تستخدم الزراعة حوالي 750 4 مليون هكتار من الأراضي لزراعة المحاصيل وتربية المواشي. وتشغل المحاصيل المؤقتة والدائمة المزروعة أكثر من 500 1 مليون هكتار، بينما تشغل الأراضي المخصصة للمروج والمراعي الدائمة ما يقارب 300 3 مليون هكتار. والتغيير الإجمالي في مساحة الأراضي الزراعية منذ عام 2000 ضئيل، لكنّ الأراضي المزروعة بالمحاصيل الدائمة والمروية قد زادت، في حين أن الأراضي المخصصة للمروج والمراعي الدائمة قد شهدت تراجعا كبيرًا. وأدى النمو السريع للمناطق الحضرية إلى تعديل جميع أنواع استخدامات الأراضي الزراعية (الجدول 1) (الخريطة 1).
ويشهد السياق الزراعي المناخي لنمط استخدام الأراضي تغيرًا سريعا. وتتكيف المؤسسات الزراعية مع النظم الحرارية الجديدة التي يمكن أن تعطّل مراحل نمو المحاصيل وبيئات التربة الداعمة لها، مع تأثيرات محددة على انتشار أمراض وآفات المحاصيل (الخريطة 2). وقد أدت التغيرات الأساسية في دورة المياه، ولا سيما أنماط هطول الأمطار وفترات الجفاف، إلى تكييف الإنتاج البعلي والمروي. وفي ظلّ تغير المناخ، قد تصبح فترات النمو أطول في المناطق الشمالية والقطبية الشمالية، ولكنها أقصر في المناطق المتأثرة بفترات الجفاف الممتدة عند مقارنتها بالفترات المرجعية الحالية (الخريطة 3).
ومن المتوقع أن تؤثر آثار تغير المناخ على دورة المياه بشكل كبير على الإنتاج الزراعي والأداء البيئي للأراضي المنتجة والنظم المائية. وتتوقع النماذج المناخية حدوث انخفاضات في الموارد المائية المتجددة في بعض المناطق (مناطق خطوط العرض الوسطى والمناطق شبه الاستوائية الجافة) وزيادات في مناطق أخرى (مناطق خطوط العرض العليا والمناطق الرطبة في خطوط العرض الوسطى). وحتى في حالة توقّع الزيادات، قد يكون هناك نقص قصير الأجل بسبب تغير تدفق المجرى المائي الناجم عن زيادة التباين في هطول الأمطار.
يعتبر الغطاء الحرجي، كونه جزءًا من دورة الكربون العالمية، مؤشرًا قيما على صحة المناخ. ويبلغ الغطاء الأرضي الحرجي العالمي ما يزيد قليلًا عن 4 مليارات هكتار، أي حوالي 30 في المائة من إجمالي مساحة الأرض (الخريطة 4). ويقدّر صافي الخسارة السنوية للغطاء الحرجي بين عامي 2010 و2020 بما يعادل 4.7 ملايين هكتار سنويا بالمقارنة بمساحة 5.2 مليون هكتار سنويا بين عامي 2000 و2010 و7.8 ملايين هكتار سنويا بين عامي 1990 و2000، مع مراعاة التوسع الحرجي بفضل التجديد والتشجير (الشكل 1).
التربة هي عامل أساسي أو «منظم» لتغير المناخ. ولا تزال التربة التي تخضع للزراعة التقليدية مصدرًا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لكن تقنيات الحفظ يمكن أن توقف، وفي بعض الحالات، أن تعكس فقدان الكربون العضوي للتربة (الخريطة العالمية للكربون العضوي في التربة) (الخريطة 5). ويؤدي تدهور التربة الخثية والصرف إلى إطلاق كميات كبيرة من الكربون من خلال التحلّل. وشكلت الحرائق في أراضي الخثّ المجففة حوالي 4 في المائة من انبعاثات الحرائق العالمية بين عامي 1997 و2016. كما تتسبب الممارسات الزراعية في إطلاق التربة لغازات أخرى من غازات الاحتباس الحراري بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون، ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم هذه الانبعاثات. وينبعث أكسيد النيتروز من التربة عند استخدام الأسمدة، وعند زراعة المحاصيل المثبتة للنيتروجين. كما ينبعث منها غاز الميثان عند غمرها بالمياه لزراعة الأرزّ.
ويعكس التوزيع العالمي للتربة التي تتأثر بالأملاح (الخريطة 6) التربة المالحة والصودية بشكل طبيعي وتراكم الأملاح بسبب عمليات مياه التربة التي يسببها الإنسان. وتشير التقديرات إلى أن ملوحة التربة تحرم من إنتاج ما يصل إلى 1.5 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية سنويا. ومن المتوقع أن تؤدي المعدلات الأعلى من التبخر والنتح إلى تفاقم تراكم الأملاح في الآفاق السطحية، ولكنّ مدى ملوحة التربة في نطاق عمق يتراوح بين 30 سنتمترًا و100 سنتمتر يكون أكثر وضوحا.
لم تشهد الأراضي والموارد المائية ضغوطًا بهذه الشدة من قبل، كما أن تراكمها يدفع بالقدرة الإنتاجية لنظم الأراضي والمياه إلى أقصى حد. وزادت الأراضي الزراعية بنسبة 4 في المائة (63 مليون هكتار) بين عامي 2000 و2019. وتضاعف نمو الأراضي الصالحة للزراعة، وخاصة المحاصيل المروية، في حين زاد نمو المحاصيل البعلية بنسبة 2.6 في المائة فقط خلال الفترة نفسها. وأدى ارتفاع عدد السكان إلى انخفاض نصيب الفرد من الأراضي الزراعية للمحاصيل وتربية المواشي بنسبة 20 في المائة بين عامي 2000 و2017، لتبلغ 0.19 هكتارًا للفرد الواحد في عام 2017.
وإن آثار تغير المناخ، من الفيضانات الشديدة والجفاف إلى القباب الحرارية الدائمة، تحدث تغيرات متوقعة بل ومدهشة في الوقت نفسه. ومن المتوقع أن يزيد التبخر النتحي من الأراضي الزراعية، وأن يشهد هطول الأمطار تقلبات، ما يؤدي إلى تغيرات في ملاءمة الأرض/المحاصيل وانخفاض الغلّات حيث يؤدي الإجهاد الحراري إلى إضعاف امتصاص الكربون. ومن المتوقع أيضا حدوث اختلافات أكبر في جريان الأنهار وتغذية المياه الجوفية، ما يؤثر على الزراعة البعلية والمروية. ويشكّل امتصاص الفيضانات الشديدة على الأراضي الزراعية المجففة سابقًا معضلة للتخطيط للفيضانات في المناطق الحضرية والريفية عند نشر الحلول القائمة على الطبيعة.
وفي عام 2019، بلغت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية البشرية المنشأ 54 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون يعزى 17 مليار طن منها، أي ما نسبته 31 في المائة، إلى النظم الزراعية والغذائية. ومن حيث فرادى الغازات، ولّدت النظم الزراعية والغذائية 21 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، و53 في المائة من انبعاثات الميثان و78 في المائة من انبعاثات أكسيد النيتروجين. وشكّلت الانبعاثات من الأراضي الزراعية (عند باب المزرعة) المكون الأكبر للنظم الزراعية والغذائية مع حوالي 7 مليارات طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، تلتها عمليات ما قبل الإنتاج وبعده (6 مليارات طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون) والتغييرات في استخدام الأراضي (4 مليارات من مكافئ ثاني أكسيد الكربون). وفي حين أن الانبعاثات من النظم الزراعية والغذائية قد ارتفعت عالميا بنسبة 16 في المائة بين عامي 1990 و2019، انخفضت حصتها من إجمالي الانبعاثات من 40 في المائة إلى 31 في المائة وكذلك الأمر بالنسبة إلى نصيب الفرد من الانبعاثات الذي انخفض من 2.7 إلى 2.1 طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون للفرد (الشكل 2).
تسلّط سيناريوهات تغير المناخ في المستقبل الضوء على الحاجة إلى تغيير أنماط المحاصيل وممارسات الإدارة للتكيف مع التغيرات في ملاءمة المحاصيل/الأراضي. وتتكيف النظم الزراعية بالفعل مع الاستخدام الأكثر دقة للتكنولوجيا والمدخلات، وذلك جزئيا كاستجابة لتغير المناخ، ولكن بشكل أساسي كاستجابة للطلبات الأكثر تعقيدًا للنظام الغذائي العالمي. لذلك، فقد تراجعت أهمية المقاييس التقليدية لإنتاجية الأرض والمياه مع مراعاة عوامل الإنتاج الأخرى. وفي الواقع، في حين أن النمو في استخدام الأراضي الزراعية والمناطق المروية قد شهد ركودًا، فإن إنتاجية العوامل الإجمالية في الزراعة قد زادت بنسبة 2.5 في المائة سنويا على مدى العقود القليلة الماضية، ما يعكس كفاءة أكبر في استخدام المدخلات الزراعية. وقد حل محل تكثيف الموارد كمصدر رئيسي للنمو في الزراعة العالمية (الشكل 3). وأدى هذا المكسب إلى إذكاء الوعي بالحاجة إلى الزراعة المستدامة والاستخدام الفعال للموارد الطبيعية المحدودة. وبينما يجري تكثيف استخدام المدخلات الزراعية لتلبية الطلب الحالي، فقد تراكمت الآثار البيئية الناتجة إلى حد التأثير على مجموعة واسعة من الخدمات البيئية، ما حدّ من قدرة القطاع الزراعي على الاستجابة. وفي الوقت ذاته، فإن المنافسة بين القطاعات على الموارد من الأراضي والمياه شديدة، لذا فإن إمكانية توسيع المساحات المروية وتحويل الأراضي الجديدة إلى أراضٍ زراعية مقيد للغاية.