3.5 كيفية زيادة المواءمة والتآزر بين مختلف مصادر التمويل

تعقد المشهد التمويلي للأمن الغذائي والتغذية?

لا تحقق النُظمالزراعية والغذائية حاليًا النتائج اللازمة لتحقيق الأمن الغذائي والقضاءعلى سوء التغذية بجميع أشكاله. كما أنها تتسبب في العديدمن التكاليف البيئية والاجتماعية والاقتصادية. ويبين الفصل الرابع من هذاالتقرير أن عدم سد الفجوة في التمويل لتحقيق المقصدين 2-1و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة يمكن أن يُكلفتريليونات الدولارات الأمريكية، ما يجعل من الضروري الأخذ بممارسات استثماريةتأخذ في الاعتبار المخاطر المناخية والصحية والاجتماعية والبيئية.141 ولكنذلك قد لا يكون ممكنًا إذا لم يكن هيكلالتمويل مصممًا ليصبح وسيلة حاسمة لتيسير تحقيق هذه الأهدافالإنمائية.

ويتسم هيكل التمويل الحالي للأمن الغذائي والتغذية بتجزؤ شديد.وأدى عدم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن ما ينبغيتمويله ومختلف الأهداف في ما بين أصحاب المصلحة إلى تكاثرالجهات الفاعلة التي تخرج في كثير من الأحيان عن نطاقاختصاصاتها بدلًا من التعاون في ما بينها.34 وتختارالجهات المانحة الثنائية في كثير من الأحيان إجراء أنشطة المعونةبأنفسها بدلًا من توجيهها عبر المنظمات المتعددة الأطراف. ويؤديذلك إلى العديد من أنشطة المعونة الصغيرة وغير المنسقة التيتقودها بشكل أساسي الجهات المانحة الثنائية. فعلى سبيل المثال، كانتنسبة 73 في المائة من المساعدات الإنمائية الرسمية الزراعية فيعام 2018 مساعدات ثنائية، في حين شكلت المعونة المتعددة الأطراف27 في المائة في السنة نفسها (بانخفاض قدره 3 نقاطمئوية مقارنة بعام 2013)، وهو ما يمكن أن يؤدي إلىالمنافسة وعدم الكفاءة في ظل غياب التنسيق الكافي بين الجهاتالفاعلة.35 (انظر الفصل الثالث لمزيد من التفاصيل). وخلال الفترةبين عامي 2000 و2020، ولا سيما منذ عام 2010، لوحظظهور المساعدة الإنمائية الرسمية المتعددة الأطراف (الأموال المخصصة التي تعهدالجهات المانحة الثنائية بإدارتها إلى مؤسسات متعددة الأطراف) مع انخفاضتدريجي في المساعدة الإنمائية الرسمية الثنائية.142

وعند النظر فيهدف معقد ومتعدد القطاعات، مثل تحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية،يمكن أن تكون للتنسيق أهمية أكبر. ويمكن للعديد من الاستثماراتالقطاعية أن يؤثر على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية،ولكن ذلك لا يقابل باعتراف في كثير من الأحيان. وعلىسبيل المثال، يتم في كثير من الأحيان التخطيط لمجالين رئيسيينمن مجالات تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنميةالمستدامة - الإجراءات الإنسانية والإنمائية - وتمويلهما وتنفيذهما بشكل منفصل.34 وفيالمشهد المالي الذي تتنافس فيه عدة أهداف إنمائية على تدفقاتالتمويل الشحيحة، يفشل هيكل التمويل الحالي في إدماج الأمن الغذائيوالتغذية في أهداف إنمائية أوسع نطاقًا.

وعلى المستوى القطري،يتسبب العدد الكبير من المشاريع غير المنسقة في زيادة كلفةالمعاملات ويعيق مساعي تحقيق أهداف التنمية المستدامة المشتركة. وعندما تتنافسعدة جهات فاعلة ذات اختصاصات متماثلة على الأموال المقدمة منمجموعة صغيرة من الجهات المانحة، فإن ذلك قد يكون ضارًا، بالمقارنة مع الحالة التي يوجد فيها عدد أقل منالجهات الفاعلة ذات الاختصاصات المتمايزة.35 وعلى سبيل المثال، فيحين أن معظم البلدان عملت في عام 2009 مع ماتراوح بين 61 و100 جهة مانحة، فقد عملت غالبية البلدانفي عام 2019 مرة واحدة على الأقل مع أكثر من100 جهة مانحة. وازداد عدد الجهات المانحة الثنائية من 25في الفترة بين عامي 2000 و2004 إلى 43 في الفترةبين عامي 2015 و2019، وازداد عدد الوكالات من هذه الجهاتالمانحة الثنائية من 145 إلى 411 وكالة في الفترة نفسها.وزادت أيضًا الجهات المانحة المتعددة الأطراف من 46 إلى91 وكالة ومصرفًا وصندوقًا ومؤسسة أخرى. وازداد إجمالًا عدد كل نوع من الجهات المانحة من 191 فيعام 2000 إلى 502 في عام 2019. 142

وخلصت بعض الدراساتإلى أن تجزؤ التمويل الإنمائي يمكن أن يكون مرتبطًابانخفاض معدلات النمو الاقتصادي143-145 وانخفاض مستويات المساءلة التي يمكن أنتؤدي إلى الفساد في البلدان المتلقية.146 ومن جهة أخرى،يمكن أن يؤدي التجزؤ أيضًا إلىمكاسب في الكفاءةعن طريق تشجيع تخصص الوكالات والصناديق، وتعزيز المنافسة بين الجهاتالمانحة لتعزيز الكفاءة وتشجيع الابتكار، في حين أن هذه المنافسةيمكن أن تزيد أيضًا من القدرة التفاوضية للبلدان المتلقية (حيث قد يكون هناك عدة جهات مانحة مهتمة بمشكلة واحدةو/أو بلد واحد).142

ويمكن أن ينطوي التجزؤ أيضًا على تغيير في الأولويات والتنافس - بدلًا من التعاون -بين الجهات المانحة، ويمكن أن يؤدي إلى تشتت البيانات بينالمصادر والمنهجيات المختلفة، وعدم التوافق مع الأولويات والخطط القطرية، والتفضيلالواضح لتمويل المشاريع بدلًا من البرامج، وهو ما يعنيضمنًا وجود عدد كبير من المشاريع الثنائية الصغيرة فيالبلدان المتلقية، ويمكن أن يؤدي ذلك بالتالي إلى زيادة فيكلفة المعاملات وعدم الكفاءة.35

ومن الواضح أن الجهات المانحة (التي تشمل الحكومات والمؤسسات المالية الدولية والمصارف الإنمائية المتعددة الأطرافومؤسسات التمويل الإنمائي والمؤسسات الخيرية) تضطلع بدور حاسم الأهمية فيهيكل التمويل الحالي. فعلى سبيل المثال، تُشارك هذه الجهاتالمانحة في معظم معاملات التمويل المختلط وتقدّم الأموال إلىالمنظمات الوسيطةأخ ت‌ت للاستثمار في المشاريع الصغيرة النطاق.148

وتُمثّل المؤسسات الخيرية، بين هذه المؤسسات، جهات مهمة صاحبة مصلحة في بنية تمويل الأمن الغذائي والتغذية. وبالمقارنة مع مستثمري القطاع الخاص، فإن المؤسسات الخيرية لديها فرص أكبر للتركيز على الآثار أكثر من تركيزها على العائدات المالية، وهي أكثر تقبلًا للمخاطر التي كثيرًا ما تُشكل جزءًا من التمويل الإنمائي. ويمكن أن تكون الاستفادة من رأس المال الصبورأذ ث‌ث الذي توفره المؤسسات الخيرية نهجًا لإحداث تغيير جذريمن أجل دعم المؤسسات الاجتماعية، وإيجاد حلول لمشاكل الجوع وانعدامالأمن الغذائي وسوء التغذية، وإجراء الاستثمارات اللازمة في البنية التحتيةفي البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيالمعالجة بعض المسببات الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. وتحتلالمؤسسات الخيرية موقعًا فريدًا يؤهلها لأن تقوم بدورتحفيزي وأن تعمل كجهات مبادرة إلى تحمّل المخاطر، وأنتبين أن الاستثمار في الأمن الغذائي والتغذية قد لا يكونمحفوفًا بمخاطر كما يبدو في ظاهر الأمر. وفي حينأن ازدياد اهتمام المؤسسات الخيرية بأدوات التمويل بوصفها تمويلًامختلطًا أمر مشجع، فإن الطريقة التي يتم بها تنظيمالعديد من المؤسسات يمكن أن يجعل دورها مقصورًا علىمجرد تقديم المِنح والمشاريع الإنمائية. وعلى سبيل المثال، لايوجد سوى عدد قليل من المؤسسات التي أنشئت لتقديم الأسهم،وهو أمر حاسم الأهمية لشراكات المراحل المبكرة، وهذه المؤسسات غيرمستعدة لاستعادة الأموال.148

ومع ذلك، يكمن أحد أكبر التحدياتعلى الأرجح في معالجة التجزؤ الحالي لبنية تمويل الأمن الغذائيوالتغذية. وينبغي تشجيع زيادة التنسيق بين الجهات صاحبة المصلحة الكبيرةوالمتوسطة والصغيرة، لأن الجهات المانحة الكبيرة لا تُنسق أحيانًا أو لا تُشارك في تمويل الأنشطة التي تقودهاجهات فاعلة أخرى صغيرة، نظرًا لعدم وجود حوافز للقيامبذلك. وبالإضافة إلى ذلك، تشتد الحاجة إلى قيام الجهات المانحةبمواءمة أولويات الإنفاق مع أولويات البلدان. وبالنظر إلى أن البنيةالحالية تُهيمن عليها إلى حد كبير البلدان المرتفعة الدخلوالوكالات الإنمائية الكبيرة، لا تؤخذ في الحسبان أولويات البلدان والمجتمعاتالمحلية المستفيدة في جميع الحالات.34

ويتمثل أحد التحديات المهمةالتي يواجهها العديد من البلدان المتلقية للمساعدة الإنمائية الرسمية والتدفقاتالرسمية الأخرى وغيرها من تدفقات التمويل الإنمائي في دورها الثانوينسبيًا في ما يتعلق بكيفية تخطيط وتنفيذ التمويل الإنمائي.أض خ‌خ والواقع أن المناقشات الدائرة حول كيفية تشكيل هيكل التمويلكشفت عن وجود اختلافات بين رؤية بعض البلدان المرتفعة الدخلالتي تُمسك تقليديًا بزمام مناقشات التمويل الإنمائي، ورؤيةبعض البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. فعلى سبيل المثال،خلص تحليل للمواقف في مؤتمر عام 2015 المعني بتمويل التنميةالذي عُقد في أديس أبابا إلى أنه في حينأن بعض البلدان المرتفعة الدخل قد روجّت لدور أكبرللقطاع الخاص ورؤية للحكومات الوطنية بوصفها «عوامل تمكينية» لحشد تدفقاتالتمويل الخاص، دافعت بعض البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخلعن تعزيز دور الحكومات في اتخاذ قرارات سيادية بشأن استراتيجياتهاالإنمائية.ب أ ذ‌ذ،152 ومن شأن عدم التوافق حول كيفية إيجادالحلول أن يؤثر على التنسيق والتكامل الضروريين للجهات الفاعلة فيسبيل بناء بنية تمويلية أقلّ تجزؤًا للأمن الغذائي والتغذية،ما يجعل من الضروري التوصل إلى اتفاقات بين جميع أنواعالجهات الفاعلة، بغض النظر عن حجمها.

ومما لا شك فيهأن زيادة التنسيق بين الجهات الفاعلة وإدماج البلدان المنخفضة الدخلوالبلدان المتوسطة الدخل على قدم المساواة في هيكل التمويل سيتطلبانحكومات وطنية أقوى وأكثر صلابة تواجه، على أي حال، عدةتحديات. ويمكن أن تؤثر مسائل الاقتصاد السياسي والقرارات الحكومية التيلا يمكن التنبؤ بها على القدرة على المواءمة بين مصادرتدفقات التمويل وأولويات البلدان ويمكن أن ينشأ عنها تصور مخاطرأكبر بالنسبة إلى مستثمري القطاع الخاص. وتُمثّل القدرةالاستيعابية المنخفضة أيضًا مشكلة يمكن أن تحد من الزياداتالمحتملة في تدفقات التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية (انظر الفصل الرابع)؛ وعلاوة على ذلك، فإن ضعف آليات الحوكمةوالمؤسسات وسيادة القانون لا يؤثر على قدرة البلدان على الوصولإلى التمويل فحسب، بل يمكن أن يؤدي أيضًا إلىتركز شديد في الأسواق الوطنية يقوّض مركز الجهات الفاعلةالرئيسية في النُظم الزراعية والغذائية، مثل المزارعين أصحاب الحيازاتالصغيرة والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.34

ومن المهم أيضًاضمان تحوّل تدفقات التمويل المتزايدة على المستوى الوطني إلىحلول سياساتية فعالة من أجل القضاء على الجوع وانعدام الأمنالغذائي وسوء التغذية. ومن الأمور المهمة أن تكون هناك قدرةاستيعابية وكفاءة تقنية في الإنفاق (وهو ما يمكن أن يحققمكاسب هائلة محتملة لبعض البلدان على النحو المبيّن في الفصل الرابع، الإطار 11)، ولكن من الضروري أيضًا وجودحوكمة جيدة ومؤسسات وطنية قوية. وعلى سبيل المثال، تُشيرالبيانات إلى أن النُخب الوطنية في البلدان التي تعتمداعتمادًا كبيرًا على المساعدة الإنمائية الرسمية والتدفقات الرسميةالأخرى، ربما كانت تستحوذ على مبالغ من الأموال المتلقاة، وتودعهافي مراكز مالية خارجية.153

ولا شك في أن القطاعالخاص التجاري هو أهم الجهات الفاعلة من حيث مستوى تدفقاتالتمويل الموجه إلى الأمن الغذائي والتغذية. وتتولى الجهات الفاعلة منالقطاع الخاص في كثير من الأحيان تطوير تكنولوجيات جديدة وأدواتتمويل مبتكرة، مصمَّمة وجاهزة للتنفيذ في الأسواق الزراعية والغذائية.ويمكن أنيساعد التمويل الحكومي والتمويل المقدم من الجهات المانحةعلى بدء المشاريع، ولكن هذه المشاريع لن تكون مستدامة معمرور الوقت من دون رأس المال الخاص.87 ومن منظورالأمن الغذائي والتغذية، يمكن لشركات الأغذية والمشروبات المتعددة الجنسيات أنتجتذب الاستثمارات والتكنولوجيات وممارسات الأعمال الجديدة. ومن ناحية، يمكن أنيُحفِّز ذلك المنافسة للتأثير على تسعير الأغذية، وإنكان من جهة أخرى، يمكن أن يؤدي إلى تطوير صناعاتالأغذية والمشروبات المحلية العالية التصنيع.154

والواقع أن العقود الأخيرةشهدت زيادة في توافر المنتجات الغذائية العالية التصنيع وتنوعها واستهلاكهاعبر مستويات الدخل والتنمية في مختلف البلدان، ولا سيما فيالبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ذات الكثافة السكانية العالية، ما ساهمبدور كبير في التحولات الغذائية. ولكن، لا يؤدي الطلب وحدهإلى تحفيز نمو مبيعات الأغذية والمشروبات العالية التصنيع. كما أنالاستثمار الأجنبي المباشر الذي يهدف إلى تنمية الاقتصادات، يرتبط أيضًا بالتحولات الغذائية والزيادات في انتشار الوزن الزائد والسمنة فيجميع أنحاء العالم. وعلى النقيض من ذلك، لا يوجد دليلواضح على أن هذه الاستثمارات تعود بالنفع على نقص التغذية.155 وركزت معظم استثمارات رأس المال الخاص في مجال التغذيةحتى الآن على مشاريع قائمة بذاتها لا تكتفي بمعالجة المحدداتالعامة والهيكلية لسوء التغذية فحسب، بل إنها تحوّل أيضًا قدرات وموارد الحكومات وأصحاب المصلحة بعيدًا عن إنفاذالسياسات ذات الأثر الكبير.156 ومكنت عولمة النُظم الزراعيةوالغذائية، مدفوعة إلى حد كبير بتحرير التجارة وإلغاء القيود التنظيميةالمفروضة على الأسواق المحلية، شركات الأغذية والمشروبات المتعددة الجنسيات منالدخول بسهولة أكبر إلى الأسواق الناشئة والتأثير على الاستهلاك فيها.

وتزامن النمو في سوق الأغذية العالية التصنيع مع الزيادة فيإعانات وإنتاج السلع الزراعية التي تُمثّل عناصر أساسيةمنخفضة الكلفة لهذه المنتجات، بما في ذلك الزيوت النباتية (النخيلوالصويا وبذور اللفت) والسكريات ومحاصيل الحبوب (القمح)، والتي توجه نسبةكبيرة منها نحو إنتاج الأغذية العالية التصنيع.154 وحتى الشركاتالتي لا يتمثل عملها الأول في تصنيع الأغذية العالية التصنيع،غالبًا ما تكون لها مصلحة قوية في توريد مكوناتالسلع الأساسية المستخدمة في هذه المنتجات. وتُساهم هذه الممارساتأيضًا في إزاحة صغار منتجي الأغذية، مع ما يترتبعن ذلك من آثار سلبية على الاقتصاد المحلي والتنوع البيولوجيوالحصول على أنماط غذائية صحية.

وتؤدي اللوائح التنظيمية في كثيرمن الأحيان إلى تثبيط القطاع الخاص عن تمويل الاستثمارات العاليةالمخاطر، مثل الاستثمارات المتعلقة بالأمن الغذائي والتغذية، لأن المستثمرين منالقطاع الخاص يسعون إلى حماية قيمة أصولهم في الأجل الطويل.ولكن التغييرات التنظيمية التي تُركز على تحفيز تدفقات التمويلنحو الاستثمارات ذات المنافع الإنمائية يمكن أن تزيد من جاذبيةالاستثمارات148 ويمكن أن تقلل من خطر «التمويه الأخضر».100 ويوفّر تصنيف الاتحاد الأوروبي، حتى وإن لم يكن إلزاميًا،إرشادات لتحديد الاستثمارات المستدامة بيئيًا ويُشكل خطوة أولىنحو تشجيع تمويل الأنشطة التي تُساهم في تحقيق أهدافالاتحاد الأوروبي المتعلقة بالمناخ والبيئة.157

وبالإضافة إلى ذلك، منالمهم سد الفجوة بين المخاطر التي يتصورها جميع أصحاب المصلحةالماليين - ولا سيما المستثمرون من القطاع الخاص - والتي غالبًاما تكون عالية جدًا، وبين الاحتمال الفعلي لحدوث هذهالمخاطر. ويؤدي هذا التصور المرتفع للمخاطر إلى تثبيط تمويل المبادراتالتي يمكن أن تهيئ مزيدًا من فرص التنمية.148وحتى أصحاب المصلحة الذين يقبلون مستويات أعلى من المخاطر، مثلالمؤسسات الخيرية أو الحكومات المانحة أو مؤسسات التمويل الإنمائي، فإنهميطبقون معاييرهم الخاصة ولديهم جداولهم الزمنية ومعايير الإبلاغ لتقديم المِنح، وهو ما قد يعيق مشاركة الجهات الفاعلة الخاصة ذاتالتوجه التجاري.83 ومن الأهمية الحاسمة مراعاة العوامل البيئية والاجتماعيةوالمتصلة بالأمن الغذائي والتغذية كجزء من تقييم المخاطر للحد مننفور أصحاب المصلحة الماليين من المخاطر المتصلة بالأمن الغذائي والتغذيةوالنُظم الزراعية والغذائية.34

ومع التركيز على التنمية واتباعنهج القطاع الخاص، أصبحت المؤسسات الاجتماعيةب ب ض‌ض تدريجيًا جهات مهمة صاحبة مصلحة في تمويل الأمن الغذائي والتغذية، ولا سيما لدعم الاستثمارات على المستوى المحلي. وبالنظر إلى نطاقها الواسع، تُعد المؤسسات الاجتماعية أدوات مهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة؛ إذ يمكنها إيجاد فرص لإدرار الدخل في المناطق التي يصعب فيها الوصول إلى التمويل، مثل المناطق الحضرية المتعثرة أو المجتمعات المحلية الريفية النائية.158 ويمكن أن يكون ذلك ذا صلة بمجال استثمار، مثل الأمن الغذائي والتغذية، الذي قلما يُشكل، كما نوقش، أولوية للمستثمرين من القطاع الخاص. ومع ذلك، وبالنظر إلى أن المؤسسات الاجتماعية تكون في العادة موجهة نحو الأثر الاجتماعي بدلًا من الربح البحت، فإنها تحصل على معظم مواردها من التمويل الميسّر الممول من الجهات المانحة. ولا يمكن العثور بسهولة على نوع رأس المال الطويل الأجل المتحمل للمخاطر الذي تحتاج إليه هذه المؤسسات من خلال المستثمرين من القطاع الخاص الذين يهدفون إلى تحقيق الربح.159

وأخيرًا، يمثّل الافتقار إلى البيانات والشفافية والمساءلة سمة رئيسية أخرى من سمات المشهد المالي الحالي، وهو في الواقع يزيد من تصور المخاطر المالية. ويعتمد تمويل القطاع الخاص على البيانات ويتطلب بنية تحتية موثوقة للبيانات. فالشفافية بشأن المنهجيات والافتراضات ضرورية، فضلًا عن حُسن توقيت البيانات. وعلى سبيل المثال استخدام المقاييس «التقليدية»، غالبًا ما يُنظر إلى تدخلات الأمن الغذائي والتغذية باعتبارها استثمارات محفوفة بالمخاطر نظرًا لطول فترة استردادها وانخفاض عائداتها مقارنة بالاستثمارات في القطاعات الأخرى ويؤدي ذلك إلى زيادة تصور المخاطر، ما يجعل الاستثمار غير ميسور الكلفة بالنسبة إلى المستفيدين. وعلاوة على ذلك، لا يقتصر هذا التحدي على القطاع الخاص، لأن تصور حاجة التدخلات الغذائية إلى وقت طويل قبل أن تظهر منافعها الصحية على السكان قد لا يتماشى مع الدورات السياسية أو دورات الميزانيات الأقصر في العادة.161،160 ومن شأن جعل البيانات المالية (بما في ذلك الأمن الغذائي والتغذية والزراعة والبيئة والصحة وأي بيانات أخرى ذات صلة) أكثر موثوقية ومتاحة على نطاق واسع، يمكن أن يُعزز «جدوى الاستثمار» في تدخلات الأمن الغذائي والتغذية، كما يحدث بالفعل في مجالات مثل الزراعة التجديدية.34

نحو بنية تمويلية من أجل القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية?

ستتطلب معالجة المسائل المحددة في القسم السابق تنفيذ عدة إصلاحات، يرد موجز لها في الشكل 34. وعلى سبيل المثال، حتى قبل إجراء تغييرات هيكلية في بنية تمويل الأمن الغذائي والتغذية، فإن الخطوة الأولى الأساسية لزيادة تمويل الأمن الغذائي والتغذية تتمثل في جعل هدف تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة أولوية في جدول أعمال السياسات الدولية الذي يبدو، على النحو الوارد تحليله في الفصل الرابع، غير صحيح، على الأقل بالنظر إلى أولويات الجهات المانحة بالنسبة إلى المساعدة الإنمائية الرسمية والتدفقات الرسمية الأخرى. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون للأولويات التي تحددها مجموعة الدول السبع تأثير على أولويات الجهات المانحة: فعندما تُعطي مجموعة الدول السبع أولوية لمجال من مجالات السياسات،يتجه في العادة مزيد من تدفقات التمويل إلى هذا المجال.162 ولذلك فإن دور الدعوة أساسي: يمكن أن تكون تدفقات التمويل متاحة، ويمكن تحديد أنسب الأدوات لحشد هذه التدفقات، ولكن ينبغي أن يكون لدى أصحاب المصلحة الماليين، مثل البلدان المانحة أو المؤسسات الخيرية أو الجهات الفاعلة في القطاع الخاص فهم أفضل للاستثمارات في الأمن الغذائي والتغذية، وما تعنيه من منظور مالي وإنمائي على حد سواء، والآثار المترتبة عن الكلفة الطويلة الأجل الناتجة من التقاعس عن العمل، والتي نوقشت في الفصل الرابع. ويرتبط الأمن الغذائي والتغذية في كثير من الأحيان بالزراعة فقط، وهي قطاع ينظر إليه معظم أصحاب المصلحة الماليين باعتباره استثمارًا تقليديًا ومحفوفًا بمخاطر كبيرة ولا تنشأ عنه سوى عائدات ضئيلة.34 ومن الشروط الأساسية لنجاح إصلاح بنية تمويل الأمن الغذائي والتغذية الأخذ بمنظور للأمن الغذائي والتغذية والنظر في طبيعته المشتركة بين القطاعات (كما هو مبين في تعريف تمويل الأمن الغذائي والتغذية الوارد في الفصل الثالث) وتسليط الضوء على العائدات القصيرة الأجل والطويلة الأجل للاستثمار في مجالات مثل التغذية.163

الشكل 34 توصيات من أجل معالجة تجزئة هيكل التمويل الحالي من أجل تحقيق الأمن الغذائي والتغذية من أجل القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية

المصدر: من إعداد المؤلفين (منظمة الأغذية والزراعة).

ومن ناحية أخرى، ينبغي أن يكون الأمن الغذائي والتغذية بالنسبة إلى الحكومات الوطنية جزءًا لا يتجزأ من الخطط الإنمائية والاستثمارية الأوسع نطاقًا، وبالتالي تحطيم صوامع الانعزال القطاعي، وتقديم إشارات قوية على الالتزام بالقضاء على الجوع وسوء التغذية، وإرسال الإشارات الصحيحة إلى جميع أصحاب المصلحة الماليين بأن الاستثمار في الأمن الغذائي والتغذية هو أكثر من مجرد تعهد في مجال قطاعي تقليدي - بل هو هدف رفيع المستوى له منافع تتجاوز النُظم الزراعية والغذائية. ويمكن للحكومات أيضًا أن تضع تصنيفات مالية مراعية للأمن الغذائي والتغذيةب ج غ‌غ لتزويد الجهات الفاعلةفي القطاع المالي بالمعلومات عن أنشطة الاستثمار التي يمكن أنتدعم الأمن الغذائي والتغذية و/أو تدعم تنمية القدرة علىالصمود في وجه المسببات الرئيسية.100 وعلى سبيل المثال، فيإثيوبيا، أصدرت الحكومة إعلان سيكوتا في عام 2015، الموجه نحوحشد موارد لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي والتغذية. واستهدف إعلانسيكوتا في البداية 40 مقاطعةب د ظ‌ظ وجرى توسيعه مؤخرًا ليشمل 700 مقاطعة، وهو يتضمن التزامًا ماليًا سنويًا من الحكومة المركزية بمبلغ 3 مليارات بر إثيوبيب ه أ‌أ‌أ بالإضافةإلى 3 مليارات بر إثيوبي من الحكومات المحلية. وتتمثل التوقعاتفي حشد مبلغ إضافي قدره 6 مليارات بر إثيوبي منالشركاء الماليين لاستثمار ما مجموعه 12 مليار بر إثيوبي سنويًا من أجل تحقيق أهداف الإعلان.165

ويعني تحطيم صوامعالانعزال القطاعي في تصميم وتنفيذ سياسات الأمن الغذائي والتغذية أيضًا تحوّلًا في فهمنا لمفهوم الأمن الغذائي والتغذية.ويدعو تعريف تمويل الأمن الغذائي والتغذية (الوارد في الفصل الثالث)إلى فهم شامل لما كان يُعتبر في العادة مفهومينمنفصلين: الأمن الغذائي من ناحية، والأمن التغذوي من ناحية أخرى.واستُخدم مصطلح «الأمن الغذائي والتغذية» لتأكيد تحقيق الأبعاد الأربعةللأمن الغذائي وصلته الوثيقة بتحقيق الأمن التغذوي، وكذلك الحاجة إلىاعتماد إجراءات تكميلية لتحقيق الأمن الغذائي والتغذية.166 ولكن، قديكون الوقت قد حان للاعتراف بالهدف العام لتحقيق «الأمن الغذائيوالتغذوي» كهدف سياساتي واحد غير قابل للتجزئة يشمل أيضًاإعمال الحق في الغذاء الكافي. ومما لا شك فيه أنالاتجاهات الراكدة في الحد من الجوع وانعدام الأمن الغذائي، وبطءوتيرة التقدم نحو تحقيق المقاصد التغذوية العالمية، بما يشمل زيادةانتشار السمنة لدى البالغين في العالم،ب و ب‌ب‌ب هي حجج سليمةلتوجيه هذه الدعوة، ويمكن أن تدعم بقوة بلورة فهم أفضللأهمية تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامةلجميع أصحاب المصلحة الماليين.

وينبغي أن يكون الالتزام السياسي المتزايدبتحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة، منمنظور الجهات المانحة، متبوعًا بإيجاد صلة أوثق بين التمويلالإنساني والتمويل المناخي والتمويل الإنمائي. فعلى سبيل المثال، تختلف الوكالاتالتي تتعامل مع المسائل الإنسانية اختلافًا تامًا عنالوكالات التي تدير الأنشطة الإنمائية، مع اختلاف مصادر التمويل والآفاقالزمنية؛ ويمكن التمييز بالطريقة نفسها بين الحكومات الوطنية والحكومات دونالوطنية. وينبغي للاستثمارات الطويلة الأجل أن تعزز التنمية المستدامة فيسياق الأزمات الغذائية لتمكين المساعدة الإنسانية من تلبية الاحتياجات العاجلةمن دون أن تغطى عليها حالات الطوارئ الممتدة. وينبغي أنيكفل هذا النهج إجراء تنسيق سليم بين التمويل الإنساني والتمويلالإنمائي، مع توجيه الاستثمارات نحو معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمنالغذائي الحاد والمزمن. وفي البلدان التي تشهد أزمات مستمرة ومخاطرمجاعات متكررة، والتي تتسم بهيمنة المعونة الإنسانية ومحدودية التمويل الإنمائي،من الأهمية الحاسمة زيادة الاتساق لبناء القدرة على الصمود فيوجه المسببات الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.167

وبالإضافةإلى ذلك فإن الجهات الفاعلة في مجال التمويل المناخي لاتكاد تُعتبر النُظم الزراعية والغذائية أولوية؛ فخلال الفترةبين عامي 2021 و2022، لم يوجه إلى الزراعة والحراجة وغيرهمامن أنشطة استخدام الأراضي سوى أقل من 4 في المائةمن التمويل المناخي.34 ولكن، أظهرت دراسة أخرى أنه علىالرغم من أن التمويل المناخي للنُظم الزراعية والغذائية آخذفي التراجع، فإن الحصة التي تُركز على الأمن الغذائيشهدت زيادة طفيفة حتى عام 2021. 168 وفي ما يتعلق بالتغذية،من ناحية أخرى، يبين تقرير صدر مؤخرًا عدم وجودارتباط قوي بين المناخ والتغذية في كثير من الأحيان، ولكنهناك استثناءات كثيرة تكشف من جانبها عن روابط متينة بينالمناخ والتغذية يمكن تبسيطها من أجل تنسيق أفضل ولتحسين النتائج.1 وتهيئ كلتا الحالتين فرصًا لتقوية الروابط بين المناخوالأمن الغذائي والتغذية وتعزيز الاتفاقات القائمة حاليًا. وعلى سبيلالمثال، أنشأتالبلدان، في عام 2017، أثناء الدورة الثالثة والعشرينلمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّرالمناخ، عمل كورونيفيا المشترك بشأن الزراعة، اعترافًا بالدور بالمهمللزراعة في معالجة تغيُّر المناخ. وفي عام 2022، وخلالالدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف، اتفقت البلدان على فترة أربعسنوات (2022-2026) للجمع بين المناقشات حول الروابط بين المناخ والزراعةوالأمن الغذائي - عمل شرم الشيخ المشترك بشأن تنفيذ الإجراءات المناخيةالمتعلقة بالزراعة والأمن الغذائي - الذي يدعو صراحة إلى الانتقال منالمناقشات التقنية إلى التنفيذ.170،169 وخلال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمرالأطراف، أطلقت الرئاسة المصرية، بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية ومنظمةالأغذية والزراعة والتحالف العالمي لتحسين التغذية وحركة تعزيز التغذية وأمانةهيئة الأمم المتحدة للتغذية، مبادرة العمل المناخي والتغذية، وهي مبادرةعالمية متعددة أصحاب المصلحة ومتعددة القطاعات تُركز على تعزيزالتعاون للتعجيل باتخاذ إجراءات تحويلية لمعالجة العلاقة الترابطية الحاسمة الأهميةبين المناخ والتغذية.171

وفي إطار تعزيز رؤية إدماج الأمنالغذائي والتغذية عبر القطاعات وبين أصحاب المصلحة الماليين، سيكون منالضروري بناء حوكمة جديدة للتمويل من أجل تعزيز مواءمة تدفقاتالتمويل نحو أولويات النُظم الزراعية والغذائية الجماعية، مثل تحقيقالمقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة.172 وسيتطلببناء هذه الحوكمة الجديدة الاعتراف بدور جميع أصحاب المصلحة فيالنظام الإيكولوجي المالي للأمن الغذائي والتغذية في إحداث التجزؤ الحالي،والنظر في حوافز أقوى لتجنب هذا التجزؤ. ولكن، تجدر الإشارةإلى أنه خلال عقدين على الأقل، كانت مسألة التجزؤ تُشكل جزءًا من جدول الأعمال في المنتديات السياسية الرفيعةالمستوى. فعلى سبيل المثال، أكد توافق آراء مونتيري في عام2002ب ز ج‌ج‌ج ضرورة أن تزيد الجهات المانحة والبلدان والوكالات الإنمائيةالدولية من جهودها لمواءمة إجراءاتها على المستوى القطري، مع مراعاةالاحتياجات والأهداف الوطنية. وحتى إذا كانت مبادئ التنسيق، نظريًا،واضحة، فإن وضعها موضع التطبيق ينطوي على صعوبات، ولا سيماعند النظر في مجالات العمل المعقدة، مثل الأمن الغذائي والتغذية،وتحويل النُظم الزراعية والغذائية.173 وسيكون تعزيز قيادة أصحابالمصلحة المتعددين على المستوى الدولي ضروريًا لنجاح تنسيق التمويلمن أجل الأمن الغذائي والتغذية.

ومن الخطوات الأساسية للتنسيق الفعالأن تكون الجهات الفاعلة الوطنية والمحلية وأولوياتها «في الصدارة». ولكنذلك ليس دائمًا واضحًا بسبب جملة أمور تشملاختلال توازن القوى والقدرات في ما بين الجهات الفاعلة، والافتقارإلى التنسيق بين الجهات المانحة على المستوى العالمي، ما يؤثرسلبًا على جهود التنسيق على المستوى الوطني، وفجوة البياناتالتي قد تجعل من الصعب إيجاد مبررات لتغيير أولويات الجهاتالمانحة.173 ولكن، تُبذل جهود متواصلة لمعالجة هذه المسائل.فعلى سبيل المثال، دعمت مجموعة العشرين إنشاء هيئات تنسيقية علىالمستوى القطري لأهداف إنمائية محددة (مثل فريق التنسيق بين شركاءالتنمية في رواندا).35 وتُقدّم تجربة تمويل البرامجالمشتركة على المستوى الإقليمي (مثل التحالف من أجل ثروة خضراءفي أفريقيا) أو على المستوى العالمي (مثل البرنامج العالمي للزراعةوالأمن الغذائي والمنتدى العالمي للجهات المانحة المعنية بالتنمية الريفية) أمثلةمثيرة للاهتمام في ما يتعلق بتجميع الموارد من مصادر مختلفةمن أجل الأولويات على المستوى القطري.173 ولذلك، فإن أحدشروط التنسيق الناجح هو إدماج تدفقات التمويل من أجل الأمنالغذائي والتغذية، حتى وإن جاءت من أصحاب مصلحة مختلفين ومتباينينفي مصالحهم، في الأهداف التي تحددها الهيئات التي تحظى بأكبرقدر من الشرعية على المستوى الإقليمي والوطني ودون الوطني.142

وهناك قطاعات أخرى يمكن لأصحاب المصلحة الماليين في مجالي الأمنالغذائي والتغذية أن يستخلصوا منها دروسًا. ومن الأمثلة المهمةلآليات التنسيق نهج الصحة الواحدة، وهو نهج متكامل وموحد لتحقيقالتوازن بين صحة البشر والحيوانات والنُظم الإيكولوجية والوصول بهاإلى المستوى الأمثل. ويُسلّم هذا النهج بأن صحةالإنسان والحيوان والنبات والبيئة الأوسع مترابطة ترابطًا وثيقًاويتيح وسيلة لمعالجة التهديدات المرتبطة بالتفاعل بين الإنسان والحيوان والنباتوالبيئة من خلال التعاون والتنسيق بين جميع القطاعات ذات الصلةوأصحاب المصلحة المعنيين.174 ويتيح هذا النهج تسخير الخبرات والمواردمن جميع المجالات الصحية والاختصاصات الأخرى وإدماجها، وهو نهج ثبتتفعاليته في صنع السياسات والتعاون بين القطاعات لمنع ظهور الأمراضالحيوانية المصدر والمنقولة بالنواقل وعودة ظهورها، وضمان سلامة الأغذية والمحافظةعلى الإنتاج الغذائي المستدام؛ والحد من العدوى المقاومة لمضادات الميكروبات؛ومعالجة المسائل البيئية من أجل تحسين صحة الإنسان والحيوان والبيئةمعًا في آنواحد، من بين العديد من المجالاتالأخرى. وبالإضافة إلى إنقاذ الأرواح وتعزيز الرفاه، توفّر إجراءاتالصحة الواحدة منافع اقتصادية مهمة. وتُشير تقديرات منظمة الأغذيةوالزراعة والبنك الدولي إلى أن الجهود المبذولة في مجال الصحةالواحدة يمكن أن تعيد إلى المجتمع العالمي ما لا يقلعن 37 مليار دولار أمريكي سنويًا، بينما يتطلب الاستثمارفي مجال الصحة الواحدة أقل من 10 في المائة منهذا الرقم. وفي الوقت الذي تنظر فيه البلدان في الاستثمارفي الأمن الصحي وغيره من الأهداف (مثل الإنتاج الزراعي والأمنالغذائي والنُظم الإيكولوجية الصحية)، يمكن أن يكون مفهوم الصحةالواحدة ذا أهمية خاصة لتخصيص اعتمادات ميزانية البلد بين الوزاراتالمسؤولة عن الأمن وكذلك صحة الإنسان والحيوان والبيئة (على سبيلالمثال، في قرارات وزير المالية أو الهيئة البرلمانية أو رئيسالوزراء).175

وإلى جانب تعزيز التنسيق، ينبغي لأصحاب المصلحة المالييناتخاذ خطوات نحو تحسين دورهم في زيادة تمويل الأمن الغذائيوالتغذية. وكما لوحظ في جميع أجزاء هذه الوثيقة، فإن الأمنالغذائي والتغذية يعتبران استثمارًا محفوفًا بالمخاطر بالنسبة إلىالجهات الفاعلة التجارية الخاصة. ولذلك، ينبغي للشركاء في التنمية، مثلالجهات المانحة، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية، والمصارف الإنمائيةالمتعددة الأطراف، ومؤسسات التمويل الإنمائي، الأخذ بزمام المبادرة في أنشطةتخفيف المخاطر، مثل زيادة تخصيص المساعدة الإنمائية الرسمية الموجهة نحوحشد الاستثمارات الخاصة، من خلال التمويل المختلط أو أدوات التمويلالأخرى.81،35 وبالنظر، من جهة، إلى أن البلدان ذات القدرةالمحدودة على الوصول إلى التمويل تعتمد في معظمها على التمويلالميسّر، ومن جهة أخرى، إلى أن هذه التدفقات التمويليةلا تكفي لتغطية الفجوة في التمويل اللازم لتحقيق المقصدين 2-1و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة، فإن تحويل تدفقات المساعدةالإنمائية الرسمية لحشد التمويل الخاص يمكن أن يكون حلًافعالًا لتوسيع نطاق التمويل في هذه البلدان التي تتأثرفي كثير من الأحيان بواحد أو أكثر من المسببات الكامنةوراء انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. ويمكن تنفيذ المساعدة الإنمائيةالرسمية بطريقة استراتيجية في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليامن أجل تحفيز الزيادة التدريجية في التمويل المحلي من الحكومات،فضلًا عن التحوّل نحو قروض أكثر توجهًانحو التجارة بهدف توجيه المِنح والتمويل الميسّر إلىالبلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا.35

وتواجه المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف تحدي زيادة تحمّل المخاطرالمرتبطة بالاستثمارات في الأمن الغذائي والتغذية، ويتعيّن عليها أنتضع مساهمتها في تحقيق الأهداف الإنمائية الشاملة في منظورها الصحيح.وتبيّن من البحوث الأخيرة أن وكالات التصنيف الائتماني للمصارفالإنمائية المتعددة الأطراف تُبالغ في تقدير المخاطر المالية، مايجعل هذه المؤسسات أكثر تحفظًا في الإنفاق في الأسواقالعالية المخاطر.34 والواقع أن مؤسسات التمويل الإنمائي تحكمها قواعدولوائح تنظيمية تحوطية تمنعها من إقراض المشاريع العالية المخاطر. وتتلقىمؤسسات التمويل الإنمائي والمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف رؤوس أموالها منالحكومات المساهمة وتستفيد من الضمانات الحكومية. ويمكّنها الدعم المقدممن الحكومات من الحصول على تصنيفات ائتمانية من الدرجة الاستثماريةويمكّنها ذلك بالتالي من جمع الأموال من أسواق رأسالمال الدولية وتوفير التمويل بأسعار تنافسية. كما أنها تعتمد فينهجها على تنويع حافظة الاستثمار، وبالتالي فإنها تستثمر في مجموعةمن المشاريع المتباينة من حيث المخاطر والعائدات.58

وتشهد الساحةالعالمية حاليًا دعوات تُطالب بوضع جدول أعمال لإصلاحالمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف يأخذ في الاعتبار زيادة حشد المواردليس فقط من أجل البلدان المتوسطة الدخل ذات القدرة المعتدلةأو العالية على الوصول إلى التمويل، بل وكذلك من أجلالبلدان المنخفضة الدخل176 التي لديها قدرة محدودة على الوصول إلىالتمويل، وتعاني من ارتفاع معدل انتشار النقص التغذوي وانعدام الأمنالغذائي وسوء التغذية، وتقل فيها فرص بناء القدرة على الصمودأمام المسببات الرئيسية الكامنة. وتُعتبر الأغذية والزراعة محفوفة بمخاطرخاصة وتدر عائدات مالية أقل؛ وأدى ذلك إلى إحجام مؤسساتالتمويل الإنمائي والمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف عن الاستثمار في هذينالقطاعين. وعندما تستثمر فيهما فإنها تتخذ في العادة مركز الدائنالممتاز بدلًا من تمويل الخسارة الأولى الذي تشتد الحاجةإليه.ب ح د‌د‌د،58

ويمكن للمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف أن تؤديدورًا محوريًا في حشد التمويل من القطاع الخاصللبلدان ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل، ولكن ممايؤسف له أن هذا لم يكن هو الحال دائمًا.ومع ذلك، قامت المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف في عام 2020بحشد ما مجموعه 168.9 مليارات دولار أمريكي، منها 15.6 ملياراتدولار أمريكي فقط موجهة إلى البلدان المنخفضة الدخل. وفي عام2021، زادت الموارد الإجمالية المعبأة (بنسبة 44 في المائة)، ولكنالموارد المخصصة للبلدان المنخفضة الدخل لم تتجاوز 5.2 مليار دولارأمريكي في السنةنفسها.177 ويمكن للمصارف الإنمائية المتعددة الأطرافأن تعزز إمكانية حصولها على تدفقات التمويل لتعبئتها بعد ذلكبأسعار فائدة أقلّ (أو من خلال أدوات التمويل الميسّر)لصالح البلدان ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل. وبالإضافةإلى ذلك، يمكن للمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف أن تُقدمالمساعدة التقنية إلى المصارف الإنمائية العامة التي يمكن من جانبهاأن تجعل هذه التدفقات التمويلية متاحة لأصحاب المصلحة في النُظم الزراعية والغذائية، مثل المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة أو شركاتالأغذية الزراعية الصغيرة والمتوسطة الحجم.34 وأقرت عشرة مصارف إنمائيةمتعددة الأطراف مؤخرًا وثيقة تدعو إلى تحسين التنسيق بينهذه المؤسسات لتحقيق أثر أكبر في معالجة تحديات التنمية، بمافي ذلك تحسين التنسيق على المستوى القطري وتحسين إجراءات تحفيزالتمويل من القطاع الخاص.178 ويمكن لإدراج الأمن الغذائي والتغذيةضمن التحديات العالمية الستة في عملية التطور الجديدة للبنك الدولي179أن يُشجع المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف الأخرى على إعطاءالأولوية أيضًا للقضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوءالتغذية في حشد تدفقات التمويل.

ومن المهم أيضًا اتباعنهج جديد لخفض مستويات الديون السيادية في البلدان المنخفضة والمتوسطةالدخل. وكما نوقش في القسم 1-5، فإن لمستويات الديون، بمافي ذلك خدمة الدين، دور رئيسي في تحديد إمكانية حصولالبلدان على تدفقات التمويل. وفي حين يمكن لهذه البلدان أنتستخدم التمويل الميسّر بطريقة استراتيجية للحد من مخاطرها المالية،من غير الممكن سد الفجوة في التمويل من دون الاستفادةمن مصادر رأس المال الخاص، وهو ما يتطلب معالجة مسائلمثل ارتفاع مستويات الديون. ومما يؤسف له أن الترتيبات الحاليةلإعادة هيكلة الديون السيادية معقدة وتستغرق وقتًا طويلًا،وتؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج غير مثالية للبلدانالمقترضة. وبالإضافة إلى ذلك، عادة ما يكون المدينون في وضعضعيف جدًا أمام دائنيهم.180 وهناك مبادرات سابقة وحاليةلمعالجة هذه المسألة، مثل مبادرة صندوق النقد الدولي المتعلقة بالبلدانالفقيرة المثقلة بالديون181 ومبادرة مجموعة العشرين والبنك الدولي وصندوق النقدالدولي السابقة بشأن تعليق سداد خدمة الدين182 وإطار مجموعة العشرينالمشترك لمعالجة الديون بما يتجاوز مبادرة تعليق سداد خدمة الدين،التي أُطلقت في عام 2020. 183 غير أن احتياجات البلدانإلى تخفيف ديونها، ولا سيما بعد تفشي جائحة كوفيد-19،آخذة في الازدياد، ولم تكن استجابات السياسات كافية.ب ط ه‌ه‌ه وينبغيللبلدان الأعلى دخلًا، ولا سيما البلدان الأعضاء في المحافلالسياسية الرئيسية، مثل مجموعة الدول السبع أو مجموعة العشرين، أنتتخذ، بالاشتراك مع المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف، موقفًا أقوىبشأن تخفيف عبء الديون، ما يجعل الآليات الحالية تعمل بنجاحوتدعم التنسيق مع الدائنين من القطاع الخاص لتيسير المفاوضات معالبلدان المدينة.7

وبدأ صندوق النقد الدولي نفسه في استكشافالكيفية التي يمكن بها للعوامل البيئية والاجتماعية أن تكون بالقدرنفسه من الأهمية التي تتسم بها العوامل الاقتصادية والمالية فيتقييم القدرة على تحمّل الديون السيادية. وتنظر حاليًاتحليلات القدرة على تحمّل الديون التي يجريها صندوق النقدالدولي في كيفية تأثير الديون السائدة في بلد ما واقتراضهالمحتمل على قدرته على الوفاء بالتزاماته بخدمة الدين في الأجلينالفوري والمتوسط. وتُستخدم في هذا السياق بشكل أساسي مؤشراتمالية واقتصادية، ولكن بالنظر إلى أن عوامل أخرى، مثل المناخوالتنوع البيولوجي والمياه والتربة، بل وحتى الأمن الغذائي والتغذية، يمكنأن تؤثر أيضًا على القدرة على تحمّل الديون،بدأ الخبراء في عرض المبررات التي تدعو صندوق النقد الدوليإلى تحسين تعريف القدرة على تحمّل الديون وإدراج هذهالعوامل البيئية والاجتماعية في هذا التعريف. وقد يكون ذلك خطوةأولى حاسمة في سبيل مساعدة البلدان ذات القدرة المحدودة علىالوصول إلى التمويل وزيادة تدفقات التمويل الميسور الكلفة.185

وثمةمسألة مطروحة، وهي إدراج القطاع الخاص في تحسين هيكل التمويلمن أجل الأمن الغذائي والتغذية. وكيف يمكن مواءمة مصالح الجهاتالفاعلة الخاصة الموجهة نحو الربح مع الأهداف الإنمائية الشاملة، ولاسيما أهداف القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية؟فعلى سبيل المثال، أشار بعض العلماء إلى أن زيادة أمْوَلة النُظم الزراعية والغذائية يمكن أن تنشأ عنهنتائج سلبية، مثل الاستيلاء على الأراضي وتقلب أسعار الأغذية وتكتلالشركات.186 وكما جاء من قبل في الإطار 10 (الفصلالرابع)، أثيرت أيضًا شواغل بشأن الآثار السلبية التي يمكنأن تترتب عن استثمارات القطاع الخاص في ما يتعلق بنتائجالأمن الغذائي والتغذية. ويجب على الجهات الفاعلة في القطاع الخاصأن تُدمج المخاطر الصحية والبيئية والاجتماعية في قراراتها المالية،لتحويل تدفقات التمويل من الاستثمارات التي يمكن أن تكون ضارةإلى استثمارات أخرى تُساهم في تحقيق النتائج البيئية والصحيةوالاجتماعية. ولا يراعي معظم أصحاب المصلحة الماليين حاليًا فينماذج أعمالهم الكلفة المستترة للنُظم الزراعية والغذائية، ولا توجدلديهم تدابير موحدة للإبلاغ بشأن المناخ والتنوع البيولوجيوالصحة.141ومن الواضح أن هناك حاجة إلى مواءمة الحوافز مع الاستدامة،وتتشكل هذه الحوافز إلى حد كبير من خلال الدعم العامالذي يجب إعادة توجيهه، كما جاء في الفصل الرابع.

وتحقيقًا لهذه الغاية، ينبغي أن تتواءم حوافز أسواق رأس المالمع ممارسات الاستثمار في البيئة والمسائل البيئية والحوكمة، ويجب أنيترسخ الأمن الغذائي والتغذية صراحةً في هذه الممارسات.187،34 وعلىسبيل المثال، في الفترة بين عامي 2012 و2020، تضاعفت قيمةالأصول البيئية والاجتماعية والمتصلة بالحوكمة ثلاثة أضعاف لتصل إلى 40.5تريليون دولار أمريكي (أي ما يقرب من نصف جميع الأصولالمدارة). ويمكن وضع لوائح ومعايير للإفصاح عن البيانات، وحث الجهاتالمالية الخاصة على الإفصاح عن كيفية تأثير حوافظها الاستثمارية علىنتائج الأمن الغذائي والتغذية. ووضعت بالفعل معايير تقنية، مثل لائحةالاتحاد الأوروبي للإفصاح عن المعلومات المتعلقة بالتمويل المستدام، أو مدونةحوكمة الشركات في اليابان، وصُمم كل منهما للإفصاح عنمدى توافق المستثمرين مع معايير الاستدامة و/أو المناخ.100

وعلى المستوى العالمي، أطلقت في عام 2020 مبادرة تيسير الحصولعلى التغذية توقعات المستثمرين بشأن التغذية والأنماط الغذائية والصحة التيوقَّعت عليها حتى الآن 87 مؤسسة استثمارية. وتُلزمالوثيقة هؤلاء المستثمرين بالتعامل مع مصنعي الأغذية والمشروبات لمعالجة معظمالتحديات التي تناولها المقصد 2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة،وغايات جمعية الصحة العالمية (نقص التغذية والوزن الزائد والسمنة ونقصالمغذيات الدقيقة والأمراض غير المعدية المتصلة بالنمط الغذائي) على وجهالخصوص، وتعزيز دور أكثر نشاطًا للشركات الخاصة في توفيرأنماط غذائية صحية للجميع.189،188 وتزداد أدوات التمويل الأخرى التيتستخدمها في كثير من الأحيان الجهات الفاعلة الخاصة، مثل استخدامرأس المال المخاطر في الاستثمارات التكنولوجية؛ ولكن، لم يوجه إلىالتكنولوجيا الزراعية والغذائية في عام 2021 سوى 10 في المائةمن مخصصات رأس المال المخاطر. ولا تزال اعتبارات الأمن الغذائيوالتغذية في هذه الحوافظ الاستثمارية منخفضة ومتركزة بشدة في البلدانالمرتفعة الدخل؛ غير أن هناك اهتمامًا متزايدًا بالممارساتالزراعية التي تحافظ على مزيد من التربة والمياه وتزيد الكثافةالتغذوية في الأغذية.156 فعلى سبيل المثال، أطلقت شركة Tikehauلاستثمارات رأس المال المخاطر صندوقًا للزراعة التجديدية بقيمة ملياريورو بدعم من العديد من شركات الأغذية والتأمين الكبرى. وربطالصندوق 50 في المائة من «الفائدة السلبية» بالتمويل المرتبط بالأثر (انظر القسم 2-5) ويتوقع أن يستفيد من 7 دولارات أمريكيةكحد أدنى من حيث الربحية والمنافع الاجتماعية والبيئية من كلدولار أمريكي واحد يستثمر في الزراعة التجديدية.156

وتتيح الشراكاتبين القطاعين العام والخاص فرصًا لحشد مزيد من المواردوالخبرة الفنية والابتكار والاستفادة منها في مشاريع التنمية الزراعية والريفية.وخلافًا للتمويل المختلط، تعمل الشراكات بين القطاعين العام والخاصطيلة دورة الاستثمار بأكملها؛ وعلى سبيل المثال، يمكن للمؤسسات الماليةالدولية، من خلال الشراكة مع المصارف المحلية وشركات التجميع، تعزيزقدراتها المالية للوصول إلى مزيد من صغار المنتجين والمجتمعات المحليةالريفية المحتاجة. ومن خلال زيادة الإنتاجية الزراعية وتحسين فرص الوصولإلى الأسواق وتعزيز إنتاجية سلسلة القيمة، يؤدي التمويل المشترك معالقطاع الخاص دورًا حاسمًا في زيادة جهود الحدمن الجوع والفقر عن طريق إتاحة فرص جديدة للمزارعين أصحابالحيازات الصغيرة وتيسير التنمية المستدامة في المناطق الريفية.

وعلى سبيلالمثال، تهدف الشراكة بين الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومصرف Hamkorbankإلى التخفيف من حدة الفقر الريفي وتعزيز الأمن الغذائي فيأوزبكستان من خلال توفير فرص حيوية تُمكّن منتجيالألبان والبستنة ذوي الدخل المنخفض من الوصول إلى التمويل. وبفضلقرض بقيمة 2.5 ملايين دولار أمريكي، سيحصل 500 1 من صغارالمنتجين على قروض بالغة الصغر لتمكينهم من زيادة دخلهم وتحسينسُبل عيشهم. ويعالج هذا التعاون واحدًا من التحدياتالحاسمة الأهمية التي يواجهها السكان الريفيون في أوزبكستان التي ظلفيها الدعم المالي للزراعة محدودًا على مر تاريخها. ومنخلال تمكين المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة ودعم أنشطة الأعمال الزراعيةالريفية، يُساهم مصرف Hamkorbank في دفع عجلة التقدم الاقتصاديوالتنمية الزراعية المستدامة، ما يساعد في نهاية المطاف على مكافحةالجوع والفقر في المجتمعات المحلية الريفية في أوزبكستان.190

غيرأن البحوث التي أُجريت مؤخرًا بشأن الشراكات المتصلةبالتغذية بين القطاعين العام والخاص في النُظم الزراعية والغذائيةأكدت أنه إذا لم تتم إدارتها بطريقة سليمة فمن المحتملأن تكون لها آثار سلبية، بما في ذلك تعزيز المصالحالتجارية التي تحوّل الأولويات عن الحلول القائمة على الأدلةالتي تعالج سوء التغذية. وقد تؤدي الشراكات بين القطاعين العاموالخاص أيضًا إلى تحويل الموارد بعيدًا عن خدماتالصحة العامة الأساسية أو قد تؤدي إلى عدم المساواة فيالوصول إلى التدخلات التغذوية، ولا سيما بالنسبة إلى المجتمعات المحليةالمهمَّشة التي قد لا تكون مُربحة للمستثمرين منالقطاع الخاص. وفي حين أن الشراكات بين القطاعين العام والخاصيمكن أن تتيح فرصًا للابتكار، فإن الإدارة والإشراف الدقيقينضروريان للتخفيف من الأضرار المحتملة وضمان أن تظل أهداف الصحةالعامة محور التركيز الرئيسي في مبادرات التمويل من أجل التغذية.وغالبًا ما تفشل الشراكات بين القطاعين العام والخاص بسببالافتقار إلى الحوكمة القوية والأُطر التنظيمية.191

واستجابة لذلك،من الضروري أن تعتمد الحكومات وغيرها من أصحاب المصلحة الرئيسيين،بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني،إطارًا واضحًا لتجنب تضارب المصالح وضمان الحياد والمساءلةوالشفافية في صنع السياسات وتمويل الأغذية والتغذية.175 وهناك عدةأمثلة على أُطر من هذا القبيل يمكن استخدامها وتكرارها.وتُلخص الإرشادات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)بشأن العمل مع قطاع صناعة الأغذية والمشروبات192 عشرة معايير لتوجيهالإجراءات في جميع المجالات البرامجية لليونيسف، بما في ذلك المبادئالمتعلقة بتجنب العمل مع الشركات التي تتدخل في السياسات أوتُنتج أغذية عالية التصنيع.193 ويتواءم تقرير منظمة الصحةالعالمية بشأن الحماية من تضارب المصالح في برامج التغذية194 معإطارها الداخلي للعمل مع الجهات الفاعلة غير الحكومية195 ويبين 6خطوات، يلي كل منها تقييم لدعم السلطات الوطنية في تقريرما إذا كان ينبغي الاستمرار في العمل مع الجهات الفاعلةالخارجية أو إنهاؤه. ويتضمن التقرير إرشادات بشأن إدارة المخاطر المتعلقةبالعمل مع الجهات الفاعلة الخارجية ويؤكد أهمية الرصد والتقييم والمساءلةوالشفافية.194

غير أن القطاع العام يؤدي دورًا أساسيًا في سد الثغرات التي لا تعالجها الجهات الفاعلة ذاتالتوجه التجاري، ولا سيما عن طريق الاستثمار في المنافع العامةوتعزيز القيم الاجتماعية.196 ويمكن للحكومات الوطنية ودون الوطنية (وهذهالأخيرة في حالة البلدان الاتحادية) زيادة حشد إيرادات الضرائب المحلية،وزيادة الإنفاق القطاعي ذي الأولوية على الأمن الغذائي والتغذية، والنظرفي إعادة توجيه الدعم السياساتي (انظر الفصل الرابع). ويبين التحليلالوارد في القسم 1-5 أن البلدان ذات القدرة المحدودة علىالوصول إلى التمويل لا تملك الحيز المالي الكافي لزيادة إيراداتالضرائب، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى مسائل هيكلية ومتصلة بالحوكمة.وفي الوقت نفسه، وبينما تُعزز هذه البلدان الحوكمة والمؤسسات (وهي ضرورة أساسية للحصول على مزيد من خيارات التمويل)، ينبغيتوجيه الاهتمام نحو القضاء على الفساد في تحصيل الضرائب وإدارتهاوالحد من التهرب الضريبي. وبالتوازي مع ذلك، يجب على البلدانالتي تتمتع بالفعل بقدرة أكبر على الوصول إلى التمويل أنتفرض ضوابط أقوى على الملاذات الضريبية وغسل الأموال التي تسمحفي كثير من الأحيان بالتهرب الضريبي من البلدان ذات القدرةالمحدودة على الوصول إلى التمويل.34

ومن التطورات المثيرة للاهتمامأنه منذ ثمانينات القرن العشرين، انخفضت ضريبة دخل الشركات علىالمستوى العالمي، وبدأ نوع من «السباق» بين البلدان لاجتذاب الاستثماراتمن خلال تخفيض الضرائب.198،197 وينخفض متوسط الضرائب على الدخلفي البلدان المرتفعة الدخلب ي و‌و‌و مقارنة بالبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل197 وتقلّ فيها أيضًا المخاطر المالية؛ لذلك، فإن معظم الشركات المتعددة الجنسيات العاملة في جميع أنحاء العالم تقيم مقارها الضريبية في البلدان المرتفعة الدخل بدلًا من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ولمعالجة هذه المسألة التي تؤدي إلى حدوث تجنب ضريبي من جانب الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات (وتؤثر تأثيرًا غير متناسب على البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل)، وضعت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومجموعة العشرين الإطار الجامع المتعلق بتآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح الذي انضمت إليه حاليًا 138 ولاية قضائية. ويتألف الاتفاق من ركيزتين: الأولى هي «إعادة تخصيص حقوق فرض الضرائب على حصة من الأرباح في الولايات القضائية للأسواق،»198 والثانية هي فرض ضريبة عالمية دنيا على أرباح الشركات المتعددة الجنسيات التي تتجاوز 750 مليون يورو وتهدف إلى ضمان دفع 15 في المائة كحد أدنى من الضريبة الفعلية في كل بلد تعمل فيه شركة متعددة الجنسيات.198 وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق لم يُنفذ بعد، تبين دراسة أجراها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أن تنفيذ الضريبة العالمية التي تتناولها الركيزة الثانية يمكن أن يزيد بشكل كبير من إيرادات الضرائب لجميع البلدان، مع مبادلة خفض الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 2 في المائة في القطاعات الخاضعة للضريبة.197

وأخيرًا، من الضروري تحسين شفافية هيكل التمويل الدولي لتعزيز التنسيق والكفاءة بين مختلف الجهات الفاعلة في النظام. ويلزم على المستوى العالمي تحسين البيانات من أجل نظام محاسبي أفضل لفهم مقدار التمويل المتاح لدعم الأهداف المتفق عليها دوليًا، مثل الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة. وعلاوة على ذلك، تُساهم مواءمة معايير جميع البيانات على المستويين الوطني والعالمي وإتاحتها في تعزيزشفافية التمويل وتوجيهه (انظر الإطار 17).35 وينبغي للبلدان على المستوى الوطني أيضًا أن تعمل على تعزيز نُظم إدارة التمويل العام التي يمكن أن تزيد من القدرة على تتبّع تدفقات التمويل وتنسيقها بين القطاعات والشركاء في التنمية.

الإطار 17الاستفادة منالأدوات لتتبع التقدم المحرز في التمويل من أجل الأمن الغذائيوالتغذية والنظم الزراعية والغذائية

تتسم الأدوات والتحليلات التي تدعم توجيهمخصصات التمويل العام نحو أهداف محددة، وتتبع التقدم المحرز فيحشد تدفقات التمويل الموجهة نحو تحويل النُظم الزراعية والغذائيةمن أجل تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنميةالمستدامة بأهمية حاسمة؛ وتشمل هذه الأدوات الذكاء الاصطناعي ونُظمالبيانات (انظر القسم 4-1). وتمثّل أداة قياس التدفقات الماليةالموجهة إلى النظم الغذائية (3FS) أداة تتبع مالي شارك فيتطويرها الصندوق الدولي للتنمية الزراعية والبنك الدولي بالتعاون مع مركزالأمم المتحدة لتنسيق النُظم الغذائية ونُظم الدعم الإيكولوجية.*وتوفّر هذه الأداة للبلدان وأصحاب المصلحة منهجية تُساعدصانعي القرار على تتبّع تدفقات التمويل إلى النُظمالزراعية والغذائية على المستوى القطري والعالمي بطريقة شاملة. واستنادًاإلى تعريف النُظم الغذائية الذي وضعه فريق الخبراء الرفيعالمستوى المعني بالأمن الغذائي والتغذية، وتماشيًا مع تصنيف وظائفالحكومة، تقيس هذه الأداة تدفقات التمويل إلى النُظم الزراعيةوالغذائية بطريقة منهجية تشمل خمسة من مكونات الإنفاق المترابطة: التنميةالزراعية وسلاسل القيمة، والبنية التحتية للنُظم الغذائية، والتغذية والصحة،والمساعدة الاجتماعية، بما في ذلك المساعدة في حالات الطوارئ، وتغيُّر المناخ والموارد الطبيعية. وتستند الأداة إلى استراتيجية تمويل أهدافالتنمية المستدامة وتتتبع ثلاثة من تدفقات التمويل إلى النُظمالزراعية والغذائية: الإنفاق العام المحلي، والتمويل الإنمائي الدولي، وتمويل القطاعالخاص.

ويتمثل الهدف العام لهذه الأداة في تحريك عجلة تدفقاتالتمويل العام والخاص التحويلي المخصص للنُظم الزراعية والغذائية، وتزويدالحكومات والشركاء في التنمية والمستثمرين من القطاع الخاص وأصحاب المصلحةبالأدلة التي تشتد الحاجة إليها بشأن تدفقات التمويل إلى النُظم الزراعية والغذائية والتقدم المحرز والتحديات، ذلك أن الحصول علىأدلة جديدة وجيدة التوقيت ضروري للاسترشاد بها في عملية صنعالقرار. وبدأ تطبيق منهجية التدفقات المالية إلى النُظم الغذائيةمن أجل تتبّع الإنفاق المحلي وتدفقات التمويل الإنمائي الدوليإلى النُظم الزراعية والغذائية، في حين أن منهجية تدفقاتالتمويل من القطاع الخاص لا تزال قيد التطوير.

وفي مجالالمعونة الإنسانية، يُقدمتقرير تدفقات التمويل والأزمات الغذائية167 لمحةسريعة عن اتجاهات التمويل الإنساني والإنمائي في سياق الأزمات الغذائية.ومن الضروري فهم هذه الاتجاهات للاسترشاد بها في عملية صنعالقرار وتشجيع الحوار بشأن السياسات من أجل تعزيز التنسيق بينالشركاء. وفي حين أن المساعدات الإنسانية حاسمة الأهمية للإغاثة العاجلة،لا بدّ من بذل جهود منسقة لمعالجة الأسباب الجذرية الكامنةوراء الأزمات الغذائية والحد من الاعتماد على المعونة الإنسانية.167

ومن الأهمية الحاسمة أيضًا رسم ملامح المشهد المالي للنُظم الزراعية والغذائية من أجل التغذية. ومن الأمثلة على ذلكمنهجية تعزيز التغذية لتحديد وتحليل الاستثمارات المراعية للتغذية في النُظم الزراعية والغذائية؛ ونشرت منظمة الأغذية والزراعة في عام 2020مذكرة توجيهية تبيّن تفاصيل هذه الطريقة.199 وتم تكييفهذه الطريقة وتنفيذها في عشرة بلدان. واستُخدمت مؤخرًاللاسترشاد بها في إعادة توجيه الموارد المالية نحو دعم الأنماطالغذائية الصحية في إثيوبيا.

وبصورة أعم، فإن سرعة وتيرة تطوروتبني تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، ولا سيما الذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذجالمتعددة الوسائط، يتيح الآن معالجة وتحليل كميات هائلة من التقاريروالبيانات والسياسات المتعلقة بالنُظم الزراعية والغذائية من أجل الكشفعن الرؤى القيّمة المستمدة من مختلف أشكال البيانات باستخدامأدوات التحليل المتقدمة.200 ولكن، كما هو موضح في هذاالتقرير، لا يمكن الاستفادة من هذه الأدوات المبتكرة استفادة كاملةما لم تتوافر بيانات عن تدفقات التمويل من أجل الأمنالغذائي والتغذية، وهو ما لا يحدث حاليًا. ولذلك، فيحين أن هذه الأدوات تتيح فرصًا مهمة لتوجيه أصحابالمصلحة الماليين ومقرري السياسات المالية، لا يمكن التغاضي عن أهميةالتزام المجتمع الدولي بجمع البيانات المالية وتوحيدها بوصفها منفعة عامةعالمية.

ملاحظة: * أجرى الصندوق الدولي للتنمية الزراعية والبنك الدولي مشاورات مع مجموعة استشارية استراتيجية مؤلفة من خبراء من معهد البلدان الأمريكية للتعاون في ميدان الزراعة، والتحالف العالمي لتحسين التغذية، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، ومبادرة التحول الزراعي الأفريقي، بالتعاون مع شركة McKinsey & Company، وحركة تعزيز التغذية، والتحالف من أجل ثورة خضراء في أفريقيا، ومنظمة AKADEMIYA2063، وشبكة تمويل الأغذية الجيدة، ومؤسسة 4SD

وينبغي أن يدعو أصحاب المصلحة الماليون إلى إنشاء مراكز مركزية للمعارف العامة تُصمم كمنافع عالمية عامة حاسمة الأهمية للحد من المخاطر المتصورة للاستثمارات المخصصة لتحقيق الأمن الغذائي والتغذية.100،35 ولتحقيق ذلك، سيكون من الضروري إقامة تعاون بين أصحاب المصلحة في مجالي التمويل والتنمية، مثل هيئات البحوث وخدمات الإرشاد ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية. ويمكن توجيه هذا التعاون من خلال آليات أصحاب المصلحة المتعددين لوضع منهجيات وبلورة رؤى مشتركة بشأن آليات التمويل المبتكرة الموجهة لسد الفجوة في التمويل. وينبغي تيسير نشر المعارف بفعالية عن طريق مراكز معرفية منسقة استراتيجية وممولة من القطاع العام، بما يكفل إمكانية الوصول إليها واستخدامها على نطاق واسع.81 وبالإضافة إلى ذلك، فإن مواءمة النُظم المحاسبية وضمان توافر البيانات وقياس مستوى مواءمة أنشطة التمويل مع أهداف التنمية المستدامة هي من بين الأنشطة ذات الأولوية التي يتعيّن إجراؤها. واتخذت البلدان حاليًا خطوات في هذا الاتجاه أكثر من الخطوات التي اتخذتها الجهات الفاعلة المتعددة الأطراف.142 وسيتطلب سد النقص في المعلومات خطوات جريئة من المجتمع الدولي؛ ولا سبيل إلى الحصول على تقديرات وتوقعات واقعية بشأن احتمال تحقيق الأهداف الإنمائية من دون تلك الجهود.

back to top