- ➔ يلزم بشكل عاجل إيجاد حلول مبتكرة وأكثر شمولًا وإنصافًا لزيادة التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية في البلدان التي ترتفع فيها مستويات الجوع وانعدام الأمن الغذائي و/أو سوء التغذية وتعاني من قيود مهمة تحول دون الحصول على تدفقات التمويل الميسورة الكلفة. ولا تتاح خيارات تمويل كثيرة إلّا لعدد قليل (37 في المائة) من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل البالغ عددها 119 بلدًا.
- ➔ يبلغ معدل انتشار النقص التغذوي ومعدل التقزّم لدى الأطفال دون سن الخامسة في العادة مستويات أعلى بكثير في البلدان ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل. ويبلغ معدل الوزن الزائد لدى الأطفال دون سن الخامسة مستويات أعلى في البلدان التي تمتلك قدرة أكبر على الوصول إلى التمويل.
- ➔ تتأثر عمومًا البلدان ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل بواحد أو أكثر من المسببات الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، لا سيما الأحوال المناخية القصوى وكذلك النزاعات، ما يتيح فرصًا للاستفادة من أنشطة التمويل المناخي والإنساني لتمويل الأمن الغذائي والتغذية. وبالنسبة إلى هذه البلدان، تمثّل المنح أو القروض الميسرة الخيار الأنسب لتوسيع نطاق التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية، ويمكن تعزيز تأثيرها من خلال شراكات التمويل التعاوني كجزء من استراتيجيات التمويل المختلط.
- ➔ يمكن للبلدان ذات القدرة المعتدلة على الوصول إلى التمويل أن تعتمد اعتمادًا أكبر على إيرادات الضرائب المحلية بسبب اتساع قاعدتها الضريبية وقوة مؤسساتها العامة. ويمكن لحكوماتها زيادة الإيرادات عن طريق زيادة الضرائب الصحية لتشجيع استهلاك الأنماط الغذائية الصحية.
- ➔ يمكن للبلدان التي لديها قدرة عالية على الوصول إلى التمويل أن تستفيد من المجموعة المتزايدة من أدوات التمويل الواعدة، مثل أدوات التمويل الأخضر، والتمويل الاجتماعي، وتمويل الاستدامة، والسندات المرتبطة بالاستدامة، التي يمكن أن تشمل أيضًا أهداف الأمن الغذائي والتغذية.
- ➔ سيكون لجعل أدوات التمويل المبتكرة أيسر منالًا للفئات السكانية التي تواجه قيودًا في الحصول على الخدمات المالية، مثل النساء، والشعوب الأصلية، والمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، وشركات الأغذية الزراعية الصغيرة والمتوسطة الحجم، دور أساسي في نجاح تمويل الأمن الغذائي والتغذية.
- ➔ تتسم بنية تمويل الأمن الغذائي والتغذية الحالية بالتجزؤ الشديد. وقد ازداد عدد البلدان المانحة والمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف ومؤسسات التمويل الإنمائي والمؤسسات المالية الدولية والمؤسسات الخيرية، ولكن نشأت عن ذلك تحديات في التنسيق، ليس فقط بالنسبة إلى هذه الجهات الفاعلة، بل أيضًا بالنسبة إلى البلدان المتلقية التي لا تؤخذ أولوياتها السياسية والمالية في جميع الأحيان في الاعتبار.
- ➔ تنظر الجهات الفاعلة التجارية الخاصة إلى الاستثمار في الأمن الغذائي والتغذية على أنه ينطوي على مخاطر، كما أن غياب البيانات والشفافية في القطاع المالي لا يسهّل تحديد «جدوى الاستثمار» لتحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة.
- ➔ تحتاج بنية تمويل الأمن الغذائي والتغذية إلى التحوّل من نهج العمل المنعزل إلى منظور أكثر شمولًا يمثل فيه الأمن الغذائي والتغذية بالنسبة إلى أصحاب المصلحة هدفًا سياساتيًا وحيدًا يشكل جزءًا لا يتجزأ من تدفقات التمويل والاستثمارات الأوسع نطاقًا.
- ➔ يجب مراعاة أولويات سياسات الجهات الفاعلة الوطنية والمحلية أثناء بناء السردية الجديدة لبنية مُعزِّزة لتمويل الأمن الغذائي والتغذية. وينبغي أن تأخذ المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف ومؤسسات التمويل الإنمائي والمؤسسات المالية الدولية زمام المبادرة في توسيع نطاق التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية، وزيادة تحمّلها للمخاطر، وزيادة مشاركتها في أنشطة الحد من المخاطر.
- ➔ ينبغي للقطاع العام أن يسدّ الثغرات التي لا تعالجها الجهات الفاعلة ذات التوجه التجاري، وذلك بشكل أساسي من خلال الاستثمار في المنافع العامة وتعزيز القيم الاجتماعية، ما يتطلب الاعتماد على إيرادات الضرائب، والحد من الفساد والتهرب الضريبي، وزيادة الإنفاق على الأمن الغذائي والتغذية، وإعادة توجيه دعم السياسات.
- ➔ من الضروري لتعزيز التنسيق والكفاءة بين مختلف أصحاب المصلحة تحسين الشفافية، وسيتطلب ذلك مواءمة معايير جمع البيانات على المستويين الوطني والعالمي وإتاحة البيانات، وهو أمر حاسم الأهمية، بدوره، لتوجيه التمويل نحو البلدان الأكثر تضررًا من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والمسببات الكامنة وراءهما.
1.5 توسيع نطاق تدفقات التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية
ما هي مستويات القدرة على الوصول إلى التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية وما الذي يحدد مستوى البلد؟?
محددات الوصول إلى التمويل على المستوى الوطني
يبعث انتشار انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وشدة تأثير المسبباتالكامنة وراءهما في العالم على القلق (الفصل الثالث). وفي الوقتنفسه، فإن استمرار اتساع الفجوة بين التمويل الحالي والتمويل اللازملتحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة (الفصلالرابع) يجعل التحدي أكثر إلحاحًا: كيف يمكن لجميع أصحابالمصلحة المعنيين بتمويل الأمن الغذائي والتغذية أن تزيد التمويل للبلدانالأكثر تضررًا من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، التيهي أيضًا في الوقت نفسه البلدان الأكثر تضررًامن المسببات الرئيسية الكامنة المتعددة؟
ويمثّلالدخل القومي أحدأهم المتغيّرات التي تحدد قدرة البلدان على الوصول إلىالتمويل. وتواجه البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بطبيعة الحال حواجز أكثرمما تواجهه البلدان المرتفعة الدخل في الحصول على تدفقات التمويل،لأن الدخل القومي مؤشر على قدرة البلد على سداد الديون.وعلى سبيل المثال، يستخدم البنك الدولي نصيب الفرد من الدخلكمؤشر رئيسي لتحديد ما إذا كانت البلدان جزءًا منالمؤسسة الدولية للتنمية، وهي فرع البنك الدولي الذي يوفر التمويلالميسر لأفقر البلدان2،1 بينما تركز تدفقات التمويل التي يحشدها صندوقالأمم المتحدة للمشاريع الإنتاجية على أقلّ البلدان نموًا فيالعالم.ذ،4
وبالإضافة إلى الدخل القومي، فإنمستوى مديونيةالبلد هو بلا شك متغيّر رئيسي من متغيرات التقييم.ومن غير المرجح أن تتلقى البلدان المثقلة بالديون مزيدًامن الموارد من مصادر خارجية، ولا تتلقى بالتأكيد موارد منأصحاب المصلحة من القطاع الخاص (النظم المصرفية وأسواق رأس المالوغيرها)، كما أنها لا تتلقى تدفقات تمويل غير ميسر منأصحاب المصلحة الآخرين مثل مؤسسات التمويل الإنمائي أو المؤسسات الماليةالدولية.ض وعلى سبيل المثال، يقيّم البنك الدولي وصندوقالنقد الدولي قدرة البلدان على تحمّل الديون من أجلاتخاذ القرارات المتعلقة بتخصيص التمويل الميسر للبلدان المنخفضة الدخل والبلدانالمتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا في شكل منح أو قروض.5
وتحدّ مستويات الديون التي لا يمكن تحمّلها، ولاسيما عندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة، من الاستثمارات العامة التيتشتدّ حاجة البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل إليها فيقطاعات التنمية الأساسية؛ وتنشأ أيضًا عن هذه القيود حالةمن عدم اليقين يمكن أن تقوّض النمو الاقتصادي.6وتثقل مستويات خدمة الديون كاهل البلدان المدينة بشكل متزايد ويمكنأن تقيّد خيارات الإنفاق العام. فعلى سبيل المثال، تزدادخدمة الدين الخارجي لأفريقيا، وتشير التوقعات إلى أنها يمكن أنتصل إلى ذروة تبلغ 74 مليار دولار أمريكي في عام2024. 7 وفي حين أن البلدان المعرّضة لخطر المديونية الحرجةلا تواجه جميعها بالضرورة انتشارًا كبيرًا للنقص التغذويوانعدام الأمن الغذائي والأعباء المتعددة الناجمة عن سوء التغذية، فإنالحالة قد تزداد سوءًا عند مواجهة هذه المسائل فيآن واحد: ففي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي تخلّفبلد ما عن سداد ديونه إلى انكماش اقتصادي وارتفاع فيأسعار الأغذية، وهو ما يمكن بالتأكيد أن يزيد من احتمالاتالمعاناة من انعدام الأمن الغذائي و/أو الإصابة بسوء التغذية.8
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثرجودة الحوكمة علىقدرة البلد على الوصول إلى التمويل. وحتى في سياقات ارتفاعمستوى المديونية و/أو انخفاض مستوى الدخل، يمكن أن تؤثرقدرة وفعالية المؤسسات الوطنية وسيادة القانون والمساءلة والشفافية وجودة اللوائحعلى نتائج قرارات التمويل. والواقع أن المؤسسات المالية مثل البنكالدولي وصندوق النقد الدولي تأخذ بالفعل في الاعتبار جودة الحوكمةفي تقييماتها للبلدان.أأغ وتمثّل الحوكمة أيضًا عاملًا رئيسيًا في معالجة المسببات الرئيسية لانعدام الأمن الغذائيوسوء التغذية، ويمكنها تسريع بناء القدرة على الصمود في وجههذه المسببات الكامنة من خلالتنفيذ سياسات واستثمارات وتشريعات سليمة؛10وهي شرط أساسي معترف به على نطاق واسع لتوسيع نطاقتدفقات التمويل المختلفة مثل الإيرادات المحلية11 أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة،12 بل وتعد عاملًا مهمًا للوصول بإمدادات الأغذيةالوطنية إلى المستوى الكافي.13 ولذلك، من الضروري تعزيز الحوكمةوالمؤسسات الوطنية - ليس فقط لزيادة قدرة البلدان على الوصول إلىالتمويل، بل أيضًا لتمكينها من استخدام الموارد المالية بفعاليةلتحقيق الأمن الغذائي والقضاء على سوء التغذية بجميع أشكاله.
وأخيرًا، تزداد أهمية مستوىالرقمنة في تحسين الوصول إلى التمويل،14 وأظهرت الدراسات أن استثمارات البلدان في الرقمنة يمكن أنتعزز النمو الاقتصادي وفرص العمل وجودة الحوكمة.15 وتدعم الرقمنةأيضًا تعزيز مستويات تتبّع تدفقات التمويل، ما قديؤدي إلى مستويات أعلى من الشفافية وزيادة الثقة بين أصحابالمصلحة الماليين، وبالتالي تحسين قدرة البلدان على الوصول إلى التمويل.ويمكن لمستويات الرقمنة المرتفعة أن تسهّل علىأصحاب المصلحةالماليين اتخاذ قراراتهم بشأن الاستثمار، ولا سيما في الحالات التيلا تزال تحتاج فيها المحددات الأخرى لقدرة البلدان على الوصولإلى التمويل إلى تحسين.
ويرد في الشكل 30 عرض لاستخدامهذه المتغيّرات في إنشاء ثلاث مجموعات لتقييم قدرة البلدانعلى الوصول إلى التمويل. وحُددت ثلاثة مؤشرات للمتغيّراتالأربعة التي نوقشت أعلاه: (1) مجموعات البنك الدولي للبلدان والإقراض؛ (2) وإطار البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المتعلق بقدرة البلدانالمنخفضة الدخل على تحمّل الدين؛ (3) وإطار القدرة علىتحمّل الديون والمخاطر السيادية للبلدان القادرة على النفاذ إلىالأسواق. وفي ما يتعلق بالبلدان التي لا تقيّم منخلال الإطار المتعلق بقدرة البلدان المنخفضة الدخل على تحمّلالدين أو إطار القدرة على تحمّل الديون والمخاطر السياديةللبلدان القادرة على النفاذ إلى الأسواق بالإضافة إلى مجموعات البنكالدولي للبلدان والإقراض، تستخدم الديون القصيرة الأجل كنسبة مئوية منالاحتياطيات الإجمالية لتقييم مستوى الدين؛ وتستخدم خمسة من ستة منمؤشرات البنك الدولي للحوكمة العالميةأب ظ لتقييم جودة الحوكمة؛ ويستخدم مؤشر البنك الدولي للتبني الرقمي لتقييم مستوى الرقمنة.أج أأ
الشكل 30 ملخص منهجية تقييم قدرة البلدان على الوصول إلى التمويل

* الإطار المتعلق بقدرة البلدان المنخفضة الدخل على تحمّل الدين وإطار القدرة على تحمّل الديون والمخاطر السيادية للبلدان القادرة على النفاذ إلى الأسواق مؤشران مركبان يأخذان في الاعتبار عدة متغيّرات ذات صلة بتقييم قدرة البلدان على الوصول إلى التمويل، بما في ذلك تقييمات الحوكمة والشفافية.
المصدر: من إعداد المؤلفين (منظمة الأغذية والزراعة).
هل لدى البلدان التي تعاني من مستويات عالية من الجوعوانعدام الأمن الغذائي وتقزّم الأطفال والوزن الزائد في مرحلةالطفولة، بما في ذلك البلدان المتأثرة بالمسببات الرئيسية الكامنة وراءذلك، القدرة على الوصول إلى التمويل من أجل الأمن الغذائيوالتغذية؟
ترد في الجدول 18 نتائج تطبيق المنهجية الموضحة في الشكل 30، بالاقتران مع بيانات مؤشرات الأمن الغذائي والتغذية والبلدانالمتأثرة بالمسببات الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.أد بب
الجدول 18مدى قدرة البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط على الوصول إلى التمويل، مع مراعاة مؤشرات الأمن الغذائي والتغذية ودوافعهما الرئيسية

المصدر: من إعداد المؤلفين (منظمة الأغذية والزراعة).
ويبيّن الجدول 18 الحاجة الملحة لإيجاد حلول مبتكرة لتوسيع نطاق التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. فثلاثة وستون في المائة من هذه البلدان لديها قدرة محدودة أو متوسطة على الوصول إلى التمويل، أه جج في حين أن أقلية منها (37 في المائة) لديها قدرة عالية. ويبلغ متوسط معدل انتشار النقص التغذوي مستويات أعلى بكثير في البلدان ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل (23.1 في المائة) مقارنة بالبلدان ذات القدرة المتوسطة والعالية على الوصول إلى التمويل (10.4 في المائة و6.9 في المائة على التوالي). ويلاحظ اتجاه مماثل لانتشار التقزّم لدى الأطفال دون سن الخامسة، على الرغم من أن متوسط انتشار التقزّم في البلدان ذات القدرة المحدودة والمتوسطة على الوصول إلى التمويل (23.9 في المائة و20.9 في المائة على التوالي) أقرب بكثير من متوسط معدل انتشار التقزّم في البلدان ذات القدرة المحدودة والمتوسطة على الوصول إلى التمويل (23.9 و20.9 على التوالي). وتتماشى هذه النتائج مع الاستنتاجات التي خلص إليهاالفصل الرابع، والتي تؤكد وجود ارتباط عكسي بين الإنفاق الحكومي المحلي العام على الزراعة ومعدل انتشار النقص التغذوي والتقزّم. وكما يناقش في القسم التالي، فإن البلدان ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل لديها إمكانات أقلّ لزيادة الإنفاق العام، وبالتالي، فإن مستويات الإنفاق الحالي لديها ربما تكون منخفضة. وبالمثل، يتبع متوسط الوزن الزائد لدى الأطفال دون سن الخامسة النمط نفسه الذي توصلت إليه الاستنتاجات الواردة في الفصل الرابع: كلما زادت القدرة على الوصول إلى التمويل (أو الإنفاق المحلي العام على الزراعة)، ارتفعت مستويات الوزن الزائد لدى الأطفال.
ومن ناحية أخرى، تتأثر نسبة 74 في المائة من جميع البلدان المشمولة بالتحليل بمسبب رئيسي واحد أو بعدة مسببات رئيسية، وتوجد لدى نسبة 66 في المائة من هذه البلدان قدرة محدودة أو متوسطة على الوصول إلى التمويل (معظمها محدودة القدرة، 42 في المائة). ومن بين البلدان المتأثرة بالمسببات الكامنة تُشكل الأحوال المناخية القصوى المسبب الرئيسي الأكثر انتشارًا على جميع المستويات - قدرة محدودة (75 في المائة، منفردة أو بالاقتران مع مسببات أخرى)، ومتوسطة (76 في المائة) أو عالية (80 في المائة) من القدرة على الوصول إلى التمويل - وهو أمر متوقع بالنظر إلى أن الأحوال المناخية القصوى هي المسبب الأكثر شيوعًا، على النحو الذي تناوله التحليل الوارد في الفصل الثالث. وفي ما يتعلق بالبلدان ذات القدرة المعتدلة أو العالية، لا يوجد فرق بين النزاع والتباطؤ الاقتصادي: 28 في المائة من البلدان ذات القدرة المعتدلة على الوصول إلى التمويل تتأثر بالنزاع أو بالتباطؤ الاقتصادي، منفردين أو مجتمعين، وبالنسبة إلى البلدان ذات القدرة العالية، تزداد هذه النسبة لتصل إلى 36 في المائة. غير أنه بالنسبة إلى البلدان ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل، فإن عدد البلدان المتأثرة بالنزاع (48 في المائة) يفوق عدد البلدان المتأثرة بالتباطؤ الاقتصادي (35 في المائة). وفي الواقع، كما هو ملاحظ في الجدول 18، عبر جميع فئات القدرة على الوصول إلى التمويل، وبالنسبة إلى جميع مجموعات المسببات، يؤثر النزاع على البلدان ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل أكثر من البلدان التي لديها خيارات تمويل معتدلة أو عالية.
ويُبرر ارتفاع نسبة البلدان المتأثرة بما لا يقلّ عن مسبب رئيسي واحد تعميم أهداف الأمن الغذائي والتغذية في تمويل القطاعات الأخرى التي لا تشمل فيها الأولويات دائمًا تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة. وبالنظر إلى أن الظروف المناخية القصوى هي المسبب الأكثر انتشارًا في جميع مجموعات البلدان، فإن فرصة إيجاد أوجه تآزر بين أهداف الأمن الغذائي والتغذية والمناخ ستكون ضرورية لتوسيع نطاق الموارد الكافية لسد الفجوة في التمويل. ومن ناحية أخرى تتطلب أهمية النزاع كمسبب في البلدان التي تعاني من قدرة محدودة على الوصول إلى التمويل تعزيز العلاقة الترابطية بين العمل الإنساني والتنمية والسلام، وكذلك سد الأفق القصير الأجل للعمليات الإنسانية باستخدام المنظور القصير الأجل المطلوب للاستثمارات الموجهة نحو القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. وبالإضافة إلى ذلك، يؤكد ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي والتقزّم في البلدان ذات القدرة المحدودة أو المتوسطة على الوصول إلى التمويل الحاجة الملحة إلى زيادة تدفقات التمويل من أجل القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. ويفتح ذلك، إلى جانب ارتفاع معدل انتشار الوزن الزائد لدى الأطفال في البلدان ذات القدرة العالية على الوصول إلى التمويل، نافذة أدوات التمويل المبتكرة التي قد تُراعي الأهداف المتصلة بالمقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة في تصميمها وتنفيذها.
غير أن الظروف التي تحد من إمكانية الوصول إلى التمويل في معظم هذه البلدان تحد من فرصة إيجاد هذا التآزر واغتنام هذه الفرص. وكما جاء أعلاه، تواجه معظم البلدان المشمولة بالتحليل تحديًا مزدوجًا يتمثل في القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، فضلًا عن بناء القدرة على الصمود في وجه المسببات الرئيسية الثلاثة، في ظروف مالية غير مؤاتية، بسبب قدرتها المحدودة أو المعتدلة على الوصول إلى التمويل. فكيف تؤثر هذه الظروف على تصور المخاطر لدى أصحاب المصلحة الماليين، وما هي البدائل المتاحة لهذه البلدان لزيادة خيارات التمويل بفعالية من أجل تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة؟
ما هي أدوات التمويل المتاحة والأقلّ كلفة، تبعًا لقدرة البلد على الوصول إلى التمويل، من أجل سد الفجوة في التمويل لتحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة؟
من الضروري توسيع نطاق تدفقات التمويل الموجهة إلى البلدان التي تعاني من أعلى مستويات الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية و/أو البلدان الأكثر تضررًا من المسببات الرئيسية. وعلى سبيل المثال، فإن آسيا وأفريقيا، في ضوء المساعدة الإنمائية الرسمية فقط، تلقتا معظم المساعدة الإنمائية الرسمية الموجهة إلى الزراعة في السنوات الأخيرة، دد وهو أمر متوقع لأن معظم الجياع ومن يعانون من انعدام الأمن الغذائي يعيشون في هذه الأقاليم. وفي ما يتعلق باحتياجات الميزانية من الجهات المانحة الخارجية، توجد جميع البلدان ذات الأولوية العالية (أي البلدان التي تعتمد أكثر من 50 في المائة من ميزانياتها على الجهات المانحة) في أفريقيا.17 وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تكون زيادة التمويل متسقة مع خارطة الطريق العالمية لتحقيق الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة من دون تجاوز عتبة 1.5 درجات مئوية،18 لضمان حصول الجميع على أغذية كافية ومغذية اليوم وغدًا.أزهه
ولكن البلدان الأكثر احتياجًا، من حيثمستويات الجوع وانعدام الأمن الغذائي وكذلك من حيث كيفية تأثرهابالمسببات الرئيسية، تواجه في معظم الحالات قيودًا هيكلية تحولدون زيادة التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية، كما هومبيّن في الجدول 18. وحتى إذا كانت جميع البلدان،من الناحية الرسمية، تستطيع الوصولإلى معظم الخيارات الحالية للتمويل،فإن قدرتها على الوصول إلى التمويل تحرّكها مستويات المخاطرالمالية المتصورة والكلفة المرتبطة بها (انظر الشكل 31). ويؤدي الابتعادالواضح لجميع أصحاب المصلحة الماليين عن المخاطرة، ولا سيما فيحالة الجهات الخاصة ذات التوجه التجاري، إلى عدم إمكانية مشاركتهمعمليًا في الاستثمار في البلدان الأكثر عرضة للمخاطر المالية.
الشكل 31 تدرّج المخاطر بالنسبة إلى أصحاب المصلحة الماليين

وعندما ينخفض مستوى الثقة في قدرة البلدان علىسداد القروض (وبالتالي ارتفاع المخاطر المالية)، تنخفض القدرة على تحمّل كلفة تدفقات التمويل.وو ولذلك، فإن البلدان ذات القدرةالمحدودة على الوصول إلى التمويل قد تعتمد فقط على المِنح أو القروض المنخفضة الفائدة أو من دون فائدة منخلال التدفقات الإنمائية الدولية (مثل المساعدة الإنمائية الرسمية)، نظرًالأن أدوات التمويل الأخرى قد لا تكون متاحة - أو بعبارةأدق، قد لا يكون أصحاب المصلحة الماليون مهتمين بسبب ارتفاعالمخاطر المالية للبلد (انظر الشكل 31 والشكل 32). ومن غيرالمرجح أن تُشارك الجهات الفاعلة الخاصة ذات التوجه التجاريفي الاستثمار في هذه البلدان لأن مخاطرها مرتفعة، ما يؤثر،على سبيل المثال، على كلفة الاقتراض. ولا توجه تدفقات التمويلعلى الأرجح إلّا إلى الشركات الكبيرة و/أو الجهاتالفاعلة الموجهة نحو التصدير، وحتى في هذه الحالات، قد تعتبرهذه الكيانات استثمارات محفوفة بمخاطر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الوعاءالضريبي المنخفض في العديد من هذه البلدان - بسبب جملة أمورتشمل عوامل هيكلية إلى جانب وجود بيئة غير رسمية فيالغالب لا تُساعد علىتحصيل الضرائب، وضعف الحوكمة، تجعلمن الصعب الاستثمار العام باستخدام الموارد المحلية.11
الشكل 32 ما هي الأدوات والآليات المالية الأكثر ملاءمة في السياق القطري؟

ويمكن أن يؤدي اعتماد البلدان ذات القدرة المحدودةعلى الوصول إلى التمويل اعتمادًا كبيرًا على التمويلالميسّر إلى النظر في بعض المفاضلات المحتملة. وعلى سبيلالمثال، تناول بعض العلماء إمكانية أن يؤدي توسيع نطاق التمويلالميسّر (مثل المِنح والقروض المقدمة من دون فوائد)إلى «المرض الهولندي»،زز ما يؤكد الحاجة إلى إيجاد قدراتفي الحكومات الوطنية لاستيعاب هذه الموارد وإنفاقها، ولا سيما إنفاقهاعلى الاستثمارات العامة والسلع الرأسمالية.22 وبالمثل، فإن توجه التمويلالميسّر في حد ذاته مهم لتحقيق المقصدين 2-1 و2-2من مقاصد أهداف التنمية المستدامة. ولوحظ في عينة من 95بلدًا من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أن زيادة بنسبة10 في المائة في بعض فئات المساعدة الإنمائية الرسمية المتصلةبالأمن الغذائي والتغذية أي حح يمكن أن تحد من الجوع بنسبة 1.1 في المائة، في المتوسط بعد عامين من صرف تدفقات التمويل.23
ويمكن أن يؤثر الاعتماد الكبير على التمويل الميسّر أيضًا على اتجاهات مصادر التمويل الأخرى. فعلى سبيل المثال، تبيّن من إحدى الدراسات وجود علاقة عكسية بين مِنح المساعدة الإنمائية الرسمية وإيرادات الضرائب، ولا سيما في البلدان المنخفضة الدخل.24 وكشفت دراسة أخرى25 عن أن بعض المِنح المقدمة من خلال التدفقات الإنمائية الدولية تشمل شروطًا، مثل زيادة إيرادات الضرائب بمرور الوقت وخفض الديون الخارجية من خلال الاقتراض. ولكن، كما جاء أعلاه، فإن البلدان ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل في معظم الحالات لا تستطيع زيادة إيرادات الضرائب. ولذلك، يمكن أن يؤدي انخفاض الاقتراض في بلد ما وعدم القدرة على زيادة إيرادات الضرائب إلى انخفاض الموارد المتاحة، ويمكن أن يؤدي إلى انخفاض الإنفاق عن المتوقع في القطاع الذي توجه إليه المِنحة.
وترتفع مستويات الديون السيادية في البلدان ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل، ويتعيّن عليها إنفاق مبالغ كبيرة من إيراداتها العامة على خدمة الديون. وبالنسبة إلى هذه البلدان، يمكن لعمليات مبادلة الديون وتدابير تخفيف أعباء الديون أن تسمح بإعادة تخصيص الموارد للأمن الغذائي والتغذية.أكطط
والخلاصة أن دور الجهات المانحة والمؤسسات الإنمائيةالأخرى في تقديم التدفقات الإنمائية الدولية ضروري لسد الفجوة فيالتمويل من أجل تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهدافالتنمية المستدامة. وأما في البلدان ذات القدرة المعتدلة على الوصولإلى التمويل فإن استخدام التمويل الميسّر والأدوات الموجهة نحوالتجارة باتباع نهج التمويل المختلطأل يي سيظل ضروريًا للتخفيف من مخاطر الاستثمارات وتوفير الحوافز المناسبة التي تُشجع الجهات الفاعلة من القطاع الخاص على المشاركة في هذه الأسواق. غير أنه من المتوقع، في الوقت الذي تتجه فيه الجهات الفاعلة من القطاعين العام والخاص نحو مستويات أدنى من المخاطر، أن تتمكن تدريجيًا من زيادة مشاركتها، ما يتيح مزيدًا من تدفقات التمويل (أي الأقل كلفة).
ومن المجدي أكثر في البلدان ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل حشد إيرادات الضرائب المحلية (انظر الشكل 32). ويمكن لتعميق الوعاء الضريبي أن يقلل من اعتماد بعض البلدان على التمويل الميسّر (أو القروض التجارية والديون)، ويمكن في عدة بلدان زيادة إيرادات الضرائب عن مستوياتها الحالية.26 ولكن، كما ذُكر من قبل، فإن الزيادة المحتملة في إيرادات الضرائب تتأثر بشدة بمستويات الدخل (كلما ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ازدادت الإمكانات الضريبية)، فضلًا عن عوامل أخرى، مثل تركيبة الاقتصادات الوطنية وإضفاء الطابع الرسمي عليها، والآليات المؤسسية، وآليات الحوكمة.أم كك وتناول بعض العلماء «الجهد الضريبي» الذي تبذله البلدان (نسبة التحصيل الفعلي للضرائب إلى الإمكانات الضريبية) لتحليل ما إذا كان هناك مجال لتحسين حشد الموارد المحلية. وفي حين تتفاوت الأرقام، هناك اتفاق على إمكانية زيادة الإيرادات على المستوى العالمي، وهذه الإمكانية أكبر في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا مقارنة بالبلدان المنخفضة الدخل.28،26
ومع انخفاض المخاطر المالية، يزداد توافر تدفقات التمويل للبلدان. وستستفيد البلدان ذات القدرة العالية على الوصول إلى التمويل من الاستثمارات في الأسهم، والقروض المقدمة بأسعار الفوائد التجارية، والسندات من تدفقات التمويل الخاص، مثل استثمارات الشركات والنُظم المصرفية وأسواق رأس المال، مع وجود عدد أقل من أنشطة التخفيف من المخاطر المطلوبة من الجهات المانحة أو القطاع العام (الشكل 31 والشكل 32). ولكن، وكما جاء في التحليل المفصّل في القسم 2-5، فإن الحصول على الضمانات والتأمين، حتى في هذه البلدان، لا يزال ضروريًا للتخفيف من المخاطر المرتبطة بتدفقات التمويل الخاص. وفي حين أن طريقة تقديم الضمانات أو التأمين تختلف باختلاف قدرة البلد على الوصول إلى التمويل، فإن هذه الأدوات ضرورية لتوسيع نطاق التمويل في الفئات الثلاث من البلدان. ولذلك، يوصى بهذه الأدوات لجميع مجموعات البلدان المبيّنة في الشكل 32.
ومن الضروري لتحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة توسيع نطاق التمويل الخاص نظرًا لدوره المعروف في التنمية الاقتصادية الشاملة، ولسبب بسيط هو أن التمويل من تدفقات التمويل الأخرى، مثل التدفقات الإنمائية الدولية أو الميزانيات العامة لا يكفي لسد الفجوة في التمويل اللازم للقضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. وعلى سبيل المثال، يؤدي الاستثمار الأجنبي المباشر دورًا مهمًا في الاقتصادات المنخفضة والمتوسطة الدخل، ولكن آثاره قد تختلف باختلاف مستوى دخل البلد والقطاع الذي يوجه إليه الاستثمار الأجنبي المباشر. مثلًا، يؤثر الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعي الزراعة والصناعة تأثيرًا كبيرًا على نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلدان المنخفضة الدخل، في حين أن الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه إلى قطاعات أخرى (مثل الصناعة التحويلية والخدمات) لا يحقق سوى آثار ضئيلة. ومن ناحية أخرى، تؤثر جميع أنواع الاستثمار الأجنبي المباشر تأثيرًا إيجابيًا على نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلدان المرتفعة الدخل.29 وتبيّن أيضًا أن الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه إلى الزراعة يزيد الإنتاج الزراعي في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وأن آثاره تكون أعلى عندما تقترن بالمساعدة الإنمائية الرسمية للزراعة.30 ولكن، وكما هو موضح، فإن قدرة معظم البلدان المنخفضة الدخل على الوصول إلى التمويل محدودة، ما يجعل تدفقات التمويل الخاص باهظة الكلفة وقلما تكون متاحة. فكيف يمكن للبلدان أن تُقلل من مخاطرها المالية لاجتذاب مصادر تمويل أخرى؟
ويُقدم الشكل 32 توصيات بشأن أدوات التمويل بحسب قدرة البلد على الحصول إلى تدفقات التمويل، على النحو المبيّن في الجدول 18. وتنطوي تدفقات التمويل الخاص (مثل الاستثمارات في الأسهم والسندات والقروض بأسعار الفائدة التجارية)، وكذلك التمويل المحلي العام (مثل الضرائب)، على كلفة أكبر، مع انخفاض المخاطر المالية للبلدان، ما يجعلها خيارات أنسب؛ ومن ناحية أخرى، فإن التدفقات الإنمائية الدولية والتمويل الميسّر (مثل المِنح، والقروض ذات الفائدة المنخفضة، ومبادلة الديون) هي أفضل بديل في السياقات التي تنطوي على مخاطر مالية عالية، لأن الخيارات الأخرى قد تنطوي على كلفة باهظة. وفي حين يقترح الشكل 32 أمثلة لأدوات التمويل التي يمكن أن تناسب كل فئة ويمكن استخدامها لزيادة قدرة البلد على الوصول إلى التمويل (كما هو موضح بالتفصيل في التحليل الوارد في القسم 2-5)، فإن الطريقة الأكثر فعالية لزيادة الخيارات المالية أمام البلد هي بلا شك معالجة محددات قدرته على الوصول إلى التمويل. ويمكن أن يؤدي التصدي لهذه التحديات الإنمائية إلى حلول تعود بالنفع على الجميع؛ وعلى سبيل المثال، تُساهم السياسات الاقتصادية والنقدية السليمة التي تكافئ الوفورات وتُعمّق أسواق رأس المال بدور ضروري في تهيئة بيئة أفضل للاستثمارات الخاصة. ولا يؤدي تحسين النُظم الضريبية إلى زيادة تدفقات التمويل اللازمة لسد الفجوة في التمويل فحسب، بل يمكن أن يؤدي أيضًا، من خلال الإنفاق العام، إلى تحقيق مكاسب في النمو الاقتصادي والحد من عدم المساواة. ويمكن لتبنّي التكنولوجيا الرقمية على المستوى الاستراتيجي أن يُيسّر تحصيل الضرائب ويُعزز الشفافية، وهو من الأمور الأساسية لبناء الثقة في الإدارات العامة الوطنية.31 ويُشكل خفض مستويات الديون السيادية وزيادة إمكانية التحكم فيها شرطًا أساسيًا لحشد التمويل المطلوب لتنفيذ الإجراءات العاجلة المتعلقة بالأمن الغذائي والتغذية، فضلًا عن سياسات بناء القدرة على الصمود في وجه المسببات الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.8 ولذلك، من الضروري تحسين إدارة الاقتصاد الكلي من أجل نمو الدخل، والحد من المخاطر السيادية للبلدان ولديونها، وتعزيز المؤسسات الوطنية والحوكمة، ليس فقط من منظور مالي، بل وكذلك من المنظور الإنمائي الشامل للبلدان الأكثر تضررًا من الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.