Previous Page   Table Of Contents   Next Page

الفصل الثالث:

النتائج الرئيسية

3-1 قاعدة بيانات الطابع متعدد الوظائف - النتائج العامة

جرى تحليل حالات الطابع متعدد الوظائف للزراعة والأراضي لاستكشاف المجالات الرئيسية للتأثيرات والعوامل التي أسهمت في النجاح. ويمكن التعرف على ثلاثة مجالات للتأثيرات هي:

ويقدم الشكل الثاني عرضا عاما لتوزيع الردود بحسب أنواع التأثير. وكانت المجالات التي تشير إليها أكثر من غيرها هي التأثير القوي ذات الصلة بالتربة (ولا سيما صيانة خصوبة التربة والإنتاجية حيث أشير إليها في 35 في المائة من جميع الردود. ومشاركة أصحاب الشأن (30 في المائة)، ومساهمات سبل المعيشة المستدامة (30 في المائة) وبناء المؤسسات (29 في المائة). وعلى مستوى أكثر عمومية، يبدو أن التأثير كان أكثر وضوحا في المجال الجغرافي (موارد الأراضي، والتكنولوجيا، والبيئة) والمجالات الاجتماعية (مشاركة أصحاب الشأن، وزيادة الوعي العام بقضايا الاستدامة) منه في المجال الاقتصادي (الأسواق والتجارة والسياسات والمؤسسات التي كانت اقل تأثرا).

وثمة بعد آخر للتأثير يتعلق بالحجم: أي المساحة التي جرى تغطيتها وعدد الأسر المتأثرة. فقد أثر أكثر من 40 في المائة من الحالات التي تغطي مساحات تزايد على 100 كم2 وأثر 50 في المائة من على أكثر من 000 1 أسرة. وفي الطرف الآخر، عظى ما يقرب من 30 في المائة أقل من 000 1 هكتار وأثر 16 في المائة في أقل من 100 أسرة. وعندما طلب من أصحاب الردود التأثير على مختلف المستويات التي كان لحالتهم فيها تأثير (يتباين بين مستوى المزرعة إلى المستوى العالي) أشار 84 في المائة إلى المستوى المحلي و64 في المائة إلى مستوى المزرعة. وانخفضت النسبة تدريجيا إلى مجرد 8 في المائة في المستوى العالمي. وكان لثلاثة أرباع جميع الحالات تأثيرات على مستوى أو اثنين أو ثلاثة، مع إشارة الربع فقط إلى التأثيرات على 4 مستويات أو أكثر.

وترتبط عوامل تعزيز النجاح أو عرقلته ارتباطا وثيقا بالتأثيرات. وقد حددت قاعدة بيانات الطابع متعدد الفئات التالية للعوامل (سميت القوى الدافعة في المسح) التي أسهمت في النجاح:

وقد صنفت العوامل الدافعة في كل فئة من هذه الفئات باستخدام نظام تقدير يتراوح بين إيجابي للغاية وسلبي للغاية. وعلى الرغم من أن أي فئة من هذه الفئات لم تسهم بمفردها في تحقيق النجاح (أشير إلى كل منها ما بين 50 و74 مرة)، فإن النتائج المتعلقة بالقوى الدافعة الفردية في كل فئة وفرت صورة أوضح (أنظر الشكل 3).

وإجمالا، يبدو أن أهم عامل أسهم في تحقيق النجاح (أي الذي صنف على أنه إيجابي للغاية عدة مرات) هو مشاركة أصحاب الشأن ومشاورتهم. فقد صنف هذا العامل على أنه أهم بكثير من العلوم والتكنولوجيا وسياسات البيئة والموارد الطبيعية. وكانت أهم عوامل معوقة للنجاح تشمل العوامل التاريخية والاجتماعية (وخاصة الهجرة والتوسع العمراني) وعوامل السياسات (وخاصة عدم كفاية سياسات حيازة الأراضي).

وبغية متابعة التقدم المحرز، استخدمت معظم المشروعات في قاعدة بيانات الطابع متعدد الوظائف لبعض أشكال الرصد والتقييم للوظائف المتعددة:

وقد صنفت أيضا الدرجة العامة للرصد والتقييم (بصورة ذاتية) على سلم من (صفر) (لا شئ) إلى 3 (قدر كبير). وقد أجرى معظم المشروعات قدرا معقولا من التقييم حيث لم تتعد نسبة المشروعات التي خلت من نشاطات الرصد 2 في المائة، وبلغت نسبة المشروعات التي أجرت قدرا ضئيلا في هذا المجال 10 في المائة. وتضمن نحو ربع جميع دراسات الحالة نشاطات واسعة للرصد والتقييم.

وتتيح المشروعات المتباينة في قاعدة بيانات الطابع متعدد الوظائف استخلاص عدد من العوامل التي قد تؤثر في إمكانية تكرار النتائج. وقد صنفت هذه العوامل في أربع فئات عريضة هي:

وأخيرا، يمكن استخلاص عدد من الدروس الهامة من هذه الثروة من الخبرات الخاصة بالمشروعات الواردة في قاعدة بيانات الطابع متعدد الوظائف (الجدول 1).

الجدول 1: أهم الدروس المستفادة وفقا لردود 130 شخصا في قاعدة

بيانات الطابع متعدد الوظائف (يمكن أن تدخل الردود في أكثر من فئة)

- تشمل المزارعين المحليين والمعارف المحلية والمؤسسات المحلية

70 في المائة

- تشمل القطاع الخاص

20 في المائة

- الدعم الملائم من السياسات

35 في المائة

- الالتزام طويل الأجل اللازم

14 في المائة

- الموارد البشرية الملائمة

20 في المائة

- الحاجة إلى نظرة متكاملة شاملة

29 في المائة

وتشير النتائج إلى الأهمية الطاغية لمشاركة أصحاب الشأن المباشرين (بما في ذلك المزارعين والمؤسسات المحلية). ورأى نحو ثلث أصحاب الردود أن من المهم توافر بيئة سياسات مواتية ومنهج مشروعات شامل ومتعدد الجوانب.

3-2 دراسات الحالة

استخدمت عدة مصادر لتقديم دراسات الحالة الواردة أدناه. فقد قدمت قاعدة بيانات الطابع متعدد الوظائف ثماني حالات، والمؤتمر الالكتروني حالة واحدة في حين جاءت الحالات الأخرى من تقارير مختلفة وقواعد بيانات أخرى. وقد رتبت الحالات بحسب فئات الوظائف الثلاث (أي البيئية والاقتصادية والاجتماعية). إلاّ أنها جميعا تبين هذه الوظائف بالاقتران مع وظائف أخرى.

3-2-1 الحالات المستمدة من الطابع متعدد الوظائف للزراعة والأراضى، والوظيفة البيئية

يعد رأس المال الطبيعي من المدخلات الهامة في النظم الزراعية كما أنه من نتائج نشاطاتها. وتبين الحالات التالية طائفة شاسعة من الطرق التي يمكن بها الانتفاع بالطابع متعدد الوظائف للزراعة والأراضي من خلال الاستخدام الأفضل للموارد الطبيعية المتاحة و/ أو تكثيف عنصر فرعي واحد من نظم الزراعة.

الحالة 1: صيانة التربة والمياه تفيد الاقتصاد المحلي في النيجر

يعد مشروع صيانة التربة والمياه الذي يموله الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في منطقة الليلا نموذجا لتكنولوجيا الزراعة المستدامة الرئيسية التي تنطوي على منافع ضخمة متعددة، وتحسن في نفس الوقت من الأراضي التي كانت متدهورة أو مهجورة. في مزارع نحو 000 6 أسرة في 77 قرية من خلال تطبيق تقنيات التاساس (Tassas) (المعروفة أيضا باسم "زاي" في بوركينا فاسو). وكانت تدابير مكافحة التعرية واسعة النطاق المعتادة قد أخفقت في المنطقة).

والتاساس عبارة عن حفر يتراوح عمقها بين 20 و30 سم في تربة أصبحت صلدة بفعل طبقة سطحية تكونت نتيجة نشاط الرياح والمياه. وحيث أن هذه القشرة تمنع تسرب المياه، فقد كان يتم هجر هذه المناطق عادة، وكانت تخلو من الغطاء النباتي، وتبرز فيها قشرة من الحديد في أماكن متفرقة. وكانت هذه المناطق من المواقع الرئيسية لتعرية السطح. وقد ملئت الحفر بالسماد العضوي حيث أن التربة كانت تفتقر عادة في هذه المنطقة إلى المادة العضوية. وعندما تهطل الأمطار، تمتلئ الحفر بالمياه، ويتولى المزارعون زراعة الذرة الرفيعة أو الدخن. وتستخدم تقنية التاساس بالاقتران مع السدود الحجرية حيث تجرى الاستفادة من الأحجار التي يرفعها المزارعون من الحقول. وقد تعلم مزارعو ليللا هذه الطرق لصيانة التربة والمياه خلال زيارة لمنطقة ياتنغا في بوركينا فاسو حيث تم في الهضبة الوسطى وحدها استصلاح نحو 000 100 هكتار بهذه الطريقة، وأصبح كل هكتار منها ينتج الآن ما يتراوح بين 700 و000 1 كيلو غرام من الحبوب سنويا.

وقد أتاح هذا النشاط الخاص بتطوير التربة الفرصة للمنطقة للحصول على غلات من الدخن تبلغ في المتوسط نحو 480 كيلو غراما للهكتار مع الوصول إلى مستويات تبلغ نحو 700 كيلو غرام للهكتار في حالة إضافة الأسمدة الكيماوية (وهو أسلوب غير متبع حتى الآن). وفي المقابل، لا تنتج الحقول ذات المستويات المماثلة في النوعية أكثر من 130 كيلو غراما للهكتار. ووفقا لما ذكره الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، فإن كميات الأغذية التي توافرت للأسر المشاركة ارتفعت بما يتراوح بين 20 في المائة و40 في المائة اعتمادا على ظروف الأمطار المحلية. وقد انتقلت الأسرة العادية في بوركينا فاسو والنيجر باستخدام هذه التكنولوجيات الزراعية المستدامة من حالة العجز السنوي في الحبوب البالغ 644 كيلو غراما (تعادل 6.5 شهر من نقص الأغذية) إلى إنتاج فائض قدره 152 كيلو غراما سنويا. وتصلح تقنيات التاساس على أفضل وجه في حيازات الأراضي التي تتوافر لها اليد العاملة الأسرية أو حيث يمكن استخدام يد عاملة بأجر. وقد أسفرت هذه التقنية عن إنشاء شبكة من العمال الشبان الذين استطاعوا إتقان هذه التقنية، وأخذوا، بدلا من الهجرة، يتنقلون من قرية إلى أخرى لتلبية طلبات المزارعين المتزايدة. وهناك حالات من الأراضي أمكن إعادتها إلى الإنتاج على يد المزارعين الذين أدركوا في وقت مبكر الأرباح التي يمكن اكتسابها من هذه الأراضي.

الحالة 2 الطابع متعدد الوظائف في مجموعات العناية بالأراضي في استراليا

تشهد استراليا نموذجا من أفضل نماذج الشراكات الريفية حيث تنفذ تجربة قومية واجتماعية بارزة منذ الثمانينات. وتشجع "العناية بالأراضي" مجموعات المزارعين على العمل مع الحكومة والمجتمعات المحلية الريفية للتغلب على طائفة واسعة من المشكلات البيئية والاجتماعية. وفي نهاية عام 1998، كانت قد تشكلت 500 4 مجموعة محلية تضم أكثر من نصف الأسر الزراعية في استراليا. وفي بلد يفخر مزارعوه الأفراد منذ فترة طويلة بروح الريادة التي يتحلون بها والقدرة على مواجهة الصعاب بمفردهم، تعد هذه التجربة اعترافا يشمل المجتمع بأسره بأن هناك بعض المشكلات التي لا يمكن التغلب عليها إلاّ بالعمل الجماعي.

وقد أنشئت مجموعات العناية بالأراضي للتعامل مع الكثير من المشكلات المحلية المختلفة التي تؤثر في المجتمع المحلي بأسره. فهذه المجموعات تتعامل مع مشكلات الآفات والأعشاب الضارة والأرانب، وانحسار الأشجار، ومكافحة الكثبان، والزراعة المحافظة على الموارد، وملوحة التربة، وصيانة الحياة البرية، وربحية المزارع وإدارة الأعمال التجارية. ويتمثل أحد الأمثلة على نشاطاتها في مجموعة مستجمع مياه موربننج في حزام القمح في غربي استراليا. ويتألف هذا المستجمع من عشرين أسرة تقيم على مساحة 000 25 هكتار من الأراضي الزراعية. وقد شكلوا هذه المجموعة عام 1989 حيث وحدتهم مشاكلهم المشتركة المتعلقة بزيادة ملوحة التربة، وسوء حالة الصرف وتأثيرات الفيضانات الدورية. ولم يكن بالوسع معالجة هذه المشكلات إلاّ بالتخطيط والتعاون عبر حدود المزارع. وخلال ثمانية أعوام، استطاعت المجموعة إعادة الغطاء النباتي إلى 300 هكتار من الأراضي الواقعة على مجاري المياه، ومعالجة 550 هكتارا من الأراضي المالحة وزراعة 000 440 شجرة بما في ذلك 91 كيلومترا من مصدات الرياح، و90 هكتارا من أشجار الأعلاف، وإقامة سياج على مساحة 249 هكتارا للمحافظة على الشجيرات الطبيعية، وزراعة 460 هكتارا بنظم زراعة الممرات و80 هكتارا من المراعي الدائمة، وإقامة 145 مقياسا للضغط لقياس عمق الماء الأرضي بانتظام. وتصدرت المجموعة أيضا أعمال تحسين المزارع المحلية بما في ذلك توفير البذور المحلية بما في ذلك توفير البذور الزيتية، والحد من الحراثة، والأسمدة البديلة، وتهوية التربة، وزراعة الأزهار وغرس أشجار الصندل وبرامج الإقامة في المزارع والزيارات المدرسية.

غير أن المجموعة لمست أكثر من مجرد المنافع البيئية الزراعية. فقد ذكر بوبي هول رئيس المجموعة لعام 1997 "قبيل تشكيل المجموعة، كانت المزارع آخذة في الاندماج، وكان الشبان يهجرونها بعيد، وكان المجتمع المحلي آخذ في التفسخ. أما الآن، فإننا نجتمع من 6 إلى 8 مرات سنويا، مع إشراك الأسر الأعضاء بصورة منتظمة. ومع تزايد الثقة، زادت أيضا فرص التعلم من بعضنا البعض، وهذا هو ما جمع المجتمع المحلي معا. لقد حصلت مجموعة موربننج على جائزة لاندكير القومية عن مجموعات المستجمعات عام 1995.

الحالة 3: طرق الزراعة المحافظة على الموارد لتحقيق الزراعة المستدامة في سانتا كاترينا في البرازيل

نجح هذا المشروع، الذي بدأ العمل في أواخر السبعينات، في مكافحة تدهور التربة في مساحة تبلغ 8 ملايين هكتار في البرازيل، الأمر الذي أفاد عشرات الألوف من الأسر الزراعية. وكان الهدف الأصلي لمكافحة التعرية والاستخدام المستدام للأراضي قد نشأ من خلال منهج نابع من المجتمع ويستند إلى مناطق المستجمعات الصغيرة، يهدف إلى إتباع طريق جديد لإدارة الموارد الطبيعية. وجرى بعد ذلك تطوير تقنيات الحد من الحرث المجربة علميا والجذابة اقتصاديا على أساس مجتمعي، وتحويلها إلى نظم للزراعة المحافظة على الموارد التي تشمل تنويع المحاصيل والدورات المحصولية والاستخدامات البديلة، مثل الغابات والمراعي. ونشأ تعاون وثيق بين المزارعين والقطاع الخاص (موردو المدخلات، وجهات التصنيع) والمؤسسات الرسمية (منظمة الأغذية والزراعة و EMBRAPA وغيرها).

وشملت المنافع القابلة للقياس، الزيادات طويلة الأجل في كميات المياه ونوعيتها (سواء للأغراض الزراعية أو غير الزراعية) وتحسين خصوبة التربة، وانخفاض مخاطر الإنتاج من خلال تنويع المحاصيل. وعلاوة على ذلك، أدى المشروع إلى الحد من التأثيرات السلبية التي تحدثها الزراعة في البيئة، وزيادة الوعي البيئي لدى المزارعين. والأمر الذي لا يقل عن ذلك أهمية أن الصلات الأمامية والخلفية لزيادة الإنتاج الزراعي أدت إلى تشجيع النشاطات غير الزراعية في الريف.

الحالة 4: النظم الزراعية التي تخدم التنوع البيولوجى للطيور في أسبانيا واسكوتلندا.

توجد في أسبانيا نظم متكاملة للغاية تساهم بقدر كبير في الأصول الطبيعية والاجتماعية على السواء، وتعرف هذه النظم باسم dehesas. ويشير هذا الأسم إلى خليط من المراعى الحرجية والمراعى المكشوفة، حيث تسود أشجار البلوط الأخضر وبلوط الفلين، مع محاصيل الحبوب والأبقار والأغنام والخنازير والمعز، التي تقتات على الحشائش وأشجار البلوط. وهذه النظم متكاملة بدرجة كبيرة، حيث توفر الأشجار الفحم النباتى، وحطب الوقود، والظلال، والبلوط والفلين، أما محاصيل الحبوب فتوفر الحبوب والأعلاف، بالاضافة إلى ماتعطيه الحيوانات من منتجات (اللحوم والألبان). وهناك عادة دورات للمزروعات تتراوح بين 4-20 سنه، بحيث تصبح الأرض في مجموعها عبارة عن فسيفساء من الموائل المختلطة.

وتتسم هذه النظم بثرائها الشديد في الحياة البرية: فهناك مايقرب من 60صنف نباتى في كل متر مربع بالاضافة إلى الفراشات والطيور والحيوانات، بما في ذلك بعض الأصناف المهددة بالانقراض مثل الصقر الامبراطورى الأسبانى، والنسر المصرى، واللقلق الأسود، والوشق الأيبيرى. كما أن هذه النظم المتكاملة لها أهميتها باعتبارها مصدرا لفرص العمل أمام السكان المحليين عندما تدار بصورة جيدة. وكمثال، فإن هناك مزرعة تبلغ مساحتها 7000 هكتار في الأندلس تنتج الفلين والأخشاب وحطب الوقود والحيوانات (الأغنام والغزلان والأبقار) والنباتات البرية (الأعشاب والفطر)، فالنظم الزراعية ونظم المراعى لاتحتاج إلى مدخلات كثيرة، وانما تحتاج إلى عمالة وفيرة. والعمالة هنا أكثر مما في المزارع المجاورة التي لاتدار بطريقة متكاملة. ولكن الكثير من هذه المناطق بدأ يتدهور الآن، حيث تقطع الأشجار لمزيد من الزراعة الكثيفة والزراعة على نطاق واسع، أو تخصيص بعض أراضيها لاعادة غرس أشجار الصنوبر واليوكالبتوس.

ويمكن أن يقال نفس الشىء عن موائل التنوع البيولوجى في اسكوتلاندا. فقد أثبتت البحوث التي أجريت منذ وقت طويل في جزيرة اسلاى ISLAY مرة أخرى أهمية دور الأراضي المتنوعة والمتشابكة في حياة الطيور. فهناك عشرة أصناف رئيسية من الطيور في هذه الجزيرة: الأوز القطبى، والأوز العادى، وغراب الزرع، والصفرد، والصقر الذهبى، والزقزاق الذهبى، وصقر الدجاج، وصقر الجراد، والشاهين، والأوز ذو الأقدام البيضاء. وعند تقسيم نظم الجزيرة شبه الطبيعية والزراعية إلى ثمانية أنماط، ثم تقسيم مساحتها البالغة 687 كيلومترا إلى كيلومترات مربعة، اتضح أن الأصناف المختلفة تستخدم أنماطا مختلفة من الأراضي في أوقات مختلفة من السنة. فهذه الفسيفساء هى المهمة: "فأحد الملامح الهامة هو كيفية انتقاء جميع أنماط الأراضي في فترة بعينها من السنة. ثم استنتاجنا بناء على ذلك أن تنوع أنماط الأراضي هو الذى تعيش عليه مثل هذه الأعداد الهائلة من الطيور المختلفة". فمن الواضح أن المسألة ليست ببساطة المحافظة على موئل أو موئلين أو على أماكن خالية بين الزراعات الكثيفة. فالأراضي كلها بحاجة إلى حمايتها بأساليب الزراعة المختلطة والمستدامة.

وهذان المثالان ليسا سوى اثنتين من حالات كثيرة مشابهة في أوروبا. وتشمل هذه الحالات مناطق شبه طبيعية شاسعة، كما هو الحال في اسكوتلندا وفي الكثير من المناطق الجبلية، والمناطق الرئيسية للطيور في مختلف أنحاء الأقليم، والمناطق الغنية بملامحها الطبيعية.

الحالة 5: تثبيت جوانب التلال في أمريكا الوسطى

استفاد نحو 45000 أسرة زراعية في هندوراس وغواتيمالا من اتباع أساليب الزراعة المستدامة، حيث زادت غلة محاصيلهم من 400-600 كيلوغرام للهكتار إلى 2000-2500 كيلوغرام للهكتار. وأصبح المزراعون يستخدمون الأسمدة العضوية، ومحاصيل التغطية، والزراعة الكنتورية، والحرث في خطوط، واقامة السدود الصخرية، وكلها أمور تطوع للظروف المحلية من خلال التجربة. وقد أحيت هذه البرامج الاقتصاديات المحلية. فارتفعت أسعار الأراضي وأجور العمال في منطقة المشروع عنها في غيرها، وبدأت الأسر تعود من المدن الكبيرة. كما استفادت الغابات أيضا. فقد قال المزراعون أنهم لم يعودوا بحاجة إلى قطع أشجار الغابات، حيث أصبحوا يملكون التكنولوجيا التي تسمح لهم بزراعة نفس قطعة الأرض طوال العام. كما أن هذه الأراضي التي تمت صيانتها كانت أقل الأراضي تضررا من الاعصار ميتش الذى ضرب منطقة أمريكا الوسطى في شهر نوفمبر/ تشرين الثانى 1998، حيث استطاعت تربتها امتصاص الأمطار الغزيرة، ولم تحدث بها انهيارات أرضية كغيرها.

الحالة 6: أسوار القات كتكنولوجيا لصيانة التربة والمياه: دور المعرفة والأساليب المحلية في الإدارة المستدامة للأراضى في مرتفعات هرارغى الشرقية في اثيوبيا

تشتهر أغلب مناطق المرتفعات الأثيوبية، مثل مرتفعات هرارغى الشرقية بتدهور أراضيها بدرجة شديدة. وتتعرض حياة المجتمع الزراعى والسكان بشكل عام إلى الخطر، نظرا لما يترتب على ذلك من آثار على البيئة. وقد بذلت الحكومة والوكالات المانحة جهودا لمكافحة تدهور التربة، وإن كانت النتائج هزيلة وقد أثبتت التجارب السابقة ضرورة الالتفات إلى تطوير الأساليب المحلية وتحسينها. وثبت أن الأراضي التي تستخدم أسوار القات وأساليب المحافظة على المياه التي تقوم على المعرفة المحلية تناسب المجتمع الزراعى تماما وتبين سلامة هذه الطريقة، إذ أنها تجمع بين صيانة الأراضي، وتحسين دخل المزارع، والمنافع المرتبطة بهما مثل توفير فرص عمل للمجتمع الزراعى.

وتبين من النتائج أنه اذا توافرت الموارد للمزارعين مع التكنولوجيا الموجودة لديهم، فإن طرق المحافظة على المياه باستخدام أسوار القات هى طرق مربحة، وتناسب تماما الأراضي الحدية وأراضى المنحدرات، واستخدام هذه الأراضي في منطقة الدراسة. ويزداد الطابع متعدد الوظائف لهذه المبادرة من خلال صيانة التربة والمياه، وانتاج الأعلاف وحطب الوقود، واتاحة فرص للعمل من الأنشطة غير الزراعية مثل تجارة القات، وعلى الأخص بالنسبة للنساء.

الحالة 7: برنامج المكافحة المتكاملة لآفات أشجار الفاكهة والكروم في مقاطعة الكاب الغربية في جنوب افريقيا

في أوائل التسعينات زاد وعى منتجى الفاكهة والكروم والنبيذ في مقاطعة الكاب الغربية بضرورة حماية البيئة والمحافظة على سلامة الانسان. وتم تشكيل لجنة توجيهية للمكافحة المتكاملة، انبثقت عنها مجموعة المحافظة على البيئة، التي تضم أهم العاملين في مجال الصناعة، بما في ذلك الجامعات والمصدرين والتعاونيات ومعاهد البحوث ومربو النحل، وصناعة الكيماويات الزراعية. وتم وضع خطوط توجيهية لانتاج الفاكهة التفاحية وفاكهة النواة، والكروم، والنبيذ، مع وضع نظام لبرامج الرش حتى يمكن متابعة هذه البرامج كميا بعد ذلك. وتجتمع مجموعة الكيماويات الزراعية مرات قليلة في كل سنة لتستعرض الخطوط التوجيهية والأساليب المتعلقة بها مع وضع قواعد للعوامل الجديدة لحماية المحاصيل، وتتخذ هذه المجموعة قراراتها باتفاق الآراء. أما المجموعة غير الرسمية للمكافحة المتكاملة للآفات، التي تضم ممثلين عن جميع المجموعات المشاركة، فتجتمع مرة كل 14 يوما أثناء موسم الزراعة. وتناقش الاتجاهات والقضايا المطروحة، وتتخذ الاجراء المناسب عند اللزوم. وتعقد دورات لمراقبة البساتين لعدد مختار من العمال الزراعيين، وتصدر الشهادات الخاصة بذلك. ويتم تدريب هؤلاء العمال لكى يقوموا بملاحظة وتسجيل ظهور الآفات والأمراض. وتستخدم هذه المعلومات للوصول باجراءات المكافحة إلى أفضل مستوى، بحيث يمكن تقليل تأثيرها على الزراعة إلى الحد الأدنى، وعلى الأخص تحسين الاستفادة من الكيماويات المستخدمة لمكافحة الآفات، والمحافظة على الأسواق الخارجية بتلبية المعايير التي يتفق عليها عادة في جميع أنحاء العالم.

الحالة 8: الصيانة المثلى للمزرعة والفوائد النقدية في فيجى

أقيمت الأسوار الكنتورية من أشجار الأناناس (في المنحدرات الوسطى) ومن نجيل الهند (في المنحدرات السفلى) على أراضى المنحدرات المتدهورة التي يديرها أصحاب الأراضي التقليديين والمزراعين المستأجرين في 6 مناطق من فيجى. وقد اتبعت طرق تقوم على المشاركة من أجل تحديد المواقع التي تقام فيها مثل هذه الأسوار. وقدمت مواد الغرس بحسب الطلب. وتمت دراسة نظم الزراعة، بما في ذلك تناوب الزنجبيل- القلقاس- الكسافا (في مناطق الأمطار الغزيرة) وزراعة الخضر في غير موسمها (في المناطق الجافة موسميا). وفي احدى الحالات حصل أحد المزراعين على 1500 دولار نقدا عندما زرع الطماطم في غير موسمها. ومن بين الفوائد الأخرى غير المتوقعة والتي لاتقل أهمية: زيادة الأمن الغذائى، والعمل الجماعى من جانب الأسر والمجتمع المحلى، وثراء القرية، وزيادة التنمية الاقتصادية، وتنوع الانتاج.

لقد أصبحت تكنولوجيات صيانة الزراعة باقامة الأسوار على مستوى القرية في المنحدرات الحدية تلقى اقبالا متزايدا عند التفكير في انتاج الأغذية. وفاستدامة الانتاج من هذه الأراضي تراجعت بسبب تدهورها. وتقوم المبادرة هنا بمتابعة التنوع الطبيعى، والآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذه التكنولوجيا، عن طريق الملاحظة واجراء المقابلات بصفة أساسية، مع نقل التكنولوجيا إلى المزراعين من خلال تجارب ميدانية وداخل المزرعة نفسها، وتجرى عملية نقل التكنولوجيا بواسطة منظمات غير حكومية وبعض الوكالات الحكومية في فيجى وفي غيرها من جزر المحيط الهادى عن طريق تبادل الموظفين والمعلومات في أماكن أخرى. وقد شارك المزارعون من الرجال والنساء في تصميم الأنشطة وتنفيذها بدرجات كبيرة من ملكية هذه الأنشطة وقدمت الحكومات دعما خارجيا للتغلب على العقبات التي يحددها المزارعون (فقدمت- على سبيل المثال- مواد الغرس غير المتوافرة ورشاشات الظهر)، وأخيرا، فإن التأثير كان أفضل مايكون عند تحقيق التوازن بين الفوائد الاقتصادية وفوائد الصيانة.

وتنفذ الأعمال الآن في 6 مناطق، هى: Waibau, Namulomulo, Serua, Tilivalevu, Nadi/Lautoka, Labasa . كما تجرى متابعة أكثر من 125 مزرعة تجريبية. وتوضح هذه المبادرة الطابع متعدد الوظائف للزراعة والأراضي عن طريق: أسوار الأناناس ونجيل الهند التي أقيمت على المنحدرات بغرض الحصول على مزايا نقدية في الأجل القصير مع تقليل خسائر التربة والعناصر المغذية بسبب التآكل، واستخدام مايتوافر من موارد التربة والمياه والعناصر المغذية بصورة مثلى، وتحسين التدفقات النقدية على القرى والأسر عن طريق زيادة تنوع الانتاج، بما في ذلك زراعة الخضر في غير مواسمها ومشاركة نسبة أكبر من الأسر (المرازعين والمزارعات على السواء) في أنشطة التخطيط والتقييم، وقيام الباحثين والمرشدين الزراعيين بتيسير الأنشطة الزراعية بدلا من الاكتفاء بمراقبتها، وزيادة الاهتمام بهذا المنهج كما يتبين من التوسع في المساحة الأصلية المحاطة بالأسوار وانتقالها للمجتمعات المجاورة.

أصبح هناك الآن عدد متزايد من التكنولوجيات المؤكدة والواعدة لصيانة الموارد في مجالات مكافحة الآفات، وإدارة العناصر المغذية والتربة والمياه والطاقة. وقد نبعت هذه التكنولوجيات من عدة مصادر: من أنظمة الزراعة التقليدية، وتجربة أساليب وتكنولوجيات جديدة، والزراعة العضوية، ومن البلاد النامية والمتقدمة على السواء. وجاء العديد منها بعد خطوات اتخذت بالفعل لتخفيض التكاليف والحد من الآثار البيئية الضارة. وتهدف هذه التكنولوجيات إلى صيانة الموارد الزراعية وموارد الأراضي الموجودة بالفعل، بما في ذلك العناصر المغذية والمياه والتنوع البيولوجى والتربة. والعديد من هذه التكنولوجيات له وظائف متعددة. ومعنى ذلك أن الأخذ بها سيسفر عن تغيرات مرضية في العديد من الجوانب المتعلقة بنظم الزراعة والزراعة الايكولوجية في نفس الوقت. من أمثلة ذلك: حصاد مصادر المياه، والزراعة الكنتورية، واقامة المصاطب، والحرث الخفيف، والاقتصاد في المياه عن طريق إدارة الري وتوصيل المياه بصورة دقيقة إلى النباتات، والرعى الدورى، واستخدام أساليب اصلاح التربة بالطرق الميكانيكية واليدوية.

ومن الممكن تحسين استخدام التكنولوجيات والمدخلات غير المتجددة، مثل المبيدات والأسمدة، عن طريق أساليب دقيقة للزراعة والتسليم، واستخدام جرعات بسيطة، وزراعة أصناف وسلالات مقاومة للآفات والأمراض، والاقبال على الآلات المناسبة التي تحتاج إلى قدر ضئيل من الطاقة. ويتصل الطابع متعدد الوظائف بالتأثير الكبير على الزراعة الايكولوجية المحلية، والدخول والإنتاجية المستدامين، وامكانية حصول المنتج عليها.

وتوضح الحالات السابق ذكرها عددا من النقاط نوجزها فيما يلى:

3-2-2 دراسات حالة عن الطابع متعدد الأطراف للزراعة ومايتصل بها من أراضى والوظيفة الاقتصادية

من أهم وظائف الزراعة ومايتصل بها من أراض، مساهمتها في التنمية الاقتصادية. ويشمل ذلك تراكم رأس المال من عائدات بيع المنتجات والخدمات، وجذب مصادر جديدة للأموال (مثل القروض والمنح) وزيادة الأنشطة الاقتصادية التي تتحقق عن طريق دائرة واسعة من التأثيرات المضاعفة بالنسبة للإقليم ككل.

الحالة 9: الفوائد المتعددة لتنمية الثروة الحيوانية في أوغندا

استغنى المشروع الدولى لتربية الأبقار في أوغندا عن الرعى بالنسبة لأبقار اللبن. وينطوى هذا المشروع على تربية أبقار لبن ممتازة في حظائر مغلقة وتغذيتها بالأعلاف. ويشمل المشروع انتاج الأعلاف وزراعة الحشائش والبقول. وتزرع أغلب هذه النباتات على مياه السدود الصغيرة بالاضافة إلى زراعتها بجانب محاصيل الأغذية أو المحاصيل النقدية، لتحافظ بذلك على التربة ورطوبتها. كما أسفر هذا النظام الجديد عن تحسين الأمن الغذائى وتحسين أغذية الأسرة. فالحيوانات مصدر جيد للدخل والطعام في موسم الجفاف، بالاضافة إلى أن المجترات تستهلك الكثير من هذه المحاصيل والمنتجات الفرعية لتصنيع الأغذية. أما الروث والكومبوست المتخلف عن التربية الحيوانية التي لاتعتمد على الرعى فيستخدم كسماد عضوى، ويساهم في الاستفادة السريعة من العناصر المغذية المحدودة في هذا النظام. كما أن تعزيز مجموعات المجتمع المحلى التي يدعم كل منهما الآخر بالاضافة إلى تدريبها، هو عنصر آخر له أهميته.

وتقدم أبقار اللبن في هذا المشروع كقرض عينى. ويقوم المزارعون بتسديد هذا القرض بتربية العجلات الصغيرة التي تسلم بعد ذلك إلى مزارع آخر في نفس المجتمع المحلى. وهكذا يتوفر للمجموعة مصدر لرأس المال يسمح بنشر فوائد البرنامج. وقد استطاع النظام الذى أدخله المشروع الدولى للأبقار إلى أوغندا في عام 1983 بالاستغناء عن المراعى أن يستمر رغم المشكلات السياسية والاقتصادية. وقد تبنت هذه الطريقة عدة وكالات منذ ذلك الحين، بما في ذلك وزارة الزراعة والمنظمات الدولية غير الحكومية.

وقد استفادت أكثر من 5000 أسرة استفادة مباشرة من الزيادة الملموسة في دخلها وتغذيتها، الأمر الذى أسفر عن تحسن هائل في مساكن هذه الأسر وفي انتظام أبنائها في الدراسة. كما أن نحو 10000 هكتار من الأراضي قد تم تحسينها أو المحافظة عليها بوضع نظام مستدام لانتاج الألبان في المزارع الصغيرة. وقدمت المساعدات لأكثر من 50 مجموعة من المجتمعات المحلية، أصبحت بمثابة ماكينة للتنمية الريفية. وتحسنت أحوال المرأة حيث أن أكثر من نصف مالكى الأبقار من النساء، أغلبهن أرامل يعلن أسر كبيرة العدد.

الحالة 10: زراعة أشجار الزيتون تساهم في خلق فرص عمل محلية في ايطاليا.

تزرع أشجار الزيتون في سواحل البحر المتوسط منذ ألفي سنة على الأقل، لتساهم بذلك في معيشة سكان المنطقة وفي خلق موائل غنية ومتنوعة للحياة البرية. وإن منطقة تشيلنتو Cilento أصبحت تعانى من الهجرة الجماعية، حيث لم يعد صغار المزراعين يقبلون على زراعة أشجار الزيتون، وازداد الأمر سوءا بفعل المنافسة القادمة من تونس حيث تكاليف الانتاج أقل.

وقد قام مشروع CADISPA الذى نسقته جامعة Strathclyde بالعمل مع المجموعات المحلية في عدة بلدان لاعادة زراعة أشجار الزيتون. وفي تشيلنتو Cilento بدأ هذا المشروع العمل مع احدى التعاونيات المحلية لانتاج زيت الزيتون وهى تعاونية نوفو تشيلنتو Cilento Nuovo ، لزراعة الزيتون باستخدام مواد عضوية مع ادخال طرق جديدة للتسويق. وأصبح هناك الآن 130 مزارعا في المرتع الوطنى في تشيلنتو Cilento يعتمدون اعتمادا تاما على الزراعة العضوية، باستخدام أساليب عديدة لصيانة الموارد تقليلا لاستخدام المستلزمات الزراعية والاستفادة من المنتجات القيمة، مثل استخدام الزيتون كسماد. وأصبحوا ينتجون الآن زيتا ممتازا له سعر مرتفع بطريقة عضوية ويطلق عليه اسم تشيلنتو فيردى Verde Cilento. ومنذ نجاح تجديد مزارع الزيتون، بدأ النشاط التعاونى يتجه الآن نحو انتاج الدقيق من القسطل البرى. وأغلب هذه المشروعات الجديدة يديرها شباب صغير السن، يتزايد اقبالهم على البقاء في تشيلنتو Cilento والاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم في تطوير سلع وخدمات محلية ممتازة.

الحالة 11: القروض الصغيرة في باكستان والهند.

في المناطق الشمالية النائية من باكستان، قام برنامج أغاخان للمساعدات الريفية بتشكيل أكثر من 2600 منظمة قروية أو نسائية، تقدم المساعدات لنحو 53000 أسرة. وقد قامت هذه المجموعة القروية- التي شكلت أصلا للمساعدة في شق قنوات الري والطرق أو القناطر-بمساعدة أعضائها على توفير مبالغ صغيرة بصورة منتظمة، كونوا بها ضمانا للحصول على قروض. وبمرور الوقت، ومع الرقابة والمسؤولية المحلية، أصبح بمقدور هذه المجموعات أن تدخر مبالغ كبيرة.

وهناك قصص نجاح أخرى في جنوب الهند، حيث استطاعت بعض المنظمات غير الحكومية مثل Myrada, SPEECH, وPRADAN أن تكتشف قيمة المجموعات الصغيرة. فالسنوات الطويلة من الاعتماد على المصارف والجمعيات التعاونية المحلية في الحصول على قروض لم تساعد الفقراء كثيرا. فعندما بدأت المصارف في العمل مع مجموعات صغيرة مستقلة يشعر أعضائها بأن كل منهم يثق في الآخر، لاحظت المصارف أن الأموال تدار بحرص أكبر، بل أن هناك التزاما ومسؤولية أكبر من جانب هذه المجموعات في تسديد الأموال المقترضة، وهو أمر لم يكن يعنيهم عندما كانوا مجرد جزء من التعاونية. وأهم ملامح هذه البرامج هو أن مايتراوح بين 95-98 في المائة من القروض قد سددت بالكامل. ويقابل ذلك نسبة لاتتعدى 20-25 في المائة كتسديدات للمصارف التي تقدم قروضا بمقتضى برامج التنمية الريفية المتكاملة.

الحالة 12: الزراعة في مرتع بيرسبا Prespa الوطنى باليونان.

يتاخم مرتع بيرسبا Prespa الوطنى حدود البانيا ومقدونيا. ويتكون المرتع من وادى جبلى به بحيرتان يحيط بهما سهل فيضى. وهو مأوى لأكبر مستعمرة من البجع في فصيلة Dalmatian Pelicans في العالم. والمنطقة نائية، حيث أهم نشاط اقتصادى هو زراعة الفاصوليا، مع تربية بعض الحيوانات وصيد الأسماك لزيادة الدخل. وقد كان للطرق التقليدية لإدارة الأراضي أهميتها للأصول الطبيعية، حيث أن الماشية كانت تأكل المراعى الرطبة وتقضى على أشجار البوص، لتخلق بذلك موئلا مناسبا للطيور والأسماك. ولكن اتباع طرق الزراعة الكثيقة لزراعة الفاصوليا أدى إلى تحويل بعض المراعى إلى أراضى زراعية، وحدوث زيادة كبيرة في استخدام الأسمدة والمبيدات. وكان لذلك تأثيره البالغ على موارد الأحياء المائية، واختفاء بعض أنواع الأسماك. وفي عام 1993، بدأت عدة منظمات في تشجيع زراعة الفاصوليا بالطرق العضوية، وتنويع المحاصيل الزراعية، وتنمية الامكانيات السياحية للحياة البرية في هذا المرتع.

وأصبح المزارعون الآن يحصلون على غلات وفيرة من الفاصوليا، وعلى أسعار ممتازة. وهو مايشجعهم على الأخذ بأساليب الزراعة المستدامة. ومع الاهتمام بالسياحة الايكولوجية، زاد عدد زوار المرتع من 5300 زائر في السنة إلى 13000 زائر. وتوزع الزوار بصورة أفضل على مدار العام. وتم تدريب الشباب من المجتمعات المحلية على الإدارة البيئية، وافتتح مركزان للسياحة. وقد ساعد ذلك على تغيير الاتجاهات المحلية نحو الصيانة وكذلك تغيير اتجاهات الزوار أنفسهم. وكان لزيادة السياحة الايكولوجية الفضل في الاسراع بانشاء منزلين للضيافة تديرهما النساء المحليات، كما استفاد العديد من المطاعم والمقاهى من زيادة إنفاق الزوار. وأصبح مابين 50-60 شخصا يعملون الآن في قطاع السياحة الايكولوجية. كما ساعدت الحكومة بالاستثمار في البنية الأساسية للسياحة الايكولوجية، والوظائف المتعددة في الزراعة.

الحالة 13: زراعة فول الصويا في الهند

لاشك إن الإنتشار السريع لزراعة فول الصويا في الهند يوضح كيف أن ادخال عنصر واحد متجدد في النظام الزراعى يمكن أن يسفر عن العديد من الفوائد. فقد زادت زراعة هذا المحصول من 40000 هكتار في منتصف الستينات إلى 500000 هكتار في الثمانينات (بغلة قدرها 0.57 طن/ هكتار في المتوسط) وأصبحت المساحة الآن 5.6 مليون هكتار (بغلة قدرها 0.96 طن/ هكتار في المتوسط). وتضاف إلى المساحة المزروعة نصف مليون هكتار في كل سنة، وأصبح من المتوقع أن تتخطى المساحة 8 مليون هكتار بحلول عام 2000. وقد ربحت الهند من تصدير فول الصويا في 1997 نحو 518 مليون دولار (20 مليار روبيه).

ومن بين الصفات متعددة الوظائف لزراعة فول الصويا في الهند:

الحالة 14: التجارة النزيهة للبن تعطى فوائد عديدة في المكسيك

يعتبر هذا المشروع نموذجا لمبادرة بدأت من المستوى المحلى واستقطبت اعترافا على المستوى الوطنى. فمجموعة Indigenas de la Sierra Madre Motozintla هى جمعية لزراعة البن بالطريقة العضوية في مقاطعة chiapas. وقد شكل هذه المجموعة صغار مزارعى البن لحل المشكلات المتعلقة بضعف الإنتاجية، وسوء ظروف التسويق، والفقر المدقع بين أسر المزارعين. وعندما تبنت هذه المجموعة طرق الزراعة العضوية وتحسين الجودة، استطاعت التغلب على تدهور التربة وانخفاض الغلة، وانتقلت إلى الأسواق الجيدة التي عوضتهم عن جهدهم الاضافي نحو الانتاج بصورة سليمة ايكولوجيا. فمن خلال الإدارة السليمة القائمة على المشاركة لهذه المنظمة والعمل الشاق، استطاعت المجموعة رسملة مؤسستها، والتغلب على تجاهل ومعارضة الحكومة في البداية، لتصبح واحدة من أهم الصناعات الزراعية التي تملك مرافق التجهيز وأسواق مباشرة للتصدير إلى الولايات المتحدة وأوروبا واليابان.

وكانت الخطوة التالية هى انتاج بن مخلوط وبن قابل للذوبان من أجل الأسواق الوطنية، مع تنوع الانتاج الزراعى بهدف زيادة الأمن الغذائى. وإلى جانب اتساع دائرة الأعمال، فإن جزءا من أرباح هذه المجموعة يعود إلى اللجان الأقليمية لاستثماره في أنشطة اجتماعية. وفي عام 1995، حصلت هذه المجموعة على الجائزة الوطنية للصادرات الزراعية التي سلمها لها رئيسا المكسيك بيده. وأصبح للمجموعة الآن مركزا مرموقا فيما يتعلق بالقروض والدعم الحكومى، كما أنها استطاعت العمل في عـدد مـن المجالات الجديدة مثـل السـياحة الايكولوجية.

الحالة 15: من المشروعات الخضراء في مستجمعات مياه Willapa في شمال غرب المحيط الهادى بالولايات المتحدة

في السنوات الأخيرة، كان الاختيار بين حماية فرص العمل المحلية والبيئة مصدرا خطيرا للحيرة في شمال غرب المحيط الهادى. وقد قام شجارا حادا حول البومة الرقطاء، فبعد أن أعلن في عام 1990 أنها طائر مهدد بالانقراض، إنخفض حجم قطع الأشجار في ولايتى أورجان وواشنطن إلى النصف. أما الآن، فلقد قامت شراكة جديدة بين الجماعات المتعاركة من قبل، لنكتشف كيف أن الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية والزراعة يمكن أن تساهم في النمو الاقتصادى المحلى.

وتضم مستجمعات مياه Willapa 275000 هكتار من سواحل ولاية واشنطن وهى غنية بالموارد الطبيعية، مثل المحار والأصداف والسرطان والحفش والسالمون، بالاضافة الغابات الكثيفة. ولكن البلديات الأربعة التي تحيط بمستجمعات المياه تتسم بالفقر الشديد، وتصنفها الولاية باعتبارها مناطق محرومة اقتصاديا. وبالاضافة إلى ذلك، فقد تضاءلت الموارد الطبيعية: فهجرة أسماك السالمون تناقصت وكادت أسماك الحفش أن تختفي، بينما تراجع حجم المحار، وحلت مزارع التنوب (الصنوبريات) محل الغابات القديمة. وهناك علاقة وثيقة بين حالة الموارد وبين الفقر المحلى، فقد جمعت الموارد وشحنت بعيدا، ولم تخلق هذه العملية أى فرص عمل أو دخول جديدة.

كان التحدى هو خلق أنشطة ومنتجات تستخدم الموارد الطبيعية بصورة مستدامة وتضيف قيمة اليها. وساعدت جماعة Ecotrust، وهى جماعة بيئية تتخذ من بورتلاند مقرا لها، في تشكيل شراكة جديدة من المزراعين، ومربى المحار، وصيادى الأسماك، وصغار رجال الأعمال، والمجموعات العرقية الأمريكية وغيرها. وقام "تحالف Willapa" هذا بدراسة استخدام الموارد والأصول، ووضع خطة مشتركة للإدارة. وكان من الواضح أن هناك الكثير من الأفكار المتعلقة بالأعمال، ولكن المهارات وفرص الدخول إلى الأسواق والحصول على قروض كانت ضئيلة. ولهذا السبب اتصلت مجموعة Ecotrust، بمصرف محلى معروف في شيكاغو، وهو مصرف South Shore الذى استثمر 345 مليون دولار في مساعدة المجتمعات المحلية ذات الدخل المنخفض في المناطق المجاورة منذ السبعينات. وقام تحالف Willapa بدعم من مؤسسة فورد ومصرف South Shore - باختبار العمليات المصرفية من أجل التنمية في منطقة مستجمعات المياه. وأصبحت المساعدات تقدم الآن إلى مجموعة من الأعمال المحلية التي تضيف أى قيمة إلى الموارد الطبيعية، مثل:

والكثير من هذه الأنشطة ساعد السكان المحليين على بدء حياة جديدة، مثل أفراد قبيلة خليج Shoalwater الذين أقاموا الآن شركة للمحار وأصبحوا يجمعونه من 300 هكتار من أراضى المد. وبعد سنوات عديدة من النجاح المتزايد، ظهرت فرصة جديدة، فقد صمم فريق المهام المعنى بالتنمية الاقتصادية في Willapa خطة اقليمية طموحة للتنمية على أساس استخدام الموارد الطبيعية بصورة مستدامة.

الحالة 16: نظم الزراعة القائمة على الأرز تسفر عن تحسين الإنتاجية في كمبوديا

طرأ تحسن هائل على إنتاجية النظم الزراعية القائمة على الأرز في كمبوديا خلال السنوات الماضية، نتيجة أنشطة مشروع كمبوديا- المعهد الدولى لبحوث الأرز- استراليا. فالتكنولوجيا التي خرج بها هذا المشروع هى المسؤولة عن الزيادة المستدامة في انتاج الأرز، التي تقدر قيمتها بنحو 130 مليون دولار سنويا. فقد زادت الغلة من 2.5 طن/ هكتار إلى 3.1 طن/ هكتار في الموسم الجاف، ومن 1.3 طن/ هكتار إلى 1.6 طن/ هكتار في موسم الأمطار وأصبحت هناك مجموعة كبيرة من أصناف الأرز الممتازة توزع بصورة منتظمة على النظم الايكولوجية المختلفة، وتنوعت نظم الزراعة، وتمت الاستفادة إلى أقصى حد من الموارد المائية، وتعلم المزارعون أساليب المكافحة المتكاملة للآفات. وكانت صيانة المادة الوراثية أحد الأنشطة الرئيسية، كما أن أصناف الأرز التي فقدت أثناء حكم بول بوت Pol Pot ولكنها خزنت في مركز للموارد الوراثية في الفلبين، أعيدت إلى المزارعين مرة أخرى. ومن بين المبادرات الجديدة وضع منهج لتحديد أنواع التربة في كمبوديا، والتركيز على التجارب الحقيلة، وبناء القدرات المؤسسية من قاعدة هشة، بمشاركة العديد من المنظمات غير الحكومية، ووضع منهج وطنى للبحوث. وقد أسفرت كل هذه المبادرات عن تحسين جودة الأغذية بالنسبة للمزارعين الذين يفتقرون إلى الموارد، دون احداث أى تأثير سلبى على المزارعات أو البيئة.

وكان من نتائج هذه المبادرة أن زادت الأسماك في حقول الأرز، وأصبح هناك المزيد من الأعلاف لتغذية الحيوانات الكبيرة وزيادة أعدادها، كما زاد تنوع المحاصيل وتحسنت تغذية المزارعين. أما النتائج العامة فكانت كمايلى: استنباط أصناف أكثر كفاءة، ووضع نظم لتحديد أنواع التربة كأساس للتوصيات المتعلقة بالإدارة المتكاملة للعناصر المغذية، وتنويع نظم الزراعة، وادخال الأسماك إلى النظم الايكولوجية للأرز تقليلا لاستخدام المبيدات، وتحسينا لنظم اعداد الأراضي.

وكانت هناك دروس مستفادة، مثل: إمكانية نشر التكنولوجيا في أسوأ الظروف، وضرورة توفير المستلزمات الممتازة فيما يتصل بهذا الموضوع، والأهمية البالغة لتنوع انتاج البذور وملاءمتها، وتوزيع المسؤوليات واشراك المنظمات غير الحكومية والمنظمات الأخرى باعتبار ذلك أمرا ضروريا لتحقيق أى نجاح.

ومن الممكن استنباط بعض الدورس من الحالات السابق ذكرها:

3-2-3 حالات الطابع متعدد الوظائف للزراعة والأراضي، والوظيفة الاجتماعية

تبين الحالات العشرة التالية طرقا مختلفة يمكن بها النهوض بالوظيفة الاجتماعية للزراعة عن طريق الأخذ بالوسائل القائمة على المشاركة، سواء على مستوى الفرد أو المستوى الذى تجتمع فيه مختلف فئات أصحاب الشأن. فالبعد الفردى يشير إلى رأس المال البشرى، الذى يتمثل في المهارات والمعرفة وحسن صحة السكان. أما البعد الاجتماعى فيشير إلى تنمية المؤسسات (رأس المال الاجتماعى) ويشمل عمل المجموعات المنظم من أجل حسن استخدام الموارد الموجودة. ورأس المال الاجتماعى وظيفة غير غذائية لها أهميتها بالنسبة للنظام الزراعى. فالناس على وعى بالقضايا الاجتماعية الموجودة في مجتمعاتهم، انطلاقا من المجتمعات المحلية وحتى المجتمع العالمى الواسع. ويدخل ضمن ذلك عدد من القضايا المختلفة التي تتراوح بين الفقر والمساواة بين الجنسين. ويمكن حل هذه القضايا بإتباع طرق تقوم على المباشرة وتؤدى إلى العمل الجماعى المنظم من أجل تحسين استخدام الموارد الموجودة وخلق مهارات جديدة. وتدخل ضمن هذه التجمعات مجموعات بحوث المزارعين وتجاربهم، ومجموعات إدارة الموارد ومستخدميها (مثل حماية الغابات، ومصايد الأسماك، والري، وتجمعات المياه)، ومجموعات القروض، والشراكة الأفقية بين الوكالات القطاعية الخارجية (مثل الحكومات والمنظمات غير الحكومية، والقطاعين العام والخاص).

الحالة 17: اتحاد المنظمات غير الحكومية في السنغال

أنشأ اتحاد المنظمات غير الحكومية في السنغال عام 1978 بمعرفة الاتحادات القروية التي تسعى لايجاد حلول للمشكلات التي تواجه صغار المنتجين. ومع بداية التسعينات، اتسع نطاق هذا الاتحاد ليشمل 24 إتحادا إقليميا تتكون من 2000 مجموعة قروية تضم في عضويتها 400000 شخص. ويتأثر مايقرب من 1.5 مليون شخص في مجموعهم (نحو 20 في المائة من سكان السنغال) تأثرا ايجابيا بالأنشطة الأساسية لهذا الاتحاد في بعض المجالات مثل الحصول على المستلزمات الزراعية، والانتاج الجماعى للأغذية، وعمليات التصنيع والتسويق.

وأثناء التسعينات أعرب المزارعون عن قلقهم المتزايد من النموذج الزراعى الذى أسفر عن الاستغلال الجائر للموارد الطبيعية وزيادة الاعتماد على المدخلات غير المتجددة التي ترتفع أسعارها باستمرار من أجل زيادة الإنتاجية. وفي نفس الوقت زادت التجارب على البدائل من أجل الزراعة المستدامة. وأقام الاتحاد محفلا وطنيا عام 1993 أدى إلى اقامة منبر جديد يضم جميع الاتحادات الريفية، وهو المجلس الوطنى للحوار والتعاون في الريف. وضم المجلس في عضويته ثلاثة ملايين شخص. وحصل المجلس في السنوات الخمس الماضية على اعتراف الحكومة والجهات المانحة الرئيسية كمتحدث عن مصالح سكان الريف في أى مفاوضات تتعلق بالسياسات والبرامج وإلى جانب المبادرات الأخرى، يشارك الاتحاد في برنامج مشترك للبحوث مع معهد البحوث الزراعية في السنغال، وفي آلية يديرها المزارعون لتوصيل الأموال العامة إلى صغار الحائزين في مشروعات الانتاج الزراعى.

الحالة 18: رابطات مستخدمى المياه وإدارة الري بالمشاركة في مقاطعة غوجارات بالهند

أصدرت حكومة ولاية جوجارات غوجارت في شهر يوليو/ تموز 1995 قرارا أعلنت فيه عن برنامج إدارة الري بالمشاركة. وهو البرنامج الذى ينطوى على تغيير كامل في تشغيل قنوات الري وصيانتها بالنسبة لرابطات المستخدمين. ورغم أن قنوات الري ستظل ملكية حكومية، وأن الاصلاحات الرئيسية ستظل مسؤولية مصلحة الري، فإن مسؤولية التشغيل اليومى لشبكة القنوات يقع على عاتق رابطات مستخدمى المياه. ومن بين المسؤوليات الأخرى لرابطات مستخدمى المياه بمقتضى هذا البرنامج: تخطيط المحاصيل، وتخصيص المياه المتوافرة للرى، وتحديد معدلات المياه، وتجميع استمارات طلب المياه، وتحصيل رسوم المياه من الأفراد، واتخاذ اجراءات ضد من لا يسددون هذه الرسوم. وبعد القيام بالاصلاحات اللازمة في شبكة قنوات الري، تعاد ادارتها إلى رابطات مستخدمى المياه.

وفي المرحلة التجريبية من برنامج الري بالمشاركة، وقع الاختيار على 13 مشروعا لتجربتها والاستفادة منها في استنباط نهج جديدة. وقد ركز هذا البرنامج على تشكيل تعاونيات للمستخدمين واقامة علاقات بين مختلف الجهات الفاعلة (المزارعون المشاركون، والمنظمات غير الحكومية، والحكومة نفسها). وتقوم المنظمات غير الحكومية بتعبئة المزارعين وتنظيمهم لتشكيل رابطات مستخدمى المياه وتوجيهها أثناء مرحلة التشكيل والمراحل التالية. ومع ذلك، تظل المساعدة التقنية، والتعاون، والارشاد من مصلحة الري لها أهميتها. ويقوم المزارعون المشاركون بتشكيل الرابطة وادارتها، ويساهمون بمبلغ محدد في المصروفات الأولية لاصلاح الشبكة. وأصبح هناك ادراك وتقدير بشكل عام أن المنظمات غير الحكومية نجحت في بث روح التعاون بين المشاركين.

ومن أهم النتائج:

الحالة 19: تعاونيات المجتمعات المحلية في اليابان

لاشك أن تعاونيات الأغذية هى احدى الوسائل الهامة لحصول مجموعات الحضر التي لاتملك وسيلة اتصال مباشرة بالمزارع والريف على أغذية جيدة. فالاتصالات المباشرة بين المستهلكين و المزارعين حققت نجاحا هائلا في اليابان، مع النمو السريع لتعاونيات المستهلكين ومجموعات Sanchoku (أى الاتصال المباشر مع مكان الانتاج) ومشروعات teikei (أى التعاقد أو الاتفاق المتبادل بين المستهلكين والمنتجين). وقاد هذه الحركة الغريبة المستهلكون أنفسهم لا المزارعين، وتزعمتها النساء في المقام الأول. وهناك الآن مابين 800-1000 مجموعة في اليابان تضم في عضويتها أكثر من 11 مليون نسمة. ومجموعات المستهلكين- المنتجين هذه تقوم على الثقة، وتعتمد كثيرا على الاتصالات الشخصية. وكان لبعض هذه المجموعات تأثير كبير على الزراعة، وعلى غيرها من المسائل البيئية.

وأكبر وأشهر مجموعات المستهلكين في اليابان هو نادى Seikatsu، وهو اتحاد تعاونى للمستهلكين، يضم أكثر من 210 ألف أسرة موزعة على 26 ألف فرع محلى في مختلف أنحاء اليابان. وقد أنشأ هذا النادى في عام 1965 بمعرفة ربات البيوت في طوكيو، ممن سعين إلى ايجاد وسيلة للتغلب على ارتفاع أسعار اللبن. وكانت فكرتهن هى تكوين تجمع لشراء الألبان مباشرة من المزارع. ومع مرور سنوات قليلة، بدأن في انتاج مجموعة من الملابس وأدوات التجميل والأغذية الخالية من المبيدات بالجملة. ثم بدأن عضوات النادى في الاشراف على عمليات التوزيع بأنفسهن. وفي أواخر السبعينات، أقمن مقرا جديدا في Setagaya، ثم انتخبت احدى عضوات النادى في الحكومة المحلية في السنة التالية. ورغم أن عضوات النادى اللواتى يعملن بالسياسة المحلية يبلغ عددهن الآن 37 عضوة، فإن النادى مازال يسعى إلى إحداث تغييرات أعمق، إذ أن هدفه هو تمكين كل عضوة من أن يكون لها صوت ودور في السياسات القائمة على المشاركة. وقد أعطى ذلك قوة وفرص جديدة لنساء اليابان، اللواتى كن يعشن في عزلة في منازلهن قبل ذلك. وأصبح نادى Seikatsu يدر وحده الآن مايقرب من 40 مليار ين (320-350 مليون دولار) ويوفر 905 فرصة عمل دائمة.

الحالة 20: تعليم الكبار والمكافحة المتكاملة لآفات الأرز في بنغلاديش.

يعمل المزارعون في بنغلاديش الآن على احداث تغيير جذرى في نظم زراعتهم للأرز. فالمنهج الجديد للمكافحة المتكاملة للآفات، الذى تدعمه المؤسسة الدولية للتنمية في المملكة المتحدة ولجنة الاتحاد الأوروبى، سواء عن طريق مشروعات المنح التي تنفذها هيئة كير الدولية، وهى منظمة دولية غير حكومية تعمل مع المنظمات المحلية غير الحكومية، وجمعيات المزارعين، والموظفين المحليين في وزارة الزراعة في مناطق مختارة من بنغلاديش. وعقد في مقر منظمة الأغذية والزراعة في روما حلقتين دراستين للموظفين الميدانين البنغلاديشين في هيئة كير خلال السنة والنصف الماضية. وشارك في هاتين الحلقتين مزارعون يتعلمون في المدارس الحقلية (مدارس دون أسوار) طوال موسم زراعة الأرز. وهم يلتقون في كل أسبوع ليتعلموا مجموعة جديدة من المبادىء والأفكار المتعلقة بزراعة الأرز ومكافحة الآفات والمفترسات. وهى طريقة لتعليم الكبار كيفية زيادة انتاج الأغذية. وقد استفاد المزارعون من عدة جوانب، فأغلبهم قلل أو أوقف استخدام المبيدات دون أى نقص في غلة الأرز، ليخفض بذلك من تكاليف الانتاج، كما قاموا بتربية الأسماك في حقول الأرز مما وفر لهم مصدرا جديدا للبروتين والدخل، كما زرعوا الخضر على سدود حقول الأرز. وكانت النتيجة أن الأسر المشاركة في المشروع والبالغ عددها 150000 أسرة أصبحت الآن تتمتع بالأمن الغذائى طوال السنة.

الحالة 21: التحسن الذى طرأ على صحة الأطفال وتغذيتهم في كينيا

يقوم "الاتحاد من أجل زراعة أفضل للأراضى" بتشجيع الطرق زهيدة التكاليف للزراعة القائمة على الصيانة، التي تحد من الفقر وتحسن من معيشة سكان الريف وتنهض باقتصادياته ويطلق على هذا النهج "الاستثمار بملاليم". والمبدأ الرئيسى هو أن الأسر الريفية الفقيرة لاتملك موارد مالية لاستثمارها في تحسين الزراعة. وماتحتاجه هذه الأسر هو طرق لزيادة الإنتاجية والدخول باستخدام الموارد البشرية و الطبيعية المتاحة على أفضل وجه. فحرث التربة مرتين مع استخدام الكمبوست وروث الحيوانات يحسن من التربة. وتحسين قدرة الأرض على الاحتفاظ بالماء مع زيادة المادة العضوية يعنى أن تصبح التربة أكثر إنتاجية، وأكثر تنوعا، وأكثر قدرة على الاحتفاظ بالنمو الخصري طوال موسم الجفاف. وبمجرد حدوث هذا الاستثمار، لايصبح هناك الكثير من العمل خلال السنتين أو الثلاث التالية. ويصبح من الممكن زراعة العديد من الخضر والفاكهة، مثل: الكرنب الرؤيسى، والبصل، والطماطم، والكرنب، وثمرة زهرة الآلام، والبسلة الهندى، والاسفناخ، والفلفل، والفاصوليا الخضراء، وفول الصويا.

وقد تبين لمجموعات الاعتماد على الذات أن الأمن الغذائى لأسرهم قد طرأ عليه تحسن كبير بعد أن أخذت بنظم الزراعة القائمة على الصيانة. أما قبل ذلك، فقد كان عليهم أن يعتمدوا على النقد عندما تنقص الأغذية في موسم الجفاف لكى يشتروا الذرة والخضر. وكان عليهم أن يبيعوا عملهم، وأن ينتظروا تحويلات أفراد الأسرة الذين يعملون في أماكن أخرى من كينيا، أو أن يبيعوا محاصيلهم النقدية. وكان لابد لهم أن يفعلوا ذلك في وقت ترتفع فيه أسعار الأغذية وتنخفض أسعار العمل والمحاصيل النقدية. كما اعتمد الكثيرون على جمع الأغذية البرية من الغابات. أما الآن فقد اكتشفت هذه الأسر أن زيادة جهدها في مزارعها بدلا من العمل لدى الآخرين، تعطيهم عائدا أفضل. كما اكتشفت أن الاستثمار في الأصول الطبيعية في مزارعها يعطيها عائدا ممتازا من الانتاج الغذائى. وكاد العمل الموسمى بأجر أن يختفي تماما بين أفراد هذه المجموعات. وكان الأطفال هم أول المستفيدين، حيث تحسنت صحتهم نتيجة زيادة استهلاك الخضر والفترات الطويلة التي تتوافر فيها الأغذية الكافية. وطبقا لأحد الاستعراضات، فإن 75 في المائة من الأسر التي تشكل 26 مجتمعا محليا موزعة على ثمانية أحياء أصبحت الآن لاتتعرض للجوع على مدار السنة كلها، كما أن نسبة الأسر التي تشترى الخضر قد انخفضت من 85 في المائة إلى 11 في المائة فقط.

الحالة 22: التدريب المهنى في المناطق الريفية (مراكز التدريب الريفي، في جزر سليمان جنوب المحيط الهادى)

تتكون جزر سليمان من أرخبيل يضم 900 جزيرة، يصعب الوصول إلى الكثير منها بالاضافة إلى الخدمات والموارد المحدودة فيها. وقامت معيشة المجتمعات الريفية منذ زمن طويل على الزراعة المعيشية، ومصايد الأسماك الحرفية، وحصاد منتجات الغابات، والتجارة فيما بين المجتمعات المحلية. وأدى التوسع في الاقتصاد النقدى وزيادة استغلال الموارد الطبيعية (المحاصيل النقدية والأخشاب والتونة) بواسطة رجال أعمال غير مقيمين إلى زيادة الهجرة إلى المناطق الحضرية، واحداث تفاوت في التنمية بالنسبة لسكان الريف بالاضافة إلى الاضطرابات الاجتماعية. ولاشك أن نقص التسهيلات الائتمانية والمعدات والمواد والخبرات التقنية قد حد من مبادرات صغار الحائزين وصغار رجال الأعمال في الريف في مجال التنمية. وفي أوائل التسعينات- وبناء على العلاقات المجتمعية والثقافية/ الدينية- أنشئت 30 رابطة ريفية، أطلق عليها اسم مراكز التدريب الريفي. وكان دورها الرئيسى هو تقديم المشورة والمساعدة التقنية والتدريب المهنى وتيسير الحصول على قروض.

وقدمت مراكز التدريب الريفي الـ 30 (إنضم عدد آخر إلى الاتحاد أثناء تنفيذ المشروع) دعمها لعدد يتراوح بين 10-30 مبادرة في مجال اختصاصها. فقد أصبح بعض المتدربين مدربين فيما بعد، وحصلوا على عمل لبعض الوقت في مراكز التدريب. وأقيمت مرافق جديدة للتجارة وطرق تجارية في مجالات الانتاج، وخلق فرص جديدة للعمل. وأنشئت فروع جديدة لمصرف التنمية في المقاطعات النشطة بصورة خاصة. ومن أهم النتائج:

الحالة 23: الطبيعية متعددة الوظائف في تربية الأسماك في الأرز تفيد صحة السكان في الصين

إن استزراع الأسماك في حقول الأرز له فوائده العديدة بالنسبة للأسر الريفية والاقتصاد والبيئة. فهناك الآن 136000 هكتار فقط من مساحة تبلغ في مجموعها 21 مليون هكتار من أراضى الأرز المروية في جنوب شرق آسيا تربى فيها الأسماك. وفي مقاطعة جيانغسو في الصين، هناك أكثر من 30 مليون مو (2 مليون هكتار) من حقول الأرز، ثلثها يصلح لتربية الأسماك في حقول الأرز. وفي منتصف التسعينات، وضعت الحكومة الأقليمية مشروع "الارشاد في مجال الأساليب الفعالة لاستزراع الأحياء المائية على نطاق واسع في حقول الأرز بمقاطعة جيانغسو"، وحددت له وظائف متعددة، مثل: تنمية استزراع الأحياء المائية في حقول الأرز مع تحسين واصلاح الحقول منخفضة الغلة، والبرك والمستنقعات الزراعية بهدف زيادة إنتاج الأغذية والدخول، وتشجيع الاقتصاد الريفي وإثراء المزارعين.

ونتيجة لذلك، فقد زادت المساحة التي تربى فيها الأحياء المائية في حقول الأرز في مقاطعة جيانغسو من 5000 هكتار تقريبا عام 1994 لتصل إلى 68973 هكتارا في عام 1997. وبالاضافة إلى ذلك، فإن المساحة التي يستزرع فيها سرطان البحر في حقول الأرز زادت إلى 36113 هكتارا، أما إستزراع الأروبيان فقد وصل إلى 13867 هكتارا. ولاشك أن عائد الاقتصادى لتربية الأحياء المائية في حقول الأرز يعتبر مجزيا للغاية. ففي عام 1997 كان ربح الوحدة من تربية الأحياء المائية في حقول الأرز يزيد عن ربحية محصول الأرز وحده بمقدار 2.86 مره. كما أن نظم تربية الأحياء المائية في حقول الأرز لاتحتاج إلى تكاليف كبيرة، وتعطى عائدا اقتصاديا سريعا. وهى توفر مصدرا إضافيا للأغذية والدخل في المناطق الريفية، حيث أنها تعطى 50 كيلوغراما من الأسماك في كل مو.

كما أن استزراع الأحياء المائية في حقول الأرز يحافظ على التوازن الايكولوجى للنظم الايكولوجية لحقول الأرز. ويمكن تحسين البيئة الريفية عن طريق الزراعة غير الملوثة، حيث أن الكيماويات الزراعية تقل هنا بدرجة كبيرة. كما أن استزراع الأسماك في حقول الأرز يساعد في القضاء على يرقات البعوض الضارة بصحة الانسان. فالحمى اليابانية والملاريا تنتقلان عن طريق البعوض الموجود في حزام عريض من القارة الآسيوية، وتتوقف الوقاية من هذا البعوض على تحسين ظروف البيئة بحيث لاتفقس يرقات البعوض في حقول الأرز. ولاشك أن استزراع الأسماك في حقول الأرز يعطى وقاية جيدة ضد البعوض. ففي مقاطعة Quanzhou، إنخفضت الاصابة بالملاريا من 11.6 في كل 100000 إلى 0.1 فقط في كل 100000، وهو مايمكن أن يعزى بصورة جزئية إلى زيادة مساحات الأرز التي تربى فيها الأسماك من صفر في المائة إلى 43 في المائة خلال عشر سنوات.

الحالة 24: التنمية الزراعية والمجتمعية في منطقة Appalachia في غرب فيرجينيا بالولايات المتحدة.

توضح هذه الحالة- في الوقت الذى تستخدم فيه منهجا يقوم على المجتمع المحلى- الكثير من الجوانب المختلفة للوظائف المتعددة في الزراعة. فقد أنشئت مؤسسة Lightstone في عام 1986 كمنظمة تعليمية لاتهدف إلى تحقيق ربح. ورسالتها هى القيام بدور مركز للتعليم والتجارب العملية الأقليمية لممارسة ودعم الزراعة المستدامة للأسر الزراعية، وإدارة الموارد الطبيعية، والتنمية الريفية القائمة على المجتمعات المحلية. وتقسم أنشطة هذه المؤسسة بين أربعة برامج، هى: برنامج عمال المستقبل، والمركز الزراعى، وبرنامج نظم الأغذية المجتمعية، وبرنامج التنمية الاقتصادية المجتمعية. وتحقق مؤسسة Lightstone أهدافها بمشاركة الكثير من المنظمات الأخرى على المستوى المحلى ومستوى الولاية ومستوى الدولة.

وبرنامج عمال المستقبل هو برنامج للتدريب على إكتساب الخبرات وتدريب الصبية وتعليم العمال المحليين لادخالهم المدارس الثانوية والجامعات للتخصص في الموارد الطبيعية والبشرية. ويتكون هذا البرنامج من ثلاثة عناصر رئيسية، هى: التدريب (وهو تدريب مكثف لمدة 4-10 أيام في حلقات دراسية عملية لاكتساب الخبرات في مؤسسة Lightstone على الزراعة المستدامة، وإعادة تدوير المخلفات، وإدارة الموارد الطبيعية، بالاضافة إلى التدريب على القيادة وإكتساب المهارات في مجال الاتصالات. وتدريب الصبية بأجر في المزارع، والمشروعات الصغيرة، ووكالات الخدمات في مجتمعاتهم المحلية التي تعمل في مجال الموارد الطبيعية والبشرية، ومشروعات العمال المحليين، حيث يواصل الطلبة تدريبهم لتنظيم وقيادة مشروعات خدمة المجتمع المحلى أثناء العام الدراسى).

ويتكون المركز الزراعى من مزرعة مساحتها 562 أكر تزرع بمواد عضوية على نهر Potomac بمقاطعة Pendleton بولاية فيرجينيا الغربية، وتجرى عليها تجارب على أساليب الزراعة المستدامة، وإصلاح الأراضي الرطبة، والغابات الأيكولوجية والزراعية، والزراعة بمساندة المجتمعات المحلية. وتوضح مزرعة مؤسسة Lightstone المبادىء المتعلقة بتنوع المحاصيل والمراعى والثروة الحيوانية والأراضي الرطبة والغابات، والتوازن بين النظم الأيكولوجية الطبيعية والحياة البرية، وإحتياجات الانسان والحيوان، وتتابع الأصناف الأهلية في الأراضي الرطبة والمحاصيل في المناطق المزروعة والثروة الحيوانية في دورات متتالية، واستقلالية المجتمع الزراعى والمجتمعات الأشمل للنباتات والحيوانات البرية والمستأنسة، وتجديد الأراضي الرطبة ومراعى المرتفعات والغابات، والاستدامة عن طريق أنشطة سليمة بيئيا ومقبولة اجتماعيا وممكنة اقتصاديا. ومن أهم أهداف هذا المركز الزراعى توفير التعليم أمام الشبان والرجال على إكتساب الخبرات في مجالات المحافظة على مستجمعات المياه وإصلاحها، والنظم الزراعية بشكل عام، وتصنيع وتسويق الأغذية لاضافة قيمة إليها، وزراعة الغابات والغابات الأيكولوجية.

أما برنامج نظم الأغذية المجتمعية فيقدم الدعم التقنى والمإلى لشبكة التسويق التعاونية للمزارع المتنوعة، ليخلق بذلك أسواقا للأغذية المنتجة محليا وينهض بفرص الحصول على أغذية صحية. وتقدم مؤسسة Lightstone الدعم التقنى والمإلى إلى شبكة تسويق تعاونية للمزارع المتنوعة. وتحدد مؤسسة Lightstone الأسواق المحتملة من خلال مصادر المعلومات وبحوث تنمية الأسواق والبيانات العملية التي تجريها في المزارع، وتبين إمكانية تنفيذ النماذج المختلفة للانتاج بالنسبة للعديد من المحاصيل الخاصة.

وأخيرا، أنشئت مؤسسة Lightstone لتنمية المجتمع المحلى عام 1994 بهدف خلق فرص عمل في مرتفعات Potomac عن طريق تقديم مساعدات تقنية ومالية إلى المجتمعات الريفية التي بها نسبة كبيرة من ذوى الدخل المنخفض. وتقديم القروض الصغيرة للمشروعات المستدامة، ودعم أسواق المزارعين في المنطقة، ومساندة الجهود المحلية للاستفادة من المخلفات، ليست سوى أمثلة محدودة على أنشطة هذه المؤسسة.

إن دراسة الوظيفة الاجتماعية للزراعة والأراضي تشتمل على العديد من المجالات مثل تنظيم البشر، وآليات العمل الجماعى، وتنمية رأس المال البشرى، والتكنولوجيا المناسبة والمعرفة المحلية، والإدارة الجماعية. وتوضح الحالات السابق ذكرها النقاط التالية:

3-3 المؤتمر الالكترونى

كانت أهم نتائج المؤتمر الالكترونى والعملية التي سبقته، كمايلى:

3-4 رفع التقارير إلى لجنة التنمية المستدامة

تبين من تحليل التقارير القطرية المرفوعة إلى لجنة التنمية المستدامة أن هناك مساهمة من جانب الزراعة متعددة الوظائف واستخدام الأراضي في الأمن الغذائى، وتحسن السياسات والمؤسسات، والتنمية الاقتصادية، والحد من الفقر وزيادة المساواة، والتجانس الاجتماعي، وحماية البيئة، واصلاحها والنهوض بها. وكان الهدف الرئيسى من هذه التقارير هو اعطاء دليل على مدى التقدم الذى حدث في التنمية المستدامة.

واقترحت هذه التقارير القطرية ضرورة قيام البلدان النامية باستعراضات اقتصادية وقطاعية بما يتمشى مع استراتيجيات التنمية الزراعية والريفية. فقلما تظهر ضغوط محلية لانتاج أغذية جيدة، رغم وجود ضغوط خارجية عن طريق التجارة الدولية. وهناك عدد قليل من البلدان بدأ يعالج المشكلات البيئية المتصلة بالأغذية والزراعة، مثل اعداد خطط عمل قطرية بيئية، بمساعدة بعض الوكالات الدولية. وتركز هذه الخطط على قاعدة المواد، وإن كانت تشمل أيضا موضوعات مثل الإدارة المتكاملة للتربة والمياه وتغذية النباتات، والتدريب على المكافحة المتكاملة للآفات، ومتابعة الزراعة المستدامة وأنشطة حماية الزراعة البيئية على المستوى الميدانى، والتدريب على ذلك. ورغم أن هذه الخطط لاتشتمل بالضرورة على ادماج السياسات البيئية في التخطيط الاقتصادى، فإنها تساهم في فهم أفضل لمتطلبات حل المشكلات البيئية على المستوى القطرى.

وبالنسبة للقضايا الرئيسية والثغرات التي تم تحديدها، فإن أهم أسباب تفاوت التقدم في تنفيذ استراتيجيات التنمية الزراعية والريفية يرجع إلى:

ويتعرض الكثير من البلدان النامية إلى ضغوط من عدة مصادر لاعادة النظر في سياستها وخططها وبرامجها الزراعية، سواء من الناحيتين الاقتصادية أو القطاعية، من حيث تأثيرها على التنمية المستدامة والأمن الغذائى. ولكن هذه البلدان تملك عادة موارد مؤسسية وبشرية محدودة لتقوم بتقدير نتائج الخطط الانمائية عن الزراعة المستدامة والتنمية الريفية ويزداد موقف هذه الطاقات المحدودة سوءا بفعل الاضطرابات العديدة والمتداخلة وغير المنسقة لخطط وتحليلات البيئة والتنمية المستدامة. ويؤدى ذلك إلى اجراءات من أعلى إلى أسفل دون أى مشاركة، مع التركيز الشديد على الخطة باعتبارها وثيقة وليست عملية تأخذ بيد التنمية الزراعية والريفية إلى طريق مستدام.

كان أحد الأمور التي تشغل بال البلدان التي تمر بمرحلة انتقال نحو اقتصاد السوق، ضرورة إجراء تغيير جذرى في القطاعات الزراعية. فإدخال وتطوير آليات السوق غير تماما من العلاقات السعرية بين المدخلات والمخرجات. ورغم ذلك، فقد كان هناك تقدم ملموس في اصلاح السياسات الزراعية والبيئية، بما في ذلك الأخذ بتدابير تتصل اتصالا مباشرا بالاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية والمسائل البيئية، كحماية التربة والمياه وظهرت لأول مرة سياسات تهدف إلى اخراج الأراضي الحدية من دائرة الانتاج.

والأمر المثير للدهشة، أنه مع انقطاع إمدادات الأغذية بسبب إنهيار أنماط الانتاج والتجارة القديمة، فليس هناك أى فكر في التقارير القطرية المرفوعة إلى لجنة التنمية المستدامة عن مساهمة الزراعة في الأمن الغذائى. وبالمثل، فليس هناك أي ذكر لتحسين السياسات والمؤسسات، والحد من الفقر وزيادة المساواة، والتجانس الاجتماعي، أو التعليم والتكنولوجيا والعلوم. ومن ناحية أخرى، فإن هناك إنتباه ملموس في عدة تقارير قطرية بوضع شروط مسبقة لاستخدام الزراعة والأراضي في تحقيق التنمية الاقتصادية، عن طريق نقل ملكية الأراضي إلى القطاع الخاص مثلا. وبالنسبة لحماية البيئة واصلاحها والنهوض بها، فقد أشارت عدة بلدان إلى استراتيجيات مساندة للتنمية الزراعية والريفية المستدامة. كما تنتشر مشكلات تلوث التربة وتدهورها بسبب الأساليب البالية للزراعة والصناعة في هذه الدول، التي تتخذ الآن إجراءات لإصلاح هذا الوضع. كما أن المساهمة في إدارة الأراضي مسألة موثقة توثيقا جيدا، ربما لأن هذه المسألة كانت تشكل قسما منفصلا في التقارير القطرية.

وبالاضافة إلى التقارير القطرية، فإن هناك عدة استعراضات اقليمية أعدت هى الأخرى في إطار التنمية الزراعية والريفية المستدامة تغطى موضوعات تتعلق بالطابع متعدد الوظائف للزراعة والأراضي. وقد خصص منها استعراضان لبلدان الجزر الصغيرة النامية، وبلدان منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.

بدأت بلدان الجزر الصغيرة النامية تدرك مدى التهديد الذى تتعرض له نتيجة عزلتها الطبيعية والانسانية، ومايحدث لها مؤخرا من تبادل السلع والأفراد، من منظور ايكولوجى ووراثى، وكذلك اجتماعى- ثقافي. فجلب أصناف نباتية وحيوانية قد يخلق مشكلات لايمكن علاجها بالنسبة للتنوع البيولوجى والزراعى بدرجة أكبر مما يحدث في الأقاليم القارية. وهناك إدراك متزايد في بلدان الجزر الصغيرة النامية بهشاشة زراعة محصول واحد، سواء لأسباب اقتصادية أو ايكولوجية. كما يزداد القلق في هذه البلدان بسبب التنافس على استخدام الأراضي، والضغوط السكانية، وزيادة العمران، بالنسبة للتخلص من الفضلات على سبيل المثال. فالزراعة وجودة الأغذية يمكن أن يتأثرا بسبب الإدارة غير السليمة للفضلات، بل لأن هذه الفضلات نفسها يمكن أن تكون مصدرا للتلوث. أما الحد من استخدام الكيماويات الزراعية، والمعالجة السليمة للمخلفات الحيوانية والاستفادة منها في التسميد وإنتاج الغاز الحيوى، والاستفادة من المخلفات المنزلية العضوية في عمل الكمبوست واستخدامها في الزراعة والبستنة، فكلها تؤدي بنا إلى بيئة سليمة.

وهناك أيضا إدراك متزايد بأن الزراعة والمنتجات الغذائية والمناظر الطبيعية الريفية هى جزء من ميراث ثقافي يمثل مراكز جذب، بجانب الموارد البحرية والساحلية (مثل التوابل في زنجبار، ومزارع التبغ في كوبا). وهناك أيضا وعى متزايد بتأثير السياحة بأعداد كبيرة على القيم الثقافية التقليدية وعلى أنماط الاستهلاك، بالاضافة إلى الوعى بأنه لابديل لمنهج متكامل متعدد القطاعات في تحديد الطاقة الاستيعابية للأراضى والأنشطة المتعلقة بها. وإزاء هذه القضايا الملحة، ومع الموارد البشرية والمؤسسية المحدودة في مواجهة الأهداف الدولية المتفق عليها، قامت بلدان الجزر الصغيرة النامية وكذلك الجهات المانحة، بتعزيز التعاون الأقليمى وشبه الأقليمى في المجالات المتصلة بالتنمية المستدامة، وذلك من خلال المنظمات الحكومية الدولية الدائمة، مثل محفل جنوب المحيط الهادى، وهيئة جنوب المحيط الهادى، ولجنة المحيط الهندى، ومجموعة بلدان أمريكا اللاتينية.

وبالنسبة لبلدان منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية التي رفعت تقاريرها إلى لجنة التنمية المستدامة، لم يكن هناك تحديد للمسائل المتعلقة بالأمن الغذائى، والتنمية الاقتصادية، والحد من الفقر وزيادة المساواة، والعلوم والتكنولوجيا والمعرفة. وربما كان عدم الاشارة من جانب أى دولة من دول هذه المنظمة إلى الأمن الغذائى هو مؤشر على مستوى المعيشة العام في هذه البلدان، ولكن الدور المتزايد لانتاج الأغذية باستخدام مواد عضوية، والدعم المقدم بهذه الطريقة كان موضع إشارة من جانب بعض البلدان. ولم تكن هناك أى إشارة إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية، وربما كان ذلك بسبب المساهمة الضئيلة نسبيا للزراعة في الناتج المحلى الاجمإلى، والاهتمام المحدود الذى تحظى به التنمية الريفية في التقارير القطرية. وقد أشارت استراليا إلى الحد من الفقر وزيادة المساواة، بالنسبة للظروف الاستثنائية (مثل الجفاف) كما أشارت اليه النمسا (في المشروعات الخاصة بمزارعى الجبال) على سبيل المثال، والنرويج أيضا، حيث تلقى المساواة بين تمثيل الرجل والمرأة في صناعة القرارات المتعلقة بالقطاع الزراعى تشجيعا مستمرا. كما أشارت بعض الحكومات بدرجة ما إلى المسائل المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والتعليم، مثل: النمسا وكندا وألمانيا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحـدة.

وأصبحت معظم بلدان منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية تدعى الآن أن الزراعة المستدامة هى الأساس في سياساتها الزراعية، وأنها أعادت النظر في سياساتها وتشريعاتها في السنوات الأخيرة لكى تجعلها متمشية مع أهداف جدول أعمال القرن 21. أما بالنسبة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبى، فربما كان أحد الدوافع هو التعليمات التي وضعها الاتحاد الأوروبى بشأن إجراءات الزراعة البيئية. فهناك الكثير من البلدان التي تساند التنمية الزراعية والريفية المستدامة، ولكن بعضها لم يشر إلى التنمية الريفية عند تقديم تقاريره. ويعالج التناسق الاجتماعي من جوانبه المتعددة، مثل أصحاب الشأن، أو التوعية البيئية والتدريب عليها، ومشاركة المجتمعات المحلية. كما أشار عدد كبير من البلدان إلى حماية البيئة وإصلاحها والنهوض بها. وكان هناك أيضا تركيز شديد على تحسين إدارة الموارد من الأراضي، حيث أشارت أغلب الحكومات في تقاريرها إلى زيادة النشاط في هذا المضمار. ورغم ذلك، فقد يرجع ذلك إلى أن إدارة الأراضي كانت تمثل جزءا منفصلا في التقارير التي رفعت إلى لجنة التنمية المستدامة.

Previous Page   Table Of Contents   Next Page