يقدّمهذا الفصل تقييمًا عالميًا محدّثًا للأمن الغذائي والتغذية حتى عام 2023 وتقريرًا عن التقدم المحرز نحو تحقيق المقصدين 2-1 و2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة - القضاء على الجوع وضمان حصول الجميع على أغذية آمنة ومغذية وكافية على مدار العام والقضاء على جميع أشكال سوء التغذية بحلول عام 2030.
ويعرض القسم 1-2 تقييمًا محدّثًا لحالة الأمن الغذائي والتقدم المحرز نحو تحقيق المقصد المتعلق بالجوع وانعدام الأمن الغذائي (المقصد 2-1 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة). ويتضمن تقديرات عالمية وإقليمية ودون إقليمية لمؤشري المقصد 2-1 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة تم تحديثها حتى عام 2023، والمؤشران هما: معدل انتشار النقص التغذوي ومعدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد على أساس مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي. كما يتم توفير تقديرات عالمية وإقليمية محدّثة لمعدل انتشار انعدام الأمن الغذائي مصنفة بحسب نوع الجنس ودرجة التوسّع الحضري. ويعرض القسم 2-2 تقديرات محسّنة لكلفة النمط الغذائي الصحي والقدرة على تحمّل كلفته، وتغطي التقديرات الفترة من 2017 إلى 2022، ما يساهم بتوفير معلومات حول القدرة على الوصول الاقتصادي إلى أغذية متنوعة ومغذية على مستوى العالم. ويعكس تقييم هذا العام أحدث بيانات أسعار المواد الغذائية الصادرة عن برنامج المقارنات الدولية والتحسينات المنهجية التي تم إدخالها لتحسين التقديرات الخاصة بالقدرة على تحمّل الكلفة. ويعرض القسم 3-2 تحليلات لحالة التغذية في العالم والتقدم المحرز نحو تحقيق المقاصد العالمية الخاصة بالتغذية التي حددتها جمعية الصحة العالمية في عام 2012 وخطة التنمية المستدامة لعام 2030 (المقصد 2-2 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة). ويتم هذا العام توفير تحديثات بشأن الرضاعة الطبيعية الخالصة والسمنة لدى البالغين. كما يسلّط القسم الضوء على التقدم المحرز في أقلّ البلدان نموًا وعلى العبء المزدوج المترتب عن سوء التغذية.
1.2 مؤشرات الأمن الغذائي - آخر التحديثات والتقدم المحرز نحو القضاء على الجوع وضمان الأمن الغذائي
- ➔ بقي الجوع العالمي، الذي يُقاس بمعدل انتشار النقص التغذوي، عند المستوى نفسه تقريبًا لمدة ثلاث سنوات متتالية بعد الارتفاع الحاد الذي شهده في الفترة من 2019 إلى 2021، واستمر تأثيره في عام 2023 على 9.1 في المائة من السكان مقارنة بالنسبة المسجلة في عام 2019 والبالغة 7.5 في المائة.
- ➔ تشير التقديرات إلى أن ما يتراوح بين 713 و757 مليون شخص، أي ما يعادل 8.9 و9.4 في المائة من سكان العالم، على التوالي، قد عانوا ربما من الجوع في عام 2023. وعند أخذ النطاق المتوسط بعين الاعتبار (733 مليون شخص)، فإن ذلك يتجاوز بنحو 152 مليون شخص العدد المسجل في عام 2019.
- ➔ تتفاوت الاتجاهات المسجلة على المستوى الإقليمي إلى حدّ كبير. وفي حين لا يزال الجوع يتزايد في أفريقيا، فقد بقي على حاله نسبيًا في آسيا، وتم تحقيق تقدّم ملحوظ في أمريكا اللاتينية. وفي الفترة من عام 2022 إلى عام 2023، زاد الجوع في غرب آسيا والبحر الكاريبي وفي معظم الأقاليم الفرعية في أفريقيا.
- ➔ لا تزال أفريقيا تُعتبر الإقليم الذيي تعيش فيه النسبة الأعلى من السكان الذين يواجهون الجوع - 20.4 في المائة، مقارنة بنسبة 8.1 في المائة في آسيا، و6.2 في المائة في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، و7.3 في المائة في أوسيانيا. غير أن آسيا لا تزال موطنًا لأكثر من نصف السكان الذين يواجهون الجوع في العالم، أي حوالي 385 مليون شخص. وأثّر الجوع أيضًا على حوالي 300 مليون شخص في أفريقيا، وأكثر من 40 مليون شخص في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، وأكثر من 3 ملايين شخص في أوسيانيا في عام 2023.
- ➔ من المتوقع أن يعاني 582 مليون شخص من نقص تغذوي مزمن في نهاية العقد، وأن يكون أكثر من نصفهم من سكان أفريقيا. ويعني ذلك زيادة تعادل حوالي 130 مليون شخص في عدد الأشخاص الذين يعانون من النقص التغذوي مقارنة بالسيناريو الذي يعكس الاقتصاد العالمي قبل جائحة كوفيد- 19.
- ➔ إذا تجاوزنا الجوع، فإن معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد لا يزال أعلى من مستويات ما قبل الجائحة، وقد شهد تغيّرًا طفيفًا خلال أربع سنوات. وفي عام 2023، كان ما يُقدّر بحوالي 28.9 في المائة من سكان العالم - أي 2.33 مليار شخص - يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد، ما يعني عدم حصولهم على أغذية كافية بشكل منتظم. وتشمل هذه التقديرات نسبة 10.7 في المائة من السكان - أي 864 مليون شخص - ممن يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الشديد، الأمر الذي يعرّض صحتهم ورفاههم لمخاطر جسيمة.
- ➔ في عام 2023، بلغ معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في أفريقيا (58 في المائة) حوالي ضعف المتوسط العالمي، في حين كان معدل الانتشار في آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأوسيانيا أقرب إلى التقدير العالمي - 24.8 و28.2 و26.8 في المائة على التوالي.
- ➔ بقي معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد على حاله تقريبًا في أفريقيا وآسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا من عام 2022 إلى عام 2023، في حين أنه تفاقم في أوسيانيا. وفي المقابل، طرأ تقدّم ملحوظ في أمريكا اللاتينية.
- ➔ يؤثر انعدام الأمن الغذائي على النساء أكثر من الرجال، على الرغم من أن الفجوة بين الجنسين، التي اتسعت بشكل حاد من عام 2019 إلى عام 2021، بدأت في التقلّص في عام 2022 وواصلت تقلّصها في عام 2023. وعلى المستوى العالمي، انخفض الفرق في معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد لدى الرجال والنساء من 3.6 نقاط مئوية في عام 2021 إلى 2.3 نقاط مئوية في عام 2022، وانخفض إلى 1.3 في عام 2023.
- ➔ على المستوى العالمي وفي جميع الأقاليم باستثناء أمريكا الشمالية وأوروبا، يُعتبر معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي أعلى بصورة مستمرة في المناطق الريفية بالمقارنة مع المناطق الحضرية، في حين يختلف معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي في المناطق شبه الحضرية مقارنة بالمناطق الريفية بين الأقاليم.
المؤشر 2-1-1 لأهداف التنمية المستدامة معدل انتشار النقص التغذوي
يكشف تقييم الجوع العالمي في عام 2023، والذي يتم قياسه من خلال معدل انتشار النقص التغذوي (المؤشر 2-1-1 لأهداف التنمية المستدامة)، عن استمرار عدم إحراز تقدم نحو تحقيق هدف القضاء على الجوع. ولا تزال الضغوط التضخمية، لا سيما الزيادات في الأسعار النسبية للأغذية، تقوّض المكاسب الاقتصادية التي تحققت من حيث وصول عدد كبير من الأشخاص إلى الأغذية في العديد من البلدان، حيث لا يزال العالم يكافح للتعافي من الجائحة العالمية، ويعيقه في ذلك عدد متزايد من النزاعات والأحوال المناخية القصوى.
وبقيت نسبة سكان العالم الذين يواجهون الجوع عند المستوى نفسه تقريبًا لمدة ثلاث سنوات متتالية بعد الارتفاع الحاد الذي شهدته من عام 2019 إلى عام 2021، حيث تشير أحدث التقديرات إلى أن معدل انتشار النقص التغذوي العالمي بلغ نسبة 9.1 في المائة في عام 2023 (الشكل 1) (انظر الإطار 1). ومن حيث عدد السكان، تشير التقديرات إلى أن ما يتراوح بين حوالي 713 و757 مليون شخص (8.9 و9.4 في المائة من سكان العالم، على التوالي) قد عانوا ربما من نقص تغذوي في عام 2023. وعند أخذ النطاق المتوسط بعين الاعتبار (733 مليون شخص)، فإن حوالي 152 مليون شخص إضافي قد واجهوا ربما الجوع في عام 2023 مقارنة بعام 2019.
الشكل 1 زاد الجوع في العالم بشكل حاد من عام 2019 إلى عام 2021 وبقي عند المستوى نفسه حتى عام 2023

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2024. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية: مجموعة مؤشرات الأمن الغذائي. [تمت زيارة الموقع في 24 يوليو/تموز 2024]. https://www.fao.org/faostat/ar/#data/FS. الترخيص: CC-BY-4.0
الإطار 1تحديثات في سلسلة تقديرات معدل انتشار النقص التغذوي
كما هو الحال في كل إصدار من هذا التقرير، فإنه بدلًا من مجرد إضافة نقطة بيانات جديدة إلى السلسلة القائمة، جرت مراجعة السلسلة الكاملة لتقديرات معدل انتشار النقص التغذوي منذ عام 2000 لتعكس البيانات والمعلومات المنقحة أو الإضافية التي تلقتها المنظمة منذ إصدار السنة السابقة. وفي بعض الحالات، تتعلق المعلومات الجديدة بالسنوات الماضية، ويُعتبر ذلك سببًا يتطلب مراجعة السلسلة بأكملها، ويُدعى القرّاء إلى تجنب مقارنة الأرقام عبر الإصدارات المختلفة من التقرير.
وفي هذا الإصدار، استلزم التنقيح الرئيسي التعبير عن التقديرات المنقحة لدرجة انعدام المساواة في الحصول على الأغذية بين الفئات السكانية القطرية، كما تم تسجيلها في معيار معامل التباين تبعًا للدخل الذي يدخل في معادلة حساب معدل انتشار النقص التغذوي. ومنذ الإصدار الأخير من هذا التقرير، تمكنت شعبة الإحصاءات في المنظمة من الوصول إلى مجموعات البيانات الجزئية الكاملة لما مجموعه 14 دراسة استقصائية من 13 بلدًا، وتمت معالجة هذه البيانات لتحديث معامل التباين تبعًا للدخل لمجموعات البلدان/السنوات التالية: الأردن (2017) وأرمينيا (2022) وتيمور - ليشتي (2015) وجمهورية مولدوفا (2022) والسنغال (2022) وكازاخستان (2022) وكوت ديفوار (2022) وكوستاريكا (2019) ومالديف (2016) ومالي (2022) والمكسيك (2022) والنيجر (2022) والهند (2011/2012 و2022/2023).
وحلّت معايير معامل التباين تبعًا للدخل المقدّرة حديثًا محل القيم السابقة بالنسبة إلى تلك البلدان والسنوات، والتي قد تكون مبنية على الاستكمال أو على النمذجة. وغالبًا ما يتطلب ذلك أيضًا مراجعة المعيار نفسه في البلد نفسه للسنوات السابقة واللاحقة بهدف التوفيق بين المعلومات القديمة والجديدة من خلال عمليات متسقة للاستكمال والاستقراء (انظر الملحق 1باء).
وبالإضافة إلى مراجعة سلسلة معدل انتشار النقص التغذوي في البلدان التي تتوفر فيها بيانات جديدة للدراسات الاستقصائية والمراجعات المقابلة للمجاميع الأساسية الإقليمية والعالمية، فإن أحد الآثار الواضحة للغاية والناتجة من توافر بيانات جديدة من تسع دراسات استقصائية أُجريت بعد عام 2021 يتمثّل في انخفاض عدم اليقين الذي يحيط بتقديرات معدل انتشار النقص التغذوي لعامي 2022 و2023. ويعود السبب في ذلك إلى إدخال الأدلة المباشرة المتعلقة بدرجة عدم المساواة في الحصول على الأغذية في تلك البلدان في التحليل. وفي الإصدارات السابقة من هذا التقرير، أدى المستوى الأعلى نسبيًا من عدم اليقين الناجم عن نقص البيانات الوطنية التي تعكس آثار الجائحة إلى الحاجة إلى إدخال حدود عليا ودنيا للسلسلة في الأعوام 2020، و2021 و2022 (انظر المواد التكميلية للفصل الثاني). وفي حين أن عدم اليقين الذي يحيط بالوضع الحقيقي السائد في تلك السنوات لن يختفي أبدًا بشكل كامل، إلّا أننا نأمل بأن يبقى الوصول إلى معلومات أكثر تواترًا حول استهلاك الأغذية من عدد أكبر من البلدان متاحًا في المستقبل لجعل تقييماتنا لحالة انعدام الأمن الغذائي في العالم أكثر موثوقية بشكل دائم.
وتمثّل أفريقيا الإقليم الذي يسجل أعلى معدلات انتشار النقص التغذوي - 20.4 في المائة، مقارنة بنسبة 8.1 في المائة في آسيا، و6.2 في المائة في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، و7.3 في المائة في أوسيانيا (الجدول 1). غير أن آسيا لا تزال موطنًا لأعلى المعدلات: 384.5 ملايين شخص، أو أكثر من نصف مجموع السكان الذين يواجهون الجوع في العالم. وفي أفريقيا، ربما واجه 298.4 ملايين شخص الجوع في عام 2023، مقابل 41 مليون شخص في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي و3.3 ملايين شخص في أوسيانيا (الجدول 2).
الجدول 1انتشار النقص التغذوي، 2023-2005

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2024. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة: مجموعة مؤشرات الأمن الغذائي. [تمّ الاطلاع على الموقع في 24 يوليو/تموز 2024]. https://www.fao.org/faostat/en/#data/FS. الترخيص: CC-BY-4.0.
الجدول 2عدد ناقصي التغذية، 2023-2005

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2024. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة: مجموعة مؤشرات الأمن الغذائي. [تمّ الاطلاع على الموقع في 24 يوليو/تموز 2024]. https://www.fao.org/faostat/en/#data/FS. الترخيص: CC-BY-4.0.
وبالرغم من عدم حدوث أي تغيير في معدل انتشار الجوع على المستوى العالمي، فإن الاتجاهات عبر الأقاليم وضمنها كانت متباينة. وشهد معدل انتشار النقص التغذوي في أفريقيا زيادة مستمرة من عام 2015 إلى عام 2023، في حين أن الجوع آخذ في الانخفاض في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي منذ عام 2021 وبقي على حاله نسبيًا في آسيا خلال الفترة نفسها (الجدول 1 والجدول 2 والشكل 2).
الشكل 2 تم إحراز تقدم نحو الحد من الجوع في بعض الأقاليم الفرعية في آسيا وأمريكا اللاتينية، ولكنّ الجوع لا يزال يشهد ارتفاعًا في غرب آسيا والبحر الكاريبي ومعظم الأقاليم الفرعية في أفريقيا

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2024. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة: مجموعة مؤشرات الأمن الغذائي. [تمّ الاطلاع على الموقع في 24 يوليو/تموز 2024]. https://www.fao.org/faostat/en/#data/FS. الترخيص: CC-BY-4.0.
وفي أفريقيا، يشهد الجوع زيادة مطردة منذ عام 2015. وواجه أكثر من شخص واحد من كل خمسة أشخاص يعيشون في أفريقيا الجوع في عام 2023. وزاد الجوع في معظم الأقاليم الفرعية في أفريقيا من عام 2022 إلى عام 2023، باستثناء أفريقيا الشرقية وأفريقيا الجنوبية. وبعد الارتفاع المطرد الذي شهده معدل انتشار النقص التغذوي في أفريقيا الشرقية منذ عام 2015، عاد ليشهد انخفاضًا بمقدار نقطة مئوية واحدة في عام 2023 ليصل إلى نسبة 28.6 في المائة (138.5 ملايين شخص). غير أن حوالي نصف الأشخاص الذين واجهوا الجوع في أفريقيا في عام 2023 كانوا يعيشون في هذا الإقليم الفرعي. وفي أفريقيا الجنوبية، بقي معدل انتشار النقص التغذوي دون تغيير نسبيًا من عام 2022 إلى عام 2023 بعد ثلاث سنوات متتالية من الزيادات. ومن ناحية أخرى، في أفريقيا الوسطى، ارتفع معدل انتشار النقص التغذوي بشكل حاد في الفترة من 2022 إلى 2023، حيث زاد بنسبة 3.3 نقاط مئوية - وهي تُعتبر أكبر زيادة مئوية في أي إقليم فرعي في العالم - ليصل إلى 30.8 في المائة (62.2 مليون شخص) في عام 2023. وتدهور الوضع أيضًا في أفريقيا الغربية، حيث ارتفع معدل انتشار النقص التغذوي بشكل حاد من عام 2019 إلى عام 2020، وتبعت ذلك زيادة أقل في عام 2021، ثم عاد ليرتفع بشكل أسرع لمدة عامين متتاليين ليصل إلى 16 في المائة (70.4 ملايين شخص) في عام 2023. كما زاد الجوع أيضًا، وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ، في الإقليم الفرعي الذي يسجل أدنى معدلات انتشار النقص التغذوي في القارة، وهو أفريقيا الشمالية، وأثّر على 7.8 في المائة من السكان (20.7 ملايين شخص) في عام 2023.
ويعكس اتجاه الجوع في آسيا الاتجاه السائد على المستوى العالمي، والذي شهد زيادة حادة من عام 2019 إلى عام 2021، تلا ذلك عامان من عدم التغيير تقريبًا، حيث كان 8.1 في المائة من السكان لا زالوا يواجهون الجوع في عام 2023.
وفي آسيا الوسطى، وبعد الزيادة التي طرأت على معدل انتشار النقص التغذوي من 2.6 في المائة في عام 2019 إلى 3.2 في المائة في عام 2020، شهد في السنوات اللاحقة انخفاضًا طفيفًا ليصل إلى 3.0 في المائة في عام 2023. وفي جنوب شرق آسيا، ارتفع معدل انتشار النقص التغذوي ببطء من 5.5 في المائة في عام 2019 إلى 6.1 في المائة في عام 2022 وبقي على حاله في عام 2023. وفي آسيا الجنوبية، تمت ملاحظة تقدّم مشجع لمدة عامين على التوالي. وبعد الارتفاع الحاد المسجل في معدل انتشار النقص التغذوي من عام 2019 إلى عام 2021، انخفض من 14.5 في المائة في عام 2021 إلى 13.9 في المائة في عام 2023 - ويعادل ذلك انخفاضًا في عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع بمقدار 7.7 ملايين شخص. وفي المقابل، استمر الوضع في التدهور في آسيا الغربية، حيث يشهد الجوع ارتفاعًا منذ عام 2015، ووصل إلى 12.4 في المائة في عام 2023.
وفي أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، عكس ارتفاع معدلات الجوع لمدة عامين في أعقاب جائحة كوفيد-19 الاتجاه العالمي، غير أن التعافي كان أقوى بشكل كبير. وبعد ارتفاع معدل انتشار النقص التغذوي من 5.6 في المائة في عام 2019 إلى 6.9 في المائة في عام 2021، شهد انخفاضًا لمدة عامين متتاليين، ليصل إلى 6.2 في المائة في عام 2023 - ويمثّل ذلك انخفاضًا يعادل 4.3 ملايين شخص خلال عامين، مدفوعًا بشكل أساسي بالتحسّن في أمريكا الجنوبية. ويُعتبر التقدم مشجعًا، على الرغم من أن معدل انتشار النقص التغذوي لا يزال أعلى بكثير من المستويات المسجلة قبل الجائحة.
وفي الوقت ذاته، يبرز تفاوت ملحوظ في التقدم المحرز على مستوى الأقاليم الفرعية، حيث يؤثر الجوع على نسبة أعلى بكثير من السكان في البحر الكاريبي والنسبة آخذة في التزايد. ويزيد معدل انتشار النقص التغذوي في البحر الكاريبي عن ثلاثة أضعاف نظيره في أمريكا اللاتينية في عام 2023، ويُظهر زيادة ملحوظة من 15.4 في المائة في عام 2021 إلى 17.2 في المائة في عام 2023. ويتناقض ذلك مع الاتجاه السائد في أمريكا الوسطى، حيث شهد معدل انتشار النقص التغذوي ارتفاعًا طفيفًا فقط من 5.6 في المائة في عام 2019 إلى 5.9 في المائة في عام 2022، وأظهر بعد ذلك انخفاضًا هامشيًا في عام 2023. وتم إحراز أكبر تقدم في أمريكا الجنوبية، حيث انخفض معدل انتشار النقص التغذوي لمدة عامين متتاليين بما مجموعه 1.3 نقاط مئوية، ووصل بذلك إلى 5.2 في المائة في عام 2023، وذلك بعد الزيادة الحادة التي شهدها من 4.8 في المائة في 2019 إلى 6.5 في المائة في 2021 في أعقاب الجائحة. ويعني ذلك أن عدد الأشخاص الذين واجهوا الجوع في أمريكا الجنوبية في عام 2023 كان أقل بمقدار 5.4 ملايين شخص مقارنة بعام 2021.
وعند النظر في هذه النتائج، من المهم أيضًا الأخذ بعين الاعتبار تدهور حالة انعدام الأمن الغذائي في البلدان المتضررة من الأزمات الإنسانية الناشئة والتي قد لا يتم التعبير عنها بشكل كامل في التوقعات الآنية لمعدل انتشار النقص التغذوي لعام 2023 (انظر الإطار 2).
نحو القضاء على الجوع (المقصد 2-1 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة): التوقعات حتى عام 2030
كما هو الحال في الإصدارات السابقة من هذا التقرير، تم إجراء عملية لتوقّع عدد الأشخاص الذين قد يواجهون الجوع في عام 2030 بناءً على ما يمكن استنتاجه من التوقعات المتاحة للمتغيّرات الديمغرافية ومتغيرات الإنتاجية الزراعية والمتغيرات الاقتصادية الأساسية. وتم الحصول على التوقعات من خلال إسقاط كل من المعايير التي يسترشد بها النموذج المستخدم لتقدير معدل انتشار النقص التغذوي بشكل منفصل (انظر المواد التكميلية للفصل الثاني).
وتُعرض المسارات في إطار سيناريوهين: «الآفاق الحالية»، والذي يهدف إلى التعبير عن التوقعات الحالية لمعدل انتشار النقص التغذوي في عام 2030 بناءً على التوقعات الاقتصادية العالمية المعروضة في إصدار أبريل/نيسان 2024 من قاعدة بيانات الآفاق الاقتصادية في العالم الصادرة عن صندوق النقد الدولي؛5 و»التوقعات قبل جائحة كوفيد-19»، الذي تمت معايرته ليعكس وضع الاقتصاد العالمي قبل الجائحة على النحو المعروض في تقرير الآفاق الاقتصادية في العالم الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 2019. 6
ويُظهر السيناريو الحالي أن 582 مليون شخص، أي 6.84 في المائة من سكان العالم، سيعانون من النقص التغذوي المزمن في عام 2030، ما يشير إلى التحدي الهائل الذي يواجه تحقيق الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة (القضاء على الجوع) (الشكل 3). ويعني ذلك زيادة عدد من يعانون النقص التغذوي بحوالي 130 مليون شخص بالمقارنة مع سيناريو «التوقعات قبل جائحة كوفيد- 19».
الشكل 3 تشير الأعداد المتوقعة لمن يعانون النقص التغذوي إلى أن العالم بعيد جدًا عن المسار الصحيح لتحقيق هدف القضاء على الجوع بحلول عام 2030

المصدر: من إعداد المؤلفين (منظمة الأغذية والزراعة).
يبين الشكل 3 أيضًا كيف يُتوقع حاليًا أن يتطور الوضع في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. وتُعتبر المسارات المختلفة واضحة، وتشير إلى أنه من المتوقع أن يحصل كل التقدم المحرز في مكافحة الجوع في آسيا عمليًا، مع حدوث تعافٍ كبير في النصف الثاني من العقد، حيث من المتوقع أن ينخفض عدد من يعانوا من النقص التغذوي من العدد الحالي البالغ 384 مليون شخص إلى 229 مليون شخص بحلول عام 2030، ما يخفض معدل انتشار النقص التغذوي إلى النصف تقريبًا (4.8 في المائة بحلول عام 2030). وستحد أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي من الجوع المزمن بوتيرة أبطأ، وذلك بمقدار 8 ملايين شخص، وستقوم بخفض معدل انتشار النقص التغذوي إلى أقل من 5 في المائة بحلول عام 2030. ويُظهر هذان الإقليمان تباينًا حادًا مع أفريقيا، والتي من المتوقع أن يزيد عدد السكان الذين يواجهون الجوع المزمن فيها بمقدار 10 ملايين شخص (18 في المائة من السكان) بحلول عام 2030. وفي غياب تسريع الجهود وزيادة حشد الموارد، وفي ظل التوقعات الحالية، فإن القارة لن تتمكن من تحقيق استقرار في الوضع إلّا عند مستوى الجوع المرتفع الموروث من السنوات القليلة الماضية.
المؤشر 2-1-2 لأهداف التنمية المستدامة معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بين السكان بالاستناد إلى مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي
يهدف المقصد 2-1 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة إلى عالم خال من الجوع، ولكنه يذهب أيضًا أبعد من ذلك بكثير؛ إذ أنه يقدّم رؤية لعالم يحصل فيه جميع السكان على الأغذية الآمنة والمغذية والكافية على مدار السنة. ويتتبّع المؤشر 2-1-2 لأهداف التنمية المستدامة - معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بين السكان، بالاستناد إلى مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي - التقدم المحرز نحو تحقيق هذا الهدف الأكثر طموحًا، والذي يتمثل في جوهره في إعمال الحق في الغذاء الكافي للجميع.
وتُظهر التقديرات الجديدة أن معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في العالم، بالاستناد إلى مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي، لا يزال أعلى بكثير من مستويات ما قبل جائحة كوفيد- 19، وشهد تغيّرًا طفيفًا خلال أربع سنوات (الشكل 4). ومنذ الزيادة الحادة التي شهدها انعدام الأمن الغذائي من عام 2019 إلى عام 2020 أثناء الجائحة، بقيت المستويات على حالها تقريبًا. وفي عام 2023، كان ما يُقدّر بحوالي 28.9 في المائة من سكان العالم - أي 2.33 مليار شخص - يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد، ما يعني أنهم لم يحصلوا على أغذية كافية بشكل منتظم. وفي حين بقي معدل الانتشار على حاله تقريبًا من عام 2020 إلى عام 2023، إلّا أن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في العالم زاد مع ذلك بأكثر من 65 مليون شخص بالنظر إلى نمو عدد سكان العالم خلال تلك الفترة (الجدول 3 والجدول 4).
الشكل 4 مستويات انعدام الأمن الغذائي بقيت من دون تغيير يُذكر على المستوى العالمي من عام 2022 إلى عام 2023، وكانت أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي الإقليم الوحيد الذي سجّل انخفاضًا ملحوظًا

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2024. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية: مجموعة مؤشرات الأمن الغذائي. [تمت زيارة الموقع في 24 يوليو/تموز 2024]. https://www.fao.org/faostat/ar/#data/FS. الترخيص: CC-BY-4.0.
الجدول 3معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي الشديد فقط، والمعتدل أو الشديد، بالاستناد إلى مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي، 2023-2015

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2024. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة: مجموعة مؤشرات الأمن الغذائي. [تمّ الاطلاع على الموقع في 24 يوليو/تموز 2024]. https://www.fao.org/faostat/en/#data/FS. الترخيص: CC-BY-4.0.
الجدول 4عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد فقط، والمعتدل أو الشديد، بالاستناد إلى مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي، 2023-2015

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2024. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة: مجموعة مؤشرات الأمن الغذائي. [تمّ الاطلاع على الموقع في 24 يوليو/تموز 2024]. https://www.fao.org/faostat/en/#data/FS. الترخيص: CC-BY-4.0.
وتشمل هذه التقديرات 10.7 في المائة - أي أكثر من 864 مليون شخص - من السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، ما يعني أنهم استنفدوا غذاءهم في بعض الأحيان خلال العام، وفي أسوأ الأحوال، أنهم قضوا يومًا كاملًا أو أكثر من دون تناول الطعام. وارتفع معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي الشديد على المستوى العالمي من 9.1 في المائة في عام 2019 إلى 10.6 في المائة في عام 2020، وبقي على حاله منذ ذلك الحين.
عند مقارنة الأوضاع في مختلف أقاليم العالم في عام 2023، تبقى أفريقيا هي الإقليم الذي تواجه فيه أعلى نسبة من السكان انعدام الأمن الغذائي. ويبلغ معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في أفريقيا (58 في المائة) حوالي ضعف المتوسط العالمي، في حين يُعتبر معدل الانتشار في آسيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وأوسيانيا أقرب إلى التقدير العالمي وأقلّ منه قليلًا - 24.8، و28.2 و26.8 في المائة على التوالي. وفي الفترة من عام 2022 إلى عام 2023، بقي انعدام الأمن الغذائي بمستويات معتدلة أو شديدة على حاله تقريبًا في أفريقيا وآسيا، في حين شهد تفاقمًا في أوسيانيا، وإلى حد أقل، في أمريكا الشمالية وأوروبا. وفي المقابل، تم إحراز تقدم ملحوظ في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (الجدول 3 والجدول 4 والشكل 4).
وفي أفريقيا، كان 58 في المائة من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في عام 2023، وواجه 21.6 في المائة انعدام الأمن الغذائي الشديد على الرغم من أن الاختلافات بين الأقاليم الفرعية كانت ملحوظة. وتشهد أفريقيا الوسطى أعلى معدل انتشار لانعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد (77.7 في المائة، أي 157 مليون شخص)، ما يجعلها الإقليم الفرعي الذي يُسجّل فيه أعلى مستوى في العالم. وتليها أفريقيا الشرقية (64.5 في المائة، أي 313 مليون شخص)، وأفريقيا الغربية (61.4 في المائة، أي 270 مليون شخص). وتأثر ربع سكان أفريقيا الجنوبية (17.3 ملايين شخص) وأكثر من ثلث سكان أفريقيا الشمالية (89.4 ملايين شخص) بانعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في عام 2023.
كما تُعدّ أفريقيا الوسطى الإقليم الفرعي الذي يُسجل فيه أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي الشديد في أفريقيا والعالم - 38 في المائة في عام 2023. وفي أفريقيا الشرقية، يعاني 24.2 في المائة من السكان من انعدام الأمن الغذائي الشديد، تليها أفريقيا الغربية (18.8 في المائة)، وأفريقيا الشمالية (11.9 في المائة) وأفريقيا الجنوبية (10.9 في المائة).
وفي الفترة من عام 2022 إلى عام 2023، زادت نسبة السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد على الأقل بشكل هامشي في معظم الأقاليم الفرعية في أفريقيا، لا سيما في أفريقيا الجنوبية، حيث زادت بنسبة 2.1 نقطة مئوية. ومع ذلك، فقد لوحظ تحسن في أفريقيا الشرقية - وهي أحد الأقاليم الفرعية الأكثر تأثرًا - حيث شهدت انخفاضًا بنسبة 2.6 نقاط مئوية من عام 2022 إلى عام 2023. ويعادل ذلك انخفاض عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بأكثر من 4 ملايين شخص في أفريقيا الشرقية في عام واحد.
وبالتركيز على انعدام الأمن الغذائي الشديد فقط، بقي معدل الانتشار على حاله نسبيًا من عام 2022 إلى عام 2023 في أفريقيا الشمالية وأفريقيا الوسطى وأفريقيا الجنوبية، ولكن تجدر الإشارة إلى أنه لأسباب تتعلق بتوفر البيانات، فإن الاتجاه في أفريقيا الشمالية قد لا يعكس بشكل كامل الوضع المتدهور بسرعة في السودان نتيجة النزاع الذي اندلع في أبريل/نيسان 2023 (انظر الإطار 2). وشهد انعدام الأمن الغذائي الشديد انخفاضًا طفيفًا في أفريقيا الشرقية في الفترة نفسها، وذلك بنسبة 1.6 نقاط مئوية، في حين ارتفع بشكل طفيف في أفريقيا الغربية.
الإطار 2تؤدي الأزمات الإنسانية المتفاقمة إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي الحاد وتهدد الحق في الغذاء الكافي في العديد من الأماكن في العالم
أثناء إعداد هذا الإصدار من تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، استمرت الأزمات الإنسانية المتفاقمة في تقويض الأمن الغذائي وإعمال الحق في الغذاء الكافي في العديد من البلدان. وبغية إبلاغ صانعي القرار بهذا الوضع المتطور، يعرض التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية1 تفاصيل انعدام الأمن الغذائي الحاد في مجموعة من البلدان المعرّضة حاليًا لحالات الأزمات الغذائية. ويُعدّ كل من تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم والتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية بمثابة جهود متعددة الشراكات توفر تحليلات دولية للأمن الغذائي، ولكن يجب على القراء إدراك الاختلاف بين التقريرين في الأهداف والنطاق الجغرافي، فضلًا عن اعتمادهما في تحليلاتهما على بيانات ومنهجيات مختلفة بشكل واضح.
ويتمثل أحد الفروق المهمة في أنه من خلال الإبلاغ عن مؤشرات الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة، فإن تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لديه هدف واسع النطاق يتمثل في رصد انعدام الأمن الغذائي المزمن - الذي يُعرّف بأنه انعدام في الأمن الغذائي يستمر بمرور الزمن، وينشأ بشكل أساسي عن أسباب هيكلية - في جميع البلدان بصورة منتظمة. ومن ناحية أخرى، يركّز التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية على انعدام الأمن الغذائي الحاد، والذي يشير إلى أي مظهر من مظاهر انعدام الأمن الغذائي في نقطة زمنية محدَّدة وبدرجة من الشدة تُهدِّد الحياة أو سُبل العيش أو كليهما معًا، بصرف النظر عن أسبابه أو سياقه أو مدته. وتستند تحليلات انعدام الأمن الغذائي الحاد التي يتم الإبلاغ عنها في التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية بشكل رئيسي إلى التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي/الإطار المنسق، وهي تختلف بشكل كبير عن تلك التي تسترشد بها مؤشرات أهداف التنمية المستدامة.2 ونظرًا إلى أن التوقيت المناسب يُعتبر أمرًا جوهريًا في حالات الأزمات، يتم إجراء تقييمات سريعة للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي/الإطار المنسق من قبل فرق محلية من المحللين من خلال عملية تشاورية بين شركاء الأمن الغذائي الرئيسيين في البلاد، بما في ذلك النظراء الحكوميين، بهدف إيجاد التقاطع بين كافة أجزاء الأدلة المتاحة جزئيًا في بعض الأحيان، بما في ذلك البيانات المستمدة من مصادر رسمية وغير رسمية والتي عادة ما يتم جمعها واستخدامها من قبل المجتمع الإنساني الدولي.
ووفقًا للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2024، واجه حوالي 282 مليون شخص مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 59 بلدًا/إقليمًا يعاني من أزمة غذائية تم إدراجه في التحليل في عام 2023.* وتمثلت البلدان الخمسة التي يعيش فيها أكبر عدد من الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بالترتيب التنازلي، في جمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا والسودان وأفغانستان وإثيوبيا، في حين كانت البلدان التي واجهت فيها الحصة الأكبر من السكان الذين تناولهم التحليل مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد هي فلسطين (قطاع غزة) وجنوب السودان واليمن والجمهورية العربية السورية وهايتي. وتواجه نسبة مائة في المائة من سكان قطاع غزة مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، كما هو الحال بالنسبة إلى أكثر من نصف سكان جنوب السودان واليمن والجمهورية العربية السورية، وحوالي نصف سكان هايتي.
ومن المتوقع أن يواجه أكثر من 000 705 شخص في خمسة بلدان/أقاليم** مستويات كارثية (المرحلة 5 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي/الإطار المنسق) من انعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2023، معظمهم (000 576) في قطاع غزة. ويشهد قطاع غزة أشد أزمة غذائية تم تسجيلها منذ البدء بإجراء تقييمات التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي. وبحلول أواخر عام 2023، تم تصنيف جميع السكان البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة على أنهم يواجهون ظروف أزمة أو ما هو أسوأ (المرحلة 3 أو ما فوقها من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي)، وكان 80 في المائة من السكان نازحين داخليًا. وحذر موجز للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي خاص بغزة3 بتاريخ 18 مارس/آذار 2024 من خطر المجاعة الوشيك، حيث واجه أكثر من ربع السكان مستويات كارثية (المرحلة 5 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) من انعدام الأمن الغذائي الحاد، والذي كان من المتوقع حينها أن يتسع نطاقه ليهدد نصف عدد السكان - 1.1 مليون نسمة - بحلول يوليو/تموز 2024 إذا استمرت الأعمال العدائية وتقييد الوصول إلى المساعدات الإنسانية.
كما ساهم تفاقم النزاع في السودان في ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد بشكل استثنائي، حيث يواجه أكثر من 20 مليون شخص ظروف أزمة أو أسوأ (المرحلة 3 أو ما فوقها من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) خلال الموسم الأعجف في الفترة يونيو/حزيران - سبتمبر/أيلول في عام 2023. وبات السودان يمثّل أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم ويعيش فيه أعلى عدد من الأشخاص الذين يواجهون مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 4 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) في العالم - 6.3 ملايين شخص.
كما أدى تفاقم النزاع والعنف والنزوح الداخلي إلى تفاقم الأزمة الغذائية في هايتي، حيث واجه حوالي 5 ملايين شخص، أي نصف السكان، انعدام الأمن الغذائي الحاد بمستوى الأزمة أو أسوأ (المرحلة 3 أو ما فوقها من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي)، بما في ذلك 1.8 ملايين شخص واجهوا مستويات طارئة (المرحلة 4 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي( خلال الموسم الأعجف في الفترة مارس/آذار - يونيو/حزيران 2023.
وفي جنوب السودان، كان ما يُقدّر بحوالي 7.8 ملايين شخص - أي 63 في المائة من السكان - يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 3 أو ما فوقها من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) خلال الموسم الأعجف في الفترة أبريل/نيسان - يوليو/تموز 2023، بما في ذلك 2.9 ملايين شخص في فئة الطوارئ (المرحلة 4 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) و000 43 في فئة الكوارث (المرحلة 5 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي). ويواجه حوالي 13 مليون شخص في الجمهورية العربية السورية و18 مليون شخص في اليمن مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وتُعتبر هذه الأزمات من ضمن الأزمات الإنسانية الأشد خطورة في العالم وهي تفرض تحديات هائلة في وجه إعمال الحق في الغذاء الكافي. وهناك حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المساعدات الطارئة في مجال الزراعة والتغذية والأغذية، إلى جانب إنهاء الأعمال العدائية، والوصول إلى الفئات السكانية المحتاجة، وإعادة بناء البنية التحتية والمؤسسات الأساسية الضرورية لضمان سبل عيش السكان وتلبية احتياجاتهم الأساسية. إن بذور السلام المستقبلي والأمن الغذائي والرخاء المشترك يجب أن تُزرع اليوم.
وبالانتقال إلى آسيا، كان 24.8 في المائة من السكان (1.18 مليار شخص) يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في عام 2023، وواجه 9.8 في المائة (467.3 ملايين شخص) انعدام الأمن الغذائي الشديد. وتعيش الأغلبية في آسيا الجنوبية، حيث واجه 41.1 في المائة من السكان، أي 833.4 ملايين شخص، انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد، وعانى حوالي نصفهم من انعدام الأمن الغذائي الشديد (387.7 ملايين شخص، أي 19.1 في المائة من سكان ذلك الإقليم الفرعي). وفي آسيا الغربية، عانى 37.5 في المائة (111.9 ملايين شخص) من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد، وواجه 13.3 في المائة (39.7 ملايين شخص) انعدام الأمن الغذائي الشديد. وكان معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد أقلّ نسبيًا في آسيا الوسطى (16.6 في المائة، أي 12.9 ملايين شخص) وجنوب شرق آسيا (17.1 في المائة، أي 117.7 ملايين شخص)، وسجل أدنى مستوى له في آسيا الشرقية (6.3 في المائة، أي ما يعادل 105.2 مليون شخص). وكانت نسبة السكان الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد في هذه الأقاليم الفرعية أقلّ بكثير أيضًا، وبلغت: 3.4 في المائة، و2.9 في المائة و1 في المائة في آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا وآسيا الشرقية، على التوالي.
وتختلف الاتجاهات على مستوى الأقاليم الفرعية في آسيا. وفي آسيا الشرقية، بقيت مستويات انعدام الأمن الغذائي على حالها تقريبًا منذ عام 2021. وفي آسيا الجنوبية وجنوب شرق آسيا، بقي معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي عند كلا مستويي الشدة على حاله تقريبًا من عام 2022 إلى عام 2023. وظهرت علامات على إحراز تقدم في آسيا الغربية خلال الفترة نفسها، على الرغم من أن معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي الشديد كان أعلى بشكل طفيف في عام 2023 مقارنة بعام 2021. وتُعتبر آسيا الوسطى الإقليم الفرعي الوحيد الذي أظهر تقدمًا متسقًا منذ عام 2021، مع انخفاض معدل انعدام الأمن الغذائي عند كلا مستويي الشدة لمدة عامين على التوالي؛ حيث انخفض عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بمقدار 2.4 ملايين شخص في آسيا الوسطى في عام 2023 مقارنة بعام 2021، كما واجه عدد أقلّ بمقدار 1 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الشديد.
ويُعتبر إقليم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي الإقليم الوحيد الذي أحرز تقدمًا في الفترة من 2022 إلى 2023 نحو تحقيق المقصد 2-1 من مقاصد أهداف التنمية المستدامة. وشهد معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي على المستوى الإقليمي انخفاضًا ملحوظًا في الإقليم للعام الثاني على التوالي، وذلك من 31.4 في المائة في عام 2022 إلى 28.2 في المائة في عام 2023 بالنسبة إلى انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد، ومن 11.0 في المائة إلى 8.7 في المائة بالنسبة إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد. ويعادل ذلك انخفاض عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بمقدار 20 مليون شخص تقريبًا في عام 2023 مقارنة بعام 2022، بما في ذلك انخفاض عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد بأكثر من 14 مليون شخص.
غير أن هناك اختلافات ملحوظة على المستوى الإقليمي الفرعي. وفي عام 2023، تجاوز معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في البحر الكاريبي (58.8 في المائة) ضعف نظيره في أمريكا الوسطى (28.2 في المائة) وأمريكا الجنوبية (25.1 في المائة). وكانت التغييرات من عام 2022 إلى عام 2023 هامشية فقط في أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي على الرغم من ارتفاع انعدام الأمن الغذائي الشديد بشكل طفيف في البحر الكاريبي لعامين متتاليين. وفي المقابل، لوحظ تقدم مشجع في أمريكا الجنوبية. وانخفض معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد منذ عام 2021، وذلك من 29.6 في المائة في عام 2022 إلى 25.1 في المائة في عام 2023 - أي أن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد انخفض بمقدار 18.7 ملايين شخص. كما شهد معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي الشديد في أمريكا الجنوبية انخفاضًا ملحوظًا، وذلك من 10.4 في المائة في عام 2022 إلى 7.2 في المائة في عام 2023 - أي ما يعادل انخفاضًا بنحو 14 مليون شخص.
ويبدو أن انعدام الأمن الغذائي آخذ في الارتفاع في أوسيانيا. وارتفع معدل انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بشكل مطرد من 23.2 في المائة في عام 2020 إلى 26.8 في المائة في عام 2023، حيث تم تسجيل زيادة قدرها 2.7 نقاط مئوية في العام الماضي وحده. كما ارتفع معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي الشديد بشكل طفيف في العام الماضي، وذلك من 9.3 في المائة في عام 2022 إلى 10.4 في المائة في عام 2023.
وتفاقم انعدام الأمن الغذائي بشكل طفيف في أمريكا الشمالية وأوروبا بين عامي 2022 و2023، على الرغم من أن الفرق لا يزال ضمن هوامش الخطأ الإحصائي. وفي عام 2023، بلغ معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد 8.2 في المائة في أوروبا و9.8 في المائة في أمريكا الشمالية، في حين واجه 2 في المائة و1 في المائة من السكان، على التوالي، مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي.
ويقدم الشكل 5 نظرة عامة لمقارنة نطاق ونسب انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم وفي الأقاليم. وعلى الرغم من أن معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في آسيا يبلغ نحو نصف نظيره في أفريقيا، إلّا أن حصة آسيا من عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي تُعتبر الأعلى في العالم - 1.18 مليار شخص في آسيا مقابل 847 مليون شخص في أفريقيا. في عام 2023، كان نصف الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في العالم، والبالغ عددهم 2.33 مليار شخص، يعيشون في آسيا، في حين كان أكثر من ثلثهم يعيشون في أفريقيا، ونحو 8 في المائة (188 مليونًا) في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، ونحو 4 في المائة (98 مليونًا) في أمريكا الشمالية وأوروبا. وتتضح أيضًا بعض الاختلافات في نسبة السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي والذين يواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي. ويشكّل الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد النسبة الأكبر من إجمالي عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في آسيا (حوالي 40 في المائة)، تليها أفريقيا (37 في المائة)، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (31 في المائة)، وأمريكا الشمالية وأوروبا (18 في المائة).
الشكل 5 اختلف تركيز انعدام الأمن الغذائي وتوزيعه بحسب الشدة في عام 2023 بشكل كبير عبر أقاليم العالم

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2024. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة: مجموعة مؤشرات الأمن الغذائي. [تمّ الاطلاع على الموقع في 24 يوليو/تموز 2024]. https://www.fao.org/faostat/en/#data/FS. الترخيص: CC-BY-4.0
الاختلافات في انعدام الأمن الغذائي بين المناطق الريفية وشبه الحضرية والحضرية وبين الرجال والنساء
يتمثل أحد المبادئ التوجيهية للرؤية التي طرحتها خطة التنمية المستدامة لعام 2030 في ضمان عدم ترك أي أحد خلف الركب. وتساعد المعلومات الأكثر تفصيلًا حول انعدام الأمن الغذائي لمختلف المجموعات السكانية على رصد التقدم المحرز نحو تحقيق هذه الرؤية. وفي هذا الصدد، يمكن استخدام بيانات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي التي جمعتها المنظمة لتوليد معلومات مصنفة ذات صلة بشأن انعدام الأمن الغذائي لمجموعات سكانية محددة. أولًا، نظرًا لأن البيانات تستند إلى مرجعية جغرافية، فإنه يمكن أيضًا تحليل الاختلافات بين الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الريفية وشبه الحضرية والحضرية. ثانيًا، بما أن جمع البيانات يتم من أفراد، فمن الممكن النظر في اختلافات شدة انعدام الأمن الغذائي بين الرجال والنساء.
وأُتيحت بيانات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي التي تستند إلى مرجعية جغرافية للمنظمة لإصدار عام 2023 من هذا التقرير عندما أمكن عرض أول مقارنة لانعدام الأمن الغذائي بين الفئات السكانية الريفية وشبه الحضرية والحضرية على المستويات العالمية والإقليمية والإقليمية الفرعية.ب وتستخدم المنظمة تصنيف درجة التحضّر، وهو معيار دولي، للتمييز بين الفئات السكانية الذين تعيش في: (1) المناطق الريفية؛ (2) والمدن والمناطق شبه الكثيفة (المناطق شبه الحضرية)؛ (3) والمدن (المناطق الحضرية)، بالاستناد إلى الكثافة السكانية والحجم، بطريقة قابلة للمقارنة على مستوى العالم.ج،7
وكما كان الحال في عام 2022، تُظهر نتائج عام 2023 نمطًا يتمثل بانخفاض انعدام الأمن الغذائي مع زيادة درجة التحضر على المستوى العالمي (الشكل 6).د وبلغ معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد نسبة 31.9 في المائة في المناطق الريفية مقارنة بـنسبة 29.9 في المائة في المناطق شبه الحضرية و25.5 في المائة في المناطق الحضرية. وعلى المستوى العالمي وفي جميع الأقاليم باستثناء أمريكا الشمالية وأوروبا، كان معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي، على كلا المستويين من الشدة، أعلى بصورة مستمرة في المناطق الريفية بالمقارنة مع المناطق الحضرية. غير أن معدل الانتشار في المناطق شبه الحضرية مقارنة بالمناطق الريفية يختلف بين الأقاليم. وفي أفريقيا وآسيا، يُعتبر انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في المناطق شبه الحضرية مماثلًا لانتشاره في المناطق الريفية، في حين يُعتبر انعدام الأمن الغذائي الشديد في آسيا أكثر انتشارًا بشكل طفيف في المناطق شبه الحضرية. وتُعدّ أمريكا الشمالية وأوروبا، عند النظر إليهما معًا لأغراض هذا التحليل، المنطقة الوحيدة التي يعاني فيها الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية من انعدام الأمن الغذائي أكثر من أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية.
الشكل 6 على المستوى العالمي وفي معظم الأقاليم، يُعتبر معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية أعلى بالمقارنة مع المناطق الحضرية

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2024. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة: مجموعة مؤشرات الأمن الغذائي. [تمّ الاطلاع على الموقع في 24 يوليو/تموز 2024]. https://www.fao.org/faostat/en/#data/FS. الترخيص: CC-BY-4.0.
وتظهر مقارنة حالة انعدام الأمن الغذائي لدى الرجال والنساء على المستوى العالمي وفي جميع الأقاليم، منذ إتاحة البيانات لأول مرة في عام 2015، أن معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي لدى النساء بقي أعلى بصورة مستمرة بالمقارنة مع الرجال. واتسعت الفجوة بين الجنسين بشكل كبير على المستوى العالمي وفي كل الأقاليم باستثناء أفريقيا بين عامي 2019 و2021 في أعقاب جائحة كوفيد- 19 العالمية، ويرجع السبب في ذلك إلى حد كبير إلى الأثر غير المتناسب على وظائف النساء ودخلهن والعبء الأكبر الذي يتحملنه والمتمثل في تقديم الرعاية غير المدفوعة الأجر للأطفال غير الملتحقين بالمدارس وأفراد الأسرة المرضى. 8-10 وعلى المستوى العالمي، اتسعت فجوة انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بشكل حاد بين الجنسين من فارق 1.4 نقاط مئوية لدى الرجال والنساء في عام 2019 إلى 3.6 نقاط مئوية في عام 2021، وفي حالة انعدام الأمن الغذائي الشديد، من فارق 0.6 نقاط مئوية إلى 2.3 نقاط مئوية في الفترة نفسها (الشكل 7).ه
الشكل 7 ضاقت الفجوة بين الجنسين في معظم الأقاليم لمدة عامين متتاليين، لكن معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي بقي أعلى بصورة مستمرة لدى النساء بالمقارنة مع الرجال على مستوى العالم وفي جميع الأقاليم

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2024. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة: مجموعة مؤشرات الأمن الغذائي. [تمّ الاطلاع على الموقع في 24 يوليو/تموز 2024]. https://www.fao.org/faostat/en/#data/FS. الترخيص: CC-BY-4.0.
وضاقت الفجوة بين الجنسين بشكل ملحوظ في عام 2022 في ظل انحسار الجائحة واضطراباتها غير المسبوقة، وتشير البيانات الجديدة إلى أنها استمرت في التقلص في عام 2023. وعلى المستوى العالمي، انخفض الفارق المئوي في معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد لدى الرجال والنساء إلى 2.3 في عام 2022 وتقلص بشكل أكبر في عام 2023 ليصل إلى 1.3. وبالنسبة إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد، ضاقت الفجوة إلى نقطة مئوية واحدة في عام 2022 وظلت على حالها تقريبًا في عام 2023.
غير أنه تجدر الإشارة إلى أن السبب في تقلص الفجوة بين الجنسين يرجع في جزء منه إلى انخفاض انعدام الأمن الغذائي لدى النساء بالتزامن مع ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي لدى الرجال لمدة عامين متتاليين في آسيا (وأمريكا الشمالية وأوروبا)، الأمر الذي يدفع الاتجاه العالمي.
وتضاءلت الفروق بين الرجال والنساء خلال العامين الماضيين في معظم الأقاليم. وكانت الفجوة بين الجنسين من حيث انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في عام 2023 قريبة من نقطة مئوية واحدة في جميع الأقاليم باستثناء أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، حيث بلغت 5.2 نقطة مئوية - وعانت 30.3 في المائة من النساء من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد مقارنة بنسبة 25.1 في المائة من الرجال. أما بالنسبة إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد، فقد بلغت الفجوة 1.4 نقاط مئوية في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي مقارنة بنحو نقطة مئوية واحدة أو أقل في الأقاليم الأخرى.
وأظهرت البحوث المستندة إلى بيانات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي التي جمعتها المنظمة أن النساء أشد تأثرًا بانعدام الأمن الغذائي حتى عند أخذ الدخل ومستوى التعليم والعوامل الديمغرافية بعين الاعتبار، ما يشير إلى أن الأعراف الجنسانية السائدة ومحدودية وصول النساء إلى الموارد تُعتبر عوامل رئيسية.10
ويوضح هذا التحليل الذي يستند إلى البيانات التي تم جمعها باستخدام مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي أهمية جمع بيانات الأمن الغذائي في الدراسات الاستقصائية المصمَّمة لتوفير معلومات مصنفة عن انعدام الأمن الغذائي لمختلف المجموعات السكانية المعنية. وبالشكل نفسه، عندما يتم جمع بيانات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي في الدراسة الاستقصائية نفسها مع المعلومات الأخرى ذات الصلة، فإنه يمكن للنتائج أن تسلّط الضوء أيضًا على الأسباب والعواقب المحتملة لانعدام الأمن الغذائي. فعلى سبيل المثال، قدّمت الإصدارات السابقة من هذا التقرير تحليلات للارتباط بين انعدام الأمن الغذائي وأشكال مختلفة من سوء التغذية11 بالإضافة إلى النمط الغذائي.12 وتوجد مسارات متعددة يمكن للمعاناة من انعدام الأمن الغذائي أن تساهم من خلالها في أشكال مختلفة من سوء التغذية، غير أن أهمها يمرّ عبر النمط الغذائي.11 ولهذا السبب، فإنه من المهم تعزيز فهمنا لكيفية ارتباط انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك المستويات المعتدلة من الشدة، بالأنماط الغذائية. غير أن جمع بيانات استهلاك الأغذية بطريقة تسمح بمقارنة الأنماط الغذائية عبر البلدان والثقافات يمثّل تحديًا هائلًا، ويجري حاليًا تنفيذ العديد من المبادرات لمواجهة هذا التحدي. وتتمثل إحدى هذه المبادرات في جمع البيانات الغذائية في العديد من الدراسات الاستقصائية التي تجمع بيانات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي، ما يوفر فرصة فريدة لدراسة العلاقة بين انعدام الأمن الغذائي والنمط الغذائي (الإطار 3).
الإطار 3هل ترتبط شدة انعدام الأمن الغذائي بخصائص النمط الغذائي الصحي؟ أدلة أوليّة من 28 بلدًا
يتم تحقيق أنماط غذائية صحية من عبر استهلاك مجموعة متنوعة من الأغذية التي توفر المغذّيات الكافية والمكونات النشطة حيويًا المهمة للصحة، وتناول كمية متوازنة من المغذّيات الكلية، والاعتدال في تناول الأغذية والمشروبات التي تزيد من خطر الإصابة بالأمراض غير المعدية المرتبطة بالنمط الغذائي، بما في ذلك تلك التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون غير الصحية، والسكريات الحرة و/أو الملح و/أو التي تحتوي على محليات غير سكرية، والتي غالبًا ما تكون عالية التصنيع.19-13 وعلى الرغم من الارتباط الوثيق بين مفاهيم الأمن الغذائي والأنماط الغذائية الصحية، إلّا أن العلاقة بينهما ليست واضحة.
وفي حين أنه قد يبدو من البديهي أن احتمالات تحقيق الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي لنمط غذائي صحي تُعتبر منخفضة، إلّا أن هذا الارتباط لا يُعدّ واضحًا بسبب عدد كبير من العوامل التي تختلف عبر السياقات، مثل العوامل المتعلقة ببيئات الأغذية، وسلوك المستهلك، والكلفة والقدرة على تحمّل كلفة اتباع نمط غذائي صحي. فعلى سبيل المثال، تبيّن أن انعدام الأمن الغذائي يرتبط بانخفاض استهلاك جميع أنواع الأغذية وارتفاع حصة الطاقة الغذائية المستمدة من الأغذية الأساسية في بعض السياقات، في حين تبيّن في سياقات أخرى أنه يرتبط بانخفاض استهلاك الأغذية المغذية وارتفاع نسبة استهلاك الأغذية الغنية بالطاقة والتي تحتوي على نسبة عالية من الدهون غير الصحية والسكريات والملح.20
ولذلك، قد يؤثر انعدام الأمن الغذائي على الأنماط الغذائية بطرق متنوعة يمكن أن تساهم في عدة أشكال من سوء التغذية بما في ذلك النقص التغذوي (التقزّم والهزال ونقص المغذّيات الدقيقة) ولكنها يمكن أن تساهم أيضًا في الوزن الزائد والسمنة.21،11 غير أنه بالنظر إلى أن معظم الدراسات تجمع بيانات انعدام الأمن الغذائي والمتناول الغذائي باستخدام عينات وطرائق جمع بيانات وطرق تحليل مختلفة، ما يعيق مقارنة النتائج، فإنه كان من الصعب استكشاف الارتباطات بين شدة انعدام الأمن الغذائي وصحة الأنماط الغذائية عبر البلدان.
وتقوم المنظمة بجمع بيانات الأمن الغذائي سنويًا باستخدام مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي منذ عام 2014 من خلال استطلاع غالوب العالمي. وبدءًا من عام 2021، تم أيضًا جمع بيانات جديدة حول جودة النمط الغذائي في استطلاع غالوب العالمي في عدد متزايد من البلدان باستخدام استبيان جودة النمط الغذائي، ما وفر فرصة لاستكشاف الارتباطات بين انعدام الأمن الغذائي وخصائص النمط الغذائي الصحي بطريقة قابلة للمقارنة عبر البلدان. وقام المشروع العالمي لجودة النمط الغذائي بتطوير استبيان جودة النمط الغذائي والعديد من المقاييس الجديدة الخاصة بالأنماط الغذائية، والمشروع عبارة عن جهد تعاوني بين مؤسسة غالوب وجامعة هارفرد والتحالف العالمي لتحسين التغذية.22
وتتضمن المؤشرات الراسخة التي يمكن استخلاصها من بيانات استبيان جودة النمط الغذائي مؤشر نسبة النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 إلى 49 عامًا واللواتي حققن « الحد الأدنى للتنوع الغذائي لدى النساء»، ما يعني أنهن تناولن أغذية من خمس مجموعات على الأقل من أصل عشر مجموعات غذائية (ما يدل على الحد الأدنى المقبول من مستوى التنوع الغذائي).23
وتتضمن البيانات التي تم جمعها باستخدام استبيان جودة النمط الغذائي أيضًا مقياسًا جديدًا يهدف إلى عكس مبدأ الاعتدال الغذائي، وتحديدًا من خلال مؤشر «مخاطر الأمراض غير المعدية».* وبالإضافة إلى ذلك، يسمح استبيان جودة النمط الغذائي باستكشاف استهلاك مجموعات غذائية محددة، مثل عدم تناول أي خضراوات أو فاكهة أو الأغذية ذات المصدر الحيواني، بالإضافة إلى قياس استهلاك المجموعات الغذائية المرتبطة بانخفاض مخاطر الإصابة بالأمراض غير المعدية المرتبطة بالأنماط الغذائية (مؤشر «الحماية من الأمراض غير المعدية»*).
وتم تطبيق كل من وحدة الدراسة الاستقصائية لمقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي واستبيان جودة النمط الغذائي في استطلاع غالوب العالمي، حيث تم جمع كلا النوعين من البيانات من نفس المشاركين البالغة أعمارهم 15 عامًا أو أكثر في 28 بلدًا في عامي 2021 و2022.** وتم استخدام البيانات المجمَّعة من هذه البلدان الثمانية والعشرين لدراسة الارتباط*** بين شدة انعدام الأمن الغذائي بالاستناد إلى مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي، والالتزام بخصائص نمط غذائي صحي بالاستناد إلى الحد الأدنى للتنوع الغذائي لدى النساء والمقاييس الجديدة المشتقة من استبيان جودة النمط الغذائي.
وارتبطت زيادة شدة انعدام الأمن الغذائي بانخفاض التنوع الغذائي لدى النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا في هذه البلدان الثمانية والعشرين (الشكل ألف). وحققت أقل من 50 في المائة من النساء اللواتي يعانين من انعدام الأمن الغذائي الشديد الحد الأدنى للتنوع الغذائي لدى النساء، في حين حققت أكثر من 77 في المائة من النساء اللواتي لا يعانين من انعدام الأمن الغذائي أو يعانين من انعدام طفيف في الأمن الغذائي الحد الأدنى للتنوع الغذائي لدى النساء. واستمر هذا الارتباط بعد التحكم في مستوى الدخل والتعليم والجنس والإقامة في المناطق الحضرية والريفية وبلد إقامة المستجيبين.
الشكل ألف النسبة المئوية للسكان من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا في 28 بلدًا وحققن الحد الأدنى للتنوع الغذائي لدى النساء بحسب حالة الأمن الغذائي

وعند توسيع نطاق التحليل ليشمل جميع السكان البالغين (رجالًا ونساء) في البلدان الثمانية والعشرين، والتحكم في خصائص المستجيبين نفسها المذكورة أعلاه،*** ارتبطت زيادة شدة انعدام الأمن الغذائي بانخفاض احتمالات استهلاك الأغذية ذات المصدر الحيواني وارتفاع احتمالات عدم تناول أي خضراوات أو وفاكهة. كما ارتبطت بانخفاض احتمالات استهلاك نمط غذائي يحمي من الأمراض غير المعدية (استنادًا إلى مؤشر الحماية من الأمراض غير المعدية) وكذلك انخفاض احتمالات استهلاك الأغذية المرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالأمراض غير السارية (استنادًا إلى مؤشر مخاطر الأمراض غير المعدية). ويعني ذلك أنه كلما زاد عدد الرجال والنساء الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، قلّ عدد المجموعات الغذائية الصحية وغير الصحية التي يستهلكونها. وبمعزل عن ذلك، فإن النتيجة التي مفادها أن زيادة انعدام الأمن الغذائي كانت مرتبطة بانخفاض استهلاك المجموعات الغذائية غير الصحية قد تعطي الانطباع بأن انعدام الأمن الغذائي كان مرتبطًا بتحسن الالتزام بالاعتدال الغذائي. غير أنه في هذه العينة المجمَّعة من البيانات من 28 بلدًا، والتي كان 21 بلدًا ضمنها من البلدان المنخفضة الدخل أو من البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، تشير شدة انعدام الأمن الغذائي إلى نقص عام في الوصول إلى (أو توفر) جميع المجموعات الغذائية، الصحية منها أو غير الصحية على حد سواء.
وتقوم بعض وكالات الأمم المتحدة بالفعل بجمع بيانات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي والحد الأدنى للتنوع الغذائي لدى النساء بشكل روتيني في الدراسات الاستقصائية نفسها. ومنذ عام 2022، يقوم الصندوق الدولي للتنمية الزراعية بجمع بيانات الحد الأدنى للتنوع الغذائي لدى النساء من خلال الدراسات الاستقصائية في العديد من البلدان، بما في ذلك تركيا وكابو فيردي والكاميرون ونيبال، للإبلاغ عن المشاريع. وبالإضافة إلى ذلك، تُستخدم بيانات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي لبرنامج الإبلاغ المؤسسي عن تقييم الأثر لقياس الأثر المنسوب للمشاريع الاستثمارية للصندوق في كل فترة من فترات تجديد الموارد.
الأنماط الغذائية الصحية وأهداف التنمية المستدامة
يؤدي ضمان أنماط غذائية صحية دورًا محوريًا في تحقيق الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة ويُعتبر شرطًا أساسيًا لتحقيق العديد من الأهداف الأخرى. غير أنه لا يتم التعبير حاليًا عن الأنماط الغذائية في أي من مؤشرات الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة التي ترصد معدل انتشار النقص التغذوي (الجوع)، وانعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد بناءً على مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي، والمؤشرات الأربعة للحالة التغذوية (التقزّم والهزال والوزن الزائد لدى الأطفال دون سن الخامسة وفقر الدم لدى النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا).24 وبالتالي فإن الافتقار إلى مؤشر لجودة النمط الغذائي في إطار مؤشرات أهداف التنمية المستدامة يمثّل فجوة في رصد التقدم المحرز نحو تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
ولمعالجة هذه المسألة، أوصت مجموعة من الدول الأعضاء (البرازيل وبنغلاديش وسويسرا وملاوي)، بدعم من المنظمة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، بأن يتم إدراج «معدل انتشار الحد الأدنى من التنوع الغذائي» (لدى النساء والأطفال) كمؤشر للهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة من خلال الاستعراض الشامل لعام 2025. ومن شأن إدراج مؤشر بشأن الأنماط الغذائية أن يساعد في سدّ هذه الفجوة المهمة في الفترة النهائية حتى حلول عام 2030 وفي إرشاد الإجراءات اللازمة ليس للقضاء على الجوع فحسب، وإنما أيضًا لضمان التغذية الجيدة والصحة والتنمية للفئات السكانية التي تستند إليها أهداف التنمية المستدامة كافة.
* المؤشرات مشتقة من النسبة المئوية للمشاركين الذين حصلوا على قيمة معينة من الدرجات.
** شملت البلدان الثمانية والعشرين ستة عشر بلدًا في أفريقيا، وسبعة بلدان في آسيا، وثلاثة بلدان في أمريكا اللاتينية، وبلدًا واحدًا من كل من أمريكا الشمالية وأوروبا. ومن بين هذه البلدان، كان 21 بلدًا من البلدان المنخفضة الدخل أو البلدان المنخفضة الدخل من الشريحة الدنيا، وسبعة بلدان من البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا أو البلدان المرتفعة الدخل. وتم جمع بيانات استبيان جودة النمط الغذائي ومقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي في استطلاع غالوب العالمي في 19 بلدًا في عام 2021 و10 بلدان في عام 2022. وأُجريت دراسة استقصائية في أحد البلدان مرتين في سنتين مختلفتين.
*** في هذا الإطار، تتم دراسة الارتباط باستخدام كل من نموذجي الارتباط والتراجع، حيث تم استخدام الأخير أيضًا لأغراض التحكم في تأثير المتغيرات الأخرى. ولا يعني الارتباط بالضرورة وجود علاقة سببية. انظر المذكرة المنهجية الخاصة بالتحليل في المواد التكميلية للفصل الثاني.
ويلقي عدم تحسّن الأمن الغذائي والتقدم غير المتكافئ في الوصول الاقتصادي إلى أنماط غذائية صحية بظلاله على إمكانيات تحقيق هدف القضاء على الجوع في العالم، وذلك قبل ست سنوات من حلول الموعد النهائي المحدد في عام 2030. وتبرز الحاجة إلى تسريع عملية تحويل نظمنا الزراعية والغذائية وتعزيز القدرة على الصمود في وجه المحرّكات الرئيسية، ومعالجة أوجه عدم المساواة لضمان أنماط غذائية صحية ميسورة الكلفة ومتاحة للجميع.