سبق أن أشرنا في الفصل الخامس، لدى مناقشة الفئات الأربعة المختلفة من الدعم في قطاع مصايد الأسماك، إلى فكرتي " التكاليف - أو الإيرادات - بالنسبة للحكومة" و "أهمية الدعم لقطاع مصايد الأسماك". وسوف نحاول في هذا القسم النظر في هاتين الفكرتين بمزيد من التدقيق وتحديد كيف يمكننا قياس الدعم، أي كيف يمكننا أن نعطى قيماً مالية للدعم في قطاع مصايد الأسماك. والسبب في ذلك هو أن نتمكن من إجراء المزيد من التحليلات الكمية. فقد نرغب في تحديد كم من الأرباح التي تحققها صناعة الصيد يمكن أن يُعزى إلى الدعم أو كم من المال يُنفق من الميزانية العامة على قطاع مصايد الأسماك. ويتضمن الفصل السابع والفصل الثامن فيما يلي مزيداً من التفاصيل حول دراسة أرباح صناعة الصيد مقارنة بالدعم ومناقشة التحليلات المقارنة، على التوالي. وسوف نتعرض، في هذا الفصل، إلى الطرق والممارسات المختلفة المتبعة في تحديد قيمة أشكال الدعم المختلفة.
يتعين علينا أولاً أن نوضع مفهومي التكاليف (أو الإيرادات) بالنسبة للحكومة، وقيمة الدعم بالنسبة لصناعة الصيد. ويركز التعريف الوارد بالدليل على تأثير الدعم على أرباح الشركات، وبالتالي فإن قيمة بعض أشكال الدعم بالنسبة لصناعة الصيد يمكن تعريفها بأنها تغير نسبة الربحية نتيجة للدعم. وقد تكون قيمة الدعم مختلفة تماماً بالنسبة للحكومة، حيث تكون مساوية للإنفاق العام بما في ذلك التكاليف الإدارية المباشرة وغير المباشرة لتشغيل وإدارة الدعم. وبناء عليه، قد تختلف التكاليف التي تتحملها الحكومة - أو الإيرادات التي تتحقق لها، إذا كان الدعم بالسالب - عن قيمة الدعم بالنسبة لصناعة الصيد في حالات معينة، ويتعين علينا أن ندرس الجانبين لكي نُلم بالقيمة الاقتصادية للدعم.
وقياس تأثير الربحية التي تترتب على الدعم ليس بالأمر السهل، ويتعين علينا هنا أن نضع بعض الافتراضات. ويقوم المبدأ الرئيسي الذي ينبغي أن نسترشد به في تقدير قيمة الدعم بالنسبة لصناعة الصيد على افتراض مؤداه أن جميع أشكال الدعم الإيجابية تكون مفيدة لصناعة الصيد، وأنه إذا أحجمت الحكومات عن تقديم هذا الدعم، فسوف يتعين على صناعة الصيد أن تتحمل تكلفة هذا الدعم بنفسها إذا رغبت في ذلك. وبالتالي، فإن جميع أشكال الدعم الإيجابية تكون لها قيمة إيجابية بالنسبة لصناعة الصيد. ويمكن القول أيضاً، على سبيل المثال، إنه إذا كانت المساندة التي يوفرها الدعم ضرورية لصناعة الصيد، فلا بأس من أن تتحمل صناعة الصيد أعباء الدعم وبالتالي لا تكون هناك حاجة للدعم من البداية. وعلاوة على ذلك، فلابد من الاعتماد على حجج مختلفة عن ذلك بالنسبة لبعض أشكال الدعم مثل التدابير الحدودية، وإدارة مصايد الأسماك، والانتفاع بالموارد بدون مقابل وكذلك أشكال الدعم السلبي بطبيعة الحال. ومع ذلك، يقول الدليل إنه يمكن تقدير الدعم الذي يعود بالفائدة على صناعة الصيد بأكبر قدر من الدقة على اعتبار أنه يمثل التكاليف التي كان يتعين على صناعة الصيد أن تتحملها بالأسعار التجارية مقابل الحصول على نفس الخدمات والمنافع التي يوفرها الدعم، وما يرى أن هذا المبدأ ينبغي استخدامه كلما كان ذلك ممكناً.
وفيما يتعلق بقيمة الدعم التي يُعبر عنها بأنها التكاليف (الإيرادات) بالنسبة للحكومة، ينبغي أن يستند التقدير أساساً إلى المعلومات المستمدة من الميزانية العامة، باستثناء حالة الإيرادات التي تضيع على الحكومة (مثل استرداد الضريبية) وهي الإيرادات التي لا تكون عادة مدرجة بالميزانية ويتعين تقديرها بشكل منفصل. وعلاوة على ذلك، فمن المهم تقدير تكاليف الدعم من حيث التحويلات المالية التي تترتب عليه - في حالة المنح على سبيل المثال - وكذلك من حيث التكاليف الإدارية التي تتحملها الحكومة لإدارة البرنامج أو تنفيذ اللوائح. وتشمل تكاليف التنفيذ هذه تكاليف الموظفين وغير ذلك من التكاليف الإدارية التي تتحملها إدارات الثروة السمكية أو الأجهزة الحكومية المعنية بالدعم الذي يصل إلى قطاع مصايد الأسماك(1).
وبالنسبة لبعض أشكال الدعم، وخصوصاً التي ينتمي منها إلى الفئة الأولى ويتضمن تحويلات مالية مباشرة، قد يكون من السهل نسبياً تقدير قيمة الدعم طبقاً لهذه المبادئ. ولعل من الإنصاف أن نفترض أن القيمة التقريبية لمنحة استثمارية لصناعة الصيد يكون مطابقاً لقيمة المنحة بالإضافة إلى سعر الفائدة الذي كان عليها أن تتحمله لو أنها اقترضت قيمة المنحة بالشروط التجارية. وبالنسبة للحكومة، يشمل الإنفاق قيمة المنحة ذاتها والتكاليف الإدارية المتصلة بتوزيعها. وهناك أشكال أخرى من المنح التي يكون تقديرها أصعب من ذلك، وخصوصاً فيما يتعلق بتحديد القيمة التي تمثلها المنحة لصناعة الصيد. فالقيمة هنا هي ما يطرأ على الأرباح من تغير، ولكن ما هو العنصر الذي ينبغي قياس هذا التغير مقارنة به؟ وإذا نحن أغفلنا الاعتبارات المختلفة للنظرية الاقتصادية(2) وأخذنا بالطريقة العملية، فمن المقترح قياس هذا التغيير على أنه يمثل الفرق بين وضع معين في وجود شكل معين من أشكال الدعم وفي حالة عدم وجوده. وتتفق هذه الطريقة أيضاً مع كيفية تحديد أشكال دعم مصايد الأسماك، أي عن طريق تحديد القواعد المعيارية التي تمثل "الأوضاع المعتادة" - أي بدون دعم. وبناء عليه، ففي الحالات التي يعني فيها الدعم تقديم خدمات أو سلع بأسعار تختلف عن أسعار السوق، مثل تقديم القروض بأسعار فائدة أقل من أسعار السوق أو تنفيذ برنامج لتقديم إعانات للاستغناء على المراكب القديمة وإخراجها من الخدمة، تكون المنفعة الحقيقية بالنسبة لصناعة الصيد هي الفرق بين السعر المعروض من خلال تدابير الدعم وسعر السوق الذي تدفعه صناعة الصيد أو تحصل عليه مقابل الخدمة أو السلعة في حالة عدم وجود الدعم.
وبالنسبة لأشكال الدعم التي توجد بدائل تجارية لها بأسعار السوق، تكون طريقة حساب قيمة الدعم واضحة نسبياً. كذلك فإن أشكال الدعم التي تأخذ شكل إعفاءات ضريبية، وتمثل أوضاعاً تًعامَل فيها صناعة الصيد بطريقة تختلف عن بقية الصناعات، يكون من غير الصعب تقدير قيمتها. ففي هذه الحالات تكون قيمة الدعم لصناعة الصيد هي الفرق بين الضريبة التي تُدفع بالفعل والضريبة التي كان ينبغي أن تُدفع في حالة عدم وجود دعم. وهنا يكون الأساس الذي يُقاس عليه هو نسبة الضريبة وليس سعر السوق - نظراً لعدم وجود سعر سوق بالمسبة للضرائب. وينبغي حساب التكاليف بالنسبة للحكومة على اعتبار أنها إيرادات تنازلت عنها الحكومة بموجب خطة الدعم بالإضافة إلى تكاليف تنفيذ الخطة.
ويزداد الموقف تعقيداً، كما سبق التنويه، عندما ننظر إلى مجالات مثل إدارة مصايد الأسماك وتقدير الموارد السمكية، وهي في الأساس بعض الخدمات التي تندرج ضمن الفئة الثانية وكذلك الفئات الفرعية التي تندرج ضمن الفئتين الثالثة والرابعة اللتين تشملان الآثار في المدى البعيد أو الآثار المترتبة على عدم اتخاذ إجراءات من جانب الحكومة. وبالنسبة للخدمات التي يقدمها القطاع العام ضمن الفئة الثانية، يمكننا معرفة التكاليف التي تتحملها الحكومة، ولكن ما هي تكاليف الخدمات التي تحصل عليها صناعة الصيد؟ وهنا لا يمكن تطبيق مبدأ أسعار السوق والقيم المعيارية، لأنه لا وجود لمثل هذه الأسعار أو القيم. وفي مثل هذه الأوضاع، قد نرغب في تقدير التأثير الفعلي على أرباح صناعة الصيد، ويمكن أن يكون ذلك عموماً في شكل الزيادة في الإيرادات. وعلى سبيل المثال، فإذا كنا نستطيع تقدير قيمة الزيادة في مبيعات المنتجات السمكية نتيجة لحملة التشجيع على تناول الأغذية الصحية وزيادة استهلاك الأسماك، تكون قيمة هذه الحملة بالنسبة لصناعة الصيد هي الزيادة في الدخل الصافي نتيجة لتحسن المبيعات.
ومع ذلك، فكثيرا ما يكون هذا النمط من الحساب معقداً ويتطلب إجراء الكثير من البحوث التي لا تمثل خياراً عملياً على الدوام في إجراء دراستنا عن دعم صناعة الصيد. وبالتالي، قد يتعين علينا في مثل هذه الحالات الاعتماد على مؤشر غير مباشر في إجراء التقديرات، ويقترح الدليل استخدام التكاليف التي تتحملها الحكومة - إذا كانت معلومة أو توجد تقديرات بشأنها - كتقدير للتكاليف بالنسبة لصناعة الصيد.
|
وللأسف هناك حالات ليس من السهل فيها استخدام التكاليف التقديرية بالنسبة للحكومة عندما نواجه مشكلات في تقدير القيمة بالنسبة لصناعة الصيد. وكما رأينا في الفصل الخامس فيما سبق، لا تؤدي الفئة الرابعة من الدعم إلى تحميل الحكومة أي أعباء نظراً لعدم تدخلها(3). وفي مثل هذه الأوضاع، قد يكون علينا أن نتجه إلى استخدام القيم المعيارية أو التقليدية لكي يمكن تقدير مقدار تأثير الدعم على أرباح صناعة الصيد. ومن أمثلة هذه الأوضاع، التي سنناقشها فيما يلي، عدم تقييد استغلال الموارد. فإذا كان من المسموح به للصيادين ممارسة الصيد بدون دفع أي رسوم مقابل استغلال مورد طبيعي - أو إذا كانت الرسوم التي يدفعونها تعتبر أقل من القيمة الفعلية لحق استغلالهم للمورد - قد يتعين عليما أن نحدد هذا الامتياز على أنه نوع من الدعم ونضع تقديراً لقيمته بالتناسب مع مقدار المصيد، معتمدين في ذلك على معدل قياسي تقديري.
وقبل أن ننتقل إلى الاستشهاد بأمثلة لكيفية تقدير قيمة أشكال الدعم المختلفة في الفصل التالي، نلخص المبادئ الرئيسية لكيفية تقدير أشكال العد الذي تحصل عليه صناعة الصيد في الشكل 8.
|
6-2-1 أمثلة على الدعم
بعد أن تعرضنا لبعض المبادئ العامة لكيفية تقدير أشكال الدعم في قطاع مصايد الأسماك، نناقش الآن أشكال الدعم المختلفة بمزيد من التفاصيل. وتأتي التفاصيل على شكل نقاط تبعاً لأشكال الدعم الرئيسية التي من المحتمل أن نصادفها، وهي تقريباً على غرار هيكل الفصل 6-1، أي أننا سنبدأ بأكثر أشكال الدعم وضوحاً في الفئة الأولى. وسوف نعطي في الأطر معلومات إضافية عن قضايا منهجية معينة وأمثل معينة - باستخدام بلد افتراضي يسمى سيديسبوس. ويلخص الشكل 9 في نهاية هذا الفصل أشكال الدعم في هذا البلد الافتراضي.
|
6-2-2 المنح الاستثمارية
ربما كان برنامج المنح الاستثمارية أوضح الأمثلة على الدعم الذي ينطوي على تحويلات مالية مباشرة ضمن الفئة الأولى. وتستخدم هذه الخطط عامة لشراء أو تحديث المعدات والمرافق، التي تؤدي إلى تحسين القدرة على المنافسة عن طريق زيادة كفاءة الإنتاج. وهذه الأشكال من الدعم تفيد عادة الاستثمار في مراكب الصيد أو تصنيع الأسماك، وإن كان من الممكن أيضاً وجودها في صناعة مستلزمات الإنتاج مثل بناء المراكب أو في القطاع الفرعي لتربية الأحياء المائية.
وتتألف قيمة هذا النوع من خطط الدعم بالنسبة لصناعة الصيد من قيمة المنحة ذاتها والقيمة التقديرية للفائدة التي كان من الممكن أن تترتب على تمويل هذا الاستثمار تجارياً. وتكون هذه الاستثمارات عموماً في الأصول الثابتة التي تستهلك تكلفتها خلال فترة من الوقت تمتد لعدة سنوات وبناء عليه ينبغي حساب قيمتها السنوية بالنسبة لصناعة الصيد. وينبغي أن تحسب فترة الإهلاك على أساس العمر الاقتصادي الافتراضي المتوقع لهذا النوع من الأصول. وقد يتعين علينا أيضاً أن نراعي تأثير التضخم وتغير القيم النقدية بمرور الوقت وحساب القيمة الحاضرة لتكلفة الإهلاك في سنة إجراء الدراسة.
6-2-3 الاستغناء عن المراكب وإخراجها من الخدمة
تستخدم البرامج التي تتضمن تحويلات مالية من أجل التقليل من قدرات الصيد في كثير من البلدان. وتتضمن هذه الخطط تقديم تعويضات مالية مقابل الاستغناء عن مراكب الصيد وإخراجها من الخدمة أو تصديرها إلى الخارج لبلدان أخرى. وتأثير هذه البرامج على ربحية صناعة الصيد معقد ويعتمد على وضع الخطة وتنفيذها. فإذا كان الغرض من الخطة هو تسهيل خروج أفراد من الصيادين من الخدمة - مثلما يحدث عند التقاعد - ستعود المنافع على بقية الصيادين حيث سيتم اقتسام الموارد الموجودة فيما بين عدد أقل من الصيادين مما يؤدي إلى زيادة إنتاجيتهم وربحيتهم - على افتراض أن المنح التي تقدم من أجل الاستغناء عن المراكب وإخراجها من الخدمة لن يُعاد استثمارها مطلقاً في القطاع وأن القطاع لن تنضم إليه عناصر جديدة تحل محل من خرجوا من الخدمة. وفي المدى البعيد، وإذا كانت خطة الاستغناء عن المراكب قد ترتب عليها حدوث انخفاض جوهري في جهود الصيد الحقيقية، قد يتضح تأثير ذلك أيضاً على شكل تحسن المصيد نظراً لتحسن قاعدة الموارد. ويفترض هذا السيناريو بالطبع أن قدرات الصيد الزائدة والصيد الجائر هما في المقام الأول أصل المشاكل.
أما في حالة إعادة استثمار المنح التي تقدم من أجل الاستغناء عن المراكب داخل القطاع، فإن الدعم يعني حقن مزيد من رأس المال المباشر في صناعة الصيد وأنه سيستخدم إما في تغطية مصروفات التشغيل أو في استثمارات أخرى ويمكن في هذه الحالة اعتباره ضمن الفئة الأولى من أشكال الدعم. وسوف يعتمد تأثير على الإنتاجية وعلى كمية المصيد على مدى تأثير هذه المصروفات على جهود الصيد الإجمالية وعلى حالة الموارد. أما في حالة عدم إعدام السفينة التي تم الاستغناء عنها ونقل هذا السفينة إلى منطقة صيد أخرى، ينبغي النظر في تأثير ذلك على المنطقة الجديدة من أجل تقدير التأثير الإجمالي للخطة على صناعة الصيد ككل.
وبناء عليه، فإن خطة إعادة شراء السفينة أو إعدامها يمكن أن تكون لها قيمة بالنسبة لصناعة الصيد بطرق مختلفة تبعاً لخصائص كل برنامج. فهناك منافع تعود على الصناعة من جراء زيادة قاعدة الموارد التي تصبح في متناول مراكب الصيد المتبقية لاستغلالها بالإضافة إلى التعويضات التي تُدفع مقابل إعدام المراكب أو تصديرها إلى الخارج. وتُصنف التحويلات المالية المباشرة التي تتم في إطار برامج إعادة شراء المراكب ضمن الفئة الأولي من أشكال الدعم. فإذا كان السعر الذي تدفعه الحكومة مقابل الاستغناء عن السفينة أعلى من سعر السوق الذي كان من الممكن أن تباع به السفينة لو أنها عُرِضت للبيع في السوق، فإن هذا الفائض يمثل قيمة الدعم الذي يذهب لصناعة الصيد. والتكاليف التي تتحملها الحكومة في ذلك هي المدفوعات الفعلية مضافاً إليها التكاليف الإدارية المتصلة بذلك. وتندرج الآثار الضمنية المترتبة على ذلك بالنسبة للموارد ضمن الفئتين الثالثة والرابعة من أشكال الدعم. ويمكن أن تكون هذه الآثار مباشرة أو في المدى البعيد، وهي تتصل بقيمة الوصول الحر إلى الموارد. ويمكن أن تكون هناك زيادة واضحة في الحصص التي تخصص لهؤلاء الصيادين أو تكون هناك إمكانية ضمنية لزيادة المصيد نظراً لقِلة المنافسة.
وتعد خطط إعادة شراء تراخيص وأذون وحصص الصيد من الخطط المماثلة التي يمكن أن تكون لها آثار مماثلة لبرامج الاستغناء عن المراكب وإخراجها من الخدمة، تبعاً لظروف كل حالة. ففي قطاع تصنيع الأسماك، توجد خطط مماثلة لترشيد عمل المصانع، أي دفع حوافز للتقليل من قدرات العمل. وتعد برامج إعادة تدريب الصيادين والموظفين الآخرين العاملين في القطاع لتسهيل إعادة تشغيلهم في صناعات أخرى، أي خارج قطاع الثروة السمكية، من التدابير التي تستهدف أيضاً التقليل من قدرات الصيد.
6-2-4 الاستثمارات المباشرة الجديدة
قد ينبغي علينا، في ضوء الظروف، اعتبار رأس المال الذي تقدمه الحكومة من قبيل الدعم الذي يندرج ضمن
الفئة الأولى من أشكال الدعم.
فإذا كان النظام الاقتصادي في البلد يقوم على درجة عالية من التدخل الحكومي في القطاع الإنتاجي بصفة عامة، فإن المشروعات المملوكة للدولة جزئياً أو كلياً كذلك في قطاع صناعة الصيد - مثل المفرخات، أو أحواض السفن أو شركات الصيد - سيكون التدخل من قبيل الدعم المعتاد وربما لا يكون من المناسب اعتبار الاستثمارات المباشرة الجديدة ضمن أشكال الدعم في الدراسة التي نجريها بشأن قطاع صناعة الصيد. كذلك، فإذا كانت الاستثمارات الرأسمالية التي تنفقها الدولة متفقة مع الممارسات الاستثمارية المعتادة وكانت تتم بالشروط التجارية فمن المرجح ألا تترتب على ذلك تكلفة بالنسبة للحكومة أو قيمة بالنسبة لصناعة الصيد - بمقارنة شروط الاستثمارات التي تنفقها الدولة بالشروط المعمول بها في سوق رأس المال - وبالتالي لا يمكن اعتبار ذلك من قبيل الدعم. ومع ذلك، فإن قضية رأس المال الحكومي والمشروعات المملوكة للدولة قضية معقدة، ويتضمن الإطار 6 مزيداً من التعاريف.
|
6-2-5 برامج دعم الدخل والتأمين ضد البطالة توجد خطط كثيرة لدعم الدخل وخطط للتأمين ضد البطالة بالنسبة للصيادين. وقد يكون بعض هذه الخطط جزءاً من خطط التأمينات الاجتماعية العامة بينما قد يكون بعضها الآخر لفائدة الصيادين دون غيرهم. وقد يكون تنفيذ هذه الخطط بتمويل مشترك من صناعة الصيد أو بتمويل عام. ومن أمثلتها:
وتندرج هذه الخطط، عموماً، ضمن الفئة الأولى من أشكال الدعم وقيمتها بالنسبة لصناعة الصيد مساوية للفرق بين الدخل الفعلي الذي يحصل عليه العاملون في وجود هذه الخطط وما كان من الممكن أن يحصلوا عليه بدونها. وينبغي خصم المساهمات التي تقدمها صناعة الصيد - أو المساهمات التي يسددها العاملون مباشرة، بخلاف ضريبة الدخل العادية أو غير ذلك من الرسوم الإجبارية التي لا صلة لها بالعمل في قطاع المصايد - للوصول إلى القيمة الصافية للدعم الذي تحصل عليه صناعة الصيد.
|
6-2-6 دعم الأسعار
يمكن أن يأخذ دعم سعر السوق عدة أشكال. وحسب التعريف الذي وضعته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يحدث هذا الدعم عندما يكون السعر المحلي للمُنتَج أعلى من السعر العالمي نتيجة لسياسة حكومية (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، 2000). وتندرج نظم تنظيم الأسعار كالتي يطبق منها في الاتحاد الأوروبي وفي النرويج، على سبيل المثال، إلى الفئة الأولى من أشكال الدعم. وتقضي هذه النظم بدفع تعويضات للصيادين الذين لا تحقق أسماكهم السعر القياسي المحدد. ويمكن لصناعة الصيد نفسها تمويل نظم تعويض الأسعار، جزئياً على الأقل، من خلال الرسوم التي يتم تحصيلها على إنزال الأسماك. وتكون قيمة الدعم بالنسبة لصناعة الصيد هي التعويض الفعلي الذي يُدفع على افتراض أنه يكون مساوياً للفرق بين المبلغ الذي كان من الممكن أن يحصل عليه الصياد في حالة عدم وجود خطة لدعم الأسعار ومجموع المبلغ الذي حصل عليه الصياد بموجب خطة الدعم. وفي حالة تمويل البرنامج بمشاركة من صناعة الصيد، ينبغي خصم مساهمة صناعة الصيد للوصول إلى القيمة الصافية لبرنامج الدعم. وفي حالة قيام جهاز حكومي بإدارة البرنامج، ينبغي أن تتضمن قيمة خطة الدعم بالنسبة للحكومة التكاليف التقديرية للإدارة بالإضافة إلى إجمالي المبالغ التي تُدفع على سبيل التعويض.
وبطبيعة الحال، يمكن أن يأخذ دعم الأسعار أشكالاً أخرى، ويمكن أن يرتبط، على سبيل المثال، بمستلزمات الصيد أو تربية الأحياء المائية، مثل العقاقير المستخدمة في تربية الأسماك أو دعم إنتاج معدات صيد معينة. كذلك قد يكون الدعم فيما يتعلق بتكاليف النقل، وكثيراً ما يكون ذلك بغرض التخفيف من متاعب الصيادين في المناطق النائية وإدماج أنشطة الصيد ضمن برامج التنمية الإقليمية.
|
6-2-6 دعم الأسعار
يمكن أن يأخذ دعم سعر السوق عدة أشكال. وحسب التعريف الذي وضعته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يحدث هذا الدعم عندما يكون السعر المحلي للمُنتَج أعلى من السعر العالمي نتيجة لسياسة حكومية (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، 2000). وتندرج نظم تنظيم الأسعار كالتي يطبق منها في الاتحاد الأوروبي وفي النرويج، على سبيل المثال، إلى الفئة الأولى من أشكال الدعم. وتقضي هذه النظم بدفع تعويضات للصيادين الذين لا تحقق أسماكهم السعر القياسي المحدد. ويمكن لصناعة الصيد نفسها تمويل نظم تعويض الأسعار، جزئياً على الأقل، من خلال الرسوم التي يتم تحصيلها على إنزال الأسماك. وتكون قيمة الدعم بالنسبة لصناعة الصيد هي التعويض الفعلي الذي يُدفع على افتراض أنه يكون مساوياً للفرق بين المبلغ الذي كان من الممكن أن يحصل عليه الصياد في حالة عدم وجود خطة لدعم الأسعار ومجموع المبلغ الذي حصل عليه الصياد بموجب خطة الدعم. وفي حالة تمويل البرنامج بمشاركة من صناعة الصيد، ينبغي خصم مساهمة صناعة الصيد للوصول إلى القيمة الصافية لبرنامج الدعم. وفي حالة قيام جهاز حكومي بإدارة البرنامج، ينبغي أن تتضمن قيمة خطة الدعم بالنسبة للحكومة التكاليف التقديرية للإدارة بالإضافة إلى إجمالي المبالغ التي تُدفع على سبيل التعويض.
وبطبيعة الحال، يمكن أن يأخذ دعم الأسعار أشكالاً أخرى، ويمكن أن يرتبط، على سبيل المثال، بمستلزمات الصيد أو تربية الأحياء المائية، مثل العقاقير المستخدمة في تربية الأسماك أو دعم إنتاج معدات صيد معينة. كذلك قد يكون الدعم فيما يتعلق بتكاليف النقل، وكثيراً ما يكون ذلك بغرض التخفيف من متاعب الصيادين في المناطق النائية وإدماج أنشطة الصيد ضمن برامج التنمية الإقليمية.
6-2-7 حوافز التصدير والتدخلات الأخرى في السوق
يمكن أن يحصل جانب التسويق في صناعة الصيد - سواء فيما يتعلق بالمبيعات المحلية أو التصدير - على كثير من أشكال الدعم بخلاف الدعم المباشر لسعر السوق، مثل:
|
وتندرج هذه الإجراءات عادة ضمن الفئتين الأولى والثانية من أشكال الدعم، وينبغي تصنيفها طبقاً لما إذا كان برنامج الدعم ينطوي على تحويلات مالية مباشر إلى صناعة الصيد (الفئة الأولى) أم لا ينطوي على مثل هذه التحويلات المالية المباشرة (الفئة الثانية). ويمكن تصنيف بعض الأنشطة ضمن الفئتين الثالثة والرابعة من أشكال الدعم، مثل بعض أنواع اللوائح التي تنظم الأسواق.
ويوجد العديد من الجوانب التي ينبغي أخذها في الاعتبار لدى تقدير قيمة الدعم. وعلى سبيل المثال، فعلى الرغم من أن تنظيم الأسواق الوطنية قد ينطوي على تكاليف إدارية - مثل تكاليف الموظفين والتكاليف العامة - فإن ذلك قد يشمل أيضاً مرافق أساسية مادية في شكل إقامة أسواق السمك. ومن الواضح أن مشروعات مرافق البنية الأساسية الكبيرة مثل أسواق السمك - وكذلك مرافئ الصيد التي سنتناولها بالمناقشة فيما يلي - تعد عموماًُ من أمثلة دعم الاستثمارات العامة في قطاع المصايد. وينبغي تقدير التكاليف التي تتحملها الحكومة سنوياً في هذا النوع من الدعم كتكاليف إهلاك سنوية بالإضافة إلى تكاليف الصيانة وتكاليف التشغيل الأخرى اللازمة لإدارة المرفق. وفيما يتعلق بقيمة هذا النوع من الدعم بالنسبة لصناعة الصيد، فمن المفضل تقديرها بالسعر السائد في السوق مقابل الانتفاع بالمرافق المماثلة. ومع ذلك، ففي كثير من الحالات، لا يوجد أي سعر بديل في السوق، وربما يتعين علينا أن نستخدم التكاليف التي تتحملها الحكومة كطريقة غير مباشرة عند تقدير قيمة الدعم بالنسبة لصناعة الصيد.
ومن الصعب تقدير الأنشطة الحكومية التي تمثل دعماً لجانب التسويق في قطاع مصايد الأسماك. وعلى سبيل المثال، فإن الترويج لاستهلاك الأسماك يمكن أن يكون جزءاً من حملة إعلامية واسعة تشنها الحكومة من أجل تشجيع عادات التغذية الصحية، وبالتالي يكون قطاع مصايد الأسماك واحداً من قطاعات الأغذية الكثيرة التي تستفيد من الحملة الإعلامية. وتقدير قيمة الحملة بالنسبة لقطاع المصايد ينبغي أن يقوم على أساس جزء من التكاليف العامة للحملة. ويمكن حساب التكاليف التي تعود على قطاع المصايد طبقاً لمؤشر للتوزيع يستند إلى القيمة المضافة الإجمالية الناتجة عن القطاعات الفرعية المختلفة، أي التي تُذكر عادة على أنها تمثل نصيب القطاعات الفرعية المختلفة في إجمالي الناتج المحلي(4). ومن مؤشرات التوزيع الأخرى لتي يمكن استخدامها، تبعاً للظروف، عدد العاملين أو إجمالي قيمة المبيعات في القطاعات الفرعية المختلفة.
-2-8 حصص الاستيراد، والتعريفات وغير ذلك من التدابير الحدودية
لا تنطوي التدابير الحدودية على تحويلات مالية إلى صناعة الصيد - أو منها - يمكن تصنيفها ضمن الفئة الثانية من أشكال الدعم. وتشمل هذه التدابير الإجراءات التنظيمية مثل حصص الاستيراد وغير ذلك من التدابير غير التعريفية، وفرض تعريفات جمركية على الواردات وكذلك حظر إنزال الأسماك من المراكب الأجنبية، وبذلك يمكن أن تمثل التدابير الحدودية مزايا مهمة لصناعة الصيد المحلية. وتمثل هذه التدابير في الواقع تحويلات من المستهلكين إلى الصيادين نتيجة للسياسات التي تطبقها الحكومة (Flaaten and Wallis 2000). وتعد التعريفات التصاعدية من التدابير الحكومية التي تعود بالفائدة على الصناعات السمكية بأن تسمح باستيراد الأسماك الخام بتعريفات جمركية أقل مما يتم تحصيله على المنتجات المصنعة. وبالنسبة للمستوردين والتجار الذين يبيعون المنتجات المستوردة، يمكن أن تمثل التعريفات الجمركية دعماً سلبياً مما يندرج ضمن الفئة الأولى من أشكال الدعم إذا كانت رسوم الاستيراد المفروضة على المنتجات السمكية أعلى مما هو مفروض على السلع المستوردة الأخرى، وخصوصاً المنتجات الغذائية.
وكثيراً ما يكون من الصعب تقدير قيمة التدابير الحدودية بالنسبة لصناعة الصيد. فإذا كانت هناك أسعار دولية معلومة للمنتجات المعنية، يمكن مقارنة الأسعار المحلية بها لتقدير مدى تأثير هذه التدابير على السوق المحلية وعلى هيكل الأسعار. وفي حالة وجود فرق بين الأسعار المحلية والأسعار الدولية لا يمكن إرجاعه إلى تأثيرات أخرى، يمكن استخدام هذا الفرق في استخلاص نتائج فيما يتعلق بتأثير التدابير الحدودية على إيرادات تصنيع الأسماك مثلاً. ومع ذلك، فمن بين أسباب صعوبة حساب "مكافئ دعم المنتجين" (أنظر الإطار 4) في قطاع مصايد الأسماك كثرة المنتجات السمكية المصنعة، كما أن الكثير منها يُنتَج من أجل أسواق معينة، وقد لا توجد منتجات قرينة لها في التجارة الدولية. ومن الصعب أيضاً أن نفترض عدم وجود تأثيرات أخرى وأن حساب قيمة الدعم قد يتطلب توافر بيانات إحصائية أكثر مما هو متاح.
|
وتوجد تدابير حدودية أخرى مثل القيود التي تفرض على الاستثمار الأجنبي المباشر، سواء في قطاع الصيد
أو التصنيع. ويمثل الحد من المنافسة عن طريق تقييد حرية الحركة في خدمات الصيد نوعاً من المساعدة الضمنية للصيادين المسموح لهم بالصيد. وتشمل هذه التدابير:
وتأثير هذه الأشكال من الدعم على الصناعة المحلية يكون في صورة الحد من المنافسة، وبالتالي زيادة نصيبها في السوق. وعندما نحاول تقدير قيمة اتساع السوق أمام الصناعة المحلية، قد نقابل صعوبات مماثلة لتلك التي نقابلها عند تقدير قيمة التدابير الحدودية الأخرى.
|
واستخدام التكاليف التي تتحملها الحكومة كمؤشر غير مباشر على قيمة الدعم بالنسبة لصناعة الصيد قد لا يبدو خياراً مُرضياً. فقد يتبين أن هذه التكاليف ليست إلا تكاليف إدارية طفيفة، ولا تعكس بالشكل المناسب القيمة الحقيقية للتدابير التي تتخذها الحكومة. كذلك قد يكون من الصعب تقدير التكاليف التي تتحملها الحكومة بالشكل الصحيح، فقد يتطلب ذلك إجراء حسابات عديدة للمصروفات العامة.
|
6-2-9 الإعفاء من الضريبة المفروضة على الوقود
ومن أشكال الدعم الشائعة في قطاع المصايد توفير الوقود لمراكب الصيد بضريبة مخفضة. وإذا كانت صناعة الصيد تحصل على الوقود بتكلفة أقل من التكلفة التي تتحملها الصناعات الأخرى، يمكن أن تندرج خطة الدعم ضمن الفئة الثانية من أشكال الدعم.
وتحسب قيمة الإعفاءات الضريبية بالفرق بين الشريحة الضريبية "المعتادة"، أي التي تطبق على القطاعات الاقتصادية الأخرى، والشريحة المخفضة المطبقة على صناعة الصيد. وبالنسبة للحكومة، يمكن اعتبار أن تكلفة برنامج الدعم هي الإيرادات الضريبية التي تنازلت عنها الحكومة وتضاف إلى التكاليف الإدارية المتصلة بالخطة.
أما أشكال التخفيضات الأخرى في الرسوم والضرائب العامة، والتي يترتب عليها حصول صناعة الصيد على المستلزمات والإمدادات والخدمات بأسعار أقل من أسعار السوق، فينبغي حساب قيمتها على أنها الفرق بين السعر الذي تتحمله صناعة الصيد بالفعل وسعر السوق أو السعر الذي تتحمله القطاعات الأخرى عموماً.
6-2-10 برامج الإعفاء من ضرائب الاستثمار والضرائب المؤجلة
ينبغي تقدير المنافع المترتبة على برامج الإعفاء من ضرائب الاستثمار بمقارنة الخطة المدعّمة بالقواعد الضريبية المعتادة المطبقة على الصناعات الأخرى. ومع ذلك، فلما كان هذا النوع من الإعفاءات الضريبية كثيراً ما يعني إعادة توزيع التكاليف على مدى عدة سنوات عن طريق السماح بسرعة إهلاك الأصول الثابتة - أي بمعدل أسرع من عمرها الحقيقي - أو بالسماح بأن تكون الاستثمارات من الأرباح غير الخاضعة للضرائب بشروط معينة، يكون من الصعب عادة حساب القيمة الفعلية لخطة الدعم بالنسبة لصناعة الصيد في سنة معينة. ومن بين الامتيازات التي تتمتع بها صناعة الصيد رأس المال الإضافي الذي يكون متاحاً لإنفاق استثمارات إضافية ويمكن تقدير قيمة ذلك على أساس قيمة أسعار الفائدة التجارية. وتشمل الامتيازات الأخرى تخفيف التفاوت في الدخل على مدى فترة معينة من السنين، وهذا يمثل دعماً يكون مساوياً، على سبيل المثال، للخسارة في الدخل أو تأمين ضد البطالة أو التكاليف المالية لاقتراض رأس المال العامل.
وبرامج تأجيل سداد الضرائب مماثلة لبرامج الإعفاء من ضريبة الاستثمار وينبغي أن تطبق في حساب المنافع المترتبة عليها طريقة مماثلة للطريقة المطبقة في حساب المنافع المترتبة على برامج الإعفاء من ضريبة الاستثمار. وفيما يتعلق بالتكاليف التي تتحملها الحكومة، ينبغي تقدير الإيرادات التي تتنازل عنها الحكومة من جراء ذلك.
6-2-11 تقديم القروض بشروط مواتية وضمانات القروض
عندما تقدم المؤسسات الحكومية قروضاً بشروط مواتية لصناعة الصيد، كثيراً ما تُصنّف هذه القروض ضمن الفئة الثانية من أشكال الدعم. ويمكن أن تكون القروض التي تُقدم بشروط مواتية على شكل قروض بأسعار فائدة مدعّمة أو غير ذلك من الشروط المُيسرة مثل تمديد فترة إهلاك الدين. وعندما تكون القروض بأسعار فائدة مدعّمة - أو عندما يكون من الممكن الحصول على سعر فائدة مواتٍ بمساعدة خطة لضمان القروض - يمكن تقدير قيمة خطة الدعم بالنسبة لصناعة الصيد بالمقارنة بين سعر الفائدة المدعّم وأسعار الفائدة السائدة في السوق. وعندما يقوم الدعم على شروط مواتية أخرى، تزداد صعوبة تقدير قيمته بالنسبة لصناعة الصيد، وينبغي أن يخضع للاستعراض على أساس كل حالة على حدة. وفيما يتعلق بالتكاليف التي تتحملها الحكومة، قد يكون من المناسب النظر في التكاليف المترتبة على المدفوعات الناتجة عن التخلف عن السداد. وفي غيبة مثل هذه التكاليف، تقتصر التكاليف التي تتحملها الحكومة على التكاليف الإدارية المترتبة على تنفيذ الخطة.
6-2-12 خطط التأمين الخاصة على سفن ومعدات الصيد
كثيراً ما تُصنّف خطط التأمين التي تديرها الحكومة أو تتحمل أعباءها ضمن الفئة الثانية من أشكال الدعم عندما تتضمن بالنسبة لصناعة الصيد شروطاً وأحكاماً أكثر تيسيراً مما هو مطبق في سوق التأمين التجارية. ويمكن تقدير قيمة هذه الخطط بالنسبة لصناعة الصيد بالفرق بين التكاليف الخاصة المدعّمة التي تتحملها صناعة الصيد والأسعار التجارية الموازية لها في سوق التأمين العادية. وفي حالة عدم وجود سعر سوق لنوع معين من التأمين، يمكن وضع تقدير تقريبي مع أخذ المخاطر المتوقعة في الاعتبار. ويمكن حساب التكاليف التي تتحملها الحكومة على اعتبار أنها تساوي مبلغ المطالبات التي تسدد بالإضافة إلى التكاليف الإدارية المترتبة على إدارة الخطة مع خصم أقساط التأمين التي تسددها صناعة الصيد. كذلك فإن قيمة الدعم بالنسبة لصناعة الصيد يمكن أن تُحسب على أساس التكاليف الفعلية التي تتحملها الحكومة، وخصوصاً إذا كانت قيمة المطالبات كبيرة ولم تكن هناك أسعار مطبقة في السوق على هذا النوع من التأمين.
6-2-13 التدريب والإرشاد
توفر صناعة الصيد أحياناً أنواعاً مختلفة من التدريب المتخصص وخدمات الإرشاد، بتمويل كامل أو جزئي من الحكومة. ويمكن أن تشمل الدورات التدريبية كيفية تداول الأسماك، والسلامة في عرض البحر أو طرق الملاحة. كذلك قد توفر حكومات كثيرة خدمات للإرشاد الغرض منها، على سبيل المثال، تسهيل إدخال التكنولوجيات الجديدة في قطاع تصنيع الأسماك أو الترويج لاستخدام زريعة الأسماك بطريقة أفضل في عمليات تربية الأحياء المائية بالمناطق الريفية. وعادة يؤدي تحسين المهارات إلى زيادة الدخل. وإذا أمكن خصم هذا التأثير مباشرة من خطة التدريب أو الإرشاد المدعّمة، يكون بوسعنا قياس التأثير، ويمكن أن يستخدم ذلك في تقدير قيمة الدعم بالنسبة لصناعة الصيد.
وقد يكون من السهل نسبياً هنا تقدير قيمة هذه الخدمات بالنسبة للحكومة، وخصوصاً إذا كان تقديمها يتم من خلال أجهزة مستقلة، مثل معهد للتدريب أو وحدة للإرشاد بقسم الثروة السمكية. وفيما يتعلق بقيمة الدورات التدريبية بالنسبة لصناعة الصيد، يمكن الاسترشاد بأسعار السوق الخاصة بتنظيم دورات تدريبية مماثلة في المجالات الأخرى.
6-2-14 خدمات التفتيش وإصدار شهادات الصلاحية
كان من نتائج التشدد في تطبيق شروط الجودة في البلدان الرئيسية المستوردة للأسماك في العالم أن تزايدت الضغوط من أجل ضمان جودة المنتجات المصدَّرة. وقد أصدر المستوردون الأوروبيون (المجموعة الأوروبية؛ الاتحاد الأوروبي الآن) أول قواعد لضمان جودة المنتجات السمكية في سنة 1991، وتوسعت منذ ذلك التاريخ في وضع هذه القواعد التي أصبحت تسمى "الضوابط الصحية الذاتية" التي تشمل تطبيق الضوابط الصحية وضوابط الجودة على سلسلة الإنتاج بأكملها. كذلك أدخلت بلدان أخرى قواعد مماثلة (FAO 2000b). فإذا كانت صناعة التصدير تقدم خدمات التفتيش على المنتجات وإصدار شهادات الصلاحية بدون مقابل أو بسعر أقل من تكاليف التشغيل اللازمة لتقديم هذه الخدمات، نستطيع تصنيفها ضمن الفئة الثانية من أشكال الدعم.
ومواصفات الإنتاج التي يشترطها المستوردون تتطلب عموماً استثمارات في المعدات ومرافق البنية الأساسية. فإذا كانت صناعة الصيد هي التي توفر هذه الاستثمارات، قد يكون لذلك في البداية تأثير سلبي على أرباحها وتكون الاستفادة منها في المدى المتوسط أو المدى البعيد. وبالتالي، يمكن تصنيفها ضمن الفئة الثالثة من أشكال الدعم. ومن الأفضل هنا أن يقوم تقدير قيمة التنظيمات والخدمات التي توفرها صناعة الصيد على أساس تقدير قيمة الزيادة في الصادرات إلى الأسواق التي تشترط شهادات الصلاحية وتكاليف الوفاء بهذه الاشتراطات.
6-2-15 مواني الصيد وغيرها من مرافق الصيد
توفر الحكومات عموماً مرافق البنية الأساسية مثل الطرق والسدود والكباري والمباني العامة، ويعد ذلك عادة من مسئوليات الحكومة: ومن المقبول أن تتولى الحكومة تمويل مرافق البنية الأساسية التي تفيد المواطنين عموماً،
عن طريق حصيلة الضرائب في الميزانية العامة (جزئياً على الأقل، وهناك أيضاً أمثلة كثيرة على مساهمة المستفيدين مباشرة في تكاليف بعض هذه المرافق العامة من خلال ضرائب المرور في الطرق، على سبيل المثال).
ومع ذلك، فإن المرافق التي تكون مخصصة لفئات من المواطنين أو لقطاع اقتصادي معين والتي لا تسترد الحكومة تكاليفها - تكاليف الاستثمار وتكاليف التشغيل - من هذه الفئات من المنتفعين يمكن اعتبارها شكلاً من أشكال الدعم. وأحياناً يكون من الصعب التمييز بين المرافق العامة والمرافق المخصصة لفئات معينة، وينبغي علينا عندئذ أن نعود إلى إطار الاقتصاد الكلي وإلى الممارسات الشائعة في البلد محل الدراسة لتحديد المرافق التي ينبغي اعتبارها شكلاً من أشكال الدعم لصناعة الصيد. ومن أوضح الأمثلة على هذا النوع من الدعم توفير التسهيلات في مواني الصيد. وعادة يسدِّد الصيادون رسوماً لاستخدام مواني الصيد، بيد أنه ما لم تكن هذه الرسوم تغطي تكاليف المباني وتكاليف صيانة المواني وتشغيلها بالكامل، يمكن حساب هذه المرافق والتسهيلات ضمن الفئة الثانية من أشكال الدعم. ومن الأمثلة الأخرى على مرافق البنية الأساسية المخصصة لصناعة الصيد أسواق الأسماك التي أشير إليها عند الحديث عن حوافز التصدير وغير ذلك من أشكال التدخل الأخرى في الأسواق المنوه عنها فيما سبق. والمبادئ الخاصة بتقدير تكاليف وقيمة المواني والتسهيلات الأخرى التي توفرها الحكومة هي نفس المبادئ التي تطبق في حالة أسواق الأسماك.
|
6-2-16 المدفوعات التي تؤدى للحكومات الأجنبية نظير سماحها بالصيد في مناطقها
يكون من حق الصيادين المحليين في بعض البلدان استغلال مناطق الصيد بدون مقابل بينما تسدد سفن الصيد الأجنبية رسوماً نظير ممارسة الصيد في المياه الإقليمية. وعندما تدفع الحكومة رسوماً للبلدان الأجنبية نظير الحصول على حق الصيد في مياهها، يمكن اعتبار هذه الرسوم ضمن الفئة الثانية من أشكال الدعم وتكون قيمتها بالنسبة لصناعة الصيد مساوية للرسوم السنوية الفعلية التي تؤديها الحكومة نظير الحصول على حقوق الصيد.
6-2-17 برامج البحوث والتطوير التي تنفذها الحكومات
وكثيراً ما تتولى الحكومات تمويل معاهد البحوث والأنشطة البحثية. وأحياناً تقوم صناعة الصيد أيضاً بأنشطة معينة في مجال البحوث والتطوير وبالتالي تكون البحوث التي تمولها الحكومة بمثابة دعم مباشر لتلك الأنشطة. وهناك بحوث أخرى تكون أقرب صلة بإدارة مصايد الأسماك وحماية الموارد، يمكن أن توفر معلومات خاصة بإدارة الموارد أو تؤدي إلى تطوير معدات الصيد وتكون صناعة الصيد مطالبة بعد ذلك بتطبيقها بحكم اللوائح. وربما كان من الأفضل تصنيف أنشطة البحوث والتطوير ضمن الفئة الثانية من أشكال الدعم. وفيما يتعلق بتقدير تكاليفها وقيمتها، فقد نقابل صعوبات مماثلة لما نقابله في تقدير قيمة الدعم بالنسبة لإدارة مصايد الأسماك، وربما يتعين علينا أن نفترض أن قيمة الدعم لصناعة الصيد مساوية للتكاليف التي تتحملها الحكومة (أنظر ما يلي).
|
6-2-18 إدارة مصايد الأسماك وبرامج حماية البيئة تعد إدارة مصايد الأسماك من أكثر المجالات تعقيداً فيما يتعلق بتقدير الدعم. ويمكن تقسيم الأنشطة التي تندرج ضمن إدارة مصايد الأسماك إلى ثلاثة مجالات رئيسية تغطي مجموعة من التدابير والبرامج، هي:
المصدر: Wallis and Flaaten 2000.
وعادة تنفق الحكومات أموالاً كثيرة على إدارة مصايد الأسماك. وطبقاً لدراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أنفِق ما مجموعه 4,9 مليار دولار، أو ما يساوي 77 في المائة من مجموع التحويلات المالية الحكومية لصناعة الصيد في البلدان الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (24 بلداً) في 1977 على "الخدمات العامة"، وهو تعريف يغطي الأنشطة الثلاثة التي تندرج ضمن إدارة مصايد الأسماك (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، 2000)(5). ويتم، في عدد قليل من البلدان، استرداد تكاليف إدارة مصايد الأسماك من صناعة الصيد، ومع ذلك فإن الوضع السائد في معظم البلدان هو أن هذه الخدمة تتحمل قيمتها إدارة الثروة السمكية ويتم تمويلها من الميزانية العامة. وطبقاً للتعريف الوارد بالدليل للدعم في قطاع صناعة الصيد، فإن السياق الوطني هو الذي يحدد ما إذا كان ينبغي علينا اعتبار إدارة مصايد الأسماك من الخدمات التي ينبغي تقديمها بدون مقابل - وبالتالي لا تحسب على أنها شكل من أشكال الدعم - أو ما إذا كانت تندرج ضمن أشكال الدعم لأن تكاليفها لا تُسترد.
ومن المرجح أن يستفيد الصيادون من إدارة مصايد الأسماك بزيادة الإنتاج المستدام من مصايد الأسماك، في المدى البعيد، في حالة نجاح تطبيق نظام الإدارة. وتوجد أيضاً منافع في المدى القريب والمدى المتوسط، نتيجة للحد من المنافسة - عندما يتضمن نظام الإدارة تقييد الوصول إلى مناطق الصيد - وكذلك بفضل الإجراءات واللوائح التي تسمح بنمو الأسماك إلى أحجام أكبر، وبالتالي زيادة عائد كل وحدة من وحدات الإنتاج (Wallis and Flaaten 2000). ومع ذلك، فقد يعاني الصيادون نتائج سلبية من تطبيق نظام الإدارة في المدى القريب إذا كان يتضمن تقييد كميات المصيد.
وبناء عليه، يمكن تصنيف الأنشطة المختلفة لإدارة مصايد الأسماك ضمن فئات مختلفة من أشكال الدعم. وربما يندرج معظمها ضمن الفئة الثانية وإن كانت الأنشطة الأخرى - التي يكون تأثيرها في المدى القريب (مثل الدعم السلبي) وفي المدى البعيد (مثل الدعم الإيجابي) - من الأفضل تصنيفها ضمن الفئة الثالثة من أشكال الدعم. وعموماً يندرج عدم وجود قواعد مناسبة ضمن الفئة الرابعة من أشكال الدعم، حيث تستفيد منها صناعة الصيد في المدى القريب على الرغم من نتائجها السلبية المحتملة في المدى البعيد. ومع ذلك، فمن المسلم به أنه قد يكون من الصعب الفصل بين الأجزاء المختلفة التي يقوم عليها نظام الإدارة في هذه الحالة.
ومن أمثلة البرامج والتدابير التي يمكن اعتبارها من أشكال الدعم المختلفة المتصلة بإدارة مصايد الأسماك وحماية البيئة ما يلي:
والخصائص الأساسية التي تميز خدمات إدارة مصايد الأسماك - أي كونها من الأنشطة التي لا تكون صناعة الصيد في وضع يسمح لها بتنظيمها وتنفيذها(6) - تجعل من الصعب تقدير سعر مكافئ لسعر السوق للأنواع المختلفة من خدمات الدعم. وبالتالي، فمن المرجح أننا سنضطر إلى قبول الاعتماد على التكاليف الحكومية كمؤشر غير مباشر في تقدير قيمة أنشطة إدارة مصايد الأسماك بالنسبة لصناعة الصيد. وربما لا تكون هذه الطريقة طريقة مُرضِية لتقدير الآثار المفترض حدوثها في المدى القريب وفي المدى البعيد
|
من جراء تقييد كمية المصيد أو استمرارية الموارد ومع ذلك ربما تكون هذه الطريقة هي طريقة القياس الوحيدة العملية. والقيمة الصافية للدعم تعادل مجموع النفقات الحكومية مطروحاً منها التكاليف التي يتم استردادها من صناعة الصيد. ويمكن أن يأخذ استرداد التكاليف شكل رسوم انتفاع أو ما شابهها. ومن المهم أن نقوم بتقدير القيمة الصافية لإدارة مصايد الأسماك منسوبة إلى التكاليف وقيمة الانتفاع بالموارد - وهو ما سنناقشه فيما يلي - نظراً للارتباط الوثيق بين العنصرين.
6-2-19 استغلال موارد الصيد بدون مقابل أو بتكلفة أقل من القيمة الفعلية
إن السماح للصيادين باستغلال الموارد بدون مقابل أو بسعر أدنى من القيمة الفعلية للموارد يمكن أن يمثل دعماً لصناعة الصيد يؤدي إلى تخفيض تكاليف الإنتاج، وهذا الشكل من أشكال الدعم يمكن تصنيفه ضمن الفئة الرابعة. ويصدق هذا في الحالات التي يكون فيها استغلال الموارد بدون مقابل وكذلك في نظم الإدارة التي تتضمن نقل حق الانتفاع إلى صناعة الصيد طبقاً لحصص مستديمة أو مؤقتة، مثل الحصص الفردية القابلة للتحويل. والحجج المنطقية التي يقوم عليها ذلك هي أن جميع الموارد الشحيحة لها قيمة بالنسبة للمجتمع وأن تمكين المنتفعين من استغلالها - سواء بشكل مباشر أو غير مباشر - عن طريق منحهم حقوق انتفاع رسمية بدون مقابل يجب أن يعد نوعاً من الدعم(7).
ولا ينبغي الخلط بين مفهوم الانتفاع بالموارد بدون مقابل والقضايا المختلفة المتصلة بإدارة الأسماك، التي ناقشناها من قبل، على الرغم من الارتباط الوثيق بين الأمرين. فتوفير الإدارة لمصايد الأسماك يمكن أن يكون دعماً في حد ذاته، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون هناك "دعم للموارد". ودعونا نفترض أن مصايد الأسماك لا تخضع لأي شكل من
|
أشكال الإدارة إدارة، وبالتالي يتمتع الصيادون بحق الانتفاع بالموارد بدون مقابل. هذا الوضع الأخير يعد دعماً. وحيثما يوجد نظام لإدارة المصايد وتوزع حصص الصيد على الصيادين بدون مقابل أو برسوم رمزية، يمكن القول إن صناعة الصيد تستفيد من "الدعم الذي تمثله إدارة المصايد" و "دعم الموارد". وفي نفس الوقت، ينبغي الإشارة إلى أن القضيتين مترابطتين - وعلى سبيل المثال فإن الحصة في منطقة للصيد تخضع لإدارة جيدة من المحتمل أن تكون قيمتها أعلى من حصة في منطقة للصيد لا تخضع لإدارة جيدة. وعلاوة على ذلك، فكثيراً ما تستخدم رسوم الانتفاع كأداة للإدارة.
وتدابير الدعم المصنفة ضمن الفئتين الثالثة والرابعة هي الأصعب من حيث تقدير قيمتها. ومع ذلك، ففيما يتعلق بإدارة مصايد الأسماك، التي ناقشناها من قبل، توجد تكاليف فعلية تتحملها الحكومة بالنسبة لنظام الإدارة القائم يمكن أن تتخذ أساساً لتقدير قيمة الخدمات المقدمة بالنسبة لصناعة الصيد. وبالنسبة لأشكال الدعم المصنفة ضمن الفئة الرابعة، لا توجد تكاليف تتحملها الحكومة - كما سبق التنويه - وبالتالي لا توجد مؤشرات غير مباشرة يمكن الاعتماد عليها. وعلاوة على ذلك، يوجد ترابط بين نظم إدارة المصايد ونظم الانتفاع بالموارد لأن رسوم الانتفاع تعتبر عادة آلية لاسترداد تكاليف الإدارة، الأمر الذي يزيد من تعقيد المسألة. فكيف يتسنى لنا تقدير قيمة الموارد؟
يمكن تقدير قيمة الموارد، طبقاً للنظرية الاقتصادية، على أنها تمثل تكلفة الفرصة البديلة بالنسبة للمجتمع - أو سعر الظل - لاستغلال الموارد السمكية بطريقة معينة. ويمكن تحديد رسوم الانتفاع بالمستوى الذي يسمح للحكومة باسترداد التكاليف الكاملة بالنسبة للمجتمع، أي بما في ذلك التكاليف المرتبطة بتأثير الصيد على الأنواع غير المستهدفة، وما يترتب على ذلك من تأثيرات بيئية والتكاليف العامة لاستنزاف الموارد في الوقت الحاضر وليس في المستقبل (Milazzo 1998). ومع ذلك، يمكن القول أيضاً إنه في حالة إغفال التكاليف البيئية والاجتماعية، فإن التكلفة المباشرة للفرصة البديلة لتوزيع الحصص بدون مقابل، على سبيل المثال، تكون مماثلة للسعر الذي كان من الممكن أن تحصل عليه الحكومة لو أنها وزعت حصص الصيد بطريقة أخرى، كأن يكون ذلك ببيع حقوق الصيد في السوق المفتوحة بأعلى عطاء. ويمكن أيضاً أن تكون القيمة بالنسبة لصناعة الصيد مماثلة لقيمة السوق، أي السعر الذي تكون صناعة الصيد على استعداد لدفعه مقابل الحصول على الحصة. وللأسف، لا توجد أمثلة كثيرة على توزيع حقوق الصيد بدون مقابل أو عن طريق السوق المفتوحة بأعلى عطاء يمكن الاسترشاد بها في تحديد قيمة الموارد السمكية بصفة عامة. وعلاوة على ذلك، يؤثر نظام الإدارة القائم على رسوم الانتفاع بالموارد، وهذا بدوره يمكن أن يؤثر على السعر الذي يكون الصيادون راغبين في دفعه أو على استعداد لتحمله كرسوم انتفاع. وبهذه الحلقة من الأسباب والآثار، يصعب تحديد القيمة الفعلية للموارد السمكية.
وكثير من البلدان تتقاضى رسوم ترخيص من سفن الصيد الأجنبية، ولكنها لا تتقاضى رسوماً من سفن الصيد الوطنية أو تفرض عليها رسوماً أقل كثيراً من الرسوم المفروضة على السفن الأجنبية. ويمكن استخدام هذا الفرق كمؤشر على قيمة الموارد السمكية، أي أن الدعم الذي تحصل على صناعة الصيد المحلية يكون مساوياً لرسوم الانتفاع بالموارد التي تتقاضاها الدولة من السفن الأجنبية مطروحاً منها الرسوم المحلية، إن وُجِدت. ومع ذلك، فمن الصعب هنا أيضاً فصل عنصر إدارة المصايد عن المنافع المترتبة على حقوق الانتفاع بالموارد. وتشير الدراسات إلى وجود تباين كبير في الرسوم المطبقة في الوقت الحاضر. وفي ضوء جميع أشكال رسوم الانتفاع سواء بالنسبة لسفن الصيد الأجنبية أو الوطنية ، يقول Milazzo (1998) إن الفرق يتراوح بين واحد في المائة وأكثر من ثلث قيمة الإنتاج تسليم رصيف الإنزال. ويستخدم Milazzo نسبتي 5 في المائة و 10 في المائة من قيمة الإنتاج تسليم رصيف الإنزال كتقديرين مختلفين لقيمة الدعم المحلي لرسوم الانتفاع بالموارد (مع استبعاد أساطيل الصيد في المياه البعيدة). وتشمل هذه الأرقام كلا من "دعم إدارة مصايد الأسماك" و "دعم الموارد السمكية". وفي هذه اللحظة فقط يبدأ اهتمامنا بـ"دعم الموارد السمكية". وفي غيبة القيم الحقيقية أو أي معايير دولية يمكن الاعتماد عليها، يقترح الدليل استخدام قيمة عامة مماثلة لتقدير قيمة رسوم الانتفاع بالموارد السمكية بنسبة تتراوح بين 3 في المائة و 5 في المائة من قيمة الإنتاج تسليم رصيف الإنزال. وينبغي إضافة هذه القيمة إلى تكاليف الدعم بالنسبة للإدارة، على نحو ما جاء في المناقشة السابقة، على أن تخصم من ذلك رسوم الانتفاع الفعلية أو رسوم حقوق الصيد المفروضة على الصيادين للوصول إلى مجموع الدعم بالنسبة لإدارة المصايد وحقوق الانتفاع بالموارد.
|
6-2-20 عدم اتخاذ إجراءات لمكافحة التلوث
إذا كانت الحكومة تسمح لصناعة الصيد بإحداث تلوث يفوق ما هو مسموح به للصناعات الأخرى، يمكننا تحديد شكل آخر من أشكال الدعم التي تندرج ضمن الفئة الرابعة. وهذا الشكل من أشكال الدعم من الصعب أيضاً تقدير قيمته بالنسبة لصناعة الصيد: فكيف نقرر المستوى "المعتاد" لمكافحة التلوث؟ في الأوضاع التي يتم فيها استرداد التكاليف بالكامل والأوضاع المماثلة لما تناولته المناقشة السابقة الخاصة برسوم إدارة مصايد الأسماك ورسوم الانتفاع، ينبغي أن يدفع قطاع مصايد الأسماك تعويضات عن كل الآثار الجانبية التي تتعرض لها البيئة والمؤثرات السلبية الخارجية التي تتعرض لها القطاعات الأخرى. ويقترح الدليل تقدير قيمة هذا الشكل من أشكال الدعم بمقارنة قطاع المصايد بالقطاعات الاقتصادية الأخرى لتحديد المجالات التي تكون فيها صناعة الصيد أقل خضوعاً للضوابط الخاصة بمكافحة التلوث من القطاعات الأخرى. وهنا تكون قيمة عدم فرض ضوابط على التلوث مساوية لقيمة ما يلزم إدخاله من التغيير في المعدات والممارسات من أجل وقف الممارسات التي تؤدي إلى حدوث التلوث.
6-2-21 عدم تنفيذ القواعد واللوائح القائمة
وهناك وضع آخر يمكن تصنيفه ضمن الفئة الرابعة من أشكال الدعم، وهو عدم تنفيذ القواعد واللوائح القائمة. وهذا ينطبق، على سبيل المثال، على القواعد الصحية وضوابط الجودة التي لا يتم تنفيذها أو الرسوم التي كان من الواجب تحصيلها ولكنها لا تُحصل.
يتضح من المناقشة السابقة حول كيفية تقدير أشكال الدعم التي يستفيد منها قطاع مصايد الأسماك أنه على الرغم من السهولة النسبية لقياس أشكال الدعم التي تندرج ضمن الفئتين الأولى والثانية، فمن الصعب كثيراً تحديد الأشكال التي تندرج ضمن الفئتين الثالثة والرابعة وتحديد قيمة معقولة لها. وفي الأمثلة التي استشهدنا بها، كانت القيم التي استطعنا تقديرها في المدى القريب فقط. وهذا أمر يؤسف له لأن من بين الخصائص المميزة لهاتين الفئتين أن تأثيرهما يكون في المدى البعيد.
والتركيز في الدليل على التأثير في المدى القريب لا يعني أن التأثيرات في المدى البعيد ليست ذات أهمية. فمن المسلم به أن أشكال الدعم يكون تأثيرها أبعد كثيراً من حدوث تغيير فوري في الأرباح وأبعد من تأثيرها على الميزانية العامة الجارية. إذ تؤثر أشكال الدعم في المدى البعيد على الهيكل الفعلي لصناعة الصيد من خلال تأثيرها على الأداء الاقتصادي وعلى تغيير سلوك العناصر الفاعلة في قطاع صناعة الصيد. وكثيراً ما يكون ذلك هو السبب الذي تقدم الحكومة الدعم من أجله: وهو التأثير على تنمية قطاع المصايد عن طريق تقديم حوافز لعمل أشياء معينة بطريقة معينة، بما يعود بفائدة على المجتمع. وبالتالي، سيكون الأثر في المدى البعيد محسوساً على مستوى الاقتصاد ككل في شكل أعباء أو منافع بالنسبة للبيئة والمجتمع وكذلك على مستوى صناعة الصيد. وهذا يصدق أيضاً، بطبيعة الحال، على الفئة الرابعة من أشكال الدعم، على الرغم من أن هذا الدعم لا يتأتى بقرارات واعية بل لأن صناعة الصيد أو المجتمع - والهيكل الاقتصادي القائم - قد تغير مع مرور الوقت مما أدى إلى ظهور أوضاع جديدة.
ومع ذلك، فبالمعلومات المتاحة لدينا حتى الآن، يصعب علينا تقدير الجوانب بعيدة المدى، ولذلك فإن تركيز الدليل فيما يتعلق بتقدير الدعم يظل في المدى القريب. والتقدير الذي نحن بصدده ينحصر في التقاط "صورة سريعة" للوضع الراهن. وفي نفس الوقت فإننا قد نشعر بأن هذه الصورة ليست كافية وأنه لا مفر من أن نخطو خطوة مهمة نحو زيادة الإلمام بتأثير أشكال الدعم في المدى البعيد أيضاً.
وينبغي ألا تغيب تلك القضايا عن أذهاننا ونحن نستعرض الشكل 9 الذي يلخص أمثلة أشكال الدعم التي سبق استعراضها بإيجاز تحت البند 6-2.
الشكل 9 قائمة بأشكال الدعم في قطاع صناعة الصيد بدولة سيديسبوس (في سنة 2000) *
* القيم المبينة في الجدول وفي الأمثلة التالية افتراضية ولا تمثل بالضرورة أي تكاليف أو قيم حقيقية. |
(1) ينطوي ذلك بالطبع على تبسيط شديد للواقع، إذ يمكن الدفع بأن حساب التكاليف الحقيقية التي يتحملها القطاع العام أو المجتمع يتطلب إجراء تحليل أوسع من ذلك بكثير يتناول تكلفة الفرصة البديلة، والعوامل الخارجية والتأثير على البيئة في المدى البعيد. ويمكن الإلمام ببعض هذه الجوانب لدى تقدير قيمة أشكال الدعم المختلفة، ومع ذلك فالحقيقة هي أن من الصعب عملياً إجراء تقييم اقتصادي متعمق يُعتمد عليه لقيمة الدعم في قطاع مصايد الأسماك. وبالتالي، فإن إجراء تحليل كمي في هذا الصدد يتجاوز نطاق الدراسة التي يتحدث عنها الدليل، ومع ذلك فإن أي معلومات كمية يمكن إضافتها إلى نتائج الدراسة ستكون لها قيمتها بالطبع.
(2) يناقش Schrank and Keithley Jr. (1999) إمكانية استخدام المفهوم النظري الخاص المنافسة الكاملة كمعيار مرجعي عند تقدير الدعم. ومع ذلك فإنهما يخلصان إلى أن هذا المعيار "لم يتبلور بعد إلى الدرجة التي تجعل منه مفهوماً قابلاً للتطبيق" (Schrank and Keithley Jr.، 1999، صفحة 157). وثمة معيار مرجعي آخر مقترح وهو كفاءة تخصيص الموارد (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، 1993)، الذي يناقشه الإطار 4). وهذا المعيار أقرب من إلى التعريف العملي الذي يوصي به الدليل، ولكن المعيار النظري لا يمكن تطبقه بالكامل ولذلك لم يُستخدم.
(3) - مراعاة للتوضيح، ينبغي التنويه إلى أن الدليل يستخدم عموماً مصطلح "الدعم" على أنه يعني - حسب التعريف السابق - جميع الإجراءات التي تتخذها الحكومة أو تمتنع عن اتخاذها. وأحياناً يستخدم مصطلح تدابير أو برامج الإعانات بنفس المعنى. وفيما يتعلق بالأعباء التي تتحملها الحكومة (أو الإيرادات التي تحصل عليها) من جراء أشكال الدعم، تستخدم عبارات الإنفاق العام والمصروفات العامة والتكاليف العامة، والآثار التي تتحملها الميزانية العامة للدلالة على نفس الشيء، ما لم يُنوه عن شيء آخر. كذلك، يشار أحياناً إلى قطاع صناعة الصيد على أنها القطاع الخاص أو الأفراد أو الشركات أو المؤسسات المعنية باستغلال المصايد.
(4) - ينبغي ملاحظة أن قياس المساهمة الإجمالية لقطاع المصايد - حسب التعريف المبين في الدليل - في إجمالي الناتج المحلي قد تشمل مساهمات من قطاعات فرعية لا تندرج في التقارير على أنها ضمن قطاع مصايد الأسماك، مثل تصنيع الأغذية والصناعات الميكانيكية.
(5) - ينبغي ملاحظة أن تعريف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للتحويلات المالية الحكومية أضيق من تعريف الدعم الوارد بالدليل، ولا يشمل على سبيل المثال تدابير دعم الأسعار. كذلك كانت الدراسة تغطي قطاع المصايد الطبيعية فقط. ومع ذلك، فإن نسبة الأموال التي أُنفقت على إدارة مصايد الأسماك تعد كبيرة.
(6) - توجد عدة أسباب ليس من المتوقع معها أن تستطيع صناعة الصيد تنفيذ برامج لإدارة المصايد، أي أنها تفتقر إلى السلطة القانونية اللازمة لإنجاح تطبيق قواعد ولوائح إدارة مصايد الأسماك؛ فصناعة الصيد ليست عموماً مخولة بمنع دخول عناصر جديدة أو فرض قيود على شركات الصيد؛ كما أن كون الموارد السمكية من الموارد العامة يغري بالسلوك غير الملتزم من جانب الأفراد في صناعة الصيد (Hannesson 2000).
(7) - توجد بالطبع آراء مختلفة في هذا الشأن وتستند هذه الحجج إلى مفهوم حقوق المِلكية (Schrank and Keithly Jr. 1999).