تمهيد

يسلط تقرير “نظرة إقليمية عامة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا لعام 2022” الضوء على مستوى التقدم الذي أحرزته البلدان العربية صوب تحقيق مقصدي هدف التنمية المستدامة الثاني بشأن القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وإنهاء جميع أشكال سوء التغذية، بالإضافة إلى الأهداف العالمية لجمعية الصحة العالمية لعام 2025 بشأن التغذية. كما يناقش التقرير الدور الأساسي الذي تؤديه التجارة بوصفها أداة لتحقيق الأمن الغذائي والتغذوي في المنطقة.

يركز الجزء الأول من التقرير على آخر الاتجاهات والإحصاءات، في حين يتطرق الجزء الثاني إلى دور التجارة في تحقيق الأمن الغذائي.

تُظهر البيانات الواردة في هذا التقرير أن الدول العربية لا تزال تواجه تحديات كبيرة في سعيها نحو تحقيق المقصد الأول لهدف التنمية المستدامة الثاني بشأن “كفالة حصول الجميع على ما يكفيهم من الغذاء المأمون والمغذّي وميسور التكلفة”، والمقصد الثاني للهدف نفسه بشأن “إنهاء جميع أشكال سوء التغذية”.

ووفقاً لتقديرات عام 2021، بلغ عدد الأشخاص الذين عانوا من نقص التغذية في المنطقة 54.3 مليون، أو ما يمثل 12.2 في المائة من إجمالي سكان المنطقة. وهذا يعني زيادة بنسبة 55 في المائة عن الأرقام المسجلة في عام 2010، أي قبل أن تعصف بالمنطقة هزات كبرى ناجمة عن موجة النزاعات والثورات الشعبية. وأدت جائحة كوفيد-19، التي ضربت المنطقة في عام 2020، إلى زيادة مستويات الجوع في جميع أنحاء المنطقة، مما أثر على البلدان بمختلف مستويات دخلها وبصرف النظر عما إذا كانت تعاني من نزاعات أم لا.

كما واصلت معدلات انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد منحناها التصاعدي، لتؤثر سلباً على ما يقدر بنحو 154.3 مليون شخص في عام 2021، بزيادة قدرها 11.6 مليون عن عام 2020. وارتفع عدد الأشخاص الذين عانوا من انعدام الأمن الغذائي بشكل مطرد منذ عام 2014، إذ قُدِرَت نسبة الأشخاص الذين عانوا من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في عام 2021 بنحو 34.7 في المائة من إجمالي عدد سكان المنطقة، وكانوا غير قادرين على الحصول ما يكفيهم من الغذاء المغذي في أغلب الأحيان. كما يقدر عدد الأشخاص الذين عانوا من انعدام الأمن الغذائي الشديد في عام 2021 بنحو 53.9 مليون شخص، بزيادة قدرها 5 ملايين عن العام السابق.

تؤدي التجارة دوراً مهماً في الأمن الغذائي في المنطقة. ومع ذلك، لم تدمج معظم البلدان التجارة في سياسات الأمن الغذائي؛ وبالتالي، يجب إعادة تصميم هذه السياسات لتأخذ التجارة بعين الاعتبار. كما إن الإمكانات المتاحة أمام تعزيز التجارة البينية هي أيضاً جانب ينبغي التركيز عليه، لا سيما بالنظر إلى الصدمات الأخيرة التي هزت سلاسل الإمداد الغذائي.

تعتمد المنطقة اعتماداً كبيراً على الواردات لتلبية متطلبات الأمن الغذائي، إذ تصنف جميع البلدان تقريباً على أنها مستوردين صافين للغذاء، في حين يصدر البعض الآخر كميات كبيرة من الغذاء. وهذا بالتالي يعني أن التجارة تؤدي دوراً مهماً في الأمن الغذائي في المنطقة. ونظراً لأن المنطقة تعتمد على الأسواق العالمية لاستيراد الغذاء، فهي أكثر عرضة للتأثر بالصدمات الخارجية. فقد أدت الأزمة في أوكرانيا وما تبعها من انخفاض في صادرات الأغذية والأسمدة من منطقة البحر الأسود إلى مفاقمة الضعف في سلاسل الإمداد الغذائي في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا. وللحد من الانكشاف على مثل هذه الصدمات الخارجية، يجب إدارة التجارة الدولية بعناية، إذ ينبغي تنويع مصادر الواردات ويجب توسيع العلاقات التجارية الدولية لتشمل شركاء وأسواقاً جديدة.

بالنظر إلى ما هو الوضع عليه حالياً في المنطقة، من غير المرجح أن تنجح المنطقة في تحقيق هدف التنمية المستدامة الثاني المعني بالقضاء على الجوع بحلول عام 2030. وما يزيد الأمور سوءاً هو العديد من التحديات القائمة التي تشمل تغير المناخ والنزاعات وجائحة كوفيد-19 والأزمة في أوكرانيا، فضلاً عن مشاكل هيكلية مثل الفقر وانعدام المساواة. ويمكن أن تؤدي المشاكل الأخيرة التي عصفت بسلاسل الإمداد الغذائي إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي.

وللتصدي للتحديات المذكورة أعلاه والعودة إلى المسار الصحيح صوب تحقيق أهداف ومقاصد الغذاء والتغذية، يتعين على بلدان المنطقة إحداث تحول في نظمها الغذائية والزراعية بحيث تكون أكثر شمولاً واستدامة وقدرة على الصمود. وعلى وجه الخصوص، يجب العمل على تعزيز دمج التجارة في سياسات الأمن الغذائي في المنطقة. ولا تألُ منظمة الأغذية والزراعة وغيرها من الشركاء جهداً لدعم الدول الأعضاء لتحقيق تلك الأهداف.

عبدالحكيم الواعر
المدير العام المساعد والممثل الإقليمي لإقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.

دينا صالح
المدير الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى وأوروبا، الصندوق الدولي للتنمية الزراعية

كورين فليشر
المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، برنامج الأغذية العالمي

أحمد المنظري
المدير الإقليمي لشرق المتوسط، منظمة الصحة العالمية

أديل خُضُر
المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اليونيسف

رولا دشتي
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا”