO
التنويه المطلوب: منظمة الأغذية والزراعة. 2020. ملخص عن تأثيرات جائحة كوفيد-19 على قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية: ضميمة إلى حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2020. روما. https://doi.org/10.4060/ca9349ar