حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2022

الفصل 3 تجارة المنتجات الزراعية والبيئة

دور التجارة في استخدام المياه والأراضي

بحلول عام 2050، يجب أن يزيد إنتاج الأغذية والألياف والوقود الأحيائي من الزراعة بحوالي 50 في المائة مقارنة بعام 2012 لتلبية الطلب المتنامي بفعل النمو السكاني وارتفاع الدخل.166 ومع ذلك، فإن توزيع الموارد من الأراضي والمياه في العالم لا يخدم بالضرورة البلدان التي يُتوقع أن يزيد الطلب المستقبلي فيها. وتواجه بالفعل بعض البلدان التي تشهد زيادة سريعة في الطلب على الأغذية، مثل الصين والهند، قيودًا متصلة بالأراضي أو المياه.167 ومع تطوّر الاتجاهات السائدة حاليًا في مجال النمو السكاني والتوسع الحضري والتغيّرات في الأنماط الغذائية، يرجّح أن تعتمد الأقاليم التي تعاني بالفعل من ندرة متزايدة في الأراضي أو المياه اعتمادًا أكبر على التجارة كأداة للمحافظة على الأمن الغذائي.

ويعتبر المحللون أنه من المتوقع أن تزيد تجارة الأراضي والمياه الافتراضية في المنتجات الزراعية خلال العقود القادمة. وتشير التقديرات الواردة في إحدى الدراسات إلى إمكانية أن تزيد تجارة المياه الافتراضية بين الأقاليم بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين.168 وتتوقع أطر النمذجة التي تتبع العلاقات البينية المعقدة بين الزراعة والموارد المائية أن تزيد التجارة بالمنتجات الزراعية بنسبة تتراوح بين 74 و178 في المائة بحلول عام 2050، وأن تتم تلبية ما يصل إلى 50 في المائة من الطلب العالمي على الأغذية من خلال التجارة.169 وسيؤدي تزايد الإنتاج لتلبية الطلب المتنامي إلى تفاقم الضغوط على الموارد المائية، ولن يسمح الاعتماد على التجارة بتأمين الكميات المناسبة من الأغذية للبلدان التي تقلّ فيها الموارد المائية فحسب، بل سيؤدي أيضًا إلى تحقيق وفورات في المياه مقارنة بالحالة البديلة الافتراضية التي تتم فيها تلبية الطلب على الأغذية بالكامل من الإنتاج المحلي.170

ورغم التوقعات التي تشير إلى ازدياد عمليات سحب المياه العالمية بسبب زيادة الإنتاج، قد يؤدي انفتاح التجارة إلى تحوّل مصدر الصادرات تدريجيًا إلى الأقاليم الغنية بالمياه، الأمر الذي من شأنه أن يخفف الضغوط على البلدان التي تعاني شحًا في المياه. ويمكن للتجارة أن تساعد أيضًا على توزيع الإنتاج على أقاليم تكون إنتاجية المياه فيها مرتفعة نسبيًا – أي الأقاليم التي تستخدم كميات أصغر نسبيًا من المياه لكل وحدة إنتاج.171 وسيعزز بهذه الطريقة تزايد تجارة المنتجات الغذائية والزراعية تحقيق وفورات في المياه على المستوى العالمي. وتشير التقديرات الواردة في إحدى الدراسات إلى إمكانية أن تحقق التجارة وفورات سنوية في المياه تتراوح بين 40 و60 مترًا مكعبًا للفرد الواحد.172 وحتى الآن، تشير الأدلة بالفعل إلى أن أحجام التجارة بين الأقاليم التي تختلف إنتاجية المياه فيها قد زادت مع مرور الوقت، ما يؤكد دور التجارة في تحسين كفاءة استخدام المياه.173

وبالمثل، يمكن أن تساهم التجارة في تحسين استخدام الأراضي على المستوى العالمي. ويحصل ذلك عندما تيسّر التجارة تدفق المنتجات الزراعية من البلدان التي تتميّز بإنتاج غلات أكبر في الهكتار الواحد إلى البلدان ذات الإنتاجية الأدنى نسبيًا.174 وعلى سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن تجارة الحبوب تسمح بتجنيب 50 مليون هكتار من الأراضي سنويًا.175 وبما أن الموارد من الأراضي والمياه تكمّل بعضها البعض في الإنتاج الزراعي، تساهم التجارة في إنقاذ كلتيهما.176

وفي حين أنه يمكن لزيادة الطلب على الصادرات أن تساهم في استنزاف الموارد المحلية بطرق هامة، تؤدي التجارة على المستوى العالمي إلى تعزيز كفاءة استخدام الموارد. وتشير إحدى الدراسات إلى أنه في غياب التجارة، ستحتاج بلدان عديدة إلى مضاعفة كمية المياه المستهلكة أو مساحة الأراضي الزراعية أو كلتيهما معًا لكي تنتج وطنيًا المنتجات الغذائية والزراعية التي تستوردها حاليًا.177 ومع ذلك، فإن بلدانًا عديدة مقيّدة بالفعل بقاعدة مواردها الطبيعية ولا يمكنها تلبية الطلب على الأغذية فيها من دون التجارة. ومن شأن ذلك أن يجبر بعض البلدان أيضًا على السعي إلى الإنتاج في المناطق الهامشية التي تكون الظروف فيها أقل مؤاتاة لنمو المحاصيل، ما قد يزيد الضغوط على النظم الإيكولوجية الهشة بالفعل ويفاقم استنزاف الموارد وتدهور الأراضي على المستوى المحلي.

back to top عد إلى الأعلى