المؤتمر الوزارى الخاص بشأن الزراعة فى الدول النامية الجزرية الصغيرة

روما، 12 /3/1999

قضايا التجارة التى تواجه الدول النامية الجزرية الصغيرة

(View / download full document in English)

1 - توجز هذه الوثيقة دراسة أجرتها المنظمة عن انعكاسات المناخ التجارى العالمى الناشئ، ولاسيما تأثيرات اتفاقية جولة أوروغواى الخاصة بالزراعة على التجارة بالسلع الزراعية فى 33 دولة نامية جزرية صغيرة وساحلية منخفضة1. وتفحص هذه الدراسة الميزة النسبية التى تتمتع بها هذه البلدان فى الأسواق الدولية للمنتجات الزراعية والمنتجات السمكية والحرجية، وتعالج النتائج التى ستترتب على تجارة هذه البلدان من منظور اتفاق الزراعة.

2 - وغالبا ما يقال أن البلدان النامية الجزرية الصغيرة تعانى من معوقات ناجمة عن تفاعل عدة عوامل منها صغر مساحة هذه البلدان وبعدها وتشتتها جغرافيا، وتعرضها للكوارث الطبيعية ومحدودية أسواقها الداخلية، بالاضافة الى المشكلات العامة التى تواجهها البلدان النامية2. وكما هو الحال بالنسبة للبلدان النامية ككل تشكل البلدان النامية الجزرية الصغيرة مجموعة متباينة من حيث مستوى تنميتها الاقتصادية وقدراتها التنافسية فى الأسواق الزراعية. وتلعب الزراعة فى البلدان النامية الجزرية الصغيرة ذات الدخل المرتفع حيث يصل نصيب الفرد من اجمالى الناتج المحلى الى ما يزيد على 000 6 دولار أمريكى (انتيغوا وباربودا والبهاما والبحرين وبربادوس وقبرص وسان كيتس ونيفيس وسيشيل ومالطة) دورا صغيرا نسبيا فى اقتصادياتها، إذ لا تساهم إلا بنسبة تقل عن 10 فى المائة من اجمالى الناتج المحلى، وتستخدم نسبة تقل عن 20 فى المائة من مجموع اليد العاملة. وفى مقابل ذلك يبلغ نصيب الفرد فى فئة أقل البلدان نموا من المجموعة (كاب فيردى وجزر القمر وغينيا بيساو وهايتى وملديف وساموا وساو تومى وبرنشيبى وجزر سليمان وفانواتو) أقل من 500 1 دولار، وتعتمد هذه الفئة على الزراعة بنسبة قد تصل الى 50 فى المائة من اجمالى الناتج المحلى وتستخدم نسبة 75 فى المائة من اليد العاملة.

3 - وتصنف الدول النامية الجزرية الصغيرة كمجموعة من بين البلدان المستوردة الصافية للسلع الزراعية. إذ أن الصادرات الزراعية لهذه المجموعة من الدول تغطى نحو 103 فى المائة من قيمة الواردات الزراعية، إلاّ أن هذه النسبة تتفاوت داخل بلدان المجموعة على نحو شديد بين ما يقل عن نسبة 5 فى المائة فى انتيغوا وباربودا وما يزيد على 200 فى المائة فى كوبا (تصدر كوبا ضعف قيمة وارداتها). وتصنف 9 من الدول النامية الجزرية الصغيرة من بين البلدان المستوردة الصافية للسلع الزراعية (بيليز وكوبا وفيجى وغيانا وموريشيوس وبابوا غينيا الجديدة سانت فنسنت وغرينادين وجزر سليمان وفانواتو). وتتجه الصادرات الزراعية للدول النامية الجزرية الصغيرة نحو التمركز بدرجة عالية فى عدد قليل من السلع والأسواق، وتعتمد بصفة عامة اتفاقيات تفضيلية تسمح لها بالدخول فى الأسواق. وعلى الرغم من أن معظم الدول النامية الجزرية الصغيرة لا تتمتع بمزايا مقارنة فى الانتاج الزراعى ككل، إلاّ أن العديد منها يتمتع بمزايا مقارنة فى سلع زراعية معينة.

4 - وفى 1994-1995 بلغ اجمالى قيمة الصادرات الزراعية للدول النامية الجزرية الصغيرة نحو 8.2 مليار دولار أمريكى مقارنة بمبلغ 7.9 مليار دولار أمريكى قبل ذلك بعقد من السنين. وبلغ نصيب كوبا لوحدها 45 فى المائة من مجموع الصادرات الزراعية لكافة الدول النامية الجزرية الصغيرة فى 1994-1995، والى جانب قبرص والجمهورية الدومينيكية وفيجى وموريشيوس وبابوا غينيا الجديدة بلغ نصيب هذه البلدان المصدرة الستة الرئيسية زهاء 80 فى المائة من مجموع الصادرات وفى حين لم تزد قيمة الصادرات الزراعية للدول النامية الجزرية الصغيرة إلاّ قليلا خلال العقد الأخير، فقد تضاعفت قيمتها تقريبا من 4.3 مليار دولار فى بداية الثمانينات الى 8 مليارات دولار فى 1994-1995. لكن الأسعار الحقيقية لمعظم السلع الرئيسية التى صدرتها هذه البلدان تدهورت فى الثمانينات وركدت فى التسعينات. فقد هبط الرقم الاشارى للأسعار الحقيقية (1980 = 100) بالنسبة للسكر من 25 نقطة بعد عقد من السنين. وفى خلال ذات الفترة هبط مؤشر الأسعار بالأرقام الحقيقية للموز الى 92 نقطة وللمشروبات الاستوائية الى 37 نقطة. ومنذ بداية عقد التسعينات تباطأ الاتجاه النزولى بالنسبة لهذه السلع أو انعكس وعلى ذلك وصلت الأرقام الاشارية للسعر الحقيقى المقدر بحلول 1998 الى 23 و90 و51 نقطة على التوالى.

5 - وتتمتع معظم الدول النامية الجزرية الصغيرة بشروط تفضيلية للوصول الى الأسواق الرئيسية للبلدان المتقدمة من خلال ترتيبات خاصة مثل اتفاقية لومى للاتحاد الأوروبى لدول أفريقيا والبحر الكاريبى والمحيط الهادى، والمبادرة الأمريكية لحوض البحر الكاريبى و/أو من خلال نظام الأفضليات المعمم لمنظمة التجارة العالمية للبلدان النامية. وكشفت دراسات حديثة أجرتها الأونكتاد ومنظمة الأغذية والزراعة أن المزايا المتحققة من مختلف الخطط التجارية التفضيلية تتمركز على عدد قليل من البلدان وعدد قليل من السلع، وأن المستفيدين فى العديد من الحالات بما فى ذلك الدول النامية الجزرية الصغيرة عجزت عن الاستفادة الكاملة من الفرص التى أتيحت لها3. يضاف الى ذلك أن بعض الشروط التفضيلية الواردة فى هذه الاتفاقيات التجارية كانت موضع تساؤل منظمة التجارة العالمية.

6 - ويعمل اتفاق الزراعة على تخفيض الحواجز الجمركية بوجه الواردات من المنتجات الزراعية فى العديد من الأسواق على أساس معاملة البلدان الأكثر رعاية، بما يتيح فرصا للمنافسين من المنتجين بتكلفة منخفضة للسلع الأولية والمنتجات المصنعة ذات القيمة العالية4 أيضا، بما فى ذلك المصدرين من الدول النامية الجزرية الصغيرة. بيد أنه نظرا لأن معظم الصادرات الزراعية من هذه المجموعة من الدول تعتمد على شروط تفضيلية للوصول الى أسواق البلدان المتقدمة فإن تخفيض التعريفة الجمركية للبلدان الأكثر رعاية قد تقلص هامش الأفضلية الممنوح لصادرات الدول النامية الجزرية الصغيرة. وعلى الرغم من أن الخسارة المقدرة للتعريفة الجمركية التفضيلية وفقا للاتفاقية الزراعية ليست كبيرة عموما، فإن بعض السلع والبلدان قد تتأثر بذلك أكثر من غيرها5. وبالنسبة للدول النامية الجزرية الصغيرة ترتبط التجارة التفضيلية بمنتجين هما السكر والموز ولهما أهمية بالغة جدا، ومع ذلك فإن الأولويات المرتبطة بهذين المنتجين لم يتأثرا إلا على نحو ضئيل باتفاق الزراعة6. إلاّ أن هذا الوضع قد يتغير إذا ما شمل تحرير التجارة فى المستقبل هذين المنتجين.

7 - كذلك يفرض اتفاق الزراعة ضوابط على استخدام وسائل الدعم المحلى، وتقديم إعانات التصدير للعديد من المنتجين الرئيسيين للسلع الزراعية من المناطق المعتدلة ومصدريها. وقد يؤدى ذلك الى زيادة أسعار الأغذية فى العالم كما كانت ستؤول اليه لولا ذلك. وتقلل من الكميات المتاحة من واردات الأغذية المدعمة لبعض الدول النامية الجزرية الصغيرة7. بيد أن الزيادة المتوقعة فى الأسعار الدولية للسلع نتيجة اتفاق الزراعة الصادر عن جولة أوروغواى لم تتحقق حتى الآن، كما لا يمكن أن تعزى الزيادة الحادة فى أسعار الحبوب فى 1995/1996، أو الانخفاض الحاد فى مستوياتها فى 1998/1999 الى اتفاق الزراعة 8. ويبدو أن قيمة قوائم واردات الدول النامية الجزرية الصغيرة من الأغذية قد ازدادت باستمرار حتى السنة التسويقية الحالية، مع حدوث هبوط يقدر بنحو 10 فى المائة فى تقديرات قيمة وارداتها لعام 1998/1999 بما يعزى الى اجتماع عدة عوامل منها انخفاض الأسعار العالمية وزيادة تدفقات المعونة الغذائية.

8 - ومن بين البلدان النامية الجزرية الصغيرة هناك 24 بلدا عضوا فى منظمة التجارة العالمية. وتمتع 4 منها بصفة المراقب وهى تسعى للحصول على العضوية، وثمة بلد خامس هو الرأس الأخضر يتمتع بصفة المراقب إلاّ أنه لا يسعى للحصول على عضوية المنظمة. وفى أثناء مفاوضات جولة أوروغواى أتيح للبلدان النامية خيار بربط التدابير الجمركية وغير الجمركية بمعادلاتها من التعريفات الجمركية السارية لديها أو أن تعرض "حدا أقصى" للتعريفات الجمركية بصرف النظر عن معادلاتها الجمركية. ووقع اختيار معظم الدول النامية الجزرية الصغيرة على الخيار الأخير بأن تفرض حدا أقصى للتعريفة الجمركية وعلى مستويات عالية جدا فى أغلب الحالات. ولم يطلب إلاّ من بلد واحد (قبرص) أن تضع أية التزامات بشأن الدعم المحلى أو تقديم اعانات للصادرات. وعلى الرغم من الالتزامات الخفيفة التى قدمتها الدول النامية الجزرية الصغيرة فى جولة أوروغواى إلا أن عددا من هذه الدول طبّق منذ الثمانينات اصلاحات اقتصادية واسعة النطاق إما من طرف واحد أو من خلال اتفاقيات اقليمية تشمل، من بين أمور أخرى، تحرير السياسات التجارية. وتواجه كافة الدول النامية الجزرية الصغيرة سواء التزمت بنشاط فى تطبيق السياسات الاصلاحية أم لا تحديات وفرص فى اطار البيئة التجارية الناشئة فى العالم.

9 - وختاما، فإن هذا الاستعراض لا يتناول المشكلات النوعية المحددة لكل بلد من الدول النامية الجزرية الصغيرة، ولا يعالج كيفية تأثر تلك البلدان بجولة أوروغواى، وغير ذلك من المستجدات فى النظام التجارى الدولى. واستجابة للتحدى الجديد، يصبح اجراء تقييم معمق للنتائج المترتبة على الزراعة والأمن الغذائى فى كل بلد، واقليم على انفراد بمثابة خطوة مهمة يمكن اتخاذها حتى يمكن تحديد التعديلات على المدى القصير ووضع استراتيجية على المدى البعيد للتعامل مع التغييرات المنتظرة.

10 - وعلى المستوى القطرى، ينبغى للدول النامية الجزرية الصغيرة أن تركز على الاستفادة على نحو كامل من الفرص المتاحة لها حاليا للتجارة بشروط تفضيلية، ومن فرص فتح الأسواق أمام منتجاتها من خلال جولة أوروغواى. وللمجتمع الدولى بما فى ذلك منظمة الأغذية والزراعة دور فى مساعدة الحكومات وممثلى القطاع الخاص فى الدول النامية الجزرية الصغيرة لكى تتفهم على نحو أفضل الغرض والمسؤوليات داخل النظام التجارى العالمى.

11 - أما على المدى البعيد، فإن الدول النامية الجزرية الصغيرة بحاجة لأن تركز جهودها على تدعيم موقفها التنافسى فى مجالات صادراتها الزراعية التقليدية وتنويعها بتصدير سلع أخرى ومنتجات ذات قيمة أعلى. ولما كانت هذه المجموعة من البلدان تواجه تحديا يتعلق بقدرتها التنافسية فى الأسواق العالمية، فإنها ستستفيد من اجراء دراسات معمقة بشأن مزاياها التنافسية فى الانتاج وفى تصدير المنتجات الزراعية، بما فى ذلك تنويع امكانياتها فى مجالات السلع والأسواق سريعة النمو وكذلك فى مجال تصدير المنتجات المصنّعة ذات القيمة الأعلى. ومن شأن هذه الاستعراضات أن تستفيد من تجارب البلدان الأخرى، وتعمل على تحديد العوامل المعوقة لقدرتها التنافسية.

12 - وسيواجه العديد من الدول النامية الجزرية الصغيرة فى المستقبل القريب تحديا أثناء المفاوضات القادمة مع منظمة التجارة العالمية، وتواجه فى ذات الوقت تحديات فى عدد من الاتفاقيات التفضيلية والاقليمية ذات الأهمية بالنسبة لها. وللمجتمع الدولى دور يلعبه فى مساعدة الدول النامية الجزرية الصغيرة فى مجال تطوير قدراتها المؤسسية الضرورية للمشاركة على نحو فعال فى المفاوضات وفى القدرة التحليلية لتقييم الخيارات البديلة للسياسات.

1) شملت مجموعة الدراسة الدول الأعضاء فى تحالف الدول الجزرية الصغيرة بالاضافة الى البحرين والجمهورية الدومينيكية وهايتى: وانتيغوا وباربودا والبهاما وبربادوس وبيليز والرأس الأخضر وجزر كوك وجزر القمر وكوبا وقبرص ودومينيكا والجمهورية الدومينيكية وفيجى وغرانادا وغينيا بيساو وغيانا وجامايكا ومالديف ومالطة وموريشيوس وبابوا غينيا الجديدة وسانت كيتس ونيفيس وسانت لوسيا وسانت فنسنت وغرينادين وساموا وساو تومى وبرنشيبى وجزر سيشيل وجزر سليمان وسورينام وتونغا وترينيداد وتوباغو وفانواتو.

2) من ذلك على سبيل المثال: اعلان بربادوس، والمؤتمر العالمى المعنى بالتنمية المستدامة، أبريل/نيسان 1992، وخطة عمل مؤتمر القمة العالمى للأغذية، روما، نوفمبر/تشرين الثانى 1996، أمانة الكومنولث، مستقبل الدول الصغيرة: التغلب على جوانب الضعف، 1997، وتقرير الدورة التاسعة والعشرون لمؤتمر المنظمة، نوفمبر/تشرين الثانى 1997.

3) R. Sharma, The Impact of the Marrakesh Agreement on Trade of Agricultural Products in ACP Countries,
Commodity and Trade Division, FAO, July 1997.

4) J. Linland, The Impact of the Uruguay Round on Tariff Escalation in Agricultural Products, Commodities
and Trade Division, FAO, February 1997.

5) Yamazaki (1996) estimated a potential loss for all developing countries of US$632 million in 1992 dollars
due to the AOA (about 25 percent of the total value of preferential margins in that year), with the biggest
losses being in fruits and nuts, and tropical beverages and spices.

6) تشكل عائدات السكر أكثر من نسبة 30 فى المائة من مجموع عائد الصادرات الزراعية للجمهورية الدومينيكية وجامايكا وأكثر من 50 فى المائة من عائدات بربادوس وفيجى وموريشيوس وسانت كيتس ونيفيس. أما نصيب الموز فيبلغ أكثر من 75 فى المائة من مجموع عائد الصادرات الزراعية لدومينيكا وسانت لوسيا.

7) أنظر تأثيرات جولة أوروغواى، منظمة الأغذية والزراعة، 1995.

8) ربطت الأسباب الرئيسية للارتفاع الحاد فى الأسعار عام 1995/1996 بانخفاض المخزونات فى بلدان الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة (وهو ما يعزى الى أن اصلاح السياسات جاء متوافقا مع التغييرات المتفق عليها فى جولة أوروغواى) وينقّص الانتاج بسبب الجفاف فى الولايات المتحدة واستراليا، وتوسع واردات الصين ودخول الصناديق المالية فى أسواق السلع. أما الانخفاض الحالى فى الأسعار فيعزى الى وفرة المحاصيل وانخفاض حجم الطلب الاستيرادى فى آسيا. أنظر أيضا الوثيقة CCP 99/12.