يتعين إعادة التفكير في الاستثمارات في الزراعة من أجل دعم الإدارة المتكاملة للموارد من الأراضي والمياه في الزراعة البعلية والمروية والتركيز على اتساق السياسات. وتبرز التكاليف المرتفعة للتدهور والتقاعس الحاجة الملحة إلى زيادة الاستثمارات في إدارة الأراضي والتربة والمياه على نحو مستدام واستعادة النظم الإيكولوجية المتدهورة، بما في ذلك التكنولوجيات العملية لإدارة الأراضي والمياه والنهج المتكاملة في أحواض الأنهار ذات الأولوية والنظم الإيكولوجية المعرّضة للخطر. ومن الضروري أيضا أن تكون الظواهر الناشئة التي أعقبت جائحة كوفيد-19 في مطلع عام 2020 جزءًا من الاستثمارات المستقبلية، إذ إنها كشفت عن مواطن الضعف في سلاسل التوريد العالمية والتي لا تزال تبرز.
وصبت الاستثمارات الدولية في قطاعات الزراعة تركيزها بشكل أساسي على التنمية الزراعية والحوكمة، وتحسين الري والصرف، وإدارة موارد المياه، وتغير المناخ، لكنها لم توجه تركيزها نحو إدارة الموارد من الأراضي والتربة إلّا بدرجة ضئيلة. ويسعى الكثير من المشاريع أيضا إلى تحسين الأعمال التجارية الزراعية، أو التركيز على السياق الإيكولوجي والبيئي، أو التركيز على التخفيف من حدّة الفقر وتنمية المجتمع. ويهدف التمويل التقليدي إلى زيادة الكفاءة الزراعية إلى أقصى حد وإيجاد ميزة تنافسية، ما يعني أنه في المناطق التي تعاني من ندرة الأراضي والمياه على وجه الخصوص، لم يعطَ للاكتفاء الذاتي الغذائي أولوية كتلك التي حظي بها إنتاج صادرات المحاصيل ذات قيمة مضافة عالية.
لذلك، هناك حاجة إلى أن تنتقل الاستثمارات من حلول البنية التحتية وزيادة الإنتاج إلى استدامة إنتاجية النظم البعلية والمروية من خلال تحسين الحوكمة والتدخلات المتكاملة على نطاق واسع والابتكار في الإدارة والتكنولوجيا.
وإنّ الاستثمارات في التدخلات المتكاملة على نطاق واسع واعدة جدًا، ويمكن دعمها من خلال آليات التمويل والحوافز المبتكرة. ويمكن أن تساعد الاستثمارات العامة في بناء القدرات لدى اتحادات المنتجين والهيئات التنظيمية والبحوث التطبيقية. ويعدّ إطار فعال لإدارة الأراضي والمياه يحشد الاستثمارات المسؤولة ويعزز اعتماد الإدارة والتكنولوجيات المبتكرة إلى جانب الممارسات المستدامة للأراضي والمياه، هدفًا يمكن تحقيقه. فهو يتطلب فهم المقايضات بين القطاعات، والنزاعات القائمة في ما يتعلق باستخدام الأراضي والمياه لأغراض الزراعة، والغابات والاحتياجات الحضرية، والحاجة الملحة إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتجنب إزالة الغابات وتعزيز احتباس الكربون.
ومن الضروري أن تستكمل استثمارات القطاع الخاص استثمارات مصارف التنمية وصناديق البيئة. ويمكن أن تشجع الحكومات المستهلكين والمنظمات غير الحكومية والشركات على تبنّي استثمارات مسؤولة إزاء إدارة الأراضي والمياه والنظم الغذائية والزراعية المستدامة.
والمزارعون والمجتمعات المحلية هم أيضًا من المستثمرين الرئيسيين عندما تساعد مكاسب الإنتاجية في الحفاظ على سبل العيش وتحسين مستويات الدخل. وإن تحفيز المزارعين ليصبحوا مستثمرين في الإدارة المستدامة للأراضي والمياه يمكن أن يجلب منافع بيئية شاملة. ولكنهم، سيحتاجون إلى دعم من التمويل المبتكر والأدوات التي توفق بين الإنتاج والإدارة البيئية. ومن المرجح أن تثبت الأدوات التي تدعم التحسينات المجتمعية في إنتاجية الأراضي والمياه، والبنية التحتية الصغيرة، والحصول على ائتمانات صغيرة، فعاليتها.
وأخيرًا، يجب التأكيد على الحاجة إلى استثمارات إضافية في إدارة البيانات والمعلومات من أجل تحسين الاتصال بين جميع المنتجين والأسواق والجهات المنظمة. كما أن الاستثمار في التكنولوجيات الابتكارية والبحوث مطلوب أيضا، لا سيما في نظم الطاقة المتجددة والتطبيقات الوراثية. كما ستعمل أنظمة الإنذار المبكر ومراقبة الأداء أيضا على تحسين عملية اتخاذ القرارات في المزارع، في حين أن المعلومات المتعلقة بالتأثيرات البيئية والاجتماعية السلبية ستساعد في توجيه الاستثمارات المسؤولة.