3.3 تضخّم أسعار الأغذية يفرض ضغوطًا على الأمن الغذائي ونتائج التغذية

يتطلب فهم الآثار المترتبة على التضخّم في أسعار الأغذية نظرة شاملة لكيفية تأثير ارتفاع الأسعار على مختلف جوانب الأمن الغذائي والتغذية. وبناء على الإطار التحليلي المستخدم في الإصدارات السابقة من تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، تجري مراعاة أربعة أبعاد رئيسية هي:

  • التوافر (الوجود المادي للأغذية المأمونة والغنية بالمغذيّات)؛
  • الوصول (القدرة المادية والاقتصادية للأشخاص على الحصول عليها)؛
  • الاستخدام (قدرة الأفراد على امتصاص المغذيّات المستهلكة والاستفادة منها)؛
  • الاستقرار (اتساق هذه الظروف على مرّ الزمن، لا سيّما في مواجهة الصدمات أو الضغوط الدورية).

وتسببت الصدمات العالمية الأخيرة (التي نوقشت في القسم 3-2) في حدوث اختلالات كبيرة في توافر الأغذية في العالم، وفي الحصول عليها، واستخدامها، واستقرارها. وقد أدت هذه الأحداث إلى تقييد الصادرات من البلدان الرئيسية المنتجة للأغذية وتسببت في حدوث اختلالات في الحصول على المدخلات الأساسية مثل الأسمدة والطاقة وأضرّت بطرق التجارة الحيوية. وأدى ذلك بدوره إلى الإضرار بتوافر الأغذية، ولا سيّما في البلدان النامية المستوردة الصافية للأغذية. وبالإضافة إلى القيود على العرض، أدى ارتفاع أسعار الأغذية إلى تآكل قدرة الأسر المعيشية على الحصول على الغذاء. وقد ينجم انخفاض القوة الشرائية عن فقدان الدخل، وهو ما يحدث غالبًا في أوقات الأزمات الاقتصادية أو التباطؤ الاقتصادي أو عن الزيادة الحادة في أسعار الاستهلاك، وكلاهما يؤدي إلى انخفاض الدخل الحقيقي مع تأثيرات مماثلة على المستهلكين، ولكن بأسباب مختلفة بشكل كبير، وبالتالي حلول مختلفة. وفي حين أن ارتفاع الأجور يمكن نظريًا أن يعوض عن تأثيرات التضخّم في أسعار الأغذية، فإن الأدلة الواردة في القسم 3-3-1 تشير إلى أن الدخل لم يواكب أسعار الأغذية في الأجل القصير، مما قلل من قدرة الأسر المعيشية على الحصول على الأغذية. وعلاوة على ذلك، مع زيادة أسعار الأغذية، قد تلجأ الأسر المعيشية إلى تقليص تنوّع أنماطها الغذائية (بالاعتماد في العادة على الأغذية الأرخص ثمنا) وتغير أنماط توزيع الأغذية داخل الأسرة المعيشية على حساب النساء (انظر القسم 3-3-2). وهكذا، قد يكون للتضخم في أسعار الأغذية تأثيرات سلبية على قدرة الأسر المعيشية على الحفاظ على الاستخدام ما يكفي من الأغذية. ويمكن بالتالي أن يؤثر ارتفاع معدلات التضخم في أسعار الأغذية على استهلاك الغذاء والأمن الغذائي من خلال آليتين. الأولى هي تأثير الدخل، حيث يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تآكل الدخل الحقيقي للأسر المعيشية مما يحد من استهلاكها الإجمالي للغذاء. والثانية هي تأثير الاستبدال، حيث قد تعيد الأسر المعيشية تعديل أنماط استهلاكها لتتجه نحو المواد الغذائية الأرخص نسبيًا (التي قد تكون أقل غنى بالمغذيات وأدنى جودة). ويختلف مدى هذا التفاوت بين الدخل والأسعار ومدّته من بلد إلى آخر، ولكنه أضعف الاستقرار العام للأمن الغذائي للعديد من السكان الضعفاء.

ويرتبط التضخم في أسعار الأغذية بارتفاع انعدام الأمن الغذائي وتدهور النتائج التغذوية. ويتناول القسم 3-3-2 العلاقة بين ارتفاع أسعار الأغذية وانعدام الأمن الغذائي، باستخدام تقديرات تستند إلى مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي، ويكشف عن ارتباط واضح بين ارتفاع التضخّم وزيادة انعدام الأمن الغذائي. ويستكشف القسم 3-3-3 ما إذا كان التضخّم في أسعار الأغذية مرتبطًا أيضًا بتدهور النتائج التغذوية، ولا سيّما لدى الأطفال دون سن الخامسة، من خلال تحليل المؤشرات التغذوية الرئيسية مع مراعاة العوامل المربكة مثل الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي والخدمات الصحية العامة. وكما هو موضح في الإطار المفاهيمي (الشكل 3-6)، لا تعتمد الحالة التغذوية على استهلاك الأغذية فحسب، بل تتأثر أيضًا بعوامل صحية وبيئية أوسع، بما في ذلك ممارسات التغذية وإعداد الأغذية والتحصين والوصول إلى الرعاية الصحية. وعلى الرغم من تعقد هذه العلاقة، يخلص التحليل إلى أن ارتفاع التضخّم في أسعار الأغذية يرتبط بزيادة انتشار سوء التغذية الحاد لدى الأطفال.

الشكل 3-6 أبعاد الأمن الغذائي والتغذية ومحدداتهما

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية. 2024. حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2024 – التمويل من أجل القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بجميع أشكاله. روما. https://doi.org/10.4060/cd1254ar

1.3.3 التضخّم يؤدي إلى تدهور الدخل الحقيقي

يؤدي التضخّم إلى تآكل القوة الشرائية للأسر المعيشية، مما يجعل من الصعب على الأسرة تحمّل كلفة السلع والخدمات الأساسية. وفي حين أنّ الدخل الحقيقي يرتبط في نهاية المطاف بإنتاجية العمال، فإن الأجور والأسعار غالبًا ما تتكيف بسرعة مختلفة في الأجل القصير، ولا سيّما مع استيعاب الاقتصادات للصدمات والاختلالات الخارجية. ويمكن أن يؤدي هذا التفاوت المؤقت إلى صعوبات كبيرة بالنسبة إلى الأسر المعيشية، حتى عندما تظل الركائز الاقتصادية الطويلة الأجل مستقرة. وتشير أدلة متزايدة إلى أنه، حتى الصدمات الاقتصادية قصيرة الأجل مثل الأزمات الاقتصادية الكلية أو ندرة الأغذية أو الأحوال المناخية القصوى، يمكن أن تكون لها تأثيرات طويلة الأمد عندما تحدث خلال فترات حرجة من التنمية البشرية، بما في ذلك في الرحم وفي مرحلة الطفولة المبكرة.107-110 وتؤكد هذه التأثيرات السلبية على النتائج الصحية الطويلة الأجل على أهمية اتخاذ استجابات سياساتية موجهة في الوقت المناسب للتخفيف من عواقب التضخّم، ولا سيّما بالنسبة إلى الفئات السكانية الضعيفة.

وكانت للارتفاع الحاد الأخير في التضخّم العالمي (2021 إلى 2023) تأثيرات سلبية كبيرة على الظروف المعيشية. وانخفضت الأجور الحقيقية العالميةق بنسبة 0.9 في المائة في عام 2022 مع اشتداد الضغوط التضخمية 104، 111. - بما يتسق مع الأدلة التي تشير إلى أن الصدمات الاقتصادية الواسعة النطاق يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع حاد في التضخّم وما يترتب على ذلك من انخفاض في الأجور الحقيقية. وقد شهدت بلدان مثل وميانمار وسري لانكا مؤخرًا أزمات اجتماعية واقتصادية حادة. ففي سري لانكا، خلال أزمة الاقتصاد الكُلّي الكبيرة في عام 2022، زادت مُعدّلات الفقر بمقدار الضعف من 13 في المائة (2021) إلى 26 في المائة (2022). وبالمثل، في ميانمار، أدى الانكماش الاقتصادي الذي أعقب الانقلاب العسكري في عام 2021 إلى زيادة مُعدّلات الفقر بنسبة 19 و32 في المائة في المناطق الحضرية والمناطق الريفية على التوالي.112

وتقدم موجات التضخّم السابقة دروسًا مهمة بشأن أنماط التعافي. فخلال أزمتي الأغذية في الفترة بين عامي 2007 و2008 والفترة بين عامي 2011 و2012، انخفضت الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية - أي الأجور المعدّلة لمراعاة التضخّم في أسعار الأغذية - في إثيوبيا بنسبة 22 في المائة، مما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي والضعف الاقتصادي. ومع استقرار الاقتصاد، تجاوز نمو الأجور معدّل التضخّم، مما أدى إلى زيادة الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية بنسبة 60 في المائة في الفترة بين عامي 2013 و2018 112 ويظهر نمط مماثل اليوم، حيث بدأت الأجور الحقيقية في التعافي بعد انخفاض حاد في عام 2022. وارتفعت الأجور الحقيقية العالمية بنسبة 1.8 في المائة في عام 2023 و2.7 في المائة في عام 2024. 111

وكان انخفاض الأجور وعملية التعافي على الصعيد العالمي متفاوتين للغاية، حيث شهدت بعض البلدان تحركات متوازية في الدخل وأسعار الأغذية، مما ساعد في الحفاظ على استقرار نسبي في الدخل بالقيمة الحقيقية. ويوضح الشكل 3-7 اتجاهات الدخل الشهري للموظفين، استنادًا إلى بيانات منظمة العمل الدولية، إلى جانب التضخم في أسعار الأغذية في بلدان مختارة. ففي منغوليا (الشكل 3-7 جيم)، كانت حركة الدخل وأسعار الأغذية متوازية إلى حد كبير، مما ساعد على استقرار الأجور المعدلة بحسب أسعار الأغذية رغم التقلبات القصيرة الأجل .113 ولوحظ نمط مماثل في المكسيك (الشكل 7-3 باء) حيث كانت اتجاهات الدخل وأسعار الأغذية متوائمة بصورة عامة.

الشكل 3-7 تفاوت كبير في التداعيات العالمية ومسار التعافي لمتوسط الأجور الشهرية للموظفين كما يتضح من حالات جمهورية مصر العربية والمكسيك ومنغوليا وبيرو

ملاحظات: يستند مؤشر الأجور إلى الربع الأول من عام 2019 باعتباره =100 (باستثناء منغوليا، حيث الربع الثاني من عام 2019 = 100). ويُقدر مؤشر أسعار الاستهلاك الفصلي على أنه المتوسط الهندسي للبيانات الشهرية. ولا تشمل هذه البيانات سوى المعلومات المتعلقة بأصحاب الأجور. وبالتالي، فهي لا تعبّر عن وضع المزارعين في المناطق الريفية. ولا تتاح بيانات عن الربع الأول من عام 2021 في بيرو بسبب انقطاع في السلسلة الزمنية. * تتاح بيانات مؤشر الأجور ومؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية حتى الربع الرابع من عام 2023.
المصدر: تستند بيانات الدخل الشهري الاسمي للموظفين إلى: International Labour Organization’s (ILO). 2025. COND: Wage and working time statistics [تمّ الاطلاع على الموقع في 10 مارس/آذار 2025]. https://ilostat.ilo.org/topics/wages/. Licence: CC-BY-4.0 واستُمدّت البيانات المتعلقة بمؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية من: منظمة الأغذية والزراعة. 2025. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة: مؤشرات أسعار الاستهلاك. [تمّ الاطلاع على الموقع في 18 يونيو/حزيران 2025]. https://www.fao.org/faostat/ar/#data/CP. الترخيص: CC-BY-4.0

غير أن العديد من البلدان تشهد انخفاضًا مستمرًا في دخلها الحقيقي، مما يزيد من صعوبة تلبية الأسر المعيشية احتياجاتها الغذائية الأساسية. ففي جمهورية مصر العربية (الشكل 3-7 ألف)، أدى الاعتماد الشديد على واردات القمح من الاتحاد الروسي وأوكرانيا، الذي تفاقم بسبب النقص الحاد في العملات الأجنبية، إلى زيادة أسعار الأغذية بوتيرة أسرع بكثير من الأجور منذ منتصف عام 2022. 114، 115 وفي بيرو، شهدت أسعار الأغذية ارتفاعًا حادًا في الفترة بين مطلع عام 2020 وأواخر عام 2023. وبحلول أواخر عام 2023، زاد دخل العمال بنسبة 6.6 في المائة فقط، في حين ارتفعت أسعار الأغذية بنسبة 34.5 في المائة مقارنةً بمستوياتها قبل الجائحة (الربع الأول من عام 2020) (الشكل 3-7 دال).116 وبصورة عامة، تؤكد الأدلة أن فترة التضخّم الأخيرة قد فرضت ضغوطًا شديدة على ميزانيات الأسر المعيشية المخصصة للأغذية في بعض البلدان.

وواجهت البلدان المتأثرة بالنزاعات تحديات أكثر حدّة حيث أدى الانخفاض المستمر في الأجور الحقيقية إلى زيادة صعوبة تلبية الأسر المعيشية احتياجاتها الغذائية الأساسية. وفي حين توفر مجموعة بيانات الأجور الخاصة بمنظمة العمل الدولية معلومات قيّمة عن الدخل الشهري للموظفين، فإن نطاقها محدود، إذ غالبًا ما تستبعد العاملين لحسابهم الخاص، والعاملين في الشركات الصغيرة، والعاملين في الاقتصاد غير النظامي، والمناطق الريفية. ولسدّ هذه الفجوة، يستند الإطار 3-4 إلى بيانات تكميلية من برنامج الأغذية العالمي، تتتبع أجور العمالة غير الماهرة وأسعار الأغذية الأساسية في الأسواق المحلية في العراق والجمهورية العربية السورية واليمن في الفترة بين عامي 2020 و2024. وتقدم هذه البيانات صورة أدقّ عن العمال الضعفاء في البلدان المتأثرة بالنزاعات. وقد شهدت البلدان الثلاثة جميعها انخفاضات كبيرة في الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية خلال هذه الفترة (أي الأجور المعدلة بحسب التضخم في أسعار الأغذية) في حين تباينت مسارات التعافي. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى استمرار النزاع وعدم الاستقرار، في حين لم تصل أجور العمالة غير الماهرة بعد إلى مستوياتها في مطلع عام 2020.

الإطار 4-3تحليل الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية في بلدان مختارة متضررة من النزاعات

تظهر ديناميكيّات الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية في البلدان المتأثرة بالنزاعات صورة حرجة للقدرة على تحمّل الكلفة والقوة الشرائية في ظل ارتفاع التضخّم والاقتصادات التي تعاني من اختلالات. وقد أثرت النزاعات الطويلة الأمد وحالات عدم الاستقرار الاقتصادي والأزمات العالمية، مثل جائحة كوفيد- 19 والحرب في أوكرانيا، تأثيرًا شديدًا على أسعار الأغذية والأجور الإسمية، مما أدى إلى اتساع الفجوة بين الدخل والنفقات الأساسية. وبما أنّ الأجور قلما تواكب الارتفاع السريع في أسعار الأغذية، تعاني الأسر المعيشية من انخفاض القوة الشرائية، مما يؤدي إلى تفاقم الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

ويستخدم تحليل الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية الأجور الاسمية كبديل للدخل، معدلة لمراعاة التضخّم في أسعار الأغذية باستخدام مؤشر أسعار الأغذية الأساسية. ويتتبع المؤشر أسعار الأغذية الأساسية الأوّلية (دقيق القمح) في كل بلد، بعد ضبطه على أساس أول قيمة مسجّلة في السلسة الزمنية. وتُحسب الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية عن طريق خصم أثر تضخّم أسعار الأغذية من الأجور الإسمية باستخدام هذا المؤشر، ثم تُحوّل إلى الدولارات على أساس تعادل القوة الشرائية لعام 2021 بما يمكّن المقارنة بين البلدان. ويغطي التحليل بيانات من يناير/كانون الثاني 2020 إلى ديسمبر/كانون الأول 2024. وقد استمدت البيانات من مشاهدات على مستوى الأسواق في البلدان المتأثرة بالنزاعات وتم جمعها مع المتوسطات الوطنية.

وفي العراق (الشكل ألف، اللوحة أ)، كان تعافي الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية بطيئًا في أعقاب الصدمة التي أحدثتها الجائحة وما تلاها من اضطرابات اقتصادية. وأدى خفض قيمة العملة في نهاية عام 2020 إلى زيادة حادة في أسعار الأغذية في حين أدت طفرات الارتفاع العالمية في أسعار الأغذية والطاقة في أعقاب اندلاع الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم الأوضاع. ورغم الزيادات الطفيفة والمطردة في الأجور الإسمية، فقد ظلت غير كافية لموازنة الارتفاع المتصاعد في كلفة السلع الأساسية. وبحلول نهاية عام 2024، كانت الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية في العراق لا تزال أقل بكثير من مستوياتها قبل الجائحة، مما يعبّر عن معاناة الأسر المعيشية في الحفاظ على قوتها الشرائية في ظل التحديات المستمرة.

الشكل ألف استمرار الفجوة بين أسعار الأغذية والأجور في البلدان المتأثرة بالنزاعات حتى عام 2024

ملاحظات: تشير بيانات اللوحة ج إلى الجزء الجنوبي من اليمن الخاضع لإدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. ويقيس مؤشر أسعار الأغذية الأساسية أسعار الأغذية الأساسية (دقيق القمح) في كل بلد، بعد ضبطه على أساس أول قيمة مسجّلة في السلسة الزمنية. وتُحسب الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية عن طريق خصم أثر تضخّم أسعار الأغذية من الأجور الإسمية باستخدام هذا المؤشر، ثم تُحوّل إلى الدولارات على أساس تعادل القوة الشرائية لعام 2021 بما يمكّن من المقارنة بين البلدان. * تتاح بيانات الأجور وأسعار الأغذية الأساسية حتى ديسمبر/كانون الأول 2024.
المصدر: من إعداد المؤلفين (برنامج الأغذية العالمي) استنادًا إلى بيانات برنامج الأغذية العالمي غير المنشورة.

وفي الجمهورية العربية السورية (الشكل ألف، اللوحة ب)، تفاقم النزاع الطويل الأمد والضائقة الاقتصادية بسبب الأزمات العالمية، مما أدى إلى طفرات كبيرة في أسعار الأغذية في حين ظلت الأجور متخلّفة عن مواكبة هذه الزيادات. وفي الفترة بين عامي 2020 و2024، عانى الاقتصاد السوري من نقص الأغذية والوقود والعقوبات الاقتصادية وانخفاض قيمة العملة. وأدت هذه العوامل، مقترنة بتداعيات الحرب في أوكرانيا، إلى زيادة حادة في أسعار الأغذية الأساسية، ولا سيّما في عامي 2021 و2022. ومع أن الأجور بدأت في الارتفاع اعتبارًا من عام 2023، فإن الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية ظلت أقل بكثير من خط الأساس في يناير/كانون الثاني 2020. ومع انهيار الحكومة التي قادها حزب البعث في نهاية عام 2024، لا تزال التوقعات بشأن استقرار الاقتصاد وتعافيه غير مؤكدة.

وفي اليمن (الشكل ألف، اللوحة ج)، تسبب النزاع المستمر بهشاشة الاقتصاد، مع استمرار ارتفاع أسعار الأغذية طَوال الفترة التي شملها التحليل. وزادت الصدمات المزدوجة المتمثلة في الجائحة والحرب في أوكرانيا من تفاقم التضخّم في أسعار الأغذية في البلاد. وأدت هدنة مدتها ستة أشهر في عام 2023 إلى فترة وجيزة من استقرار الأسعار. كما أدت إلى زيادة معتدلة في الأجور الإسمية، لكنّ معدّل الزيادة كان أبطأ بكثير من معدّل ارتفاع أسعار الأغذية الذي لوحظ في عامي 2021 و2022. وبحلول نهاية عام 2024، وعلى الرغم من تعافي القوة الشرائية بعض الشيء، كانت الأجور الحقيقية المرتبطة بالأغذية لا تزال أدنى بكثير مما كانت عليه في يناير/كانون الثاني 2020، مما يسلط الضوء على الآثار المطولة للاضطرابات الاقتصادية والنزاع على القوة الشرائية للأسر المعيشية.

ومع تعرّض الأسر المعيشية لانخفاض مؤقت أو طويل الأمد في دخلها الحقيقي، فإنها تلجأ إلى استراتيجيات مختلفة للتكيف مع الصدمات. وتشمل هذه الاستراتيجيات بيع الأصول في حالات الضرورة، بما في ذلك رأس المال الإنتاجي؛ وزيادة الاعتماد على التحويلات المالية من المهاجرين؛ وتنويع مصادر الدخل؛ وخفض الإنفاق على بنود مهمة أخرى، مثل الرعاية الصحية الوقائية أو تعليم الأطفال.117، 118. وتجدر الإشارة إلى أن الأسر المعيشية قد تقوم أيضًا بتعديل نمط استهلاكها الغذائي. ويمكن أن يشمل ذلك تحولها إلى أصناف غذائية أرخص وأقل غنى بالمغذيّات،119 وتقليل تنوع الوجبات وعدد مرات تناولها،120 أو إعطاء الأولوية في الغذاء لأفراد معينين - وغالبًا ما يكون ذلك على حساب النساء والأطفال - لضمان حصول أفراد الأسر المعيشية الآخرين على ما يكفيهم من المتناول الغذائي.121، 122.

تؤكد الأدلة الانتشار الواسع لهذه الاستراتيجيات. ففي كينيا وأوغندا، كشف تقييم سريع أجري خلال الجائحة أن 40 في المائة على الأقل من المجيبين غيروا أنماطهم الغذائية بتقليص تنوع الأغذية التي يتناولونها، أو بالتخلي عن بعض الوجبات، أو بتقليص حجم الوجبات.123 وفي أحياء نيروبي الفقيرة، أفادت نسبة 69 في المائة من الأسر المعيشية بأنها تتناول قدرًا أقلّ من الوجبات في اليوم.124 وفي المناطق الريفية من شمال وسط نيجيريا، أفادت نسبة 95.8 في المائة من الأسر المعيشية بأنها تعتمد على عدد أقل من الأغذية المفضلة، في حين قلصت نسبة 83.5 في المائة حجم وجباتها.125 وبالمثل، في شمال غانا، خفّض ما تراوح بين 69 و97 في المائة من الأسر المعيشية كمية الوجبات أو عددها خلال فترات الجوع.126 وفي فلسطين، وجد تقييم أجراه برنامج الأغذية العالمي أنه في ظل الزيادات الحادة في أسعار الأغذية - 15 في المائة في مؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية و70 في المائة لدقيق القمح - خفّضت نصف الأسر المعيشية استهلاكها من الأغذية، وذلك في المقام الأول عن طريق خفض استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان (89 في المائة)، ولكن أيضًا عن طريق خفض الكمية الإجمالية (76 في المائة).120

2.3.3 التضخّم يؤدي إلى تدهور الأمن الغذائي

يمكن أن تؤثر الزيادات في أسعار الأغذية على الأمن الغذائي للأسر المعيشية.ر فقد شهدت البلدان، على اختلاف مستويات دخلها، درجات متباينة من انعدام الأمن الغذائي خلال الفترة بين عامي 2014 و2024، مع زيادة ملحوظة تزامنت مع فترات ارتفاع حاد في أسعار الأغذية.ش ويستكشف هذا القسم كيفية ارتباط اتجاهات أسعار الأغذية السنوية في الفترة بين عامي 2014 و2024 بمتوسط مستويات انعدام الأمن الغذائي في البلدان المصنفة بحسب مستوى الدخل (الشكل 3-8).

الشكل 3-8 القضاء على الجوع بح البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا شهدت مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد وتضخّمًا في أسعار الأغذية

ملاحظات: تغطي بيانات استقصاء مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي الذي وضعته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الفترة بين عامي 2014 و2024. وتُقدَّر بيانات مؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية باعتبارها المتوسط الهندسي لمؤشرات أسعار الاستهلاك الشهرية لكل سنة. ويُظهر المحور الأيسر في كل لوحة من الشكل التغير في مؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية (معايرًا إلى 2015 = 100). ويُظهر المحور الأيمن التطور السنوي لمعدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد. ونظرًا إلى الاختلافات الواضحة في مُعدّلات انعدام الأمن الغذائي بين فئات الدخل، فإن المحور الأيمن يختلف من فئة إلى أخرى. ومع ذلك، جرت معايرة جميع المحاور بحيث تعبّر عن نطاق من 14 نقطة مئوية. ويمكن أن يتضمن عرض بديل لتقييم معدّل انتشار انعدام الأمن الغذائي مؤشرًا لعدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي (معايرًا إلى 2015=100). ويسفر هذا التحليل عن نتائج متشابهة من الناحية النوعية.
المصدر: A global assessment of food price dynamics and food insecurity (سيَصدُر قريبًا). Nakasone, E. & Ignaciuk, A – Background paper for The State of Food Security and Nutrition in the World 2025. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 25-09. Rome, FAO

وتواجه أيضًا البلدان المنخفضة الدخل التي تسجّل أعلى مُعدّلات التضخّم في أسعار الأغذية (الشكل 3-8 ألف) زيادة كبيرة في مُعدّلات انتشار انعدام الأمن الغذائي. وقد أصبحت هذه العلاقة أكثر وضوحًا منذ بداية فترة التضخّم الحالية، إذ ارتفعت أسعار الأغذية بصورة حادة منذ عام 2020 تزامنًا مع زيادة متسارعة في مُعدّلات انتشار انعدام الأمن الغذائي. وفي الفترة بين عامي 2019 و2024، ارتفاع معدّل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بمقدار 6.7 نقاط مئوية، وارتفع معدّل انتشار انعدام الأمن الغذائي الشديد بمقدار 3.5 نقاط مئوية. ومن منظور السياسات، فإن ما يبعث على القلق بشكل خاص هو أن غالبية الأسر المعيشية في البلدان المنخفضة الدخل هي الأكثر عرضة للصدمات، بما في ذلك حالات الارتفاع الحاد في أسعار الأغذية.

وشهدت بدورها البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا (الشكل 3-8 باء) زيادة كبيرة في انعدام الأمن الغذائي. ومع أنّ متوسط التضخّم في أسعار الأغذية في هذه المجموعة بلغ 7 في المائة سنويًا في الفترة بين عامي 2019 و2024 - أي أقل من 11 في المائة في البلدان المنخفضة الدخل - ارتفع معدّل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بمقدار 5.6 نقاط مئوية، وانعدام الأمن الغذائي الشديد بمقدار 1.6 نقاط مئوية. ومن المرجّح أن يعكس هذا الارتفاع الشديد أثر النزاع في عدة بلدان في هذه المجموعة ت (مثل لبنان وميانمار)، إلى جانب الضغوط الاقتصادية الأوسع. كما تساهم الأعداد الكبيرة من السكان في بلدان أخرى متضررة من النزاعات (مثل باكستان ونيجيريا) في المعدلات الإجمالية للمجموعة، مما يبرز الطبيعة المعقدة والمتشابكة للدوافع الكامنة وراء انعدام الأمن الغذائي في مختلف السياقات.

وفي المقابل، ظلّ انعدام الأمن الغذائي مستقرًا نسبيًا في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا والبلدان المرتفعة الدخل (الشكل 3-8 جيم والشكل 3-8 دال). وارتفع معدّل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بمقدار 0.9 نقاط مئوية في البلدان المتقدمة وانخفض بمقدار 1.2 نقطة مئوية في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا. وقد يُعزى ذلك إلى عدة عوامل. فعلى سبيل المثال، شهدت هذه البلدان (ولا سيّما البلدان المرتفعة الدخل) مُعدّلات تضخّم أقل (الشكل 3-2)، وبالتالي لم تتآكل قدرة الأسر المعيشية على شراء احتياجاتها الغذائية بالقدر الذي شهدته مناطق أخرى. وبالإضافة إلى ذلك، تسجّل في العادة البلدان الأعلى دخلًا مستويات أقل من حيث عدم المساواة.130 ويشير التحليل الوارد أدناه إلى أن انعدام الأمن الغذائي في البلدان التي تقل فيها أوجه عدم المساواة لا يتأثر بزيادة التضخّم في أسعار الأغذية بالقدر الذي تتأثر به البلدان التي ترتفع فيها مستويات عدم المساواة. وعلاوة على ذلك، تمتلك عادة البلدان الأغنى شبكات حماية اجتماعية أقوى وموارد أكبر لمساعدة سكانها في أوقات الشدّة. ومن المرجّح على وجه الخصوص أن تكون المستويات المرتفعة للمعونة - مثل برامج الإغاثة التي تم إطلاقها خلال الجائحة – قد ساعدت على الأرجح في التخفيف من أثر التضخم على الأمن الغذائي.ث وعلى سبيل المثال، وسّعت عدة بلدان من البلدان المرتفعة الدخل نطاق برامج الحماية الاجتماعية ونفذت إعانات إضافية للأغذية والطاقة للحد من آثار التضخّم في أسعار الأغذية على الظروف المعيشية لسكانها (انظر القسم 4-1).

وترتبط زيادة أسعار الأغذية بارتفاع انعدام الأمن الغذائي. ويوضح الشكل 3-9 العلاقة بين انعدام الأمن الغذائي وأسعار الأغذيةخ في الفترة بين عامي 2014 و2024 من خلال مخطط مبعثر يوضح معدّل انتشار انعدام الأمن الغذائي لكل بلد وسنة في مجموعة بيانات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي إلى جانب متوسط مؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية الذي يواجهه الأفراد.ذ ويبين الشكل وجود ارتباط إيجابي ولكن غير خطي بين انعدام الأمن الغذائي وأسعار الأغذية. وبالنسبة إلى معظم الملاحظات الواردة في البيانات، ترتبط أسعار الأغذية المرتفعة بمعدلات أعلى من انعدام الأمن الغذائي. ومع ذلك، يبدو أنه عندما تكون البلدان مثقلة بالفعل بأسعار الأغذية المرتفعة، فإن أي زيادات إضافية في الأسعار لا تكون مرتبطة بزيادة إضافية في انعدام الأمن الغذائي

الشكل 3-9 العلاقة بين انعدام الأمن الغذائي وأسعار الأغذية، 2024-2014

ملاحظات: يستخدم هذا التحليل بيانات استقصاءات من عيّنة عشوائية تمثيلية تضم نحو 000 1 فرد في 143 بلدًا تم جمعها سنويًا في الفترة بين عامي 2014 و2024 لتقدير انعدام الأمن الغذائي في العالم من خلال مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي (FIES) الذي وضعته منظمة الأغذية والزراعة. وفي المتوسط، يساهم كل بلد بسبع جولات من استقصاءات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي. ويجمع استبيان المقياس بيانات مقدمة من الأفراد أنفسهم عن تجاربهم مع ضيق سبل الحصول الغذاء بسبب قيود مالية خلال الأشهر الاثني عشر التي سبقت إجراء الاستقصاء. وتُقدَّر احتمالات انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد استنادًا إلى هذه الردود. ثم تُطابق بيانات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي مع متوسط مؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية لكل فترة مرجعية (أي الاثني عشر شهرًا السابقة للاستقصاء). واستنادًا إلى هذه الاستقصاءات، يُقدَّر مدى انتشار انعدام الأمن الغذائي (المعتدل أو الشديد في اللوحة ألف، والشديد في اللوحة باء) في كل بلد وفي كل سنة. وتبين هذه الرسوم البيانية العلاقة بين ( على المحور الرأسي، و على المحور الأفقي، حيث و يمثل معدّل انتشار انعدام الأمن الغذائي ومؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية خلال السنة t في البلد i، على التوالي. وتمثل و المتوسط السنوي لانعدام الأمن الغذائي ومتوسط الرقم القياسي لأسعار الأغذية في البلد i خلال الفترة المشمولة بالعيّنة على التوالي. ويقيس الشكل كيف ترتبط انحرافات البلدان في أسعار الأغذية (مقارنةً بمتوسط أسعارها) بالتغيّرات في انعدام الأمن الغذائي (مقارنةً بمتوسط معدلاته). ويمثل الخط العلاقة الخطية بين المتغيّريْن، مرجحةً بحسب عدد سكان كل بلد. ويمثل حجم كل نقطة في الرسم البياني عدد سكان كل بلد. والخط الأحمر هو خط الانحدار استنادًا إلى تقدير مرن متعدد الحدود (مع تجميع قيم أخطاء الانحدار على مستوى البلد). أما المنطقة المظلّلة باللون الأحمر حول خط الانحدار، فهي تمثل نطاق الثقة الذي تبلغ نسبته 95 في المائة للتقدير.
المصدر: A global assessment of food price dynamics and food insecurity (سيَصدُر قريبًا). Nakasone, E. & Ignaciuk, A– Background paper for The State of Food Security and Nutrition in the World 2025. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 25-09. Rome, FAO

وهناك عدة عوامل يمكن أن تؤثر في العلاقة بين أسعار الأغذية وانعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك الخصائص الخاصة بكل بلد والصدمات التي يتعرض لها. ويمكن أن تؤثر هذه الاختلافات في درجة تعرض البلد أو الأسرة المعيشية للمخاطر الاقتصادية أو البيئية وحساسيتها وقدرتها على التكيف معها. وتشكل أسعار الأغذية المرتفعة صدمة، وعادة ما تكون الأسر المعيشية في البلدان الأكثر ضعفًا أكثر عرضةً لانخفاض القدرة على الحصول على الغذاء.137 وتميل البلدان التي تتمتع بمؤسسات وهياكل حوكمة أقوى إلى أن تكون في وضع أفضل للتخفيف من آثار الارتفاع الحاد في أسعار الأغذية على الأمن الغذائي. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للصدمات الخارجية، مثل الانكماش الاقتصادي أو الأحوال المناخية القصوى، أن تزيد من تفاقم الصلة بين أسعار الأغذية وانعدام الأمن الغذائي.136، 138، 139 فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي انكماش الناتج المحلي الإجمالي الناجم عن الصدمات على صعيد الاقتصاد الكُلّي إلى توليد ضغوط تضخمية مع الحد في الوقت نفسه من قدرة الأسر المعيشية على الحصول على الغذاء.ض 136

ويرتبط التضخّم في أسعار الأغذية بارتفاع انعدام الأمن الغذائي. وترتبط كل زيادة بنسبة 10 في المائة في أسعار الأغذية بارتفاع انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بنسبة 3.5 في المائة وزيادة انعدام الأمن الغذائي الشديد بنسبة 1.8 في المائة (الشكل 3-10)، على افتراض ثبات جميع العوامل الأخرى. وفي عام 2020، عند بداية أزمة كوفيد- 19، انخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي للفرد بنسبة 3.8 في المائة،142 مما دلّ على الأثر الهائل للجائحة. وقد ارتبط هذا الانكماش الاقتصادي الكبير بطفرة كبيرة في انعدام الأمن الغذائي. وارتفعت نسبة سكان العالم الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد من 25 في المائة إلى 28.8 في المائة في الفترة بين عامي 2019 و2020، مع زيادة نسبة الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد من 9.1 في المائة إلى 10.5 في المائة (انظر الفصل الثاني). وفي ظل التعافي الملحوظ في الاقتصاد العالمي (زيادة الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 5.6 في المائة في عام 2021) وتسجيل مُعدّلات نمو أكثر اعتدالًا في السنوات اللاحقة (نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 2.5 و2.3 في المائة في عامي 2022 و2023 على التوالي)، كان من المتوقع أن يعود انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات ما قبل الجائحة. غير أنّ هذا التعافي كان متواضعًا وبطيئًا: فبحلول عام 2024، بلغ معدّل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد 28 في المائة (بزيادة 3 نقاط مئوية على مستوى عام 2019). وفي حين شهد العالم عدة صدمات مهمة - مثل الحرب في أوكرانيا والكوارث الطبيعية والأمراض التي أصابت الماشية، على النحو المبين في القسم 3-2 - تشير النتائج الواردة في هذا القسم إلى أن التضخّم في أسعار الأغذية قد ساهم ربما في إبطاء وتيرة التعافي.

الشكل 3-10 في البلدان التي ترتفع فيها مستويات عدم المساواة، تكون النساء والسكان الريفيون أكثر عرضة لزيادة انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد المرتبط بالتضخم في أسعار الأغذية

ملاحظات: يوضح الشكل النسبة المئوية للتغير في انعدام الأمن الغذائي المرتبط بزيادة قدرها 10 في المائة في مؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية. ويقدَّر نموذج اقتصادي قياسي أكثر دقة باستخدام البيانات الجزئية لمقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي (FIES) لرصد العلاقة بين التضخّم في أسعار الأغذية وانعدام الأمن الغذائي. ونظرًا إلى العلاقة غير الخطية الواضحة في الشكل 3-9، يستخدم نهج تربيعي لحساب التأثيرات الإيجابية ولكن المتناقصة للتضخم في أسعار الأغذية على انعدام الأمن الغذائي. ويأخذ النموذج في الحسبان عدة عوامل قد تؤدي إلى إرباك. أولًا، أُدرجت الآثار الثابتة لكل بلد لمراعاة خصائصه التي لا تتغير بمرور الوقت، مثل كون البلد غير ساحلي، وموارده الطبيعية، وقوة مؤسساته في الأجل الطويل. ويقيّم هذا النموذج الإحصائي ما إذا كانت التغيرات في التضخّم في أسعار الأغذية مرتبطة بتغيرات في انعدام الأمن الغذائي داخل البلدان بمرور الوقت. وثانيًا، أُدرجت تأثيرات زمنية ثابتة لمراعاة الصدمات العالمية التي قد تحدث في أي سنة معينة، إلى جانب اتجاهات زمنية خطية خاصة بكل إقليم لتعديل الأنماط الإقليمية السابقة في تضخّم أسعار الأغذية وانعدام الأمن الغذائي. وثالثًا، أُدرجت ضوابط على المستوى الفردي، بما في ذلك الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للمستجيبين من استقصاءات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي (مثل العمر ونوع الجنس ومستوى التعليم وحجم الأسرة المعيشية والموقع الريفي/الحضري والشريحة الخمسية للدخل القومي). وأخيرًا، يشمل النموذج متغيرات على نطاق البلد لمراعاة الصدمات التي قد تؤثر في آن واحد على أسعار الأغذية والأمن الغذائي، مثل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وحدوث كوارث طبيعية (مثل الفيضانات والجفاف وتفشي الآفات والزلازل والأعاصير). وتستند بيانات استقصاءات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي الذي وضعته منظمة الأغذية والزراعة إلى الفترة من 2014 إلى 2024. وبالنسبة إلى بيانات مؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية، فإن النموذج الاقتصادي القياسي الأساسي هو التالي: ، حيث هو احتمال معاناة الفرد من انعدام الأمن الغذائي في البلد c ضمن الإقليم r خلال السنة t، وحيث مؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية. وتتحكم الانحدارات في خصائص المستجيبين (العمر، ومربع العمر، ونوع الجنس، ومتغيرات مؤشر مستوى التعليم، وعدد الأشخاص البالغين في الأسرة المعيشية للمستجيب، وعدد الأطفال في الأسرة المعيشية للمستجيب، والموقع الريفي/الحضري والشريحة الخمسية للدخل القومي التي ينتمي إليها الفرد)، ومتغيرات الاقتصاد الكُلّي (نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والكوارث الطبيعية)، والاتجاهات الزمنية الخاصة بالإقليم ، والتأثيرات الثابتة للبلد والتأثيرات الثابتة للسنوات . وتجمّع قيم الأخطاء على مستوى البلد. وفي هذا السياق، تقدر النسبة المئوية للتغير في انعدام الأمن الغذائي المرتبط بزيادة نسبتها 10 في المائة في مؤشر أسعار استهلاك الأغذية على النحو التالي: . وحُسبت نسبة Δ% من خلال أخذ 500 عينة متكررة من البيانات الأصلية لتقدير الأخطاء المعيارية ونطاقات ثقة بنسبة 95 في المائة لهذا التقدير.
المصدر: A global assessment of food price dynamics and food insecurity (سيَصدُر قريبًا). Nakasone, E. & Ignaciuk, A – Background paper for The State of Food Security and Nutrition in the World 2025. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 25-09. Rome, FAO

ويختلف أثر التضخّم باختلاف البلدان والمجموعات. وعلى وجه الخصوص، يرتبط التضخّم في أسعار الأغذية ارتباطًا وثيقًا بانعدام الأمن الغذائي في البلدان التي ترتفع فيها مستويات عدم المساواة في الدخل مقارنةً بالبلدان التي تنخفض فيها هذه المستويات غ (الشكل 3-10). وفي البلدان التي تزيد فيها أوجه عدم المساواة، حيث تكون الشرائح السكانية الضعيفة أكبر حجمًا وآليات الحماية الاجتماعية أضعف، يمكن حتى للزيادات الطفيفة في أسعار الأغذية أن تُخلّف آثارًا ضارة غير متناسبة على مستويات انعدام الأمن الغذائي. وتؤكد هذه النتائج أهمية معالجة أوجه عدم المساواة باعتبارها عاملًا حاسمًا يؤثر على اتجاهات الأمن الغذائي العالمي.136، 144

ويتأثر انعدام الأمن الغذائي لدى النساء على نحو غير متناسب بالتضخم في أسعار الأغذية، ما يدلّ على استمرار التفاوتات بين الجنسين (الشكل 3-10). فالأدوار التقليدية التي تؤديها النساء في تقديم الرعاية، ومحدودية حصولهن على الموارد الإنتاجية، وتدنّي أجور الوظائف التي يشغلنها، وتراجع فرص استفادتهن من الخدمات العامة، كلها عوامل تقيّد قدرتهن على التكيف مع ارتفاع أسعار الأغذية.145 وتتواءم هذه النتيجة مع أدلة أوسع تشير إلى أن النساء غالبًا ما يقمن بدور «استيعاب الصدمات» في أوقات الأزمات، حيث يقللن في كثير من الأحيان من حصتهن في المتناول الغذائي لإعطاء الأولوية لأفراد الأسرة المعيشية الآخرين.121 146 وعلى سبيل المثال، خلال الجائحة، أظهرت عمليات التقييم السريعة أن النساء أكثر عرضة لتخطي الوجبات أو تقليل حجمها مقارنةً بالرجال،147 مما يؤكد قابليتهن المتزايدة للتأثر بالتضخم في أسعار الأغذية. وتُظهر مقارنةٌ بين انعدام الأمن الغذائي بين الرجال والنساء استنادًا إلى مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي - الوارد في القسم 2-1- اتساعًا كبيرًا في الفجوة بين الجنسين خلال الفترة بين عامي 2020 و2021، في أعقاب الجائحة.

ويواجه سكان الريف قابلية متزايدة للتأثر بالتضخم في أسعار الأغذية بسبب القيود الهيكلية والاقتصادية. ويبين الشكل 3-10 ارتباطًا أقوى بين أسعار الأغذية وانعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية مقارنةً بالمناطق الحضرية. وفي حين أن ارتفاع أسعار الأغذية يمكن أن يعود بالنفع على الأسر المعيشية الريفية من الناحية النظرية إذا كانت بائعة صافية، فإن الأدلة التجريبية تظهر أن معظم الأسر المعيشية الريفية هي مشترية صافية للأغذية.15-21 ويحدّ هذا من قدرتها على الاستفادة من ارتفاع الأسعار.ظ وعلاوة على ذلك، تخصص عادة الأسر المعيشية الريفية حصة أكبر من دخلها للأغذية، مما يحد من مرونتها في تكييف نفقاتها غير الغذائية.أ‌أ ولذلك، فإن فرصها في خفض النفقات غير الغذائية غير الأساسية أقل، مما يجعلها أكثر عرضة لتأثير الزيادات في أسعار الأغذية.

3.3.3 التضخّم يمكن أن يؤثر على النتائج التغذوية

يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الأغذية إلى تقييد حصول الفئات الضعيفة، ولا سيّما الأطفال، على أنماط غذائية متنوعة. وبالنسبة إلى الرضع والأطفال الصغار خلال فترة التغذية التكميلية، فإن الأغذية الحيوانية المصدر والبقول والجوزيات والبذور والفواكه والخضروات ضرورية للتطور والنمو الأمثل. ومع ذلك، غالبًا ما تغيب هذه الأغذية عن الأنماط الغذائية للأطفال الصغار.153 وتشدد ممارسات التغذية التكميلية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و23 شهرًا بصورة متزايدة على إدراج الأغذية الغنية بالمغذيّات، مع تثبيط الاعتماد المفرط على الأغذية الأساسية النشوية التي توفر الطاقة ولكنها قليلة المغذيّات الدقيقة الأساسية.154 ويؤدي التضخّم في أسعار الأغذية دورًا هامًا في تشكيل الأنماط الغذائية للأطفال، ولا سيّما في ما يتعلق بتحقيق الحد الأدنى لتنوع الأنماط الغذائية (انظر القسم 2-3). وعندما تكون الخضروات وغيرها من الخيارات الغنية بالمغذيّات أعلى كلفة، قد تلجأ الأسر، ولا سيّما تلك التي تعاني من موارد محدودة، إلى بدائل أرخص وفائقة التجهيز تفتقر في الغالب إلى الفيتامينات والمعادن الأساسية لإعداد وجبات طعام لأطفالها الصغار. ويمكن أن يؤدي حاجز الكلفة هذا إلى أنماط غذائية ناقصة الجودة وإلى سوء التغذية، بما في ذلك التقزّم والهزال. 155

ويشير الهزال، وهو مؤشر رئيسي لسوء التغذية الحاد، إلى نسبة الأطفال دون سنّ الخامسة الذين يعانون من انخفاض الوزن مقارنةً بطولهم.ب‌ب ويرجع ذلك في جانب منه إلى نقص التغذية في الأجل القصير، مما يجعله مقياسًا مفيدًا لتتبع الأثر المباشر للصدمات على تغذية الأطفال. ومن بين المؤشرات المزمنة، يقيس مؤشر التقزّم التأثيرات الطويلة الأجل للتغذية غير الكافية، بينما يستجيب الهزال ج‌ج بسرعة أكبر للأزمات الاقتصادية أو البيئية. على سبيل المثال، تميل مُعدّلات انتشار الهزال إلى الارتفاع خلال الصدمات السلبية للدخل،157 مثل تلك التي شهدتها الجائحة. وتشير تقديرات طبعة عام 2021 من هذا التقرير139 إلى أنه في ظلّ سيناريو معتدل، سيتأثر 11.2 مليون طفل إضافي دون سن الخامسة في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل بالهزال في الفترة بين عامي 2020 و2022 - بما في ذلك 6.9 ملايين طفل في عام 2020 وحده. وفي ظل سيناريو متشائم، يمكن أن يرتفع هذا الرقم إلى 16.3 ملايين طفل.

ويتعرض الأطفال الذين يعانون من الهزال بدرجة أكبر بكثير للصدمات الصحية الأخرى ويزداد خطر تعرضهم للوفاة. الهزال الشديد، الذي غالبًا ما ينتج عن عدم كفاية الوصول إلى الأطعمة الغنية بالمغذيّات، يضعف قدرة الجهاز الهضمي على امتصاص العناصر الغذائية ويضعف قدرة الجهاز المناعي على مكافحة الأمراض الشائعة. ويكون الطفل الذي يعاني من هزال شديد أكثر عرضة للوفاة جراء الإصابة بمرض شائع، مثل الالتهاب الرئوي، بما يصل إلى 11 مرة مقارنةً بالأطفال الذين يتغذون تغذية جيدة.158 علاوة على ذلك، فإن التعرض للهزال خلال السنوات الأولى من الحياة لا يزيد من خطر الوفاة فحسب، بل يزيد أيضًا من احتمال الإصابة بالتقزّم وتحديات صحية طويلة الأجل. د‌د 167

وكانت لطفرات الارتفاع السابقة في الأسعار العالمية للأغذية تأثيرات ضارة على تغذية الأطفال، ولا سيّما من خلال زيادة مُعدّلات الهزال لدى الفئات السكانية الضعيفة. فعلى سبيل المثال، خلال أزمة الأغذية العالمية في الفترة بين عامي 2007 و2008، زادت مُعدّلات انتشار الهزال بين الأطفال في موزامبيق.168 وبالمثل، لوحظ ارتفاع في نسبة الأطفال المصابين بالهزال في الهند، وكانت الآثار أشد بين الأسر المنخفضة والمتوسطة الدخل.169

وترتبط موجات التضخّم في أسعار الأغذية بارتفاع مُعدّلات الهزال. وتشير بيانات تحليلية من 44 بلدًا من البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل إلى أن الزيادة في أسعار الأغذية الحقيقية بنسبة 5 في المائة تزيد من احتمال الإصابة بالهزال بنسبة 9 في المائة والإصابة بالهزال الشديد بنسبة 14 في المائة بين الأطفال دون سن الخامسة.155 وتسلط هذه النتائج الضوء على زيادة قابلية الأطفال الصغار للتأثر بصدمة الأسعار، ولا سيّما في السياقات التي يسود فيها انعدام الأمن الغذائي بالفعل.

وقد تكون موجة التضخّم الأخيرة في أسعار الأغذية قد زادت من خطر الهزال لدى الأطفال. واستنادًا إلى بيانات من نحو 150 بلدًا في جميع أنحاء العالم في الفترة بين عامي 1983 و2023، يشير التحليل الوارد في هذا القسم إلى أن ارتفاع أسعار الأغذية بنسبة 10 في المائة يرتبط بزيادة تتراوح بين 2.7 و4.3 في المائة في معدّل انتشار الهزال وبزيادة تتراوح بين 4.8 و6.1 في المائة في معدّل انتشار الهزال الشديد لدى الأطفال دون سن الخامسة (الجدول 3-1). وكما ورد في القسم 3-3، لا تتحدد نتائج التغذية من خلال الحصول على الغذاء فحسب، بل تتأثر أيضًا بإمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية. ولأخذ ذلك في الاعتبار، تشمل الانحدارات الإضافية في الجدول 3-1 مؤشرات الصحة الأساسية - مثل الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي والإنفاق على الصحة العامة للفرد الواحد. وتظل النتائج حاسمة مع إدراج هذه المتغيرات. وترد النتائج الكاملة للانحدارات في الجدول 3-1، ويرد مزيد من التفاصيل عن النموذج الاقتصادي القياسي في Nakasone, E. وIgnaciuk (سيصدُر قريبًا).144

الجدول 3-1العلاقة بين أسعار الأغذية وهزال الأطفال، 2023-1985

>
ملاحظات: يُحسب مؤشر أسعار استهلاك الأغذية استنادًا إلى بيانات قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة اعتبارًا من عام 2000، حيث يُحسب متوسط مؤشرات أسعار استهلاك الأغذية في كل بلد وسنة. وقبل عام 2000، كان مؤشر أسعار استهلاك الأغذية يستند إلى بيانات البنك الدولي عن التضخّم السنوي في أسعار الأغذية. وتستمد البيانات المتعلقة بانتشار الهزال من قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية عن سوء التغذية لدى الأطفال. وتجمع هذه المجموعة بيانات مؤشرات الهزال من عدة جولات استقصائية، وتشمل الانحدارات جميع المشاهدات المستندة إلى الاستقصاءات في قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية عن سوء التغذية لدى الأطفال للفترة بين عامي 1983 و2023. وتحدد أشهُر العمل الميداني لكل استقصاء ويحسب متوسط مؤشر أسعار استهلاك الأغذية في كل فترة. وفي ما يلي النموذج الاقتصادي القياسي الأساسي: حيث هو معدّل انتشار الهزال (أو الهزال الشديد) في البلد c من الإقليم r خلال الفترة t، و هو مؤشر أسعار استهلاك الأغذية خلال هذه الفترة. ويمثل المتوسط الهندسي لمؤشر أسعار استهلاك الأغذية خلال السنوات الثلاث السابقة للفترة t، و هي الاتجاهات الزمنية الخاصة بالإقليم، و و هما التأثيرات الثابتة الخاصة بالبلد والسنة على التوالي. وتتحكم جميع الانحدارات في مؤشر أسعار استهلاك الأغذية المتأخر، والاتجاهات الخاصة بالأقاليم، والتأثيرات الثابتة للبلد والسنة. وتشمل الأعمدة 2 و3 و5 و6 بالإضافة إلى ذلك متجهًا من العوامل الضابطة المتغيرة بمرور الوقت. وفي العمودين 2 و5، يشمل «ضوابط كلية» لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ومتغيرًا دالًا على الكوارث الشديدة في البلد. وتتحكم الأعمدة 3 و6 بالإضافة إلى ذلك في مؤشرات الخدمات الصحية (النسبة المئوية للسكان الذين يحصلون على المياه الأساسية، والنسبة المئوية للسكان الذين يحصلون على مرافق الصرف الصحي الأساسية، والإنفاق العام على الصحة للفرد الواحد). وقد تم ترجيح جميع الانحدارات بحسب عدد الأطفال دون سن الخامسة في كل بلد وفي كل سنة. وتقدّر النسبة المئوية للتغير في معدّل انتشار الهزال (أو الهزال الشديد) المرتبط بزيادة بنسبة 10 في المائة في مؤشر أسعار الاستهلاك للأغذية على النحو التالي: . وحُسبت قيمة التقدير من خلال أخذ 500 عينة متكررة من البيانات الأصلية لحساب الأخطاء المعيارية التي تم تجميعها على مستوى البلد. وتشير علامة النجمة إلى مستويات الدلالة الإحصائية * إذا كانت القيمة الاحتمالية أقل من 0.1، ** أقل من 0.05، *** أقل من 0.01.
المصدر: A global assessment of food price dynamics and food insecurity (سيَصدُر قريبًا). Nakasone, E. & Ignaciuk, A – Background paper for The State of Food Security and Nutrition in the World 2025. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 25-09. Rome, FAO

وتبرز هذه النتائج قلقًا سياساتيًا ملحًا وهو أنّ الطفرة الأخيرة في التضخّم العالمي قد أدت ربما إلى تفاقم سوء التغذية الحاد، مما يعرض ملايين الأطفال لخطر متزايد من الإصابة بأمراض خطيرة. وفي ذروة تلك الطفرة، ارتفعت أسعار الأغذية العالمية مقارنةً بالفترة نفسها من السنة السابقة بنسبة 13.6 في المائة بين يناير/كانون الثاني 2022 ويناير/كانون الثاني 2023 (الشكل 3-1). وخلال هذه الفترة، بلغ معدّل التضخم في أسعار الأغذية 25.2 في المائة و11.8 في المائة في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا على التوالي (الشكل 3-2)، حيث واجهت 65 في المائة من البلدان المنخفضة الدخل و61 في المائة من البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، التي يعيش فيها أكثر من 1.5 مليارات نسمة، معدلات تضخم في أسعار الأغذية بلغت 10 في المائة أو أكثر. كما أبلغت هذه الأقاليم عن مستويات أعلى من هزال الأطفال. وبحلول عام 2024، بلغ معدّل انتشار الهزال 6.4 في المائة و9.5 في المائة في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا على التوالي (انظر الملحق 1-ألف). وتسلّط النتائج المعروضة هنا الضوء على المخاطر الواسعة النطاق والجسيمة التي يشكلها تضخّم أسعار الأغذية على هذه الفئات السكانية لفئات السكانية الشديدة الضعف.

back to top