اختبر تفشي جائحة كوفيد - 19 في عامي 2020 و2021 قدرة شبكة تجارة الأغذية والزراعة على الصمود.ي وقد شكّلت الجائحة، والتدابير التي اتخذتها الحكومات حول العالم لاحتوائها، صدمة متزامنة لجميع جوانب النظام الزراعي والغذائي. وأثّرت هذه الصدمة على الطلب والعرض والخدمات اللوجستية وتجارة المنتجات الغذائية والزراعية والمدخلات اللازمة لإنتاجها. وفي المتوسط، ورغم التحديات المتعددة، أثبتت شبكة تجارة المنتجات الغذائية والزراعية قدرتها على الصمود في وجه الصدمات بشكل ملحوظ. وفي الواقع، تمثلت التأثيرات الظاهرة الوحيدة على مستوى العالم في اختلالات قصيرة الأجل في التجارة في بداية الجائحة وعندما فُرضت قيود على الحركة في جميع أنحاء العالم خلال الفترة مارس/آذار-أبريل/نيسان 2020. 39 ، 40، 41
ويمكن لزيادة الترابط بين البلدان أن تعزز قدرة الشبكة العالمية لتجارة المنتجات الغذائية والزراعية على امتصاص الصدمات. ويمكن للبلدان المدمجة بشكل جيد في السوق العالمية والتي تتمتع بعدد كبير من الروابط التجارية أن تحقق فوائد من التجارة عن طريق الاستفادة من ميزتها النسبية على مستوى العالم (انظر الجزء 2). ومن شأن ذلك أن يعزز الأمن الغذائي ويحسّن تنوع الأغذية الموردة والنمو الاقتصادي ويخفف الضغط على قاعدة الموارد الطبيعية (انظر الجزء 3). ومن شأن زيادة الترابط أن تساهم في تعزيز القدرة على الصمود في وجه الصدمات على صعيد الإنتاج المحلي والصدمات المحلية في البلدان المصدّرة.
وبالنسبة إلى بلد ما، يمكن امتصاص الصدمات المحلية في إنتاج الأغذية، كتلك الناتجة عن الظواهر المناخية المتطرفة أو الأزمات الجيوسياسية، عن طريق إجراء تعديلات في الكميات المتداولة بما يضمن الأمن الغذائي.42 وبهذا الشكل، يمكن إلغاء الصدمات الخاصة ببلدان أو أقاليم منفردة بصورة جزئية على المستوى العالمي. وبالتالي، تُعتبر التجارة محركًا قويًا محتملًا للتغلب على تقلبات الإمدادات حول العالم والحد في نهاية المطاف من تقلبات الأسعار. لكن ثمة مخاوف أيضًا في ظل زيادة الاعتماد على الواردات، من أن تكون زيادة الترابط بين البلدان عبر التجارة بمثابة ناقل للصدمات السلبية وأن تفاقم أوجه الضعف بدلًا من المساهمة في القدرة على الصمود.43 ، 44، 45، 46 ويمكن أن تتفاقم الآثار المترتبة على البلدان المستوردة وأن تؤدي إلى الانتشار الذاتي لاختلالات التجارة إذا ما استجابت البلدان الأخرى في الشبكة عن طريق فرض قيود على الصادرات أو تدابير أخرى، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تفاقم ارتفاع الأسعار.47 ، 48، 49، 50 ومع ذلك، تعتبر البلدان التي تعتمد بشكل كبير على الواردات الغذائية والزراعية من عدد قليل فقط من الشركاء التجاريين الرئيسيين أكثر عرضة للصدمات التي تؤثر على أحد شركائها بالمقارنة مع البلدان الأفضل ترابطًا والتي يمكنها تلقي الأغذية من أماكن أخرى بسهولة.51
وعلى المستوى العالمي، يعتمد مدى تعرض البلدان للصدمات على مستوى التجارة الخارجية على عوامل عديدة. ويتمثل أحد العوامل المحددة الهامة في هيكل شبكة التجارة. حيث أنه إذا سيطر عدد قليل من الجهات الفاعلة الكبرى على الشبكة وارتبطت بلدان عديدة أخرى بهذه المراكز، ولكنها لم تكن مرتبطة ببعضها البعض، فإن الصدمات التي تؤثر على تلك الجهات الفاعلة الكبرى يمكن أن تنتقل بسهولة عبر الشبكة بأسرها، وقد تتضخم من خلال سلاسل القيمة العالمية (انظر الإطار 1-3 بشأن التداعيات المحتملة للحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي). ويمكن أن تتبدد الصدمة التي تواجه النظام عندما تكون جميع البلدان في الشبكة (أو عدد كبير منها) مرتبطة بالعديد من الشركاء التجاريين.52 ، 53، 54، 55
ويمكن لتحليل الشبكة أن يسلّط الضوء على مدى تعرض الشبكة العالمية لتجارة المنتجات الغذائية والزراعية للصدمات من خلال تقييم الترابط بين البلدان وتوزيعه عبر العالم. وفي عام 1995، كان عدد قليل من البلدان فقط يعتبر مرتبطًا بشكل كبير بشبكة التجارة، ويظهر ذلك من خلال طول الذيل على الجانب الأيمن من منحنى التوزيع في الشكل 1-14. ولم تكن معظم البلدان - كما يتضح من الجانب الأيسر من التوزيع - مدمجة بشكل جيد في الأسواق العالمية وظلت في محيط شبكة التجارة.
الشكل 1-14توزيع الترابط عبر البلدان، بعد المعايرة، 1995-2019

المصدر: Jafari, Y., Engemann, H. & Zimmermann, A. 2022. The evolution of the global structure of food and agricultural trade: Evidence from network analysis. . وثيقة معلومات أساسية لتقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2022. روما، منظمة الأغذية والزراعة.
وبين عامي 1995 و2007، مع بدء عملية تحرير التجارة، زادت عدد أكبر من البلدان روابطه التجارية المباشرة وغير المباشرة مع عدد أكبر من البلدان الأخرى. ونتيجة لذلك، أصبح توزيع روابط التجارة العالمية أكثر تكافؤًا – حيث يبدو منحنى التوزعي لعام 2007 في الشكل 1-14 أكثر انبساطًا ويتناظر الذيلان بشكل يشبه الجرس. وعلى مدار 12 عامًا، انتقلت شبكة التجارة من هيكل المركز والمحيط الواضح إلى نظام أكثر تناظرًا وتوازنًا وقدرة على الصمود. وبقي هيكل الشبكة بين عامي 2007 و2019 مستقرًا من دون أن تطرأ عليه تغيرات كبيرة.
ومن خلال عدم الاكتفاء بأخذ عدد الروابط التجارية لكل البلد على مستوى العالم بعين الاعتبار، وإنما أخذ قيمة التجارة من خلال هذه الروابط - أي كثافة التجارة - بالحسبان أيضًا، يمكن تكوين نظرة ثاقبة إضافية حول هيكل الشبكة العالمية لتجارة المنتجات الغذائية والزراعية وقدرتها على الصمود. وبين عامي 1995 و2007 أصبح توزيع كثافة التجارة أكثر تكافؤًا عبر البلدان (أصبح المنحنى في الشكل 1-15 أكثر انبساطًا في عام 2007)، غير أن شبكة التجارة لم تصبح أكثر توازنًا بشكل ملحوظ (لا يتماثل الذيلان في منحنى التوزع). وفي حين أن العديد من البلدان تشارك في التجارة الدولية للمنتجات الغذائية والزراعية، إلا أن حصة عدد قليل منها تمثّل معظم القيمة المتداولة.
الشكل 1-15توزيع كثافة التجارة عبر البلدان، بعد المعايرة، 1995-2019

المصدر: Jafari, Y., Engemann, H. & Zimmermann, A. 2022. The evolution of the global structure of food and agricultural trade: Evidence from network analysis. . وثيقة معلومات أساسية لتقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2022. روما، منظمة الأغذية والزراعة.
ويشير توزيع كثافة التجارة عبر البلدان أيضًا إلى توقف التطور نحو نظام تجاري أكثر استقرارًا في عام 2007. وتشير بعض القياسات إلى زيادة التركيز بين عامي 2013 و2019.56 وفي عامي 1995 و2019، كانت معظم البلدان الأكثر ارتباطًا والتي سجلت أعلى مستوى من كثافة التجارة موجودة في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا الشرقية. وتمثلت معظم البلدان الأقل ارتباطًا والتي سجلت مستوى متدنيًا من كثافة التجارة (البلدان الواقعة في الطرف الأيسر من المنحنيات في الشكل 1-14 والشكل 1-15) في الدول الجزرية الصغيرة النامية أو البلدان النامية غير الساحلية. وكون هذه البلدان صغيرة وبعيدة جغرافيًا، فهي تُعتبر أكثر عرضة للصدمات الحاصلة في أسواقها المحلية وفي أسواق شركائها التجاريين.
وتُعتبر مجموعات التجارة هامة أيضًا، إذ أنها تؤثر على كيفية انتشار صدمة يتعرض لها بلد ما ضمن شبكة التجارة العالمية. وعلى سبيل المثال، إذا كان مركز الصدمة ضمن مجموعة إقليمية، فإن البلدان في تلك المجموعة ستتأثر بشكل مباشر أكثر من البلدان الخارجية كونها ستواجه انخفاضًا في الإمدادات من شركائها التجاريين وارتفاع الأسعار. وستتأثر البلدان الموجودة خارج مجموعة مركز الصدمة بشكل غير مباشر من خلال زيادة الأسعار الدولية والتدخلات التجارية المحتملة من قبل شركائها التجاريين.57
وبشكل عام، هناك أدلة دامغة على أن شبكة التجارة أصبحت أكثر ارتباطًا وتنوعًا بين عامي 1995 و2007، مما يشير إلى زيادة القدرة على الصمود ضمن النظام في وجه الصدمات من حيث إجمالي المنتجات الغذائية والزراعية. وتشير أدلة متفاوتة للفترة من عام 2013 إلى عام 2019 إلى حدوث انخفاض طفيف في قدرة شبكة التجارة على الصمود. وقد يُعزى ذلك جزئيًا إلى الزيادة في إضفاء الطابع الإقليمي، ولكن قد يعود السبب فيه أيضًا إلى انخفاض التجارة بين الاقتصادات الرئيسية نتيجة التوترات التجارية.58 لكن عندما تتركز صادرات الأغذية الأساسية الإفرادية بشكل كبير في عدد قليل فقط من البلدان وعندما تحدث صدمات في البلدان المصدّرة (على سبيل المثال بسبب الظواهر المناخية المتطرفة أو النزاعات المسلحة)، قد تكون لذلك تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي لشركائها التجاريين (انظر الإطار 1-3).ك
الإطار 1-3الحرب في أوكرانيا وقدرة شبكة تجارة المنتجات الغذائية والزراعية في العالم على الصمود
على المستوى الإجمالي، وبالنسبة إلى جميع المنتجات الغذائية والزراعية، يمكن أن تكون القدرة على الصمود في وجه الاضطرابات التي تواجه إحدى الجهات المصدّرة الرئيسية متوازنة بشكل أفضل عن طريق زيادة الواردات من البلدان الأخرى مقابل الاستيراد على مستوى المنتج الإفرادي. وبالنسبة إلى المنتج الإفرادي، مثل القمح، يتمتع عدد قليل فقط من البلدان بميزة نسبية وتعتبر من الجهات المصدّرة الرئيسية، وقد يعني ذلك اعتماد بلدان أخرى في الشبكة بشكل كبير على تلك الجهات المصدّرة الرئيسية.75
ومع أن تجارة المنتجات الغذائية والزراعية في العالم أصبحت أكثر توازنًا وقدرة على الصمود بالإجمال، لا تزال هناك حالات اعتماد كبيرة على مستوى المنتج، لا سيما على صعيد المواد الغذائية الأساسية. ويوضح الشكل 1-16 أنه على الرغم من زيادة القدرة على الصمود بين عامي 1995 و2007، فإن توزيع الروابط التجارية على مستوى المنتجات لا يزال أقل تكافؤًا بكثير بالمقارنة مع الروابط التجارية الإجمالية على مستوى البلدان (كما هو موضح في الشكل 1-14). ويتلقى عدد قليل فقط من البلدان مجموعة كبيرة ومتنوعة من المنتجات الغذائية والزراعية من عدة جهات مصدّرة مختلفة. وتتركز واردات معظم البلدان بشكل أكبر على عدد أقل من المنتجات الواردة من عدد محدود من الشركاء التجاريين.
الشكل 1-16توزيع الترابط عبر المنتجات والبلدان، بعد المعايرة، 1995-2016

المصدر: Jafari, Y., Engemann, H. & Zimmermann, A. 2022. The evolution of the global structure of food and agricultural trade: Evidence from network analysis. وثيقة معلومات أساسية لتقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2022. روما، منظمة الأغذية والزراعة.
ويوضح الشكل 1-17 أن البلدان في أفريقيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي تميل إلى أن يكون لديها عدد قليل نسبيًا من الروابط التجارية على صعيد المنتجات الغذائية والزراعية. وفي حين أن العديد من بلدان أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي تعتبر من البلدان المصدّرة الصافية للأغذية، فإن البلدان في أفريقيا تميل إلى أن تكون مستوردة صافية للأغذية، لا سيما تلك الواقعة في شمال أفريقيا. وإن الاعتماد على واردات مجموعة صغيرة من المنتجات من جهات مصدّرة قليلة يمكن أن يشكل بالنسبة إلى هذه البلدان خطرًا على قدرتها على الصمود في وجه الصدمات على صعيد الإمدادات في البلدان المصدّرة.
الشكل 1-17الترابط عبر المنتجات والبلدان على المستوى القطري، 2019

المصدر: Jafari, Y., Engemann, H. & Zimmermann, A. 2022. The evolution of the global structure of food and agricultural trade: Evidence from network analysis. وثيقة معلومات أساسية لتقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2022. روما، منظمة الأغذية والزراعة. مطابق للخريطة رقم 4170 Rev.19 للأمم المتحدة (أكتوبر/تشرين الأول 2020).
ويمكن أن يؤدي الاعتماد على عدد قليل من الشركاء التجاريين إلى اختلال التوازن ونشوء أوجه ضعف أمام الصدمات في البلدان المستوردة والمصدّرة على حد سواء. ووجدت إحدى الدراسات أن قدرة البلدان على الصمود تبلغ أدنى حد لها في حال حدوث اضطرابات في شبكة تجارة الحبوب، والتي تتكون من عدد قليل فقط من الجهات المصدّرة الرئيسية، كما حصل خلال أزمة الأغذية العالمية في 2008-2007 وأثناء مرحلة ارتفاع الأسعار خلال الفترة 2011-2010 عندما فرض عدد من المنتجين الرئيسيين قيودًا على الصادرات.76
وفي الواقع، اعتُبرت شبكة تجارة القمح إحدى أشد شبكات التجارة ضعفًا على مستوى المنتج في حال حدوث صدمات في إحدى الجهات المصدّرة الرئيسية، مثل أوكرانيا، والاتحاد الروسي، وبعض بلدان أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية.77
أظهرت تحليلات شبكة القمح العالمية ازدياد قدرتها على الصمود بين عامي 2009 و2013، غير أن اعتماد بعض البلدان النامية على الاستيراد شهد تزايدًا أيضًا وأصبحت بالتالي أكثر عرضة للصدمات الحاصلة في البلدان المصدّرة. وتبيّن أن البلدان في شمال أفريقيا وآسيا الغربية والشرقية أكثر عرضة للصدمات على صعيد إمدادات القمح. وعلى سبيل المثال، يُعتقد أن خسائر الغلال التي سببتها موجات الحر في الاتحاد الروسي والقيود المفروضة على الصادرات قد ساهمت في زيادة أسعار القمح التي ارتبطت بالاضطرابات الاجتماعية التي شهدتها بعض من هذه البلدان في بدايات العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. 78، 79، 80
ويُعدّ الاتحاد الروسي وأوكرانيا من أهم الجهات المصدّرة لبعض المنتجات الزراعية في العالم. وفي عام 2021، تم تصنيف الاتحاد الروسي أو أوكرانيا (أو كليهما) من بين أكبر ثلاث جهات مصدّرة للقمح، والذرة، وبذور اللفت، وبذور دوار الشمس وزيت دوار الشمس. وكان الاتحاد الروسي أيضًا أحد أكبر ثلاث جهات مصدّرة للأسمدة في العالم. وأثار ذلك مخاوف بشأن مخاطر الحرب في أوكرانيا التي بدأت في فبراير/شباط 2022 وامتدت إلى خارج المنطقة.
وبحلول نهاية شهر مارس/آذار 2022، كانت الحرب قد تسببت بالفعل بأضرار جسيمة وخسائر في الأرواح في المراكز السكنية الرئيسية في أوكرانيا، وانتشرت عبر المناطق الريفية وأدت إلى نزوح جماعي. وفي ظل اشتداد العنف بسرعة، لا يزال من الصعب للغاية التنبؤ بتطور النزاع وتأثيره على الحياة وسبل العيش والأمن الغذائي والتغذية. وفي وقت إعداد هذا التقرير، لم يكن من المؤكد أيضًا ما إذا كانت أوكرانيا ستتمكن من حصاد المحاصيل الموجودة أو زراعة محاصيل جديدة أو الحفاظ على الإنتاج الحيواني في ظلّ استمرار الحرب. وقد أدت الحرب بالفعل إلى إغلاق الموانئ وتعليق عمليات سحق البذور الزيتية وفرض قيود على التصدير وبعض المحاصيل والمنتجات الغذائية. ويؤثر كل ذلك سلبًا على صادرات البلاد من الحبوب والزيوت النباتية.
يحيط قدر كبير من عدم اليقين بتوقعات التصدير في الاتحاد الروسي أيضًا، وذلك بالنظر إلى الصعوبات على صعيد المبيعات التي قد تنشأ نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد وتأثيرها على قرارات الزرع في المستقبل.
ويُعتبر الاتحاد الروسي وأوكرانيا من الجهات المورّدة الرئيسية للعديد من البلدان التي تعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الغذائية والأسمدة. ويندرج عدد من هذه البلدان ضمن مجموعة البلدان الأقل نموًا، في حين ينتمي العديد غيرها إلى مجموعة بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض.
وعلى سبيل المثال، تلقت إريتريا كامل وارداتها من القمح في عام 2021 من كل من الاتحاد الروسي (53 في المائة) وأوكرانيا (47 في المائة). وتعتمد العديد من البلدان في شمال أفريقيا وآسيا الغربية والوسطى أيضًا بشكل كبير على واردات القمح من الاتحاد الروسي وأوكرانيا. وبشكل عام، يعتمد أكثر من 30 بلدًا مستوردًا صافيًا للقمح على كلا البلدين لنسبة تتجاوز 30 في المائة من احتياجاته من واردات القمح.
وكان العديد من هذه البلدان يعاني بالفعل من الآثار السلبية لارتفاع أسعار المواد الغذائية الدولية قبل الحرب. وعلى الصعيد العالمي، إذا أدت الحرب إلى انخفاض مفاجئ وطويل الأمد في صادرات الأغذية من أوكرانيا والاتحاد الروسي، فإنه سيولّد ضغطًا تصاعديًا إضافيًا على الأسعار الدولية للأغذية على حساب البلدان الضعيفة اقتصاديًا على وجه الخصوص.
ومن المتوقع أن تؤدي الحرب أيضًا إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية في أوكرانيا إلى جانب تكثيف احتياجات ملايين الأشخاص الذين كانوا قد نزحوا بالفعل أو يحتاجون إلى المساعدة قبل التصعيد نتيجة النزاع الدائر منذ أكثر من ثماني سنوات في القسم الشرقي من البلاد. ومن خلال تقييد الإنتاج الزراعي بشكل مباشر والحد من النشاط الاقتصادي ورفع الأسعار، أضعفت الحرب بقدر أكبر القوة الشرائية للسكان المحليين، مع ما يترتب على ذلك من زيادات في انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. وستشهد الاحتياجات الإنسانية في البلدان المجاورة، حيث يبحث السكان النازحون عن مأوى، زيادة كبيرة أيضًا.
ويُعدّ ضمان شفافية الأسواق وتعزيزها أمرًا بالغ الأهمية لتوفير المعلومات في الوقت المناسب حول الاختناقات وأوجه القصور المحتملة ولتقديم حلول بديلة. وينبغي تعزيز الحوار بشأن السياسات لضمان استمرار عمل أسواق المنتجات الغذائية والزراعية في العالم بشكل سليم وتدفق تجارة المنتجات الغذائية والزراعية بسلاسة. وسوف يتعيّن على البلدان التي تعتمد على الواردات الغذائية من أوكرانيا والاتحاد الروسي إيجاد جهات تصدير مورّدة بديلة. وسوف يتعيّن عليها أيضًا استخدام مخزوناتها الحالية من الأغذية وتعزيز تنوّع قواعد إنتاجها المحلي.
بتصرّف من منظمة الأغذية والزراعة. 2022. The importance of Ukraine and the Russian Federation for global agricultural markets and the risks associated with the war in Ukraine. مذكرة إعلامية. تحديث 10 يونيو/حزيران 2022. روما، منظمة الأغذية والزراعة؛ منظمة الأغذية والزراعة. 2022. Ukraine: Note on the impact of the war on food security in Ukraine. 10 يونيو/حزيران 2022. روما، منظمة الأغذية والزراعة؛Torero, M.، 2022. مقال افتتاحي: Russia’s invasion of Ukraine should not cause a hunger crisis. Los Angeles Times، 4 مارس/آذار 2022.
ويمكن أن تكون شبكات تجارة المنتجات الغذائية والزراعية مركّزة للغاية لأسباب عديدة. وتؤدي المسافة الجغرافية دورًا هامًا. ويتركّز الإنتاج في عدد قليل نسبيًا من البلدان بسبب المزايا النسبية والسياسات التجارية وتكاليف التجارة وثروات الموارد الطبيعية التي تسمح، عند اجتماعها، لبعض البلدان بالانخراط في التجارة بشكل أكبر من غيرها (انظر الجزء 2 والجزء 3).