- ➔ تبلغ كلفة النمط الغذائي الصحي في المناطق الحضرية في البلدان الأفريقية الأحد عشر التي شملها التحليل، مستويات أعلى كثيرًا (تزيد في المتوسط بمقدار 1.2 ضعف) عما في المناطق شبه الحضرية، وتنخفض بعد ذلك كلما صغر حجم المدينة وكلما اقتربت من المناطق الريفية. وهذا الاتجاه أقل وضوحًا في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة التي تظهر فيها كلفة متشابهة عبر جميع المناطق الحضرية.
- ➔ يؤدي ارتفاع كلفة الأغذية الحيوانية المصدر، مقارنة بالمجموعات الغذائية الأخرى، إلى زيادة كلفة النمط الغذائي الصحي عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل، ولا سيما في المناطق الحضرية والمناطق الريفية النائية.
- ➔ لا يُترجم انخفاض كلفة النمط الغذائي الصحي في المناطق شبه الحضرية في البلدان الأحد عشر التي شملها التحليل، مقارنة بالمناطق الحضرية، إلى أنماط غذائية صحية ميسورة الكلفة، لأن مستويات الدخل تُشكل عاملًا كبيرًا. وتبلغ النسبة المئوية للسكان غير القادرين على تحمل كلفة نمط غذائي صحي في المناطق شبه الحضرية مستويات أعلى مما في المناطق الحضرية ومماثلة لما في المناطق الريفية.
- ➔ تتجاوز كلفة النمط الغذائي الصحي في البلدان الأفريقية الأحد عشر متوسط الإنفاق على الأغذية في الأسرة المعيشية المنخفضة والمتوسطة الدخل في بلدان ميزانيات الغذاء المرتفعة والمنخفضة على السواء. وتواجه الأسرة المعيشية المنخفضة الدخل التي تعيش في مناطق شبه حضرية وريفية، أوضاعًا غير مؤاتية بصفة خاصة ذلك أنها تحتاج إلى أكثر من ضعف ما تنفقه حاليًا على الغذاء للحصول على نمط غذائي صحي.
- ➔ في كثير من البلدان الأفريقية التي شملتها الدراسة، كان معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في المناطق الحضرية وشبه الحضرية مماثلًا لما في المناطق الريفية، وكانت في بعض الحالات أعلى قليلًا، مما يدل على أن انعدام الأمن الغذائي مشكلة لا تقتصر على المناطق الريفية في معظم البلدان التي شملها التحليل.
- ➔ في البلدان الثلاثة التي شملها التحليل في أفريقيا، يزداد معدل انتشار التقزم لدى الأطفال بشكل عام كلما كان حجم المدن أصغر وكلما ابتعدنا عن المراكز الحضرية. ويقل معدل انتشار الهزال والوزن الزائد عند الأطفال ويُظهر اتجاهات أقل وضوحًا عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل.
وفقًا لآخر التقديرات (الفصل الثاني)، نحن لا نمضي في المسار الصحيح نحو القضاء على سوء التغذية بجميع أشكاله بحلول عام 2030. وعلى سبيل المثال، كان 148.1 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم في عام 2022، و45 مليونًا من الهزال، و37 مليونًا من الوزن الزائد. وتشير دراسة العبء العالمي للمرض إلى أن المخاطر الغذائية كانت تمثل في عام 2019 ثاني أكبر عامل خطرغ من المستوى 2 للوفيات ذات الصلة عند النساء والثالث عند الرجال.20
ولسوء التغذية بجميع أشكاله أسباب متعددة، ولكنه يمكن للأنماط الغذائية الصحية أن تساعد على الحد من خطر المعاناة منه، بما في ذلك من النقص في المغذيات الدقيقة والتقزم والهزال والوزن الزائد والسمنة والأمراض غير المعدية المتصلة بالنمط الغذائي.21 وتعتبر العوامل المحددة لاستهلاك الأنماط الغذائية الصحية معقدة جدًا هي أيضًا وتشمل العوامل السلوكية والثقافية وتصميم الأغذية والترويج لها في بيئة الأغذية. ولكن من الواضح أنه لضمان الحصول على أنماط غذائية صحية، ينبغي أن تكون الأغذية المغذية متوافرة وميسورة الكلفة. ويشير التوافر إلى تواجد الأغذية المتأتية من الإنتاج الخاص أو من الأسواق، فيما تدلّ الكلفة الميسورة على قدرة الناس المالية على شراء قدر كاف من الأغذية، وهو ما يتوقف بدوره على دخل الأسرة المعيشية وأسعار الغذاء. وتقيّد المداخيل المتدنية كمية الأغذية التي يمكن أن تحصل عليها الأسرة المعيشية من الناحية الاقتصادية، ولكن الأسعار النسبية والتشتت المنهجي لأسعار الأغذيةظ يؤثران بشكل كبير على الأغذية المختارة ويمكن أن يؤثر ذلك على النتائج التغذوية المرتبطة بالنمط الغذائي.22
ويجدر التذكير بأن مؤشر القدرة على تحمّل الكلفة هو مقياس للوصول الاقتصادي. وهو لا يقيس عدد الأشخاص الذين لا يتناولون نمطًا غذائيًا صحيًا، إنما عدد الأشخاص الذين لا يملكون الموارد الكافية للحصول على نمط غذائي صحي. ولذلك، لا يتم أخذ مساهمة برامج الحماية الاجتماعية من قبيل برامج التغذية المدرسية، في الاعتبار. ومن جهة أخرى، تعتبر البرامج الاجتماعية مثل التحويلات النقدية العينية أو المالية، أو برامج التبرُّعات الغذائية، جزءًا من دخل الأسرة المعيشية.
وأظهرت طبعة عام 2020 من هذا التقرير وجود تباينات في كلفة الأنماط الغذائية الصحية والقدرة على تحملها داخل البلدان، ولكنه لم يغط التباينات عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل. وتشير الدراسات إلى أنه يمكن للتوسّع الحضري أن يفرض ضغوطًا تصاعدية مباشرة على أسعار الأغذية في البلدان الفقيرة.18 ويعود السبب في ذلك إلى أن معظم الأسر المعيشية تعتمد الآن على الأغذية التي توفِّرها الأسواق بدلًا من الاعتماد على إنتاجها الخاص. ويصحّ ذلك بشكل خاص في المناطق الحضرية التي تمثل فيها مشتريات الأغذية – على النحو المبيّن في الشكل 24 في القسم 4–1 – أكثر من 78 في المائة من استهلاك الأسرة المعيشية في البلدان الأحد عشر في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي جرى تحليلها. غير أن ذلك ينطبق أيضًا على المناطق شبه الحضرية والريفية حيث تقوم الأسر المعيشية في جميع البلدان المشمولة في التحليل تقريبًا، بشراء أكثر من 50 في المائة من الأغذية التي تستهلكها من الأسواق. وتزيد هذه المعدلات المرتفعة من خطر تخزين الأغذية عندما يتوقع أن ترتفع أسعارها، الأمر الذي يساهم بحد ذاته في ارتفاع الأسعار.
ويعرض هذا القسم تحليلًا وصفيًا جديدًا لمؤشرات الحصول على نمط غذائي صحي والأمن الغذائي والتغذية في بلدان مختارة. ويعتمد التحليل على مجموعة بيانات مناطق التجمع الحضرية الريفية الجغرافية المكانية (انظر الإطار 2 والإطار 3 في الفصل الثالث، والقسم ألف من الملحق 4)؛ وفي حين أنه لا يوجد مجموعة بيانات عالمية مماثلة لدعم التحليل نفسه، هناك بيانات استقصائية وطنية على المستوى الجزئي يمكنها أن تقدم معلومات بشأن الفوارق عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل عندما تُدمج مع مجموعة بيانات مناطق التجمع الحضرية الريفية. ويركز التحليل على البلدان الأحد عشر في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي يغطيها القسم 4–1 باستخدام البيانات الاستقصائية الأسرية نفسها (انظر الجدول ألف 5–1 في الملحق 5) ويصنفها إلى بلدان ذات ميزانيات الغذاء المرتفعة (2.3 من الدولارات المقومة على أساس تعادل القوة الشرائية للفرد في اليوم) وبلدان ذات ميزانيات الغذاء المنخفضة (1.6 من الدولارات المقومة على أساس تعادل القوة الشرائية للفرد في اليوم) (انظر الجدول 10 للاطلاع على قائمة البلدان بحسب الفئة). وكما في القسم 4–1، يتم تحليل الأنماط والفوارق وأوجه التشابه بين عشر فئات من مناطق التجمع الحضرية الريفية عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل وبين فئات المناطق الحضرية وشبه الحضرية والريفية المجمّعة (لمزيد من التفاصيل، انظر الجدول 9 والقسم باء من الملحق 5).
كلفة النمط الغذائي الصحي والقدرة على تحملها عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل
يتبع حساب كلفة النمط الغذائي الصحي والقدرة على تحملها على المستوى دون الوطني، المنهجية نفسها المتبعة مع مؤشرات الرصد العالمي لكلفة النمط الغذائي الصحي والقدرة على تحملها المعروضة في الفصل الثاني. غير أن التقديرات الوطنية المستمدة من تجميع المؤشرات دو الوطنية غير قابلة للمقارنة بالمؤشرات العالمية بسبب اختلاف مصادر البيانات. ويمكن الرجوع إلى الملحق 8 للاطلاع على مزيد من المعلومات وعلى الوصف الكامل لمصادر البيانات والمنهجية.
كلفة النمط الغذائي الصحي
تبلغ كلفة النمط الغذائي الصحي في المراكز الحضرية في البلدان الأفريقية الأحد عشر التي شملها التحليل، مستويات أعلى كثيرًا (تزيد في المتوسط بمقدار 1.2 ضعف) عما في المناطق شبه الحضرية، وتنخفض بعد ذلك كلما كان حجم المدينة أصغر وكلما اقتربت من المناطق الريفية. ويمكن أن يكون ارتفاع كلفة النمط الغذائي الصحي في المراكز الحضرية في جميع البلدان التي شملها التحليل تقريبًا مرتبطًا بانتشار المتاجر الكبرى على نطاق واسع في المدن. وفي حين أنه يمكن لانتشار هذه المتاجر أن يزيد إمكانية الحصول على نمط غذائي أكثر تنوعًا (انظر الفصل الثالث)، يمكنه أن يؤدي أيضًا إلى رفع كلفة النمط الغذائي الصحي وبالتالي إلى جعل الأسرة المعيشية الفقيرة في المراكز الحضرية أقل قدرة على تحملها.
ولكن، هناك استثناءات على نمط الكلفة هذا. فعلى سبيل المثال، تبلغ الكلفة في المناطق شبه الحضرية في غينيا بيساو مستويات أعلى بقليل مما في المناطق الحضرية. ومن المرجح أن يكون ذلك عائدًا إلى التركز الجغرافي الفريد للمدن في الجنوب حول ميناء بيساو وإلى رداءة البنية التحتية، ولا سيما في نظم النقل بالعبّارات وعلى الطرقات التي تربط المناطق الحضرية وشبه الحضرية التي تبعد ساعة واحدة أو أقل (الشكل ألف 6–1 دال في الملحق 6).23 وفي إثيوبيا وتوغو، وهما الاستثناءان الآخران، تبلغ الكلفة في المناطق الريفية مستويات أعلى مما في المناطق شبه الحضرية؛ ويرتبط ذلك مباشرة بنمط التوسّع الحضري المشتت في هذين البلدين (انظر الشكل ألف 6–1 والشكل ألف 6–1 جيم في الملحق 6) وعدم اتصال المناطق الريفية الفقيرة على نحو كاف بالمناطق الحضرية بسبب رداءة البنية التحتية للطرقات ومحدوديتها.24 وبشكل عام، تشكل البنية التحتية الرديئة للنقل في هذه الحالات الاستثنائية الثلاث عاملًا رئيسيًا يعيق توافر الأغذية المغذية (القابلة للتلف في الكثير من الأحيان) ويرفع كلفتها في المناطق الريفية.
وتخفي القيم المتوسطة عبر البلدان أيضًا فوارق بين بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة وبلدان ميزانية الغذاء المنخفضة على النحو المبيّن في الشكل 30 ألف. وتزيد كلفة النمط الغذائي الصحي في المناطق الحضرية وشبه الحضرية والريفية في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة بنسبة 23 و22 و28 في المائة على التوالي مقارنة ببلدان ميزانية الغذاء المنخفضة. ويعزى ارتفاع الكلفة في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة بشكل أساسي إلى ارتفاع كلفة الخضراوات والأغذية الحيوانية المصدر (29 و32 في المائة أعلى منها في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة على التوالي). وبالنسبة إلى مجموعتي ميزانيات الغذاء للبلدان، يسجل الانخفاض الأكبر في الكلفة عند الانتقال من المناطق الحضرية إلى المناطق شبه الحضرية، في حين أن الكلفة في المناطق الريفية مشابهة (في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة) للكلفة في المناطق شبه الحضرية أو أقل منها بقليل (في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة).
الشكل 30 كلفة النمط الغذائي الصحي في المناطق الحضرية في البلدان الأفريقية الأحد عشر أعلى بكثير منها في المناطق شبه الحضرية، وتنخفض كلما صغر حجم المدينة وكلما اقتربت من المناطق الريفية؛ وهذا الاتجاه أقل وضوحًا في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة التي تظهر فيها كلفة متشابهة عبر جميع المناطق الحضرية
وتكشف النظرة الأكثر تفصيلًا إلى التسلسل الريفي الحضري المتصل (أي بالنظر إلى فئات مناطق التجمع الحضرية الريفية العشر)، عن وجود تقارب أكبر في كلفة النمط الغذائي الصحي في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة، ولا سيما في المناطق الحضرية (الشكل 30 باء). ومن ناحية أخرى ، يتسع نطاق الكلفة في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة. ويشير التقارب الأكبر في كلفة النمط الغذائي الصحي في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة إلى الترابط الأفضل في سلاسل الإمدادات الغذائيّة عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل مقارنة ببلدان ميزانية الغذاء المنخفضة.
وتوفِّر دراسة نمط الكلفة عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل في البلدان المنفردة، فكرة أوضح أيضًا (الجدول ألف 9–2 في الملحق 9). فعلى سبيل المثال، تتحمّل الأسرة المعيشية في المراكز الحضرية في بنن وتوغو كلفة تزيد بمقدار 1.4 و1.7 أضعاف على التوالي عما تتحمله الأسرة المعيشية في المناطق شبه الحضرية – علمًا بأن غالبية سكان هذين البلدين تتركز في المناطق شبه الحضرية المحيطة بالمدن الصغيرة. ويشير ذلك إلى أنه يمكن لنمط التوسّع الحضري الأكثر تشتتًا والذي يحتمل أن ينطوي على أسواق لا مركزية ينشط فيها المنتجون المحليون، أن يؤدي إلى خفض كلفة الأنماط الغذائية الصحية.
وأخيرًا، وخلافًا لما شاهدناه في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة، فإن كلفة سلة النمط الغذائي الصحي مرتفعة بشكل خاص في المناطق الريفية النائية جدًا التي تبعد أكثر من ساعتين عن أي مركز حضري في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة (الجدول ألف 9–2 في الملحق 9). ومن بين هذه البلدان، تسجل نيجيريا فرقًا كبيرًا بشكل خاص في الكلفة بين المناطق النائية والمناطق الريفية التي تقع على مسافة تتراوح بين ساعة واحدة وساعتين إلى أي مركز حضري. وقد يعد ذلك انعكاسًا لأنماط التوسّع الحضري المختلفة في هذه البلدان التي شهدت تمددًا للمدن الحضرية بفعل عيش غالبية السكان في المدن الكبيرة و/أو المتوسطة والمناطق شبه الحضرية التي تبعد عنها ساعة واحدة أو أقل. وفي هذه الحالة، يتوقع وجود فجوة أكثر حدة بين هذه المناطق والمناطق الريفية الأكثر بعدًا مع اختلال سلسلة الإمدادات الغذائية وارتفاع الأسعار.
ولا تظهر على هيكل الكلفة المقسم بحسب المجموعات الغذائية التي يتألف منها النمط الغذائي الصحي، أي اختلافات لافتة عبر مناطق التجمع الحضرية الريفية، إذ تساهم كل مجموعة من المجموعات الغذائية الست بالنسبة المئوية نفسها تقريبًا في الكلفة الإجمالية للنمط الغذائي الصحي، بغض النظر عن منطقة التجمع في بلدان ميزانيات الغذاء المرتفعة والمنخفضة على السواء (الشكل ألف 9–1 في الملحق 9). وتعد مساهمة الأغذية الحيوانية المصدر (31˗41 في المائة) في كلفة النمط الغذائي الصحي الأكبر بين المجموعات الغذائية، تليها الخضراوات (17˗22 في المائة) والأغذية الأساسية (16˗21 في المائة) والفاكهة (10˗18 في المائة) والدهون والزيوت (6–8 في المائة) والبقول البذور والجوزيات (6–8 في المائة).
ولكن تجدر الإشارة إلى أن حصة الأغذية الحيوانية المصدر من الكلفة في جميع المراكز الحضرية والمناطق شبه الحضرية في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة، أكبر منها في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة (يتراوح الفرق بين 2 و6 نقاط مئوية) (الشكل ألف 9–1 في الملحق 9). ويظهر الفارق الأكبر في الكلفة في البلدات حيث تنفق الأسرة المعيشية في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة مبلغًا يزيد بمقدار 0.29 دولارًا أمريكيًا للفرد الواحد في اليوم عما تنفقه الأسرة المعيشية في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة على الأغذية الحيوانية المصدر (الشكل 31).
الشكل 31 تؤدي كلفة الأغذية الحيوانية المصدر المرتفعة في البلدان الأفريقية الأحد عشر إلى ارتفاع كلفة النمط الغذائي الصحي عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل، ولا سيما في المناطق الحضرية والمناطق الريفية النائية
ويتمثل الاتجاه الآخر الذي يجب تسليط الضوء عليه في مساهمة الأغذية الحيوانية المصدر بقدر أكبر في الكلفة مقارنة بجميع المجموعات الغذائية الأخرى، بما في ذلك الخضراوات والفاكهة مجتمعة، في جميع مناطق التجمع الحضرية الريفية تقريبًا في مجموعتي ميزانيات الغذاء للبلدان. وتشكل المدن الكبيرة في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة الاستثناء الرئيسي لأن الفاكهة تستحوذ على حصة أكبر من كلفة النمط الغذائي الصحي (الشكل ألف 9–1 في الملحق 9).
وأخيرًا، فإن مساهمة الأغذية الحيوانية المصدر في الكلفة الإجمالية للنمط الغذائي الصحي (كنسبة مئوية ومن حيث القيمة المالية) مرتفعة أيضًا في المناطق الأكثر بعدًا (على مسافة تبعد أكثر من ساعتين عن أي مدينة أو بلدة) في بلدان ميزانيات الغذاء المرتفعة والمنخفضة على السواء. وفي المقابل، تقل هذه المساهمة في المناطق شبه الحضرية المتاخمة للمدن المتوسطة والصغيرة، وفي المناطق التي تقع على مسافة تتراوح بين ساعة واحدة وساعتين إلى المدينة أيًا كان حجمها (الشكل 31 والشكل ألف 9–1 في الملحق 9).
ويفسر انخفاض كلفة الأغذية الحيوانية المصدر في المناطق شبه الحضرية إلى جانب ارتفاع كلفة الفاكهة والخضراوات في المدن الكبيرة، ولا سيما في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة، تراجع الكلفة الإجمالية لسلة النمط الغذائي الصحي عند الانتقال من المناطق الحضرية إلى المناطق الريفية عبر التسلسل المتصل (الشكل 31). ومن الواضح أن انخفاض كلفة الفاكهة والخضراوات والأغذية الحيوانية المصدر في ضواحي المدن ناتج عن قرب المسافة من موقع إنتاج هذه المنتجات القابلة للتلف. وفي الواقع، يجذب تزايد طلب سكان المدن الأكثر ثراءً على الأغذية الحيوانية المصدر عددًا أكبر من متوسطي وكبار مشغلي الإنتاج الحيواني إلى المناطق الحضرية وشبه الحضرية (وكان هؤلاء المشغلون قد ابتعدوا عن هذه المناطق عندما بدأ التوسّع الحضري يزداد حدة).2 وعلاوة على ذلك، من المرجح أن يُعزى اتساع الفرق في كلفة الأغذية الحيوانية المصدر عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة إلى القيود الأكبر الموجودة في سلسلة الإمدادات الباردة.
كلفة النمط الغذائي الصحي مقارنة بالنفقات الغذائية الفعلية للأسرة المعيشية
يظهر تحليل الطلب على الأغذية في القسم 4–1 أنماط استهلاك الأغذية عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل، بما في ذلك القيمة السوقية للأغذية المستهلكة بحسب المجموعة الغذائية. ولكن لا يسمح هذا التحليل بتحديد ما إذا كانت الأنماط الغذائية المستهلكة توفِّر الكمية اللازمة من السعرات الحرارية والمغذيات والتنوع اللازم في متناول الأغذية من المجموعات الغذائية المختلفة التي يتألف منها النمط الغذائي الصحي. فذلك يتطلب مجموعة مختلفة من البيانات والمعلومات التي ليست متاحة. ولكن في المقابل، يمكن مقارنة كلفة النمط الغذائي الصحي بما تنفقه الأسرة المعيشية فعلًا على الأغذية (بما في ذلك القيمة السوقية للأغذية المتأتية من الإنتاج الخاص) من أجل تحديد ما إذا كان يجب عليها أن تنفق قدرًا أكبر أو أقل من الدخل المتوافر لديها لتأمين نمط غذائي صحي. وهذه المقارنة مفيدة، لا سيما وأنه يمكن تصنيف التقديرات بحسب مناطق التجمع الحضرية الريفية ومستوى دخل الأسرة المعيشية.
وعلى المستوى الوطني، تقل كلفة النمط الغذائي الصحي في المتوسط عن المبلغ الذي تنفقه الأسرة المعيشية على الغذاء في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة التي شملها التحليل (انظر الجدول ألف 9–1 في الملحق 9). وتمثل كلفة النمط الغذائي الصحي في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة 86 في المائة من متوسط استهلاك الأغذية، وتتراوح بين 74 و97 في المائة في البلدان التي تنتمي إلى هذه المجموعة. أما في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة، فهناك تباين أكبر. فكلفة النمط الغذائي الصحي في بلدين (بوركينا فاسو والنيجر) أعلى بحوالي 40 في المائة من متوسط استهلاك الأغذية. ولكن في البلدان الأخرى، الكلفة أقل من المبلغ الذي يتم إنفاقه فعلًا على الغذاء.
ولكن يحجب المتوسط الوطني حقيقة أن كلفة النمط الغذائي الصحي تتجاوز بالفعل متوسط الإنفاق على الأغذية في الأسر المعيشية المنخفضة والمتوسطة الدخل في مجموعتي ميزانيات الغذاء للبلدان (الشكل 32 ألف). فتبلغ كلفة سلة النمط الغذائي الصحي حوالي ضعف المبلغ الذي تنفقه الأسرة المعيشية المنخفضة الدخل على الغذاء: وهي بشكل خاص أعلى بمقدار 2.3 مرات في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة ومرتين في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة. وتحتاج الأسرة المعيشية المتوسطة الدخل أيضًا إلى زيادة الإنفاق الحالي للحصول على نمط غذائي صحي (أي بنسبة 34 في المائة في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة و17 في المائة في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة).
الشكل 32 كلفة النمط الغذائي الصحي تتجاوز متوسط استهلاك الأغذية في الأسرة المعيشية المنخفضة والمتوسطة الدخل في بلدان ميزانيات الغذاء المرتفعة والمنخفضة على السواء في البلدان الأفريقية الأحد عشر التي شملها التحليل
وتلاحظ هذه المشكلة في جميع الأسر المعيشية المنخفضة والمتوسطة الدخل في بلدان ميزانيات الغذاء المرتفعة والمنخفضة على السواء عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل، ولكنها تزداد حدة بشكل خاص عند الانتقال من المناطق الحضرية إلى المناطق شبه الحضرية (الشكل 32 باء). وتواجه الأسرة المعيشية المنخفضة الدخل التي تعيش في مناطق شبه حضرية وريفية، أوضاعًا غير مؤاتية بصفة خاصة ذلك أنها تحتاج إلى أكثر من ضعف ما تنفقه حاليًا على الغذاء للحصول على نمط غذائي صحي.
القدرة على تحمل كلفة النمط الغذائي الصحي عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل
تعكس القدرة على تحمّل الكلفة، أو كلفة النمط الغذائي الصحي نسبة إلى الدخل الذي يمكن أن تخصصه الأسرة المعيشية بشكل موثوق للغذاء، القدرة على الحصول على نمط غذائي صحي. ويظهر تتبع هذه القدرة عبر كل منطقة من مناطق التجمع الحضرية الريفية في البلدان الأحد عشر التي شملها التحليل، كيف أن الوصول الاقتصادي إلى النمط الغذائي الصحي يتبع مسارات مختلفة في البلدان ذات مستويات التنمية والتوسّع الحضري المختلفة. والأهم من ذلك هو أن الكلفة المرتفعة لا تترجم بالضرورة إلى عدم قدرة أكبر على تحمل الكلفة، والعكس بالعكس، ذلك أن هذه القدرة تتوقف على مستوى الدخل نسبة إلى الكلفة.
وفي الواقع، هذه واحدة من أبرز النتائج التي توصل إليها التحليل. وعلى الرغم من أن كلفة النمط الغذائي الصحي في المناطق شبه الحضرية أقل منها في المناطق الحضرية (الشكل 30 ألف)، فإن هذا لا يُترجم إلى نمط غذائي صحي ميسور الكلفة في المناطق شبه الحضرية (الشكل 33). وتكون النسبة المئوية للسكان غير القادرين على تحمل كلفة نمط غذائي صحي في المناطق شبه الحضرية أعلى بمقدار 1.5 مرة مما في المراكز الحضرية ومماثلة لما في المناطق الريفية.
الشكل 33 النسبة المئوية للسكان الذين لا يمكنهم تحمل كلفة نمط غذائي صحي في المناطق شبه الحضرية في البلدان الأفريقية الأحد عشر أعلى مما في المناطق الحضرية ومماثلة لما في المناطق الريفية
وفي النيجر الذي هو من بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة ولديه النسبة الأعلى من الأشخاص الذين يعيشون في مناطق تبعد أكثر من ساعة واحدة عن أي مركز حضري بين البلدان الأحد عشر التي شملها التحليل، تزيد نسبة الأشخاص الذين لا يمكنهم تحمل كلفة نمط غذائي صحي كلما صغر حجم المدينة وانتقلنا إلى المناطق الريفية. وفي هذه الحالة، تبلغ الزيادة 52 نقطة مئوية بين المدن الكبيرة والبلدات (الشكل 33 والجدول ألف 9–3 في الملحق 9). والمدهش هو أن بوركينا فاسو وغينيا بيساو، وكلاهما من بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة، يتبعان نمطًا مشابهًا لبلدان ميزانية الغذاء المرتفعة، إذ تبقى مستويات القدرة على تحمّل الكلفة داخل كل بلد ثابتة إلى حد ما في المراكز الحضرية.
ويؤدي الابتعاد عن المراكز الحضرية في بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة (باستثناء بنن وتوغو) إلى إحداث تغيير هيكلي يتمثل في تزايد نسبة الأشخاص الذين يعجزون عن الحصول على نمط غذائي صحي بشكل ملحوظ. أما في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة (باستثناء إثيوبيا)، فتحصل هذه الزيادة عند الابتعاد خطوة إضافية على طول التسلسل المتصل، أي عند تجاوز حدود المناطق شبه الحضرية المحيطة بالمدن الكبيرة والمتوسطة. وأخيرًا، تزيد نسبة الأشخاص الذين لا يمكنهم تحمل كلفة نمط غذائي صحي في المناطق شبه الحضرية في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة كلما صغر حجم المركز الحضري الأقرب (الشكل 33).
انعدام الأمن الغذائي عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل
تبيّن مقارنة انعدام الأمن الغذائي لسكان المناطق الريفية وشبه الحضرية والحضرية على المستويين العالمي والإقليمي بالاستناد إلى تصنيف درجة التوسع الحضريأأ المعروض في الفصل الثاني، أن معدل انعدام الأمن الغذائي أدنى في المناطق الحضرية على المستوى العالمي. أما على المستوى الإقليمي، فتتبع أفريقيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي هذا النمط على خلاف أسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا، الأمر الذي يكشف عن وجود فوارق خاصة بالسياق تجعل التعميم مستحيلًا. ويسلط تحليل أنماط انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل والشديد بالاستناد إلى مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي وباستخدام البيانات الاستقصائية الأسرية لتسعة من البلدان الأحد عشر التي شملتها الدراسة حتى الآن والمصنفة بحسب ميزانية الأغذية (انظر الجدول 10)، ووفقًا للتسلسل الريفي الحضري المتصل الذي تحدده مناطق التجمع الحضرية الريفية (انظر الجدول 9)، الضوء على بعض الفوارق الخاصة بالسياق ويمكنه أن يكمّل التحليل الوارد في الفصل الثاني.
وإن معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في المناطق الحضرية وشبه الحضرية في كثير من البلدان التي شملها التحليل، مماثل لما في المناطق الريفية (مثل كوت ديفوار والسنغال) أو أعلى قليلًا في بعض الأحيان (مثل النيجر ونيجيريا) (الشكل 34). ويدل ذلك على أن انعدام الأمن الغذائي مشكلة لا تقتصر على المناطق الريفية في معظم البلدان التي شملها التحليل.
الشكل 34 معدل انتشار التقزم لدى الأطفال يزداد عادة كلما صغر حجم المدينة وابتعدنا عن المراكز الحضرية. وإن معدل انتشار الهزال والوزن الزائد عند الأطفال أقل ويُظهر اتجاهات أقل وضوحًا عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل
ويظهر تحليل مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي اختلاف النمط عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل في بلدان ميزانيات الغذاء المرتفعة والمنخفضة. وبشكل عام، تشهد بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة فوارق أكبر وأنماط متباينة في انعدام الأمن الغذائي (الشكل 34 ألف). ففي ملاوي، يبلغ معدل انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد مستويات منخفضة في المناطق الحضرية ويرتفع بشكل ملحوظ عند الانتقال إلى المناطق شبه الحضرية والريفية مع تسجيل مستويات مرتفعة جدًا من انعدام الأمن الغذائي الشديد في المنطقتين. وإن مستوى انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد هو نفسه تقريبًا في المناطق الحضرية وشبه الحضارية في بنن، ولكنه أعلى في المناطق الحضرية منه في المناطق شبه الحضرية في بوركينا فاسو. ووحدهما غينيا بيساو وتوغو تشهدان زيادة تدريجية في هذا المستوى عند الانتقال من المناطق الحضرية إلى المناطق الريفية.
وفي المقابل، فإن معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة هو نفسه تقريبًا عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل (الشكل 34 ألف). وفي حالة نيجيريا، هناك بعض المؤشرات التي تدل على أن انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد يبلغ أعلى مستوى له في المناطق شبه الحضرية وأدنى مستوى له في المناطق الريفية (الشكل 34 ألف).
وتكشف البيانات المفصلة عن بعض الفوارق الإضافية. ولكن حجم العيّنات التي تتألف منها كل فئة صغير وهوامش الخطأ كبيرة جدًا، ولذلك ينبغي تفسير الأنماط الملاحظة بحذر (انظر المجموعة الكاملة من النتائج في الجدول ألف 10–1 والجدول ألف 10–2 في الملحق 10). وعلى سبيل المثال، يرتبط معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي في نيجيريا، وهي بلد من بلدان ميزانية الغذاء المرتفعة، ارتباطًا إيجابيًا بحجم المدينة: فكلما كانت المدينة أكبر ارتفع معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي (الشكل 34 باء). كما أن مستويات انعدام الأمن الغذائي الشديد في المدن الكبيرة والمتوسطة (15 في المائة و14 في المائة على التوالي) أعلى حتى منها في المناطق الأكثر بعدًا (10 في المائة في المناطق التي تقع على مسافة سفر تزيد عن ساعتين إلى أي مركز حضري). ومن المرجح أن يكون ذلك مرتبطًا بوجود أحياء فقيرة خارج المدن الأكبر حجمًا. ويلاحظ نمط مماثل أيضًا في بوركينا فاسو، وهي من بلدان ميزانية الغذاء المنخفضة ذات نمط التوسّع الحضري الأكثر تشتتًا.
ويتبع النمط اتجاهًا عكسيا في النيجر: يزيد معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد كلما صغر حجم المدينة (الشكل 34 باء) – على غرار النمط الذي تتبعه نسبة الأشخاص الذين لا يمكنهم تحمل كلفة سلة النمط الغذائي الصحي في هذه البلدان – ومن ثم يبدأ بالهبوط عند الانتقال إلى المناطق شبه الحضرية، باستثناء زيادة حادة في المناطق التي تقع على مسافة تقل عن ساعة واحدة إلى أي بلدة. وفي المقابل، تظهر أدلة في ملاوي على حدوث تغيير هيكلي يتمثل في تفاقم انعدام الأمن الغذائي بشكل مفاجئ، وبخاصة انعدام الأمن الغذائي الشديد، لدى الأسرة المعيشية التي تعيش في مناطق تقع على مسافة سفر تقل عن ساعة واحدة إلى أي مدينة متوسطة، مع ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي عند الانتقال إلى المناطق الريفية النائية التي تكون على مسافة سفر تزيد عن ساعتين إلى أي مدينة أو بلدة (الشكل 34 باء).
ويرد في الإطار 6 تحليل آخر لانعدام الأمن الغذائي بالاستناد إلى مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي في 21 مشروعًا للتنمية الريفية حول العالم وبالنظر إلى فئات مناطق التجمع الحضرية الريفية العشر من التسلسل الريفي الحضري المتصل. ومع أن هذا التحليل ليس تمثيليًا على المستوى الوطني، فإنه يوفر منظورًا يتجاوز البلدان الأفريقية التسعة التي شملها التحليل أعلاه، وإن كان على مستوى المشاريع.
الإطار 6الأمن الغذائي عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل: أدلة من 21 مشروعًا للتنمية الريفية حول العالم
بين عامي 2019 و2021، تم جمع بيانات على المستوى الأسري باستخدام إحداثيات النظام العالمي لتحديد المواقع من 21 مشروعًا للتنمية الريفية يقوم الصندوق الدولي للتنمية الزراعية بدعمها ويتم تنفيذها في معظم أقاليم العالم. وتشمل هذه المشاريع خمسة بلدان في آسيا والمحيط الهادئ؛ وستة بلدان في أفريقيا الشرقية والجنوبية؛ وأربعة بلدان في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي؛ وأربعة بلدان في الشرق الأدنى وأفريقيا الشمالية وأوروبا وآسيا الوسطى؛ وثلاثة بلدان في أفريقيا الغربية والوسطى (انظر القسم دال من الملحق 5 للاطلاع على القائمة الكاملة بالبلدان والمشاريع). وتتضمن مجموعات البيانات هذه معلومات مستمدة من أكثر من 000 41 أسرة معيشية وتمثل صغار المنتجين المنخرطين في مشاريع تمولها المنظمات المالية الدولية. ولقد تم دمج هذه البيانات مع مجموعة بيانات مناطق التجمع الحضرية الريفية (باستخدام إحداثيات النظام العالمي لتحديد المواقع)، ومن ثم تم تصنيف الأسر المعيشية عبر فئات مناطق التجمع الحضرية الريفية العشر من التسلسل الريفي الحضري المتصل.
ويبيّن الشكل ألف معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل باستخدام العيّنة المجمعة من مشاريع التنمية الريفية الأحد والعشرين. ومن المهم التوضيح أنه في بعض فئات مناطق التجمع الحضرية الريفية، يعتبر حجم العيّنة صغيرًا جدًا بحيث لا يمكن استخلاص أي استنتاجات مهمة من الناحية الإحصائية، ولذلك يتم عرض النتائج وتفسيرها من ناحية وصف انعدام الأمن الغذائي عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل.
الشكل ألف معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بين الأسر المعيشية المشمولة بمشاريع التنمية الريفية الأحد والعشرين عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل (مناطق التجمع الحضرية الريفية)
وتظهر النتائج أن معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي يتباين عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل. فمعدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد أعلى في المناطق القريبة من البلدات (أقل من ساعة سفر واحدة) منه في المناطق التي تبعد أكثر من ساعة واحدة عن أي مدينة أو بلدة. إضافة إلى ذلك، ويرتفع معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في المدن الكبيرة مقارنة بالمدن الأصغر أو البلدات، وهو أكثر ارتفاعًا في المناطق التي تبعد ما يتراوح بين ساعة واحدة وساعتين أو أكثر من ساعتين عن أي مدينة أو بلدة. وتحمل هذه النتيجة بعض أوجه الشبه مع النتائج المبيّنة في الشكل 34 باء. ومن ناحية أخرى، يبلغ انعدام الأمن الغذائي الشديد ذروته في المناطق الريفية التي تبعد أقل من ساعة واحدة عن أي مدينة وأكثر من ساعتين عن أي مدينة أو بلدة. ومع ذلك، من المثير للدهشة أن انعدام الأمن الغذائي الشديد مرتفع جدًا أيضًا في المدن الكبيرة، فضلًا عن ارتفاعه في المناطق شبه الحضرية في المدن الكبيرة والمتوسطة. ويوفر هذا التحليل المزيد من المعلومات عن أنماط انعدام الأمن الغذائي التي يمكن معالجتها واستهدافها بشكل أكثر تحديدًا، والتي لا تكون واضحة عادة عندما يُنظر فقط إلى الفئات الثلاث للمناطق الحضرية وشبه الحضرية والريفية.
وباختصار، يبلغ معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد مستويات مرتفعة بين عدد مختار من صغار المنتجين في المناطق الحضرية وشبه الحضرية – ولا يقل عن مستوياته في المناطق الريفية بل يزيد عليها في بعض الحالات. وهذه النتيجة مشابهة للنتائج الخاصة بالعديد من البلدان الأفريقية التسعة التي شملها التحليل (الشكل 34).
وباختصار، تميل نتائج تحليل مجموعات بيانات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي التمثيلية على المستوى الوطني والمستمدة من البلدان الأفريقية التسعة، وبيانات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي التي تم جمعها في سياق هذه المشاريع في مجال التنمية الريفية، إلى الدلالة على أن انعدام الأمن الغذائي مشكلة لا تقتصر على المناطق الريفية فقط في العديد من الأماكن. وفي حين أنه لا يمكن التوصل إلى استنتاجات عامة نظرًا إلى العدد المحدود من البلدان التي شملها تحليل مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي الوارد في هذا الفصل (وكلها من الإقليم نفسه)، تدل النتائج – بما في ذلك النتائج المستمدة من 21 مشروعًا للتنمية الريفية – على الحاجة إلى إجراء مزيد من البحوث لتوجيه السياسات والاستثمارات المحددة الأهداف عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل.
الحالة التغذوية عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل
تم تقدير معدل انتشار سوء التغذية عبر فئات مناطق التجمع الحضرية الريفية العشر في 3 من البلدان الأحد عشر التي شملتها الأقسام السابقة (أي بنن ونيجيريا والسنغال)بب فقط بسبب محدودية البيانات. ويستند التحليل إلى بيانات عام 2018 المستمدة من الدراسات الاستقصائية الديمغرافية والصحية (الجدول ألف 5–1). ويمكن الرجوع إلى الجدول ألف 10–3 في الملحق 10 للاطلاع على جدول النتائج كاملًا.
وفي البلدان الثلاثة، يتزايد معدل انتشار التقزم لدى الأطفال دون الخامسة من العمر عادة بشكل تدريجي كلما صغر حجم المدينة وابتعدنا عن المراكز الحضرية. وتسجل الزيادة الأكبر في نيجيريا في المناطق التي تقع على مسافة سفر تقل عن ساعة واحدة عن المدن الصغيرة، في حين أنها تسجل في بنن في المناطق الريفية الأكثر بعدًا (أي على مسافة تبعد أكثر من ساعتين عن أي مركز حضري). وإن معدل انتشار التقزم أقل بشكل ملحوظ في السنغال، وبالرغم من وجود نمط عام يتمثل في زيادة هذا المعدل مع بعض التباينات كلما ابتعدنا عن المناطق الحضرية، فإن مقدار الزيادة أصغر مع وجود بعض التباينات (مثلًا هناك تراجع ملموس في المناطق التي تكون على مسافة سفر تقل عن ساعة واحدة عن المدن الكبيرة والمتوسطة، وكذلك إلى أي بلدة).
إضافة إلى ذلك، وكما تبيّن بالفعل في تحليل كلفة النمط الغذائي الصحي والقدرة على تحملها في مختلف مناطق التجمع الحضرية الريفية، تشير البيانات إلى أن حجم المركز الحضري الأقرب يؤدي دورًا في معدل انتشار التقزم في المناطق شبه الحضرية، بحيث يكون هذا المعدل أعلى في المناطق الأقرب إلى المدن الصغيرة والبلدات في بنن ونيجيريا. وتتماشى هذه النتيجة مع الدراسات الأخرى التي تلحظ وجود مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في المناطق الفقيرة المترامية الأطراف التي تحيط بالعديد من المدن في أفريقيا. كما أن الحصول على الأغذية محدود، ويعتبر العديد من المناطق الفقيرة شبه الحضرية صحاري غذائية لأن وصول السكان إلى الأغذية المتنوعة أو الطازجة أو المغذية محدود أو معدوم حتى بسبب عدم وجود نقاط دخول غذائية أو بسبب كثافتها المتدنية (انظر الإطار 4 في الفصل الثالث) وبسبب عدم كفاية فرص الوصول إلى الخدمات، بما في ذلك الصحة والتعليم.
ويقل معدل انتشار الهزال لدى الأطفال دون الخامسة من العمر عن معدل انتشار التقزم في البلدان الثلاثة جميعها ويتبع اتجاهات أقل وضوحًا عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل (الشكل 35 باء). ومع ذلك، هناك أدلّة تشير إلى زيادة الهزال في بعض المناطق شبه الحضرية والريفية في نيجيريا والسنغال. وبالمثل، فإن معدل انتشار الوزن الزائد لدى الأطفال منخفض في جميع البلدان ولا يتبع اتجاهًا واضحًا عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل (الشكل 35 جيم). ولكن تجدر الإشارة إلى أن هناك ما يدل على أن انخفاض معدلات الوزن الزائد في المناطق شبه الحضرية، وارتفاعها في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية.