تضطلع النساء بأدوار هامة في النظم الزراعية والغذائية، بدءًا من أدوارهن كمزارعات وعاملات مساهمات من دون أجر في الأسرة وصولًا إلى أدوارهن كتاجرات تجزئة وعاملات بأجر ورائدات أعمال. وتشهد هذه المشاركة في النظم الزراعية والغذائية تغيرات بمرور الزمن في ظل التنمية الاقتصادية، غير أن ظروف عملهن والنتائج ذات الصلة لا زالت تتأثر بصورة مباشرة بأوجه التفاوت بين الجنسين في القدرة التفاوضية ضمن الأسرة المعيشية والمجتمع المحلي والمجتمع الأوسع، كما هو موضح في الفصل 1.
وفي هذا الفصل، سوف ننظر في كيفية مشاركة الرجال والنساء في النظم الزراعية والغذائية، سواء أكان ذلك في الأدوار المدفوعة الأجر أو غير المدفوعة الأجر، وخصائص مشاركتهم وكيفية تغيّر هذه الخصائص منذ عام 2011 عندما تم نشر تقرير حالة الأغذية والزراعة 2010-2011.1 (انظر الإطار 2-1 للاطلاع على تعريفنا للعمالة والملحق ألف للاطلاع على تصنيف أنشطة النظم الزراعية والغذائية وتفاصيل مصادر البيانات). وينظر هذا الفصل في العوامل التي تساهم في الاختلافات في أنماط العمل والنتائج الاقتصادية بين النساء والرجال. ويسلّط الضوء، حيثما أمكن، على كيفية تقاطع العمر، والإثنية، والوضع الاجتماعي والاقتصادي ووضع الهجرة والعوامل الاجتماعية الأخرى مع المنظور الجنساني، الأمر الذي يعمّق أوجه الحرمان وانعدام المساواة في النتائج، وعلى كيفية مساهمة عبء العمل غير المدفوع الأجر الذي تتحمله النساء في تقويض تمكينهن الاقتصادي بقدر أكبر.
تترتب على كيفية تعريف العمالة - أي إذا كانت زراعة الكفاف تُحسب باعتبارها عمالة أو ما إذا كنا نأخذ تعدد الأنشطة الإنتاجية للرجال والنساء بعين الاعتبار - آثار كبيرة على عمليات قياس عمالة النساء والرجال وتركيب العمالة في النظم الزراعية والغذائية.
وفي النظم الزراعية والغذائية، قد يعمل الرجال والنساء لحسابهم الخاص (مع موظفين أو من دون موظفين، وفي هذه الحالة يشار إليهم على أنهم عاملون «لحسابهم الخاص») و/أو كعمال أسريين مساهمين في المزارع الأسرية ومؤسسات الأغذية الزراعية الأسرية و/أو كعمال بأجر ورواتب في مؤسسات الأغذية الزراعية الأسرية أو التجارية. وقد يعمل الرجال والنساء أيضًا في مؤسسات على نطاقات مختلفة ولأسواق متنوعة، محلية ودولية على حد سواء، أو قد يقومون بالإنتاج لاستهلاكهم الخاص في المقام الأول. وتشكّل جميع هذه الأنشطة عملًا في النظم الزراعية والغذائية ولكنها لا تعتبر كلها عمالة، والتي تشتمل فقط على الأنشطة التي يتم الاضطلاع بها مقابل أجر أو ربح. وتم اعتماد التمييز بين العمل والعمالة في عام 2013 في المؤتمر الدولي التاسع عشر لإحصائيي العمل.i ونتيجة لذلك، يتم حاليًا تصنيف الإنتاج المخصص في المقام الأول للاستهلاك الشخصي - مثل زراعة الكفاف - على أنه عمل ولكنه لا يُعتبر عمالة.
ويمكن أن تؤدي التغييرات في تعريف العمالة إلى انقطاع كبير في إحصاءات العمالة بمرور الزمن. ويوضح الشكل ألف ذلك بالاستناد إلى أمثلة من سيراليون وأوغندا. وفي كلا البلدين، تعمل نسبة كبيرة من العاملين من الرجال والنساء في زراعة الكفاف – وتصل هذه النسبة إلى 50 في المائة من العاملات النساء في حالة سيراليون. وبالتالي، تشهد العمالة الإجمالية والعمالة في النظم الزراعية والغذائية انخفاضًا كبيرًا عند استبعاد زراعة الكفاف من تقديرات العمالة.
ونظرًا إلى أهمية الإنتاج لأغراض الاستهلاك الشخصي والأمن الغذائي في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، والدور الذي تؤديه النساء في الإنتاج، والاهتمام بفهم التغيرات التي تشهدها أنماط سوق العمل بمرور الزمن، فإننا نركّز على التعريف الأوسع للعمل، والذي يتماشى مع كيفية تعريف العمالة قبل المؤتمر الدولي التاسع عشر لإحصائيي العمل.
على الصعيد العالمي، شهدت نسبة الرجال والنساء العاملين في النظم الزراعية والغذائية انخفاضًا بنحو 10 نقاط مئوية بين عامي 2005 و2019. وفي عام 2019، كانت 36 في المائة من النساء العاملات على مستوى العالم تعملن في النظم الزراعية والغذائية، ويمثّل ذلك انخفاضًا قياسًا إلى نسبة 44 في المائة المسجلة في عام 2005، في حين عمل 38 في المائة من الرجال العاملين في النظم الزراعية والغذائية، ويمثّل ذلك انخفاضًا قياسًا إلى نسبة 47 في المائة المسجلة سابقًا (الشكل 2-1). ويعزى هذا الانخفاض إلى تراجع العمالة في الإنتاج الزراعي الأولي؛ فيما بقيت نسبة العاملين في القطاعات غير الزراعية للنظم الزراعية والغذائية على حالها.
ويظهر تراجع عمالة النساء في النظم الزراعية والغذائية بوضوح في جميع الأقاليم باستثناء جنوب آسيا، حيث بقيت مستقرة (الشكل ألف 2 في الملحق ألف). وتهيمن الهند على الاتجاهات الإقليمية في جنوب آسيا، حيث تعتبر مشاركة الإناث في القوى العاملة منخفضة – امرأة واحدة من أصل كل خمس نساء تقريبًا تعمل أو تبحث عن عمل – غير أن المشاركة في القوى العاملة تعتبر مرتفعة نسبيًا في صفوف النساء الأفقر اللواتي يعتمدن على الزراعة.2
ولا تزال النظم الزراعية والغذائية من أهم القطاعات التي توفر فرص عمل للنساء والرجال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا، لكنها مصدر أهم بكثير لسبل عيش النساء مقارنة بالرجال. ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تمثّل النظم الزراعية والغذائية 66 في المائة من عمالة النساء قياسًا إلى نسبة 60 في المائة بالنسبة إلى عمالة الرجال (الشكل ألف 2 في الملحق ألف). وفي جنوب آسيا، تعمل 71 في المائة من النساء في النظم الزراعية والغذائية مقابل 47 في المائة في حالة الرجال. ويبدو أن الفرص في القطاعات الأخرى في جنوب آسيا تتوفر بشكل أسرع للرجال منها للنساء، كما يتضح من الانخفاض الكبير في نسبة الرجال العاملين في النظم الزراعية والغذائية في العقد الماضي وغياب التغيير في نسبة النساء العاملات فيها.
تُعدّ النظم الزراعية والغذائية مصدرًا أهم لسبل كسب عيش النساء مقارنة بالرجال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا.
وفي حين يعمل عدد أكبر من الرجال على مستوى العالم في النظم الزراعية والغذائية، فإن النساء يشكلن 50 في المائة من إجمالي العاملين في النظم الزراعية والغذائية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأكثر من 40 في المائة من إجمالي العاملين في النظم الزراعية والغذائية في عدة أقاليم أخرى (الشكل 2-2). وهناك تباين كبير في نسبة النساء في العمالة في النظم الزراعية والغذائية عبر البلدان حتى ضمن الإقليم نفسه. وعلى سبيل المثال، تشكّل النساء 36 في المائة من إجمالي العاملين في النظم الزراعية والغذائية في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، ولكن نسبتهن من إجمالي العاملين في النظم الزراعية والغذائية في دولة بوليفيا المتعددة القوميات تبلغ 54 في المائة. وفي العديد من بلدان الإقليم، شهدت نسبة النساء بين العاملين في النظم الزراعية والغذائية ارتفاعًا منذ عام 2005: 9 نقاط مئوية في السلفادور، و8 نقاط مئوية في كولومبيا، و6.3 نقاط مئوية في إكوادور. وفي جنوب آسيا، تهيمن الهند على التقديرات الإقليمية، حيث انخفضت نسبة الإناث ضمن العاملين في النظم الزراعية والغذائية بنقطة مئوية واحدة بين عامي 2005 و2019، غير أن الأنماط في العديد من البلدان الأخرى في الإقليم تعتبر مختلفة تمامًا. ففي نيبال، على سبيل المثال، شكّلت النساء 64 في المائة من إجمالي العاملين في النظم الزراعية والغذائية في عام 2019، ويمثّل ذلك زيادة قدرها 8.4 نقطة مئوية بالمقارنة مع عام 2005. وفي بنغلاديش، شهدت نسبة النساء العاملات في النظم الزراعية والغذائية زيادة من 36.2 في المائة إلى 45.3 في المائة بين عامي 2005 و2019، في حين زادت هذه النسبة في أفغانستان من 25.6 في المائة في 2005 إلى 33.7 في المائة في 2019.
توفر النظم الغذائية أكبر عدد من فرص العمل لصالح الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا. وينطبق ذلك بشكل خاص على بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث تقل أعمار حوالي نصف السكان حاليًا عن 25 عامًا، ويقدّر البنك الدولي أن عدد من يبلغ عمرهم 15 عامًا سيشهد زيادة تعادل نصف مليون شخص سنويًا بين عامي 2015 و2035.i وتُظهر البيانات المأخوذة من عينة تضم 11 بلدًا من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في الشكل ألف أن ما يزيد عن 50 في المائة من العاملين الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا يعملون في النظم الزراعية والغذائية في جميع البلدان. وتؤدي النظم الزراعية والغذائية أيضًا دورًا هامًا في عمالة الشباب في ثلاثة بلدان غير واقعة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ضمن العيّنة – وهي جورجيا وغواتيمالا وبيرو.
وتعتبر النظم الزراعية والغذائية أكثر أهمية كمصدر لفرص عمل النساء قياسًا إلى الرجال من جميع الأعمار في معظم البلدان. وتظهر علاقة على شكل حرف U بين العمالة في النظم الزراعية والغذائية والعمر في العديد من البلدان، وتبرز هذه العلاقة بشكل خاص بالنسبة إلى عمالة الرجال في هذا القطاع في العديد من البلدان. وتدخل الشابات (15-24 سنة) العمالة في النظم الزراعية والغذائية بمعدل أعلى من الشبان في ستة بلدان وبمعدلات مساوية في خمسة بلدان، في حين يدخل الشباب فيها بمعدل أعلى في ثلاثة بلدان. ويتبع ذلك انخفاض في مستوى المشاركة في النظم الزراعية والغذائية بين سنّ 25 و35 عامًا، إذ يخرج الرجال من النظم الزراعية والغذائية بمعدلات أعلى من النساء في جميع الحالات تقريبًا. وقد تساعد الفروق بين الجنسين على صعيد التنقل في تفسير الفجوة في المشاركة في النظم الزراعية والغذائية: إذ قد تؤدي المسؤوليات المنزلية ورعاية الأطفال الأكبر سنًا التي تتحملها النساء في هذه الفئة العمرية إلى تقييد قدرتهن على البحث عن فرص بعيدًا عن المنزل وخارج النظم الزراعية والغذائية.
وتبدأ نسبة كل من الرجال والنساء العاملين في النظم الزراعية والغذائية في الزيادة مجددًا بعد سن 35 عامًا – وبشكل أسرع لدى الرجال - وتبدأ الفجوة بين الجنسين في المشاركة في النظم الزراعية والغذائية في التقلص إلى أن يتم سدّها بحلول سنّ 65 عامًا في جميع بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تقريبًا التي شملتها العيّنة.
شكّلت النساء 38 في المائة من إجمالي العمال الزراعيين العاملين في إنتاج المحاصيل، والثروة الحيوانية، ومصايد الأسماك والغابات في جميع أنحاء العالم في عام 2019، ويمثل ذلك انخفاضًا قدره نقطة مئوية واحدة (1) فقط مقارنة بعام 2000. ولا تشكّل النساء غالبية العمال الزراعيين على مستوى العالم، ولا تشهد نسبتهن في الزراعة زيادة في معظم الأقاليم (الشكل 2-3)، مما يشير إلى قلة الأدلة على «سيطرة العنصر النسائي على الزراعة» على المستوى العالمي أو الإقليمي.
غير أن الأرقام الإقليمية تخفي اختلافات كبيرة بين البلدان في نسبة النساء في الزراعة وكيف تغيرت هذه النسبة بمرور الزمن. وبشكل عام، تمثّل النساء نسبة أكبر من العمالة الزراعية في المستويات الأدنى من التنمية الاقتصادية، حيث يؤدي عدم كفاية التعليم، ومحدودية الوصول إلى البنية التحتية الأساسية والأسواق، وارتفاع عبء العمل غير المدفوع الأجر، وتدني نوعية فرص العمل الريفية خارج الزراعة إلى الحد بشكل كبير من فرص عمل النساء الريفيات خارج المزرعة. وفي العديد من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تشكّل النساء ما يتجاوز بكثير نسبة 50 في المائة من القوى العاملة الزراعية. وفي العديد من بلدان جنوب شرق آسيا، بما في ذلك كمبوديا، وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، وفييت نام، تعتبر نسبة النساء في الزراعة مرتفعة – حيث تشكّل الإناث حوالي نصف القوة العاملة في الزراعة – وقد بقيت على حالها على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية. كما توفر الزراعة فرص العمل الرئيسية لنسبة أكبر من العاملات الإناث مقارنة بالعمال الذكور في بنغلاديش والهند وباكستان وبلدان أخرى في جنوب آسيا، غير أن قلة عدد النساء العاملات أو الباحثات عن عمل (ضمن القوى العاملة) في الإقليم يحدّ من تأثير المشاركة القوية للنساء في الزراعة في التقديرات العالمية والإقليمية.3
كما أن نسبة النساء ضمن القوى العاملة الزراعية أعلى أو آخذة بالارتفاع مقارنة بنسبة الرجال في المناطق الريفية التي تشهد هجرة خارجية كبيرة للذكور. ويبدو أن ذلك عامل يساهم في ارتفاع معدلات مشاركة النساء في القوى العاملة الزراعية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في جنوب ووسط آسيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. ولا ترتبط دائمًا الهجرة الخارجية للذكور وسيطرة العنصر النسائي على الزراعة بتحسينات في رفاه وتمكين النساء اللواتي يبقين في المناطق الريفية نظرًا إلى وجود عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية تؤثر على النتائج (انظر الإطار 2-3).
حظيت «سيطرة العنصر النسائي على الزراعة» - وهو مصطلح يستخدم لوصف الأدوار المتزايدة التي تؤديها المرأة في قطاع الزراعة بمرور الزمن وبالمقارنة مع الرجال - باهتمام كبير في العقدين الماضيين.i، ii، iii، iv ويُنظر إلى الهجرة الخارجية للرجال من المناطق الريفية على أنها دافع رئيسي لسيطرة العنصر النسائي على الزراعة.v، vi وفي العديد من المجتمعات المحلية الريفية، تقيّد الأعراف الجنسانية والثقافية تنقل النساء، ما يؤدي إلى هيمنة الهجرة الخارجية للذكور، الأمر الذي يمكن أن يُحدث تغييرات عميقة في تقسيم العمل والعلاقات ضمن الأسرة المعيشية.
ويمكن أن تترتب على الهجرة الخارجية للذكور وسيطرة العنصر النسائي على الزراعة آثار إيجابية أو سلبية على رفاه النساء وتمكينهن. ويعتبر التمكين عملية متعددة الأبعاد (انظر الفصل 4)، كما أنه قد تكون هناك مقايضات عبر الأبعاد المختلفة.iv وعندما يهاجر الرجال، غالبًا ما تقوم النساء بأعمال إضافية في المنزل، ويشمل ذلك المهام الزراعية التي يضطلع بها الرجال تقليديًا.vii، viii، ix وفي غياب أزواجهن، من المرجح أن يُنظر إلى النساء على أنهن مزارعات أساسيات وليس كعاملات مساهمات ضمن الأسرة.ix غير أن الهجرة الخارجية للرجال غالبًا ما تؤدي إلى زيادة أعباء العمل على كاهل النساء اللواتي يبقين في المجتمعات المحلية الريفية. ففي فييت نام، على سبيل المثال، زاد عبء العمل الذي تتحمله النساء بسبب الهجرة الخارجية للذكور، حيث توجّب عليهنّ اتخاذ جميع القرارات الخاصة بإدارة المزرعة، بالإضافة إلى الاضطلاع بالأنشطة التي كان يقوم أزواجهن بتأديتها تقليديًا مثل الري، وتجريف قنوات الحقول، واستخدام الأسمدة ومبيدات الآفات وأخذ الإنتاج إلى الأسواق.x ولكن زيادة أعباء العمل لا تؤدي دائمًا إلى إضعاف التمكين إذا ترافقت أيضًا بارتفاع في مستوى الرفاه الاقتصادي والإنجاز. وقد يصاحب زيادة أعباء العمل قدر أكبر من الاستقلالية والمسؤولية، كما تبيّن في حالة موزامبيق.xi
ولوحظت مكاسب كبيرة في قدرة النساء على اتخاذ القرارات وتحقيق الاستقلالية في أعقاب هجرة أفراد الأسرة الذكور في العديد من البلدان، بما في ذلك بنغلاديش،xii وغواتيمالا،xiii والمغرب،xiv وموزامبيقxi وفي جنوب شرق آسيا.x وقد تُتاح للنساء فرص أكبر لحضور التدريبات الزراعية، والتعرف على التكنولوجيات الجديدة واتخاذ القرارات بصورة مستقلة.xv غير أن دراسات أخرى viii، xvi، xvii، xviii، xix، xx لم تجد أدلة دامغة على تحقيق مثل هذه المكاسب، ولم تتضمن إشارات إلى الآثار الضارة للهجرة الخارجية للذكور على صحة النساء وأمنهن الغذائي. ومن المرجح أن تقوم النساء بالأعمال الزراعية أكثر من الأدوار الإدارية، الأمر الذي قد ينطوي على عيوب تتجاوز الفوائد. vi
وتتوسط العلاقة بين سيطرة العنصر النسائي على الزراعة وتمكين النساء عوامل مختلفة. وتشمل هذه العوامل خصائص تجربة الهجرة مثل مدتها واتجاهها، أي ما إذا كانت مؤقتة أو موسمية أو دائمة، محلية أو دولية، وما إذا كان يتم إرسال تحويلات نقدية كافية إلى الوطن. وعندما يعجز المهاجرون عن إرسال التحويلات النقدية أو يقومون بإرسالها بصورة غير منتظمة، يمكن أن يصبح أفراد الأسرة، لا سيما النساء، أكثر عرضة للفقر ولخطر انعدام الأمن الغذائي. xxi، xiii وفي بعض السياقات، تطرأ زيادة على مشاركة النساء في الزراعة في الأماكن التي تتضاءل فيها الجدوى الاقتصادية للزراعة بسبب تغير المناخ وعوامل الإجهاد الأخرى (انظر أيضًا الفصل 5).xx
وتعتبر الخصائص الاجتماعية والاقتصادية لأفراد الأسرة الباقين هامة أيضًا. ويُعدّ العمر والوضع ضمن الأسرة عنصرين محدديْن هامين لمستوى القدرة على التصرف التي تتمتع بها النساء والمكاسب التي يحققنها من الهجرة الخارجية للذكور.xv ويقل احتمال اكتساب الشابات القدرة على التصرف (الوكالة) عندما يهاجر الرجال، لا سيما عندما يعشن في أسر كبيرة تضم بالغين آخرين.xxii وفي نيبال وطاجيكستان، على سبيل المثال، ترتبط هجرة أحد أفراد الأسرة بآثار إيجابية على صعيد القدرة على التصرف لدى النساء اللواتي يمتلكن الأرض والمعدمات على حد سواء، في حين تقتصر الآثار الإيجابية في السنغال على النساء في الأسر المعيشية التي تمتلك الأراضي فقط.xxii ويمكن أن تكون المكاسب في القدرة على التصرف قصيرة الأجل أيضًا. وعندما يعود الرجال من الهجرة، قد تبقى النساء في موقع أضعف في عملية إعادة التفاوض بشأن الأدوار في العمل الزراعي.xxiii
ورغم الفهم الأكبر والأدق للقضايا المتعلقة بسيطرة العنصر النسائي على الزراعة،iv فإن هناك حاجة إلى المزيد من العمل لفهم أي سياسات وبرامج يمكن أن تدعم الفرص الاقتصادية للنساء وقدرتهن على التصرف في سياقات الهجرة الخارجية الريفية التي يهيمن عليها الذكور وتساهم في تحقيق علاقات ونتائج أكثر إنصافًا بين الجنسين وفي ازدهار أكبر لأسرهم.
تواجه النساء أوجه انعدام مساواة منهجية في أنواع سلاسل القيمة التي يشاركن فيها، وفي ظروف مشاركتهن والعائدات التي يحصلن عليها. وفي حين أن ذلك قد يختلف حسب السياق، فإن احتمال مشاركة النساء في سلاسل السلع النقدية وسلع الصادرات ذات الربحية الأعلى كرائدات أعمال ومزارعات مستقلات أقل بشكل عام مقارنة بالرجال لأنهن غالبًا ما يفتقرن إلى فرص الوصول الضرورية إلى الأراضي والمياه والإرشاد الزراعي وغير ذلك من الموارد التكميلية (انظر الفصل 3). ويستند تقسيم العمل وتوزيع سلطة اتخاذ القرارات في الزراعة إلى الأعراف الاجتماعية أيضًا. ويميل الرجال، تماشيًا مع الدور المسند إليهم «كمعيلين»، إلى الهيمنة على سلاسل القيمة وقطاعات سلاسل القيمة التي تنطوي على هوامش ربح أعلى. ويعتبر تمثيل النساء مفرطًا في سلاسل القيمة الأقل ربحًا، مثل إنتاج الأغذية للاستهلاك المنزلي وللأسواق المحلية وغير النظامية، والتي يمكن اعتبارها بمثابة امتداد لأدوارهن ومسؤولياتهن المنزلية.4
ومع أن النساء غالبًا ما يقدمن مدخلات عمل كبيرة في سلاسل القيمة التي تدخل تقليديًا ضمن المجالات الخاصة بالرجال ولا يتم استبعادهن بشكل منهجي من سلاسل القيمة المربحة،5، 6 فإن مساهماتهن في العمل تميل إلى أن تكون أقل وضوحًا وغير مدفوعة الأجر أو متدنية الأجر. وفي السلاسل التي يهيمن عليها الذكور، قد توفر النساء عمالة «خفية» كعمل أسري غير مدفوع الأجر، كما يتضح من دراسات الحالة الخاصة بسلاسل قيمة الكاكاو في غانا،7 والكاكاو والبن في بابوا غينيا الجديدة8 وتربية الأحياء المائية.9 ولا يتم الإبلاغ عن الأعمال التحضيرية والخدمات التي تقوم بها النساء تقليديًا - مثل تنظيف الشِباك، وإعداد الطعوم في مصايد الأسماك، وطهي الوجبات للعمالة المأجورة وخلط مبيدات الآفات - لأنها لا تتم مقابل أجر أو ربح.
وغالبًا ما يرتبط ارتفاع الأرباح الناتجة عن زيادة التسويق التجاري لسلاسل القيمة بتراجع تحكم النساء بالأنشطة والدخل. وتأتي التقارير التي تفيد بأن الرجال يزيدون مشاركتهم في سلاسل القيمة التي تندرج تقليديًا في مجال النساء عندما تدرّ أرباحًا من سلاسل قيمة وأقاليم مختلفة، بما في ذلك تربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك،10، 11 والثروة الحيوانية،12 ونخيل الزيت على نطاق صغير،13 والشيا،14، 15 والمحاصيل الأساسية التقليدية مثل الموز.16 وقد تختار النساء، بهدف مواصلة التحكم بإدارة المحاصيل والدخل، زراعة المحاصيل ذات القيمة السوقية المنخفضة.12، 17 وفي سلاسل قيمة الكاكاو والبنّ في بابوا غينيا الجديدة، على سبيل المثال، ساعدت النساء في إنتاج المحاصيل النقدية، لا سيما أثناء الحصاد، لكنهن قمن بإسناد الأولوية إلى إنتاج المحاصيل الغذائية وتسويقها، حيث تمتعن بتحكم أكبر بالإنتاج والدخل.8
وقد تمنع أيضًا الأعراف الاجتماعية النساء من دخول سلاسل القيمة والأعمال التجارية الزراعية التي يهيمن عليها الرجال. وعلى سبيل المثال، وجد برنامج قطري للأعمال التجارية الزراعية في نيجيريا أعطى النساء (والرجال) فرصة الاختيار من بين 11 سلسلة قيمة مختلفة أن 57 في المائة من النساء ما زلن يخترن سلسلة قيمة الدواجن التي تهيمن عليها النساء تقليديًا وتتسم بربحية أقل مقارنة بسلاسل القيمة الأخرى.18 وثبت أن النساء يحققن في الأنشطة التي يهيمن عليها الذكور أرباحًا أعلى من رائدات الأعمال في القطاعات التي تتركز فيها الإناث،19 لكنهن يواجهن تراجعًا في بعض مجالات القدرة على التصرف والرفاه.18
تُعدّ القطاعات غير الزراعية للنظم الزراعية والغذائية مصدرًا هامًا لسبل عيش النساء في البلدان على جميع مستويات التنمية الاقتصادية. وكما هو موضّح في الفصل 1، تشير القطاعات غير الزراعية للنظم الزراعية والغذائية إلى الأنشطة الاقتصادية التي تتجاوز الإنتاج الأولي في الزراعة (المحاصيل، والثروة الحيوانية، ومصايد الأسماك، والغابات). وفي البلدان التي تعتبر مستويات التنمية فيها منخفضة، تميل النساء إلى الاضطلاع بدور أكبر بكثير من الرجال في هذه القطاعات (الشكل 2-4). وتشكّل النساء 41 في المائة من إجمالي العاملين في القطاع غير الزراعي للنظم الزراعية والغذائية على مستوى العالم، ولكنهن يشكّلن 60 في المائة من العاملين في القطاع غير الزراعي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (الشكل 2-2). ويتناقص عدد النساء العاملات في القطاع غير الزراعي للنظم الزراعية والغذائية في البلدان التي يخضع فيها تنقلهن لقيود بشكل خاص بسبب الأعراف الاجتماعية التمييزية التي تمنعهن من قضاء الوقت بعيدًا عن منازلهن، والسفر لمسافات طويلة والتفاعل مع الغرباء20 أو في البلدان الواقعة في غرب آسيا وشمال أفريقيا التي تعتمد إلى حد كبير على واردات الأغذية الزراعية.21
وتتفاوت الأنماط المراعية للفوارق الجنسانية في المشاركة في الأنشطة غير الزراعية للنظم الزراعية والغذائية وعوائدها وتعتمد على نوع سلسلة القيمة، والمؤسسات المحلية، وخصائص العمل.22، 4 أولًا، تميل النساء إلى المشاركة بمعدلات أعلى من الرجال حيثما تكون هناك أنشطة تجهيز. وتتوفر الأمثلة على ذلك من سياقات متنوعة مثل سلاسل قيمة البنّ في أوغندا،23 وسلاسل قيمة الكسافا في جمهوريّة تنزانيا المتحدة،24 وسلاسل قيمة الجوت في بنغلاديش،25 وسلاسل قيمة البنّ والكاكاو والألبان في وسط نيكاراغوا.26 وفي غرب أفريقيا، تهيمن النساء على قطاع التجهيز الذي يميل إلى عدم تطلب المهارات ويعتبر كثيف العمالة.27 وتشكّل النساء نصف العاملين في مجال تجهيز الأغذية وتقديم الخدمات و40 في المائة من العاملين في تصنيع المنتجات الزراعية غير الغذائية (مثل التبغ والورق والمنسوجات) (الجدول 2-1).
ثانيًا، يشارك عدد قليل من النساء في الأنشطة الأكثر ربحية المتمثلة بالنقل أو التجارة بالجملة عبر سلاسل القيمة المختلفة.24، 25، 28، 29 ويهيمن الرجال على النقل والتجارة بالجملة، ويعود ذلك في جزء منه إلى أنهما يتطلبان رأس مال أكبر وقدرة أكبر على التنقل والتفاعل مع الغرباء.23، 26 وتمثّل النساء 35 في المائة فقط من إجمالي العاملين في التجارة بالجملة و15 في المائة من العاملين في مجال النقل في النظم الزراعية والغذائية (الجدول 2-1). ومن المرجح أن يكون عدد النساء العاملات في تجارة الجملة والنقل في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أقل من ذلك.
ثالثًا، تشارك النساء في تسويق المنتجات الغذائية الزراعية، لا سيما في الأسواق المحلية وغير النظامية، غير أن مشاركتهن في التجارة يمكن أن تتفاوت بشكل كبير عبر البلدان وضمنها وفقًا للسلعة وللقرب من المراكز الحضرية وشبه الحضرية. وفي المناطق الأقرب إلى المراكز الحضرية الكبيرة، تشارك النساء إلى حدّ كبير في تجارة التجزئة التي تشكّل مصدرًا هامًا للعمل الحر المستقل (على سبيل المثال في غواتيمالا28 ونيكاراغوا26). وكشفت دراسة أجرتها المنظمة في عام 2022 تناولت تجار الأغذية بالتجزئة في ستة بلدان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي أن النساء يشكّلن نسبة كبيرة من تجار الأغذية بالتجزئة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، في حين أنهن يمثّلن نسبة أقل من تجار الأغذية بالتجزئة في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.30 وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تفاوتت نسبة التاجرات بالتجزئة بين57 في المائة في كينيا وجمهوريّة تنزانيا المتحدة و75 في المائة في السنغال. وبالمقارنة مع ذلك، شكّلت النساء 26 في المائة من التجار بالتجزئة في إكوادور و31 في المائة من تجار التجزئة في باراغواي.30 وعلى الصعيد العالمي، تشير التقديرات إلى أن النساء يمثلن حوالي 53 في المائة من إجمالي العاملين في تجارة التجزئة في النظم الزراعية والغذائية (الجدول 2-1).
وخلصت الدراسة نفسها أيضًا إلى أن النساء يتاجرن في سلع أقل ربحية من الرجال. وتعتبر النساء ممثلات تمثيلًا مفرطًا بين تجار التجزئة بالفواكه والخضروات، لا سيما تلك الغنية بفيتامين ألف، والبقول، والجوزيات والبذور، والمحاصيل الأساسية (بما في ذلك الحبوب، والجذور، والدرنات، والموز)، والتي تُعدّ منتجات منخفضة الربح، في حين من المرجح أن يبيع الرجال الأغذية والمشروبات المجهزة صناعيًا. (الشكل 2-5، اللوحة ألف) ويمثّل الرجال أيضًا نسبة أكبر من تجار التجزئة في مجموعة من المنتجات الحيوانية ذات العوائد الأعلى. وتشكّل النساء نسبة أعلى من تجار التجزئة بالأسماك في أربعة من أصل خمسة بلدان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ضمن العينة (انظر أيضًا الإطار 2-4). كما تميل تاجرات التجزئة إلى بيع كميات أقل من المنتجات الغذائية بالمقارنة مع تجار التجزئة. ونتيجة لذلك، تقوم تاجرات التجزئة بالإبلاغ عن أرباح شهرية أقل بكثير من تجار التجزئة. وتتجاوز قيمة أرباح الرجال في خمسة من البلدان السبعة ضعف قيمة أرباح النساء (الشكل 2-5، اللوحة باء).
تُعدّ بحيرة فيكتوريا موطنًا لأكثر من 200 نوع من الأسماك ولعدد متزايد من الأشخاص الذين يعتمدون عليها في تأمين التغذية والدخل. واستكشفت منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة World Vision آثار التغييرات في البيئة والاتجاهات الاقتصادية على سبل عيش وعلاقات الرجال والنساء المشاركين في سلاسل القيمة السمكية في المنطقة باستخدام نهج المساواة بين الجنسين والإدماج الاجتماعي.i
ولفهم الديناميكيات التي تؤثر على أصحاب المصلحة، تم تنظيم 19 مجموعة تركيز مع جهات فاعلة متنوعة في سلسلة قيمة أسماك السبيريندات الفضية (المعروفة باسم أومينا باللغة المحلية) في أربعة مجتمعات محلية شاطئية في خليج هوما في كينيا. وكان من ضمن المشاركين في مناقشات مجموعات التركيز أصحاب القوارب (20 في المائة منهم من النساء)، وصيادون (لم تكن بينهم نساء)، وتجار ومجهزون (20 في المائة منهم من النساء) ومستهلكون (70 في المائة منهم من النساء). وتضمنت الدراسة 12 مقابلة مع مخبرين رئيسيين تم إجراؤها مع مدراء ورؤساء وحدات إدارة الشواطئ، وكان جميعهم من الذكور، ومع عاملين في النقل، وكان 80 في المائة منهم من الذكور.
وتسند الأعراف والمحظورات التقليدية صيد أسماك أومينا إلى الرجال الأصحاء، في حين يعتبر التجهيز والتجارة من الأنشطة التي تهيمن عليها الإناث. وتتطلب المشاركة في أنشطة سلسلة إمداد أسماك أومينا مثل الصيد، والتجارة، والتجهيز أن يكون الشخص مسجلًا لدى الحكومة من خلال الوحدات المحلية لإدارة الشواطئ. ويجب أن يكون المسجلون من الكينيين، وأن يقوموا بدفع رسوم التسجيل وتقديم خطاب حسن سلوك صادر عن زعيم القرية، الأمر الذي يضر بالنساء اللواتي من المرجح أن يعجزن عن الإيفاء بجميع المتطلبات.
ومعظم أصحاب القوارب من الرجال. ويُعدّ الوصول إلى رأس المال النقدي العامل الأهم من أجل امتلاك القوارب. ولا يزال الرجال يمتلكون غالبية الأصول في كينيا، ويمكنهم بالتالي الحصول على قرض رسمي بشكل أسهل من النساء. وعلى الرغم من أن مجموعات الإقراض غير الرسمية والمجتمعية قد زادت من وصول النساء والمسنين والأشخاص من ذوي الإعاقة إلى رأس المال، إلا أن ذلك لم يترجم إلى ملكية أكبر للقوارب أو الأصول ذات الصلة، وقد يكمن السبب في أن الأعراف الاجتماعية والافتقار إلى الخبرة السابقة في الصيد قد تثني النساء عن الاستثمار في القوارب.
ويشتري تجار المنطقة، وهم عادة من النساء، الأسماك من القوارب مباشرة. وبالتالي يخضع الوصول إليها للعلاقات مع أصحاب القوارب والصيادين. وتتعرض النساء ومن يقمن بإعالتهم، بسبب ضعف وضعهن التفاوضي، لمخاطر جسيمة وما يرتبط بها من مخاطر صحية. وتتعرض النساء لخطر الاعتداء والاستغلال الجنسيين مقابل السلع، مثل ممارسة الجنس مقابل الأسماك، وهي ممارسة تزيد أيضًا من انتشار فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسبة في مجتمعات الصيد المحلية.ii، iii، iv
ويحدّ نقص مرافق التجفيف والتخزين من مدة صلاحية الأسماك ويؤدي إلى خسائر. ومن المرجح أن تتفاقم هذه المسائل في سياق المناخ المتغير،v والأزمات المتعددة الأوجه، والسياسات غير الفعالة، مما يؤثر في المقام الأول على النساء والفئات الضعيفة الأخرى.
يوفر قطاع الثروة الحيوانية دخلًا لنحو 60 في المائة من الأسر المعيشية الريفية.31 ويعمل في القطاعات الأولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية حوالي 60 مليون شخص حول العالم ويعمل الملايين غيرهم في سلاسل قيمة الأغذية المائية بأكملها.32 ويعتمد ثلث سكان العالم، وأكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع، على الغابات لتأمين الأغذية والدواء والدخل وغير ذلك.33 وهناك ندرة في مجموعات البيانات الموثوقة على المستوى العالمي أو القطري التي توثّق الأنماط الجنسانية للمشاركة في القطاعات الفرعية للثروة الحيوانية والغابات ومصايد الأسماك22 وعلاقات القوة فيها وعائداتها، وذلك على الرغم من الدور الهام الذي تؤديه في سبل العيش الريفية.
وغالبًا ما تختلف أدوار النساء والعلاقات بين الجنسين في قطاعات الثروة الحيوانية والغابات ومصايد الأسماك حسب أنماط الأنواع، والمنتج النهائي، وتوجه الأسواق، وحجم العمليات، والسياقات الاجتماعية والثقافية التي تندرج فيها سلاسل القيمة. وتميل الأعراف الجنسانية التقليدية إلى التحيز ضد النساء،34، 35، 36 ولا تترك لهن إلا الوظائف ذات عائدات الأقل.
تشير دراسات الحالة إلى أن النساء يمثلن نسبة أكبر من الرجال من مربي الثروة الحيوانية الفقراء، غير أنه من الصعب التوصل إلى تقدير دقيق.37، 38 كما تختلف نسبة النساء في قطاع الثروة الحيوانية بشكل كبير حسب أنواع الثروة الحيوانية. وغالبًا ما تخضع أكثر سلالات الثروة الحيوانية ربحية (الأبقار والإبل والجاموس) لتحكم الرجال؛ ومن المرجح أن تتحكم النساء في سلالات الثروة الحيوانية الأقل ربحية (الدواجن والحيوانات المجترة الصغيرة).39، 40 وفي جميع أنحاء العالم النامي، هناك ميل إلى هيمنة النساء على سلاسل قيمة دواجن أصحاب الحيازات الصغيرة.41
ومع ذلك، تميل النساء إلى تحمّل المسؤولية عن الرعاية اليومية للحيوانات وإدارة المنتجات الحيوانية وتجهيزها،42 في حين أن أدوارهن في تسويق المنتجات الحيوانية يمكن أن تتفاوت إلى حد كبير حسب المنتج والسياق. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة حديثة30 أن غالبية النساء يتاجرن بالبيض في بلد واحد فقط (بوركينا فاسو) وفي الدواجن في بلدين (مالاوي، والسنغال) (الشكل 2-5 اللوحة ألف)، مما يعزز النتيجة القائلة بأن مشاركة الرجال في الأنشطة ذات الصلة بالثروة الحيوانية تزداد بتنامي التوجه نحو الأسواق. وتمثّل النساء نسبة أكبر من تجار التجزئة بمنتجات الألبان في ثلاثة من أصل سبعة بلدان - بوركينا فاسو، وملاوي، ورواندا. وتشارك النساء بشكل عام في الأسواق غير النظامية أكثر من الأسواق النظامية،39، 40 وكنتيجة لذلك قد لا يتم الإبلاغ عن مساهماتهن بشكل كاف، كما أن البيانات قد لا تعكس بشكل جيد واقع عملهن في هذا القطاع. وعلاوة على ذلك، ونظرًا لأن احتمالات احتفاظ النساء بسلالات ماشية مكيفة محليًا أعلى قياسًا بالرجال، يُنظر إليهن على أنهن من حماة تنوع الثروة الحيوانية.42
وعلى الرغم من محدودية البيانات عبر الوطنية حول مشاركة النساء في قطاع الثروة الحيوانية، إلا أن تدخلات الثروة الحيوانية لا تزال محورية في التنمية الزراعية وقد ارتبطت بتحسينات كبيرة لرفاه النساء. ويمكن لزيادة وصول النساء إلى الدعم والمدخلات أن تحسّن الصحة الحيوانية وإنتاجية الثروة الحيوانية.44 وتتطلب أنواع الثروة الحيوانية التي تتحكم بها النساء عادة، مثل الدواجن والأرانب والخنازير والماعز، رأس مال أولي أقل من أنواع الثروة الحيوانية الكبيرة، ويمكن للاستثمارات في الأنشطة المتعلقة بهذه الأنواع أن تؤدي إلى تأثيرات كبيرة على دخل النساء، لا سيما في المناطق النائية،45 والمجتمعات المحلية الرعوية46 والمهمشة (انظر أيضًا الإطار 2-5).47 وعندما تشمل تدخلات الثروة الحيوانية الإرشاد والتدريب والتعليم، فإن تأثيرها يكون قويًا على دخل النساء وأصولهن وعلى تمكينهن (الذي يتناوله الفصلان 3 و4 بمزيد من التفصيل). ومع ذلك، فإن تدخلات الثروة الحيوانية جديرة بالملاحظة أيضًا بسبب تأثيراتها المستمرة الأكثر سلبية على صعيد الجهد أو عبء العمل، مما يشير إلى أن هذه التدخلات قد زادت الطلب على وقت النساء.48
يُظهر عدد متزايد من الدراسات كيف أنه يمكن للمنظور الجنساني والهويات المتقاطعة الأخرى أن يؤدي دورًا وسيطًا في الأدوار وعلاقات القوة في قطاع الزراعة، بما في ذلك في سلاسل قيمة الثروة الحيوانية ومصايد الأسماك والغابات.
وفي قطاع الحراجة، يمكن للهويات المتقاطعة مثل العمر والوضع العائلي والإثنية أن تؤثر على الحقوق المتعلقة بالمنتجات الغذائية القائمة على الغابات والأشجار. وعلى سبيل المثال، عند الطلاق أو وفاة الزوج، قد تفقد النساء في بعض المجتمعات المحلية في بيرو حقوقهن في جمع الجوز البرازيلي من الغابات المجتمعية.i وفي بوركينا فاسو، تتسم حقوق الوصول إلى بعض المنتجات الغذائية القائمة على الأشجار بتسلسل هرمي قائم على نسب النساء، وحالتهن الاجتماعية، ووضعهن كمهاجرات أو مقيمات.ii
وفي قطاع الثروة الحيوانية، غالبًا ما تكون الشابات الريفيات في موقع أضعف في عمليات تسويق منتجات الألبان بسبب القيود على التنقل التي يفرضها أزواجهن عليهن ومحدودية وصولهن إلى وسائل النقل الخاصة بهن.iii ويعتبر الانتماء إلى طبقة دنيا أو إلى مجموعة إثنية معينة أو العيش في مناطق نائية من العوامل الإضافية التي يمكن أن تحدّ من بروز النساء بالنسبة إلى برامج تنمية الثروة الحيوانية للنساء وبالتالي يقل احتمال وصولهن إليها.iv، v وقد يقل احتمال استفادة النساء المنتميات إلى الطبقات الدنيا من الدورات التدريبية أو المشاركة بفعالية في حوكمة تعاونيات الثروة الحيوانية.vi ومع ذلك، وكما تُظهر دراسة في الهند، يمكن لتعاونيات الثروة الحيوانية التي تسعى إلى تمكين النساء من جميع الطبقات والمشاركة مع الرجال أن تدعم تمكين النساء بطريقة شاملة.vi
وفي مصايد الأسماك، يؤدي المنظور الجنساني والهويات المتقاطعة الأخرى دورًا وسيطًا في الإدماج وعلاقات القوة والقدرات التكيفية. وعلى سبيل المثال، تجتذب النساء الأكثر ثراء في نيجيريا رعاية أفضل من الصيادين مقارنة بالنساء الأفقر، كما أنهن يتمتعن بسلطة أكبر في عملية اتخاذ القرارات وبتأثير أكبر في ما يتعلق بمكان بيع الأسماك التي يتم صيدها.vii وفي تاميل نادو، في الهند، تمتعت النساء المشاركات في الأعمال المتعلقة بصيد الأسماك واللواتي لديهن مستويات متوسطة إلى عالية من الثروة وشبكات اجتماعية أوسع مع قدرة أكبر على التكيف مع الضغوط الموسمية مقارنة بالنساء اللواتي يمتلكن ثروة أقل أو لديهن شبكات اجتماعية أضعف.viii
تشكّل النساء 28 في المائة من إجمالي العاملين في قطاع تربية الأحياء المائية، كما يشكّلن 18 في المائة من إجمالي العاملين في القطاع الأولي لمصايد الأسماك، غير أن نسبتهن ترتفع إلى حوالي 50 في المائة من إجمالي العاملين عند أخذ سلسلة قيمة الأحياء المائية بأسرها بعين الاعتبار (بما يشمل ما قبل الحصاد وما بعده).32 غير أن وظائفهن تميل إلى أن تكون أقل استقرارًا من وظائف الرجال: حيث تشغل النساء 15 في المائة فقط من الوظائف بدوام كامل في القطاعات الأولية لتربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك، و71 في المائة من الوظائف بدوام جزئي في مجال التجهيز.32
ويعتمد السكان في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بشكل خاص على مصايد الأسماك الصغيرة النطاق، والتي تمثّل 50 في المائة من إجمالي المصيد32 ولكن غالبًا ما يتم تجاهلها في الدراسات والإحصاءات والسياسات. ووجدت دراسة حديثة50 أن النساء يمثلن 39.6 في المائة من إجمالي الأشخاص العاملين مقابل أجر أو لأغراض الكفاف عبر سلسلة قيمة مصايد الأسماك الصغيرة النطاق و49.8 في المائة من العاملين في مجالات ما بعد الصيد.
وجرت ملاحظة فصل مهني في عُقد مختلفة في سلاسل قيمة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، ويمكن أن يختلف ذلك حسب الأنواع والسياق الاجتماعي والثقافي (انظر الإطار 2-4)،51,52 ولكن احتمالات مشاركة النساء في الأنشطة الأكثر ربحًا أقلّ بشكل عام. وعلى سبيل المثال، يهيمن الرجال على مصايد الأسماك البحرية ومصايد الأسماك ذات القيمة العالية، في حين تشارك النساء أكثر من الرجال في جمع الصدفيات واللافقاريات وجمعها.52، 53 وكما تظهر دراسات من جمهورية مصر العربية، وجمهورية تنزانيا المتحدة، وزنجبار، وزامبيا،9، 54 تميل النساء إلى المتاجرة في الأنواع ذات القيمة المتوسطة إلى المنخفضة وبأحجام أصغر، وغالبًا ما يتم استبعادهن من سلاسل القيمة الأكثر ربحًا. ومع أن النساء يمثلن نسبة كبيرة من العاملين في عقدة التجهيز في سلاسل قيمة تربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك، فإن تمثيلهن يعتبر مفرطًا بين العمال الموسميين أو العاملين بدوام جزئي بشكل خاص، وكثيرًا ما يتقاضين أجورًا أقل من الرجال حتى لأداء النشاط نفسه، كما أنهن غائبات إلى حدّ كبير عن مناصب الإدارة الوسطى والعليا.10، 55
شكّلت النساء حوالي 23 في المائة من إجمالي العاملين في الأعمال المتعلقة بالغابات خلال الفترة 2017-2019، وذلك بالاستناد إلى عيّنة ضمت 69 بلدًا.56 وتعتبر نسبة النساء في القوى العاملة في الغابات أقل من نسبة الرجال، لا سيما في الحراجة وقطع الأخشاب وتصنيع الأخشاب والمنتجات الخشبية، ويرجع ذلك في جزء منه على الأقل إلى الفرضيات المتعلقة بملاءمة النساء للجهد البدني المكثف المطلوب. ولكن تقدير عدد النساء العاملات في سلاسل قيمة المنتجات الحرجية في الإحصاءات الحالية قد يكون أقل بكثير من العدد الحقيقي بالنظر إلى أن احتمال حصول النساء على وظائف غير نظامية في القطاع تعتبر أعلى مقارنة بالرجال.56 وبوجه عام، تعتبر العديد من الأنشطة، لا سيما في مجال تجهيز وتجارة المنتجات الحرجية، غير نظامية وغير منظمة.22
وقد يختلف التخصص الجنساني في الأنشطة بحسب الإقليم والمنتج. وتعتبر النساء في أفريقيا وآسيا بصورة رئيسية صاحبات للمعارف التقليدية وجامعات للنباتات البرية الصالحة للأكل؛57، 58 ويهيمن الرجال على أنشطة مثل الصيد وجمع الأخشاب.59، 60 وفي أفريقيا وآسيا، تقوم النساء بصورة رئيسية بجمع خشب الوقود، في حين يُعدّ جمع خشب الوقود نشاطًا خاصًا بالرجال في أمريكا اللاتينية.59
وغالبًا ما ترتبط الأنماط الجنسانية للمشاركة في جمع المنتجات الحرجية بالمتطلبات البدنية للمهام (تسلّق الأشجار ورفع الأحمال الثقيلة، وما إلى ذلك) ومكان تنفيذها، وتحدّ الأعراف الاجتماعية ومخاوف السلامة الشخصية61 والمسؤوليات المنزلية من خيارات النساء.62 وتقيّد محدودية وصول النساء إلى وسائل النقل المسافة التي يمكنهن السفر ضمنها لجمع المنتجات الحرجية،63، 64 ووصولهن إلى أسواق أكثر ربحية.65
ووجد استعراض عالمي للأدبيات المتعلقة بالمنظور الجنساني في سلاسل قيمة الغابات والأشجار والحراجة الزراعية قدرًا ضئيلًا من المعلومات حول مشاركة النساء والرجال في تجهيز المنتجات الحرجية وتجارتها، لا سيما في آسيا وأمريكا اللاتينية.62 غير أن مصادر المعلومات المتاحة ودراسات الحالة تشير بقوة إلى التمثيل المفرط للنساء في تجهيز المنتجات الحرجية وتجارتها على حد سواء.62 وتهيمن النساء على تجارة المنتجات الحرجية غير التقليدية على نطاق صغير؛ في حين يميل الرجال على الأرجح إلى امتلاك الأعمال التجارية الأكبر وإدارتها.62 ويميل الوصول غير الكافي إلى الموارد والخدمات إلى تقييد النساء ضمن أنشطة تتطلب رأس مال بقيمة منخفضة، كما أنه يحد من قدرتهن على المشاركة في مؤسسات أكثر ربحية قائمة على الأشجار.66، 67، 68
يوجّه الهدف 8 من أهداف التنمية المستدامة الانتباه إلى جودة العمالة ويُبرز الحاجة إلى تعزيز العمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق للجميع. ولكنّ ظروف العمل في النظم الزراعية والغذائية غالبًا ما تكون أسوأ بالنسبة إلى النساء مقارنة بالرجال. ويتناول هذا القسم الأبعاد المختلفة لجودة العمل ضمن النظم الزراعية والغذائية من منظور جنساني، بما في ذلك نوع العمالة وما إذا كانت معرضة للمخاطر، والوصول إلى العمل بدوام كامل، والعمل غير المدفوع الأجر وأعمال الرعاية، والعنف القائم على نوع الجنس (انظر الإطار 2-6).
تؤثر ديناميكيات القوى والأعراف ضمن الأسرة المعيشية، وفي مكان العمل، وفي المجتمع المحلي على إمكانية التوظيف الخارجي للنساء. ويمكن أن يؤدي ضعف القدرة التفاوضية للنساء، وعدم وصولهن إلى الموارد أو وسائل النقل الآمنة، والخوف على سلامتهن، والأعراف المجتمعية المتعلقة بحرية تنقل النساء وعملهن إلى تضييق نطاق نوع العمل الذي يقمن به أو مكان ذهابهن إلى العمل.i، ii
ويتخذ العنف في العمل أشكالًا مختلفة، بما في ذلك الاعتداء الاقتصادي والنفسي والجسدي والجنسي والتحرش الجنسي.iii ومع أن مدى انتشار مختلف أشكال العنف في مكان العمل في النظم الزراعية والغذائية غير معروف، إلا أن دراسات الحالة المتعلقة بالتحرش والعنف الجنسيين تشير إلى ارتفاع معدل انتشار العنف القائم على نوع الجنس في مكان العمل.iii وفي إكوادور، على سبيل المثال، أفادت أكثر من نصف العاملات الزراعيات في صناعة تصدير الزهور اللواتي أُجريت مقابلات معهنّ بتعرضهنّ للعنف والتحرش الجنسيين من قبل المشرفين والعاملين الآخرين.iii، iv وتترتب على عدم امتثال النساء للمطالبات الجنسية عواقب سلبية، مثل الفصل من العمل، وعدم عرض المزيد من العمل عليهن، وخفض ساعات العمل أو خفض الدفع، والتقييم غير العادل للأداء.iii، iv، v، vi، vii وقد تعاني البائعات المتجولات من الاعتداء والعنف اللفظيين والجسديين والجنسيين من قبل الزبائن وزملاء العمل من الذكور، كما قد يقعن ضحايا للسطو أو يُطردن من أماكن البيع المعتادة.viii ويتعرض الرجال أيضًا للتحرش والعنف في الزراعة.iii
وفي ما يتجاوز قطاع العمل، يمكن أن تؤثر طبيعة العمالة أيضًا على التعرض لمخاطر العنف. وعلى سبيل المثال، يعزز العمل المؤقت وغير الرسمي الفوارق بين القوى، مما يسمح للجناة بارتكاب أعمال عنف.iii ويمكن أن يؤثر العمر، وحالة الهجرة، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، والافتقار إلى الفرص خارج قطاع الزراعة، وضعف الدعم الاجتماعي، والنماذج النمطية الجنسانية المحلية السلبية، وضعف خدمات أو قوانين التفتيش في العمل، على العنف في مكان العمل.
وبإمكان زيادة القوة الاقتصادية للنساء أن تتحدى الأدوار والمسؤوليات التقليدية للجنسين وأن تؤدي إلى توتر العلاقات بين الجنسين. ويمكن أن تؤدي زيادة عمالة النساء ومكاسبهنّ إلى الحد من عنف الشريك العاطفي إذا كانت النساء أكثر قدرة على التهديد بترك العلاقات المؤذية. غير أن الرجال قد يشعرون أيضًا بالتهديد بسبب التمكين الاقتصادي للنساء ويرتكبون المزيد من أعمال العنف للحفاظ على الوضع الراهن. وارتبط عمل النساء في بنغالورو في الهند وفي الكاميرون، على سبيل المثال، بزيادة عنف الشريك الحميم بصورة متسقة مع ردود الفعل العنيفة المذكورة.ii، ix، x
لا يزال تنفيذ معظم الأعمال الزراعية على مستوى العالم يتم على يد أشخاص يعملون لحسابهم الخاص أو عاملين أسريين مساهمين، ويعتبر كلاهما من أشكال العمل الحر المعرض للمخاطر،69 ومن المرجح أن تعمل النساء أكثر من الرجال في هذه الأنواع من العمالة (الشكل 2-6).70 ويعمل العاملون في العمل الحر لحسابهم الخاص ولا يوظفون أشخاصًا آخرين، في حين يُعدّ العاملون الأسريون المساهمون «مساعدين» في مزرعة الأسرة أو في المؤسسة العائلية، ولا يتلقون أجرًا في الكثير من الأحيان، وتعتبر مساهماتهم في القرارات الهامة في الأعمال التجارية الزراعية محدودة. وغالبًا ما يكون هذان الشكلان من العمل غير نظاميين ويفتقران إلى إمكانية الوصول إلى الحماية الاجتماعية القائمة على العمل، كما أنهما يعتبران أكثر عرضة للدورات الاقتصادية والمخاطر الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.70
ويعتبر العمال الأسريون المساهمون في موقع أضعف بشكل خاص كونهم لا يتلقون عادة أجرًا مباشرًا ويمكن استبعادهم من الإرشاد الزراعي والبرامج الزراعية إذا لم يتم أخذهم بعين الاعتبار كمزراعين (كما هو موضّح في الفصل 3). وعلى الصعيد العالمي، تشير التقارير إلى أن حوالي نصف النساء العاملات في قطاع الزراعة (49 في المائة) يعملن كعاملات أسريات مساهمات، مقارنة بنسبة 17 في المائة من الرجال. وتعمل 35 في المائة من النساء العاملات في قطاع الزراعة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والتي تسجل فيها معدلات مشاركة عالية للنساء في الزراعة، كعاملات أسريات مساهمات.
ويشكّل عمل الأشخاص لحسابهم الخاص والعمل الأسري المساهم نسبة أصغر من عمل الرجال والنساء على حدّ سواء في القطاعات غير الزراعية للنظم الزراعية والغذائية: حيث تشارك 9 في المائة من النساء العاملات في القطاع غير الزراعي للنظم الزراعية والغذائية كعاملات أسريات مساهمات، في حين تشارك 28 في المائة منهن كعاملات لحسابهن الخاص. وبالتالي، فإن نسبة النساء في العمالة الحرة المعرّضة للمخاطر (العاملات لحسابهن الخاص والعاملات الأسريات المساهمات) تشهد تحسنًا بطيئًا مع توسع الدور الذي تؤديه القطاعات غير الزراعية للنظم الزراعية والغذائية.
ويعتبر دور العمالة المدفوعة الأجر أكبر بكثير في القطاعات غير الزراعية للنظم الزراعية والغذائية مقارنة مع القطاعات الزراعية، غير أن احتمالات عمل النساء مقابل أجر أو راتب تعتبر أقل مقارنة بالرجال في جميع الأقاليم باستثناء أوروبا (الشكل 2-6). وتمثّل العمالة المدفوعة الأجر غالبية العمالة في النظم الزراعية والغذائية خارج المزرعة للرجال والنساء على حد سواء في جميع الأقاليم، باستثناء أفريقيا، حيث يعمل غالبية العاملين في النظم الزراعية والغذائية خارج المزرعة لحسابهم الخاص. وتعتبر احتمالات عمل النساء في أفريقيا لحسابهن الخاص أعلى بالمقارنة مع الرجال. ويعكس ذلك الافتقار إلى فرص العمالة ذات الأجر الجيد المتاحة للنساء في الإقليم.71
ومع ذلك، تزامن نمو الزراعة العالية القيمة (مثل محاصيل البستنة وأزهار الزينة) في مختلف البلدان والأقاليم مع ارتفاع مستوى العمالة المدفوعة الأجر للنساء (لا سيما في مجالي الإنتاج والتجهيز). ويُعدّ العمل المدفوع الأجر في الأعمال التجارية الزراعية الكبيرة مصدرًا هامًا للدخل بالنسبة إلى العديد من النساء الريفيات، لا سيما الشابات والنساء اللواتي يملكن حيازات صغيرة أو لا يملكن حيازات على الإطلاق. وجرت ملاحظة الاتجاهات بالفعل في وقت إصدار عام 2011 من تقرير حالة الأغذية والزراعة،1 غير أن البيانات الأحدث تؤكد أهمية دور النساء في العمل المدفوع الأجر في الأعمال التجارية الزراعية وتسلّط الضوء على ظروف عملهن فيها. وعلى سبيل المثال، تم إنشاء 30 000 وظيفة نظامية في مناطق البستنة الرئيسية الثلاث في السنغال؛ إذ تشغل النساء 66 في المائة من هذه الوظائف،72 كما يشكّل المهاجرون من المناطق الريفية النائية نسبة كبيرة من إجمالي العاملين من الذكور والإناث73 (الإطار 2-7).
غالبًا ما يشكّل العمال المهاجرونii قسمًا كبيرًا من العمالة الزراعية في البلدان النامية، لا سيما في الصناعات الغذائية الزراعيةi العالية القيمة والكثيفة العمالة. يكون عادة العاملون في الشركات المرتبطة بسلاسل القيمة العالمية من النساء والشباب والمهاجرين.iii، iv
وفي قطاع البستنة الزراعية في كينيا، تشكّل النساء المهاجرات داخليًا من المناطق الريفية النائية غالبية العاملين.v ويمكن للهجرة أن تفرض تحديات على حياة النساء من ناحية ابتعادهن عن الأسرة وشبكات الدعم، ولكنها قد ترتبط أيضًا بآثار إيجابية مثل إضعاف الأعراف الاجتماعية والهياكل الأبوية التي قد تعيق النساء.v وتشير الأدلة المستمدة من المقابلات النوعية إلى الدور الهام للعمالة والدخل خارج المزرعة في تعزيز ثقة النساء المهاجرات وسبل عيشهن.v ومع ذلك، لا تزال النساء يتقاضين أجرًا أقل من الرجال، كما أن احتمال عملهن كموظفات مؤقتات أو من دون عقود أعلى بالمقارنة مع الرجال.vi
وهناك ميل ضمن هذه الأعمال التجارية الزراعية الكبيرة في البلدان النامية إلى عزل النساء ضمن وظائف منخفضة المهارات ومتدنية الأجر وغير نظامية وعارضة،6 وذلك غالبًا تحت ذرائع مثل تمتع النساء بصبر أكبر74 و»أصابعهن الرشيقة».75 ويشغل الرجال غالبية المناصب الإدارية وبدوام كامل.51 ومن المرجح أن يُنظر إلى المهام التي لا يمكن أتمتتها أو التي تكون بدوام جزئي على أنها مهام نسائية وغالبًا ما تتولاها النساء.76
وفي ما يتعلق بالعمل الحر وريادة الأعمال، تملك النساء في المتوسط نسبة تتراوح بين 31 و38 في المائة من الأعمال التجارية النظامية الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتندرج غالبية الأعمال التجارية التي تملكها نساء ضمن قطاع الأغذية الزراعية77 الذي تعتبر متطلبات رأس المال للدخول فيه أقل مما هي عليه في القطاعات الأخرى.78، 79، 80 وفي غرب أفريقيا، تمثّل النساء 83 في المائة من العاملين في مجال تجهيز الأغذية و72 في المائة من العاملين في تسويق الأغذية.81 وفي بنغلاديش، اندرجت الأعمال التجارية التي تملكها النساء في المقام الأول ضمن قطاع الألبسة، يليه قطاع الصناعات الغذائية.77
وفي القطاعات غير الزراعية للنظم الزراعية والغذائية، تعتبر نسبة صغيرة من النساء العاملات من رائدات الأعمال اللواتي يقمن بالاستعانة بموظفين آخرين، وتُعدّ النساء ممثلات تمثيلًا مفرطًا بين رواد الأعمال العاملين لحسابهم الخاص. وتعمل العديد من رائدات الأعمال كعاملات في النظم الزراعية والغذائية، بما في ذلك البائعات المتجولات وبائعات أغذية الشوارع. وفي نيجيريا، تشير التقديرات إلى أن 80 إلى 90 في المائة من بائعي الأغذية المتجولين هم من النساء.77 وتواجه النساء في كثير من الأحيان حواجز كبيرة تحول دون إضفاء الطابع الرسمي على أعمالهن وتنميتها. وعلى سبيل المثال، تؤثر العلاقات ضمن الأسرة على أداء الأعمال التجارية التي تملكها النساء وعلى نموها. وكشفت دراسة من غانا أن رائدات الأعمال قد يسندن الأولوية إلى المدخرات أو الاستثمار في الأصول وتعليم الأطفال على حساب أعمالهن التجارية، كما أنهن قد يقمن بالحد من الاستثمار أو إخفاء الدخل لضمان استمرار الدعم المالي الذي يقدمه الزوج للأسرة.82 وتؤثر مسؤوليات المنزل وأعباء الرعاية أيضًا على مقدار الوقت الذي تكرسه النساء لأعمالهن التجارية، وهي بالتالي تؤثر على فرص نموهن.
من بين الأشخاص العاملين، يُعتبر احتمال عمل النساء بدوام كامل أقل مقارنة مع الرجال في كل من قطاع الزراعة والعمالة الإجمالية في النظم الزراعية والغذائية في جميع الأقاليم (الشكل 2-7). وباستثناء آسيا الشرقية، تعمل النساء في الزراعة والنظم الزراعية والغذائية من أجل تحقيق الربح أو الأجر بمتوسط يقل عن 40 ساعة في الأسبوع، ما يشير إلى أن عمل النساء يتم بدوام جزئي وغير منتظم. ويقضي كل من الرجال والنساء وقتًا أطول في المتوسط في العمالة الإجمالية في النظم الزراعية والغذائية. ويعكس ذلك ضعف تأثير الطابع الموسمي، وبالتالي زيادة توافر فرص العمل بدوام كامل في القطاع غير الزراعي للنظم الزراعية والغذائية في معظم الأقاليم.
يساهم العبء الأكبر الذي تتحمله النساء في العمل المنزلي والرعاية غير المدفوعة الأجر في أوجه عدم المساواة على صعيد المشاركة في سوق العمل والنتائج.82 وقد تكون مشاركة النساء في النظم الزراعية والغذائية أدنى مستوى من مشاركة الرجال إذا عملت النساء بدوام جزئي، وبصورة غير منتظمة، وفي وظائف غير نظامية، وفي ريادة الأعمال في القطاعات المنخفضة الربح من النظم الزراعية والغذائية لاستيعاب أعبائهن من العمل المنزلي والرعاية غير المدفوعة الأجر.83 وتُعدّ القدرة على التصرف على صعيد استخدام الوقت مركزية في هذا الصدد (الإطار 2-8). ويرتبط عبء رعاية الأطفال والعمل الإنجابي بتدني إنتاجية المزارعات النساء مقارنة بإنتاجية المزارعين الذكور.84، 85 وقد سلّطت جائحة كوفيد-19 الضوء مجددًا على مدى تأثر مشاركة النساء ووقتهن في العمل المدفوع الأجر وغير المدفوع الأجر بتأثيرات الأزمات (انظر الفصل 5).
في العديد من الحالات، تسود توقعات ذات صلة بالأعراف حول كيفية وجوب تخصيص النساء والرجال لوقتهم (انظر أيضًا الفصل 4). وفي حين يُعتبر الرجال بمثابة معيلين للأُسر المعيشية، فإن الأدوار الجنسانية التقليدية توكل إلى النساء الأنشطة المنزلية وأنشطة الرعاية غير المدفوعة الأجر. ويعتبر استخدام الوقت أو كيفية قيام الأفراد بتخصيص وقتهم أحد المقاييس الهامة لعدم المساواة. غير أن أدلة متزايدة تشير إلى أن القدرة على التصرف على صعيد استخدام الوقت – أي ثقة الفرد وقدرته على اتخاذ قرارات استراتيجية واختيار كيفية تخصيص وقته – تعتبر بنفس القدر من الأهمية.i
وتكشف الرؤى النوعية من بنن وملاوي ونيجيريا التصورات المتنوعة للقدرة على التصرف على صعيد استخدام الوقت لدى النساء والرجال.i وأشارت النساء إلى أنه بإمكانهن، في أي يوم من الأيام، تحديد كيفية قضاء وقتهن شريطة إتمامهن للمهام والمسؤوليات المتوقعة. ومع ذلك، حتى عندما قامت النساء باتخاذ قراراتهن الخاصة، كان من الصعب عليهن التصرف بناء على تلك القرارات نظرًا إلى أنها تطلبت موافقة أزواجهن. وتخاطر النساء بفقدان منازلهن وأمنهن في حال تجاوزن مثل هذه الأعراف. وكان الرجال والنساء مدركين لتحكم الرجال بالقرارات المتعلقة بالمهام التي تتجاوز الأنشطة الإنتاجية والإنجابية، مثل القرارات المتعلقة بأوقات الفراغ أو الأوقات المخصصة للأنشطة الاجتماعية وتمتع الرجال بقدر أكبر من المرونة في تحديد جدول أعمالهم الخاص وتغييره. وشرحت إحدى النساء الوضع على النحو التالي: «يمكن للرجل أيضًا أن يغيّر [جدول أعماله] زمنيًا إذا دعت الحاجة. وتخضع النساء دائمًا لسيطرة الرجال، لذلك فإنه من الصعب عليهن تغيير جداول أعمالهن اليومية. وقد لا يسمح الزوج بمثل هذا التغيير. ويمكن للرجل مغادرة المنزل إذا رغب في ذلك، ولكن النساء ملزمات بأعمال منزلية أخرى، مما يمنعهن من المغادرة».i
وبالإضافة إلى قدرة الرجال على التصرف على صعيد استخدام الوقت، ذكر كل من النساء والرجال في البلدان الثلاثة أن الرجال يتمتعون بحق اتخاذ القرار النهائي في أية مناقشات تتعلق بالصراع المتصور حول استخدام الوقت.
ولا تقتصر القدرة على التصرف على صعيد استخدام الوقت على قرارات الأزواج. وتشير النصوص السردية في نيبال إلى الأعداد الكبيرة من زوجات الأبناء اللواتي يعشن في أسر ممتدة ويشعرن بما يدعى الـ dukkha أو المعاناة، الأمر الذي يُعزى إلى ساعات العمل الطويلة.ii ومع ذلك، وجدت إحدى الدراسات أنه لا توجد فروق في ساعات العمل بين أمهات الأزواج والزوجات اللواتي يعشن في المنزل نفسه. وتميل أمهات الأزواج إلى قضاء المزيد من الوقت في الأنشطة الإنتاجية غير المنزلية، في حين تقضي الزوجات وقتًا أطول في القيام بالأعمال المنزلية أو أعمال الرعاية. وكشفت الرؤى النوعية أن النصوص السردية المتعلقة بالمعاناة لا تتعلق بساعات العمل فحسب، وإنما أيضًا بالاستقلالية في استخدام الوقت. وفي هذا السياق، تتمتع والدات الأزواج بسلطة على الزوجات وبإمكانهن تحديد مهام العمل أو تقييد تنقل الزوجات.
وتوضح الأنماط العالمية في استخدام الوقت وجود تفاوتات كبيرة بين الجنسين على صعيد الوقت الذي يتم قضاؤه في إتمام الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر، مثل التنظيف والطهي والعناية بأفراد الأسرة وجمع المياه، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وفي المتوسط، تقضي النساء 4.2 ساعة يوميًا في القيام بالأعمال المنزلية وأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، في حين يقضي الرجال 1.9 ساعة.87 ولوحظت أوجه عدم المساواة بين الجنسين في أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر في جميع أنحاء العالم، وكانت هناك اختلافات كبيرة عبر البلدان ضمن نفس الإقليم (الشكل 2-8). وتميل أوجه عدم المساواة بين الجنسين في الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر إلى أن تكون أكبر في المناطق الريفية مقارنة مع المناطق الحضرية، وعند أخذ الوقت الذي يتم قضاؤه في الرعاية كنشاط ثانوي بعين الاعتبار: وفي عيّنة ضمت خمسة بلدان وشملت بيئات يغلب عليها الطابع الريفي، أمضت النساء في المتوسط 7.0 ساعات في أعمال الرعاية والأعمال المنزلية غير المدفوعة الأجر كنشاط أساسي أو ثانوي، مقارنة بمتوسط يعادل 1.4 ساعات للرجال.88 وعند أخذ كل من العمل المأجور وغير المأجور بعين الاعتبار، كان عبء العمل أعلى بالنسبة إلى النساء –9.1 ساعة للنساء مقابل 7.3 ساعات للرجال.88
وفي المناطق الريفية، يعود السبب في ارتفاع مستوى أعباء عمل النساء غير مدفوعة الأجر مقارنة بالرجال في جزء كبير منه إلى الوقت الذي يقضينه في جلب المياه. وعلى الصعيد العالمي، يعيش 80 في المائة من الأشخاص الذين لا يحصلون على مياه الشرب المحسّنة في مناطق ريفية.1 وتتحمل النساء والفتيات عبء جمع المياه لاحتياجات الأسرة والثروة الحيوانية بشكل غير متناسب بسبب الأعراف الجنسانية السائدة وتقسيم العمل بين الجنسين، وغالبًا ما يجتزن مسافات طويلة للوصول إلى مصادر المياه.2، 89 وفي المنازل التي لا تحتوي على مصادر للمياه، تعتبر النساء والفتيات مسؤولات في المقام الأول عن جمع المياه؛ إذ تضطلع النساء بمسؤولية جمع المياه في 73.5 في المائة من الأسر المعيشية، في حين تضطلع الفتيات بهذه المسؤولية في 6.9 من الأسر المعيشية، والرجال في 16.6 في المائة من الأسر المعيشية، والفتيان في 2.9 في المائة من الأسر المعيشية.3، 89
وقد يحدّ الوقت اللازم لجمع المياه من خيارات كسب الدخل4، 5 ويتعارض مع أعمال النساء الأخرى غير المدفوعة الأجر وأعمال الرعاية.6 ويزداد احتمال جمع الفتيات دون الخامسة من العمر للمياه بمقدار الضعف مقارنة بالفتيان، مع ما يترتب على ذلك من عواقب سلبية على صعيد تعليمهن. وعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة من جنوب أفريقيا أن جمع المياه قد أثّر سلبًا على ارتياد المدرسة والأداء فيها، وأبلغ عدد أكبر من الفتيات مقارنة مع الفتيان عن تأخرهن عن المدرسة، والشعور بالتعب في الفصل الدراسي وعدم توفر ما يكفي من الوقت للدراسة.7
ولا يزال الاعتراف بقيمة الرعاية غير المدفوعة الأجر والعمل المنزلي الذي تضطلع به النساء (والرجال) منقوصًا على الرغم من أهميتهما لرفاه الأفراد والأسر المعيشية والمجتمعات المحلية الريفية.
حتى مع زيادة مشاركة النساء في النظم الزراعية والغذائية، قد تستمر أوجه عدم المساواة بين الجنسين في الرفاه والنتائج الاقتصادية مدعومة باستمرار أوجه عدم المساواة في الوصول إلى الأصول والموارد، والأعراف الاجتماعية، والسياسات والقوانين (على النحو المبيّن في الإطار في الفصل 1 والمشروح بالتفصيل في الفصلين 3 و4). ولا تزال الفجوات بين الجنسين على صعيد إنتاجية الأراضي وإنتاجية العمل والأجور مستمرة وفقًا لثلاث دراسات أُعدت مؤخرًا لأغراض هذا التقرير.95، 96، 97 وتقوم الدراسات، باستخدام بيانات مسح الأسر المعيشية بين البلدان وتطبيق نهج تحليلي يفصّل دوافع عدم المساواة (انظر الإطار 2-9)، بتحديد مصادر الفجوات بين الجنسين على صعيد الأجور والأراضي وإنتاجية العمل، بما في ذلك دور الخصائص الفردية (العمر والتعليم)، وتركيبة الأسرة (باستخدام وجود الأطفال الصغار لتقريب متطلبات الرعاية)، وخصائص المزرعة (مساحة الأراضي الزراعية، واستخدام المدخلات، وأنواع المحاصيل) والتمييز.
يُستخدم نهج Kitagawa-Oaxaca-Blinder التحليلي على نطاق واسع في اقتصاديات العمل لدراسة الفروق على صعيد كسب الدخل بين النساء والرجال،i، ii كما يتم استخدامه مؤخرًا لدراسة الفروق في الفجوات بين الجنسين على صعيد إنتاجية الأراضي الزراعية.iii
ويستخدم هذا النهج تحليلًا متعدد المتغيرات لتقسيم متوسط الفجوة بين الجنسين على صعيد الدخل (أو الإنتاجية) إلى جزء من الفجوة يتم تفسيره على ضوء الاختلافات في السمات المرصودة للرجال والنساء وجزء من الفجوة لا يتم تفسيره على ضوء الاختلافات في هذه الخصائص. وغالبًا ما تشير الأدبيات إلى الجزء المفسّر على أنه أثر الهبة وإلى الجزء غير المفسّر على أنه الأثر الهيكلي.
ويعبّر الجزء المفسّر (أو الهبة) عن الفروق بين الجنسين في الخصائص الفردية مثل التعليم، والخبرة، والوظيفة، وساعات العمل، وحجم المؤسسة. وعلى سبيل المثال، قد تكسب النساء أقل من الرجال ولكن قد يكون لديهن أيضًا سنوات أقل من التعليم والخبرة بالمقارنة مع الرجال أو قد يعملن في شركات أصغر حجمًا.
ويُعدّ الجزء غير المفسر (أو الهيكلي) أكثر صعوبة في التفسير. ويمكن أن يعكس العوامل غير المقاسة وغير الملحوظة مثل الاختلافات في الدافع والجهد (أو الاختلافات في نوعية تربة المزرعة عندما ينصب التركيز على إنتاجية المزرعة)، والتي نادرًا ما يجري التعبير عنها في بيانات المسح أو يتم التعبير عنها بشكل غير كامل. كما أنه يعكس الفروق الهيكلية في العائدات التي يحصل عليها الرجال والنساء كنتيجة لنفس الخصائص - كما هو الحال عندما تحصل النساء على أجر أقل من الرجال بالاستناد إلى المستوى نفسه من التعليم – وهو يعكس بالتالي التمييز أيضًا.
لا تزال الفجوات المتعلقة بنوع الجنس على صعيد إنتاجية الأراضي كبيرة. ويحلل Anríquez وآخرون96 الفجوة بين الجنسين على صعيد الإنتاجية الزراعية بين المزارع التي يديرها الذكور وتلك التي تديرها الإناث باستخدام بيانات المسح الوطني من 11 بلدًا في أفريقيا، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، وآسيا. وأجرت الدراسة ثلاث مجموعات من المقارنات، هي: مقارنات حصرية بين النساء والرجال ومديري المزارع المشتركة في البلدان الستة التي تتوفر فيها هذه المعلومات؛ وعمليات مقارنة بين النساء والأسر التي يرأسها رجال في نفس البلدان الستة لأغراض المقارنة؛ ومقارنات بين النساء والأسر المعيشية التي يرأسها رجال في جميع البلدان الأحد عشر (انظر الإطار 2-10 حول القيود المفروضة على استخدام مقارنة الأسر المعيشية التي يرأسها رجال ونساء). وتنبثق عن ذلك العديد من النتائج.
قارنت معظم الدراسات التي تناولت الفجوة بين الجنسين على صعيد إنتاجية المزرعة تاريخيًا الأسر المعيشية التي ترأسها نساء بالأسر المعيشية التي يرأسها رجال بدلًا من أخذ نوع جنس الشخص الذي يضطلع بالأنشطة الزراعية بعين الاعتبار، ويعود السبب في ذلك في المقام الأول إلى القيود المرتبطة بالبيانات.
وينطوي تقريب إدارة المزرعة إلى ترأس الأسرة على أوجه قصور عديدة. وغالبًا ما تكون النساء اللواتي يرأسن أسرهن من الأرامل أو المطلقات أو المنفصلات عن أزواجهن أو قد يكون لديهن أزواج يعملون في الخارج ويرسلون تحويلات مالية إلى الوطن. ولا تتصف النساء في الأسر المعيشية التي تعيلها إناث بعدم التجانس فحسب، ولكنهن قد يواجهن أيضًا مجموعة مختلفة من أوجه الحرمان والقيود مقارنة مع الإناث في الأسر المعيشية التي يرأسها ذكور.ii، iii وعلاوة على ذلك، فإن التركيز الحصري على ترأس الأسرة المعيشية يتجاهل النساء في الأسر المعيشية التي يرأسها ذكور. وفي العديد من السياقات، تشرف النساء في الأسر المعيشية التي يرأسها ذكور على أنشطة متنوعة في مزرعة الأسرة، سواء أكان ذلك بمفردهن أو بالاشتراك مع أزواجهن أو مع أفراد الأسرة الآخرين، ولكن قد لا يُنظر إليهن دائمًا على أنهن مزارعات.iv
وبما أنّ التركيز على رب الأسرة يعبّر عن جزء فقط من قصة الإنتاجية الزراعية، فقد تم بذل جهد أكبر لجمع بيانات الإنتاج الزراعي الموزعة بحسب نوع الجنس واستكشاف الفجوات على صعيد الإنتاجية بين قطع الأراضي الزراعية التي يديرها والرجال والنساء.v، vi، vii، viii وتميل التقديرات على مستوى قطع الأراضي للفجوات بين الجنسين على صعيد الإنتاجية الزراعية في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى العثور على فجوات كبيرة في الإنتاجية، ويزيد حجم الفجوات بعد حساب نطاق قطعة الأرض المدارة أو مساحتها.vii، ix، x
وتميل الفجوات بين الجنسين على صعيد الإنتاجية إلى أن تكون أكبر عند قياسها على مستوى قطع الأراضي مقارنة مع قياسها على مستوى المزارع. وعلى سبيل المثال، أبلغ Kilic وآخرونvi عن وجود فجوات بين الجنسين على صعيد الإنتاجية بنسبة 29 في المائة لصالح مديري الأراضي من الذكور في ملاوي، في حين أن الفجوات المقاسة بين الرجال والنساء الذين يترأسون أسرهم بلغت 7 في المائة فقط. وفي حالة إثيوبيا، أفاد Aguilar وآخرونv عن وجود فجوات بين الجنسين على صعيد الإنتاجية بنسبة 23 في المائة لصالح مديري الأراضي من الذكور، في حين كانت الفجوات لا تذكر في عمليات المقارنة التي أُجريت على أساس نوع جنس رب الأسرة. وتتوافق هذه النتائج مع نتائج التحليلات الوصفية التي أجراها Anríquez وآخرون،xi ما يوفر دعمًا إضافيًا للدفع الحالي لجمع المعلومات بشأن نوع جنس جميع مديري المزارع. وترتبط بذلك الحاجة إلى إجراء المزيد من البحوث حول الإدارة المشتركة للمزارع الأسرية، وهو نظام الإدارة الأكثر شيوعًا في العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وكيفية ارتباط مختلف ترتيبات الإدارة بإنتاجية المزرعة ورفاه الأسرة.iv، xii
أولًا، تشير الفجوة بين الجنسين على صعيد إنتاجية الأراضي في عيّنة قطع الأراضي التي تديرها النساء حصريًا (-4.4 في المائة) وعيّنة الأسر المعيشية التي ترأسها نساء (-1.1 في المائة) على حد سواء إلى أن المزارعات أكثر إنتاجية من الرجال (الجدول 2-2). وتنبع هذه النتيجة المفاجئة من أثر الهبة الذي يميل بقوة لصالح النساء (-17.4 في المائة و-9.2 في المائة على التوالي). ما هو السبب في ذلك؟ تمتلك النساء في المتوسط حيازات أصغر من الأراضي، وتتسم حيازات الأراضي الأصغر لكل من الرجال والنساء بإنتاجية أعلى. ويتسق ذلك مع الأدبيات الاقتصادية التي وجدت أنه يمكن إدارة الحيازات الصغيرة بقدر أكبر من التكثيف.1 وعلى سبيل المثال، قد يبذل المزارعون جهدًا أكبر في قطع الأراضي الصغيرة ويقومون بزراعتها بتواتر أكبر.
ثانيًا، تساهم عوامل مختلفة في الفجوة بين الجنسين على صعيد الإنتاجية (الشكل 2-9). وتشير التأثيرات الإيجابية إلى ارتباط الفروق بين الجنسين في عامل معين بفجوات أكبر بين الجنسين على صعيد الإنتاجية، في حين تشير الآثار السلبية إلى مساهمة الفروق بين الجنسين في عامل ما في تضييق الفجوة بين الجنسين على صعيد الإنتاجية. وفي جميع البلدان، يرتبط الاختلاف بين الجنسين في مساحة الأراضي الزراعية (المحدد باللون البني) بالنسبة إلى نوع جنس كل من رب الأسرة (اللوحة ألف) أو مدير المزرعة (اللوحة باء) بفجوة أصغر بين الجنسين على صعيد الإنتاجية: وبعبارة أخرى، تدير النساء في المتوسط مزارع أصغر من الرجال، ويحققن إنتاجًا أعلى لكل هكتار في هذه المزارع الأصغر مقارنة بالمزارع الأكبر. وترتبط الفروق بين الجنسين في سمات المدير مثل التعليم والعمر (باللون الأرجواني) والوصول إلى المدخلات والتكنولوجيات (باللون الأحمر) بفجوة أكبر بين الجنسين على صعيد إنتاجية المزرعة عبر البلدان التي شملتها العيّنة.
ثالثًا، يعتبر الأثر غير المفسّر أو الهيكلي المرتبط بالتمييز كبيرًا وإيجابيًا دائمًا، مما يساهم في فجوة أكبر بين الجنسين ضد مصلحة النساء في عمليات المقارنة الثلاث جميعها (13 في المائة، و8.2 في المائة، و11.9 في المائة على التوالي).
وعند المقارنة بين المزارعين الذين يملكون أراضٍ بمساحات متساوية، فإن الفجوة بين الجنسين تعطي الأفضلية للرجال في عمليات المقارنة الثلاث جميعها للمساحات المتساوية (24.4 في المائة، و22.9 في المائة، و24 في المائة على التوالي). وبصورة إجمالية، تبلغ الفجوة بين الجنسين على صعيد إنتاجية الأراضي التي تعطي الأفضلية للرجال على حساب النساء 24 في المائة تقريبًا.
سجلت إنتاجية العمل تقليديًا مستويات أدنى في قطاع الزراعة مقارنة مع قطاعات الاقتصاد الأخرى. وتشير أبحاث حديثة1، 2، 3 إلى أن إنتاجية العمل في الزراعة ليست متدنية كما كان يُعتقد سابقًا، بل إن تدني الإنتاجية الظاهر يعود إلى حد كبير إلى مشكلة العمالة الناقصة المرتبطة بالطبيعة الموسمية والكثافة التفاضلية لإنتاج المحاصيل. وكما رأينا سابقًا في هذا الفصل، يقلّ احتمال عمل النساء العاملات في الزراعة بدوام كامل مقارنة بالرجال.
وتناول عدد قليل نسبيًا من الدراسات الفجوات بين الجنسين على صعيد إنتاجية العمل. غير أن إحدى الدراسات التي تناولت الفجوات بين الجنسين على صعيد إنتاجية العمل بين مديري المزارع من الإناث والذكور في خمسة بلدان أفريقية جنوب الصحراء الكبرى وجدت فجوات كبيرة بين الجنسين في إنتاجية العمل.97 وتراوحت هذه النسبة بين 47 في المائة في نيجيريا وجمهوريّة تنزانيا المتحدة و2 في المائة في إثيوبيا، وكانت إثيوبيا البلد الوحيد في العيّنة الذي لم تظهر فيه فجوات كبيرة بين الجنسين على صعيد إنتاجية العمل بين المديرين. وبلغ متوسط الفجوة بين الجنسين في البلدان الخمسة 35 في المائة (الجدول 2-3). ونتجت الفجوة بين الجنسين بشكل رئيسي عن أثر الهبة، بما يعكس الاختلافات في الخصائص التي يمكن ملاحظتها في المزارع والأسر المعيشية وقطع الأراضي (28 في المائة). وفسّرت أوجه عدم المساواة الهيكلية، المرتبطة بالتمييز، حيّزًا أصغر من الفجوة (7 في المائة). ووجدت الدراسة من خلال تفصيل مكونات الفجوة بين الجنسين نتائج مماثلة لحالة إنتاجية الأراضي. وارتبط التمايز في الوصول إلى العمل الأسري، وعمر المدير ومستوى تعليمه، والمسؤولية عن الرعاية المنزلية، بوجود فجوة أكبر على صعيد إنتاجية العمل. وعلى العكس من ذلك، تسمح قطع الأراضي الأصغر حجمًا التي تديرها النساء لهن بالعمل بشكل مكثف وترتبط بفجوة أصغر بين الجنسين على صعيد إنتاجية العمل.
تشغل النساء موقعًا أضعف كعاملات بأجر في النظم الزراعية والغذائية. وتشير دراسات الحالة إلى وجود أوجه عدم مساواة كبيرة على صعيد الأجور بين الموظفين والموظفات في قطاع الزراعة والقطاعات غير الزراعية للنظم الزراعية والغذائية على حد سواء. وعلى سبيل المثال، تقل أجور النساء في قطاع البستنة في السنغال في المتوسط بنسبة 24 في المائة عن أجور الرجال.72 ويُعدّ عزل النساء ضمن قطاعات ذات أجور متدنية أحد العوامل الهامة التي تساهم في فجوة الأجور.28 غير أن العديد من الدراسات تُظهر أن أجور النساء تميل إلى أن تكون أقل من أجور الرجال، حتى عند ممارسة الأنشطة نفسها،1، 25 وفي الأنشطة التي تهيمن عليها النساء، مثل التجهيز في قطاع تربية الأحياء المائية،10 مما يشير إلى انتشار التمييز بين الجنسين في العمل المدفوع الأجر في النظم الزراعية والغذائية.
وظهرت فجوات كبيرة بين الجنسين على صعيد الأجور في الأنشطة الزراعية والأنشطة خارج المزرعة ضمن النظم الزراعية والغذائية وخارجها على حد سواء عبر عيّنة ضمت عشرة بلدان من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأدنى وشمال أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية (الجدول 4-2).2، 98 أولًا، كانت أجور النساء في المتوسط وعبر البلدان العشرة أقل بنسبة 18.4 في المائة عن الرجال في العمالة المدفوعة الأجر في قطاع الزراعة. وبعبارة أخرى، كسبت النساء 82 سنتًا مقابل كل دولار كسبه الرجال. وكانت الفجوة بين الجنسين على صعيد الأجور خارج المزرعة (ضمن النظم الزراعية والغذائية وخارجها) في هذه البلدان أقل وبلغت نسبتها 15.8 في المائة.
ثانيًا، في العمالة الزراعية المدفوعة الأجر في العيّنة التي ضمت عشرة بلدان، فسّر الأثر الهيكلي - المرتبط بالتمييز - معظم الفجوة بين الجنسين على صعيد الأجور (11.9 في المائة). وتتوافق هذه النتائج مع النتائج السابقة.104، 105 وظهر عدد قليل من الأنماط المتسقة ضمن مكونات أثر الهبة، على صعيد مستويات الخصائص الفردية، وشكّل نسبة 6.4 في المائة.
ثالثًا، في العمالة المدفوعة الأجر خارج المزرعة، أدى الأثر الهيكلي في المتوسط دورًا أكبر (9.7 في المائة) مقارنة مع أثر الهبة (6.1 في المائة). وفي حين كان كل من أثر الهبة والأثر الهيكلي من العوامل الهامة المساهمة في الفجوة بين الجنسين على صعيد الأجور في معظم البلدان، فإن أدوار كل منهما اختلفت بحسب البلد. وساهم الأثر الهيكلي في معظم البلدان في اتساع الفجوة بين الجنسين على صعيد الأجور. وامتد أثر الهبة في كلا الاتجاهين، مما أدى إلى توسيع الفجوة على صعيد الأجور في نصف البلدان وتقليصها في ثلاثة بلدان هي: كولومبيا وجمهورية مصر العربية وتونس.
ومن ضمن عوامل الهبة، برز دور الفروق بين الجنسين في التعليم، والعمالة بدوام جزئي، والفصل الوظيفي في القطاعات الفرعية. وارتبطت الفروق بين الجنسين في التعليم في المقام الأول بفجوات أصغر بين الجنسين على صعيد الأجور. وفي البلدان التي شملتها هذه العيّنة، تمتع العدد الصغير نسبيًا من النساء المشاركات في العمالة المدفوعة الأجر في الأنشطة خارج المزرعة (التي تشمل الوظائف التي تتطلب مهارات عالية والوظائف المهنية) بمستوى تعليمي مماثل أو أعلى من مستوى تعليم الرجال. ويبدو أن عوائد العمالة بدوام جزئي في الساعة أعلى من عوائد العمالة بدوام كامل، وارتبط الاحتمال الأكبر لعمل النساء بدوام جزئي بفجوات أصغر بين الجنسين على صعيد الأجور. غير أن العمالة بدوام كامل قد تشمل مزايا إضافية ومساهمات في الضمان الاجتماعي غير محسوبة في الأجور المدفوعة بالساعة. وارتبط الفصل بين الجنسين عبر قطاعات العمالة بصورة متسقة بفجوات أكبر بين الجنسين على صعيد الأجور في العمالة المدفوعة الأجر خارج المزرعة، ويتفق ذلك مع الأدبيات. وتميل النساء إلى العمل بصورة مركّزة في القطاعات المنخفضة الأجر، الأمر الذي ساهم في زيادة الفجوة على صعيد الأجور.
تؤدي الشعوب الأصلية، ولا سيما نساء الشعوب الأصلية، دورًا هامًا في حفظ التنوع البيولوجي والحفاظ على الموارد ذات الملكية المشتركة وإدارة موارد المياه. وهي تعتبر من أصحاب المعارف التقليدية1 ذوي الأهمية الحاسمة، ولكنها لا تزال تعاني من أوجه حرمان كبيرة في النظم الغذائية من حيث ظروف العمل السيئة، وعدم كفاية الوصول إلى الموارد والتمييز المترسخ. وتعيش غالبية الشعوب الأصلية (74 في المائة) في المناطق الريفية وتعتمد بشكل كبير على النظم الزراعية والغذائية في كسب سبل عيشها.ii
وتتركّز نسبة خمسة وخمسين في المائة من عمالة الشعوب الأصلية في قطاع الزراعة، مقارنة بنسبة 27 في المائة من عمالة الشعوب غير الأصلية، وتتشابه الأنماط بالنسبة إلى الرجال والنساء.iii وتعتبر قطاعات التجارة والنقل وخدمات السكن والخدمات الغذائية أهم بمقدار الضعف تقريبًا كمصادر للعمالة بالنسبة إلى الشعوب غير الأصلية مقارنة بالشعوب الأصلية (31.9 في المائة مقابل 17.3 في المائة)، وينطبق ذلك على النساء والرجال على حد سواء.
ويتسم عمل نساء ورجال الشعوب الأصلية بسوء ظروف العمل وتدني الأجور والتمييز، وتعاني نساء الشعوب الأصلية من أوجه حرمان أكثر وضوحًا في أسواق العمل. وتعتبر العمالة غير الرسمية أعلى بنسبة 20 نقطة مئوية بين الشعوب الأصلية مقارنة مع الشعوب غير الأصلية، وهي أعلى بنسبة 25.6 بين نساء الشعوب الأصلية عنها لدى النساء من غير الشعوب الأصلية.
وتتم حوالي ثلاثة أرباع عمالة نساء الشعوب الأصلية كعاملات أسريات مساهمات أو عاملات لحسابهن الخاص، وكلاهما من أشكال العمل الحر المعرض للمخاطر. وتعمل أكثر من 33 في المائة من نساء الشعوب الأصلية كعاملات أسريات مساهمات، مقارنة بنسبة 11.9 في المائة لرجال الشعوب الأصلية و17.7 في المائة لنساء الشعوب غير الأصلية في بعض البلدان.ii ويؤدي العمل المدفوع الأجر دورًا أصغر بشكل ملحوظ في عمالة نساء الشعوب الأصلية مقارنة بجميع العاملين الآخرين. وتعمل حوالي 25 في المائة من نساء الشعوب الأصلية العاملات كموظفات بأجور ومرتبات، مقارنة بنسبة 51.1 في المائة في حالة النساء من غير الشعوب الأصلية و30.1 في المائة في حالة رجال الشعوب الأصلية. وتعمل أقل من 1 في المائة من جميع نساء الشعوب الأصلية كرائدات أعمال مع يد عاملة مأجورة (كصاحبات عمل).ii
وتؤدي هذه الخصائص، جنبًا إلى جنب مع انخفاض مستويات التعليم وارتفاع التركيز في المناطق الريفية والتمييز الراسخ، إلى فجوة على صعيد الأرباح بين الشعوب الأصلية وخارج الشعوب الأصلية بنسبة 18.5 في المائة. وتُسجّل الفجوة الأكبر في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (31.2 في المائة). وتعتبر الفجوة على صعيد الأجور أكبر بين رجال الشعوب الأصلية والرجال من غير الشعوب الأصلية (24.4 في المائة) مقارنة مع الفجوة بين نساء الشعوب الأصلية والنساء من غير الشعوب الأصلية (8.2 في المائة).ii
وتواجه نساء الشعوب الأصلية تحديات فريدة في الوصول إلى فرص العمل بسبب الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي، والتمييز، وانتهاكات حقوقهن، ومشقة أعباء العمل غير المدفوع الأجرiv، v، vi وعدم الاعتراف بمعارفهن وممارساتهن ومهاراتهن التقليدية.vii وشهدت فرص العمل التقليدي تراجعًا في ظل التحول الريفي السريع.v وفي أسواق العمل الريفية والحضرية على حد سواء، تشغل نساء الشعوب الأصلية موقعًا أكثر عرضة للمخاطر مقارنة مع النساء من غير الشعوب الأصلية نتيجة مشاركتهن الأكبر في الاقتصاد غير النظامي، والاستغلال، وظروف العمل غير المستقرة.viii وعلاوة على ذلك، تم تحديد تغيّر المناخ كأحد العوامل الرئيسية للتحول الريفي التي تؤثر على حياة الشعوب الأصلية ومن المحتمل أن تفاقم أوجه عدم المساواة القائمة.iv
تُعدّ نظم الأغذية والمعارف الخاصة بالشعوب الأصلية متعددة الوظائف وشاملة، وهي تنتج الأغذية والأدوية والمأوى والطاقة، وتدعم المظاهر الثقافية والاجتماعية والروحية. وتتجذر تعددية الوظائف هذه في فهم النظم الغذائية والمشاركة فيها برمتها، وإيلاء اهتمام خاص للعلاقات بين العناصر المختلفة في النظام الإيكولوجي. ويشكّل وجود نظم الأغذية والمعارف الخاصة بالشعوب الأصلية اليوم وقدرتها على حفظ 80 في المائة من التنوع البيولوجي المتبقي على كوكب الأرضix اثنتين من أهم المساهمات المقدمة لتحقيق الاستدامة في العالم.
وأدت نساء الشعوب الأصلية دورًا أساسيًا في حفظ سبل عيش الشعوب الأصلية ولغاتها وثقافاتها، وإدارة الموارد الطبيعية في مناطقها. وتعتبر نساء الشعوب الأصلية من أصحاب المعارف، ودورهن محوري في الحلول القائمة على الطبيعة ضمن سياق العمل المناخي والتنمية المستدامة.
غير أن النقص المنهجي في الاعتراف بحقوق نساء الشعوب الأصلية، لا سيما حقهن في التنمية المحددة ذاتيًا وحقوقهن الجماعية، يضعهن في أوضاع يغلب عليها التمييز، والتعرض للمخاطر، والفقر، والنزاع وانعدام الأمن الغذائي. ويساهم النقص المستمر في البيانات الموزعة في عدم وضوح صورتهن، بما في ذلك بين سكان الشعوب الأصلية. وتعيق هذه الحقيقة البحوث الشاملة والموجهة، وتحول بالتالي دون تطوير وتنفيذ السياسات القادرة على معالجة الأشكال المتداخلة والمترابطة للتمييز الذي تواجهه نساء الشعوب الأصلية.x
ويعتبر الوصول إلى الأراضي والموارد الطبيعية والأقاليم عاملًا أساسيًا إضافيًا في سبل عيش نساء الشعوب الأصلية. وتؤثر هياكل الحوكمة والهياكل الاجتماعية للشعوب الأصلية بشكل كبير على وصول نساء الشعوب الأصلية إلى الأراضي والموارد الطبيعية. ويؤثر إضعاف أو تغيير هياكل الحوكمة والهياكل الاجتماعية للشعوب الأصلية بسبب التغيرات في العوامل البيئية والاجتماعية والسياسية تأثيرًا سلبيًا على الاعتراف بدور نساء الشعوب الأصلية ضمن مجتمعاتهن ومشاركتهن في عمليات صنع القرار.x
وأظهرت دراسة حالة لشعب وايو أن التغييرات في أدوار النساء حدّت بشكل كبير من استقلالهن الاقتصادي حيث انتقلن من ممارسة الأنشطة التجارية إلى ممارسة المزيد من الأنشطة المنزلية، كما أدى إضعاف بنية نظامهن الأمومي إلى انهيار الروابط المتبادلة في المجتمع المحلي وزيادة الفصل السياسي. ويزيد ذلك من تعرض الأسر للمخاطر ويقلل من قدرتها على الصمود في وجه الصدمات المناخية أو الاجتماعية.xi