IFADUNICEFWFPWHO
info
close
فلسطين رجل يعتني بحديقة خضراوات على سطح منزله – مما يزيد من فرص الحصول على الغذاء من خلال تحسين الإنتاج على مستوى الأسرة المعيشية.
FAO/Marco Longari©

حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2023

الفصل 3 التوسع الحضري يحدث تحولًا في النُظم الزراعية والغذائية ويؤثر على إمكانية الحصول على أنماط غذائية صحية ميسورة الكلفة عبر التسلسل الريفي الحضري المتصلة

الرسائل الرئيسية
  • التوسع الحضري المتنامي يُشكل اتجاهًا كاسحًا يدفع، بالاقتران مع التغيُّرات في الدخل وفرص العمل وأنماط الحياة، نحو تغييرات في النُظم الزراعية والغذائية عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل، من إنتاج الأغذية وتجهيزها وتوزيعها وشرائها، إلى سلوك المستهلك.
  • تُمثل هذه التغيُّرات تحديات وفرصًا لضمان حصول الجميع على أنماط غذائية صحية ميسورة الكلفة. وتشمل التحديات زيادة توافر أغذية رخيصة وكثيفة الطاقة وعالية التجهيز، واستبعاد صغار المزارعين من سلاسل القيمة الرسمية. ولكن هناك أيضًا فرص لزيادة فرص العمل على طول سلاسل القيمة الغذائية وتحسين المجموعة المتنوعة من الأغذية المغذية.
  • يواجه الدور المحوري للمدن الكبيرة في تحويل النُظم الزراعية والغذائية تحديًا بالنظر إلى أن ربع سكان العالم يعيشون حاليًا في مناطق شبه حضرية في المدن المتوسطة والأصغر والبلدات التي يمكن أن تُشكل محاور مهمة في تعزيز الروابط بين الريف والحضر وأداء سلاسل القيمة.
  • علاوة على ذلك، وفي ظل تقارب مستويات مشتريات الأغذية المرتفعة في المناطق شبه الحضرية والريفية التي يعيش فيها ما يقرب من نصف سكان العالم، تُشكل الأسواق في هذه المناطق قوة دافعة مهمة كامنة وراء تحول النُظم الزراعية والغذائية.
  • يرتبط التوسع الحضري في كثير من الأحيان بتنويع الأنماط الغذائية، بما يشمل زيادة استهلاك منتجات الألبان والأسماك واللحوم والخضراوات والفاكهة والبقول – وهي أغذية يمكن أن تُساهم في النمط الغذائي الصحي.
  • هناك على الرغم من ذلك تحديات تشمل ما يلي: (1) توافر الخضراوات والفاكهة بصفة خاصة لا يكفي لتلبية الاحتياجات الغذائية اليومية لنمط غذائي صحي في كل إقليم من أقاليم العالم تقريبًا؛ (2) ويُساهم التوسع الحضري في انتشار الأغذية السهلة التحضير والمعدة مسبقًا والسريعة، والتي تكون في كثير من الأحيان كثيفة الطاقة وغنية بالدهون و/أو السكريات و/أو الملح التي تزداد وفرة وأيضًا بأسعار أرخص.
  • أدى ازدياد الطلب على المحاصيل العالية القيمة، مثل الفاكهة والخضراوات والمنتجات المجهزة، بما في ذلك في المناطق الريفية، إلى نمو كبير في سلاسل القيمة الغذائية الأطول وذات الطابع الرسمي الأكبر والتعقيدات الأكثر، مما يتيح فرصًا أكبر للدخل للعمل غير الزراعي، وخاصة للنساء والشباب.
  • ساهمت العوامل المرتبطة بجانب العرض، بما فيها التكنولوجيا المعولمة المتبعة في إنتاج الأغذية ونقلها وتسويقها، إلى جانب زيادة الطلب على الأغذية المتاحة بسهولة، في توسع كبير في المتاجر الكبيرة والمتاجر الكبرى، ومتاجر توصيل الأغذية، وغيرها من متاجر التجزئة التي توفِّر الأغذية السهلة التحضير. ولكنها ترتبط أيضًا بزيادة العرض وانتشار الأغذية الكثيفة الطاقة والعالية التجهيز.
  • في ظل ازدياد التشابك بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية، تتحسن في كثير من الأحيان فرص المنتجين الريفيين في الحصول على المدخلات والخدمات الزراعية، مما يسمح بتحسين الإنتاجية ويؤدي في العادة إلى زيادة مستويات الدخل. ومع ذلك، هناك أيضًا مخاطر من فقدان صغار المنتجين في المناطق شبه الحضرية أراضيهم بسبب التوسع العمراني.
  • الحصول على أنماط غذائية صحية ميسورة الكلفة والأمن الغذائي أفضل عمومًا في المدن مقارنة بالمناطق الريفية، على الرغم من أن هذا التعميم معقد بسبب التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية في القدرة على تحمل كلفة النمط الغذائي والأمن الغذائي داخل المناطق الحضرية وعبر التسلسل الريفي الحضري المتصل.

يؤدي التوسع الحضري، بالاقتران مع عوامل سياقية أخرى، مثل ارتفاع مستوى الدخل وزيادة فرص العمل وتغيُّر أنماط الحياة، إلى تغييرات في النُظم الزراعية والغذائية عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل، بما في ذلك إنتاج الأغذية وتجهيزها وتوزيعها وشرائها، وسلوك المستهلك. ويمكن أن تفضي هذه التغييرات أيضًا إلى تفاوتات عبر هذا التسلسل المتصل، ويمكن أن تكون لها تأثيرات إيجابية وسلبية على توافر الأنماط الغذائية الصحية والقدرة على تحمل كلفتها، وبالتالي على نتائج الأمن الغذائي والتغذية.

ويتناول هذا الفصل أولًا دوافع التوسع الحضري وأنماطه وديناميكياته، من خلال عدسة التسلسل الريفي الحضري المتصل. ويُقدم الفصل بعد ذلك إطارًا مفاهيميًا لفهم المسارات التي يؤثر من خلالها التوسع الحضري على النُظم الزراعية والغذائية عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل. وأخيرًا، يُلخص الفصل ما يمكن أن يفرضه التوسع الحضري من تحديات وفرص وما يرتبط بذلك من تغيُّرات في النُظم الزراعية والغذائية على الحصول على أنماط غذائية صحية ميسورة الكلفة.

3–1 دوافع التوسع الحضري وأنماطه وديناميكياته

دوافع التوسع الحضري

التوسع الحضري هو نتاج النمو السكاني الحضري والتوسع العمراني (أي إعادة تصنيف المناطق الريفية إلى مناطق شبه حضرية أو حضرية) والهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، على النحو الذي يصوره الشكل 16. وتتغيَّر هذه العملية بسرعة، وهي محددة السياق وتدفعها عوامل متشابكة، بما في ذلك التطورات الاقتصادية المتنوعة (مثل زيادة الإنتاجية الزراعية)، وخيارات السياسات، وتوافر الموارد الطبيعية، والضغوط الخارجية، مثل النزاعات أو الظواهر المناخية القصوى أو التدهور البيئي.

الشكل 16 دوافع التوسع الحضري

المصدر: de Bruin, S. & Holleman, C. 2023. Urbanization is transforming agrifood systems across the rural–urban continuum creating challenges and opportunities to access affordable healthy diets. وثيقة معلومات أساسية لتقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2023 .FAO Agricultural Development Economics Working Paper 23-08. روما، منظمة الأغذية والزراعة.
المصدر: de Bruin, S. & Holleman, C. 2023. Urbanization is transforming agrifood systems across the rural–urban continuum creating challenges and opportunities to access affordable healthy diets. وثيقة معلومات أساسية لتقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2023 .FAO Agricultural Development Economics Working Paper 23-08. روما، منظمة الأغذية والزراعة.

وشهدت أجزاء كثيرة من العالم تحولًا حضريًا سريعًا منذ الحرب العالمية الثانية، وصاحبت ذلك زيادة في نسبة سكان العالم في المناطق الحضرية من 30 في المائة في عام 1950 إلى 57 في المائة في عام 2021. ومن المتوقع أن تصل النسبة إلى 68 في المائة بحلول عام 2050. 1 وكان ذلك مدفوعًا في معظم الأقاليم إلى حد كبير بالتحول الهيكلي الذي يتطلب تحولًا اقتصاديًا من اقتصاد قائم أساسًا على الزراعة إلى اقتصاد وطني أكثر تنوعًا، في عملية تجتذب السكان الريفيين إلى المناطق الحضرية.2 ويتسم التحول الهيكلي للاقتصادات بتحسينات في الإنتاجية، وخاصة في العمالة، وتغييرات في الأهمية النسبية للقطاعات من خلال إعادة توزيع عوامل الإنتاج، مثل العمالة ورأس المال.3 وينطوي ذلك على أربع عمليات مترابطة: (1) تراجع حصة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي وفرص العمل، والتحول التدريجي للوظائف من القطاع الزراعي الأوّلي إلى وظائف القطاعين من المستويين الثاني والثالث، والتي تقع عادة في المناطق الحضرية؛ (2) والهجرة من المناطق الريفية إلى الحضرية؛ (3) وظهور اقتصاد صناعي وخدماتي حديث؛ (4) والانتقال الديمغرافي من معدلات المواليد والوفيات المرتفعة إلى المنخفضة.2، 4، 5، 6

وفي ظل تغيُّر العلاقة بين الزراعة وبقية الاقتصاد، يحدث التحول الريفي. وهذا التحول الريفي يُقصد به التحسينات الشاملة والمستدامة في سُبل المعيشة الريفية في أعقاب ارتفاع مستوى الإنتاجية الزراعية (لأصحاب الحيازات الصغيرة)، وازدياد الفوائض القابلة للتسويق، واتساع فرص العمل غير الزراعي في المناطق الريفية، وتحسن فرص الحصول على الخدمات والبنية التحتية أيضًا في المناطق الريفية، والقدرة على التأثير في السياسات التي تُشكل جزءًا لا يتجزأ من العمليات الوطنية للنمو الاقتصادي والتحول الهيكلي.7 وتشمل هذه العملية تعزيز الروابط بين المناطق الريفية والحضرية والتي تُشكل همزة الوصل التي تربط بين الزراعة والأنشطة الأخرى في الاقتصاد الريفي بقطاعي الصناعات التحويلية والخدمات في ظل امتدادهما إلى المراكز الحضرية.3 ومن المتوقع أن يُساهم النمو في القطاعات غير الزراعية وما يحدث من تحولات في القوى العاملة خارج الزراعة تدريجيًا في توحيد الأراضي وزيادة أحجام المزارع. وتُشكل التحسينات في الإنتاجية الزراعية شرطًا ضروريًا لكي تُسفر هذه العملية عن خفض معدلات الفقر الريفي وتحسينات شاملة في مستويات المعيشة.

ومع ذلك، لا تنطبق على جميع البلدان والأقاليم نظرية ترافق التوسع الحضري مع النمو الاقتصادي والتحول الهيكلي. ومع أن البلدان التي توجد فيها نسبة كبيرة من سكان المناطق الحضرية غالبًا ما تكون أكثر ازدهارًا من البلدان التي يغلب على معظم سكانها الطابع الريفي، فإن ذلك لا ينطبق على جميع الحالات.8 ويبين الشكل 17 أنه على الرغم من إمكانية ملاحظة اتجاه بين نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عند تعادل القوة الشرائية ومستوى التوسع الحضري (مقاسًا بنسبة سكان المناطق الحضرية)، لا يوجد أي ارتباط مباشر. وعلى سبيل المثال، كانت نسبة 91 في المائة من السكان في الأردن في عام 2019 تعيش في المناطق الحضرية، ولكن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في هذا البلد كان منخفضًا نسبيًا، إذ بلغ نحو 000 10 دولار سنويًا على أساس تعادل القوة الشرائية. وعلى المنوال نفسه، كانت نسبة 90 في المائة من السكان في غابون تعيش في المدن في عام 2019، ولكن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في البلد بلغ نحو 000 15 دولار سنويًا على أساس تعادل القوة الشرائية. وتقل مستويات التوسع الحضري في البلدان الجزرية الصغيرة (أنتيغوا وبربودا، وسان كيتس ونيفيس، وأروبا)، وكذلك البلدان الصغيرة غير الساحلية والأقاليم، عن المتوقع بسبب ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نسبيًا.

الشكل 17 نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتعادل القوة الشرائية، ومستوى التوسع الحضري

المصدر: البنك الدولي. 2023. بنك البيانات. في: البنك الدولي. [ورد ذكره في 23 مايو/أيار 2023] https://databank.worldbank.org
ملاحظة: تُمثل كل نقطة بلدًا/إقليمًا.
المصدر: البنك الدولي. 2023. بنك البيانات. في: البنك الدولي. [ورد ذكره في 23 مايو/أيار 2023] https://databank.worldbank.org

وشهدت بعض أفقر البلدان في أواخر القرن العشرين توسعًا حضريًّا غير مصحوب بتحول هيكلي ونمو اقتصادي.9 وعلى غرار الحالات المذكورة أعلاه، لا تُشير الزيادة في نسبة سكان المدن بالضرورة إلى ارتفاع في معدل النمو الاقتصادي. ولكن التوسع الحضري يمكن أن يكون مرتبطًا بتطورات “غير نمطية” أخرى. ولا يؤدي النمو السكاني العام إلى نمو في المناطق الحضرية والريفية. ومن دون زيادات في الإنتاجية الزراعية، يؤدي النمو السكاني في المناطق الريفية إلى تقسيم الأراضي، وقطع الأراضي الزراعية التي لا تتوافر لها مقومات الحياة، والافتقار إلى فرص كسب العيش في المناطق الريفية. ويهاجر السكان الريفيون بعد ذلك إلى المدن التي قد تكون فيها الفرص محدودة (بسبب الافتقار إلى النمو الاقتصادي) مما يؤدي إلى زيادات في الفقر في المناطق الحضرية. وثانيًا، يؤدي النمو السكاني في المناطق الحضرية إلى إجهاد قدرة البنية التحتية الحضرية والخدمات الاجتماعية والأخرى إلى أقصى حدودها. وينطبق ذلك بصفة خاصة على المناطق الحضرية السريعة النمو التي لا تواكب فيها الاستثمارات ما يحدث من توسع عمراني.

ويمكن ربط التوسع الحضري غير المصحوب بنمو اقتصادي بالظروف المعيشية الريفية السيئة – بما في ذلك الفقر، والافتقار إلى فرص العمل، أو العمالة الناقصة، والافتقار إلى البنية التحتية، وعدم الحصول على الخدمات وانعدام الأمن الغذائي – و/أو التدهور البيئي.10، 11، 12 وتمثل آسيا الجنوبية وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الإقليمين اللذين لا يزال التحول الهيكلي فيهما متخلفًا بسبب تدني مستوى إنتاجية زراعة الكفاف، والأهم من ذلك، المعدلات السريعة للنمو السكاني والتوسع الحضري.3 وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لم يقترن التوسع الحضري بتراجع في مستويات الفقر على غرار ما لوحظ على مر التاريخ في الأقاليم الأخرى.13 وبلغ معدل التوسع الحضري في العالم أعلى مستوياته في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حتى أواخر تسعينات القرن الماضي؛ ومع ذلك، حدث ذلك أثناء تخلف أداء الزراعة والاقتصاد على النطاق الأوسع.ك وفي أواخر تسعينات القرن الماضي، بدأ نمو دخل الفرد في هذا الإقليم الفرعي في الزيادة بنسبة كبيرة، متجاوزًا بلدانًا كثيرة في جميع أنحاء العالم؛ غير أن جوانب التحول الاقتصادي تكشف عن اختلافات كبيرة مقارنة بالتوسع الحضري المدفوع بالتحول الهيكلي في أماكن أخرى.15 ومن ذلك على سبيل المثال أن أعداد السكان الريفيين لا تزال آخذة في الازدياد في ظل التوسع الحضري لمعظم البلدان الأفريقية وعدم انتقال العمالة الزراعية بالضرورة إلى قطاعات غير زراعية في الاقتصاد.15 وعلاوة على ذلك، تُسيطر الأُسر المعيشية في المناطق الحضرية، وكثير منها من متوسطي المزارعين الذين يستثمرون في النشاط الزراعي، على حصة كبيرة من الأراضي الزراعية الوطنية، ولا تزال تستثمر هناك.

ومن العوامل الأخرى التي يمكن أن تُساهم في التوسع الحضري تغيُّر المناخ والتدهور البيئي، مما قد يؤثر على حركات الهجرة من المناطق الريفية إلى الحضرية.16، 17 وبصفة عامة، كلما انخفض مستوى دخل الفرد في المناطق الريفية المنخفضة الدخل، كلما زادت حصة القوى العاملة المستخدمة في الزراعة والحراجة ومصايد الأسماك.18 ويعني ذلك اعتماد مزيد من الناس في هذه الأقاليم على الموارد الطبيعية لكسب معيشتهم، ويزداد بالتالي تعرضهم لتغيُّر المناخ والتدهور البيئي.19 وإذا ضعفت قطاعات الزراعة والحراجة ومصايد الأسماك واستخدامات الأراضي بسبب آثار تغيُّر المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، يمكن أن يُضطر هؤلاء السكان إلى الهجرة إلى المناطق الحضرية بحثًا عن عمل.20 وفي ظل ازدياد حجم آثار تغيُّر المناخ، يمكن أن يزداد تأثر الهجرة من المناطق الريفية إلى الحضرية في المستقبل.

ومع ذلك، يمكن أن تكون الهجرة غير ممكنة أو غير مرغوبة بالنسبة إلى جميع السكان المتأثرين. ويمكن أن تبقى بعض أفقر المجموعات وأكثرها ضعفًا (بما فيها النساء والأطفال وكبار السن) رهينة المناطق الريفية، وتُقيَّد تنقلاتها بسبب عدم كفاية الموارد أو بسبب المعايير الاجتماعية. وتُشير الأدلة أيضًا إلى أن مجموعات أخرى يمكن أن تختار البقاء في مناطق شديدة التعرض للمخاطر بسبب الارتباط القوي بأرض أجدادها وسُبل معيشتها.21 وفي حين أن الهجرة إلى المدن تنطوي على مخاطر وفرص، يتعرض من يبقى في المناطق الريفية، سواءً طوعًا أو كرهًا، لآثار غير متناسبة بسبب تغيُّر المناخ، مما سيكون له تداعيات سلبية على سُبل معيشتهم وأمنهم الغذائي في المستقبل.

وحيثما تتكرر الصدمات المناخية، يمكن أن تصبح أنماط التحرك دورية ووقائية ودائمة بسبب المخاطر المستقبلية المتصورة. ومن ذلك على سبيل المثال أن الأدلة الواردة من بنغلاديش تُشير إلى أن نحو 22 في المائة من الأُسر المعيشية الريفية المتأثرة بالفيضانات الناتجة عن المد البحري، و16 في المائة من الأُسر المتضررة من تعرية ضفاف الأنهار، هاجرت إلى مناطق حضرية.22 وتُظهر الأدلة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أن نحو 50 في المائة من الهجرة الصافيةل (أي ما يُقدَّر بنحو 5 ملايين شخص) في الفترة بين عامي 1960 و2000 كان ناتجًا عن تغيُّرات في درجات الحرارة ومعدلات هطول الأمطار، مما أثر على الإنتاج الزراعي وتسبب في انخفاض الدخل الزراعي والأجور الريفية وحفز بالتالي التحركات من الريف إلى الحضر.23

ومن المهم في كثير من الأحيان إرسال فرد واحد أو أكثر من أفراد الأسرة إلى المدن للعمل في قطاعات غير الزراعة، ولا سيما الأُسر المعيشية الريفية الفقيرة، من أجل الحد من مخاطر الجوع والفقر المدقع، والتصدي للصدمات المعاكسة المحتملة التي قد تواجهها الأُسرة المعيشية. ومن ذلك على سبيل المثال، تبين الأدلة المستمدة من مقاطعة سيداما في جنوب إثيوبيا أن الأُسر المعيشية التي كان أفرادها قلقين بشأن انخفاض نوعية الأغذية وكمياتها قررت على الأرجح أن يهاجر أحد أفرادها البالغين بحثًا عن عمل لدعم حياة أفضل لنفسه ولأسرته.24 وأكدت أدلة إضافية من البلد نفسه هذه النتائج. فبالنسبة إلى الأسرة المعيشية التي لم يهاجر أي فرد من أفرادها، أدى عدم قدرة الأسرة على إطعام نفسها مقارنة بالأُسر المجاورة التي تضم أفرادًا مهاجرين إلى زيادة بمقدار أربعة أضعاف في استعداد الأسرة إلى أن يهاجر أحد أفرادها بحثًا عن عمل.25 وتزداد أيضًا حالات النزوح القسري من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، وذلك في كثير من الأحيان بسبب الكوارث و/أو النزاعات. ويتركز السكان النازحون بصورة متزايدة في المدن، وأقام 61 في المائة من اللاجئين البالغ عددهم 26 مليون لاجئ،26 واثنان من بين كل ثلاثة مشردين داخليًا، في مناطق حضرية في عام 2019. 27

أنماط التوسع الحضري وديناميكياته

في ظل ما تشهده أنحاء أوسع من أي وقت مضى في المناطق الريفية من توسع عمراني وتحسن في البنية التحتية للطرق والاتصالات، بات التمييز بين المناطق الريفية والحضرية غير واضح بصورة متزايدة. ومن المتوقع أن تعيش نسبة كبيرة من سكان المناطق الحضرية الجُدد في المناطق شبه الحضرية، وكذلك المدن الصغيرة والبلدات المترابطة. وأصبحت المناطق الريفية والحضرية بصورة متزايدة مساحات أقل انفصالًا في حد ذاتها، بل وأصبحت نهايتين من نهايات الطيف تربطهما العديد من الروابط عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل (الإطار 2) ذات الأهمية بالنسبة إلى النُظم الزراعية والغذائية.

الإطار 2فك رموز التسلسل الريفي والحضري المتصل

يُصنَّف سكان العالم بانتظام على أنهم يعيشون إما في مراكز حضرية أو في مناطق ريفية. ويرجع هذا التمييز في كثير من الأحيان إلى قيود البيانات، ويرجع أيضًا إلى الطابع العملي للتصنيف، على سبيل المثال في الوزارات الوطنية التي تُقسّم في العادة تبعًا لما تكلف به من ولايات مرتبطة بالمناطق الريفية والحضرية.28، 29 ويميل هذا النهج أيضًا إلى التركيز على الفجوة بين الريف والحضر، ويُستنتج من ذلك أن المناطق الريفية متخلفة في العادة عن نظيراتها الحضرية.30، 31 ومع ذلك، تدحض العلوم والسياسة هذه الفجوة بسبب ازدياد الترابط بين الأنواع المختلفة من التجمعات السكانية.

ولا يوجد تعريف متفق عليه لمصطلح “حضري” بين البلدان، وبالتالي فإن التشابه بين “المناطق الحضرية” بين البلدان والأقاليم ليس واضحًا في جميع الحالات.32 وتمتد هذه القيود مباشرة إلى إحصاءات سكان المناطق الحضرية المُبلغ عنها على الصعيد العالمي من جانب إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية التي تُصنف المناطق على أنها حضرية وفقًا للمعايير المستخدمة في كل بلد أو إقليم.33 ويمكن أن تستند المعايير إلى جوانب سياسية/إدارية، وخصائص هيكلية و/أو وظيفية متعلقة بكثافة السكان وحجمهم، أو المناطق المبنية، أو الوظائف التي تؤديها المدن لسكانها.34

وشهدت الآونة الأخيرة تقدمًا مهمًا في وضع منهجية لرسم حدود المناطق الحضرية والريفية لأغراض المقارنات الإحصائية الدولية والإقليمية.35 وأقرت اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة تصنيف درجة التوسع الحضري في مارس/آذار 2020 – وهو منهجية وضعها اتحاد مؤلف من الاتحاد الأوروبي ووكالات دولية (منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي والبنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية [موئل الأمم المتحدة] ومنظمة العمل الدولية). وتُصنِّف هذه المنهجية كامل إقليم بلد ما عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل،36 بحسب درجة التوسع الحضري. ويتألف نظام التصنيف من ثلاث فئات – المدن والبلدات والمناطق شبه الكثيفة، والمناطق الريفية – وسبع فئات فرعية للمناطق الريفية وشبه الكثيفة على أساس حجم السكان وكثافتهم، باستخدام العتبات نفسها في جميع أنحاء العالم، وبالتالي ضمان قابلية المقارنة العالمية.37 والنتيجة هي مجموعة بيانات جغرافية مكانية متاحة للجميع. ويُستخدم نظام التصنيف الرسمي هذا لأول مرة في الفصل الثاني. للنظر في الاختلافات في المؤشر 2-1-2 لأهداف التنمية المستدامة (انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد لدى السكان على أساس مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي بين سكان المناطق الريفية وشبه الحضرية والحضرية في جميع أنحاء العالم.

ولاستكشاف الطريقة التي يُشكل بها التوسع الحضري النُظم الزراعية والغذائية، من المفيد استخدام عدسة أدق للتسلسل الريفي الحضري المتصل. ولهذا السبب، تُستخدم مجموعة بيانات جغرافية مكانية عالمية أخرى متاحة للجمهور – مناطق التجمع الحضرية الريفية – لتحليل دراسات الحالة القطرية في الفصل الرابع وتوفِّر مجموعة البيانات الجغرافية المكانية العالمية المتاحة حديثًا خريطة عالمية للتسلسل الريفي الحضري المتصل38 بالاستناد إلى طبقة المستوطنات البشرية العالمية.39 وعلى غرار تصنيف درجة التوسع الحضري، تُصنف هذه الطبقة المراكز الحضرية وفقًا لمقياس متدرج تبعًا لحجم السكان وكثافتهم، حيث حجم المدينة مؤشر غير مباشر لاتساع الخدمات والفرص التي يوفرها المركز الحضري. ولكنها تضيف أيضًا بُعدًا ثانيًا، إذ يُخصص مقياس متدرج خاص بالمواقع الريفية، باستخدام أقصر مدة يستغرقها السفر إلى المراكز الحضرية من مختلف الأحجام كمؤشر غير مباشر لكلفة الوصول إلى السلع والخدمات وفرص العمل (الشكل ألف). وبالتالي فإن مجموعة بيانات مناطق التجمع الحضرية الريفية تُصنف المناطق الريفية إلى فئات متعددة؛ وتُميِّز، على سبيل المثال، بين الأماكن التي تقل عن ساعة واحدة عن أي مركز حضري (باللون الأصفر) والأماكن الأبعد.

الشكل ألف التسلسل الريفي الحضري المتصل على أساس مجموعة بيانات مناطق التجمع الحضرية الريفية

المصدر: مقتبس بتصرف من منظمة الأغذية والزراعة. 2021. Global Urban Rural Catchment Areas (URCA) Grid – 2021. في: منظمة الأغذية والزراعة. [ورد ذكره في 12 يونيو/حزيران 2023]. https://data.apps.fao.org/?share=g-3c88219e20d55c7ce70c8b3b0459001a
ملاحظات: يوضح هذا الشكل بطريقة مبسطة التسلسل الريفي الحضري المتصل الذي يعرف وفقًا لمناطق التجمع الحضرية الريفية من خلال تدرج ثنائي الأبعاد والتصور الأكثر شيوعًا الأحادي البُعد لمفهوم التسلسل الريفي الحضري المتصل. ويُعبِّر حجم الفقاعة بصورة تقريبية عن أحجام السكان بالاستناد إلى مجموعة بيانات مناطق التجمع الحضرية الريفية للتوزيع السكاني العالمي عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل في عام 2015 (انظر الشكل 19 باء). انظر التعريف الكامل والوصف في الملحق 4.

وتوفِّر منهجية تحديد مناطق التجمع الحضرية الريفية تمثيلًا مكانيًا ووظيفيًا للصلة بين المناطق الريفية والمراكز الحضرية، مما يُعطي أفكارًا جديدة تُساعد على فهم درجة الترابط بين المناطق الريفية والحضرية وتنوع الأنماط في الروابط الريفية الحضرية في جميع أنحاء العالم. ويُشير التمثيل المكاني إلى التوزيع الجغرافي والمكاني للسكان (أي المنطقة التي يحدث فيها ومدى الانتشار). ويتطلب التمثيل الوظيفي معرفة كيفية ارتباط هذه المناطق كل منها بالآخر من حيث الأنشطة والغرض (أي وصول الأماكن الريفية إلى الخدمات والفرص في المناطق الحضرية، وهو ما يُعبَّر عنه بحجم أقرب مركز حضري وما يرتبط بذلك من مدة يستغرقها السفر من المكان الريفي). ويتيح هذا التصنيف، عندما يقترن ببيانات استقصاءات الأُسر المعيشية، إجراء تحليل أكثر تفصيلًا بشأن الاستهلاك والإنتاج عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل (انظر الفصل الرابع).

ويصور الشكل 18 نمطين متباينين من التوسع الحضري وآثارهما الرئيسية (انظر تعاريف أحجام المدن في الإطار 3)، يُحددان في نهاية المطاف توافر الأنماط الغذائية الصحية والقدرة على تحمل كلفتها.3 وتُشكل درجة الترابط بين المناطق الريفية والحضرية النُظم الزراعية والغذائية، وبالتالي توافر الأنماط الغذائية الصحية الميسورة الكلفة، وسُبل المعيشة للمنتجين والمجهزين والتجار الأوّليين في المناطق الحضرية والريفية.3

الشكل 18 أنماط التوسع الحضري

المصدر: مقتبس بتصرف من: de Bruin, S., Dengerink, J. & van Vliet, J. 2021. Urbanisation as driver of food system transformation and opportunities for rural livelihoods (التوسع الحضري كقوة دافعة لتحويل النُظم الغذائية وفرص كسب العيش في المناطق الريفية). Food Security، 13: 781–798. https://doi.org/10.1007/s12571-021-01182-8
المصدر: مقتبس بتصرف من: de Bruin, S., Dengerink, J. & van Vliet, J. 2021. Urbanisation as driver of food system transformation and opportunities for rural livelihoods (التوسع الحضري كقوة دافعة لتحويل النُظم الغذائية وفرص كسب العيش في المناطق الريفية). Food Security، 13: 781–798. https://doi.org/10.1007/s12571-021-01182-8

الإطار 3تعاريف المناطق الحضرية وشبه الحضرية والريفية في مناطق التجمع الحضرية الريفية

يختلف تعريف أحجام المدن وأنواعها اختلافًا كبيرًا بين البلدان. ويُستخدم العديد من التسميات التي تُشير إلى الحجم والوظيفة، مثل المدن من المستويات الأول أو الثاني أو الثالث، ويُشير ذلك إلى دور المدينة داخل السياق الوطني.

ولا يوجد أيضًا تعريف موحد للمناطق شبه الحضرية، وينطبق المصطلح على مجموعة متنوعة من المعلومات والمستوطنات العشوائية والرسمية التي تحيط بالمناطق الحضرية.41، 42 ولكن بصفة عامة، تُشير المناطق شبه الحضرية إلى الحافة الجغرافية للمدينة – “تخوم المناطق الحضرية” خارج حدود المدينة الرسمية. وتوصف في كثير من الأحيان بأنها الواجهة البينية أو المنطقة الانتقالية بين المناطق الحضرية والريفية.

ولأغراض المناقشة والتحليل في الفصول الثالث والرابع والخامس من هذا التقرير، تستخدم المصطلحات تعاريف مناطق التجمع الحضرية الريفية لتعريف المناطق الحضرية وشبه الحضرية والريفية.

واستنادًا إلى الفئات الفرعية للمناطق الحضرية مجتمعة بحسب تصنيف مناطق التجمع الحضرية الريفية، تُعرَّف المناطق الحضرية بناءً على الأحجام السكانية التالية:

  • مدن كبيرة: أكثر من 1 مليون نسمة
  • مدن متوسطة: 0.25–1 مليون نسمة
  • مدن صغيرة: 50–250 ألف نسمة
  • بلدات: 20–50 ألف نسمة.

وعلاوة على ذلك، واستنادًا إلى الفئات الفرعية لمناطق التجمع الحضرية الريفية، تُعرَّف المناطق شبه الحضرية والمناطق الريفية على النحو التالي:

  • تتكون المناطق شبه الحضرية من ثلاث فئات فرعية من مناطق التجمع الحضرية الريفية: أقل من ساعة واحدة إلى أي مدينة كبيرة؛ أقل من ساعة واحدة إلى أي مدينة متوسطة؛ أقل من ساعة واحدة إلى أي مدينة صغيرة
  • تتكون المناطق الريفية أيضًا من ثلاث فئات فرعية من مناطق التجمع الحضرية الريفية: أقل من ساعة واحدة إلى أي بلدة؛ بين ساعة واحدة وساعتين إلى أي مدينة أو بلدة؛ أكثر من ساعتين إلى أي مدينة أو بلدة.

انظر الملحق 4 لمزيد من التفاصيل عن منهجية مناطق التجمع الحضرية الريفية.

وتعتمد سُبل المعيشة الزراعية في المناطق الريفية في كثير من الأحيان على صلتها بالحيز الغذائي في المناطق شبه الحضرية والحضرية، بينما تعتمد المدن على المناطق شبه الحضرية والريفية المحيطة بها للحصول على الغذاء وخدمات النظام الإيكولوجي. ومن ذلك على سبيل المثال أن الزراعة تزدهر في أنحاء كثيرة من أفريقيا في المناطق القريبة جدًا من المراكز الحضرية من خلال زيادة كثافة إنتاج المحاصيل العالية القيمة السريعة التلف، مثل الفاكهة والخضراوات. وفي هذه الحالة، يمكن أن يستفيد المزارعون من هذا القرب من الأسواق لكل من المدخلات والمنتجات والخدمات في مرحلة ما بعد الحصاد.3، 40

وسواءً أحدث النمو الحضري في مدن كبيرة أو متوسطة أو صغيرة أو بلدات، فإنه سيؤثر على وصول سكان المناطق الريفية إلى الخدمات والأسواق والمدخلات (الشكل 18) ويرجع ذلك إلى أن المدن المتوسطة والصغيرة الحجم، التي يُشار إليها باسم “المدن من المستوى الثاني”م تؤدي دورًا محوريًا في توفير فرص سوق المدخلات والمخرجات لسكان المناطق الريفية الذي لا يقيمون على مقربة من المدن الكبيرة. وتعتبر البنية التحتية والمرافق في المدن المتوسطة والصغيرة مهمة لربط مختلف المراكز الحضرية كل منها بالآخر وبالمناطق الريفية، مما يُسهِّل الوصول إلى أنماط أوسع انتشارًا في ما يتصل بمرافق ما قبل الحصاد وما بعده، مثل مراكز التجميع، ومرافق التخزين (البارد)، ومراكز التوزيع والتجهيز.45، 46

وخلصت عدة دراسات إلى أن نمو المدن المتوسطة والصغيرة يمكن أن يكون أكثر أهمية من نمو المدن الكبيرة في الحد من الفقر على المستوى الوطني.47، 48، 49 ويبدو أن النمو السكاني في المدن الكبيرة ليس له تأثير يُذكر على الحد من الفقر، بل أنه يزيد الفقر في بعض الحالات، بينما يُخفض مستويات الأمن الغذائي في المناطق الحضرية.50 ولهذه الأسباب، شجع العديد من السياسات المحلية والوطنية والدولية صراحة على نمو هذه المدن المتوسطة والصغيرة.51

وبالنظر إلى أن المناطق الريفية والمناطق الحضرية تمثلان طرفي الطيف، فإن إطار التسلسل الريفي الحضري المتصل يتسم بأهمية حاسمة لفهم الروابط بين التوسع الحضري والتغيُّرات التي تطرأ على النُظم الزراعية والغذائية، وكيفية تأثير هذه التغيُّرات على توافر الأنماط الغذائية الصحية والقدرة على تحمل كلفتها، وبالتالي على الأمن الغذائي والتغذية. ومن هذا المنطلق، تُشير مجموعة بيانات مناطق التجمع الحضرية الريفية العالمية إلى أن اتساع نطاق الخدمات والفرص المتاحة، وكذلك إمكانية الوصول إليها في الأماكن الريفية، هو في كثير من الأحيان دالة لحجم المراكز الحضرية القريبة وما يرتبط بها من مدة لازمة للسفر من الأماكن الريفية (انظر الوصف الكامل للبيانات وتعريف فئات مناطق التجمع الحضرية الريفية في الإطار 2 و الملحق 4).

ويعرض الشكل 19 ألف خريطة عالمية توضح توزيع فئات مناطق التجمع الحضرية الريفية في جميع أنحاء العالم، ويوضح الشكل 19 باء التوزيع السكاني العالمي لفئات مناطق التجمع الحضرية الريفية تبعًا لمجموعة البلدان بحسب مستوى الدخل والمجموعة الإقليمية. وتكشف خريطة مناطق التجمع الحضرية الريفية عن تفاوتات في إمكانية الوصول إلى الخدمات، إذ يعيش نحو 3.4 مليارات شخص في أماكن شبه حضرية وريفية (الشكل 19) (انظر مناطق التجمع الحضرية الريفية المحددة في الإطار 3). ويعيش نحو ربع سكان العالم في مناطق شبه حضرية (أقل من ساعة واحدة إلى أي مركز حضري) من المدن المتوسطة والصغيرة والبلدات ، مما يُشكل تحديًا لمحورية المدن الكبيرة في التنمية، وكذلك في تحويل النُظم الزراعية والغذائية (الشكل 19 باء). ويبدو أن المدن المتوسطة والصغيرة الحجم توفِّر مناطق تجمع لعدد أكبر نسبيًا من الأشخاص الذين يتركزون حول تلك المدن المتوسطة والصغيرة مقارنة بالمدن الكبيرة، مما يؤكد أهميتها (كما هو موضح في الشكل 18). وبالمثل، يعيش 64 في المائة من سكان البلدان المنخفضة الدخل إما في مدن صغيرة وبلدات أو داخل مناطق التجمع الخاصة بها (أي الأماكن الريفية التي تتجمع حول مركز حضري معيّن للوصول إلى الأسواق والخدمات وفرص العمل). ويعيش إجمالًا نحو نصف سكان العالم (47 في المائة) في مناطق شبه حضرية (أقل من ساعة واحدة عن المدن الكبيرة والمتوسطة والأصغر أو البلدات)ن والمناطق الريفية (ما يتراوح بين ساعة واحدة وساعتين أو أكثر عن أي مركز حضري). وبالنظر إلى ازدياد الترابط بين المناطق شبه الحضرية والمناطق الريفية وتقارب مشتريات الأغذية المرتفعة في كليهما (انظر القسم 3–2)، من الواضح أن الأسواق شبه الحضرية والريفية تُشكل دوافع مهمة لتحويل النُظم الزراعية والغذائية.

الشكل 19 خريطة توزيع السكان في العالم بحسب التسلسل الريفي الحضري المتصل (مناطق التجمع الحضرية الريفية) في عام 2015

المصدر: مقتبس بتصرف من: Cattaneo, A., Nelson, A. & McMenomy, T. 2021. تُظهر الخريطة العالمية لمناطق التجمع الحضرية الريفية عن عدم المساواة في الحصول على الخدمات. PNAS مداولات الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية، 118(2): e2011990118. https://doi.org/10.1073/pnas.2011990118
المصدر: مقتبس بتصرف من: Cattaneo, A., Nelson, A. & McMenomy, T. 2021. تُظهر الخريطة العالمية لمناطق التجمع الحضرية الريفية عن عدم المساواة في الحصول على الخدمات. PNAS مداولات الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية، 118(2): e2011990118. https://doi.org/10.1073/pnas.2011990118
المصدر: مقتبس بتصرف من منظمة الأغذية والزراعة. 2021. Global Urban Rural Catchment Areas (URCA) Grid – 2021. في: منظمة الأغذية والزراعة. [ورد ذكره في 12 يونيو/حزيران 2023]. https://data.apps.fao.org/?share=g-3c88219e20d55c7ce70c8b3b0459001a
back to top