الرسائل الرئيسية
  • لا شكّ في أنه من أجل السير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة - القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بجميع أشكاله - وكذلك لتحقيق الحق العالمي في الغذاء الكافي للجميع، هناك حاجة إلى زيادة مستويات التمويل الحالية بالإضافة إلى استخدام التمويل الحالي بفعالية أكبر من حيث الكلفة. غير أنه لا توجد حاليًا صورة متسقة للموارد المالية التي يتم إنفاقها على الأمن الغذائي والتغذية، ولا لكلفة تحقيق هذين المقصدين.
  • يتم تطبيق تعاريف متعددة للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية، ما يؤدي إلى اختلافات صارخة في تقديرات هذا التمويل. وتفرض هذه المعضلة العديد من المشاكل، بما في ذلك تحديد المجالات التي تعاني من نقص التمويل، وضمان مساءلة المؤسسات، وتتبّع فعالية التدخلات المموَّلة وأثرها.
  • وبالتالي، فإن هناك حاجة ملحّة لإحراز تقدم نحو تعريف ورسم خرائط مشتركين للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية. وفي حين أن تعريف الأمن الغذائي والتغذية راسخ، فإن فصل ما يشكّل التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية يبقى ممارسة غير هينة ومحفوفة بالتحديات، كما أنها لم تحظ بالاهتمام الذي تستحقه. ويطرح هذا التقرير تعريفًا جديدًا للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية:
  • يشير التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية إلى الموارد المالية العامة والخاصة، المحلية والأجنبية على حد سواء، الموجهة نحو القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وجميع أشكال سوء التغذية. وهي تستهدف ضمان توافر الأغذية المغذّية والآمنة والوصول إليها واستخدامها واستقرارها، والممارسات التي تعطي الأفضلية للأنماط الغذائية الصحية، فضلًا عن خدمات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية التي تقوم بتمكينها، وهي تشمل الموارد المالية الموجهة نحو تعزيز قدرة النظم الزراعية والغذائية على الصمود في وجه المسببات الرئيسية والعوامل الهيكلية الأساسية للجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.

  • يتم توفير توجيهات لاتباع نهج مشترك وتطبيق التعريف، إلى جانب وضع خرائط لربط التعريفين الأساسي والموسّع بالمخصصات المالية باستخدام نظام تصنيف يتألف من أربعة مستويات وكلمات رئيسية. وييسّر هذا النهج الخاص بوضع الخرائط الانتقال من الحدود النموذجية التي يحددها القطاع في تقديرات التمويل للزراعة من ناحية، والتغذية من ناحية أخرى، ويعبّر عن الطبيعة المتعددة الأبعاد لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.
  • يدعو هذا التقرير إلى اعتماد عالمي للتعريف الجديد للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية وإلى اتباع نهج موحد لتفعيل وضع الخرائط وتطبيق التعريف على تدفقات البيانات المالية.

من أجل تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة، لا بدّ من أن تكون هناك زيادة كبيرة في التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية. ويوضّح الفصل الثاني من هذا التقرير وجود فجوة كبيرة بين التقدم المحرز والمقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة للقضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وجميع أشكال سوء التغذية. ويتطلب سدّ هذه الفجوة مضاعفة الجهود، واستخدام التمويل الحالي بفعالية أكبر من حيث الكلفة وإضافة تمويل جديد كبير مخصص للأمن الغذائي والتغذية - ولكن يجب تحديد هذا التمويل كميًا.

وتوجد مجموعة واسعة من التقديرات لكلفة تحقيق هذين المقصدين (انظر القسم 4-2). غير أنه لا توجد صورة متسقة للمبلغ الإجمالي للموارد المالية التي يتم إنفاقها على الأمن الغذائي والتغذية، ولا لكلفة تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم وجود تعريف متفق عليه للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية.

وعلى الرغم من وجود وضوح واتفاق على تعريف ومفهوم الأمن الغذائي والتغذية، ومؤشرات خاصة بأهداف التنمية المستدامة متفق عليها لقياس مستويات وشدة الجوع وانعدام الأمن الغذائي وجميع أشكال سوء التغذية حول العالم، إلّا أنه لا يوجد تعريف مقبول بالشكل نفسه للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية. ويمثّل ذلك القضية الرئيسية التي يتم تناولها ومعالجتها في هذا الفصل.

ومن دون وجود تعريف موحد، لن يكون من الممكن إجراء تقييم كاف للمستويات والفجوات الحالية في التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية، ولا رصد التقدم المحرز أو الانتكاسات في جهود التمويل الرامية إلى تحقيق هدف القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وجميع أشكال سوء التغذية. ويتطلب تحقيق الأمن الغذائي والقضاء على جميع أشكال سوء التغذية في العالم تحسينًا كبيرًا في كمية التمويل ونوعيته. وتتمثل الخطوة الأولى في قياس وتتبّع ورصد وتحليل مصادر التمويل المختلفة التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي والقضاء على جميع أشكال سوء التغذية، سواء أكانت عامة أو خاصة، محلية أو أجنبية، ولا يمكن تحقيق ذلك من دون تعريف مناسب لمثل هذا النوع المحدد من التمويل.

1.3 التحديات التي تواجه تحديد وقياس التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية

لا يوجد حاليًا تعريف متفق عليه للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية. كما أنه لا يوجد توحيد في ما يتعلق بكيفية قياس تدفقات التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية في أي من المصادر الحالية للبيانات المالية. وبالتالي، لا يوجد فهم ومعرفة واضحان لمستوى التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية. ويقوّض هذا النقص الجهود المبذولة لتحقيق الأمن الغذائي والقضاء على جميع أشكال سوء التغذية. ح

وتُطبق حاليًا عدة تعاريف، ما يؤدي إلى اختلافات صارخة في تقديرات المستويات الحالية للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية. فعلى سبيل المثال، حتى في حالة المساعدة الإنمائية الرسمية، والتي تُعتبر الأكثر تقدمًا من ناحية تمتعها بنظام عالمي للتتبّع وقاعدة بيانات موحدة للمساعدات المشتركة، لا يوجد تعريف موحد أو مقياس من أجل قياس تدفقات التمويل الموجهة إلى دعم الأمن الغذائي والتغذية. ويؤدي هذا الفراغ إلى تقديرات متباينة إلى حدّ كبير حول قيمة الأموال التي يتم إنفاقها، وأين يتم إنفاقها وبأي حد من الكفاءة، لأغراض الأمن الغذائي والتغذية، ما يؤثر سلبًا على التحليل اللاحق للاتجاهات والنتائج اللازمة لتقييم المسار نحو تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة.

فعلى سبيل المثال، كما هو موضح في الشكل 14، تبعًا للتعريف المطبَّق، يتراوح متوسط المستوى السنوي لمنح المساعدة الإنمائية الرسمية بين عامي 2019 و2021 بين 6.9 مليارات دولار أمريكي سنويًا (وفقًا لتعريف مجموعة السبعة) و62.6 مليارات دولار أمريكي سنويًا (وفقًا لتعريف المفوضية الأوروبية). وبالتالي، فإن المستويات المقدّرة لتمويل المساعدة الإنمائية الرسمية المخصص للأمن الغذائي والتغذية تختلف بشكل كبير تبعًا للتعريف المطبَّق. وكما سيتبين في الفصل الرابع، فإن هذا الرقم سيتغير عند تطبيق التعريف المناسب للتمويل المخصص للأمن الغذائي والتغذية على بيانات المساعدة الإنمائية الرسمية.

الشكل 14 إجمالي منح المساعدة الإنمائية الرسمية للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل المرتبط بتعاريف مختلفة للتمويل المخصص للأمن الغذائي والتغذية، المعدل للفترة 2021-2019

ملاحظات: تقديرات محدّثة لعام 2021 لإجمالي منح المساعدة الإنمائية الرسمية بمليارات الدولارات الأمريكية بقيمة عام 2020 الثابتة بتطبيق تعاريف الدراسة المختلفة للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية. وترد مراجع الدراسات المدرجة في هذا الشكل في المصدر للجدول 3-1 في المواد التكميلية للفصل الثالث.
المصادر: مقتبس من Eber Rose, M., Laborde, D., Lefebvre, L., Olivetti, E. & Smaller, C. 2024. Towards a common definition of aid for food security and nutrition. Rome, FAO and Geneva, Switzerland, Shamba Centre for Food & Climate. https://doi.org/10.4060/cd1957en. البيانات مأخوذة من منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. 2024. بيانات التمويل الإنمائي. في: منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. [تمّ الاطلاع على الموقع في 9 مايو/أيار 2024]. https://www.oecd.org/dac/financing-sustainable-development/development-finance-data.

وبالنسبة إلى قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية التي انعقدت عام 2021، تم تعريف تمويل تحويل النظم الزراعية والغذائية لتحقيق الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة على النحو التالي:

مجموعة متنوعة من الموارد المالية، بما في ذلك الأموال «الداخلية» للنظم الغذائية (نفقات المستهلكين على الأغذية ونفقات الجهات الفاعلة الزراعية والغذائية) والأموال «الخارجية» (تدفقات التنمية الدولية، والميزانيات العامة، والنظم المصرفية، وأسواق رأس المال). ومن المرجح أن تختلف مساهمات مصادر التمويل المختلفة عبر جوانب مختلفة من التحويل.1

ويقسّم هذا التعريف بصورة تقريبية الآليات الضريبية والمالية الرئيسية للاستثمارات في تحويل النظم الغذائية إلى ستة مجالات تدخّل، وهي: (1) نفقات المستهلكين على الأغذية؛ (2) وأرباح ومدخرات الأعمال التجارية الزراعية والغذائية؛ (3) والتدابير المالية (النفقات العامة والضرائب)؛ (4) والتمويل العام الدولي (المساعدة الإنمائية الرسمية، والإقراض بشروط غير ميسّرة من قبل الجهات المانحة الثنائية والمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف)؛ (5)و التمويل المصرفي؛ (6) وتمويل أسواق رأس المال.2

وبصورة بديلة، تم تعريف التمويل من أجل التغذية في وثيقة تناقش حشد موارد مالية إضافية للتغذية على النحو التالي:

عملية الحصول على الأموال اللازمة لتمكين الوصول إلى أغذية آمنة ومغذية وكافية على مدار السنة من أجل ضمان استمرار الحالة التغذوية الملائمة. وقد تكون هذه الأموال مطلوبة من قبل القطاع العام و/أو الخاص، وعلى أساس تجاري أو بشروط ميسرة (أي أقلّ من سعر السوق)، لتدخلات قصيرة أو طويلة الأجل، على سبيل المثال في التنمية البشرية وبناء القدرات (مثل التعليم والتدريب)، والبحث والتطوير، والبنية التحتية والتسويق. وبالتالي، قد تحدث تدخلات التمويل من أجل التغذية في مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك الصحة والزراعة والتصنيع (بما يشمل التجهيز والتعبئة)، والخدمات (بما يشمل الخدمات اللوجستية وتجارة التجزئة)، والتعليم، والمعلومات.3

وبالبناء على هذا التعريف، ترى الدراسة نفسها أن هناك:

أنواع متعددة من مقدمي رأس المال القادرين على توزيع التمويل على المستفيدين عبر مجموعة من هياكل التمويل والوسطاء وأدوات التمويل.3

وبشكل أكثر تحديدًا، وفي سياق معالجة التمويل لتحقيق الأمن الغذائي والقضاء على جميع أشكال سوء التغذية بطريقة مستدامة بموازاة حماية سبل العيش، يتم تمييز الاستثمارات وفقًا لثلاثة مجالات للتطبيق، وهي: (1) دعم «الزيادات القادرة على الصمود والمستدامة في الإنتاجية الزراعية والأغذية الصحية والميسورة الكلفة المتاحة في الأسواق المحلية»؛ (2) وضمان «الحصول المتواصل على خدمات التغذية والصحة كي يتمكن الأطفال من تحقيق كامل إمكاناتهم الاقتصادية»؛ (3) «وحماية الأسر المعيشية من الصدمات عبر إنشاء شبكات أمان اجتماعي تُعتبر مستجيبة للمخاطر وتكيفية ومرتبطة بالأمن الغذائي والتغذوي».4

تحديات الانتقال إلى تعريف مشترك للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية

يمثّل الوضع الحالي للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية تحديًا كبيرًا بسبب عدم وجود تعريف موحّد لما يشكّل تمويلًا مخصصًا للأمن الغذائي والقضاء على جميع أشكال سوء التغذية. ولا يزال فصل ما يشكّل التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية عملية غير هينة ومحفوفة بالتحديات. وتفرض هذه المعضلة العديد من التحديات، ليس فقط في تتبّع المستويات الحالية من تدفقات التمويل الموجهة إلى الأمن الغذائي والتغذية، ولكن أيضًا في تحديد المجالات التي تعاني من نقص التمويل، وضمان مساءلة المؤسسات، وتتبّع أثر التدخلات المموَّلة. ولا يُعتبر تحقيق تقدم نحو تعريف ووضع خرائط بصورة مشتركة للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية ليس بالأمر السهل، وهناك ثلاثة تحديات رئيسية:

  1. يُعتبر الأمن الغذائي والتغذية مفهومين معقدين ومتعددي الأبعاد ولا يتناسبان تمامًا مع إطار التمويل المحدد للقطاع؛
  2. تقيس مبادرات مختلفة التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية بشكل مختلف، على الرغم من اعتماد لغة مماثلة في كثير من الأحيان؛
  3. تبلورت عمومًا رؤية واضحة للأمن الغذائي والتغذية والارتباطات بينهما، ولكن ذلك لا ينطبق على النطاق الكامل للتدخلات اللازمة لدعمهما.

الأمن الغذائي والتغذية يشكلان مفهومين معقدين ومتعددي الأبعاد لا يتناسبان تمامًا مع إطار التمويل المحدد للقطاع

يُعتبر الأمن الغذائي والتغذية مفهومين معقدين ومتعددي الأبعاد ولا يتناسبان تمامًا مع الأطر المحددة للقطاع. وتشمل التدخلات الرامية إلى تحقيق الأمن الغذائي والتغذية قطاعات وأبعادًا مختلفة للتنمية الاقتصادية والصحية والاجتماعية والبيئية، من بين جملة أمور أخرى. غير أنه عادة ما يتم تحديد وتصنيف تدفقات التمويل والميزانيات بحسب القطاع، وضمن كل قطاع، بحسب الغرض. وعند الانتقال من نظام التصنيف القائم على القطاع إلى القياس القائم على النتائج، تنشأ قضايا معقدة في ما يخص مساهمة الموارد القائمة على القطاع في المحددات الرئيسية للأمن الغذائي والتغذية.

وتُعدّ نظم التصنيف ضرورية في قواعد البيانات المالية لتجنب العد المزدوج للموارد وتمكين التحليل الإحصائي الزمني عبر الجهات المموّلة.5-7 وفي قاعدة البيانات الرئيسية للمساعدة الإنمائية الرسمية - لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي - يتم تسجيل غرض المساعدة باستخدام نظام تصنيف يتألف من طبقتين: رموز القطاعات مقسمة إلى رموز الأغراض. فعلى سبيل المثال، رمز القطاع المتعلق بالزراعة، والذي يشمل الزراعة والحراجة وصيد الأسماك، هو 310. ولكل قطاع من هذه القطاعات رمز خاص به - الزراعة (311)،ط والحراجة (312)، وصيد الأسماك (313) - وتُصنف هذه القطاعات بحسب رموز الغرض مثل البحوث الزراعية (31182) أو حماية النباتات وما بعد الحصاد ومكافحة الآفات (31192). وتقوم الجهة المانحة باختيار رموز القطاع والغرض عند إدخال بيانات المساعدة الإنمائية الرسمية في قاعدة البيانات.7 وللاطلاع على القائمة الكاملة لرموز الأغراض في نظام إبلاغ الدائنين الخاص بلجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، انظر الجدول 3-1 في المواد التكميلية للفصل الثالث.

وتحتوي قواعد البيانات المتعلقة بالتمويلين العام والخاص المحليين أيضًا على نظم تصنيف تتوافق بصورة تقريبية مع المعايير الدولية. وبالنسبة إلى الميزانيات العامة، تتبع نظم التصنيف هذه إطارًا مشتركًا يتم تنظيم النفقات فيه من خلال تسميات إدارية واقتصادية ووظيفية وجغرافية تشرح كيفية إنفاق الموارد العامة: من قبل من، وعلى ماذا، وأين. وينطوي كل من هذه التسميات على معلومات من شأنها أن تشكّل الأساس لتصنيف كامل ودقيق للبيانات، سواء أكان نظام التصنيف قائمًا على القطاع أو الوظيفة أو النتائج. غير أنه كثيرًا ما لا يتم تصنيف معلومات الموازنة المتاحة للجمهور إلى مستوى تفصيلي يسمح بتصنيف مناسب للتمويل العام المحلي، وتنطبق هذه المحاذير بشكل خاص على نظم التصنيف القائمة على الوظيفة والنتائج. وبالنسبة إلى القطاع الخاص، فإن الإطار المشترك يُعتبر أكثر تعقيدًا في ظل الافتقار إلى حفظ سجلات مركزي وإطار إبلاغ متفق عليه بشكل مشترك. وتميل البيانات، حيثما كانت متاحة، إلى أن تكون محددة على المستوى القطاعي. فعلى سبيل المثال، تتوفر بيانات الاستثمارات الأجنبية المباشرة باعتبارها تدفقات إلى الزراعة والغابات وصيد الأسماك أو إلى الأغذية والمشروبات والتبغ. وبصورة بديلة، تتوفر البيانات المتعلقة بالائتمان للزراعة كمجموع للزراعة والحراجة وصيد الأسماك أو لكل قطاع فرعي على حدة.ي

وفي حين أن نظم التصنيف الموحدة ضرورية للسجلات المالية، إلّا أن العديد من القضايا ينشأ عند البناء من نظم التصنيف القائمة على القطاع إلى التصنيف القائم على النتائج. ويؤدي هذا التصنيف القائم على النتائج دورًا محوريًا في تحديد التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية وقياس مستواه وتركيبته.

وعلى الرغم من استخدام التصنيفات القطاعية على نطاق واسع لتقييم جهود الحكومات الرامية إلى دعم الزراعة، إلّا أنها تنطوي على قيود عندما يتعلق الأمر بتقييم مساهمات التمويل في نتائج الأمن الغذائي والتغذية. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي مشروع للطاقة في منطقة ريفية إلى تحسين الإنتاجية الزراعية من خلال الوصول إلى الكهرباء لأغراض الري والمعدات الآلية، فضلًا عن مرافق تخزين الأغذية وتنظيفها، وبالتالي فإنه يؤدي إلى أثر إيحابي قوي على الأمن الغذائي والتغذية. ويمكن تسجيل ذلك كمساهمة مالية في قطاع الطاقة، حيث يتم تسجيل التمويل في أغلب الأحيان بناءً على الهدف الذي تم تصميم مشروع معين لتحقيقه والقطاع ذي الصلة بالتدخل، وليس على نتائج المشروع. ويؤدي هذا التمييز بين القطاع والنتيجة إلى تعقيد تعريف التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية، وذلك لأنه يستلزم وضع افتراضات حول مساهمة التمويل المخصّص للقطاع في نتائج الأمن الغذائي والتغذية.7

وفي الآونة الأخيرة، تمت إضافة مؤشرات وعلامات سياساتية جديدة في بعض قواعد البيانات المالية للتعبير عن الطبيعة الشاملة للقطاعات و/أو متعددة الأغراض لأهداف سياسات التنمية. غير أنه لا يزال هناك نقص في الاتساق واختلافات في التعاريف المطبقة لصياغة هذه الأهداف. فعلى سبيل المثال، أضافت لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي مؤشرًا سياساتيًا لأهداف التنمية المستدامة للإشارة إلى أي من منح المساعدة الإنمائية الرسمية تُعتبر ذات صلة بأي هدف من أهداف التنمية المستدامة، وتوجد مؤشرات سياساتية للتكيّف مع المناخ والتخفيف من أثره، والتغذية والمساواة بين الجنسين، من بين أمور أخرى. ولكن استخدام العلامات والمؤشرات ليس متسقًا تمامًا، والعملية التي يتم من خلالها تطوير المؤشرات تدعم أو تمنع أوجه التآزر الأقوى عبر القطاعات. وحتى الآن، فإنه على الرغم من تطوير منهجية خاصة بلجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي لمؤشر التغذية، إلّا أنه لم يتم تطبيقها بصورة متسقة.

وعلاوة على ذلك، وفي ضوء الطبيعة المعقدة والمتعددة القطاعات لتحقيق الأمن الغذائي والقضاء على جميع أشكال سوء التغذية، فإن برامج التنمية تبتعد بصورة متزايدة عن الاستراتيجيات والحوافظ التي تحقق نتائج واحدة نحو المشاريع المتعددة النتائج. ويؤدي ذلك إلى زيادة التوتر مع نظم الترميز الشائعة في قواعد البيانات المالية. وعلى سبيل المثال، تستخدم لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ثلاث طرق رئيسية لتسجيل المشروع المتعدد القطاعات. أولًا، يمكن تصنيفه على أنه مشروع متعدد القطاعات (أي يكون رمز الغرض 43010).8 ثانيًا، يمكن إجراء استعراض للوثائق لتقسيم المشروع إلى مكونات منفصلة، ويتم تسجيل كل منها تحت رموز مختلفة تتوافق مع تركيز ذلك الجزء من الميزانية. ثالثًا، يمكن تسجيل كافة الموارد على أساس المكون الرئيسي للمشروع والقطاع الأساسي الذي يهدف إلى المساهمة فيه. وبموجب هذا النهج، يمكن تسجيل المشروع الذي يشتمل على مكون خاص بالإرشاد الزراعي بنسبة 65 في المائة ومكون خاص بتطوير الطرق بنسبة 35 في المائة بالكامل ضمن رمز الإرشاد الزراعي. وبالنظر إلى تنوع الطرق المتبعة لتسجيل المشاريع المشتركة بين القطاعات، فقد يتم تسجيل التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية بصورة غير دقيقة أو بأشكال مختلفة تبعًا للجهة المانحة.

وتنطبق تحديات مماثلة تتعلق بربط نظم الترميز القائمة على القطاع بالتصنيفات القائمة على النتائج على الميزانيات العامة المحلية أيضًا. وتبرز الحاجة إلى بيانات مصنفة على مستوى النشاط ووثائق تفصيلية للمشاريع، والتي لا تُتاح دائمًا بسهولة، لتصنيف المالية العامة بحسب مساهماتها في تحقيق أبعاد الأمن الغذائي والتغذية. وفي قواعد البيانات الخاصة بالموارد الخاصة، تتوفر البيانات وتصنيفها إلى حد أقل، وبالتالي فإن هناك قدر أقل من الوضوح حول كيفية ترميز المشاريع المتعددة القطاعات.

وسيتطلب تعريف التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية تحديد التدخلات والقطاعات التي تؤثر على الأمن الغذائي والتغذية والاتفاق عليها، مع الوعي بالتعقيدات والتناقضات التي تنطوي عليها كيفية تسجيل المشاريع ذات الصلة بالأمن الغذائي والتغذية. وعلاوة على ذلك، سيتوجب إيلاء اهتمام للأثر النسبي الناتج من استثمار معين. ولن يكون لجميع الموارد المالية المخصصة لتدخل أو قطاع معين المستوى نفسه من التأثير على نتائج الأمن الغذائي والتغذية. وسيكون تأثير بعض الاستثمارات مباشرًا، مثل الاستثمارات في زراعة أصحاب الحيازات الصغيرة التي تتسم بقدر أكبر من الإنتاجية والتنوع، في حين أن تأثير استثمارات أخرى، مثل الاستثمارات في تحسين البنية التحتية الريفية وتوفير الكهرباء، قد يكون غير مباشر ويعتمد إلى حد كبير على التغطية الحالية. وبالمثل، لن تؤثر جميع الاستثمارات في مجال توفير الكهرباء على نتائج الأمن الغذائي والتغذية. ولذلك، لا ينبغي إدراج جميع الموارد المنفقة على توفير الكهرباء في تعريف التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية.

إن التعقيدات بين الأمن الغذائي والتغذية، كنتيجة متعددة الأبعاد، ونظم الترميز الثنائية للتمويل، تؤدي إلى تعقيد الجهود المبذولة لتقدير التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية بشكل كبير. ولا يمكن للمنهجيات الاعتماد على نظم الترميز الثنائية المعتمدة في قواعد بيانات التمويل أو الالتزام بها.

مبادرات مختلفة تقيس التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية بشكل مختلف، على الرغم من اعتماد لغة مماثلة في كثير من الأحيان

تستخدم كل حكومة وطنية نُهجًا مختلفة لتخصيص الموارد العامة المحلية ونُهجًا مختلفة لتحديد الموارد المخصصة لتحقيق أثر مفترض على نتيجة ما. وعندما تكون الميزانيات الوطنية متاحة لجمهور العامة فإنها يمكن أن تكشف عن القطاعات والوزارات التي تم تخصيص الميزانيات لها. غير أنه لا يوجد إطار محاسبي مشترك بين الحكومات، ولا يوجد قياس مشترك للإنفاق على الأمن الغذائي والتغذية. وبالتالي، فإن تقييمات الموارد المخصّصة لتمويل الأمن الغذائي والتغذية قد تختلف بشكل كبير بين البلدان، ويعتمد ذلك على ما تعتبره البلدان موارد ذات صلة، سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة، للتأثير على الأمن الغذائي والنتائج الإيجابية للتغذية. ويعني الافتقار إلى أطر محاسبية مشتركة عدم وجود محاولات رسمية لتحديد قياس متفق عليه للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية للتمويل العام والخاص أو أن هذا التمويل لم ينجح أو لم يكن قابلًا لتوسيع النطاق بشكل كاف، سواء أكان ذلك باستخدام موارد محلية أو أجنبية.

وفي سياق المساعدة الإنمائية الرسمية، والتي ربما تتركّز فيها أكبر الجهود الرامية إلى تحديد التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية، تستخدم مجموعات مختلفة مقاييس مختلفة لتحديد المساعدة الإنمائية الرسمية ذات الصلة، وذلك على الرغم من الإشارة إليها في كثير من الأحيان باستخدام لغة مماثلة. فعلى سبيل المثال، في الشكل 14، ترجع الاختلافات الملحوظة في مستويات المساعدة الإنمائية الرسمية بشكل عام إلى: (1) الاختلافات في الأسئلة المطروحة؛ (2) و/أو الاختلافات في ما يمكن اعتباره تمويلًا لدعم الأمن الغذائي والتغذية. وفي لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، يتم ترميز سجلات المساعدة الإنمائية الرسمية وفقًا للجهة المانحة والجهة المتلقية والغرض من المساعدة ونوع التدفق (الالتزام أو الصرف)، بالإضافة إلى متغيرات أخرى.7 وتوفر الرموز طريقة موحدة لتصنيف المساعدات وفقًا للقطاع أو لمجال التنمية المعين الذي يتم السعي إلى مساعدته من خلال موارد المساعدة الإنمائية الرسمية. وفي حين أن التسميات الثنائية للمساعدة الإنمائية الرسمية تضع منهجية مشتركة لتتبّع غرض المساعدات، غير أنه توجد حاليًا أكثر من عشرة تعاريف تشغيلية تُستخدم لحساب حجم المساعدة الإنمائية الرسمية ذات الصلة بالزراعة والأمن الغذائي والتغذية، ويتتبع كل منها المساعدة الإنمائية الرسمية المسجلة تحت اختيار مختلف من رموز الغرض.

ولتوضيح هذه المسألة، من المفيد النظر إلى الأسباب الكامنة وراء الاختلافات في التقديرات المختلفة، على النحو الموضح في الشكل 14. وتشمل جميعها مخصصات لقطاعات مثل الزراعة والحراجة وصيد الأسماك والتغذية الأساسية في قطاع الصحة. وتشمل معظمها أيضًا التنمية الريفية بالإضافة إلى المساعدات الغذائية. وإلى جانب تلك الأسباب، هناك اختلاف كبير حول ما يتم تضمينه. وشملت الدراسات التي أجراها مركز البحوث الإنمائية التابع لجامعة بون ومنظمة الأغذية والزراعة9 والمفوضية الأوروبية10 مخصصات للمياه والإصحاح، ولكن دراسة المفوضية الأوروبية كانت الدراسة الوحيدة التي شملت الرعاية الصحية الأساسية، والتي تُعدّ أحد المحددات الرئيسية للتغذية (انظر الجدول 3-1 في المواد التكميلية للفصل الثالث لإجراء مقارنة كاملة للمخصصات وترميز القطاع).

وتنبع بعض الاختلافات والارتباك من محاولة مبادرات مختلفة التعبير عن الزراعة و/أو الأمن الغذائي و/أو التغذية. غير أن غالبية التعاريف المدروسة تشمل رموز لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي المتعلقة بالزراعة والحراجة وصيد الأسماك (311-313)، والتنمية الريفية (43040)، والتغذية الأساسية (12240)، والمساعدة الغذائية (52010)، والمساعدة الغذائية الطارئة (72040). وإلى جانب ذلك، هناك اختلاف كبير حول ما تم تضمينه، ما يؤدي إلى اختلاف التقديرات حول مقدار الأموال التي يتم إنفاقها، وأين يتم إنفاقها، وعلى ماذا يتم إنفاقها، وبأي كفاءة يتم إنفاقها، ما يعيق التحليل اللاحق للاتجاهات والنتائج نحو تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة (انظر الشكل 14 والجدول 3-1 في المواد التكميلية للفصل الثالث لإجراء مقارنة كاملة بين التعاريف والترميز).

وينتج من إدراج المساعدة الغذائية الطارئة في تعريف التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية أثر كبير على المستويات المقدرة للتمويل.7 فعلى سبيل المثال، في المتوسط، تم تسجيل مبلغ 6.7 مليارات دولار أمريكي في المساعدة الإنمائية الرسمية المخصصة للمساعدة الغذائية الطارئة في العالم في الفترة 2020-2021. 11 وبالنظر إلى الأمثلة القطرية، فإن تعاريف المساعدة الإنمائية الرسمية للأمن الغذائي والتغذية التي لا تشمل المساعدة الغذائية الطارئة تُظهر أن إثيوبيا تلقت أكبر حجم من المساعدة الإنمائية الرسمية، في حين تُظهر التعاريف التي تشمل المساعدة الغذائية الطارئة أن الجمهورية العربية السورية تلقت الكميات الأكبر.5

ومن المهم أيضًا إدراك أن الاعتبارات السياسية تؤدي دورًا مهمًا في كيفية تحديد التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية. ولدى كافة الجهات الممولة للتنمية - من القطاعين العام والخاص، والجهات المحلية والأجنبية - أولويات وأهداف معينة تريد تحقيقها. فعلى سبيل المثال، في عام 2009، في أعقاب أزمة أسعار الأغذية، تعهدت مجموعة السبعة بإنفاق 20 مليار دولار أمريكي على الأمن الغذائي بين عامي 2009 و2012. 12 وبما أن جهة التمويل هي التي تقرر عادة كيفية تسجيل الموارد وتحت أي قطاع سيتم تخصيص مخصصات الميزانية، فقد تقوم جهات التمويل بتعيين رموز مختلفة لمشاريع مماثلة من أجل تحقيق أقصى قدر من التواؤم مع أولوياتها وأهدافها.

وفي ما يتعلق بالموارد المحلية العامة، لاحظ أصحاب المصلحة تحولًا ثقافيًا واسعًا ومستمرًا نحو استخدام كبار المسؤولين التنفيذيين المعونة لاعتبارات سياسية. وعلى نحو متزايد، أصبح الدافع الأكبر لاستثمارات المساعدات الخارجية يتمثل بمدونات السياسات، لا سيما تلك التي تتوافق مع الاتفاقيات المتعددة الأطراف بشأن المناخ والتنوع البيولوجي. وبالتالي فإن عملية تحديد التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية تُعتبر عملية سياسية إلى حد ما، حيث إن إدراج أو استبعاد تدخّل أو قطاع معين سيؤدي إلى تحيز بعض الجهات الممولة، ما يخلق المزيد من التعقيدات.

تبلورت عمومًا صورة واضحة عن الأمن الغذائي والتغذية والارتباطات بينهما، ولكن ذلك لا ينطبق على النطاق الكامل للتدخلات اللازمة لدعمها

في أعقاب الرؤية التحويلية لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي تدعو جميع البلدان وأصحاب المصلحة إلى العمل معًا من أجل القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بحلول عام 2030، جرى تحويل هذا التقرير، الذي أُعيدت تسميته من حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم إلى حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم،ك بهدف دمج التغذية والتركيز بشكل خاص على الروابط بين الأمن الغذائي والتغذية. وساهمت الرؤية في تزايد الاعتراف بضرورة وجود نطاق أوسع من التدخلات لمعالجة التفاعل المعقد بين العوامل التي تؤثر على نتائج الأمن الغذائي والتغذية.

ويوجد الآن فهم موسّع للأمن الغذائي والتغذية ولكيفية ارتباطهما بشكل حاسم على الرغم من محدودية التوافق حول النطاق الكامل للتدخلات التي تساهم في الأمن الغذائي والتغذية. وتُعدّ الأنماط الغذائية الصحية والحالة الصحية من العوامل الرئيسية المحددة للحالة التغذوية، ولكن هناك عوامل متعددة تتعلق بالأمن الغذائي (مثل توفّر الأغذية المغذّية والقدرة على تحمّل كلفتها)، وممارسات (مثل تلك المتعلقة بالأغذية والتغذية والرعاية والسلوك الصحي)، وخدمات (مثل المياه النظيفة والصحة والتعليم والحماية الاجتماعية) تؤثر على القدرة والآليات التي يمكن من خلالها للأفراد تحقيق أنماط غذائية صحية ومستوى صحي مناسب. ولذلك، فإن الإطار الشامل للتمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية ينطوي على تجاوز للاعتبارات التبسيطية المتعلقة بتوافر الأغذية والحصول عليها والتعمق في الفهم الأوسع للتغذية.

غير أنه لم تُبذل حتى الآن سوى جهود محدودة لإدراج هذا النطاق من التدخلات في التدابير الشاملة للتمويل المخصص للأمن الغذائي والتغذية. فعلى سبيل المثال، بالنظر إلى التحليلات الواردة في الشكل 14، يسلّط تحليل تناول تعاريف المساعدة الإنمائية الرسمية للأمن الغذائي والتغذية الضوء على فجوات كبيرة في معالجة النطاق الكامل للتدخلات التغذوية. ويتضمن اثنان فقط من التعاريف الواردة فيه المساعدة الإنمائية الرسمية الموجهة للمياه والإصحاح، وذلك على الرغم من الأدلة الراسخة على تأثير مياه الشرب الآمنة والإصحاح والنظافة الصحية على النتائج التغذوية. وعلاوة على ذلك، يُعتبر تعريف المفوضية الأوروبية التعريف الوحيد الذي يشمل تمويل الرعاية الصحية الأساسية على الرغم من كونه أحد المحددات الرئيسية للحالة التغذوية. (انظر الجدول 3-1 في المواد التكميلية للفصل الثالث للاطلاع على التحليل المقارن ومصادر البيانات).

وكما تبيّن أعلاه، فإن معظم تعاريف التمويل من أجل الأمن الغذائي والتغذية لا تأخذ بعين الاعتبار حاليًا المجموعة الأوسع من التدخلات الرامية إلى معالجة المحددات الرئيسية للأمن الغذائي والتغذية. والأهم من ذلك هو أن التعاريف الحالية للتمويل لا تشمل تمويل التدخلات المصمَّمة بشكل أكثر تحديدًا لمعالجة المسببات الرئيسية وراء اتجاهات الجوع، وانعدام الأمن الغذائي، وسوء التغذية التي جرى تحديدها في الإصدارات الأخيرة من هذا التقرير، وهي: النزاع وتقلب المناخ والأحوال المناخية القصوى وحالات التباطؤ والانكماش الاقتصاديين إلى جانب العوامل الهيكلية الأساسية: الافتقار إلى الوصول إلى الأغذية المغذية وعدم القدرة على تحمّل كلفتها وبيئات الأغذية غير الصحية وارتفاع مستويات عدم المساواة واستمرارها.

ولا شكّ في أنه من أجل السير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة، ستكون هناك حاجة إلى استخدام أفضل للتمويل الحالي والتمويل المضاف حديثًا على حد سواء. وفي الوقت ذاته، من الصعب فهم حجم التمويل المتاح والفجوة اللازمة في التمويل لتحقيق الأمن الغذائي ومعالجة جميع أشكال سوء التغذية في ظل الافتقار إلى تعريف قوي ومتفق عليه بشكل مشترك للتمويل المخصص للأمن الغذائي والتغذية. ويجب على هذا التعريف أن يرتكز نظريًا على الفهم المفاهيمي للأمن الغذائي والتغذية وتعريفهما، ومحدداتهما، بالإضافة إلى المسببات الرئيسية للجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.

back to top