هذا المنشور الرئيسي هو جزء من سلسلة حالة العالم التي تنشرها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة
الاقتباس المطلوب:
منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. 2020 . حالة الغابات في العالم 2020 . الغابات والتنوّع البيولوجي والسكّان. روما.
التحقق الرقمي من الوثيقة https://doi.org/10.4060/ca8642en :(DOI)
إنّ الأوصاف المستخدمة وطريقة عرض المواد في هذا المنتج الإعلامي لا تعرب عن أي رأي خاص لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) أو برنامج الأمم المتحدة للبيئة في ما يتعلق بالوضع القانوني أو التنموي لأي بلد أو إقليم أو مدينة أو منطقة، أو في ما يتعلق بسلطاتها أو بتعين حدودها وتخومها. ولا تعرب الإشارة إلى شركات محدّدة أو منتجات بعض المصنّعين سواء كانت مرخصة أم لا، عن دعم أو توصية من جانب منظمة الإذية والزراعة أو برنامج الأمم المتحدة للبيئة أو تفضيلها على مثيالتها مما لم يرد ذكره.
ولا تعرب الأوصاف المستخدمة وطريقة عرض المواد الإعلامية في الخرائط عن أي رأي خاص لمنظمة الأغذية والزراعة أو برنامج الأمم المتحدة للبيئة في ما يتعلق بالوضع القانوني أو الدستوري لأي بلد أو إقليم أو مجال بحري، أو في ما يتعلق بتعين حدود كل منها.
وقد اتخذت منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة جميع الاحتياطات المعقولة للتحقق من المعلومات الواردة في هذا المنشور. ومع ذلك، يجري توزيع الموارد المنشورة ضامن من أي نوع، سواء بشكل صريح أو ضمني.
إن وجهات النظر المعبر عنها في هذا المنتج الإعلامي تخص المؤلف (المؤلفين) ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المنظمة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أو سياساتها.
ISBN 978-92-5-132422-6
ISSN 573-1020X [مطبوع]
ISSN 7542-2521 [عبر الانترنيت]
© FAO
2020
بعض الحقوق محفوظة. ويتاح هذا العمل بموجب ترخيص المشاع الإبداعي – نسب المصنف - غير التجاري – الترخيص بالمثل 0.3 لفائدة المنظمات الحكومية الدولية (CC BY-NC-SA 3.0 IGO; https://creativecommons.org/licenses/by-nc-sa/3.0/igo).
بموجب أحكام هذا الرتخيص، يمكن نسخ هذا العمل، وإعادة توزيعه، وتكييفه لأغراض غير تجارية، بشرط التنويه بمصدر العمل على نحو مناسب. وفي أي استخدام لهذا العمل، لا ينبغي أن يكون هناك أي اقرتاح بأن المنظمة تؤيد أي منظمة، أو منتجات، أو خدمات محددة. ولا يسمح باستخدام شعار المنظمة. وإذا تم تكييف العمل، فإنه يجب أن يكون مرخصا بموجب نفس ترخيص المشاع الإبداعي أو ما يعادله. وإذا تم إنشاء ترجمة لهذا العمل، فيجب أن تتضمن بيان إخلاء المسؤولية التي بالإضافة إلى التنويه المطلوب: ”لم يتم إنشاء هذه الترجمة من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة. والمنظمة ليست مسؤولة عن محتوى أو دقة هذه الترجمة. وسوف تكون الطبعة الإنجليزية الأصلية هي الطبعة المعتمدة.
وتجرى أي وساطة تتعلق بالنزاعات الناشئة بموجب الترخيص وفقا لقواعد التحكيم للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي المعمول بها في الوقت الحاضر.
مواد الطرف الثالث. يتحمل المستخدمون الراغبون في إعادة استخدام مواد من هذا العمل المنسوب إلى طرف ثالث، مثل الجداول، والأشكال، والصور، مسؤولية تحديد ما إذا كان يلزم الحصول على إذن لإعادة الأستخدام والحصول على إذن من صاحب حقوق التأليف والنشر. وتقع تبعة المطالبات الناشئة عن التعدي على أي مكون مملوك لطرف ثالث في العمل عىل عاتق المستخدم وحده.
المبيعات، والحقوق، والترخيص. يمكن الاطلاع على منتجات المنظمة العالمية على الموقع الالكتروني للمنظمة: http://www.fao.org/publications/ar ويمكن شراؤها من خلال .publications-sales@fao.org أما تقديم طلبات الاستخدام التجاري فتقدم عن طريق: www.fao.org/contact-us/licence-request وينبغي تقديم الاستفسارات المتعلقة بالحقوق والترخيص إلى: .copyright@fao.org
صورة الغلاف ©Ricky Martin/CIFOR
اندونيسيا: رجل محلي يصطاد السمك في بحيرة الغابة بغيدي بانغرانو، ليوفر حاجات العيش اليومية.
1. المعدّل السنوي لتغيّر المناطق الحرجية
2. أراضٍ أخرى فيها غطاء شجري، 2020
4. أمثلة على الأمراض المعدية المرتبطة بالغابات
5. أنواع الغابات العالمية ووضع حمايتها في عام 2015
6. الغطاء الشجري ضمن المناطق المحميّة في عام 2015، حسب المنطقة الإيكولوجية العالمية
8. التمويل الذي حشدته عشرة برامج كبرى للدفع مقابل خدمات النظام الإيكولوجي
1. التوزيع العالمي للغابات الذي يظهر البلدان العشرة التي لديها أكبر مساحة حرجية في عام 2020
2. التغيّر الصافي في مساحة الغابات بحسب الأقاليم 2020-1990
3. اتجاهات مجموع الغطاء الشجري العالمي 2015-1992
4. التوسّع الحرجي وإزالة الغابات في العالم 2020-1990
5. النسبة المئوية للغابات المتجدّدة طبيعيًا والمزروعة بحسب الأقاليم، 2020
6. النسبة المئوية من الغابات المزروعة بما في ذلك الأنواع المحليّة والدخيلة، بحسب الأقاليم، 2020
7. المساحة الحرجية العالمية بحسب المجال المناخي، 2020
8. الغابات بحسب المنطقة الإيكولوجية العالمية
9. نسبة الغابات بحسب فئة حجم الرقعة والمنطقة الإيكولوجية العالمية 2015
10. معدّل حجم رقعة الغابات بحسب المنطقة الإيكولوجية العالمية 2015
11. مؤشر كثافة المساحة الحرجية 2015
12. نسبة المساحة الحرجية بحسب فئة كثافة المساحة الحرجية والمنطقة الإيكولوجية العالمية 2015
13. معدّل كثافة المساحة الحرجية بحسب المنطقة الإيكولوجية العالمية، 2015
14. الغابات الأسلم بحسب المنطقة الإيكولوجية العالمية، 2015
15. الغابات الأكثر تجزئة بحسب المنطقة الإيكولوجية العالمية، 2015
16. التغير السنوي في مساحة الغابات المتجدّدة طبيعيًّا 2020-1990
17. البلدان العشرة التي فيها أكبر عدد من أنواع الأشجار
18. البلدان والأقاليم العشرة الأولى من حيث عدد أنواع الأشجار المتوطنة
19. أهمية التنوع البيولوجي الحرجي في عام 2018
21. مدى سلامة التنوع البيولوجي الحرجي، 2018
22. الخارطة المزدوجة لأهمية التنوع البيولوجي الحرجي ومدى سلامته ضمن المجمعات الحيوية الحرجية، 2018
25. تغطية الغطاء الحرجي ومعدّل الفقر
26. الغطاء الحرجي وكثافة المساحة الحرجية والفقر في ملاوي
27. عدد أنواع الأشجار التي توفر أغذية هامة لسبل عيش أصحاب الحيازات الصغيرة
28. الإنتاج السنوي للجوزيات الحرجية
29. الدوافع الكامنة وراء إزالة الغابات وتدهورها بحسب الأقاليم في الفترة 2010-2000
31. الدوافع المعقدة الكامنة وراء إزالة الغابات وتدهورها: شجرة المشاكل بناءً على تحليل في زامبيا
33. النسبة المئوية للأراضي في حالة متدهورة بين عامي 2000 و2015 بحسب الأقاليم
34. التقدّم المحرز نحو تحقيق الهدف 5 الخاص بالغابات في إعلان نيويورك
36. البلدان التي التزمت بتحدّي بون اعتبارا من فبراير/شباط 2020
37. نسبة الغابات في المناطق المحمية قانونيًا، 2020
38. اتجاهات المساحة الحرجية ضمن المناطق المحمية حسب الأقاليم، 2020-1990
39. ارتفاع المساحة الحرجية ضمن المناطق المحميّة بحسب نوع الغابات، 2015-1992
40. اتّساع الغابات ضمن المناطق المحمية بحسب المناطق الإيكولوجية العالمية، 2015-1992
41. نسبة الغابات ضمن المناطق المحمية بحسب المناطق الإيكولوجية العالمية، 2015
42. اتجاهات المنطقة الحرجية المخصصة بالدرجة الأولى لصون التنوع البيولوجي، 2020-1990
43. عدد الشركات التي قطعت أو لم تقطع التزامات متعلقة بإزالة الغابات، بحسب السلع الأساسية، 2020
44. مصادر تمويل عكس إزالة الغابات
1. ما هو المقصود بالتنوع البيولوجي الحرجي؟
2. التقييم العالمي الأول للتنوع البيولوجي للأغذية والزراعة
3. ازدهار غابة سيلفا مايا وتدهورها ثم ازدهارها مجدّدًا
5. الأهداف والمقاصد والمؤشرات الرئيسية ذات الصلة بالمناطق الحرجية
6. الغابات مقابل الغطاء الشجري: أين يكمن الفرق؟
7. مثالان على نوعين من أنواع الحيوانات التي تعتمد على الغابات الأولية من أجل بقائها
8. تحديات رصد الغابات الأولية والإبلاغ عنها
9. غابات الأراضي الجافة – أول تقييم عالمي
10. غابات الأراضي الرطبة: مثال الحوض الأوسط
11. المناطق المدّية: غابات المانغروف
12. الأهداف والمقاصد والمؤشرات الرئيسية المتصلة بخفض تدهور الغابات
13. تزايد المخاطر الناجمة عن الآفات والعوامل الممرضة الغازية المرتبطة بالتغيّرات العالمية
14. أسباب تجزئة الغابات وآثارها
15. الأهداف والمقاصد والمؤشرات الرئيسية ذات الصلة بحفظ الأنواع الحرجية والموارد الوراثية
16. أكثر من نصف أنواع الأشجار المستوطنة في أوروبا تواجه خطر الانقراض
18. الملقحات التي تعيش في الغابات
19. تنوع خنفساء الخشب في غابات البحر الأبيض المتوسط
20. الأنواع العليا الموجودة في الغابات المتجددة انطلاقًا من الأراضي الزراعية، كوستاريكا
21. حفظ الموارد الوراثية وإدارتها واستعمالها
22. تقييم التهديدات التي تطال حفظ الموارد الوراثية لأنواع الأشجار المثمرة في بوركينا فاسو
23. تنفيذ خطة العمل العالمية بشأن الموارد الوراثية الحرجية
24. وضع استراتيجية إقليمية من أجل حفظ الموارد الوراثية الحرجية في أوروبا
25. التحدي الذي يكتنف تحديد الشعوب المعتمدة على الغابات
26. الغابات الداعمة لمصايد الأسماك الداخلية في البلدان الاستوائية
27. لقضايا المرتبطة باستعمال الوقود الخشبي من أجل الطهي
28. صلة النظم القائمة على الغابات والأشجار بالتنوع الغذائي
29. أمثلة على الأغذية الحرجية المستهلكة في غرب أفريقيا خلال المواسم العجفاء
30. جوز البرازيل: ركيزة أساسية لحفظ غابات الأمازون
33. التوصيات الحرجية الأوروبية من أجل إدماج الصحة البشرية في الإدارة المستدامة للغابات
34. العوامل المعقدة التي تؤدي إلى نتائج حرجيّة مختلفة بشأن جبل إلغون، أوغندا
36. برنامج الأمم المتّحدة للتعاون في مجال خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها
37. السلاسل السلعية التي لا تنطوي على إزالة الغابات: دمج الكاكاو والغابات في غرب أفريقيا
38. وقف إزالة الغابات: توصيات المؤتمر العالمي
39. رصد إدارة الحياة البريّة في الغابات المخصّصة للإنتاج في الكاميرون
40. الأهداف والمقاصد والمؤشرات الرئيسية ذات الصلة بزيادة إعادة تأهيل الغابات
41. إصلاح المشاهد الطبيعية الحرجية من خلال المساعدة على التجدد الطبيعي
42. تجديد الحياة البرية وإعادة إدخال أنواع أساسية
43. مبادرة اقتصاديات إصلاح النظم الإيكولوجية
44. أمثلة على التعهدات الجديدة المعلنة في عام 2019 بشأن إعادة تأهيل الغابات وزراعة الأشجار
45. الأهداف والمقاصد والمؤشرات الرئيسية المتصلة بالمناطق المحمية وتدابير الحفظ القائمة على المناطق
47. مبادرة بطاقات التوسيم تدعم عسل النحل غير اللاسع الذي تنتجه نساء من بوليفيا
48. الأراضي والمناطق التي يصونها السكان الأصليون والمجتمعات المحليّة
49. تعميم صون التنوع البيولوجي في الإدارة المستدامة للمشاهد الطبيعية للغابات في منغوليا
50. صون الغابات واستعادتها بواسطة شركات اللُبّ والورق في الغابات المطيرة الأطلسية، البرازيل
51. النزاعات بين الإنسان والحياة البرية
52. الأهداف والغايات والمؤشرات الرئيسية ذات الصلة بالإدارة المستدامة للغابات
53. تعميم التنوع البيولوجي في الزراعة
54. أمثلة على الأنشطة الإقليمية للصون والاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي المتعلق بالغابات
55. تسخير قوة العمل التطوعي للتصدي للأنواع الغريبة الغازية
58. منصات منظمة الأغذية والزراعة وأدواتها للاستشعار عن بعد في مجال الحراجة
59. جمع المعلومات عن التنوع البيولوجي من الجرد الوطني للغابات في بابوا غينيا الجديدة
60. التقدم على صعيد الاستشعار عن بعد لرصد التنوع البيولوجي
61. مؤشر سنغافورة للتنوع البيولوجي في المدن لرصد جهود صون التنوع البيولوجي في المناطق الحضرية
يتزامن وضع اللمسات الأخيرة على تقرير حالة الغابات في العالم في عام 2020 مع ظهور تحديات لا سابق لها في العالم نتيجة جائحة كوفيد19-. وفي حين تتمثل الأولوية العالمية الملحة في مواجهة حالة الطوارئ الصحية، لا بد لاستجابتنا لهذه التحديات في الأجل الطويل من أن تعالج أيضا الأسباب الكامنة لهذا النوع من الجوائح. ويعدّ تدهور الغابات وفقدانها أحد العوامل المساهمة في ذلك، مما يُحدث اضطرابات في التوازن القائم في الطبيعة ويزيد من خطر وتعرض الأشخاص للأمراض المنقولة عن طريق الحيوانات. ولم يكن يومًا فهم حالة الغابات في عالمنا وتتبعها بهذا القدر من الأهمية كما في يومنا هذا.
ويوافق هذا العام نهاية عقد الأمم المتحدة للتنوّع البيولوجي وتنفيذ الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي للفترة 2020-2011. وتتكاتف جميع البلدان سويّة لاستعراض التقدّم المحرز نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجيّة الخمسة للخطة وأهداف آيتشي العشرين للتنوّع البيولوجي من أجل تحديد معالم الإطار العالمي للتنوّع البيولوجي لما بعد عام 2020.
ويجب أن يستند هذا الإطار إلى أدلّة على الوضع الراهن في ما يخص التنوّع البيولوجي والاتجاهات الأخيرة في العالم؛ وأدلّة على الصلات التي تربط التنوّع البيولوجي بالتنمية المستدامة؛ وأدلّة على الإجراءات الناجحة المتّخذة من أجل الحفاظ على العديد من المنتجات والخدمات التي يوفّرها التنوّع البيولوجي في العالم واستخدامها على نحو مستدام من أجل مساندة الأمن الغذائي ورفاهية الإنسان.
وتوجد الأغلبيّة العظمى من التنوّع البيولوجي البري على وجه الأرض في غابات العالم – من الغابات الشماليّة في أقصى الشمال إلى الغابات الاستوائيّة المطيرة. وتحتوي مجتمعة على أكثر من 000 60 نوع مختلف من أنواع الأشجار وتوفر الموائل لنسبة 80 في المائة من أنواع البرمائيات و75 في المائة من أنواع الطيور و68 في المائة من أنواع الثدييات. ويوجد حوالي 60 في المائة من جميع النباتات الوعائيّة في الغابات الاستوائيّة. وتوفر أشجار المانغروف مواقع للتكاثر وحاضنات للعديد من أنواع الأسماك والمحاريات، إضافة إلى أنها تساعد في منع الترسّبات التي قد تؤثر سلبًا لولا ذلك على طبقات الأعشاب البحريّة والشعب المرجانيّة التي تشكّل موائل للحياة البحريّة.
وبالتالي، فإن صون القسم الأكبر من التنوّع البيولوجي في العالم يعتمد كلّ الاعتماد على الطريقة التي نتفاعل فيها مع غابات العالم ونستعملها.
ويتناول هذا الإصدار من تقرير حالة الغابات في العالم مساهمات الغابات والسكّان الذين يستعملونها ويديرونها في الحفاظ على التنوّع البيولوجي واستعماله بصورة مستدامة. ويُجري تقييمًا للتقدّم المحرز حتى الآن في تحقيق الأهداف والمقاصد العالميّة المتصلة بالتنوع البيولوجي الحرجي ويصف فعاليّة السياسات والإجراءات والنُهج في مجالي الحفظ والتنمية المستدامة على السواء، عن طريق سلسلة من دراسات الحالة عن الممارسات الابتكاريّة والحلول المجدية للجميع.
ولا يهدف هذا الإصدار من التقرير إلى أن يكون بحثًا شاملًا عن التنوّع البيولوجي الحرجي، بل يسعى بالأحرى إلى تقديم معلومات مستجدّة عن حالته الراهنة وموجزًا عن أهميته بالنسبة إلى البشرية جمعاء. ويُراد منه أن يُكمل تقرير حالة التنوّع البيولوجي للأغذية والزراعة في العالم، الذي أصدرته هيئة الموارد الوراثية للأغذية والزراعة التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في عام 2019، وتقرير التقييم العالمي بشأن التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي الذي صدر العام الماضي عن المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي، والتوقعات العالمية للتنوّع البيولوجي 5 الصادرة عن اتفاقية التنوّع البيولوجي.
وإن هذا الإصدار من مطبوع حالة الغابات في العالم هو للمرة الأولى ثمرة جهد مشترك بين جهازين تابعين للأمم المتحدة هما منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. واستنادًا إلى تعاوننا القائم والمزايا النسبيّة الخاصة بنا، نجمع بين المعلومات الجديدة المنبثقة عن تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 والتحليلات عن حالة ومدى تمثيل الغابات المحميّة مع مرور الوقت، وهي تحليلات أجراها المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وإن هذا الإصدار من مطبوع حالة الغابات في العالم هو للمرة الأولى ثمرة جهد مشترك بين جهازين تابعين للأمم المتحدة هما منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. واستنادًا إلى تعاوننا القائم والمزايا النسبيّة الخاصة بنا، نجمع بين المعلومات الجديدة المنبثقة عن تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 والتحليلات عن حالة ومدى تمثيل الغابات المحميّة مع مرور الوقت، وهي تحليلات أجراها المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
ويؤكّد مطبوع حالة الغابات في العالم في عام 2020 استمرار إزالة الغابات وتدهورها بمعدّلات تنذر بالخطر، ممّا يساهم بدرجة كبيرة في الفقدان المستمر للتنوّع البيولوجي. ويظلّ التوسع الزراعي واحد من العوامل الرئيسية، في حين أنّ صمود النظم الغذائية البشرية وقدرتها على التكيّف مع التغيّرات المستقبلية يعتمد على التنوّع البيولوجي بحد ذاته.
ويشير تقرير عام 2020 أيضًا إلى وجود بوادر أمل. فمعدّل فقدان الغابات على تراجع على المستوى العالمي وهناك فعليًا حلول تحقق التوازن بين حفظ التنوّع البيولوجي في الغابات واستعماله بصورة مستدامة.
ومن أجل عكس مسار إزالة الغابات وفقدان التنوّع البيولوجي، من الضروري العمل على وجه السرعة لتعميم هذه الحلول وإحداث تغيير تحوّلي في طريقة إنتاج الأغذية واستهلاكها. ولا بد أيضًا من حفظ الغابات والأشجار وإدارتها ضمن نهج متكامل للمناظر الطبيعيّة وعكس اتجاه الضرر الحاصل عن طريق جهود إصلاح الغابات.
وتقوم هذه التحولات على عناصر حاسمة تتمثل في حوكمة فعّالة؛ ومواءمة السياسات بين القطاعات والمستويات الإداريّة؛ وضمان حيازة الأراضي؛ واحترام حقوق المجتمعات المحليّة والشعوب الأصليّة ومعارفها؛ وتعزيز القدرة على رصد النتائج على صعيد التنوّع البيولوجي؛ وأخيرًا وليس آخرًا، نماذج تمو يل ابتكار ية.
وفي الختام، لا بد لنا من إقامة علاقة جديدة مع الطبيعة وبإمكاننا النجاح في ذلك معًا وإنّ تقرير حالة الغابات في العالم في عام 2020 يساهم في تحقيق هذه الرؤية. ونأمل أن يكون هذا التقرير قيّمًا ومفيدًا لكم.
Inger Andersen |
شو دونيو |
أعـدت شـعبة سياسـات ومـوارد الغابـات في منظمـة الأغذية والزراعـة تقرير حالـة الغابات في العالم لعام 2020 بالتعاون مع المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
ووضِـع التقريـر بتوجيـه مـن فريـق أسـاسي مؤلف من خمسة مـن كبار المسؤولين في منظمة الأغذية والزراعة والمركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وترأس هذا الفريق مدير الشُعب في المنظمة الذي اضطلع بمهمة التنسيق العام لهذا المطبوع.
وجرى تقييم التقدم المحرز نحو تحقيق الأهداف والمقاصد المتعلقة بالغابات وتنوّعها البيولوجي بناءً على المؤلفات الموجودة والدراسات التي طُلب إنجازها. وجُمعت سلسلة من دراسات الحالة من أجل توفير أمثلة عملية من شتى أنحاء العالم على صون التنوّع البيولوجي الحرجي واستخدامه المستدام.
ويستند هذا الإصدار من مطبوع حالة الغابات في العالم إلى نتائج تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 الذي تجريه المنظمة والذي سيصدر أيضًا في عام 2020.
ودرس تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 الحالة والاتجاهات الخاصة بأكثر من 60 متغيرًا المرتبطة بمساحة الغابات وخصائصها وظروفها وإدارتها واستخداماتها في 236 بلدًا ومنطقة خلال الفترة 1990–2020.
وتشكل البيانات الرسمية حجر الزاوية في تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020، وهي بيانات تقدمها شبكة راسخة من المراسلين القطريين المعينين رسميًا عن طريق عملية لرفع تقارير تتسم بالشفافية وإمكانية التعقب. ويمكّن تطبيق منهجية موحدة لرفع التقارير من رصد التغييرات على مر الوقت وتجميع البيانات على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
ولم يتُستعمل في مطبوع حالة الغابات في العالم في عام 2020 إلّا البيانات المتعلقة بالتنوّع البيولوجي الحرجي. ويتسم معظم هذه البيانات بطابعها العالمي ويستند إلى النتائج الرئيسية لتقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020، وقد نشرت هذه البيانات قبل فترة قصيرة من صدور مطبوع حالة الغابات في العالم في عام 2020. ويمكن للقارئ الاطلاع على المزيد من المعلومات المفصّلة على الصعيدين الإقليمي والقطري في التقرير المقبل لتقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 (منظمة الأغذية والزراعة، 2020). ويمكن الاطلاع على المصطلحات والتعاريع المستعملة في تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 من خلال الرابط التالي: http://www.fao.org/3/I8661EN/i8661en.pdf.
وقد أعدّت هذه الدراسات الثلاث الجديدة خصيصًا من أجل مطبوع حالة الغابات في العالم في عام 2020:
وأتاح تحليل البيانات السنوية الخاصة بالغطاء الأرضي للفترة من 1992 إلى 2015، الذي أجراه المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، معلومات جديدة عن الطريقة التي تختلف بها المنطقة تحت الغطاء الشجري بشكل كبير من سنة إلى أخرى. وقد استُفيض في دراسة هذا الأمر في إطار خريطة المناطق الإيكولوجية لمنظمة الأغذية والزراعة وقاعدة البيانات العالمية لمناطق التنوّع البيولوجي الرئيسية وقاعدة البيانات العالمية للمناطق المحمية، ووفر ذلك رؤى جديدة بشأن مدى تمثيل المناطق المحمية والتغيرات في حالة حماية الغابات مع مرور الوقت.
وقام مركز البحوث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية بالتعاون مع دائرة الغابات في الولايات المتحدة بتطبيق منهجية قائمة من أجل تحليل الأنماط المكانية للغابات على خريطة الغطاء الأرضي العالمية لبرنامج كوبرنيكوس لعام 2015، وأسقطها على خريطة المنظمة للمناطق الإيكولوجية العالمية. ووفر ذلك بيانات جديدة بشأن سلامة الغابات وتجزئتها بحسب الأنواع العامة للغابات.
وساهم البنك الدولي بدراسة عن الصلات بين الغابات والفقر. واستندت هذه الدراسة إلى استعراض أجراه البنك الدولي للمؤلفات وإسقاط لخرائط الغابات على بيانات الفقر.
وحصلت جميع الفصول على دعم من الموظفين والمستشارين في ما يخص جمع البيانات و/أو صياغة النصوص. وقام أحد كبار الاستشاريين بتجميع الوثيقة النهائية وتحريرها.
وأتاح استعراض الأقران الداخليين، من مختلف الوحدات والإدارات في منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، واستعراض الأقران الخارجيين تعليقات واقتراحات مستفيضة بشأن مسودات الوثيقة.
تم إعداد تقرير حالة الغابات في العالم لعام 2020 بإشراف عام من Mette L. Wilkie، التي قادت فريقًا أساسيًا ضمّ Anssi Pekkarinen و Ewald Rametsteinerو Andrew Taberو Sheila Wertz-Kanounnikoffمن منظمة الأغذية والزراعة، و Will Simonsonمن المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وقدّمت Andrea Perlis المساعدة في تجميع المطبوع وتحريره. ويرد أدناه ذكر المساهمين والمستعرضين الإضافيّين.
من منظمة الأغذية والزراعة:
المساهمون: Hitofumi Abe و Safia Aggarwalو Astrid Agostini و Damien Bertrand و Simone Borelli و Marco Boscoloو Pierre Bouillonو Amanda Bradleyو Anne BranthommeوVito Brito وLyndall Bull و Malgorzata Buszko-Briggsو Benjamin CaldwellوLaura Cerioni وMichela Conigliaro وJose Diaz Diaz وYoshihide Endo و Aurelie Fernandezو Serena Fortuna و Julian Foxو Sarah Fumey و Monica Garzugliaو Emma Gibbs وMarta Gruca وAbdel Hamied Hamid و Daphne Hewitt وSooyeon Jin و Örjan Jonsson وAdolfo Kindgard وJarkko Koskela و Arvvdas Lebedysو Thais Linhares Juvenal و Erik LindquistوYuka Makino وPeter Moore و Giulia Muirو Azdad Mustapha و Scott Newmanو Maria Isabel Ochoa وChiara Patriarca و Peter Pechaekو Clelia Maria Puzzo و Sara Casallas Ramirez و Kristina Rodinaو Moctar Sacande Shiroma Sathyapala و Kenichi Shonoو Bianca Sipalaو Simona Sorrentiو Elaine Springgay وAshley Steel و Tiina Vähänenو Martina Venturi وPedro Vivar و Anni Vuohelainen وSven Walter و Zuzhang Xiaو Daowei Zhang.
المستعرضون: Julie Belanger و Lorenzo Belluو Nora Berrahmouniو Jeffrey Campbell وFrederic Castell و Ana Paula De la Ocamposو Michael Eulerو Adriana Ignaciukو Lourdes Orlando وDafydd Pilling و Eran Raizmanو Selvaraju Ramasamyو Kostas StamoulisوCarlos Vaquero.
ومن برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتّحدة للبيئة:
المساهمون: Andy Arnell و Abigail Burnsو Lauren Coadو Alexander Gangurو Joe Gosling وSamantha Hill و Lisa Ingwall-Kingو Valerie Kaposو Edward Lewisو Calum Maneyو Emma Martin و Ana Paula de la O Campos و Barbara Pollini و Marieke Sassenو Emma ScottوArnout van Soesbergen.
المستعرضون: Abdelkader Bensader وNeil Burgess وKatherine Despot-Belmonte وSatu Glaser وKelly Malsch وSusan Mutebi-Richards.
ومن مركز البحوث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية (دراسة بشأن تجزئة الغابات): Peter Vogt.
ومن دائرة الغابات في الولايات المتحدة (دراسة بشأن تجزئة الغابات): Kurt Ritters.
ومن البنك الدولي (دراسة بشأن الغابات والفقر):
المساهمون: Shun Chonabayashi، وبدعم من Yulin Chen و Shanjun Liو Luming TanوZiye Zhang.
المستعرضون: Benoît Blarel و Timothy H. Brownو Susmita Dasguptaو Martin Hegerو Minh Cong Nguyen.
دراسات الحالة والإطارات
أعدّ الموظفون في منظمة الأغذية والزراعة والمركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتّحدة للبيئة دراسات الحالة والإطارات، إضافة إلى المساهمين الخارجيين التالي ذكرهم:
دراسة حالة عن محميّة المحيط الحيوي في قرية الضانا، الأردن: Qamar Almini وNashat Hamidan وAmer Rfou’ من الجمعيّة الملكية لحماية الطبيعة، الأردن؛ وMohammad Alnsour من مبادرة مساقط المياه والتنمية، الأردن.
ودراسة حالة عن نموذج حفظ الحياة البرية في أمريكا الشماليّة: Shane Patrick Mahoney رئيس شركة Conservation Visions .
ودراسة حالة عن مؤشر سنغافورة للتنوّع البيولوجي في المدن: Lena Chan من مجلس المنتزهات الوطنية في سنغافورة.
والإطار بشأن الاستراتيجية الإقليميّة من أجل حفظ الموارد الوراثيّة الحرجيّة في أوروبا: Michele Bozzano من برنامج الموارد الوراثية الحرجية، المعهد الأوروبي للغابات.
والإطار بشأن تقييم التهديدات التي تحيق بالموارد الوراثيّة الخاصة بأنواع الأشجار المثمرة في بوركينا فاسو: Hannes Gaisberger وBarbara Vinceti، المنظمة الدولية للتنوّع البيولوجي.
واستفاد أيضًا مطبوع حالة الغابات في العالم في عام 2020 من استعراض الأقران الخارجيين الذي اضطلع به David Cooper وLisa Janishevski (أمانة اتفاقية التنوّع البيولوجي)، وChristel Palmberg-Lerche (موظفة سابقة في المنظمة) وFred Stolle (معهد الموارد العالميّة)، واستفاد كذلك من تعليقات بشأن أقسام محدّدة أدلى بها العديد من الزملاء في الشعب الفنية الأخرى داخل المنظمة.
وقدّمـت دائـرة برمجـة الاجتماعات والتوثيق لـدى المنظمة خدمـات الطباعة والترجمة. وقدّمـت المجموعة المعنيّة بالنشر في مكتـب الاتصالات في المنظمة الدعـم التحريري وخدمات في مجـالي التصميم وتخطيط الشـكل الخارجـي، وكذلك تنسـيق الإنتـاج باللغات السـت كافة.
في الوقت الذي يقترب فيه عقد الأمم المتحدة للتنوّع البيولوجي للفترة 2020-2011 من نهايته، وفي حين تستعدّ البلدان لاعتماد إطار عالمي للتنوّع البيولوجي لما بعد عام 2020، يغتنم هذا الإصدار من تقرير حالة الغابات في العالم الفرصة من أجل دراسة مساهمات الغابات والسكّان الذين يستخدمونها ويديرونها في صون التنوّع البيولوجي واستخدامه بصورة مستدامة. ويُراد من هذا الإصدار أن يُكمّل تقرير حالة التنوّع البيولوجي للأغذية والزراعة في العالم، الذي نشرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتّحدة (المنظمة) في فبراير/شباط 2019، وتقرير التقييم العالمي بشأن التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي، الذي أعدّه المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوّع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي، وصدرت مسودّته في عام 2019، والتوقّعات العالمية للتنوّع البيولوجي 5 الصادرة عن اتفاقية التنوّع البيولوجي في عام 2020.
وتحتوي الغابات على معظم التنوّع البيولوجي البرّي على وجه الأرض. وبالتالي، فإن صون التنوّع البيولوجي في العالم يعتمد اعتمادًا كاملًا على طريقة تفاعلنا مع غابات العالم واستخدامنا لها. وتوفّر الغابات موائل لنسبة 80 في المائة من أنواع البرمائيات و75 في المائة من أنواع الطيور و68 في المائة من أنواع الثدييات. ويوجد حوالي 60 في المائة من جميع النباتات الوعائية في الغابات الاستوائية. وتوفّر أشجار المانغروف مواقع للتكاثر وحاضنات للعديد من أنواع الأسماك والمحاريات، إضافةً إلى أنها تساعد في منع الترسّبات التي كانت لتؤثر لولا ذلك سلبًا على طبقات الأعشاب البحرية والشُعب المرجانية التي تشكل موائل لعدد كبير من الأنواع البحريّة.
وتغطّي الغابات نسبة 31 في المائة من مساحة اليابسة في العالم، ولكنها ليست موزّعة بالتساوي في جميع أنحاء العالم. ونصف المناطق الحرجية سليم نسبيًّا، وتشكّل الغابات الأوليّة أكثر من ثلث هذه المناطق. ويوجد أكثر من نصف غابات العالم في خمسة بلدان فقط (البرازيل وكندا والصين والاتحاد الروسي والولايات المتّحدة الأمريكيّة). ونصف المناطق الحرجيّة تقريبًا (49 في المائة) سليم نسبيًا، بينما توجد 9 في المائة من المناطق الحرجية في أجزاء ذات تواصل قليل أو منعدم. وإن الغابات المطيرة الاستوائية والصنوبريّة الشماليّة هي الأقل تجزئة، بينما تعدّ الغابات الجافة شبه الاستوائية والغابات المحيطيّة المعتدلة من بين الغابات الأكثر تجزئة. ويوجد قرابة 80 في المائة من المناطق الحرجيّة في العالم في بقع تتجاوز مساحتها المليون (1) هكتار. وتقع نسبة 20 في المائة المتبقية من المناطق الحرجيّة في أكثر من 34 مليون بقعة حول العالم – وتقلّ مساحة أغلبيتها العظمى عن 000 1 هكتار.
وأكثر من ثلث غابات العالم (34 في المائة) هي غابات أوليّة، وتعرَّف بأنها غابات متجدّدة طبيعيًّا مكوّنة من أنواع أشجار محليّة، حيث لا توجد مؤشرات مرئيّة واضحة للأنشطة البشريّة فيها كما أن العمليّات البيئيّة فيها لم تشهد اضطرابات ملحوظة.
وتتواصل إزالة الغابات وتدهورها بمعدلات تنذر بالخطر، ممّا يساهم بدرجة كبيرة في الفقدان المستمر للتنوّع البيولوجي. ومنذ 1990، تفيد التقديرات عن فقدان حوالي 420 مليون هكتار من الغابات بسبب تحويلها إلى استخدامات أخرى للأراضي، رغم تراجع معدّل إزالة الغابات خلال العقود الثلاثة الماضية. وبين عامي 2015 و2020، أفادت التقديرات بأن معدّل إزالة الغابات هو 10 ملايين هكتار سنويًا، أي أنه انخفض عن معدّل 16 مليون هكتار سنويًا في تسعينيات القرن الماضي. وانخفضت مساحة الغابات الأوليّة حول العالم بأكثر من 80 مليون هكتار منذ عام 1990. وتضرّر أكثر من 100 مليون هكتار من الغابات بسبب حرائق الغابات والآفات والأمراض والأنواع الغازية والجفاف والظواهر الجويّة غير المواتية.
ويبقى التوسّع الزراعي العامل الرئيسي وراء إزالة الغابات وتجزئتها وما يرتبط بذلك من فقدان للتنوّع البيولوجي الحرجي. وتسبّبت الزراعة للأغراض التجاريّة الواسعة النطاق (تربية المواشي وزراعة فول الصويا ونخيل الزيت بشكل أساسي) بنسبة 40 في المائة من إزالة الغابات الاستوائية بين عامي 2000 و2010، وتسبّبت زراعة الكفاف المحليّة بنسبة إضافيّة قدرها 33 في المائة. ومن المفارقة أن صمود النظم الغذائيّة البشريّة وقدرتها على التكيّف مع التغيّرات المستقبلية يعتمد على التنوّع البيولوجي بحد ذاته – بما في ذلك الشجيرات المتكيّفة مع الأراضي الجافة وأنواع الأشجار التي تساعد على مكافحة التصحّر، والحشرات التي تعيش في الغابات، وأنواع الخفافيش والطيور التي تلقّح المحاصيل، والأشجار ذات أنظمة الجذور الواسعة في النظام الإيكولوجي الجبلي التي تحول دون تآكل التربة، وأنواع المانغروف التي توفّر القدرة على الصمود أمام الفيضانات في المناطق الساحليّة. ومع تغيّر المناخ الذي يفاقم المخاطر المحدقة بالنظم الغذائية، فإن دور الغابات في تجميع الكربون وتخزينه والتخفيف من تغيّر المناخ هو دور يكتسي أهمية متزايدة في القطاع الزراعي.
وانخفضت الخسارة الصافية لمساحة الغابات من 7.8 مليون هكتار سنويًا في تسعينيات القرن الماضي إلى 4.7 مليون هكتار سنويًا خلال الفترة 2010-2020. وبينما تحدث إزالة الغابات في بعض المناطق، يجري إنشاء غابات جديدة عن طريق التوسّع الطبيعي أو الجهود المدروسة في مناطق أخرى. فإن الخسارة الصافية لمساحة الغابات أقلّ من معدّل إزالة الغابات. وانخفضت بالتالي من حيث الأرقام المطلقة مساحة المناطق الحرجيّة في العالم بمقدار 178 مليون هكتار بين عامي 1990 و2020، وهي منطقة بمساحة ليبيا تقريبًا.
ويختلف التنوّع البيولوجي الحرجي إلى حد كبير بحسب عوامل من قبيل نوع الغابة والجغرافيا والمناخ وأنوع التربة – فضلًا عنالاستخدام البشري. وتتيح معظم الموائل الحرجية في المناطق المعتدلة دعمًا نسبيًّا للقليل من أنواع الحيوانات والأشجار والأنواع التي غالبًا ما يكون لها توزّع جغرافي واسع، بينما يوجد العديد من الأنواع ذات التوزّع الجغرافي الضيّق في الغابات الجبليّة في أفريقيا وأمريكا الجنوبيّة وجنوب شرق آسيا وغابات الأراضي المنخفضة في أستراليا وسواحل البرازيل وجزر الكاريبي وأمريكا الوسطى وجزر جنوب شرق آسيا. وتتّصف المناطق المكتظّة بالسكان والتي تُستعمل فيها الأراضي الزراعية بكثافة مثل أوروبا وأجزاء من بنغلاديش والصين والهند وأمريكا الشمالية بأنها أقلّ سلامة من حيث تنوّعها البيولوجي. وتمّ تحديد شمال أفريقيا وجنوب أستراليا وسواحل البرازيل ومدغشقر وجنوب أفريقيا على أنها أيضًا مناطق تقع فيها خسائر فادحة على مستوى التنوّع البيولوجي.
وكان التقدّم بطيئًا من أجل منع انقراض الأنواع المعروفة المهدّدة وتحسين حالة حفظها. ويبلغ عدد أنواع الأشجار المختلفة المعروفة أكثر من 000 60 نوع، وتم إدراج أكثر من 000 20 نوع منها في القائمة الحمراء للأنواع والأصناف المهدّدة بالانقراض للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وجرى تقييم أكثر من 000 8 نوع منها على أنها مهدّدة على الصعيد العالمي (مهدّدة بشدّة بالانقراض أو مهدّدة بالانقراض أو عرضة للخطر). وتم تقييم أكثر من 400 1 نوع من الأشجار على أنها مهدّدة بشدّة بالانقراض وفي أمسّ الحاجة إلى اتخاذ إجراءات لحفظها. ويوجد حاليًا على قائمة الأنواع المهدّدة بشدّة بالانقراض حوالي 8 في المائة من النباتات الحرجيّة التي خضعت للتقييم و5 في المائة من حيوانات الغابة و5 في المائة من الفطريات الموجودة في الغابات.
واستنادًا إلى رصد 455 مجموعة مكونة من 268 نوعًا من الثدييات والبرمائيات والزواحف والطيور التي تعيش في الغابات، انخفض مؤشر الأنواع الخاصة بالغابات بنسبة 53 في المائة بين عامي 1970 و2014، أما معدّل الانخفاض السنوي فيبلغ 1.7 في المائة. وهذا ما يبرز الخطر المتزايد الذي يحدق بهذه الأنواع بأن تصبح عرضة للانقراض.
ومن منظور إيجابي، صادق 122 طرفًا متعاقدًا على بروتوكول ناغويا بشأن الحصول على الموارد الوراثية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها (وهي زيادة بنسبة 74 في المائة منذ عام 2016)؛ وقد صادق 146 طرفًا على المعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثيّة للأغذية والزراعة.
ويعتمد البشر كافّة على الغابات وتنوّعها البيولوجي، وبعضهم يعتمد عليها أكثر من البعض الآخر. وتوفّر الغابات أكثر من 86 مليون وظيفة خضراء وتدعم سبل عيش عدد أكبر بكثير من السكان. وتفيد التقديرات بأن 880 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم يمضون جزءًا من وقتهم في جمع خشب الوقود أو إنتاج الفحم الحجري، وأغلبية هؤلاء الأشخاص من النساء. وتميل أعداد السكان إلى الانخفاض في مناطق البلدان المنخفضة الدخل ذات الغطاء الحرجي الكثيف والتنوّع البيولوجي العالي في الغابات، بيد أن معدّلات الفقر في هذه المناطق تميل إلى الارتفاع. ويحصل حوالي 252 مليون شخص يعيشون في الغابات والسافانا على دخل يقلّ عن 1.25 دولارًا أمريكيًا في اليوم.
وإن توفير الأغذية للبشرية جمعاء والحفاظ على النظم الإيكولوجية واستخدامها بطريقة مستدامة هما هدفان متكاملان ومتكافلان على نحو وثيق. فالغابات توفّر إمدادات المياه وتخفف من تغيّر المناخ وتتيح الموائل للعديد من الملقّحات التي لا غنًى عنها في الإنتاج الغذائي المستدام. وتفيد التقديرات بأن 75 في المائة من المحاصيل الغذائية الرائدة في العالم، التي تمثّل 35 في المائة من الإنتاج الغذائي العالمي، تستفيد من التلقيح الحيواني في إنتاج الفواكه والخضار والبذور.
المكسيك
ملايين من الفراشات
الملكات تهاجر سنويا من
كندا إلى المكسيك حيث
تقضي الشتاء في الغابة.
وفي جميع أنحاء العالم، يعتمد حوالي مليار (1) شخص إلى حدّ ما على الأغذية البريّة مثل لحوم الطرائد والحشرات الصالحة للأكل والمنتجات النباتية الصالحة للأكل وأنواع الفطر والأسماك، وتحتوي هذه الأغذية عادة على مستويات عالية من المغذيات الدقيقة الرئيسيّة. ولا تقتصر قيمة الأغذية الحرجيّة بوصفها موارد للتغذية على البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل، إذ يستهلك أكثر من 100 مليون شخص في الاتحاد الأوروبي لحوم الطرائد بصورة منتظمة. ويستعمل حوالي 2.4 مليارات شخص – في المناطق الحضرية والريفية على السواء – الطاقة الخشبية من أجل الطهي.
وترتبط صحة الإنسان ورفاهه ارتباطًا وثيقًا بالغابات. ويزيد عدد أنواع النباتات المسجّلة حاليًا على أنها ذات استعمال طبّي على 000 28 نوع، ويوجد العديد من هذه الأنواع في النظم الإيكولوجية الحرجية. ومن شأن زيارة البيئات الحرجيّة أن تنعكس إيجابًا على صحّة الإنسان الجسديّة والنفسيّة، والعديد من الأشخاص تربطهم علاقة روحيّة عميقة بالغابات. بيد أن الغابات تشكّل مخاطر صحيّة كذلك. وتشمل الأمراض المرتبطة بالغابات الملاريا وداء شاغاس (المعروف أيضًا باسم داء المثقبيات الأمريكي) وداء المثقبيات الأفريقي (داء النوم) وداء الليشمانِيات ومرض اللايم وفيروس نقص المناعة البشرية وإيبولا وفيروس كورونا الذي تسبب في جائحة كوفيد19-. وأغلبية الأمراض المعدية الجديدة التي تصيب الإنسان هي ذات مصدر حيواني ويحتمل أن نشأتها ترتبط بفقدان الموائل بسبب تغيّر المناطق الحرجيّة وامتداد السكان إلى الغابات، وكلاهما يزيد من تعرّض الإنسان للحياة البريّة.
وإن إيجاد حلول تحقّق التوازن بين حفظ التنوّع البيولوجي الحرجي واستخدامه بصورة مستدامة أمر بالغ الأهمية – وأمر ممكن أيضًا. ولا تتّصف جميع التأثيرات البشريّة على التنوّع البيولوجي بالسلبيّة، وهذا ما تبينه الأمثلة العديدة الملموسة الواردة في هذا المطبوع على المبادرات الأخيرة الناجحة في إدارة التنوّع البيولوجي الحرجي والحفاظ عليه وإعادة تأهيله واستخدامه بصورة مستدامة.
وتسارعت وتيرة الإجراءات الرامية إلى مكافحة إزالة الغابات والحطابة غير قانونيّة خلال العقد الماضي - كما هو الحال بالنسبة إلى الاتفاقيّات الدولية والمدفوعات القائمة على النتائج. وحتى الآن، قدّمت سبعة بلدان تقارير عن خفض إزالة الغابات إلى اتفاقيّة الأمم المتحدة الإطاريّة بشأن تغير المناخ، وتحصل البلدان الآن على مدفوعات من الصندوق الأخضر للمناخ وآليات تمويل مماثلة بناء على خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها. وتقوم لوائح التجارة بدور ريادي في الجهود الرامية إلى التصدّي للحطابة غير القانونيّة في البلدان المستهلكة، إذ إنها تتطلّب أن يثبت المستورد أن الخشب قد جرى حصده بشكل قانوني. وتبذل بلدان استوائية عديدة منتجة للأخشاب جهودًا مماثلة في تعزيز الامتثال للشرعيّة والتحقّق منها. ويقوم خمسة عشر بلدًا من هذه البلدان بوضع أنظمة وطنيّة لضمان شرعيّة عمليات استغلال الأخشاب في إطار آلية الاتحاد الأوروبي لإنفاذ القوانين والإدارة والتجارة في قطاع الغابات. وكجزء من هذه الآلية، يطلب من البلدان أيضًا اتخاذ تدابير لمنع الصيد غير القانوني.
وجرى توسيع نطاق الهدف 11 من أهداف آيتشي للتنوّع البيولوجي (حماية 17 في المائة على الأقل من مساحة اليابسة بحلول عام 2020) ليشمل جميع النظم الإيكولوجية الحرجية. بيد أن المناطق المحميّة وحدها لا تكفي لحفظ التنوّع البيولوجي. وعلى الصعيد العالمي، تدخل نسبة 18 في المائة من المناطق الحرجيّة العالميّة، أو أكثر من 700 مليون هكتار، ضمن المناطق المحميّة المنشأة بموجب القانون، مثل المنتزهات الوطنيّة ومناطق الحفظ والمناطق المحجوزة لحيوانات الصيد (فئات الاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة 1 - 4). لكن هذه الفئات لاتمثل مجمل تنوع الأنظمة البيئية للغابات. وخلصت دراسة خاصة أجريت من أجل تقرير حالة الغابات في العالم لعام 2020 بشأن التوجهات في المناطق الحرجيّة المحميّة بحسب المناطق الإيكولوجيّة العالميّة في الفترة بين 1992 و2015 إلى أن أكثر من 30 في المائة من الغابات الاستوائيّة المطيرة والغابات الجافة شبه الاستوائيّة والغابات المحيطيّة المعتدلة تدخل ضمن فئة المناطق المحميّة بموجب القانون (فئات الاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة 1 - 6) في عام 2015. كما أثبتت الدراسة ضرورة أن تحظى الغابات المطيرة شبه الاستوائية والسهب المعتدلة وغابات الصنوبريات الشماليّة بالأولويّة في القرارات المستقبليّة من أجل إنشاء مناطق محميّة جديدة، إذ تشمل الحماية الحاليّة أقل من 10 في المائة من هذه الغابات. وبالمثل، ينبغي إسناد أولوية عالية إلى المناطق العالية القيمة بالنسبة إلى أهميّة التنوّع البيولوجي وسلامته، على سبيل المثال، جبال الأنديز الشمالية، وأمريكا الوسطى، وجنوب شرق البرازيل، وأجزاء من حوض الكونغو، وجنوب اليابان، وجبال الهيمالايا، وأجزاء مختلفة من جنوب شرق آسيا، وغينيا الجديدة.
وتم إحراز تقدّم محدود حتى الآن بخصوص تصنيف مناطق حرجيّة محدّدة باعتبارها تدابير حفظ فعّالة أخرى قائمة على المناطق، ولكن يجري وضع التوجيهات بشأن هذه الفئة وهي ذات إمكانات كبيرة بالنسبة إلى الغابات.
ولم يتحقّق الهدف 7 من أهداف آيتشي للتنوّع البيولوجي في ما يخصّ الغابات (بحلول عام 2020، تُدار مناطق الزراعة وتربية الأحياء المائيّة والحراجة على نحو مستدام، لضمان حفظها)، ولكن إدارة الغابات في العالم آخذة في التحسّن. وشهدت مساحة الغابات الخاضعة لخطط إدارة طويلة الأجل زيادة ملحوظة خلال الثلاثين سنة الماضية تقدّر بـ 2.05 مليار هكتار في عام 2020، وهو ما يعادل 54 في المائة من تغير الغابات في العالم.
وستقوّض التوجهات السلبيّة الحاليّة في مجال التنوّع البيولوجي والنظم الإيكولوجيّة من التقدّم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتستند الحياة في البرّ إلى التنوّع البيولوجي في العالم، ورغم بعض التوجهات الإيجابيّة، يستمرّ فقدان التنوّع البيولوجي بوتيرة سريعة. وبالتالي، لا بدّ من إدخال تغييرات تحوّلية على الطريقة التي نقوم بها بإدارة الغابات وتنوّعها البيولوجي وإنتاج الأغذية واستهلاكها والتفاعل مع الطبيعة. ومن الضروري أن نفصل التدهور البيئي والاستعمال غير المستدام للموارد عن النمو الاقتصادي وما يرتبط به من أنماط الإنتاج والاستهلاك. ومن الضروري أيضًا أن تراعي القرارات الخاصة باستعمال الأراضي القيمة الحقيقيّة للغابات.
ويتطلّب ضمان النتائج الإيجابيّة في ما يخصّ التنوّع البيولوجي والسكّان على السواء تحقيق توازن دقيق بين أهداف الحفظ وأوجه الطلب على الموارد التي تدعم سبل العيش. وهناك حاجة ماسّة إلى ضمان تعميم حفظ التنوّع البيولوجي على ممارسات إدارة الغابات في جميع أنواع الغابات. ومن أجل القيام بذلك، يجب إقامة توازن واقعي بين أهداف الحفظ والاحتياجات والطلبات المحليّة على الموارد التي تدعم سبل العيش والأمن الغذائي ورفاه الإنسان. ويتطلّب ذلك إدارة فعّالة، وتوافق السياسات بين القطاعات والمستويات الإداريّة، وأمن حيازة الأراضي، واحترام حقوق ومعارف المجتمعات المحليّة والشعوب الأصليّة، وتعزيز القدرة على رصد نتائج التنوّع البيولوجي. وتتطلّب المسارات المستدامة أيضًا وجود نماذج تمويل ابتكاريّة.
ويجدر بنا تغيير نظمنا الغذائيّة من أجل وقف إزالة الغابات وفقدان التنوّع البيولوجي. وتكمن الحاجة إلى التغيير التحوّلي الأكبر في الطريقة التي ننتج بها الأغذية ونستهلكها. ويجب علينا أن نبتعد عن الحالة الراهنة التي يتسبّب فيها الطلب على الأغذية بممارسات زراعيّة غير مناسبة تدفع إلى القيام على نطاق واسع بتحويل الغابات إلى الإنتاج الزراعي، وتدفع إلى فقدان التنوّع البيولوجي المتعلّق بالغابات. كما أن اعتماد الحراجة الزراعيّة وممارسات الانتاج المستدام وإعادة تأهيل إنتاجية الأراضي الزراعية المتدهورة واعتماد نظم غذائية أكثر سلامة وخفض الفاقد والمهدر من الأغذية تجسّد جميعها إجراءات يتعيّن توسيع نطاقها بشكل عاجل. ويجب على الأعمال التجاريّة الزراعيّة الوفاء بالتزاماتها بشأن سلاسل السلع التي لا تنطوي على إزالة الغابات. ويجدر بالشركات التي لم تقدّم التزامات بعدم إزالة الغابات أن تبادر إلى ذلك. وينبغي للمستثمرين في السلع أن يعتمدوا نماذج تجارية مسؤولة بيئيًا واجتماعيًا. وستتطلّب هذه الإجراءات في العديد من الحالات مراجعة السياسات الحالية – لا سيما السياسات المالية – والأطر التنظيميّة.
وهناك حاجة إلى إصلاح الغابات على نطاق واسع من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة والوقاية من فقدان التنوّع البيولوجي ووقف هذا الفقدان وعكس مساره. ورغم تقديم 61 بلدًا سويّة تعهدًا بإعادة تأهيل 170 مليون هكتار من الأراضي الحرجيّة المتدهورة في إطار تحدي بون، يبقى التقدّم بطيئًا حتى اليوم. وتساعد إعادة تأهيل الغابات، عند تنفيذها على النحو المناسب، على إعادة الموائل والنظم الإيكولوجيّة وتهيئة الوظائف وإدرار الدخل، وهي حلّ فعّال لتغيّر المناخ يقوم على الطبيعة. وأعلن عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجيّة للفترة 2030-2021، في مارس/آذار 2019، عن أهداف ترمي إلى تسريع عجلة أعمال إصلاح النظام الإيكولوجي على الصعيد العالمي.
ويتزايد الاعتراف بدور الغابات بوصفها حلًا قائمًا على الطبيعة للعديد من تحدّيات التنمية المستدامة حسبما يتّضح في الإرادة السياسيّة المعزّزة وسلسلة من التزامات بخفض معدّلات إزالة الغابات وإعادة تأهيل النظم الإيكولوجيّة المتدهورة في الغابات. وعلينا أن نستفيد من هذا الزخم بغية تحفيز الإجراءات الجريئة للوقاية من فقدان الغابات وتنوّعها البيولوجي ووقف هذا الفقدان وعكس مساره، وذلك من أجل مصلحة الأجيال الحاليّة والمقبلة.
مع اقتراب نهاية عقد الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي 2020-2011 واستعداد البلدان لاعتماد إطار عالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020، ينتهز هذا الإصدار من تقرير حالة الغابات في العالم الفرصة لدراسة ما تساهم به الغابات والأشخاص الذين يستعملونها ويديرونها في الحفاظ على التنوع البيولوجي واستعماله المستدام (الإطار1). ويهدف هذا الإصدار من خلال التركيز بشكل خاص على الغابات وتنوعها البيولوجي إلى استكمال تقرير حالة التنوع البيولوجي للأغذية والزراعة في العالم الذي أصدرته المنظمة في فبراير/شباط 2019 (منظمة الأغذية والزراعة، 2019أ) (الإطار2)، وإكمال تقرير التقييم العالمي بشأن التنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي الصادر عن المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، والذي نشرت مسودته في عام 2019 وكذلك التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي 5 التي ستصدر قريبًا عن اتفاقية التنوع البيولوجي.
وفي الملحق بالقرار 2/9 (اتفاقية التنوع البيولوجي، من دون تاريخ محدد أ)، أقرّ مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي بما يلي:
“التنوع البيولوجي الحرجي ينتج عن العمليات الارتقائية التي استمرت على مدى آلاف بل ملايين السنين، والتي تسببها قوى إيكولوجية كالمناخ والنار والتنافس والاضطرابات. وبالإضافة الى ذلك، يؤدي تنوع النظم الإيكولوجية الحرجية (في خصائصه الفيزيائية والبيولوجية) إلى مستويات مرتفعة من التكيّف، وتمثل هذه الخصائص إحدى المكونات التي لا تتجزأ من التنوع البيولوجي. ومن النظم الإيكولوجية الحرجية المحددة، تعتمد صيانة العمليات الإيكولوجية على الحفاظ على التنوع البيولوجي.”
التنوع البيولوجي الحرجي مصطلح واسع يُعنى بكافة أشكال الحياة الموجودة في المناطق الحرجية وما تضطلع به هذه الأشكال من أدوار إيكولوجية. وبالتالي، لا يُعنى التنوع البيولوجي الحرجي بالأشجار فحسب، بل يضم أعدادًا كبيرة من النباتات والحيوانات والكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في الغابات، إضافة إلى التنوع الوراثي المرتبط بها.
ويمكن النظر في التنوع البيولوجي الحرجي على مستويات مختلفة، بما فيها النظم الإيكولوجية والمناظر الطبيعية والأنواع والسكّان وعلم الوراثة. ويمكن أن تحصل تفاعلات معقّدة ضمن هذه المستويات وفي ما بينها. وفي الغابات المتنوعة بيولوجيًّا، يتيح هذا التعقيد للكائنات الحية أن تتكيف مع الظروف البيئية المتغيّرة باستمرار وأن تحافظ على وظائف النظام الإيكولوجي.
المصدر: اتفاقية التنوع البيولوجي، من دون تاريخ محدد
يرد في تقرير حالة التنوع البيولوجي للأغذية والزراعة في العالم (منظمة الأغذية والزراعة، 2019أ) تقييم عالمي لحالة جميع مكوّنات التنوع البيولوجي ذات الصلة بالأغذية والزراعة (المحاصيل والإنتاج الحيواني والغابات ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية). ويكمل هذا التقييم عمليات التقييم العالمية للموارد الوراثية في الغابات والنباتات (المحاصيل) والحيوانات (المواشي) والأنواع المائية (الأنواع المستزرعة وأقاربها البريّة ضمن حدود الولاية الوطنية) (منظمة الأغذية والزراعة، 1997؛ 2007؛ 2010أ؛ 2014أ؛ 2015أ؛ 2019ب)، وقد أُعدّت عمليات التقييم هذه بتوجيه من هيئة الموارد الوراثية للأغذية والزراعة. ويقوم المطبوع بذلك عن طريق التركيز بشكل خاص على فئات التنوع البيولوجي غير المتناولة بالتفصيل في هذه التقارير، بما في ذلك اللافقاريات والكائنات الحية الدقيقة وغيرها من الأنواع التي توفر خدمات النظام الإيكولوجي الداعمة والضابطة داخل نظم الإنتاج وحولها وأنواع الحيوانات البريّة التي تشكّل مصادر للأغذية البريّة. وهو يركز أيضًا على التفاعلات بين مختلف مكوّنات التنوع البيولوجي. ويستقي المطبوع معلوماته من 91 تقريرًا قطريًا ومن 27 تقريرًا صادرًا عن منظمات دولية والعديد من الدراسات المواضيعية المنفّذة خصيصًا لهذه الغاية، إضافةً إلى مجموعة واسعة من المؤلفات العالمية. ويعطي المطبوع لمحة عامة عن المساهمات المتنوّعة التي يقدّمها التنوع البيولوجي إلى الأغذية والزراعة، وعن حالة المكونات ذات الصلة بالتنوع البيولوجي وتوجهاتها ومحرّكات التغيير التي تؤثر عليها. ويناقش أيضًا حالة تنفيذ الممارسات والاستراتيجيات من أجل الاستعمال المستدام للتنوع البيولوجي والحفاظ عليه لأغراض الأغذية والزراعة، وحالة تنفيذ الأطر السياساتية والقانونية والمؤسساتية ذات الصلة.
aaaوتحتوي الغابات معظم التنوع البيولوجي البري الموجود على كوكب الأرض (تقييم الألفية للنُظم البيئية، 2005)، وتوفّر الموائل لنسبة 80 في المائة من الحيوانات البرمائية و75 في المائة من أنواع الطيور و68 في المائة من الثدييات (Vié وHilton-Taylor وStuart،ا2009). ويرد في قاعدة بيانات GlobalTreeSearch (المركز الدوليّ لصون الحدائق النباتيّة، 2019) أكثر من 000 60 نوع من الأشجار، فيما تمّ إدراج ما يزيد عن 000 20 نوع منها في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، 2019أ)، وتمّ تقييم ما يقارب 000 8 منها على أنها مهدّدة عالميًّا. ويوجد ما يقارب 60 في المائة من النباتات الوعائية في الغابات الاستوائية (أنظر الفصل الثالث). وعلى طول السواحل الاستوائية، توفر أشجار المانغروف مواقع للتكاثر وحاضنات للعديد من أنواع الأسماك والمحاريات، إضافة إلى أنها تساعد في منع الترسّبات التي لولا ذلك لكانت لتؤثر سلبًا على طبقات الأعشاب البحرية والشعب المرجانية التي تشكّل موائل للعديد من الأنواع البحرية.
وفي كل من البلدان المنخفضة والعالية الدخل التي تقع في جميع المناطق المناخية، تعتمد المجتمعات التي تعيش في الغابات بصورة مباشرة على التنوع البيولوجي في الغابات من أجل حياتها وسبل عيشها. ولكن في الوقت الحالي، أصبح لجميع الأشخاص على الأقل اتصال بالغابات و/أو المنتجات الآتية من تنوعها البيولوجي، ونستفيد جميعنا من الوظائف التي تتيحها مكوّنات هذا التنوع البيولوجي في دورات الكربون والمياه والمغذيات، وعن طريق صلاتها بإنتاج الأغذية.
وإن العلاقة الوطيدة بين الأشخاص والغابات وما يرتبط بها من تنوع بيولوجي هي علاقة عريقة تظهر جذور الإنسان المتأصلة في الغابات ومناطق السافانا (Roberts،أ2019). وتشير السجلات الأحفورية تاريخ استعمال الإنسان للنباتات إلى تاريخ يرقى على الأقل إلى العصر الحجري الوسيط، أي مما يقارب 000 60 عام مضى (Solecki،أ 1975). وتوفر الأنواع التي لا تحصى من النباتات والحيوانات التي تعيش في الغابات منذ آلاف السنين مصادر حيوية للمواد الأولية من أجل الأغذية والأعلاف والبناء والكساء والحرف اليدوية والأدوية وغيرها من الاحتياجات المعيشية اليومية (Camara-Leret وDenney،أ2019). ويعترف الباحثون حتى عصر تشارلز داروين على الأقل بآثار الخصائص الإيكولوجية للمناطق الحرجية وتنوعها البيولوجي على طبيعة المجتمعات البشرية والتوزع البشري في أنحاء المواقع الجغرافية وتاريخ الحضارات. ولقد ساعد حصاد العديد من النباتات الحرجية والتجارة بها على انتشار المجتمعات البشريّة حول العالم ودفع إلى انتشارها في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، كانت للتجارة بخشب البرازيل (Paubrasilia echinata) وصبغته الحمراء عالية القيمة في الساحل الشرقي لأمريكا الجنوبية، والتجارة بجوز الطيب (Myristica fragrans) في إندونيسيا آثار كبيرة على الحركة الاستعمارية الأوروبية بدءًا من القرن الخامس عشر فما بعد.
وتفيد الدلائل الأثرية والنباتية الإثنية بأن أنشطة الإنسان قد أثرت على النظم الإيكولوجية الحرجية والتنوع البيولوجي فيها منذ قديم الزمان (Roosevelt وآخرون، 1996؛ Peters،ا2000) (الإطار3). ويصحّ هذا الأمر حتى في بعض أبعد الغابات، كما هو الحال في قلب غابات الأمازون، حيث يظهر تنوع بعض الأنواع وتوزعها تاريخًا طويلًا من استئناس النبات (Kareiva وآخرون، 2007، Dourojeanni،أ2017، اLevis وآخرون، 2017). ويعود سبب انتشار أنواع الخشب القيّمة على طول المناطق الاستوائية، مثل خشب الماهوغوني (أنواع سويتينا)، بشكل جزئي إلى الآثار الإيكولوجية المرتبطة بالمجتمعات القديمة التي اختفت منذ قرون (Vlam وآخرون، 2017). وينطبق الأمر ذاته على الأشجار المثمرة وغيرها من مصادر الأغذية في الغابات.
سيلفا مايا هي منطقة واسعة مكونة من غابة استوائية ذات أراض منخفضة عند ملتقى بيليز وغواتيمالا والمكسيك. وهي تمتدّ على مساحة 4.2 مليون هيكتار تقريبًا وتتّسم بكونها منطقة عالية التنوع البيولوجي. وإضافة إلى الخصائص البيولوجية للمنطقة، فهي غنية أيضًا من الناحية الأثرية والثقافية. وهي مهد إحدى حضارات العالم القديمة والعظيمة – وهي حضارة المايا – التي شيّدت مراكز كبيرة مثل تيكال وإلميرادور تشيتشن إيتسا وإيكبالام بين 000 2 قبل الميلاد و900 بعد الميلاد. وفي أوج هذه الحضارة، خلال العصور الكلاسيكية القديمة (من 650 إلى 800 بعد الميلاد)، كان عدد سكان المنطقة يتراوح تقريبًا بين 7 و11 مليون نسمة (Canuto وآخرون، 2018).
ورغم الثراء البيولوجي والثقافي لهذه الغابة فإنها تواجه اليوم تهديدات خطيرة. وتشير التقديرات إلى أنه في السنوات الخمس والعشرين الماضية فقط، فُقد ما يقارب 38 في المائة من الغابات في قسم غواتيمالا من غابة مايا سيلفا وحدها، إضافة إلى تدهور الغطاء الحرجي من 2.62 إلى 1.63 مليون هكتار بين 1991 و2016 (المؤسسة الوطنية الحرجية في غواتيمالا، 2019).
ويعود السبب بشكل رئيسي إلى النمو السكاني السريع واتساع الزراعة (المحاصيل والمواشي) والقطع غير المشروع للأخشاب وحرائق الغابات (Blackmanا، 2015). وتترتب عن فقدان الغابة هذا آثار بيئية واقتصادية جسيمة، بما في ذلك فقدان سبل العيش لدى المجتمعات والشعوب التي تعتمد على الغابات وشح المياه والقضاء على موائل الأنواع المهددة وازدياد انبعاثات غازات الدفيئة، مما يزيد من تغير المناخ.
ومع ذلك، شهدت غابة سيلفا مايا في الماضي فترات فقدت فيها مساحتها الحرجية، ولكنها تمكنت من استرداد ما فقدته. وتفيد الدلائل العلمية بأن تدهور حضارة المايا في نهاية العصر الكلاسيكي القديم (830-950 بعد الميلاد) كان مرتبطًا بكون المناخ أكثر جفافًا. ومن المحتمل أن هذا التغيير تسارع بفعل التوسع الزراعي الذي أدّى إلى تدهور الغطاء الحرجي، وهو ما سبّب بدوره نقصًا في توفر المياه (Cook وآخرون، 2012؛ Evans وآخرون، 2018). ومع أن التغير المناخي الحاصل لم يكن السبب الوحيد في انهيار حضارة المايا، فإنه على ما يبدو كان عاملًا مهمًّا (Turner وSabloffا، 2012). وفي هذا الصدد، فإن ما حصل قبل أكثر من ألف عام له أوجه تشابه بارزة مع ما يحصل اليوم.
وينبغي لهذا الدرس المستفاد من التاريخ القديم أن ينير النُهج والسياسات في مجال إدارة المصادر الطبيعية اليوم. ومن المهم الموازنة بين حفظ الغابات وتنوّعها البيولوجي واستعمال مصادرها من أجل تحسين سبل عيش المجتمعات المحلية والشعوب الأصلية التي تعتمد على الغابات في الوقت الحالي. وعلى النحو المبين في هذه الوثيقة، فإن هذه الموازنة ممكنة في المنطقة ذاتها عن طريق منح الامتيازات الحرجية الأهلية في محمية المايا للغلاف الجوي في غواتيمالا (أنظر دراسة الحالة 3 في الصفحة 116). ويعطي تنفيذ الامتيازات الأهلية الممنوحة في المحمية دليلًا ملموسًا على أنه، بوجود الشروط التمكينية اللازمة – من قبيل الإطار التنظيمي المناسب والمنظمات الأهلية القوية والمساعدة الفنية والنفاذ إلى الأسواق والدعم المؤسساتي والحوافز الأخرى – من الممكن تحسين الرفاه وتوليد التنمية مع القيام في الوقت ذاته بحماية المصادر الطبيعية والحفاظ على الغطاء الحرجي والتنوع البيولوجي.
ولا يزال اليوم التنوع البيولوجي الحرجي يواجه تحديات، من خلال الإفراط في الاستغلال والتوسع الزراعي في المقام الأول - وهو ما يعدّ العامل الرئيسي وراء إزالة الغابات وتجزئتها وما يرتبط بذلك من فقدان على مستوى التنوع البيولوجي في الغابات. وللمفارقة، تعتمد قدرة صمود النظم الغذائية البشرية وقدرتها على التكيّف مع التغيرات المستقبلية على هذا التنوع البيولوجي في حد ذاته، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الشجيرات النامية وأنواع الأشجار المتكيفة مع الأرض الجافة التي تساعد على محاربة التصحر، وأنواع النحل التي تعيش في الغابات وتلقّح المحاصيل، والأشجار ذات نظم الجذور الواسعة التي توجد في النظم الإيكولوجية الجبليّة وتقي من تعرية التربة والترسّب، وأنواع أشجار المانغروف التي تتيح مقاومة الفيضانات في المناطق الساحلية. وتؤدي الغابات دورًا رئيسيًا في صون التنوع البيولوجي بوصفه ذخيرة جينية للمحاصيل الغذائية والمحاصيل المستخدمة في الأدوية. ومع تفاقم المخاطر التي تتعرض لها النظم الغذائية بفعل تغير المناخ، يتّسم دور الغابات بأهمية بالغة في التقاط الكربون وتخزينه والتخفيف من تغيّر المناخ.
ومع ذلك، لا تتّسم جميع الآثار البشريّة على التنوع البيولوجي بالسلبيّة، وهذا ما تظهره الأمثلة العديدة الملموسة الواردة في هذا المطبوع على المبادرات الأخيرة الناجحة في مجال إدارة التنوع البيولوجي في الغابات والحفاظ عليه واستعادته واستعماله استعمالًا مستدامًا.
ولا يهدف هذا الإصدار من تقرير حالة الغابات في العالم إلى أن يكون بحثًا شاملًا حول موضوع التنوع البيولوجي الحرجي، بل يهدف إلى استكمال المعلومات عن الوضع الحالي للتنوع البيولوجي وتلخيص أهميته بالنسبة إلى البشرية جمعاء. وهو يقيّم التقدّم الـمـُحرز إلى حد الآن في تحقيق الأهداف والغايات العالمية (الإطار4)، ويوضّح فعاليّة السياسات والإجراءات والنُهج في ما يخصّ نتائج الحفظ والتنمية المستدامة على السواء، وذلك عن طريق سلسلة من دراسات الحالة التي تهدف إلى تحديد الممارسات المبتكِرة وعوامل النجاح والحلول الرابحة في كل الحالات.
تتمثل أهداف اتفاقية التنوع البيولوجي، التي اعتمدت في عام 1992 (الأمم المتحدة، 1992أ)، في الحفاظ على التنوع البيولوجي (بما في ذلك التنوع البيولوجي في الغابات) والاستعمال الـمُستدام لمكوناته والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناتجة عن استعمال المصادر الوراثية. ويرد في الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي 2020-2011 (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2010أ) 20 هدفًا محدّدًا زمنيًّا وقابلًا للقياس للوفاء بهذه الأهداف بحلول عام 2020: أهداف آيشي للتنوع البيولوجي. ويتعلق العديد من هذه الأهداف بالنظم الإيكولوجية الحرجية. ويُتوقع الاتفاق على أهداف جديدة في مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الخامس عشر في أكتوبر/تشرين الأول 2020. وبروتوكول ناغويا بشأن الحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2011)، وهو اتفاق مكمّل لاتفاقية التنوع البيولوجي تم اعتماده في عام 2010، له أيضًا أهمية كبيرة بالنسبة إلى الغابات والأشخاص الذين يعتمدون عليها.
انبعاثات غازات الدفيئة والتخفيف من تغير المناخ وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ )الأمم المتحدة، 1992 ب(. وتضع المادة 5 من اتفاق باريس )الأمم المتحدة، 2015 (، الذي أبرم في عام 2016 ، إطارًا للحفاظ على بالوعات الكربون، بما فيها الغابات، عن طريق مخططات مثل المدفوعات القائمة على النتائج وخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها ودور حفظ الغابات وإدارتها المستدامة وتعزيز مخزونات الكربون للغابات في البلدان النامية. وتشير اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ ) 2011 ( إلى ضرورة أن تكون إجراءات تعزيز مخزونات الكربون للغابات “متّسقة مع حفظ الغابات الطبيعية والتنوع البيولوجي” وأن يكون “استعمالها لتحفيز حماية وحفظ الغابات الطبيعية وخدمات نُظمها الإيكولوجية وتعزيز المزايا الاجتماعية والبيئية الأخرى”. ويرد ذكر الإجراءات الرامية إلى تخفيف الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها وإلى زيادة المناطق الحرجية من أجل امتصاص الكربون في تعهدات البلدان لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ كجزء من مساهماتها المحدّدة وطنيًّا.
واعتُمدت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر في عام 1992 (الأمم المتحدة، 1992ج). ويضع إطارها الاستراتيجي للفترة 2030-2018 (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر، 2018) إطار عمل لجميع أصحاب المصلحة المعنيين من أجل تحقيق حياديّة تدهور الأراضي. وعلى الرغم من أن التنوع البيولوجي في الغابات لم يذكر بوضوح في إطار العمل هذا، تُعطى الأولوية لتعزيز أوجه التآزر مع اتفاقية التنوع البيولوجي واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وذلك على النحو الوارد في الأثر المتوقع 4-1 “مساهمة الإدارة المستدامة للأراضي ومكافحة التصحّر/تدهور الأراضي في صون التنوع الأحيائي واستعماله المستدام، ومعالجة آثار تغيّر المناخ”. ويتّضح أن استعادة المناظر الطبيعية هي إحدى وسائل تحقيق ذلك، بما في ذلك إعادة التحريج.
وإن خطة التنمية المستدامة لعام 2030 الصادرة عن الأمم المتحدة وأهداف التنمية المستدامة المنبثقة عنها والتي اعتُمدت في عام 2015 (الجمعية العامة للأمم المتحدة، 2015أ) تضع إطار عمل لتعبئة الجهود الرامية إلى القضاء على الفقر ومحاربة عدم المساواة ومواجهة تغيّر المناخ للفترة 2030-2015. والهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة “الحياة في البرّ” له صلة مباشرة بحفظ الغابات وتنوّعها البيولوجي وإدارتها إدارة مستدامة.
واتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهدّدة بالانقراض، التي جرى التوقيع عليها في عام 1973 (اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهدّدة بالانقراض، 1983)، تذكر في ملاحقها العديد من الأشجار والأنواع القائمة على الغابات، مما يضع مستويات مختلفة من الرقابة على التجارة الدولية بهذه الأشجار والأنواع. وينبغي على الأطراف في الاتفاقية البالغ عددهم 183 طرفًا ضمان ألا تضرّ التجارة الدولية بالأنواع المذكورة بالأنواع البرية، وأن تكون التجارة قانونية ومستدامة ويمكن تعقّبها.
وتشكّل الاتفاقية الدولية للأخشاب الاستوائية، 2006 (مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، 2006)، التي دخلت حيز التنفيذ في ديسمبر/كانون الأول 2011، اتفاقًا لضمان استدامة مصادر الأخشاب والمنتجات الخشبية الاستوائية المصنوعة من أنواع لا يرد ذكرها في اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهدّدة بالانقراض.
وتتضمن الاتفاقية بشأن المستنقعات ذات الأهمية الدولية، وخاصة بوصفها مآلف للطيور المائية (اتفاقية رامسار) (منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة، 1971) تخصيصًا للنظم الإيكولوجية الحرجية من قبيل أشجار المانغروف وغابات المستنقعات العشبية. وتؤيّد الاتفاقية أيضًا مبادرات الاستعادة، كما أنها اعتمدت في عام 2002 مبادئ وخطوط توجيهية من أجل استعادة الأراضي الرطبة.
وأُعدت خطة الأمم المتحدة الاستراتيجية الأولى للغابات للفترة 2030-2017 (الأمم المتحدة، 2017أ) برعاية منتدى الأمم المتحدة المعني بالغابات، واعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2017. وتتضمن الخطة الاستراتيجية ستة أهداف عالمية للغابات و26 غاية مرتبطة بها لتحقيقها طوعيًا على النطاق العالمي بحلول عام 2030.
ويدعو إعلان نيويورك بشأن الغابات (الأمم المتحدة، 2017ب) إلى العمل على إيقاف فقدان الغابات العالمية. ويتكون هذا الإعلان من عشرة أهداف تتعلق بحماية الغابات واستعادتها. وتم التصديق عليه لأول مرة في مؤتمر قمة الأمم المتحدة المعني بالمناخ في عام 2014، ويصادق عليه الآن أكثر من 200 جهة مصادقة منها حكومات وطنية وشركات ومجموعات السكان الأصليين والمحليين ومنظمات غير حكومية (الأمم المتحدة، 2017ب).
وتحدّد خطة العمل العالمية لصون الموارد الوراثية الحرجية واستخدامها المستدام وتنميتها، التي وافقت عليها هيئة الموارد الوراثية للأغذية والزراعة في عام 2013، 27 أولوية استراتيجية للعمل.
والاتفاقية الدولية لوقاية النباتات (منظمة الأغذية والزراعة، 2011) هي معاهدة دولية تهدف إلى ضمان العمل المنسق والفعال لمنع ورصد دخول آفات النباتات والمنتجات النباتية وانتشارها – وهو أمر أساسي بالنسبة إلى سلامة الغابات. ويتزامن اعتماد إطارها الاستراتيجي للفترة 2030-2020 مع إحياء السنة الدولية للصحة النباتية في عام 2020.
وتوفر معاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطريّة (برنامج الأمم المتحدة لحماية البيئة، 1979) منصة عالمية للحفاظ على الحيوانات المهاجرة وموائلها واستعمالها استعمالًا مستدامًا، وتجمع بين الدول التي تمر بها الحيوانات المهاجرة وتضع أساسًا قانونيًّا لتدابير الحفظ المنسَّقة دوليًّا على طول نطاق الهجرة.
ويتناول الفصلان التاليان الحالة الأحيائية الفيزيائية للتنوع البيولوجي الحرجي – النظم الإيكولوجية (الفصل الثاني) والأنواع والتنوع الوراثي (الفصل الثالث). وينظر الفصل الرابع في أهمية الغابات وتنوعها البيولوجي بالنسبة إلى الأشخاص وسبل عيشهم ورفاههم. ويستكشف العلاقة بين الفقر والتنوع البيولوجي الحرجي، ويستكشف كذلك الدور الاجتماعي والاقتصادي للموارد الحرجية في دعم سبل العيش والأمن الغذائي والتغذية والصحة البشرية. ويتناول الفصلان الخامس والسادس الإجراءات الرامية إلى ضمان استمرار مساهمة الغابات في صحة وسلامة الكوكب وجميع من يعيش فيه. وينظر الفصل الخامس في وسائل إيقاف فقدان الغابات. ويستعرض بادئ الأمر الأسباب والدوافع الجذرية وراء إزالة الغابات وتدهورها، ويصف بعد ذلك بعض الجهود المثمرة في مجال استعادة الغابات. ويركز الفصل السادس على الحفظ والاستعمال المستدام للموارد الحرجية والتنوع البيولوجي الحرجي. وينظر في دور المناطق المحمية وتدابير الحفظ الأخرى القائمة على المناطق، ويدرس أيضًا نظم الإدارة الأخرى التي تتيح الاستعمال الـمُستدام للغابات وتحث عليه لدعم سبل عيش الأشخاص القاطنين في الغابات ورفاههم. ويؤكد الفصل السابع على أهمية الجمع بين هذه الإجراءات بطريقة كاملة ومبتكرة. ويقرّ بأنه في مجال إدارة الغابات لا مفرّ في بعض الحالات من المقايضات من أجل الحفظ والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويقرّ بالصعوبات التي تكتنف رصد النتائج واتخاذ إجراءات المتابعة اللازمة. ورغم هذه التحدّيات، يوضّح هذا الفصل أن أوجه التآزر ممكنة إذ يلخّص عددًا من التدخّلات التي توصّلت إليها بالفعل.
يعرض هذا الفصل بيانات جديدة عن حالة النظم الإيكولوجية الحرجية. وهذه البيانات مستقاة من تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 الذي أجرته المنظمة، ومن تحليلين جديدين أجراهما من أجل مطبوع حالة الغابات في العالم لعام 2020 مركز البحوث المشترك والمركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة باستعمال التصوير بالأقمار الاصطناعية. وينصب تركيز هذا الفصل على الصعيد العالمي والمجمعات الحيوية الواسعة (المناطق الإيكولوجية العالمية). ويتوافر لدى المنظمة المزيد من المعلومات عن الصعيدين الإقليمي والوطني (2020).
تشكل النظم الإيكولوجية الحرجية مكونًا حرجًا من مكونات التنوع البيولوجي في العالم على اعتبار أنّ العديد من الغابات أكثر تنوعًا من الناحية البيولوجية مقارنة بسواها من النظم الإيكولوجية. لذا تعدّ المساحة التي تغطيها الغابات أحد مؤشرات الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة "الحياة على البرّ".
ووفقًا للتقييم العالمي لحالة الموارد الحرجية في العالم لعام 2020، تغطي الغابات حاليًا نسبة 30.8 في المائة من مساحة اليابسة في العالم (منظمة الأغذية والزراعة، 2020). وتبلغ المساحة الإجمالية للغابات 4.06 مليارات هكتار، أو ما يقارب 0.5 هكتارات للشخص الواحد، ولكنّ الغابات ليست موزّعة بالتساوي حول العالم. ويوجد أكثر من نصف غابات العالم في خمسة بلدن فقط (الاتحاد الروسي والبرازيل وكندا والولايات المتحدة الأمريكية والصين) ويقع ثلثا الغابات (أي 66 في المائة) في عشرة بلدان (الشكل 1).
وإن مساحة الغابات كنسبة من مجموع مساحة اليابسة، وهي المؤشر 15-1-1 من أهداف التنمية المستدامة (الإطار 5)، قد تراجعت من 32.5 إلى 30.8 في المائة في العقود الثلاثة بين عامي 1990 و2020. ويمثّل ذلك خسارة صافية تعادل 178 مليون هيكتار من الغابات، وهي منطقة تبلغ مساحتها مساحة ليبيا تقريبًا. ولكنّ متوسط معدّل الخسارة الصافية للغابات قد انخفض بنسبة 40 في المائة تقريبًا بين الفترتين 2000-1990 و2020-2010 (من 7.84 مليون هكتار في السنة إلى 4.74 مليون هكتار في السنة)، وذلك نتيجة لانخفاض فقدان الغابات في بعض البلدان واتساع رقعة الغابات في بلدان أخرى (الجدول 1) (منظمة الأغذية والزراعة، 2020). ويكمن السبب الرئيسي وراء فقدان الغابات في التوسّع الزراعي، بينما تحصل الزيادة عن طريق التوسع الطبيعي للغابات، على سبيل المثال في الأراضي الزراعية المهجورة، أو عن طريق إعادة التحريج (بما في ذلك عن طريق مساعدة التجدّد الطبيعي) أو التشجير. وهذه التغيّرات الطبيعية أو الناجمة عن فعل الإنسان لها آثار مختلفة على التنوع البيولوجي الحرجي.
◂ المقصد 1-15 لأهداف التنمية المستدامة: ضمان حفظ وترميم النظم الإيكولوجية البريّة والنظم الإيكولوجية للمياه العذبة الداخلية وخدماتها، ولا سيما الغابات والأراضي الرطبة والجبال والأراضي الجافة، وضمان استخدامها على نحو مستدام، وذلك وفقًا للالتزامات بموجب الاتفاقات الدولية، بحلول عام 2020.
—المؤشر 1-1-15 لأهداف التنمية المستدامة: مساحة الغابات كنسبة من مجموع مساحة اليابسة.
◂ :الهدف 5 من أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي بحلول عام 2020 ، يُخفَّض معدّل فقدان جميع الموائل الطبيعية، بما في ذلك الغابات، إلى النصف على الأقل، وحيثما كان ممكنًا إلى ما يقرب من الصفر، ويُخفًّض تدهور وتفتت الموائل الطبيعية بقدر كبير.
◂ الهدف 1 من خطة الأمم المتحدة الاستراتيجية للغابات: عكْس مسار فقدان الغطاء الحرجي في العالم من خلال الإدارة المستدامة للغابات، بما يشمل حمايتها واستصلاحها وتشجيرها وإعادة تشجيرها، وزيادة الجهود المبذولة لمنع تدهورها والمساهمة في الجهود العالمية الرامية إلى التصدّي لتغيّر المناخ.
—المقصد 1-1 زيادة المساحة الحرجية بنسبة 3 في المائة عالميًا (بحلول عام 2030)
◂ الهدف 1 من إعلان نيويورك بشأن الغابات: خفض وتيرة فقدان الغابات الطبيعية في العالم إلى النصف على الأقل بحلول عام 2020 والسعي إلى القضاء على فقدان الغابات الطبيعية بحلول عام 2030.
وفي الفترة 2020-2010، سجّلت أفريقيا أعلى خسارة صافية للغابات، إذ بلغت الخسارة 3.94 مليون هكتار سنويًا، وتأتي بعد ذلك أمريكا الجنوبية التي كان الخسارة الصافية فيها 2.60 مليون هكتار سنويًا (الشكل 2). ومنذ عام 1900، أبلغت أفريقيا عن زيادة في معدّل الخسارة الصافية، بينما انخفضت هذه الخسارة بشكل كبير في أمريكا الجنوبية حيث وصلت إلى أقل من النصف منذ عام 2010 مقارنة بالعقود السابقة.
وسجّلت آسيا أعلى زيادة صافية في مساحة الغابات في الفترة 2010-2020، تليها أوسيانيا وأوروبا. وأبلغت أوروبا وآسيا على السواء عن زيادة صافية في الغابات لكل فترة عشر سنوات منذ عام 1990، مع أن المنطقتين قد أظهرتا انخفاضًا كبيرًا في معدّل الزيادة منذ عام 2010.
كجزء من عملية الإبلاغ لتقرير تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020، طُلب من البلدان الإفادة عن "أراضٍ أخرى فيها غطاء شجري" المعرّفة على أنها "أراض أخرى [أي أراضٍ غير مصنفة على أنها غابات أو أراضٍ حرجية أخرى أو مياه داخلية] تمتدّ أكثر من 0.5 هكتارات مع غطاء تاجي يتخطى نسبة 10 في المائة ويتكوّن من أشجار قد يصل ارتفاعها إلى 5 أمتار عند النضج" (أنظر الإطار 6). وتقسّم "أراضٍ أخرى فيها غطاء شجري" إلى خمس فئات (الجدول 2). ويقلّ عدد البلدان التي تمكنت من الإبلاغ بشأن هذا المعلم عن النصف، أما عدد البلدان التي قدمت توجهاتها على مرّ الزمن فهو أقل من ذلك. ولكن الأرقام المبلّغ عنها تشير إلى أنه يوجد في العالم على الأقل 162 مليون هيكتار من الأراضي التي فيها غطاء شجري ولا تصنّف على أنها غابات، ويُحتمل أن تصل مساحة هذه الأراضي إلى 300 مليون هيكتار، نظرًا إلى الثغرات الموجود في البيانات. والفئة الوحيدة التي لم تشهد زيادة على مرّ الزمن هي الأشجار في المناطق الحضرية.
تختلف البيانات العالمية بشأن المناطق الحرجية التي يُفاد عنها في هذا الإصدار من التقرير عن تلك التي تبلغ عنها المبادرات الأخرى، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى الاختلافات الموجودة في الطرق المتبعة من أجل استنباط المعلومات والاختلافات في التعريفات المطلقة على الغابات. وتعرّف منظمة الأغذية والزراعة الغابات على أنها دمج بين الغطاء الشجري واستعمال الأراضي، بينما تعرّف الجهات الأخرى الغابة من حيث الغطاء الشجري فحسب (أي بما يشمل الغابات وفئة “أراضٍ أخرى فيها غطاء شجري” على السواء بحسب التعاريف المستعملة في تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020). ولا يمكن لمجموعات البيانات التي لا تستند إلّا إلى مصادر استشعار عن بُعد تتراوح درجة استبانتها بين المنخفضة والمتوسطة أن تفرّق بين الغطاء الشجري في نظم الإنتاج الزراعي (مثل البساتين ومزارع نخيل الزيت ومزارع البن) والغطاء الشجري في أراضٍ لا تخضع بشكل رئيسي للاستعمال الزراعي أو الحضري للأراضي. ويعني ذلك أن مجموعات البيانات هذه تعطي مساحة إجمالية للغطاء الشجري تفوق المساحة الإجمالية لمساحة الغابات. وإضافة إلى ذلك، فإن المناطق الحرجية حيث الغطاء الشجري الذي أُزيل كجزء من مخطّط لإدارة الغابات أو فُقد بشكل مؤقَّت جراء الاضطرابات الطبيعية لا تزال تُعتبر على أنها غابات وفقًا لتعريف المنظمة، بينما ستقوم تحليلات الاستشعار عن بُعد بتفسير هذه المناطق على أنها غابات مفقودة. وفي المقابل، عند الاعتماد على الاستشعار عن بُعد فقط، ستُفسَّر الزيادة في المحاصيل الشجرية الزراعية على أنها زيادة في مساحة الغابات. وعلاوة على ذلك، لا يمكن للأقمار الاصطناعية أن تكشف بسهولة عن الأشجار الفتيّة وتختلف كذلك سنوات الإبلاغ، ولكن حتى عند أخذ ذلك في الحسبان، يمكن للتغيّر الصافي السنوي للمناطق المغطاة بالأشجار الذي يستند إلى بيانات الاستشعار عن بُعد فقط أن يختلف اختلافًا كبيرًا عن التغيّر الصافي لمساحة الغابات، نظرًا إلى أن التغيّر الصافي لمساحة الغابات يستند إلى بيانات مساعدة منها بيانات بشأن استعمال الأراضي.
ولذلك، تظهر نتائج تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 المشار إلها سابقًا انخفاضًا مضطردًا في معدّلات الفقدان الصافي لمساحة الغابات عالميًا، بينما يفيد إعلان نيويورك بشأن الغابات عن زيادة في المعدّل العالمي لفقدان الغطاء الشجري منذ عام 2000 الذي يقاس على أساس الخسارة الكلية (أي باستثناء أي مكاسب في الغطاء الشجري خلال الفترة عينها) لمختلف أنواع الأشجار ويؤكد Song وآخرون (2018) أن هناك زيادة في الغطاء الشجري في العالم بين عامي 1982 و2016، وذلك بالنظر إلى الاختلاف في المناطق بين نقطتين زمنيتين والإبلاغ عن التغيّرات الصافية بعد ذلك. وفي المقابل، تشير دراسة أجراها المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لهذا الإصدار من التقرير (أنظر الشكل 3) إلى تراجع الغطاء الشجري الإجمالي بين عامي 1992 و2015.
ويسعى هذا الإصدار إلى التمييز بوضوح بين النتائج التي تشير إلى الغابات والنتائج التي تشير إلى الغطاء الشجري.
أجرى المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة تحليلًا للبيانات السنويّة الخاصة بالغطاء البري للفترة بين 1992 و2015، وهذه البيانات صادرة عن وكالة الفضاء الأوروبية وتبلغ استبانتها حوالي 300 متر (Bontemps وآخرون، 2013). ويشير هذا التحليل إلى أن مساحة الغطاء الشجري العالمي (بما في ذلك النخيل والمحاصيل الزراعية من الأشجار) قد بلغت ما يقارب 4.42 مليار هكتار في عام 1992 لكنها انخفضت إلى 4.37 مليار هكتار بحلول عام 2015، وهو انخفاض يعادل حوالي 50 مليون هكتار. ومن ناحية أخرى، اختلفت المناطق ذات الغطاء الشجري اختلافًا كبيرًا من سنة إلى أخرى (الشكل 3). ويتفاوت أيضًا بين البلدان وأنواع الغابات معدّل التغيّر الصافي في الغطاء الشجري ونطاق هذا التغيّر تفاوتًا كبيرًا. ومع أن المساحة العالمية للغطاء الشجري الواردة في هذه الدراسة تتناسب مع المساحة المبلَّغ عنها إلى تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020، التي تجمع بين المناطق الحرجية ومناطق "أراضٍ أخرى فيها غطاء شجري"، انخفض متوسط الخسارة الصافية بشكل كبير، ويعود السبب في ذلك بشكل جزئي إلى التوسّع في "أراضٍ أخرى فيها غطاء شجري" خلال هذه الفترة، وإلى اختلاف أساليب التقييم.
طُلب من البلدان للمرّة الأولى، في تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020، ألّا تبلّغ عن إجمالي مساحة الغابات في نقطتين زمنيتين مختلفتين فحسب، وهي بيانات تُستعمل للإبلاغ عن التغيّرات الصافية في المساحات الحرجية، بل طُلب منها أيضًا أن تقدّم معلومات عن معدّل إزالة الغابات، أي حالات فقدان الغابات بسبب تحويلها من أجل الاستعمالات الأخرى للأراضي أو الانخفاض الدائم للغطاء التاجي دون الحدّ الأدنى البالغ 10 في المائة الذي يحدّد الغابات. ومنذ عام 1990، يُقدَّر بأن مساحة الغابات المفقودة جراء إزالة الغابات تبلغ 420 مليون هكتار، ولكن معدّل إزالة الغابات انخفض بشكل كبيرة منذ الفترة 2000-1990. وخلال الفترة 2020-2015، قُدّر معدّل إزالة الغابات بنحو 10 ملايين هيكتار سنويًا، منخفضًا بذلك عن معدّل 16 مليون هكتار سنويًا في تسعينات القرن الماضي يبيّن الشكل 4 الاتجاهات السائدة في المعدلات السنوية المتوسطة لإزالة الغابات واتساعها والتي تعادل، مجتمعة، التغير الصافي في المساحة الحرجية.
تصنّف الغابات، لأغراض التقييم العالمي للموارد الحرجية في عام 2020، ضمن فئات الغابات المتجدّدة طبيعيًا (المــُصنّفة أيضًا إلى غابات أولية وغابات أخرى متجدّدة طبيعيًا) والغابات المزروعة (المــُصنّفة أيضًا إلى المزارع الحرجية والغابات المزروعة الأخرى). وعلى الصعيد العالمي، تشكّل الغابات المتجدّدة طبيعيًا نسبة 93 في المائة من مساحة الغابات في العالم. وتتكون نسبة 7 في المائة المتبقية من غابات مزروعة (الشكل 5).
الغابات الأولية. تعرّف منظمة الأغذية والزراعة الغابات الأولية على أنها غابات متجدّدة طبيعيًا مكونة من أنواع أشجار محلية، حيث لا توجد مؤشرات مرئية واضحة للأنشطة البشرية كما أن العمليات البيئية لم يحدث لها اضطراب بدرجة ملحوظة. ويشار إليها في بعض الأحيان باسم الغابات القديمة. ولهذه الغابات قيمة لا يمكن الاستغناء عنها بسبب تنوعها البيولوجي ومخزونها من الكربون وغير ذلك من خدمات النظام الإيكولوجي، بما في ذلك القيم الثقافية والأثرية. وتنمو حاليًا مساحات واسعة من هذه الغابات في المناطق الاستوائية والشمالية فقط. وينبغي أن تحظى الاستجابة المنسَّقة لحماية هذه الغابات بالأولوية الأساسية بموجب الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 التابع لاتفاقية التنوع البيولوجي، ولا بد من تدعيم ذلك بقاعدة معرفية متينة بشأن أوضاع هذه الغابات وظروفها الحالية.
وتستوعب النظم الإيكولوجية الحرجية معظم التنوع البيولوجي البري في العالم، والغابات الأولية هي على وجه الخصوص موئل لأنواع فريدة في النظم الإيكولوجية هذه. وفي غابات الأمازون، خلصت دراسة حول ثراء الأنواع وتشابه المجتمعات في الغابات الأولية والغابات الثانوية (يستعمل هذا المصطلح هنا للتعبير عن الغابات التي نشأت عن طريق التوسع الطبيعي ويتراوح عمرها بين 14 و16 عامًا) والمزارع إلى أن 25 في المائة من الأنواع المدروسة لا توجد إلّا في الغابات الأولية
و60 في المائة تقريبًا من الأشجار والأنواع المتسلّقة توجد فقط في الغابات الأولية (Barlow وآخرون، 2007). وفي المناظر الطبيعية الأكثر تجزئة، تؤدي بقع الغابات الأولية دورًا رئيسيًا في ضمان بقاء الأنواع على المدى الطويل، حتى وإن كانت الأنواع قادرة على المقاومة على المدى القصير في الغابات والمزارع اليافعة (Watson وآخرون، 2018) (الإطار 7).
لا يعيش حيوان طمارين الأسد ذي الرأس الذهبي (Leontopithecus chrysomelas) إلّا في الغابة المطرية الأطلسية الواقعة في ولاية باهيا في البرازيل. وبسبب التجزئة الشديدة للغابة الأولية في هذه المنطقة بعد عقود من إزالة الغابات، فإن حيوان الطمارين مهدّد بالانقراض وفقًا للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، 2019أ)، ويتراوح الإجمالي المقدر للأعداد البرية بين 000 6 و000 15 حيوان. ويمكن لهذا النوع أن يستفيد من انتعاش نمو الغابات ومزارع المطاط التي تحتفظ ببعض الأشجار القديمة؛ بيد أنها تحتاج إلى أجزاء الغابة الأولية القديمة من أجل الرقاد، وبالتالي من أجل بقائها (منظمة ورلد لاند ترست، دون تاريخ محدد).
والبومة الشمالية المرقطة (Strix occidentalis caurina) هي نوع بارز في الغابات الأولية لغرب أمريكا الشمالية. ويتّسم موئلها في الغابات بالأشجار التاجية الكثيفة وجذوع الأشجار الوفيرة والجذوع المنتصبة والأشجار الحية ذات القمم المكسورة. ومع أن هذه البومة يمكنها أن تعشش وترقد وتتغذى في أنوع أخرى من الموائل، ولا سيما في الجزء الجنوبي من نطاقها، فهي تعتمد في معظم الأحيان على المجموعات الحرجية القديمة (التي يتراوح عمرها بين 150 و200 عام) ومتعددة الطبقات وذات الأماكن المفتوحة التي تسمح بالطيران تحت الأشجار التاجية (المكتب المسؤول عن سمك الأوريغون والحياة البرية، من دون تاريخ محدد).
ووفقًا لتقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020، تشكل الغابات الأولية ما يقارب الثلث (34 في المائة) من غابات العالم (منظمة الأغذية والزراعة، 2020). ويوجد أكثر من نصف هذه الغابات الأولية (61 في المائة) في ثلاثة بلدان فقط، هي البرازيل وكندا والاتحاد الروسي.
ويستمر تدهور الغابات الأولية في شتى أنحاء العالم. فمنذ عام 1990، بلغ انخفاض الغابات الأولية في العالم 81 مليون هكتار، ولكن معدّل الخسارة قد تراجع إلى أقل من النصف على مر العقد الأخير. بيد أن الحالة والتوجهات تستند إلى بيانات غير مكتملة، إذ ينطوي قياس الغابات الأولية ورصدها والإبلاغ عنها على تحديات كبيرة (أنظر الإطار 8). ولم يقم إلّا 137 بلدًا فقط بالإبلاغ عن سلاسل زمنية مكتملة للبيانات في ما يخص الفترة 1990–2020، وهي تشكل مجتمعةً ما يزيد عن نصف المناطق الحرجية العالمية بقليل (57 في المائة). ومن الواضح أنه يتعيّن القيام بمزيد من العمل من أجل تحسين التقديرات العالمية والوطنية.
ودوافع إزالة الغابات الأولية هي دوافع محدّدة السياق، لكنها تنطوي على الاستخراج الصناعي غير المستدام للأشجار والتوسع الزراعي والحرائق التي ترتبط في كثير من الأحيان بالبنى التحتية وإنشاء مواقع لقطع الأشجار (Potapov وآخرون، 2017). انظر الفصل الخامس للاطلاع على مزيد من المعلومات بشأن الدوافع الكامنة وراء إزالة الغابات.
تعرّف منظمة الأغذية والزراعة (2018أ) الغابات الأولية على أنها “غابات متجدّدة طبيعيًا مكوّنة من أنواع أشجار محليّة، حيث لا توجد مؤشرات مرئية واضحة للأنشطة البشرية كما أن العمليات البيئية لم يحدث لها اضطراب بدرجة ملحوظة”. وتستعمل اتفاقية التنوع البيولوجي (2006) تعريفًا مماثلًا للغابات الأولية: “الغابة الطبيعية هي الغابة التي لم تُقطع أبدًا وتطورت جراء اضطرابات طبيعية وفي ظل عمليات طبيعية، بصرف النظر عن عمرها… ويدخل أيضًا في فئة الغابات الطبيعية الغابات التي تستعملها المجتمعات الأصلية والمحلية دون إيلائها أهمية أثناء عيشها أنماط الحياة التقليدية المرتبطة بالحفاظ على التنوع البيولوجي واستعماله المستدام”. ويقيّد التعريفان الخصائص النوعية للغابات الأولية ولكنهما لا يوفران مؤشرًا قابلًا للقياس يمكن للبلدان أن تستعمله من أجل تحديد الغابات الأولية ورصد التغيّر الذي يطرأ عليها.
ونظرًا إلى عدم وجود تعريف إجرائي ومؤشرات مستمرّة سهلة التحديد، هناك تناقض وانحياز في صميم عملية الإبلاغ القطرية الحالية لتقييم الموارد الحرجية في العالم في عام 2020 (Bernier وآخرون، 2017). ويستعمل معظم البلدان وسائل غير مباشرة تستند إلى استعمال الأراضي و/أو الغطاء النباتي من أجل استنباط البيانات الخاصة بالغابات الأولية، وهذه الوسائل متنوعة. وتشكل عشرة بلدان نسبة 91 في المائة من مساحة الغابات الأولية المبلغ عنها لدى تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020، ولكن هذه البلدان استعملت مجموعة من القياسات والوسائل غير المباشرة، من قبيل الغابات في المناطق المحمية، والغابات التي لا يوجد دليل مرئي على اضطرابها، وتحليل نظام المعلومات الجغرافي القائم على خرائط الغابات، وانعدام شبكات المواصلات، والمناطق الحضرية والاضطرابات التي يمكن اكتشافها، والتفسير البصري لمخططات الصور. وفي كثير من الأحيان، يعود سبب زيادة مساحة الغابات الأولية التي أبلغ عنها بعض البلدان على مرّ السنوات، ولا سيما في البلدان المعتدلة والشمالية، إلى استعمال تعاريف جديدة أو تطبيق منهجيات جديدة (منظمة الأغذية والزراعية، 2020).
وإن “المناظر الطبيعية للغابات السليمة” هي حاليًا المقياس الأكثر استعمالًا من أجل تحديد الغابات الأولية. ويعرّف Potapov وآخرون (2017) المناظر الطبيعية للغابات الأولية على النحو التالي “فسيفساء إنسيابية مكونة من الغابات وما يرتبط بها من نظم إيكولوجية طبيعية خالية من الأشجار، وليس فيها علامات يمكن كشفها عن بُعد للأنشطة البشرية أو تجزئة الموائل، وهي كبيرة بما يكفي للحفاظ على التنوع البيولوجي الأصلي برمته، بما في ذلك تجمعات تتوفر لها مقومات الحياة وتتكون من مجموعة واسعة من الأنواع”. وعمليًا، تُحدد هذه المناظر الطبيعية بناء على حجم بقع الغابات وتشكيلها (500 كيلومتر مربع كحد أدنى، مع وجود الحد الأدنى للعرض وهو 10 كيلومترات وممرات بعرض كيلومترين (2) على الأقل)، وغياب أي تعديل أو إدارة بسبب الزراعة وقطع الأشجار والمناجم، ووجود منطقة فاصلة تبلغ كيلومترًا (1) واحدًا عن أي بنية تحتية مثل الطرقات وخطوط الطاقة، مع أن هذه المعايير قد لا تكون مناسبة في شتى المجمعات الحيوية في الغابات (أنظر أيضًا المناقشة حول سلامة الغابات وتجزئتها في الصفحة 25).
وإذا اقتصر الكشف عن المناظر الطبيعية للغابات السليمة على استعمال الاستشعار عن بُعد، سيكون هناك احتمال إسقاط أنواع من الاضطرابات (مثل القطع الانتقائي) التي تمثل خصائص الغابات غير المصنفة على أنها غابات أولية (Bernier وآخرون، 2017). ويمكن للنُهج والتكنولوجيات الناشئة لرصد الغابات الأولية، الجامعة بين الاستشعار عن بُعد والرسم التشاركي والنهج الأخرى، أن تساعد في قياس التعديل البشري والسلامة المكانية، وهما سمتان أساسيتان وقابلتان للقياس من أجل تحديد الغابات الأولية. ويشكّل حجم بقع الغابات والحساب المكاني لكثافة الغابات ومدى تواصلها بعض المؤشرات التي يمكن قياسها بسهولة من أجل حساب السلامة المكانية للغابات (Kapos وLysenko وLesslie،أ2002) (أنظر سلامة الغابات وتجزئتها، الصفحة 25). وإضافة إلى هذه المؤشرات، يمكن أن تُدرج الأنشطة البشرية المحدّدة التي تشكل دوافع للتغيّر، مثل تطوير المستوطنات والبنى التحتية، في مؤشر متعدّد الأبعاد. وبما أن هذه الدوافع محدّدة السياق في كثير من الأحيان، قد يكون من الأفضل وضع مقاييس إقليمية تراعي المسائل محددة السياق وتتّسم بالتناسق والتماثل على الصعيد العالمي، عوضًا عن مقياس واحد أو مؤشرات محددة عالميًا (Bernier وآخرون، 2017).
وقد بدأت المنظمة، إلى جانب شركاء منهم اتفاقية التنوع البيولوجي والمركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وبعض البلدان التي توجد فيها مساحات كبيرة من الغابات الأولية، بالعمل على تحسين الإبلاغ عن مساحة الغابات الأولية وتغيّراتها.
الغابات المزروعة. زادت مساحة الغابات المزروعة بمقدار 123 مليون هكتار منذ 1990 وباتت هذه الغابات تغطي حاليًا 294 مليون هكتار، ولكن معدّل الزيادة قد تباطأ منذ عام 2010. وتشكل المزارع الحرجية، أي الغابات الخاضعة للإدارة المكثفة، نسبة 45 في المائة تقريبًا من الغابات المزروعة (أو نسبة 3 في المائة من جميع الغابات). وتتكون هذه المزارع بشكل رئيسي من نوع أو نوعين من الأشجار المحلية أو الوافدة ذات العمر المتساوي والمزروعة بمسافة منتظمة والمؤسسة بشكل رئيسي لأغراض الإنتاج. أما نسبة 55 في المائة المتبقية من الغابات المزروعة، "الغابات المزروعة الأخرى"، فهي غابات يمكن أن تشابه الغابات الطبيعية من حيث نضوج الجذوع وتتضمن غابات تم إنشاؤها من أجل استعادة النظام الإيكولوجي وحماية التربة والمياه. وتوجد في أمريكا الجنوبية أكبر نسبة من الغابات المزروعة المكونة من المزارع الحرجية 99 في المائة من مساحة الغابات المزروعة، أو 2 في المائة من إجمالي مساحة الغابات)؛ وتحظى أوروبا بالقسم الأصغر (6 في المائة من الغابات المزروعة أو 0.4 في المائة من إجمالي مساحة الغابات).
وعلى الصعيد العالمي، تنطوي نسبة 44 في المائة من الغابات المزروعة على أنواع مجلوبة، مع وجود تفاوتات إقليمية كبيرة (الشكل 6). وفي أمريكا الجنوبية، تتكون نسبة 97 في المائة من المزارع الحرجية من أنواع مجلوبة، مقارنة بنسبة 4 في المائة في أمريكا الشمالية والوسطى.
توجد في العالم خمسة مجالات مناخية رئيسية، هي المجالات الشمالية والقطبية والمعتدلة وشبه الاستوائية والاستوائية. ويوجد أكبر جزء من الغابات (45 في المائة) في المجال الاستوائي ويتبعه المجال الشمالي ثم المعتدل ثم شبه الاستوائي (الشكل 7). وتقسَّم هذه المجالات إلى مناطق إيكولوجية برية عالمية، وتحتوي 20 منطقة منها على شيء من الغطاء الحرجي (الشكل 8). وخلص تحليل التغيّرات في الغطاء الشجري الذي أجراه المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة من أجل استخدامه في مطبوع حالة الغابات في العالم لعام 2020 (أنظر الصفحة vii) إلى أن عشر مناطق إيكولوجية عالمية قد شهدت انخفاضًا صافيًا في الغطاء الشجري بين عامي 1992 و2015، بينما شهدت عشر مناطق أخرى نموًا صافيًا. وحصل أكبر تغيّر سلبي في الغطاء الشجري في الغابات المطرية الاستوائية التي تغطي قسمًا كبيرًا من أمريكا الوسطى وحوض الأمازون وإندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة، بينما حصل أكبر تغيّر إيجابي في غابة تندرا الشمالية التي توجد في كندا والاتحاد الروسي.
ويمكن أن تنمو الغابات في المناطق القاحلة (الإطار 9) والأراضي الرطبة (الإطار 10) والمناطق المدّية (الإطار 11).
في حين تحتوي الغابات الاستوائية الرطبة على أكبر تنوع بيولوجي، تتميّز الأراضي الجافة بمناظر طبيعية منتجة ومتنوعة بيولوجيًا وبقيمة اقتصادية واجتماعية وبيئية كبيرة. وتشكّل الأراضي الجافة أكثر من ثلثي مساحة اليابسة التي تحتوي على 7 نقاط ساخنة للتنوع بيولوجي من أصل 36 نقطة ساخنة (Myers وآخرون، 2000؛ صندوق الشراكة المعنية بالنظم الإيكولوجية الحرجة، 2020). وتوجد الأراضي الجافة في 24 منطقة بيئية بريّة من أصل 134 منطقة (Olson وآخرون، 2015)، وهي محددة كأهداف حفظ ذات أولوية. ويعيش أيضًا في الأراضي الجافة أكثر من ملياري شخص تقريبًا، و90 في المائة منهم في البلدان النامية (تقييم الألفية للنُظم البيئية، 2005). ويعتمد الكثير من هؤلاء الأشخاص على الغابات ونظم الأراضي المشجرة في تلبية احتياجاتهم الأساسية. ورغم أهمية الأرضي الجافة من الناحية الإيكولوجية والاجتماعية، لا تتوافر حتى الآن سوى معلومات محدودة للغاية عن الغابات والغطاء الشجري في هذه المناطق.
واستند التقييم العالمي الأول للأراضي الجافة (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ج) إلى التفسير البصري لصور الأقمار الاصطناعية المتاحة بحرية لأكثر من 000 200 قطعة أرض في الأراضي الجافة في العالم، وهذا بحسب تصنيف المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (2007). وقد شارك في هذا التحليل أكثر من 200 خبير إقليمي.
وأظهرت النتائج أن الأراضي الجافة في العالم تشمل 1.1 مليار هيكتار من الغابات، مما يعادل 27 في المائة من مساحة الغابات في العالم و18 في المائة من مساحة الأراضي الجافة. وتتّسم نسبة 51 في المائة تقريبًا من هذه الغابات بكثافتها وبغطائها التاجي الذي يتراوح بين 70 و100 في المائة. وتتباين مساحة غابات الأراضي الجافة بين المناطق بشكل كبير (الشكلان ألف وباء).
وينمو العديد من أشجار الأراضي الجافة خارج الغابات. وفي 30 في المائة تقريبًا من المناطق الزراعية و60 في المائة من الأراضي المشيدة في الأراضي القاحلة والأراضي شبه القاحلة هناك شيء من الغطاء الشجري على الأقل، كما مساحات كبيرة من المراعي. ويوجد في أفريقيا الغربية والوسطى وجنوب آسيا أكبر نسبة من الأشجار التي تنمو خارج الغابات في الأراضي الزراعية، وتأتي بعد ذلك أفريقيا الشرقية وأفريقيا الجنوبية (الشكل ج). وفي هذه المناطق، تشكل الأشجار في كثير من الأحيان جزءًا لا يتجزأ من نظم الأغذية ومن المناظر الطبيعية التقليدية للحراجة الزراعية أو الزراعة المختلطة بالغابات والمراعي، وتدعم الأشجار بذلك الإنتاج الزراعي وقدرة الصمود لدى النظم الإيكولوجية والمجتمعات المحلية على السواء.
وتشكل نتائج التقييم الأساس من أجل تحديد التهديدات الرئيسية الناشئة بالنسبة إلى غابات الأراضي الجافة والتجمعات الموجودة فيها، ومن أجل وضع أولويات للعمل وتوجيه الاستثمارات واستعادة هذه النظم الإيكولوجية الهشة في غالب الأحيان وإدارتها على نحو مستدام – وهو أمر مهم بالنسبة إلى قدرة صمود المناظر الطبيعية وسبل عيش المجتمعات في ظل مناخ آخذ بالتغيّر. وتم جمع البيانات المستعملة في التقييم في عام 2015، ولذلك فإنه من الممكن أن تكون بمثابة خط أساس لرصد التغيّرات الحاصلة في الغابات والأشجار واستعمال الأراضي، وللمساهمة في الإبلاغ عن التقدم المحرز نحو تحقيق مقاصد ومؤشرات الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة.
يُعتقد أن الأراضي الخثية للحوض الأوسط الواقع في حوض الكونغو هي أكبر مجمع متواصل واستوائي للأراضي الخثية في العالم، وتغطي هذه الأراضي مساحة تبلغ تقريبًا 14.5 مليون هكتار وتأتي إجمالًا على شكل مستنقعات الخشب الصلب وغابات المستنقعات التي يسودها النخيل (Dargie وآخرون، 2017). وتحتوي المنطقة على مساحات واسعة من الغابات المطرية السليمة المتنوعة بيولوجيًا، ويوجد فيها أيضًا أعلى كثافة في العالم لغوريلا السهول الغربية(Gorilla gorilla gorilla)، فضلًا عن حيوان البونوبو (Pan paniscus) والشيمبانزي (Pan paniscus) وفيل الغابة (Loxodonta cyclotis). ويبيض التمساح (Osteolaemus tetraspis) القزم في الأراضي الخثية. وتؤدي هذه النظم الإيكولوجية الكبيرة المكوّنة من المياه العذبة دورًا حاسمًا في تنظيم تدفق المياه وتوفير الأغذية للتجمع السكاني الكبير الموجود في اتجاه مجرى النهر في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية الكونغو. وإضافة إلى المستوى العالي من التنوّع البيولوجي، تحتوي الأراضي الخثية في الحوض الأوسط على ما يقارب 30 جيغاطن من الكربون – أي ما يعادل سنتين من انبعاثات الكربون في العالم (Dargie وآخرون، 2017)، وتعزز مخزونات الكربون هذه من القيمة الموحدة للتنوع البيولوجي وخدمة النظام الإيكولوجي.
التمساح القزم
©Francesco Veronesiإن المانغروف هي أشجار وشجيرات تتحمل الملوحة وتنمو على طول الخطوط الساحلية في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، حيث تؤدي وظائف بيئية واجتماعية اقتصادية هامة. وتتضمن هذه الوظائف توفير مجموعة كبيرة من المنتجات الخشبية وغير الخشبية، وحماية السواحل والشعب المرجانية وتوفير الموائل للأنواع البرية والمائية.
وكما أُفيد به تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020، هناك 113 بلدًا لديه مناطق من غابات المانغروف تقدر مساحتها الإجمالية بحدود 14.79 مليون هكتار. وتقع المساحة الأكبر المبلغ عنها في آسيا (5.55 مليون هكتار)، تليها أفريقيا (3.24 مليون هكتار) وأمريكا الشمالية والوسطى (2.57 مليون هكتار) وأمريكا الجنوبية (2.13 مليون هكتار). وأبلغت أوسيانيا عن أصغر منطقة من غابات المانغروف (1.30 مليون هكتار).
وأشارت التقارير الواردة إلى أن أكثر من 40 في المائة من المساحة الإجمالية لغابات المانغروف تقع في أربعة بلدان فقط: إندونيسا (19 في المائة من المساحة الإجمالية) والبرازيل (9 في المائة) ونيجيريا (7 في المائة) والمكسيك (6 في المائة). ومنذ عام 1990، انخفضت مساحة غابات المانغروف بما يبلغ 1.04 مليون هكتار، ولكن معدّل التغيّر انخفض إلى أكثر من النصف خلال فترة الإبلاغ 2020-1990 حيث انخفضت من 000 47 هكتار سنويًا في الفترة 2020-1990 إلى 000 21 هكتار سنويًا خلال الأعوام العشرة الأخيرة.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة 2020
رغم عدم وجود تعريف متّفق عليه بشأن تدهور الغابات، يُقصد بتدهور الغابات بشكل عام انخفاض أو فقدان الإنتاجية البيولوجية أو الاقتصادية وتعقيد النظم الإيكولوجية الحرجية التي ينشأ عنها الانخفاض الطويل الأجل لإجمالي إمدادات الفوائد التي تأتي من الغابات، ويدخل في ذلك الخشب والتنوع البيولوجي وغير ذلك من المنتجات أو الخدمات.
وبغية تسهيل الإبلاغ المستقبلي بشأن الأهداف والمقاصد ذات الصلة بتدهور الغابات (الإطار 12)، طلبت المنظمة من البلدان التي ترفع تقاريرها إلى تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 عمّا إذا كانت تقوم برصد تدهور الغابات، وإذا قامت بذلك فما هو الأسلوب الذي اتبعته في عملية الرصد. وبلغ مجموع البلدان المجيبة 58 بلدًا (تشكل مجتمعةً نسبة 38 في المائة من مساحة الغابات في العالم) مشيرة إلى أنها كانت تحاول رصد حجم تدهور الغابات. ومع ذلك، لم يقيم العديد من هذه البلدان إلّا عنصرًا محددًا أو قلة من العناصر المحددة.
◂ المقصد 3-15 لأهداف التنمية المستدامة: مكافحة التصحّر، وترميم الأراضي والتربة المتدهورة، بما في ذلك الأراضي المتضرّرة من التصحر والجفاف والفيضانات، والسعي إلى تحقيق عالمٍ خالٍ من ظاهرة تدهور الأراضي، بحلول عام 2030.
—المؤشر 1-3-15 لأهداف التنمية المستدامة: نسبة الأراضي المتدهورة نسبة إلى مجموع مساحة اليابسة.
◂ الهدف 5 من أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي: بحلول عام 2020، يُخفَّض معدّل فقدان جميع الموائل الطبيعية، بما في ذلك الغابات، إلى النصف على الأقل، وحيثما كان ممكنًا إلى ما يقرب من الصفر، ويُخفًّض تدهور وتفتت الموائل الطبيعية بقدر كبير.
◂ الهدف 1 من خطة الأمم المتحدة الاستراتيجية للغابات: عكس مسار فقدان الغطاء الحرجي في العالم من خلال الإدارة المستدامة للغابات، بما يشمل حمايتها واستصلاحها وتشجيرها وإعادة تشجيرها، وزيادة الجهود المبذولة لمنع تدهورها والمساهمة في الجهود العالمية الرامية إلى التصدي لتغيّر المناخ.
ولأغراض هذا التقرير، ينظر إلى الحالة والتوجهات المتعلقة بسلامة النظام الإيكولوجي الحرجي وتجزئة الغابات على أنها مؤشرات بديلة على تدهور الغابات.
إن الغابات عرضة لعدد من الاضطرابات الطبيعية (على سبيل المثال، الحرائق البرية والآفات والأمراض والأحوال المناخية القاسية) التي يمكن أن تؤثر بشكل ضار على سلامة الغابات وحيويتها عن طريق التسبب بموت الأشجار أو خفض قدرتها على توفير القدر الكامل من السلع والخدمات. والآثار على الصعيدين الوطني والمحلي و/أو بالنسبة إلى أنوع محددة من الغابات يمكن أن تكون مدمّرة.
حرائق الغابات. في بعض النظم الإيكولوجية، تضطلع الحرائق الطبيعية بدور أساسي في الحفاظ على ديناميكيات النظام الإيكولوجي والتنوع البيولوجي والإنتاجية. والحرائق أيضًا أداة مهمة ومستعملة على نطاق واسع من أجل الوفاء بأهداف إدارة الأراضي. ويتسبب الأشخاص في معظم الحرائق. وفي بعض الحالات، تخرج هذه الحرائق عن السيطرة. وفي كل عام، تلتهم الحرائق والحرائق البرية التي يتم إضرامها عمدًا ملايين الهكتارات من الغابات وغيرها من أنواع الغطاء النباتي. وقد حدد تحليل عالمي للمناطق الحرجية المتأثرة بالحرائق بين عامي 2003 و2012 احتراق ما يقارب 67 مليون هكتار سنويًا (van Lierop وآخرون، 2015). وفي عام 2015، ألحقت الحرائق أضرارًا بغابات تبلغ مساحتها حوالي 98 مليون هكتار (منظمة الأغذية والزراعة، 2020). وقد حصلت هذه الحرائق بشكل رئيسي في المناطق الاستوائية، حيث لحق الضرر بحوالي 4 في المائة من مساحة الغابات. واحترق أكثر من ثلثي المساحة الإجمالية للغابات الواقعة في أمريكا الجنوبية وأفريقيا.
ويتم بسهولة احتواء نسبة 90 في المائة من الحرائق التي تشكل 10 في المائة من إجمالي المناطق المحروقة أو أقل من ذلك. أما نسبة 10 في المائة المتبقية فتشكل 90 في المائة من المناطق المحروقة. وتتسبب أحداث الحرائق البرية المأساوية والكبيرة هذه، مثل تلك التي حصلت في أستراليا والبرازيل واليونان والاتحاد الروسي والولايات المتحدة الأمريكية (كاليفورنيا) في عامي 2018 و2019، بخسائر كبيرة في أرواح البشر والحيوانات وخسائر في الممتلكات والبنى التحتية وتتسبب كذلك بضرر بيئي واقتصادي هائل، من حيث القضاء على الموارد وتكلفة إخماد الحرائق على السواء. وإلى أن تتغيّر حالة الطقس أو الوقود، ليس بمقدور الإطفائيين فعل الكثير من أجل إيقاف هذه الحرائق.
ويًتوقع في المستقبل أن يتسبب تغيّر المناخ بمواسم حرائق أطول وأشد وقعًا في أنحاء كثيرة من العالم، بما في ذلك في بعض المناطق التي لم تشكل فيها الحرائق مشكلة شائعة من قبل. وإذا كان من غير الممكن تفادي حرائق الغابات فمن الممكن التخفيف من حدوثها وآثارها بشكل كبير عن طريق تطبيق الإدارة المتكاملة للحرائق والإدارة الذكية لحرائق الغابات، وعن طريق مراعاة الواقع الاجتماعي والثقافي والضرورات الإيكولوجية في المناظر الطبيعية التي تندلع فيها الحرائق (منظمة الأغذية والزراعة، 2006).
الاضطرابات الأخرى. بين عامي 2003 و2012، تأثر ما يبلغ 142 مليون هكتار بالاضطرابات الأخرى التي لا تنطوي على الحرائق. وتتضمن هذه الاضطرابات الحشرات والآفات في أمريكا الشمالية المعتدلة في الدرجة الأولى، والطقس القاسي في آسيا في الدرجة الأولى، والأمراض في آسيا وأوروبا في الدرجة الأولى (van Lierop وآخرون، 2015). وفي عام 2015، تأثر حوالي 40 مليون هكتار من الغابات باضطرابات كهذه، وكان ذلك في المناطق المعتدلة والشمالية بشكل رئيسي (منظمة الأغذية والزراعة، 2020).
جمهورية الكونغو
الديمقراطية
غابة لوماكو، محمية
مجتمعية باكواتور، هي
جزء من مستنقع منطقة
كوفات سانترال.
وتشكّل الأنواع الغازية (الآفات الحشرية والممرضات والفقاريات والنباتات غير المحلية) وتفشي الآفات الحشرية والأمراض المحلية تهديدًا متزايدًا على سلامة الغابات الطبيعية والمزروعة في العالم واستدامتها وإنتاجيتها (الإطار 13). كما أن تفشي الآفات الحشرية في الغابات وحده يلحق الضرر بحوالي 35 مليون هكتار من الغابات سنويًا (منظمة الأغذية والزراعة، 2010ب). وتعتبر الأنواع الغازية من النباتات والحيوانات حاليًا أحد أهم أسباب خسارة التنوع البيولوجي، لا سيما في العديد من البلدان الجزرية (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2009). ومع ذلك، لا يتوفر إلّا قدر قليل للغاية من البيانات القابلة للقياس بشأن الأثر الإجمالي للأنواع الغازية، باستثناء توفر هذه البيانات في بعض البلدان المتقدمة.
لقد زاد تنامي التجارة الدولية وتنقل الإنسان من دخول أنواع من الحيوانات والنباتات إلى مناطق جديدة تصبح فيها أنواعًا غازية، والأمر يزداد سوءًا بفعل آثار تغيّر المناخ. وتتضمن الأمثلة على ذلك فراشة شجر البقس (Cydalima perspectalis) المتسببة بالموت التدريجي لغابات شجر البقس (Buxus colchica) التي استوطن فيها المرض في جمهورية إيران الإسلامية ومنطقة القوقاز، والفطر المسمى (Hymenoscyphus fraxineus) الذي يعود أصله إلى آسيا الشرقية المتسبب بالموت التدريجي لشجر المران في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمي وآيرلندا الشمالية. كما أن تغيّر المناخ وتقلبات المناخ السنوية، المصحوبة في كثير من الأحيان برداءة ممارسات إدارة الغابات (مثل تبديل هيكلية الغابة وتنوعها)، لها أثر كبير على الآفات والممرضات المحلية والمجلوبة على السواء، لا سيما بالنسبة إلى خصائصها البيولوجية (مثل النمو السريع) وسلوكها (مثل تفضيل العائل). وينتج عن ارتفاع درجات الحرارة والأحوال المناخية القاسية وشدتها البالغة والإجهاد الناجم عن الجفاف وانخفاض حيوية الأشجار، مما يجعلها أكثر عرضة لتفشي الآفات والأمراض المحلية والمجلوبة. وعلى سبيل المثال، يرتبط الموت التدريجي لملايين الهكتارات من غابات الصنوبر الذي تسبب به تفشي خنفساء القشرة المحلية في أمريكا الوسطى وأوروبا وأمريكا الشمالية بالتغيّرات المناخية وآثار الأحوال المناخية البالغة الشدة، والممارسات غير المناسبة لإدارة الغابات في بعض الحالات (Billings وآخرون، 2004؛ Bentz وآخرون، 2010؛ Hlásny وآخرون، 2019).
ويتطلب جعل الغابات ونظمها الإيكولوجية أكثر قدرة على مقاومة الآفات والأمراض والأنواع الغازية تنسيقًا وطنيًا وإقليميًا وعالميًا لأنشطة الوقاية والكشف المبكر والعمل المبكر وتنفيذ تدابير الصحة النباتية وتوعية الجمهور بشكل فعّال. ويتطلب كذلك ممارسات مستدامة لإدارة الغابات تقوم على السواء بخفض هشاشة الغابات أمام تغيّر المناخ ومراعاة الحفاظ على التنوع البيولوجي واستعماله المستدام.
خلال القرن الماضي، غيّرت تجزئة الغابات – أي تقسيم الموائل المتواصلة إلى أجزاء أصغر وأكثر عزلة – خصائص الغابات واتصالها تغييرًا عميقًا وسببت خسائر كبيرة في التنوع البيولوجي (Haddad وآخرون، 2015). ويتسم فهم مدى تجزئة الغابات وأسبابها وعواقبها بأهمية حاسمة من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي وعمل النظام الإيكولوجي في الغابات (أنظر الإطار 14).
يترتب على تجزئة الغابات تغيّرات في تشكيل الموائل وفقدان المناطق الحرجيّة واتصالها وتزايد انعزال بقع الغابات والتعرض بشكل أكبر للاستعمال البشري للأراضي على طول تخوم الغابات المجزأة (أنظر الشكل ألف). وإن الفراغات أو إحداث الفتحات في بقع الغابات السليمة هو أحد العناصر الرئيسية للتجزئة. وكثيرًا ما تكون الفراغات مصحوبة بإنشاء الطرقات، مما يؤدي إلى تراجع شديد في مناطق الموائل الرئيسية السليمة في الغابات. وتؤدي تجزئة الغابات إلى إحداث تغيّرات على المدى الطويل على هيكل ماتبقى من أجزاء الغابات ووظائفها، إلى جانب التأثير على الموائل وخدمات النظم الإيكولوجية الحرجية (Lindenmayer وFischerا، 2006؛ Hermosilla وآخرون، 2019).
ويمكن أن تنجم تجزئة الغابات عن تغيّرات واضطرابات بيئية طبيعية (المناخ والعمليات الجيولوجية والكوارث الطبيعية وحرائق الغابات والآفات والأمراض) مما يؤدي إلى انقسام غابة ما إلى بقع صغيرة، أو عن الأنشطة البشرية مثل استغلال الغابات (قطع الأشجار غير الخاضع للإدارة وجمع خشب الوقود) أو تحويل استخدام الأراضي نتيجة للتوسع الزراعي وتحويل الغابات إلى مزارع أشجار أو مراعٍ للماشية والمستوطنات الجديدة الناشئة عن الهجرة البشرية والتحضر وتطوير البنى التحتية. وكثيرًا ما تحدث تجزئة الغابات في المرحلة الأولى من تحويل الأراضي من غابات إلى استعمالات أخرى للأراضي.
وتغيّر عملية التجزئة من تكوين المناظر الطبيعية وتشكيلها ووظائفها. وتنطوي عادة على دمار الموائل أو عزلها، وتظهر دراسات عديدة أن تجزئة الموائل على المدى الطويل، ولا سيما الموائل الحرجية، تؤثر تأثيرًا كبيرًا على عمليات التنوع البيولوجي والنظام الإيكولوجي (Skole وTuckerا، 1993؛ Pereira وآخرون، 2010)، وذلك رغم احتمال تباين الاستجابة بشكل كبير بين الأنواع وأنواع الغابات. وتؤثر التجزئة على جميع العمليات الإيكولوجية تقريبًا، من مستوى المواد الوراثية إلى مستوى النظام الإيكولوجي، وتؤثر كذلك على التكوين والديناميكيات في عشائر النباتات وأعداد الحيوانات. وقد يؤدي هذا أيضًا إلى مزيد من التفاعل بين الثروة الحيوانية والحياة البرية وبالتالي إلى ازدياد خطر انتقال الأمراض. ورغم احتمال زيادة الأنواع العامة أو المتعددة الموائل أو المهددة أو الغازية (Laurance وآخرون، 2006) (أنظر أيضًا الإطار 18 الذي يتناول الملقحات التي تعيش في الغابات، في الفصل الثالث)، لكن تجزئة الغابات تقلل في معظم الأحيان من ثراء الأنواع (Turnerا، 1996؛ وZhu وآخرون، 2004). وتقلل التجزئة من احتجاز المغذيات وتؤثر على الديناميكيات الغذائية، أما في أجزاء الغابة الأكثر انعزالًا فإنها تغيّر من حركة الحيوانات. وقد تبين أن انخفاض حجم بقع الغابات وزيادة انعزالها يسببان نقصًا في توفر الطيور والثدييات والحشرات والنباتات بنسبة تتراوح بين 20 و75 في المائة، مما يؤثر على الوظائف الإيكولوجية على غرار نثر البذور وبالتالي على بنية الغابة بموازاة المساهمة في الوقت عينه في خفض خدمات النظم الإيكولوجية مثل احتجاز الكربون والسيطرة على تآكل التربة والتلقيح ودورة المغذيات (Haddad وآخرون،2015).
وأجرى مركز البحوث المشترك تحليلًا مكانيًا حديثًا من أجل هذا التقرير، استخدم فيه الاستشعار عن بُعد بالأقمار الاصطناعية لتحديد أسلم الغابات وأكثرها اتصالًا وتحديد أشد الغابات تجزئة. وأُجري التحليل على الصعيد العالمي وشمل كل منطقة إيكولوجية من المناطق الإيكولوجية العالمية الخمس عشرة التي تمثل 1 في المائة من مساحة الغابات العالمية.
وطُبق مؤشران للتجزئة على خريطة الغطاء النباتي العالمية لبرنامج كوبرنيكوس لعام 2015 (Buchhorn وآخرون، 2019)، وذلك إضافة إلى إسقاط خريطة المنظمة للمناطق الإيكولوجية العالمية (أنظر الشكل 7). وكانت هناك محاولة لاستبعاد مزارع نخيل الزيت والمحاصيل الشجرية الزراعية من التحليل. والمؤشر الأول الذي يسمى مؤشر الحساب يقيّم حجم بقع الغابات وتوزعها أي المناطق الحرجية المنفصلة عن غيرها من المناطق الحرجية بما لا يقلّ عن 100 متر (Vogtا، 2019أ) (الشكلان 9 و10). ويقيس المؤشر الثاني، مؤشر كثافة المناطق الحرجية، نسبة البكسلات الحرجية ضمن حيّ مَحلّي محدّد (Vogtا، 2019ب) (الشكلان 11 و13). وتشير القيمة العالية لكثافة المنطقة الحرجية إلى تواصل حرجي عالٍ ومناطق حرجية متراصة ومستوى منخفض من تجزئة الغابات، أما القيمة المنخفضة فتشير إلى بقع الغابات المعزولة وذات الفراغات والعالية التجزئة بشكل عام.
وعثرت الدراسة على 34.8 مليون بقعة من الغابات في العالم، يتراوح حجمها بين هكتار (1) واحد (بكسل واحد على الخريطة) و680 مليون هكتار. وتوجد نسبة 80 في المائة تقريبًا من مساحة الغابات في العالم في بقع أكبر من مليون (1) هكتار، وتمثل فئة الحجم هذه أكثر من 25 في المائة من مساحة الغابات بجميع أنواعها (الشكل 9). ولكن لا يوجد إلّا 149 بقعة بهذا الحجم، مما يعني أن أغلبية مساحة الغابات في العالم تتركز في مواقع قليلة جدًا. أما سائر غابات العالم فهي متناثرة وصغيرة نسبيًا.
وما يقارب 34.7 مليون بقعة (أي 99.8 في المائة من العدد الإجمالي لبقع الغابات) لا تبلغ مساحتها 000 1 هيكتار. وتشكل مجتمعة نسبة 7 في المائة من مساحة الغابات في العالم. ويبلغ الحجم المتوسط لجميع بقع الغابات 132 هكتارًا فقط، ولكن هذا الحجم يتغيّر بشكل كبير بين المناطق الإيكولوجية (الشكل 10). ويوجد أكبر متوسط لحجم بقع الغابات في مناطق غابات الصنوبريات الشمالية والغابات المطرية الاستوائية.
وتندرج تقريبًا نصف مساحة الغابات في العالم (49 في المائة) ضمن أعلى فئتين لكثافة المناطق الحرجية (السليمة والداخلية)، وهو بالتالي على درجة عالية من السلامة (الشكلان 12 و14). وفي الجانب الآخر من طيف الكثافة، تندرج نسبة 9 في المائة من غابات العالم في الفئتين النادرة والبقعية، وهي قليلة الاتصال أو عديمة الاتصال ويمكن اعتبارها مجزأة للغاية (الشكلان 12 و15).
أين تقع أسلم الغابات؟ تمثل الغابات المطرية الاستوائية وغابات الصنوبريات الشمالية – وهي المناطق الإيكولوجية التي تستوعب معظم الغابات – أكثر النظم الإيكولوجية في الغابات سلامة وأقلها تجزئة. وإن ما يزيد عن نسبة 90 في المائة من مساحة الغابات في هذه المناطق تتكون من بقع أكبر من مليون (1) هيكتار والبقع الحرجية في هذه المناطق أكبر بكثير من المتوسط العالمي (الشكلان 9 و10). ولا يندرج ضمن الفئتين النادرة والبقعية إلا نسبة تقلّ عن 2 في المائة من مساحة الغابات في هذه المناطق، وتندرج نسبة تزيد عن 50 في المائة منها في الفئتين الداخلية والسليمة (الشكل 12). ومن سمات هذه النظم الإيكولوجية صعوبة الوصول وانخفاض الكثافة السكّانية.
ويندرج نصف الغابات المطرية الاستوائية المتبقية ضمن الفئة السليمة لكثافة المناطق الحرجية، ونسبة 94 من مساحة الغابات هي على قدر جيد من الاتصال في ما بينها. وتتسم الغابات الموجودة في حوض الأمازون وحوض الكونغو بأنها الأقل تجزئة والأكثر تلاصقًا (الشكل 14). ولكن يسبب تغيير وجهة استخدام الأراضي في هذه المناطق تغيّرًا سريعًا. وبما أن هذه الغابات هي ذات تنوع بيولوجي فريد، لا بد من إيلاء اهتمام خاص للحفاظ عليها وإدارتها على نحو مستدام.
وفي المجمعات الحيوية لغابات الصنوبريات الشمالية، تندرج نسبة 11 في المائة من مساحة الغابات في الفئة السليمة، وذلك في كندا والاتحاد الروسي بشكل رئيسي. وترتبط التجزئة في الغابات الشمالية ارتباطًا أساسيًا بالاضطرابات الطبيعية (اندلاع الحرائق وتفشي الآفات). وإن الزيادة في حدة الحرائق البرية في المناطق الشمالية المتعلقة بالاحترار العالمي (Walker وآخرون، 2019) قد تزيد من التجزئة على المدى الطويل.
وتمثل النظم الجبلية أيضًا في المناخ الشمالي والمعتدل والاستوائي مجمعات حيوية ذات قدرة وصول محدودة وكثافة سكّانية منخفضة، ويوجد كذلك في هذه المجمعات الحيوية بشكل خاص غابات أقل تجزئة من المناطق الإيكولوجية الأخرى. ويزيد متوسط حجم البقع في هذه المجمعات عن المتوسط العالمي (الشكل 10)، ولا يندرج في الفئتين النادرة والبقعية إلّا نسبة 6 في المائة فقط وأكثر من 40 في المائة منها تندرج في الفئتين السليمة والداخلية (الشكل 12). ويمكن أن ترتبط أيضًا سلامة الغابات في هذه المجمعات الحيوية بالقدر الكبير من المساحات المحمية الواقعة ضمن هذه المناطق التي تم تأسيسها لحماية موارد المياه وتجنب تآكل التربة. وتشمل الغابات الجبلية المنخفضة التجزئة الغابات الجبلية المعتدلة في أمريكا الشمالية (جبال الأبالاش وسلسلة جبال الكاسكيد) والغابات الروسية الشمالية (جبال الأورال وسلسلة جبال ستانوفوي وجبال سيخوت ألين، وهي موئل لأنواع مهددة بالانقراض من قبيل الببور السيبيرية) والجبال الاستوائية في مناطق البحيرات الواقعة في أفريقيا الوسطى، التي يوجد فيها ثراء أنواع عالٍ واستثنائي وتأوي معظم مجموعات غوريلا الجبال. وللأسف، تواجه بعض هذه الغابات حاليًا مخاطر كبيرة من الانتهاك والتجزئة في أطرافها بسبب الضغط السكاني المتنامي.
أين تقع أكثر الغابات تجزئة؟ يوجد أعلى مستوى للتجزئة وأقل معدّل لكثافة المناطق الحرجية في المناطق الإيكولوجية ذات المساحة المحدودة للغابات (أقل من ثلث المساحة الإجمالية لليابسة)، مثل الأراضي التي تسودها الشجيرات الاستوائية والسهب شبه الاستوائية والغابات الجافة شبه الاستوائية والغابات المحيطية المعتدلة (الشكلان 10 و13). ويقل متوسط حجم البقعة في هذه المناطق عن 60 هكتارًا، وترتفع فيها نسبة مساحة الغابات (حوالي 20 في المائة) في البقع الأصغر من 000 1 هكتار (الشكلان 9 و10). وفي هذه المناطق أيضًا، تندرج نسبة 20 في المائة من الغابات في الفئتين النادرة والبقعية، وتبلغ نسبة الغابات المندرجة في الفئتين الداخلية والسليمة 20 في المائة (الشكل 12). ومع أن بعض هذه المناطق الإيكولوجية لديها أنماط للمناظر الطبيعية مجزأة طبيعيًا (مثل السهب شبه الاستوائية)، لكن التجزئة في المناطق الأخرى هي نتيجة لتغيّر اتجاه استعمال الأراضي وممارسات استعمال الغابات.
وهناك غطاء حرجي أكبر قدرًا في المناطق الإيكولوجية لغابات التندرا الشمالية والغابات الجافة الاستوائية والغابات الرطبة الاستوائية (أكثر من 40 في المائة من إجمالي مساحة اليابسة)، لكن متوسط حجم البقعة أصغر بكثير من المعدّل العالمي (الشكلان 9 و10)، وتندرج نسبة تزيد عن 30 في المائة من الغابات في الفئات النادرة والبقعية والانتقالية (الشكل 12). ولدى هذه المجمعات الحيوية نسبة تقل عن 30 في المائة من مساحة الغابات في الفئتين السليمة والداخلية، أما في ما يخص غابات التندرا الشمالية فالنسبة هي 16 في المائة فقط.
والتجزئة في غابات التندرا الشمالية هي في الأساس نتيجة للظروف والاضطرابات الطبيعية (المناخ والحرائق البرية والآفات). وفي المقابل، خضغت الغابات الاستوائية الجافة والرطبة، مثل غابات سيرادو في البرازيل وغابات غران شاكو في أمريكا الجنوبية وغابات الميومبو في جنوبي أفريقيا والغابات الاستوائية الجافة في الهند ومنطقة الميكونغ، لتأثير التغيّر السريع في ديناميكيات استعمال الأرض. وهذه الغابات مهمة جدًا من حيث التنوع البيولوجي وسبل العيش على السواء، بيد أنه لم يبق في هذه المناطق الإيكولوجية إلا القليل من الغابات المتواصلة الواسعة.
ومن الصعب جدًا تغيير الحال عندما تتجزأ غابة ما، ولا سيما من حيث الخسائر التي تطال التنوع البيولوجي. ولا بد من بذل الجهود من أجل ربط أوصال أجزاء الغابة عن طريق الاستعادة، بما في ذلك إنشاء الممرات أو المناطق الفاصلة أو وضع حجارة للمشي (أنظر الفصل الخامس- عكس اتجاه إزالة الغابات وتدهورها).
كما يتّضح من القسم 2-1 حالة المناطق الحرجية واتجاهاتها، تم إحراز بعض التقدم نحو عكس اتجاه الخسارة في الغطاء الحراجي على الصعيد العالمي، وانخفضت الخسارة الصافية للغابات من معدّل 7.84 مليون هكتار سنويًا في تسعينات القرن الماضي إلى معدّل 4.74 مليون هكتار سنويًا في الفترة 2020-2010 (الجدول 1). ومع ذلك، فإن العالم لا يسير على المسار الصحيح من أجل الوفاء بهدف خطة الأمم المتحدة الاستراتيجية للغابات (الأمم المتحدة، 2017) الرامي إلى زيادة مساحة الغابات في العالم بنسبة 3 في المائة بحلول عام 2030 (مقارنة بعام 2015).
وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، انخفضت مساحة الغابات المتجددة طبيعيًا بنسبة 7 في المائة (301 مليون هكتار) (منظمة الأغذية والزراعة، 2020). ورغم انخفاض معدّل فقدان الغابات المتجددة طبيعيًا (الشكل 16) فإنه لا يكفي من أجل الوفاء بالهدف 5 من أهداف آيتشي والهدف 1 من إعلان نيويورك بشأن الغابات، اللذين يرميان إلى خفض معدّل فقدان الغابات الطبيعية إلى النصف على الأقل بحلول عام 2020 (مقارنة بعام 2010) (الإطار 5).
ومع أن الدراسة التي أجراها مركز البحوث المشترك بشأن التجزئة لم تنظر في الاتجاهات على مر الزمن، تفيد المؤشرات بالاستناد إلى أنماط إزالة الغابات بأن تجزئة الغابات آخذة في الازدياد في العديد من البلدان. ومن ناحية إيجابية أكثر، تعهّد 122 بلدًا بوضع أهداف ترمي إلى تحقيق غايات تتمثل في ضمان حيادية تدهور الأراضي، وقد قام أكثر من 80 بلدًا بالفعل بوضع الغايات الخاصة به (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، 2019أ).
لا تتكون الغابات من الأشجار فحسب، بل تتضمن أيضًا العديد من أنواع النباتات والحيوانات المختلفة التي تعيش في التربة وعلى أرض الغابات وفي الغطاء الحرجي. وتشير التقديرات إلى أن إجمالي عدد الأنواع التي تعيش على الأرض يتراوح بين 3 ملايين و100 مليون نوع (مايو/أيار، 2010). ووفقًا لتقديرات ترقى إلى عام 2011، يبلغ عدد الأنواع حوالي 8.7 مليونًا (زائدًا أو ناقصًا 1.3 ملايين)، ويعيش 6.5 مليون نوع منها على اليابسة و2.2 مليون نوع في المحيطات (Mora وآخرون، 2011)، في حين يذكر المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية (2019أ) أن عدد الأنواع يبلغ حوالي 8 ملاييننوع، و5.9 ملايين نوع منها هي أنواع أرضية. ومع أن التقارير تفيد على نطاق واسع بأن الغابات تحتوي على 80 في المائة من النباتات والحيوانات الأرضية، فإنه من غير المرجّح أن يتّسم تقدير محدّد كهذا بدقّة، وذلك نظرًا إلى تغيّر حالة المعارف بشأن التنوع البيولوجي على كوكب الأرض.
وتبرز الغابات الاستوائيّة المطيرة بصفتها مستودعًا بالغ الأهمية للتنوع البيولوجي العالمي. ومن بين الأمثلة على ذلك، وجود 200 1 نوع من الخنافس في نوع واحد من الأشجار (Erwinا، 1982) و365 نوعًا من الأشجار في بقعة أرض تبلغ مساحتها هكتارًا واحدًا (Valencia وBalslev وPaz y Miñoا، 1994) و365 نوعًا من النباتات في بقعة أرض تبلغ مساحتها 0.1 هكتار (Gentry وDodsonا، 1987) ووجود ما يقدر بنصف ثراء الأنواع في العالم في 6 إلى 7 في المائة فقط من مساحة اليابسة (Dirzo وRavenا، 2003). وتحتوي الغابات الاستوائية وشبه الاستوائية (الجافة والرطبة) على النقاط الساخنة العشر التي تشمل أكبر عدد إجمالي من الفقاريات الأرضية المستوطنة العليا وأكبر عدد من الأنواع المهدّدة بالانقراض (Mittermeierا، 2004؛ وMittermeier وآخرون، 2011 نقلًا عن المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، 2019ب).
وبالتالي، في حين أن الأشجار هي المكون الذي يحدد الغابات وأن التنوع الموجود فيها من شأنه أن يعطي مؤشرًا على التنوع العام، توجد طرق عديدة أخرى لتحديد أهمية التنوع البيولوجي الحرجي. وينظر هذا الفصل في بعض هذه الجوانب إذ يستكشف التقدم المحرز نحو تحقيق الأهداف الرئيسية المتعلقة بالحفاظ على التنوع البيولوجي الحرجي على مستويي الأنواع والوراثيات (الإطار 15).
◂ الهدف 12 من أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي: بحلول عام 2020، منع انقراض الأنواع المعروفة المُهدّدة بالانقراض وتحسين وإدامة حالة حفظها، لا سيما بالنسبة إلى الأنواع الأكثر تدهورًا.
◂ الهدف 13 من أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي: بحلول عام 2020، الحفاظ على التنوع الجيني للنباتات المزروعة وحيوانات المزارع والحيوانات الأليفة والتنوع الجيني للأقارب البرية، بما في ذلك الأنواع الأخرى ذات القيمة الاجتماعية والاقتصادية فضلًا عن القيمة الثقافية، ووضع وتنفيذ استراتيجيات لتقليل التآكل الجيني وصون تنوعها الجيني.
◂ الهدف 16 من أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي: بحلول عام 2015، يسري مفعول بروتوكول ناغويا للحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها، ويتم تفعيله، بما يتماشى مع التشريع الوطني.
تفيد قاعدة بيانات GlobalTreeSearch (المركز الدوليّ لصون الحدائق النباتيّة، 2019) عن وجود 082 60 نوعًا من الأشجار. ويشمل هذا العدد أشجار النخيل والعديد من المحاصيل الشجرية الزراعية التي لا يشيع وجودها في الغابات (مثل الأشجار المثمرة وأشجار البن وأشجار نخيل الزيت).
وينتمي ما يقارب نصف أنواع الأشجار برمتها (45 في المائة) إلى عشر فصائل فقط، وأغنى ثلاث فصائل شجرية هي الفراشية والفوية والآسية. والبرازيل وكولومبيا وإندونيسيا هي البلدان التي تحتوي على أكبر عدد من أنواع الأشجار (الشكل 17). وتبيّن البلدان التي تحتوي على أكبر عدد من أنواع الأشجار المستوطنة محليًا وجود اتجاهات أوسع للتنوع النباتي (أستراليا والبرازيل والصين)، ويحصل الاستنواع المضاف في الجزر نتيجة للعزلة (إندونيسيا ومدغشقر وبابوا غينيا الجديدة) (الشكل 18). وتشكّل الأنواع المستوطنة في بلد واحد قرابة 58 في المائة من مجمل أنواع الأشجار (Beech وآخرون، 2007).
وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، أُدرج ما مجموعه 334 20 نوعًا من الأشجار في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض التي وضعها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، 2019أ)، وتم تقييم 056 8 نوعًا منها على أنها مهدّدة عالميًا بالانقراض (مهدّدة بشدة بالانقراض أو مهددة بالانقراض أو معرّضة للخطر). وخضع ما مجموعه 996 32 نوعًا من الأشجار لتقييم الحفظ على صعيد ما (وطني أو عالمي أو إقليمي)، وخضع 145 12 نوعًا من بينها لتقييم الانقراض. وجرى تقييم أكثر من 400 1 نوع من أنواع الأشجار هذه على أنها مهدّد بشدة بالانقراض وعلى أنها بأمس الحاجة إلى اتخاذ إجراءات لحفظها (حملة الأشجار العالمية، 2020 ) (أنظر أيضًا الإطار 16). وقد شهدت قائمة الأنواع الشجرية لاتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهدّدة بالانقراض ازديادًا كبيرًا في السنوات الأخيرة نتيجة القلق من كون العديد من أنواع الأشجار القيّمة تجاريًا قد يواجه تهديدًا بسبب الاستغلال المفرط؛ ويوجد حاليًا في مرافق اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهدّدة بالانقراض أكثر من 900 نوع من الأشجار، ويتم تنظيم التجارة بهذه الأنواع من خلال اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض، ومن ضمنها خشب الورد والأبنوس والماهوغوني (اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهدّدة بالانقراض، 2019).
تشير القائمة الأوروبية للأشجار المهدّدة بالانقراض (Rivers وآخرون، 2019)، وهي تقييم لحالة حفظ 454 نوعًا من الأشجار المحلية في أوروبا، إلى أن 58 في المائة من الأشجار المستوطنة في المنطقة مهددة بالانقراض– ويُقصد بذلك الأشجار التي لا توجد في أي مكان آخر في الأرض - وتشير كذلك إلى أن نسبة 42 في المائة من جميع أنواع الأشجار المحليّة مهدّدة بالانقراض على الصعيد الإقليمي. ومن بين الأنواع المستوطنة، جرى تقييم 15 في المائة منها (66 نوعًا) على أنها مهدّدة بشدّة بالانقراض، أو أنها قاب قوسين أو أدنى من الانقراض. وتشكل الآفات والأمراض والنباتات الغازية أكبر التهديدات التي تطال أنواع الأشجار الأوروبية.
وأنواع الأشجار المندرجة تحت جنس السورباس مهدّدة بالانقراض على وجه الخصوص؛ وجرى تقييم ثلاثة أرباع أنواع السورباس في أوروبا من أصل 170 نوعًا على أنها مهدّدة بالانقراض.
وتم تقييم شجرة قسطل الهند (Aesculus hippocastanum) على أنها معرضة للخطر بعد حالات التدهور التي تسبب بها حفار ورق قسطل الهند (Cameraria ohridella)، وهو نوع غازٍ يعود أصله إلى المناطق الجبلية المعزولة في البلقان وقد غزى سائر أوروبا.
المصدر: الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، 2019 ب.
وفي بعض البلدان، بُذلت جهود من أجل توفير الاعتراف والحماية لفرادى الأشجار التي تقع خارج الغابات وتتميز بحجمها أو عمرها أو أهميتها التاريخية أو غير ذلك من المزايا (الإطار 17).
بذلت بعض البلدان أو الدول أو المقاطعات أو المدن خلال العقود الأخيرة جهودًا من أجل الاعتراف بالأشجار التراثية وحمايتها (ويطلق على الأشجار التراثية في بعض الأحيان اسم الأشجار الرائدة أو التاريخية أو البارزة أو المهمة) – وهي أشجار فردية تعتبر ذات قيمة فريدة من حيث عمرها أو ندرتها أو حجمها الكبير أو جمالها أو قيمتها الثقافية أو التاريخية أو النباتية أو الإيكولوجية. وتمثّل أقدم فرادى الأشجار من نوع ما مخزونًا جينيًا مهمًا يحتوي كذلك على مكتبة حية من التغيّرات المناخية التي حصلت على مر مئات أو آلاف السنين (الولايات المتحدة/المجلس الدولي للآثار والمواقع، 2019).
شجرة ألبيرتو ديل بيتشوني (شجرة السيد بيتشوني) التي يبلغ طولها 24 مترًا وتقع بالقرب من مدينة أسكولي بيتشينو في منطقة ماركي، وهي إحدى الأشجار الأثرية في إيطاليا. وهذه الشجرة هي شجرة جميز عالمية قديمة (Platanus orientalis) يبلغ محيطها 8.7 أمتار، وقد ذكرت بالاسم في خريطة يعود تاريخها إلى عام 1718 .
©Infinitispazi/Wikimedia Commonsوينصبّ تركيز سجلّات عديدة حول العالم على هذه الأشجار لأنها عناصر قيّمة في المناظر الطبيعية ومهدّدة بالانقراض أحيانًا. وبعض سجلّات الأشجار هي سجلّات تفاعلية وتديرها منظمات وطنية غير حكومية، من قبيل السجل الوطني لأنواع الأشجار الرائدة في الولايات المتحدة الأمريكية وسجل الأشجار في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية وسجل الأشجار المهمة في أستراليا. ولا ترتبط هذه السجلات عادةً بأي ضوابط تنظيمية. ومع ذلك، تخضع بعض الأشجار التراثية لحماية القوانين الوطنية أو قوانين الولايات والمقاطعات والبلديات (الولايات المتحدة/المجلس الدولي للآثار والمواقع، 2019). وفي سنغافورة على سبيل المثال، يجري اختيار الأشجار التراثية من أجل حمايتها بموجب القانون في إطار مخطط الأشجار التراثية المعتمد في عام 2001 – وهو جزء من الجهود المبذولة على الصعيد الوطني التي لا ترمي إلى حفظ الأشجار الموجودة في المناطق المحمية فحسب، وإنما في أي مكان حضري أو ريفي في سنغافورة. وفي العديد من مدن الولايات المتحدة الأمريكية، تنص القوانين المحليّة بشأن الأشجار التراثية على منع إزالة أشجار محددة.
وفي إيطاليا، جرى إصدار قائمة بالأشجار الأثرية بموجب القانون الوطني في عام 2014، بما في ذلك الأشجار ومجموعات الأشجار الفريدة في سياق الزراعة المختلطة بالغابات والمراعي أو في السياق الحضري، وتعتبر هذه الأشجار والمجموعات “آثارًا خضراء” على أساس عمرها وحجمها وتركيبتها المورفولوجية وندرتها وقيمتها التاريخية والثقافية والدينية وتوفيرها الموائل لأنواع الحيوانات. وتضطلع وزارة الزراعة والأغذية وسياسات الغابات في إيطاليا بتنسيق جمع المعلومات، في حين تتولى المناطق والمحافظات المستقلة والبلديات جمع المعلومات وفقًا للتوجيه الوارد في القانون. وتتضمن القائمة الأولى، التي صدرت في عام 2017، 407 2 أشجار؛ وأضافت إليها التحديثات المنتظمة 332 شجرة جديدة في عام 2018 و509 أشجار جديدة في عام 2019. ويساعد في تحديد الأشجار مراكز البحوث والمؤسسات التعليمية والعاملون بمهنة الحراجة والجمعيات البيئية والمواطنون (وزارة الزراعة والأغذية والسياسات الحرجية، 2017؛ ووزارة الزراعة والأغذية والسياسات الحرجية، 2019).
يُعرف في العلم حوالي 000 391 نوع من النباتات الوعائية (بما في ذلك 082 60 شجرة مذكورة أعلاه وأكثر من 600 1 نوع من الخيزران (Vorontsova وآخرون، 2016)، وتبلغ نسبة النباتات المزهرة بين هذه النباتات 94 في المائة. ويُحتمل أن نسبة 21 في المائة من هذه النباتات مهدّدة بالانقراض (Willisأ، 2017). وتوجد نسبة 60 في المائة تقريبًا من العدد الإجمالي في الغابات الاستوائية (Burleyأ، 2002). وتم تسمية وتصنيف ما يقارب 000 144 نوع من الفطريات إلى حدّ الآن. ومع ذلك، يقدَّر أن الأغلبية العظمى (أكثر من 93 في المائة) من أنواع الفطريات ليست معروفة حاليًا بالنسبة إلى العلم، مما يشير إلى أن العدد الإجمالي لأنواع الفطريات على الأرض يتراوح بين 2.2 و3.8 ملايين نوع (Wilisأ، 2018).
وتبلغ أنواع الفقاريات المعروفة والموصوفة ما يقارب 000 70 نوع (الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، 2019أ). ومن بين هذه الأنواع، توفّر الغابات موائل لما يقارب 000 5 نوع برمائي (80 في المائة من جميع الأنواع المعروفة)، ولما يقارب 500 7 نوع من الطيور (75 في المائة من جميع الطيور) ولأكثر من 700 3 نوع من الثدييات المختلفة (68 في المائة من جميع الأنواع) (Vié و Hilton-Taylor وStuartأ، 2009). وتتضمّن الأنواع المشهورة التي تعتمد على الغابات اليغور في أمريكا اللاتينية والدببة في أمريكا الشمالية والغوريلا في أفريقيا الوسطى والليمور في مدغشقر ودببة الباندا في الصين والعقاب الفلبيي والكوالا في أستراليا.
وجرى وصف 1.3 مليون نوع تقريبًا من أنواع اللافقاريات. ولكن توجد أنواع كثيرة أخرى، وتتراوح بعض التقديرات بين 5 إلى 10 ملايين نوع (أنظر على سبيل المثال Ødegaardأ، 2000). ومعظم اللافقاريات هي من الحشرات، وأغلبيتها الساحقة تعيش في الغابات (أنظر المثال الوارد في الإطار 18).
تؤدي الملقحات البرية والخاضعة للإدارة دورًا مهمًا في المناظر الطبيعية الحرجية وتوفر خدمات التلقيح لنباتات المحاصيل والنباتات البرية وأشجار الغابات. فهي إذًا أساسية من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي ووظائف النظام الإيكولوجي المصاحبة له وتجديد الأشجار والنباتات المستعملة في المنتجات الحرجية الخشبية وغير الخشبية، وبالتالي من أجل قدرة الصمود في الغابات وضمان الأمن الغذائي واستدامة سبل العيش. وتلقح الحيوانات حوالي 87.5 في المائة من النباتات البرية المزهرة في العالم (94 في المائة من أنواع المناطق الاستوائية و78 في المائة من أنواع المناطق المعتدلة) (Ollerton وWinfree وTarrantا، 2011)، بينما يستفيد 75 في المائة من المحاصيل الغذائية الرئيسية وعددها 115 محصولاً من التلقيح الذي تقوم به الحيوانات إلى حد ما في إنتاج الفواكه والخضار والبذور (Klein وآخرون، 2007). ولكنّ العديد من الملقحات معرضة للتهديد، ولا سيما النحل البرّي والفراشات البرية (المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، 2016). وتفيد الأدلّة الواردة في دراسة جديدة قيد الإعداد تجريها منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة الدولية للتنوع البيولوجي (Krishnan وآخرون، لم تصدر الدراسة بعد) بأن الانخفاض في مجموعات الملقحات البرية والخاضعة للإدارة على السواء قد تكون له عواقب وخيمة بالنسبة إلى التجدد الطبيعي للغابات والحفاظ على التنوع الوراثي لأشجار الغابات، وبالتالي بالنسبة إلى قدرة تكيفها مع تغير المناخ وقدرة صمودها أمام الآفات والأمراض.
ومع أن النحل الاجتماعي هو أكثر من خضع للدراسة، تقوم مجموعة واسعة من الحيوانات الأخرى ذات المتطلبات المتنوعة من حيث الموائل والغذاء بتوفر خدمات التلقيح؛ وعلى سبيل المثال، تلقح الخفافيش شجرة باأَوباب (أنواع Adansonia) وشجرة الغابة المطرية كورميفلوروم السيزية (Syzygium cormiflorum). والنحل هو أكثر من يحط على الأزهار ويأتي بعده الذباب والفراشات والعثات (Winfree وآخرون، 2007).
وتستفيد الملقحات من الموائل الطبيعية المتنوعة من أجل الغذاء ومواقع التعشيش. وتتضمن المحركات التي تؤثر على توفر الملقحات وتنوعها تغير استعمال الأرض وتكوين المنظر الطبيعي وممارسات إدارة الغابات وتغير المناخ (المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، 2016؛ وKrishnan وآخرون، لم تصدر الدراسة بعد). ويمكن أن تغير الظروف المناخية التوقيت والنوعية والمدّة في ما يخصّ تفتّح الأوراق والإزهار ونضوج الثمار في النباتات. ويمكن أن يؤثر اختلال تزامن التفاعلات التي تحصل بين النباتات والحيوانات تأثيرًا سلبيًا على كلا المجموعتين.
ويمكن لتجزئة الموائل وتدهورها واختلال الاتصال بين مختلف موائل الملقحات أن تقلّل من نجاح التكاثر وتقلل بالتالي من حجم مجموعات الملقحات. وتبيّن أن وجود مجموعات أصغر من الملقحات الحشرية يؤدي إلى انخفاض تنوع حبوب اللقاح والتنوع الوراثي وازدياد مستويات التلقيح الذاتي في الأجيال اللاحقة لبعض أنواع الأوكاليبتوس، ممّا يسبب انخفاض الملاءمة العامة الذي يمكن بدوره أن يؤثر بشكل ضار على قدرة التكيف مع الظروف البيئية المتغيرة (Breed وآخرون، 2015). وقد يعوّض عن هذا جزئيًا تعزيز التلقيح لمسافات الطويلة في منظر طبيعي مجزّأ ما (على سبيل المثال عن طريق الملحقات من الطيور)، وذلك بحسب درجة التجزئة والأنواع المعنية (Aguilar وآخرون، 2008).
ومن ناحية أخرى، فإن الاضطرابات التي تحصل بقدر معتدل يمكن أن تحسن جودة موائل الملقحات وتوفرها وأن تخلّف بالتالي أثرًا إيجابيًا على تنوع الملحقات (المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، 2016). وعلى سبيل المثال، يبدو أن معظم النحل يفضّل الغابات المفتوحة قليلًا على الغابات المغلقة ولم يظهر أن للتجزئة أثر سلبي على النحل إلّا في الحالات المفرطة (Winfree وآخرون، 2009). ولدى الذباب قدرة على الصمود تفوق تلك الموجودة لدى النحل أو غيره من الملقحات أمام تغير الموائل أو فقدانها، فبعض الأنواع تزداد عددًا عند تغير وجهة استعمال الأرض بينما تنخفض أعداد الأنواع الأخرى (Stavert وآخرون، 2007). وبالتالي، يمكن لإدارة الغابات أن تؤدي دورًا مهمًا في توفير مصدر مستمر للملقحات والحفاظ عليه (Krishnan وآخرون، لم تصدر الدراسة بعد)، ولكن اختيار أفضل التدابير من أجل اتخاذها ليس أمرًا سهلًا ويحتاج إلى مراعاة السياق الأكبر. ويحتمل أن الممارسات من قبيل عمليات القطع الانتقائي والتجديد والاحتفاظ بالخشب الميت والحرائق الموجهة وقص النباتات بشكل غير متواتر التي تولد المزيد من الموائل المتجانسة أن تفيد الملقحات وغيرها من جوانب التنوع البيولوجي في الغابات. ويساعد أيضًا الحفاظ على تنوّع الأزهار المناسبة ووفرتها في أرضية الغابات على دعم تنوّع الملقحات.
وفي حين أنّ الحشرات بين مجموعات الملقحات التي تعيش في أرضية الغابة هي المهيمنة، تفضل الطيور والثديات الغطاء الحرجي. وتحتاج بالتالي إدارة سمات المناظر الطبيعية إلى مراعاة مجموعة الملقحات برمتها. وينبغي الحفاظ على التنوع في أنواع الأشجار التي تلقحها الطيور والثدييات داخل المناظر الطبيعية عن طريق ممارسات الإدارة الفعالة، مثل الإبقاء على الأشجار وغرسها. وعلى سبيل المثال، تبين في البرازيل أن الأشجار توفر منطلقات للطيور الرحيقية في الأراضي الزراعية التي ستكون متجانسة لولا ذلك، ويمكن لمثل هذه المنطلقات أن تسهل تجدد الغابات في المناظر الطبيعية عالية التجزئة (Barros وآخرون، 2019).
وعلى المستوى العالمي، تتخطى الأنواع المعروفة من البكتيريا والفطريات في التربة 000 15 و000 97 على التوالي مقارنة مع 000 20-000 25 نوعًا من الخيطيات و000 21 نوعًا من الأولييات (الحيوانات الأوالية والنباتات الأوالية والعفن) و000 40 نوعًا من السوس (Orgiazzi وآخرون، 2016). غير أنّ هوية معظم الأحياء البيئية في التربة لا تزال مجهولة. وتؤدي الجراثيم في التربة والملقحات التي تعيش في الغابات (الحشرات والخفافيش والطيور وبعض الثدييات) (الإطار 18) وخنافس الأخشاب (الإطار 19) دورًا مهمًا للغاية في الحفاظ على التنوع البيولوجي ووظائف النظام الإيكولوجي الحرجي.
إن خنافس الخشب هي مجموعة من أنواع الحشرات التي تعتمد على الخشب الميت أو فطريات الخشب المتعفّن في فترة من دورة حياتها. وتؤدي خنافس الخشب دورًا مهمًا في عمليات التحلّل وهي بالتالي مهمة من أجل دورة المغذيات في الغابات. وهي أيضًا مصدر للغذاء بالنسبة إلى الأنواع في المستويات الاغتذائية الأعلى، مثل الطيور. ويشكل العديد من الأنواع جزءًا من عملية التلقيح.
وفي منطقة البحر الأبيض المتوسط، توجد مراكز التوطن في جنوب غرب وجنوب شرق أوروبا، وتركيا والشرق الأدنى والمناطق المتنوعة طوبوغرافيًا في شمال أفريقيا (مثل جبال الأطلس). وأهم أنواع الغابات بالنسبة إلى خنافس الخشب هي الغابات التي تسودها أشجار البلوط. ولا تدعم مزارع الصنوبر إلّا عددًا محدودًا من الأنواع – وهي عادة أنواع واسعة الانتشار متجمعة في مجموعات تختلف عن تلك التي توجد في غابات البلوط شبه الطبيعية. ويشكل فقدان الموائل بسبب سقوط الأشجار والرعي المفرط والحرائق أكبر تهديد بالنسبة إلى خنفساء الخشب في غابات البحر الأبيض المتوسط.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة والخطة الزرقاء، 2018.
وتؤدي كذلك الأمر الثدييات والطيور وسواها من الكائنات الحية أدوارًا هامة في تركيبة النظام الإيكولوجي الحرجي بما في ذلك توزيع أنماط الأشجار من خلال أدوارها المباشرة في توزيع البذور وافتراسها والتغذية من النباتات وبصورة غير مباشرة من خلال افتراس هذا النوع من المكونات الإيكولوجية (Beckأ، 2008).
وتوفّر أشجار المانغروف على طول السواحل الاستوائية مواقع للتكاثر وحاضنات للعديد من أنواع الأسماك والمحاريات، وتساعد في منع الترسّبات التي كانت لتؤثر سلبًا لولا ذلك على طبقات الأعشاب البحرية والشعب المرجانية التي تشكل موائل للأنواع التي تحصى من الأحياء البحرية.
تقييم أهمية التنوع البيولوجي الحرجي وسلامته
أهمية التنوع البيولوجي الحرجي. يختلف التنوع البيولوجي الحرجي الطبيعي بشكل كبير وفقًا لعوامل مثل نوع الغابة والجغرافيا والمناخ والتربة. وتظهر دراسة أجراها المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (Hill وآخرون، 2019) كيف أن الطريقة التي تساهم بها هذه العوامل في توزع الثدييات والطيور والبرمائيات وأنواع الصنوبر تختلف حول العالم. ويستعمل هذا التحليل مقاس ندرة الثراء هذه الأنواع (وتم اختيار هذه الأنواع لأنها كانت في ذالك الحين المجموعات الوحيدة التي لها نطاق تقيم شامل)، وذلك استنادًا إلى بيانات مستقاة من القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة؛ وتتضمن هذه البيانات خرائط التوزع المكاني لكل نوع من الأنواع. وتظهر خريطة أهمية التنوع البيولوجي (الشكل 19) أوجه التشابه مع توزع مناطق الطيور المستوطنة والمناطق الساخنة للتنوع البيولوجي (Myresأ، 1990؛ Stattersfield وآخرون، 1998؛ Mittermeier وآخرون، 1998؛ Mittermeier وآخرون، 2004) ولكن بالاستناد إلى العديد من الأنواع الأخرى.
وفي معظم الموائل الحرجية التي تقع في المناطق المعتدلة هناك قيم منخفضة لأهمية التنوع البيولوجي، والسبب في ذلك أن هذه الموائل تدعم عددًا أقلّ من الأنواع مقارنة بالأنواع التي تدعمها موائل المناطق الاستوائية والأنواع التي تدعمها لها توزعات جغرافية أكبر من توزعات المناطق الأخرى في العالم (الشكل 19). وتسجّل في غابات الأراضي المنخفضة الاستوائية الواقعة في حوض الأمازون وحوض الكونغو قيم متوسطة لأهمية التنوع البيولوجي؛ ورغم ثراء هذه الغابات من حيث الأنواع، تظهر الأنواع الموجودة فها توزعات كبيرة في كثير من الأحيان، ولذلك فإن مساهمة أي موقع من المواقع الفردية في التوزع العام لهذه الأنواع هي مساهمة محدودة. أما المناطق التي تظهر أعلى قيم لأهمية للتنوع البيولوجي فهي تلك التي يوجد فيها العديد من الأنواع ذات التوزعات الجغرافية الصغيرة، مثل الغابات الجبلية في جنوب أمريكا وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، وغابات الأراضي المنخفضة في جنوب شرق آسيا الجزري وسواحل البرازيل وأستراليا وأمريكا الوسطى وجزر الكاريبي.
ويبيّن الشكل 20 المواقع التي يمكن لإزالة الموائل الحرجية فيها أن تؤثر بشكل غير متناسب على الأنواع التي تعتمد على الغابات على الصعيد العالمي، وذلك بالاستناد إلى تحليل لأهمية التنوع البيولوجي للغابات في الغطاء الحرجي المفقود من 2000 إلى 2018. وتشمل المواقع الأشدّ أثرًا مدغشقر وأجزاء من شرق البرازيل وأمريكا الوسطى وجنوب شرق أسيا وغرب أفريقيا وأستراليا وشمال نيوزيلندا.
سلامة التنوع البيولوجي الحرجي. يبيّن الشكل 21 سلامة التنوع البيولوجي الحرجي ويوضح آثار تغير الغابات والكثافة السكانية للإنسان على تجمع الأنواع؛ وتم إعداد الشكل بناء على العلاقة المنمذجة بين الضغوط البشرية والتغيرات في تكوين مجموعات الأنواع. وعلى النحو المتوقع، تقل السلامة في المناطق المكتظة بالسكان وذات الاستعمال الزراعي المكثف للأراضي، مثل أوروبا وأجزاء من بنغلاديش والصين والهند وأمريكا الشمالية. وجرى كذلك تحديد جنوب أستراليا وسواحل البرازيل ومدغشقر وجنوب أفريقيا وشمال أفريقيا على أنها مناطق ذات خسائر صارخة على مستوى سلامة التنوع البيولوجي.
تنفيذ المقاييس من أجل تخطيط الحفظ. إن مقاييس أهمية التنوع البيولوجي وسلامته تنطوي على أهمية تكميلية أخرى من أجل سياسات الحفظ وممارساته. ومن المهم حماية المناطق العالية الأهمية لأن فقدانها يزيد من خطر انقراض الأنواع. كما أنه من المهم حماية المناطق العالية السلامة من أجل الحفاظ على عمل النظام الإيكولوجي والإبقاء على قدرة المجموعات على الصمود أمام ضغوطات مثل تغير المناخ، ومن أجل المساعدة على التخفيف من وطأة تغير المناخ (Steffen وآخرون، 2015).
وإنّ تنفيذ طبقتي الأهمية والسلامة (الشكل 22) يسلّط الضوء على المناطق ذات القيم العالية لكلا المقياسين، على سبيل المثال جبال الأنديز الشمالية وأمريكا الوسطى وجنوب شرق البرازيل وأجزاء من حوض الكونغو وجنوب اليابان وجبال الهيميلايا وأجزاء مختلفة من جنوب شرق آسيا وغينيا الجديدة (الشكل 23). وتتميز المناطق الأخرى بوجود قيم عالية بالنسبة إلى مقياس واحد دون الآخر. وعلى سبيل المثال، تسود أوروبا مناطق كبيرة تتميز بسلامة تنوعها البيولوجي في الشمال الشرقي ومناطق ذات أهمية عالية للتنوع البيولوجي في الجنوب (الشكل 23دال).
وتوفر عمليات التنفيذ هذه معلومات تتعلق بتخطيط الحفظ. وعلى سبيل المثال، قد تكون المناظر الطبيعية ذات الأهمية العالية والسلامة المنخفضة أهدافًا مناسبة في ما يخص جهود الإعادة إلى الهيئة الأصلية. وفي المناظر الطبيعية ذات السلامة العالية والأهمية العالية على السواء هناك كثافة عالية نسبيًا من الأنواع المحلية المحدودة جغرافيًا، ولذلك قد يكون من المهم حمايتها عن طريق استجابات سياساتية واسعة النطاق أو تدابير حفظ على نطاق الموقع، مثل تحديد المناطق المحمية. وإن الغطاء الحرجي للمناطق المحمية مرتفع نسبيًا بالفعل في المناطق الإيكولوجية المقابلة (أنظر الفصل السادس- الحفظ والاستعمال المستدام للغابات وتنوعها البيولوجي)، ولكن عندما لا تكون هذه المناطق خاضعة بالفعل للحماية ينبغي اعتبارها أولويات لتوسع المناطق المحمية؛ وعلى سبيل المثال، الغابات الجبلية في جبال الأنديز الشمالية.
وتتعلق أيضًا النتائج التي تم تسليط الضوء عليها هنا بالسياسات الدولية والوطنية، بما في ذلك الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية بشأن التنوع البيولوجي في إطار اتفاقية التنوع البيولوجي. وإضافة إلى ذلك، يمكن الاستفادة من وضع الخرائط لأهمية التنوع البيولوجي في الغابات أو سلامته المفقودين على مر الزمن في تتبّع التقدّم المحرز نحو تحقيق الأهداف والمقاصد مثل الهدف 5 من أهداف آيتشي (فقدان الموائل وتدهورها) والهدف 11 من أهداف آيتشي (المناطق ذات الأهمية للتنوع البيولوجي) والهدف 12 من أهداف آيتشي (منع انقراض الأنواع المهددة بالانقراض وتدهورها). ويمكن أيضًا للبيانات الخاصة بفقدان الغابات والمرتبطة بالتنوع البيولوجي أن تنير التخطيط الوطني للحد من إزالة الغابات وتدهورها، فضلاً عن الاسترشاد بها في السياسات الاستثمارية.
وسيتسنى في وقت قريب وضع الأدوات التي تجمع بين بيانات الاستشعار عن بُعد والخوارزميات من أجل إظهار مناطق فقدان الغابات وعواقب فقدانها على التنوع البيولوجي في الوقت شبه الحقيقي، مما سيتيح المجال أمام إجراء استجابات وتدخلات سريعة على الأرض. ولهذه الغاية، أُدرجت طبقة أهمية التنوع البيولوجي وسلامته وطبقة التنوع البيولوجي ضمن منصة الرصد العالمي للغابات (www.globalforestwatch.org).
قياس توجهات مجموعة الفقاريات الحرجية
تستعمل بشكل عام العمليات العالمية لوضع الأهداف ورصد التقدم قياسات تستند إلى مساحة الغابات كمؤشرات بديلة للتنوع البيولوجي الحرجي؛ وعلى سبيل المثال، يركز الهدف 5 من أهداف آيتشي على خفض معدّل فقدان الغابات والموائل الطبيعية الأخرى إلى النصف بحلول عام 2020. ولكنّ دراسة حديثة (Green وآخرون، 2019أ وب) تشكك في ما إذا كانت التغيرات في مساحة الغابات هي مؤشرات بديلة موثوقة بشأن توجهات مجموعة الفقاريات الحرجية. واستعملت الدراسة بيانات السلاسل الزمنية للوفرة المستقاة من قاعدة البيانات Living Planet Database (جمعية علوم الحيوان في لندن والصندوق العالمي للطبيعة، 2014) في ما يخص 668 1 مجموعة من الفقاريات التي تعيش في الغابات من أجل تقييم الأثر الممكن للتغيرات في الغطاء الشجري على مجموعات الفقاريات الحرجية. واستُعلمت صور الأقمار الاصطناعية من أجل تقييم التغيير في الغطاء الشجري خلال الفترة 2016-1982. وقد جرى تكرار التحليل لمجموعات بلغ عددها 175 مجموعة من "الأنواع الخاصة بالغابات"، وهي أنواع توجد في الغابات فقط دون أي نظام إيكولوجي آخر.
وعندما اعتمدت التحليلات مجموعة البيانات برمتها، لم تظهر علاقة إحصائية وطيدة بين التغير في الغطاء الشجري والتغيرات في مجموعات أنواع الفقاريات التي تعيش في الغابات أو الخاصة بها. ولذلك، يبدو أنه على الصعيد العالمي لا تستجيب مجموعات الفقاريات الحرجية بطريقة مستمرة إلى التغير في الغطاء الشجري في المناطق المجاورة لها. ولا تظهر المناطق التي كسبت غطاء شجريًا بالضرورة تعافيًا من حيث الجوانب الأخرى للتنوع البيولوجي، وربما يعود السبب في ذلك إلى الضغوط التي لا تتعلق بفقدان الموائل. ولكن على الصعيد المحلي، كانت العلاقة الإحصائية واضحة في حالات محددة. وتبيّن أن قيم التوفر السنوية بخصوص 40 نوعًا من أصل 175 نوعًا من مجموعات الأنواع الخاصة بالغابات ترتبط ارتباطًا إيجابيًا بالتغيرات في الغطاء الشجري أو لا ترتبط به، بينما كانت الأنواع الأخرى ترتبط ارتباطًا سلبيًا بتغيرات الغطاء الشجري أو لا ترتبط به. وقد سُمح بالتخلف الزمني بين التغير في الغطاء الشجري والتغير في المجموعات، والسبب في ذلك أن الفقاريات الحرجية يمكن أن تستغرق سنوات عديدة كي تستجيب للتغيرات في موائلها. وتشير أيضًا المؤلفات المعتمدة لبيانات هذه المجموعات الخاصة بالغابات إلى عوامل أخرى تدفع حجم مجموعات الأنواع على الصعيد المحلي (أنظر المثال الوارد في الإطار 20)، مما يثبت أنه من غير المناسب اعتماد التغيرات في الغطاء الحرجي كوسيلة مساعدة وحيدة في ما يخص التغيرات في مجموعات الفقاريات.
أسس منتزه سانتا روسا الحرجي الوطني في كوستاريكا في عام 1971 على أراضٍ مستصلحة كانت مزارع لتربية المواشي. ومنذ نشأته في عام 1971، يخضع المنتزه للحماية من الصيد والمؤثرات البشرية وقطع الأشجار، ونتج عن ذلك عودة المراعي السابقة إلى الغابة.
وأظهر الرصد الطويل الأجل استعادة قردة العواء المغطى (Alouatta palliata) وقردة الكبوشي البيضاء الوجه (Cebus capucinus) لمجموعاتها المرتبطة بإعادة إنشاء الغابات ( الشكل ألف)، ولكنّ الرصد أظهر أيضًا عوامل أخرى تؤثر على حجم المجموعات إلى جانب مساحة الغابة وظروفها (Fedigan وJackا، 2012؛ وGreen وآخرون، 2019أ). ويمكن لقردة الكبوشي أن تعيش في البقع الحرجية الجديدة نوعًا ما، وأظهر أحدث مسح جرى في منتزه سانتا روسا أن المجموعة قد نمت على نحو مستمر منذ ثمانينات القرن الماضي. ولكنّ قردة العواء تفضل الغابات الأكثر نضجًا (التي يكون عمرها 60 عامًا على الأقل)، ويفيد مستوى المجموعة منذ تسعينات القرن الماضي بأن المجموعة قد وصلت إلى طاقتها المحتملة الحالية في المنتزه الوطني.
ويوجد أيضًا في منتزه سانتا روسا سعدان جيفري العنكبوتي (Ateles geoffroyi) ولكن في البقع القديمة الواسعة من الغابة فقط (أي التي يتراوح عمرها بين 100 و200 عامًا على الأقل). وقد يستغرق الأمر عقودًا عديدة قبل أن تستجيب مجموعات هذه الأنواع إلى الزيادة في الغطاء الحرجي ونضوج الأشجار.
وضع مؤشر للأنواع الخاصة بالغابات. كجزء من الدراسة التي تتناول التنوع البيولوجي للفقاريات الحرجية ووردت مناقشتها أعلاه، وضع Green وآخرون (2019أ) مؤشرًا للأنواع الخاصة بالغابات كمؤشر عالمي محتمل لتوجهات التنوع البيولوجي تحت الغطاء الحرجي. وقد أُعد المؤشر عن طريق استنباط المعلومات بشأن الأنواع الخاصة بالغابات من مؤشر الكوكب الحي (جمعية علوم الحيوان في لندن والصندوق العالمي للطبيعة، 2014)، ويتتبع هذا الدليل متوسط التغير في وفرة الآلاف من مجموعات الفقاريات حول العالم. وتعيش نسبة 75 في المائة تقريبًا من الأنواع الخاصة بالغابات في الغابات الاستوائية، وهي الغابات التي تسجل أكبر تنوع بيولوجي في العالم.
وانخفض مؤشر الأنواع الخاصة بالغابات بنحو 53 في المائة بين عامي 1970 و2014 من القيمة الأولية البالغة 1.0 إلى قيمة مؤشر تبلغ 0.47 (الشكل 24)، ويشير ذلك إلى أن 455 مجموعة من الأنواع المراقبة الخاصة بالغابات مجتمعة قد انخفضت في المتوسط إلى أقل من نصف عددها خلال الفترة المذكورة. وتبلغ نسبة الانخفاض السنوية 1.7 في المائة. وكانت النتيجة متماثلة لدى الثدييات والبرمائيات والزواحف ولكنها كانت أقل لدى الطيور، ولا سيما الطيور التي تعيش في الغابات المعتدلة. وكانت ذروة انخفاض المؤشر بين عامي 1970 و1976، وبعد ذلك تباطأ معدل الانخفاض. وفي السنتين الأخيرتين من الفترة نفسها، كان عدد الأنواع المتزايدة يفوق عدد الأنواع الآخذة في الانخفاض. ولكنه من غير المؤكد ما إذا كانت الطفرة علامة تحسن مهم طويل الأجل في وفرة الأنواع الخاصة بالغابات نظرًا إلى أن جميع حالات التحسن السابقة كانت تعقبها انخفاضات. وأظهرت فرادى الأنواع مزيجًا من التوجهات الإيجابية والمستقرة والسلبية في الغابات الاستوائية والمعتدلة على السواء. وقد طغت التوجهات السلبية في الغابات الاستوائية والتوجهات الإيجابية في الغابات المعتدلة.
ويمكن لمؤشر الأنواع الخاصة بالغابات أن يكون مفيدًا من أجل استكمال المؤشرات الحالية في عملية رصد التقدم المحرز نحو تحقيق الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة والإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 التابع لاتفاقية التنوع البيولوجي وأهداف اتفاق باريس. وطرحت شراكة مؤشرات التنوع البيولوجي (2018) هذا المؤشر بوصفه وسيلة لقياس التقدّم المحرز لتحقيق أهداف آيتشي 5 و7 و12.
آثار صيد الأحياء البرية على التنوع البيولوجي في الغابات. يشكل صيد الأحياء البرية غير المستدام أحد المحركات الرئيسية لفقدان التنوع البيولوجي، ويأتي في المرتبة الثانية مباشرة بعد الزراعة (Maxwell وآخرون، 2016) (أنظر أيضًا الفصل الخامس- عكس اتجاه إزالة الغابات وتدهورها). ويقدر تحليل عالمي شامل لمعلومات التهديد بالانقراض بالنسبة إلى 688 8 نوعًا من الحيوانات الموجودة على القائمة الحمراء للأنواع المهدّدة بالانقراض التي وضعها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، 2019أ) أن الوفرة النسبية للثدييات والطيور الاستوائية في المناطق الخاضعة للصيد كانت أقل بنسبة 83 و58 في المائة، على التوالي، مما هي عليه في المناطق التي لا يوجد فيها صيد (Benítez-López وآخرون، 2017). ويهدد الصيد بشكل مباشر ما يقارب 20 في المائة من الأنواع المذكورة في القائمة الحمراء المهددة بالانقراض (المهددة بشدة بالانقراض والمهددة بالانقراض والمعرضة للخطر) وشبه المهددة بالانقراض (Maxwell وآخرون، 2016)، بما في ذلك أكثر من 300 نوع من الثدييات (Ripple وآخرون، 2016). وتتعرض لخطر الصيد أيضًا الأنواع الكبيرة الحجم وذات معدلات تكاثر منخفضة وفترات جيل طويلة (Ripple وآخرون، 2015)؛ ونتيجة لذلك، توجد في تجمعات أنواع الفقاريات نسبة عالية من الأنواع الصغيرة، مثل الفئران والطيور والسناجب. وتحت ضغط الصيد المفرط، يمكن أن تصل الغابات في النهاية إلى مرحلة تكون فيها الأشجار منتصبة والثدييات غائبة – وهي ظاهرة تسمى "متلازمة الغابات الخاوية" (Redforأ، 1992). وأكثر الحيوانات التي تُصاد عادة في الغابات الاستوائية هي الأنواع التي تعيش على الفواكه، ويمكن أن يؤدي انخفاض أعداد هذه الأنواع أو الطيور الكبيرة وبعض الأسماك في غابات السهول الفيضية وانقراضها إلى آثار كبيرة على انتشار الحبوب وبقائها وتجدد الغابات (Galetti وآخرون، 2008؛ Peres وآخرون، 2016؛ وGardner وآخرون، 2017). وبالتالي، في المناطق التي تحتوي على نسبة كبيرة من أنواع الأشجار ذات البذور الكبيرة والمنتشرة عن طريق الحيوانات، مثل أفريقيا وآسيا والمناطق الاستوائية الجديدة، يمكن أن يؤدي انخفاض أعداد الفقاريات أو فقدانها إلى انخفاض في تنوع أنواع الأشجار (Poulsen وClark وPalmerأ، 2013؛ وBello وآخرون، 2015؛ وOsuri وآخرون، 2016). ومن ناحية أخرى، يمكن في العديد من البلدان ذات الغطاء الحرجي العالي أن يكون الصيد مصدرًا للدخل ونشاطًا ترفيهيًا مهمًا، وبالتالي حافزًا للحفاظ على الغابات (على سبيل المثال، Reimoserأ، 2000؛ وBengston وButler وAsahأ، 2008) (أنظر القسم الذي يتناول الصيد المستدام وإدارة الأحياء البرية في الفصل السادس، الصفحة 130).أ
الموارد الوراثية الحرجية هي المواد الموروثة من أشجار الغابات وغيرها من أنواع النباتات الخشبية (الشجيرات والنخيل والخيزران) ذات القيمة الاقتصادية أو البيئية أو العلمية أو الاجتماعية الفعلية أو المحتملة (منظمة الأغذية والزراعة، 2014ب). وقام أول تقرير على الإطلاق عن حالة الموارد الوراثية الحرجية في العالم (منظمة الأغذية والزراعة، 2014أ) بجمع معلومات من 86 بلد مبلّغ، وتشكل هذه البلدان نسبة 85 في المائة من المساحة الحرجية العالمية. وأفادت هذه البلدان عما يقارب000 8 نوع من الأشجار والشجيرات والنخيل والخيزران، ويخضع 400 2 نوع منها تقريبًا للإدارة الفعلية من أجل المنتجات أو الخدمات الحرجية.
وبلغ العدد الإجمالي للأنواع التي تم الإبلاغ عن حفظها في الموقع 000 1 نوع تقريبًا، والأنواع التي تُحفظ خارج الموقع 800 1 نوع تقريبًا (أنظر الإطار 21 للاطلاع على مناقشة بشأن المنافع النسبية لكل نوع من نوعي الحفظ). ويجري حفظ الموارد الوراثية الحرجية في الموقع خارج المناطق المحمية في معظم الأحيان، وذلك في مجموعة من الأراضي العامة والخاصة والمملوكة تقليديًا، ولا سيما في الغابات التي تجري إدارتها من أجل الاستعمالات المتعددة. ويُرجح أنه قد تم الإبلاغ عن حفظ الأنواع خارج الموقع أكثر من حفظها في الموقع لأن جهود الحفظ خارج الموقع موثقة على نحو أفضل من جهود النوع الآخر. وتفسر البلدان أيضًا الحفظ في الموقع على نحو مختلف. فمجرد وجود نوع ما في منطقة محمية قد يبلغ عنه في بعض الأحيان على أنه حفظ في الموقع، مع أن المناطق المحمية تؤسس عادة من أجل حفظ الموائل أو الأحياء البرية لا لحفظ الموارد الوراثية الحرجية.
في ظلّ تطوّر الاحتياجات الاجتماعية وتغير المناخ، يتسم النهج الديناميكي وفي الموقع بأهمية حاسمة من أجل تحقيق الحفظ على المدى الطويل للموارد الوراثية الحرجية. أما الحفظ خارج الموقع فهو في معظم الأحيان جامد، أو يقوم على حفظ وإدارة العينات المجمّعة للتنوع الوراثي كالأنسجة أو البذور، أو أنه يتم في مجموعات حية.
ويجري عادة حفظ الموارد الوراثية الحرجية خارج الموقع في الغابات الطبيعية الخاضعة للإدارة أو في المناطق المحمية عن طريق تحديد المجموعات أو الوحدات الحرجية الخاصة للحفظ والمخصصة لهذه الغاية (منظمة الأغذية والزراعة ومركز دانيدا للبذور الحرجية والمعهد الدولي للموارد الوراثية النباتية، 2001). ويمكن لهذه الوحدات أن تستوعب مجموعات حفظ تتكون من نوع واحد أو أكثر من أنواع الأشجار. وعند الاقتضاء، تطبق العلاجات الحرجية من أجل الإبقاء على العمليات الوراثية أو تحسينها في عشائر الأشجار وضمان تجدّدها. وفي وضع مثالي، ينبغي أن تغطي شبكة وحدات الحفظ هذه نطاق توزع نوع ما من الأشجار برمته. وإضافة إلى نطاق توزع الأنواع، فإن المعلومات عن البيولوجيا التناسلية لهذه الأنواع وخصائصها الوراثية وجهود الحفظ الحالية ضرورية من أجل تقييم فعالية الاستراتيجيات الراسخة التي ترمي إلى المحافظة الوراثية ومن أجل تحديد الثغرات الموجودة في هذه الجهود (على سبيل المثال، Lompo وآخرون، 2017).
وإن حفظ المواد الوراثية الحرجية خارج الموقع (مثل بنك البذور والمستنبتات والتجارب بحسب الأصل الجغرافي والحدائق النباتية) يجري تنفيذه في كثير من الأحيان على سبيل استكمال الحفظ في الموقع، ولا سيما عندما يكون حجم العشيرة صغير بشدّة في المناطق البرية أو عندما لا يمكن ضمان الحفظ في الموقع. ويتّسم الحفظ خارج الموقع بالسهولة نسبيًا في بنوك البذور في ما يتعلق بالبذور التي تُبقي على حيويتها عند تجفيفها وتخزينها في درجات حرارة منخفضة. ومع ذلك، لا يمكن استعمال هذا الأسلوب مع أنواع الأشجار التي تفتقر إلى طور السكون وتتأثر بالتجفيف ودرجات الحرارة المنخفضة، وهذا هو حال أكثر من 70 في المائة من أنواع الأشجار في المناطق الاستوائية الرطبة. ويجب أن يعتمد حفظ هذه الأنواع خارج الموقع على المجموعات الحقلية والمجموعات الحرجية للحفظ خارج الموقع ومجموعات الإكثار (Sacande وآخرون، 2004). وبالنسبة إلى هذه الأنواع، يمكن استعمال نُهج أكثر تعقيدًا من الناحية التقنية مثل حفظ البذور بالتجميد وحفظ الأنسجة خارج النبات الحي وتخزين حبوب اللقاح وتخزين الدنا (منظمة الأغذية والزراعة والمركز الدانماركي للغابات والمناظر الطبيعية والمعهد الدولي للموارد الوراثية النباتية، 2004).
ويعتمد التجدد الطبيعي على المواد الوراثية المتاحة بسهولة في موقع ما أو في جواره، بينما تنطوي زراعة الأشجار عادة على استعمال المواد الوراثية المستخرجة من مصادر خارجية. وبما أن الدورة الزراعية لغابة ما يمكن أن تستغرق عدة عقود أو حتى أكثر من 100 عام، فمن المهم التأكد من أن أصل المادة الوراثية المجلوبة يناسب الظروف البيئية في الموقع، وأن المادة تحتوي على ما يكفي من تنوع وراثي كي تتيح للغابة الجديدة التغلب على الظروف الجوية المتغيرة وربما الآفات والأمراض.
وعند إنشاء غابة طبيعية أو مزروعة، يمكن أن تؤثر التدخلات لإدارة الغابات اللاحقة تأثيرًا عميقًا في تكوينها الوراثي. ويتوقف مدى هذه الآثار على الممارسات المحددة لإدارة الغابات وهيكلية المجموعات الحرجية والخصائص البيولوجية والخصائص الإيكولوجية للأنواع (Ratnam وآخرون، 2014).
ويندرج حول العالم أكثر من 700 نوع ضمن برامج تحسين الأشجار مع التركيز بشكل كبير على السمات ذات المصالح التجارية، مثل النمو وخصائص الخشب وقدرة مقاومة الآفات والأمراض وتحمّلها. ولكن في الآونة الأخيرة، يجري النظر بشكل متزايد في السمات المتعلقة بتغير المناخ مثل المرونة وتحمل الجفاف في برامج تربية الأشجار (منظمة الأغذية والزراعة، 2014ب).
وعلى الصعيد العالمي، لا تزال إمدادات المواد الوراثية للأشجار الخاصة بإنتاج غراس الأصل تستند بشكل كبير إلى البذور غير المحسّنة التي يتم جمعها من المجموعات الحرجية، ولكنّ مصدر المواد الوراثية للأشجار وإنتاج هذه المواد يختلف اختلافًا كبيرًا بين المناطق والبلدان. ومن جهة، فإن معظم الشتلات المغروسة في القطاع الحرجي هي شتلات من بذور محسنة؛ ومن جهة أخرى، يعود أصل جميع البذور تقريبًا إلى الغابات الحالية أو المزارع غير معروفة الأصل أو حتى فرادى الأشجار الموجودة في المناظر الطبيعية الزراعية (منظمة الأغذية والزراعة، 2014ب). وإن إمدادات البذور للأشجار الشمالية والمعتدلة وشبه الاستوائية والاستوائية السريعة النمو تلبي الطلب في معظم الأحيان من أجل إنشاء غابات جديدة؛ ولكن إمدادات البذور في ما يخص العديد من أشجار الخشب الصلب الاستوائية العالية القيمة والأشجار المستعملة في نظم الحراجة الزراعية لم تكن كافية من أجل تلبية الاحتياجات في كثير من الأحيان (Koskela وآخرون، 2014). وفي الآونة الأخيرة، أحدثت جهود استعادة الغابات الآخذة في الازدياد طلبًا كبيرًا على بذور أنواع الأشجار المحلية، وتواجه العديد من مشاريع الاستعادة بالفعل مشاكل في الحصول على الكمية الكافية من البذور ذات النوعية الفيزيولوجية والوراثية الجيدة من أجل تلبية احتياجات هذه الجهود (Jalonen وآخرون، 2017).
وفي عام 2019، باشرت منظمة الأغذية والزراعة إعداد التقرير الثاني عن حالة الموارد الوراثية الحرجية في العالم المزمع إصداره في عام 2023. ومن المتوقع أن يزيد التقييم العالمي الثاني الوعي بشأن الثغرات القائمة على صعيد المعرفة وأن يسلط الضوء على أهمية الحصول على معلومات وبيانات أفضل بشأن الموارد الوراثية الحرجية بغية تحسين إدارة هذه الموارد على الصعد الوطنية والإقليمية والعالمية (أنظر المثال الوارد في الإطار 22).
إن حدائق الحراجة الزراعية هي نظم تقليدية لاستعمال الأراضي في أجزاء عديدة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتقوم الأشجار التي يحتفظ بها المزارعون في هذه الحدائق بإمداد المجتمعات الريفية بالفواكه والخضار والثمار الجوزية البرية، لا سيما بين فترات حصاد المحاصيل وخلال فترات الجفاف الممتدة. وللأسف، فإن العديد من أنواع الأشجار المثمرة تواجه تهديدات تتعلق بالاستغلال المفرط والحرائق وتغيّر المناخ.
وبغية تحسين حفظ الموارد الوراثية لأنواع الأشجار هذه في بوركينا فاسو، طور العلماء في المنظمة الدولية للتنوع البيولوجي والمتعاونون معهم نموذجًا مكانيًا واضحًا متعدد التهديدات من أجل التنبؤ بالأماكن حيث يحتمل أن يكون للتهديدات الحالية والمستقبلية آثارًا سلبية على عشائر الأشجار (Gaisberger وآخرون، 2017)1. واستهدفت الدراسة 16 نوعًا من الأشجار المثمرة بناء على أهميتها بالنسبة إلى النظام الغذائي للمجتمعات المحلية وتوفر البيانات بشأن وجودها (وهو أمر أساسي من أجل تطوير نماذج التوزيع المكانية)، وهذه الأنواع هي: الباأوباب (Adansonia digitata) وفصيلة القشديات الأفريقية (Annona senegalensis) وتمرة الصحراء (Balanites aegyptiaca) وشجر القابوق الأحمر (Bombax costatum) والهانزا (Boscia senegalensis) والديتار السنغالي (Detarium microcarpum) والعنب الأفريقي (Lannea microcarpa) وشجر الخرنوب الأفريقي (Parkia biglobosa) وشجر االصمغ العربي (Senegalia macrostachya) وأكاسيا السنغال (Senegalia senegal) وشجر المارولا (Sclerocarya birrea) والإسطركن الشوكي (Strychnos spinosa) والتمر هندي (Tamarindus indica) وشجر زبدة الكريتة (Vitellaria paradoxa) وشجر الصندل الكاذب (Ximenia americana) والسدر الهندي (Ziziphus mauritiana). وتتّسم بعض هذه الأنواع بنطاق توزيع كبير (مثل شجر الخرنوب الأفريقي Parkia biglobosa) وتوفر الأنواع الأخرى منتجات عديدة صالحة للأكل (مثل ورق الباأوباب Adansonia digitata وبذره ولبه).
ويحدّد النموذج الموائل الملائمة للأنواع في ظل الظروف الحالية والمستقبلية عن طريق الجمع بين المعلومات المستنبطة من مجموعات البيانات المتاحة بحرية ونماذج توزيع الأنواع والنماذج المناخية ونتائج الدراسات الاستقصائية التي أجراها الخبراء. ومن بين التهديدات الستة الرئيسية المحددة، يعتبر الاستغلال المفرط وتحويل الأراضي إلى أراضٍ لإنتاج القطن التهديدان الأهم على المدى القصير، في حين يعتبر تغيّر المناخ التهديد السائد على المدى الطويل بالنسبة إلى 14 إلى 16 نوعًا من الأشجار التي تناولها البحث. وكشفت الدراسة أيضًا أن الأنواع الستة عشر جميعها معرضة لتهديدات خطيرة في معظم مواقعها في شتى أنحاء بوركينا فاسو، مما يشير إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل حفظ الأنواع ومواردها الوراثية في البلاد.
وتتيح مراقبة التزامن بين التنوع الوراثي العالي لنوع من الأنواع ومستويات التهديد العالية تصميم إجراءات الحفظ على نحو أكثر فعالية واستعمال الموارد المحدودة من أجل الحفاظ على التنوع الوراثي لعشائر الأشجار في شتى نطاقات توزع الأنواع. وعلى سبيل المثال، يتعرض شجر الخرنوب الأفريقي لتهديد شديد بسبب الاستغلال المفرط في الجزء الأوسط من بوركينا فاسو (الشكل ألف أ). وبالتالي، ينبغي تعزيز الحماية والتجدد الطبيعي المدعوم في ذلك القسم من البلاد بما أن الأنواع تنمو في مناطق ستستمر فيها ملاءمة الظروف المناخية المتوقعة في المستقبل. ويتعرض شجر الخرنوب الأفريقي الواقع على طول الحدود الشمالية لنطاق النوع إلى تهديد شديد بسبب تغيّر المناخ (الشكل ألف ب)، وقد تفقد موارد البذور في هذه المنطقة القيّمة إن لم يتم جمع البذور من أجل غرسها في مناخات أكثر ملاءمة وحفظها خارج الموقع. وتتيح دراسة واسعة النطاق بشأن تحديد الأنماط الوراثية معلومات هامة عن التركيب الوراثي المكاني لعشائر شجر الخرنوب الأفريقي في شتى أنحاء غرب أفريقيا (Lompo وآخرون، 2018). وبالإمكان، من خلال مقارنة خرائط التهديدات المكانية الواضحة المأخوذة من دراسة Gaisberger وآخرين (2017) وخريطة التنوع الوراثي في بوركينا فاسو المأخوذة من دراسة Lompo وآخرين (2018) (الشكل باء)، تحديد عشائر الأشجار المتميزة وراثيًا التي تتعرض للتهديد وتستحق أن تحظى بالأولوية في الجهود الرامية إلى الحفظ. ويمكن الاسترشاد أيضًا بهذه المعلومات في الجهود الرامية إلى غرس الأشجار.
لقد كان التقدم المحرز بطيئًا نحو تحقيق الهدف 12 من أهداف آيتشي بشأن منع انقراض الأنواع المعروفة المهددة بالانقراض وتحسين وإدامة حالة حفظها.
ويلخص الجدول 3 مدى التعرض للخطر في ما يخص النباتات والحيوانات والفطريات التي تعيش في الغابات وجرى تقييمها في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (2019أ) في تاريخ ديسمبر/كانون الأول 2019.
ويظهر المؤشر العالمي للكوكب الحيّ، الذي احتُسب باستعمال بيانات تتعلق بما مجموعه 704 16 مجموعات تمثل 005 4 أنواع خضعت للمراقبة في جميع أنحاء العالم، تراجعًا عامًا بنسبة 60 في المائة في حجم مجموعات الفقاريات بين عامي 1970 و2014 (الصندوق العالمي للطبيعة، 2018). وانخفض مؤشر الأنواع الخاصة بالغابات، الذي وُضع على هذا الأساس، بنسبة 53 في المائة بين عامي 1970 و2014 (الشكل 24، الصفحة 48)، مسلطًا الضوء على الخطر المتزايد بتعرض 268 نوعًا من الفقاريات الحرجية للانقراض.
وكان التقدم المحرز أكثر إيجابية نحو تحقيق الهدف 13 من أهداف آيتشي (الحفاظ على التنوع الجيني للنباتات المزروعة وحيوانات المزارع والحيوانات الأليفة والتنوع الجيني للأقارب البرية) والهدف 16 من أهداف آيتشي (تنفيذ بروتوكول ناغويا للحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها). واعتبارًا من يناير/كانون الثاني 2020:
صادق على بروتوكول ناغويا 122 طرفًا متعاقدًا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي (زيادة بنسبة 74 في المائة مقارنة بعام 2016) (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2020أ)؛
وقدّم 95 بلدًا إضافة إلى الاتحاد الأوروبي تقريرًا وطنيًا مؤقتًا بشأن تنفيذ بروتوكول ناغويا إلى مركز تبادل المعلومات عن الحصول على الموارد وتقاسم منافعها (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2020ب)؛
وأفادت 44 من البلدان التي قدمت التقارير المرحلية في عام 2018 عن تحقيقها في المتوسط ثلثي نقاط العمل الواردة في خطة العمل العالمية لصون الموارد الوراثية الحرجية واستخدامها المستدام وتنميتها (الإطار 23)؛
تحدّد خطة العمل العالمية لصون الموارد الوراثية الحرجية واستخدامها المستدام وتنميتها (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، 2014ب)، وهي خطة عمل طوعية وغير ملزمة اعتمدها مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة في عام 2013، أربعة مجالات عمل ذات أولوية على الصعد الوطنية والإقليمية (أنظر الإطار 24 ادناه) والعالمية من أجل تعزيز إدارة الموارد الوراثية الحرجية، وهذه المجالات هي:
◂ تحسين توافر المعلومات بشأن الموارد الوراثية الحرجية والحصول عليها؛
◂ وصون الموارد الوراثية الحرجية في الموقع وخارجه؛
◂ واستخدام الموارد الوراثية الحرجية استخدامًا مستدامًا وتطويرها وإدارتها؛
◂ والسياسات والمؤسسات وبناء القدرات.
وفي عام 2017، اعتمدت هيئة الموارد الوراثية للأغذية والزراعة غايات ومؤشرات وأدوات تحقق للموارد الوراثية الحرجية التي ستُستعمل في رصد تنفيذ خطة العمل العالمية. ويمكن استعمال الغايات والمؤشرات أيضًا من أجل رصد التقدم المحرز نحو تحقيق الهدف 13 من أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي (وهدفًا محتملًا جديدًا يحلّ محله لفترة ما بعد عام 2020)، وكذلك الغايات ذات الصلة لأهداف التنمية المستدامة.
وفي 2018، قدّم 44 بلدًا تقارير مرحلية استعانت بها منظمة الأغذية والزراعة من أجل إعداد التقرير الأول بشأن تنفيذ خطة العمل العالمية (هيئة الموارد الوراثية للأغذية والزراعة، 2019). ومع أن مستوى الاستجابة لم يكن عاليًا بالقدر الكافي من أجل التوصل إلى استنتاجات شاملة بشأن التقدم الذي أحرزته البلدان في تنفيذ خطة العمل العالمية، لكن بالإمكان إبداء بعض الملاحظات:
◂ حققت البلدان التي قدمت التقارير، في المتوسط، 67 في المائة من نقاط العمل الواردة في الخطة وشرعت في الاضطلاع بجهود لنسبة 10 في المائة إضافية.
◂ وحققت أربعة بلدان فقط من أصل 44 بلدًا قدّم تقارير نقاط العمل الخمس عشرة جميعها.
◂ يفتقر العديد من البلدان إلى الموارد البشرية والمالية من أجل الاضطلاع ببرامج حفظ لجميع الأنواع الحرجية الهامة والمفيدة وتقديم تقارير بشأن هذه البرامج، ولا سيما في ما يخص الأنواع المهدّدة والمهدّدة بالانقراض والنادرة.
وعززت استراتيجية البلدان الأوروبية التعاون الإقليمي من أجل حفظ الموارد الوراثية الحرجية في أوروبا (الإطار 24)؛
لدى العديد من أنواع الأشجار نطاقات توزيع تمتد عبر مناطق جغرافية واسعة ذات اختلافات بيئية كبيرة. وكثيرًا ما تضمّ هذه النطاقات العديد من البلدان التي تختلف في ممارسات إدارة الغابات وأنماط الملكية وهياكل الإدارة. ولهذه الأسباب، كثيرًا ما تختلف إدارة الموارد الوراثية الحرجية وحفظها اختلافًا كبيرًا في نطاقات توزيع الأنواع.
ولطالما كانت الجهود الرامية إلى حفظ التنوع الوراثي لأنواع الأشجار الأوروبية في الموقع وإلى وضع استراتيجيات إقليمية للمحافظة الوراثية لأشجار الغابات يعوقها اختلاف الأفكار في البلدان بشأن طريقة إدارة عشائر الأشجار أو المجموعات الحرجية المخصّصة للحفظ، إضافة إلى التوثيق غير الكافي.
وبغية معالجة هذه المشكلة، قام البرنامج الأوروبي للموارد الوراثية الحرجية (البرنامج الأوروبي للموارد الوراثية الحرجية، www.euforgen.org)، وهو آلية تعاونية في إطار عملية المؤتمر الوزاري لحماية الغابات في أوروبا (المؤتمر الوزاري لحماية الغابات في أوروبا، من دون تاريخ محدد)، بوضع متطلّبات الحد الأدنى المشتركة بشأن وحدات المحافظة الوراثية لأشجار الغابات التي تضع معايير بشأن الطريقة التي ينبغي من خلالها توثيق الوحدات وإدارتها (Koskela وآخرون، 2013). وتمّ جمع بيانات جغرافية المرجع بشأن هذه الوحدات في نظام المعلومات الأوروبي بشأن الموارد الوراثية الحرجية (نظام المعلومات الأوروبي بشأن الموارد الوراثية الحرجية، http://portal.eufgis.org)، بما مكّن من تحديد الثغرات الموجودة في جهود الحفظ عل الصعيدين الوطني والإقليمي (Lefèvre وآخرون، 2013) وتقييم آثار تغيّر المناخ المتوقعة على وحدات المحافظة الوراثية لأشجار الغابات في أوروبا (Schueler وآخرون، 2014).
واستنادًا إلى هذه المعلومات، أعدّ البرنامج الأوروبي للموارد الوراثية الحرجية استراتيجية للبلدان الأوروبية من أجل حفظ الموارد الوراثية الحرجية (de Vries وآخرون، 2015). وخلال هذه العملية، جرى تحديد هدف الحفظ الأدنى على الصعيد الإقليمي بخصوص كل نوع من أنواع الأشجار من خلال تقسيم نطاق توزّعه إلى مناطق جغرافية أصغر حسب البلد وحسب المناطق البيئية الثماني الرئيسية في أوروبا. وتهدف الاستراتيجية إلى توفير ما لا يقلّ عن وحدة محافظة واحدة لكل منطقة بيئية يوجد فيها نوع معين مستوطن في بلد ما؛ ويوفر ذلك تغطية منهجية لكل البلدان والمناطق البيئية في نطاق توزيع الأنواع بأكمله (ما لم توجد أي ثغرات في جهود الحفظ). وقام البرنامج الأوروبي للموارد الوراثية الحرجية أيضًا بصياغة توصيات للنظر في تأثيرات تغير المناخ على حفظ الموارد الوراثية الحرجية (Kelleher وآخرون، 2015).
واعتبارًا من ديسمبر/كانون الأول 2019، بات نظام المعلومات الأوروبي بشأن الموارد الوراثية الحرجية يتضمّن بيانات عن 593 3 وحدة محافظة وراثية وعن 108 أنواع من الأشجار في 35 بلدًا (أنظر المثال في الشكل ألف). وتخضع قاعدة البيانات هذه لتحديث متواصل فيما يقوم البرنامج الأوروبي للموارد الوراثية الحرجية بانتظام بمراقبة تنفيذ استراتيجية الحفظ الإقليمية.
وقد دفع هذا التعاون الإقليمي العديد من البلدان إلى اتخاذ إجراءات من أجل تحسين إدارة الموارد الوراثية الحرجية لديها. وعزز أيضًا الشراكة بين الخبراء ومالكي الغابات والمديرين ومجتمع التنوع البيولوجي الواسع من أجل استكشاف سبل جديدة لتحسين إسهام الغابات المستعلمة للإنتاج والمناطق المحمية في المحافظة الوراثية لأشجار الغابات.
وصادق 146 طرفًا على المعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة (منظمة الأغذية والزراعة، 2019د).
تقوم شريحة كبرى من المجتمع البشري اليوم بشيء من التفاعل على الأقل مع الغابات والتنوع البيولوجي الذي تحتويه ويستفيد الجميع من الوظائف التي تتيحها مكوّنات هذا التنوع البيولوجي في الكربون والمياه ودورات المغذيات، وعن طريق صلاتها بإنتاج الأغذية.
وتختلف علاقة السكان بالتنوع البيولوجي في الغابات من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر، وتتفاوت بدرجة كبيرة أيضًا بناءً على السياق – فمن مناطق محمية تنطوي على أنشطة بشرية محدودة إلى مجتمعات تعيش في عمق الغابات ثم إلى مناظر طبيعية مستزرعة ومخصصة لتربية المواشي ثم إلى مدن ومراكز حضرية واسعة ومن ثم إلى أكبر مدن العالم. ويبحث هذا الفصل في المنافع التي يجنيها السكان من الغابات في ما يخص سبل العيش والأمن الغذائي وصحة الإنسان.
في البلدان النامية والمتقدمة على السواء، وفي جميع المناطق المناخية، تعتمد المجتمعات التي تعيش في الغابات بشكل مباشر على التنوع البيولوجي الحرجي من أجل حياتها وسبل عيشها، وتستخدم منتجات مستمدّة من الموارد الحرجية من أجل توليد الدخل والحصول على الغذاء والعلف والمأوى والطاقة والدواء. والسكان الريفيون الآخرون، الذين يعيش معظمهم في مناظر طبيعية تتضمن مزيجًا من المراعي والأراضي الزراعية والغطاء الشجري، كثيرًا ما يساهمون في سلاسل القيمة للتنوع البيولوجي الحرجي، ويكون ذلك على سبيل المثال عن طريق جمع المنتجات الخشبية وغير الخشبية من الغابات المجاورة من أجل استعمالها شخصيًا أو بيعها، أو عن طريق العمل في صناعة المنتجات الحرجية أو المشاركة في تحقيق المقيمة المضافة (Zhang وPearseا، 2011). وفي حين أنّ الأمثلة الواردة أدناه تتضمن بعض الإشارات إلى عدد الأشخاص الذين يعتمدون على الغابات من أجل (جزء) من سبل عيشهم، لا يوجد في الوقت الراهن تقدير دقيق لعدد الأشخاص المعتمدين على الغابات (الإطار 25).
إن التحدي بالنسبة إلى أولئك المعنيين بالسياسات والممارسات والمخططات والاستثمارات في صميم الغابات والتنوع البيولوجي والسكان يكمن في تحديد الأعداد والخصائص الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية للسكان الذين يعتمدون بالدرجة الأولى على الموارد الحرجية، ويسمّون في أكثر الأحيان “الشعوب المعتمدة على الغابات”. والتغاير في تفاعلات السكان مع الغابات يجعل من الصعب تحديد الاعتماد على الغابات بطريقة معيارية وهادفة (Newton وآخرون، 2016). وعلى سبيل المثال، يعتمد قسم كبير من إنتاج الأغذية في العالم على خدمات النظام الإيكولوجي للغابات مثل المياه العذبة وتوافر الملقحات وضبط المناخ المحلي. وعلاوة على ذلك، هناك افتقار واسع النطاق إلى البيانات والوسائل الموثوقة في مجال قياس الغابات وتتبعها؛ وبشكل عام، لا تقوم الإحصاءات على المستوى الوطني والوطني الفرعي التي تتعلق بالمؤشرات السكانية والاجتماعية والاقتصادية والصحية ومؤشرات الفقر بتصنيف السكان الذين يعيشون في الغابات أو حولها. وعلى وجه الخصوص، لا يحظى حصاد المنتجات الحرجية غير الخشبية والتجارة بها بالمتابعة الجيدة، وهما مجالان غالبًا ما تشارك فيهما المرأة بالدرجة الأولى (Gurungأ، 2002؛ وWatsonأ، 2005).
ورغم ذلك، جرى استعمال عدد من الإحصاءات السكانية من أجل تقدير مدى الاعتماد البشري على الغابات وعلى التنوع البيولوجي في الغابات عن طريق الاستدلال. وإن الرقم الأكثر ذكرًا الذي يشير إلى أن هناك 1.6 مليار شخص يعتمدون على الموارد الحرجية إلى حد ما على الصعيد العالمي (البنك الدولي، 2002) هو رقم قديم على الأرجح في ضوء التغيرات الحاصلة في صفوف سكان المناطق الريفية حول العالم. وتشير منظمة الأغذية والزراعة (2018ب)، استنادًا إلى بيانات مستقاة من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية وغيره من المصادر، إلى أن هناك حوالي 820 مليون شخص يعيشون في الغابات الاستوائية والسافانا في البلدان النامية. واستنادًا إلى بيانات من البنك الدولي ومؤسسة الغابات المطيرة والحركة العالمية لصيانة الغابات المطيرة، يقدّر Chaoأ (2012) أن حوالي 1.2 مليار شخص يعتمدون على نظم الحراجة الزراعية للزراعة؛ فضلًا عن 300 إلى 350 مليون شخص يعيشون في الغابات الكثيفة أو بجوارها ويعتمدون عليها في كفافهم ودخلهم. ويقدّم الصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (2013) تقديرات مستفيضة أكثر تفيد عن وجود 2.5 مليار شخص يعملون في الزراعة كأصحاب حيازات صغيرة ويستفيدون من الخدمات التنظيمية وخدمات الإمداد المتعلقة بالغابات والأشجار في المناظر الطبيعية. وعلاوة على ذلك، يستعمل 2.4 مليار شخص – في البلدان النامية والمتقدمة والمناطق الحضرية والريفية على السواء – الطاقة القائمة على الخشب من أجل الطهي (منظمة الأغذية والزراعة، 2014ج).
وإجمالًا، مع بلوغ تعداد سكان العالم حوالي 7.8 مليار نسمة في ديسمبر/كانون الأول 2019، تفيد التقديرات المعروضة هنا أن ثلث البشرية تقريبًا يعتمد بشكل وثيق على الغابات والمنتجات الحرجية. ومع ذلك، من الصعب تقدير مدى تنامي هذا العدد في ظلّ الاتجاهات العالمية السائدة، مثل الهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، ومدى تغيره مع الزيادة المتوقعة في تعداد سكان العالم ليصل إلى حوالي 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050.
ونظرًا إلى شحّ المعلومات عن عدد الأشخاص المعتمدين على الغابات، من الصعب تصميم تدخلات وسياسات موجهة ويعدّ هذا السبب وراء تعرض هذه المجموعة لخطر الإهمال في ما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة. ومن أجل الحيلولة دون هذا المآل، لا بد من اتخاذ عدّة إجراءات من أجل ضمان تنفيذ السياسات والممارسات والبرامج الملائمة، ومن هذه الإجراءات ما يلي:
◂ لا بد من تعريف الاعتماد على الغابات تعريفًا أوضح من أجل تحديد الشعوب التي تعيش في الغابات أو بقربها، وتحديد الشعوب المعتمدة إلى حدّ ما على الموارد الحرجية في حياتها وسبل عيشها.
◂ من الضروري أن تقوم التعدادات والدراسات الاستقصائية للأسر المعيشية، على الصعيدين الوطني والدولي، بأخذ عينات كافية من السكان الذين يعيشون في المناطق الحرجية أو حولها حتى وإن كانت تكاليف أخذ العينات مرتفعة بسبب بُعد العديد من هذه المناطق.
◂ ينبغي تصنيف البيانات الديمغرافية والاجتماعية الاقتصادية بشأن الشعوب المعتمِدة على الغابات في الدراسات الاستقصائية التي يجري الاضطلاع بها بالفعل.
◂ ثمة حاجة إلى وجود معايير قياسية من أجل إثبات حالة الفقر لدى الشعوب المعتمِدة على الغابات استنادًا إلى دخلها نسبة إلى خط الفقر الدولي (في ما يخص المقصد 1-1 لأهداف التنمية المستدامة1) وإلى مؤشرات الفقر الموضوعة والمعدّة على الصعيد الوطني (في ما يخص المقصد 2-1 لأهداف التنمية المستدامة2). ومن الأمثلة على ذلك أن تكون مؤشرات الفقر المذكورة آنفًا مستندة إلى معايير متعدّدة الأبعاد تجمع بين العوامل الخاصة بالغابات، مثل المساهمات المباشرة للموارد الحرجية في الكفاف ورأس المال الاجتماعي العالي في بعض الحالات وآليات الحماية غير الرسمية للمجتمعات الحرجية التقليدية.
ووضعت الشراكة التعاونية في مجال الغابات المجموعة الأساسية العالمية المكونة من 21 مؤشرًا متعلقًا بالغابات من أجل دعم تنفيذ خطة عام 2030 (على وجه الخصوص، الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة، الحياة في البر) وخطة الأمم المتحدة الاستراتيجية للغابات للفترة 2030-2017 (الأمم المتحدة، 2017أ)، وتقوم الشراكة حاليًا بوضع منهجيات لتنفيذها. ويركز العمل الحالي على المؤشرات التي تشكل تحديات خاصة على مستوى جمع البيانات، ولا سيما المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية – بما في ذلك “عدد الأشخاص المعتمدين على الغابات الذين يعيشون في حالة من الفقر المدقع”.
وفي البلدان النامية، يتّسم الوقود الخشبي (خشب الوقود والفحم الحجري) بأهمية خاصة من أجل استعمال الأسر المعيشية والبيع على السواء، إذ يقدر أن 880 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يمضون جزءًا من وقتهم في جمع خشب الوقود أو إنتاج الفحم الحجري (منظمة الأغذية والزراعة، 2017أ). ويزاول أكثر من 40 مليون شخص – أي 1.2 في المائة من القوة العاملة العالمية - الأنشطة التجارية الخاصة بخشب الوقود والفحم الحجري من أجل إمداد المراكز الحضرية بها. وفي عام 2011، ولّد إنتاج الوقود الخشبي إيرادات عالمية بلغت 33 مليار دولار أمريكي. وبالتالي، فـإن الاستدامة في إنتاج الوقود الخشبي تتسم بأهمية بالغة.
ويوفر الخشب والمنتجات الحرجية غير الخشبية حوالي 20 في المائة من دخل الأسر المعيشية الريفية في البلدان النامية التي يمكنها النفاذ إلى الموارد الحرجية بما يتراوح بين المعتدل والجيد (Angelsen وآخرون، 2014). ومع مراعاة فرص العمل المباشرة وغير المباشرة والمستحدثة، يُقدر أن القطاع الحرجي الرسمي يوفر 45 مليون وظيفة على الصعيد العالمي ويوفر دخلاً نتيجة العمل يزيد عن 580 مليار دولار أمريكي في السنة (منظمة الأغذية والزراعة، 2018ب). وتتيح المشاريع الحرجية الصغيرة والمتوسطة الحجم حوالي 20 مليون وظيفة من هذه الوظائف، وتولد قيمة تبلغ 130 مليار دولار أمريكي في السنة. وعلى الصعيد العالمي، تبلغ القيمة المبلغ عنها في عام 2015 لعمليات استخراج المنتجات الحرجية غير الخشبية نحو 8 مليارات دولار أمريكي (منظمة الأغذية والزراعة، 2020). ويرجّح أن تكون هذه التقديرات أقل بكثير من الأرقام الفعلية بما أن شطرًا كبيرًا من القطاع الحرجي في العالم يدخل في الاقتصاد غير الرسمي ولا تتعقبه الإحصاءات الوطنية على نحو جيد.
وتفيد التقديرات بأن القطاع غير الرسمي، الذي يعرّف بأنه المشاريع الصغيرة ذات التوجه الكفافي أو المشاريع الصغيرة غير التجارية أو المنظمة أو المبلّغ عنها، قد ولّد 124 مليار دولار أمريكي كإيرادات في عام 2011، موفرًا بذلك فرص عمل لأشخاص يبلغ عددهم 41 مليون شخص (منظمة الأغذية والزراعة، 2014ج). وتتّسم المنتجات الحرجية غير الخشبية بأهمية كبيرة في هذا القطاع إذ توفر الغذاء والدخل وتنوع التغذية لمئات الملايين من الأشخاص حول العالم بحسب التقديرات، وعلى وجه الخصوص النساء والأطفال والمزارعون المحرومون من ملكية الأراضي والشعوب الأصلية والفئات الأخرى التي تعيش في أوضاع هشة (أنظر الإطار 25 ومنظمة الأغذية والزراعة، 2018ب). ويشكل تأمين الغذاء والأعشاب الطبية والمواد اللازمة للحرف اليدوية والوقود الخشبي وغير ذلك من المنتجات الحرجية غير الخشبية عنصرًا مهمًا من عناصر المساهمة التي تقدمها النساء في سبل عيش الأسر المعيشية. وفي بعض المناطق النائية، يمثل بيع المنتجات الحرجية غير الخشبية المصدر النقدي الوحيد المتاح أمام النساء (Shackleton وآخرون، 2011).
وتشكل كذلك الاستعمالات الرشيدة للتنوع البيولوجي في الغابات، مثل الترفيه والسياحة، جزءًا متناميًا من الاقتصادات النقدية الريفية (Hegetschweiler وآخرون، 2017). ويقدر أن عدد الزيارات السنوية إلى المناطق المحمية يبلغ 8 مليارات زيارة والعديد من هذه المناطق هي مناطق ذات غطاء حرجي، والنفقات القطرية المرتبطة بذلك تقدر بحوالي 600 مليار دولار أمريكي سنويًا (Balmford وآخرون، 2015).
وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يوفر التنوع البيولوجي في الغابات شبكة أمان لمئات الملايين من الأشخاص بوصفه مصدرًا للغذاء والطاقة والدخل خلال الأوقات العصيبة (Sunderlin وآخرون، 2005)، مع أن بعض المؤلفين (مثل Paumgarten و Locatelli وWitkowskiأ، 2018) يشيرون إلى أن هذه الوظيفة قد تكون محدودة بسبب التقلبات الفصلية وقد يتراجع توافرها خلال الأحداث البالغة الشدة.
ولطالما استفاد سكان المناطق الحضرية من مجموعة واسعة من الخشب والمنتجات الحرجية غير الخشبية، من الورق والأثاث إلى أنواع الفطر وثمار الغابات والطرائد البرية. وتعتمد نسبة كبيرة من فقراء المناطق الحضرية على خشب الوقود والفحم الحجري من أجل طهي طعامهم، ولا سيما في أفريقيا (أنظر على سبيل المثال Mulenga وTembo وRichardsonأ، 2019). وفي الاقتصادات الأكثر ازدهارًا، يبدي سكان المناطق الحضرية اهتمامًا متناميًا في الأغذية ومستحضرات التجميل والمنتجات الأخرى المستمدة من الغابات، وذلك على النحو الذي يوضحه مظهر المنتج المستخرج من أنواع حرجية مثل نخل الآساي (Euterpe oleracea) وشجرة الباأوبات (Adansonia digitata) الموجود على رفوف المتاجر الكبرى أو في وصفات الطهاة العصريين حول العالم (مثل McDonellا، 2019). وإضافة إلى ذلك، يختار عدد متزايد من الأشخاص الميسورين اقتصاديًا في البلدان المتقدمة والنامية في إطار ما يسمى الهجرة بحثًا عن الراحة، العيش في المناطق الحرجية بشكل جزئي على الأقل، ويشكل التنوع البيولوجي في هذه المناطق أحد العوامل الجاذبة الرئيسية (Gosnell وAbramsأ، 2011).
وتعتمد الشعوب الأصلية بدرجة مرتفعة بشكل خاص على التنوع البيولوجي في الغابات من أجل تأمين سبل العيش، مع أن هذه العلاقة تشهد تقلّبًا مع نمو الروابط التي تصل هذه الشعوب بالاقتصادات النقدية الوطنية والعالمية. وتشكّل المناطق التي تديرها الشعوب الأصلية في الوقت الحالي نسبة 28 في المائة تقريبًا من مساحة اليابسة في العالم، بما في ذلك بعض أكثر الغابات سلامة من الناحية الإيكولوجية والعديد من النقاط الساخنة للتنوع البيولوجي (Garnett وآخرون، 2018). وفي كثير من الأحيان، تكون مجموعات الشعوب الأصلية على صلة ثقافية وروحية عميقة بالأراضي الحرجية للأجداد وتتمتع أيضًا بمعارف قديمة حول التنوع البيولوجي (Verschuuren وBrownأ، 2018) بيد أن قسمًا كبيرًا منها معرض لخطر فقدانه (Camara-Leret وFortuna وBascompteا، 2019). وإن المساهمة غير الملموسة للغابات وتنوعها البيولوجي في هوية الشعوب وحس الرفاه لا تحظى بالتقدير الكافي في العديد من عمليات التقييم الاقتصادية.
يعتمد أشدّ الأشخاص فقرًا في العالم على الغابات بدرجات متباينة (Sunderlin وآخرون، 2015؛ و Camara-Leret وFortuna وBascompteا، 2019) ولكنهم يعتمدون في العادة بقدر أكبر على التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية مقارنة بالأشخاص الأفضل حالاً (Reid وHuqا، 2005؛ اتفاقية التنوع البيولوجي، 2010ب). وفي البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، تميل أعداد السكان إلى الانخفاض في المناطق ذات الغطاء الحرجي العالي والتنوع البيولوجي الحرجي العالي، بيد أن معدّلات الفقر تميل إلى الارتفاع في هذه المناطق (Fisher وChristopherا، 2007). وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (2018ب) إلى أن 252 مليون شخص ممن يعيشون في الغابات والسافانا يحصلون على دخل يقلّ عن 1.25 دولارًا أمريكيًّا في اليوم. ويعيش بالإجمال حوالي 63 في المائة من فقراء المناطق الريفية هؤلاء في أفريقيا، و34 في المائة منهم في آسيا و3 في المائة في أمريكا اللاتينية. ويشكل الأشخاص الفقراء المعتمدين على الغابات البالغ عددهم 8 ملايين شخص في أمريكا اللاتينية نسبة 82 في المائة من السكان الريفيين شديدي الفقر في هذا الإقليم.
وإنّ لفهم العلاقة بين الفقر والمناظر الطبيعية الحرجية آثار بالغة الأهمية على الجهود العالمية الرامية إلى محاربة الفقر والحفاظ على التنوع البيولوجي. وتخضع العلاقة بين الإنسان والغابات إلى قوى معقدة وديناميكية ومتضاربة في بعض الأحيان
(مثل Busch وFerretti-Gallonا، 2017). ويكمن التحدّي الهائل في تحديد العلاقات السببية بين المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والنتائج البيئية (Ferraro و SanchiricoوSmithا، 2019).
فمن جهة، يمكن أن يؤدي الحد من الفقر وزيادة الدخل إلى زيادة الطلب على الإنتاج والسلع القائمة على استعمال الأرض استعمالًا مكثفًا، وإلى تعزيز رغبة الإنسان في تحويل الغابات إلى مراعٍ وأراضٍ زراعية ومساحات للعيش. ومن جهة أخرى، يمكن لزيادة الدخل أن تغير من الأنماط المهنية بعيدًا عن الإنتاج القائم على الاستعمال المكثف للأرض، وأن تزيد الطلب على الجودة الترفيهية والبيئية وأن تقوي قدرة السكان وإرادتهم للحفاظ على الطبيعة. وتقوم الظروف المؤسسية والسياساتية بتنقيح آثار هذه القوى وصياغتها (Deaconا، 1995).
وأظهرت الدراسة التي أجرتها Alix-Garcia وآخرون (2013) في المكسيك والدراسة التي أجراها Heß وآخرون (2019) في غامبيا من أجل تحديد الأثر السببي لنمو الدخل على إزالة الغابات أن نمو الدخل قد أحدث زيادة في فقدان الغابات عن طريق برنامج تحويلات النقد المشروطة وبرنامج التنمية التي تقودها المجتمعات، على التوالي. وفي المقابل، تفيد دراستان أخريان تم إجراؤهما في المكسيك وأوغندا بأن البرامج التي تتيح الدفع مقابل أنشطة الحفظ قد نجحت في تخفيض معدلات إزالة الغابات (Alix-Garcia وآخرون، 2015؛ و Jayachandran وآخرون، 2017).
وتتفاعل مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية مع الغطاء الحرجي والفقر، مما يؤثر على علاقتهما. وتتضمن هذه العوامل التوسّع الزراعي والنمو السكاني والبنية التحتية للنقل والتغير التكنولوجي وإمكانية الحصول على الائتمان والتجارة الدولية. وتوفر البنية التحتية للنقل مثالًا جيدًا على هذه التفاعلات. فالمناظر الطبيعية في الغابات بعيدة بشكل عام وكثيرًا ما تكون على اتصال ضعيف بالأسواق من أجل إيصال منتجاتها ولا تحظى بتوفير جيد للخدمات من القطاعين الحكومي والخاص؛ وتتفاقم هذه الأخيرة كون عديد من سكان الغابات هم مجموعات مهمشة اجتماعيًا مثل الأقليّات الإثنية أو الشعوب الأصليّة. ويمكن للطرق الجديدة والمحسّنة أن تقلّل من تكلفة استغلال الموارد الحرجية وتوسّع السوق من أجل المنتجات الحرجية المحلية، ولكن يمكنها في الوقت عينه أن توفّر للمقيمين في المناطق الحرجية المزيد من الفرص الاقتصادية والخدمات الاجتماعية وتقلل من الاعتماد على الغابات.
وتبيَّن في دراسة أجراها البنك الدولي من أجل هذا المجلد أن هناك تباينًا كبيرًا في العلاقة بين الفقر والغطاء الحرجي (الشكل 25). ففي أفريقيا الوسطى، يسجّل على السواء معدّل فقر عالٍ وغطاء حرجي عالٍ، بينما يسجّل في العديد من أجزاء أوروبا وأمريكا الشمالية معدّل فقر منخفض وغطاء حرجي عالٍ. وتظهر ملاوي كحالة خاصة حيث تتوفر فيها بيانات الفقر على مستوى المنطقة (الشكل 26). وفي هذا السياق، تفيد عمليّة رسم الخرائط عن وجود علاقة سلبيّة بين الفقر وسلامة الغابات، إذ إنّ كثافة الغابات منخفضة في الجزء الجنوبي من البلاد (واستُعمل ذلك كمؤشر بديل من أجل السلامة) فيما ترتفع معدلات الفقر فيها.
ولا تمكّن هذه النتائج من استنتاج العلاقة السببية ولكنها قد تبقى مفيدة للمساعدة في تحديد مجالات التدخل ذات الأولوية في الخطط والاستراتيجيات الوطنية التي ترمي إلى الجمع بين التنمية الإيجابية ونتائج الحفظ. وقد يساعد في إثبات العلاقات السببية توافر المزيد من بيانات الفقر المصنفة مكانيًا في المستقبل، ومن الأفضل أن يكون ذلك باستعمال معايير متعدّدة الأبعاد تعكس السياق الحرجي بشكل أفضل.
تعرّف منظمة الأغذية والزراعية (2009) الأمن الغذائي بأنه حالة تتوافر فيها لجميع الناس، وفي كل الأوقات، الإمكانات المادية والاجتماعية والاقتصادية للحصول على غذاء كاف ومأمون ومغذٍ لتلبية احتياجاتهم التغذوية وأفضلياتهم الغذائية للتمتع بحياة موفورة النشاط والصحة. ويُستنتج من هذا التعريف أن هناك أربعة أبعاد للأمن الغذائي: التوافر وإمكانية الحصول والاستعمال والاستقرار.
وتساهم الغابات والأشجار خارج الغابات (بما في ذلك الأشجار في نظم الحراجة الزراعية، والأشجار الأخرى في الأراضي الزراعية، والأشجار في المناظر الطبيعية الواقعة في المناطق غير الحرجية الريفية أو الحضرية ) في تحقيق أبعاد الأمن الغذائي الأربعة جميعها عن طريق توفير الغذاء المغذي والدخل وفرص العمل والطاقة وخدمات النظام الإيكولوجي (منظمة الأغذية والزراعة، 2013أ، منظمة الأغذية والزراعة، 2017ب؛ وفريق الخبراء الرفيع المستوى المعني بالأمن الغذائي والتغذية، 2017). وبالتالي، يمكن أن يكون لاندثار الغابات وتدهورها أثر سلبي على الأمن الغذائي والتغذية. وقد يقوم تحويل الغابات إلى استعمالات أخرى للأراضي على نطاق واسع، ولا سيما من أجل الزراعة، بزيادة الأمن الغذائي لدى المزارعين والمجتمعات الذين يعتمدون على منتجاتهم في المدى القصير أو المتوسط، ولكن قد تكون لهذا التحويل أيضًا آثار سلبية طويلة الأجل على السكان من حيث البيئة وسبل العيش والأمن الغذائي؛ وستطال هذه الآثار في المقام الأول المجتمعات الحرجية فضلاً عن تأثيرها أيضًا على السكان على الصعيدين الوطني والعالمي. وعلاوةً على ذلك، من المحتمل أن يحصل انخفاض في الإنتاجية الزراعية نتيجة للأثر الإجمالي الطويل الأجل لفقدان التنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي الذي ينجم عن فقدان الغابات. وتتطلّب لذلك مساهمة الغابات في الأمن الغذائي والتغذية المزيد من الاهتمام المباشر في السياسات الحرجية في معظم البلدان.
التوافر (الوجود الفعلي أو المحتمل للأغذية). في جميع أرجاء العالم، يعتمد حوالي مليار (1) نسمة إلى حدّ ما على الأغذية البرية مثل لحوم الطرائد والحشرات الصالحة للأكل والمنتجات النباتية الصالحة للأكل وأنواع الفطر والأسماك (Burlingameا، 2000). وتشير بعض الدراسات إلى أنّ الأسر المعيشية تحصل عادة في البلدان النامية على أشدّ المداخيل انخفاضًا (Angelsen وآخرون، 2014). ورغم التقديرات التي تشير إلى أن الأغذية المستمدّة من الغابات تشكّل أقل من 0.6 في المائة من الاستهلاك العالمي للأغذية (منظمة الأغذية والزراعة، 2014ج)، لكنها أساسية من أجل ضمان توافر الأغذية الغنيّة بالمغذيات والفيتامينات المهمّة، ومن أجل تعقّب العناصر في العديد من المجتمعات.
وتقوم كذلك الغابات والأشجار التي تقع خارج الغابات بدعم توافر الأغذية عن طريق إتاحة العلف للمواشي، إما على شكل مراعٍ أو علف للحيوانات. ويقدّم العلف مساهمة مزدوجة في توافر الأغذية نظرًا إلى أن الماشية مصدر للحوم والحليب وتدعم الإنتاج الزراعي أيضًا عن طريق توفير قوة الجر والسماد الحيواني، مما يمكن أن يزيد من إنتاجية المزارع.
وإن خدمات النظام الإيكولوجي التي تقدّمها الغابات والأشجار في نظم الحراجة الزراعية والحراجة الرعوية تدعم الإنتاج الزراعي والحرجي وإنتاج الماشية والمصايد من خلال المياه وضبط المناخ الموضعي والظل وتوفير مصدات للريح وحماية التربة ودورة المغذيات والمكافحة البيولوجية للآفات والتلقيح (Reed وآخرون، 2017) (أنظر الأمثلة الواردة في الإطار 26 والقسم الذي يناقش التنوع البيولوجي في الغابات والزراعية المستدامة، الصفحة 70). كما أن دورها في مواجهة مخاطر تغير المناخ والتخفيف منها يتسم بأهمية حيوية في ما يخص ضمان توافر الأغذية في العديد من المناطق (أنظر دراسة الحالة1 بشأن استعادة الأراضي الجافة على نطاق واسع من أجل قدرة الصمود لدى صغار المزارعين والرعاة في أفريقيا، الفصل الخامس، الصفحة98).
إن غابات السهول الفيضية التي تقع في أسفل نهر الأمازون تدعم المصيد السمكي العالي في البحيرات والأنهار الواقعة في هذه النظم الإيكولوجية العالية التنوع البيولوجي، حيث تبين أن كثرة الأسماء وتوفرها يرتبطان بشكل مباشر بالمناطق الحرجية (Lobón-Cerviá وآخرون، 2015؛ وCastello وآخرون، 2018). وفي نيجيريا، ترتبط كثافة الغطاء الحرجي بشكل كبير وإيجابي باستهلاك القرى للأسماك الطازجة (Lo وNarulita وIckowitzأ، 2019). وتساهم مصايد الأسماك الداخلية في تحقيق الأمن الغذائي العالمي أكثر مما كان معروفًا سابقًا، إذ توفر مصادر أولية من البروتينات الحيوانية والمغذيات الأساسية، لا سيما في البلدان النامية. فالأسماك الصغيرة، على سبيل المثال، يمكن أن تشكل مصادر مهمة من الفيتامين “أ” والحديد والزنك، ويذكر أن تكلفتها أيسر والحصول عليها أسهل من الأسماك الكبيرة أو غيرها من المصادر الأغذية الحيوانية أو الخضار (Kawarazuka وBénéأ، 2011؛ وFluet-Chouinard و Funge-Smith وMcIntyreأ، 2018).
إمكانية الحصول على الأغذية. على النحو المبيّن في القسم 4-1 المنافع التي يجنيها السكان من الغابات والتنوع البيولوجي، يشكل القطاعان الحرجيان الرسمي وغير الرسمي (بما في ذلك الجمع والمعالجة والبيع في ما يخص الخشب والوقود الخشبي والمنتجات الحرجية غير الخشبية) مصدرًا مهمًا لفرص العمل والدخل، ويضمنان بالتالي الحصول على الأغذية من الناحية الاقتصادية. ومع أن المساهمة النقدية التي تقدمها المنتجات الحرجية في مداخيل الأسر المعيشية قد لا تكون كبيرة على الصعيد العالمي، لا تزال هذه المساهمة حاسمة بالنسبة إلى سبل عيش ما يزيد عن 80 مليون شخص يعملون في القطاعين الحرجيين الرسمي وغير الرسمي، والأمن الغذائي لهؤلاء الأشخاص وتغذيتهم. ومن الأساسي وجود حقوق مضمونة في ما يخص حيازة الغابات والموارد الحرجية من أجل تحقيق كامل الفوائد الاقتصادية من جمع المنتجات الحرجية وبيعها، وبالتالي من أجل تحقيق الأمن الغذائي للشعوب المعتمدة على الغابات.
ومع أن البيانات المصنفة بحسب نوع الجنس محدودة، تفيد الدراسات بأن النساء في المناطق الريفية يؤدين دورًا محوريًا في استدامة حصاد المنتجات الحرجية غير الخشبية وجمع خشب الوقود، ويعتمدن على عائدات بيعها على مدار السنة (منظمة الأغذية والزراعة، 2014ج؛ وفريق الخبراء الرفيع المستوى المعني بالأمن الغذائي والتغذية، 2017). وقد بُذلت بعض الجهود من أجل تحسين البيانات الخاصة بالمنتجات الحرجية غير الخشبية، ولكن لا بد منتوافر مزيد من المعلومات لإتاحة التوصل إلى تقديرات أدق بخصوص المكان والأشخاص المعنيين الذين تؤدي هذه المنتجات بالنسبة إليهم دورًا رئيسيًا لتحقيق الأمن الغذائي والتغذية (منظمة الأغذية والزراعة، 2017ج).
وتنطوي المشاريع الحرجية الصغيرة والمتوسطة الحجم على إمكانية خاصة لتعزيز الأمن الغذائي والتغذوي في العديد من المجتمعات الريفية، وذلك بفضل صلاتها القوية بالمجتمعات الحرجية وتركيزها على سبل العيش المتعلقة بالغابات. ويتوقف تحقيق هذه الإمكانية في كثير من الأحيان على تجاوز التحديات مثل القدرة المحلية المحدودة واللوائح البيروقراطية وهياكل السلطة المحلية غير المنصفة وانعدام أمن الحيازة واستحواذ النخب المحليّة على المنافع.
استعمال الأغذية (استهلاك الأغذية والطاقة الكافية). الطهي هو الطريقة الرئيسية من أجل ضمان امتصاص المغذيات من الأغذية، ويستعمل حوالي ثلث سكان العالم (2.4 مليارات نسمة) الوقود الخشبي من أجل الطهي في حين، يستعمل واحد من كل عشرة أشخاص في العالم الوقود الخشبي من أجل غلي المياه وتعقيمها كي تصبح آمنة للشرب وإعداد الطعام (منظمة الأغذية والزراعية، 2014ج). وكمثال آخر على استعمال منتجات الأشجار للاستخدامات الغذائية، يُستعمل أيضًا مسحوق بذور شجر المورنجا (Moringa oleifera) في تنقية الأسر المعيشية للمياه نظرًا لما يحتويه من خصاص مضادة للبكتيريا (Delelegn و Sahile وHusenا، 2018). ويُستعمل الوقود الخشبي أيضًا في عمليات حفظ الأغذية مثل التدخين والتجفيف، مما يوسع نطاق إمداد الموارد الغذائية خلال فترات عدم الإنتاج ويمكّن من توزيعها على نطاق أوسع.
ومع ذلك، قد ينطوي استعمال الوقود الخشبي على آثار سلبية منها تدهور الغابات وقد تترتّب عنه مخاطر على صحة الإنسان نتيجة الدخان (الإطار 27). وفي ظلّ احتمال أن يبقى الوقود الخشبي أيسر مصادر الطاقة تكلفة بالنسبة إلى قسم كبير من سكان العالم في المنظور المتوسط الأجل، من المهم ضمان أن يكون جمعه مستدامًا واستعماله فعالًا.
لا يزال الوقود الخشبي هو وقود الطهي السائد الذي تستعمله الأسر المعيشية الريفية الفقيرة في قسم كبير من العالم النامي، ولا سيما في أفريقيا وجنوب آسيا. وبما أن الخيار البديل قد يكون الأغذية النيأة، تمثل مساهمة الوقود الخشبي عنصرًا رئيسيًا بالتأكيد في ما يخص الأمن الغذائي لهؤلاء السكان. وانخفض استهلاك الوقود الخشبي أو حافظ على مستوى مستقر في معظم المناطق على مر الزمن، ولكنّ استهلاكه على ازدياد مستمر في أفريقيا جنوب الصحراء. والوقود الخشبي هو المفضل في كثير من الأحيان حتى عندما تتوفر مصادر طاقة بديلة، وذلك بسبب العادات والأذواق والأعراف والتجارب (منظمة الأغذية والزراعة، 2017أ).
ومع أن الوقود الخشبي يمثل 50 في المائة تقريبًا من الاستهلاك العالمي للخشب وأكثر من 90 في المائة من جميع الخشب المحصود في أفريقيا (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ه)، فإن حصاد ثلث الوقود الخشبي لا يزال غير مستدام كنتيجة للنفاذ غير المنظم إلى الغابات (منظمة الأغذية والزراعة، 2017أ)، ويشكل حصاد الوقود الخشبي سببًا شائعًا في تدهور الغابات.
ويمكن أن يتسبب الوقود الخشبي في تلوث دخاني في حال عدم استعماله على النحو الصحيح، والسبب في ذلك عادة هو الاحتراق غير الفعال خلال الطهي، وهو ما قد تكون له آثار مضرّة على الصحية. ويُقدر أن 4 ملايين شخص تقريبًا يموتون سنويًا بشكل مبكر نتيجة لأمراض ترتبط بتلوث الهواء داخل الأسر المعيشية جراء الطهي بالوقود الصلب أو ممارسات الطهي غير الفعالة (اتحاد الطهي النظيف، 2015؛ منظمة الصحة العالمية، 2018أ). ومن شأن أنظمة المواقد المحسنة أن تخفف من هذا الخطر وأن تقلل أيضًا من كمية الوقود اللازم.
وتساعد كذلك الغابات وتنوّعها البيولوجي على دعم الحالة التغذوية للسكان المحليّين عن طريق توفير الأغذية التي تساهم في تأمين مجموعة كبيرة من المغذيات الدقيقة والكبيرة. وتحتوي الأغذية البرية في كثير من الأحيان على مستويات عالية من المغذيات الدقيقة الرئيسية. وعلى سبيل المثال، تشكّل ثمار الغابات مصادر غنية للمواد المعدنية والفيتامينات، أما البذور والثمار الجوزية المحصودة من الغابات فتضيف السعرات الحرارية والزيوت والبروتينات إلى النظم الغذائية. والجذور والدرنات البرية الصالحة للأكل هي بمثابة مصادر للكربوهيدرات، في حين أن أنواع الفطر هي مصادر هامة للمغذيات الدقيقة مثل السيلينيوم والبوتاسيوم والفيتامينات. وأوراق الأشجار والشجيرات (الطازجة أو المجففة) هي من بين المنتجات الحرجية المستهلكة على أوسع نطاق. وهي بمثابة مصدر غني بالبروتينات والمغذيات الدقيقة بما فيها الفيتامين "أ" والكالسيوم والحديد، وهي المغذيات التي غالبًا ما تكون ناقصة في النظم الغذائية للمجتمعات الهشة على المستوى الغذائي. وعلاوة على ذلك، فإن معظم الإمدادات العالمية من الفيتامين "أ" والفيتامين "ج" والكالسيوم وقسم كبير من حمض الفوليك يأتي من المحاصيل التي تلقحها الحيوانات (Eilers وآخرون، 2011). وقد أظهرت البحوث وجود صلات قوية بين الغطاء الحرجي وجودة النظم الغذائية (الإطار 28).
ترتبط فرص الوصول إلى النظم القائمة على الغابات والأشجار باستهلاك الفواكه والخضار والتنوع الغذائي؛ أما فقدان الغابات فيرتبط بانخفاض جودة التغذية في الأنماط الغذائية المحلية (Ickowitz وآخرون، 2014). ويمكن استعمال التنوع الغذائي– وهو عدد مختلف الأغذية أو مجموعات الأغذية المستهلكة خلال فترة ما – لدى الأفراد والأسر المعيشية كمؤشر على حالة التغذية، بما في ذلك كفاية توافر المغذيات الدقيقة والطاقة ونمو الأطفال (Jamnadass وآخرون، 2015). وتفيد دراسة أجريت في جمهورية تنزانيا المتحدة بأن استهلاك المزيد من الأغذية الحرجية يرتبط بارتفاع التنوع الغذائي وازدياد استهلاك الأغذية ذات المصادر الحيوانية وزيادة غنى النظم الغذائية بالمغذيات (Powell و Hall وJohnsأ، 2011). وقام Ickowitz وآخرون (2014) بجمع صور الأقمار الاصطناعية للغطاء الحرجي مع معلومات غذائية عن 21 بلدًا أفريقيًا ووجدوا أن التنوع في النظم الغذائية لدى الأطفال كان أعلى عندما كان الغطاء الشجري أكبر؛ ووجدوا أن استهلاك الفواكه والخضار قد ازداد مع اتساع الغطاء الشجري وصولًا إلى ذروته التي تبلغ فيها نسبة الغطاء الشجري 45 في المائة. وعلى نحو مماثل، في 27 بلدًا أفريقيًا، يرتبط الاختلاط بالغابات بازدياد التنوع الغذائي لدى الأطفال بنسبة 25 في المائة على الأقل (Rasolofoson وآخرون، 2018).
ويمكن أن ينطوي فقدان الغطاء الحرجي على آثار سلبية على التغذية. وفي تحليل جغرافي فضائي شمل 15 بلدًا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، راقب ٍ(Galway و Acharyaو Jonesا 2018) الصلة بين إزالة الغابات وانخفاض التنوع الغذائي لدى صغار الأطفال، ولا سيما الاستهلاك القليل للبقوليات والثمار الجوزية والفواكه والخضار. وتبين لهم أن العلاقة هي أقوى ما تكون عليه في غرب أفريقيا.
استقرار الأمن الغذائي (الحصول على الأغذية وتوافرها واستعمالها في جميع الأوقات من دون خطر). يوفر الدخل والأغذية البرية المستمدة من الغابات شبكة سلامة في حالات النقص الموسمية في الأغذية وفي فترات المجاعة وفشل المحاصيل والصدمات الاقتصادية والاجتماعية والسياساتية (منظمة الأغذية والزراعة، 2017ب). ويمثل حصاد الأغذية في الغابات استراتيجية مهمة من أجل مواجهة الفترات التي ينعدم فيها الأمن الغذائي، وخصوصًا بالنسبة إلى الأسر المعيشية الضعيفة التي تعيش في الغابات أو بالقرب منها. وتتاح المنتجات الحرجية لفترات ممدّدة في كثير من الأحيان، بما في ذلك خلال مواسم "الجوع" أو المواسم "العجفاء" (أنظر المثال على حالة غرب أفريقيا في الإطار 29)، عندما تكون المنتجات الزراعية التقليدية غير متوافرة أو تنفد الكميات المخزنة أو تتراجع الموارد المالية.
يُخمّر الخرنوب الأفريقي (Parkia biglobosa) في غرب أفريقيا من أجل الحصول على غذاء مغذٍ غني بالبروتينات (نسبة المادة الجافة 40 في المائة) والدهون (35 في المائة) ويمكن الاحتفاظ به لسنة واحدة من دون الحاجة إلى تبريد (منظمة الأغذية والزراعة، 2016أ). وينضج الخرنوب في المواسم الجافة ويوفر بذلك غذاء قيمًا خلال “موسم الجوع” التقليدي قبل أن يحل وقت حصاد المحصول الجديد. ومن الصعب الحصول على أرقام إنتاج سنوية لأن الخرنوب لا يدخل في التبادلات التجارية العادية، ولكن التقديرات تفيد بأن 000 200 طن من الخرنوب يجمع سنويًا في الجزء الشمالي من نيجريا وحده (Nwaokoro و Kwon-Ndungأ، 2010).
وتكتسي المنتجات الحرجية غير الخشبية في المنطقة الغربية من غانا أهمية خاصة بالنسبة إلى الأمن الغذائي للأسر المعيشية وتغذيتها وصحتها خلال المواسم العجفاء (يونيو/حزيران-أغسطس/آب). ويذكر أن الأسر المعيشية المنخفضة الدخل تستهلك منتجات تجمع من الغابات من خمس إلى ستّ مرات في الأسبوع، مثل لحوم الطرائد (بما في ذلك جرذ القصب الكبير، Thryonomys swinderianus) والحلزونات وأنواع الفطر والعسل والفواكه (Ahenkan وBoonأ، 2011).
وفي السنغال، يشيع استعمال ثمار بعض الأشجار مثل أنواع بوسياBoscia التي تثمر على مدار السنة، والمارولا (Sclerocarya birrea) التي تثمر في نهاية الفصل الجاف، وذلك من أجل تنويع النظم الغذائية مما يساعد بالتالي على مواجهة أوجه النقص الموسمية من الفيتامينات (منظمة الأغذية والزراعة، 1989).
وإضافة إلى توفير تدابير من أجل مواجهة انعدام الاستقرار في الإمدادات الغذائية على المدى القصير (وهو ما يمكن أن يفضي إلى انعدام الأمن الغذائي الحاد)، توفّر الغابات وتنوعها البيولوجي خدمات النظام الإيكولوجي الحاسمة من أجل ضمان استقرار إمدادات الأغذية على المدى المتوسط إلى الطويل (وهو ما يمكن أن يحول دون ظهور انعدام الأمن الغذائي المزمن)، بما في ذلك عن طريق دعم الإنتاج المستدام على مستوى الزراعة والمواشي ومصايد الأسماك (ويشار إلى هذه النقطة أعلاه في فقرة التوافر؛ وانظر أيضًا القسم الخاص عن التنوع البيولوجي الحرجي والزراعة المستدامة، الصفحة 70). ويتّسم دور الغابات في صون التنوع البيولوجي بوصفه مستودعًا لجينات المحاصيل الغذائية والمحاصيل الطبيّة بدور أساسي في ضمان التنوع اللازم من أجل تعزيز جودة النظم الغذائية على المدى الطويل.
تشكل الأغذية الحرجية جزءًا صغيرًا (من حيث السعرات الحرارية) لكن بالغ الأهمية في النظم الغذائية التي يستهلكها عادة سكان المناطق الريفية الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وتضيف كذلك تنوعًا على النظم الغذائية الأساسية السائدة. وفي بعض المجتمعات التي تستهلك مستويات عالية من الأغذية الحرجية، تكفي الأغذية الحرجية وحدها من أجل استيفاء المتطلبات الغذائية الدنيا من فواكه وخضار وأغذية حيوانية المصدر (Rowland وآخرون، 2015).
ولا تقتصر قيمة الأغذية الحرجية كمصدر للتغذية على العالم النامي. ويجمع أكثر من 65 مليون مواطن في الاتحاد الأوروبي الأغذية البرية من حين لآخر ويستهلك 100 مليون شخص المنتجات الحرجية غير الخشبية الصالحة للأكل (Schulp وThuiller وVerburgا، 2014). ويشيع في أمريكا الشمالية أيضًا استهلاك الأغذية البرية، ولا سيما الطرائد وغيرها من المنتجات الحرجية (Mahoney وGeisا، 2019). وتدخل بعض الأغذية الحرجية في المبادلات التجارية على نطاق واسع. وعلى سبيل المثال، تقدّر السوق العالمية لأنواع الفطر الصالحة للأكل التي يجمع العديد منها من الغابات بقيمة تبلغ 42 مليار دولار أمريكي سنويًا (Willisا، 2018).
وتتّسم الأغذية الحرجية بأهمية تغذوية (وثقافية) خاصة بالنسبة إلى جماعات الشعوب الأصلية. وأفادت دراسة شملت 22 بلدًا في آسيا وأفريقيا، بما في ذلك البلدان الصناعية والنامية على السواء، أن جماعات الشعوب الأصلية تستعمل في المتوسط 120 غذاء بريًا لكل منها (Bharucha وPrettyا، 2010).
وعلى الصعيد العالمي، يوفر عدد كبير من أنواع الأشجار مصادر مهمة من الأغذية والمغذيات (الشكل 27). ويوفر العديد من الأنواع الأغذية من أجزاء متعددة من الشجرة. فشجرة الباوباب (Adansonia digitata) على سبيل المثال هي شجرة استوائية متعددة الأغراض تستعمل من أجل ثمارها وأوراقها على السواء، وهي غذاء أساسي بالنسبة إلى العديد من السكان الذين يعيشون في الأراضي الأفريقية الجافة. ويحتوي اللب المجفف لثمار الباأوباب على 300 مليغرام من الفيتامين "ج" في كل 100 غرام من لب الثمار، أي ستة أضعاف مستوى الفيتامين "ج" الموجود في أنواع البرتقال تقريبًا (Odetokunا، 1996، وذكر في Manfredini وVertuani وBuzzoniا، 2002)، إضافة إلى الفيتامينات "أ" و"ب1" و"ب2" و"ب6". ويمكن لاستهلاك يومي يبلغ 10 إلى 20 غرامًا يوميًا من لب الثمار أن يؤمّن الكمية المطلوبة من الفيتامين "ج" لدى الأطفال. وتحتوي أوراق الباأوباب أيضًا على نسبة عالية من الكالسيوم والبروتينات والحديد (Mbora وJamnadass وLillesøا، 2008).
وعلى نحو مماثل، توفر أوراق شجر المورنجا (Moringa oleifera) كميات كبيرة من الفيتامين "ب" والفيتامين "ج" وبيتا-كاروتين والمغنيسيوم والحديد والبروتينات. وتحتوي أيضًا على مركبي الفينوليك والفلافونويد اللذين يمتلكان خصائص مضادة للأكسدة وللسرطان ومعززة لجهاز المناعة ومضادة لداء السكري وحامية للكبد. ويلبي استهلاك 5 غرامات فقط من مسحوق الأوراق 60 في المائة من الكمية المطلوبة يوميًا من الفيتامين "أ" بالنسبة إلى الأطفال دون سنّ الثالثة (معهد الطب، 2001؛ وWittا، 2013).
الثمار الجوزية. إن الثمار الجوزية هي من بين أكثر الأغذية البشرية تركيزًا من حيث التغذية إذ إنها تحتوي على مستوى عالٍ من البروتينات والزيت والطاقة والمعادن والفيتامينات. ومع أنها غذاء غني بالطاقة فإنها تعطي شعورًا قويًا بالشبع، وفي الدراسات الرصدية والتجارب السريرية لا يرتبط استهلاكها بزيادة الوزن (أو خسارته) بل بانخفاض خطر الإصابة بالسمنة (أنظر على سبيل المثال Liu وآخرون، 2019). ولاحظت لجنة EAT-Lancetا(Willett وآخرون، 2019) أن التحول إلى النظم الغذائية الصحية بحلول عام 2050 سيتطلب إجراء تحولات غذائية كبيرة، بما في ذلك تحقيق زيادة تفوق الضعف في استهلاك الأغذية الصحية مثل الثمار الجوزية والفواكه والخضار والبقوليات. ومع أن استهلاك الثمار الجوزية عالٍ تقليديًا لدى بعض سكان غرب أفريقيا، تمثل الثمار الجوزية بشكل عام مجموعة الأغذية ذات الفجوة الأكبر بين المتحصل الغذائي الفعلي والغذاء "الصحي" المرجعي على النحو الذي تقترحه لجنة EAT-Lancet.
ويبلغ الإنتاج السنوي للثمار الجوزية التي تأتي بشكل رئيسي أو حصري من الغابات قدرًا ملحوظًا في العديد من البلدان (الشكل 28). وتساعد بعض هذه الثمار الجوزية المجتمعات الريفية وسكان الغابات على تأمين كفافها، أما الثمار الأخرى، كجوز البرازيل، فتتسم بأهمية كبرى من الناحية التجارية (الشكل 30). وفي كثير من الأحيان، تترك الأشجار والشجيرات التي تحمل الثمار الجوزية الصالحة للأكل في المزارع والمزارع المنزلية بعد القيام باستصلاح الأراضي.
لحوم الطرائد. أتى Redmond وآخرون (2006) على ذكر ما يقارب 800 1 نوع من الحشرات والثدييات والطيور والبرمائيات والزواحف التي تُستعمل كلحوم طرائد في شتى أنحاء العالم، ويعيش العديد منها في الغابات الاستوائية أو شبه الاستوائية. ونظرًا إلى أن نسبة 45 في المائة فقط من هذه الأنواع (حوالي 800 نوع) هي من الحشرات (تشير مصادر أخرى إلى استعمال 900 1 نوع من الحشرات كأغذية، أنظر أدناه) وأن السمك والمحار غير مدرجين في هذا العدد، يحتمل أن يكون العدد الإجمالي للحيوانات الحرجية التي يتم اصطيادها لتناولها كطعام أكبر بكثير. وفي المجتمعات الحرجية الريفية والبلدات الريفية الصغيرة التي تكون فيها إمكانية الحصول على اللحوم المحلية والرخيصة الثمن محدودة، لكن لا يزال فيها النفاذ إلى الحياة البرية ممكنًا، تشكّل لحوم الطرائد في كثير من الأحيان المصدر الرئيسي للمغذيات الأساسية مثل البروتينات والدهون (Sirén وMachoaا، 2008) والمغذيات الدقيقة المهمة مثل الحديد والزنك (Golden وآخرون، 2011). وكشفت دراسة استقصائية حديثة لما يقارب 000 8 أسرة معيشية ريفية في 24 بلدًا في شتى أنحاء أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية أن 39 في المائة من الأسر المعيشية تصطاد لحوم الطرائد وجلها تقريبًا تستهلك هذه اللحوم (Nielsen وآخرون، 2018). وتشكّل لحوم الطرائد نسبة 20 في المائة على الأقل من البروتينات الحيوانية في النظم الغذائية الريفية في 62 بلدًا على الأقل حول العالم (Nasi وآخرون، 2008). وفي حوضي الأمازون والكونغو يوفر استهلاك لحوم الطرائد بين 60 إلى 80 في المائة من الاحتياجات اليومية من البروتينات في المجتمعات (Coad وآخرون، 2019). وتفيد الدراسات بأنه عندما يرتفع استهلاك الأغذية الحرجية، يمكن أن تحتوي النظم الغذائية على نسبة أعلى من اللحوم والأسماك والفواكه والخضار المستمدّة من الغابات أكثر منه من المواشي والزراعة المائية والزراعة على الصعيد المحلي (Rowland وآخرون، 2017). وفي المقابل، لا تؤدي لحوم الطرائد عادة دورًا مهمًا في الأمن الغذائي للمراكز الحضرية المنشأة حيث تتوافر اللحوم المحلية الرخيصة الثمن نسبيًا (Wikie وآخرون، 2016)؛ ومع ذلك، فإنه في بعض البلدان الحرجية الأفقر، قد يكون في المراكز الحضرية طلب كبير على لحوم الطرائد، ولا سيما حيث قد تكون موارد البروتينات من الماشية المحليّة محدودة (Van Vliet وآخرون، 2019).
ويمكن أن تكون اللحوم البرية على وجه الخصوص مصدر مهمًا للبروتين والدهون والمغذيات الدقيقة عندما تصبح الأغذية الأخرى غير متوفرة، على سبيل المثال، خلال المصاعب الاقتصادية والاضطرابات المدنية أو الجفاف (Coad وآخرون، 2019).
إن جوز البرازيل (بذرة شجرة جوز البرازيل Bertholletia excelsa التي تنمو في الغابات المطيرة) هو البذرة العالمية الوحيدة الصالحة للأكل التي يتاجر بها ويجمعها حاليًا الحصادون الحرجيون في المناطق البرية. وعلى مر العقود القليلة الماضية، دعم حصاد جوز البرازيل “الصون من خلال الاستعمال” لملايين الهكتارات من غابات الأمازون على يد عشرات الآلاف من الأسر المعيشية الريفية. ويساهم الجوز مساهمة كبيرة في سبل العيش المحليّة والاقتصادات الوطنية والتنمية القائمة على الغابات في منطقة جغرافية واسعة، ويولد عشرات ملايين الدولارات الأمريكية من حيث قيمة الصادرات السنوية في دولة بوليفيا المتعددة القوميات والبرازيل وبيرو. وتستجيب الأشجار بقوة إلى النوع والمستوى المستعملين حاليًا في حصاد الجوز. وقد طوّر مستعملو الموارد نظم إدارة محلية تحافظ على الإنتاجية.
المصدر: Guariguata وآخرون، 2017 .
ويمكن أن يكون كذلك بيع لحوم الطرائد في المراكز الحضرية مصدرًا لتنويع الدخل بالنسبة إلى المجتمعات القائمة على الصيد، لا سيما في المناطق التي تكون فيها البروتينات من الماشية المحلية نادرة أو باهظة الثمن (Nasi وTaber وVan Vlietا، 2011). وعلى نحو مماثل، يمكن للتجارة بمنتجات الصيد الأخرى أن توفر مصدر دخل نقدي للمجتمعات الحرجية، مثل التجارة بالجلود كمنتج ثانوي لصيد الحيوانات من أجل الحصول على اللحوم. فعلى سبيل المثال، تصدّر بيرو في المتوسط 000 41 قطعة سنويًا من جلد الخنازير البيكارية من أجل استعمالها في صناعة الموضة، ويجري ذلك بتراخيص ممنوحة بموجب اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهدّدة بالانقراض (Sinovas وآخرون، 2017).
ولكن مع تسارع وتيرة التوسّع الحضري، يدفع طلب المدن على لحوم الطرائد ومنتجات الصيد إلى ازدياد الصيد. ويدخل في فئة الموردين الصيادون من القرى الريفية والصيادون التجاريون المحترفون من مناطق أخرى على السواء. وحتى الاستهلاك الحضري المنخفض للفرد الواحد يمكن أن تترتب عنه مستويات غير مستدامة من ذبح الأحياء البرية في تجمعات الإمداد، خاصة إذا ما اقترن ذلك بتحسن تكنولوجيا الصيد وانخفاض إنتاجية الأحياء البرية وفقدان الموائل وتجزئتها (Fa وCurrie وMeeuwigا، 2003؛ وCoad وآخرون، 2019).
وفي المجتمعات الريفية التي يتّسم فيها استعمال لحوم الطرائد بأهمية بالغة من أجل سبل العيش المحلية بيد أن عمليات الذبح الناجمة عن الصيد أصبحت غير مستدامة، يحتمل أن تكون هناك آثار كبيرة على رفاه الإنسان جراء انخفاض مجموعات أنواع الأحياء البرية إن لم يكن هناك إمكانية لوضع ممارسات إدارة مستدامة وسلسلة سلع للحوم الطرائد (Golden وآخرون، 2011) (أنظر الفصل السادس- الحفظ والاستعمال المستدام للغابات وتنوعها البيولوجي). ولا بد أن تتّسم استراتيجيات الإدارة بالمرونة والتكامل والاتساق مع مختلف المصالح والاحتياجات والأولويات (Coad وآخرون، 2019).
الحشرات. تفيد التقديرات بأنّ الحشرات تشكل جزءًا من النظم الغذائية التقليدية بالنسبة إلى ملياري (2) نسمة على الأقل. وتشير التقارير إلى استعمال أكثر من 900 1 نوع من الحشرات كغذاء، ومن بين الأنواع المستهلكة تبلغ نسبة الخنافس (Coleopteraا) 31 في المائة، والأساريع (Lepidopteraا) 18 في المائة، أما النحل والدبابير والنمل (Hymenoptera) فتمثل 14 في المائة (منظمة الأغذية والزراعة، 2013ب).
ومع أن إدارة الحشرات الصالحة للأكل كمصدر تجاري للغذاء تتحلّى بإمكانات كبرى، يمكن أن يطرح جمعها المفرط مشاكل على صعيد الحفظ والأمن غذائي، كما حصل عند المتاجرة بأرسايع الموباني (Imbrasia belina) (منظمة الأغذية والزراعة، 2013ب). ويدخل ضمن التحديات الأخرى الافتقار إلى التشريعات ومعايير سلامة الأغذية، مع أن الوضع آخذ في التحسّن. فاعتبارًا من 1 يناير/كانون الثاني 2018، على سبيل المثال، اعترف الاتحاد الأوروبي بمشروعية أغذية الحشرات الكاملة بموجب اللائحة التنظيمية للأغذية المستجدة التي تسهل تسويق الأغذية الحشرية (Belluco وHalloran وRicciا، 2017).
ويجري استكشاف تربية الحشرات كمصدر للغذاء والأعلاف كوسيلة للتخفيف من الضغط على المجموعات البرية وتعزيز الأمن الغذائي على نطاق أوسع. وفي تايلند على سبيل المثال، تشكّل تربية الحشرات على نطاق ضيق ممارسة راسخة بالفعل (منظمة الأغذية والزراعة، 2013ج). وفي الآونة الأخيرة، استحدثت بلدان مثل غينيا وأوغندا نماذج لتربية الجُدجد والجندب بنجاح.
وتتعدى قيمة تربية الحشرات الصالحة للأكل القيمة التغذوية والاقتصادية لهذه الحشرات، إذ إن تربية الحشرات الصالحة للأكل كمصدر للغذاء والعلف تتسبب بضغط أقل على الموارد المحدودة بالأساس مثل الأرض والتربة والمياه والطاقة مما تتسبب به الأشكال الأخرى لإنتاج الثروة الحيوانية. وعلى سبيل المثال، فإن إنتاج البروتينات من دودة الدقيق (Tenebrio molitor) أكثر مراعاة للبيئة بكثير من إنتاج البروتينات من لحم البقر (منظمة الأغذية والزراعة، 2013ب). وفي السنوات الأخيرة، أصبحت أيضًا تربية الحشرات كمصدر للغذاء والعلف مقبولة من النواحي البيئية والاجتماعية والاقتصادية في بعض البلدان الأوروبية مثل بلجيكا وفنلندا وهولندا حيث تشكل الحشرات جزءًا من النظم الغذائية التقليدية (على سبيل المثال، Lukeا، 2018).
تتداخل نظم الإنتاج الحرجية والزراعية في كثير من الأحيان بدرجات مختلفة؛ وتتداخل بشكل كامل في بعض الأحيان كما هو الحال في الحراجة الزراعية. وتكتسي نسبة 40 في المائة تقريبًا من الأراضي الزراعية العالمية غطاء شجريًا يزيد عن 10 في المائة (Zomer وآخرون، 2009).
وتحتوي الغابات على مستويات أعلى من التنوع البيولوجي النباتي والحيواني مقارنة بالحقول الزراعية. ويساهم ذلك في توفير الغابات لخدمات النظام الإيكولوجي التي تؤثرًا بشكل إيجابي على الإنتاجية وقدرة الصمود في نظم الإنتاج الزراعي الموجودة بالقرب من الغابات (Duffy وGodwin وCardinaleا، 2017؛ وفريق الخبراء الرفيع المستوى المعني بالأمن الغذائي والتغذية، 2017). ويُقدر بأن 75 في المائة من المياه العذبة المتاحة في العالم مصدرها مستجمعات المياه الحرجية. وتستعمل هذه المياه لأغراض زراعية ومنزلية وصناعية وإيكولوجية (المركز العالمي لرصد حفظ البيئة، 2005).
وتؤدي الغابات أيضًا دورًا أساسيًا في التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، وتساهم بالتالي في منع حدوث انعدام الأمن الغذائي المتعلق بالمناخ. ويمكن أن تساعد كذلك النظم الإيكولوجية الحرجية الخاضعة للإدارة المستدامة في التقليل إلى الحد الأدنى من احتمال الخسائر الزراعية جراء تآكل التربة وانزلاقها والفيضانات.
وتقدّم الغابات أيضًا إلى المزارعين إمدادات محليّة للمدخلات الزراعية (مثل العلف والألياف والمواد العضوية)، وتخفف بذلك التكاليف والعوامل الخارجية السلبية لإنتاج هذه المدخلات ونقلها من مواقع أبعد.
وقد انتقلت وسائل إنتاج بعض النباتات الحرجية إلى الأراضي الزراعية (مثل البنّ والكاكاو والفول السوداني)، ولكنّ النظم الإيكولوجية الحرجية لا تزال توفر موارد وراثية أساسية من أجل تكييف المحاصيل الحالية وتحسينها. وتمثل الغابات مخازن للأقارب البرية (الأنواع المتوارثة أو الأنواع المتداخلة) في ما يخص العديد من أنواع الحيوانات المدجّنة والمحاصيل المستأنسة التي أصبحت من ذلك الحين تربى من أجل غلاتها العالية وغير ذلك من خصائص. وقد تكون الأصناف المستأنسة والسلالات المدجّنة عالية التجانس الوراثي ومعرضة بالتالي لتغيرات بيولوجية ومناخية. وفي المقابل، تتطور الأنواع البرية وتتنوع باستمرار في ظل الظروف الطبيعية والمختلفة والبالغة الشدة في بعض الأحيان؛ وقد يتيح التهجين مع الأقارب البرية مصدرًا للتكيف بالنسبة إلى الأنواع المستأنسة.
وتوفّر الغابات موائل للعديد من الملقحات الأساسية من أجل الإنتاج المستدام للأغذية (أنظر المثال الوارد في الإطار 31) (أنظر أيضًا الإطار 18 الذي يتناول الملقحات التي تعيش في الغابات في الفصل الثالث، الصفحة40).
تعتمد جمهورية تنزانيا المتحدة بشكل كبير، حالها حال معظم بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، على الزراعة من أجل تأمين سبل العيش والدخل والأمن الغذائي. ومعظم المزارعين في البلاد هم من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يعتمدون على خدمات النظام الإيكولوجي المتاحة بشكل طبيعي من أجل توفير كفافهم وإنتاجيتهم الزراعية. وكشف تقييم وطني أن الغابات تؤدي دورًا زراعيًا مهمًّا بوصفها موائل طبيعية للملقحات البرية (Tibesigwa وآخرون، 2019). وأظهرت النتائج أن قدرًا كبيرًا من الإنتاجية (والإيرادات) يستفيد من الوجود بالقرب من الغابات من أجل المحاصيل التي تعتمد على الملقحات، وهي المحاصيل السائدة في البلاد. وتبين أن هذه المنفعة تتراجع على نحو متسارع مع وجود مسافة بين قطع الأراضي الزراعية والغابات، وأن هذه المنفعة تغيب عندما تكون الغابة أبعد من 2 إلى 3 كيلومترات. وعلاوة على ذلك، تبين أن انخفاض الغطاء الحرجي يؤدي إلى انخفاض إيرادات المحاصيل. وأظهرت الدراسة أهمية الحفاظ على الغابات في المناظر الطبيعية الزراعية.
يستفيد ثمانية وسبعون محصولًا من محاصيل الأغذية الرئيسية في العالم وقدرها 117 محصولاً (أي حوالي 75 في المائة) من التلقيح الحيواني نوعًا ما من أجل إنتاج الفواكه أو الخضار أو البذور، وتشكّل هذه المحاصيل نسبة 35 في المائة من الإنتاج العالمي للأغذية من حيث الحجم (Klein وآخرون، 2007). ويعيش العديد من هذه الملقحات في الغابات.
ومع ذلك، من الضروري أيضًا مواجهة التحدّيات التي تفرضها الزراعة غير المستدامة على التنوع البيولوجي في الغابات. وقد ساعدت التحولات الزراعية في القرن الماضي، التي اعتمدت على التكثيف على نطاق واسع باستعمال مستويات عالية من المدخلات، على زيادة غلّة المحاصيل والمواشي وتحسين الأمن الغذائي؛ غير أنها انطوت في بعض الأحيان على آثار بيئية شديدة مثل تلوّث مصادر المياه بالمواد الكيميائية الزراعية. ويتسبّب حاليًا القطاع الزراعي في 73 في المائة من إزالة الغابات حول العالم (Hosonuma وآخرون، 2012)، ممّا يؤدي إلى انخفاض شديد في التنوع البيولوجي (أنظر الفصل السادس). وفي بعض الأحيان، أفضى عدم الاعتراف بشكل كامل بمنافع الغابات وخدماتها بالنسبة إلى الزراعة، بما في ذلك التنوع البيولوجي، إلى اتخاذ خيارات إدارية أثّرت سلبًا على التنوع البيولوجي وأدت إلى مزيد من الخسائر. وتساعد ممارسات استعمال الأراضي التي تراعي التنوع البيولوجي في الحفاظ على منافع خدمات النظام الإيكولوجي الحرجي وتحسين الإنتاجية الزراعية. وفي هذا الصدد، قد تكون معارف الشعوب الأصلية والمعارف المحليّة ثروة لا تُقدر بثمن (المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، 2019أ) (أنظر المثال الوارد في الإطار 32).
تمثّل مدرجات هاني للأرزّ الواقعة في منطقة في جنوب غرب الصين التي تتأثر بسلسلة متزايدة ومتكررة من موجات الجفاف القاسي، مثالًا ملهمًا على التكيف مع الظروف الطوبوغرافية القاسية والصمود أمام ندرة المياه. وهي شهادة ملموسة على حكمة المزارعين لأكثر من 300 1 عام. وفي عام 2009، قضت موجة جفاف قاسٍ على الإنتاج الزراعي في مكان آخر من المنطقة بينما حافظت مدرجات هاني للأرزّ على المحاصيل ووفرة المياه المعتادة لدى المزارعين. وتؤدي الغابات في الهضاب والجبال العالية، إضافة إلى هيكل المدرجات والنهج المبتكرة لإدارة المياه، دورًا محوريًا في تعزيز قدرة المناظر الطبيعية على الصمود أمام الجفاف (Min، 2017). فمن دون وجود إمداد مائي كافٍ من الغابة، لن تتسنى زراعة الأرزّ في هاني التي تتضمن ما لا يقل عن 123 صنفًا محليًا. وفي الواقع، تؤدي الغابات دورًا حاسمًا في استقرار النظام الإيكولوجي واستدامته في المنطقة بأكملها.
وتستند القدرة على الصمود في مدرجات هاني للأرزّ إلى أربع ركائز رئيسية، هي:
إدارة المناظر الطبيعية “الجامعة للعناصر الأربعة” (الغابة والقرية والمدرج والنهر). تسهّل الغابات المزدهرة الموجودة على أعالي التلال المطلّة على القرى والمدرجات تكوّن الندى من بخار المياه المتصاعد وجمع المياه في المخازن والجداول. وتتصدّى الغابات للأمطار وتعزز قدرة التربة على تخزين المياه. وتساعد أيضًا على صون التربة والتخفيف من تآكلها وحماية القرى من انزلاقات التربة.
الأنواع الحرجية المتكيفة من أجل الحفاظ على المياه. تتكوّن البقع الحرجية بشكل رئيسي من الهال (Alnus nepalensis)، وهو نوع من الأشجار ينمو على التربة ذات المحتوى المائي العالي ويعطي نظام جذوره الجانبية الواسعة شيئًا من الثبات إلى التربة التي عادة ما تعاني من الانزلاق أو التآكل.
نظام ري فعال يقوم على الخدمات البيئية الحرجية. توفر المياه التي تجمعها الغابات في أعالي الجبال وطبوغرافيا المناظر الطبيعية نوعًا فريدًا وفعالًا للري من أجل حقول الأرزّ (أنظر الشكل ألف). وتساعد الجذور العميقة للأشجار الحرجية تسرّب الأمطار إلى المياه الجوفية. وإضافة إلى ذلك، يتدفّق الجريان السطحي على المنحدر عبر الغابات والقرى والمدرجات. ولا توفّر البقع الحرجية المياه فحسب، بل توفر أيضًا الأسمدة لحقول الأرزّ عندما تحمل المياه المتدفقة المغذيات من فضلات الغابة إلى الطبقات المتعدّدة من حقول المدرجات الأفقية.
الغابات كجزء من الحياة اليومية والثقافة لدى المزارعين. يعبد سكان هاني الطبيعة ويحترمون الأشجار كآلهة تحميهم وتباركهم. وترتبط معتقداتهم ارتباطًا قويًا بالدور المهم الذي تؤديه الغابات في حياتهم، إذ إنها توفر سلعًا عديدة منها الخشب وخشب الوقود والأدوية وموائل للتنوع البيولوجي الغني. تحتفظ كل قرية على غابة مقدّسة أو بقعة خشبية “سحرية” واحدة على الأقل. وهذا الارتباط الثقافي بالطبيعة هو بمثابة دافع لحماية الغابات والحفاظ عليها.
وبالتالي، تشكّل النظم الطبية التقليدية لسكان الغابات حول العالم مصدرًا رئيسيًا للمعارف. وتعرّف منظمة الصحة العالمية (2019) الطب التقليدي على أنه "مجموعة المعارف والمهارات والممارسات القائمة على النظريات والمعتقدات والخبرات الأصيلة التي تمتلكها مختلف الثقافات والتي تُستخدم، سواء أمكن تفسيرها أو لا، للحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض الجسدية والنفسية أو تشخيصها أو علاجها أو لتحسين أحوال المصابين بها". وتساهم هذه النظم في قدرة الشعوب المعتمدة على الغابات حول العالم على الصمود، وهي في كثير من الأحيان مصدر الرعاية الصحية الأكثر وفرة ووصولًا ويسرة من حيث التكلفة وقبولًا من حيث الثقافة. وتذكر منظمة الصحة العالمية (2002) بأن ما يقارب 80 في المائة من السكان في أفريقيا لا يزالون يعتمدون على الطب التقليدي من أجل متطلبات الرعاية الصحية الأولية. وتفيد التقديرات بأن مليار (1) شخص على الأقل يستعملون العلاجات العشبية لمعالجة الإسهال لدى الأطفال، ولا يشمل هذه العدد الأشخاص الموجودين في أوروبا وأمريكا الشمالية (منظمة الصحة العالمية، 2014ج). وفي عام 2010، بلغت تقديرات السوق العالمية للأدوية العشبية القائمة على المعارف التقليدية 60 مليار دولار أمريكي (Nirmal وآخرون، 2013).
وتقوم الحراجة الزراعية، سواء أكانت منظمة كأشجار في المناظر الطبيعية الزراعية أو كزراعة في المناظر الطبيعية الحرجية، بتحسين الصلة بين الزراعة والتنوع البيولوجي للغابات والأشجار. ويعزز التركيز المتزايد على نهج الحراجة الزراعية على مستوى المناظر الطبيعية دور الحراجة الزراعية في الحفاظ على التنوع البيولوجي. وتضطلع الحراجة الزراعية بخمسة أدوار رئيسية في الحفاظ على التنوع البيولوجي (Udawatta وRankoth وJoseا، 2019)، هي:
◂ توفير الموائل للأنواع التي يمكن أن تتحمّل مستوى معيّن من الاضطرابات.
◂ والمساعدة على صون المواد الوراثية للأنواع الحساسة.
◂ والتخفيف من معدّلات تحويل الموائل الطبيعية عن طريق توفير بدائل أكثر إنتاجية واستدامة من النظم الزراعية التقليدية التي يمكن أن تنطوي على إزالة الموائل الطبيعية.
◂ وإتاحة الوصل بين بقايا الموائل.
◂ وإتاحة خدمات النظام الإيكولوجي مثل مكافحة التآكل وإعادة تغذية المياه، التي تمنع بالتالي تدهور الموائل المحيطة أو فقدانها.
توفر الغابات والأشجار والتنوع البيولوجي المرتبط بها مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات التي تساهم في صحّة الإنسان، بما في ذلك الدواء أو الغذاء أو المياه والهواء النظيفين أو الظل أو مجرد مساحة خضراء يمكن فيها التدريب والاسترخاء (Nilsson وآخرون، 2010). وعلى قدر ما يتّسم النظام الحرجي أو الشجري بتنوّع بيولوجي، على قدر ما تتّسع مجموعة المنتجات والخدمات التي يمكن أن يوفرها.
إضافة إلى ما ذُكر أعلاه عن مساهمات الغابات والأشجار في التغذية والأمن الغذائي – وهي في حد ذاتها حيوية من أجل صحة الإنسان – يشمل كذلك التنوع البيولوجي الحرجي مجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات والمواد الجرثومية ذات القيمة الطبية المعروفة أو المحتملة. ولا تتّسم هذه المواد بالأهمية على الصعيد المحلي فحسب، بل يتم الاتجار بها في الأسواق الوطنية والدولية أو تستعمل كنماذج من أجل تركيب أدوية جديدة (تنتج المختبرات حاليًا أغلبية المركبات الفعالة التي كانت تشتق في الأصل من النباتات الحرجية). وأكثر من 000 28 نوع من النباتات مسجل حاليًا بوصفه نباتات ذات استعمالات طبية، والعديد منها موجود في النظم الإيكولوجية الحرجية (Willisا، 2017).
وتحتلّ الأدوية المستمدّة من الغابات مكانة بارزة في الطب الأيورفيدي والطب الصيني التقليدي ونظم الرعاية الصحية الأخرى لدى السكّان الأصليين. ويستمدّ العديد من الأدوية التي يعتمد عليها الطب الغربي من النباتات الحرجية واكتشفت كجزء من النظم الصحيّة التقليدية لسكان الغابات (Fabricant وFransworthا، 2001). وعلى سبيل المثال، فإن لحاء شجرة الكينا (الكينين)، المستمد من عدة أنواع من الأشجار في غابات الأنديز من جنس Cinchona، كان مضاد الملاريا الأكثر شيوعًا في العالم على مر قرون. وكان الكينين يُحصد في الأصل في المناطق البرية ولكنه أصبح يُستمد في وقت لاحق من الأشجار المزروعة في المزارع. وفي نهاية المطاف، استُعيض عن الكينين بمستخرج من الشيح الحولي (Artemisia annua) الذي يُعرف في مجموعة الأدوية الصينية منذ آلاف السنين. واكتشفت أدوية أخرى مستمدة من النباتات عن طريق فحوصات علم الأدوية؛ ويمكن اعتبار الباكليتاكسيل مثالاً على ذلك، فهو مركّب كيميائي أحيائي يُستمد في الأصل من لحاء الطقسوس الغربي (Taxus brevifolia) ويُعتبر أحد أفضل العناصر المضادة للسرطان المطورة من منتجات طبيعية.
وتندثر المعارف التقليدية الخاصة بالنباتات الطبية الحرجية والمنافع المرتبطة بها كنتيجة للتصنيع السريع والتوجهات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الرئيسية التي تؤثر على مجتمعات الشعوب الأصلية المعاصرة، إضافة إلى انخفاض التنوع البيولوجي واللغوي والثقافي العالمي (Reyes-Garcia وآخرون، 2013). ويخسر السكان الريفيون قدرتهم في الحصول على الأغذية والأدوية نتيجة إزالة الغابات وتدهور النظام الإيكولوجي وفقدان هذه المعارف، مما يسبب زيادة في انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والأمراض.
ومن الواضح أن صون وحفظ المعارف التقليدية المرتبطة بالتنوع البيولوجي الحرجي وحماية حقوق السكان الريفيين في مشاركة المنافع المتأتية عن استعمال معارفهم ومواردهم، على النحو المعترف به في بروتوكول ناغويا (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2011)، أمر مهم للغاية من أجل صحة ورفاه المجتمعات المحلية والمجتمع العالمي.
يفيد عدد متزايد من الأدلّة بأن التعرض للبيئات الطبيعية له آثار إيجابية على الصحة العقلية والجسدية لدى الإنسان من جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية ومن الجنسين كليهما، وعلى وجه الخصوص في المناطق الحضرية (Triguero-Mas وآخرون، 2015) خاصة سكان المناطق الحضرية الذين يعانون من الحرمان الاجتماعي والاقتصادي (Maas وآخرون، 2006؛ وMitchell وPophamا، 2008). وفي البلدان الصناعية والسياقات الحضرية، يمكن أن تعزّز البيئات الخضراء الاندفاع إلى الرياضة البدنية (المجلس الصحي في هولندا، 2004) والتخفف من المشاكل الصحية المرتبطة بنمط الحياة المستقر مثل الوزن الزائد والتوتر المزمن والجهد الناجم عن التركيز. وتبين أيضًا أن المساحات الخضراء تخفف من التوتر العقلي وتحسن الرفاه (Hartig وMang وEvansا، 1991؛ وGroenewegen وآخرون، 2006؛ وWhite وآخرون، 2013). ويُفترض أنّ التعرض للطبيعة قد يخفف من الجهد العقلي عن طريق تحريض العمليات الإدراكية الباطنية التي تتطلب القليل من الجهد أو لا تتطلب جهدًا على الإطلاق (Kaplan وKaplanا، 1989). ومع ذلك، فإن بعض المقيمين في المناطق الحضرية يربطون المساحات الخضراء البرية بالضعف مما يشدد على الحاجة إلى التخطيط الدقيق للمساحات الخضراء في المناطق الحضرية (Jorgensen وHitchmough وDunnetا، 2006).
ويبدو أيضًا أن القيام بزيارة البيئات الحرجية له آثار نفسية إيجابية، مثل تخفيف ضغط الدم ومعدّل نبضات القلب (Tamosiunas وآخرون، 2014) وزيادة التحكّم الإدراكي (Berman و Jonides وKaplanا، 2008) وتعزيز الاستجابات المناعية البشرية كذلك (Li وآخرون، 2008). وأظهرت عدة دراسات أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من البيئات الطبيعية المتنوعة بيولوجيًا يتمتعون بجراثيم معوية أغنى وأكثر تنوعًا وتحسس تأتبي أقل (أي قابلية الإصابة بحساسية زائدة) (Ege وآخرون، 2011؛ و Hanskiوآخرون، 2012؛ وRookا، 2013؛ وRuokolainen وآخرون، 2015). ويعترف اليابانيون بالقيمة الشفائية التي يتيحها "الانغماس في الطبيعة" shinrin-yoku، وهو ممارسة تنطوي ببساطة على الوجود في الطبيعة واستيعاب جو الغابات (Park وآخرون، 2010؛ Hansen وJones وTocchiniا، 2017).
ويستعمل "التعليم في الغابات"، وهو ممارسة شعبية قديمة في البلدان الاسكندنافية يجري اعتمادها الآن في أماكن أخرى، المناطق الحرجية والغابات كوسيلة لتطوير المهارات الجسدية والاجتماعية والإدراكية والحيوية وبناء الاستقلالية والثقة بالنفس لدى الأطفال والشباب (O’Brienا، 2009). والأطفال المسجّلون في المدارس الحرجية أقل عرضة لزيادة الوزن أو السمنة أو المعاناة من أعراض اضطراب قصور الانتباه وفرط النشاط الحركي أو الإصابة بالالتهابات الشائعة (Isted، 2013؛ وBlackwellا، 2015).
ويعيش أكثر من 90 في المائة من سكان العالم في أماكن يتجاوز فيها تلوث الهواء حدود المبادئ التوجيهية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية (منظمة الصحة العالمية، 2016)، وتقدّر منظمة الصحة العالمية (2018ب) أن 7 ملايين شخص يموتون سنويًا بسبب استنشاق جزئيات دقيقة من الهواء الملوث. وببساطة، تفيد الغابات جميع السكان عن طريق تحسين جودة الهواء (Nowak وCrane وStevens، 2006). وتساعد الغابات والأشجار على التخفيف من العديد من مشاكل العيش في المناطق الحضرية، على سبيل المثال، عن طريق التقليل من أثر الجزر الحضرية الحارة (Bowler وآخرون، 2010؛ وShisegarا، 2014) – الذي قد يكون قاتلًا خلال موجات الحر الشديدة- والتخفيف من الضوضاء (Irvine وآخرون، 2009؛ وGonzález-Oreja وآخرون، 2010). ونظرًا إلى هذه المنافع والمنافع الأخرى التي تتيحها الغابات والأشجار، بدأت السياسات الصحية الرائدة تعترف باستعمال الطبيعة من أجل تحسين صحة السكان في بلدان مثل أستراليا والمملكة المتحدة لبريطانيا وآيرلندا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية (Shanahan وآخرون، 2015). وعلى سبيل المثال، تضطلع أستراليا بدور ريادي في نهج "المنتزهات الصحية من أجل أشخاص صحيين"، ويشكل هذا النهج جزءًا من الحركة العالمية الرامية إلى إطلاق العنان لمنافع الصحة والرفاه التي توفرها الطبيعة والمنتزهات من أجل الوقاية والاستعادة، مع الحفاظ على التنوع البيولوجي في الوقت ذاته.
وتقلّل الغابات أيضًا بشكل غير مباشر من تواتر الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية والمياه عن طريق تنقية المياه وتوفير الوقود الخشبي من أجل طهي الطعام وغلي المياه. وهذا الأمر حيوي بما أن الأمراض الإسهالية المنقولة عن طريق المياه، على سبيل المثال، تتسبب بوفاة مليوني شخص سنويًا، وأغلب هذه الوفيات من الأطفال دون سن الخامسة (منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، 2000). وإضافة إلى ذلك، تعطي النظم الغذائية التقليدية القائمة على الأغذية المتنوعة النباتية والحيوانية التي يتم جمعها من المناطق الحرجية والغابات أملًا في التقليل من الأمراض مثل داء السكري من النوع الثاني والسمنة لأن هذه الأغذية تحتوي بشكل رئيسي على دهون منخفضة وبروتينات عالية وكربوهيدرات معقدة (Sarkar وWalker-Swaney وShettyا، 2019).
إن الرفاه ليس حالة تخص الأفراد فحسب، بل تخص المجتمع الأوسع كذلك. ويتمتع العديد من السكان والمجتمعات، لا سيما الشعوب الأصلية، بصلات قديمة تمتد على مرّ أجيال متعددة وتربطهم بمناطق حرجية محددة؛ ولا يحصلون من الغابات على منافع مباشرة فحسب، بل يحصلون كذلك على منافع غير ملموسة تنتج عن وجود علاقة روحية عميقة بالمناظر الطبيعية الحرجية والأنواع المحلية، التي يتم الإعراب عنها من خلال المعتقدات والأعراف والتقاليد والثقافات (Fritz-Viettaا، 2016).
وقد تكون لمبادرات الحفاظ على التنوع البيولوجي التي لا تراعي القيم الثقافية آثار ضارة على الصحة الفردية والمجتمعية لسكان الغابات. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يتسبّب حظر حصاد بعض المنتجات الغذائية المهمة تقليديًا أو جمع هذه المنتجات باضطرابات نفسية، ويمكن أن يؤثر على الرفاه حتى في حال تلبية الاحتياجات الغذائية عن طريق مصادر أخرى؛ وقد حصل هذا على سبيل المثال بين المجموعات الإثنية المتعددة في حوض الكونغو التي تعاني من ضغط نفسي عندما لا تتوافر لحوم الطرائد (Dounias وIchikawaا، 2017).
تشمل وفرة التنوع البيولوجي في الغابات، خاصة الاستوائية منها، مجموعة هائلة من العوامل الممرّضة والطفيليات وناقلاتها. وأغلبية الأمراض الجديدة المعدية التي يصاب بها الإنسان هي حيوانية المصدر، أي أن أصلها من الحيوان (Olival وآخرون، 217). ويمكن أن يرتبط ظهورها بالتغيير الحاصل في المناطق الحرجية وامتداد السكان إلى المناطق الحرجية، وكلاهما يزيد من تعرّض الإنسان للحياة البرية (Wilcox وEllisا، 2006) وفي بعض الحالات لاستهلاك لحوم الطرائد. وتشمل الأمراض المتلعقة بالغابات الملاريا وداء شاغاس (المعروف أيضًا باسم داء المثقبيات الأمريكي)، وداء المثقبيَّات البشري الأفريقي (داء النوم)، وداء الليشمانيَّات وداء لايم (أنظر الجدول 4). ولدى فيروس نقص المناعة البشرية وإيبولا أصول حرجية واضحة، وهما حيوانيّا المصدر ومحط أنظار الاهتمام العالمي. وتشمل العوامل الممرضة الأخرى المعروفة بدرجة أقل والمرتبطة بالأشجار والغابات فيروسات هينيبا، ويجري تحديد عوامل ممرضة جديدة باستمرار على غرار فيروس كورونا المستجدّ 2019-nCoV الذي تسبب في حالة . في حين أنه ليس من الممكن بعد تحديد كيفية إصابة البشر في البداية، يُفترض أيضًا أن COVID-19 من أصل حيواني (منظمة الصحة العالمية، 2020).
ولا تشكل أغلب العوامل الممرضة الموجودة في الغابات تهديدًا مباشرًا للإنسان. وقد تطور العديد من العوامل الممرضة المحتملة بصورة مشتركة مع الأحياء البرية ولا تتسبب في مشاكل صحية لدى مضيفاتها، لكن قد تؤدي إلى مشاكل إذا انتقلت إلى أنواع مضيفة أخرى مثل الإنسان. وقد يترتب عن تغيير الغابات وفرة معدلة أو انتشار مضيفات العوامل الممرضة وناقلاتها، وقد تساعد الوظائف الهيدرولوجية المغيّرة في ظهور العوامل الممرضة المنقولة عن طريق المياه (Wilcox وEllisا، 2006). وبالتالي، يزيد التعدين وإزالة الغابات وتدهور الموائل والتعدي المتزايد الذي يقوم به الإنسان في الأراضي الحرجية من أخطار ظهور عوامل ممرضة جديدة تؤثر على الإنسان. ولكن هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أنه يمكن للمناطق العالية التنوع البيولوجي أن تحمي الأشخاص من بعض الأمراض المعدية عن طريق ما يعرف باسم تأثير التخفيف (Rohr وآخرون، 2019).
وتم توثيق سبعين نوعًا من الثدييات الكبيرة اللاحمة التي أودت بحياة بعض الأشخاص. ويبدو أن خمسة أو ستة أنواع منها تقوم بذلك على نحو منتظم، فضلًا عن أن هجوم الحيوانات المفترسة على الإنسان أمر غير مألوف (Linnell وAlleau، 2016؛ وHartا، 2018). وفي المقابل، تهاجم الحيوانات السامة ما يصل إلى 2.5 مليون شخص كل عام، مسببة بين 000 20 و000 100 حالة وفاة (منظمة الصحة العالمية، 2017). وتمثّل لدغات الأفاعي خطرًا مهنيًا في أي نشاط من الأنشطة الحرجية. ويمكن لحيوانات الغابة الأخرى أن تؤذي الإنسان أو تفتك به؛ وفي أفريقيا وآسيا على السواء، يسبب الصراع مع الفيلة مئات الوفيات كل عام (وتفيد الهند وحدها عن عدد وفيات سنوية يبلغ 400 شخص و100 فيل بسبب هذه الصراعات) (Shaffer وآخرون، 2019). وبُذلت جهود كبيرة في جميع أنحاء العالم من أجل التقليل من هذه الحوادث من خلال خطط مجتمعية مبتكرة لإدارة الموارد الطبيعية وأنظمة التعويضات وبرامج التحفيز والتأمين (الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، 2013) (أنظر أيضًا الإطار 52 في الفصل السادس).
وتشمل المخاطر الصحية المميتة المحتملة الأخرى حوادث ترتبط بقطع الأشجار وغيرها من أنواع العمل في الغابات؛ وسقوط الأشجار وأغصانها، لا سيما خلال العواصف؛ وحرائق الغابات، التي تكون على وجه الخصوص مدمرة للسكان ومنازلهم وأعمالهم عندما تنشب في الغابات الواقعة في المناطق شبه الحضرية مثل الحرائق التي نشبت في أستراليا في ديسمبر/كانون الأول 2019. وتؤوي الغابات أيضًا مسببات الحساسية (Cariñanos وآخرون، 2019) والفطريات والكائنات الأخرى المسمّمة للأشخاص في حال تناولها.
وتشير هذه القضايا إلى دور الإدارة المسؤولة للغابات في ضمان رفاه الإنسان (McFarlane وآخرون، 2019).
نظرًا إلى العلاقة الوثيقة التي تربط صحة الإنسان والحيوان والبيئة، يهدف نهج "الصحة الواحدة" إلى تحسين الصحة والرفاه عن طريق الوقاية من الأخطار والتخفيف من وطأتها في الحيز المشترك بين الإنسان والحيوان وبيئاتهما المختلفة. وفي أفريقيا على سبيل المثال، تشترك منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان في تنفيذ برنامج الصحة الواحدة الذي يجمع بين الفنيين وواضعي السياسات في مجال الحراجة والموارد الطبيعية والزراعة والمواشي والصحة العامة من أجل ضمان تحقيق التوازن بين جميع القطاعات والمجالات ذات الصلة.
وينبغي أن يراعى هدف تحقيق النتائج الصحية المثلى لدى المجتمعات البشرية عند إدارة الغابات والتخطيط لها، لا من أجل المناطق الريفية فحسب، بل أيضًا من أجل المناطق شبه الحضرية والحضرية والبلدان المتقدمة (مثلًا الإطار 33) والبلدان النامية على السواء. وينبغي لتخطيط استعمال الأراضي من أجل التوسع الحضري أو الزراعي أن يراعي أهمية الحواجز الفاصلة التي من شأنها أن تخفف من التأثيرات المحتملة التي ترتبط بارتفاع معدّلات التماس بين الأحياء البرية والماشية والسكان.
◂ توطيد التعاون بين مالكي الغابات ومديريها ومخططي المناظر الطبيعية والفنيين من القطاعات الأخرى، وعلى وجه التحديد قطاعات الرعاية الصحية العامة والتعليم والرياضة والترفيه والسياحة.
◂ التشجيع على المشاركة العامة والشمولية عن طريق التفاعل مع المجتمعات المحلية.
◂ النظر إلى الرفاه البشري كعنصر رئيسي في مفهوم خدمات النظام الإيكولوجي عند تقييم الآليات والتمويل من أجل توفير خدمات النظام الإيكولوجي في الغابات.
◂ رصد زوّار الغابات وطلباتهم في ما يخص النشاطات الترفيهية في الهواء الطلق وما يتّصل بذلك من منافع صحية.
◂ الاستثمار في البحوث، من قبيل البحوث الخاصة بالعلاقة بين الجرعة والاستجابة والآثار الصحية البعيدة الأجل المتعلقة بإعادة التأهيل والتعافي من المرض والتقدير الاقتصادي للمنافع الصحية للغابات.
◂ الاستثمار في مجالي التعليم والتدريب اللذين يشملان الوظائف المتعددة للغابات ويعدان العمال لوظائف خضراء جديدة تدمج الجوانب الاجتماعية والصحية في الإدارة المستدامة للغابات.
◂ تعزيز إمكانية الوصول إلى الغابات من أجل تيسير الزيارات المنتظمة أمام سكان المناطق الحضرية.
◂ تعزيز التواصل من أجل تحسين الفهم العام للقرارات المتعلقة بالغابات وتقليل حالات النزاع في استعمال المناطق الحرجية وإدارتها.
المصدر: ملخص من المؤتمر الوزاري لحماية الغابات في أوروبا، 2019. أنظر الإطار 54 للاطلاع على وصف للغابات في أوروبا.
إن أكبر تهديد يواجهه التنوع البيولوجي في الغابات هو فقدان الموائل والأنواع بسبب إزالة الغابات وتدهورها.
ويتناول هذا الفصل السبل التي يرد وصفها في الفصلين الثاني والثالث من أجل الوقاية من فقدان الغابات ووقف هذا الفقدان وعكس مساره. ويمكن أن يساعد فهم العوامل التي تؤدي إلى إزالة الغابات أو تدهورها على فهم كيفية الوقاية من فقدان المزيد من الغابات والتنوع البيولوجي. وفي الحالات التي قد وقع فيها الضرر بالفعل، يمكن لإعادة تأهيل المناظر الطبيعية الحرجيّة البدء في عكس مسار الفقدان.
لطالما أُقرّ منذ أمد طويل بأن النمو السكاني والاتجاهات الديمغرافية والتنمية الاقتصادية هي العوامل الرئيسية للتغيّر البيئي. وفي الأعوام الخمسين الماضية، تضاعف عدد السكان ونما الاقتصاد العالمي بمقدار أربعة أضعاف تقريبًا. وانتشلت التنمية الاقتصادية مليارات البشر من الفقر في العديد من البلدان. ولكن الطبيعة في هذه العملية شهدت في معظم أنحاء العالم تغيرًا كبيرًا، وكانت هذه الآثار سلبية في الغالب على التنوع البيولوجي وكذلك في كثير من الأحيان على أشد الفئات ضعفًا في المجتمع، بما في ذلك الشعوب الأصلية. والضغوط الحرجة معروفة، وهي تَغيّر الموائل وفقدانها وتدهورها، والممارسات الزراعية غير المستدامة، والأنواع الغازية، وقلّة الكفاءة في استعمال الموارد والاستغلال المفرط، بما في ذلك قطع الأشجار والتجارة بالحياة البريّة بصورة غير قانونيّة. وتتفاقم آثار هذه الضغوط بفعل تغيّر المناخ وتقلباته المتزايدة.
وتوجّه الضغوطات في الأسواق العالمية والأفضليات الغذائية والفاقد والمهدر على امتداد سلاسل القيمة الزراعية الطلب على المنتجات الزراعية والحرجية التي تُحدث بدورها إزالة الغابات وتدهورها (الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات، 2019). وتعد بشكل عام ضرورة توفير الغذاء والطاقة لعدد متزايد من سكان العالم السبب الرئيسي لفقدان الغابات والتنوع البيولوجي الحرجي. وفي أفريقيا، يمثل الضغط السكاني والفقر التهديدين الرئيسيين المحدقين بحفظ الغابات، إذ إنهما يدفعان بالمزارعين الفقراء إلى تحويل الغابات إلى أراضٍ زراعية (Uusivuori و Lehto وPalo، 2002؛ وLung وSchaabا، 2010)، وإلى حصد الوقود الخشبي بمستويات غير مستدامة. وفي أماكن أخرى، تحدث إزالة الغابات بسبب التغيرات التي تطرأ على الأنماط الاستهلاكية لدى سكان أيسر حالًا. ومع ذلك، فإن القوى السياسية والاجتماعية الاقتصادية العديدة التي تتفاعل على الصعد العالميّة، انتهاءً بالصعد المحليّة، هي التي تتسبب في الواقع في إزالة الغابات وتدهورها (Lambin وآخرون، 2001؛ وCarr وSuter وBarbierا، 2005). وكشف تحليل لبيانات وطنيّة تخص بلدان استوائية وشبه استوائية يبلغ عددها 46 بلدًا وتشكل 78 في المائة من المساحة الحرجيّة في تلك المجالات المناخية (Hosonuma وآخرون، 2012) أن الزراعة التجارية واسعة النطاق (بشكل أساسي تربية الماشية وزراعة فول الصويا ونخيل الزيت) هي أكثر العوامل انتشارًا لإزالة الغابات، وتمثّل 40 في المائة منها. وتشكل زراعة الكفاف المحليّة ما يقدَّر بنسبة 33 في المائة من نسبة إزالة الغابات، والتوسع الحضري 10 في المائة والبنى التحتية 10 في المائة والتعدين 7 في المائة. وفي بعض الحالات، فإن التغير في استعمال الأراضي تسبقه إزالة الغابات التي يتسبّب بها، على سبيل المثال، قطع الأخشاب على نحو غير مستدام أو غير قانوني. وكشف هذا التحليل أيضًا اختلاف العوامل بشكل كبير بين المناطق (الشكل 29) بل وحتى بين البلدان.
إن المنافع المتوقَّعة مقارنة بالتكاليف المتكبدة بفعل الحواجز التي تعيق الوصول أو الحواجز المؤسسية تحدد بشكل كبير استعمال السكان لمورد ما (Schweikا، 2000)، ولكن الاستعمال يتأثر أيضًا بالعوامل المحليّة والتاريخية على نطاقات مختلفة مثل الاعتراف بالحيازة التقليدية للغابات والإدارة العرفية وممارسات الاستعمال العرفية وتنفيذ اتفاقات استعمال المناطق المحميّة على الصعيد المحليّ وطرق الوصول المحليّة وأسعار السلع والأفضليات الثقافية. ويمكن لفهم السياقات المحليّة التي تتفاعل فيها العوامل على نطاقات مختلفة أن يساعد في إرشاد القرارات الإدارية – بما في ذلك العمليات السياسية والاقتصادية على الصعيدين العالمي والوطني، والأطر المؤسسية التي تحكم النفاذ إلى الموارد، وقيم أصحاب المصلحة، والخصائص الإيكولوجية للموارد (الشكل 30) (Ostrom وNagendraا، 2006).
وكما يوضح المثال الوارد في الإطار 34، لا تظهر النماذج البسيطة لعوامل تغير الغابات الحقائق الاجتماعية والإيكولوجية المحليّة المعقدة. وتقود النماذج إلى وصفات مؤسسية مبسطة وتدخلات تقوم على هذه الوصفات، ولذلك فإنها لا تحقق أهدافها في أكثر الأحيان (أنظر أيضًا Nel وHillا، 2013 وMolinario وآخرون، 2020). ومن الضروري مراعاة الديناميكيات الخاصة بالسياقات والعوامل الأساسية لتغير الغابات والاعتراف بأهميتها في التأثير على قرارات السكان المحليّين. وتتباين على الصعيد المحليّ الحوافز التي تؤثر على دافع السكان إلى دعم الإدارة المستدامة للغابات، ولذلك لا يمكن تحديدها على الصعيد العالمي.
يجسد جبل إلغون في أوغندا تحديات حفظ التنوع البيولوجي في المناطق المكتظة بالسكان. وتوفّر غابات الجبل للمجتمعات المحليّة الخشب وخشب الوقود والموارد غير الخشبيّة والخدمات الحرجيّة، ولا سيما الخدمات الهيدرولوجية بما أن الجبل هو المصدر الرئيسي للمياه في المنطقة. وتشكّل هذه الغابات أيضًا مصدرًا للأراضي الزراعيّة. وجبل إلغون له تاريخ من الحماية في ظل النظم الإدارية المتعدّدة الإقصائية إلى حدّ ما. وتمارس الكثافات السكانيّة العالية (التي تصل إلى 000 1 شخص في كل كيلومتر مربع) ضغطًا متناميًا على الموارد الحرجيّة. ومن الشائع وجود نزاعات للنفاذ إلى الموارد واستعمالها (Norgrove وHulmeا، 2006؛ والبرنامج الإقليمي لحفظ النظام الإيكولوجي في جبل إلغون، 2007).
وخلال الفترة الممتدة من 1973 إلى 2009، فُقد أكثر من 25 في المائة من مساحة الغطاء الحرجي، ولكن الغابات انتعشت كذلك في بعض المناطق (Sassen وآخرون، 2013). واستعمل Sassenا (2014) مزيج جمع بين الاستشعار عن بُعد والبحث الميداني من أجل دراسة الكيفية التي أدّت بها العوامل التي تنوّعت في المنتزه وخلال الفترة الزمنية إلى هذه النتائج المختلفة في الغابة – بما في ذلك أهداف استعمال الأراضي، ومستويات الثروة، والوصول إلى السوق، والعلاقة بإدارة المنتزه.
ولم تكشف الدراسة عن علاقة بسيطة ومباشرة بين كثافة السكان والفقر والتوسّع الزراعي وإزالة الغابات في جبل إلغون خلال الفترة الممتدّة على 36 عامًا. ولم يتسبّب السكّان في إزالة الغابات إلّا في حالات قليلة، أي عندما انهارت مؤسسات إدارة المناطق المحميّة في سبعينيّات وثمانينيّات القرن الماضي في تلك الأماكن التي أصبح السكان فيها أثرياء بفضل زراعة البنّ. وعندما أُعيد تأسيس حدود المناطق المحميّة، انتعشت الغابات بالقرب من بعض المناطق الأكثر اكتظاظًا بالسكان، ومن بينها المناطق التي تمكّن سكانها من الاستثمار في التكثيف الزراعي. ورغم المعاناة من صعوبات في الوصول إلى السوق، إلا أنّ محصولهم كان محصولًا تجاريًا يسهل نقله (أي البنّ)، ولم يكونوا على نزاع كبير مع إدارة المنتزه (أنظر توجه الغطاء الحرجي في جوار “القرى القائمة على زراعة البنّ” بعد عام 1988 في الشكل ألف). وبشكل عام، يحتمل أن تتسبّب الثروة، التي تُقاس على أساس الموجودات، في إزالة الغابات أكثر ممّا يتسبّب بذلك الفقر (مع أن ذلك أيضًا يتوقف على السياق). وقد أدّت إعادة توطين الرعاة خارج الغابات في تسعينيّات القرن الماضي وتشجيعهم على الاضطلاع بسبل العيش الزراعية (الذرة) إلى نزاعات وانتهاكات كبيرة للغابات رغم انخفاض الكثافات السكانية (أنظر توجه الغطاء الحرجي في جوار “القرى القائمة على زراعة الذرة” في الشكل ألف). وبشكل رئيسي، ارتبطت الأسعار المرتفعة للمحاصيل التجارية بإزالة الغابات في المناطق التي تتوافر فيها فرص جيدة للنفاذ إلى الأسواق في ما يخص المحاصيل الموسمية الرئيسية (على سبيل المثال، الذرة والملفوف والبطاطا) وذات المستويات العالية من النزاع على حدود المنتزهات (أي في ما يخص “القرى الجنوبية القائمة على زراعة البنّ” بعد عام 2001، الشكل ألف).
وقد تغير أيضًا تدهور الغابات وفقًا للاحتياجات المرتبطة بممارسات استعمال الأراضي على الصعيد المحليّ (على سبيل المثال، الحاجة إلى مستلزمات التثبيت من أجل الموز والفول أو الحاجة إلى المراعي من أجل الماشية) والوصول إلى السوق (على سبيل المثال، فرص بيع الفحم الحجري). وكشفت الدراسة أيضًا أن السماح بجمع الموارد الحرجيّة، مثل خشب الوقود، بموجب اتفاقات الإدارة المجتمعيّة يمكن أن يكون ذا حدّين. فمن الجهة الأولى، يتيح هذا السماح فرصًا للأنشطة المضرّة؛ ومن الجهة الأخرى، يساعد في تحسين العلاقات بين السكان المحليّين وموظفي المنتزه، ويسهّل بالتالي تحسين اتفاقات الإدارة وتحقيق نتائج حرجيّة أفضل.
وتبيّن هذه النتائج أن النماذج البسيطة القائمة على العوامل الوحيدة لإزالة الغابات (مثل السكّان أو الفقر) لا يمكنها شرح التنوع المحليّ في نتائج الحفظ. بل إن السياق المحليّ (مثل إنفاذ القانون والإدارة التعاونية والتدخل السياسي) الذي تعمل في إطاره عوامل من قبيل السكان والثروة والوصول إلى السوق وأسعار السلع هو الذي يؤثر على الغطاء الحرجي ونتائج تدهوره أو تجدده على مر الزمن، وليست العوامل بحد ذاتها التي تقوم بذلك. ولهذا المفهوم آثار كبيرة على تصميم ترتيبات إدارية أكثر تكيفًا على الصعيد المحليّ وأكثر استدامة من الناحية البيئية والاجتماعية.
يتسم اكتساب فهم جيد للأنشطة البشرية التي تحدث اضطرابات في الغابات بدور أساسي لدى رسم السياسات وتحديد الإجراءات في سياق مبادرة خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها وتحديد الدوافع الكامنة وراء إزالة الغابات وتدهورها وهو يشكل خطوة أولى لوضع استراتيجيات وخطط عمل متصلة بهذه المبادرة. ويبيّن المثال من زامبيا في الشكل 31 تعدد التفاعلات بين مختلف الدوافع.
تسارعت وتيرة الإجراءات الرامية إلى مكافحة إزالة الغابات خلال العقد الماضي، وكان السبب في ذلك بشكل رئيسي إدراك أن فقدان الغابات واستعمال الحرق من أجل تنظيف الأراضي يؤدي إلى آثار سلبية على دورة الكربون العالميّة. وقد أُدرج خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها (خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها ودور حفظ الغابات وإدارتها المستدامة وتعزيز مخزونات الكربون للغابات في البلدان النامية) كإجراء موصى به في اتفاق باريس. ويظهر تحليل أجري مؤخرًا لاستراتيجيات خاصة بالمبادرة وعددها 32 استراتيجية (منظمة الأغذية والزراعة، سيصدر قريبًا) تنوع الدواقع المباشرة والكامنة وراء إزالة الغابات وتدهورها ضمن البلدان وفي ما بينها (الشكل 32). وأفادت تسعة بلدان حتى الآن عن خفض إزالة الغابات إلى حدود اتفاقية الأمم المتّحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بما يعادل انخفاضًا في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 9 مليارات طن تقريبًا (الإطار 35). وتحصل البلدان حاليًا على مدفوعات قائمة على النتائج – وهي مكافآت على خفض الانبعاثات – في إطار خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها، وتصدر هذه المدفوعات عن الصندوق الأخضر للمناخ والآليات الأخرى المشابهة. وقدّم عدد من المبادرات الدوليّة الدعم إلى هذه الجهود، بما في ذلك برنامج الأمم المتّحدة للتعاون في مجال خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها الذي تشارك في تنفيذه منظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، وبرنامج الأمم المتّحدة للبيئة (الإطار 36)، ومرفق الشراكة للحدّ من انبعاثات كربون الغابات وبرنامج البنك الدولي للاستثمار في الغابات.
تمكّن مبادرة خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها (المبادرة) البلدان النامية من الحصول على التمويل للتحقق من النتائج من حيث خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها وللإدارة المستدامة للغابات، إضافة إلى صون مخزونات الكربون وزيادتها. ويشمل إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الخاص بالمبادرة تحديد دوافع إزالة الغابات ووضع استراتيجيات وخطط عمل خاصة بالمبادرة. وتشمل أيضًا مجموعة من الضوابط البيئية والاجتماعية مثلاً لضمان أن تكون الإجراءات المتخذة متسقة مع صون الغابات الطبيعية والتنوع البيولوجي وأن تحترم معارف الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية وحقوقها.
وحتى تاريخه، قدّم 50 بلدًا خط أساس للانبعاثات من أجل رصد التقدم الذي تحرزه في خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها. وتمثل هذه البلدان أكثر من 30 في المائة من المساحة الحرجية في العالم وأكثر من 70 في المائة من الخسارة العالمية من الغابات. ووضع 30 بلدًا استراتيجيات وطنية خاصة بالمبادرة فيما أدرج 54 بلدًا المبادرة ضمن مساهماتها المحددة وطنيًا. واعتبارًا من يناير/كانون الثاني 2020، أفادت تسعة بلدان عن خفض انبعاثات الكربون بمقدار 8.82 مليارات طنّ بفعل تراجع معدلات إزالة الغابات وتدهورها.
إن برنامج الأمم المتّحدة برنامج تعاوني بين منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتّحدة للبيئة، يدعم العمليات الخاضعة للقيادة الوطنيّة بشأن خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها. ويعزز هذا البرنامج المشاركة المستنيرة والهادفة لجميع أصحاب المصلحة في تنفيذ خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها على الصعيدين الوطني والدولي، بما في ذلك الشعوب الأصلية وغيرها من المجتمعات المعتمدة على الغابات. وساند هذا البرنامج منذ إنشائه في عام 2008 جهود التأهب الوطنيّة المبذولة من أجل خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في 65 بلدًا شريكًا في أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية. وقد تطور البرنامج ليصبح منصة الأمم المتّحدة للمعارف والاستشارة بشأن الغابات والمناخ، مع التركيز على إحراز تقدم في إطار المادتين 5 و6 من اتفاق باريس (المتعلقتين بحفظ الغابات كبالوعات الكربون، وخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها، والنهج الأخرى الخاصة بالإدارة المستدامة للغابات [المادة 5] وأسواق الكربون [المادة 6])، ودعم تنفيذ السياسات والاستراتيجيات وتمكين الحصول على التمويل في مجال المناخ وإقامة الشراكات من أجل وقف إزالة الغابات وحمايتها وإعادة تأهيلها، والقيام بالتالي بمعالجة الأهداف المتعلقة بالمناخ والتنوع البيولوجي وسبل المعيشة في آنٍ معًا.
وقد حظي إعلان نيويورك بشأن الغابات، وهو إعلان دولي طوعي غير ملزم صدر في عام 2014 من أجل اتخاذ إجراءات لوقف إزالة الغابات، بما يزيد عن 200 جهة مؤيدة، بما في ذلك الحكومات الوطنيّة وشبه الوطنيّة والشركات المتعدّدة الجنسيات والمجموعات التي تمثل الشعوب الأصليّة والمنظمات غير الحكوميّة. ولعل أهم ما في الإعلان أنه ينطوي تحديدًا على التزام ودعم من القطاع الخاص في ما يخص القضاء على إزالة الغابات من سلاسل إمداد السلع الزراعيّة الكبيرة بحلول عام 2020 (أنظر المثال الوارد في الإطار 37 والشكل 43).
يأتي حوالي 70 في المائة من إمدادات الكاكاو العالمية من المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة في غرب أفريقيا، والكاكاو هو المصدر النقدي الرئيسي في هذه المناطق المنتجة له (Gayi وTsowouا، 2016). ولكن الكاكاو كان على مرّ التاريخ عاملًا مهمًا وسببًا مباشرًا لإزالة الغابات (Ruf وZadiا، 1998). وفي كثير من الأحيان، تدفع غلات الكاكاو الضعيفة في المزارع المؤسسة إلى الامتداد إلى الغابات، إذ إن التربة التي أُخليت حديثًا من النباتات الطبيعية تكون أكثر خصوبة في الغالب.
وقطعت الحكومات والقطاع الخاص مجموعة من الالتزامات من أجل القضاء على إزالة الغابات في سلاسل إمدادات الكاكاو للحفاظ على التنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي، مع تجنب الخسائر في الإيرادات والآثار على سبل العيش المحليّة (Carodenutoا، 2019). وتهدف المبادرات الأخيرة للقطاعين العام والخاص مثل مبادرات غابات الكاكاو في غانا وكوت ديفوار (المؤسسة العالميّة للكاكاو، 2017) وبرنامج المناظر الطبيعية الخضراء للكاكاو في الكاميرون (مبادرة التجارة المستدامة، 2019) إلى دعم التكثيف المستدام لإنتاج الكاكاو وقدرته على الصمود في وجه تغيّر المناخ والوقاية من إزالة المزيد من الغابات وإعادة تأهيل المتدهور منها. وتتسق هذه المبادرات في كثير من الأحيان مع السياسات والخطط الوطنيّة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها.
وبغية دعم السياسات والتخطيط بشأن التنمية والتكثيف المستدام للكاكاو، حددت دراسة أجراها برنامج البحث والتوعية التابع لمنظمة CocoaSoilsا (Sassen وArnel وvan Soesbergen، لم تصدر الدراسة بعد) المناطق الحرجيّة المهمّة بالنسبة إلى التنوع البيولوجي (استنادًا إلى مقياس يستعمل بيانات نطاق الأنواع للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة) والملائمة للكاكاو حاليًا (استنادًا إلى نموذج وضعه Schroth وآخرون [2016])، ولذلك يُحتمل أن تكون معرّضة لخطر الإزالة (المناطق ذات اللون البني الغامق في الشكل ألف).
وحللت الدراسة أيضًا طريقة استجابة التنوع البيولوجي للتغيرات في استعمال الأرض التي ترتبط بنظم الكاكاو المختلفة، وذلك باستعمال بيانات من دراسات أجريت في أفريقيا وآسيا والأمريكيتين وأوسيانيا ومستمدة من قاعدة بيانات PREDICTS للاستجابة الاستباقية للتنوع الإيكولوجي في ظل النظم الإقليمية المتغيرة (Hudson وآخرون، 2017). وأظهرت النتائج أنه في ما يخص ثراء الأنواع وتركيب المجموعات، فإن آثار تأسيس الكاكاو أقل ضررًا من آثار المرتبطة بالأراضي الزراعية، وأن نظم الحراجة الزراعية المظللة طبيعيًا تحتوي على ثراء أعلى للأنواع من أنظمة الزراعة الأحادية للكاكاو ( الشكل باء). ومع مرور الوقت، تصبح نظم الحراجة الزراعية للكاكاو أكثر شبهًا بالغابات، مع أنها لن تستعيد أبدًا المجموعات الحرجيّة الأصلية في دورة حياة المنشآت الحرجيّة المنتجة للكاكاو (التي تبلغ 25 عامًا تقريبًا). وبالتالي، مع أن الغابات الزراعية للكاكاو لا يمكنها أن تحل مكان الغابات الطبيعية، إلا أنها تشكل أداة قيّمة للحفاظ على التنوع البيولوجي وحمايته، مع الإبقاء في الوقت ذاته على مستويات إنتاجية عالية في المناظر الطبيعية الزراعية (أنظر أيضًا Schroth وآخرون، 2004).
وتبرز النتائج المجمّعة مخاطر وفرصًا مختلفة بالنسبة إلى مختلف المساحات الواقعة ضمن منطقة الكاكاو غرب أفريقيا. وفي الأماكن التي تتداخل فيها الأراضي المناسبة جدًا للكاكاو مع الغابات المتبقية وقيم التنوع البيولوجي العالية (مثلاً ليبيريا والكاميرون)، لا بدّ من حماية مناطق الحفظ القائمة والحدّ من مواصلة تطوير الكاكاو في الغابات غير المحميّة، وذلك عن طريق التخطيط السليم. وفي هذا الصدد، فمن المهم للغاية دعم المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة من أجل جعل إنتاج الكاكاو إنتاجًا مستدامًا وخاليًا من إزالة الغابات في نظم الإنتاج المتنوعة.
وفي الأماكن التي تم فيها تحويل جزء كبير من الغابة الأصلية إلى الزراعة، كما هو الحال في كوت ديفوار وغانا، قد تؤدي نظم الحراجة الزراعية للكاكاو دورًا في الجهود الرامية إلى زيادة الغطاء الحرجي في المناظر الطبيعية الزراعية وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة (على سبيل المثال، في إطار خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها). ويمكن أن تساعد هذه النظم في الحفاظ على شيء من التنوع البيولوجي على الأقل وفي دعم خدمات النظام الإيكولوجي على الصعيدين المحليّ والعالمي، فضلاً عن تنويع سبل العيش.
وتدعو الحاجة أيضًا إلى وجود آليات مالية لتحفيز الإنتاج المستدام للكاكاو (مثل الائتمانات أو المدفوعات من أجل الخدمات البيئية أو تمويل الكربون)، نظرًا إلى أنه المزارعين لن يكونون على الأرجح قادرين على تحمل عبء التكاليف المرتبطة بتغيير ممارستهم.
في فبراير/شباط 2018، عقدت الشراكة التعاونية في مجال الغابات (وهي ترتيب طوعي بين 15 منظمة وأمانة دوليّة، ولديها برامج مهمّة تتعلق بالغابات جرى تأسيسها منذ 20 عامًا وتترأسها منظمة الأغذية والزراعة) المؤتمر العالمي عن “العمل عبر القطاعات لوقف إزالة الغابات وزيادة المساحة الحرجية: من الطموح إلى العمل “. وحضر هذا المؤتمر 300 مشارك تقريبًا من الحكومات والمنظمات الدوليّة والمجتمع العلمي والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومنظمات المزارعين. وخلص المؤتمر إلى الإجراءات التالية التي يتعين اتخاذها لوقف إزالة الغابات وعكس مسارها:
◂ يتوجب على الحكومات على المستويات كافة، كجهات تنظيمية للغابات وكمالكة لها على نطاق واسع في أكثر الأحيان، أن تضطلع بدور قيادي في تهيئة الظروف التمكينية اللازمة من أجل ضمان إدارة جميع الغابات على نحو مستدام، ومن أجل استقطاب التمويل والاستثمارات الطويلة الأجل لهذا الغرض. ويتضمن ذلك إنشاء عمليات تشاركية وشاملة وشفافة بغية إشراك أصحاب المصلحة في المجتمعات والمؤسسات في عمليتي التخطيط وصنع القرارات بشأن استعمال الأراضي.
◂ ينبغي للأعمال التجارية الزراعية أن تفي بالتزاماتها بعدم إزالة الغابات في ما يخص إنتاج السلع الزراعية ومعالجتها بحلول عام 2020. وينبغي للشركات التي لم تلتزم بعدم إزالة الغابات أن تبادر إلى ذلك. وينبغي لمستثمري السلع أن يعتمدوا نماذج عمل تكون مسؤولة بيئيًا واجتماعيًا وتشرك المنتجين المحليّين/المجتمعيين والموزعين والجهات الفاعلة الأخرى في سلسلة القيمة وتعود عليهم بالنفع، على سبيل المثال، عن طريق برامج الإرشاد وعن طريق التصميم المشترك لمخططات استعمال الأراضي على نحو مستدام على أراضي الشركات.
◂ ينبغي أن تضمن صناعة المنتجات الحرجيّة سلاسل قيمة قانونيّة ومستدامة من أجل السلع القائمة على الغابات، بما في ذلك عن طريق إدارة الغابات ومنح الشهادات لسلسلة الكفالة والعمل مع المجتمعات المحليّة في هذه العملية.
◂ ينبغي أن تعمل منظمات المجتمع المدني كجهات مراقبة وعناصر تغيير عن طريق مساءلة الحكومات والمشاريع التجارية. وينبغي للمجموعات غير الحكومية أن تزيد من صوتها وتأثيرها عن طريق مبادرات ومنصّات أصحاب المصلحة المتعددين التي تعزز الإدراك والاعتراف بأدوار الجهات الفاعلة ومساهماتها ومصالحها، من الرجال والنساء على السواء، على امتداد سلسلة القيمة وفي شتى الأعمال التجارية.
◂ ينبغي للقطاعي العام والخاص أن يستفيدا تمامًا من إمكانات المجتمع المدني، ولا سيما النساء والشباب. ويمكن للشباب أن يسهّل العمل الجماعي والمشاركة والابتكار وبناء القدرات وإقامة الشبكات والشراكات وتوفير منظور طويل الأجل.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة والشراكة التعاونية في مجال الغابات، 2018 .
وبينما تعتبر زراعة الكفاف أو حصاد حطب الوقود المحرك الرئيسي لإزالة الغابات، فإن تطوير سبل العيش القائمة على الغابات من خلال مجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات الحرجية المنتجة بشكل مستدام وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة واستخدام المدفوعات لاحتجاز الكربون أو الخدمات البيئية الأخرى يمكن أن يساعد في زيادة قيمة الغابات للمجتمعات المحلية وبالتالي الحفاظ على سلامتها.وفي شهر فبراير/شباط 2018، عقدت الشراكة التعاونية في مجال الغابات مؤتمرًا عالميًّا من أجل إشراك المجموعات الرئيسيّة لأصحاب المصلحة في مناقشة بشأن طريقة وقف إزالة الغابات (الإطار 38)، وفي يوليو/تموز 2019 أصدرت المفوضيّة الأوروبيّة بيانًا بشأن تكثيف إجراءات الاتحاد الأوروبي الرامية إلى حماية الغابات العالميّة وإعادة تأهيلها (المفوضية الأوروبية، 2019أ). ويحدّد ذلك البيان أولويات خمس هي:
◂ التقليل من البصمة الاستهلاكية للاتحاد الأوروبي على الأراضي والحث على استهلاك منتجات تأتي من سلاسل إمداد لا تنطوي على إزالة الغابات في الاتحاد الأوروبي.
◂ العمل ضمن شراكات مع البلدان المنتجة من أجل خفض الضغط على الغابات وجعل التعاون الإنمائي للاتحاد الأوروبي "مقاومًا لإزالة الغابات".
◂ توطيد التعاون الدولي من أجل وقف إزالة الغابات وتدهورها والتشجيع على إعادة تأهيلها.
◂ إعادة توجيه التمويل بغية دعم ممارسات أكثر استدامة لاستعمال الأراضي.
◂ دعم توافر المعلومات عن الغابات وسلاسل إمدادات السلع ودعم جودة هذه المعلومات والحصول عليها، ومساندة البحث والابتكار.
ورغم إحراز بعض التقدم (أنظر أيضًا الفصل الثاني)، ما زال يتعين فعل الكثير.
مكافحة الاستغلال غير القانوني للموارد الحرجيّة
تمثّل الأوجه غير المشروعة من القطع والاستغلال والتجارة بالخشب وغيره من الموارد الحرجيّة ظواهر عالميّة لها آثار جسيمة على الحفاظ على التنوع البيولوجي (أنظر الفصل الثالث للاطلاع على آثارها على التنوع البيولوجي للأنواع)، وخدمات النظام الإيكولوجي والاقتصادات الوطنيّة. ولها أيضًا آثار سلبية مباشرة وغير مباشرة على المجتمعات الحضرية والريفية، ويترتب على هذه الآثار استنفاد لقاعدة الموارد التي تعتمد عليها هذه المجتمعات من أجل سبل عيشها ورفاهها.
ويدخل ضمن الأنشطة الحرجيّة غير القانونيّة حصاد المنتجات الحرجيّة أو نقلها أو معالجتها أو شراؤها أو بيعها بما يخلّ بالقوانين الوطنيّة أو شبه الوطنيّة. والعوامل التي تكمن وراء استغلال الموارد الحرجيّة والتجارة بها بشكل غير مشروع هي عوامل تتّصف بالتعقيد وتختلف بشكل كبير على مرّ الزمن وبحسب الموقع ونوع السلع والنشاط غير القانوني المعني. وتتضمن الأسباب المباشرة للأنشطة غير القانونيّة الإدارة الضعيفة للغابات في البلدان المنتجة وما يترتب عليها من افتقار إلى الإنفاذ المناسب للقانون، والأطر القانونيّة غير الواضحة، والقدرة المحدودة لوضع خطط استعمال الأراضي وتنفيذها. ومع ذلك، تساهم البلدان المستهلكة في هذه المشاكل عن طريق استيراد المنتجات الحرجيّة – بما في ذلك الخشب والنباتات والحيوانات البريّة والمنتجات المشتقةّ منها – من دون ضمان أن تكون هذه المنتجات منبثقة عن مصدر قانوني. وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، على سبيل المثال، تشمل العوامل الرئيسيّة للتجارة غير القانونيّة بالحياة البريّة الطلب المتزايد في البلدان المستهلكة (مثل جنوب شرق آسيا) والفقر وعدم وجود سبل عيش بديلة في البلدان المصدر والتراث الثقافي والاستعماري (Priceا، 2017).
وإضافة إلى الآثار البيئية الناجمة عن فقدان الأنواع والنظم الإيكولوجية وتضرّرها، يترتّب أيضًا على الاستغلال غير القانوني للغابات آثار اقتصادية واجتماعية. ويقدّر مصرف التنمية الأفريقي الأثر الاقتصادي الضار على أفريقيا جراء التجارة غير القانونيّة بالموارد الطبيعية بما يقارب 120 مليار دولار أمريكي سنويًا – ويعادل هذا المبلغ 5 في المائة من الناتج المحليّ الإجمالي للقارة. و10 في المائة تقريبًا من هذا المبلغ الإجمالي هي في قطاع الغابات (مصرف التنمية الأفريقي، 2016). وتنطوي التجارة غير القانونيّة على خسارة كبيرة في إيرادات الضرائب مما يخلف آثارًا على الصعيدين الوطني والمحليّ. وتقوّض الخسارة في الإيرادات الجهود الرامية إلى جعل القطاع الحرجي يساهم على نحو مستدام في الإنتاج الوطني وفي المجتمع، نظرًا إلى أن الخسارة في الإيرادات لا يمكن إعادة استثمارها في القطاع. وتشوه الأنشطة غير القانونيّة الأسواق العالميّة وتقوّض دوافع الإدارة المستدامة للغابات بما أن المنتجات غير القانونيّة هي في أكثر الأحيان أرخص ثمنًا من المنتجات القانونيّة. وفي ما يخص الآثار الاجتماعية، فإن الحصاد والتجارة غير القانونيين يرتبطان في أكثر الأحيان بالفساد وعدم الاعتراف بالأراضي وحقوق الاستعمال الخاصة بالشعوب الأصلية أو المجتمعات التي تعيش في الغابات، وهو ما قد تكون له آثار سلبية على سبل العيش المحليّة ويؤدي إلى النزاعات.
الحطابة غير القانونيّة. إن حصاد المنتجات الحرجيّة أو نقلها أو معالجتها أو شراءها أو بيعها بما يخلّ بالقوانين الوطنيّة (التي تُعرف جميعها عمومًا بتسمية "الحطابة غير القانونيّة") مسألة عالميّة ملحة تؤثر على العديد من البلدان الحرجيّة في المنطقتين المعتدلة والاستوائية على الرغم من الجهود العديدة الرامية إلى معالجتها. وتحديد قدر الحطابة غير القانونيّة أمر صعب وقد يكون موضع جدل، ولكن المنظمة الدوليّة للشرطة الجنائيّة (الإنتربول) تقدّر قيمة الجرائم الحرجية بما في ذلك الجرائم على مستوى المؤسسات والحطابة غير القانونية بما يتراوح بين 51 و152 مليار دولار أمريكي سنويًا (Nellemann وآخرون، 2016). ويقدّر Hoareا (2015) أنه في عام 2013 كان مصدر حوالي 50 في المائة من الخشب غير القانوني في التجارة العالميّة من إندونيسيا (مع أن إندونيسيا بذلت جهودًا كبيرة من أجل مواجهة المشكلة منذ ذلك الوقت؛ أنظر التصدي لعدم القانونيّة أدناه) و25 في المائة من البرازيل – وهما بلدان من البلدان العشرة صاحبة المساحة الحرجيّة الأكبر والتي تنتج كذلك كميات كبيرة من السلع الزراعية. وقد ينتج عن الحطابة غير القانونيّة في البلدان الاستوائية الأخرى المنتجة للخشب كميات إجمالية أقل، ولكنها قد تشكل قدرًا أكبر بالنسبة إلى الإنتاج الإجمالي للخشب في البلاد. والطلب على الخشب كبير جدًا لدرجة أن الحطابة غير القانونيّة ستبقى شاغلًا كبيرًا بالنسبة إلى الموارد الحرجيّة في المستقبل ما لم تبذل جهود مستمرة على الصعيد العالمي من أجل ضبطها (Hoareا، 2015).
وقد تحصل الحطابة غير القانونيّة كنتيجة مباشرة للطلب على الموارد الخشبيّة، بما في ذلك الاستهداف المحددة لأكثر أنواع الخشب قيمة، أو يمكن أن تكون المنتج الثانوي لتنظيف الأراضي من أجل مزارع السلع مثل نخيل الزيت وفول الصويا. وعلى النحو المذكور أعلاه، فإن أهمّ عوامل إزالة الغابات (القانونيّة وغير القانونيّة على السواء) هو الطلب على الأراضي من أجل الإنتاج الزراعي؛ ويساهم هذا الضغط على الأرجح في الحطابة غير القانونيّة على نطاق واسع.
وفي معظم البلدان النامية، يسيطر المشغلون غير الرسميين على قطاع الغابات، وفي المقام الأول المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تنتج بشكل رئيسي من أجل الأسواق المحليّة. وإضافة إلى هذا المنحى غير الرسمي، يتصف القطاع بقدرته الضعيفة وموارده المحدودة والتغير المستمر في توافر الموارد، وهي أمور تجعله جميعها ضعيفًا أمام الأنشطة غير القانونيّة.
وعلى نحو ما يحصل بشكل جلي في حال غياب التخطيط لإدارة الغابات، تؤدي الحطابة غير القانونيّة إلى فقدان الغابات أو تدهورها، وتهدد حالات فقدان الموائل والتنوع البيولوجي الناتجة عن ذلك بقاء بعض الأنواع، ولا سيما الأنواع العليا وبعض الثدييات الكبيرة. وغالبًا ما تستهدف أنشطة الحطابة غير القانونيّة أنواع الخشب القيّمة وتشكل خطرًا عليها، وهي أنواع يستمر الطلب عليها وتمنّي بإيرادات فورية. وخشب الورد (أنواع دلبيرجيا Dalbergia) خير مثال على ذلك. ويُقدر أن الصادرات من خشب الورد إلى الصين قد زادت بمقدار 14 ضعفًا بين عامي 2009 و2014، رغم ذكر خشب الورد في المرفق الثاني من اتفاقية التجارة الدوليّة بأنواع الحيوانات والنباتات البريّة المهددة بالانقراض (Bolognesi وآخرون، 2015؛ وOng وCarver، 2019). وفي مدغشقر، أفضى حصاد خشب الورد والاتجار به بشكل غير قانوني إلى أوجه جسيمة من تدهور الغابات وفقدان التنوع البيولوجي (Ong وCarverا، 2019).
ويكتنف توثيق إنتاج الفحم الحجري غير القانوني صعوبة تفوق توثيق حصاد أنواع الخشب عالية القيمة والتجارة بها، نظرًا إلى أن القطاع مجزأ جدًا وغير رسمي؛ ومع ذلك، يتسبب هذا القطاع أيضًا في فقدان الغابات وتدهورها. وعلى سبيل المثال، يقدر Bolognesi وآخرون (2015) أن إنتاج التجارة غير القانونيّة بالفحم الحجري في الصومال بين عامي 2011 و2013 قد بلغ 000 24 طن وتسبّب في فقدان 2.7 في المائة من الغطاء الحرجي.
الاستغلال غير القانوني للأحياء البريّة. يقدر الإنتربول القيمة السنوية للتجارة غير القانونيّة بالحياة البريّة بما يتراوح بين 7 مليار و23 مليار دولار أمريكي (Nellemann وآخرون، 2016). وتؤدي جميع المناطق في العالم دورًا ما بوصفها مصدرًا أو نقطة انتقال أو وجهة للأحياء البريّة المهربة، مع أن بعض أنواع التجارة غير القانونيّة بالحياة البريّة ترتبط بشكل كبير بمناطق محددة؛ على سبيل المثال، ترتبط الطيور بأمريكا الوسطى والجنوبية والثدييات بأفريقيا وآسيا والزواحف بأوروبا وأمريكا الشمالية (مكتب الأمم المتّحدة المعني بالمخدرات والجريمة، 2016).
ويمكن القول إن الفيل الأفريقي يمثّل أشهر حالة لفرط استغلال الأنواع الأساسية (التي لها أثر كبير غير متناسب على نظام إيكولوجي محدّد يتعلق بوفرتها)، إذ فُقد تقريبًا 90 في المائة من العدد الإجمالي للفيل الأفريقي خلال القرن الماضي (منظمة ترافيك، 2019). وتتّسم الفيلة التي تعيش في الغابات بأهمية خاصة بالنسبة إلى الغابات والنظم الإيكولوجية الطبيعية الأخرى لأنها تنثر بذورًا كبيرة وتُبقي الغطاء التاجي مفتوحًا وتنشر المغذيات النادرة في أنحاء الغابة مما يفيد أنواعًا عديدة في جميع أنحاء الغابات الاستوائيّة الأفريقيّة (Maisels وآخرون، 2013).
التصدي لعدم القانونيّة. خلال الأعوام العشرة الماضية، كان للوائح التجارة دور ريادي في الجهود الرامية إلى التصدي للحطابة غير القانونيّة في البلدان المستهلكة، التي تتطلّب أن يثبت المستورد أن الخشب قد جرى حصده بشكل قانوني. وتتضمّن التشريعات المهمة في جانب الطلب التعديل على قانون لايسي في الولايات المتّحدة الأمريكية (2008) ولائحة الخشب للاتحاد الأوروبي (2013) وقانون الخشب النظيف في اليابان (2016) والتعديل على قانون الاستعمال المستدام للأخشاب في جمهورية كوريا (2017). وتبذل بلدان عديدة منتجة للأخشاب جهودًا مماثلة من أجل تعزيز الامتثال لشرعية الخشب والتحقق من هذه الشرعية. وعلى وجه الخصوص، طبّقت إندونيسيا نظامًا وطنيًا لضمان شرعية الخشب (Sistem Verificasi Legalitas Kayu)، وأصدرت في عام 2016 أول تراخيص لتصدير الخشب بموجب برنامج إنفاذ القوانين والإدارة والتجارة في قطاع الغابات وفقًا لمتطلبات الاستيراد الواردة في لائحة الخشب للاتحاد الأوروبي (مرفق الاتحاد الأوروبي المعني بإنفاذ القوانين والإدارة والتجارة في قطاع الغابات، من دون تاريخ محدّد). ومع تعزيز إنفاذ القانون، أظهرت الأرقام الرسمية في إندونيسيا زيادة في عدد العمليات التي فُرضت عقوبات بشأنها من 25 في عام 2015 إلى 88 في عام 2017 (وزارة البيئة والغابات، 2018). ويقوم أربعة عشر بلدًا استوائيًا آخر منتجًا للأخشاب بوضع أنظمة وطنيّة لضمان الشرعية في إطار آلية إنفاذ القوانين والإدارة والتجارة في قطاع الغابات (مرفق الاتحاد الأوروبي المعني بإنفاذ القوانين والإدارة والتجارة في قطاع الغابات، من دون تاريخ محدّد). وكجزء من هذه الآلية، يطلب من البلدان تنفيذ تدابير منع الصيد غير القانوني (أنظر الإطار 39).
تغطّي الغابات المطيرة أكثر من 40 في المائة من مساحة الكاميرون وتشكل جزءًا كبيرًا من النظام الإيكولوجي لغابات حوض الكونغو (منظمة الأغذية والزراعة، 2020). وتهدد إزالة الغابات وتدهورها النظام الإيكولوجي عالي التنوع البيولوجي وذلك بسبب الزراعة واستخراج الأخشاب (وزارة البيئة وحماية الطبيعة والتنمية المستدامة في الكاميرون، 2013). ويُقدّر بأن 815 نوعًا من النباتات المزهرة في البلد تدخل في فئة النباتات المهدّدة (Onana وCheek وPollardا، 2011)، و26 نوعًا من الثدييات مصنفة حاليًا بأنها مهددة بالانقراض أو مهدّدة بشدّة بالانقراض (الاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة، 2019أ).
وكجزء من الجهود التي تبذلها الكاميرون من أجل التصدي للمعدلات المرتفعة لاستخراج الأخشاب وقطعها والتجارة بالحياة البريّة بشكل غير قانوني، وقّعت الكاميرون في عام 2010 اتفاق شراكة طوعيّة مع الاتحاد الأوروبي بشأن إنفاذ القوانين والإدارة والتجارة في قطاع الغابات في ما يخص الأخشاب والمنتجات الخشبية المشتقة التي تُصدّر إلى الاتحاد الأوروبي (الاتحاد الأوروبي، 2011). ويمثّل نظام التحقّق من الشرعية عنصرًا أساسيًا في الاتفاق، ويستند إلى مجموعة من المعايير والمؤشرات المستعملة من أجل التحقق من الأصل القانوني للخشب. ويفرض المعيار 5 من هذا النظام أن تمتثل جميع المناطق التي يسمح فيها باستخراج الخشب (مثل الامتيازات الحرجيّة وغابات المجتمعات المحليّة وغابات المجلس) باللوائح الوطنيّة المتعلقة بحماية التنوع البيولوجي (وزارة البيئة والغابات، 1998؛ ووزارة البيئة والغابات، 2001) وأن تنفذ تدابير منع صيد الأحياء البريّة بشكل غير القانوني.
وبغية تسهيل تنفيذ المعيار 5، قامت جمعية المحافظة على الحياة البريّة في الكاميرون، بدعم مالي من برنامج دعم إنفاذ قوانين الغابات وحوكمتها والتجارة المتعلقة بها المشترك بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأغذية والزراعة، بوضع مجموعة أدوات شاملة لمساعدة إدارة الغابات ومشغليها على الامتثال للمتطلبات التنظيمية بشأن رصد إدارة الحياة البريّة وتقييمها. وتتضمن هذه المتطلبات مصفوفة الرصد والتقييم من أجل متابعة إدارة الحياة البريّة
(Suivi de la Gestion de la Faune dans les forêts de production) التي أدرجت ضمن موقع إلكتروني وتطبيق متنقل (متابعة إدارة الحياة البريّة، 2018). وفي عام 2019، وقّعت الحكومة تشريعًا يجعل استعمال هذه المصفوفة إجباريًا في الغابات المخصصة للإنتاج في الكاميرون (وزارة الغابات والحياة البريّة، 2019). وعملت جمعية المحافظة على الحياة البريّة بشكل وثيق مع المشغلين في مجال الغابات والمجتمعات التي تعيش فيها من أجل وضع الأداة وتنفيذها وتوفير التدريب بشأنها.
وفي يوليو/تموز 2015، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتّحدة أول قرار لها على الإطلاق بشأن التصدي للاتجار غير المشروع بالأحياء البريّة (69/314) (الجمعية العامة للأمم المتّحدة، 2015ب)، الذي يعالج أيضًا مسألة تهريب الأخشاب. واعتُمدت النسخة الرابعة من هذا القرار في سبتمبر/أيلول 2019 (الأمم المتّحدة، 2019ب) وهي تدعو إلى تعزيز التشريعات الوطنيّة ودعم سبل العيش المستدامة وتحسين إنفاذ السياسات وتدابير مقاومة الفساد والمساعدة في نشر تكنولوجيا المعلومات ومؤازرة الجهود المحددة الأهداف من أجل الحد من الطلب.
وتوفر الشراكة التعاونية بشأن الإدارة المستدامة للحياة البريّة (منظمة الأغذية والزراعة، 2019و) منصة لمعالجة قضايا إدارة الحياة البريّة التي تتطلب استجابات وطنيّة وفوق الوطنيّة، بما في ذلك القضايا المتعلقة بالتجارة غير القانونيّة بالحياة البريّة. والشراكة التعاونية المنشأة في عام 2013 هي شراكة طوعية بين 14 منظمة دوليّة لها برامج أساسية لتعزيز الاستعمال المستدام والحفاظ على موارد الحياة البريّة.
يشير تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام 2019 (الأمم المتّحدة، 2019أ) إلى أن 20 في المائة من سطح الأرض كان في حالة متدهورة بين عامي 2000 و2015 (الشكل 33). وفي 1 مارس/آذار 2019، أعلنت الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة العقد من 2021 إلى 2030 عقد الأمم المتّحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية، إضافة إلى أهداف ترمي إلى الوقاية من تدهور النظام الإيكولوجي ووقف هذا التدهور وعكس مساره والتوعية بأهمية إصلاح النظام الإيكولوجي وتسريع التقدّم نحو تحقيق الأهداف القائمة العالميّة (الإطار 40) والإقليمية لإصلاح النظام الإيكولوجي.
◂ المقصد 3-15 لأهداف التنمية المستدامة: مكافحة التصحّر، وترميم الأراضي والتربة المتدهورة، بما في ذلك الأراضي المتضرّرة من التصحر والجفاف والفيضانات، والسعي إلى تحقيق عالمٍ خالٍ من ظاهرة تدهور الأراضي، بحلول عام 2030.
—المؤشر 1-3-15 لأهداف التنمية المستدامة: نسبة الأراضي المتدهورة نسبة إلى مجموع مساحة اليابسة.
◂ الهدف 15 من أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي: بحلول عام 2020، إتمام تعزيز قدرة النظم الإيكولوجية على التحمل ومساهمة التنوع البيولوجي في مخزون الكربون، من خلال الحفظ والاستعادة، بما في ذلك استعادة 15 في المائة على الأقل من النظم الإيكولوجية المتدهورة، مما يساهم بالتالي في التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه ومكافحة التصحر.
◂ تحدي بون/الهدف 5 من إعلان نيويورك بشأن الغابات: إعادة تأهيل 150 مليون هكتار من المناظر الطبيعية والأراضي الحرجيّة المتدهورة بحلول عام 2020، وتحقيق زيادة كبيرة في معدل إعادة التأهيل العالميّة بعد ذلك، مما سيحقق إعادة تأهيل ما لا يقل عن 200 مليون هكتار إضافية بحلول عام 2030.
◂ الهدف 1 من خطة الأمم المتّحدة الاستراتيجية للغابات: عكس مسار فقدان الغطاء الحرجي في العالم من خلال الإدارة المستدامة للغابات، بما يشمل حمايتها واستصلاحها وتشجيرها وإعادة تشجيرها، وزيادة الجهود المبذولة لمنع تدهورها والمساهمة في الجهود العالميّة الرامية إلى التصدي لتغير المناخ.
—المقصد 1-3: تعزيز تنفيذ الإدارة المستدامة لجميع أنواع الغابات، ووقف إزالة الغابات، وترميم الغابات المتدهورة وتحقيق زيادة كبيرة في نسبة زراعة الغابات وإعادة زرعتها على الصعيد العالمي، بحلول عام 2020.
وتشكّل إعادة التأهيل جزءًا أساسيًا من الخطة الاستراتيجية لاتفاقية التنوع البيولوجي وأهداف آيتشي (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2010أ)، وجرى الاعتراف بإعادة تأهيل المناظر الطبيعية كوسيلة يمكن من خلالها تحقيق أهداف آيتشي 5 و7 و11 و13 و15 (Dave وآخرون، 2019).
وقد تلقّى برنامج تحديد الأهداف لحيادية تدهور الأراضي التابع لاتفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة التصحّر إلى حدّ الآن التزامات بحيادية تدهور الأراضي من 122 بلدًا (اتفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة التصحّر، 2019أ). وتتضمن الأهداف الإقليمية لإعادة تأهيل الأراضي مبادرة 20X20 في أمريكا اللاتينية (مبادرة 20X20، من دون تاريخ محدّد)، التي تهدف إلى إعادة تأهيل 20 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2020؛ ومبادرة إعادة المناظر الطبيعية الأفريقية إلى هيئتها الأصلية، التي تهدف إلى إعادة 100 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة إلى هيئتها الأصلية بحلول عام 2030 (مبادرة إعادة المناظر الطبيعية الأفريقية إلى هيئتها الأصلية، من دون تاريخ محدد)؛ والتزام أكادير للبحر الأبيض المتوسط، الذي يهدف إلى إعادة تأهيل ما لا يقل عن 8 ملايين هكتار من النظم الإيكولوجية الحرجيّة المتدهورة بحلول عام 2030 (منظمة الأغذية والزراعة، 2017د)؛ والمبادرة الخاصة ببلدان أوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى لعام 2030، التي ترمي إلى إعادة تأهيل 30 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2030؛ ومبادرة الجدار الأخضر العظيم للصحراء والساحل، التي ترمي إلى إعادة تأهيل 100 مليون هكتار بحلول عام 2030 (مبادرة الجدار الأخضر، 2019أ).
ويمكن أن تكون لإعادة تأهيل الغابات مجموعة من الأهداف التي تتعلق بعكس مسار تدهور الأراضي أو فقدان إنتاجية السلع والخدمات التي يقدّمها النظام الإيكولوجي مثل الأغذية والتنوع البيولوجي والمياه. وتتضمن هذه الأهداف ما يلي:
◂ الاستصلاح: إعادة نوع أو هيكلية أو عملية مرغوبة ما إلى نظام إيكولوجي قائم؛
◂ التأهيل: إعادة تأهيل النباتات المحليّة في الأراضي المستخدمة لأغراض أخرى؛
◂ استصلاح الأراضي: إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة بشدة التي تخلو من النباتات؛
◂ الاستبدال: أكثر أنواع إعادة التأهيل تطرفًا، إذ إن الأنواع أو المصادر التي لا تتكيّف جيدًا مع موقع ما ولا يمكنها الهجرة يستعاض عنها بنباتات جديدة بما أن المناخ يتغير على نحو سريع (Stanturf وPalik وDumroeseا، 2014).
وتساعد إعادة تأهيل الغابات، عند تنفيذها على النحو المناسب، على إعادة الموائل والنظم الإيكولوجية وتهيئة الوظائف وتحقيق الدخل، وهي حلّ فعال لتغير المناخ يقوم على الطبيعة (أنظر دراسة الحالة 1).
يقوم برنامج العمل على مكافحة التصحّر الذي تنفّذه منظمة الأغذية والزراعة وشركاؤها وتموّله المفوضية الأوروبية وأمانة مجموعة دول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ بتوفير الدعم الميداني لمبادرة الجدار الأخضر العظيم للصحراء والساحل. ويهدف البرنامج إلى تعزيز قدرة الصمود لدى مجموعات الأراضي الجافة والنظم الإيكولوجية للزراعة المختلطة بالغابات والمراعي المتأثر بشدّة بتقلّب المناخ وتغيّره، وإلى إحداث تغيير عن طريق إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة على نطاق واسع، مما يؤدي بالتالي إلى الحدّ من الفقر وتحقيق الأمن الغذائي والتغذوي وأمن الأعلاف وتعزيز القدرة على الصمود. ويساهم البرنامج في تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 من خلال توفير المنافع البيئيّة والاجتماعيّة الاقتصاديّة المتعدّدة.
وإن المخطط الأولي لإعادة تأهيل الأراضي الجافة على نطاق واسع في برنامج العمل على مكافحة التصحّر يشدّد على حلول قائمة على النباتات ويشمل ما يلي:
◂ الاستثمار في تسوية الأراضي على نطاق واسع عن طريق الحراثة الميكانيكية والغرس التخصيبي؛
◂ وعرقلة المدّ الرملي عن طريق تدخلات فيزيائيّة حيويّة وبيولوجيّة من أجل تثبيت التربة؛
◂ وتعزيز التجدد الطبيعي حيثما يسمح بذلك بنك البذور في التربة وبقايا النباتات؛
◂ وتعبئة البذور عالية الجودة ومواد الغرس من التنوع البيولوجي الغني لنباتات الأراضي الجافة؛
◂ وإعداد سلاسل القيمة للمنتجات الحرجيّة غير الخشبيّة من أجل توليد الدخل في المناطق الريفيّة، بما يفيد النساء والرجال والشباب؛
◂ وإقامة نظم تشاركيّة غير باهظة التكلفة من أجل نشر المعلومات؛
◂ وإقامة نظم رصد ابتكاريّة فيزيائيّة أحيائيّة واجتماعيّة اقتصاديّة من أجل تقييم التقدّم المحرز.
وفي غضون خمسة أعوام، أعاد برنامج العمل على مكافحة التصحّر تأهيل 000 53 هكتار من الأراضي المتدهورة للزراعة المختلطة بالغابات والمراعي، وغرس 25 مليون شجرة باستعمال أنواع الأشجار الأصليّة التي تستخدمها عادة المجتمعات الريفيّة. وتمّ جمع ما مجموعه 100 طن من البذور المكوّنة من 110 أنواع خشبيّة وعلفية عشبية تم غرسها في تسعة بلدان، مما حقّق عائدات اقتصادية وبيئية إيجابية هائلة. وعلى سبيل المثال، حققت بقع الأراضي المزروعة بالأعلاف العشبية في بوركينا فاسو والنيجر في المتوسط 200 1 كيلو غرام من الكتلة الأحيائية لكل هكتار بعد عام واحد فقط من زرعها، مما ولد إيرادات بمقدار 40 دولارًا لكل هكتار، أي ما يعادل نصف الحد الأدنى للأجر الشهري في البلاد؛ وبالتالي، يمكن أن يعود 000 10 هكتار أو أكثر من الأراضي قيد إعادة التأهيل في بوركينا فاسو بغلة تبلغ 000 400 دولار أمريكي في العام لكل مزارع محليّ. وفي السنغال، كسب القرويون الذين حصدوا العلف في الموسم الجاف (من نوفمبر/ تشرين الثاني إلى مايو/أيار) من حوالي 000 4 هكتار من الأراضي المتدهورة التي زرعت من أجل إعادة تأهيلها دولارين أمريكيين في العربة الواحدة التي يجرها حمار أو 4 دولارات أمريكية للحمولة الواحدة (حوالي 100 كيلوغرام من العلف). ومن خلال إنتاج كتلة أحيائية تقدر بطن واحد لكل هكتار، ولدت هذه العملية في المتوسط 000 80 دولار أمريكي للمجتمعات في كل حصاد السنوي من عام 2017 إلى عام 2019. وعلاوة على ذلك، تفيد التقديرات بأن إعادة تأهيل الأراضي بأشجار محليّة ستؤدي إلى احتباس 7.15 طنًا من معادلات ثاني أكسيد الكربون في كل هكتار سنويًا في منطقة الساحل، وذلك استنادًا إلى استقراء للنتائج بعد 3 أعوام إلى 20 عامًا من الزرع.
وإن نهج إعادة تأهيل الأراضي من أجل الصمود في برنامج العمل على مكافحة التصحّر يضع المجتمعات وعلم النباتات في صميم التدخلات. وتشمل العوامل التي تساهم في نجاح عمليات برنامج العمل على مكافحة التصحّر ما يلي:
◂ التعبئة الاجتماعية ودعم المجتمعات المحليّة في ما يتعلق بالتدخلات في الأراضي المشاع الخاصة بها؛
◂ واستعمال المعارف والخبرات المتعلقة بالنباتات من أجل إسناد الأولوية للأنواع الحرجيّة الجيدة التكيّف التي تفيد المجتمعات، مما يضمن الإقبال عليها؛
◂ واتباع مزيج من المنهجيّات المختبرة والمعارف التقليدية من أجل التغلّب على التحديات التقنية وتحديات البحوث، من قبيل تحديد الأنواع الصحيحة وزرعها في المكان الصحيح والوقت المناسب من أجل تحقيق أكبر نفع من مياه الأمطار وتعظيم فرص بقاء النباتات ونموها في ظلّ الظروف القاسية.
وإن هذا النهج قابل للتكيّف بشكل كبير مع الظروف البيئية والاجتماعية الاقتصادية المتباينة. وبالتالي، فهو مناسب جدًا لتكرار تطبيقه وتوسيع نطاقه في أفريقيا وخارجها، إذا كانت الاستثمارات المستدامة تسمح بذلك. وبدأ برنامج العمل على مكافحة التصحّر مؤخرًا في توسيع تدخّلاته في الجنوب الأفريقي حيث أطلقت الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي مبادرة الجدار الأخضر العظيم للصحراء والساحل بتنسيق من الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي وبدعم من مفوضية الاتحاد الأفريقي.
المصدر: منظمة الأغدية والزراعة، 2019ح.
ووضعت الشراكة العالميّة لإعادة الغابات إلى هيئتها الأصلية (الشراكة العالميّة لإعادة الغابات إلى هيئتها الأصلية، من دون تاريخ محدد) ستة مبادئ متفق عليها عالميًا لإعادة تأهيل الغابات والمناظر الطبيعية، وهي كالتالي:
◂ التركيز على نطاق المناظر الطبيعية.
◂ إشراك أصحاب المصلحة ودعم الإدارة التشاركية.
◂ استعادة الوظائف الحرجيّة المتعدّدة من أجل منافع متعدّدة.
◂ الحفاظ على النظم الإيكولوجية الطبيعية وتعزيزها داخل المناظر الطبيعية.
◂ وضع نهج لإعادة التأهيل تلائم السياق المحليّ.
◂ تكييف الإدارة من أجل قدرة الصمود على المدى الطويل.
وتوجد مبادئ توجيهية عديدة من أجل إعادة تأهيل الغابات، بما في ذلك دليل المزاولين لإعادة تأهيل المناظر الطبيعية في الغابات (Stanturf وMansourian وKleineا، 2017)، والمبادئ التوجيهيّة المحدّدة من أجل غابات الأراضي الجافة المتدهورة (منظمة الأغذية والزراعة، 2015ب) وإعادة تأهيل المانغروف (Fieldا، 1996) ودور التجدّد الطبيعي في إعادة تأهيل الغابات والمناظر الطبيعية (Chazdon وآخرون، 2017) ومراعاة الاعتبارات الخاصة بالتنوع البيولوجي ضمن إصلاح النظام الإيكولوجي (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2016أ). وتخضع المبادئ التوجيهيّة للمنظمة الدوليّة للأخشاب الاستوائية من أجل إصلاح الغابات الاستوائية المتدهورة والثانويّة وإدارتها وإعادة تأهيلها (المنظمة الدوليّة للأخشاب الاستوائية، 2002) لعملية التحديث. أنظر أيضًا الإطار 41.
إنّ التجدد الطبيعي للغابات عملية بيولوجية يمكن مساعدتها وإدارتها لزيادة الغطاء الحرجي والتوصل إلى إصلاح النظام الإيكولوجي الأصلي أو بعض من وظائفه. والمساعدة على التجدد الطبيعي هي أي مجموعة من التدخلات الرامة إلى تعزيز عملية التجدد الطبيعي للغابات الأصلية وتسريع عجلتها مثلاً من خلال حمايتها من الاضطرابات (الناجمة عن الحرائق والحيوانات الأليفة التائهة والإنسان) ومن خلال خقض تأثيرات الأعشاب والشجيرات والكروم التي تعيق نمو الأشجار المتجددة طبيعيًا.
والمساعدة على التجدد الطبيعي تقنية بسيطة وغير مكلفة وفعالة لإصلاح الغابات من خلال تذليل العقبات التي تمنع التجدد الطبيعي أو الحد منها. وإضافة إلى تعزيز القدرة على الصمود وتوفير العديد من المنتجات الحرجية وخدمات النظام الإيكولوجي، يمكن للمساعدة على التجدد الطبيعي أن تكون فعالة للغاية من أجل استعادة التنوع البيولوجي والتفاعلات بين الأنواع والحركة بين مختلف المشاهد الطبيعية. وخلال عملية المساعدة على التجدد الطبيعي، يزداد التنوع البيولوجي ثراء من خلال:
◂ تربية الأشجار والشجيرات طبيعيًا بفضل البذور أو براعم الجذور أو الجذوع أو الأيكات؛
◂ وتجدد الموارد الوراثية المحلية المكيفة مع ظروف التربة والمناخ المحلية؛
◂ وما يتصل بذلك من ملقحات وآكلات الأعشاب وعوامل التبذير للأشجار المنتشرة في مكان ما.
وبالإمكان أيضًا تحقيق الكثير من هذه المنافع بواسطة النثر المباشر للبذور وغرس الأشجار بشكل مباشر ولكن الكلفة أعلى بكثير. وفي المناطق الاستوائية، تكون المساعدة على التجدد الطبيعي التلقائية أكثر فعالية من غرس الأشجار من أجل استعادة التنوع البيولوجي والبنية الحرجية وهي تؤدي بالإجمال إلى غطاء حرجي متعدد الطبقات وأكثر تنوعًا مقارنة بإعادة التشجير التقليدية التي تقوم على غرس عدد محدود من الأنواع.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة، سيصدر عن قريب.
ولا يقتصر إصلاح النظم الإيكولوجية الحرجية على عملية الغرس أو مساعدة التجدد الطبيعي للأشجار فحسب. أنظر مثلاً دراسة الحالة 1 والمثال عن تجديد الحياة البرية في الإطار 42.
تهدف عملية تجديد الحياة البرية إلى استعادة التوارث الإيكولوجي الطبيعي مما يؤدي إلى نظم إيكولوجية وعمليات إيكولوجية قائمة بحد ذاتها وهي تشدد على اتباع نُهج للصون مستندة إلى عمليات محددة (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2014).
ويتم هذا في بعض الحالات بصورة كامنة من خلال ترك المجال للطبيعة لكي تأخذ مجراها. أما في حالات أخرى، فهي تقوم على إعادة إدخال الأنواع المفترسة العليا والأنواع الأساسية. ولعل أبلغ مثال على ذلك إعادة إدخال الذئاب إلى منتزه يلوستون في الولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت الذئاب (Canis lupus) في وقت من الأوقات تجوب أمريكا الشمالية من القطب الشمالي إلى المكسيك ولكن في سنة 1926، تم القضاء على آخر مجموعة منها في منتزه يلوستون وهو أقدم حديقة وطنية في أمريكا، في إطار السياسة المتبعة آنذاك للقضاء على جميع الحيوانات المفترسة.
وفي غضون سنوات قليلة، نمت مجموعات الأيل (Cervus elaphus) وهي واحدة من أكثر أنواع الغزلان وفرة، بصورة ملحوظة حتى أنها فاقت أعداد الصفصاف (Salix spp.) والحور (Populus tremuloides). فمن دون هذه الأشجار، بدأت أعداد الطيور المغردة تتراجع ولم يعد باستطاعة القنادس (Castor canadensis) أن تشيّد سدودها وبدأت ضفاف الأنهر بالانحسار. وأدى فقدان القنادس وتقلص النباتات الحرجية إلى تدهور كبير في هيدرولوجيا المجاري وإلى اضطراب وظيفة النظام الإيكولوجي الوقائية. فاتسعت قنوات المجاري وازدادت عمقًا وأصبحت أكثر دفئًا. وبالإجمال، أدت جميع هذه التغيرات في المجاري إلى تدهور حاد في موائل الأسماك.
وفي عام 1995، بالتعاون مع الوكالات الكندية، تم نقل 14 ذئبًا من حديقة جاسبير الوطنية إلى يلوستون، أضيف إليها 17 ذئبًا في عام 1996. وتجاوبت مع ذلك فورًا مجموعات الأيل والغزلان. وفي غضون عشر سنوات تقريبًا، ازداد بشكل ملحوظ عدد أشجار الصفصاف في العديد من المناطق وإن كانت أشجار الحور لا تزال تتضرر بفعل رعي الأيل والجواميس؛ ولكنها بدأت تتعافى على ما يبدو مؤخرًا في بعض الحالات. وعادت الطيور المغردة وكذلك القناديس والنسور والثعالب وحيوانات الغرير.
وفي حين أنّ كلفة إعادة إدخال الذئاب إلى يلوستون قد بلغت 30 مليون دولار أمريكي تقريبًا، تولد السياحة المتصلة بالذئاب نحو 35 مليون دولار أمريكي سنويًا بما يعود بالنفع على المجتمعات المحلية المحيطة.
المصادر: Monbiotأ، 2013؛ Boyceا، 2018؛ Kayا، 2018؛ The Guardianا، 2020.
ويكمن التحدي الرئيسي لإعادة التأهيل في توجيه المزاولين وصانعي السياسات كي يعلموا معًا من أجل ضمان التخطيط الجيد لإعادة التأهيل وتنفيذها بفعالية من حيث التكلفة ومنحها الأولوية بشكل كافٍ بين مجموعة أهداف التنمية المستدامة (Sabogal و Besacier وMcGuireا، 2015؛ ومنظمة الأغذية والزراعة والآلية العالميّة لاتفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة التصحر، 2015؛ و Strassburgوآخرون، 2019). ويقوم عدد من البرامج المتعددة والثنائية الأطراف التي تشارك فيها الجهات الفاعلة من القطاعين العام والخاص بالتصدي لهذا التحدي. ويتمثل التحدي الثاني في إشراك منظمات المنتجين والمزارعين والمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم في عملية إعادة التأهيل، وفي تحديد وتمكين النماذج التجارية التي تسمح للأشخاص بالحصول على عيش كريم عن طريق إدارة الأراضي على نحو مستدام.وتسعى مبادرة جديدة إلى توفير الأساس لوضع نموذج للأعمال بغرض تيسير الحصول على المعلومات عن تكاليف وفوائد إصلاح النظام الإيكولوجي؛ أنظر الإطار 43.
تهدف مبادرة اقتصاديات إصلاح النظم الإيكولوجية، التي بدأت في عام 2019، إلى توفير نقطة مرجعية لتقدير تكاليف وفوائد مشاريع إصلاح النظم الإيكولوجية الحالية والمستقبلية في المناطق الأحيائية الرئيسية جميعًا وعبر مجموعة واسعة من السياقات في أنحاء العالم، استنادًا إلى معلومات من مشاريع قابلة للمقارنة جُمعت بيانات بشأنها من خلال إطار موحّد.
وتقوم المبادرة، التي تقودها منظمة الأغذية والزراعة وتنفذ بالتعاون مع مجموعة من المنظمات، بما في ذلك أمانات اتفاقية التنوع البيولوجي واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والمنظمة الدولية للتنوع البيولوجي ومركز البحوث الحرجية الدولية والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة ومنظمة Tropenbos International والمنظمة غير الحكومية WeForest ومعهد الموارد العالمية، ببناء منصة للمعلومات وتطوير أدوات لصنع القرار يمكن للمانحين والمستثمرين ومنفذي المشاريع والحكومات وأصحاب المصلحة الآخرين الرجوع إليها للحصول على بيانات كلفة وفوائد موثوقة لاستخدامها في صنع قراراتهم في ما يتعلق بإصلاح النظم الإيكولوجية.
والنتيجة الأولى لهذه المبادرة، المزمع صدورها في عام 2020، هو إطار لجمع بيانات متسقة وموثوقة عن تكاليف وفوائد إصلاح النظام الإيكولوجي لتيسير المزيد من التحليل وصنع القرارات. وتجري حاليًا دراسة تجريبية في منطقة الساحل، وسيجري قريبًا توسيع نطاق جمع البيانات ليشمل سياقات مختلفة في المناطق الأحيائية الرئيسية كافة.
أفادت تقديرات دراسة أجريت مؤخرًا عن وجود حوالي 1.7 إلى 1.8 مليار هكتار من الأراضي الحرجيّة المحتملة (تُعرّف على أنها الأراضي التي يمكن أن تحافظ على أكثر من 10 في المائة من الغطاء الشجري) في المناطق التي سبق أن شهدت تدهورًا وسادها غطاء نباتي ومراعٍ متناثرة وتربة جرداء متدهورة (Bastin وآخرون، 2019)؛ وتستثنى من ذلك الغابات الحالية والأراضي الزراعية والحضرية التي تعادل 0.9 مليارات هكتار من الغطاء الحرجي المتواصل. ويشكل ذلك أكثر من 25 في المائة من المناطق الحرجيّة الحالية في العالم. لكن يجب إلا يغيب عن البال أنّ هذه الدراسة نظرت فقط في الإمكانية الفيزيائية الأحيائية لإنشاء الغابات بصرف النظر عن أهمية النظم الإيكولوجية الحالية وحقوق حيازة الأراضي القائمة. لذا من الضروري إجراء عمليات تقييم مفصلة أكثر تتضمن معارف محلية لتحديد المناطق الأنسب على المستويين الوطني أو المحلي.
وقد أعدّت منظمة الأغدية والزراعة وحدة في نظام تيسير الوصول إلى بيانات رصد الأرض ومعالجتها وتحليلها لأغراض رصد الأراضي، وتدمج هذه الوحدة الخوارزميات الخاصة بإمكانية إعادة تأهيل الأشجار بغية مساعدة البلدان في تحديد المناطق التي قد تكون مناسبة لإعادة التأهيل. وستقوم منظمة الأغدية والزراعة والمؤسسات الحكومية المعنية باستعمال الوحدة بصورة تجريبية في كامبوديا وكينيا وميانمار وأوغندا في الفترة 2020-2021. واستكمالاً لمنهجية تقييم فرص إعادة التأهيل التي وضعها الاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة، تتاح مبادئ توجيهية محددة لإدراج جوانب التنوع البيولوجي في تقييمات فرص إعادة تأهيل المناظر الطبيعية (Beatty وCox وKuzeeا، 2018).
تبيّن في استعراض أجري بخصوص 62 بلدًا في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية أنه لدى أكثر من نصف البلدان في كل منطقة هدف محدد أو أولي لإعادة التأهيل ضمن الاستراتيجية وخطة العمل الوطنيتين بشأن التنوع البيولوجي أو في التقرير القطري الخامس المقدّم إلى اتفاقية التنوع البيولوجي (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2016ب). ومع أن تحديد الأهداف يشكّل خطوة جيدة أولى، يبقى من الصعب تنفيذ الالتزامات (الشكل 34). وإضافة إلى ذلك، من الصعب قياس جهود إعادة التأهيل، ولا توجد في الوقت الحاضر مجموعة بيانات عالميّة لقياس التقدم المحرز في إعادة تأهيل المناظر الطبيعية للغابات (إعلان نيويورك بشأن الغابات، 2019). وتعمل منظمة الأغذية والزراعة مع عدة شركاء من أجل إنشاء نظام رصد عالمي لعقد الأمم المتّحدة لإصلاح النظم الإيكولوجي. وقد أعدّت منظمة الأغذية والزراعة ومعهد الموارد العالميّة (2019) دليلًا لمساعدة البلدان ومزوالي إعادة التأهيل على تحديد الأولويات والمؤشرات في ما يخص رصد إعادة تأهيل الغابات والمناظر الطبيعية.
ويفتقر العديد من الأهداف إلى العناصر الكمية، ويتّصف إعداد أنشطة إعادة التأهيل بأنه عملية معقدة. ومع ذلك، كان هناك بعض الأمثلة الجيدة على النجاح في إعادة التأهيل (الشكل 35). وعلى سبيل المثال، شهد الغطاء الحرجي زيادة كبيرة في الصين وكوستاريكا وجمهورية كوريا وفييت نام، وذلك نتيجة للسياسات أو المبادرات الحرجيّة التي تقودها الحكومة. وفي جنوب النيجر، أفضى التجديد الطبيعي الذي يديره المزارعون باستعمال ممارسات الحراجة الزراعية المحليّة خلال مدة تزيد على ثلاثة عقود إلى زيادة الإنتاجية في 5 ملايين هكتار من الأراضي (Reij و Tappan وSmaleا، 2009). والمثال الآخر هو أن مبادرة الجدار الأخضر العظيم للصحراء والساحل التي أطلقها الاتحاد الأفريقي عام 2007 تهدف إلى إعادة تأهيل 100 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة حاليًا واحتجاز 250 مليون طن من الكربون وتوفير 10 ملايين وظيفة خضراء بحلول عام 2030، مع القيام في الوقت ذاته بإنشاء جدار أخضر عبر الأراضي الجافة في أفريقيا يبلغ طوله 000 8 كيلومتر (أنظر دراسة الحالة 1). ويشمل التقدم المحرز منذ عام 2007 (مبادرة الجدار الأخضر العظيم، 2019ب؛ واتفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة التصحر، 2019ب) ما يلي:
◂ استصلاح 3 ملايين هكتار من الأراضي في بوركينا فاسو عن طريق الممارسات المحليّة؛
◂ وإعادة تأهيل 15 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة في إثيوبيا وتحسين أمن حيازة الأراضي؛
◂ وإعادة تأهيل 5 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة في نيجيريا، وإنشاء حزام واقٍ بطول 639 كيلومترًا في 11 ولاية، وإنشاء 309 هكتارات من البساتين المجتمعية و293 هكتارًا من المشاجر المجتمعية؛
◂ وإعادة تأهيل 5 ملايين هكتار من الأراضي في النيجر؛
◂ وغرس 12 مليون شجرة مقاومة للجفاف في السنغال في أقل من عقد من الزمن.
وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2019، قدّم 61 بلدًا تعهدات في إطار تحدي بون، ويبلغ مجموع الهكتارات المشمولة بالتزامات إعادة التأهيل 170.6 مليون هكتار بالنسبة إلى عامي 2020 و2030 معًا (الشكل 36) (Dave وآخرون، 2019). ومع ذلك، فإنه منذ عام 2000 لم يتحقق سوى 18 في المائة من هدف عام 2020 (إعادة تأهيل 150 مليون هكتار من المناظر الطبيعية والأراضي الحرجيّة المتدهورة بحلول عام 2020) في ما يخص الزيادة في الغطاء الحرجي أو الغطاء الشجري (إعلان نيويورك بشأن الغابات، 2019). ويواصل بارومتر تحدي بون (الاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة، 2018؛ وDave وآخرون، 2019) العمل على تحصيل المعلومات الخاصة بالتقدم المحرز في التنفيذ الموضوعي بشكل أدق، وذلك في ما يخص الهكتارات التي أعيد تأهيلها وتحقيق الفوائد المرتبطة بالنظم البيولوجية (بما في ذلك الكربون المعزول والحفاظ على التنوع البيولوجي) والوظائف التي تمّ إنشاؤها (Dave وآخرون، 2019).
وأعلن العديد من البلدان عن تعهدات جديدة بإعادة تأهيل الغابات وزرع الأشجار في مؤتمر القمّة المعني بالمناخ الذي عقد في نيويورك، الولايات المتّحدة الأمريكية، في سبتمبر/أيلول 2019 (الإطار 44). وفي مطلع سنة 2020، أطلق المنتدى الاقتصادي العالمي مبادرة عالمية لغرس ترليون (1) شجرة وإصلاحها وصونها (المنتدى الاقتصادي العالمي، 2020).
◂ باربادوس: غرس مليون شجرة بحلول عام 2020.
◂ كولومبيا: إعادة تأهيل 000 300 هكتار بحلول 2020 (180 مليون شجرة) و000 900 هكتار في إطار الحراجة الزراعية والإدارة المستدامة للغابات.
◂ جمهورية الكونغو الديمقراطية: تحقيق استقرار الغطاء الحرجي بنسبة 60 في المائة.
◂ أوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى: إعادة تأهيل 30 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والأراضي التي أزيلت منها الغابات بحلول 2030.
◂ إثيوبيا: غرس 4 ملايين شجرة جديدة في عام واحد.
◂ فيجي: غرس مليون (1) شجرة جديدة واستكشاف إمكانية غرس 31 مليون شجرة إضافية.
◂ غواتيمالا: إعادة تأهيل 1.5 ملايين هكتار بحلول عام 2022.
◂ هنغاريا: زيادة الغطاء الحرجي بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2030.
◂ كينيا: غرس ملياري شجرة بحلول عام 2022.
◂ مالي: إعادة تأهيل 10 ملايين هكتار بحلول عام 2030*.
◂ نيوزيلندا: غرس مليار شجرة بحلول عام 2028.
◂ نيجيريا: قيام الشباب بغرس 25 مليون شجرة.
◂ باكستان: زرع 10 ملايين شجرة في الأعوام الخمسة القادمة.
◂ السنغال: إعادة تأهيل مليوني هكتار بحلول عام 2030*.
◂ سيراليون: زرع مليوني شجرة بحلول عام 2023.
المصدر: منظمة Nature4Climateا، 2019، باستثناء التعهّدات التي وضعت إلى جانبها علامة (*) فهي مقدمة إلى مبادرة إعادة المناظر الطبيعية الأفريقية إلى هيئتها الأصلية.
يتناول هذا الفصل كيفية إدارة النظم الإيكولوجية الحرجية في العالم بطرق تكفل صونها والاستخدام المستدام لتنوعها البيولوجي.
تاريخيًا، كان إنشاء المناطق المحميّة، وما زال، أداة حوكمة الغابات التي اعتُمدت في أغلب الأحيان سعيًا إلى تحقيق أهداف التنوع البيولوجي (Watson وآخرون، 2014). ويدار العديد من المناطق المحميّة الحرجية للتوفيق بين سبل العيش المحلية وصون التنوع البيولوجي. وقد حقق نهج المناطق المحميّة نتائج إيجابية من ناحية وضع حواجز أمام تفاقم إزالة الغابات وصون الأنواع، وإن لم تكن الأدلة قاطعة في ما يتعلق بمعظم الأنواع النادرة.
ومع ذلك، ومن منظور بيوفيزيائي، بيّنت الأدلة أن المحميّات الطبيعية ليست وحدها كافية لصون التنوع البيولوجي. فهي في العادة صغيرة جدًا وتقيم حواجز أمام هجرة الأنواع وتكون عرضة لعوامل خارجية كتغيّر المناخ (Bennettا، 2004؛ Fung وآخرون، 2017). وبالإضافة إلى ذلك، لا تحتوي المناطق المحميّة إلّا على جزء صغير من التنوع البيولوجي الحرجي القائم. هكذا، تدعو الحاجة إلى النظر أبعد من المناطق المحميّة وإلى تعميم صون التنوع البيولوجي في ممارسات إدارة الغابات.
وقد برزت نُهج تدمج أهداف الصون مع التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتدعم الاستخدام المستدام للموارد ونقل إدارة الغابات إلى السكان المحليين كبدائل أو مكملات للصون الصارم (Agrawal و Chhatre وHardiا، 2008؛ Lele وآخرون، 2010؛ Maceا، 2014). كما برزت مجموعة متنوعة من نُهج الحوكمة القائمة على أصحاب المصلحة للتوفيق بين الاستخدامات المتعددة والمتضاربة أحيانًا للموارد الطبيعية بطريقة تصون الاستخدامات التي يعتمدها السكان المحليون وتحافظ على قيمتها، كما تصون الاستخدامات التي تدعم الاحتياجات المجتمعية الأوسع نطاقًا (Kaimowitz وSheilا، 2007؛ McShane وآخرون، 2011). وتشمل الأمثلة المناطق التي تديرها وتحميها مجتمعات الشعوب الأصلية ومنظمات المجتمع المدني والجهات الفاعلة من القطاع الخاص (Stolton وآخرون، 2014؛ Drescher وBrennerا، 2018)، مع التركيز المتزايد على النُهج القائمة على الحقوق والنُهج الخاصة بالمشهد الطبيعي. وفي كثير من الحالات، يعني التوفيق بين استخدام الغابات وصونها التوفيق بين الاحتياجات المحليّة والاحتياجات العالمية.
وهناك تسليم بأهمية تجاوز الصون للمناطق المحميّة، بما في ذلك في الغابات المنتجة، ويتجلّى هذا التسليم في إدراج تدابير صون فعالة أخرى قائمة على المناطق (أي المناطق الخاضعة للصون خارج المحميّات) وفي الإشارة إلى الاستخدام المستدام في أهداف الصون العالمية (الإطار 45).
وعلى مدى العقود القليلة الماضية، اتّسعت الشبكة العالمية للمناطق المحميّة بسرعة لتصل إلى ما يقارب 000 240 منطقة محميّة، معظمها على اليابسة. وتحمي هذه المناطق مجتمعة ما يزيد قليلًا على ملياري (2) هكتار، أي ما يعادل 15 في المائة من سطح اليابسة (المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، والجيل الجديد من تقنيات تحديد التسلسل، 2020). وهناك آلاف من المناطق المحميّة المصممة خصيصًا لحماية الغابات، وبعضها من بين أقدم المناطق المحميّة في العالم. فمثلًا، ما زالت محميّة غابة ماراكيلي في سري لانكا تحمي هذه الغابة منذ عام 1875.
وتُصنّف المناطق المحميّة وفقًا لهدفها الإداري (الإطار 46).
◂ الهدف 2-15 من أهداف التنمية المستدامة: تعزيز تنفيذ الإدارة المستدامة لجميع أنواع الغابات، ووقف إزالة الغابات، وترميم الغابات المتدهورة وتحقيق زيادة كبيرة في نسبة زرع الغابات وإعادة زرع الغابات على الصعيد العالمي، بحلول عام 2020
— المقصد 1-2-15 من مقاصد هدف التنمية المستدامة: التقدّم نحو الإدارة المستدامة للغابات
◂ الهدف 7 من أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي: بحلول عام 2020، تدار مناطق الزراعة وتربية الأحياء المائية والحراجة على نحو مستدام، لضمان صون التنوع البيولوجي.
◂ الهدف 3 من خطة الأمم المتحدة الاستراتيجية للغابات: تحقيق زيادة كبيرة ﰲ مساحة الغابات المحميّة على النطاق العالمي وغيرها من مساحات الغابات التي تدار على نحو مستدام، وكذلك زيادة نسبة المنتجات الحرجيّة المستمَدّة من الغابات التي تدار على نحو مستدام.
— الهدف 2-3 زيادة كبيرة في مساحة الغابات الخاضعة لأطر خطط إدارة الغابات الطويلة الأجل.
الفئة 1 ألف تغطي المناطق المحميّة بصرامة والمخصّصة لحماية التنوع البيولوجي، وربما أيضًا حماية خصائص جيولوجية/جيومرفولوجية، حيث تخضع زيارات الناس ويخضع الاستخدام وآثاره لضبط صارم لتقتصر جميعها على ضمان حماية قيم الصون. ويمكن لهذه المناطق المحميّة أن تكون بمثابة مجالات مرجعية لا غنى عنها للبحوث العلمية والرصد العلمي.
الفئة 1 باء المناطق المحميّة من هذه الفئة هي مناطق كبيرة غير معدّلة أو معدّلة تعديلًا طفيفًا، تحتفظ بخصائصها الطبيعية وبتأثيرها، من دون استيطان بشري دائم أو ذي شأن، وهي تُحمى وتدار لصون حالتها الطبيعية.
الفئة 2 المناطق المحميّة من هذه الفئة هي مناطق كبيرة طبيعية أو طبيعية تقريبًا خُصصت لحماية عمليات إيكولوجية واسعة النطاق، إلى جانب الخصائص التي تتميّز بها الأنواع والنظم الإيكولوجية في المنطقة المعنية، وهي توفر أيضًا بشكل أساسي فرصًا روحية وعلمية وتعليمية وترفيهية وفرصًا للزيارات.
الفئة 3 نخصص المناطق المحميّة من هذه الفئة لحماية نُصب طبيعية محدّدة، قد تكون تشكيلًا أرضيًا أو جبلًا بحريًا أو كهفًا تحت سطح البحر أو ظاهرة جيولوجية ككهف مثلًا أو ظاهرة حيّة كبستان موغل في القدم مثلًا. وهي عمومًا صغيرة وغالبًا ما تكون ذات قيمة عالية للزوار.
الفئة 4 تهدف إلى حماية أنواع أو موائل معينة وتعكس إدارتها هذه الأولوية. ويحتاج العديد من المناطق المحميّة من هذه الفئة إلى تدخّلات منتظمة نشطة لمعالجة متطلّبات الأنواع المعنية أو صون الموائل، لكن هذا ليس شرطًا من شروط هذه الفئة.
الفئة 5 المناطق المحميّة من هذه الفئة هي تلك التي أنتج فيها تفاعل الإنسان والطبيعة على مر الزمن خاصية مميزة ذات قيمة إيكولوجية وبيولوجية وثقافية وعلمية كبيرة، وحيث يكون الحفاظ على سلامة هذا التفاعل حيويًا لحماية وإدامة المنطقة وما يرتبط بها من صون الطبيعة ومن قيم أخرى.
الفئة 6 تصون المناطق المحميّة من هذه الفئة نظمًا إيكولوجية وموائل، مع ما يرتبط بها من قيم ثقافية ونظم إدارة تقليدية للموارد الطبيعية. وهي عمومًا كبيرة، يكون معظمها في حالة طبيعية، ويخضع جزء منها لإدارة موارد طبيعية مستدامة، ويعتبر الاستخدام غير الصناعي على مستوى منخفض للموارد الطبيعية المتوافق مع صون الطبيعة أحد الأهداف الرئيسية لها.
المصدر: المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، والجيل الجديد من تقنيات تحديد التسلسل، (2020).
تفيد التقارير على الصعيد العالمي أن 18 في المائة من مساحة الغابات في العالم، أي أكثر من 700 مليون هكتار، يقع ضمن مناطق محميّة منشأة قانونًا كالمتنزهات الوطنية ومناطق الصون ومحميّات صيد الحيوانات (الفئات المحميّة من الفئة 1-4). والحصة الأكبر من الغابات في المناطق المحميّة هي في أمريكا الجنوبية (31 في المائة) والحصة الأدنى هي في أوروبا (5 في المائة) (الشكل 37) (منظمة الأغذية والزراعة، 2020).
ووفقًا لتقييم الموارد الحرجيّة في العالم 2020، ازدادت منذ عام 1990 مساحة الغابات من الفئات 1-4 بما لا يقل عن 191 مليون هكتار، لكن معدّل الزيادة السنويّة تباطأ خلال العقد الماضي (الشكل 38). وفي تقييم الموارد الحرجية في العالم 2020، لم يبلّغ عن سلاسل زمنية كاملة غير 129 بلدًا فقط، تمثّل مجتمعةً 84 في المائة من المجموع الكلي لمساحة الغابات (منظمة الأغذية والزراعة، 2020)، ولذا يحتمل أن تكون الزيادة الفعلية في مساحة الغابات في المناطق المحميّة أعلى قليلًا.
أجرى المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لأغراض هذا التقرير دراسات جديدة عن الاتجاهات في المناطق المحميّة حسب نوع الغابات وحسب المنطقة الإيكولوجية العالمية وعن الاتجاهات في المناطق الحرجية ضمن المناطق الرئيسية للتنوّع البيولوجي، أي المواقع التي تساهم إسهامًا ذا شأن في التنوع البيولوجي العالمي. وقد استندت هذه الدراسات إلى أربع مجموعات من البيانات المكانية هي:
◂ المناطق المحميّة: إصدار يونيو/حزيران 2019 من قاعدة البيانات العالمية للمناطق المحميّة (المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، والجيل الجديد من تقنيات تحديد التسلسل، 2019).
◂ المناطق الرئيسية للتنوّع البيولوجي: إصدار مارس/آذار 2019 من قاعدة البيانات العالمية للمناطق الرئيسية للتنوّع البيولوجي (BirdLife Internationalا، 2019)
◂ الغطاء الأرضي: الغطاء الأرضي السنوي على مستوى دِقّة يقرب من 300 متر من عام 1992 إلى عام 2015، من مبادرة وكالة الفضاء الأوروبية الخاصة بتغير المناخ – منتجات الغطاء الأرضي (Bontemps وآخرون، 2013) النسخة 7-0-2
◂ المناطق الإيكولوجية: مجموعة بيانات المناطق الإيكولوجية العالمية، الطبعة الثانية (منظمة الأغذية والزراعة، 2012أ).
ولم يكن بالإمكان استبعاد محاصيل الأشجار الزراعية من بيانات الغطاء الأرضي، ولكن بما أن قلّة منها تقع ضمن المناطق المحميّة، قمن غير المحتمل أن يؤدي إدراجها إلى انحراف كبير في النتائج الرئيسية المعروضة أدناه.
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الأغذية والزراعة طلبت من البلدان الإبلاغ عن المناطق الحرجية في فئات المناطق المحميّة 4-1 لأغراض تقييم الموارد الحرجية في العالم 2020، لكنّ هذه الدراسة شملت أيضًا الفئتين 5 و6. ولذا فإنّ المساحة الإجمالية للغابات في المناطق المحميّة الواردة أدناه أكبر بكثير مما أُبلغ عنه لتقييم الموارد الحرجية في العالم 2020.
وضع المناطق المحميّة واتجاهاتها حسب نوع الغابات. ازدادت مساحة الغطاء الشجري ضمن المناطق المحميّة بين عامي 1992 و2015 زيادة مثيرة للإعجاب بلغت 396 مليون هكتار عالميًا، أي بزيادة بلغت في المتوسط 17 مليون هكتار سنويًا (الشكل 39)، لتصل إلى ما مجموعه 833 مليون هكتار في عام 2015 (الجدول 5). ومن غير المؤكد ما إذا كانت هذه الزيادة تعود إلى توسع كبير لشبكات مناطق محميّة تتداخل عشوائيًا مع الغابات، أم أنها تمثل حماية هادفة للنظم الإيكولوجية الحرجية.
وكانت أكبر زيادة في المناطق المحميّة للغابات العريضة الأوراق الدائمة الخضرة (الاستوائية) (الشكل 39)، التي ازدادت من عام 1992 بمقدار 226 مليون هكتار لتصل إلى 397 مليون هكتار عام 2015، وهي أكبر منطقة لأي نوع من أنواع الغابات، كما أنها نوع الغابات الذي يشكّل أكبر نسبة مئوية من الغابات في المناطق المحميّة (الجدول 5). ومثّل النمو في الغابات العريضة الأوراق الدائمة الخضرة المحميّة أكثر من نصف متوسط الزيادة العالمية في الغابات المحميّة سنويًا منذ عام 1992. وشهدت أنواع الغابات الأخرى جميعها زيادة أقل بصورة ملحوظة خلال فترة ـ23 عامًا المذكورة (الشكل 39).
وضع الغابات المحميّة واتجاهاتها حسب المنطقة الإيكولوجية العالمية. تحتوي 20 منطقة إيكولوجية عالمية أرضية في مختلف أنحاء العالم على بعض من الغطاء الشجري. وكانت لدى المناطق جميعها نسبة أكبر من الغطاء الشجري المحمي في عام 2015 مقارنة بما كانت عليه في عام 1992 (الشكل 40). وفي ثلاثة مناطق إيكولوجية عالمية (الغابات الاستوائية المطيرة والغابات شبه الاستوائية الجافة والغابات المحيطية المعتدلة المناخ)، أصبح أكثر من 30 في المائة من الغطاء الشجري موجودًا في مناطق محميّة قانونًا. وفي مناطق محميّة ثلاث أخرى (الغابات شبه الاستوائية الرطبة والسهوب الحرجيّة والغابات الصنوبرية الشمالية المعتدلة المناخ)، يوجد أقل من 10 في المائة من الغطاء الشجري في مناطق محميّة (الجدول 6). وغالبًا ما تكون المناطق التي فيها مثل هذه النسبة المتدنية من الغابات موجودة في مناطق محميّة عند خطوط العرض الأعلى (الشكل 41). وينبغي إعطاء هذه المناطق أولوية في تحقيق مزيد من الحماية، على اعتبار أن الحماية التمثيلية للنظم الإيكولوجية الأرضية تشكل عنصرًا رئيسيًا من عناصر الهدف 11 من أهداف آيتشي.
ومن المثير للاهتمام أن معدّلات فقدان الغطاء الحرجي هي الأعلى في المنطقة الإيكولوجية العالمية للغابات الاستوائية المطيرة، لكنها شهدت رغم ذلك أعلى مستويات نمو للغطاء الشجري في المناطق المحميّة. وقد يعود ذلك إلى حدٍّ كبير إلى شبكة المناطق المحميّة في البرازيل، التي لديها الآن أكبر شبكة من هذا القبيل في العالم (المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، والجيل الجديد من تقنيات تحديد التسلسل، 2019).
وفي عام 2015، كانت الغابات المحيطية المعتدلة، وهي موجودة في أوروبا وشيلي وأجزاء من أوسيانيا، تتمتع بأكبر نسبة مئوية في المناطق المحميّة. ويعود ذلك جزئيًا إلى شبكة المناطق المحميّة الواسعة النطاق في أوروبا، التي تستأثر بقرابة نصف المناطق المحميّة في العالم (المركز العالمي لرصد حفظ البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، والجيل الجديد من تقنيات تحديد التسلسل، 2020).
اتجاهات الغابات ضمن مناطق التنوع البيولوجي الرئيسيّة. مناطق التنوع البيولوجي الرئيسية هي التي تستوفي صراحة معيارًا واحدًا على الأقل من معايير التنوع البيولوجي البالغ عددعا 11 معيارًا، مثلًا أن تمثل أكثر من 5 في المائة من النطاق العالمي لنوع من أنواع النظام الإيكولوجي المهدّد بالانقراض أو المهدّد بالانقراض بشدة على مستوى العالم (الاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة، 2016). وهناك حاليًا أكثر من 15 ألف منطقة تنوع بيولوجي رئيسية في العالم، تغطي مساحة إجمالية تزيد عن 1.9 مليارات هكتار (Birdlife Internationalا، 2019)، وحوالي 95 في المائة منها أرضية، وأكثر من 75 في المائة منها يحتوي على بعض الغطاء الحرجي.
وتشير دراسة المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن الغطاء الحرجي قد انخفض انخفاضًا هامشيًا بين عامي 1992 و2015 في هذه المجموعة، وهذه النتيجة تتماشى مع ما توصلت إليه مصادر أخرى لمجموعة فرعية من مناطق التنوع البيولوجي (Tracewski وآخرون، 2016). ولا يوفر تمتّع منطقةٍ ما بوضع منطقة تنوع بيولوجي رئيسية بحد ذاته أي حماية رسمية للغابة، مع أن مناطق التنوع البيولوجي الموجودة جزيئيًا أو كليًا ضمن مناطق محميّة أو في مواقع نائية أكثر هي أقلّ عرضة لتغيّر الغطاء الأرضي مقارنة بغيرها من مناطق التنوع البيولوجي. ورغم الانخفاض الهامشي في الغطاء الحرجي في مناطق التنوع البيولوجي، ما زالت تغطية المناطق المحميّة تنمو باطراد مع الوقت، وإن بمستويات حماية متباينة إلى حد كبير في البلدان المختلفة (Ritchie وآخرون، 2018).
يتمّ على نحو متزايد إعمال المناطق المحميّة لصون التنوع البيولوجي باتباع ما يسمى نهج الممرات البيولوجية أو نهج الشبكات الإيكولوجية (أنظر مثلاً Bennett وMulongoyا، 2006)، الذي يوفق بين المنظورين البيوفيزيائي والإنساني ويساهم في سلامة المشهد الإيكولوجي والزراعي الأوسع نطاقًا. وتوفر دراسة الحالة 2 مثالًا من كولومبيا، وهي بلد من أكثر البلدان تنوعًا بيولوجيًا في العالم. وتوفر الدروس المستفادة مما يزيد على 30 عامًا من تنفيذ الممرات الإيكولوجية دليلًا على فوائدها في صون الغطاء الحرجي، ولكن ليس بالضرورة في صون المجموعة الكاملة من الأنواع (Bennett وMulongoyا، 2006).
منذ عام 2016، تعمل مبادرة BioCaribe Connectivityا (Conexión BioCaribe)، ومدتها خمس سنوات، على خفض تدهور وتشتّت النظم الإيكولوجية القيّمة في منطقة البحر الكاريبي في شمال كولومبيا. ومع أن استغلال موارد المنطقة منذ ما قبل الاستعمار كان دافعًا للنمو الاقتصادي، أخذت الممارسات غير المستدامة تشكّل تهديدًا متزايدًا للتنوع البيولوجي الوافر في المنطقة ولقدرة المجتمعات المحلية الريفية على الصمود وللأمن الغذائي (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ط).
ويتمثل صلب المبادرة في تصميم 1.5 مليون هكتار من ممرات الترابط للربط بين المناطق المحميّة المعزولة (الشكلان ألف وباء). وتُشكّل هذه الممرات من نظم إنتاج صديقة للبيئة تشمل الحراجة الرعوية، والحراجة الزراعية، والبساتين المختلطة، واستصلاح مصادر المياه والشواطئ، وترميم غابات الشورى (المانغروف)، واستصلاح الأراضي الرطبة بالزراعة المائية، والجمع بين أنواع تدعم صون التنوع البيولوجي وإنتاج الأغذية على حدٍّ سواء. وتشمل العملية تخطيطًا إقليميًا ومشاركة اجتماعية استنادًا إلى رؤية تعتمد على تداخل الثقافات، وإدارة فعالة للمناطق المحميّة القائمة وإنشاء مناطق محميّة جديدة ومناطق عازلة تربط المناطق المحميّة فيما بينها، وتحليلًا لجدوى حوافز الصون المحتملة وبرامج التصديق.
وقد شملت النتائج (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ط) بالفعل المساهمات التالية في الربط بين النظم الإيكولوجية وفي استعادة الطيور والثدييات المرتبطة بها:
◂ حوالي 500 13 هكتار من المناطق المحميّة الجديدة و000 116 هكتار أخرى قيد الإنشاء؛
◂ حوالي 000 5 هكتار مزروعة في إطار نماذج إنتاج مستدام بديلة، مع مشاركة أكثر من 500 1 أسرة في المدارسالحقلية للمزارعين؛
◂ 300 1 هكتار من المناطق العازلة المحميّة التي أنشئت بناء على خطط إنتاج مستدامة؛
◂ 000 68 هكتار من مزيج من الصون والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية المنشأة.
وقد صممّت الممرات من خلال عملية تشاركية مع المجتمعات والمؤسسات المحلية. فأمكن بذلك تصميم أنشطة ملائمة للقيم والتقاليد الاجتماعية والثقافية للمجموعات الإثنية. ونتيجة لذلك، أدمج مجتمعان محليّان من السكّان الأصليين وثلاثة مجتمعات محلية من المنحدرين من أصل أفريقي نهج الترابط في الخطط الجماعية لاستخدام الأراضي.
وشجّعت المبادرة أيضًا على إنشاء شبكة اتصالات جماعية لنشر المعلومات والتوعية بأنشطة المجتمعات المحليّة، أشركت فيها الأطفال والشباب في التصدي للتحديات التي تواجه كلًّا من هذه المجتمعات المحليّة. وفي عام 2020، من المتوقع أن يتولى النظام الوطني للحدائق الطبيعية في كولومبيا مسؤولية إدارة الشبكة والحفاظ على السيادة الثقافية في الاتصالات في ما بين هذه المجموعات.
إنّ 40 في المائة تقريبًا من النظم الإيكولوجية المحمية والسليمة من الناحية الإيكولوجية، على غرار الغابات الأولوية والاستوائية والسافانا والمستنقعات، خاضعة لرعاية الشعوب الأصلية (Garnett وآخرون، 2018) ومن المسلّم به أكثر فأكثر أن احتياجات المجتمعات المحلية ومعارفها وقيمها المرتبطة بمواقع صون التنوع البيولوجي تساهم في صون التنوع البيولوجي (Pretty وSmith، 2004؛ Sayer وآخرون، 2017). وقد مهّد ذلك الطريق أمام استراتيجيات مربحة لكل الأطراف لتعزيز سبل المعيشة وفي الوقت نفسه حماية التراث الطبيعي. ويطرح سؤالان رئيسيان بهذا الصدد عما إذا كانت التفاعلات بين الإنسان والنظام الإيكولوجي ضمن منطقة محميّة ما مستدامة وما إذا كانت مستويات الحماية كافية، ذلك أنه من الصعب أحيانًا كثيرة رصد فعاليّة الحماية (Andam وآخرون، 2008؛ Leverington وآخرون، 2010). وفي حالات كثيرة، كان السماح بقيام أنشطة في المناطق المحميّة يدعم سبل العيش المحلية، على غرار قطع الأخشاب وجمع المنتجات الحرجية غير الخشبية على نحو مستدام (دراسة الحالة 3 والإطار 47) والسياحة المستدامة (دراسة الحالة 4)، فعّالًا في توفير حوافز إيجابية للسكان.
أنشئت محميّة المحيط الأحيائي للمايا في عام 1990 لحماية أكبر مساحة من الغابات الاستوائية في أمريكا الوسطى. وهي تحتل حوالي 2.1 مليون هكتار، بما في ذلك 000 767 هكتار تخضع لحماية مشدّدة و400 848 هكتار تخضع لاستخدام متعدّد (بما في ذلك الامتيازات) و500 497 هكتار من الممتلكات الخاصة في المنطقة العازلة. ومنح حوالي 000 533 هكتار من الامتيازات في منطقة الاستخدام المتعدّد بأهداف صون واضحة (الشكل ألف).
وفي الفترة الممتدة بين عامي 1994 و2002، مُنح في المحميّة 14 امتيازًا، بما في ذلك امتيازات الأخشاب الصناعية التي تتراوح مساحتها بين هكتارين وحوالي 000 130 هكتار. ومنح اثنا عشر امتيازًا إلى مجتمعات محلية في أعقاب اتفاقات السلام عام 1996، التي نصت أنه على الحكومة أن تمنح بحلول عام 1999 مساحة 000 100 هكتار من الامتيازات للمزارعين على النطاقين الصغير والمتوسط. ومنح الامتيازان المتبقيان لشركتي أخشاب خاصتين. ومنذ ذلك الحين، ألغي امتيازان من امتيازات المجتمع المحلي وأوقف أحدها بسبب الضغط الزراعي الثقيل وانحسار الآفاق الاقتصادية وانتشار الاتجار بالمخدرات. وتغطي الامتيازات حاليًا 485 122 هكتارًا (Gretzingerا، 2016).
وشرط الحفاظ على أي امتياز هو التصديق عليه من جانب مجلس رعاية الغابات. ويوفر ذلك آلية للمساءلة ويكمّل قدرات الرصد المحدودة لدى المؤسسات العامة.
وتدار الامتيازات المجتمعية بطريقة تتكامل فيها الاستخدامات المتنوعة، بما في ذلك جمع المنتجات الحرجية غير الخشبية والسياحة. ومع ذلك، يأتي الجزء الأكبر من الإيرادات من الأخشاب، خاصة الأنواع العالية القيمة مثل الماهوجني (Swietenia macrophylla)ا (Stoian وRodasا، 2015). ويُعاد استثمار حوالي ثلث الأرباح في الغابات من خلال دوريات الإطفاء وحماية الغابات.
وعلى العموم، يتضح أن كثافة قطع الأشجار متدنية في الامتيازات المجتمعية. فخلال الفترة 2016-2012، كانت الكثافة بالنسبة إلى الماهوجني 0.7 متر مكعب للهكتار الواحد (0.29 شجرة للهكتار الواحد) وإجمالًا 1.6 متر مكعب للهكتار الواحد (Rodas وStoianا، 2015). ويتراوح عدد أنواع الأخشاب التي تقطع من 4 إلى 19، وتقطع الامتيازات الصناعية عمومًا أنواعًا أكثر مما تفعل الامتيازات المجتمعية.
وتشمل النتائج المحققة على مستوى الامتيازات من حيث صون التنوع البيولوجي تسجيل مستويات مستدامة لقطع الأخشاب (Grogan وآخرون، 2016) والنجاح في السيطرة على حرائق الغابات وانخفاض حوادث حرائق الغابات خلال سنوات النينيو واللانينيا (المجلس الوطني للمناطق المحمية وجمعية المحافظة على الحياة البرية 2018)، وصون مجموعات الفهود (Polisar وآخرون، 2016) وانخفاض إزالة الغابات أو انعدامها، ما أدى إلى زيادة الغطاء الحرجي بنسبة 0.1 في المائة بين عامي 2016 و2017 (المجلس الوطني للمناطق المحمية وجمعية المحافظة على الحياة البرية، 2018). وفي المقابل، كانت إزالة الغابات في المناطق المحميّة في المنطقة الأساسية (غير المدرجة في الامتيازات) أكثر تنوعًا، حيث بلغت في المتوسط حوالي 1 في المائة (Hodgdon وآخرون، 2015).
وتشمل النواتج المتعلقة بالتنمية زيادة إيرادات الأخشاب وتخفيض الهجرة الخارجة وتعزيز فرص العمل والاستثمارات الاجتماعية وبناء القدرات وتحسين إمكانية الحصول على الائتمانات المصرفية نتيجة زيادة مصداقية أصحاب الامتيازات:
◂ حصلت الامتيازات المجتمعية بين عامي 2012 و2016، على حوالي 25 مليون دولار من مبيعات الأخشاب. وفي الامتيازات التي يتميز إنتاجها بتنوع أكبر (الخشب والمنتجات الحرجية غير الخشبية) وقدرة أعلى إضافة القيمة، كان دخل الأسر المعيشية المشاركة من الغابات أعلى من خط الفقر بمقدار 1.6 إلى 2.8 مرات (Stoian وRodasا، 2018).
◂ ساعد دخل الغابات (الذي يمثل حوالي 38 في المائة من دخل الأسرة)، بالإضافة إلى الخدمات الاجتماعية التي توفّرها الامتيازات كالمنح الدراسية والرعاية الصحيّة، في خفض الهجرة. وفي المتوسط، لا تساهم التحويلات المالية إلى مناطق الامتياز إلّا بنسبة 2 في المائة من دخل الأسرة (Stoian وآخرون، 2018).
◂ تتسم فرص العمل في إنتاج وتسويق المنتجات الحرجية غير الخشبية، كزيت سعف النخيل (Chamaedorea spp.) وبذور الرامون من شجرة الحليب (brosimum alicastrum) والعسل والفلفل الحلو، بأهمية خاصة للنساء.
◂ استثمرت الامتيازات أرباحها في مشاريع مجتمعية كالبنية التحتية (بناء الطرق وصيانتها) والخدمات الصحية والتعليم (المنح الدراسية وأجور المعلمين). وبيّنت الدراسات الاستقصائية أن أعضاء المجتمع المحلي فضلوا التقديمات العينية وإعادة استثمار دخل الغابات على النقد (Bocci وآخرون، 2018؛ Stoian وآخرون، 2018).
◂ وفّرت متطلبات إدارة الامتيازات والتصديق فرصًا وحافزًا لتعزيز القدرات التقنية والإدارية للمشاريع المجتمعية.
◂ يمكن للمجتمعات المحليّة الحصول على التمويل من خلال بنوك تقبل خطة التشغيل السنويّة كضمانة. ويموّل العديد من المجتمعات المحلية عمليات قطع الأشجار من خلال دفعات تتاح مقدّمًا (مع إدراج الفائدة في المدفوعات).
مبادرة “منتجات الشراكة الجبلية” هي مشروع تصديق وتوسيم يوفر دعمًا فنيًا وماليًا لصغار المنتجين الجبليين لإنشاء مشاريع وتعزيز مهاراتهم التسويقية وتعزيز سبل معيشتهم من خلال تحسين سلاسل القيمة لمنتجات جبليّة من مثل الأغذية العضوية والمنسوجات والخدمات السياحية. وتعزز المبادرة سلاسل القيمة القصيرة المحلية مع ضمان الشفافية والثقة بين المنتجين والمستهلكين، والتعويض العادل للمنتجين الأوليين، وصون التنوع البيولوجي الزراعي، والحفاظ على الأساليب الموغلة في القِدم. ويترافق كل مُنتج مع بطاقة توسيم سردية تحكي قصة أصوله وزراعته وتجهيزه و/أو طرق صونه وقيمته الغذائية (في حالة الأغذية) ودوره في الثقافة المحليّة، ما يمكّن المستهلكين من الشراء عن دراية. وقد دعمت المبادرة حتى الآن نحو 000 10 مزارع منهم 000 6 من النساء.
ومن المنتجات التي تدعمها مبادرة “منتجات الشراكة الجبلية” العسل من النحل غير اللاسع Tetragonisca angustula، وهو منتج حرجي أصلي تقوم بجمعه بعناية تعاونية مؤلفة من 160 امرأة من مجتمع غواراني المحليّ في الحديقة الوطنية serranía del iñao، مقاطعة شاكو، دولة بوليفيا المتعدّدة القوميات. وتربّي أسر غواراني النحل منذ العصور القديمة. غير أن العسل أصبح سلعة نادرة نتيجة إزالة الغابات وإدخال نحل العسل الأوروبي الأكثر إنتاجًا، ما قلّل توزيع 350 من أنواع النحل غير اللاسع المعروفة (أعضاء في قبيلة Meliponini). والنحل غير اللاسع، المتكيّف تمامًا مع البيئة المحليّة، من الملقحات الهامة. ويؤدي غيابه إلى خسارة كبيرة في التنوع البيولوجي في الغابات في دولة بوليفيا المتعدّدة القوميات. لذا، لا تساعد هذه المبادرة على توفير سبل العيش لمربي النحل وصون النحل فحسب، بل إنها أيضًا تساهم من خلال التلقيح في صون التنوع البيولوجي النباتي القائم.
الأردن بلد شبه قاحل ومعرض للجفاف. ولديه غطاء حرجي محدود تبلغ مساحته 000 88 هكتار يتركز في مناطق المرتفعات التي تتميّز بمناخ البحر الأبيض المتوسط. وللغابات دور حاسم في صون الحياة الحيوانية والنباتية في الأردن، لكنّ تدهور الغابات والمراعي أدّى إلى تآكل التربة وأحدث أضرارًا في مناطق مستجمعات المياه وأدى إلى فقدان التنوع البيولوجي وفقدان خدمات النظم الإيكولوجية القيّمة (وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة البيئة، 2008). وقد أعلن الأردن، في محاولة لصون موارده الحرجية المحدودة وتنوعه البيولوجي الحرجي، بعض هذه الغابات محميّات وطنية وفوّض سلطة إدارتها إلى الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، وهي منظمة وطنية غير حكومية.
وتعدّ محميّة ضانا للمحيط الحيوي التي تبلغ مساحتها 320 هكتارًا والتي أنشئت في عام 1989 (الشكل ألف)، أكبر محميّة طبيعية في الأردن. وهي تحتضن أربع مناطق جغرافية أحيائية مختلفة وستة أنواع من النباتات، بما في ذلك رقعة هامة من غابات العرعر الفينيقي السليمة نسبيًا (Juniperus phoenicea). وهي أيضًا موطن مجموعة الغابات الصنوبرية المتبقية في أقصى الجنوب (Cupressus sempervirens). وسجّل فيها ما مجموعه 891 نوعًا من النباتات (منها ثلاثة أنواع جديدة لم تكن معروفة للعلم سابقًا) (وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة البيئة، 2008). والمحميّة موطن لــ 449 نوعًا من الحيوانات، والعديد منها نادر والبعض مهدد بالانقراض. ومن بينها القط الرملي (Felis margarita) والذئب السوري (Canis lupus arabs) والوعل النوبي (Capra nubiana) وطائر العوسق الصغير (Falco naumanni) والسحلية المصرية الشائكة الذيل (Uromastyx aegyptia) )الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، 2018). وتمّ حتى الآن العثور في المحميّة على 25 نوعًا من الحيوانات المدرجة في قائمة الحيوانات المعرضة للخطر أو الانقراض، ما يجعلها منطقة ذات أهمية عالمية )الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، 2018). والمحميّة جزء من منطقة أكبر حددتها المنظمة الدولية لحياة الطيور كمنطقة مهمة للطيور. وأهم أنواع الأشجار في هذه المنطقة الكبيرة هو سرو المتوسط (Cupressus sempervirens) ويدمج نهج الجمعية الملكية لحماية الطبيعة الأهداف البيئية والاجتماعية والاقتصادية وسبل عيش السكان المحليّين والاقتصاد المحليّ. وتضم محميّة ضانا للمحيط الحيوي أربع جماعات إثنية موزعة في حوالي 16 قرية أو مستوطنة في المحميّة وحولها، ويبلغ مجموع عدد سكانها 31000 نسمة معنيين جميعا، بطريقة أو بأخرى، في إدارة المحميّة. وقد أدمجت خطة إدارة المحميّة إدماجًا جيدًا في الخطط المحلية للتنمية الاقتصادية والريفية. وتوفر المحميّة للمجتمعات المحليّة 85 وظيفة دائمة ومئات من الوظائف غير المتفرغة. وتكسب المجتمعات المحليّة أيضًا دخلًا من بيع المصنوعات اليدوية والمنتجات النباتية الطبية والعطرية والإنتاج من الصيد ومن استضافة الزوار في المنازل وتقديم الأغذية التقليدية لهم.
وقد حقق تنظيم رعي الماشية في إطار خطة الإدارة نتائج إيجابية. وتشمل الخطة حكمًا يتيح لأفراد المجتمع المحلي جلب ماشيتهم للرعي في بعض أجزاء المحميّة خلال موسم الجفاف، عندما يصبح العلف خارج المحميّة شحيحًا. وتُدرّب المجتمعات المحلية أيضًا على ممارسة الرعي التناوبي. ولدى معظم المجتمعات المحلية خلفيات بدوية ورعوية، ويمثّل الرعي المنظم الذي اعتمدته خطة الإدارة دعمًا كبيرًا لسبل معيشتها؛ وقد ساهم ذلك في شعور قوي بالتملك بين المجتمعات المحلية وفي الالتزام بحماية المحميّة. وتقدر القيمة النقدية الإجمالية للأعلاف التي توفرها المحميّة لــ500 17 من رؤوس الماشية المملوكة للمجتمعات المحلية بنحو 000 219 2 دولار سنويًا (الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، 2018).
والمحميّة جذابة للسواح المحليين والدوليين نظرًا لأهميتها البيولوجية والأثرية. وقد أتاح تطوير البنية التحتية للسياحة الإيكولوجية، إلى جانب إيرادات الرسوم وبيع الأخشاب والمنتجات الحرجية من غير الأخشاب والأنشطة السياحية للجمعية الملكية لحماية الطبيعة، توليد دخل كبير لدعم صون المحميّة وإدارتها على نحو مستدام. وقد أنشأت الجمعية بيت ضيافة ونزلًا بيئيًا ومخيمًا يضم 30 خيمة تستوعب ما يصل إلى 120 شخصًا ومجموعة من مسارات المشي لمسافات طويلة (الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، وبريّة الأردن، 2017). وقد ساعد نجاح السياحة في المحميّة على كسب ثقة الحكومة والسكان المحليين وعلى توليد تمويل إضافي من الممولين الوطنيين والخارجيين لاستخدامه في أنشطة الصون وفي دعم سبل عيش المجتمعات المحليّة. ووفرت الجمعية أيضًا فرصًا لبناء قدرات المجتمعات المحلية في مجال مهارات أعمال الريادة في إدارة مشاريع الأعمال الصغيرة وفي تنظيم تعاونيات ذات وضع قانوني لتيسير الحصول على القروض من مؤسسات الإقراض الوطنية لتمويل مشاريع قائمة على المجتمعات المحليّة.
الوعل النوبي من الأنواع المعرضة للخطر بحسب القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة
©الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، عمّن، الأردننساء محليات يجهّزن الجلد كنشاط بديل مدرّ للدخل بفضل الجمعية الملكية لحماية الطبيع
©الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، عمّن، الأردنأدّت المناطق المحميّة إلى تحسين حالة الغابات، لا سيما حيث تؤخذ بالاعتبار احتياجات السكان المحليين الذين يعتمدون على الغابات. وتشير الأدلة الواردة من البرازيل إلى أن أداء المناطق المحميّة في أطر نظم حوكمة مختلفة (الاستخدام المستدام وأراضي الشعوب الأصلية والحماية الصارمة وغيرها من النظم) يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالموقع وبضغط إزالة الغابات وبالإنفاذ (Soares-Filho وآخرون، 2010). وتشير الدراسات إلى أن المحميّات الاستخراجية في البرازيل أدّت إلى انخفاض كبير في المعدل السنوي لإزالة الغابات من 2.78 مليون هكتار في عام 2004 إلى 000 460 هكتار في عام 2012، وهو انخفاض بنسبة 74 في المائة (Instituto Socioambientalا، 2015، مذكور في مبادرة الحقوق والموارد، 2015).
وفي بوتان، حيث تشمل المناطق المحميّة أكثر من 50 في المائة من الأراضي، تبيّن التقييمات التي أجريت بعد 20 عامًا من بدء خطة العمل الخاصة بالتنوع البيولوجي الأولى، التي وُضعت في عام 1997 (حكومة بوتان، 1997)، تحقيق نتائج إيجابية في ما يتعلق بصون الأنواع والتوعية بالتنوع البيولوجي. لكنها تشير أيضًا إلى وجود تحديات من مثل الافتقار إلى التنسيق عبر مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة، وأوجه عدم اليقين بشأن الاستدامة المالية لإدارة المناطق المحميّة ووسائل التنفيذ التقنية؛ والتضارب بين السياسات؛ والصعوبات في رصد الوضع والتقدم وفي دعم أصحاب المصلحة المحليين. وقد أصبح التضارب بين الإنسان والحياة البرية أيضًا مسألة هامة؛ ففي بعض الأحيان، أدى انخفاض سلطة السكان المحليين على إدارة وقع الحياة البرية على المحاصيل والماشية إلى رد فعل عكسي عنيف إزاء سياسات الصون (Mongbo وآخرون، 2011؛ Lham وآخرون، 2019) (أنظر أيضًا الإطار 51 ضمن الصيد المستدام وإدارة الحياة البرية).
وفقًا للبيانات التي قدّمتها البلدان لتقييم الموارد الحرجيّة في العالم 2020، يخصَّص 420 مليون هكتار من الغابات بشكل أساسي لصون التنوع البيولوجي، أي بزيادة قدرها 111 مليون هكتار منذ عام 1990. وتعادل المساحة المخصّصة الآن 10 في المائة من مساحة الغابات في العالم. وعلى الصعيد العالمي، خُصّص الجزء الأكبر منها بين عامي 2000 و2010؛ وقد انخفض معدّل الزيادة السنوية في العقد الماضي (منظمة الأغذية والزراعة، 2020) (الشكل 42). ويوجد بعض هذه المساحات ضمن المناطق المحميّة قانونًا، فيما يوجد البعض الآخر خارجها. والسبب في أن هذا الرقم يقلّ كثيرًا عن مساحة الغابات في المناطق المحميّة المذكور أعلاه هو أن العديد من المناطق المحميّة مخصص لاستعمالات متعدّدة (كصون التنوع البيولوجي متضافرًا مع الاستجمام أو السياحة البيئية) أو لأغراض أولية أخرى. فمثلًا، أفادت البرازيل أن المناطق المحميّة جميعها تقريبًا مخصّصة بشكل أساسي للخدمات الاجتماعية (لحماية ثقافة الأشخاص المعتمدين على الغابات وأسلوب عيشهم) ولم تعتبر مخصّصةً لصون التنوع البيولوجي إلا المناطق المقيّدة الاستخدام فقط.
أُدرج مصطلح "تدابير الصون الفعّالة الأخرى القائمة على المناطق" في هدف آيتشي للتنوع البيولوجي 11 من الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي 2020-2011 التي صدرت عن اتفاقية التنوع البيولوجي (إتفاقية التنوع البيولوجي، 2010أ) في عام 2010، ما يوفّر صيغة للإقرار بصون التنوع البيولوجي خارج المناطق المحميّة، حيث قد لا يكون صون التنوع البيولوجي بالضرورة الهدف الأساسي للإدارة.
ويعرّف القرار 14/8 من اتفاقية التنوع البيولوجي، الذي اعتمد في عام 2018، تدبير الصون الفعال الآخر القائم على المناطق على أنه "منطقة محدّدة جغرافيًا، غير المنطقة المحميّة، تُحكم وتدار بطرق تحقق نواتج إيجابية طويلة الأجل مستدامة لصون التنوع البيولوجي في الموقع، مع ما يرتبط بذلك من وظائف وخدمات النظام الإيكولوجي، وحيثما ينطبق ذلك، من قيَم ثقافية وروحية واجتماعية واقتصادية وغيرها من القيم ذات الصلة بالواقع المحلي" (إتفاقية التنوع البيولوجي، 2018أ) . ويعرّف القرار نفسه أربعة معايير لتحديد تدابير الصون الفعالة الأخرى القائمة على المناطق: المنطقة غير المعترف بها حاليًا كمنطقة محميّة؛ المنطقة المحكومة والمدارة؛ المنطقة التي تساهم بصورة مستدامة وفعّالة في صون التنوع البيولوجي في الموقع؛ المنطقة التي تحافظ على وظائف النظام الإيكولوجي وخدماته وعلى القيَم الثقافية والروحية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من القيم المتصلة بالواقع المحلي.
وتشمل الأمثلة الممكنة على تدابير الصون الفعّالة الأخرى القائمة على المناطق في موائل الغابات والتي حدّدتها اللجنة العالمية للمناطق المحمية، التابعة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة وJonas وآخرون (2018) ما يلي:
◂ أراض ومناطق يحافظ عليها السكان الأصليون والمجتمعات المحليّة وليست مناطق محميّة رسميًا (أنظر الإطار 48)؛
◂ محميّات الحياة البرية المتاخمة لحدائق وطنية أو مناطق محميّة؛
◂ مناطق يديرها القطاع الخاص لها أهداف صون أساسية وفعالية مبرهنة لا يبَلّغ عنها في التقارير الوطنية كمناطق محميّة؛
◂ مناطق استعادة الموائل النشطة التي تهدف إلى استعادة نظم إيكولوجية متدهورة ذات قيمة عالية للتنوع البيولوجي ولخدمات النظم الإيكولوجية، كالأراضي الرطبة الساحلية المستعادة وغابات الشورى (المانغروف)؛
◂ محميّات الصيد التي تحافظ على موائل طبيعية ونباتات وحيوانات، كما وعلى مجموعات أنواع أصلية تُصاد أو لا تُصاد وتتوفر لها مقومات البقاء؛
◂ بعض المساحات الحرجية التي تُطرح جانبًا بشكل دائم، كالغابات القديمة أو الأساسية أو غيرها من الغابات ذات القيمة العالية للتنوع البيولوجي التي تُحمى من التهديدات (دراسة الحالة 5)؛
◂ مناطق أخرى قد تمتثل لمعايير تدابير الصون الفعالة الأخرى القائمة على المناطق، كالمناطق العسكرية والبساتين المقدّسة أو مواقع التراث الزراعي الهامة على الصعيد العالمي (الإطار 32 في الفصل الرابع).
من المسلّم به أن الأراضي والمناطق التي يصونها السكان الأصليون والمجتمعات المحلية عنصر هام في المساهمة في تحقيق الهدف 11 من أهداف آيتشي، سواء أكانت مناطق محميّة بصورة رسمية أو غير رسمية أو أراضٍ ومناطق يحافظ عليها السكان الأصليون والمجتمعات المحلية. ورغم تباين هذه الأخيرة، تكون لها عادة الخصائص الثلاث التالية (Borrini-Feyerabend وآخرون، 2013):
◂ تجمع علاقة وثيقة وعميقة السكان الأصليين أو المجتمع المحلي بالموقع (الأرض أو المنطقة أو الموئل)؛
◂ يشكل الشعب أو المجتمع المحلي جهة فاعلة رئيسية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالموقع لديها القدرة الفعلية و/أو القانونية على وضع لوائح تنظيمية وإنفاذها؛
◂ تؤدي القرارات التي يتّخذها الشعب أو المجتمع المحلي والجهود التي يبذلها إلى صون التنوع البيولوجي والوظائف الإيكولوجية والقيم الثقافية المرتبطة بها، بصرف النظر عن الدوافع الأصلية أو الأولية.
وتشمل الأراضي والمناطق التي يحافظ عليها السكان الأصليون والمجتمعات المحلية أراضي ومناطق ومواقع ثقافية وأماكن مقدّسة ومناطق لجوء لأنواع معينة ومشاعات مستخدمة على نحو مستدام، كالغابات المجتمعية والمراعي وطرق الترحال الرعوي والمناطق البحرية المـُدارة محليًا. ويحتفظ المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بسجل للأراضي والمناطق التي يصونها السكان الأصليون والمجتمعات المحلية (المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، 2020). ومع أن عدد المناطق المحميّة ونطاقها لم يخضعا للتقييم، إلاّ أن التقديرات تشير إلى أنها تغطي على الأرجح مساحة مساوية للمناطق المحميّة المحددة من الحكومات أو مساحة أكبر من ذلك.
وتتباين القواعد واللوائح التنظيمية لحوكمة وإدارة الأراضي والمناطق التي يصونها السكان الأصليون والمجتمعات المحلية تباينًا واسعًا عبر طيف يمتد من قوانين عرفية غير مكتوبة تُنقل شفهيًا عبر الأجيال إلى قوانين قانونية رسمية. وليس من الضروري أن تكون الأراضي والمناطق المعنية جزءًا من نظام رسمي للمناطق المحميّة، بل إن بعض السكان الأصليين أو المجتمعات المحلية قد لا يرغبون فعلًا في أن يكون هناك اعتراف رسمي بأراضيهم كمناطق محميّة.
يعتمد العديد من الأسماك الداخلية على موائل المياه العذبة التي تحتفظ بها الغابات وتدعمها. وتوفر غابات المرتفعات استقرار التربة وتقلّل جريان المياه المدمّر خلال العواصف المطيرة وتخفض خطر حدوث انهيارات أرضية بالنسبة إلى الأنهار الكائنة في أسفلها. وتدعم غابات السهول الفيضية الصحية منعطفات النهر الطبيعية وبرك القندس والقنوات الجانبية ذات المياه البطيئة. وتوفّر الغابات المجاورة للجداول الظل والحماية من التآكل والتخزين المؤقت الكيميائي ومدخلات أرضية مغذية لشبكات الأغذية المائية. وتدار الغابات عبر الشمال الغربي للولايات المتّحدة الأمريكية وكندا على المحيط الهادئ وتُستعاد لدعم التنوع البيولوجي في المياه العذبة.
والعديد من أسماك المياه العذبة التي توجد تاريخيًا في الموائل الحرجية في هذه المنطقة مدرجة على أنها معرّضة للخطر أو مهدّدة بالانقراض بموجب قانون الأنواع المهددة بالانقراض لعام 1973 (حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، 1973). ومن الأمثلة على الخطط الواسعة النطاق والعالية التنسيق التي أثبتت نجاحها، جزئيًا على الأقل من خلال إدارة الغابات، في دعم صون التنوع البيولوجي المائي للأسماك الداخلية وما يرتبط به من منافع اجتماعية واقتصادية وثقافية، خطة الغابات الشمالية الغربية، وخطة Wy-Kan-Ush-Mi Wa-Kish-Wit، وخطة استرداد السمك النهري في ولاية أوريغون.
وقد أدّت خطة الغابات الشمالية الغربية (وزارة الزراعة الأمريكية، غير مؤرخة(، وهي إحدى أكبر خطط إدارة الأراضي المنسقة التي نُفّذت على الإطلاق، إلى تحوّل غير مسبوق من أهداف إدامة غلة الأخشاب إلى أهداف الصون. وتوفر الخطة، التي بدأ تنفيذها في عام 1994، توجيهًا إداريًا لنحو 10 ملايين هكتار من الأراضي الاتحادية لمدة 100 عام من خلال تحديد نظام واسع من محميّات الغابات الناضجة والغابات الشاطئية، بالاقتران مع الرقابة على قطع الأخشاب في أراضٍ أخرى. وتشير الأدلة المتوافرة أن الخطة قد نجحت، خلال السنوات العشرين الأولى من عمرها، في حماية الغابات الكثيفة النمو القديمة وفي صون موائل للطيور ومجموعة من الكائنات المائية المعرضة للخطر والمهددة بالانقراض (Spies وآخرون، 2018). وقد ساهم تغيّر المناخ وما يرتبط به من زيادات في اندلاع الحرائق الجامحة في خسائر غير متوقعة في الغابات القديمة الموجودة في أراضٍ مشمولة بالخطة؛ ومع ذلك، تبدّت تحسينات على ثلاثة من العناصر الأساسية للموائل المائية لدعم التنوع البيولوجي للأسماك الداخلية، وهي درجة حرارة المياه واللافقاريات المائية والظروف الفيزيائية في المناطق المشاطئة. ويرجح أن هذه التحسينات تعود إلى تخفيضات في الطرق وإلى زيادات في عدد الأشجار الكبيرة في الغابات المشاطئة للجداول (Spies وآخرون، 2018). وتُعزى ظروف التدفق المحسّنة في الجداول المنخفضة الانحدار على الأراضي العامة إلى التغييرات التي طرأت على معايير وإرشادات إدارة الغابات في تسعينات القرن الماضي (Roper، وSaunders وOialaا، 2019).
وتعني Wy-Kan-Ush-Mi Wa-Kish-Wit “روح السلمون”، وهي خطة أنشأتها قبائل Nez Perce وUmatilla وWarm Springs وYakama وتولت تنسيقها لجنة الأسماك القبليّة لنهر كولومبيا تجديد مجموعات سلمون المحيط الهادئ النهري السرء (Oncorhynchus spp.) الهام ثقافيًا وغذائيًا (لجنة نهر كولومبيا المشتركة بين القبائل، 2020). وكانت أعداد سمك السلمون البالغ العائد في حوض نهر كولومبيا قد انخفضت مما يزيد على 15 مليونًا في السنة قبل قدوم الأوروبيين إلى أقل من 000 500 بحلول أواخر سبعينات القرن الماضي. وقد أدت الخطة إلى تحسينات في ما يزيد على 000 1 كيلومتر من المجاري المائية من خلال إجراءات من مثل غرس الأشجار الشاطئية وتنسيق إدارة الغابات عبر مستجمعات مياه الأمطار، فضلًا عن إعادة إدخال سمك السلمون في مناطق تكون فيها الغابات سليمة، وذلك بفضل تعاون الدولة والحكومات الوطنية وما يصل إلى 25 قبيلة. وأشار تعداد الأسماك في سد بونفيل في نهر كولومبيا السفلي إلى أن وفرة سلمون تشينوك (Oncorhynchus tshawytscha) ازدادت بدرجة كبيرة ابتداءً من عام 2001، وبلغت ذروتها عند 1.3 مليون سمكة في عام 2015. ولسوء الحظ، انخفضت وفرة سلمون تشينوك انخفاضًا حادًا في السنوات الأخيرة، ربما بسبب رداءة ظروف المحيطات وارتفاع درجات حرارة المياه النهرية في عام 2015، ما يذكر بقوة بالعمل الذي ما يزال يتعين القيام به. وحيثما ومتى ازدادت أعداد السلمون العائد، يجني أفراد القبائل المزيد من سمك السلمون من مزيج من الأنواع الأكثر تنوعًا وعلى مدى عدد أكبر من الأيام، ويجد المزيد من أفراد القبائل، بمن فيهم الأجيال الشابة، فرص عمل ودخل من صيد الأسماك. كما يساهم سمك السلمون في المحيط الهادئ في التنوع البيولوجي الأرضي عن طريق نقل المواد المغذية، مثل النيتروجين، من المحيط إلى المجاري الحرجية التي يفرّخ فيها. كما ينقل سمك السلمون المواد المغذية إلى التربة الشاطئية، سواءً مباشرةً، عن طريق جيفه المتعفنة، أو بصورة غير مباشرة، من خلال الدب البني (Ursus arctos) (Hilderbrand وآخرون، 1999) وغيره من الحيوانات التي تأكل هذا النوع من الأسماك. وتدعم مغذيات التربة هذه نمو شجرة التنوب (Picea sitchensis) وتزيدها قوة عن طريق زيادة مساحة إبرها ومن ثم زيادة معدلات التمثيل الضوئي (Reimchen وArbellayا، 2019).
وصدرت خطة استرداد سمك الشب النهري في ولاية أوريغون في عام 1998 بهدف عكس انخفاض سمك الشب النهري (Oregonichthys crameri)، وهو من أسماك المياه العذبة الصغيرة المتوطنة في وادي نهر ويلاميت Willamette في غربي الولاية (US Fish and Wildlife Serviceا، 1998). وقد اشتملت الخطة على أنشطة لحماية التجمعات البرية الحالية وإعادة إدخال السمك إلى موائل السهول الفيضية المناسبة في مجمل أنحاء نطاقه التاريخي وزيادة الوعي العام بمسألة الصون هذه. وأدّت الجهود الحثيثة التي بذلتها الوكالات وقطاع الصناعة والعلماء والمواطنون إلى حذف سمك الشب في أوريغون من قائمة الأنواع المهددة بالانقراض والمعرضة للخطر في فبراير/شباط 2015، ما يجعله أول الأسماك في الولايات المتحدة الأمريكية التي تشطب من القائمة نتيجة إدارة الاسترداد. وكانت الموائل الحرجية في غابة ويلاميت Willamette الوطنية، التي تدار بموجب خطة الغابات الشمالية الغربية، ضرورية لترميم وصون الموائل التي يعتمد عليها سمكك الشب هذا.
ويقوم نجاح الحالات الثلاث جميعها على التخطيط والإدارة المتعددة التخصصات على نطاق المشهد الطبيعي، وذلك بمشاركة علماء متخصصين في مجالات بيئة الغابات والمياه وبيولوجيا المياه العذبة وبيولوجيا الأسماك وسواهم، كأساس للعمل المحلي على أرض الواقع. وقد بذلت على نطاقات هائلة جهود منسقة لإدارة الغابات واستعادتها لدعم التنوع البيولوجي المائي ومن خلال فهم الروابط القائمة بين مناطق المنبع والمصب، وبين الغابات والأنهار، وبين المناطق التي يهيمن عليها الإنسان والمناطق البرية. كما أن التعاون بين الأفراد والوكالات المختلفة، بل والمتنافسة في ما بينها أحيانًا، من منظورات ثقافية متباينة، كان أيضًا عامل نجاح رئيسي.
خلاصة القول أنّ تدابير الصون الفعالة الأخرى القائمة على المناطق تتيح فرصة لتوثيق الاستمرارية المكانية للمناطق التي تدار لصون التنوع البيولوجي، من المناطق المحميّة المملوكة للدولة إلى الأشكال الأخرى من إدارة الأراضي العامة أو الخاصة أو المملوكة تقليديًا التي يمكن أن تقدم مساهمات هامّة لصون التنوع البيولوجي حتى لو لم يكن ذلك الهدف الأساسي للإدارة. وعلى وجه التحديد، يمكن لتدابير الصون الفعّالة الأخرى القائمة على المناطق أن تكمل المناطق المحميّة عن طريق سد الثغرات وربط الموائل بعضها البعض وصون الأنواع خارج المناطق المحميّة رسميًا. ولكن كما أشار إليه Dudley وآخرون (2018)، لا يمكن لتدابير الصون الفعّالة الأخرى القائمة على المناطق أن تساهم في تحقيق هذه الغاية إلّا إذا عولجت الدوافع الرئيسية لفقدان التنوع البيولوجي وتوفرت الظروف التمكينية الرئيسية، كاحترام حقوق الإنسان والحيازة الآمنة والضمانات الاجتماعية.
التنوع البيولوجي هو عنصر مسلّم به جيدًا بالفعل في مفهوم الإدارة المستدامة للغابات. كما أن خطة الأمم المتحدة الاستراتيجية للغابات 2017-2030 تقرّ أيضًا بشكل واضح بدور الغابات في صون التنوع البيولوجي (الأمم المتحدة، 2017).
وقد دعا مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، الذي عُقد في كانكون، المكسيك في عام 2016 إلى تعميم التنوع البيولوجي عبر القطاعات الزراعية جميعًا وقطاع السياحة. ويصف الفريق العلمي والاستشاري لمرفق البيئة العالمية تعميم التنوع البيولوجي على أنه: "عملية تضمين اعتبارات التنوع البيولوجي في سياسات واستراتيجيات وممارسات الجهات الفاعلة الرئيسية في القطاعين العام والخاص التي تؤثر على التنوع البيولوجي أو تعتمد عليه، كي يُصان على نحو مستدام ويُستخدم بشكل منصف محليًا وعالميًا" (Huntley وRedfordا، 2014).
وينطوي تعميم التنوع البيولوجي في الحراجة على إعطاء الأولوية للسياسات والخطط والبرامج والمشاريع والاستثمارات الغذائية والزراعية التي تؤثر بشكل إيجابي على التنوع البيولوجي على مستوى النظام الإيكولوجي ومستوى الأنواع والمستوى الوراثي، فضلاً عن تأثيرها على خدمات النظم الإيكولوجية (أنظر المثال في الإطار 49). وينطوي ذلك على تعزيز الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي في الغابات والنظم الإيكولوجية والتقليل إلى الحدّ الأدنى من أثر قطاع الحراجة على النظم الإيكولوجية الأخرى جميعًا.
منغوليا بلد فقير يعتمد اعتمادًا كبيرًا على موارده الطبيعية. وينتشر معظم السكان في مراكز حضرية صغيرة وسهوب شاسعة، حيث النشاط المهيمن هو رعي الماشية والأغنام والماعز والخيول والحمير والجمال. وهذا ما يوفر، إلى جانب الحراجة المجتمعية، فرص العمل ويخفّف من حدّة الفقر ويمكّن المجتمعات المهمشة من المشاركة في الاقتصاد الوطني. وتمثل الإدارة المستدامة للغابات في منغوليا مصدرًا بديلًا للإيرادات للكثيرين من فقراء البلاد، وجرى مؤخرًا اختبار الإدارة التشاركية للغابات واعتمادها.
ويهدف مشروع المنظمة ومرفق البيئة العالمية وحكومة منغوليا لـ “تعميم صون التنوع البيولوجي والإدارة المستدامة للغابات وتعزيز بالوعة الكربون في المساحات الطبيعية لغابات منغوليا المنتجة” إلى تحسين إدارة أكثر من 000 460 هكتار من الغابات، تشمل موائل هامة لأنواع مهددة بالانقراض مثل غزلان المسك (Moschus moschiferus) والصقر الحر (Falco cherrug). ويعمل المشروع، الذي تنفذه وزارة البيئة والسياحة في منغوليا بالتعاون مع حكومات المقاطعات وبمساعدة من منظمة الأغذية والزراعة وبدعم مالي من مرفق البيئة العالمية، مباشرة مع 101 مجموعة من مستخدمي الغابات. وتشمل خطط إدارة الغابات جميعها التي وضعت بدعم من المشروع أهداف صون للتنوع البيولوجي وأنشطة لرصد الحياة البرية.
وبالإضافة إلى الأنشطة الرامية إلى تعزيز صحة الغابات وإنتاجيتها ومخزوناتها من الكربون (مثل مكافحة الآفات وتجنّب اندلاع الحرائق و إثراء المجموعات الشجرية المتجانسة)، يشجّع المشروع الأنشطة المدرّة للدخل القائمة على خشب الوقود والحرف الصغيرة والمنتجات الحرجية غير الخشبية، ما أتاح فرصًا للإدارة المتعددة الأغراض من جانب مجموعات مستخدمي الغابات. وتشير بيانات رصد المشاريع المتاحة حتى الآن إلى أن عدد بعض أنواع الحيوانات البرية، بما في ذلك غزلان المسك والخنازير البرية، ازداد في منطقة المشروع.
وتتضمن نظم إصدار الشهادات (أنظر المثال في الإطار 50) والمبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الأحراج وتدهور الغابات ضمانات بيئية واجتماعية واقتصادية إلزامية تهدف إلى صون التنوع البيولوجي. وهناك عدّة خطوط توجيهية متاحة لتعميم التنوع البيولوجي في إدارة الغابات، بما في ذلك الغابات الإنتاجية (المنظمة الدولية للأخشاب الاستوائية والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، 2009) والغابات المزروعة (Carnus وآخرون، 2006) وجهود الترميم (Beatty وCox و Kuzeeا، 2018).
كانت الغابات المطيرة الأطلسية تغطي في مرحلة من المراحل أكثر من 100 مليون هكتار في البرازيل؛ ولكن بحلول عام 2000، لم يتبقَّ منها سوى 7 في المائة فقط. غير أن هذه البقايا الصغيرة المتناثرة ما تزال تأوي بعض أغنى التنوع البيولوجي في العالم، إذ يمكن العثور على نحو 450 من أنواع الأشجار في هكتار واحد، وأكثر من نصفها غير موجود في أي مكان آخر على وجه الأرض. ومن بين الأنواع النباتية التي يبلغ عددها 20 ألفًا المسجلة حتى الآن في هذه الغابة، أي حوالي 8 في المائة من المجموع العالمي، تتفرد المنطقة بـ8 آلاف منها (Ribeiro وآخرون، 2009).
وكان وصول صناعات اللُبّ والورق ومزارع الأوكاليبتوس في هذا المشهد الطبيعي بمثابة الضربة القاضية. ووفقًا لقانون الغابات البرازيلي (القانون رقم 12.651 لعام 1992)، على مالكي الأراضي في المنطقة أن يحافظوا على الغطاء النباتي الطبيعي في 20 في المائة من أراضيهم (“محميّات قانونية”) كما في “مناطق الحماية الدائمة” المصمّمة للمحافظة على سلامة النظام الإيكولوجي، مثلًا، كحواجز حمائية حول مجاري المياه أو للحيلولة دون التآكل على المنحدرات الحادّة. لكن بعض الشركات يحاول الالتفاف حتى على هذا المستوى الأدنى (Azevedo وآخرون، 2017). غير أن شركات الحراجة التي تستخدم نظم التصديق للغابات، كالشهادات الصادرة عن مجلس رعاية الغابات، تضمن الامتثال القانوني، وقد ذهب بعضها أبعد من ذلك فقام بتحديد وإدارة مناطق ذات قيمة عالية من حيث الصون وأخذ بزمام القيادة في عملية استعادة الغابات (منتدى مزارع الجيل الجديد، 2018).
وتدير أربع شركات لتصنيع اللُبّ والورق تشارك في “منتدى مزارع الجيل الجديد”، الذي أنشأه الصندوق العالمي لحماية الطبيعة، أكثر من مليوني هكتار من الأراضي في المنطقة الأحيائية للغابات الأطلسية، مقتفية مبادئ الاستدامة التي وضعتها خطط التصديق من طرف ثالث (Silva، وFreer-Smith، وMadsenا، 2019). ويُزرع حوالي نصف هذه المنطقة بشجر الأوكاليبتوس، بشكل أساسي على أراضي رعي سابقة أصبحت متدهورة إلى حد كبير، ويخصص الباقي للصون. وقد رممت الشركات بالفعل عشرات آلاف الهكتارات، وساهمت في مبادرات على نطاق المشهد الطبيعي لإعادة ربط بقايا الغابات وتأمين مستقبل الغابات المطيرة الأطلسية.
وفي الوقت نفسه، زاد متوسط إنتاجية (الأخشاب المنتجة للهكتار الواحد) الأوكاليبتوس البرازيلي بأكثر من الضعف منذ عام 1970 نتيجة البحث والتطوير في مجال التحسين الوراثي وإدارة الغابات. وهذا يعني أن هذه المزارع هي بعض أكثر المزارع إنتاجية في العالم من حيث الخشب، وفي الوقت نفسه يدير أصحابها التنوع البيولوجي ويعززونه في المشهد الطبيعي.
يشير عدد متزايد من الأبحاث إلى أن الغابات التي تديرها الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية فعّالة في صون الغطاء الحرجي أقلّه بنفس قدر فعالية الغابات التي تخضع لنظم حماية أشد صرامة (Porter-Bolland وآخرون، 2012، Stevens وآخرون، 2014؛ Blackman وآخرون، 2017؛ Blackman وVeitا، 2018، Tauli-Corpuz و AlcornوMolnarا، 2018). وبوسع الغابات التي تديرها المجتمعات المحلية خارج المناطق المحميّة أن تقدم غطاء حرجيًا محسّنًا، وليس ذلك فحسب بل أيضًا فوائد أخرى على صعيد الصون مثل المحافظة على أعداد الحيوانات البرية أو زيادتها، كما ثبت في أستراليا والبرازيل وكندا (Schuster وآخرون، 2019) وفي نيبال (Anupا، 2017) وفي جمهورية تنزانيا المتّحدة (دراسة الحالة 6).
لدى جمهورية تنزانيا المتحدة حوالي 48.1 مليون هكتار من الغابات تغطي حوالي 55 في المائة من إجمالي مساحة الأراضي. وتوفر الغابات 95 في المائة من طاقة البلاد، في الأرياف والمدن على حدٍّ سواء، و75 في المائة من مواد البناء في البلاد. وتوفر الغابات أيضًا منتجات غير خشبية متنوعة، كما أنها هامّة لمستجمعات المياه. غير أنها تتعرض لضغوط شديدة من المستوطنات البشرية وقطع الأشجار غير المشروع وإنتاج الفحم النباتي والحرائق والتعدين وتطوير البنى التحتية، ما يؤدي إلى إزالة ما يقدر بنحو 816 372 هكتارًا من الغابات كل عام (وزارة الموارد الطبيعية والسياحة، 2015).
وقد أقرّت جمهورية تنزانيا المتحدة، في مساهمتها المحدّدة وطنيًا للتصدي لتغير المناخ، بأهمية الغابات لكلٍّ من التكيّف مع تغيّر المناخ وبلوغ هدف خفض الانبعاثات. ومساهمة البلاد المحددة وطنيًا هي واحدة من المساهمات القليلة التي تشدّد على رفع مستوى الإدارة التشاركية للغابات، إلى جانب التنفيذ المنسّق لإجراءات خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية وتعزيز حماية الغابات الطبيعية وصونها.
ولدى جمهورية تنزانيا المتّحدة أحد الأطر القانونية الأكثر تقدّمًا للاعتراف بالحقوق العرفية في الأراضي وللنهج التشاركي في إدارة الغابات في أفريقيا. ويتم الاعتراف بالحقوق العرفية في الأراضي ضمن حدود القرى وقد جرى تعميم النهج التشاركي في إدارة الغابات كبرنامج حكومي. وفي المجموع، تملك المجتمعات المحلية قرابة 22 مليون هكتار من الأراضي الحرجية. والنهج التشاركي في إدارة الغابات سائد في أراضي الميومبو الحرجية التي يُقدّر أنها تستأثر بأكثر من 90 في المائة من الأراضي الحرجية في البلاد (Lupala وآخرون، 2015).
وقد شهدت المناطق الخاضعة للنهج التشاركي في إدارة الغابات انخفاضًا في قطع الأشجار غير المنضبط وغيرها من الاضطرابات الحرجية، وتعافيًا ملحوظًا لأوضاع الغابات، وتقليلًا لتآكل التربة والإفراط في الرعي وما يرتبط بذلك من تحسن في نوعية المياه وكميتها، وعودة النحل إلى خلايا كانت مهجورة، وزيادة إجمالية في وفرة الحياة البرية (Patenaude وLewisا، 2014). وفي المقابل، تخضع المناطق الحرجية المفتوحة لممارسات غير مستدامة مثل التوسّع الزراعي وحرائق الغابات والرعي المفرط للماشية وقطعٍ للأخشاب وجمعٍ للمنتجات الحرجية غير الخشبية بصورة غير مشروعة (Blomley وآخرون، 2008؛ Burgess وآخرون، 2010).
وقد منح الاعتراف بالأراضي العرفية والإطار الذي يتيح نقل حقوق الأراضي والموارد إلى المستوي المحلي، تماشيًا مع الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي (منظمة الأغذية والزراعة، 2012ب)، السكان المحليين الاستقلال الذاتي لإدارة مواردهم الخاصة. ويعدّ السماح للمجتمعات المحلية بتشكيل هيئاتها الحاكمة الخاصة بها ووضع قواعدها الخاصة الخطوة الأولى على طريق تمكين السكان من إدارة الغابات والموارد الطبيعية الأخرى إدارة مستدامة. فمثلًا، تجنّبت الإدارة الجماعية لمحميّات الغابات في القرى الساحلية في مقاطعة باغامويو مجموعة من الأخطار، بما في ذلك الصيد والتعدين واستخراج الأخشاب غير المستدام لأغراض الحصول على الخشب والأعمدة والفحم ولأغراض الحرف اليدوية، فأصبحت إزالة الغابات ضمن المحميّات محدودة. (أنظر الشكل ألف)
غير أن النهج التشاركي في إدارة الغابات في جمهورية تنزانيا المتحدة لم يستوف بعد إمكاناته الكاملة من حيث المساهمة في سبل العيش. وتشمل التحديات التأخيرات الحاصلة في التنفيذ والافتقار إلى الاعتراف بالشعوب الأصلية والتفويض المحدود للحقوق (لا سيما في الإدارة المشتركة للغابات) وصعوبة إشراك الرعاة. وفي حين أُحرز تقدّم في الاعتراف بحقوق الحيازة الجماعية، ما زال بعض المسائل الأوسع نطاقًا المتعلقة بحوكمة الغابات بحاجة إلى الاهتمام، بما في ذلك نظم الحوافز وتعزيز المؤسسات المجتمعية وزيادة الاستثمارات والموارد البشرية.
أفراد من الجماعة القبلية شاغا في قرية شامبل جو، جمهورية تنزانيا المتّحدة.
©FAO/Felipe Rodriguezكما أجريت تقييمات كثيرة لآثار مشاريع الصون والتنمية على المجتمعات المحلية (Plumptre وآخرون، 2004؛ West وIgoe وBrockingtonا، 2006، Sayer وآخرون، 2007). غير أن دراسات قليلة فحسب تنظر في نواتج كل من الصون والمجتمعات المحلية، والحلول المربحة للجميع نادرة من الناحية العملية (Southworth وNagendra وMunroeا، 2006؛ Chan وآخرون، 2007؛ McShane وآخرون،2011). وتشمل أوجه القصور المشار إليها أهداف صون مقرّرة سلفًا وحدودًا للمحميّات غير قابلة للتفاوض (Sharpeا، 1998)، ونقلًا محدودًا للسلطات إلى المؤسسات المحليّة (Ribotا،2002)، واستحواذ النُخب على الموارد لدى إدخال اللامركزية إلى إدارة الغابات (Persha وAgrawal وChhatreا، 2011)، وحقوق استبعاد محدودة، وتعرّض مثل هذه البرامج لخطر تغير سياسات الحكومة وكون الدعم غير مؤكد (بادرة الحقوق والموارد، 2015).
ما يزال صيد الأحياء البرية واستهلاكها حاسمًا للأمن الغذائي والصحة والثقافات وسبل عيش ملايين الأشخاص. والصيد غير المنظم سبب رئيسي لفقدان أنواع معينة (الفصل الثالث). مع ذلك، وخلافًا لآراء الكثيرين، يعدّ الاستخدام المستدام آلية مُجرّبة لصون الحياة البرية. وفي بعض الأماكن، يظل مستخدمو الحياة البرية الاستهلاكيون المساهمين الرئيسيين في إدارة الحياة البرية وجهود الصون التي تديرها الدولة (دراسة الحالة 7).
كانت الحياة البرية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وفيرة نسبيًا عندما وصل أول المستوطنين الأوروبيين؛ ولكن بحلول أواخر القرن التاسع عشر، أصبحت أنواع كثيرة معرّضة للخطر أو انقرضت بسبب استغلالها التجاري. فانخفض مثلاً عدد الثيران الأمريكية (Bos bison) مما يزيد على 20 مليونًا إلى حوالي 000 1 بحلول عام 1889. وبحلول عام 1902، أصبح منقرضًا في البريّة الحمام الزاجل (Ectopistes migratorius)، الذي كان عدده قديمًا يبلغ 3 مليارات على الأقل. وشملت الأنواع الأخرى المهدّدة الإلكة (Cervus canadensis) والأيل الطويل الأذنين(Odocoileus hemionus) والغزال الأبيض الذيل (Odocoileus virginianus) والديك الرومي البري (Meleagris gallopavo) وبطة الغابة (Aix sponsa) والظبي الشائك القرن (Antilocapra americana). وقد أدّى الشعور بالمسؤولية الاجتماعية في مواجهة أزمة الموارد هذه إلى ظهور فلسفة استخدام الموارد على أساس مسؤولية المواطن والحدود الطبيعية، والتي تطورت في نهاية المطاف إلى ترتيب منهجي للاتفاقيات والسياسات والقوانين المعروفة باسم نموذج أمريكا الشمالية لصون الحياة البرية (US Fish and Wildlife Service، 2018؛ Mahoney وGeist، 2019). ويستند هذا النموذج إلى سبعة عناصر رئيسيّة:
◂ الحياة البرية هي مورد عام مؤتمن.
◂ القضاء على أسواق لحوم الصيد: يُحظر الصيد التجاري وبيع الحيوانات البرية لضمان استدامة مجموعات الحياة البرية.
◂ تُعتبر الحياة البرية ملكًا عامًا بموجب القانون (وليس مثلًا، بموجب مبادئ السوق أو ملكيّة الأراضي).
◂ لا تُقتل الحيوانات البرية إلّا لغرض مشروع (الغذاء والفراء والدفاع عن النفس وحماية الممتلكات، بما في ذلك الماشية)، ويُعتبر بشكل عام أن قتل الأسماك أو الحيوانات البرية غير قانوني (حتى مع وجود ترخيص بذلك) دون بذل كل جهد ممكن لتجديد المورد المعني والاستفادة منه بصورة معقولة.
◂ تُعتبر الحياة البرية موردًا دوليًا.
◂ العلوم أداة مناسبة لتنفيذ سياسة الحياة البرية.
◂ ديمقراطية الصيد، أي تمكينه بشكل مفتوح، ونتيجة لذلك، يساهم الصيادون مساهمة كبرى في تمويل عملية الصون.
وقد يسّر هذا النموذج منذ أوائل القرن العشرين قدرًا كبيرًا من استعادة أنواع الحياة البرية التي تُصاد وتلك التي لا تُصاد إلى جانب الاستهلاك المستدام. ومن الأمثلة البارزة على ذلك الديك الرومي البري والغزال ذو الذيل الأبيض، وكانا كلاهما من الموارد الهامة للشعوب الأصلية قبل الاستعمار حيث كانت أعدادهما تقدَّر بنحو 10 ملايين أو أكثر.
وبحلول أوائل القرن العشرين، انخفضت أعداد الديك الرومي البري إلى 000 200 بسبب الصيد غير المنظّم وفقدان الموائل. فدفعت منظمات الصيد باتجاه سنّ تشريعات مبكرة يسّرت صونه وإجراء البحوث الخاصة به. وثبت أن محاولات تجديده الأولية، القائمة على إطلاق طيور تُربّى لهذا الغرض في البرية لم تتكلل بالنجاح إلى حدٍّ كبير. فجرى في وقت لاحق تطوير تقنيات محسّنة لأسر الطيور البرية بما يمكّن بعد ذلك من نقلها إلى موائل مناسبة غير مأهولة بها. وابتداءً من 1986، أُطلق نظام معقد لنقل الطيور من ولاية إلى أخرى. واليوم، انتعشت مجموعات الديك الرومي البري لتصبح أعدادها وفيرة تكاد تقارب تلك التي كانت سائدة قبل الاستعمار، وكانت تقدّر في عام 2013 بحدود 7 ملايين. وتوجد الديوك الرومية البرية الآن في مجموعات قادرة على الاستمرار ذاتيًا في 49 من الولايات المتّحدة الأمريكية الخمسين وفي 6 مقاطعات كندية وفي وسط وشرق المكسيك (Hughes وLeeا، 2015).
وعلى نحو شبيه، كانت الغزلان البيضاء الذيل عرضة للصيد التجاري وفقدان الموائل، فانخفضت أعدادها بحلول نهاية القرن التاسع عشر إلى 000 500. فاستجاب الصيادون بالترويج لوضع لوائح تنظيمية للصيد والمساعدة على إنفاذها ونقل الغزلان إلى موائل أخرى وتمويل برامج الصون والإدارة، بل إن عددًا من صيادي الغزلان اشترى أو استأجر أراضٍ يمكن فيها حماية قطعان الغزلان وإكثارها. وقام أفراد من القطاع الخاص يريدون إنشاء قطعان غزلان يمكن اصطيادها في نهاية المطاف بإعادة إدخال الغزلان إلى موائل غير مأهولة بها في ثمانٍ من الولايات المتحدة الأمريكية. وبات هناك اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية ما يقدر بنحو 30 مليونًا من الغزلان البيضاء الذيل وحوالي 000 400 منها في كندا. وقد أصبح هذا النوع الآن الأكثر شعبية في أوساط صيادي الحيوانات الكبيرة في أمريكا الشمالية، وما يزال يشكل مصدرًا هامًا للغذاء خاصة في المجتمعات الريفية.
واستكمالاً لقرار اتفاقية التنوع البيولوجي 14/7 بشأن الإدارة المستدامة للأحياء البرية (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2018ب)، قدّم مركز البحوث الحرجية الدولية مع اتفاقية التنوع البيولوجي، بالتعاون مع أعضاء الشراكة التعاونيّة بشأن الحياة البريّة، مجموعة التوصيات التالية للاستخدام المستدام للحوم الطرائد (Coad وآخرون، 2019):
◂ توفير بيئة تمكينية فعالة. وقد يشمل ذلك:
—تنقيح قوانين الصيد الوطنية، بالتشاور مع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة، لضمان مراعاتها لشواغل الأمن الغذائي والصون على حدٍّ سواء، وإمكانية إنفاذها إنفاذًا عادلًا وعمليًا؛
—نقل حيازة الأراضي إلى الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، بدعم من وكالة وطنية معنية بإنفاذ القوانين؛
—وضع أطر إقليمية ووطنية لرصد لحوم الطرائد من أجل تعزيز عملية رسم السياسات القائمة على الأدلة.
◂ إدارة الإمدادات الريفية والحدّ من طلب المدن على لحوم الطرائد. يمكن أن تشمل التدخلات المترابطة في سلسلة السلع الأساسية مناطق محميّة مجتمعية أو مشتركة الإدارة، وتربية الأحياء البرية، والمحميّات المجتمعية، والدفع مقابل خدمات النظم الإيكولوجية، وآليات التصديق. وعلى الشركات الضالعة في قطع الأخشاب أو التعدين أو الزراعة الواسعة النطاق في الموائل الحرجية أن تتّخذ خطوات لضمان جني لحوم الطرائد واستخدامها على نحو مستدام ضمن امتيازاتها عن طريق توفير بدائل غذائية (كلحوم الماشية) لموظفيها، والمساعدة على إنفاذ لوائح تنظيمية منصفة للصيد بالتعاون مع المجتمعات المحلية، والحيلولة دون استخدام الصيادين التجاريين طرق وعربات الامتيازات. وفي المناطق العمرانية الجديدة، حيث تُستنفد بشدّة أعداد الأحياء البرية المجاورة وحيث لا تكون بدائل لحوم الطرائد متوفرة على نطاق واسع، ينبغي للحكومات ووكالات التنمية أن تساعد على تطوير أغذية بديلة مجدية، كلحوم الماشية. وفي المراكز الحضرية الكبرى التي تستهلك فيها لحوم الطرائد عمومًا كمنتجات فاخرة، قد تشمل التدخلات حملات موجهة لتغيير سلوك المستهلك، إلى جانب الإنفاذ الكافي للقوانين التي تحكم تجارة لحوم الطرائد. ويتمثل أحد الخيارات الممكنة لضمان الأمن الغذائي والتغذية والدخل المحلي المستدام وسلامة البيئة في تعزيز إدارة الأنواع البرية السريعة الإنتاج إدارة مستدامة.
◂ تعزيز الإدارة التشاركية القائمة على الأدلّة. ينبغي تنفيذ المشاريع التي أنشئت لإدارة لحوم الطرائد بمشاركة وموافقة مجتمعية كاملة. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن تصمم لتشمل نظرية التغيير والرصد والتقييم للإدارة التكيفية، بحيث يمكن الاسترشاد في التدخلات الإدارية المستقبلية بنجاحات المشاريع وإخفاقاتها.ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2017، ينفّذ اتحاد من الشركاء، يشمل منظمة الأغذية والزراعة ومركز البحوث الحرجية الدولية وجمعية المحافظة على الحياة البرية والمركز الفرنسي للتعاون الدولي للبحوث الزراعية من أجل التنمية، برنامجًا للإدارة المستدامة للحيوانات البرية مدّته سبع سنوات. ويهدف هذا البرنامج إلى وقف الصيد غير المستدام للأحياء البرية وصون التنوع البيولوجي والتراث الطبيعي وتعزيز سبل عيش الأفراد والأمن الغذائي في 12 بلدًا من بلدان أفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ. ويهدف البرنامج في كل بلد من البلدان إلى تحسين الإطار المؤسسي والقانوني للاستخدام المستدام للحوم الأنواع البرية القادرة على الصمود أمام الصيد البري أو صيد الأسماك، فضلًا عن إدارة هذه الأنواع البرية، وإلى زيادة الإمدادات من البروتينات البديلة، وخفض استهلاك لحوم الطرائد إلى مستويات مستدامة. ويشدّد البرنامج على أهمية الرصد والتقييم والتعلّم والمعرفة لرفع مستوى البرنامج في نهاية المطاف. ويموّل الاتحاد الأوروبي هذه المبادرة.
وتنطوي إدارة الحياة البرية أيضًا على معالجة النزاعات بين الإنسان والحياة البرية خاصة في حال عدم وجود أسياج حول المناطق المحمية بما يتيح هجرة الأنواع البرية. أنظر الإطار 51.
تحدث النزاعات بين الإنسان والحياة البرية عندما تشكّل الحيوانات تهديدًا مباشرًا متكررًا لسبل معيشة الناس أو لسلامتهم، ما يؤدي أحيانًا كثيرة إلى اضطهاد الأنواع المعنية. وقد احتدمت هذه النزاعات في العديد من المناطق نتيجة النمو السكاني البشري والتغيرات في استخدام الأراضي. وبصفة عامة، تشمل عواقب النزاعات بين الإنسان والحياة البرية تلف المحاصيل وانخفاض إنتاجية المزارع والمنافسة على أراضي الرعي والمياه وافتراس الماشية وإلحاق إصابات ووفيات بالمزارعين وأضرارًا بالبنية التحتية وزيادة خطر انتقال الأمراض من أنواع الحياة البرية إلى الماشية. وكثيرًا، ما تُطلِق هذه النزاعات مشاعر سلبية تجاه الصون، خاصة عندما يجري إنشاء المناطق المحميّة أو توسيعها.
والنزاعات بين الإنسان والحياة البرية شاغل رئيسي من شواغل صون الحياة البرية والرفاه البشري في أفريقيا. فمثلًا، في عام 2017، أُبلغ عن وقوع أكثر من 8 آلاف حادثة في ناميبيا وحدها (البنك الدولي، 2019). وقد قتلت الضباع أكثر من 600 من الماشية في منطقة زامبيزي في ناميبيا بين عامي 2011 و2016، وكانت هناك أكثر من 000 4 حادثة إتلاف للمحاصيل، تسبب بمعظمها انتقال الفيلة عبر المنطقة (منظمات الدعم الناميبية NACSOا، 2017أ). كما أصبحت النزاعات بين الإنسان والحياة البرية مشكلة رئيسية في العديد من بلدان آسيا والمحيط الهادئ. ففي سري لانكا، مثلًا، تقتل الفيلة كل عام ما يصل إلى 80 شخصًا، ويقتل المزارعون أكثر من 230 منها. والفيل السريلانكي مدرج على قائمة الحيوانات المهدّدة بالانقراض، ولم يبقَ منه في البرية سوى 500 2 – 000 4 (المعهد الدولي للبيئة والتنمية، 2019).
الأسوار المكونة من خلايا النحل في كينيا
وفي ما يتعلق بالغابات تحديدًا، يمكن أن تلحق الكثافة العالية لذوات الحوافر الكبيرة، كالغزلان، ضررًا شديدًا بالغابات، إذ قد تهدد تجدد الغابات بدوس الشجيرات أو رعيها أو بالاحتكاك بالأشجار أو بتجريد الأشجار من لحائها. وقد تترتب على هذا السلوك تداعيات اقتصادية هامّة، ويمكن أن يؤدي إلى استقطاب بين القيمين على إدارة الغابات والقيمين على إدارة الحياة البرية (الشراكة التعاونيّة بشأن الإدارة المستدامة للحياة البحريّة، 2016).
وقد وُضع العديد من الاستجابات للحيلولة دون النزاعات بين الإنسان والحياة البرية وتخفيف حدتها التي توصف بشكل عام على أنها مميتة أو غير مميتة. وتتراوح هذه الاستجابات من أساليب تتطلب بنية تحتية مكلفة (كالأسوار الكهربائية) وتدخّل الحكومة (كخطط التعويض والتأمين) إلى أساليب يمكن أن يقوم بها الأفراد بأدوات منخفضة التكلفة (كحراسة الماشية وحرق قوالب الفلفل الحار) (Nyhusا، 2016). الأسوار المكونة من خلايا النحل، وبناؤها وصيانتها قليلا التكلفة نسبيًا، نهج مبتكر للتصدي للنزاعات بين الإنسان والفيلة تبناه المزارعون في كينيا عن طيب خاطر. وهذه الأسوار رادع طبيعي يستفيد من تجنب الفيلة الغريزي لنحل العسل الأفريقي، كما أنها في الوقت نفسه توفّر خدمات تلقيح وعسلًا “صديقًا للفيلة” (King وآخرون، Save the Elephantsا، 2019)
ولمواجهة هذا التحدي، بدأت بلدان كثيرة تدرج صراحة النزاعات بين الإنسان والحياة البرية في سياساتها واستراتيجياتها الوطنية لإدارة الحياة البرية وللتنمية وتخفيف حدّة الفقر. وعلى الصعيد الوطني، يؤدي دورًا أساسيًا التعاون العابر للقطاعات بين الحراجة والحياة البرية والزراعة والماشية والقطاعات الأخرى ذات الصلة. وتدعم منظمة الأغذية والزراعة بنشاط الجهود التي تبذلها البلدان الأعضاء لتحسين إدارة النزاعات بين الإنسان والحياة البرية، وذلك بتيسير الحوار العابر للقطاعات وتقديم المساعدة الفنية في وضع السياسات الوطنية والأطر القانونية والمساعدة على تبادل المعلومات عن الممارسات والأدوات الجيّدة. فمثلًا، وُضعت في عام 2010 مجموعة أدوات للتصدي للنزاعات بين الإنسان والحياة البرية (Le Bel وMapuivre وCzudekا، 2010) ليستخدمها المزارعون والمجتمعات المحليّة في الجنوب الأفريقي، وقد جرى الآن تكييفها وترجمتها إلى اللغة الفرنسية لتُستخدم في أفريقيا الوسطى (Nguinguiri وآخرون، 2017).
.Lucy King، The Elephants & Bees Project، Save The Elephants. المصدر:
©Lucy Kingجرى على المستوى العالمي تخطي الهدف 11 من أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي (حماية 17 في المائة على الأقل من المساحة الأرضية بحلول عام 2020) في ما يتعلق بالنظم الإيكولوجية الحرجية ككل، كما تدلّ عليه الأرقام الواردة في تقييم الموارد الحرجية في العالم 2020 وفي الدراسة التي أجراها المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. ولم تُبذل أي محاولة لتقييم الفعالية الكلية لمناطق الغابات المحميّة، ولكن نظرًا إلى انخفاض مؤشر فريق الخبراء المعني بالغابات بمقدار 53 في المائة بين عامي 1970 و2014 (قياس توجهات مجموعة الفقاريات الحرجية، الصفحة 46)، لا شك أن هناك مجالًا للتحسين.
وفي ما خصّ "نظم المناطق المحميّة الممثِّلة إيكولوجيًا والمترابطة جيدًا"، يشير تحليل المناطق المحميّة حسب المنطقة الإيكولوجية العالمية (دراسات جديدة للاتجاهات في المناطق المحميّة حسب نوع الغابات وحسب المنطقة الإيكولوجية العالميّة، الصفحة 108) إلى أنّ أقلّ من 10 في المائة من الغابات شبه الاستوائية الرطبة والسهوب المعتدلة والغابات الصنوبرية الشمالية محمي حاليًا.
والمناطق الأخرى التي ينبغي إعطاؤها أولوية عالية هي المناطق ذات القيمة العالية من حيث أهمية التنوع البيولوجي فيها ومن حيث اكتمالها وسلامتها، على غرار شمال الأنديز وأمريكا الوسطى وجنوب شرق البرازيل وأجزاء من حوض الكونغو وجنوب اليابان والهيمالايا وأجزاء مختلفة من جنوب شرق آسيا وغينيا الجديدة (الشكل 22).
وقد أُحرز تقدّم محدود في تصنيف مناطق حرجية محددة على أنها مناطق تشهد تدابير صون فعالة أخرى قائمة على المناطق، كون هذا المفهوم حديث العهد، ولكن يجري وضع توجيهات بشأن هذه الفئة تنطوي على إمكانات كبيرة للغابات.
وكما يتبين من دراسات الحالة في هذا الفصل، تبدي النهج الأصيلة لصون التنوع البيولوجي للغابات، ضمن المناطق المحميّة وخارجها على السواء، قدرًا من النجاح في تحقيق توازن بين التنوع البيولوجي الإيجابي والنواتج الاجتماعية والاقتصادية، وربما توفّر فرصًا للتوسيع أو التكرار. وتشمل العناصر المشتركة التي تكمن خلف النواتج الناجحة النهج التشاركية والاهتمام بحقوق الملكية والنُهج العابرة للقطاعات (التي يشار إليها أيضًا على أنها النُهج المكانية أو النُهج الخاصة بالمشهد الطبيعي) وبناء القدرات. كما يمكن أن تؤدي دورًا هامًا في تحفيز نواتج التنوع البيولوجي الإيجابية النُهج الاقتصادية التي تُولّد، مباشرة أو بشكل غير مباشر، آثارًا إيجابية على الإيرادات المحلية أو فرص العمل.
تشمل الإدارة المستدامة للغابات، كما يتضمّنها صك الأمم المتّحدة المتعلق بالغابات (الجمعية العامة للأمم المتحدة، 2008؛ إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية)، التنوع البيولوجي للغابات كأحد عناصرها المواضيعية السبعة1. وهي، لدى تطبيقها بنجاح، تضمن نتائج إيجابية من حيث الصون كما من حيث نواتج التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وليس من السهل قياس مؤشر هدف التنمية المستدامة 1-2-15 (التقدم نحو الإدارة المستدامة للغابات) (أنظر الإطار 52) إذ لا يمكن لأي خاصية واحدة قابلة للقياس والتحديد الكمي أن تصف على أكمل وجه الأبعاد الاجتماعية والبيئية والاقتصادية العديدة للإدارة المستدامة للغابات. وإدراكًا لذلك، عملت منظمة الأغذية والزراعة مع الشركاء على وضع منهجية للإبلاغ عن هذا المؤشر، وأنشئت مجموعة من خمسة مؤشرات فرعية لقياس التقدّم المحرز:
◂ معدل صافي التغيّر السنوي في مساحة الغابات؛
◂ مخزون الكتلة الأحيائية فوق الأرض في الغابات؛
◂ نسبة مساحة الغابات الواقعة ضمن المناطق المحميّة المنشأة قانونًا (يشير هذا المؤشر إلى الإجراءات المتّخذة لحماية وإدامة التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية والثقافية الأخرى)؛
◂ نسبة مساحة الغابات الخاضعة لخطط طويلة الأجل لإدارة الغابات (يشير هذا المؤشر إلى العزم على إدارة الغابات لأغراض طويلة الأجل)؛
◂ مساحة الغابات المشمولة بنظامٍ لمنح شهادات إدارة الغابات تم التحقق منه على نحو مستقل (يوفر هذا المؤشر دلالة إضافية على أهلية إدارة الغابات).
◂ الهدف 1-15 من أهداف التنمية المستدامة: ضمان صون وترميم النُظم الإيكولوجية البرية والنُظم الإيكولوجية للمياه العذبة الداخلية وخدماتها، ولا سيما الغابات والأراضي الرطبة والجبال والأراضي الجافة، وضمان استخدامها على نحو مستدام، وذلك وفقًا للالتزامات بموجب الاتفاقات الدولية، بحلول عام 2020
—المقصد 2-1-15 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة: نسبة المواقع الهامة من التنوع البيولوجي البري وللمياه العذبة المشمولة في المناطق المحميّة، بحسب نوع النظام الإيكولوجي
◂ الهدف 11 من أهداف آيتشي للتنوع البيولوجي: بحلول عام 2020، يتم صون 17 في المائة على الأقل من مناطق اليابسة ومناطق المياه الداخليّة و10 في المائة من المناطق الساحليّة والبحريّة، خصوصًا المناطق ذات الأهمية الخاصة للتنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي، من خلال نظم مدارة بفاعليّة ومنصفة وتتّسم بالترابط الجيّد، وممثلة إيكولوجيًا للمناطق المحميّة وتدابير الصون الفعالة الأخرى القائمة على المنطقة، وإدماجها في المناظر الطبيعية الأرضية والمناظر الطبيعية البحرية الأوسع نطاقًا.
◂ الهدف 3 من خطة الأمم المتحدة الاستراتيجية للغابات: تحقيق زيادة كبيرة ﰲ مساحة الغابات المحميّة على النطاق العالمي وغيرها من مساحات الغابات التي تدار على نحو مستدام، وكذلك زيادة نسبة المنتجات الحرجيّة المستمَدّة من الغابات التي تدار على نحو مستدام.
—الهدف 1-3 زيادة كبيرة في مساحة الغابات المعيّنة كمناطق أو المحافظ عليها من خلال تدابير الصون الفعّالة الأخرى القائمة على المنطقة.
وتتناول العناصر الثلاثة الأولى القيم البيئية للغابات، بينما ينظر العنصران الأخيران في جميع أبعاد الإدارة المستدامة للغابات، بما في ذلك الجوانب الاجتماعية والاقتصادية. وتجمع البيانات المتعلقة بالمؤشرات الفرعية الأربعة الأولى من خلال عمليات الإبلاغ لتقييم الموارد الحرجية في العالم، بينما يتم الحصول على بيانات عن الغابات المصدّقة من هيئات التصديق الرئيسية. ويوفّر مستودع البيانات الوصفية لأهداف التنمية المستدامة (الأمم المتّحدة، 2020) وصفًا تفصيليًا للتعريفات والمنهجية لكل مؤشر. وتعرض النتائج على شكل لوحة تحكم تبيّن التقدم بالنسبة إلى كل من المؤشرات الفرعية. وفي مقابل التقدم المحرز بالنسبة إلى المؤشرات الفرعية الثلاثة الأخيرة، يسجّل أول مؤشران فرعيان اتجاهات سلبية على المستوى العالمية بسبب الخسارة الصافية في المساحة الحرجية.
وفي ما يتعلق بالمقصد 3-2 من خطة الأمم المتحدة الاستراتيجية للغابات للفترة 2030-2017 (الأمم المتحدة، 2017أ) (أنظر الإطار 52)، تشير الأرقام التي أبلغت إلى تقييم الموارد الحرجية في العالم لعام 2020 إلى أن مساحة الغابات الخاضعة لخطط إدارة طويلة الأجل قد زادت بشكل كبير،خلال الثلاثين سنة الماضية إلى 2.05 مليار هكتار (بما يعادل 54 بلامائة من المساحة الحرجية في العالم) في عام 2020 (منظمة الأعذية والزراعة، 2020).
مع أن الفصول السابقة تشير إلى إحراز تقدّم في صون الغابات وتنوعها البيولوجي، ما يزال فقدان التنوع البيولوجي على نطاق واسع يشكل خطرًا جسيمًا على رفاه الإنسان وأمنه. ولدى تقييم مجموعة من التفاعلات بين أهداف التنمية المستدامة، وجد المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي (2019أ) أن الاتجاهات السلبية الحالية في حالة التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية ستقوّض التقدم نحو تحقيق 80 في المائة (35 من أصل 44) من أهداف التنمية المستدامة التي جرى تقييمها. وبالتالي، ما هو على المحك ليس فقط تأثيرات أنشطة التنمية الاقتصادية على التنوع البيولوجي ولكن أيضًا تأثيرات التنوع البيولوجي (أو بالأحرى فقدانه) على التنمية الاقتصادية.
ينظر هذا الفصل في المقايضات وأوجه التآزر القائمة بين صون التنوع البيولوجي وأهداف التنمية المستدامة الأخرى ويقدم أمثلة على نهج ناجحة. كما يعرض بعض العناصر الرئيسية لبيئة تمكينية لإيجاد حلول متوازنة ويقدم بعض الأدوات المبتكرة للمساعدة على رصد التقدم المحرز.
سلّط تقرير حالة الغابات في العالم لعام 2018 الضوء على إمكانية مساهمة الغابات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويحلّل مطبوع نشره مؤخرًا الاتحاد الدولي لمنظمات البحوث الحرجية، بعنوان "مشروع خاص عن غابات العالم والمجتمع والبيئة" (Katila وآخرون، 2019) تأثير أهداف التنمية المستدامة على الغابات. وتسلطّ الوثيقتان الضوء على الدور الحاسم للغابات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وفي حين أن أهداف التنمية المستدامة المختلفة مترابطة وغير قابلة للتجزئة، وأن الإجراءات التي تسخّر أوجه التآزر القوية بين أهداف التنمية المستدامة تعزز بعضها بعضًا، قد تكون هناك مقايضات على المدى القصير.
وهناك في Katila وآخرون (2019) ثلاث رسائل رئيسية وثيقة الصلة بشكل خاص:
تشكّل الاحتياجات البشرية قيمة الغابات في نظر الناس. ونظرًا إلى شدّة تنوع الناس ومصالحهم، في كثير من الحالات، سيؤدي تنفيذ واحد من أهداف التنمية المستدامة أو أكثر إلى رابحين وخاسرين على حدٍّ سواء، تبعًا للآثار على الغابات.
إنّ افتراض وجود علاقة إيجابية مسبقة بين صون الغابات والتنمية المجتمعية هو افتراض مضلّل. فليست زيادة مساحة الغابات دائمًا الاستجابة الأفضل للاحتياجات الإنمائية المعقدة. وفي حين قد يؤدي تحقيق بعض أهداف التنمية المستدامة إلى فقدان الغابات، فإن ذلك قد يدفع قدمًا بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية، مثلًا من خلال التوسع الزراعي أو عبر توسيع الحيز المتاح للإسكان والبنى التحتية.
من الأهمية بمكان فهم المقايضات المحتملة التي تنطوي عليها أهداف التنمية المستدامة في ما يتعلق بالغابات وغيرها من استخدامات الأراضي وأن تؤخذ هذه المقايضات بالاعتبار بالكامل في القرارات المجتمعية والسياساتية. ويجب أن يشمل ذلك التفكير عبر مختلف المستويات والأجيال. ويجب أن يشمل أيضًا إسماع صوت من يعتمدون على الغابات، الذين يتعرضون لخطر تجاهل الجهود الرامية إلى النهوض بجدول أعمال أهداف التنمية المستدامة لهم.
تميل الخسائر على مستوى التنوع البيولوجي إلى أن تُلحق أفدح الأضرار بالمحرومين أصلًا، لا سيما السكان والنساء والأطفال والشعوب الأصلية الأكثر فقرًا. وفي المناطق التي تهدد فيها الخسائر بقاء الناس على قيد الحياة، كثيرًا ما يفاقم هذا التدهور النزاعات أو الهجرة فيصبح مسألة أمنية. كما يهدّد تراجع التنوع البيولوجي بالخطر الأمن الغذائي والتغذية على نحو متزايد (منظمة الأغذية والزراعة، 2019أ). وكما ذكر في الفصل الرابع، يعتمد إنتاج الأغذية على سلامة الغابات لتستمر في تقديم خدمات النظام الإيكولوجي الحيوية التي تدعم الزراعة المستدامة وقدرة النظم الزراعية على الصمود والتكيّف مع المناخ المتغيّر. مع ذلك، فإنّ الزراعة هي في الوقت نفسه أكبر تهديد لسلامة النظم الإيكولوجية الحرجية فيما تساهم إزالة الغابات بشكل رئيسي في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الدافعة لتغير المناخ. لذا، يتعين على الحلول لفقدان التنوع البيولوجي تلبية احتياجات الغابات والسكان المجاورين، وليس ذلك فحسب، بل أيضًا احتياجات المزارعين، الذين يعتمدون على الغابات، بالمعنى الواسع. ويؤدي تغير المناخ إلى تغيرات أكبر في النظام البيئي والموائل، ما يزيد مخاطر الضرر والخسارة على التنوع البيولوجي وعلى السكان على حد سواء.
والتعامل مع المقايضات المتعددة المتأصلة بين أهداف التنمية المستدامة حافل بالتحديات، ولكن أطر التقييم الناشئة تجعل على الأقلّ هذه المقايضات أوضح وتطرح أفكارًا لصانعي السياسات حول كيفية التعامل مع أنواع مختلفة من التفاعلات (مثلًا Nilsson و Griggs وVisbeckا، 2016).
ويستلزم ضمان نتائج إيجابية لكل من التنوع البيولوجي والسكان العمل مع جميع أصحاب المصلحة لإيجاد توازن واقعي بين أهداف الصون والمتطلبات من الموارد التي تدعم سبل العيش (Kaimowitz وSheilا، 2007). وقد يعني ذلك، في بعض الأماكن على الأقل، قبول معايير أقل من تلك التي يمليها الصون التقليدي للموائل التي لم تُمسّ لكنها قد تكون كافية للحفاظ على خدمات النظام الإيكولوجي الحيوية والتنوع البيولوجي، وفي الوقت نفسه تلبية الاحتياجات المحلية (من حيث الموارد وسبل العيش والتمكين) بما يكفي للمساعدة على التشجيع على اتخاذ مواقف أكثر إيجابية تجاه المناطق المحمية وغيرها من تدابير الصون. ويمكن للنهج التشاركية حقًا التي تمكّن السكان المحليين، متضافرة مع الحوافز لتطوير موارد بديلة، أن تدعم إدارة الغابات بقدر أكبر من الاستدامة لصالح السكان والصون على حدٍّ سواء.
ومع أن حالات قليلة فقط نجحت في تحقيق توازن بين صون التنوع البيولوجي والاحتياجات المحلية لكسب العيش (Hoffmann وآخرون، 2012)، يقدّم هذا الإصدار من تقرير حالة الغابات في العالم بعض الأمثلة الإيجابية التي تبيّن أن ذلك ممكن.
وكما هو مبين في دراسة الحالة 8، يمكن لأدوات السوق، مثل معايير التجارة العضوية والتجارة العادلة، تحفيز الإدارة المستدامة للنظم الإيكولوجية، ما يتيح للسكان المحليين جني فوائد اقتصادية من منتجات الغابات (في هذه الحالة النباتات الطبية) مع الحفاظ على موائل للحياة البرية المعرضة للمخاطر (في هذه الحالة الباندا العملاقة). ويمكن استكشاف مسارات شبيهة مع نباتات برية وحيوانات أخرى تعيش في المشاهد الطبيعية نفسها في أجزاء أخرى من العالم، مثلًا، الباأوباب (Adansonia digitata) مع الفيلة الأفريقية المهددة بالانقراض (Loxodonta africana)في شرق وجنوب أفريقيا؛ والجينسنغ الأمريكي (Panax quinquefolius) مع طائر سمنة الخشب (Hylocichla mustelina) في الولايات المتحدة الأمريكية؛ والناردين الهندي (Nardostachys grandiflora) مع فهود الثلج (Panthera uncia) في نيبال (Jenkins و TimoshynaوCornthwaitا، 2018).
رغم المكاسب التي تحققت من تدجين النباتات، تشير التقديرات إلى أن 60 إلى 90 في المائة من أنواع النباتات الطبية والعطرية المسوّقة لا تزال تُجمع من البرية. وتوفّر النباتات البرية التي تجمع في الغابات وبالقرب منها مواد خام مهمة لقطاعات الرعاية الصحية ومستحضرات التجميل والأغذية وتدعم سبل عيش الملايين من الناس. لكن الإفراط في جني النباتات وتحويل الأراضي والتلوث تشكّل جميعًا تهديدًا كبيرًا للأنواع البرية وجامعيها في العديد من مناطق العالم: إذ أنّ نوعًا واحدًا من كل خمسة من أنواع النباتات الطبية والعطرية مهدد بالانقراض (Jenkins و TimoshynaوCornthwaitا، 2018).
ويتعايش العديد من النباتات البرية في المشاهد الطبيعية مع أنواع أخرى مهددة. لذا، فإن الجني البري المستدام والتجارة المستدامة في مكونات النبات هما أساس الإدارة الشاملة للأنواع والنظم الإيكولوجية الأخرى بشكل عام.
وتعدّ الصين بلدًا رائدًا في التجارة الدولية للنباتات الطبية والعطرية، إذ بلغت صادراتها في عام 2013، حسب التقارير، 1.3 ملايين طن قدّرت قيمتها بــــنحو 5 مليارات دولار أمريكي (15.6 في المائة من صادرات العالم من النباتات الطبية والعطرية). وربما تكون المواد التي جمعت من البرية قد ساهمت بما يصل إلى 1.8 مليارات دولار أمريكي من هذه القيمة (ITCا, 2016). ويرتبط معظم هذه التجارة بالموارد المستخدمة في الطب الصيني التقليدي، ويأتي أكثر من 70 في المائة منها من النباتات الطبية والعطرية. وتبلغ قيمة الصادرات من العرقسوس الصيني (Glycyrrhiza uralensis) وفطر اليساريع (Cordyceps sinensis) والتوت البري أو الغوجي (Lycium barbarum) وفطر كوكوس (Poria cocos) وجذر عرق السوس الصيني من نوع Ligusticum jeholense وحدها 180 مليون دولار أمريكي في السنة.
في قرى منطقة اليانغتسي العليا البيئية، يساهم بيع النباتات الطبية بما يصل إلى 60 في المائة من دخل الأسر المعيشية (Jenkins و TimoshynaوCornthwaitا، 2018). وقدّم عقد من الخبرة في المنطقة باستخدام نموذج صديق للباندا لصون كرمة الماغنوليا الجنوبية (Schisandra sphenanthera) دليلًا قويًا على أن المعايير والقواعد يمكن أن تكون فعّالة في تعزيز الإدارة المستدامة للموارد وفي الوقت نفسه تعزيز دخل وصحة المجتمعات المحلية والريفية، لا سيما الفقيرة والمهمشة منها (Jenkins, Timoshyna و Cornthwaiteا، 2018).
وتوجد الكرمة في الغابات المتساقطة الأوراق الجبلية التي توفّر أيضًا موائل للباندا العملاقة (Ailuropoda melanoleuca). ويُستخدم توت الكرمة في طب السكان الأصليين من الأقليات العرقية في سيتشوان كما في الطب الصيني التقليدي. وقد دعم البرنامج المشترك بين الاتحاد الأوروبي والصين للتنوع البيولوجي المتعلق بالإدارة المستدامة للنباتات الطبية التقليدية تطبيق معايير ممارسة الاستدامة القائمة حاليًا، من مثل معايير وزارة الزراعة الأمريكية لجني المحاصيل البرية (وزارة الزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية، من دون تاريخ محدد، ب) ومعايير مؤسسة فيروايلد FairWildا (FairWild Foundationا، 2019)، ووضع معايير جديدة للمنتجات الصديقة للباندا العملاقة (WWF Chinaا، 2012). كما دّرب الجامعون على طرق الجني المستدام لتوت Schisandra؛ فتعلموا، مثلًا، قطف التوت من الثلثين السفليين للكرمة، تاركين الباقي للطيور والحياة البرية التي تنشر البذور عبر الغابة. واجتذب تطبيق المعايير عقد اتفاقيات تجارة عادلة طويلة الأجل بين التعاونية التجارية المحلية المنشأة حديثًا والشركات الدولية، ما حقّق أسعارًا أعلى بنسبة 30 في المائة من السابق. وجرى توسيع النموذج ليشمل 22 قرية، ما زاد عدد الأسر المشاركة من 48 إلى 300، مع زيادة تقدّر بستين مرة في جني توت Schisandra البري منذ عام 2009 وصولاً إلى 30 طنًا من التوت المجفف في عام 2017 (أنظر الشكل ألف).
ووفرت زيادة الدخل للمجتمعات المحلية حافزًا للجني المستدام للتوت وللحفاظ على موائل الغابات الثانوية خارج مناطق صون الباندا العملاقة (Brinckmann وآخرين، 2018). وقد استقر الآن عدد الباندا العملاقة بل تزايد في أجزاء من نطاق وجوده (إدارة الغابات في سيتشوان، 2015، مقتبس فيBrinckmann وآخرين، 2018) وتحولت مكانته على القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة والموارد الطبيعية من فئة الحيوانات المهددة بالانقراض إلى فئة الحيوانات المعرضة للمخاطر.
باندا يتسلق الشجرة
Photo by Zoe Nicolaou on Unsplashوقد اتُبع نهج شبيه في غاتس الغربية في الهند، حيث شجّع مشروع لتطبيق معيار مؤسسة فيروايلد FairWildا،(FairWild Foundationا، 2019) (هو حاليًا أشمل نظام لإصدار الشهادات بالنسبة إلى الفطر البري المصدر والأشنات والنباتات، باستثناء الأخشاب) المجتمعات المحلية، بما في ذلك شعب ماهاديف كولي القبلي، على حصاد وبيع ثمار الإهليلج من نوعي Terminalia chebula و Terminalia bellirica بدلًا من قطع الأشجار للحصول على خشب الوقود. وقد حمى المشروع حوالي 000 2 من أشجار الإهليلج من نوع T. chebula و500 من نوع T. bellirica، ما حمى مواقع تعشيش وجثم نوعين من الطيور في المنطقة الأكثر إثارة، طائر أَبُو قَرْن (Buceros bicornis) وطائر أبو قرن مالابار (Anthracoceros coronatus) (Jenkins و TimoshynaوCornthwait، 2018؛ Yearsleyا، 2019).
وكما يتضح من دراسة الحالة9، للنُهج المتكاملة حقًا لصون المشاهد الطبيعية وإدارتها فوائد متعددة، ليس للتنوع البيولوجي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية (مثل تنويع الدخل والعمالة وتمكين المرأة) فقط، بل أيضًا لمواصلة توفير خدمات النظام الإيكولوجي الأخرى كحماية الموارد المائية والحماية من التآكل وتخفيف مخاطر الكوارث. وتجسّد نُهج كهذه مفهوم الإدارة المستدامة للغابات.
يوضح المشروع التشاركي لإدارة مستجمعات المياه القادرة على الصمود في المغرب كيف يمكن لخفض الكوارث والمخاطر المناخية التي تواجهها المجتمعات المحلية أن يخفّض الفقر وفي الوقت نفسه أن يعزز التنوع البيولوجي.
يقع حوض ملوية بين جبلي الأطلس الكبير والأطلس المتوسط في المغرب، وهو مُعرّض للتآكل بفعل جريان المياه والفيضانات وتدهور الأراضي بسبب تضاريسه الهشة ومناخه الجاف والأنشطة الرعوية والزراعية لمجتمعاته الريفية ومناطق المدن المجاورة. وقد انخفض بين عامي 1970 و2010 الغطاء الشجري بأكثر من 30 في المائة وزاد معدل التآكل بأكثر من 60 في المائة. وفي الفترة الممتدة من عام 1995 إلى عام 2011، تسببت فيضانات نهر أوطاط بأضرار وخسائر تقدّر قيمتها بنحو 5.4 ملايين دولار أمريكي.
وقد طُبّق مشروع نفّذ على مرحلتين على مدى تسع سنوات (2019-2010) منظور المشاهد الطبيعية والمخاطر على الإدارة المتكاملة لمستجمعات المياه في الحوض. وفي ما يتعلق باختيار الموقع، أُجري تقييم للمخاطر لتحديد المواقع الأكثر تعرضًا للمخاطر. وأعدّت خطط إدارة مشتركة قائمة على المخاطر في حوضين اثنين يغطيان حوالي 000 160 هكتار، على مستوى المقاطعات والمجتمعات المحلية وجرت مناقشتها والاتفاق عليها. وشملت الخطط تدابير بنيوية، من مثل ضبط مجاري المياه والرواسب على مساحة 400 هكتار، وتدابير لمكافحة التآكل غير بنيوية، كإعادة التحريج وإعادة الغطاء النباتي إلى المنحدرات المعرّاة.
وقد رمم المشروع 480 هكتارًا من الغابات والمراعي بالتسييج والتأهيل والحراجة الزراعية. وشمل الترميم تسييج غابات السنديان الأصلية Quercus rotundoflia والأرز الأطلسي (Cedrus atlantica) وزراعة Fraxinus dimorpha. وشملت نواتج التنوع البيولوجي الإيجابية التجدد الطبيعي لأشجار العرعر الفينيقي Juniperus phoenicea وعرعر الكاد Juniperus oxycedrus وعباد الشمس المغربي maroccana Hertia، وإكليل الجبل (Salvia rosmarinus) وغيرها من الشجيرات الأصلية.
وعالج المشروع الفقر وسوء التغذية في المجتمعات المحلية من خلال مجموعة من البرامج المدرّة للدخل، بما في ذلك:
◂ زراعة النباتات الطبية الأصلية؛
◂ وإنتاج خل التفاح المصدّق؛
◂ وتوزيع خلايا النحل على تسع تعاونيات، وتوليد 700 8 لتر من العسل في عام 2018 بإيرادات صافية قدرها 000 174 دولار أمريكي؛
◂ ودعم تعاونية نسائية تنتج النباتات العطرية والطبية مثل إكليل الجبل والخزامى والمريمية والورد، بلغ إنتاجها السنوي 850 لترًا من الزيوت العطرية؛
◂ وبرامج لزراعة الفاكهة وتجهيز الألبان والثروة الحيوانية.
وبالإضافة إلى تعزيز التنوع البيولوجي الزراعي، دعمت هذه البرامج تنويع الدخل وعمالة الشباب في المناطق الريفية وتمكين المرأة.
وكان للمشاركة والمبادرة المجتمعية دور أساسي في نجاح المشروع. وكانت التعاونيات والمجتمعات المحلية والأفراد المشاركون في المشروع على استعداد لاعتماد تكنولوجيات ومنهجيات مبتكرة وتولوا زمام المبادرة مستندين إلى الاستثمارات الأولية التي قام بها المشروع. وفي معظم الحالات، توسعت العمليات. فمثلًا، شرعت تعاونية النباتات الطبية في مشتل لبيع نباتاتها وضمان إمدادات متسقة لإنتاجها من الزيوت العطرية.
وأقام المشروع الدليل على الخطوات اللازمة للنظر في المخاطر في كل مرحلة من مراحل الإدارة المتكاملة لمستجمعات المياه، بما في ذلك اختيار المواقع والتخطيط المتكامل لمساقط المياه وتنفيذ المشاريع. ورأت المجتمعات المحلية أن التدابير كانت فعالة، فكررت التدخلات بمبادرة منها. ويجري الآن أيضًا تنفيذ تقنيات مبتكرة كالضبط الميكانيكي للتآكل، في مناطق أخرى.
زيوت الأعشاب التي تنتجها تعاونية الجزيرة النسائية لإنتاج وتسويق النباتات العطرية والطبية
©Yuka Makino/منظمة الأغذية والزراعةرغم الجهود التي بذلت على مدى عقود لإنشاء وتعزيز أطر الحوكمة العالمية المتعلقة بالتنوع البيولوجي، ورغم إحراز بعض التقدّم، كما هو موضّح في هذا المطبوع، من الواضح أن أهداف الصون التي حددتها أهداف التنمية المستدامة واتفاقية التنوع البيولوجي وغيرها من الالتزامات والأطر العالمية لا يمكن تحقيقها بالاستمرار على المسارات الحالية (المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي، 2019أ؛ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2019).
والحوكمة الفعّالة بالغة الأهمية لصون التنوع البيولوجي ويبدو أنّها أهم عامل يحدد النجاح في السياسات الموجهة نحو التنوع البيولوجي (Baynham-Herd وآخرون، 2018). وفي حين يُسلَم على نطاق واسع بأن الفساد والتجارة تحديان حاسمان للتنوع البيولوجي الحرجي، تؤدي الجوانب الأخرى المتعلقة باستخدام الغابات وحقوق الحيازة وموقع صنع القرار أيضًا دورًا في تحديد البيئة التمكينية لصون التنوع البيولوجي.
في ظلّ اعتماد التنمية المستدامة على التنوع البيولوجي ونشوء غالبية الأخطار التي تهدد التنوع البيولوجي الحرجي خارج قطاع الغابات، من الضروري أن تضع البلدان جميعًا وتنفذ استراتيجية شاملة للوفاء بأهدافها المتعلقة بالتنوع البيولوجي وإدماجها في جهودها الرامية إلى الوفاء بخطة عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة.
ولكي تكون هذه الاستراتيجية المشتركة بين القطاعات فعّالة، ينبغي أن تشمل مواءمة سياساتية بين القطاعات والمستويات الإدارية متركزة إلى الأهداف.
والتخطيط المتكامل لاستخدام الأراضي على الصعيدين الوطني ودون الوطني، بالتشاور مع أصحاب المصلحة المعنيين، مطلب حاسم آخر وينبغي أن يشمل وضع السيناريوهات وتحديد الأولويات لدى تعيين مناطق محمية إضافية، مع الأخذ بالاعتبار الحاجة إلى استهداف النظم الإيكولوجية أو أنواع الغابات الممثلة تمثيلًا ناقصًا والمناطق ذات الأهمية العالية للتنوع البيولوجي والتي تتمتع بسلامة التنوع البيولوجي وتوجد فيها أنواع أو مجموعات أنواع رئيسية، فضلًا عن تحديد الأولويات بين المناطق التي تحتاج للإصلاح وإقامة ممرات بيولوجية وإدارة الغابات القائمة على نحو مستدام. ويمكن بسهولة نسبيًا تكرار التحليلات والتقييمات المكانية الواردة في الفصل الثاني والثالث والخامس والسادس على المستويين الوطني ودون الوطني.
وهناك حاجة أيضًا إلى سياسات ضريبية متّسقة إذا كان لأنماط استخدام الأراضي أن تتغيّر، بما في ذلك بالدرجة الأولى إعادة النظر في معونات الدعم الزراعية، كون الزراعة هي الدافع الأكبر لإزالة الغابات.
يقدر في سيناريو نمو اقتصادي متواضع أنه من الضروري للإنتاج الزراعي أن يزداد بمقدار 50 في المائة بحلول عام 2050 مقارنةً بعام 2013 لتلبية مطالب السكان الذين يتزايد عددهم بسرعة والعادات الغذائية المتغيرة (منظمة الأغذية والزراعة، 2017هـ). ومن دون تغيير في الطرق الحالية لإنتاج الأغذية واستهلاكها، يرجح أن يكون لمثل هذه الزيادة في الإنتاج أثر ضارّ كبير على الغابات والتنوع البيولوجي. ويمكن أن يساعد في التخفيف من هذه الآثار السلبية ضمان الالتزام بسلاسل السلع الخالية من إزالة الغابات وخفض الفاقد والمهدر من الأغذية، واستعادة إنتاجية الأراضي الزراعية، واعتماد الحراجة الزراعية وممارسات الإنتاج المستدامة، واعتماد نظم غذائية لا تساهم في إزالة الغابات وتدهورها. وقدّم تقرير حالة الغابات في العالم لعام 2016 سبع دراسات حالة توضح كيف تمكنت بعض البلدان من زيادة كل من الأمن الغذائي والغطاء الحرجي في وقت واحد. ويمكن الرجوع إلى منظمة الأغذية والزراعة (2016ب) للاطلاع على الدروس المستفادة. ويمكن الاطلاع أيضًا على Forest and Land Use Coalitionا (2019) والإطار 53 للتعرف على الحالات الانتقالية اللازمة نحو نظم زراعية وغذائية أكثر استدامة.
في التقييم الرسمي الحديث العهد لحالة التنوع البيولوجي في سياق الأغذية والزراعة (منظمة الأغذية والزراعة، 2019أ)، كانت التغيرات في استخدام الأراضي والمياه وإدارتها الدافع الذي ذكر أكبر عدد من البلدان أن له آثارًا سلبية على تنظيم ودعم خدمات النظم الإيكولوجية. ولا يزال فقدان وتدهور النظم الإيكولوجية الحرجية والمائية، وفي كثير من نظم الإنتاج، الانتقال إلى الإنتاج المكثّف لعدد أقل من الأنواع والسلالات والأصناف، من الدوافع الرئيسية لفقدان التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية. والنظم الإيكولوجية الرئيسية التي تقدّم العديد من الخدمات الأساسية للأغذية والزراعة آخذة في التدهور بسرعة.
ويخلص التقييم نفسه إلى أن استخدام الممارسات والنُهج الإدارية التي تُعتبر مواتية للاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي وصونه لأغراض الأغذية والزراعة آخذ في الازدياد. ويشير 80 في المائة من البلدان المبلّغة أن قائمة واحدة أو أكثر من قائمة الممارسات التي تركّز على التنوع البيولوجي تُستخدم في نوع أو أكثر من أنواع نظام الإنتاج (المرجع نفسه).
ويستدعي الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي وصونه لأغراض الأغذية والزراعة اتباع نُهج يُدار فيها التنوع البيولوجي بطريقة متكاملة في سياق نظم الإنتاج والمشاهد الطبيعية المحيطة بها. ويتطلب ذلك إدارة في الموقع أو إدارة في المزرعة مدمجة في استراتيجيات على مستوى النظم الإيكولوجية أو مستوى المشاهد الطبيعية، بما في ذلك نظم أشجار المحاصيل مثل الإنتاج المظلّل للكاكاو أو البن، والزراعة الدائمة الخضرة، والنظام الرعوي والحرجي أو النظام الزراعي والحرجي والرعوي، أو تربية الأحياء المائية الصديقة للتنوع البيولوجي في غابات المانغروف.
وتبرز مجموعة من المسارات التي تجعل النظم الزراعية والغذائية أكثر استدامة عبر نُهج متكاملة، بما في ذلك إدماج التنوع البيولوجي. وقد أطلقت منظمة الأغذية والزراعة مؤخرًا رؤية ونهجًا جديدين لتعزيز الأغذية والزراعة المستدامة يتطلبان أن تؤخذ في الحسبان صراحة سياسات وأدوات مشتركة بين القطاعات (مثلاً، المحاصيل والثروة الحيوانية ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والحراجة) ومتعددة الأهداف (مثلًا، اقتصادية واجتماعية وبيئية)، وتحديد أوجه التآزر الممكنة، فضلًا عن تحقيق مقايضات متوازنة في ما بينها (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ي). وهناك في صميم هذا النهج خمسة مبادئ صادقت عليها الدول الأعضاء في عام 2016:
◂ تحسين كفاءة الموارد المستخدمة في الأغذية والزراعة؛
◂ واتخاذ إجراءات مباشرة لصون الموارد الطبيعية وحمايتها وتعزيزها؛
◂ وحماية وتحسين سبل العيش الريفية والإنصاف والرفاه الاجتماعي؛
◂ وتعزيز قدرة السكان والمجتمعات المحلية والنظم الإيكولوجية على الصمود؛
◂ وإيجاد آليات مسؤولة وفعاّلة للحوكمة.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة 2019 أ، منظمة الأغذية والزراعة، 2019 يc
يمكن التوفيق بين إنتاج الأغذية وصون التنوع البيولوجي إما من خلال نُهج استثناء الأراضي، حيث تساعد الزراعة العالية الغلّة في إحدى المناطق على استثناء مناطق أخرى وتخصيصها لحفظ الطبيعة أو نُهج تقاسم الأراضي، حيث يُدمج الإنتاج مع صون التنوع البيولوجي على قطعة الأرض ذاتها كما في نظم الزراعة الحرجية المنتجة (Phalan وآخرون، 2011)، ويمكن أن تعود هذه النُهج الأخيرة بفوائد متعددة على التنوع البيولوجي وعلى المزارعين، بما في ذلك تنظيم الظل والمناخ الموضعي وخصوبة التربة ومكافحة الأمراض وتنويع الدخل في مواجهة المخاطر المتصلة بالمناخ والأمراض والأسواق (Schroth وآخرون، 2004).
كما ينبغي أن تتماشى سياسات وممارسات الشركات الزراعية الكبرى مع أهداف صون التنوع البيولوجي. وكان إعلان نيويورك بشأن الغابات، الذي أُقر أول مرة في عام 2014، معلمًا رئيسيًا في هذا الصدد، إذ أقام روابط بين جهود الحكومات وجهود الشركات والمجتمع المدني ومنظمات الشعوب الأصلية للقضاء على إزالة الغابات. ولكن، كما أكّده تقرير التقييم الخمسي للإعلان (الإعلان، 2019)، لم تكن الجهود المبذولة حتى الآن كافية لتحقيق تغيير منهجي. وعلى نحو مشابه، بيّنت مبادرة تتتبع التزامات الشركات بسلاسل الإمداد الخالية من إزالة الغابات (اتجاهات الغابات، 2017؛ Ceresا، 2019) أن الطريق لا تزال طويلة لا سيما في ما يتعلق بسلاسل السلع الأربع التي هي أكبر القوى الدافعة لإزالة الغابات وتغييرها (الشكل 43).
وعلى نحو ما جاء في اقتراح المشاركين في المؤتمر العالمي "العمل عبر القطاعات لوقف إزالة الغابات وزيادة مساحة الغابات: من الطموح إلى العمل" (الإطار 38)، "ينبغي للأعمال الزراعية أن تفي بحلول عام 2020 بالتزاماتها بالقضاء على إزالة الغابات لإنتاج وتجهيز السلع الزراعية. وينبغي للشركات التي لم تقدم التزامات بالقضاء على إزالة الغابات أن تقوم بذلك. كما ينبغي للمستثمرين في مجال السلع أن يعتمدوا نماذج أعمال مسؤولة بيئيًا واجتماعيًا وأن يشركوا ويفيدوا المنتجين المحليين/المجتمع المحلي والموزعين المحليين وغيرهم من الجهات الفاعلة في سلسلة القيمة، مثلًا من خلال برامج الإرشاد والتصميم المشترك لخطط استخدام الأراضي استخدامًا مستدامًا على أراضي الشركات."
وتشكلّ المبادئ الخاصة بالاستثمارات المسؤولة في الزراعة ونظم الأغذية التي أقرتها لجنة الأمن الغذائي العالمي في عام 2014 (لجنة الأمن الغذائي العالمي، 2014) مرجعًا هامًا في هذا الصدد.
ويقوم بعض المصارف الزراعية بدور ريادي، فينشئ الصناديق ويقدم القروض والمساعدة التقنية وغيرها من أدوات إزالة المخاطر، ويوفر التمويل المختلط (استخدام التمويل الإنمائي أو الأموال الخيرية لحشد تدفقات رأس المال الخاص إلى الأسواق الناشئة والأسواق المتقدمة في البلدان النامية) لدعم الاستثمارات في الزراعة المستدامة (يمكن الرجوع أيضًا إلى الاستفادة من التمويل الخاص في الصفحة الموالية).
يدعم أمن حيازة الأراضي إمكانية نجاح مبادرات صون التنوع البيولوجي. وفي حين أن ملكية غالبية الغابات في العالم هي ملكية عامة، فإنّ لما يقدر بنحو 1.5 مليارات نسمة من السكان المحليين والشعوب الأصلية حقوق مأمونة للاستفادة من الموارد الحرجية من خلال الحيازة المجتمعية، وتدير هذه الجماعات المحلية حوالي 18 في المائة من مساحة الغابات في العالم (المبادرة الخاصة بالحقوق ولموارد، 2015). وحيثما يجري إنفاذ هذه الحقوق بفعالية، تشهد البلدان في أنحاء أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية معدلات إزالة للغابات أقل. فمثلًا، وجدت دراسة حديثة في بيرو إشارات على أن منح مجتمعات السكان الأصليين حق ملكية الأراضي يقلل من إزالة الغابات والاضطرابات بعد وقت قصير من منح الملكية، وذلك جزئيًا من خلال زيادة الضغط التنظيمي الرسمي وغير الرسمي على المجتمعات المحلية المعنية وضمنها (Blackman وآخرون، 2017). ويمكن الاطلاع أيضًا على تعميم التنوع البيولوجي في الغابات التي تديرها المجتمعات المحلية في الفصل السادس (الصفحة 126)
ولا تزال إزالة الغابات لأغراض الزراعة من أجل حيازة الأراضي ممارسة شائعة في أنحاء كثيرة من العالم، وكثيرًا ما تكون على أراضٍ عرفية أو عامة حدودها غير معينة جيدًا وإدارتها ضعيفة. وقد يتمكن القادة العرفيون أو تتمكن الدولة من منع هذا النشاط من خلال توفير أراضٍ بديلة للمزارعين، أو، حيث تكون الأراضي شحيحة، بتوفير عقود إيجار مشروطة طويلة الأجل تتيح للمستخدمين ممارسة الحراجة الزراعية أو من خلال توفير أراضٍ أخرى واستخدام الموارد بما يتوافق مع صون التنوع البيولوجي. فقد جرى تطبيق هذا النهج مثلًا بنجاح في مقاطعة لامبونغ في سومطرة، إندونيسيا؛ فحصل المزارعون الفقراء على عقود إيجار مدتها 25 سنة لاستخدام الغابات المملوكة للدولة في الحراجة الزراعية في إطار برنامج الغابات المجتمعية Hutan Kamasyarakatan. وقد أسفر البرنامج عن زيادة زراعة الأشجار المستخدمة لاستخراج الأخشاب وغيرها من الأشجار المتعددة الأغراض، فضلًا عن الاستثمار في الأراضي وإدارة خصوبة التربة. وقد أظهرت صور الأقمار الاصطناعية انخفاضًا في فقدان الغابات وزيادة في المساحة المستغلة للحراجة الزراعية في مواقع تنفيذ البرنامج(Kerr وPender وSuyantoا، 2008).
هكذا يتيح ضمان حقوق الحيازة المحلية فرصة هائلة للصون الفعال بتكلفة منخفضة نسبيًا (Ding وآخرون، 2016) وهو حل ليس عادلًا اجتماعيًا فحسب، بل يمكن أن يقلل أيضًا من النزاعات (Tauli-Corpuz و Alcorn وMolnarا، 2018). كذلك، يمكنه، إن نفّذ جيدًا، أن يساهم في آن واحد في تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة2. ويمكن التفاوض على حقوق الأراضي والغابات للتأكيد على تلك التي تساهم في صون التنوع البيولوجي. غير أن التدخلات المرتبطة بضمان حقوق الحيازة المحلية تتطلب مراجعة متأنية للسياق السياسي والاقتصادي والقانوني، كما أكدّت عليه الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة الرشيدة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ب).
نتيجة لاعتماد العديد من البلدان اتفاقية الشعوب الأصلية والقبلية في عام 1989 (منظمة العمل الدولية، 2017)، والموافقة شبه العالمية على إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية في عام 2007 (الأمم المتحدة، 2008أ)، أصبحت أعداد متزايدة من البلدان تمنح اعترافًا قانونيًا بحقوق الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية في الأراضي والغابات من خلال إصلاحات قانونية ودستورية. وينص عدد من هذه الإصلاحات (مثلًا في أستراليا وإكوادور والبرازيل وبيرو وجنوب أفريقيا والفلبين وكولومبيا والهند والولايات المتحدة الأمريكية) صراحة على الاعتراف بهذه الحقوق داخل المناطق المحمية (المبادرة الخاصة بالحقوق والموارد، 2015).
والموافقة الحرة المسبقة المستنيرة، وهي حق محدد يتعلق بالشعوب الأصلية، معترف بها في سلسلة من الصكوك الدولية القانونية، بما في ذلك اتفاقية الشعوب الأصلية والقبلية وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية واتفاقية التنوع البيولوجي. ولا يتيح الحق في الموافقة الحرة المسبقة المستنيرة للشعوب الأصلية منح أو سحب الموافقة على مشروع معين في أي مرحلة فقط، بل يشمل أيضا الحق في تحديد النوع المناسب من المشاركة والتشاور وصنع القرار.
ويعتمد بعض البلدان الإدماج الطوعي للأراضي المجتمعية (والخاصة) في المناطق المحمية، ويوفر بعض الفوائد للتعويض عن تقييد الحقوق، كالحماية من تعدي أطراف ثالثة ومنح الحكومة امتيازات وتقاسم إيرادات السياحة أو غير ذلك من أشكال المساعدة المالية أو الفنية. ومن الأمثلة على ذلك برنامج المناطق المحمية للسكان الأصليين في أستراليا (Davies وآخرون، 2013).
ولا تعترف بلدان أخرى كثيرة بحقوق المجتمعات المحلية في المناطق المحمية، لكنها اعتمدت مجموعة متنوعة من نظم الإدارة المشتركة للأراضي المملوكة للعموم وللمجتمع المحلي، مستهدفة احتياجات الصون والتنمية معًا. وقد تشمل حقوق المجتمعات المحلية بعض حقوق إمكانية الوصول وحقوق الاستخدام والإدارة. ويمكن أن توفّر ترتيبات الإدارة المشتركة للمجتمعات المحلية وسيلة للحفاظ على حقوق الاستخدام والإدارة في مساحات كبيرة من الأراضي الممتدة الخاضعة للحقوق العرفية. غير أنها تميل إلى أن تكون مركزية للغاية، ولا يولي معظم المبادرات الاعتبار الواجب لاحتياجات المجتمعات المحلية أو يدمج المعرفة التقليدية في الإدارة (المبادرة الخاصة بالحقوق والموارد، 2015). ومع ذلك، تدل الحالات الناجحة على إمكانات نظم الإدارة المشتركة (أنظر المثال في دراسة الحالة 10). وهناك مثال آخر هو محميات الاستخراج في منطقة الأمازون البرازيلية المذكورة في الفصل السادس ضمن القسم الذي يتناول فعاليّة الصون في المناطق المحميّة (الصفحة 118).
حديقة ماكيرا الوطنية، التي تغطي 000 25 هكتار في شبه جزيرة لا غاجيرا في شمال شرق كولومبيا (الشكل ألف)، هي مشهد طبيعي مقدس وثقافي لشعب وايو، شكلته الزراعة والرعي والاستخدام الانتقائي للغابات (Premauer وBerkesا، 2012). وتضم الحديقة سلسلة جبال صغيرة ومعزولة وغابات رطبة دائمة على قممها ومنحدراتها العليا. والغابات السحابية القزمة الموجودة هنا واحة للأنواع المتوطنة والمثال الوحيد على هذا النظام الإيكولوجي في كولومبيا (مجموعة الحدائق العامة في كولومبيا UAESPNNا، 2005). وقبل وقت طويل من إنشاء الحديقة الوطنية، قام شعب وايو بحماية العديد من المناطق ومعالم المشاهد الطبيعية بسبب المحرمات الثقافية لديه وبسبب احترامه للطبيعة (Premauer وBerkesا، 2012). وعندما أُعلنت الحديقة الوطنية في عام 1977 من دون اعتبار لدعاوى ملكية الشعب الأصلي للأراضي، نشبت نزاعات. ولكن على مر السنين، جرت بلورة نهج للحوكمة التعاونية وحل للمشاكل كان مفيدًا لشعب وايو كما لصون التنوع البيولوجي (Premauer وBerkesا، 2012).
وفي عام 1984، مُنح شعب وايو حق ملكية الأراضي على أراضي أجداده بموجب شكل من أشكال الحيازة الجماعية للأراضي يسمى “resguardo” وهو نوع من المحمية للسكان الأصليين. وفي مثل هذه المحمية، تمتلك الشعوب الأصلية حقوقًا في تنظيم تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتغطي أراضي هذه المحميات ثلث الأراضي الوطنية في كولومبيا وأكثر من 80 في المائة من المناطق الحرجية ذات التنوع البيولوجي العالي القيمة. ولا يمكن بيع هذه الأراضي أو مصادرتها. وحقوق شعب وايو في أراضي أجداده هو أحد العوامل الرئيسية في نجاح الصون في ماكيرا.
وقد وضعت سياسة “الحدائق مع الناس” للصون التشاركي في الفترة 1998-2000 ونُفذت على الصعيد الوطني حيث تتداخل أراضي الشعوب الأصلية مع المناطق المحمية، كما في حالة حديقة ماكيرا الوطنية (Premauer وBerkesا، 2015). وتشدد هذه السياسة على الاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية وعلى سلطات الحكم المحلي وممارسات الإدارة المشتركة بين الثقافات، والصون كإدارة بدلًا من الحفظ (Ingwall-King و Gangur، سيصدر قريبًا).
واستجابة لسياسة “الحدائق مع الناس”، احترمت إدارة حديقة ماكيرا القيم العرفية والحوكمة العرفية احترامًا بالغًا. فمثلًا، أمضت إدارة الحديقة ثلاث سنوات في بناء علاقات مع السكان المحليين ومع سلطات الحوكمة العرفية الشرعية وفي التعرف على ممارسات التنظيم الاجتماعي والسياسي وإدارة الأراضي لشعب وايو. ونتيجة لذلك، في عام 2006، قبل معظم رؤساء شعب وايو العمل مع الحديقة (Premauer وBerkesا، 2015).
وعلاوة على ذلك، اعتُمدت عمليات مشتركة لصنع القرار وتم العمل بصورة جماعية على تحديد الأهداف الثقافية وأهداف الصون لاتفاق الحوكمة المشتركة، وذلك من خلال إنشاء مجلس يتشكل من 54 من رؤساء شعب وايو. وعُقدت اجتماعات المجلس بالقرب من أراضي وايو، ما وفّر على الرؤساء عناء السفر لمسافات طويلة، وكانت اللغة المتداولة بشكل رئيسي لغة الوايو، ما مكّن سلطات وايو من التحدث بحرية (Premauer وBerkesا، 2015).
وتعطي إدارة الحديقة على أنها أراضٍ أو منطقة تصونها الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية (الإطار 48) شعب وايو الاستقلال الذاتي الذي يمكنّه من تطبيق قيمه وممارساته العرفية كما يراه مناسبا؛ مثلًا، بالانخراط في الصيد وجني المنتجات الحرجية وتربية الماشية، وقد دعمت هذه التفاعلات بين البستنة والإنسان والبيئة طريقة حياة شعب وايو لعدة قرون (Premauer وBerkesا، 2012، 2015).
وقد ساعدت ترتيبات الحوكمة المشتركة الحديقة وشعب وايو على التغلب على الخلافات بطرق عدة:
◂ تدعم الحديقة شعب وايو في حماية أراضيه وضمان حقه في الموافقة الحرّة والمسبقة والمستنيرة على أي إجراء يتعين اتخاذه في الحديقة.
◂ يساعد شعب وايو على مراقبة وضبط الأنشطة في الحديقة، إذ أن عدد موظفي الحديقة أصغر من أن يمكّنهم من مراقبة دخول المتسللين إليها.
◂ اتفق شعب وايو مع سلطات الحديقة على تقييد الوصول إلى قمم الجبال ذات الغابات السحابية، ما دعم أحد المحرمات الثقافية لدى شعب وايو وقيم صون الحديقة.
ولكن ما تزال هناك بعض النزاعات، مثلًا حول السياحة. غير أن علاقة الحوكمة التعاونية تستند إلى مصالح مشتركة، لا سيما حماية الأراضي من التهديدات الخارجية، ما كانت له نتائج إيجابية كالحيلولة دون ممارسة أنشطة التعدين والتنقيب في الحديقة. وقد ساعدت هذه المصالح المشتركة على بناء الثقة والاحترام والمعاملة بالمثل (Premauer وBerkesا، 2015).
وساعد التعاون بين سلطات الحديقة وشعب وايو على خفض الأنشطة غير المشروعة في المنطقة، كالصيد غير المشروع للطيور والاستخراج غير المشروع للأخشاب (Premauer وBerkesا، 2012). ومع أن الافتقار إلى بيانات منهجية يجعل من الصعب تقييم اتجاهات التنوع البيولوجي بدقة، ولكن، على مستوى المشاهد الطبيعية، ظل نطاق الأنواع الخمسة من النباتات في حديقة ما كيرا، وخاصة الغابات السحابية، سليمًا منذ سبعينيات القرن الماضي (Premauer وBerkesا، 2012).
المصدر: Premauer و 2015 ،Berkes .
وخارج المناطق المحمية، يعترف بعض تدابير الصون الفعّالة الأخرى القائمة على المناطق أيضًا بالحقوق المحلية لتمكين الاستخدام المستدام وفي الوقت نفسه تحقيق نتائج إيجابية في مجال الصون. فمثلًا، يمنح النهج المجتمعي لإدارة الحياة البرية في ناميبيا المؤسسات المجتمعية المنظمة ضمن مجالس حقوقًا قانونية في استخدام الحياة البرية والاستفادة منها على أراضيها. وقد أدى هذا النهج إلى توليد دخل كبير، بالإضافة إلى زيادة هائلة في أعداد الحيوانات البرية وتنوعها خلال العقدين الماضيين (اتحاد NACSO، 2017ب).
هناك حاجة إلى التمويل للتصدي للقوى الدافعة إلى إزالة الغابات كما لتحسين صون الغابات وإدارتها وإصلاحها.
وتقدر قيمة التمويل اللازم للتحوّل للإنتاج المتحرر من إزالة الغابات للماشية وفول الصويا وزيت النخيل ولب الورق والورق بنحو 200 مليار دولار سنويًا (تحالف الغابات الاستوائية، 2020)، في حين قدّرت تكلفة تنفيذ الخطة الاستراتيجية لاتفاقية التنوع البيولوجي للفترة 2020-2011 (بما في ذلك التنوع البيولوجي للغابات وإن لم يقتصر الأمر عليه) في البداية بما يتراوح بين 150 و440 مليار دولار أمريكي في السنة (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2012). وقد تبدو هذه الأرقام كبيرة، لكنها صغيرة إذا ما قورنت بالحوافز المالية الضريبية الحالية للزراعة التي تزيد قيمتها على 700 مليار دولار أمريكي في السنة (منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، 2019أ) أو معونات دعم الوقود الأحفوري، التي قدرت في عام 2017 بنحو 5.2 تريليون دولار أمريكي، أي حوالي 6.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (Coady وآخرون، 2019).
ورغم الالتفات الحديث العهد إلى دور الغابات في صون التنوع البيولوجي والتخفيف من حدة تغير المناخ، ما يزال التمويل الحالي قاصرًا بشدّة. وينبغي، لا بل من الممكن، تغيير ذلك. ويعرض التقرير الذي أعدته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في اجتماع وزراء البيئة لمجموعة السبعة في مايو/ أيار 2019 (منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، 2019ب) بوضوح الحالة الاجتماعية الاقتصادية والتجارية لاتخاذ إجراءات لصون التنوع البيولوجي، وسيكون للعديد من الفرص المحددة لتوسيع نطاق العمل للتنوع البيولوجي أثر إيجابي على الغابات. ويوضح الشكل 44 مجموعة متنوعة من مصادر التمويل المحتملة.
وتعتمد حلول التمويل الطويلة الأجل بشكل متزايد على القطاع الخاص وعلى الأدوات التي تمكّن التمويل المستدام ذاتيًا، من مثل الصناديق البيئية. وهناك عدد من النهج المبتكرة الواعدة. فنموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي يعتمده "صندوق تحييد أثر تدهور الأراضي"، الذي تقوم بتطويره الآلية العالمية لاتفاقية مكافحة التصحر (الآلية، من دون تاريخ محدد)، يدعم الانتقال إلى تحييد تدهور الأراضي عبر إصلاح الأراضي مع توليد إيرادات للمستثمرين من الإنتاج المستدام على الأراضي المستصلحة، بينما يخطط "صندوق المشاهد الطبيعية"، الذي اقترحته خطط مركز البحوث الحرجية الدولية، لإصدار سندات ترميم على غرار نموذج السندات الخضراء (منظمة الأغذية والزراعة والآلية العالمية، 2015). وتكمّل المنتجات المالية الجديدة والاستثمارات الصناعية التمويل التقليدي عن طريق المسؤولية الاجتماعية للشركات والأعمال الخيرية. ومع أن تدفقات التمويل ما تزال صغيرة نسبيًا، هناك مجموعة واسعة ومتنوعة من الأدوات المتاحة لتوليد الأموال اللازمة لصون الغابات والتنوع البيولوجي (الجدول 7).
حشد التمويل الخاص. يؤدي القطاع العام دورًا حاسمًا في الاستفادة من التمويل الخاص للصون من خلال التنظيم البيئي القوي وتوفير الحوافز الإيجابية. وحتى في حال وجود حوافز، كثيرا ما يُنظر إلى النماذج الجديدة للاستخدام المستدام للأراضي على أنها استثمارات حافلة بالمخاطر، لا سيما في حال تنفيذها في بلدان نامية. وهي بوصفها كذلك تتطلب شريكًا، كحكومة أو مؤسسة مالية متعددة الأطراف، لخفض حجم المخاطر التي تنطوي عليها الاستثمارات عن طريق توفير دين ثانوي وضمانات تجاه الخسارة الأولى وغير ذلك من بنى تعزيز التسليف. ويمكن أن يؤدي القيام بذلك إلى إطلاق مبالغ كبيرة من الاستثمارات الخاصة. ومن الأمثلة على ذلك إنشاء "مرفق تمويل المشاهد الطبيعية الاستوائية" (شراكة بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمركز العالمي للحراجة الزراعية ومصرف BNP Paribas وشركة إدارة الاستثمارات ADM Capital) لهيكلة ما يصل إلى مليار دولار أمريكي واحد في سندات تمول إنتاج وتجهيز وتجارة سلع مستدامة وصندوق Agri3 (أنشئ بفضل شراكة بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومصرف Rabobank ومبادرة التجارة المستدامة IDH) لتوجيه ما يصل إلى مليار دولار أمريكي من رأس المال نحو إنتاج سلع لا تنطوي على إزالة الغابات.
ومن الأمثلة الأخرى على ذلك الخدمات المصرفية لصون الموائل في الولايات المتحدة الأمريكية التي تجمع بين تشريعات قوية وآليات مؤسسية تمكينية لإشراك القطاع الخاص في حماية الأنواع المهددة بالانقراض. ومصارف صون آلية تعويض لتيسير الامتثال لقانون الولايات المتحدة للأنواع المهددة بالانقراض 1973 (حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، 1973). ومن خلال هذه الأداة، يمكن لمالكي الأراضي من القطاع الخاص الذين يديرون أراض لحماية الموائل الدائمة إصدار ائتمانات رهنًا بموافقة دائرة الغابات في الولايات المتحدة، تبعًا للوظائف والخدمات الإيكولوجية التي يقدمونها. وتشتري المشاريع والمطوّرون هذه الائتمانات كتعويض على الأثر التي تحدثها مشاريعهم. وبحلول عام 2016، بلغ عدد مصارف الصون 137 مصرفًأ وازدادت مساحة الأراضي في إطار هذه الخطة بنسبة 288 في المائة منذ نشر الخطوط التوجيهية الوطنية لمصارف الصون في عام 2003 (Poudel و ZhangوSimonا، 2019).
وفي حين تتوفر في العديد من البلدان المعلومات المتعلقة بتكاليف إدارة الغابات ضمن المناطق المحميّة وخارجها، لم تُبذل سوى محاولات قليلة لتقييم تكاليف جهود الإصلاح وفوائدها، وجرى توثيق هذه المحاولات توثيقًا سيئًا بسبب الافتقار إلى بيانات خط أساس وأطر متسقة لتتبّع النتائج والدروس المستفادة وفهمها ونشرها. مثلًا، استعرضت مبادرة اقتصاديات النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي أكثر من 20 ألف دراسة حالة إصلاح، فوجدت أن 96 منها فقط احتوت على بيانات مفيدة عن التكلفة (منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، 2019ب) ويعيق هذا الافتقار إلى المعلومات توفر مزيد من الاستثمارات العامة والخاصة في أنشطة الإصلاح وهو ما يعرض للخطر فرص تحقيق أهداف الإصلاح ومساهمتها في الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، وفي التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيّف معه، وفي صون التنوع البيولوجي واستخدامه على نحو مستدام. وتهدف مبادرة "اقتصاديات إصلاح النظم الإيكولوجية" (الإطار 43 في الفصل الخامس) إلى المساعدة على سدّ هذه الفجوة في المعلومات. وتشير القرائن بالإجمال إلى أن الفوائد في كثير من الأحيان تفوق التكاليف. إذ يُقدِّر مثلاً تحليل حديث أن إصلاح 350 مليون هكتار من مناطق الغابات المتدهورة عالميًا يمكن أن يدرّ 7-30 دولارًا من الفوائد مقابل كل دولار أمريكي يتم استثماره (Verdone وSeidlا، 2017).
الدفع مقابل خدمات النظام الإيكولوجي. إنّ المدفوعات القائمة على النتائج للحدّ من انبعاثات الكربون الناتجة عن إزالة الغابات وتدهورها هي حاليًا أكبر برنامج عالمي متوفر للدفع مقابل خدمات النظم الإيكولوجية التي توفرها الغابات، وقد كان لها بالفعل تأثير إيجابي كبير من حيث انخفاض معدلات إزالة الغابات وما يرتبط بذلك من فقدان للتنوع البيولوجي. والمدفوعات مقابل خدمات النظام الإيكولوجي للغابات المتعلقة بالمياه شائعة في العديد من البلدان، وقد أفادت اللجنة الإقتصادية لأوروبا ومنظمة الأغذية والزراعة (2018) عن وجود 101 برنامج فعّال في أمريكا الشمالية و70 في دول الاتحاد الأوروبي.
واستخدمت برامج الدفع مقابل خدمات النظم الإيكولوجية أيضًا لمكافأة وتنظيم بعض الممارسات التي تدعم بشكل مباشر صون التنوع البيولوجي على الأراضي الخاصة. فاستعملت بنجاح لحماية مناطق ذات تنوع بيولوجي عالٍ، بما في ذلك مناطق هجرة تجمعات الأحياء البرية الهامة وانتشارها. غير أنه قد يكون من الصعب تنفيذ هذه البرامج عندما تكون حيازة الأراضي غير واضحة أو غير آمنة، حيث يصعب بعد ذلك عزو الخدمات البيئية إلى مقدمها (منظمة الأغذية والزراعة، 2016ج). وهذه مشكلة كبيرة للدفع مقابل خدمات النظام الإيكولوجي في المناطق الريفية في أفريقيا، حيث يندرج 90 في المائة من الأراضي في أطر نظم الحيازة العرفية وليست له أي ملكية رسمية (Blomleyا، 2013). وفي بعض البلدان، تساعد المنظمات غير الحكومية المجتمعات المحلية في الحصول على شهادات الحقوق العرفية للمساعدة في التغلب على هذا القيد. فمثلًا، في سهول سيمانجيرو في جمهورية تنزانيا المتحدة، ساعد فريق الموارد المجتمعية للمنظمة الشعبية أوجاما 38 مجتمعًا محليًا من الرعاة والصيادين-جامعي الثمار - على الحصول على حقوق حيازة مضمونة على مساحة 620 ألف هكتار من خلال الحصول على شهادات حقوق حيازة عرفية، ما مكّن هؤلاء من وضع خطط لاستخدام الأراضي لأكثر من مليون هكتار (Nelson وSinandeiا، 2018). وقد ساعدت عقود الدفع مقابل خدمات النظام الإيكولوجي المبرمة بين بعض المجتمعات المحلية ومنظمي الرحلات السياحية في الحصول على دعم المجتمع المحلي للحفاظ على مناطق انتشار الحياة البرية من خلال القواعد التقليدية لاستخدام الأراضي، بينما تهدف المدفوعات السنوية للمجتمعات إلى الحيلولة دون التحوّل إلى الزراعة في المستقبل (Sachedina وNelsonا، 2012). وقد ساعد هذا النهج أيضًا على خفض النزاعات وتوفير الأمن المعيشي لبعض المجتمعات الأكثر تهميشًا في المنطقة.
وتتصدى كوستاريكا لمسألة الحيازة غير الآمنة للغابات في الدفع مقابل خدمات النظام الإيكولوجي عن طريق إتاحة الخيار للمالكين الذين يفتقرون إلى سندات ملكية رسمية للأراضي لتقديم بعض الأدلة على حقوق الحيازة (FONAFIFO و CONAFOR ووزارة البيئة، 2012) أو فرصة الاقتراض مقابل مدفوعات مستقبلية لتغطية تكاليف إضفاء الشرعية على حيازاتهم (منظمة الأغذية والزراعة، 2016ج). ويورد الجدول 8 أكبر عشر برامج وطنية للدفع مقابل خدمات النظام الإيكولوجي.
التسهيلات للصون. التسهيلات للصون هي "اتفاق قانوني طوعي يحدّ بشكل دائم من استخدامات الأرض لحماية قيم صونها" (قاعدة البيانات الوطنية لتسهيلات الصون، 2019). وكما الحال مع الدفع مقابل خدمات النظام الإيكولوجي، تُستخدم التسهيلات للصون مرارًا للمساعدة على تحفيز الصون من جانب أصحاب الحيازات الخاصة ممن لديهم حيازة واضحة وآمنة، بما في ذلك إدارة المناطق المجتمعية الكبيرة بالقرب من الحدائق الوطنية (منظمة الأغذية والزراعة، 2016ج). وفي مثل هذه الحالات، يُطلب من مالكي الأراضي التخلي عن بعض حقوق الاستخدام مقابل الحصول على منافع محددة، تكون في أحيان كثيرة حوافز مالية (كتخفيض الضرائب في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية). وفي شمال جمهورية تنزانيا المتحدة، تقدم الاتفاقات لتسهيل الصون المبرمة بين بعض المجتمعات المحلية والقطاع الخاص مدفوعات سنوية للمجتمعات المحلية وفرص عمل للتخلي عن القيام بتوسع زراعي إضافي (Nelson وSachedinaا، 2012).
مبادلة الدين بالطبيعة. يوفر قانون الولايات المتحدة لصون الغابات الاستوائية، الذي سُنّ في عام 1998 وجرى تعديله في عام 2019 (TNC، 2019) للبلدان النامية المؤهلة لذلك خيارات لتخفيف بعض الديون الرسمية لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية مع توليد أموال بالعملة المحلية لدعم أنشطة صون الغابات الاستوائية. وتفيد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (2017) أنه منذ عام 1998، أبرمت وفقًا لهذا القانون 20 اتفاقية ديون مقابل الطبيعة مع 14 بلدًا هي: البرازيل وبليز وبنغلاديش وبوتسوانا وكوستاريكا كولومبيا (اتفاقان) وإندونيسيا والسلفادور وغواتيمالا (ثلاثة اتفاقات) وبنما وجامايكا (اتفاقان) وباراغواي وبيرو (اتفاقان) والفلبين (اتفاقان). وتضمنت هذه الاتفاقات 233 مليون دولار أمريكي من الأموال الحكومية و22.5 مليون دولار أمريكي إضافية من منظمات غير حكومية (منظمة حفظ الطبيعة ومنظمة الحفظ الدولية والصندوق العالمي للطبيعة). وجرى توليد 83 مليون دولار أمريكي أخرى من إيرادات الفوائد والمكاسب الرأسمالية وتقاسم التكاليف من جانب الجهات الممولة والتمويل المشترك للمشاريع من جهات مانحة إضافية، ليصل المجموع إلى ما يزيد على 330 مليون دولار أمريكي.
ويتفاوض عدد من البلدان على اتفاقات دين مقابل الطبيعة مع مؤسسات خاصة، بدعم من منظمات غير حكومية في كثير من الأحيان (مثل الاتحاد الروسي وجمهورية تنزانيا المتحدة والصندوق العالمي للطبيعة [الصندوق العالمي للطبيعة، 2018]. وتمثل هذه البرامج فرصة واعدة لتخفيف عبء الديون والاستثمار في الطبيعة في أفريقيا، وهي قارة ازدادت ديونها الخارجية زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة.
على الصعيد الوطني، يتعيّن وضع مقاييس أفضل لتتبع الاتجاهات في رأس المال الطبيعي وفوائد الغابات للناس، وذلك للمساعدة على ضمان أن تأخذ خطط التنمية بالاعتبار المقايضات وأوجه التآزر من بين خيارات استخدام الأراضي المختلفة.
وتتعلق حاجة معينة بالشرط القديم العهد لتوسيع نطاق نظام المحاسبة الوطنية ليشمل مقاييس عن البيئة وعلاقتها بالاقتصاد (مثلاً Repettoا، 1992). وكانت الخطوة الهامة التي دعا إليها أول مرة جدول أعمال القرن الحادي والعشرين في عام 1992 هي اعتماد الإطار المركزي لنظام المحاسبة البيئية والاقتصادية كمعيار إحصائي دولي لاحتساب الموارد البيئية ومساهمتها في الاقتصاد ودورها كبالوعة للكربون من الناحيتين المادية والنقدية (الأمم المتحدة وآخرون، 2014أ). وقد حظيت الغابات باهتمام خاص بوصفها أصلاً محدداً من أصول رأس المال الطبيعي في نظام المحاسبة البيئية والاقتصادية (مثلاً البنك الدولي، 2017). ويهدف نظام المحاسبة البيئية التجريبي إلى توسيع نطاق نظام المحاسبة البيئية والاقتصادية لتقديم مقاييس لرأس المال الطبيعي قائمة على النظام الإيكولوجي (الأمم المتحدة وآخرون، 2014ب).
ومن خلال توفير إطار متسق لتنظيم المعلومات المتعلقة برأس المال الطبيعي وربطه بنظام الحسابات الوطنية، يشكّل نظام المحاسبة البيئية والاقتصادية أداة رئيسية لإدماج فوائد الغابات وخدمات النظام الإيكولوجي الحرجي والتنوع البيولوجي الحرجي في التخطيط الاقتصادي (أنظر مثلًاRuijs وVardonا، 2019). وحاليًا، يستخدم ما يقرب من 40 بلدًا نظام المحاسبة البيئية والاقتصادية في صنع السياسات والإدارة المتعلقين بدعم التنوع البيولوجي (Ruijs وVardonا، 2019). ولدى العديد من البلدان أيضا متطلبات مفصّلة لإجراء تقييمات للأثر البيئي قبل الموافقة على المشاريع التي تنطوي على تحويل الغابات المملوكة ملكية عامة.
بينما يقتصر التفكير في الأطر السياساتية والقانونية في كثير من الأحيان على السياق القطري، يمكن للأطر الإقليمية والتعاون الإقليمي القيام بدور فعّال جدًا في تعزيز الحوكمة وتوسيع نطاق العمل (الإطار 54). فمثلًا، دعا الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات أكثر تنسيقًا بين البلدان واعتمد "التوجيهات الخاصة بالطيور" في عام 1979 و"التوجيهات الخاصة بالموائل" في عام 1992 استجابة لارتفاع معدلات انقراض الأنواع وتدمير الموائل وتدهور النظم الإيكولوجية والمساعدة على تحقيق أهداف اتفاقية التنوع البيولوجي والالتزامات الأوروبية تجاهها. وكان من الأمور المركزية في "التوجيهات الخاصة بالموائل" إنشاء "Natura 2000"، وهي شبكة بيئية على مستوى الاتحاد الأوروبي تضم جميع المناطق المحميّة في إطار "التوجيهات الخاصة بالطيور" (مناطق محميّة خاصة) و"التوجيهات الخاصة بالموائل" (مناطق خاصة بالصون). وتشمل الشبكة، التي تمتد عبر 28 بلدًا من بلدان الاتحاد الأوروبي وتغطّي 18 في المائة من مساحة أراضيه و9.5 في المائة من مناطقه البحرية، بعض المحميات الطبيعية المحمية بصرامة، ولكن في الغالب أراض مملوكة للقطاع الخاص (المجموعة الأوروبية، 2019ب). وتمثل النظم الإيكولوجية للغابات حوالي 50 بالمائة من مساحة سطح الشبكة. وتيسر عملية Natura 2000 الجغرافية البيولوجية اتخاذ إجراءات منسقة عبر الدول الأعضاء والتعاون بين مختلف أصحاب المصلحة الحكوميين وغير الحكوميين للقيام بالتنفيذ والإدارة والرصد والتمويل والإبلاغ على نحو فعّال، فضلًا عن إنفاذ الامتثال للأنظمة عبر شبكة المواقع. ورغم التحديات وبطء التنفيذ، لا سيما في الموائل البحرية، ثبت نجاح الشبكة في التصدي لفقدان الموائل الحاسمة الأهمية في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي وتجزئتها وتدهورها (Medaglia و Phillips وPerron-Welchا، 2014).
◂ لجنة غابات أفريقيا الوسطى (اللجنة، 2020) هي منظمة حكومية دولية تقوم بتنسيق أنشطة صون الغابات وإدارتها المستدامة في أفريقيا الوسطى. وتسترشد الأنشطة بـــخطة تقارب دون إقليمية. ويعتمد الإصدار الثاني من هذه الخطة (2025-2015) على ست أولويات، إحداها “صون التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام”.
◂ مبادرة الجدار الأخضر العظيم (الجدار الأخضر العظيم، 2019أ) التي أطلقت في عام 2007، هي خطة طموحة لزراعة جدار من الأشجار بطول 8 آلاف كيلومتر على عرض منطقة الساحل في أفريقيا. وقد تطورت المبادرة في السنوات الأخيرة لتروّج على نطاق أعم مجموعة من الممارسات المستدامة لاستخدام الأراضي وإصلاحها. وقد وُصفت مبادرة الجدار الأخضر العظيم بأنها المبادرة الرائدة في أفريقيا لمكافحة تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتدهور الأراضي والتصحّر والجفاف، وهي تهدف إلى تعزيز سبل العيش وتحسين الأمن الغذائي والقدرة على الصمود. وتسلّط الضوء على أهمية التنوع البيولوجي لرفاه الإنسان.
◂ صُمّم إطار الإدارة المستدامة للغابات في أفريقيا (2030-2020) لتوجيه الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي وفي الجماعات الاقتصادية الإقليمية الأفريقية في ما يتعلق بالأولويات المتعلقة بالغابات في سبيل تحقيق أهداف خطة عمل الاتحاد الأفريقي لعام 2063 (الاتحاد الأفريقي، من دون تاريخ محدد) وخطة الأمم المتحدة لعام 2030. وتشمل الأولويات تعزيز قيمة الغابات والأسواق والتجهيز والتجارة وتنمية القدرات وإدارة المعرفة؛ وتعزيز الأطر السياساتية والمؤسسية الداعمة للإدارة المستدامة للغابات، وتعزيز إصلاح الغابات والمناظر الطبيعية المتدهورة؛ وتوطيد الشراكات وتعبئة الموارد.
◂ فورست يوروب Forest Europe (الاسم المميز للمؤتمر الوزاري لحماية الغابات في أوروبا) هي عملية سياسية أوروبية طوعية رفيعة المستوى للحوار والتعاون بشأن سياسات الغابات في أوروبا، كما أنها تضع استراتيجيات وخطوطًا توجيهية مشتركة للأطراف الموقعة عليها وعددها 47 طرفًا (46 بلدًا أوروبيًا والاتحاد الأوروبي) حول كيفية حماية غاباتها وإدارتها على نحو مستدام.
◂ في ديسمبر/كانون الأول 2019، اعتمد مجلس الاتحاد الأوروبي إطار عمل لتصعيد إجراءات الاتحاد الأوروبي لحماية غابات العالم وإصلاحها (المجموعة الأوروبية، 2019أ). ولهذا الإطار خمس أولويات لصون الغابات العالمية ذات التنوع البيولوجي المتنوع وإدارتها على نحو مستدام. وهو يسلّط الضوء على المساهمة التي ستقدمها هذه الإجراءات في تنفيذ الاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف المتعلقة بالغابات، كما في عكس اتجاه إزالة الغابات.
◂ تشجّع منظمة معاهدة التعاون في منطقة الأمازون صون الموارد الحرجية واستخدامها على نحو مستدام في بلدان حوض الأمازون، فيستفيد من بعض الأنشطة بصورة غير مباشرة التنوع البيولوجي الحرجي. ويؤكد ميثاق ليتيسيا للأمازون (ميثاق ليتيسيا، 2019) الذي وقّعت عليه في عام 2019 الإكوادور والبرازيل ودولة بوليفيا المتعددة القوميات وبيرو وسورينام وغيانا وكولومبيا، على التعاون الإقليمي والعمل المنسّق لتقييم الغابات والتنوع البيولوجي ومكافحة إزالة الغابات وتدهورها ومكافحة الأنشطة غير المشروعة والحيلولة دون نشوب الحرائق وغيرها من الكوارث، بالإضافة إلى مبادرات الإصلاح والتأهيل وإعادة التحريج.
كثيرًا ما يكون فقدان التنوع البيولوجي أو صونه ناجم عن السلوك البشري. لذا، تتطلّب الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية قيمًا ومواقف وسلوكيات بشرية تشجّع الصون وتنظر إلى الإنسان كجزء من الطبيعة وإلى الطبيعة على أنها مرتبطة برفاه الإنسان (Saunders و Brook وMeyers، 2006؛ St. John و Edwards-Jones وJones، 2010؛ Verissimoاا، 2013).
وللأسف، مع أن الجمهور أصبح على إدراك متزايد للقضايا البيئية، إلاّ أن معظمه لا يشارك بشكل نشط في السلوكيات التي تدعم مستقبلًا أكثر استدامة (Bickford وآخرون، 2012). وينبغي أن تحفّز تدخلات الصون الفعالة تغيير السلوك، وذلك يتطلب فهمًا لكيفية ترجمة المواقف المحددة تجاه الطبيعة إلى أفعال وكيف يمكن للسلوكيات البشرية أن تُترجم إلى نتائج إيجابية على صعيد التنوع البيولوجي (Verissimoا، 2013).
تعزيز محو الأمية البيئية. يمكن أن يوفر محو الأمية البيئية أساسًا لتحقيق صون التنوع البيولوجي والإدارة المستدامة للغابات، ويمكن تعزيزه من خلال التعليم والتواصل القائم على الأدلة (McKeownا، 2002). وينبغي أن يركز النهج الجديد للتعليم لتحقيق الاستدامة على التفكير النقدي والمبادئ المتكاملة واستخدام المهارات المكتسبة لتحويل المعرفة إلى عمل (Schelley وآخرون، 2012). ويرتكز محو الأمية البيئية في أحيان كثيرة على الاختبار المباشر للطبيعة، بما في ذلك المشاركة في أنشطة في الهواء الطلق تركّز على البيئة وفي الإدارة التكيفية (Saunders و BrookوMeyers، 2006؛ Bickford وآخرون، 2012). وتقوم المدارس الحرجية ببثّ روح التقدير للطبيعة وتقدير قيمتها في سنّ مبكرة (O’Brien و Murrayا، 2007).
وتتمثل إحدى طرق تعزيز محو الأمية البيئية في البرامج العلمية للمواطنين التي تشرك الجمهور في جمع البيانات أو القيام بدراسات إيكولوجية، مثلاً من خلال تشجيع انخراط المجتمعات المحلية التي تعيش بالقرب من مناطق محمية أو في مواقع مهددة بالأنواع الغازية (الإطار 55). ويمكن للعلماء التعاون مع المنظمات الشعبية والشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية على تصميم برامج تنقل المعرفة بالنظم الإيكولوجية المحلية وتزيد فهم مسائل الصون وتمكّن أصحاب المصلحة المحليين من اتخاذ قرارات مستنيرة (Bickford وآخرون، 2012).
على الصعيد العالمي، يتعرض العديد من الغابات باستمرار لتفشي شديد للأنواع الغريبة الغازية، ما قد تكون له آثار بيئية واجتماعية وثقافية هائلة. ويتزايد خطر الأنواع الحرجية الغريبة الغازية مع تزايد التجارة والسفر في العالم، ويتفاقم بفعل آثار تغير المناخ. وتتطلب إدارة الأنواع الغريبة الغازية وتجنب إدخال أنواع جديدة يُعرف أنها يمكن أن تصبح غازية جهودًا منسقة من العديد من الجهات الفاعلة، على الصعُد الوطنية والإقليمية والعالمية.
ويهدف برنامج الأمن البيولوجي في نيوزيلندا لعام 2025 إلى استحداث حركة تغيير يصبح بها كل مواطن وكل عمل تجاري وكل منظمة في البلد مديرًا لمخاطر الأمن البيولوجي. ويسلّط البرنامج الضوء على الدور الحيوي لاشتمال ومشاركة الجميع لجعل نظام الأمن البيولوجي الوطني أكثر قدرة على الصمود وأكثر تركيزًا على المستقبل لحماية البلاد من الآفات والأمراض.
وتنظر المملكة المتحدة وآيرلندا الشمالية في إمكانية اعتماد الاستراتيجية ذاتها. ويدعو تقرير صادر عن لجنة المراجعة البيئية في البلاد، مشيرًا إلى خطط نيوزيلندا، إلى تدريب 000 150 شخص في مجال الأمن البيولوجي بحلول عام 2025 (الأمن البيولوجي في نيوزيلندا، 2018) ويدعو المملكة المتحدة إلى أن توسّع بقدر كبير نهجها في المشاركة العامة في المعركة ضد الأنواع غير المحلية الغازية، التي تعتبر إحدى أكبر خمسة تهديدات للبيئة الطبيعية في المملكة المتحدة وآيرلندا الشمالية. ولا تتحدى الأنواع غير المحلية الغازية بقاء بعض أكثر الأنواع ندرة في البلاد فحسب، بل إنها أيضًا تلحق ضررًا بالنظم الإيكولوجية الطبيعية، ما يكلف الاقتصاد ما يقدر بنحو 1.7 مليارات جنيه إسترليني (أكثر من 2.2 مليار دولار أمريكي) سنويًا. فمثلًا، بوسع يرقات جادوب البلوط (Thaumetopoea processionea) تعرية أشجار البلوط، كما تشكّل أيضًا خطرًا على صحة الإنسان، بينما يهدد سقام شجرة الدردار الناجم عن فطر Hymenoscyphus fraxineus، بالتسبب في فقدان نصف أشجار الدردار الأصلية في البلاد في غضون قرن من الزمن، ما قد يكلف البلاد 15 مليار جنيه إسترليني (ما يقرب من 20 مليار دولار أمريكي). وتسعى اللجنة إلى تعليم 1.3 ملايين شخص كيفية اكتشاف تفشي الأنواع الغريبة الغازية، وتدعو أيضًا إلى إنشاء قوة حدودية مختصة لتحسين الأمن البيولوجي على الحدود الوطنية.
المصدر: RNZ (2019).
وقد يمكّن تبادل قصص النجاح التي تحتفي بالصون الفعال الناس ويعزز العمل من خلال تبيان ما يمكن تحقيقه وكيفية ذلك (Nadkarniا، 2004؛ Saunders و BrookوMeyersا، 2006؛ Garnett وLindenmayerا، 2011) (أنظر المثال في الإطار 56). وقد جرت العادة على إطلاع الجمهور على تجارب الصون عن طريق وسائط الإعلام، لكن غالبًا ما يفتقر هذا النوع من التواصل إلى التفاصيل والدقة (Nadkarniا، 2004). ويمكن للعلماء والباحثين والقادة الدينيين وأنصار صون البيئة التواصل مع الجمهور بطرق أخرى كثيرة إلى جانب وسائل الإعلام العامة، مثلًا عبر العمل كسفراء للمعرفة. ويمكن أن يساعد المؤثرون والمشاهير في الوصول إلى جمهور أكبر، خاصة بين جيل الشباب (Galetti وCosta-Pereira، 2017) (أنظر المثال في الإطار 57). وقد يكون التواصل مفيدًا تبعًا للجمهور من خلال القصص والاستعارات ومواءمة الرسالة التي يراد إيصالها مع الأيديولوجيات أو المعتقدات الروحية والدينية للجمهور. ويوفر التواصل مع الجمهور منافع متبادلة: فالجمهور يكتسب الوعي بالقضايا البيئية وقضايا الاستدامة، ويكتسب الممارسون والمجتمع العلمي منظورات جديدة يمكن أن تساعد في تشكيل العمل والمسائل البحثية وأدوات السياسات ودعم القرارات.
مدن الأشجار في العالم (Tree Cities of the World) هو جهد دولي، تروج له منظمة الأغذية والزراعة ومؤسسة آربور داي Arbor Day في الولايات المتحدة الأمريكية، للتنويه بالمدن والبلدات الملتزمة بالحفاظ على غاباتها وأشجارها وإدارتها على نحو مستدام والاحتفاء بها. وللحصول على التنويه، يتعين أن تستوفي المدينة أو البلدة خمسة معايير أساسية:
◂ تحديد الصلاحيات: أن يكون لدى المجتمع المحلي بيان خطي من قادة المدينة يفوّض مسؤولية رعاية الأشجار ضمن حدود البلدية إلى موظف أو إدارة من إدارات المدينة أو مجموعة من المواطنين (مجلس معني بالأشجار).
◂ وضع القواعد: أن يتبنى المجتمع المحلي لإدارة الأشجار والغابات الحضرية سياسات أو ممارسات فضلى أو معايير متعارف عليها تصف كيفية أداء العمل وأين ومتى تنطبق القواعد والعقوبات في حالات عدم الامتثال.
◂ تعرّف على ما لديك: أن يكون لدى المجتمع المحلي جرد أو تقييم محدّث لموارد الأشجار المحلية، ما يجعل بالإمكان وضع خطة فعّالة طويلة الأجل خاصة بالأشجار في المدينة ورعايتها وإزالتها.
◂ تخصيص الموارد: أن تكون لدى المجتمع المحلي ميزانية سنوية مخصصة للتنفيذ الروتيني لخطة إدارة الأشجار.
◂ الاحتفال بالإنجازات: أن يقيم المجتمع المحلي احتفالًا سنويًا يحتفي بالأشجار لتوعية السكان والإعراب عن التقدير للمواطنين والموظفين الذين ينفّذون برنامج أشجار المدينة.
تدعو حملة “البرية لأجل الحياة” (https://wildfor.life) التي أنشأها برنامج الأمم المتحدة للبيئة وشركة Futerra في عام 2016، لزيادة الوعي العالمي وتعبئة طاقات ملايين الناس، لا سيما الشباب، لدعم حماية الأنواع المهددة بالانقراض والدعوة إلى إنهاء الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية.
وتهدف حملة البرية لأجل الحياة إلى جعل المسألة شخصية: إعطاء اسم ووجه لهذه الأنواع المهددة بالانقراض. ولتحقيق هذا الارتباط الشخصي، تتضمن الحملة اختبار شخصية عبر الإنترنت يعين نوعًا من الأنواع كنسيب لكل شخص أكمل الاختبار بناءً على خصائص وسلوكيات مميزة. ثم يُدعى المستخدمون إلى التقاط صورة سيلفي WildforLife# تجمع بين صورة المستخدم والنوع النسيب ونشر الصورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد شاركت في الحملة 25 من وكالات الأمم المتحدة والوكالات الحكومية والجمعيات الخيرية ووسائط الإعلام، بما في ذلك البنك الدولي والإنتربول ومعهدJane Goodall ، وشركة Rovio Entertainmen (مبتكرة امتياز Angry Birds). كما يدعم الحملة أكثر من 35 من المشاهير والمؤثرين وسفراء النوايا الحسنة الذين أعطى كل منهم وجهه واسمه لنوع مهدد بالانقراض.
وقد وصلت الحملة إلى أكثر من مليار شخص، من بينهم ما يقرب من 330 مليون شخص في الصين، وهي السوق الرئيسية المستهدفة. والأهم من ذلك، حصل عدد من الأنواع التي ظهرت في الحملة على دعم عالمي أكبر في عملية اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض، وأعلنت الصين حظرًا تامًا على تجارة العاج بحلول نهاية عام 2017.
ويمكن أن يعزى نجاح الحملة إلى ما يلي:
◂ القيادة من خلال مثال إيجابي، مع التركيز على حب الناس للطبيعة والأنواع المهددة بالانقراض وارتباطهم بها؛
◂ عرض المشكلة على أنها قابلة للعمل عليها وقابلة للحل، ما يشير إلى أن هذه معركة يمكن كسبها بمشاركة الجمهور؛
◂ استحداث هوية جديدة جذابة وبطولية ومؤثرة بصريًا.
يعتمد تخطيط التنوع البيولوجي واتخاذ القرارات بشأنه في السياقات المتغيرة على المعرفة والمعلومات الدقيقة. وما تزال المعرف المتصلة بالتنوع البيولوجي الحرجي على مستوى المجموعات والأنواع والجينات محدودة، بالنسبة إلى النباتات والحيوانات على حدٍّ سواء. غير أن جهدًا كبيرًا يبذل لمعالجة الثغرات في هذا المجال.
ومن الضروري قياس المعلومات المتعلقة بالغابات والإبلاغ عنها بدقة وكفاءة وفعالية من حيث التكلفة للعديد من العمليات الدولية ولأهداف التنمية المستدامة وكأساس لتيسير تحسين إدارة الغابات سعيًا إلى خفض إزالة الغابات وتحقيق التنمية المستدامة. ومع توفر أدوات جديدة (الإطار 58)، أصبح الآن بوسع البلدان التي كانت في السابق تفتقر إلى القدرة على جمع البيانات اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة أن تحصل على معلومات واسعة النطاق وتحللها بأقل قدر من الموارد والتدريب (أنظر المثال في الإطار 59).
Open Foris (www.openforis.org) هي مجموعة مبتكرة يمكن الوصول إليها بسهولة من منصات وأدوات رصد الغابات طورتها منظمة الأغذية والزراعة لتمكين المستخدمين في مختلف أنحاء العالم من جمع المعلومات وتحليلها باستقلال ذاتي وإطلاع المجتمع الدولي عليها. وهذه الأدوات سهلة الاستخدام وبديهية لا تتطلب مهارات مسبقة، كما أنها مجانية ومفتوحة المصدر.
وقد لعبت Open Foris دورًا حاسمًا في الجهود الرامية إلى مكافحة إزالة الغابات من خلال خفض التكاليف وإزالة الحواجز أمام جمع وتحليل البيانات وتحسين رصد الغابات لصالح العديد من الحكومات الوطنية.
وتتضمن Open Foris نظام تيسير الوصول إلى بيانات رصد الأرض ومعالجتها وتحليلها لأغراض رصد الأراضي وهو منصة لمعالجة البيانات الضخمة تجمع بين قوة الحوسبة العملاقة وبرمجيات لمعالجة البيانات الجغرافية والمكانية المفتوحة المصدر وبنى تحتية للبيانات الجغرافية والمكانية الحديثة، مثل محرك غوغل إيرثGoogle Earth ، لتمكين الباحثين والفنيين في أي مكان في العالم من الوصول إلى صور الأقمار الاصطناعية وتحليلها والحصول على نتائج ذات صلة بالواقع المحلي يمكن الاستناد إليها في عملية صنع القرارات.
بابوا غينيا الجديدة مركز معروف جيدًا للتوطّن البيولوجي وتعدد الأنواع. ورغم اتساع غاباتها وحجمها وتنوعها الغني، إلاّ أنها غير معروفة من وجهة نطر علمية. ولتحسين المعرفة بالتنوع البيولوجي لغابات البلاد، وسّعت الحكومة نطاق الجرد الوطني للغابات ليشمل نباتات من غير الأشجار والطيور والحشرات (العث وذباب الفاكهة والنمل)، بالإضافة إلى الكتلة الأحيائية للأشجار وتنوع أنواع الأشجار والخصائص الكيميائية والفيزيائية للتربة.
ونادرًا ما تتضمن قوائم الجرد الوطنية للغابات تفاصيل عن التنوع البيولوجي بسبب صعوبة تقييمه. وتقوم بابوا غينيا الجديدة بجمع هذه المعلومات وتسجيلها وتحليلها باستخدام أدوات Open Foris التي وضعتها منظمة الأغذية والزراعة لرصد الغابات واستخدام الأراضي (أنظر الإطار 58)، بما في ذلك Collect Earth الذي يستخدم بيانات من Google Earth بالتعاون مع خرائط Bing ومحرك Google Earth. ويمكن استخدام هذه الأدوات بعد تدريب مدته يوم أو يومان فقط، وهي تمكّن الباحثين الوطنيين من إجراء بحوث تتعلق بالتنوع البيولوجي الضروري لدعم وضع خطط وسياسات مناسبة لإدارة الغابات. وقد أكمل تسعة طلاب بحوثًا في مجال الدراسات العليا في مواضيع تتعلق بالجرد الوطني للغابات.
جمع المعلومات للجرد الوطني للغابات، بابوا غينيا الجديدة
©FAO/Hitofumi Abeوتتسم البيانات المستشعرة عن بعد (أنظر الإطار 60)، إلى جانب البيانات الأرضية، بقيمة بالغة من أجل تتبع حالة الموارد الطبيعية الموجودة على وجه الأرض واتجاهاتها. وكما يتضح من العديد من الدراسات المعروضة في هذا التقرير، زادت التطورات التكنولوجية الحديثة العهد في مجال صور الأقمار الاصطناعية والأدوات ذات الصلة بشكل كبير القدرة على جمع كميات هائلة من البيانات وتحليلها.
ما تزال عملية رصد التنوع البيولوجي للغابات الموجودة على كوكب الأرض باستخدام البيانات المستمدة من أجهزة الاستشعار التي تنقلها الأقمار الاصطناعية مستمرة منذ سنوات عديدة، وتحدث على مستويات متنوعة من التعقيد وعلى نطاقات مختلفة. وتجري بعض قياسات التنوع البيولوجي بصورة مباشرة (كأن تستمد فقط من المعلومات التي يتم الحصول عليها من الأقمار الاصطناعية)، بينما يجري معظمها بصورة غير مباشرة باستخدام ظواهر يمكن رصدها في صور الأقمار الاصطناعية كبدائل للتنوع البيولوجي والتغيرات التي يشهدها على أرض الواقع. ورغم وجود أمثلة من الأدبيات العلمية استُخدم فيها الاستشعار عن بعد لتحديد الحيوانات وتعدادها في الصور، يركّز هذا القسم إلى حدٍّ كبير على استخدام صور الأقمار الاصطناعية لتصنيف الغطاء النباتي في ما يتعلق مباشرة بالتنوع البيولوجي الحرجي وأيضًا كمتغيّر بديل لأنواع أخرى من التنوع.
إن الأقمار الاصطناعية لمراقبة الأرض، في أبسط صورها، مفيدة للغاية في رصد حالة الغطاء الأرضي واتجاهاته (كالخصائص البيولوجية والفيزيائية لسطح الأرض). ومنذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، لا تزال الأقمار الاصطناعية التي أُطلقت خصيصًا لغرض قياس الغطاء الأرضي ورصده توفر بيانات تتيح تحديد كمية الغطاء الشجري وتوزيعه وديناميكياته. ويمكن استخدام هذه البيانات لتقدير التغيرات في الغطاء الشجري مع مرور الزمن في أي منطقة من المناطق. ويمكن بالتالي استخدامها لوصف عدد من أهم العوامل التي تؤثر على التنوع البيولوجي، بما في ذلك وجود غطاء شجري أو دعم وجوده، ومساحته الإجمالية (تعني بالإجمال الزيادة في هذه المساحة زيادة في التنوع البيولوجي) وتغير الغطاء الشجري (لأن إزالة الغابات كثيرًا ما تؤدي إلى انخفاض التنوع البيولوجي، وقد تؤدي إعادة التحريج إلى زيادة التنوع).
غير أن تقدير التنوع التصنيفي للغابات بواسطة بيانات الأقمار الاصطناعية أكثر تعقيدًا من مجرد وجود الغابات والغطاء الشجري أو غيابها أو تغيرها. فهو كثيرًا ما ينطوي على ربط المشاهدات بالأقمار الاصطناعية بالمشاهدات الميدانية للتنوع البيولوجي. وفي معظم الحالات، يحوّل معامل الانعكاس الذي يقاس على سطح الأرض إلى مجموعة من المؤشرات الطيفية. ويتصل كل مؤشر طيفي بطريقة ما بحالة الغطاء النباتي، مثلًا من حيث محتوى الرطوبة والسلوك من حيث التمثيل الضوئي والنسبة المئوية للغطاء الحرجي. ويمكن لهذه المؤشرات أن توفر كمية من المعلومات المتنوعة أكثر مما يمكن الحصول عليه من القيم الانعكاسية وحدها، ويمكن أن تساعد في توصيف وظيفة النبات وصحته ونشاطه وغير ذلك من البارامترات الرئيسية. ويمكن بعد ذلك ربط هذه البارامترات بالمشاهدات الأرضية لتجمعات الأنواع. وحالما تحدد علاقة كهذه، يمكن رسم خرائط لتجمعات النباتات عبر نطاقات مكانية واسعة، من البلد إلى المنطقة وحتى إلى العالم بأسره.
ويتخذ رسم خرائط توزيع الأنواع باستخدام الاستشعار عن بعد شكلين اثنين: غير مباشر ومباشر. ويمكن تحسين رسم خرائط التوزيع غير المباشر للأنواع من خلال إدراج بيانات استشعار عن بعد إضافية، مثلًا من أجهزة مراقبة الطقس والمناخ، وغيرها من البيانات المتوفرة كبيانات عن الارتفاع والتضاريس (التي يمكن أيضًا أن تستمد من البيانات المستشعرة عن بعد). ويسمح الجمع بين بيانات مستمدة من مصادر متعددة بالتنبؤ بموعد ومكان تلبية متطلبات النمو الخاصة بالنباتات وإعداد نماذج لمدى انتشار الأنواع النباتية في مناطق واسعة. وبالإمكان رسم الخرائط المباشرة للأنواع من خلال رصد واكتشاف السمات النباتية من صور الأقمار الاصطناعية، مثلًا من خلال قياس ارتفاع الغطاء النباتي (مثلًا للتمييز بين الأنواع الطويلة والأنواع القصيرة)، وتتبع حالة وجود أوراق/عدم وجود أوراق (مثلًا، لتحديد الأشجار الدائمة الخضرة والأشجار المتساقطة الأوراق) ومراقبة أحداث الإزهار الجماعية (مثلًا لتتبع الأنواع ضمن الغابات الاستوائية أو غابات المناطق المعتدلة). وفي الآونة الأخيرة، أتاح الاستشعار عن بعد فوق الطيفي (مثلًا الاستشعار عن بعد لمئات من موجات الضوء المحددة) اكتشاف أنواع الأشجار المفردة ضمن الغابات استنادًا ببساطة إلى التوقيع الطيفي الفريد لكل نوع.
وأخيرًا، يمكن للأقمار الاصطناعية أن تقيس بارامترات هامة متعلقة بوظيفة النظم الإيكولوجية الواسعة النطاق، فتوفّر بالتالي صورة عن التغيرات الحاصلة في مناطق واسعة لها تأثير كبير على التنوع البيولوجي الحرجي. ويمكن مثلاً للأقمار الاصطناعية أن تكشف تلف الأشجار، وتجدد الأنواع، وأنماط هطول الأمطار، وغير ذلك من المتغيرات الحاسمة الأهمية في توصيف التنوع البيولوجي، ويمكن استخدام هذه المعلومات لقياس التغيرات في وظيفة النظام الإيكولوجي ورصدها والتنبؤ بها، وبالتالي التنوع البيولوجي.
ويعِد الجيل القادم من الأقمار الاصطناعية بأن يكون أكثر فائدة حتى في توفير القياسات التي يمكن أن تتعلق مباشرة بالتنوع البيولوجي الحرجي، بما في ذلك عمليات الرصد المباشرة الدقيقة لارتفاع الأشجار وخصائص الغطاء الحرجي ووظيفة النبات. وستواصل التكنولوجيا المتطورة بشكل مستمر، مصحوبة ببيانات ميدانية أكثر وأفضل، وفي ظل الاستخدام المتزايد للمركبات الجوية من دون طيار (الطائرات المسيّرة)، تعزيز قدرتنا على اكتشاف التنوع البيولوجي ورصده.
ومن المجالات الهامة لإحراز مزيد من التقدم وضع وتطبيق مؤشرات لرصد التنوع البيولوجي. ومن الأمثلة على ذلك دراسة التجزئة في الفصل الثاني (سلامة الغابات وتجزئتها، الصفحة 25) ومؤشر فريق الخبراء المعني بالغابات (قياس قياس توجهات مجموعة الفقاريات الحرجية، الصفحة 46) ودراسة أهمية التنوع البيولوجي وسلامته (تقييم التنوع البيولوجي الحرجي، الصفحة. 41) في الفصل الثالث. وترد أمثلة أخرى في الإطارين 61 و62.
في مواجهة التوسع الحضري السريع (الأمم المتحدة، 2018ب)، ينبغي توسيع نطاق صون التنوع البيولوجي ليشمل المدن التي قد تتمتع بتنوع بيولوجي غني (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2012ب). وفي عام 2008، خلال الاجتماع التاسع لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي، اقترحت سنغافورة أن تتولى قيادة عملية وضع مؤشر للتنوع البيولوجي من أجل تتبع فعالية مبادرات صون التنوع البيولوجي في المدن.
ويتكوّن مؤشر سنغافورة للتنوع البيولوجي في المناطق الحضرية، الذي وضعته أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي وسنغافورة والشراكة العالمية بشأن العمل المحلي ودون الوطني لتحقيق التنوع البيولوجي، من عناصر ثلاثة. فهو يقيس التنوع البيولوجي المحلي الموجود في المدينة أو منطقة التقييم؛ وخدمات النظام الإيكولوجي الذي يقدمه؛ والممارسات المطبقة لحوكمة وإدارة التنوع البيولوجي (الجدول ألف). ويتضمن دليل المستخدم (Chan وآخرون، 2014) تفاصيل حول كيفية تطبيقه.
وبحلول عام 2018، كانت أكثر من 30 مدينة في ست قارات قد طبّقت مؤشر سنغافورة للتنوع البيولوجي في المناطق الحضرية (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2018ج) (الشكل ألف).
وللمؤشر استخدامات بالغة التعدد، مثلًا في التخطيط الرئيسي للمدن أو المناطق أو المشاريع؛ وفي صنع القرار وتحديد أولويات تخصيص الموارد؛ وكمكمّل للمؤشرات الأخرى للاستدامة البيئية أو تلك المتعلقة بالأداء؛ وللمساهمة في وضع خطوط توجيهية لإعداد استراتيجيات محلية للتنوع البيولوجي.
زراعة متعدّدة الطبقات لأنواع مختلفة منالأشجار على طول طريق مانداي في سنغافورةعلى شكل هيكلية غابات استوائية مطيرة فيالأراضي المنخفضة بما يخفض درجات الحرارةالسائدة؛ وتوفير موائل وروابط إيكولوجيةلمجموعة الحيوانات بما في ذلك الرئيسات وصغارالثدييات والطيور والفراشات؛ واحتباس الكربونوتخزينه؛ وربط الأشخاص بالطبيعة بما يحسّنرفاهيتهم الجسدية والنفسية والعقلية.
©Lena Chanإنّ تقييم الموائل باستخدام مؤشرات التنوع البيولوجي هو طريقة قائمة على العلم وفعّالة من حيث التكلفة لقياس سلامة النظم الإيكولوجية الحرجية ودعم القرارات المتعلقة بالحفاظ على التنوع البيولوجي وضمان توفير خدمات النظام الإيكولوجي من خلال الإدارة المستدامة. وبما أن كمية المياه ونوعيتها (بما في ذلك حمولة المياه من الرواسب وكيميائها ودرجة حرارتها) تتأثر بالتغيرات في الغطاء الشجري وإدارة الغابات، تقدم المؤشرات البيولوجية للمياه العذبة صورة جيدة عن التغيرات في سلامة النظام الإيكولوجي المشاطئ مع مرور الوقت.
وعلى العموم، تنظر أدوات تقييم الموائل المشاطئة في العديد من السمات المتصلة بالتنوع البيولوجي، بما في ذلك وجود الأنواع النباتية والحيوانية و/أو غيابها و/أو وفرتها، ونوعية المياه، وأنواع النباتات، وهيكل الغطاء النباتي للضفاف والتعديلات على القنوات والضفاف. وينبغي لهذه الأدوات أن تكون سهلة الاستعمال وقابلة للتكيّف مع أنواع النظم الإيكولوجية المختلفة وألّا تتطلب مستوىً عالٍ من الخبرة. وهي تستخدم الآن كجزء من مبادرات الرصد القائمة على مشاركة المواطنين في الأبحاث العلمية (Gurnell وآخرون، 2019). ومن الأمثلة على ذلك مسح الموائل النهرية في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية، والتقييم البيولوجي السريع الذي تقوم به وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة، وأداة الاستهداف الأزرق التي طورها الصندوق العالمي للطبيعة في السويد بالتعاون مع روابط مالكي الغابات في السويد.
ويستخدم أصحاب الحيازات الحرجية الصغيرة في السويد أداة الاستهداف الأزرق لتحديد عرض المنطقة العازلة المشاطئة اللازمة لحماية المياه الداخلية، لا سيما الأنهار الصغيرة. وتتكون هذه الأداة من صفحتين تتضمنان مسحًا تقييميًا سريعًا باستخدام أسئلة ثنائية (نعم/لا) استنادًا إلى بارامترات علمية ونظام لتسجيل الدرجات (Henriksenا، 2018). وتشمل قيم الصون المدرجة في الأداة الموائل/الأنواع الخاصة، والمسطحات المائية، والمناطق المشاطئة؛ والأثر البشري، بما في ذلك التعديلات على مجاري المياه؛ ومدى تأثر التربة، بما في ذلك الطوبوغرافيا ومخاطر التآكل؛ والقيمة المضافة، كالترفيه وإنتاج الغذاء والقيمة الثقافية والإصلاح. وبناءً على نتائج المسح، تُصنّف المسطحات المائية ضمن أربع فئات وفقًا لاحتياجاتها من الصون:
◂ تلك التي يمكن فيها تنفيذ الأنشطة الحرجية على مسافة قريبة من المياه إلى حدٍّ ما؛
◂ وتلك التي تتطلب منطقة عازلة مشاطئة أكبر حجمًا؛
◂ وتلك التي تتطلب إجراءات صون خاصة، كإزالة الحواجز أمام الهجرة أو إصلاح المناطق العازلة المشاطئة أو الموائل أو ظروف المورفولوجيا المائية؛
◂ وتلك التي تتطلب أوسع منطقة مشاطئة ممكنة، حيث ينبغي أن تولي عمليات الحراجة اعتبارًا كبيرًا للمياه.
وجرى تكييف أداة الاستهداف الأزرق نظرًا لفعاليتها وبساطتها مع بلدان أخرى (Eriksson وآخرون، 2018)، بما في ذلك فنلندا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا، ويجري حاليًا تكييفها لاستخدامها في البرازيل، بالتعاون مع جامعة ساو باولو والجامعة الاتحادية Federal University of ABCا (Taniwaki وآخرون، 2018).
تعدّ الغابات، على نحو ما يظهره هذا التقرير، موائل شديدة التنوع تستضيف الغالبية العظمى من التنوع البيولوجي على سطح الأرض. وتنوع النظم الإيكولوجية الحرجية هذا، والأنواع والمواد الوراثية فيها يدعم الحياة على وجه الأرض.
وتتباين علاقة الإنسان بالتنوع البيولوجي الحرجي بين المناطق والبلدان والمناطق الإيكولوجية، وعلى امتداد السلسلة من الأرياف إلى المدن؛ لكن لدى معظم المجتمع البشري بعض القدر من التفاعل مع الغابات والتنوع البيولوجي الذي تحتويه. ويعتمد مليارات الناس على الغابات من أجل كسب عيشهم وأمنهم الغذائي ورفاههم. ويستخدم ما يقدّر بنحو 2.4 مليارات نسمة الطاقة القائمة على الأخشاب لأغراض الطهي. ودور الغابات والأشجار في التخفيف من تغير المناخ وتنظيم إمدادات المياه وتوفير الظل ومصدّات الرياح والعلف وتوفير الموائل للعديد من الملقحات يجعلها ضرورية لإنتاج الأغذية المستدامة.
إن صون الغابات والأشجار واستخدامها المستدام في إطار نهج متكامل للمشاهد الطبيعية، على امتداد السلسلة الكاملة من الغابات السليمة إلى المزارع الحرجية إلى الأشجار في نظم الحراجة الزراعية والحقول الزراعية والأراضي المتدهورة، أساسي لصون التنوع البيولوجي في العالم والأمن الغذائي ورفاه الشعوب. لذا، من الضروري إدماج صون التنوع البيولوجي في إدارة الغابات وتوسيع نطاق الأمثلة الإيجابية العديدة المبينة في هذه الوثيقة.
ومع ذلك، لكن يكون هذا كافيًا لوحده. فاستنادًا إلى المعلومات التي تمّ جمعها لغرض إعداد هذا التقرير، من الواضح أن معظم الأهداف والمقاصد المتعلقة بالتنوع البيولوجي الحرجي لم تتحقق وأن أهداف التنمية المستدامة ذات الصلة ليست في سبيلها إلى التحقيق بحلول عام 2030. ومن الواضح أيضا أن الاتجاهات السلبية الحالية في التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية ستوهن التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وبالنظر إلى أن التوسع الزراعي هو القوة الدافعة الرئيسية لإزالة الغابات، يتمثل التغير التحولي الأكبر اللازم في تغيير طريقة إنتاجنا للأغذية واستهلاكنا لها، إذ يجب أن نبتعد عن الحالة الراهنة التي يؤدي فيها الطلب على الأغذية إلى ممارسات زراعية غير ملائمة تدفع إلى تحويل الغابات على نطاق واسع إلى الإنتاج الزراعي، ما يتسبب في فقدان التنوع البيولوجي المتعلق بالغابات. واعتماد الحراجة الزراعية وممارسات الإنتاج المستدام، وترميم إنتاجية الأراضي الزراعية المتدهورة، وتبني نظم غذائية أكثر سلامة، وخفض الفاقد والمهدر من الأغذية، كلها إجراءات يتعين تعميمها على نطاق أوسع. ويجدر بالأعمال التجارية الزراعية أن تفي بالتزاماتها تجاه اعتماد سلاسل للسلع الأساسية لا تنطوي على أي إزالة للغابات، وينبغي للشركات التي لم تتعهد بالتزامات بالقضاء على إزالة الغابات أن تبادر إلى ذلك. كما ينبغي للمستثمرين في مجال السلع الأساسية أن يعتمدوا نماذج تجارية مسؤولة بيئيًا واجتماعيًا. وستتطلب هذه الإجراءات، في كثير من الحالات، مراجعة السياسات الحالية، خاصة السياسات الضريبية والأطر التنظيمية.
ومن الناحية الإيجابية، هناك تسليم متزايد بدور الغابات كحل قائم على الطبيعة للعديد من تحديات التنمية المستدامة، كما يتجلى من خلال تعزيز الإرادة السياسية وفي سلسلة من الالتزامات بخفض معدلات إزالة الغابات وترميم النظم الإيكولوجية الحرجية المتدهورة. ويجب أن نبني على هذا الزخم للحفز على اتخاذ إجراءات جريئة تحول دون فقدان الغابات وتنوعها البيولوجي ومنع حدوثه، لا بل عكس اتجاهه لصالح أجيال الحاضر والمستقبل.
ADB. 2016. Illicit trade in natural resources in Africa — A forthcoming report from the African Natural Resources Center. Abidjan. [متاح أيضًا على الرابط https://www.afdb.org/fileadmin/uploads/afdb/Documents/Events/IFF/Documents_IFF/ANRC_ILLICIT_TRADE_IN_NATURAL_RESOURCES.pdf].
AFR100. n.d. Home [النسخة الإلكترونية]. Midrand, South Africa.[ورد ذكره في 18 ديسمبر/ كانون الأوّل 2019]. https://afr100.org/
African Union. n.d. Agenda 2063: The Africa we want. In: African Union ا[النسخة الإلكترونية]. أديس أبابا. [ورد ذكره في 13 يناير/ كانون الثاني 2020]. https://au.int/en/agenda2063/overview
Agrawal, A., Chhatre, A., & Hardin, R. 2008. Changing governance of the world’s forests. Science, 320(5882): 1460–1462.
Aguilar, R., Quesada, M., Ashworth, L., Herrerias-Diego, Y. & Lobo, J. 2008. Genetic consequences of habitat fragmentation in plant populations: susceptible signals in plant traits and methodological approaches. Molecular Ecology, 17: 5177–5188.
Ahenkan, A. & Boon, E. 2011. Improving nutrition and health through non-timber forest products in Ghana. Journal of Health, Population and Nutrition, 29(2): 141–148.
Alix-Garcia, J., Sims, K.R. & Yañez-Pagans, P. 2015. Only one tree from each seed? Environmental effectiveness and poverty alleviation in Mexico’s payments for Ecosystem Services Program. American Economic Journal: Economic Policy, 7(4): 1–40.
Alix-Garcia, J., McIntosh, C., Sims, K., & Welch, J. 2013. The ecological footprint of poverty alleviation: Evidence from Mexico’s Oportunidades Program. The Review of Economics and Statistics, 95(2): 417–435.
Alkire, S. & Santos, M.E. 2014. Measuring acute poverty in the developing world: robustness and scope of the multidimensional poverty index. World Development, 59: 251–274.
Andam, K.S., Ferraro, P.J., Pfaff, A., Sanchez-Azofeifa, G.A. & Robalino, J.A. 2008. Measuring the effectiveness of protected area networks in reducing deforestation. PNAS, 105(42): 16089–16094.
Angelsen, A., Jagger, P., Babigumira, R., Belcher, B., Hogarth, N.J., Bauch, S., Börner, J., Smith-Hall, C. & Wunder, S. 2014. Environmental income and rural livelihoods: a global-comparative analysis. World Development, 64: S12–S28.[النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 3 يناير/ كانون الثاني 2020]. https://doi.org/10.1016/j.worlddev.2014.03.006
Anup, K.C. 2017. Community forestry management and its role in biodiversity conservation in Nepal. In G.A. Lameed, ed. Global exposition of wildlife management [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 3 يناير/ كانون الثاني 2020]. https://www.intechopen.com/books/global-exposition-of-wildlife-management/community-forestry-management-and-its-role-in-biodiversity-conservation-in-nepal
Azevedo, A.A., Rajão, R., Costa, M.A., Stabile, M.C.C., Macedo, M.N., Dos Reis, T.N.P., Alencar, A., Soares-Filho, B.S. & Pacheco, R. 2017. Limits of Brazil’s Forest Code as a means to end illegal deforestation. PNAS, 114(29): 7653–7658.
Balmford, A., Green, J.M., Anderson, M., Beresford, J., Huang, C., Naidoo, R., Walpole, M. & Manica, A. 2015. Walk on the wild side: estimating the global magnitude of visits to protected areas. PLOS Biology, 13(2): p.e1002074[النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 3 يناير/ كانون الثاني 2020]. https://doi.org/10.1371/journal.pbio.1002074
Banerjee, O., Cicowiez, M., Horridge, M., & Vargas, R. 2016. A Conceptual Framework for Integrated Economic–Environmental Modeling. Journal of Environment and Development, 25(3): 276–305.متاح أيضًا على الرابط: doi: 10.1177/1070496516658753]
Barlow, J., Gardner, T.A., Araujo, I.S., Ávila-Pires, T.C., Bonaldo, A.B., Costa, J.E., Esposito, M.C. et al. 2007. Quantifying the biodiversity value of tropical primary, secondary, and plantation forests. PNAS, 104: 18555–18560.
Barros, F.M., Peres, C.A., Pizo, M.A. & Ribeiro, M.C. 2019. Divergent flows of avian-mediated ecosystem services across forest-matrix interfaces in human-modified landscapes. Landscape Ecology, 35(4): 879 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 3 يناير/ كانون الثاني 2020]. https://doi.org/10.1007/s10980-019-00812-z
Bastin, J.-F., Finegold, Y., Garcia, C., Mollicone, D., Rezende, M., Routh, D., Zohner, C.M. & Crowther, T.W. 2019. The global tree restoration potential. Science, 365(6448): 76–79.
Baynham-Herd, Z., Amano, T., Sutherland, W.J. & Donald, P.F. 2018. Governance explains variation in national responses to the biodiversity crisis. Environmental Conservation, 45(4): 407–418.
Beatty, C.R., Cox, N.A. & Kuzee, M.E. 2018. Biodiversity guidelines for forest landscape restoration opportunities assessments. 1st edition. Gland, Switzerland, IUCN.
Beck, H. 2008. Tropical ecology. In Jørgensen, S.E. & Fath, B.D. eds. General ecology: Encyclopedia of ecology, pp. 3616–3624. Elsevier, Oxford, UK.
Beech, E., Rivers, M., Oldfield, S. & Smith, P. 2017. GlobalTreeSearch: the first complete global database of tree species and country distributions. Journal of Sustainable Forestry, 36(5): 454–489.
Bello, C., Galetti, M., Pizo, M.A., Magnago, L.F.S., Rocha, M.F., Lima, R.A.F., Peres, C.A., Ovaskainen, O. & Jordano, P. 2015. Defaunation affects carbon storage in tropical forests. Science Advances, 1(11): e1501105 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 3 يناير/ كانون الثاني 2020]. https://doi.org/10.1126/sciadv.1501105
Belluco, S., Halloran, A. & Ricci, A. 2017. New protein sources and food legislation: the case of edible insects and EU law. Food Security, 9(4): 803–814.
Bengston, D.N., Butler, B.J. & Asah, S.T. 2008. Values and motivations of private forest owners in the United States: a framework based on open-ended responses in the national woodland owner survey. In D.B. Klenosky & C.L. Fisher, eds. Proceedings of the 2008 Northeastern Recreation Research Symposium, pp. 60–66. General Technical Report NRS-P-42. Newtown Square, Pennsylvania, USA, USDA Forest Service, Northern Research Station. [متاح أيضًا على الرابط: https://www.nrs.fs.fed.us/pubs/gtr/gtr-p-42papers/09bengston-p-42.pdf].
Benítez-López, A., Alkemade, J.R.M., Schipper, A.M., Ingram, D.J., Verweij, P.A., Eikelboom, J. & Huijbregts, M. 2017. The impact of hunting on tropical mammal and bird populations. Science, 356(6334): 180–183.
Bennett, G. 2004. Integrating biodiversity conservation and sustainable use: lessons learned from ecological networks. Gland, Switzerland, IUCN.
Bennett, G. & Mulongoy, K.J. 2006. Review of Experience with Ecological Networks, Corridors and Buffer Zones. Technical Series No. 23. Secretariat of the Convention on Biological Diversity, Montreal, Canada.
Bentz, B.J., Régnière, J., Fettig, C.J., Hansen, E.M., Hayes, J.L., Hicke, J.A., Kelsey, R.G., Negrón, J.F. & Seybold, S.J. 2010. Climate change and bark beetles of the Western United States and Canada: Direct and indirect effects, BioScience, 60(8): 602–613.
Berman, M., Jonides, J. & Kaplan, S. 2008. The cognitive benefits of interacting with nature. Psychological Science, 19(12): 1207–1212.
Bernier, P.Y., Paré, D., Stinson, G., Bridge, S.R.J., Kishchuk, B.E., Lemprière, T.C., Thiffault, E., Titus, B.D. & Vasbinder, W. 2017. Moving beyond the concept of “primary forest” as a metric of forest environment quality. Ecological Applications, 27: 349–354.
BESNet. 2019. Thematic area: Biodiversity finance. In: Biodiversity and Ecosystem Services Network [النسخة الإلكترونية]. نيروبي. [ورد ذكره في 3 يناير/كانون الثاني 2020]. https://www.besnet.world/biodiversity-finance-solutions
BGCI. 2019. GlobalTreeSearch. Botanic Gardens Conservation International. Richmond, UK. [ورد ذكره في 3 يناير/كانون الثاني 2020]. www.bgci.org/globaltree_search.php
Bharucha, Z. & Pretty, J. 2010. The roles and values of wild foods in agricultural systems. Philosophical Transactions of the Royal Society B: Biological Sciences, 365(1554): 2913–2926.
Bickford, D., Posa, M.R.C., Qie, L, Campos-Arceiz, A. & Kudavidanage, E.P. 2012 Science communication for biodiversity conservation. Biological Conservation, 151(1): 74–76.
Billings, R.F., Clarke, S.R., Mendoza, V.E., Cabrera, P.C., Figueroa, B.M., Campos, J.R. & Baeza, G. 2004. Bark beetle outbreaks and fire: A devastating combination for Central America’s pine forests. Unasylva, 55: 10–15.
Biodiversity Indicators Partnership. 2018. Living Planet Index (forest specialists). In: Biodiversity Indicators Partnership [النسخة الإلكترونية]. Cambridge, UK. [ورد ذكره في 3 يناير/ كانون الثاني 2020]. https://www.bipindicators.net/indicators/living-planet-index/living-planet-index-forest-specialists
Biosecurity New Zealand. 2018. Biosecurity 2025 Implementation Plan. Strengthening the biosecurity system together. Ko Tātou This Is Us. Biosecurity New Zealand 2025. Ministry for Primary Industries, Government of New Zealand. [متاح أيضًا على الرابط:: https://www.thisisus.nz/assets/Resources/163e2a594e/Biosecurity_2025_implementation_plan_full_version.pdf]
BirdLife International. 2019. World Database on Key Biodiversity Areas [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 3 يناير/كانون الثاني 2020]. http://www.keybiodiversityareas.org/home
Blackman, A. 2015. Strict versus mixed-use protected areas: Guatemala’s Maya Biosphere Reserve. Ecological Economics, 112: 14–24.
Blackman, A. & Veit, P. 2018. Titled Amazon indigenous communities cut forest carbon emissions. Ecological Economics, 153: 56–67.
Blackman, A., Corral, L., Lima, E.S. & Asner, G.P. 2017. Titling indigenous communities protects forests in the Peruvian Amazon. PNAS, 114(16): 4123–4128.
Blackwell, S. 2015. Resilience, wellbeing and confidence development at forest schools. In: Get children outdoors [النسخة الإلكترونية]. ورد ذكره في 3 يناير/كانون الثاني 2020]. http://getchildrenoutdoors.com/resilience-wellbeing-and-confidence-development-at-forest-schools
Blomley, T. 2013. Lessons learned from community forestry in Africa and their relevance for REDD+. Washington, DC, USAID-supported Forest Carbon, Markets and Communities Program. [متاح أيضًا على الرابط: https://rmportal.net/library/content/fcmc/publications/CF_Africa.pdf].
Blomley, T., Pfliegner, K., Isango, J., Zahabu, E., Ahrends, A. & Burgess, N.D. 2008. Seeing the wood for the trees: an assessment of the impact of participatory forest management on forest condition in Tanzania. Oryx, 42(3): 380–391.
Bocci, C., Fortmann, L., Sohngen, B. & Milian, B. 2018. The impact of community forest concessions on income: an analysis of communities in the Maya Biosphere Reserve. World Development, 107: 10–21.
Bolognesi, M., Vrieling, A., Rembold, F., & Gadain, H. 2015. Rapid mapping and impact estimation of illegal charcoal production in southern Somalia based on WorldView-1 imagery. Energy for Sustainable Development, 25: 40–49.
Bontemps, S., Defourny, P., Radoux, J., Van Bogaert, E., Lamarche, C., Achard, F., Mayaux, P. et al. 2013. Consistent global land cover maps for climate modelling communities: current achievements of the ESA’s land cover CCI. In Proceedings of the ESA Living Planet Symposium, Edinburgh, UK, 9–13 September 2013, pp. 9–13. Paris, European Space Agency. [متاح أيضًا على الرابط: https://ftp.space.dtu.dk/pub/Ioana/papers/s274_2bont.pdf].
Borrini-Feyerabend, G., Dudley, N., Jaeger, T., Lassen, B., Pathak Broome, N., Phillips, A. & Sandwith, T. 2013. Governance of protected areas: from understanding to action. Best Practice Protected Area Guidelines Series No. 20, Gland, Switzerland, IUCN.
Bowler, D.E., Buyung-Ali, L.M., Knight, T.M. & Pullin, A.S. 2010. A systematic review of evidence for the added benefits to health of exposure to natural environments. BMC Public Health, 10: Article number 456 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 3 يناير/كانون الثاني 2020]. https://doi.org/10.1186/1471-2458-10-456
Boyce, M.S. 2018. Wolves for Yellowstone: dynamics in time and space, Journal of Mammalogy, 99(5): 1021–1031. https://doi.jmammal/gyy115/10.1093/org
Breed, M.F., Ottewell, K.M., Gardner, M.G., Marklund, M.H.K., Dormontt, E.E. & Lowe, A.J. 2015. Mating patterns and pollinator mobility are critical traits in forest fragmentation genetics. Heredity, 115(2): 108–114.
Brinckmann, J.A., Luo, W., Xu, Q., He, X., Wu, J., & Cunningham, A.B. 2018. Sustainable harvest, people and pandas: Assessing a decade of managed wild harvest and trade in Schisandra sphenanthera. Journal of Ethnopharmacology, 224: 522–534.
Buchhorn, M., Smets, B., Bertels, L., Lesiv, M., Tsendbazar, N.-E., Herold, M. & Fritz, S. 2019. Copernicus Global Land Service: Land Cover 100m: epoch 2015: Globe. In: Zenodo [النسخة الإلكترونية]. Geneva, Switzerland. [ورد ذكره في 3 يناير/كانون الثاني 2020]. https://zenodo.org/record/3243509
Burgess, D., Bahane, B., Clairs, T., Danielsen, F., Dalsgaard, S., Funder, M., Hagelberg, N. et al. 2010. Getting ready for REDD+ in Tanzania: a case study of progress and challenges. Oryx, 44(3): 339–351.
Burley, J. 2002. Forest biological diversity: an overview. Unasylva, 209: 3–9.
Burlingame, B. 2000. Editorial: Wild nutrition. Journal of Food Composition and Analysis, 13: 99–100.
Busch, J. & Ferretti-Gallon, K., 2017. What drives deforestation and what stops it? A meta-analysis. Review of Environmental Economics and Policy, 11(1): 3–23.
Camara-Leret, R. & Denney, Z. 2019. Indigenous knowledge of New Guinea’s useful plants: A review. Economic Botany, 73(3): 405–415.
Camara-Leret, R., Fortuna, M.A. & Bascompte, J., 2019. Indigenous knowledge networks in the face of global change. PNAS, 116(20): 9913–9918.
Campese, J., Sunderland, T., Greiber, T. and Oviedo, G. (eds.) 2009. Rights-based approaches: Exploring issues and opportunities for conservation. CIFOR and IUCN. Bogor, Indonesia.
Canuto, M.A., Estrada-Belli, F., Garrison, T.G., Houston, S.D., Acuña, M.J., Kováč, M., Marken, D. et al. 2018. Ancient lowland Maya complexity as revealed by airborne laser scanning of northern Guatemala. Science, 361(6409): p.eaau0137 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 3 يناير/كانون الثاني 2020]. DOI: 10.1126/science.aau0137
Cariñanos, P., Grilo, F., Pinho, P., Casares-Porcel, M., Branquinho, C., Acil, N., Andreucci, M.B. et al. 2019. Estimation of the allergenic potential of urban trees and urban parks: towards the healthy design of urban green spaces of the future. International Journal of Environmental Research and Public Health, 16(8): 1357 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 3 يناير/كانون الثاني 2020]. https://doi.org/10.3390/ijerph16081357
Carnus, J.-M., Parrotta, J., Brockerhoff, E., Arbez, M., Jactel, H., Kremer, A., Lamb, D., O’Hara, K. & Walters, B. 2006. Planted forests and biodiversity. Journal of Forestry, 104(2): 65–77.
Carodenuto, S. 2019. Governance of zero deforestation cocoa in West Africa: New forms of public–private interaction. Environmental Policy and Governance, 29(1): 55–66.
Carr, D.L., Suter, L., & Barbier, A. 2005. Population dynamics and tropical deforestation: State of the debate and conceptual challenges. Population and Environment, 27(1): 89–113.
Castellanos, E., Regalado, O., Pérez, G., Montenegro, R., Ramos, V., & Incer, D. 2011. Mapa de cobertura forestal de Guatemala 2006 y dinámica de la cobertura forestal 2001–2006. Guatemala, Universidad del Valle de Guatemala, Instituto Nacional de Bosques, Consejo Nacional de Áreas Protegidas, Universidad Rafael Landívar.
Castello, L., Hess, L.L., Thapa, R., McGrath, D.G., Arantes, C.C., Renó, V.F. & Isaac, V.J. 2018. Fishery yields vary with land cover on the Amazon River floodplain. Fish and Fisheries, 19(3): 431–440.
CBD. n.d.a. COP decisions – COP2 Decision II/9: Forests and biological diversity.في: اتفاقية التنوع البيولوجي. [النسخة الإلكترونية]. مونتريال، كندا. [ورد ذكره في 19 ديسمبر/كانون الأوّل 2019]. https://www.cbd.int/decision/cop/?id=7082
اتفاقية التنوع البيولوجي. من دون تاريخ. ما المقصود بالتنوع البيولوجي للغابات؟ في: اتفاقية التنوع البيولوجي. [النسخة الإلكترونية]. مونتريال، كندا. [ورد ذكره في 13 ديسمبر/كانون الأوّل 2019]. http://www.cbd.int/forest/what.shtml
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2006. Definitions. في: اتفاقية التنوع البيولوجي. [النسخة الإلكترونية]. مونتريال، كندا. [ورد ذكره في 13 يناير/كانون الثاني 2020]. https://www.cbd.int/forest/definitions.shtml
اتفاقية التنوع البيولوجي.. 2009. Invasive alien species. A threat to biodiversity. Montreal, Canada, Secretariat of the Convention on Biological Diversity. [متاح أيضًا على الرابط: https://www.cbd.int/doc/bioday/2009/idb-2009-booklet-en.pdf].
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2010أ. المقررات المعتمدة في الإجتماع العاشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الاتنوع البيولوجي. المقرر 10/2. الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي 2011-2020 وأهداف أيشي للتنوع البيولوجي. الاجتماع العاشر لمؤتمر الأطراف في: اتفاقية التنوع البيولوجي. ناغويا، اليابان، 18-29 أكتوبر/تشرين الأوّل 2010. UNEP/CBD/COP/DEC/X/2. مونتريال، كندا، أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي. [متاح أيضًا على الرابط: https://www.cbd.int/doc/decisions/cop-10/cop-10-dec-02-ar.pdf].
اتفاقية التنوع البيولوجي، 2010ب. Linking Biodiversity Conservation and Poverty Alleviation: A State of Knowledge Review. CBD Technical Series No: 55. Montreal, Canada,Secretariat of the Convention on Biological Diversity. [متاح أيضًا على الرابط https://www.cbd.int/doc/publications/cbd-ts-55-en.pdf]
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2011. بروتوكول ناغويا بشأن الحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها، الملحق باتفاقية التنوع البيولوجي- النص والمرفق. مونتريال، كندا، أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي.
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2012a. Resourcing the biodiversity targets: A first assessment of the resources required for implementing the strategic plan for biodiversity 2011–2020. Montreal, Canada, Secretariat of the Convention on Biological Diversity. [متاح أيضًا على الرابط: https://www.cbd.int/doc/meetings/fin/hlpgar-sp-01/official/hlpgar-sp-01-01-report-en.pdf]
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2012ب. Cities and biodiversity outlook. مونتريال، كندا، أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي.
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2014. التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي – الاصدار الرابع. مونتريال، كندا، أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي. [متاح أيضًا على الرابط: https://www.cbd.int/gbo/gbo4/publication/gbo4-ar.pdf].
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2016أ. استعادة النظم الإيكولوجية: خطة عمل قصيرة الأجل. المقرر 13/5 مقرر معتمد من مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي. مونتريال، كندا، أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي. [متاح أيضًا على الرابط: https://www.cbd.int/doc/decisions/cop-13/cop-13-dec-05-ar.pdf].
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2016ب. Updated assessment of progress towards Aichi Biodiversity Targets 5 and 15. الاجتماع الثالث عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي، كانكون، المكسيك، 4-17 ديسمبر/كانون الأول 2016. UNEP/CBD/COP/13/INF/12. مونتريال، كندا، أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي.
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2017. غرفة تبادل معلومات الحصول على الموارد وتقاسم المنافع. في: اتفاقية التنوع البيولوجي [النسخة الإلكترونية]. مونتريال، كندا [ورد ذكره في 26 ديسمبر/كانون الأوّل 2019]. https://www.cbd.int/abs/theabsch.shtml.
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2018أ. مقرر معتمد من الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي.المقرر 14/8. المناطق المحمية وتدابير الحفظ الفعالة الأخرى القائمة على أساس المناطق. الاجتماع الرابع عشر لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي، شرم الشيخ، مصر، 17-29 نوفمبر/تشرين الثاني 2018. CBD/COP/DEC/14/8. مونتريال، كندا، أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي. [متاح أيضًا على الرابط: https://www.cbd.int/doc/decisions/cop-14/cop-14-dec-08-ar.pdf].
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2018ب. مقرر معتمد من مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي. المقرر 14/7 . الإدارة المستدامة للأحياء البرية. الاجتماع الرابع عشر لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي، شرم الشيخ، مصر، 17-29 نوفمبر/تشرين الثاني 2018. CBD/COP/DEC/14/7. مونتريال، كندا، أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي. [متاح أيضًا على الرابط: https://www.cbd.int/doc/decisions/cop-14/cop-14-dec-07-ar.pdf].
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2018ج. Progress of the application of the Singapore Index on Cities’ Biodiversity. مذكرة الأمين التنفيذي. . الاجتماع الرابع عشر لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي، شرم الشيخ، مصر، 17-29 نوفمبر/تشرين الثاني 2018. CBD/COP/14/INF/34. مونتريال، كندا، أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي.
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2019. بروتوكول ناغويا بشأن الحصول على الموارد وتقاسم المنافع. في: اتفاقية التنوع البيولوجي . [النسخة الإلكترونية]. مونتريال، كندا. [ورد ذكره في 19 ديسمبر/كانون الأوّل 2019]. https://www.cbd.int/abs/
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2020أ. الأطراف في بروتوكول ناغويا. في: اتفاقية التنوع البيولوجي. [النسخة الإلكترونية]. مونتريال، كندا. [ورد ذكره في 13 يناير/كانون الثاني 2020].. https://www.cbd.int/abs/nagoya-protocol/signatories/
اتفاقية التنوع البيولوجي. 2020ب. The Access and Benefit-Sharing Clearing-House. [النسخة الإلكترونية]. مونتريال، كندا. [ورد ذكره في 13 يناير/كانون الثاني 2020]. https://absch.cbd.int/.
CEPF. 2020. Biodiversity hotspots defined. In: Critical Ecosystem Partnership Fund [النسخة الإلكترونية]. Arlington, VA, USA. [ورد ذكره في 13 يناير/كانون الثاني 2020]. https://www.cepf.net/our-work/biodiversity-hotspots/hotspots-defined
Ceres. 2019. Out on a limb: The state of corporate no-deforestation commitments and reporting indicators that count. Boston, MA, USA. [متاح أيضًا على الرابط: www.ceres.org/sites/default/files/reports/2019-06/OutOnaLimb.pdf].
لجنة الأمن الغذائي العالمي. 2014. مبادئ الاستثمار الرشيد في نظم الزراعة والأغذية. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-au866a.pdf].
هيئة الموارد الوراثية للأغذية والزراعة. 2019. First report on the implementation of the Global Plan of Action for the Conservation, Sustainable Use and Development of Forest Genetic Resources. الدورة العادیة السابعة عشرة، روما، 18-22 فبراير/شباط 2019. CGRFA-17/19/10.2/Inf.1. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/my877en/my877en.pdf].
Chan, K.M.A., Pringle, R.M., Ranganathan, J., Boggs, C.L., Chan, Y.L., Ehrlich, P.R., Haff, P.K., Heller, N.E, Al-Khafaji, K. & Macmynowski, D.P. 2007. When agendas collide: human welfare and biological conservation. Conservation Biology, 21(1): 59–68.
Chan, L., Hillel, O., Elmqvist, T., Werner, P., Holman, N., Mader, A. & Calcaterra, E. 2014. User’s manual on the Singapore Index on Cities’ Biodiversity (also known as the City Biodiversity Index). Singapore, National Parks Board, Singapore.
Chao, S. 2012. Forest peoples: numbers across the world. Moreton-in-Marsh, UK, Forest Peoples Programme.
Chazdon, R.L., Bodin, B., Guariguata, M., Lamb, D., Walder, B., Chokkalingam, U. & Shono, K. 2017. Partnering with nature: The case for natural regeneration in forest and landscape restoration. FERI Policy Brief. Montreal, Canada, FERI.
Chomba, B.M., Tembo, O., Mutandi, K., Mtongo, C.S. & Makano, A. 2014. Drivers of deforestation, identification of threatened forests and forest co-benefits other than carbon from REDD+ implementation in Zambia. A consultancy report prepared for the Forestry Department and the Food and Agriculture Organization of the United Nations under the national UN-REDD Programme. Lusaka, Ministry of Lands, Natural Resources and Environmental Protection. [متاح أيضًا على الرابط: http://landforlions.org/data/documents/drivers-deforestation-Zambia-WEB_final.pdf].
CITES. 1983. Convention on International Trade in Endangered Species of Wild Flora and Fauna [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 19 ديسمبر/كانون الأوّل 2019]. https://www.cites.org/sites/default/files/eng/disc/CITES-Convention-EN.pdf
CITES. 2019. Projects and initiatives – Supporting sustainable management of endangered tree species. In: Convention on International Trade in Endangered Species of Wild Flora and Fauna [النسخة الإلكترونية]. Geneva, Switzerland. [ورد ذكره في 4 يناير/كانون الثاني 2020]. https://www.cites.org/eng/prog/flora/trees/trees_project
Clean Cooking Alliance. 2015. Five years of impact 2010–2015. In: Clean Cooking Alliance [النسخة الإلكترونية]. New York, USA, United Nations Foundation. [ورد ذكره في 4 يناير/كانون الثاني 2020]. https://www.cleancookingalliance.org/resources/reports/fiveyears.html
Coad, L., Fa, J., Abernathy, K., Van Vliet, N., Santamaria, C., Wilkie, D.S., El Biziri, H.R., Ingram, D.J., Cawthorn, D. & Nasi, R. 2019. Towards a sustainable, participatory and inclusive wildmeat sector. Bogor, Indonesia, CIFOR.
Coady, D., Parry, I., Le, N.-P. & Shang, B. 2019. Global fossil fuel subsidies remain large: an update based on country-level estimates. IMF Working Paper. Washington, DC, IMF.
COMIFAC. 2020. Commission des Forêts d’Afrique Centrale [online]. Yaoundé. [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 2 يناير/كانون الثاني 2020]. https://comifac.org/
CONAP & WCS. 2018. Monitoreo de la Gobernabilidad en la Reserva de la Biosfera Maya: Actualización al año 2017. Con el apoyo de USAID y el USDOI/ITAP. 56 pp. San Benito, Petén, Guatemala. [متاح أيضًا على الرابط:: https://conap.gob.gt/wp-content/uploads/2019/10/MONITOREO-DE-LA-GOBERNABILIDAD-EN-LA-RBM.pdf]
Cook, B., Anchukaitis, K., Kaplan, J., Puma, M., Kelley, M. & Gueyffier, D. 2012. Pre-Columbian deforestation as an amplifier of drought in Mesoamerica. Geophysical Research Letters, 39(16): L16706 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 4 يناير/كانون الثاني 2020]. https://doi.org/10.1029/2012GL052565
CPW. 2016. Sustainable wildlife management and human–wildlife conflict. CPW Fact Sheet 4. Rome. [متاح أيضًا على الرابط http:http://www.fao.org/3/a-i4893e.pdf].
CRITFC. 2020. The Plan: Wy-Kan-Ush-Mi Wa-Kish-Wit. In: Colombia River Inter-Tribal Fish Commission [النسخة الإلكترونية]. Portland, OR, USA. [ورد ذكره في 1 يناير/كانون الثاني 2020]. https://www.critfc.org/fish-and-watersheds/fish-and-habitat-restoration/the-plan-wy-kan-ush-mi-wa-kish-wit/
Dargie, G.C., Lewis, S.L., Lawson, I.T., Mitchard, E.T.A., Page, S.E., Bocko, Y.E. & Ifo, S.A. 2017. Age, extent and carbon storage of the central Congo Basin peatland complex. Nature, 542(7639): 86–90.
Dave, R., Saint-Laurent, C., Murray, L., Antunes Daldegan, G., Brouwer, R., de Mattos Scaramuzza, C.A., Raes, L. et al. 2019. Second Bonn Challenge progress report – application of the barometer in 2018. Gland, Switzerland, IUCN.
Davies, J.D., Hill, R., Walsh, F., Sandford, M., Smyth, D. & Holmes, M.C. 2013. Innovation in management plans for community conserved areas: Experiences from Australian indigenous protected areas. Ecology and Society, 18(2): 14 [online]. [Cited 4 January 2020]. http://dx.doi.org/10.5751/ES-05404-180214
Dawson, I.K., Leakey, R., Clement, C.R., Weber, J.C., Cornelius, J.P., Roshetko, J.M., Vinceti, B. et al. 2014. The management of tree genetic resources and the livelihoods of rural communities in the tropics: Non-timber forest products, smallholder agroforestry practices and tree commodity crops. Global Forest Genetic Resources, 333: 9–21.
Deacon, R.T. 1995. Assessing the relationship between government policy and deforestation. Journal of Environmental Economics and Management, 28(1): 1–18.
Delelegn, A., Sahile, S. & Husen, A. 2018. Water purification and antibacterial efficacy of Moringa oleifera Lam. Agriculture and Food Security, 7: Article 25 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 4 يناير/كانون الثاني 2020]. https://doi.org/10.1186/s40066-018-0177-1
de Vries, S.M.G., Alan, M., Bozzano, M., Burianek, V., Collin, E., Cottrell, J., Ivankovic, M. et al. 2015. Pan-European strategy for genetic conservation of forest trees and establishment of a core network of dynamic conservation units. European Forest Genetic Resources Programme (EUFORGEN). Rome, Bioversity International.
Ding, H., Veit, P.G., Blackman, A., Gray, E., Reytar, K., Altamirano, J.C. & Hodgdon, B. 2016. Climate benefits, tenure costs: the economic case for securing indigenous land rights in the Amazon. Washington, DC, WRI.
Dirzo, R. & Raven, P.H. 2003. Global state of biodiversity and loss. Annual Review of Environment and Resources, 28: 137–167.
Dounias, E. & Ichikawa, M. 2017. Seasonal bushmeat hunger in the Congo Basin. EcoHealth, 14: 575–590.
Dourojeanni, M. 2017. [Opinión] ¿Las sociedades prehispánicas cuidaron mejor la Amazonía? In: SPDA Actualidad Ambiental [النسخة الإلكترونية]. Lima. [ورد ذكره في 4 يناير/كانون الثاني 2020]. www.actualidadambiental.pe/opinion-las-sociedades-preshispanicas-cuidaron-mejor-la-amazonia/
Drescher, M. & Brenner, J.C. 2018. The practice and promise of private land conservation. Ecology and Society 23(2) [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 4 يناير/كانون الثاني 2020]. www.jstor.org/stable/26799076
Dudley, N., Jonas, H., Nelson, F., Parrish, J., Pyhälä, A., 2018. The essential role of other effective area-based conservation measures in achieving big bold conservation targets. Global Ecology and Conservation, 15: e00424 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 4 يناير/كانون الثاني 2020]. https://doi.org/10.1016/j.gecco.2018.e00424
Duffy, J., Godwin, C. & Cardinale, B. 2017. Biodiversity effects in the wild are common and as strong as key drivers of productivity. Nature, 549: 261–264.
EC. 2019a. Communication from the Commission to the European Parliament, the Council, the European Economic and Social Committee and the Committee of the Regions: Stepping up EU action to protect and restore the world’s forests. COM(2019) 352 final. Brussels. (متاح أيضًا على الرابطhttps://ec.europa.eu/info/sites/info/files/communication-eu-action-protect-restore-forests_en.pdf).
EC. 2019b. Nature and biodiversity – Natura 2000. In: European Commission, Environment [النسخة الإلكترونية]. Brussels. [ورد ذكره في 4 يناير/كانون الثاني 2020]. https://ec.europa.eu/environment/nature/natura2000/index_en.htm
Ege, M.J., Mayer, M., Normand, A.C., Genuneit, J., Cookson, W.O., Braun-Fahrländer, C., Heederik, D., Piarroux, R. & von Mutius, E. 2011. Exposure to environmental microorganisms and childhood asthma. The New England Journal of Medicine, 364: 701–709.
Eilers, E.J., Kremen, C., Smith Greenleaf, S., Garber, A.K. & Klein, A.-M. 2011. Contribution of pollinator-mediated crops to nutrients in the human food supply. PLOS ONE, 6(6): e21363 [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 13 يناير/كانون الثاني 2020]. https://doi.org/10.1371/journal.pone.0021363
Eriksson, M., Samuelson, L., Jägrud, L., Mattsson, E., Celander, T., Malmer, A., Bengtsson, K. et al. 2018. Water, forests, people: The Swedish Experience in building resilient landscapes. Environmental Management, 62(1): 45–57.
Erwin, T.L. 1982. Tropical forests: their richness in Coleopteran and other arthropod species. The Coleopterists’ Bulletin, 36: 74–75., cited by Dirzo, R. & Raven, P. H. 2003. Global state of biodiversity and loss. Annual Review of Environment and Resources, 28: 137–167.
ESA CCI. 2017. Global Land Cover Maps for 2015. In: Land Cover CCI Climate Research Data Package [online]. ESA Climate Change Initiative – Land Cover led by UCLouvain. https://www.esa-landcover-cci.org/?q=node/164
EU. 2011. Voluntary Partnership Agreement between the European Union and the Republic of Cameroon on forest law enforcement, governance and trade in timber and derived products to the European Union (FLEGT). 6 April. Official Journal of the European Union, 92: 4–125.
EU FLEGT Facility. n.d. FLEGT licensed timber – Essential information [النسخة الإلكترونية]. Brussels. [ورد ذكره في 4 يناير/كانون الثاني 2020]. www.flegtlicence.org/home
Evans, N.P., Bauska, T.K., Gázquez-Sánchez, F., Brenner, M., Curtis, J.H. & Hodell, D.A., 2018. Quantification of drought during the collapse of the classic Maya civilization. Science, 361(6401): 498–501.
Fa, J.E., Currie, D. & Meeuwig, J. 2003. Bushmeat and food security in the Congo Basin: linkages between wildlife and people’s future. Environmental Conservation, 30: 71–78.
Fabricant, D.S. & Fransworth, N.R. 2001. The value of plants used in traditional medicine for drug discovery. Environmental Health Perspectives, 109(1): 69–75.
FairWild Foundation. 2019. The FairWild standard [النسخة الإلكترونية]. Cambridge, UK. [ورد ذكره في 18 ديسمبر/كانون الأوّل 2019]. https://www.fairwild.org/the-fairwild-standard
منظمة الأغذية والزراعة. 1989.Forestry and food security. FAO Forestry Paper No. 90. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/T0178E/T0178E00.htm].
منظمة الأغذية والزراعة. 1997. The State of the World’s Plant Genetic Resources for Food and Agriculture. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/tempref/docrep/fao/meeting/015/w7324e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2006. إدارة الحرائق: الخطوط الإرشادية الطوعية.المبادئ والأعمال الاستراتيجية. ورقة أعمال إدارة الحرائق رقم FM 17 A/. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/j9255a/j9255a00.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2007. حالة الموارد الوراثية الحيوانية للأغذية والزراعة في العالم. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-a1250a.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2009. إعلان مؤتمر القمة العالمي للأغذية المعني بالأمن الغذائي. [النسخة الإلكترونية]. روما. [ورد ذكره في 4 يناير/كانون الثاني 2020]. http://www.fao.org/3/w3613a/w3613a00.htm
منظمة الأغذية والزراعة. 2010أ. التقرير الثاني حول حالة الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة في العالم. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/i1500a/i1500a.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2010ب. التقييم العالمي لحالة الموارد الحرجية لعام 2010 – التقرير الرئيسي. سلسلة الدراسات الحرجية للمنظمة 163. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/i1757a/i1757a00.htm].
منظمة الأغذية والزراعة. 2011أ. الاتفاقية الدولية لوقاية النبات. روما. أمانة الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات. [متاح أيضًا على الرابط: https://www.ippc.int/static/media/files/publications/ar/2013/06/03/1232614364307_ippc_nrt_arabic21_1_09_201304232117ar.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2011ب. حالة الغابات في العالم 2011. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/i2000a/i2000a00.htm].
منظمة الأغذية والزراعة. 2012أ. Global ecological zones for FAO forest reporting: 2010 Update. Forest Resources Assessment Working Paper 179. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/ap861e/ap861e00.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2012ب. الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i2801a.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2013أ. Forests and trees outside forests are essential for global food security and nutrition. ملخص المؤتمر الدولي المعني بالغابات من أجل تحقيق الأمن الغذائي والتغذية، روما، 13-15 مايو/أيار 2013. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/aq110e/aq110e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2013ب. Edible insects – future prospects for food and feed security. FAO Forestry Paper No. 171. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/i3253e/i3253e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2013ج. Six-legged livestock: edible insect farming, collection and marketing in Thailand. RAP Publication No. 2013/03. Bangkok, Thailand, Food and Agriculture Organization of the United Nations, Regional Office for Asia and the Pacific. متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i3246e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2014أ. حالة الموارد الوراثية الحرجية في العالم. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/forestry/fgr/64582/en/].
منظمة الأغذية والزراعة. 2014ب. خطة العمل العالمية بشأن صون الموارد الوراثية الحرجية واستخدامها المستدام وتنميتها. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i3849a.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2014ج. حالة الغابات في العالم 2014. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i3710a.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2014د.Women in forestry: Challenges and opportunities. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i3924e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2015أ. The Second Report on the State of the World’s Animal Genetic Resources for Food and Agriculture. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i4787e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2015ب. Global guidelines for the restoration of degraded forests and landscapes in drylands: building resilience and benefiting livelihoods. Forestry Paper No. 175. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i5036e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2015ج. التقييم العالمي لحالة الموارد الحرجية لعام 2015. كيف تتغيّر غابات العالم؟ روما. الطبعة الثانية. روما. . [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i4793a.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2016أ. متابعة نتائج المؤتمر الدولي الثاني المعني بالتغذية. الدورة الثالثة والعشرون للجنة الغابات، روما، 18-22 يوليو/تموز 2016. COFO/2016/7.4. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-mq485a.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2016ب. P Payments for forest environmental services in sub-Saharan Africa: a practical guide. Accra, FAO. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i5578e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2017أ. Sustainable woodfuel for food security. A smart choice: green, renewable and affordable. وثيقة العمل. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i7215e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2017ب. Strengthening sector policies for better food security and nutrition results – Forestry. Policy Guidance Note 3. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i7215e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2017ج. Non-wood forest products in international statistical systems. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i6731e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2017د. The Agadir commitment towards a Mediterranean regional initiative on forest and landscape restoration. AFWC/EFC/NEFC. اللجنة المعنية بمسائل غابات البحر الأبيض المتوسط. الدورة الثانية والعشرون، أغادير، المغرب، 22 مارس/آذار 2017. [متاح أيضًا على الرابط: www.fao.org/forestry/45685-0ad87e3a1d4ccc359b37c38ffcbb5b1fc.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2017ه. The future of food and agriculture – Trends and challenges. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i6583e.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2018أ. Terms and definitions: FRA 2020. Forest Resources Assessment Working Paper 188. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/I8661EN/i8661en.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2018ب. حالة الغابات في العالم 2018 روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/I9535ar/i9535ar.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2018ج. REDD+ finance and investments. روما. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/CA0907EN/ca0907en.pdf].
منظمة الأغذية والزراعة. 2019أ. The State of the World’s Biodiversity for Food and Agriculture. روما. منظمة الأغذية والزراعة و هيئة الموارد الوراثية للأغذية والزراعة. [متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/CA3129EN/CA3129EN.pdf].