4.

الأسواق وسلاسل القيمة: الاستجابة إلى المستهلكين ذوي الوعي الصحي

يؤدي قطاع الفواكه والخضروات دورًا مهمًا في توفير الأغذية الطازجة والمغذية للمستهلكين في جميع أنحاء العالم، لا سيما في البلدات والمدن المتنامية. ولا يولد هذا القطاع الدخل للمنتجين فقط، بل كذلك للجهات الفاعلة على طول سلسة القيمة التي تربط المزارعين بالمستهلكين (منظمة الأغذية والزراعة، 2018). ويمكن أن تدرّ الفواكه والخضروات عائدات عالية لكل هكتار، مما يمكّن الحدّ من الفقر إذا وجد الاستثمار المناسب والقدرات والخدمات المناسبة.

وينظر هذا الفصل في جوانب مختلفة من الأسواق وسلاسل القيمة، بما في ذلك التجارة الدولية، وينظر كذلك في الروابط بين المزارعين والأسواق المحلية، والحاجة إلى ممارسات تجارية مسؤولة.

التجارة الدولية

تمثل التجارة الدولية بالفواكه والخضروات الطازجة حوالي 7-8 في المائة فقط من إجمالي الإنتاج العالمي (قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في المنظمة)، لكنها لا تزال تصنف من بين مجموعات السلع المحصولية والحيوانية الأكثر قيمة (الشكل 9). وتشكل الصادرات قوة دفع مهمة وراء التوسع في قطاع الفواكه والخضروات، كما أنها تحفز الإنتاج المحلي والأسواق. وقد فاق نمو الصادرات زيادة الإنتاج بشكل كبير، إذ زادت التجارة العالمية بأكثر من الضعف بين عامي 2000 و2018 (الشكل 10).

الشكل9. قيمة الصادرات العالمية لمجموعة مختارة من السلع الزراعية في عام 2018

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في المنظمة (2020)

الشكل10. الصادرات العالمية من الفاكهة والخضروات: ارتفع إجمالي حجم الصادرات بنسبة 115 في المائة بين عامي 2000 و2018.

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في المنظمة (2020)

ومع أن الكميات المصدّرة من المنتجات الطازجة منخفضة مقارنة بالكميات المنتجة، فإن قيمة التجارة تشير إلى قدرتها على المساهمة بشكل كبير في كل من المنتجات الزراعية وإجمالي الناتج المحلي للبلدان المنتجة. وقد أثبت إقليم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وإقليم آسيا أنهما أكثر الأقاليم أهمية لناحية التصدير حيث تدرّ التجارة في الفواكه والخضروات عملات أجنبية مهمة يمكن للعديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل استخدامها لاستيراد المواد الغذائية وغيرها من المواد. وتتيح الأراضي المناسبة والظروف المناخية والإنتاجية العالية في أماكن عديدة من هذه المناطق إنتاج العديد من الأصناف على نطاق واسع وعلى مدار السنة. واستثمر كذلك العديد من بلدان هذه المناطق في تنمية القدرات المؤسساتية (Fernandez-Stark وآخرون، 2011) وفي البنية التحتية اللازمة لدعم التجارة.

وأصبحت كذلك الزيادات في التجارة ممكنة عن طريق الابتكارات التي حصلت في تكنولوجيا التوزيع والخدمات اللوجستية التي خفّضت تكاليف النقل وفترات التسليم. وتتوافر حاليًا المنتجات الطازجة بأسعار معقولة على مدار السنة في العديد من الأماكن (Altendorfا، 2017). وما حفّز هذه التجارة هو استثمار البلدان المستوردة في البلدان المنتجة، والاتفاقات الثنائية أو المتعددة الأطراف.

والجهات الرئيسية المستوردة للمنتجات الطازجة هي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية (وكلاهما من كبار المصدرين أيضًا) والصين وكندا واليابان والاتحاد الروسي. وأدت الاتفاقات التجارية، كاتفاق منظمة التجارة العالمية الخاص بالزراعة والعديد من الاتفاقات التجارية الإقليمية، إلى خفض التعريفات الجمركية على الواردات (منظمة الأغذية والزراعة، 2017ب) من بين جملة آثار أخرى، وحفّزت كذلك نمو تجارة القطاع (Huangا، 2004).

ويتأثر توسع التجارة العالمية أيضًا بازدياد الطلب في البلدان المرتفعة الدخل، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وهما أكبر كتلتين مستوردتين. وإن تفضيل المنتجات الطازجة الآمنة وذات الجودة العالية والمعبأة بشكل جاذب، ونمو الوعي الصحي، والتوعية على نطاق واسع بالمنافع التغذوية للفواكه والخضروات الطازجة، هي جمعيها عوامل تساهم في زيادة الاستهلاك (أنظر الفصل 2).

وما يحفز الطلب بشكل أكبر هي حملات الترويج للمنافع الصحية التي تنطوي عليها الفواكه والخضروات الغنية بالمغذيات، والتوافر المتزايد للمنتجات الجاهزة للأكل. وفي الواقع، يمكن ملاحظة تفضيلات المستهلكين المتغيرة في تزايد توافر السلع الطازجة على مدار السنة، وهي التي كانت تعتبر ذات يوم موسمية للغاية. وبالنسبة إلى بعض المنتجات العالية القيمة، مثل الأفوكادو، تعدّ التغيرات في تفضيلات المستهلكين محركًا رئيسيًا للتوسع التجاري. ومن ناحية أخرى، فإن الطلب العالمي على بعض السلع الأخرى، بما في ذلك الأناناس والمانجا والببايا، هو أكثر تأثرًا بتغير أسعارها وتغير المداخيل في المناطق المستوردة (Altendorfا، 2017).

وتميل التجارة إلى الخضوع لهيمنة الشركات الكبيرة الوطنية والمتعددة الجنسيات (Altendorf،ا 2019) التي تستحوذ على أكبر قدر من القيمة المضافة. ومن شأن هذا أن يحد من إمكانات قطاع تصدير الفواكه والخضروات للحد من الفقر.

وتمثل الزراعة التعاقدية إحدى الطرق التي يمكن للمزارعين من خلالها تحسين مشاركتهم في قطاع الفواكه والخضروات العالية القيمة، إذ يوفر هذا النهج حلولًا للتصدي للتحديات التي يواجهها صغار المزارعين بالنسبة إلى الحصول على المساعدة الفنية والمدخلات والائتمان والتأمين ومعلومات السوق (منظمة الأغذية والزراعة، 2015؛ والمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص ومنظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، 2015؛ ومنظمة الأغذية والزراعة، 2020د).

الزراعة التعاقدية

يتيح النمو في الأسواق العالمية للفواكه والخضروات فرصًا كبيرة للمزارعين، كما أنه «يُنظر بشكل متزايد إلى الترتيبات الزراعية التعاقدية على أنها وسيلة لإشراك صغار المزارعين في الأسواق المجزية فيما يخص الأغذية ذات القيمة المضافة التي تستمد شكلها من التوسع الحضري ونمو الدخل» (منظمة الأغذية والزراعة، 2020د).

والزراعة التعاقدية هي اتفاق بين مزارع واحد أو أكثر ومتعاقد من أجل إنتاج وتوريد المنتجات الزراعية بموجب اتفاقات آجلة وبأسعار محددة مسبقًا في كثير من الأحيان (Eaton وShephredا، 2001). ويتعهد المزارعون مسبقًا بتزويد المشتري بكميات معينة من المنتج بسعر مضمون. وقد ينص العقد على الحجم والجودة والتوقيت ونوع المحاصيل وطرق الإنتاج (مثل المواد الكيميائية الزراعية التي يمكن استخدامها) والتعبئة وتفاصيل أخرى. ويجوز للمشتري تنظيم التدريب والمشورة والمدخلات، مثل البذور والمواد الكيميائية وحتى المعدات الخاصة والعمالة، من أجل تجهيز الأراضي والحصاد، ويجوز له كذلك تنظيم الائتمان من أجل تغطية كلفة المدخلات.

وفي الحالات المثالية، يستفيد الطرفان، إذ يحصل المزارع على سوق ودخل مضمونين، بينما يضمن المشتري إمدادًا موثوقًا بمنتج عالي الجودة. ولكنّ الزراعة التعاقدية تنطوي على مخاطر بالنسبة إلى الطرفين. وغالبًا ما يكون المشتري في موقع قوي أكثر وقد يفرض مطالب صارمة للغاية على المزارعين. ومن ناحية أخرى، قد لا يلتزم المزارعون بتسليم الكميات المتعاقد عليها أو بمعايير الجودة المحددة، أو قد يبيعون بشكل موازٍ للمشترين الذين يعرضون سعرًا أعلى في وقت الحصاد (منظمة الأغذية والزراعة، 2013).

© FAO/Alessandra Benedetti

ويتوقف انخراط المزارعين في الزراعة التعاقدية على عوامل عديدة، بما في ذلك المميزات الخاصة بالمزارع والظروف المحلية ونظام الزراعة واحتياجات المشتري (منظمة الأغذية والزراعة، 2013 و2020أ). وخلصت دراسة استقصائية بشأن المزارعين أُجريت في شبه جزيرة ماليزيا، على سبيل المثال، إلى أن المزارعين كانوا على الأرجح أكثر اهتمامًا بالزراعة التعاقدية بالنسبة إلى الفواكه والخضروات إذا كانوا يمتلكون الأرض التي يزرعونها، ويزرعون مساحة كبيرة نسبيًا، ومثقفين، ويعتقدون أنهم سيستفيدون من الترتيبات التعاقدية (Arumugam وآخرون، 2017).

© FAO/Pier Paolo Cito

ويقوم المجهزون والمصدّرون والجهات الفاعلة الأخرى الموجودة في وسط السلسلة عن طريق الزراعة التعاقدية بإدماج صغار المزارعين في سلاسل القيمة الوطنية والعالمية العالية الربحية. ولكنّ هذه العمليات لا تزال محدودة النطاق للغاية. وترد في ما يلي بعض الأمثلة:

  • جنوب أفريقيا: يبرم منتجو الحمضيات عقودًا مع مصدّر ومجهز للعصائر على السواء، ويحصلون على الدعم المالي والفني (منظمة الأغذية والزراعة، 2013)؛
  • تنزانيا: يدعم المصدّرون المزارعين الذين ينتجون الخضروات من أجل تحقيق معايير الجودة والسلامة العالمية (منظمة الأغذية والزراعة، 2013)؛
  • نيبال: يبلّغ المزارعون في المناطق النائية، الذين يزرعون الزنجبيل بموجب عقد مبرم مع مجهز ومصدّر، عن أرباح صافية أعلى بنسبة 58 في المائة تقريبًا مقارنة بالمزارعين غير المتعاقدين (Kumar وآخرون، 2016)؛
  • المكسيك: تقدم شركة خضروات مجمدة مملوكة لعائلة عقودًا لصغار المنتجين وتوفر لهم المدخلات والمساعدة الفنية والائتمان بطريقة تقلل من تكاليف المعاملات التعاقدية للشركة (Key وRunstenا، 1999).

وفي حين أن الزراعة التعاقدية تُطبّق عادة من أجل شراء المنتجات من المزارعين لأسواق التصدير التي تفرض شروطًا صارمة على المنتجين (منظمة الأغذية والزراعة، 2016)، هناك بعض الأدلة على أنه يمكن أيضًا تكييف هذا النهج من أجل تحسين التنسيق في أسواق الأغذية المحلية، بما في ذلك بالنسبة إلى المنتجات العالية القيمة (Meijerrinkا، 2010؛ وSoullier وMoustierا، 2018).

ربط المزارعين بالأسواق المحلية

نظرًا إلى ارتفاع قابلية التلف والقدرة التنافسية في أسواق التصدير، تجري التجارة بمعظم الفواكه والخضروات الطازجة وتستهلك على المستوى المحلي أو الوطني. وفي أفريقيا، يتم توفير ما يصل إلى 96 في المائة من الإنتاج الزراعي الذي يجري تسويقه (بما في ذلك الفواكه والخضروات) عن طريق السوق المحلية (التحالف من أجل الثورة الخضراء في أفريقيا، 2019). وفي أمريكا اللاتينية وآسيا، تُباع معظم الفواكه والخضروات من خلال أسواق الجملة وأسواق الأغذية الطازجة والمتاجر الكبرى ومحلات البقالة المتخصصة (Bozaا، 2020؛ ومصرف التنمية الآسيوي، 2019أ؛ وRen وAnا، 2010).

وتجري زراعة الكثير من هذه المنتجات من قبل أصحاب الحيازات الصغيرة من أجل بيعها من خلال نظام معقد عادة من التجار والوسطاء، أو في بعض الأحيان للمستهلكين مباشرة (أنظر الفصل 3). ويوضح الشكلان 12 و13 خرائط سلسلة القيمة لمجموعة مختارة من الفواكه والخضروات في أوكرانيا وأوغندا. وتوضح الخرائط مدى تعقيد الروابط بين الجهات الفاعلة المتعددة على طول سلسلة القيمة، وكيف تختلف العلاقات وأنواع الجهات الفاعلة من بلد إلى آخر.

الشكل11. سلاسل القيمة للفاكهة والخضروات في أوكرانيا

المصدر: مركز ترويج الواردات من البلدان النامية (2015)

الشكل12. سلسلة قيمة الأفوكادو والمانجا والفاصوليا الخضراء في أوغندا

المصدر: Dijkxhoorn وآخرون، (2019)

وتتوسع حاليًا أسواق الأغذية على المستويين المحلي والإقليمي في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على خلفية النمو السكاني، والتوسع الحضري، وارتفاع الدخل ووجود طبقة وسطى متنامية، وزيادة مشاركة المرأة في أسواق العمل، والتحولات في تفضيلات المستهلكين للأغذية. ونظرًا إلى أن نمو الدخل يؤدي إلى تغييرات اجتماعية واقتصادية كبيرة، تحدث أيضًا تحولات موازية في أنماط استهلاك الأغذية - وهي عملية تُعرف باسم «التحول التغذوي». وفي المرحلة الأخيرة من هذا التحول، يزداد استهلاك الفواكه والخضروات (منظمة الأغذية والزراعة، 2020د).

وتحدث هذه الاتجاهات حاليًا في عدد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل (Pingaliا، 2007؛ وPopkinا، 2006؛ وورد في اقتباس لمنظمة الأغذية والزراعة، 2020د). ويمكن للحكومات أيضًا الترويج لبرامج الفواكه والخضروات، كما هو الحال في الهند والبرازيل، حيث يتوسع استهلاك المانغا والبابايا بين صفوف السكان الذي يزدادون ثراءً (Altendorfا، 2017).

وتخلق هذه الأنماط المتغيرة في المداخيل واستهلاك الأغذية فرصًا لصغار المزارعين والمنشآت الزراعية الصغيرة على طول سلاسل القيمة الغذائية (Reardonا، 2015). إذ إنها تؤدي إلى قِصر سلاسل القيمة الغذائية وقنوات التوزيع، مما يتيح مزيدًا من الفرص للروابط المباشرة بين المنتجين والمستهلكين (Galli وBrunoriا، 2013). وقد ينبع أيضًا عن سلاسل القيمة الغذائية الأقصر مبادرات مثل أسواق المزارعين أو معارض الطعام في الهواء الطلق، والتي تعتمد على رغبة المستهلكين في التعامل مباشرة مع المنتجين. ويمكن للحكومات أيضًا تعزيز استهلاك الفواكه والخضروات والإنتاج المستدام لأصحاب الحيازات الصغيرة من خلال المشتريات العامة للأغذية من أجل المدارس والمؤسسات العامة الأخرى (اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وآخرون، 2015). وتؤكد أزمة كوفيد-ا19 الدور المركزي الذي تؤديه القنوات المحلية لتوزيع الأغذية من أجل ضمان الأمن الغذائي (منظمة الأغذية والزراعة، 2020ب).

القيمة المضافة

تشمل القيمة المضافة للفواكه والخضروات الطازجة الفرز والتصنيف والتعبئة والنقل والبيع بالجملة والبيع التجزئة، فضلًا عن أنشطة التجهيز. وتقوم بذلك مؤسسات مختلفة الأحجام، من المؤسسات المتناهية الصغر إلى المؤسسات الكبيرة. وتؤدي بعض الجهات الفاعلة أدوارًا متعددة. فالبائعون بالجملة، على سبيل المثال، يؤدون دورًا مهمًا في توفير معلومات السوق للمنتجين، وإدارة الخدمات اللوجستية في مرحلة ما بعد الحصاد (منظمة الأغذية والزراعة، 2014). وفي العديد من البلدان، تحظى المتاجر الكبيرة بحصة متزايدة من تجارة بيع المنتجات الطازجة بالتجزئة، لكن القطاع التقليدي للبيع بالتجزئة الذي يشمل أسواق المنتجات الطازجة المحلية والأكشاك على جانب الطرقات، لا يزال حاسم الأهمية بالنسبة إلى تجارة بيع الفواكه والخضروات بالتجزئة ولتحقيق الأمن الغذائي في البلدان المنخفضة الدخل (Parfitt وآخرون، 2010).

ويمكن أن يؤدي تعزيز قدرات القطاع إلى تحسين شفافية السوق وجودة الأغذية المتوفرة في الأسواق المحلية وسلامتها (Demmlerا، 2020). وإضافة إلى ذلك، فإن مؤسسات الأغذية الزراعية هذه الموجودة وسط السلسلة تتيح أيضًا للمزارعين الفرص السوقية الأكبر على المستوى المحلي (التحالف من أجل الثورة الخضراء في أفريقيا، 2019).

© FAO/Simon Maina

وكما هو الحال بالنسبة إلى صغار منتجي الأغذية، تواجه شركات الأغذية الزراعية الصغيرة والمتوسطة الحجم أيضًا عددًا من العقبات في ربطها بالأسواق (منظمة الأغذية والزراعة، 2015).

  • يعدّ الحصول على التمويل مشكلة طويلة الأمد بالنسبة إلى صغار المزارعين ومؤسسات الأغذية الزراعية على السواء (وليس فقط في قطاع الفواكه والخضروات). ويؤدي الافتقار إلى التمويل الموثوق والميسور الكلفة إلى تقويض الابتكار والنمو وتوليد فرص للعمل، كما أنه يقيّد قدرة قطاع الإنتاج الزراعي والغذائي على الحد من الفقر (Beck وCullا، 2014؛ ومنظمة الأغذية والزراعة، 2020د؛ وFjose وآخرون، 2010؛ ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، 2017)؛
  • إن البنية التحتية والمرافق، مثل سلاسل التبريد والتخزين المناسب وتكنولوجيات التجهيز، والطاقة الموثوقة وإمدادات المياه النظيفة، كثيرًا ما تكون غير كافية. ويعيق تطورها نقص فرص الاستثمار والموظفين المؤهلين وعدم كفاية الضوابط وتجزئة الإمدادات (منظمة الأغذية والزراعة، 2016)؛
  • كثيراً ما ينعدم كذلك الدعم الحكومي للجهات الفاعلة الموجودة وسط السلسلة. وتركز وزارات الزراعة وخدمات الإرشاد على الأنشطة المسبقة التي يقوم بها المنتجون، بينما تقع الجهات الفاعلة الصغيرة والموجودة وسط السلسلة في سلسلة القيمة بين ولايات وزارات التجارة والصناعة والمعاملات التجارية (منظمة الأغذية والزراعة، 2015). وتتداخل أو تتعارض السياسات واللوائح التي توجهها، بينما لا تنطبق السياسات المصممة لقطاع التصنيع على قطاع الأعمال التجارية الزراعية الذي له شواغله الخاصة، ألا وهي قابلية المنتج للتلف، والمشتريات غير الموثوقة، والحساسية لعوامل الطقس، وما إلى ذلك.
© FAO/Maxim Zmeyev

التعلم من التجارة الدولية

يمكن لسلاسل القيمة المحلية الاستفادة عن طريق التعلم من أوجه النجاح في التجارة الدولية بالفواكه والخضروات الطازجة. ويمكن للحكومات دعم القطاع من خلال توفير أطر مؤسسية للتعاون بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار في البنية التحتية مثل مرافق التخزين والمختبرات، وتحفيز الروابط مع البحوث من أجل توليد الابتكارات في عمليات ما بعد الحصاد (مثل التعبئة وسلاسل التبريد)، وتشجيع التمويل للقطاع، وبناء كفاءات المنتجين والمديرين (Fernandez-Stark وآخرون، 2011). وفي شيلي، ساعد هذا الدعم قطاع الفواكه والخضروات على الارتقاء والتنافس على المستوى الدولي، وولد أكثر من 000 450 وظيفة على طول السلسلة – وهو ما يعادل 5 في المائة من القوة العاملة في البلاد (Lópezا، 2009).

ويمكن أن تؤثر أيضًا السياسات التجارية التي تحفز الصادرات على سلوك الجهات الفاعلة الوطنية في سلسلة القيمة. ويمكن للسياسات المناسبة أن تعزز الحدود المفتوحة وسلاسل القيمة الوطنية المسؤولة والشفافة. وفي مجال سلامة الأغذية وصحة النبات، تشجع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية بقوة على استخدام المعايير الدولية كأساس للتدابير الوطنية. ويمكن أن يساعد ذلك على خفض تكاليف التجارة والسماح للأغذية بالتنقل بسلاسة بين الأسواق.

الأعمال التجارية المسؤولة

فرص العمل وظروفه

يتطلع صانعو السياسات بشكل متزايد إلى سلاسل الأغذية العالية القيمة، مثل سلاسل قيمة الفواكه والخضروات، من أجل تهيئة فرص عمل خارج المزرعة (Loschا، 2012). وفي المناطق الريفية في أفريقيا، تمثل الزراعة حوالي 40 في المائة من فرص العمل (مقاسة من حيث معادلات الدوام الكامل). ويمثل البيع بالجملة والخدمات اللوجستية والتجهيز وبيع الأغذية والمنتجات الزراعية الأخرى بالتجزئة نسبة 25 في المائة إضافية (Dolislager وآخرون، 2019؛ وArslan وآخرون، 2019)، والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم هي من يضطلع بنصف هذه الأنشطة. ومع نمو عدد الشركات المتوسطة في سلاسل إمداد الأغذية، تشير التوقعات إلى أنه سيتم تحفيز إنتاج المزارع وتهيئة فرص عمل في المزرعة (Reardon وآخرون، 2019). ومن المرجح أن تقوم هذه المؤسسات الريفية الصغيرة بتوظيف الفئات الضعيفة مثل النساء أو الشباب (Dolislager وآخرون، 2019).

وينبغي أن توفر الوظائف التي يتم إنشاؤها في هذا القطاع فرص عمل لائقة (الإطار 4). ولكنّ سلاسل القيمة للمنتجات الطازجة معرضة بشكل خاص للمخاطر البيئية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة. ويوجد في الصناعة نسبة عالية نسبيًا من العمال غير النظاميين (أي العمالة المؤقتة أو المهاجرة أو الأسرية). ومن المألوف وجود مزارع يشقى فيها العمال لساعات طويلة في ظروف صعبة من دون الحصول على ضمانات كافية للصحة والسلامة، ومن دون احترام حقوقهم، مثل حرية تكوين النقابات. ويُفاد بشكل متكرر عن عمالة الأطفال، كما تمثل المساواة بين الجنسين مشكلة، ويشيع العنف القائم على النوع الاجتماعي (Cooperا، 2015). وقد تكون لإنتاج المحاصيل آثار بيئية ضارة، لا سيما في المزارع الكبيرة الأحادية الزراعة التي تعتمد بشدة على مبيدات الآفات من أجل حماية المحاصيل، وعلى المواد الكيميائية الزراعية للحفاظ على المنتجات.

الإطار4. فرص العمل اللائقة

تُعرَّف فرص العمل اللائقة بأنها فرص للحصول على العمل، وتتسم بالإنتاجية واحترام معايير العمل الأساسية وتوفر دخلًا عادلًا (سواء من خلال العمل الحر أو العمل المأجور)، وتضمن معاملة متساوية للجميع. وينبغي أن يتمتع العمال بالقدرة على أداء مهامهم في ظل ظروف آمنة وصحية، وأن يكون لهم صوت مسموع في مكان العمل (منظمة الأغذية والزراعة، 2017أ).

وبغية حماية الفئات الضعيفة والموظفين والبيئة، تحتاج الشركات التي تعمل خارج المزرعة وعلى طول سلاسل القيمة إلى ضمان شراء إمداداتها من مصادر تلتزم بالممارسات الجيدة البيئية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة عن طريق إرساء السياسات والأنظمة المناسبة. وسيؤدي القيام بذلك إلى حماية الشركات على جميع المستويات من مشاكل السمعة، من الشركات الصغيرة إلى الشركات المتعددة الجنسيات. ويمكن لهذا بدوره أن يساعد الشركات على تجنب الإجراءات العلاجية المكلفة وتحسين العلاقات مع الموردين والشركاء التجاريين ومجموعات أصحاب المصلحة الأخرى، ويخفّض بالتالي التكاليف ويزيد الربحية (منظمة الأغذية والزراعة، 2020ج).

العناية الواجبة

وبالاستناد إلى أدوات توجيهية دولية مختلفة (الجدول 1) ومطبقة على طول سلسلة القيمة، يمكن لممارسات العناية الواجبة والأعمال التجارية المسؤولة أن تعود بالنفع على المزارعين وعمال المزارع والمؤسسات الزراعية الصغيرة والمجتمعات المحلية والبيئة والمجتمع ككل (منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومنظمة الأغذية والزراعة، 2020). ويمكن أن تزيد أيضًا العناية الواجبة التي تبذلها الشركات من قدرة سلاسل القيمة على الصمود أمام الصدمات الخارجية مثل كوفيد-ا19 (الإطار 5).

الجدول1. الصكوك التوجيهية الدولية بشأن الممارسات التجارية المسؤولة

الإطار5. العناية الواجبة

تُعرَّف العناية الواجبة على أنها العملية التي يمكن من خلالها للمؤسسات تحديد الآثار الضارة للأنشطة التي تقوم بها وتقييم هذه الآثار والتخفيف منها والوقاية منها وتوضيح كيفية معالجتها، وذلك كجزء من عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بالأعمال التجارية وأنظمة إدارة المخاطر (منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومنظمة الأغذية والزراعة، 2016)

لقد استكشف هذا الفصل الاتجاهات الحديثة وراء النمو السريع في الطلب على الفواكه والخضروات الطازجة، لا سيما الفواكه الاستوائية. والأمر الذي مكّن نهوض التجارة الدولية هي أوجه التقدم في النقل وتكنولوجيات التخزين والاتفاقات التجارية وزيادة المداخيل وتحول تفضيلات المستهلكين. ومع ذلك، فإنّ تسخير إمكانات القطاع للحد من الفقر يقتضي إتاحة البنية التحتية الداعمة المناسبة والاستثمار والنفاذ إلى الخدمات الموجهة إلى الجهات الفاعلة على نطاق صغير في سلسلة القيمة بأكملها، إلى جانب بيئة تمكينية تحمي حقوق الفئات الضعيفة. ونُوقشت كذلك أهمية اتجاهات المستهلكين، وأهمية التعلم من الفرص التي توفرها التجارة الدولية لتنمية الأسواق المحلية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.