لقد تأثر حوالي 75 في المائة من إجمالي مساحة الأراضي في العالم، وخاصة الغابات والمراعي والأراضي الرطبة، جراء التدهور والتحوّل، ومن المرجح أن ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 90 في المائة في غضون 30 عامًا.207 وتُقدّر الخسارة الاقتصادية السنوية المرتبطة بتدهور النظام الإيكولوجي بمبلغ يتراوح بين 4.3 و20.2 تريليون دولار أمريكي، مع آثار سلبية على 3.2 مليار شخص.208
وتكتسب آلية إصلاح الغابات والمناظر الطبيعية زخمًا استجابة لهذا التحدي، كما يتضّح من إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية (2021-2030). وعادةً ما تتضمن عملية إصلاح الغابات مناظر طبيعية كاملة يتفاعل فيها العديد من استخدامات الأراضي، وهدفها هو استعادة الإنتاجية البيولوجية للمناطق المتدهورة وإنشاء بالوعات كربون طويلة الأجل في التربة والنباتات المستصلحة. ووفقًا للشراكة العالمية لإعادة الغابات والمناظر الطبيعية إلى هيئتها الأصلية، فإن أكثر من ملياري هكتار من المناظر الطبيعية التي أزيلت منها الغابات والمتدهورة في جميع أنحاء العالم مؤهلة لإصلاحها. وتُقدَّر إمكانات التخفيف العالمية لإعادة التحريج والتشجير من خلال إصلاح الغابات والمناظر الطبيعية بحلول عام 2050 بنحو 3.9 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.209
ويمكن أن تساعد عملية الإصلاح من خلال الحراجة الزراعية على مواجهة مختلف التحديات العالمية. وتميل نظم الحراجة الزراعية إلى أن تكون أكثر قدرة على الصمود من الزراعة التقليدية في مواجهة الصدمات البيئية وآثار تغيّر المناخ. وبحسب النظام والظروف المحلية، يمكن أن تحتوي نظم الحراجة الزراعية على ما يتراوح بين 50 و80 في المائة من التنوّع البيولوجي للغابات الطبيعية المماثلة؛210 وزيادة الأمن الغذائي والتغذية من خلال العمل كشبكة أمان؛ وزيادة إنتاجية المحاصيل. وهناك اهتمام متجدّد بالحراجة الزراعية كحلّ تحويلي لأزمة المناخ، كما يتضّح من إدراجها في المساهمات المحددة وطنيًا بنسبة 40 في المائة من الأطراف غير المدرجة في المرفق الأول باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ من أجل التخفيف من آثاره والتكيّف معه.212،211 وعلاوةً على ذلك، فإن حوالي نصف الدول النامية البالغ عددها 73 بلدًا التي لديها استراتيجيات تخص المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها، قد حددت الحراجة الزراعية كوسيلة لمكافحة إزالة الغابات.211 ويشير تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ على وجه التحديد إلى الحراجة الزراعية كخيار فعال للتكيّف مع تغيّر المناخ.213
وتقدّم دراسات الحالة الست التالية أمثلة على الابتكارات في مجالي إصلاح الغابات والمناظر الطبيعية والحراجة الزراعية مع إمكانية توسيع نطاقها.
دراسة الحالة 7وضع سياسة وطنية جديدة وتعزيز البيئة المؤاتية لتوسيع نطاق الحراجة الزراعية
الموقع: الهند
الشركاء: وزارة الزراعة ورعاية المزارعين (الهند)، ومركز البحوث الحرجية الدولية والمركز العالمي للحراجة الزراعية (CIFOR-ICRAF).
ترجيح أنواع الابتكارات
السياق. تتمتع الهند بتاريخ طويل من الحراجة الزراعية باعتبارها نظامًا تقليديًا لإدارة الأراضي، وقد شاركت بشكل كبير في أبحاث الحراجة الزراعية لمدة 50 عامًا على الأقل. وتتراوح التقديرات السابقة للمساحة الخاضعة للزراعة الحراجية في البلاد من 17.4 مليون هكتار إلى 23.2 مليون هكتار.214 ولكن لم تكن الحراجة الزراعية، حتى وقت قريب، تتلقى دعمًا تقنيًا أو مؤسسيًا شاملًا، ولم تكن مشمولة بولاية أي وزارة. وبالتالي، فإن الحراجة الزراعية قد وقعت عمومًا بين شقوق مجالات السياسة العامة - وهي مشكلة لا تقتصر على الهند وتعكس طبيعة الحراجة الزراعية المتعددة الأوجه عند تقاطع قطاعات الزراعة والغابات والبيئة والتنمية الريفية. وتتطلّب الحراجة الزراعية خبرات متنوّعة في إدارة الأشجار والمحاصيل والثروة الحيوانية. وإن الافتقار إلى الخدمات التوجيهية الشاملة يجعل اعتماد الحراجة الزراعية أمرًا صعبًا بالنسبة إلى المزارعين؛ وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم اعتراف الخدمات التوجيهية الحكومية بالمعارف الزراعية الحراجية التي يمتلكها المزارعون المحليون، يزيد من صعوبة تحسين أداء ممارسات الحراجة الزراعية الحالية وتعزيز الابتكار. وتشمل العوائق الأخرى عدم كفاية الأطر التنظيمية والحوافز (واللوائح التنظيمية التقييدية، في بعض الأحيان)، والافتقار إلى التمويل المؤسسي وشبكات الأمان للمزارعين، وعدم توافر المواد الزراعية عالية الجودة، وعدم كفاية الوصول إلى الأسواق. وأدت هذه التحديات وغيرها إلى بيئة غير مؤاتية لتوسيع الحراجة الزراعية في الهند.
الابتكار. إقرارًا بهذه االقضايا الهيكلية، قامت حكومة الهند، من خلال وزارة الزراعة ورعاية المزارعين وبتيسير من مركز البحوث الحرجية الدولية والمركز العالمي للحراجة الزراعية (CIFOR–ICRAF)، بوضع سياسة وطنية مشتركة بين القطاعات للحراجة الزراعية في عام 2014. وتهدف هذه السياسة إلى معالجة العراقيل التي تعيق توسيع نطاق الحراجة الزراعية وإزالة العقبات التي تحول دون اعتمادها بطريقة منهجية. وتتمثل أهداف تلك السياسة في زيادة الإنتاجية من خلال الحراجة الزراعية وتلبية الطلب المتزايد على المنتجات الحرجية الخشبية والغذائية وغير الخشبية. وتكتسي هذه السياسة أيضًا أهمية حاسمة لتحقيق هدف الهند المتمثل في زيادة الغطاء الحرجي الوطني بنسبة 33 في المائة، وبالتالي المساهمة في المساهمات المحددة وطنيًا في البلاد. ويتمثل الهدف الشامل في المساهمة في تحسين سبل عيش سكان المزارعين في المناطق الريفية، وضمان الأمن الغذائي، وحماية النظم الإيكولوجية.
وكانت تلك السياسة هي الأولى من نوعها في العالم التي تشجّع الحراجة الزراعية على المستوى الوطني. وقد أتاحت السياسة، من خلال سدّ الفجوة بين مختلف مجالات إدارة الموارد الطبيعية، تقارب وتعزيز وتوسيع نطاق ولايات وبرامج الحراجة الزراعية القائمة وتبسيط اللوائح المتعلقة بحصاد ونقل الأشجار المزروعة في الأراضي الزراعية. وبموجب تلك السياسة، أُنشئت قاعدة بيانات لسجّلات الأراضي ونظام معلومات السوق لضمان أمن حيازة الأراضي والوصول إلى الأسواق. كما أُنشئت منصة مشتركة لتمكين جميع أصحاب المصلحة من التخطيط المشترك وتحديد الأولويات والاستراتيجيات؛ وتعزيز التنسيق بين الوزارات، وتقارب البرامج، وتعبئة الموارد المالية؛ والاستفادة من تنمية القدرات والدعم التقني والإداري.
النتائج والآثار. قدمت السياسة الوطنية للحراجة الزراعية حوافز نقدية وغير نقدية متعددة لتعزيز الحراجة الزراعية في البلاد؛ ففي عام 2016، على سبيل المثال، وافقت حكومة الهند على أول ميزانية للزراعة الحراجية بقيمة 150 مليون دولار أمريكي. وقد ساعدت تلك السياسة على زيادة عدد الأشجار خارج الغابات: فبعد عام واحد من دخولها حيز التنفيذ، أفادت هيئة مسح الغابات في الهند عن زيادة قدرها 88.7 مليون متر مكعب في الحجم الإجمالي للأشجار خارج الغابات. ووفقًا لأحدث التقديرات، تُمارس الحراجة الزراعية الآن على مساحة تزيد عن 28.4 مليون هكتار في الهند،214 وتشير التقديرات إلى أن حوالي 65 في المائة من الأخشاب في البلاد وحوالي نصف الوقود الخشبي، يأتي من الأشجار المزروعة في المزارع، على الرغم من أن الإمكانات أكبر بكثير.215
وقد أدى وجود دعم قوي في مجال السياسات للزراعة الحراجية إلى تحفيز الاستثمار في التكنولوجيات للمساعدة على اعتمادها، مثل العديد من تطبيقات الهاتف المحمول التي أثبتت فائدتها في سدّ الثغرات في خدمات الإرشاد وتمكين المزارعين من الاستفادة من التكنولوجيات وتكييف الحراجة الزراعية مع أوضاعهم الخاصة. فعلى سبيل المثال، أطلقت ولاية أوديشا تطبيقًا للحراجة الزراعية (طُوِّر بدعم من مركز البحوث الحرجية الدولية والمركز العالمي للحراجة الزراعية) في عام 2021، يوفر، في منصة واحدة، معلومات شاملة عن الأشجار والمحاصيل، بالإضافة إلى مجموعة من الممارسات. ويمكِّن التطبيق المزارعين والعاملين في مجال الإرشاد في الولاية من تحديد أنواع الحراجة الزراعية المناسبة للمزارع ويزوِّدهم بمعلومات مفصّلة عن نظم الحراجة الزراعية المتكاملة، وتوافر مواد الزراعة، ومواقع المشاتل. وعند إدخال المعايير الرئيسية، من قبيل المنطقة والموسم والتضاريس واستخدام الأراضي ونوع التدخل، يقدّم التطبيق توصيات بشأن المحاصيل والأشجار والممارسات الزراعية المناسبة، ويقترح مجموعات الأشجار والمحاصيل المفيدة. وقد تم تنزيل التطبيق من قبل المستخدمين في أكثر من 120 بلدًا (على الرغم من أنه مخصص لولاية أوديشا فقط)، ما يشير إلى وجود طلب واضح على هذا النوع من الدعم.
إمكانية توسيع النطاق. مهّدت السياسة الوطنية للحراجة الزراعية في الهند الطريق أمام بلدان أخرى وضعت الآن سياساتها أو استراتيجياتها الخاصة بالحراجة الزراعية، بما في ذلك جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وجنوب أفريقيا ورواندا وغامبيا وكينيا ونيبال والولايات المتحدة الأمريكية؛ واستندت السياسة الوطنية لنيبال (2019) إلى تجربة الهند. ويُعدّ وضع السياسات والاستراتيجيات الوطنية مسارًا أساسيًا لخلق بيئات مؤاتية وتوسيع نطاق الحراجة الزراعية بشكل مستدام.
واستكمالًا لهذه الابتكارات في مجال السياسات، تُعدّ التطبيقات حلًا مهمًا لسدّ الثغرات في خدمات الإرشاد وتمكين المزارعين من الاستفادة من التكنولوجيا وتكييف الحراجة الزراعية مع سياقاتهم. ويمكن تطوير تطبيق عالمي للحراجة الزراعية باستخدام قواعد البيانات الموجودة، مع إمكانية تكييفه مع السياقات المحلية من خلال الشراكات الوطنية. ومن شأن هذا التطبيق أن يتيح إجراء تحسينات مستمرة باستخدام البيانات الجديدة وتعزيز الرصد والتصميم والتنفيذ.
دراسة الحالة 8دمج الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والاحتياجات الغذائية للمجتمعات المحلية في عملية إصلاح الغابات لمكافحة التصحّر
الموقع: إثيوبيا وإريتريا وبوركينا فاسو والسنغال والسودان وغامبيا ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا
الشركاء: منظمة الأغذية والزراعة، والوكالات الوطنية للجدار الأخضر العظيم ووحدات التنسيق ذات الصلة، والمجتمعات القروية، والوكالة الأفريقية للجدار الأخضر العظيم.
ترجيح أنواع الابتكارات
السياق. أطلق الاتحاد الأفريقي مبادرة الجدار الأخضر العظيم في عام 2007 كاستجابة عاجلة للآثار الضارة للتصحّر والجفاف وتغيّر المناخ في منطقة الساحل. غير أن القليل من إجراءات الإصلاح الواسعة النطاق التي تنفذها المبادرة تسعى إلى التصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها مجتمعات الأراضي الجافة، مثل انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والفقر، ما يساهم في انخفاض معدل نجاح نتائج إصلاح الأراضي بشكل عام. وعلى العكس من ذلك، ساهم تدهور الأراضي وما يرتبط به من فقدان التنوّع البيولوجي، إلى جانب الظروف البيئية القاسية المتزايدة، في استمرار سوء التغذية الحاد في المنطقة، إذ يعاني الكثير من الناس من فترات طويلة من الجوع. ولم تأخذ التدخلات الدولية في منطقة الساحل في الاعتبار بشكل كافٍ إمكانية الإصلاح لمكافحة سوء التغذية، وخاصة «بوابة ما قبل المزرعة» - أي مسارات الاستهلاك التي تعمل على تحسين استخدام التنوّع النباتي المحلي لتحسين نتائج التغذية.
الابتكار. إدراكًا للعلاقة الوثيقة بين المناظر الطبيعية وسبل العيش، وضع برنامج منظمة الأغذية والزراعة لمكافحة التصحّر216 مخططًا أوّليًا للإصلاح على نطاق واسع يبني القدرة على الصمود المناخي والتغذوي في تدخلاته. وتمثل الابتكار الأساسي في وضع المعرفة النباتية ومصالح المجتمعات الريفية في صميم عملية التدخل، مع إعطاء الأولوية لتفضيلاتها للأنواع التي تزرعها واحتياجاتها الاجتماعية والاقتصادية. وإن ثلث الأنواع البرية التي تفضلها المجتمعات، والتي يزيد عددها عن 200 نوع، هي نباتات غذائية، ولها أيضًا قيمة سوقية عالية. وعادةً ما تكون أنواع النباتات البرية العديدة، التي يُستخدم الكثير منها كأغذية، غنية بالمغذّيات الدقيقة ولها محتوى غذائي عالي جدًا.117،116
وطُوّرت أيضًا خمس سلاسل قيمة رئيسية للمنتجات الحرجية غير الخشبية المشتقة من النباتات البرية بهدف زيادة الدخل وبالتالي توفير حافز للحفاظ على التنوّع البيولوجي الزراعي المحلي بالإضافة إلى تقديم الإغاثة الاقتصادية الفورية للأسر (خاصة النساء والشباب). وتحظى ثمار الأشجار البرية الصالحة للأكل والمكسرات باهتمام خاص، إذ خلصت عمليات التقييم التي أجرتها المنظمة في ولاية سوكوتو بنيجيريا إلى أن 86 في المائة من الأسر تستهلكها.
وبالإضافة إلى زراعة الأنواع المناسبة في الوقت المناسب، فإن توفير بذور الأشجار المتنوّعة وراثيًا والعالية الجودة أمر بالغ الأهمية لعملية الإصلاح. وأظهر تقييم تعبئة الأصول الوراثية الذي أجرته المنظمة في ستة من البلدان التي تبنّت مبادرة الجدار الأخضر العظيم، بالتعاون مع معاهد البحوث في غانا وكينيا في عام 2019، أن الاعتماد حصريًا على نظم البذور العامة الرسمية (مثل المراكز الوطنية لبذور الأشجار) ليس كافيًا للإصلاح على نطاق واسع بسبب اضطرابات الإمدادات. وإن النموذج المبتكر الذي وضعته المنظمة لإشراك وتدريب المجتمعات الريفية التي تعيش بالقرب من حقول البذور الطبيعية يمكّن هذه المجتمعات من اختيار الأنواع المفضلة لديها وأهداف عملية الإصلاح، بالإضافة إلى القيام بشكل مباشر بمهام حفظ البذور وصيانتها. وساعدت التعاونيات التي تقودها النساء على توفير البذور (وغيرها من المواد الوراثية) اللازمة لتحقيق أهداف إصلاح الأراضي. وتمثّل تلك التعاونيات ابتكارات اجتماعية تمكّن المجتمعات من نشر وتوسيع نطاق علم اختيار البذور وجمعها ونشرها.
النتائج والآثار. لقد عملت المنظمة، على مدار ست سنوات، مع أكثر من 000 100 أسرة في 600 قرية لجمع 000 150 كيلوغرام من بذور 110 من الأنواع المختارة من النباتات الخشبية والعشبية المحلية القادرة على الصمود في أكثر من 000 100 هكتار من الأراضي الزراعية والرعوية المتدهورة. وكشفت عمليات تقييم الاستشعار عن بعد المستقلة لمعدلات إعادة التخضير والنمو عن تحقيق آثار إيجابية، بما في ذلك - بشكل غير متوقع - زيادة في الغطاء النباتي لمسافة كيلومتر واحد (في المتوسط) خارج الأراضي المستصلحة، مع حصول المجتمعات المحلية على عائدات سريعة من خلال حصد الأعشاب كعلف للماشية. وكانت العملية التشاورية والتشاركية حيوية للاستجابة للحاجة الملحّة إلى إعادة الغطاء النباتي في مجالات التغذية والصحة وسبل العيش. وانخفضت المعاناة من انعدام الأمن الغذائي أأغ بشكل حاد - من 46 في المائة إلى 15 في المائة في السنغال، ومن 69 في المائة إلى 58 في المائة في النيجر، ومن 90 في المائة إلى 25 في المائة في نيجيريا. وقد أتاحت تلك التدخلات عزل حوالي 0.384 إلى 1.27 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ لغازات الدفيئة. وتم تحفيز المجتمعات المحلية لإدارة مجموعة واسعة من النباتات المزروعة، ما ساهم في بقاء الشتلات بمعدل 60 في المائة ومعدلات نمو مذهلة بعد ثلاثة مواسم ممطرة. 219،218
إمكانية توسيع النطاق. تسعى مبادرة الجدار الأخضر العظيم إلى إصلاح 100 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة في منطقة الساحل بين عامي 2021 و2030، وهي فرصة غير مسبوقة لتطوير مناظر طبيعية متنوّعة بيولوجيًا وقادرة على الصمود ومغذية. وينشأ نجاح برنامج عمل المنظمة لمكافحة التصحر عن ابتكارات اجتماعية وتنظيمية تشمل قطاعات الزراعة والغابات والصحة، بما في ذلك لجان إصلاح الأراضي التي تقودها النساء، وعمليات الزراعة التشاورية، وعمليات الإصلاح المراعية للتغذية. وإلى جانب الابتكارات التكنولوجية، مثل الإعداد الآلي للأراضي لتجميع مياه الأمطار بكفاءة، أصبحت تلك الابتكارات الآن مكوّنات أساسية لإصلاح الأراضي والعمل المناخي والحفاظ على التنوّع البيولوجي والاستخدام المستدام في الإقليم.220-224 ونظرًا إلى أن مبادرة الجدار الأخضر العظيم لا تزال بعيدة كل البعد عن تحقيق هدفها المتمثل في تغطية مساحة 100 مليون هكتار، فمن الضروري إيجاد طرق فعالة لزيادة معدل الإصلاح. وتوفر الابتكارات الموصوفة هنا مجالًا للقيام بذلك من خلال تمكين المجتمعات المحلية من استخدام عملية الإصلاح لتحقيق أقصى فائدة لها، كما أنها تتمتع بإمكانات كبيرة في النظم الزراعية الرعوية للأراضي الجافة في أماكن أخرى، كما هو الحال في جنوب أفريقيا وآسيا الوسطى.
دراسة الحالة 9إنشاء منصة إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية من خلال التعاون وقابلية التشغيل البيني للبيانات
الموقع: في جميع أنحاء العالم
الشركاء: منظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، واتفاقية التنوّع البيولوجي، وفرقة العمل المعنية بالرصد، وفرقة العمل المعنية بأفضل الممارسات، والمنظمات الشريكة الأخرى.
ترجيح أنواع الابتكارات
السياق. أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الفترة 2021-2030 عقدًا لإصلاح النظم الإيكولوجية بهدف دعم وتكثيف الجهود الرامية إلى منع تدهور النظم الإيكولوجية في جميع أنحاء العالم ووقفه وعكس مساره. ويُنفذ هذا العقد، بقيادة مشتركة بين المنظمة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، من خلال التعاون المكثّف مع البلدان ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة. ولتبسيط التنفيذ، أُنشئت خمسة فرق عمل في إطار هيكل إدارة العقد، وتتولى المنظمة قيادة فرقة العمل المعنية بأفضل الممارسات وفرقة العمل المعنية بالرصد.
وهناك حاجة إلى أدوات ومنصات وبيانات فعالة لزيادة الوصول إلى البيانات والمعلومات والمؤشرات المتعلقة بإصلاح النظم الإيكولوجية وتوجيه عملية اتخاذ القرارات ورصد التقدّم المحرز. وتتمثل الاستجابة الرئيسية لهذا التحدي في التطوير التعاوني لمنصة تسمّى إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية (FERM) من خلال الجهود المشتركة لفرقتي العمل اللتين تقودهما المنظمة.
واعتمدت الأطراف في اتفاقية التنوّع البيولوجي هدفًا طموحًا لإصلاح النظام الإيكولوجي، الهدف 2، بموجب إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوّع البيولوجي - وهو «ضمان خضوع ما لا يقل عن 30 في المائة من المناطق المتدهورة للنظم الإيكولوجية الأرضية والمياه الداخلية والبحرية والساحلية للاستعادة الفعالة، من أجل تعزيز وظائف وخدمات التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية، والسلامة الإيكولوجية والترابط الإيكولوجي، بحلول عام 2030.» وباعتبار منظمة الأغذية والزراعة الوكالة الرائدة في فرقة العمل المعنية بأفضل الممارسات وفرقة العمل المعنية بالرصد، فإنها تتولى مسؤولية دعم أمانة اتفاقية التنوّع البيولوجي والأطراف في وضع منهجية للرصد والإبلاغ عن مؤشر الهدف 2، الذي يركز على المناطق قيد الإصلاح. ويُعدّ تفعيل إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية أمرًا بالغ الأهمية لمساعدة البلدان على جمع البيانات حول المناطق قيد الإصلاح والإبلاغ عنها.
الابتكار. يستفيد إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية من أحدث التكنولوجيات الجغرافية المكانية لتكون بمثابة المنصة الرسمية لرصد تتبّع التقدّم العالمي ونشر الممارسات الجيدة طوال عقد الأمم المتحدة. كما أنه يدعم البلدان في رصد المناطق قيد الإصلاح والإبلاغ عنها لتحقيق الهدف 2.
ويعتمد إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية على إجراءات الإبلاغ العالمية والإقليمية والوطنية الراسخة وتكملها وتتوافق مع أهدافها وغاياتها ومعاييرها ومؤشراتها. ومن خلال توحيد تلك الجهود في إطار موحّد، يهدف إطار الرصد إلى تقليل عبء الإبلاغ على البلدان من خلال تزويد الأفراد والمجتمعات المحلية والبلدان بإمكانية الوصول إلى البيانات الجغرافية المكانية والتوجيهات المنهجية وأدوات الرصد التي يحتاجون إليها لتتبّع التقدّم المحرز في مبادرات إصلاح النظم الإيكولوجية.
ويعمل إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية على مبدأ قابلية التشغيل البيني، بناءً على الجهود الحالية لرسم خرائط للمناطق قيد الإصلاح ومراقبتها والإبلاغ عنها بشكل شامل. ومن خلال شبكة التعاون مع الشركاء في فرقتي العمل اللتين تقودهما المنظمة، يعمل إطار الرصد مع شركاء مثل مرفق البيئة العالمية، وشبكة Restor، ومقياس إصلاح الطبيعة التابع للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر، ومنصة الإبلاغ عن تحييد تدهور الأراضي، وتسريع الجدار الأخضر العظيم، ومنصة الالتزام بالطبيعة التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة والمركز العالمي لرصد المحافظة على البيئة، والمرصد البرازيلي للإصلاح، من أجل رسم خريطة للبيانات المجمّعة وفقًا للمعايير المشتركة، وتسهيل تبادل البيانات وفحص الجودة، وتحديد فرص المواءمة.
ويمكن أن يؤدي التكامل وقابلية التشغيل البيني لأدوات ومنصات المراقبة إلى تعزيز وتبسيط تجربة ممارسي عمليات الإصلاح. فعلى سبيل المثال، يقوم نظام إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية بدمج المشاريع والبيانات الواردة من مرفق البيئة العالمية في إطار رصد عقد الأمم المتحدة. وتستمر الجهود لتجميع البيانات ومشاركتها ودمجها من منصات أخرى، وتعمل المنظمات على دمج تبادل البيانات وقابلية التشغيل البيني في إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية.
النتائج والآثار. يتضمن إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية ما يلي:
◂ منصة الجغرافيا المكانية لإطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية، التي تمكّن من تصوّر التقدّم وتوفر مؤشرات وبيانات أساسية لرصد إصلاح النظم الإيكولوجية. وهي تفاعلية، ويمكنها إنشاء بيانات وخرائط وقصص مقنعة حول آثار عمليات الإصلاح. وباستخدام البيانات الجغرافية المكانية للاستشعار عن بعد والسلاسل الزمنية الإحصائية، تسهّل منصة إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية تحليل البيانات العامة والخاصة المتعلقة بعمليات الإصلاح على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية ودون الوطنية؛
◂ وسجّل إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية، الذي يعمل على تبسيط عملية جمع ومواءمة البيانات القائمة على المناطق والمتعلقة بمبادرات ومشاريع وبرامج إصلاح النظم الإيكولوجية، كما يعمل على تبسيط عمليات تبادل البيانات القابلة للتشغيل البيني مع المنصات الأخرى. ويتيح سجّل إطار الرصد أيضًا توثيق الممارسات الجيدة المرتبطة بالمبادرات المسجّلة. واعتبارًا من فبراير/شباط 2024، كان لدى المنصة 355 مستخدمًا مسجّلا من 80 مؤسسة، وتم توثيق 150 مبادرة في 57 بلدًا، وتم تقديم 20 ممارسة جيدة. وسيكون سجّل إطار الرصد بمثابة نقطة الدخول الرسمية للبلدان للإبلاغ عن التقدّم المحرز في تحقيق الهدف 2؛
◂ ومحرّك البحث الخاص بإطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية، الذي ينشر ممارسات الإصلاح الجيدة التي تم جمعها من أربع منصات تعاونية، بما في ذلك سجّل إطار الرصد، ما يتيح لأصحاب المصلحة إمكانية الوصول إلى أكثر من 1 500 ممارسة جيدة (اعتبارًا من فبراير/شباط 2024). ويمكن للمستخدمين البحث بكفاءة عن مجموعة واسعة من ممارسات الإصلاح الجيدة وتصفيتها والوصول إليها وفقًا لاحتياجاتهم الخاصة.
إمكانية توسيع النطاق. سيُعزَّز إطار رصد إصلاح النظم الإيكولوجية بمرور الوقت استجابة لاحتياجات البلدان وأطراف اتفاقية التنوّع البيولوجي وممارسي عمليات الإصلاح، وذلك باعتباره منصة الرصد الرسمية لعقد الأمم المتحدة والهدف 2 من إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوّع البيولوجي.
وتعمل المنظمة مع المنظمات الشريكة على تنسيق البيانات وقابلية التشغيل البيني لتحسين وظائف إطار الرصد. وستُعرض دراسات حالة حول تبادل البيانات لتقديم أفكار وأمثلة للممارسات والابتكارات الناجحة. وستُدمج لوحة معلومات، تقدّم بيانات مجمّعة حول إصلاح النظم الإيكولوجية ومعلومات شاملة عن التقدّم المحرز الوفاء بالالتزامات، والمنطقة قيد الإصلاح (مصنّفة بحسب البلد والنظام الإيكولوجي والمبادرة)، والممارسات الجيدة. وستعرض لوحة المعلومات تلك العناصر مكانيًا باستخدام البيانات الجغرافية المكانية وستقدّم خرائط تفاعلية لتصوّر البيانات وروابط لقواعد البيانات الوطنية، مما يحسّن الشفافية. وستكون هذه الخاصيات متاحة على المستويين العالمي والوطني.
دراسة الحالة 10تعزيز قدرة حدائق القلقاس المائية التقليدية على الصمود من خلال دمج التكنولوجيات والممارسات والأصناف النباتية الجديدة
الموقع: فانواتو
الشركاء: منظمة الأغذية والزراعة، ووزارة الزراعة والتنمية الريفية في فانواتو (وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والغابات ومصايد الأسماك والأمن البيولوجي).
ترجيح أنواع الابتكارات
السياق. يُعدّ الاستمرار في توفير خدمات النظم الإيكولوجية للغابات أمرًا بالغ الأهمية في فانواتو لمواجهة تحديات الأمن الغذائي. ويتطلّب القلقاس - وهو من الخضروات الجذرية التي تُعتبر غذاءً أساسيًا في فانواتو - إمدادات مستدامة من المياه في جميع مراحل الإنتاج للحفاظ على الغلّة ودعم نمو النبات، لا سيما خلال مواسم الجفاف. وإن حدائق القلقاس المائية ممارسة زراعية تقليدية في البلاد تستفيد من وظائف الغابات لتنظيم المغذيات وكمية المياه لإنتاج القلقاس وغير ذلك من المحاصيل. وتتمتع حدائق القلقاس المائية بقدرتها على التعافي بسرعة من الكوارث والصدمات المناخية والضغوط، وتؤدي دورًا مهمًا في الحفاظ على الأمن الغذائي المحلي أثناء اضطرابات سلسلة الإمدادات. غير أن تدهور الغابات أدى إلى انخفاض القدرة على توفير المياه للحدائق، ما يهدد استمرارية نظام الحراجة الزراعية هذا والأمن الغذائي المحلي وسبل العيش المحلية.
الابتكار. عُقدت مشاورات بقيادة وزارة الزراعة والتنمية الريفية في فانواتو مع الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية والوكالات الحكومية وأصحاب المصلحة الآخرين لتحديد التحديات والاحتياجات والفرص المتعلقة بتحسين إنتاجية ومرونة حدائق القلقاس المائية. وبدعم تقني ومالي من المنظمة لنظم الحراجة الزراعية القادرة على الصمود، أُجري تحليل حول مدى ملاءمة المواقع لتوسيع الحدائق، فضلًا عن الفجوات القائمة في المعارف والمدخلات والتكنولوجيا. وبناءً على ذلك، قٌدّمت حزمة من الأساليب المبتكرة لتعزيز استدامة حدائق القلقاس المائية في مواجهة تغيّر المناخ. فعلى سبيل المثال، قُدّمت أصناف القلقاس المائي القادرة على الصمود في مواجهة المناخ وبرامج التدريب على ممارسات الإدارة المستدامة للمياه. واستكمالًا لذلك، تم اعتماد ممارسات وتكنولوجيات جديدة، مثل الري بالتنقيط؛ وتحسين بناء السدود الصغيرة وتقنيات تحويل المياه وتجميع مياه الأمطار؛ والممارسات الزراعية الموفرة للمياه مثل نظام الزراعة المائية.
النتائج والآثار. ساعدت حزمة الإجراءات على تحسين كفاءة استخدام المياه وزيادة توافر المياه على مدار العام. والأهم من ذلك، أن الأساليب المحسَّنة للإدارة المستدامة للغابات، بما في ذلك الحفاظ على التنوّع البيولوجي، ساعدت في الحفاظ على وظيفة إعادة تغذية مصادر المياه لحقول القلقاس.
كما ساعد توفير الأدوات والمعدات اللازمة لبناء الحدائق وصيانتها في حلّ مشاكل مثل تآكل التربة. وغالبًا ما تقع حدائق القلقاس على منحدرات شديدة الانحدار، ما يزيد من خطر تآكل التربة أثناء هطول الأمطار الغزيرة. وللحيلولة دون وقوع هذا الخطر، اعتُمدت تقنيات الزراعة الإيكولوجية القائمة التي لم يستخدمها على نطاق واسع المزارعون في فانواتو من قبل، مثل الزراعة الكنتورية، والمصاطب، ومحاصيل التغطية مثل البقوليات والأعشاب والسماد الأخضر. وقد اعتمد المزارعون أيضًا على الأساليب المستنيرة القائمة على المعارف التقليدية لتعزيز إنتاجية نظم حدائق القلقاس المائي وقدرتها على الصمود، بما في ذلك الزراعة المصاحبة لتقليل الآفات النباتية، والتغطية، والسماد، وتناوب المحاصيل.
ومن خلال اعتماد سلسلة من الابتكارات، تمكّن المزارعون في فانواتو من الحفاظ على جدوى نظم القلقاس المائي الخاصة بهم، بإجمالي 419 هكتارًا من الإنتاج في عام 2023.أب ظ وهذا أمر مهم بالنظر إلى الدور الذي تؤديه تلك النظم في ضمان استقرار سلاسل الإمدادات الغذائية المحلية، كما حدث في أعقاب الإعصارين المزدوجين في مارس/آذار 2023. وتمكِّن تلك الابتكارات المزارعين أيضًا من زيادة غلاتهم، والحد من تعرّضهم لآثار تغيّر المناخ، وتحسين سبل عيشهم.
ومن النتائج المهمة الأخرى تحسين ممارسات إدارة المياه. ومن خلال العمل على تحسين استدامة حدائق القلقاس المائية، أصبحت المجتمعات المحلية أكثر وعيًا بالحاجة إلى الحفاظ على موارد المياه وإدارتها بكفاءة. وقد أدى ذلك إلى الحد من هدر المياه وتحسين نوعية المياه بشكل عام، بما في ذلك من خلال تقليل الجريان السطحي، وزيادة كفاءة استخدام المياه، والحد من رشح الأسمدة والمواد الكيميائية، والحد من تآكل التربة.
وبالإضافة إلى تلك المنافع، تساهم حدائق القلقاس المائية في الحفاظ على المعارف والممارسات التقليدية. فلطالما كانت زراعة القلقاس جزءًا مهمًا من التراث الثقافي لفانواتو، وقد ساعد التطوير المستمر للحدائق المائية على ضمان نقل هذه المعارف إلى الأجيال القادمة.
إمكانية توسيع النطاق. في فانواتو، هناك فرصة لتوسيع مساحة حدائق القلقاس المائي من خلال إصلاح الحدائق المهجورة على مساحة إجمالية تبلغ حوالي 033 1 هكتار بحلول عام 2030. ومن المتوقع أن ينتج ذلك 500 14 طن من القلقاس سنويًا،أج أأوهو ما يعادل حوالي ثلاثة أضعاف الإنتاج في عام 2023، وذلك بفضل زيادة المساحة المزروعة وزيادة غلة الهكتار الواحد من خلال الإدارة الأفضل. وأظهرت دراسة استقصائية قبولًا مجتمعيًا واسع النطاق، إذ تبنّى أكثر من 50 في المائة من المزارعين في جميع أنحاء فانواتو تلك الابتكارات. وسيشمل التوسّع مقايضات بين زراعة القلقاس والأنشطة الاقتصادية الأخرى مثل السياحة وتطوير البنية التحتية.
دراسة الحالة 11تحسين الحوكمة المحلية للموارد الحرجية لتحقيق منافع للزراعة وإصلاح الغابات
الموقع: تونس والمغرب
الشركاء: منظمة الأغذية والزراعة، والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة.
ترجيح أنواع الابتكارات
السياق. في العديد من مناطق الأراضي الجافة في شمال أفريقيا، تشجّع السياسات بشأن الغابات والمراعي مبادرات الإصلاح التي تتعدى على أراضي الرعي للمجتمعات الرعوية. ويُعتبر الرعي ممارسة واسعة الانتشار يمكن أن تكون لها آثار سلبية على الغابات، لا سيما عند وجود إفراط في الرعي، وفقدان الممارسات التقليدية، وغياب مشاركة المجتمع المحلي. ولكن عندما يتم ذلك على نحو مستدام، من خلال ممارسة تُعرف باسم الرعي الحرجي - أي التكامل بين الرعي وزراعة الأشجار وإصلاحها - يمكن للرعي والإصلاح أن يزدهرا.
وإن تعزيز الرعي الحرجي من خلال السياسات الحرجية والرعوية يحقق منافع كبيرة لكل من جهود إصلاح الأراضي والمجتمعات الرعوية. ويمكنه أن يعزز نوعية الحياة والبيئة المحلية والاقتصاد، ما يعود بالنفع على جميع أصحاب المصلحة.
الابتكار. في تونس، ركّز مشروع إصلاح الغابات الرعوية على نحو مستدام لتعزيز خدمات النظم الإيكولوجية الذي نفذته المنظمة والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة والإدارة العامة للغابات التونسية، على تعزيز إنتاجية النظم الرعوية الحرجية وقدرتها على الصمود من خلال الممارسات المستدامة. وشمل ذلك نهجًا مبتكرًا لإعادة زرع النظم الإيكولوجية باستخدام نبات السولا (Hedysarum Coronarium)، وهو من البقوليات المحلية التي توفر مصدرًا قيّمًا للكتلة الحيوية للرعي للماشية وتساهم في المحافظة على التربة والمياه. واضطُلع في إطار المشروع أيضًا بتقييم تجديد الشجيرات والأشجار المختلفة، مثل شجيرة الملح والخروب والشجرة الطبية والصبار، لدعم سبل العيش مع توفير الظل للمحاصيل والعلف للماشية.
ولكي تزدهر النظم الرعوية الحرجية، هناك حاجة إلى سياسات أكثر شمولًا وحوكمة جيدة لتهيئة بيئة مؤاتية للرعي القائم على الأشجار. وأطلق المغرب برنامج تعويض مبتكر باستخدام الإطار القانوني الذي وضع في عام 2002، والذي تقدّم الدولة بموجبه حوافز مالية لمستخدمي الغابات - المنظمين في جمعيات الرعي المحلية - الذين يوافقون على احترام استبعاد الرعي من مواقع الإصلاح. وتتولى المجتمعات المحلية، من خلال جمعياتها، مسؤولية حماية أراضيها؛ وتقوم بجدولة فترات الرعي لتجنّب الرعي الجائر والسماح للأرض بالتعافي.
النتائج والآثار. تُعتبر حماية التربة وإصلاحها من الآثار المهمة للبرنامج. ففي تونس، قُدّرت إنتاجية الكتلة الأحيائية في مواقع إعادة بذر نبات السولا على أنها أعلى بعشر مرات ممّا كانت عليه في موقع المراقبة، ما يدل على أهمية النظم الرعوية الحرجية التي تعزز القيمة الرعوية للنظم الإيكولوجية الطبيعية. وبلغت تكلفة علف الماشية 0.35 دينارًا تونسيًا (حوالي 0.12 دولارًا أمريكيًا) يوميًا للرأس الواحد من رؤوس الماشية في الموقع المستصلح، مقارنة بـمبلغ 0.90 دينارًا تونسيًا (حوالي 0.30 دولارًا أمريكيًا) في موقع المراقبة. ويسلّط هذا الانخفاض في التكاليف الضوء على إحدى المنافع المهمة للنظام الرعوي الحرجي - فهو نهج أكثر كفاءة واستدامة من الناحية الاقتصادية لإدارة الثروة الحيوانية.
وفي المغرب، ارتفع عدد جمعيات الرعي وأعضائها بشكل مطرد منذ بدء برنامج التعويضات. وبحلول عام 2019، أُنشئت أكثر من 175 جمعية رعي محلية، وتم إغلاق 000 101 هكتار من غابات الأراضي الجافة أمام الرعي للسماح بإصلاحها، مع تعويض أعضاء الجمعيات عن جهودهم في المحافظة على البيئة. وتزامنت هذه الزيادة مع تحسّن معدلات نجاح إعادة التشجير والانخفاض الكبير الذي شهدته انتهاكات الرعي.
إمكانية توسيع النطاق. هناك درسان انبثقا عن الجهود يمكن أن يدعما توسيع نطاق المشروع. الأول هو أهمية الاستخدام المتعدد الوظائف للأراضي في مشاريع الإصلاح. ففي المغرب، يعود دمج الرعي واستخدامات الأراضي الأخرى بالنفع على البيئة والمجتمعات المحلية. أما الدرس الثاني فهو أن الحوكمة الرشيدة التي تشرك المجتمعات المحلية في القرارات التي تتخذها الوزارات الحكومية تشكّل أهمية بالغة لضمان الاستخدام المستدام للأراضي على المدى الطويل. وفي المغرب، يُعدّ إنشاء برنامج التعويضات بشكل مشترك ما بين الحكومة والمجتمعات المحلية والجماعات الرعوية جانبًا أساسيًا لنجاحه؛ ومن الجدير بالذكر أن المشروع يُموّل من خلال فرض ضريبة على واردات الأخشاب، ما سهّل توسيع نطاقه.أدبب
وفي تونس، أثبتت المنظمات المجتمعية أنها عنصر أساسي في نجاح المشروع الرعوي الحرجي. فمن خلال هذه المنظمات، أُبرمت اتفاقات بين مجتمع الغابات الرعوية والسلطات المحلية للتحكم في الرعي بناءً على توافر العلف والطلب على الماشية، باستخدام تقديرات دقيقة للقدرة الاستيعابية.
وقد أدت المشاركة المجتمعية المتزايدة إلى زيادة أهمية المعارف المحلية في إدارة النظم الرعوية الحرجية. ومن الضروري أن تراعي السياسات الحكومية ذلك وتربطه بالبحث العلمي لاتخاذ القرارات السياساتية.
دراسة الحالة 12ربط مبادرة للحراجة الزراعية مدتها 20 عامًا بتجارة الكربون لتشجيع الممارسات المستدامة
الموقع: موزامبيق
الشركاء: منظمة الأغذية والزراعة.
ترجيح أنواع الابتكارات
السياق. تواجه المناطق الريفية في موزامبيق العديد من التحديات البيئية. ويؤدي تغيّر المناخ إلى أنماط غير منتظمة من هطول الأمطار، وحالات جفاف طويلة الأمد، وفيضانات مدمرة. وقد يحدث الجفاف والفيضانات في موسم زراعي واحد، مع ما يترتب عن ذلك من آثار مدمرة على الأمن الغذائي وسبل العيش والاستدامة الاجتماعية والاقتصادية للأسر والمجتمعات الزراعية التي تمتلك حيازات صغيرة. ويمارس المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة - الذين يمثّلون جميع المزارعين في موزامبيق البالغ عددهم 4.3 مليون مزارع (98.7 في المائة) تقريبًا225 - أساليب الزراعة التقليدية مثل الزراعة المتنقلة التي، على الرغم من منافعها، قد تساهم في تدهور الموارد الطبيعية وتدفع أصحاب الحيازات الصغيرة إلى دائرة الفقر. وتظهر الحراجة الزراعية كحلّ مستدام في موزامبيق للبيئة ورفاه المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة.
الابتكار. تعمل المنظمة في عامها الأول على تنفيذ مبادرة رائدة لتوسيع نطاق الحراجة الزراعية في موزامبيق من خلال برنامج PROMOVE Agribiz، وهو برنامج يموّله الاتحاد الأوروبي. وتتميز نماذج الحراجة الزراعية التي تم تقديمها، والتي تم تكييفها لتناسب المناطق الزراعية الإيكولوجية المختلفة في موزامبيق، بالابتكارات التالية:
◂ التنويع - يُنوّع الإنتاج الزراعي من خلال زيادة نطاق المنتجات ومصادر الدخل، مع تعزيز الأمن الغذائي والتخفيف من آثار تغيّر المناخ والتكيّف معه. وترتبط المنتجات الإضافية بسلاسل القيمة الحالية؛
◂ ومدة طويلة للمشروع وإقامة شراكات مع القطاع الخاص – سيمتد المشروع على مدة تتراوح بين 17 و20 سنة (المدة النموذجية للمشاريع المسجّلة في أرصدة الكربون)، وهو ما يتجاوز بكثير العمر الافتراضي المعتاد للمشاريع المموَّلة من الجهات المانحة (3-5 سنوات). وينطوي المشروع على شراكة قوية مع الجهات الفاعلة في القطاع الخاص، بما في ذلك مبادرة Acorn (برنامج تابع للبنك Rabobank)، وPlan Vivo، وFarm Tree، ووحدات إزالة الكربون،أهجج ما يعزز الاستدامة ويسهّل في نهاية المطاف انتقال إدارة المشروع إلى كيان خاص عند انتهاء المشروع؛
◂ واستثمار ميزانية المشروع في تدابير تحفيزية - تُستخدم أموال المانحين كرأس مال أولي لتوليد الدخل من خلال بيع وحدات خفض الكربون (الحد الأدنى لقيمتها هو 20 يورو لكل وحدة). وفي هذا المشروع، من المتوقع أن يؤدي مبلغ 2.5 مليون يورو الذي ساهم به الاتحاد الأوروبي إلى توليد 10.7 مليون يورو من خلال تجارة الكربون. ومن المتوقع أن يستفيد المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة من بيع وحدات خفض الكربون من خلال المشروع، إذ يتيح التقدّم التكنولوجي قياس مخزون الكربون في مناطق صغيرة تصل إلى 0.25 هكتار. ومن المتوقع أن يتم دفع 80 في المائة من وحدات إزالة الكربون المنتجة إلى المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة بعد السنة الثالثة إما من خلال الائتمانات أو غير ذلك من المزايا، مثل تنمية القدرات.
◂ والرقمنة والتكنولوجيا - تمكّن تكنولوجيات المعلومات المتاحة للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة من القيام بالتحويلات النقدية وتسجيل الوحدات الزراعية عبر الهاتف المحمول. وتُدعم المدخلات الزراعية، بما في ذلك الشتلات، من خلال القسائم الإلكترونية. وتُقاس مخزونات الكربون والتحقق منها، مع المساءلة في الوقت الحقيقي؛
◂ وتنمية القدرات - تم تكييف منهجية مدارس المزارعين الحقلية مع الزراعة الحراجية.
النتائج والآثار. تلقى حوالي 000 22 مزارع من أصحاب الحيازات الصغيرة، في إطار المشروع، تدريبًا على ممارسات الحراجة الزراعية من خلال 700 مدرسة من مدارس المزارعين الحقلية و700 قطعة أرض للتعلّم، ومن المتوقع أن ينضم 000 5 مزارع إلى المشروع التجريبي للزراعة الحراجية مقابل تجارة الكربون. وزُرعت حوالي 000 120 شجرة لأغراض التدريب، وأنشئ 37 مشتلًا مجتمعيًا ضمن شبكة مدارس المزارعين الحقلية.
وبحلول نهاية المشروع، من المتوقع أن يكون المستفيدون من المبادرة البالغ عددهم 000 5 مستفيد قد زرعوا 1.7 مليون شجرة على مساحة 000 5 هكتار تقريبًا من الأراضي. ويتمتع أصحاب الحيازات الصغيرة بالقدرة على عزل ما يصل إلى 4 وحدات إزالة الكربون لكل هكتار سنويًا خلال مدة المشروع البالغة من 17 إلى 20 عامًا، مع بدء الدفعات في السنة الثالثة على أساس عزل الكربون السنوي.
وتم إثراء أدلة المدارس الحقلية للمزارعين بهذه التجربة. فقد اعتمد المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة المشاركون بحماس الزراعة الحراجية، ما عزز التحوّل نحو أساليب الزراعة المستدامة والقادرة على التكيّف مع تغيّر المناخ. ويتطور نموذج الزراعة التقليدية نحو الزراعة المستدامة، مع التركيز على الحد الأدنى من استهلاك المدخلات (مثل الأسمدة العضوية فقط)؛ وتحسين التغذية (مثل تنويع النمط الغذائي) والدخل على مستوى الأسرة (زيادة تقدر بنحو 20 في المائة)؛ وتحسين مغذيات التربة؛ والحفاظ على احتياطيات المياه؛ وتعزيز التنوّع البيولوجي؛ وزيادة قدرة المزارع على الصمود أمام تغيّر المناخ.
إمكانية توسيع النطاق. يُعتمد نموذج الحراجة الزراعية PROMOVE Agribiz في مشروع آخر (تموّله الحكومة الإيطالية وتنفذه المنظمة) في موزامبيق. ورهنًا بتوافر الموارد المالية، يمكن توسيع نطاق المشروع ليشمل أعضاء المدارس الحقلية للمزارعين الآخرين البالغ عددهم 000 17 عضو في النموذج PROMOVE Agribiz.
وهناك حاجة إلى تقديم دعم مستمر وتعزيز القدرات لضمان قدرة المزارعين على تنفيذ الحراجة الزراعية واستدامتها على المدى الطويل. ويمثّل ضمان سلامة وحدات إزالة الكربون وفعالية التكلفة ودقة القياس تحديًا أيضًا.