IFADUNICEFWFPWHO
info
close
نيكاراغوا. سيدة تبيع الفاكهة والخضار في سوق Huembes في ماناغوا.
FAO/Saul Palma ©

حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022

الفصل 4 الخيارات المحتملة لإعادة توجيه دعم السياسات للأغذية والزراعة من أجل تحسين القدرة على تحمل كلفة نمط غذائي صحي

الرسائل الرئيسية
  • يمكن لإعادة توجيه الدعم العام الحالي إلى الأغذية والزراعة لزيادة توافر الأغذية المغذية للمستهلك أن يُساهم في تحقيق هدف خفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية وزيادة القدرة على تحملها على الصعيد العالمي، ولا سيما في البلدان المتوسطة الدخل.
  • تبيّن أن إعادة توجيه الإعانات المالية القائمة تحقق أكبر تحسّن في القدرة على تحمل كلفة نمط غذائي صحي، ولا سيما إذا جرى تحويلها من المنتجين إلى المستهلكين. وتنخفض في هذه الحالة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تسببها الزراعة، ولكن هناك مقايضات محتملة في خفض الفقر ودخل المزرعة والناتج الزراعي الإجمالي والانتعاش الاقتصادي.
  • يمكن أن يؤدي تحويل الحوافز للأسعار على الصعيد العالمي من خلال إعادة توجيه التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق إلى خفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية وزيادة القدرة على تحملها، وإن كان بمستويات أقل بالمقارنة مع تحويل الإعانات المالية من المنتجين إلى المستهلكين. وانطلاقًا من هذا الخيار، ستنخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناشئة عن الزراعة بينما سيتم أيضًا تجنب المقايضات المحتملة بصفة عامة.
  • عند إعادة توجيه الدعم العام لخفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية، يتعيّن على صانعي السياسات تجنب ما يمكن أن ينشأ من مقايضات محتملة على صعيد انعدام المساواة إذا لم يكن المزارعون في وضع يمكّنهم من التخصص في إنتاج أغذية مغذية بسبب القيود المفروضة على الموارد. ويمكن أن ينطبق ذلك بشكل خاص على صغار المزارعين والنساء والشباب.
  • للاستفادة من الفرص التي قد تتيحها عملية عالمية لإعادة توجيه التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق والإعانات المالية في الممارسة العملية، سيتعين على البلدان النظر في التزاماتها ومكامن مرونتها بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية.
  • في البلدان التي لا تزال الزراعة تشكّل فيها قطاعًا رئيسيًا للاقتصاد والوظائف وسبل العيش، لا سيما في البلدان المنخفضة الدخل بالإضافة إلى بعض البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، سيكون من الضروري زيادة الإنفاق العام وإعطاؤه الأولوية من أجل تقديم الدعم للخدمات العامة. وهذه طريقة فعالة لسد فجوات الإنتاجية لإنتاج أغذية مغذية والسماح بتوليد الدخل لتحسين القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية. غير أن زيادة هذا النوع من الدعم في هذه البلدان سيتطلب تمويلًا إنمائيًا كبيرًا.
  • سيلزم تكميل جهود إعادة التوجيه بسياسات نظم زراعية وغذائية رئيسية أخرى لضمان إحداث تحولات في سلاسل الإمدادات الغذائية، وبيئات الأغذية، وسلوك المستهلكين نحو أنماط الأكل الصحية. وهي تشمل، على سبيل المثال، السياسات المتعلقة بإعادة تركيب الأغذية وتدعيمها، وتنظيم توسيم الأغذية وتسويقها، وفرض الضرائب على الأغذية الكثيفة الطاقة، والمشتريات العامة من الأغذية الصحية.
  • بالإضافة إلى ذلك، قد تكون سياسات الحماية الاجتماعية ضرورية للتخفيف من المقايضات الممكنة الناتجة عن إعادة التوجيه، ولا سيما الخسائر القصيرة الأجل على صعيد الدخل أو التأثيرات السلبية على سُبل العيش، لا سيما لدى الفئات السكانية الأضعف. وستؤدي سياسات النظام الصحي أيضًا دورًا أساسيًا من أجل ضمان الحصول على خدمات التغذية الأساسية لحماية صحة الفئات الضعيفة والقوى العاملة في مجال الأغذية والزراعة، فضلًا عن ضمان سلامة الأغذية.
  • ستكون السياسات البيئية وسياسات النقل والطاقة ضرورية للغاية من أجل تعزيز النتائج الإيجابية لجهود إعادة توجيه الدعم في مجالات الكفاءة، والمساواة، والتغذية، والصحة والتخفيف من آثار تغير المناخ والبيئة.
  • سيتأثر نجاح إعادة توجيه السياسات الغذائية والزراعية بالسياقين السياسي والاجتماعي، والحوكمة، و(اختلالات) توازن القوى، والاختلافات في المصالح، والأفكار، وتأثير أصحاب المصلحة، وتركيز قوى السوق، وآليات الحوكمة والأطر التنظيمية القائمة لتيسير عملية الإصلاح ومنع النزاعات والتعامل معها.
  • نظرًا لاختلاف السياق السياسي لكل بلد، ستحتاج جهود إعادة توجيه الدعم إلى مؤسسات قوية على المستوى المحلي والوطني والعالمي، بالإضافة إلى إشراك وتحفيز أصحاب المصلحة من القطاع العام والقطاع الخاص والمنظمات الدولية. وستؤدي مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومجموعات المجتمع المدني دورًا أساسيًا من أجل تحقيق التوازن بين القوى غير المتكافئة ضمن النظم الزراعية والغذائية.
  • ستكون آليات الرصد والتقييم ذات أهمية خاصة لضمان المساءلة ولتحديد مجالات التحسين في إعادة توجيه الدعم، شريطة أن يتم دعمها عن طريق تطوير البيانات وحفظها بالإضافة إلى التدقيق القائم على النماذج.

إن اتخاذ قرار بشأن أي دعم للسياسات الغذائية والزراعية ينبغي إصلاحه وكيفية القيام بذلك من أجل تحسين القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية يتطلب دراسة متأنية للآثار والمقايضات المحتملة التي ينطوي عليها مزيج السياسات المختلفة. ويُعدّ ذلك محوريًا لتوجيه قرارات السياسات والوصول إلى توازن فعلي عبر جميع أبعاد التنمية المستدامة.

وقد تجد الحكومات أن إعادة توجيه جزء من دعمها للأغذية والزراعة يمكن أن يكون وسيلة من أجل: (1) تحسين كفاءة النظم الزراعية والغذائية، بالإضافة إلى العدالة والشمول لصالح جميع الجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية الراغبة في الاستفادة من هذه السياسات المعاد تشكيلها (المساواة)؛ (2) زيادة توافر الأغذية المغذية وخفض كلفتها، وبالتالي زيادة قدرة السكان على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية والوصول إليها؛ (3) وتقديم حوافز قوية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتكيف مع تغير المناخ وإدارة الموارد الطبيعية بصورة مستدامة ضمن حدود تحمّل الكوكب.

غير أنه من أجل الاستفادة من هذه الإمكانيات فإن هناك حاجة إلى نهج على مستوى النظم. وبعبارة أخرى، يتعين على السياسات والحوافز الأخرى التي قد ينتمي بعضها إلى نظم أخرى أن ترفد بشكل متماسك جهود إعادة توجيه الدعم في الأغذية والزراعة. وبالإجمال، سينجح مزيج السياسات حسب السياق القطري حيث يمكن أن يأتي انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية فيها نتيجة لعدة دوافع (مثل النزاعات، والظواهر المناخية المتطرفة والتقلبات المناخية والاقتصادية)، والخصائص الهيكلية (مثل حالة الدخل، ودرجة انعدام المساواة، والثروات من الموارد الطبيعية، والمركز التجاري الصافي، وما إلى ذلك) واعتبارات الاقتصاد السياسي والجدوى.

4–1 ما هي الآثار المحتملة لإعادة توزيع دعم السياسات للأغذية والزراعة بطريقة مختلفة من أجل خفض كلفة الأغذية المغذية؟

تُظهر دراسات حديثة أن إعادة توزيع الدعم العام للأغذية والزراعة بطريقة مختلفة يمكن أن تؤدي إلى نتائج أفضل، غير أنها تترافق بمقايضات محتملة في العديد من المجالات المهمة للتنمية المستدامة وتتطلب فهمًا دقيقًا.222 ونظرًا للقضايا المطروحة، فإن معظم هذه الدراسات اعتمدت على المحاكاة القائمة على النماذج، وباعتبار أن معظم الدعم العام يتم تقديمه للمزارعين، فإن هذه الدراسات تركّز في الغالب على الدعم الزراعي بدلًا من الدعم الغذائي والزراعي.

وتنطوي إعادة توجيه دعم السياسات على فهم ما يمكن أن يحدث مثلًا إذا تم توزيع هذا الدعم بطريقة مختلفة، الأمر الذي قد يؤدي إلى آثار مباشرة ولكن أيضًا غير مباشرة على مستوى الاقتصاد. وعلى سبيل المثال، سيكون لإعادة توزيع الإنفاق العام في الاستثمارات التي تعزز الإنتاجية في القطاعات الزراعية تأثير مباشر على إنتاج هذه القطاعات. ولكنها ستؤدي أيضًا إلى آثار غير مباشرة من خلال الروابط الإنتاجية بين هذه القطاعات وقطاعات الاقتصاد الأخرى التي تشمل على أقل تقدير الصناعات الغذائية. وتقوم بعض القطاعات الزراعية بالتجارة أيضًا على المستوى الدولي. وسيزيد المزارعون في القطاعات التي تعززها هذه الاستثمارات من طلبهم أيضًا على المدخلات الزراعية وطلبهم النهائي على الأغذية بالنظر إلى كونهم مستهلكين أيضًا. وتوفر هذه الروابط البينية المسوغ لتحليل إعادة توجيه خيارات الدعم الغذائي والزراعي باستخدام عمليات المحاكاة المستمدة من نماذج التوازن العام القابلة للحوسبة.223

وركّزت معظم الدراسات الحالية التي تعتمد على مثل هذه النماذج أيضًا على إصلاح الدعم الزراعي أو إعادة توجيهه من أجل تحقيق نتائج بيئية وذات صلة بالمناخ أفضل. وفي هذه الدراسات، لا تشير عمليات المحاكاة العالمية القائمة على النماذج إلى الصلة بين الدعم الزراعي وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري فحسب، وإنما تُظهر أيضًا أن إعادة توجيه مثل هذا الدعم يمكن أن يؤدي إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ولكن هذه التحليلات العالمية القائمة على النماذج تسلّط الضوء أيضًا على مقايضات مهمة على صعيد الإنتاج الزراعي ودخل المزرعة والكفاءة الاقتصادية على سبيل المثال. وعلى الرغم من أن هذه الدراسات تشير إلى العديد من النظرات الثاقبة المهمة في ما يخص القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية، إلا أن هذه المسألة4، 224، 225، 226 لم تكن في صميم تحليلاتها.

إلغاء الدعم الزراعي لا يعتبر خيارًا ممكنًا

تحذر التحليلات العالمية القائمة على النماذج من أن إزالة كل أشكال الدعم الزراعي وحدها لا تدخل ضمن الخيارات المتاحة.1، 227 وقد يفضي مثل هذا السيناريو الجذري إلى بعض الانخفاضات في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناشئة عن الزراعة، ويحقق الكفاءة ومكاسب اقتصادية عالمية صافية، ولكنه سينطوي على كلفة اجتماعية واقتصادية وبشرية عالية للمجتمع. وقد تشمل المقايضات انخفاضات كبيرة في إنتاج المحاصيل وإنتاج تربية الماشية والعمالة الزراعية.

وحللت إحدى الدراسات227 الأثر المترتب على إزالة الدعم العالمي على مستوى الاستهلاك والوفيات المرتبطة بالأنماط الغذائية والوزن الزائد والسمنة بحلول عام 2030. وقد تبعت التغيرات في الاستهلاك التغيرات في الإنتاج ولكن توسطتها أيضًا التغيرات في أسعار التجارة والسلع. وانخفض نصيب الفرد من توافر الفواكه والخضروات ومنتجات البستنة الأخرى للاستهلاك في جميع الأقاليم، كما انخفض إجمالي متناول الطاقة. واقترنت هذه التغييرات بزيادة صافية متوقعة في الوفيات المرتبطة بالأنماط الغذائية، والتي ارتبط معظمها بانخفاض توافر الفواكه والخضروات للاستهلاك ولكن قابلها بصورة طفيفة تراجع الوزن الزائد والسمنة. وعلاوة على ذلك، تشير الدراسة نفسها إلى الزيادات الناتجة في معدل الوفيات والتي من شأنها أن تؤثر سلبًا على عرض اليد العاملة والرفاه الاقتصادي.

توزيع الدعم الزراعي بطريقة مختلفة يعتبر خيارًا ممكنًا

تتمثل إحدى النتائج الرئيسية الأخرى التي خلُصت إليها دراسات حديثة في أن تغيير تركيبة الدعم الزراعي مع إعادة التوجيه يمكن أن يضمن نتائج مفيدة مع تقليل المقايضات إلى أدنى حد ممكن. وعلى سبيل المثال، تتناول إحدى الدراسات4 بالبحث السيناريو القائم على النماذج الذي تعيد بموجبه جميع البلدان بصورة متضافرة توجيه الإعانات الحالية المرتبطة بالإنتاج نحو مدفوعات مشروطة للمزارعين الذين يحققون إنتاجية أعلى ويتبنون تكنولوجيات ذات كثافة انبعاثات أقل، وفي الوقت ذاته استكمال ذلك بدعم حكومي إضافي لأغراض البحث والتطوير في مثل هذه التكنولوجيات وتحسينات البنية التحتية. ولن يساعد مثل هذا السيناريو في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الإنتاج الزراعي وتغيير استخدام الأراضي على حد سواء بشكل كبير فحسب، وإنما سيساعد أيضًا في زيادة الغلة على مستوى العالم والمساهمة في خفض أسعار الأغذية وتحسين الدخل الزراعي في البلدان النامية والحد من الفقر والجوع، ومن خلال ذلك، خفض كلفة نمط غذائي صحي لصالح السكان الفقراء.

ووجدت دراسة أخرى227 استعانت بإطار نمذجة مشابه أنه يمكن لعدد من خيارات الإصلاح على نطاق العالم أن تؤدي إلى خفض غازات الاحتباس الحراري وتحسين صحة السكان دون تقليل الرفاه الاقتصادي. وتشمل خيارات الإصلاح هذه إعادة توجيه ما يصل إلى نصف الإعانات الزراعية التي تدعم إنتاج أغذية ذات خصائص صحية وبيئية مفيدة، بما في ذلك الفواكه والخضروات ومنتجات البستنة الأخرى.

وتُظهر هذه النتائج أنه بإمكان إعادة التوجيه الذكية للدعم الزراعي الحالي المساهمة في الاستدامة البيئية للزراعة، إلى جانب المساهمة أيضًا (بصورة معتدلة) في الحد من الفقر وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية. ويكمن مفتاح هذه النتائج في ضمان أن تؤدي إعادة توجيه الدعم إلى تحسينات كبيرة على مستوى الكفاءة – سواء كان ذلك على صعيد زيادة الغلة أو خفض كثافة الانبعاثات. ومن الواضح أيضًا أن إعادة توجيه الحوافز الزراعية بهذه الطريقة لن يعالج جميع التحديات التي تواجه النظام الزراعي والغذائي بالكامل.

ووجدت دراسات حديثة تعتمد أيضًا على النمذجة أن إعادة توجيه الإعانات الزراعية المحلية – لا سيما تلك التي تقترن بالإنتاج على النحو المحدد في الفصل 3 – من أجل تحقيق نتائج أفضل في مجالات التغذية والصحة والبيئة، يمكن أن تكون مفيدة للتحولات نحو أنماط غذائية صحية تتضمن اعتبارات الاستدامة.227،228

وعلى سبيل المثال، يمكن تحقيق مكاسب إيجابية على صعيد صحة الإنسان عن طريق زيادة استهلاك الأغذية المغذية، بما في ذلك الفواكه والخضروات وأصناف الجوز والبذور والبقوليات.228 وتبيّن أن إعادة توجيه نصف أو كل الإعانات نحو الأغذية المغذية تؤدي إلى تقليل الوفيات ذات الصلة بالأنماط الغذائية بمئات الآلاف وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتُظهر النمذجة أيضًا أن التحولات الناتجة على صعيد الطلب على الموارد المتمثلة بالمياه والأراضي والنيتروجين والفوسفور متواضعة بشكل عام، ويمكن القول إن التغيرات في ممارسات الإدارة قد تكون أكثر فاعلية في التخفيف من استخدام المياه والأراضي (على سبيل المثال، تشمل إصلاحات الإعانات حوافز لتبني ممارسات الإدارة المستدامة، بالإضافة إلى تشجيع التغييرات في مزيج الإنتاج). غير أن هذه الدراسات تركّز على الإعانات، وهي بالتالي تستبعد الأدوات الأخرى لدعم السياسات.

سد الفجوات المعرفية الحالية في فهم إعادة التوجيه من خلال منظور الأنماط الغذائية الصحية

على الرغم من أن التحليلات العالمية القائمة على النماذج الموصوفة أعلاه قدمت نظرات ثاقبة مهمة على مستوى السياسات لجهود إعادة توجيه الدعم، إلا أنها تعجز عن مساعدتنا على بلوغ فهم أعمق لما تعنيه سيناريوهات إعادة التوجيه في حال انطوت على خفض كلفة الأغذية المغذية وزيادة القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية للجميع كهدف رئيسي للسياسة. ويُعدّ سد هذه الفجوات المعرفية أمرًا بالغ الأهمية لإثراء عملية صنع القرار في إعادة توجيه الدعم من أجل ضمان مساهمته في القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وجميع أشكال سوء التغذية بالترافق مع أوجه التآزر لتحقيق أهداف إنمائية أخرى. ومن المهم أيضًا أن تفهم الحكومات الطرق التي يمكن من خلالها في أوقات التباطؤ الاقتصادي، كما هو الحال في الوقت الراهن، إنفاق الموارد العامة بحكمة وبأعلى فعالية ممكنة من حيث الكلفة من أجل تحسين حياة السكان بموازاة احترام الكوكب.

ويعرض الجزء المتبقي من هذا القسم تحليلًا جديدًا للسيناريوهات القائمة على النماذج للدعم المعاد توجيهه للسياسات الغذائية والزراعية جرى إعداده خصيصًا لأغراض هذا التقرير، وقد أُجري التحليل على المستوى العالمي في المقام الأول ولكن مع إضافة أمثلة قطرية. وهو يتناول عددًا من الأسئلة الرئيسية: ما هي الآثار التي يمكن أن يفضي إليها توزيع الدعم العام الحالي للأغذية والزراعة بطريقة مختلفة على صعيد إنتاج الأغذية وأنماط الاستهلاك على حد سواء، وذلك بطرق تؤثر على كلفة الأغذية المغذية (بالنسبة إلى الأغذية الأخرى وإلى دخل السكان)، وبالتالي تغير قدرة السكان على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية؟ وهل تختلف نتائج إعادة التوجيه بالنسبة إلى مجموعات محددة من البلدان؟ وما هي المقايضات التي يمكن أن تنشأ بين أهداف متعددة من أهداف التنمية المستدامة ومزيج السياسات، وما هو مزيج السياسات البديل المتاح لتجنبها؟

وقد لا تكون إعادة التوجيه مجدية بالنسبة إلى بعض البلدان، لا سيما البلدان المنخفضة الدخل، ولكن ذلك ينطبق أيضًا على بعض البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا التي بالكاد تنفق على الأغذية والزراعة في الوقت الذي لا تزال تمر فيه بعملية تحول زراعي. وبالنسبة إلى هذه البلدان، يصبح السؤال على الشكل التالي: «إلى أي مدى» يمكن لإعادة التوجيه أن تعود بالفائدة عليها؟ وبالرغم من أنه قد يكون هناك القليل من الإمكانات لإعادة توجيه (أو إعادة توزيع) الموارد في هذه البلدان، إلا أن هناك إمكانية لإصلاح السياسات واستخدام هذه الموارد بصورة أكثر كفاءة وفعالية. وكيف يمكن لهذه البلدان أن تضمن حصول تآزر بين التحول الزراعي وزيادة الوصول إلى الأنماط الغذائية الصحية من خلال دعم السياسات؟

سيناريوهات إعادة توجيه الدعم لخفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية وتحسين القدرة على تحملها على نحو مستدام وشامل

استخدمت بعض الدراسات التي تمت مناقشتها أعلاه نمذجة العلاقات الدولية وفقًا لنموذج التوازن العام التطبيقي (MIRAGRODEP) لقياس الآثار المحتملة لإلغاء الدعم الزراعي وإعادة توزيعه بطريقة مختلفة. وهو يُعدّ نموذج توازن عام تكراري دينامي عالمي وقابل للحوسبة يغطي أقاليم وقطاعات متعددة، ويؤدي ذلك إلى ربط القطاع الزراعي بالاقتصاد الأوسع ويلتقط آثار التغييرات في السياسات على مستوى المنظومة الاقتصادية. وقد جرى تطويره في البداية بهدف تحليل آثار السياسات الزراعية على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري229، وتم توسيعه لتحليل الآثار على الطبيعة، والمناخ، وتوافر الأغذية لأغراض الاستهلاك والتغذية.1، 4، 226، 227

وأدخلت توسيعات أخرى على نموذج MIRAGRODEP لأغراض هذا التقرير بهدف تحليل الآثار المحتملة لإعادة توجيه السياسات الغذائية والزراعية من أجل خفض كلفة نمط غذائي صحي وزيادة القدرة على تحملها بشكل مخصوص. وهو يستند أيضًا إلى بيانات دعم المنتجين الزراعيين المحدثة الواردة في الفصل 3. وكما هو الأمر بالنسبة إلى أي نموذج اقتصادي، فإن نتائج محاكاة تغييرات السياسات باستخدام نموذج MIRAGRODEP تعتمد بشكل كبير على الافتراضات الأساسية والبيانات المستخدمة. ولهذا السبب، يركّز تحليل السيناريوهات المعروض في هذا القسم على اتجاه الآثار المقدّرة وحجمها النسبي بدلًا من التركيز على حجمها الفعلي. ومن الأفضل أن يتم تفسير النتائج على أنها نتائج تأشيرية للآثار المحتملة. ويتاح وصف أكثر تفصيلًا لكيفية توسيع هذا النموذج لأغراض هذا التقرير وللبيانات في وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022، 230 ويتاح أيضا مزيد من التفاصيل التقنية (بما في ذلك البيان الرياضي للنموذج) في Glauber وLaborde (سيصدر قريبًا).230

ويأخذ التحليل كمرجع سيناريو خط أساس يغطي الفترة من عام 2017 إلى عام 2030 ويتماشى مع التوقعات الديمغرافية للأمم المتحدة 231 والتقديرات المحدثة للنمو الاقتصادي الصادرة عن صندوق النقد الدولي.232 ويتم عرض إحصاءات موجزة لتوقعات خط الأساس في Glauber وLaborde (سيصدر قريبًا).230 ويعتبر هذا السيناريو من حيث الجوهر بمثابة سيناريو العمل كالمعتاد لأنه لا ينطوي على تحولات في الطريقة التي تدعم بها الحكومات حول العالم الأغذية والزراعة.

وتم تغيير أدوات السياسات الخاصة بخط الأساس من أجل توليد خمسة سيناريوهات إضافية (انظر الجدول 7). ويتم إلغاء الحوافز السعرية من خلال التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق من ناحية، والإعانات المالية للمنتجين من ناحية أخرى، في السيناريوهين الثاني والثالث على التوالي من هذه السيناريوهات. وفي السيناريوهات من الرابع إلى السادس، يُعاد توزيع دعم السياسات بطرق مختلفة بغرض خفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية وزيادة القدرة على تحملها. وتفترض جميع سيناريوهات السياسات الخمسة قيام جميع بلدان العالم بتنفيذ نفس التغيير في السياسات في الوقت نفسه – وذلك حتى إذا لم يكن لدى جميع البلدان نفس مستويات التنمية والهياكل الاقتصادية ونظم السياسات والأولويات، والأهم من ذلك، نفس المستوى والهيكل في ما يخص دعم السياسات.

الجدول 7سيناريوهات العمل كالمعتاد، وإلغاء وإعادة توجيه الدعم للأغذية والزراعة

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة بالاستناد إلى Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? ورقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22-05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظات: * يغطي السيناريو الفترة من عام 2017 حتى عام 2030، ولكن يتم تطبيق التغييرات في دعم السياسات خلال الفترة 2023–2028 فقط. وتعكس النتائج في فترة السنتين 2029–2030 التغييرات السابقة.** من أجل الحفاظ على حيادية الميزانية بالنظر إلى إلغاء التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق أو تقليصها، يجري تعديل ضرائب المستهلك المحلية على جميع السلع والخدمات بشكل متناسب لمراعاة خسارة إيرادات التعريفات الجمركية إن وُجدت.*** يستثني هذا السيناريو الدعم المالي المقدم بصورة جماعية للزراعة عن طريق الخدمات العامة (انظر القسم 3–1).
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة بالاستناد إلى Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? ورقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22-05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.

ووفقًا للتعاريف الواردة في Glauber وLaborde (سيصدر قريبًا)،230 تشمل أهم متغيرات الأمن الغذائي والتغذية والإنصاف والمناخ التي تُعرض نتائجها ما يلي:

  • القدرة على تحمل كلفة نمط غذائي صحي – ويقيس ذلك النسبة المئوية للسكان الذين يمكنهم تحمل كلفة نمط غذائي صحي على النحو المحدد في هذا التقرير (انظر القسم 2–3 والملحق 3).
  • فجوة الدخل في القدرة على تحمل كلفة نمط غذائي صحي – ويقيس ذلك متوسط الفجوة بين كلفة نمط غذائي صحي والنفقات الغذائية للسكان الذين لا يستطيعون تحمل كلفته.
  • معدل انتشار النقص التغذوي – يقيس النسبة المئوية للسكان الذين يعانون النقص التغذوي (انظر القسم 2–1 والملحق 1 باء)
  • السكان الذين يعيشون في فقر مدقع (أقل من 1.90 دولار أمريكي في اليوم) – يقيس النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في فقر مدقع.
  • دخل المزرعة – يقيس القيمة المضافة الحقيقية لقطاع المزارع.
  • الإنتاج الزراعي (الحجم) – يقيس الإنتاج الزراعي المقاس على أساس الحجم.
  • إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الزراعة بما في ذلك التغيرات في استخدام الأراضي (المتراكمة خلال الفترة 2025–2030) – يقيس القيمة الإجمالية للإنتاج وللانبعاثات من الأراضي المتراكمة على مدى خمس سنوات 2025–2030 ظ

ويتم الإبلاغ في عام 2030 عن نتائج سيناريوهات السياسات الخمسة كتغيير بالنقاط المئوية مقارنة بسيناريو خط الأساس في ما يتعلق بالقدرة على تحمل كلفة نمط غذائي صحي، وفجوة الدخل في القدرة على تحمل كلفة نمط غذائي صحي، ومعدل انتشار النقص التغذوي، والسكان الذين يعيشون في فقر مدقع. يتم الإبلاغ في عام 2030 عن النتائج كتغيير بالنسبة المئوية مقارنة بسيناريو خط الأساس في ما يتعلق بدخل المزرعة والإنتاج الزراعي وإجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الزراعة، بما في ذلك التغييرات في استخدام الأراضي.

تعزيز الأسباب الداعية إلى إعادة توجيه الدعم

تساعد النتائج المستمدة من السيناريوهين الثاني والثالث اللذين يُلغى فيهما، على التوالي، الدعم الحدودي والضوابط على أسعار السوق أو الإعانات المالية للمنتجين من سيناريو خط الأساس في تعزيز الأسباب الداعية إلى القول بأن إلغاء هذا الدعم كليًا لن يكون خيارًا ممكنًا.

وعندما تُلغى جميع تدابير الدعم الحدودي والضوابط على أسعار السوق التي تؤثر على المنتجات الزراعية – بصورة سلبية أو إيجابية على حد سواء – على الصعيد العالمي، تزداد الواردات الزراعية، ويؤدي ذلك إلى خفض الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين والمنتجين في البلدان المستوردة للأغذية، وذلك على الرغم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في البلدان المصدرة للأغذية التي يزداد الطلب على منتجاتها. وفي المقابل، يساعد الانخفاض العام في الأسعار الزراعية في الحد من النقص التغذوي، وزيادة القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية، وتقليص فجوة الدخل من أجل تحمل كلفة نمط غذائي صحي، لا سيما في البلدان المنخفضة الدخل (الجدول ألف 6–2 في الملحق 6).

وينخفض أيضًا إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الزراعة، ولكن هذه الفوائد لا تخلو من المقايضات. وأساسًا، لا يتغير الفقر المدقع في العالم – بل إنه في الواقع يزداد في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا. ويحصل انخفاض واضح في الإنتاج الزراعي العالمي في جميع البلدان باستثناء البلدان المرتفعة الدخل، وينخفض دخل المزارع في البلدان المتوسطة الدخل والبلدان المنخفضة الدخل حيث عادة ما يتم تقديم الدعم الحدودي أكثر من الدعم المالي (الجدول ألف 6–2 في الملحق 6). ويأتي الانخفاض في إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الزراعة نتيجة تراجع الإنتاج الزراعي في البلدان المتوسطة الدخل والبلدان الدخل من الشريحة الدنيا المتوسطة.

وتظهر المقايضات على نحو أوضح عند إزالة جميع الإعانات المالية الممنوحة إلى المنتجين بشكل فردي – غالبًا في البلدان المرتفعة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا – مع الحفاظ على جميع أشكال الدعم الأخرى، بما في ذلك التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق (الجدول ألف 6–3 في الملحق 6). وتكون الآثار المترتبة على ذلك ضارة بشكل خاص على صعيد دخل المزرعة والإنتاج الزراعي في البلدان المرتفعة الدخل على وجه الخصوص رغم أنها قد تؤدي إلى تدهور الأمن الغذائي والتغذية في العالم أيضًا. ويؤدي انخفاض الإنتاج الزراعي العالمي إلى ارتفاع الأسعار الزراعية، الأمر الذي يعتبر مواتيًا إلى حد ما لزيادة الإنتاج الزراعي ودخل المزرعة والحد من الفقر في سياق البلدان المنخفضة الدخل. ولكن على الرغم من ذلك فإن الفقر يزداد على الصعيد العالمي، ويؤدي الانخفاض في دخل المزارع في بعض البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا في آسيا وزيادة الأسعار المذكورة أعلاه على حد سواء إلى رفع معدل انتشار النقص التغذوي وكلفة الأغذية المغذية، مما يقلل القدرة على تحمل كلفة نمط غذائي صحي، لا سيما في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا. ويوجد انخفاض في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الزراعة نتيجة انخفاض الإنتاج الزراعي العالمي، غير أن المقايضات على صعيد الأمن الغذائي والتغذية والإنصاف تعزز الأسباب الداعية إلى القول بأن إلغاء الإعانات المالية للمنتجين ليس خيارًا ممكنًا.

وعلى أساس هذه النتائج، قد يرى صانعو السياسات في إعادة توجيه الدعم للأغذية والزراعة خيارًا أفضل من إلغاء هذا الدعم. وسيتوجب على صانعي السياسات النظر في الخيارات المحتملة لإعادة توجيه دعم السياسات للأغذية والزراعة من أجل تحسين القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية. ويشمل ذلك النظر في السيناريوهات المختلفة التي يمكن أن تسترشد بها قرارات إصلاح السياسات.

سيناريوهات إعادة التوجيه

تحاكي هذه السيناريوهات إعادة توزيع الميزانيات الحالية لدعم المنتجين الزراعيين باستخدام أدوات سياساتية مختلفة. ويتم تطبيق ذلك على جميع البلدان في جميع الأقاليم الجغرافية بهدف خفض كلفة نمط غذائي صحي وزيادة القدرة على تحملها (انظر الجدول 7). ويتم تنفيذ إعادة التوزيع هذه خطيًا بين عامي 2023 و2028، ويتم فحص التأثيرات لعام 2030، وهو العام الذي يكون قد انقضى بحلوله ما يكفي من الزمن لتنفيذ تغييرات السياسات وتكيّف الأسواق والاستثمارات.

وتتمثل أدوات السياسات قيد الدراسة في الحوافز السعرية من خلال التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق، والإعانات المالية المقدمة للمنتجين بشكل فردي، والإعانات المالية للمستهلكين (على النحو المحدد في القسم 3–1). وبالنظر إلى أن هدف السياسات يتمثل في خفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية وزيادة القدرة على تحملها – على نحو مستدام وشامل، فإن سيناريوهات إعادة التوجيه معدلة بحيث يتم دعم المنتجات الغذائية، والتي تعتبر مستويات استهلاكها الحالية متدنية مقارنة بالمستويات الغذائية الموصى بها، بمعدل أعلى بالمقارنة مع جميع المنتجات الغذائية الأخرى. وتُصنف المنتجات الغذائية من حيث المتناول دون المستوى الأمثل، ويُحدد المستوى المستهدف من الدعم بناء على كيفية تخصيص هذا النقص للأغذية ضمن فئة أغذية «ذات أولوية عالية» أو «ذات أولوية متوسطة» أو «ذات أولوية منخفضة». وتشمل الأغذية ذات الأولوية العالية الفواكه والخضروات ومنتجات الأسماك والألبان في معظم الأقاليم (الإطار 13).

الإطار 13تصنيف المنتجات الغذائية كمنتجات ذات أولوية منخفضة ومتوسطة وعالية بهدف زيادة توافرها واستهلاكها للإيفاء بالمستويات الغذائية الموصى بها

يعتبر تصنيف المنتجات الغذائية حسب مساهمتها في النمط الغذائي الصحي أمرًا بالغ الأهمية في تصميم السيناريوهات. وفي الوقت ذاته، لا توجد معايير فريدة وموضوعية لتحديد مثل هذا التصنيف. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للخصائص الإقليمية، ليس على صعيد ممارسات الإنتاج فحسب، ولكن أيضًا من حيث العادات الغذائية والتفضيلات الثقافية، أن تؤثر على التصنيف.

وفي سيناريوهات إعادة التوجيه الثلاثة التي جرى تحليلها في هذا القسم، تُصنّف المنتجات الزراعية بناءً على المستوى الحالي لاستهلاك الفرد (مع التعديل وفقًا للفاقد من الأغذية) في كل بلد/إقليم مقارنة بالمستويات الموصى بها لذلك البلد/الإقليم، على النحو المحدد في الخطوط التوجيهية بشأن الأنماط الغذائية القائمة على الأغذية المستخدمة لحساب كلفة نمط غذائي صحي (انظر القسم 2–3، والملحق 2 هاء). ويوصف منتج ما بأنه من الأغذية "ذات الأولوية العالية" إذا كان متوسط المستوى الحالي لاستهلاكه أقل من 80 في المائة من المستوى الموصى به لاتباع النمط الغذائي الصحي الأقل كلفة. ويوصف منتج ما بأنه من الأغذية "ذات الأولوية المتوسطة" إذا كان الاستهلاك الحالي للفرد في البلد/الإقليم يتراوح بين 80 و120 في المائة من المستوى الموصى به. ويوصف منتج ما بأنه من الأغذية "ذات الأولوية المنخفضة" إذا كان الاستهلاك الحالي للفرد في البلد/الإقليم يتجاوز نسبة 120 في المائة من المستوى الموصى به.

ويوضّح الشكل ألف النسبة المئوية للأقاليم التي تُصنّف فيها مجموعة غذائية على أنها "ذات أولوية عالية" أو "ذات أولوية متوسطة" أو "ذات أولوية منخفضة". وجرى تحديد الخضار والفواكه ضمن أول فئتين في أكثر من 95 في المائة من الأقاليم التي تناولها التحليل. وتم تحديد منتجات الألبان والأسماك أيضًا على أنها ضمن المجموعات الغذائية ذات الأولوية العالية والمتوسطة. وتشمل الأغذية "ذات الأولوية المنخفضة" الزيوت النباتية في بعض الأقاليم. وتصنّف الحبوب مثل الأرزّ والقمح والذرة في أغلب الأحيان على أنها أغذية "ذات أولوية متوسطة".

الشكل ألف تصنيف المجموعات الغذائية على أساس استهلاك الفرد بالمقارنة مع الخطوط التوجيهية بشأن الأنماط الغذائية

المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.
المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.

الجدول ألف يعرض تغييرات الدعم المستهدفة لكل سيناريو من سيناريوهات إعادة التوجيه وفقًا لما إذا كانت الأغذية مصنفة على أنها "ذات أولوية عالية" أو "أولوية متوسطة" أو "ذات أولوية منخفضة".

الجدول ألف تغييرات الدعم المستهدفة في سيناريوهات إعادة التوجيه لمجموعات الأغذية الثلاث ذات الأولوية المختلفة

المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظات: * رقم السيناريو في الجدول 7. ** باستثناء التحويلات المالية المقدمة بشكل جماعي إلى القطاع الزراعي من خلال دعم الخدمات العامة.
المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.

وبالإضافة إلى المؤشرات السبعة التي عُرضت من قبل، أضيفت ستة مؤشرات أخرى لدراسة آثار إعادة التوجيه على كلفة نمط غذائي صحي والقدرة على تحملها واستهلاك الفرد لمجموعات غذائية واسعة جرى تعديلها بالنسبة إلى الفاقد والمهدر من الأغذية (انظر Glauber وLaborde [سيصدر قريبًا]،230 للاطلاع على التعريفات) – ويُعبر عنها جميعًا كتغير في النقاط المئوية بالمقارنة مع خط الأساس في عام 2030:

  • كلفة النمط الغذائي الفعلي – الذي يقيس كلفة النمط الغذائي العادي بناء على متوسط الإنفاق الوطني على الأغذية الملاحظ حاليًا في البيانات – وهو ينعكس بالتالي في سيناريو خط الأساس
  • كلفة نمط غذائي صحي
  • استهلاك الفرد من منتجات الألبان (مثل الحليب الخام، والحليب المجهّز والجبن)
  • استهلاك الفرد من الدهون الحيوانية والزيوت النباتية
  • استهلاك الفرد من السكر ومواد التحلية
  • استهلاك الفرد من الفواكه والخضروات

ويركّز استهلاك الفرد على المجموعات الغذائية التي لا يزال مستوى استهلاك الفرد الحالي لها في كل بلد/إقليم غير متطابق مع المستويات الموصى بها لذلك البلد/الإقليم على النحو المحدَّد في الخطوط التوجيهية بشأن الأنماط الغذائية القائمة على الأغذية المستخدمة لحساب كلفة الأنماط الغذائية الصحية (انظر القسم 2–3، الإطار 13، والملحق 2 هاء). وفي سيناريوهات السياسات، يزيد أي ارتفاع في إنتاج هذه المجموعات الغذائية وتوافرها نتيجة لتغيير السياسة من استهلاكها بحيث يتساوى العرض والطلب في الأسواق.أ‌أ ويستند ذلك إلى الافتراض القائل بأن المستهلكين مستعدون لاستيعاب زيادة توافر الأغذية بشكل كامل. وبالطبع، لكي يحدث هذا من الناحية العملية، ستبرز الحاجة في الوقت ذاته إلى سياسات أخرى تستهدف سلوك المستهلك، كما هو موضح بمزيد من التفصيل في القسم 4–2.

إعادة توجيه حوافز الأسعار من خلال التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق لدعم الأنماط الغذائية الصحية

لا يزال جزء كبير من الدعم العام للمنتجين الأفراد يُقدّم من خلال تدابير التجارة التي تشوه الأسعار وإن كان ذلك قد تناقص بمرور الزمن، لا سيما في البلدان المرتفعة الدخل (انظر الفصل 3). وتولد التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق لبعض المنتجات حوافز يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على منتجي تلك المنتجات ومستهلكيها على حد سواء. ويمكن أن يؤدي تغييرها أيضًا إلى تأثيرات على الإيرادات المالية (على سبيل المثال، إيرادات التعريفات الجمركية التي تتم خسارتها عندما يجري تقليصها/إزالتها).

وفي السيناريو الرابع، تُلغى أو تُقلص التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق للمنتجات التي تعتبر مستويات استهلاكها الحالية في كل إقليم منخفضة مقارنة بالمستويات الموصى بها لذلك الإقليم. ويتأثر جميع المنتجين الزراعيين بذلك، بما في ذلك منتجو المحاصيل والماشية ومصايد الأسماك ومنتجات تربية الأحياء المائية. وتُصنّف الأغذية المستهدفة على أنها «ذات أولوية عالية» إذا كان استهلاكها الحالي أقل من نسبة 80 في المائة من مستويات الاستهلاك الموصى بها لذلك الإقليم. وتلقت هذه الأغذية «ذات الأولوية العالية» تقليصًا بنسبة 100 في المائة من الدعم الحدودي والضوابط على أسعار السوق في هذا السيناريو، وتلقت الأغذية «ذات الأولوية المتوسطة» تقليصًا بنسبة 50 في المائة، في حين لم تحصل الأغذية «ذات الأولوية المنخفضة» على أي تقليص (الإطار 13).

ويؤدي إلغاء أو تقليص الدعم الحدودي والضوابط على أسعار السوق للسلع التي تُشكل أولويات للأنماط الغذائية الصحية إلى خفض أسعارها، ولا سيما في الأسواق التي تتمتع بحماية حدودية عالية. ويُفترض أن يؤدي ذلك إلى تعزيز استهلاك هذه السلع في البلدان المستوردة؛ ولكن البلدان المصدّرة تواجه في الوقت ذاته ارتفاعًا في الأسعار المحلية نتيجة زيادة الطلب الدولي (الجدول 8). وتزداد نتيجة لذلك نسبة سكان العالم الذين يمكنهم تحمل كلفة نمط غذائي صحي (بنسبة 0.64 نقطة مئوية في عام 2030 مقارنة بخط الأساس)، بينما تنخفض كلفة نمط غذائي صحي نسبيًا أكثر من كلفة الأنماط الغذائية العادية (بحدود 1.7 نقاط مئوية مقابل 0.4 نقاط مئوية على التوالي) (الجدول 9).ب‌ب ومن أجل استيعاب التوافر الأكبر للفواكه والخضروات ومنتجات الألبان، لا سيما الدهون والزيوت،ج‌ج فإنه من المفترض أن يزيد استهلاك هذه المجموعات الغذائية. وتؤدي محاكاة إعادة التوجيه إلى انخفاض هامشي في النسبة المئوية لسكان العالم الذين يعانون النقص التغذوي في جميع مجموعات البلدان المصنفة بحسب الدخل والأقاليم الجغرافية.

الجدول 8أثر إعادة توجيه التدابير الحدودية لدعم الأنماط الغذائية الصحية، 2030 (التغيير مقارنة مع خط الأساس)

المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–04، روما، منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظات: * تشمل الأمريكيتان البلدان المرتفعة الدخل في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (شيلي، وبنما، وترينيداد وتوباغو وأوروغواي)، بالإضافة إلى كندا والولايات المتحدة الأمريكية. ** تشمل أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي جميع البلدان الواقعة في هذا الإقليم باستثناء البلدان المرتفعة الدخل المدرجة في مجموعة الأمريكيتين. وفي ما يتعلق بمؤشرات الأمن الغذائي والتغذية والفقر المدقع، يشار إلى نتائج سيناريو السياسات كتغيير بالنقاط المئوية مقارنة بسيناريو خط الأساس في عام 2030، بينما يشار إلى النتائج كنسبة مئوية مقارنة بسيناريو خط الأساس في عام 2030 في ما يتعلق بالمؤشرات الأخرى.
المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–04، روما، منظمة الأغذية والزراعة.

الجدول 9أثر إعادة توجيه التدابير الحدودية لدعم الأنماط الغذائية الصحية على كلفة النمط الغذائي واستهلاك الفرد، 2030 (التغيير بالنقاط المئوية مقارنة مع خط الأساس)

المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة
ملاحظات: * تشمل الأمريكيتان البلدان المرتفعة الدخل في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (شيلي، وبنما، وترينيداد وتوباغو وأوروغواي)، بالإضافة إلى كندا والولايات المتحدة الأمريكية. ** تشمل أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي جميع البلدان الواقعة في هذا الإقليم باستثناء البلدان المرتفعة الدخل المدرجة في مجموعة الأمريكيتين.
المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة

ويقترن التحول نحو أنماط غذائية صحية أقل كلفة وبأسعار ميسورة بانخفاض في الإنتاج الزراعي العالمي، وينعكس ذلك بدوره في انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الزراعة (الجدول 8). وتنخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع فئات الدخل، باستثناء البلدان المرتفعة الدخل (حيث تبيّن حدوث زيادة في الإنتاج الزراعي). وتشمل التأثيرات الأخرى حدوث زيادة طفيفة في الدخل الزراعي العالمي (زيادة تصل إلى 0.03 نقاط مئوية) مع أن التأثيرات على دخل المزرعة سلبية وأكبر من متوسط التغيير العالمي في حالة البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا حيث تُمثل التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق نسبة كبيرة من إجمالي الدعم الغذائي والزراعي. أما الأثر على الفقر المدقع فيكاد لا يُذكر على الصعيد العالمي؛ ويُقابل الزيادات الطفيفة في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا تراجع في مجموعات الدخل الأخرى.

إعادة توجيه الإعانات المالية إلى المنتجين لدعم الأنماط الغذائية الصحية

يُعيد السيناريو الخامس توزيع الإعانات المالية لخط الأساس على المنتجين الفرديين (الجدول 7). ويشمل ذلك المزارعين في زراعة المحاصيل وتربية الماشية؛ ولا يُدرَج المنتجون في قطاعي مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بسبب محدودية البيانات، الأمر الذي قد يؤثر على النتائج بالنظر إلى أهمية إنتاج هذين القطاعين للأنماط الغذائية الصحية (تذكّر الإطار 9). ونظرًا إلى أن هدف السياسة يتمثل في دعم الأنماط الغذائية الصحية، فإن منتجي الأغذية «ذات الأولوية العالية» يُدعمون بمعدل أعلى بالمقارنة مع منتجي جميع المنتجات الغذائية الأخرى (على النحو المحدد في الإطار 13). وبالنظر إلى هدف السياسة هذا، فإنه لا يتم النظر في سيناريو إعادة توجيه الإعانات المالية المنفصلة عن الإنتاج إلى المنتجين، وإن كان من المحتمل أن تعود هذه الإعانات ببعض الفوائد على إنتاج الأغذية المغذية وتوافرها.

ومن المتوقع أن تظهر معظم التأثيرات المباشرة لإعادة توزيع الإعانات المالية على المنتجين في ما يخص دخل المزرعة والإنتاج في البلدان المرتفعة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا التي تقدم معظم الإعانات المالية. وعندما تنحاز إعادة التوزيع هذه تجاه الأغذية «ذات الأولوية العالية»، ينخفض دخل المزرعة عالميًا (بما قدره 0.94 نقطة مئوية في عام 2030 مقارنة بخط الأساس) في حين، على النقيض من ذلك، يزيد الإنتاج الزراعي بشكل طفيف (بما قدره 0.27 نقطة مئوية) (الجدول 10).

الجدول 10أثر إعادة توجيه الإعانات المالية إلى المنتجين لدعم الأنماط الغذائية الصحية، 2030 (التغيير بالنقاط المئوية مقارنة مع خط الأساس)

المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظات: * تشمل الأمريكيتان البلدان المرتفعة الدخل في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (شيلي، وبنما، وترينيداد وتوباغو وأوروغواي)، بالإضافة إلى كندا والولايات المتحدة الأمريكية. ** تشمل أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي جميع البلدان الواقعة في هذا الإقليم باستثناء البلدان المرتفعة الدخل المدرجة في مجموعة الأمريكيتين. وفي ما يتعلق بمؤشرات الأمن الغذائي والتغذية والفقر المدقع، يشار إلى نتائج سيناريو السياسات كتغيير بالنقاط المئوية مقارنة بسيناريو خط الأساس في عام 2030، بينما يشار إلى النتائج كنسبة مئوية مقارنة بسيناريو خط الأساس في عام 2030 في ما يتعلق بالمؤشرات الأخرى.
المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.

وتؤدي الزيادة الإجمالية في إنتاج الأغذية «ذات الأولوية العالية» إلى خفض أسعارها، مما يعود بالفائدة على استهلاك الأغذية المغذية ويؤدي إلى زيادة عدد سكان العالم القادرين على تحمل كلفة نمط غذائي صحي (بما قدره 0.81 نقطة مئوية في عام 2030). وينطبق ذلك بشكل لا لبس فيه على جميع مجموعات البلدان المصنفة بحسب الدخل والأقاليم الجغرافية (الجدول 10). وتنخفض كلفة نمط غذائي صحي أكثر من كلفة الأنماط الغذائية الحالية لأن الإعانات المالية للمنتجين تستهدف الأغذية «ذات الأولوية العالية» – مما يعكس كيف يؤثر تحويل أداة دعم المنتج على السعر عند باب المزرعة وتكاليف المنتجين وأسعار المستهلكين (الجدول 11). وفي ظل زيادة الإنتاج وانخفاض الأسعار، يزداد استهلاك الفرد من الفواكه والخضروات على مستوى العالم (بما قدره 1.5 نقاط مئوية) وعبر جميع مجموعات البلدان المصنفة بحسب الدخل والأقاليم.

الجدول 11أثر إعادة توجيه الإعانات المالية إلى المنتجين لدعم الأنماط الغذائية الصحية على كلفة النمط الغذائي واستهلاك الفرد، 2030 (التغيير بالنقاط المئوية مقارنة مع خط الأساس)

المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 2205، روما، منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظات: * تشمل الأمريكيتان البلدان المرتفعة الدخل في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (شيلي، وبنما، وترينيداد وتوباغو وأوروغواي)، بالإضافة إلى كندا والولايات المتحدة الأمريكية. ** تشمل أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي جميع البلدان الواقعة في هذا الإقليم باستثناء البلدان المرتفعة الدخل المدرجة في مجموعة الأمريكيتين.
المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 2205، روما، منظمة الأغذية والزراعة.

وتزيد محاكاة إعادة توجيه الإعانات المالية إلى المنتجين القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية أكثر مما في محاكاة إعادة توجيه التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق (قارن الجدول 10 والجدول 8). ويُقلل ذلك أيضًا النسبة المئوية لسكان العالم الذين يعيشون في فقر مدقع ويعانون من النقص التغذوي. غير أن إحدى المقايضات المهمة – غير الملحوظة في سيناريو إعادة التوجيه السابق – تكمن في تزايد إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الزراعة (بمقدار 1.5 نقاط مئوية) وهو ما يُشير إلى ارتفاع الإنتاج الزراعي، بما في ذلك الأغذية العالية البروتينات، مثل منتجات الألبان التي يزداد استهلاكها لتلبية المستويات الغذائية، لا سيما في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا (الجدول 10).د‌د

ويُظهر الملحق 6 نتائج أحد أشكال هذا السيناريو، والذي يهدف إلى توزيع الإعانات المالية على المنتجين بشكل أكثر إنصافًا بحيث يزيل ضمنيًا التحيز الحالي تجاه الأغذية ذات الأولوية العالية.ه‌ه وتشابه النتائج تلك المعروضة للسيناريو الخامس من حيث الاتجاه؛ أما من حيث الحجم، فإن حقيقة عدم استهداف الأغذية «ذات الأولوية العالية» تعني أن القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية تسجل زيادة أقل بشكل طفيف. وينخفض دخل المزرعة بشكل أكبر أيضًا، في حين يزيد الإنتاج الزراعي بصورة أكبر، وتصدر الزراعة انبعاثات أقل من غازات الاحتباس الحراري لأن هذا السيناريو ليس مصممًا بشكل أساسي لزيادة إنتاج المجموعات الغذائية وتوافرها (مثل منتجات الألبان) من أجل تلبية الخطوط التوجيهية بشأن الأنماط الغذائية (قارن الجدول 10 بالجدول ألف 6–4 في الملحق 6).

تحويل الإعانات المالية من المنتجين إلى المستهلكين لدعم الأنماط الغذائية الصحية

يدرس سيناريو إعادة التوجيه الأخير ما يمكن أن يحدث إذا قامت كل البلدان من جميع الأقاليم بتحويل الإعانات المالية المقدمة إلى المنتجين إلى إعانات مالية لمستهلكي الأغذية «ذات الأولوية العالية» (انظر الجدول 7). وفي هذا السيناريو الجديد، لا تبقى الإعانات المالية المخصصة في بادئ الأمر للمنتجين ضمن قطاع الزراعة، وإن كانت تبقى ضمن النظام الزراعي والغذائي.

وفي ظل توجيه الإعانات المالية إلى المستهلكين رغم استمرار استهداف الأغذية «ذات الأولوية العالية»، تنخفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية بصورة ملحوظة أكبر مما في السيناريوهين السابقين من حيث القيمة المطلقة (بما قدره 3.34 نقطة مئوية في عام 2030 مقارنة بخط الأساس) وبالنسبة إلى النمط الغذائي العادي (الجدول 13). وتزداد النسبة المئوية للسكان الذين يمكنهم تحمل كلفة نمط غذائي صحي (بنحو 0.8 نقاط مئوية)، وإن كانت أقل قليلًا مما في سيناريو توجيه الإعانات المالية إلى المنتجين بسبب الأثر على الدخل، كما هو موضح بمزيد من التفصيل أدناه (الجدول 12). وتشير التقديرات إلى ارتفاع مستويات استهلاك الفرد من منتجات الألبان والدهون والزيوت والفواكه والخضروات على المستوى العالمي، وذلك على الرغم من وجود اختلافات إقليمية نتيجة الفوارق الإقليمية في تحديد الأغذية «ذات الأولوية العالية» (الإطار 13). وتكمن التأثيرات المقدّرة الأكبر على صعيد استهلاك الفرد من الدهون والزيوت، لا سيما في البلدان المتوسطة الدخل وعبر مناطق مختلفة في آسيا.

الجدول 12أثر إعادة توجيه الإعانات المالية من المنتجين إلى المستهلكين لدعم الأنماط الغذائية الصحية، 2030 (التغيير بالنقاط المئوية مقارنة مع خط الأساس)

المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظات: * تشمل الأمريكيتان البلدان المرتفعة الدخل في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (شيلي، وبنما، وترينيداد وتوباغو وأوروغواي)، بالإضافة إلى كندا والولايات المتحدة الأمريكية. ** تشمل أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي جميع البلدان الواقعة في هذا الإقليم باستثناء البلدان المرتفعة الدخل المدرجة في مجموعة الأمريكيتين. وفي ما يتعلق بمؤشرات الأمن الغذائي والتغذية والفقر المدقع، يشار إلى نتائج سيناريو السياسات كتغيير بالنقاط المئوية مقارنة بسيناريو خط الأساس في عام 2030، بينما يشار إلى النتائج كنسبة مئوية مقارنة بسيناريو خط الأساس في عام 2030 في ما يتعلق بالمؤشرات الأخرى.
المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.

الجدول 13أثر إعادة توجيه الإعانات المالية من المنتجين إلى المستهلكين لدعم الأنماط الغذائية الصحية على كلفة النمط الغذائي واستهلاك الفرد، 2030 (التغيير بالنقاط المئوية مقارنة مع خط الأساس)

المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظات: * تشمل الأمريكيتان البلدان المرتفعة الدخل في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (شيلي، وبنما، وترينيداد وتوباغو وأوروغواي)، بالإضافة إلى كندا والولايات المتحدة الأمريكية. ** تشمل أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي جميع البلدان الواقعة في هذا الإقليم باستثناء البلدان المرتفعة الدخل المدرجة في مجموعة الأمريكيتين.
المصدر: Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? وثيقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–05، روما، منظمة الأغذية والزراعة.

وتشمل أوجه التآزر الإيجابية في هذا السيناريو انخفاضًا في مستويات الفقر المدقع والنقص التغذوي، وذلك في جانب منه بسبب زيادة دخل المزرعة في البلدان المنخفضة الدخل. وعلاوة على ذلك، تنخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية نتيجة تراجع الإنتاج الزراعي. وفي المقابل، تبيّن أن هذا السيناريو يتسبب في إلحاق ضرر بالغ بالمنتجين في ظل غياب ما كانوا يتلقونه من إعانات. وعلى الصعيد العالمي، ينخفض دخل المزرعة والإنتاج الزراعي (على التوالي بنسبة 3.7 و0.2 نقطة مئوية في عام 2030 مقارنة بخط الأساس) (الجدول 12). ويظهر أكبر انخفاض نسبي لدخل المزرعة في البلدان المرتفعة الدخل (انخفاض بنسبة 13.8 نقطة مئوية)، ولكنه ينخفض أيضًا في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا. ويجدر التذكير بأن معظم الإعانات المالية تُقدَّم في البلدان المرتفعة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا، لذلك من المتوقع أن تظهر معظم الآثار المباشرة لتحويلها من المنتجين إلى المستهلكين في البلدان المصنفة بحسب الدخل ضمن تلك المجموعتين.

وتعتبر البلدان المنخفضة الدخل حالة خاصة في هذا السيناريو لأنها تستفيد من خلال زيادة الطلب على الأغذية المغذية التي تنتجها في البلدان الأخرى التي يفترض أن المستهلكين أصبحوا يأكلون فيها بشكل صحي أكثر. وبالتالي، يشهد دخل المزرعة والإنتاج الزراعي زيادة في هذه البلدان (الجدول 12). غير أنه نظرًا لأن الإعانات المالية صغيرة نسبيًا في البلدان المنخفضة الدخل، فإن إعانات المستهلكين تعتبر ضئيلة بحيث لا تعوّض عن الارتفاع في الأسعار الزراعية نتيجة زيادة طلب بقية العالم على أغذية البلدان المنخفضة الدخل. وبالتالي، تشير التقديرات إلى ارتفاع كلفة الأنماط الغذائية الحالية والصحية في البلدان المنخفضة الدخل (بما قدره 0.44 و0.20 نقاط مئوية، على التوالي)، لا سيما في أفريقيا. غير أن الأنماط الغذائية الصحية تعتبر ميسورة الكلفة بشكل أكبر في هذه البلدان بسبب الزيادة في دخل المستهلكين – ولكن، من الناحية العملية، قد لا يكون ذلك حال الأسر المعيشية الفقيرة ذات الدخل المنخفض أو المعدوم.

وبالمقارنة مع السيناريو السابق الذي تبقى فيه الإعانات المالية ضمن قطاع الزراعة، فإن تحويل الإعانات المالية من المنتجين إلى المستهلكين يؤدي إلى تجنب إحدى المقايضات على صعيد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الزراعة، ولكنه يؤدي إلى مقايضات على صعيد دخل المزرعة والإنتاج الزراعي في البلدان المرتفعة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، وعلى صعيد كلفة الأنماط الغذائية في البلدان المنخفضة الدخل، لا سيما في أفريقيا. وبالإضافة إلى ذلك، وفي حين أن استهلاك الفرد من الفواكه والخضروات فقط شهد زيادة على الصعيد العالمي في السيناريو السابق، إلا أن التغييرات في الأسعار النسبية في هذا السيناريو الأخير لإعادة التوجيه تؤدي إلى زيادة استهلاك الفرد لمنتجات الألبان والدهون والزيوت؛ وتبقى هناك زيادة بالنسبة إلى الفواكه والخضروات، ولكنها أقل بكثير مقارنة بالسيناريو السابق.و‌و

إعادة التوجيه والانتعاش الاقتصادي

يجب عند إعادة توجيه الدعم للأغذية والزراعة أن يُؤخذ في الاعتبار أيضًا أنه في الوقت الذي تصبح فيه الأنماط الغذائية الصحية ميسورة الكلفة للجميع على نحو مستدام ومنصف، يمكن للاقتصادات أيضًا أن تحقق انتعاشًا اقتصاديًا مستدامًا. ويعتبر ذلك هامًا بشكل خاص في السياق الاقتصادي العالمي الحالي.

وليس من الواضح إن كان استهداف دعم الأغذية «ذات الأولوية العالية» – على النحو الذي تم تحديده ومحاكاته أعلاه – سيحد من نمو الناتج المحلي الإجمالي أو يحفزه. وفي الواقع، قد يعني استهداف دعم الأغذية «ذات الأولوية العالية» للأنماط الغذائية الصحية التخصص في إنتاج سلع تفتقر فيها بعض البلدان إلى الميزة النسبية والميزة التنافسية على حد سواء. ويمكن أن يؤدي التطور الناتج على صعيد الأسعار العالمية والمركز التجاري لسلع معينة إلى خسائر في الناتج المحلي الإجمالي في بعض البلدان/الأقاليم. وفي نهاية المطاف، نحن أمام مسألة تجريبية.

ويؤدي خفض التدابير الحدودية ودعم أسعار السوق للمنتجات الزراعية التي يعتبر استهلاكها منخفضًا بالنسبة إلى الخطوط التوجيهية بشأن الأنماط الغذائية إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بشكل لا لبس فيه عبر مجموعات الدخل (الشكل 23) والأقاليم (غير معروضة هنا). وتُسجَّل المكاسب الأكبر في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا والبلدان المنخفضة الدخل التي غالبًا ما يكون لدعم التدابير الحدودية فيها تأثير تشويهي للغاية (انظر القسم 3–1).

الشكل 23أثر التغييرات على الناتج المحلي الإجمالي في سيناريوهات إعادة التوجيه، 2030 (التغيير بالنقاط المئوية مقارنة مع خط الأساس)

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة بالاستناد إلى Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? ورقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–04، روما، منظمة الأغذية والزراعة.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة بالاستناد إلى Glauber, J. & Laborde, D، (سيصدر قريبًا). Repurposing food and agricultural policies to deliver affordable healthy diets, sustainably and inclusively: what is at stake? ورقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22–04، روما، منظمة الأغذية والزراعة.

وتؤدي إعادة توجيه الإعانات المالية للمنتجين نحو السلع الأساسية في الأماكن التي يعتبر الاستهلاك فيها منخفضًا بالنسبة إلى المستويات الغذائية الموصى بها إلى خسائر في الكفاءة بالنسبة إلى البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا – لا سيما في آسيا حيث تُنقَل مستويات كبيرة من الدعم إلى نتائج الإنتاج الأقل كفاءة. ونتيجة لذلك، ينخفض الناتج المحلي الإجمالي في هذا الإقليم. وفي البلدان المنخفضة الدخل، يُسجَّل الحد الأدنى من خسارة الكفاءة بسبب قلة الدعم المالي الذي يمكن إعادة توجيهه؛ غير أن هذه البلدان تشهد مكاسب في الناتج المحلي الإجمالي بسبب ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية وزيادة الصادرات.

إن تحويل الإعانات المالية من المنتجين إلى مستهلكي المنتجات الزراعية التي يعتبر استهلاكها منخفضًا بالنسبة إلى الخطوط التوجيهية بشأن الأنماط الغذائية يميل إلى إفادة معظم الأقاليم الجغرافية – وعلى وجه الخصوص أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (غير مبين هنا). وعبر المجموعات المصنفة بحسب الدخل، تعتبر البلدان المنخفضة الدخل الاستثناء الوحيد (لا سيما في أفريقيا، وذلك غير مبين هنا) التي تخسر بصورة هامشية لأن معظم هذه البلدان تعتبر بلدانًا مستوردة صافية للأغذية وتواجه أسعارًا أعلى.

وباختصار، ستدعم إعادة توجيه الدعم الذي يستهدف الأغذية ذات الأولوية العليا من أجل أنماط غذائية صحية الانتعاش الاقتصادي على نطاق العالم، شريطة أن يتحقق ذلك من خلال تقليص التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق أو تحويل الإعانات المالية من المنتجين إلى المستهلكين. ولكن النتائج تختلف حسب مجموعات البلدان المصنفة بحسب الدخل وباختلاف الأقاليم الجغرافية.

الأسباب الداعية إلى دعم الخدمات العامة في البلدان المنخفضة الدخل

قد تنظر الحكومات، بالإضافة إلى دعم الأغذية والزراعة بطريقة مختلفة من خلال التحولات في حوافز الأسعار عبر التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق وكذلك الإعانات المالية في إطار نفس الميزانيات، في إعادة توزيع جزء من ميزانياتها أيضًا من أجل زيادة دعم الخدمات العامة الذي يشمل الإنفاق العام (أو تحويلات الميزانية) لتوفير السلع العامة أو الجماعية (انظر الفصل 3). ومن حيث المبدأ، يمكن لهذا النوع من الإنفاق العام أن يؤثر على الإنتاجية في الزراعة بصورة مباشرة أكثر، وذلك طبعًا شريطة أن تضمن الحكومات اتسامه بقيمة وجودة عاليتين على المستويات دون الوطنية حيث تشتد الحاجة إليه، وغالبًا ما يتوقف ذلك على تحويل الموارد من المستوى المركزي إلى مستوى المحافظة أو المقاطعة أو البلدية والقدرات ذات الصلة اللازمة لتنفيذ ذلك.

ولم يتم تضمين دعم الخدمات العامة في السيناريوهات العالمية التي تناولها التحليل أعلاه لعدة أسباب، من أهمها الافتقار إلى أدلة لا لبس فيها على المدى الذي يمكن أن تؤثر فيه الأنواع المختلفة من هذه النفقات فعليًا على الإنتاجية عبر البلدان/الأقاليم. وسيكون أثر دعم الخدمات العامة على الإنتاجية مختلفًا من بلد إلى آخر، في حين جرى في السيناريوهات العالمية تجميع العديد من البلدان معًا في إقليم واحد، الأمر الذي يزيد من صعوبة تفسير أي سيناريو متعلق بدعم الخدمات العامة وأثره على الإنتاجية. وفي هذا الصدد، قد يكون التحليل الخاص بكل بلد على حدة أكثر جدوى.

ولن تعود الخدمات الحكومية العامة بالفائدة على المنتجين طوال الوقت على المستوى القطري لأسباب تشمل في جملة أمور استفادة عدد كبير من المزارعين بالفعل من توفيرها؛ أو لأنها تؤثر على بعض جوانب سلسلة القيمة الغذائية فقط؛ أو لأنه يجري تخصيصها للبرامج التي تعاني من مشاكل في التصميم والتنفيذ؛ أو بسبب اعتبارات متعلقة بالاقتصاد السياسي. وفي البلدان المرتفعة الدخل التي وصلت بشكل عام إلى «الحد» بالنسبة إلى العديد من نفقات الخدمات الحكومية العامة، قد لا تؤدي إضافة مرافق مختبرات جديدة أو مفتشين صحيين أو بنية تحتية ريفية جديدة، على سبيل المثال، إلى مكاسب إنتاجية كبيرة مقارنة بالاقتصادات الأقل تقدمًا. وعلى العكس من ذلك، يمكن أن تُحدث نفقات دعم الخدمات العامة فرقًا في البلدان المنخفضة الدخل التي تسعى إلى تحقيق تحول زراعي ولكنها لا تزال تُظهر عجزًا في الخدمات العامة وثغرات في الإنتاجية.

وقد حللت الدراسات المعتمدة على نماذج التوازن العام القابلة للحوسبة وتتناول بلدانًا منخفضة الدخل مثل أوغندا،233 أو حتى بلدانًا متوسطة الدخل مثل المكسيك،223 آثار الاستثمار العام المحدود لزيادة توفير دعم الخدمات العامة (مثل تحسين الطرق الريفية، ونظم الري، والبنية التحتية للتخزين، وما إلى ذلك)، التي تستهدف القطاعات الزراعية واحدًا تلو الآخر. وتشمل النتائج مكاسب الإنتاجية الإجمالية لعوامل الإنتاج بمرور الزمن وتراكم رأس المال الخاص، مما يؤدي إلى زيادات في الناتج المحلي الإجمالي، وإنتاج الأغذية الزراعية، والاستهلاك الخاص والحد من الفقر الريفي. غير أن هذه الدراسات توصي بأنه ينبغي أن تعطي هذه الاستثمارات العامة الأولوية لبعض القطاعات على حساب قطاعات أخرى لجني أكبر الفوائد الاقتصادية والاجتماعية.

وتدعو الدراسة التي تناولت المكسيك، على وجه الخصوص، إلى إعطاء الأولوية للاستثمارات العامة في الزراعة مع مراعاة التغذية أيضًا.223 وتتمثل إحدى التوصيات الرئيسية في الاستثمار في قطاع قصب السكر لأنه يوفر أعلى نمو للإنتاج ويحقق مكاسب على صعيد الرفاه والحد من الفقر مقارنة بالقطاعات الزراعية الأخرى. وبدلًا من استخدام قصب السكر لإنتاج المشروبات المحلاة بالسكر والحلويات لأغراض الاستهلاك النهائي (والتي توصي الدراسة بفرض ضرائب عليها)، فإن توصية الدراسة تدعو إلى الاستفادة من إمكانات القطاع كمورد رئيسي للمواد الأولية لإنتاج الوقود الحيوي.

وتؤدي الفكرة القائلة بضرورة إطاء الأولوية إلى نفقات دعم الخدمات العامة من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية والاجتماعية دورًا محوريًا بالنسبة إلى البلدان التي تعتبر مستويات الدعم العام للزراعة فيها منخفضة للغاية ولكنها لا تزال تُظهر فجوات إنتاجية كبيرة. وتكتسب كيفية الاستخدام الأمثل للميزانيات العامة المنخفضة المخصصة للزراعة في البلدان المنخفضة الدخل أهمية قصوى من أجل ضمان التواؤم الجيد لأهداف التحول الزراعي لهذه البلدان مع الهدف المتمثل بخفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية وزيادة القدرة على تحملها. ولا يعتبر تحقيق هذه الأهداف المتعددة من دون مقايضات أمرًا بديهيًا من دون إعادة توجيه ميزانيات الزراعة بعناية شديدة لضمان قدرتها على الاستفادة من جميع الجهات الفاعلة بشكل جماعي، بما في ذلك النساء والشباب.

وتؤكد دراسة تناولت إثيوبيا أنه من الممكن تحقيق الاتساق بين السياسات عبر أهداف متعددة إذا تمت إعادة توجيه الميزانية العامة المخصصة للزراعة على النحو الأمثل. ويشير الاستخدام الأمثل إلى التوصل إلى حل توفيقي في صنع السياسات لإعادة توزيع نفس الميزانية بطريقة فريدة بحيث لا يمكن تحقيق تحسن في هدف واحد على الأقل من أهداف السياسة دون أن يؤدي ذلك إلى تدهور في تحقيق أي هدف من أهداف السياسة الأخرى (الإطار 14).

الإطار 14الاستخدام الأمثل للميزانيات العامة من أجل مواءمة التحول الزراعي وأهداف القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية: الدليل الخاص بإثيوبيا

طورت منظمة الأغذية والزراعة أداة ابتكارية للاستخدام الأمثل للسياسات من أجل مساعدة صانعي السياسات على معالجة مشكلتهم الأكثر شيوعًا: أي السعي إلى تحقيق أهداف متعددة قد تكون متعارضة في ظل قيود الميزانية. واقترح Sánchez وCicowiez (2022)234 النهج وطبقاه باستخدام بيانات خاصة بإثيوبيا. ووضحا كيف يمكن السعي لتحقيق أهداف التحول الزراعي الشامل بالتزامن مع تقليل المقايضات إلى أدنى حد ممكن إذا تم التوصل إلى حل توفيقي من خلال السياسات المثلى.* وأخذت الأداة في الأصل ثلاثة أهداف للسياسات بعين الاعتبار، وهي: زيادة الناتج المحلي الإجمالي للأغذية الزراعية إلى أقصى حد ممكن، وزيادة العمالة الريفية خارج المزرعة إلى أقصى حد ممكن وتقليل الفقر الريفي إلى أدنى حد ممكن. وقام Sánchez وCicowiez 235 بتوسيع الأداة لتشمل هدفًا رابعًا للسياسات يعتبر بالغ الأهمية، وهو: خفض كلفة الأغذية المغذية التي تشكّل النمط الغذائي الصحي الأقل كلفة إلى أدنى حد ممكن في سياق إثيوبيا على النحو المحدد في هذا التقرير (انظر القسم 2–3 والملحق 2 هاء).

وبالتالي، أصبح من الممكن الآن فهم الشكل الذي ستبدو عليه الميزانية الحالية المخصصة لجميع التحويلات المالية إلى المنتجين (من خلال الإعانات ودعم الخدمات العامة) بالمقارنة مع الميزانية المثلى التي من شأنها أن تسمح للبلدان بالتحرك نحو تحقيق الأهداف الأربعة. وتُوزَّع الميزانية إلى حد كبير لأنها تأخذ في الاعتبار نوع الإنفاق والسلع التي يُفترض أن تعزز هذه النفقات إنتاجها. ومن أجل تيسير عرض النتائج، يُعرَض رسمان بيانيان بدلًا من رسم بياني واحد فقط.**

وتجري مقارنة سيناريوهين لإعادة التوجيه مع سيناريو خط الأساس. ويبدأ سيناريو خط الأساس في السنة المالية 2015/2016 ويستمر حتى سنة مقبلة (على سبيل المثال 2025). وهو يعتبر سيناريو العمل كالمعتاد لأنه يوضّح الشكل الذي ستبدو عليه الميزانية بحلول عام 2025 في حال بقي تكوينها دون تغيير. ويسعى سيناريوها إعادة التوجيه إلى تحقيق أهداف التحول الزراعي الشامل (أي زيادة الناتج المحلي الإجمالي للأغذية الزراعية إلى أقصى حد ممكن، زيادة العمالة الريفية خارج المزرعة إلى أقصى حد ممكن وتقليل الفقر الريفي إلى أدنى حد ممكن) بين عامي 2022 و2025. ويتم السعي في أحد هذين السيناريوهين فقط إلى تحقيق هدف خفض كلفة الأغذية المغذية التي تشكّل النمط الغذائي الصحي الأقل كلفة أيضًا (أي الهدف المتعلق بالقدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية).

ويوضّح الشكل ألف أن تحقيق تحسن في تحقيق كل هذه الأهداف سيتطلب ترتيب أولويات الميزانية بطريقة مختلفة. وعندما يتم السعي إلى تحقيق أهداف التحول الزراعي الشامل فقط، على سبيل المثال، فإن خدمات الإرشاد الخاصة بالحبوب وتربية المواشي على حد سواء، وكذلك الأسمدة – وإن كان بدرجة أقل – تحصل على مخصصات من الميزانية أكبر نسبيًا على حساب بنود الميزانية الأخرى. وعندما يُضاف هدف القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية إلى مشكلة صنع السياسات، يصبح من الأمثل أن تتم زيادة الإنفاق على الري، على سبيل المثال، خصوصًا لأنه ستكون هناك زيادة في إنتاج واستهلاك الأغذية المغذية، مثل الفواكه والخضروات، والتي تنطوي على استخدام أكثف نسبيًا للمياه. وفي هذه الحالة، يمكن توجيه نفقات الري إلى سلع معينة (أي السلع المغذية)، في حين أن الاستثمار في الطرق الريفية سيولد أثرًا إيجابيًا على جميع السلع.

الشكل ألف توزيع الميزانية المحلية للزراعة في إثيوبيا بحلول عام 2025: توقعات الميزانية الحالية مقابل سيناريوهات إعادة التوزيع الأمثل للميزانية

المصدر: Sánchez, M.V. & Cicowiez, M.، (سيصدر قريبًا). Repurposing agriculture's public budget to align healthy diets affordability and agricultural transformation objectives in Ethiopia. ورقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22-04، روما، منظمة الأغذية والزراعة.
المصدر: Sánchez, M.V. & Cicowiez, M.، (سيصدر قريبًا). Repurposing agriculture's public budget to align healthy diets affordability and agricultural transformation objectives in Ethiopia. ورقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22-04، روما، منظمة الأغذية والزراعة.

نمط غذائي صحي إلى مشكلة صنع السياسات، فإن كلفة نمط غذائي صحي تنخفض أكثر من غيرها، وبات بإمكان 234 962 2 شخصًا آخر الآن (مقابل 193 346 2 شخصًا عندما لا يُضاف الهدف الرابع) تحمل كلفة نمط غذائي صحي. ويأتي ذلك نتيجة الاستخدام الأمثل للميزانية بطريقة مختلفة لدعم إنتاج الأغذية المغذية التي تشكّل النمط الغذائي الصحي. غير أن ذلك تم على حساب عدم تحقيق تحسن على صعيد أهداف التحول الزراعي الشامل لأن الميزانية تعتبر الآن منحازة نحو دعم إنتاج الأغذية المغذية. ونتيجة لذلك، يتم التخلي عن فرصة إيجاد 950 25 وظيفة إضافية وإخراج 429 23 شخصًا من قبضة الفقر.

وتبيّن أن السعي إلى تحقيق أهداف التحول الزراعي الشامل وحدها موات للغاية من أجل خفض كلفة نمط غذائي صحي. وقد يرى صانعو السياسات في البلدان المنخفضة الدخل مثل إثيوبيا أنه من الأفضل إيجاد حل توفيقي على غرار هذا السيناريو إذا كانت أهدافهم تشمل أيضًا الانتعاش الاقتصادي (الذي يؤدي فيه نمو الناتج وإيجاد فرص العمل إلى جانب الحد من الفقر دورًا أساسيًا)، وفي الوقت ذاته ضمان دعم إعادة توجيه الميزانية للأنماط الغذائية الصحية. وبطبيعة الحال، فإن مزيج السياسات الأمثل سيواصل تغيره بمرور الزمن مع تطور هذه البلدان.

الشكل باء المؤشرات التي تعكس التحسن في تحقيق الأهداف الإنمائية نتيجة التوزيع الأمثل لميزانية الزراعة في إثيوبيا، 2025 (الانحراف بالنقاط المئوية عن سيناريو خط الأساس)

المصدر: Sánchez, M.V.  و Cicowiez, M.، (سيصدر قريبًا). Repurposing agriculture's public budget to align healthy diets affordability and agricultural transformation objectives in Ethiopia. ورقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22-04، روما، منظمة الأغذية والزراعة.
المصدر: Sánchez, M.V. و Cicowiez, M.، (سيصدر قريبًا). Repurposing agriculture's public budget to align healthy diets affordability and agricultural transformation objectives in Ethiopia. ورقة معلومات أساسية من أجل حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 22-04، روما، منظمة الأغذية والزراعة.

مناقشة السياسات والآثار

يشير تحليل السيناريوهات إلى الخيارات المحتملة التي يمكن لجميع البلدان في العالم من خلالها إعادة توجيه الدعم العام الحالي للأغذية والزراعة من أجل زيادة القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية، وهو شرط ضروري – وإن لم يكن كافيًا – لاستهلاك الأنماط الغذائية الصحية. ويتضح بشكل عام أن النقص التغذوي والفقر المدقع ينخفضان (بشكل بسيط للغاية في بعض الأحيان) على مستوى العالم عندما تزداد القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية نتيجة لخيارات إعادة توجيه الدعم.

وتتمثل إحدى النتائج المهمة في أنه، من بين مختلف أدوات السياسات المتاحة لتقديم الدعم العام، قد يكون لإعادة توجيه الإعانات المالية من أجل زيادة توافر «الأغذية ذات الأولوية» للأنماط الغذائية الصحية على مستوى العالم الأثر الأكبر على القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية، لا سيما إذا كانت تستهدف المستهلك. غير أن هذا الخيار يُظهر كذلك بعض أوجه التآزر المحتملة ولكن أيضًا مقايضات في مجالات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ودخل المزرعة، وإجمالي الناتج الزراعي والانتعاش الاقتصادي العالمي.

ومن ناحية أخرى، تبيّن أن إعادة توجيه الدعم من خلال التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق من أجل تحفيز إنتاج وتوافر واستهلاك الأغذية «ذات الأولوية العالية» للأنماط الغذائية الصحية تعتبر الخيار الأكثر فعالية ضمن الخيارات الرامية إلى الحد من النقص التغذوي في البلدان المنخفضة الدخل، ويعود السبب في ذلك ببساطة إلى أن هذه البلدان لديها قدر قليل جدًا من الدعم المالي لتعيد توجيهه.

وتُدخل إعادة توجيه الدعم نحو الأنماط الغذائية الصحية عن طريق استهداف الأغذية «ذات الأولوية العالية»، سواء تم ذلك من خلال التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق أو الإعانات المالية، عنصر المساواة في دعم المنتجات الزراعية مقارنة بحالة الدعم الحالية. ولكنها يمكن أن تُدخل أيضًا تحيزات إذا واجه بعض المزارعين – وخاصة صغار المزارعين وكذلك النساء – الذين يمكن أن يكونوا على استعداد للاستفادة من الدعم، قيودًا على الموارد في نهاية المطاف، وبالتالي يجدون أنفسهم في وضع لا يسمح لهم بالتخصص في إنتاج «أغذية ذات أولوية عالية» لأنماط غذائية صحية.

وتتم ملاحظة أهم المقايضات عند إعادة توجيه الإعانات المالية، لا سيما على صعيد انخفاض الدخل الزراعي عبر مجموعات البلدان المصنفة بحسب الدخل (وعلى نحو أوضح في البلدان المرتفعة الدخل) والإنتاج الزراعي. ويزداد وضوح هذه المقايضات عندما يجري تحويل الإعانات المالية من المنتجين إلى المستهلكين. وتظهر المقايضة بين زيادة القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الزراعة (وحتى الانتعاش الاقتصادي) على الصعيد العالمي عندما تتم إعادة توجيه الإعانات المالية ولكن يستمر توزيعها على المنتجين ضمن قطاع الزراعة، لا سيما في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. ومن ناحية أخرى، يوجد عدد أقل بكثير من المقايضات عندما تتم إعادة توجيه الدعم من خلال التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق فقط.

وبالطبع، من المهم فهم محدوديات السيناريوهات القائمة على النماذج. ولا تأخذ السيناريوهات التي جرت مناقشتها حتى الآن بعين الاعتبار حقيقة أن بعض تكنولوجيات الإنتاج تولد قدرًا أكبر أو أقل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (أو الأضرار البيئية) بالمقارنة مع غيرها. وعلى سبيل المثال، يمكن للتغييرات في نمط دعم السياسات في السيناريوهات، في ظل وجود كميات أكير أو أصغر من الأسمدة على سبيل المثال، أن تغيّر – على الهوامش – شدة الانبعاثات التي تسببها بعض المنتجات. ولكن السيناريوهات لا تنظر صراحة في التحول نحو تكنولوجيات تتسم بكثافة انبعاثات أقل نسبيًا (مثل تكنولوجيات الأعلاف الجديدة للماشية، ونُهج المكافحة الحيوية المحسنة لإدارة الآفات، وممارسات تعاقب المحاصيل الجديدة لتحسين صحة التربة وتقليل استخدامات الأسمدة، وما إلى ذلك). ومن الناحية العملية، ليس من الضروري أن يتم دعم إعادة التوجيه على حساب زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إذا جرى ذلك بموازاة اعتماد تكنولوجيات ذات كثافة انبعاثات منخفضة لإنتاج الأغذية المغذية وإذا تراجع الإفراط الحالي في إنتاج واستهلاك الأغذية، بما في ذلك اللحوم ومنتجات الألبان، في البلدان المرتفعة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا بما يتماشى مع الخطوط التوجيهية للأكل الصحي. وتتمثل مسألة أخرى في الطبيعة الواسعة لفئات الأغذية الخاصة بالأغذية ذات الأولوية العالية المستخدمة في السيناريوهات لأنه، على سبيل المثال، ليس من الواضح إلى أي مدى تساهم زيادة استهلاك الدهون والزيوت في الأنماط الغذائية الصحية في جميع السياقات، على الأقل ليس في غياب بيانات أكثر تحديدًا عن أنواع الدهون والزيوت.

وتشير نتائج السيناريوهات أيضًا إلى أن تقديم الإعانات المالية للمستهلكين يميل إلى توليد أنماط استهلاك أغذية صحية أكثر تنوعًا يرافقها انخفاض في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالمقارنة مع تقديم الإعانات المالية للمنتجين، حتى لو كانت كلتا السياستين تستهدفان نفس الأغذية المغذية. ويعتبر ذلك أمرًا متوقعًا لأن خفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية وزيادة القدرة على تحملها يعتبر هدفًا من جانب المستهلك وليس من جانب المنتج. غير أن سياسة تقديم الإعانات لمستهلكي الأغذية «ذات الأولوية العالية» من أجل أنماط غذائية صحية لا تعتبر خالية من المقايضات على صعيد دخل المزرعة والإنتاج الزراعي وحتى كلفة الأنماط الغذائية الصحية في حالة البلدان المنخفضة الدخل، وقد يرغب صانعو السياسات في تجنب تلك المقايضات في الممارسة العملية.

وفي حالة البلدان المنخفضة الدخل، على سبيل المثال، تبيّن أن كلفة الأنماط الغذائية الصحية والحالية تزداد بنسبة هامشية عندما تُحوَّل الإعانات المالية من المنتجين إلى المستهلكين لسببين اثنين: (1) زيادة الطلب على الواردات من أغذية البلدان المنخفضة الدخل في بقية العالم يرفع أسعار الأغذية؛ (2) هناك إعانات محدودة في البلدان المنخفضة الدخل لكي يُعاد توزيعها من أجل تحفيز الطلب على الأغذية المغذية بصورة مجدية. وهذه المقايضة مهمة وينبغي أخذها بعين الاعتبار، لا سيما في سياق أفريقيا، حيث تبيّن أن القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية زادت بشكل عام عندما ارتفعت مستويات دخل المستهلكين، وذلك لأن خفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية ينطوي على تحديات أكثر في هذه البلدان. غير أن الأسر المعيشية الأفقر التي لديها قدرة منخفضة على توليد الدخل أو تعتبر معدومة الدخل قد لا تكون في وضع يسمح لها بالاستفادة بموجب هذا النوع من السيناريوهات.

ولتجنب المقايضات، قد لا يحاول صانعو السياسات خفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية وزيادة القدرة على تحملها عن طريق تحويل الإعانات المالية من المنتجين (الزراعة) إلى المستهلكين. وقد ينظرون في الإلغاء التدريجي للإعانات المالية للمنتجين المرتبطة بإنتاج سلعة معينة والتي ثبت أنها ذات أثر تشويهي وضار بالبيئة ولا تعزز إنتاج أغذية مغذية. وفي هذه الحالة، قد يُعاد توجيه الموارد إلى الإعانات المالية التي تقدم إلى المنتجين وتكون منفصلة عن الإنتاج ولكن يتسم تصميمها بمراعاته للتغذية، وتعزيزه لاعتماد تكنولوجيات ذات كثافة انبعاثات منخفضة، وتلبيته لشروط بيئية أخرى. وفي الوقت ذاته، قد يرغب صانعو السياسات في الاستفادة من الأدلة النابعة عن هذا التقرير، والتي تشير إلى أن تقديم الإعانات المالية للسلع التي ينبغي زيادة استهلاكها من أجل اتباع الخطوط التوجيهية بشأن الأنماط الغذائية يعتبر سياسة فعالة للغاية. ومما يؤسف له أن الإعانات المقدمة للمستهلكين تشكّل الحصة الأصغر من إجمالي الدعم المقدم للأغذية والزراعة في العالم (انظر الشكل 18 في الفصل 3). وبغية تحقيق أقصى استفادة من مثل هذه الإعانات المالية، فإنه من الأهمية بمكان زيادة الدعم للمستهلك.

وللاستفادة من الفرص التي قد تتيحها إعادة توجيه الدعم في الممارسة العملية، سيتعين على البلدان أن تلتقي معًا على مائدة متعددة الأطراف؛ وقد يكون العمل الأحادي الجانب مفيدًا ولكنه ليس كافيًا في بعض الحالات، وقد تترتب عليه في حالات أخرى عواقب وخيمة. وسيتعيّن عند إعادة توجيه التدابير الحدودية والضوابط على أسعار السوق والإعانات المالية مراعاة التزامات البلدان وأوجه المرونة في إطار القواعد الحالية لمنظمة التجارة العالمية، وكذلك القضايا المطروحة في المفاوضات الجارية (الإطار 15).

الإطار 15الآثار المترتبة على إعادة توجيه الإعانات الزراعية على صعيد التزامات البلدان إزاء منظمة التجارة العالمية

يبين الإطار 8 في الفصل 3 كيفية ضبط حوافز الأسعار وتدابير الدعم المالي من خلال قواعد منظمة التجارة العالمية. وفي هذا السياق، من المهم أن يؤخذ في الاعتبار أن إعادة توجيه الإعانات الزراعية ستكون له آثار على التزامات البلدان كأعضاء في منظمة التجارة العالمية.

وعلى سبيل المثال، إذا قام بلد ما بزيادة الإعانات المالية للمنتجين على صعيد الأغذية المغذية بهدف خفض كلفتها النهائية للمستهلكين، فإن هذه الإعانات ستكون بمثابة تشويه للتجارة في سياق اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن الزراعة، لأنه الإعانات الخاصة بمنتجات محددة تدخل ضمن قياس الدعم الكلي الذي يخضع لحدود. ويحق لجميع أعضاء منظمة التجارة العالمية تقديم إعانات لمنتجات محددة – بغض النظر عن قيمتها الغذائية – إذا لم يتم تجاوز سقف قياس الدعم الكلي* (الذي يختلف تبعًا لالتزامات منظمة التجارة العالمية الخاصة بكل بلد). ومن المهم بالتالي النظر في هذه الحدود إذا اختار بلد ما تحويل الإعانات من منتج إلى آخر.

ومن ناحية أخرى، إذا اختارت البلدان خفض الإعانات المشوهة للتجارة، فإن لديها خيار تقديم الدعم المباشر لدخل المزارعين بدلًا من ذلك. ويمكن استخدام دعم الدخل المنفصل عن مستويات الإنتاج دون أي حدود كجزء من تدابير "الصندوق الأخضر" (الإطار 8). وبالمثل، يمكن للبلدان أن تزيد من دعم الخدمات العامة غير الخاضع لأي حدود بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، بشرط استيفاء المعايير المنصوص عليها في اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن الزراعة.

وفي الأساس، يمكن للبلدان أن تخفض أو تلغي الإعانات الخاصة بمنتج محدد للمنتجات ذات القيمة الغذائية المنخفضة أو التي لا تساهم في الأنماط الغذائية الصحية، وأن تقدم تدابير بديلة تشمل توسيع التمويل العام لخدمات البنية التحتية وبرامج البحوث للأغذية المغذية وخدمات الإرشاد الزراعي من دون تعريض الامتثال لقواعد منظمة التجارة العالمية للخطر. ويعني ذلك أن إعادة التوجيه لا تعني بالضرورة خفض المستوى العام للدعم الغذائي والزراعي، وإنما التحول نحو تدابير أقل تشويهًا للتجارة.

ويمكن للبلدان أيضًا أن تختار خفض التدابير الحدودية (بما في ذلك التعريفات الجمركية المرتفعة والتعريفات الجمركية حسب الحصص) على الأغذية المغذية مثل الفواكه والخضروات، مع عدم تغيير أو حتى زيادة الحماية التجارية للمنتجات التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون أو السكريات أو الملح. وبموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، يُسمح للبلدان بالقيام بذلك حتى حد معين (المستوى المثبت للتعريفات الجمركية).**

ويمكن لإعادة توجيه الإعانات الزراعية، إذا نفذتها العديد من البلدان، أن تفتح فصلاً جديدًا لمفاوضات التجارة الزراعية في منظمة التجارة العالمية. ويمكن للبلدان أن تجد أرضية جديدة للنقاش حول كيفية ضبط الدعم المحلي المشوه للتجارة. ويتمثل أحد الخيارات في زيادة المرونة في تقديم الإعانات الخاصة بمنتج محدد لمنتجي الأغذية المغذية. وبالمثل، في سياق المفاوضات بشأن الوصول إلى الأسواق التي تشمل التعريفات الجمركية، يمكن للبلدان أن تنظر في تخفيض المستوى المثبت للتعريفات الجمركية على الفواكه والخضروات والبقوليات وغيرها من المنتجات المهمة بالنسبة إلى الأنماط الغذائية الصحية، وتعزيز التجارة في هذه المنتجات.

وتمثل مسألة دعم الخدمات العامة لتحسين القدرة على تحمل كلفة الأنماط الغذائية الصحية حالة خاصة. وهي في الغالب ذات صلة بالبلدان التي يكون فيها المستوى الحالي من هذا النوع من الدعم منخفضًا ولا يزال التحول الزراعي قيد التنفيذ وتبقى فجوات الإنتاجية القائمة في الزراعة كبيرة، وهو ما ينطبق عمومًا على البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا. وفي سياق الأنماط الغذائية الصحية، يمكن أن يكون دعم الخدمات العامة مكونًا حاسمًا للدعم العام من أجل معالجة قضايا من قبيلالمناولة بعد الحصاد وخسائر ما بعد الحصاد، وهي قضايا يمكن أن تؤثر بشكل خاص على الأغذية المغذية القابلة للتلف. ويمكن توفير هذا النوع من الإنفاق العام دون حدود عندما يتماشى مع أحكام اتفاقات منظمة التجارة العالمية ذات الصلة (الإطار 15).

ولا ينبغي أن يؤدي تكثيف دعم الخدمات العامة من أجل خفض كلفة الأغذية المغذية بحيث تصبح الأنماط الغذائية الصحية ميسورة الكلفة إلى إبطاء التحول الزراعي الشامل في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا. وعلاوة على ذلك، سيقدم دعم الخدمات العامة بحكم تعريفه الدعم للزراعة بصورة جماعية، دون استبعاد صغار المزارعين والنساء والشباب. ولكن ينبغي للطريقة التي تتم بها إعادة توجيه نفقات دعم الخدمات العامة أو توسيع نطاقها من الناحية العملية أن تأخذ في الاعتبار أن الفجوات الإنتاجية تعتبر أكبر بالنسبة إلى بعض الجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية، لا سيما النساء اللواتي تُظهر حالتهن بشكل عام محدودية الوصول إلى الموارد الإنتاجية وأصول سبل العيش مثل الأراضي والائتمان والتحكم بها، وعدم كفاية الإرشاد الزراعي والخدمات الأخرى والبنى التحتية الريفية.236

ولن يقتصر التحدي الرئيسي أمام صانعي السياسات في البلدان المنخفضة الدخل، وربما في بعض البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا أيضًا، على التوصل إلى حلول توفيقية لإعادة توجيه الدعم الزراعي نحو تحقيق العديد من أهداف التحول الزراعي الشامل المتوافقة تمامًا مع خفض كلفة الأغذية المغذية. وسيتعيّن أيضًا على حكومات هذه البلدان، في ضوء انخفاض ميزانياتها، تعبئة تمويل كبير لزيادة توفير ما يلي: (1) دعم الخدمات العامة في الحالات التي يتعيّن فيها إطاء الأولوية إليها لسد الفجوات في الإنتاجية بفعالية في إنتاج الأغذية المغذية من خلال الشمول والاستدامة؛ (2) الإعانات المالية للمستهلكين من أجل زيادة قدرتهم على تحمل الكلفة. وفي هذا الصدد، سيُشكل دعم الاستثمارات العامة الدولية (على سبيل المثال من المنظمات المالية الدولية، ومصارف التنمية الإقليمية، والبرنامج العالمي للزراعة والأمن الغذائي، وما إلى ذلك) السبيل لتيسير التحول نحو دعم أكبر للخدمات العامة، لا سيما في البلدان المنخفضة الدخل.

back to top عد إلى الأعلى