3- 1 لابد من الاعتراف بالفروق الجنسانية في مجال حيازة الأراضى إذا أردنا تحقيق الأهداف التى نضعها مثل زيادة الإنتاجية، وتوفير المساكن المناسبة وترويج الإدارة المستدامة للموارد. فلابد من أطر لسياسات حيازة الأراضي تعالج بصورة صريحة إدراج البعد الجنساني عند الحصول على الأراضى. فما لم يكن هناك اهتمام محدد بأن الأمر يشمل الجنسين، فربما استبعدت فئات هامة من المجتمع من الاستفادة من إدارة الأراضى وتنظيمها ومن خطط التنمية. وقد برز هذا في نتائج مؤتمر القمة العالمي للمرأة (4)، حيث تبين أنه في أغلب مجتمعات اليوم >هناك فروق كبيرة بين الجنسين في الحصول على الأراضى والمأوى والبنية الأساسية. وأخيرا، وإن لم يكن آخرا، فإن الحصول على الأراضى بالتساوي هو حق من حقوق احنسان، وكما قالت اللجنة المعنية بأوضاع المرأة التابعة للمجلس الاقتصادى والاجتماعي للأمم المتحدة "إن التفرقة في حقوق الحصول على الأراضي هي انتهاك لحقوق الإنسان " (5).
3-2 في كثير من البلدان، مازال هناك نقص فى الأحكام الحزمة التي تعطي المرأة حقها في امتلاك الأراضى مستقلة في ذلك عن زوجها أو أقاربها من الذكور. فالقوانين التشريعية لا تنص فى أغلب الأحيان على حقوق مستقلة للمرأة، وحتى عندما توجد مثل هذه التشريعات، لا توجد آليات إنفاذها في أغلب الأحيان. وفى المجتمعات التقليدية أو "العرفية"، فإن حق المرأة فى الحصول بصورة مباشرة على الأراضي عن طريق الشراء أو الميراث تكون محدودة غالبا، رغم أنه قد يكون لها حقوق أكبر من الرجل في الإدارة والاستخدام. ونظرا لأن المرأة هي فى أغلب الأحيان المنتج الرنيسي لغذاء الأسرة، فإن هناك عادة أحكاما عرفية تتعلق بحصولها على الأراضي بصورة غير مباشرة كحقها فى استخداحم هذه الأراضى الذي تكتسبه من خلال علاقات القرابة ووضعها كزوجة أو أم أو أخت أو ابنة (انظر الشكل رقم 1)
3- 3 ورغم ذلك، فإن بعض حقوق الاستخدام قد لا تعطى المرأة وغيرها من الأفراد المعالين قدر ا كافيا من الإحساس بالأمن .عندما تتفكك الروابط الأسرية المعتادة.
فمن خلال حركة العمالة، والطلاق والانفصال أو الوفاة، أصبحت هناك أعداد متزايدة من النساء اللواتي ربات أسرهن. وهن اللائي يتخذن القرارات اليومية التى تؤثر على المسكن وإنتاج الأغذية واقتصاديات الأسرة. ورغم ذلك فإن نسبة ضئيلة من تلك النساء لهن حقوق مضمونة في الأرض. وبالمثل، ففي بعض المجتمعات ينبثق الحق فى امتلاك الأراضي من سلسلة نسب الإناث، وفى هذه الحالة فإن شركائهن من الذكور والأطفال قد يتعرضون للحرمان مع تغير المجتمع.
3 -4 والتوسع العمراني عنصر رئيسى فى مثل هذه التغيرات التي تحدث في المجتمع. فقد لاحظ مؤتمر الأمم المتحدة الثاني المعنى بالمستوطنات البشرية أن السكان والاستئمارات تنجذب إلى المدن، وأن هذا الاتجاه ينتظر أن يتسارع في المستقبل. ويقدر فريدمان (6) أن النساء يتولين مسؤولية إعالة ما بين في المائة و في المائة من سكان المناطق الحضرية، أي أنهن مسؤولات عن الغذاء وغيره من أمور الأسرة. والمتوقع أن يكون العدد أكبر من ذلك في الكثير من البلدان النامية، حيث عدد أفراد الأسرة كبير وبالتالي تكبر معه مسؤولية المرأة. ومن ناحية أخرى فإن هناك أعدادا متزايدة من الرجال والأطفال المشردين ولابد من معالجة هذه التغييرات المرتبطة بالتركيبة الجنسانية فيما يتعلق برعاية الأسر والمجتمع فى مشروعات الإسكان والتنمية الاقتصادية الموجهة إلى مجموعات بعينها، عن طريق ترتيبات خاصة للائتمان أو الإيجار مثلا.
3-5 أسفرت الهجرة إلى المراكز الحضرية عن زيادة سريعة في عدد الأسر الريفية التي ترأسها نساء والكثير منهن لا يتمتعن إلا بأقل قدر من السلطة الاجتماعية (أمهات غير متزوجات أو أرامل أو مطلقات أو زوجات عمال مهاجرين أو مسنات أو من المعاقات). وأغلبيتهن لا يتمتعن بسلطة فعالة في اتخاذ القرار، وليس لهن صوت في الغالب في الإدارة المحلية، ولا يتمتعن بأي ضمانات كأفراد في ظل القوانين التقليدية. وأى محاولات تبذل لتأكيد حقوقهن قد تسبب نزاعات على مستوى المجتمع المحلى بل وعلى مستوى البلد ككل. وفى أغلب الأحيان لا يترك للنساء سوى الحقوق التى فد ينص عليها في وصايا أقاربهن من الذكور. وقد ينتهى الأمر بالعازبات أو المطلقات أو الأرامل بالاعتماد على البر تحصل عليه من قريب بعيد.
3-6 وفى نفس الوقت فإن الأسر التي ترأسها نساء تواجه مسؤولية بنتاج الأغذية للأعداد المتزايدة من السكان. وحتى في الأسر التي يرأسها ذكور، فإن المرأة تتحمل فى أغلب الأحيان المسؤولية الأولى عن إنتاج الغذاء بينما يركز الرجال عادة على المحاصيل النقدية فالمرأة الريفية بالذات مسؤولة عن نصف ما ينتجه العالم من أغذية، وتنتج بالفعل ما يتراوح بين 60 في المائة و في المائة من الأغذية في أغلب البلدان النامية. وفى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وفى منطقة الكاريبى، تنتج المرأة نحو 80 في المائة من الأغذية الأساسية. وفى آسيا تقوم المرأة بما بين 0 5 فى المائة و 90 في المائة من العمل في حقول الأرز. وبعد الحصاد، تتحمل المرأة الريفية في البلدان النامية المسؤولية الكاملة تقريبا عن عمليات التخزين و المناولة و التسويق و التجهيز.
3-7 إن إتاحة الفرصة للحصول على الأراضي بصورة متكافئة بقدر أكبر لا يعنى مجرد معالجة كمية الحقوق المخصصة فللاستفادة من الحقوق والفرص، لابد من أن يكون امتلاك الأراضى قابلا للتنفيذ ومضمونا (ضد المصادرة بالقوة أو بالقانون مثلا). كما أن الحصول المتكافئ على الأرض ينبغي أن يكون فعالا، كأن يتضمن الحصول المتكافئ على وسائل النقل والانتمان والدخول إلى الأسواق وغير نلك. ولابد أيضا من توفير الدعم من جانب المؤسسات القانونية والعرفية والأسرية إذا أردنا تحسين فرص الحصول على الأراضى بصورة فعلية أمام الرجال و النساء.
3-8 ولتحقيق المساواة بين الجنسين، سواء على أساس حقوق الإنساق أو لأسباب تتعلق بالكفاءة الاقتصادية، فإن هناك تحديات أساسية أمام إد ارة الأراضى، وهى:
فهم وإدراك تعقيد نظم حقوق الملكية في علاقتها بالأدوار الدينامية للرجال والنساء على السواء فى مجتمعات اليوم.
إقامة هياكل تنظيمية فعالة بإمكانها أن تحمى وتعزز فرص الحصول المتكافئ على الأرض في إطار أهداف سياسات الأراضي في مجتمع بعينه.
ولاشك أن لذلك أهميته نظرا لأن الأرض هي المصدر الأساسي للدخل وللأمن الغدائى في غالبية الأسر الريفية في العديد من البلدان.
3-9 وليست هذه بالتحديات السهلة، إذ أن ترتيبات حيازة الأراضى لها ديناميتها وقد تختلف اختلافا كبيرا من بلد إلى آخر. بل إنه قد لا يكون هناك اتفاق واضح في الآراء، سواء على مستوى البلد أو الإقليم- حول أهداف السياسات. ورغم هذه الصعوبات، فحبد لإدارة الأراضي أن تفهم الكيفية التي يؤثر بها الإصلاح الزراعي أو إدارة الأراضي أو مشروعات تنمية الأراضي على الأراضي نفسها من المنظور الجنساني.
3-10 هناك شواهد متزايدة على أن نتانج أنشطة الإصلاح الزراعي وإدارة الأراضى لها تأئير مختلف على كل من الرجل والمرأة (7) فقد جرى العرف على أن إشراك الرجل باعتباره الرب الشرعي لخسرة كمستفيد رئيسي في هذه البرامج، يعتبر كافيا لضمان مساواة أفراد الأسرة الاخرين في التمتع بمنافع هذه المشروعات باعتباره العائل لهم. أما اليوم فإن هناك اعترافا متزايدا بأن هذا الافتراض غير سليم.
3-11 في ظل التحولات الديموغرافية الهامة في المناطق الريفية والحضرية، كان لابد لمنظمات التنمية والمهنيين العاملين في هذا المجال إيجاد استراتيجيات جديدة لمعالجة القضايا الجنسانية. ففي قطاع الأراضي، قد يعنى ذلك إعطاء الرجال والنساء- سواء مباشرة أو عن طريق الملكية المشتركة- قدرا أكبر من ضمانات الحيازة وفرصا أفضل للحصول على الأراضى. فزيادة الضمانات المتعلقة بالحق في الأرض، يعزز من قدرة الحائز على اتخاذ القرارات بشأن الاستراتيجيات الاقتصاثية المناسبة التى قد تنطوي على التحول عن الزراعة المعيشية. فضمانات الحيازة هى مفتاح تمكين الأفراد والأسر من المشاركة بصورة فعالة في التنمية الاقتصادية.
3 -12 والقول بأن ظهور هذه الرؤية الجديدة جاء في حينه، وتؤكده بعض خبرات الماضي. إذ حسب قول ريشيلليو وآدموند (1997)(8) : فإن "النساء اللواتي يتمتعن بالحصول على مجموعة مختلفة من الأشجار والموارد الحرجية والرعوية في مختلف المناطق الريفية، قد يواجهن قيودا على حيازتهن، بعد أن تضع حقوق هذه الملكية الرسمية للأراضي أو بعض الإصلاحات في حيازة الأراضي قدرا أكبر من السلطة في أيدي ملاك الأراضى، سواء كانوا من الرجال أو النساء. وحتى عندما يعطى حق الملكية رسميا إلى الزوج والزوجة معا، فإن المرأة قد تفقد سلطتها في اتخاذ القرار بشأن ممتلكاتها السابقة في المزرعة أو خارجها، عندما يتولى (أرباب الأسر)المسؤولية الكاملة والخالصة عن إدارة ارض الأسرة وكل ما عليها من نباتات وحيوانات "
3- 13 هناك مثل آخر يضربه لاستاريا كورنيلى (1997) (9) : "في أوساط قبانل الماندينكا فى غامبيا، هناك اعتراف بالملكية المشاع والملكية الفردية معا: فالأراضى التي تطهرها الأسرة، والتط تعرف باسم maruo` تزرعها الأسرة بصورة جماعية وإن كانت تحت إشراف رب الأسرة الذكر، أما الأراضى التى يطهرها الأفراد، والتى تعرف باسم kamanyango والتى تطهرها امرأة من أفراد الأسرة فتعطيها الحق فى الحصول على الأرض باستقلال جزئي، وإدارة أرباحها وإمكانية نقلها إلى بناتها وفى أواخر الأربعينات وأوانل الخمسينات سعت النساء إلى الحصول على حق امتلاك أراضى الأرز الجديدة بتطهير مستنقعات المنغروف القديمة. وفى عام 1984, سعى مشروع الري في جاهالى بائشار- وهو المشروع الذي صمم بهدف زيادة إنتاجية الأرز الشعير بزراعته على مدار السنة- إلى إعطاء الحق في ملكية الأراضي إلى النساء، إحساسا منه بأن المرأة هي المزارع الرئيسي في هذه المنطقة. وقام أرباب الأسر )وهم من الذكور عادة( بتسجيل أراضى بأسماء النساء، ولكنهم حولوها إلى أراضى maruo` بعد ذلك ".
3 -14 وتحتوى وثيقة "مجموعة أدوات القضايا الجنسانية في الزراعة التى أعدها البنك الدولي على الملاحظة التالية: " إن حقوق ملكية الأراضي وحيازتها يميلان إلى الوقوع فى أيدي الرجال، سواء بحكم الظروف القانونية أو التقاليد الاجتماعية الثقافية. وقد مال الإصلاح الزراعي وإعادة التوطين إلى تزيز هذا التحيز ضد ملكية النساء. فمن الشائع أن ثحرم المرأة من ملكية الأرض. وإذا قورنت بالرجل، فإنها تزرع مساحات صغيرة ومتناثرة مع فرصة أقل في الحصول على صك الملكية أو الحيازة المضمونة، أو على نفس حقوق الرجل فى استخدام هذه الأرض أو تحسينها أو التخلص منها"
3-15 إن المعلومات الإحصائية غير كاملة، وحتى عندما تتوافر، فإن عدم تجانسها يجعل مقارنتها أمرا صعبا، وعلى سبيل المثال، فإن تعريف "الملكية"، في بعض الحالات، لا يأخذ فى اعتباره "الملكية المشتركة". ويقدر بعض الباحثين (11)ملكية المرأة بأقل من 10 في المائة على مستوى العالم. ويقول البعض الاخر أن النساء ربما كان لهن حق استخدام الأراضى وإدارتها بصورة مباشرة أكثر من الرجل، رغم حقهن يقل عن حق الرجل بالنسبة للملكية. ومع ذلك، فإن التفرقة بين سلطة اتخاذ القرار وعنصر العمل هي تفرقة مثيرة في الكثير من الحالات.
3-16 إن النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون داخل الأسر التى يمكن اعتبار أن المرأة ترأسها فعلا أو شرعا، هي نسبة فى ارتفاع دائم (12) وهناك حاجة إلى إعادة النظر في كيفية تخصيص حقوق الملكية وضمانها. كما أن هناك حاجة إلى فهم أفضل للعلاقات المعقدة بين استخدام الأراضي وإدارتها وملكيتها. ولاشك أن أي شهادة بسيطة للملكية لن تعكس بالتأكيد حقوق الملكية المختلفة الموجودة في الكثير من ا لثقافات.
3-17 ويبين الإطار 1 والفقرات التالية الصعوبات التي تواجه حماية فرص الحصول على الأراضى وزيادة هذه الفرص.
3- 18 توثيق الحيازة العرفية: هناك اهتمام متزايد في العديد من البلدان الأفريقية بتوثيق الحقوق العرفية (قانون الأراضي لعام 1998 في أوغندا على سبيل المثال). ومن الحجج التي تساق مساندة لتسجيل شهادات الحيازة العرفية هذه هي أن هذه العمليات سوف:
الإطار 1
المشاغل الكبرى
أسباب الفقر فى أوساط النساء الريفيات وأسرهن (13):
قلة فرص حصول النساء على الموارد الإنتاجية والخدمات والتحكم فيها
البطالة المقنعة فى اوساط النساء الريفيات بصورة خطيرة
عدم المساواة المستمرة بين الرجل والمرأة فى فرص العمل والحصول على تعويضات
استبعاد النساء والفقراء من عمليتي اتخاذ القرار ووضع السياسات
البينة القانونية التي تحابى حقوق الرجال على حساب حقوق النساء
الضغوط الجديدة التي تؤثر على الترتيبات التقليدية:
تغير الظروف الاجتماعية- الاقتصادية مثل زيادة عدد السكان، وظهور أنماط
جديدة من العمل، ونمو الاقتصاديات النقدية
الهجرة إلى المناطق الحضرية وما حولها
; إدماج و/ أو إحلال هيئات من الحكوماث الوطنية والمحلية محل المؤسسلت القبلية والدينية التقليدية
التغيرات التي تطرأ على أنماط الميراث، لاسيما مع زيادة التعليم وفرص العمل بالخارج
التغيرات التي تطرأ على هيكل الأسرة بسبب الوفاة أو العجز أو الطلاق أو الهجر
صعوبات توفير مساكن حضرية مناسبة (14):
إن الحصول على صك ملكية يسمح بتسجيل (ونقل) الأراضي رسميا شرط يصعب تحقيقه بالنسبة للفقراء، بسبب تكلليفه والوقت الذي يحتاجه.
إن التعامل مع الببروقراطية وتفديم مستندات ومعلومات عند الدخول الى الفنوات الرسمية يحتاج ايضا إلى وقت طويل والى تعليم
وضع لوائح لاستخدام الأراضى تؤثر سلبيا على الأنشطة المولدة للدخل وعلى سلامة هؤلاء النين يعملون من منازلهم
تعطى قدرا أكبر من الضمان لحيازة الأراضى المملوكة عرفيا.
توفير وثيقة يمكن استخدامها ضمانا للحصول على قروض.
توفير قدر أكبر من المعلومات من أجل التخطيط وإدارة الأراضى.
3 -19 ورغم مزايا أو عيوب هذه العمليات، من الممكن أن يكون لها تأثيراتها الهامة على بعض حقوق ملكية الأراضي. فالعقبة الرئيسية هي أن مثل هذه الوثانق قد تجمد بالفعل القواعد العرفية المعمول بها آنئذ. فليست هناك مراعاة للحقوق في المستقبل مثلا كحق الطفل فى العودة إلى منزل الأسرة والحصول على قطعة من أرض الأسرة بعد الطلاق وقد تلغى الوثائق بعض الحقوق المحدودة مثل حق جمع الفاكهة أو الحطب من أرض يملكها الغير. ثم هناك مسألة الاسم أو الأسماء التط ستصدر بها الشهادات أو السجلات. فهل يكون الاسم مثلا هو اسم رب الأسرة الفعلي، الذى قد يكون امرأة يعمل زوجها بعيدا، أم رب الأسرة الشرعى طبقا للقانون العرفي؟ وهناك أوجه قصور تشوب كلا النهجين، مثل مشكلة ما إذا كان لهذه المستندات أسبقيتها على القانون العرفي في حالات الإرث عند تسجيل الاسمين معا. وفى هذا الصدد فإن تعدد الزوجات يمثل أحد العناصر التي تزيد الأمر تعقيدا عند إصدار صكوك الملكية. ولاشك أن حالات الزواج غير المسجلة وحالات الطلاق وتعدد الزوجات قد يكون لها تأثيرها الكبير على ضمان حيازة المرأة للأراضي.
3- 20 القيم الثقافية والدينية الدينامية: في أغلب الأحيان تحمى القوانين التقليدية والقوانين الدينية المرأة وتتكفل بالزوجات والأرامل والبنات بوسائل أخرى بخلاف المساواة فى الأنصبة من الأرض عند الميراث مثلا. فطبقا للشريعة الإسلامية مثلا، فإن البنات يحصلن على نصف ما يحصل عليه الأبناء عند وفاة الوالد. وهذا في الحقيقة هو مهرهن للزواج. ومن ناحية أخرى فإن الأبناء مسؤولين عن رعاية شقيقاتهم غير المتزوجات وأمهاتهم، وبالتالي فإنهم يحتاجون إلى قدر أكبر من الأرض من الناحية النظرية وهناك ثقافات أخرى بها قوانين تقليدية مماثلة
3 -21 والمجتمعات التقليدية والمجتمعات القائمة على أسسلى دينية ليست معصومة من تأثير التغيرات الاجتماعية التي تحدث حولها. فتعليم المرأة وزيادة فرص عملها واعتمادها على نفسها تؤئر على الكثير من المجتمعات المحلية التقليدية كما أن حالات الطلاق والانفصال والهجرة إلى الحضر قد تمثل كلها تحديات لشبكات الأمان التقليدية. كما أن الدمار الذي يحدثه مرض الإيدز والحروب أدت إلى مزيد من تشتت ترتيبات الأسر التقليدية والأسر الممتدة. وفى نفس الوقت، ومع الحاجة الواضحة لإحداث تغيير، يبقى السؤال هو من له الحق فى طلب مثل هذا التغيير أو إرغام مجتمع آخر على تبنى قيمه؟ ولاشك أن ذلك يمثل محنة أخلاقية للمسؤولين عن الأراضي.
3- 22 مشروعات التنمية التي، تستهدف الجنسين: ظلت منظمات المعونة الدولية تستهدف مجموعات بعينها مثل النساء والأطفال لتقديم مساعدات خاصة طوال عشرات السنين. وفى السنوات الأخيرة أصبح حماية حق المرأة في الحصول على الأراضى محورا لبعض مشروعات الإصلاح الزراعى. ولكن إحدى الصعاب في هذا المجال تتمثل في أن هذه المشروعات تزيد فى أغلب الأحيان من القيمة الاقتصادية للأراضي مما قد يغير نظرة المجتمع المحلى إلى هذه الأراضى. وكمثال، فإن شريحة من هذا المجتمع ربما استخدمت قطعا من الأراضي الحدية لزراعة محاصيل لنفسها. أما بعد تنفيذ مشروع التنمية، فإن هذه الأراضي الحدية قد تصلها مياه الري وقد يمتد إليها طريق جديد، الأمر الذي يزيد من قيمتها. فهل ستسمح السلطات المحلية المستخدمين الأصليين بالاحتفاظ بحقهم في ملكية الأرض بعد انتهاء المشروع؟ كما تبين بالتجربة من مشروعات الإسكان أن تحسين أي مسكن قد يؤدى إلى "مصادرة" الحق فيه بواسطة أفراد المجتمع الأكثر قوة.
3- 23 إن الهدف من هذه المناقشة ليس إحباط المشروعات والبرامج ذات البعد الجنساني. بل هي لتوضيح أن التغييرات التي تحدث لا تسفر دائما عن المنافع التي كانت مرجوة أصلا (15). فالوضع معقد للغاية ويتطلب النظر في المشكلات القائمة على المستوى العام(التشريعات والسياسات)، وترتيبات مؤسسية (آليات و إجراءات لإدارة الأراضي)، وديناميات محلية (المنظمات الاجتماعية المنتشرة والعناصر ذات الصلة في المعتقدات والقواعد الاجتماعية والسلوكيات العرفية).