1 - هل يمكن للغابات والأشجار أن توفر الوسائل اللازمة للتعافي ولقيام اقتصادات شاملة وقادرة على الصمود ومستدامة؟
تواجه الإنسانية تهديدات عالمية متعددة.
◂ تشمل هذه التهديدات جائحة كوفيد - 19 وما يرتبط بها من مصاعب اقتصادية، وانعدام الأمن الغذائي، والفقر، وتغيّر المناخ، والنزاعات، وتدهور الأراضي والمياه، وفقدان التنوع البيولوجي.
العالم بحاجة إلى حلول واسعة النطاق وفعالة من حيث الكلفة ومنصفة وقابلة للتنفيذ بسرعة، وتنطوي الغابات والأشجار على إمكانات واضحة بهذا الصدد.
◂ يمكن للمجتمعات أن تستفيد من الغابات والأشجار بشكل أفضل من أجل المحافظة على الطبيعة وتوفير الرفاه البشري وتوليد الدخل، لا سيما لسكان المناطق الريفية، بصورة متزامنة.
من الضروري دراسة ثلاثة مسارات قائمة على الغابات دراسة دقيقة باعتبارها وسيلة لمواجهة التحديات القائمة من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي.
◂ وهذه المسارات هي:
- وقف إزالة الغابات والمحافظة على الغابات؛
- وإعادة الأراضي المتدهورة إلى هيئتها الأصلية وتوسيع نطاق الحراجة الزراعية؛
- واستخدام الغابات بطريقة مستدامة وبناء سلاسل قيمة خضراء.
◂ ويعرض هذا التقرير قيمة الغابات والأشجار والأدوار التي تؤديها؛ وينظر في المنافع والتكاليف التي تنطوي عليها هذه المسارات وسبل دمجها في السياسات القائمة والناشئة؛ ويقيّم إمكانية توفير تمويل إضافي لهذه المسارات؛ ويستكشف أفضل السبل الكفيلة بتمكين اعتماد هذه المسارات من جانب صانعي القرار على المستوى المحلي وعلى أرض الواقع، وتوسيع نطاقها، حيثما يكون ذلك مناسبًا.
2 - توفّر الغابات والأشجار سلعًا وخدمات حيوية للنظم الإيكولوجية ولكنّ النظم الاقتصادية لا تعترف بقيمتها الكاملة.
تعتبر الغابات موارد ذات أهمية عالمية.
◂ فهي تغطي 31 في المائة من مساحة اليابسة على كوكب الأرض (4.06 مليارات هكتار)، ولكنّ مساحتها تتناقص حيث تم فقدان 420 مليون هكتار منها عن طريق إزالة الغابات بين عامي 1990 و2020. وإن معدّل إزالة الغابات آخذ في التراجع ولكنه كان لا يزال يبلغ 10 ملايين هكتار سنويًا في الفترة 2020-2015. وتم فقدان حوالي 47 مليون هكتار من الغابات الابتدائية بين عامي 2000 و2020.
◂ تغطي الغابات المزروعة مساحة قدرها 290 مليون هكتار (7 في المائة من مساحة الغابات في العالم)، علمًا أن هذه المساحة زادت بمعدل يقلّ بقليل عن 1 في المائة سنويًا بين عامي 2015 و2020 بعدما كانت تزيد بنسبة 1.4 في المائة سنويًا بين عامي 2010 و2015. وتراجعت مساحة الأراضي الحرجية الأخرى بنسبة 1 في المائة تقريبًا بين عامي 2000 و2020، فيما زادت مساحة الأراضي الأخرى ذات الغطاء الشجري (التي تشمل الأشجار في البيئات الحضرية، وبساتين الأشجار، وأشجار النخيل، والمناظر الطبيعية الحراجية الزراعية) بأكثر من الثلث بين عامي 1990 و2020. وهناك ما لا يقل عن 45 مليون هكتار من الأراضي الحراجية الزراعية، مع توجه إلى الزيادة.
◂ توفر الغابات الموائل لنسبة 80 في المائة من أنواع البرمائيات و75 في المائة من أنواع الطيور و68 في المائة من أنواع الثدييات، وتضم الغابات الاستوائية حوالي 60 في المائة من جميع أنواع النباتات الوعائيّة. ويوجد أكثر من 700 مليون هكتار من الغابات (18 في المائة من المساحة الإجمالية للغابات) في مناطق محمية منشأة قانونيًا. ومع ذلك، يبقى التنوع البيولوجي الحرجي معرّضًا للخطر بسبب إزالة الغابات وتدهورها.
◂ يشكل تغيّر المناخ عامل خطر رئيسي يهدد سلامة الغابات. وهناك، على سبيل المثال، مؤشرات تدل على ازدياد تواتر حرائق الغابات والآفات الحرجية وحدّتها.
تتسم الغابات بأهمية حاسمة في التخفيف من آثار تغيّر المناخ.
◂ تُعدّ الأشجار والغابات وسائل رئيسية لمكافحة تغيّر المناخ. وتحتوي الغابات على 662 مليار طن من الكربون، ما يساوي أكثر من نصف المخزون العالمي للكربون في التربة والنباتات. ورغم استمرار تراجع مساحة الغابات، امتصت كمية من الكربون تجاوزت الكمية التي انبعثت منها في الفترة 2020-2011 وذلك بفضل إعادة التحريج، والإدارة المحسّنة للغابات، وعوامل أخرى.
◂ للغابات مجموعة من التأثيرات الأخرى على تغيّر المناخ، مثلًا من خلال التأثير في بياض الأرض وبخار المياه في الجو وإصدار الأهباء الجوية. ويمكن أن تنجم عن إزالة الغابات في منطقة الأمازون والمناطق المدارية الأفريقية آثار إقليمية كبيرة على هطول الأمطار، وبالتالي على الزراعة البعلية. ويمكن أن تكون تأثيرات الغابات على الأحوال المناخية من المستوى المحلي إلى المستوى الإقليمي، ملحوظة؛ فعلى سبيل المثال، تقلّص الأشجار في المناطق الحضرية درجة حرارة سطح الأرض في أوروبا الوسطى في فصل الصيف وخلال موجات الحرّ الشديد بمقدار 12 درجة مئوية.
تستفيد المجتمعات من الغابات وتعتمد عليها اعتمادًا شديدًا.
◂ تشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي (84.4 ترليون دولار أمريكي في عام 2020) يتوقف بشكل معتدل (31 ترليون دولار أمريكي سنويًا) أو كبير (13 ترليون دولار أمريكي سنويًا) على خدمات النظم الإيكولوجية، بما في ذلك الخدمات التي تقدمها الغابات.
◂ تقدّر الثروة التي تمثلها بعض خدمات النظم الإيكولوجية الحرجية (الترفيه والصيد، والموائل، وتوفير المنتجات الحرجية غير الخشبية، وخدمات المياه) بقيمة 7.5 ترليون دولار أمريكي، أي 21 في المائة من مجموع الثروة الموجودة في الأراضي وحوالي 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وقد يؤدي غياب رصيد للأصول الطبيعية في حساب الثروة الوطنية إلى ارتكاب أخطاء في السياسات، مع احتمال تأثير تراجع الأصول الطبيعية على أصول أخرى في الأجل الطويل. ويتم بذل الجهود حاليًا لتحسين التقديرات المتعلّقة بقيمة الطبيعة، بما في ذلك الغابات.
◂ وتشير التقديرات إلى أن حوالي 33 مليون شخص - 1 في المائة من اليد العاملة في العالم - يعملون مباشرة في قطاع الغابات النظامي وغير النظامي. وبلغت مساهمة هذا القطاع (بطريقة مباشرة وغير مباشرة ومستحثة) في الناتج المحلي الإجمالي العالمي أكثر من 1.52 ترليون دولار أمريكي في عام 2015.
◂ يعتمد ثلث سكان العالم (حوالي 2.6 مليارات شخص) على الخشب وأنواع الوقود التقليدي الأخرى للطهي المنزلي. ولكنّ وقود الخشب التقليدي يعتبر عاملًا مساهمًا رئيسيًا في تلوّث الهواء المنزلي المسؤول عما بين 1.63 و3.12 مليون حالة وفاة مبكرة سنويًا.
◂ وتشير التقديرات في إحدى الدراسات إلى أنّ ما بين 3.5 و5.76 مليار شخص يستخدمون المنتجات الحرجية من غير الخشب المنشور استخدامًا خاصًا أو لدعم سبل العيش. وتساهم الأغذية الحرجية البرّية في تحقيق الأمن الغذائي والتغذية للأشخاص الذين يعيشون بجوار الغابات، لا سيما في المناطق النائية المدارية وشبه المدارية.
لا يستفيد الكثير من الأشخاص الذين يعيشون على مقربة من الغابات بشكل كافٍ منها.
◂ تشير التقديرات إلى أن 4.17 مليار شخص - 95 في المائة من مجموع السكان خارج المناطق الحضرية - يعيشون على بعد 5 كيلومترات من الغابات فيما يعيش 3.27 مليار شخص على بعد كيلومتر واحد منها. ويكسب الأشخاص الذين يعيشون بجوار الغابات في العديد من البلدان المدارية، حوالي ربع دخلهم من الغابات.
◂ من المرجح أن تكون هناك علاقة وثيقة بين العيش على مقربة من الغابات والفقر المدقع كون 80 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع يعيشون في المناطق الريفية. وهناك أدلة راسخة على أن الغابات والنظم الأخرى القائمة على الأشجار تدعم الفقراء ليحسّنوا رفاههم ويخففوا من المخاطر، ولكنّ دورها في مساعدة الأشخاص على الخروج بصورة دائمة من حلقة الفقر غير موّثق بشكل جيّد.
◂ كانت ثلاثة أرباع (73 في المائة) الغابات في العالم تقريبًا مملوكة ملكية عامة في عام 2015 و22 في المائة منها مملوكة ملكية خاصة. وبرز اتجاه تصاعدي في نسبة الحقوق الخاصة في إدارة الغابات المملوكة ملكية عامة، من 2 في المائة في عام 1990 إلى 13 في المائة في عام 2015. ويتم الاعتراف قانونيًا بأن المجتمعات المحلية والقبلية والأصلية تملك ما لا يقل عن 447 مليون هكتار من الغابات (حتى عام 2017).
كان لجائحة كوفيد - 19 تأثير كبير على سلاسل القيمة الحرجية والتجارة في مطلع عام 2020. ولقد تعافت معظم القطاعات بسرعة، وإن كان خطر تفشي جوائح أخرى في المستقبل لا يزال قائمًا.
◂ على سبيل المثال، تراجع إنتاج أوراق الرسم البياني، مثل ورق الصحف، بما يزيد عن 11 في المائة في عام 2020 (مما أدّى إلى تفاقم الاتجاه الحالي) ولكنه زاد بالنسبة إلى بعض أنواع الورق الأخرى، مثل الأوراق المستخدمة للتغليف. وقد تخلّف الجائحة آثارًا أطول أجلًا على الوقود الخشبي بعد أن أوقعت حوالي 124 مليون شخص إضافي في براثن الفقر المدقع. وثمة أدلة على تزايد استخدام الوقود الخشبي في بعض البلدان خلال الجائحة، وتشير التوقعات إلى أن أكثر من مليار (1) شخص في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى سيظلون معتمدين على أنواع الوقود الملوِّث مثل الفحم وخشب الوقود بحلول عام 2025.
◂ هناك علاقة محتملة أطول أجلاً بين الغابات والأمراض. إذ يعزى أكثر من 30 في المائة من الأمراض الجديدة المبلّغ عنها منذ عام 1960 إلى التغيّرات في استخدام الأراضي، بما في ذلك إزالة الغابات، فيما ارتبطت نسبة 15 في المائة من الأمراض المعدية المستجدة البالغ عددها 250 مرضًا، بالغابات. ولقد اقترنت إزالة الغابات، لا سيما في المناطق المدارية، بتزايد الأمراض المعدية مثل حمّى الضنك والملاريا.
3 - يمكن أن تساهم ثلاثة مسارات حرجية مترابطة في التعافي الأخضر والانتقال إلى اقتصادات مستدامة
1.3 سيعود وقف إزالة الغابات والمحافظة على خدمات النظم الإيكولوجية الحرجية بالنفع على المناخ، والتنوع البيولوجي، والصحة، والأمن الغذائي على المدى الطويل
يمكن أن يكون وقف إزالة الغابات أحد الإجراءات الأكثر فعالية من حيث الكلفة للتخفيف من آثار تغيّر المناخ إذا تم تكثيف الجهود.
◂ تتطلب جميع المسارات التي طورتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ تماشيًا مع الحد من ارتفاع متوسط درجة الحرارة عند أقل من 1.5 درجات مئوية، أن تصبح الأنشطة البشرية محايدة من حيث انبعاثات الكربون بحلول عام 2050. وبالإضافة إلى تسريع وتيرة خفض انبعاثات الكربون في مختلف الاقتصادات، ستكون هناك حاجة إلى التخفيف من الانبعاثات الناجمة عن الخيارات القائمة على الأراضي بشكل ملحوظ. ومن شأن وقف إزالة الغابات أن يجنّب الانبعاثات المباشرة من الكتلة الأحيائية المفقودة وأن يتيح المحافظة على قدرة الغابات على امتصاص الكربون.
◂ على المستوى العالمي، تحتوي النظم الإيكولوجية المعرّضة لخطر إزالة الغابات أو التدهور، على ما لا يقل عن 260 جيغا طن من الكربون الذي لا يمكن أو يصعب استرداده، لا سيما في الأراضي الخثيّة والمنغروف والغابات القديمة والسبخات. وما لم تتخذ إجراءات إضافية، سيتعرّض حوالي 289 مليون هكتار من الغابات للإزالة بين عامي 2016 و2050 في المناطق المدارية وحدها، الأمر الذي يؤدي إلى انبعاث 169 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
◂ تؤكد أحدث البيانات أن التوسع الزراعي مسؤول عن حوالي 90 في المائة من إزالة الغابات في العالم. ويأتي هذا التغيير في استخدام الأراضي نتيجة دوافع كامنة متعددة تشمل الفقر وممارسات الإنتاج وأنماط الاستهلاك غير المستدامة.
◂ تشير التقديرات الحديثة إلى أن وقف إزالة الغابات من شأنه أن يحول بطريقة فعالة من حيث الكلفة دون انبعاث ما بين 2 و3.6 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا بين عامي 2020 و2050، أي ما يعادل 14 في المائة من التخفيف الإضافي للانبعاثات الذي يتوجب تحقيقه بحلول عام 2030 لإبقاء الاحتباس الحراري العالمي دون 1.5 درجات مئوية، تبعًا لمدى سرعة الجهود المبذولة. ويمكن للاستفادة من أطر المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها أن يسهّل تنفيذ هذه الإجراءات وتمويلها.
◂ تشير الأدلة إلى أن وقف إزالة الغابات سوف يولّد منافع محلية وعالمية عديدة أخرى - مثل صون التنوع البيولوجي، والحد من الكوارث، وحماية التربة والمياه، والمحافظة على خدمات التلقيح – بما يفوق كلفته بأشواط. كما أنه سيزيد قدرة الأشخاص والنظم الإيكولوجية على التكيّف والصمود.
تعتبر النظم الزراعية والغذائية الأكثر كفاءة وإنتاجية واستدامة أساسية لتلبية الاحتياجات المستقبلية من الغذاء والحد في الوقت نفسه من الطلب على الأراضي الزراعية، والمحافظة على الغابات، وتأمين المنافع المتعددة التي تعود بها الغابات على النظم الزراعية.
◂ يعزى مصدر مهم للمنافسة المستقبلية على الأراضي إلى الارتفاع المتوقع في عدد سكان العالم إلى 9.7 مليارات شخص بحلول عام 2050. وإذا ما أُخذت التغيرات في الأنماط الغذائية وعوامل أخرى في الاعتبار، فقد يعني ذلك حدوث زيادة في الطلب على الأغذية بنسبة تتراوح بين 35 و56 في المائة بحلول منتصف القرن.
◂ يمكن لبعض الممارسات التجارية المتعلّقة بالمنتجات الزراعية والحرجية أن تتسبب في إزالة الغابات. ورغم اتساع مساحة الغابات في عدد من بلدان العالم، فإن إزالة الغابات المتجسّدة في بعض واردات هذه البلدان قد زادت هي الأخرى.
◂ يمكن لزيادة الإنتاجية بطريقة مستدامة أن تحد من الضغوط المفروضة على الأراضي الحرجية جراء ارتفاع الطلب على الأغذية. ولكنّ فعالية هذا النهج قد تختلف باختلاف طبيعة التكثيف. وثمة حاجة إلى معالجة أوجه التآزر والمقايضات.
تقدّر كلفة الاستراتيجيات العالمية الرامية إلى الوقاية من الجوائح بالاستناد إلى الحد من التجارة غير المشروعة في الحياة البرّية، وتجنّب تغيير استخدام الأراضي، وزيادة المراقبة، بما بين 22 و31 مليار دولار أمريكي.
◂ قد تكون هذه الكلفة أدنى (ما بين 17.7 و26.9 مليارات دولار أمريكي) شرط مراعاة المنافع التي يعود بها الحد من إزالة الغابات من حيث احتجاز الكربون. وهذا ليس سوى جزءًا صغيرًا من الكلفة التي تترتب عن الجوائح.
◂ نهج “الصحة الواحدة” هو نهج متكامل يعترف بأن صحة الأشخاص ترتبط ارتباطًا وثيقًا بصحة الحيوانات والبيئة. وثمة حاجة إلى زيادة انخراط قطاعي الغابات والحياة البرّية في جهود “الصحة الواحدة” وإلى التخطيط المسؤول لاستخدام الأراضي من أجل معالجة بعض الدوافع الكامنة وراء ظهور الأمراض.
تعتبر مشاركة أصحاب المصلحة المتعددين أمرًا بالغ الأهمية لإحراز تقدم على صعيد وقف إزالة الغابات.
◂ تتناول استجابات مختلفة في مجال السياسات، مسار وقف إزالة الغابات والمحافظة على الغابات. وتشمل هذه الاستجابات فصل السلع الزراعية عن إزالة الغابات، والمبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها، ونُهج المناظر الطبيعية المتكاملة، وتعزيز الحوكمة والمشروعية.
◂ يمكن للمبادرات المشتركة بين القطاعين العام والخاص أن تقدم حلولًا فعالة، كما يحمل الجمع بين نُهج المناظر الطبيعية وحوكمة سلاسل الإمدادات وعودًا باعتباره تدبيرًا لمواجهة تحديات الاستخدام المستدام للأراضي.
2.3 تساعد إعادة الغابات والمناظر الطبيعية إلى هيئتها الأصلية والحراجة الزراعية على تنويع سبل العيش والمناظر الطبيعية وعلى زيادة إنتاجية الأراضي
ستستفيد مساحات واسعة من الأراضي المتدهورة من إعادتها إلى هيئتها الأصلية بما يشمل الأشجار.
◂ قد يكون 1.5 مليارات هكتار من أصل 2.2 مليار هكتار من الأراضي المتدهورة التي أشير إلى إمكانية أن تكون متاحة (من الناحية البيولوجية والفيزيائية) للعودة إلى هيئتها الأصلية في العالم، مناسبة لإصلاح الفسيفساء الذي يجمع بين الغابات والأشجار والزراعة. ويمكن أن يستفيد مليار (1) هكتار إضافي من الأراضي الزراعية الموجودة في أراض كانت حرجية في السابق وتعرّضت لتغيير في استخدامها، من الإضافات الاستراتيجية للأشجار بهدف زيادة الإنتاجية الزراعية وتوفير خدمات النظم الإيكولوجية.
يمكن لإعادة المواقع إلى هيئتها الأصلية التي تشمل الأشجار أن تولّد منافع بيئية واقتصادية كبيرة.
◂ يشير أحد التقديرات إلى أنه يمكن لإعادة 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة التي أزيلت الغابات منها إلى هيئتها الأصلية بحلول عام 2030، أن تولّد منفعة صافية تتراوح قيمتها بين 0.7 و9 ترليون دولار أمريكي وبين 7 و30 دولارًا أمريكيًا لكل دولار أمريكي تم استثماره. وقدّرت دراسة أخرى أنه يمكن لإعادة الأراضي المتدهورة إلى هيئتها الأصلية من خلال التشجير وإعادة التحريج، أن تزيل بطريقة فعالة من حيث الكلفة ما بين 0.9 و1.5 جيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي بين عامي 2020 و2050.
◂ أظهر تقييم أجري في 42 بلدًا أفريقيًا أن المنفعة التي يعود بها كل من إعادة الأراضي إلى هيئتها الأصلية والمحافظة على الإنتاجية الزراعية أكبر من كلفة التقاعس عن العمل بما بين 3 و26 ضعفًا. وأدّت إعادة 4 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة إلى هيئتها الأصلية في منطقتي الصحراء الكبرى والساحل، إلى استحداث أكثر من 000 335 فرصة عمل.
◂ يمكن لإصلاح النظم الإيكولوجية المتدهورة أن يحسّن الخدمات التي توفرها. وعلى سبيل المثال، خلص تحليل تجميعي إلى أن عملية الإصلاح أدّت إلى زيادة خدمات التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية بنسبة 44 و25 في المائة في المتوسط على التوالي، مقارنة بالمستويات السائدة في النظم المتدهورة.
◂ تشير التقديرات إلى أن انبعاثات غازات الدفيئة من الأراضي الخثيّة بعد تجفيفها أو عندما تحرق، تمثل حوالي 5 في المائة من الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الأنشطة البشرية. ويرجّح أن تكون المنفعة الاقتصادية التي يعود بها إصلاح الأراضي الخثيّة، أعلى بكثير من كلفته.
◂ تساهم الحرائق بأكثر من 5 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن الزراعة والحراجة والاستخدامات الأخرى للأراضي. وإن كلفة الأنشطة المتكاملة للوقاية من الحرائق وتقليصها المندرجة في إطار تدابير إدارة المناظر الطبيعية، أقل بكثير من كلفة إخماد الحرائق وإصلاح الأراضي بعد الحرائق.
◂ تميل نظم الحراجة الزراعية إلى أن تكون أكثر قدرة على الصمود في وجه الصدمات البيئية وآثار تغيّر المناخ، مقارنة بالزراعة التقليدية. وتبعًا للنظام والظروف المحلية، يمكن أن توفر الحراجة الزراعية ما بين 50 و80 في المائة من التنوع البيولوجي للغابات الطبيعية؛ وأن تعزز الأمن الغذائي والتغذية من خلال تأدية دور شبكة الأمان؛ وأن تزيد إنتاجية المحاصيل.
يحدّ الوقت الأطول اللازم للحصول على عائدات مربحة من عملية توسيع نطاق الحراجة الزراعية وإعادة المواقع إلى هيئتها الأصلية.
◂ هناك أدلة على أن الاستثمارات المخطط لها والمنفّذة بشكل جيّد لإعادة المواقع إلى هيئتها الأصلية، تحقق منافع اقتصادية صافية. وأظهر أحد التحليلات أن الاستثمار في إعادة المواقع إلى هيئتها الأصلية يولّد أرباحًا مالية في ستة من أصل تسعة أنواع من النظم الإيكولوجية التي جرى تقييمها، حتى في أسوأ السيناريوهات. ولكن ثمة حاجة إلى المزيد من البيانات لإجراء تقييم كامل للتكاليف والمنافع التي تنطوي عليها السياسات والإجراءات المتعلّقة بإعادة المواقع إلى هيئتها الأصلية.
◂ مع أن دراسات عديدة قد أثبتت أن نظم الحراجة الزراعية تتمتع بمستويات أعلى من الإنتاجية، فإن العديد من المزارعين يعتبرون أن إنتاجيتها متدنية وأنها تنطوي بالتالي على مخاطر مالية. وتولّد الحراجة الزراعية في المتوسط، عائدات مربحة بعد 3 إلى 8 سنوات؛ فيما تتراوح هذه الفترة عادة بين سنة واحدة وسنتين في النظم المحصولية السنوية. وتتطلب زيادة اعتماد الحراجة الزراعية توفير الحوافز والاستثمارات الاستراتيجية لتحقيق الأهداف المتعلّقة بإعادة المواقع إلى هيئتها الأصلية وتحسين الإنتاج.
3.3 تساعد زيادة الاستخدام المستدام للغابات وبناء سلاسل القيمة الخضراء على تلبية الطلب المستقبلي على المواد ودعم الاقتصادات المستدامة
سيحتاج العالم إلى المزيد من المواد المتجددة.
◂ من المتوقع أن يزيد الاستهلاك العالمي السنوي لجميع الموارد الطبيعية مجتمعة بأكثر من الضعف من 92 مليار طن في عام 2017 إلى 190 مليار طن في عام 2060 بسبب النمو السكاني وارتفاع مستوى المعيشة. وتلبي الكتلة الأحيائية 25 في المائة من مجموع الطلب الحالي على المواد، فيما تلبّي الموارد غير المتجددة النسبة المتبقية. وقد زاد الاستخراج السنوي للكتلة الأحيائية من 9 مليارات طن في عام 1970 إلى 24 مليار طن في عام 2017، ومن المتوقع أن يبلغ 44 مليار طن بحلول عام 2060.
◂ لقد زاد الإنتاج العالمي للأخشاب المستديرة (البالغ 3.91 مليار متر مكعب في عام 2020) بنسبة 12 في المائة في العقدين الأخيرين. ومن المتوقع أن يستمر نمو الطلب على الكتلة الأحيائية القائمة على الغابات، مدفوعًا بصورة أساسية بأعمال البناء (مع توقع نمو الطلب في هذا القطاع بمقدار ثلاثة أضعاف تقريبًا بحلول عام 2030) والتغليف (مع توقع نمو الطلب بمقدار الضعف بحلول عام 2030).
يمكن لزيادة مساحة الغابات والإدارة المستدامة للغابات أن تدعما التعافي الأخضر والانتقال إلى اقتصادات محايدة من حيث انبعاثات الكربون.
◂ إن المنتجات الخشبية مصحوبة بانبعاثات أقلّ من غازات الدفيئة طيلة دورة حياتها مقارنة بالمنتجات المصنوعة من مواد غير متجددة أو كثيفة الانبعاثات. ويشير استعراض للأدبيات إلى أنه لكل كيلوغرام من الكربون الموجود في المنتجات الخشبية المستخدمة في البناء كبديل للمنتجات غير الخشبية، يتراجع متوسط انبعاثات الكربون بحوالي 0.9 كيلوغرامات.
◂ هناك فوائد أخرى أيضًا، مثل استحداث فرص العمل الخضراء - حيث تشير التقديرات مثلًا إلى أن إنتاج الخشب وتجهيزه الأولي لتلبية الطلب المتوقع على السكن في أفريقيا بحلول عام 2050 سيدرّان مبلغًا تصل قيمته إلى 83 مليار دولار أمريكي للاقتصادات وسيولّدان 25 مليون فرصة عمل. ولكن إطلاق هذه الإمكانات يتطلب استثمارات لتنمية القدرات الكافية.
◂ ستستلزم تلبية الطلب المتزايد على نحو مستدام، زيادة الإمدادات من خلال إعادة الأراضي المتدهورة إلى هيئتها الأصلية وإعادة تحريجها وتشجيرها. كما أنها ستستلزم زيادة عمر المنتجات الخشبية، والحد من الهدر من خلال تحسين كفاءة تجهيز المنتجات الحرجية واستخدامها بصورة متعاقبة، وتغيير أنماط الاستهلاك، وتيسير الانتقال إلى اقتصادات دائرية أكثر. ومن شأن تحقيق أقصى الإمكانات الفنية في مجال إعادة تدوير النفايات الخشبية والأوراق، أن يزيد معدل كفاءة استخدام الأخشاب في قطاع الأخشاب الأوروبي بنسبة 31 في المائة، الأمر الذي يؤدي في الوقت نفسه إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 52 في المائة.
◂ من الضروري أن تصبح الطاقة الأحيائية القائمة على الغابات، أكثر فعالية ونظافة واخضرارًا - إذ إن ثلث عمليات استخراج الوقود الخشبي في المناطق المدارية مثلًا غير مستدامة. ويمكن سد الفجوة بين الطلب والعرض المستدام من خلال إعادة الغابات المتدهورة إلى هيئتها الأصلية، والابتعاد عن الاستخدام غير الكفء للوقود الخشبي في الطهي، وإنشاء مزارع الأشجار بطريقة ملائمة من الناحية البيئية، وتحسين استخدام مخلفات جمع الأخشاب وتجهيزها، واستعادة الأخشاب بعد الاستهلاك من خلال استخدامها المتعاقب ضمن اقتصاد دائري بقدر أكبر.
هناك إمكانية لتعبئة الصناعات القائمة على الغابات من أجل تعزيز سلاسل القيمة الخضراء والابتكارية.
◂ تشير التقديرات إلى أن الصناعات الأحيائية غير الغذائية ستنمو بنسبة 3.3 في المائة سنويًا حتى عام 2030 مع بلوغ قيمة الإنتاج المرتقب 5 ترليون دولار أمريكي. ويمكن أن تستفيد مجموعة واسعة من المنتجات الأحيائية الناشئة والقائمة على الغابات، بما في ذلك المواد الكيميائية الحيوية والبلاستيك الحيوي والأقمشة، من هذا النمو. وهناك منافع بيئية محتملة لذلك: فمثلًا يمكن لكل كيلوغرام من الكربون المتأتي من الأنسجة النباتية المصنّعة (القائمة على الأخشاب) التي تحل محل الأنسجة غير الخشبية أن يحول دون انبعاث ما يصل إلى 2.8 كيلوغرامات من الكربون.
4 - هناك خيارات ممكنة لتوسيع نطاق الاستثمارات في المسارات الحرجية - ومنافعها الكبرى المحتملة
الاستثمارات في الغابات أقلّ بكثير مما هو مطلوب.
◂ يشير أحد التقديرات إلى ضرورة أن يزيد التمويل الإجمالي للمسارات الحرجية بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030 وأربعة أضعاف بحلول عام 2050 ليتمكن العالم من تحقيق المقاصد المتعلّقة بالمناخ والتنوع البيولوجي وتحييد أثر تدهور الأراضي، علمًا أن قيمة التمويل المقدّر اللازم لإنشاء الغابات وإدارتها فقط ستصل إلى 203 مليارات دولار أمريكي سنويًا بحلول عام 2050.
◂ يُعدّ القطاع الخاص مصدرًا هامًا لتمويل الغابات، ولا سيما المسارين المتعلّقين بإعادتها إلى هيئتها الأصلية واستخدامها بطريقة مستدامة، ولكن من الصعب قياس هذا التمويل من الناحية الكمية - إذ تشير التقديرات إلى أنه يمثل حوالي 14 في المائة من إجمالي تدفقات التمويل الحالي للحلول القائمة على الطبيعة، بما في ذلك الحراجة.
◂ يشير أحد التقديرات لعام 2017 إلى أن القطاع الخاص يستثمر ما بين 1.5 و2 مليار دولار أمريكي في السنة في عمليات الزرع و6.5 مليارات دولار أمريكي في تجهيز الأخشاب في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. ويمكن اعتبار الاستثمارات في مرافق التجهيز المضيف للقيمة بمثابة استثمارات في سلاسل القيمة الخضراء إذا كانت المواد الخام آتية من مصادر مستدامة.
◂ يشمل عدد قليل من خطط التعافي من جائحة كوفيد - 19 مكونات فعالة لحشد التمويل للمسارات الحرجية. وحتى مايو/أيار 2021، مثلت الإجراءات الخضراء 2.6 في المائة فقط من مجموع الإنفاق المالي (أي 420 مليار دولار أمريكي من أصل 16 ترليون دولار أمريكي) المرتبط بالجائحة في أكبر 87 اقتصادًا في العالم. ولا تزال معظم برامج التعافي بحاجة إلى التحسين لزيادة تأثيراتها الإيجابية على القطاعات الخضراء، بما في ذلك الحراجة.
يجب الاستفادة من جميع مصادر التمويل – من الحكومات المحلية، والخاص، والمساعدات الإنمائية الرسمية – وقد بدأت تبرز نُهج جديدة.
◂ هناك ما لا يقل عن خمسة مجالات تنطوي على إمكانات عالية لتعزيز تنفيذ المسارات الحرجية - وهي (1) خضرنة التمويل المحلي العام؛ (2) ووضع التمويل الخاص بالمناخ في خدمة النُهج القائمة على الغابات؛ (3) وخضرنة الأسواق المالية بواسطة أدوات للتنظيم والإشراف، مع احتلال النُهج القائمة على الغابات موقعًا واضحًا فيها؛ (4) وتطوير المشاريع الجديرة بالاستثمار فيها؛ (5) ودعم الاستثمارات في تجهيز الأخشاب الذي يؤدي إلى قيمة مضافة في بلدان المنشأ.
◂ إن الإنفاق المحلي العام على الحراجة يتخطى بأشواط المساعدة الإنمائية الرسمية والتدفقات المالية الخاصة (التي يتم تعقّبها)، حتى في بعض البلدان المنخفضة الدخل. وتنفق الحكومات الوطنية في 13 بلدًا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مبالغ على الغابات تزيد بمقدار ثلاثة أضعاف ونصف عن المبالغ التي تتلقاها على شكل مساعدة إنمائية رسمية لهذا الغرض. وتزيد التحويلات المالية الإيكولوجية المطبقة في عدد قليل فقط من البلدان حتى هذا التاريخ، 20 ضعفًا عن المساعدة الإنمائية الرسمية العالمية للغابات.
◂ يبدو أن الاستثمارات المخصصة لصون الغابات وإعادتها إلى هيئتها الأصلية آخذة في الازدياد، بما في ذلك من جانب الشركات. ويتعلّق العديد من الأدوات الاستثمارية ذات الجدوى العالية في الأسواق الناشئة بقطاع الغابات. ويمكن أن تساعد نماذج التمويل المختلط على إزالة المخاطر التي تنطوي عليها استثمارات القطاع الخاص التي لديها قيمة عامة كبيرة ولكن جاذبية غير كافية من حيث العائدات على المخاطر. كما أنّ السندات الخضراء آخذة في التطور، ولكنّ 3 في المائة منها فقط موجّه حتى هذا التاريخ نحو النُهج القائمة على الطبيعة.
◂ تعترف بلدان عديدة في مساهماتها المحددة وطنيًا بإمكانات التخفيف التي تنطوي عليها الغابات. وتعترف بلدان عديدة أيضًا بدور الأشجار في التكيّف مع تغيّر المناخ، وثمة إمكانية أيضًا لقيام البلدان بدمج الغابات والأشجار في خططها الوطنية الخاصة بالتكيّف. ولكن يتوقف عدد كبير من المقاصد القطرية على التمويل الدولي الخاص بالمناخ، الأمر الذي يسلّط الضوء على الحاجة إلى مواصلة دعم البلدان التي توجد فيها غابات.
◂ من المتوقع أن يستمر نمو أسواق الكربون مدفوعًا بالتعهدات بتحييد أثر الكربون والقرارات الحديثة المتخذة في إطار اتفاق باريس بشأن تغيّر المناخ. وإن المدفوعات القائمة على النتائج في مجال المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها، آخذة في التطوّر بهدف تحقيق النتائج في مجال التخفيف من آثار تغيّر المناخ مع المحافظة على سلامة البيئة وتقاسم المنافع بشكل ملائم؛ ويمكن لهذه المدفوعات واحتمال بيع تعويضات الكربون، أن تحسّن الجاذبية المالية للمسارات الحرجية الثلاثة. وتتطلب أسواق المنتجات المستدامة والمحايدة من حيث انبعاثات الكربون، وجود نظم موثوقة للرصد والإبلاغ والتحقق - وهذه النظم آخذة في التحسّن. ويمكن استخدام التمويل الخاص بالمناخ لحشد الرساميل الخاصة الإضافية، وتعزيز الصكوك السياساتية المحلية، ودعم المدفوعات القائمة على النتائج.
◂ يمكن للتطوّرات الأخيرة في مجال التمويل أن تدعم المسارات الحرجية في الوقت الذي تساعد فيه الاستراتيجيات الوطنية لتمويل الغابات على توجيه الاستثمارات العامة. وعلى سبيل المثال، تم إنشاء حوالي 40 صندوق أمانة جديد معني بالصون منذ عام 2010 بالإضافة إلى الصناديق المماثلة التي تم إنشاؤها سابقًا والتي يبلغ عددها 68 صندوقًا. وتتيح صناديق وطنية عديدة خاصة بالمناخ فرصًا لدعم قطاع الغابات.
يمكن لإعادة توجيه الدعم المضرّ اجتماعيًا وبيئيًا ولتحسين البيئة التنظيمية أن يوفرا قدرًا كبيرًا من التمويل للمسارات الحرجية.
◂ سيتطلب تعزيز الاستثمارات استخدام الصكوك السياساتية بطريقة استراتيجية من أجل إعادة توجيه الحوافز وتشجيع الأسواق الخضراء والتمويل الأخضر. وعلى سبيل المثال، يمكن لإعادة تحديد وجهة الإعانات الزراعية - التي تبلغ قيمتها حاليًا حوالي 540 مليار دولار أمريكي سنويًا - لكي تشمل الحراجة الزراعية والحراجة، أن تساعد على تجنّب الآثار الضارة التي تترتب عن 86 في المائة من مثل هذه الإعانات.
◂ تعتمد البلدان معايير وأنظمة ومتطلبات خاصة بالعناية الواجبة من أجل تحويل التدفقات المالية بعيدًا عن الإجراءات المضرّة بالغابات. ومن المرجح أن يتسع هذا الاتجاه من الناحية الجغرافية وفي مجموعة السلع الأساسية التي تغطيها هذه المعايير والأنظمة والمتطلبات.
سيكون توفير التمويل لصغار المنتجين أمرًا أساسيًا لتنفيذ المسارات.
◂ يصل أقل من 2 في المائة من التمويل العالمي الخاص بالمناخ إلى صغار المزارعين والسكان الأصليين والمجتمعات المحلية في البلدان النامية. ولكن تساعد نُهج جديدة على حشد الاستثمارات لأصحاب الحيازات الصغيرة، بما في ذلك للحد من المخاطر التي يحتمل أن يتعرّض لها المستثمرون. وإن آليات تقاسم المنافع الناجمة عن المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها آخذة في التطور، ولكن تنفيذها الكامل محدود رغم الاهتمام الواسع بها وجهود التأهب المبذولة في العديد من البلدان النامية.
◂ هناك حاجة إلى المزيد من الدعم لتطوير المشاريع والبرامج الجديرة بالاستثمار فيها من أجل الاستفادة من فرص التمويل الناشئة. وتشمل الخيارات مرافق الاستثمار التي تساعد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم والجهات الأخرى العاملة في سلاسل القيمة الحرجية على تجميع الإنتاج، وإضافة القيمة، وإعداد المشاريع الجيّدة؛ وتطوير ونشر الأدوات التي يمكن أن تساعد على اتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.
5 - أصحاب الحيازات الصغيرة والمجتمعات المحلية والسكان الأصليون لا غنى عنهم من أجل تعزيز تنفيذ المسارات الحرجية
إن إشراك أصحاب الحيازات الصغيرة والمجتمعات المحلية والسكان الأصليين في المسارات الحرجية أمر ضروري.
◂ يساهم المزارعون الأسريون في 80 في المائة من الإنتاج العالمي للأغذية، والمزارعون الذين يملكون أراض لا تتجاوز مساحتها هكتارين في 35 في المائة منه. وإن ما يصل إلى 90 في المائة من المؤسسات الحرجية في العديد من البلدان هي مؤسسات صغيرة أو متوسطة الحجم؛ وتولّد هذه المؤسسات أكثر من نصف فرص العمل المتعلّقة بالغابات.
◂ يملك أصحاب الحيازات الصغيرة والمجتمعات المحلية والسكان الأصليون أو يقومون بإدارة ما لا يقل عن 4.35 مليار هكتار من الغابات والأراضي الزراعية؛ وتشير إحدى الدراسات إلى أن أصحاب الحيازات الصغيرة ينتجون منتجات زراعية وحرجية تتراوح قيمتها بين 869 مليار و1.29 ترليون دولار أمريكي سنويًا.
يمكن للجهات الفاعلة المحلية أن تكون جهات كفؤة جدًا - وفعالة من حيث الكلفة - لإدارة الغابات.
◂ هناك أدلة تشير بشكل عام إلى أن أصحاب الحيازات الصغيرة الذين لديهم حيازة آمنة يميلون إلى القيام باستثمارات أطول أجلًا في أراضيهم وغاباتهم مقارنة بنظرائهم الذين لا يتمتعون بهذا الأمان أو بأمان قصير الأجل.
◂ تظهر الدراسات أن 91 في المائة من مجموع أراضي الشعوب الأصلية والأراضي المجتمعية في حالة إيكولوجية جيدة أو معتدلة، الأمر الذي يدل على قدرتها على الحد بطريقة فعالة من حيث الكلفة من إزالة الغابات وعلى تحسين الغابات. وعلى سبيل المثال، يكلّف تأمين أراضي الشعوب الأصلية في بعض بلدان أمريكا اللاتينية أقل من 1 في المائة من العائدات المحتملة من تخزين الكربون وحده.
هناك اعتراف متزايد في القوانين التشريعية بالحقوق العرفية في الغابات، ولو أن التقدم لم يكن متجانسًا.
◂ لقد أدّى نقل الحقوق المتعلّقة بالأراضي العامة في العديد من البلدان إلى زيادة قدرة أصحاب الحيازات الصغيرة والمجتمعات المحلية والسكان الأصليين على حصد موارد الغابات العالية القيمة وتوليد الدخل من خدمات النظم الإيكولوجية، وخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها، وأرصدة الكربون. ولكنّ الاعتراف بالحيازة للسكان الأصليين والمجتمعات المحلية والنساء في المناطق الريفية قد شهد تباطؤًا على المستوى العالمي بين عامي 2002 و2017.
◂ يعتبر تسريع وتيرة إضفاء الطابع الرسمي على الحقوق العرفية والجماعية أمرًا بالغ الأهمية لحماية ما تبقى من الغابات وحشد الموارد لتحقيق التعافي. وتعتمد بعض الحكومات سياسات تهدف مثلًا إلى الاعتراف بالأراضي العرفية من دون الحاجة إلى سندات ملكية وإلى تبسيط عمليات تسجيل الأراضي. ويمكن لمجموعة من التكنولوجيات الجديدة المتدنية الكلفة أن تساعد أيضًا على تأمين الحيازة المجتمعية من خلال العمليات التشاركية.
◂ بالنسبة إلى معظم أصحاب الحيازات الصغيرة، فإن الحقوق المتعلّقة بالأشجار (والكربون) أكثر غموضًا من الحقوق المتعلقة بالأراضي. ومع أن هذا الأمر يتغيّر، تقوم معظم البلدان التي تعطي المزارعين حقوقًا تتعلّق بالأشجار بوضع أنظمة مشددة في ما يتعلّق باستخدام الأشجار وإدارتها في الأراضي الخاصة. ويمكن للحكومات أن تشجّع إعادة المواقع إلى هيئتها الأصلية والحراجة الزراعية مثلًا من خلال تقديم حقوق آمنة وطويلة الأجل في الأشجار والمنتجات الشجرية مقابل اعتماد ممارسات الإدارة الجيدة من قبيل الحراجة الزراعية المستدامة.
يمكن لمنظمات المنتجين المحلية والمجموعات المعنية الأخرى أن تساعد على تمكين المسارات الحرجية الثلاثة، ولكنها بحاجة إلى الدعم.
◂ هناك أكثر من 8.5 ملايين مجموعة معنية بالتعاون الاجتماعي في العالم، وتأثيرها في مجال الحراجة آخذ في الازدياد. وهناك ثلاثة أنواع من هذه المجموعات: (1) المجموعات من قبيل مجموعات مستخدمي الغابات المجتمعية التي يتم تشكيلها لحماية حقوق المستخدمين، وتمكين الإنتاج المستدام وإضافة القيمة وتعزيزهما، وتقديم الخدمات التجارية والمالية للأعضاء؛ (2) والمجموعات المرتبطة بالحركات الاجتماعية بهدف النهوض مثلًا بالإصلاحات القانونية الرامية إلى تعزيز الحقوق وإزالة الحواجز التنظيمية؛ (3) والمجموعات التي تهدف إلى التصدي بطريقة شاملة لإزالة الغابات وتدهورها في إطار النُهج المتعلقة بالولاية القضائية.
◂ تتيح البرامج والسياسات المالية القائمة لدعم هذه المنظمات، معلومات متعمقة عن الطريقة التي يجري فيها هذا الأمر في أماكن أخرى.
من شأن زيادة القدرات والتشارك في إنتاج المعارف مع أصحاب الحيازات الصغيرة والمجتمعات المحلية والسكان الأصليين أن يساعد على تعزيز المسارات الحرجية الثلاثة.
◂ لقد تراجعت تنمية القدرات في مجال الحراجة في العديد من البلدان، ولكن ثمة فرص لعكس هذا المسار. وتتمثل إحدى نقاط الانطلاق في الاستثمار من جديد في برامج الإرشاد المتعلّقة بالغابات والحراجة الزراعية، مثلًا من خلال المدارس الحقلية للمزارعين والرعاة ومبادرات التعلّم من خلال الممارسة في مجال الحراجة المجتمعية. ويمكن لتحديد مختلف مصادر المعرفة والتكنولوجيات الجديدة والاستفادة منها أن يسهلا إيجاد الحلول المبتكرة والشاملة التي تستند إلى النظم المحلية.
◂ يمكن تطبيق السياسات الداعمة لتنمية القدرات في مجال الغابات بالاستناد إلى الشراكات والعمل بين أصحاب المعرفة التقليديين والمنظمات الخدماتية والتدريبية والتعليمية. وهناك مجموعة من الإجراءات لضمان أن تشمل هذه الجهود النساء والرجال، والشباب، والسكان الأصليين، والفقراء، والضعفاء.
◂ يمكن لتعبئة التكنولوجيات والخدمات الرقمية والاستثمار فيها أن يساعدا على تسريع وتيرة التغيير وتبنّي المسارات الحرجية الثلاثة. وهناك وسائل متزايدة للتغلّب على الحواجز التي تعيق الانخراط الرقمي، ولكن هناك أيضًا قيود كبيرة تعترض تحقيق ذلك: فحوالي ربع السكان في البلدان الأقل نموًا يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى خدمات النطاق العريض على الهواتف المحمولة، ولدى 6 في المائة فقط من الأسر الريفية في أفريقيا إمكانية الوصول إلى الإنترنت. ومع ذلك، يزيد توافر المعلومات المستمدة من الخدمات الفنية وخدمات الإرشاد العامة والخاصة، على شبكة الإنترنت وعلى شكل تطبيقات على الأجهزة المحمولة، الأمر الذي يجعلها أكثر شمولًا. ويمكن لزيادة الوصول إلى الإنترنت في المناطق الريفية أن يسرّع عملية تعزيز المنظمات المحلية وعملها الداعم للتعافي الأخضر والتنمية المستدامة على المستوى المحلي.
6 - المسارات الحرجية - وسيلة لتحقيق التعافي الأخضر وإقامة اقتصادات قادرة على الصمود؟
لقد اتخذت معظم البلدان خطوات على امتداد المسارات الحرجية، ولكن يبدو أنه لدى عدد قليل منها سياسات متسقة لتعزيز المسارات الثلاثة جميعها وتحسين التكامل في ما بينها.
◂ هناك زخم دولي واضح لاتباع المسارات الحرجية، ولقد آن الأوان لاعتماد استراتيجيات جريئة لتعزيز هذه المسارات بطرق متعاضدة وتؤدي إلى بناء القدرة على الصمود.
تنطوي المسارات الحرجية الثلاثة على مخاطر اقتصادية واجتماعية وسياسية وبيئية.
◂ على سبيل المثال، هناك خطر أن يفوّت المستثمرون، بما في ذلك أصحاب الحيازات الصغيرة، فرصة الاستثمار في مشاريع مربحة بقدر أكبر؛ ولكن في المقابل، يمكن أن يزيد التنويع الذي تتيحه المسارات الحرجية من قدرة الجهات الفاعلة المحلية على الصمود من الناحية الاقتصادية. ويتمثل خطر آخر في إمكانية أن يهدد تغيّر المناخ قابلية جهود إعادة المواقع إلى هيئتها الأصلية للاستمرار، وستكون الإدارة التكيّفة هامة للتخفيف من هذا الخطر.
يمكن أن تشمل الخطوات المقبلة أربعة إجراءات ممكنة هي:
- توجيه التمويل المخصص للتعافي نحو السياسات الطويلة الأجل التي تهدف إلى إنشاء اقتصادات مستدامة واستحداث فرص عمل خضراء وإلى حشد المزيد من الاستثمارات من القطاع الخاص؛
- وتمكين الجهات الفاعلة المحلية وتحفيزها لتأدية دور قيادي في المسارات الحرجية؛
- والمشاركة في الحوار في مجال السياسات بشأن الاستخدام المستدام للغابات بوصفه وسيلة لتحقيق الأهداف الاقتصادية والبيئية في آن واحد؛
- وتعظيم أوجه التآزر بين المسارات الحرجية الثلاثة وبين السياسات الزراعية والحرجية والبيئية والسياسات الأخرى، والتقليل من المقايضات إلى أدنى حد ممكن.