بالكاد تستطيع نظم الأراضي والمياه تلبية الطلبات المفروضة عليها من قبل نظام غذائي عالمي يتزايد تعقيدًا، مدفوعًا بالنمو السكاني المطرد. وليس هناك مجال كبير لتوسيع مساحات الأراضي المنتجة، بيد أن 98 في المائة من الإنتاج العالمي للسعرات الحرارية مستمدّ من الأراضي. وتتوجب حماية السلامة البيئية لتلك النظم توخيًا لاستمرارها.
وإن الأنماط الحالية لتكثيف الزراعة غير مستدامة. وتؤدي المستويات العالية لاستخدام الأراضي والمياه إلى استنزاف القدرة الإنتاجية لنظم الأراضي والمياه إلى أقصى حد وتتسبب بتدهور حاد للخدمات الأرضية والبيئية أثناء ذلك. ومن المتوقع لتغير المناخ أن يزيد من النتح البخري وأن يغير جودة تساقط الأمطار وتوزيعه، ما يؤدي إلى تغييرات في التلاؤم بين الأراضي والمحاصيل وإلى مزيد من التقلبات في جريان مياه الأنهر وتغذية المياه الجوفية.
وفي الوقت عينه تخضع النظم الزراعية للتجاذب، حيث تسيطر الشركات التجارية الكبرى على الاستخدام الزراعي للأراضي، ما يؤدي إلى حصر الملايين من أصحاب الحيازات الصغيرة في زراعة الكفاف ضمن الأراضي المعرضة للتدهور ولندرة المياه. وتهدد ندرة المياه الأمن الغذائي للملايين من الفقراء حيث يؤثر نضوب المياه الجوفية سلبًا في سكان الريف المعرضين للخطر.
ويتواصل اتساع التحديات الاجتماعية والمخاطر البيئية التي تواجهها الزراعة. وترتفع الضغوط على الموارد من الأراضي والمياه بنسبة كبيرة ضمن الزراعة والنظام الغذائي العريض، فتولد كميات ملحوظة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والملوثات القوية للتربة والمياه. وصحيح أن المخاطر البطيئة الظهور الناجمة عن فعل البشر لتدهور الأراضي وتآكل التربة والملوحة وتلويث المياه الجوفية قد لا تكون ظاهرة للعيان ولكنها عميقة الجذور وراسخة. وسيكون دور إدارة التربة والمياه في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن الزراعة محوريا في هذا الصدد.
ولكن رغم هذا المستوى من الضغوط، من الممكن عكس مسار تدهور الأراضي. فإن الإدارة العلاجية للأراضي ممكنة ولكن في إطار حوكمة الأراضي والمياه الخاضعة إلى الكثير من الإصلاحات والتي يمكنها ممارسة العلاج على نطاق واسع وتوزيع المنافع على الشرائح التي تعتمد على الوصول المستقر والطويل الأجل إلى الأراضي والمياه العذبة المنتجة.
ولا شك في أن «حيز الحلول» في الزراعة قد توسع. وإن التقدم في البحوث الزراعية قد وسع طائفة الحلول الفنية لإدارة الأراضي والمياه. وتتيح التحسينات السريعة في تكنولوجيا المعلومات إمكانية ممارسة الديمقراطية الرقمية. ولكن من أجل تطبيق الحلول على نطاق واسع، يتوجب تعديل حوكمة الأراضي والمياه لجعل أوجه التقدم شاملةً ولتوفير الدعم إلى المزارعين في مجال الابتكار.
ويستوجب أي تقدم في تحويل النظم الغذائية توخيا لتلبية الطلب المستقبلي التركيز على تخطيط الموارد من الأراضي الذي تجتمع فيه التحاليل النظمية للأراضي والتربة والمياه مع رصد الفقر والأمن الغذائي. وإن الأدوات اللازمة للتخطيط والإدارة متوفرة. وينبغي تحسين جمع البيانات ونشر المعلومات. وسيكون رصد تأثيرات تغير المناخ في ما خص ملاءمة الزراعة الإيكولوجية ضروريا لتخطيط استخدام الموارد على امتداد سلاسل القيمة الغذائية والإمدادات بكاملها.
ولا يجب أن يكون تنفيذ الخطط من خلال النهج المتكاملة المتعددة القطاعات معقدًا. ويمكن لتلك النهج أن تكون بديهية وقد تستوجب فقط التعاون الوثيق عبر الحدود القطاعية. ولكن يتعيّن على المزارعين ومدراء الموارد أن يكونوا مدركين للمخاطر بدرجة أكبر وأن يتعاونوا مع المخططين في تحديد استجاباتهم وخططهم للطوارئ.
وينبغي تغيير وجهة مستوى الدعم المقدم إلى الزراعة من أجل الإتيان بالمكاسب المنشودة من حيث الاستقرار الطويل الأجل لقاعدة الموارد الطبيعية للزراعة وسبل معيشة الشرائح التي تعتمد عليها. وإن التخطيط للخروج من دوامة تدهور الأراضي وندرة المياه يقدم حلًا واعدًا إذا ما اقترن بمحفزات استشرافية للتكيف مع المناخ والتخفيف من وطأته. وثمة مجال حاليا للتمويل التدريجي المتعدد المراحل للمشاريع الزراعية الذي يمكن ربطه بالإعانات المالية الموجهة إلى أهداف جديدة، من أجل الإبقاء على حسن سير نظم الأراضي والمياه.
وختاما، لا يوجد حلّ واحد مناسب لجميع الحالات وإنما «رزمة كاملة» من الحلول القابلة للتطبيق. وهي ستنجح فقط في حال وجود بيئة تمكينية مؤاتية وإرادة سياسية قوية وحوكمة شاملة للمياه والأراضي.