info
close
أوكرانيا. آلة حصاد تعمل في حقل قمح بالقرب من قرية كراسن.
©FAO/Anatolii Stepanov

حالة الأغذية والزراعة 2023

الفصل 2 كشف التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية من النطاق الوطني إلى النطاق العالمي

الرسائل الرئيسية
  • يوفر تحليل جديد لحساب التكاليف الحقيقية في 154 بلدًا، تقديرات أولية "للتكاليف المستترة المحدَّدة كميًا" والناشئة عن النظم الزراعية والغذائية. وتشكل الإشارة إلى هذه التكاليف على أنها "محدَّدة كميًا" إقرارًا بالثغرات في البيانات الموجودة في العديد من البلدان والتي تمنع تقدير جميع التكاليف المستترة، كتلك المتصلة بالتعرّض لمبيدات الآفات وتدهور الأراضي.
  • يخلص التحليل إلى أن قيمة التكاليف المستترة (البيئية والاجتماعية والصحية) العالمية المحدَّدة كميًا والناشئة عن النظم الزراعية والغذائية بلغت حوالي 12.7 تريليونات دولار على أساس تكافؤ القوة الشرائية في عام 2020، ما يساوي قرابة 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث تكافؤ القوة الشرائية.
  • حتى بعد أخذ عدم اليقين في الاعتبار، فإنه لدى التكاليف المستترة العالمية المحدَّدة كميًا فرصة نسبتها 95 في المائة في أن تبلغ قيمتها 10 تريليونات دولار أو أكثر على أساس تكافؤ القوة الشرائية لعام 2020، الأمر الذي يسلّط الضوء على الحاجة الماسة بلا شك إلى مراعاة هذه التكاليف في عملية صنع القرارات الرامية إلى تحويل النظم الزراعية والغذائية.
  • على المستوى العالمي، ارتبطت نسبة 73 في المائة من التكاليف المستترة المحدَّدة كميًا في عام 2020 بنماذج الأنماط الغذائية التي أدت إلى السمنة والأمراض غير المعدية وأسفرت بالتالي عن خسائر في إنتاجية اليد العاملة.
  • تستحوذ التكاليف المستترة البيئية المحدَّدة كميًا والناشئة عن الزراعة، على أكثر من 20 في المائة من التكاليف المستترة التي تم تحديدها كميًا وتساوي حوالي ثلث القيمة المضافة الزراعية.
  • من الناحية الاجتماعية، تشير التقديرات إلى أنه يجب أن تزيد مداخيل الأشخاص الذين يعانون من الفقر المعتدل والذين يعملون في النظم الزراعية والغذائية بنسبة 57 في المائة في المتوسط في البلدان المنخفضة الدخل وبنسبة 27 في المائة في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، لضمان أن يعيش هؤلاء الأشخاص فوق خط الفقر المعتدل وللحد بالتالي من انعدام الأمن الغذائي والنقص التغذوي.
  • يجب ألا يؤدي الاستنتاج الذي مفاده أن نماذج الأنماط الغذائية غير الصحية هي العامل المساهم الرئيسي في التكاليف المستترة العالمية، إلى صرف الانتباه عن التكاليف المستترة البيئية والاجتماعية. بل على العكس، فإنه يؤكد على أهمية إعادة توجيه الدعم الرامي إلى تحويل النظم الزراعية والغذائية لكي توفر أنماطًا غذائية صحية ومستدامة بيئيًا للجميع.
  • تشكل التكاليف المستترة المحدَّدة كميًا عبئًا أكبر بالنسبة إلى الدخل الوطني في البلدان المنخفضة الدخل حيث تمثّل 27 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (وتعزى إلى حد كبير إلى الفقر والنقص التغذوي) مقارنة بنسبة 11 في المائة في البلدان المتوسطة الدخل و8 في المائة في البلدان المرتفعة الدخل. ويبقى التصدي للفقر والنقص التغذوي من أولويات البلدان المنخفضة الدخل.
  • تشير هذه النتائج الأولية إلى وجود تباين ملحوظ بين البلدان في ما يتعلّق بالأهمية النسبية التي تكتسيها التكاليف المستترة البيئية والاجتماعية والصحية، الأمر الذي يبرز الحاجة إلى وضع تقديرات وطنية للتكاليف المستترة وتحسينها بواسطة معلومات خاصة بكل بلد لكي تشكل مدخلات تستفيد منها عمليات صنع القرارات ووضع السياسات.

كما ذُكر في الفصل الأول، يقوم عدم استدامة النظم الزراعية والغذائية على تكاليف مستترة وراء بطاقات الأسعار ولا تحتسبها الجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية. وهذه التكاليف المستترة – التي تشمل تلوث المياه، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمراض غير المعدية – مدفوعة بعوامل خارجية سلبية وحالات فشل أخرى للسوق (أو بتأثيراتها العرضية)، وبفشل السياسات والمؤسسات. ويتمثل السبيل إلى تحويل النظم الزراعية والغذائية لتحقيق استدامتها في قياس هذه التكاليف المستترة وتقدير قيمتها عبر الأبعاد البيئية والاجتماعية والصحية.

وفي المقابل، تُدرج عادة التكاليف الاقتصادية المرتبطة برأس المال الإنتاجي في عمليات التقييم الاقتصادية، ولذلك فإنها ظاهرة بالفعل. ويتطلب حساب التكاليف المستترة اتباع نهج شامل يقيس مدى تعقيد الجهات الفاعلة والأنشطة والآثار في النظم الزراعية والغذائية ومدى ترابطها. ويعرض الفصل الأول حساب التكاليف الحقيقية بوصفها نهجًا ملائمًا لتحديد هذه التكاليف المستترة. ولكن، غالبًا ما يصطدم مثل هذا النهج بالثغرات في البيانات وأوجه القصور في المنهجية والحواجز المؤسسية. إضافة إلى ذلك، لا توجد مقاييس ومؤشرات مشتركة كافية لتسهيل المقارنة والتجميع في أبعاد ونطاقات جغرافية مختلفة (محلية ووطنية وإقليمية وعالمية).

وللتصدي لهذه التحديات، يقترح الفصل الأول عملية مؤلفة من مرحلتين لتحليل التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية وتحديدها كميًا عبر مختلف الرساميل (أنظر الشكل 3). أما هذا الفصل، فيشكل نقطة انطلاق للمرحلة الأولى من هذه العملية من خلال إجراء تقدير كمّي أولي على المستوى الوطني للتكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية في 154 بلدًا. ويستخدم هذا الفصل مجموعات بيانات وطنية عديدة – بما فيها قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة، ومؤشرات البنك الدولي للتنمية العالمية، وقاعدة بيانات العبء العالمي للمرض، وقاعدة بيانات تقييم خدمات النظم الإيكولوجية.ج

وينطوي التحديد الكمّي على الجمع بين نمذجة الآثار والتقديرات النقدية لتثمين (تحويل إلى قيمة نقدية) التكاليف المستترة. ويسمح ذلك بتجميع النتائج ومقارنتها في أبعاد ونطاقات جغرافية مختلفة وباستخدامها كأساس للحوار مع صانعي القرار. وتتم في هذه العملية احتساب التكاليف والمنافع المستترة قدر الإمكان. ولأغراض التبسيط، يشير مصطلح «التكاليف المستترة» إلى التكاليف المستترة الصافية في بعد معيّن، ويعبَّر عن المنافع المستترة كتكاليف مستترة سلبية. ومن الأمثلة على التكاليف المستترة السلبية في البعد المتعلّق بتغيّر المناخ، قيام المزارعين بتحويل المراعي أو الأراضي الزراعية إلى أراضٍ حرجية: فمن شأن ذلك أن يخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ولكن من دون أن يحصل المزارعون على تعويض عنه.

وتجدر الإشارة إلى أن التقديرات المعروضة في هذا الفصل ليست سوى خطوة أولى باتجاه تيسير العملية المؤلفة من مرحلتين، وذلك بالرغم من أهميتها في إطلاق الحوار على المستوى الوطني. وتشكل هذه التقديرات الأولية للتكاليف المستترة الناشئة عن النظم الزراعية والغذائية الوطنية واحدة من نقاط الانطلاق العديدة الممكنة للمرحلة الأولى التي تهدف إلى فهم الصورة الأوسع لطريقة عمل النظم الزراعية والغذائية والتحديات التي تواجهها. ومن المحبذ تكوين هذا الفهم قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية المكرّسة لإجراء تحليل وطني (ودون وطني) أكثر تعمّقًا. وتبعًا للسياق، يمكن أن تُجرى عمليات تقييم المرحلة الثانية من دون تحديد التكاليف المستترة تحديدًا كمّيًا أوليًا عبر جميع الرساميل على المستوى الوطني. ولكن يتيح هذا التحديد الكمّي فرصة غير مسبوقة لدعم صانعي القرار من حول العالم في تحديد التحديات (المستترة) الواسعة التي تعترض نظمهم ولإطلاق عملية تهدف إلى وضع رؤية مشتركة لتحويل النظم الزراعية والغذائية.

وبالرغم مما تكتسيه عملية التحويل إلى قيمة نقدية من أهمية في الكشف عن الحجم النسبي للتكاليف المستترة عبر مختلف نتائج النظم الزراعية والغذائية، وفي التعبير عن (الحد الأعلى من) المنافع التي يعود بها تحسين هذه النتائج د – مثلًا الحد من الجوع، وسوء التغذية، والسمنة، والمهدر من الأغذية، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وفقدان التنوع البيولوجي – ينطوي التقييم النقدي أيضًا على تحديات وقيود عديدة. فأولًا، بعض جوانب رفاه الإنسان أو رأس المال الطبيعي غير ملموسة أو لا تقدَّر بثمن أو لا يمكن الاستعاضة عنها، ولذلك فمن المستحيل أو غير المرغوب فيه إعطاء قيمة نقدية لها. وتشمل الأمثلة على ذلك الهوية الثقافية والترفيه والعلاقات الاجتماعية. إضافة إلى ذلك، يطرح تقدير قيمة خسارة حياة بشرية معضلة أخلاقية. ولذلك يُعد معقولًا أكثر تقدير قيمة خسارة الإنتاجية والدخل نتيجة الإصابة بالمرض أو انخفاض متوسط العمر المتوقع، وبالتالي تقدير قيمة «المكوّن الاقتصادي» فقط من النتائج الصحية مثلًا.3

وفي ما يتعلّق بالقيمة غير الملموسة للأغذية، مثل الهوية الثقافية التي ترتبط بالنظم الزراعية والغذائية، يعترف التقرير بأهمية هذه المنافع حتى لو لم يتم إعطاؤها قيمة نقدية. ومن المحتمل أن تكون قيمة النظم الزراعية والغذائية بالنسبة إلى المجتمع أكبر بكثير من قيمتها المقاسة كقيمة مضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي. غير أن التركيز ينصبّ هنا على كيفية تحويل النظم الزراعية والغذائية لكي تحقق قيمة أكبر للمجتمع. وتكمن الصعوبة بالتالي في كيفية تحويل النظم الزراعية والغذائية للتخفيف من حدة التكاليف المستترة وتحسين المنافع التي يمكن تحديدها كميًا. وتشكل محاسبة الآثار المستترة لهذه النظم خطوة أولى أساسية.

وانطلاقًا من هذه الخلفية، يوفر هذا الفصل تقديرًا أوليًا للتكاليف المستترة (البيئية والاجتماعية والصحية) للنظم الزراعية والغذائية الوطنية في 154 بلدًا. كما أنه يوضح الطرق التي تشكل فيها التقديرات المعروضة هنا تطويرًا للدراسات القائمة، مع الاعتراف في الوقت نفسه بأن التقديرات الحالية لا تزال مبدئية وجزئية كونها لا تقيس كل ما تنطوي عليه النظم الزراعية والغذائية من آثار وأوجه تكافل متبادل. وبدلًا من ذلك، ترسم هذه التقديرات صورة إرشادية وتوضيحية لحجم التكاليف المستترة وتوزيعها على المستويين العالمي والوطني وعلى مستوى الدخل، وتشكل بالتالي نقطة انطلاق ممكنة للحوار مع صانعي القرار المعنيين. ولأغراض الشفافية، يشار هنا إلى التكاليف المستترة التي جرى تقديرها بعبارة «التكاليف المستترة المحدَّدة كميًا» من أجل الاعتراف بمحدودية البيانات ذات الصلة.

منهجية محسَّنة لتقدير التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية

تؤثر التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية على رفاه أجيال الحاضر والمستقبل ويتحمّلها في الكثير من الأحيان أشخاص لا يستفيدون من الأنشطة الاقتصادية التي تنشأ عنها. وباتباع نهج حساب التكاليف الحقيقية، يمكن جعل هذه التكاليف المستترة ظاهرة للعيان وتسريع وتيرة تحويل النظم الزراعية والغذائية نحو الأفضل.

وقد حاولت دراسات سابقة تقدير التكاليف المستترة على المستوى العالمي باستخدام القيم المعروضة في الأدبيات القائمة. إلّا أن جمع التقديرات المستمدة من دراسات مختلفة تقوم على فرضيات ومنهجيات مختلفة جدًا – من الفرضيات المختلفة بشأن المسارات المستقبلية وصولًا إلى معدلات الخصم، وقيمة خدمات النظم الإيكولوجية، وتكاليف المرض، ومقاييس الرفاه المختلفة – يتم على حساب الدقة الاقتصادية والاتساق ولا يوفر سوى تقديرات على المستوى العالمي، الأمر الذي لا يسمح بالتالي بإجراء مقارنة بين الاقتصادات الوطنية.

ويقترح تقرير حالة الأغذية والزراعة لهذا العام منهجية محسَّنة لتقدير قيمة التكاليف المستترة للنظم الزراعية بالاستناد إلى نموذج طوّره Steven Lord من معهد التغيير البيئي في جامعة أوكسفورد للجنة اقتصادات النظم الغذائية.ه،1 وتم إقران النموذج بقاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة ومصادر عالمية أخرى تتضمن بيانات خاصة ببلدان وفترات زمنية عديدة وتتعلق مثلًا بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري والنيتروجين، واستخدام الأراضي، وعبء المرض الناجم عن نماذج الأنماط الغذائية، والفقر. ولذلك يقدّر النموذج التكاليف المستترة السنوية للنظم الزراعية والغذائية الوطنية عبر أبعاد مختلفة في ما مجموعه 154 بلدًا.

وتستند تقديرات مختلف فئات التكاليف المستترة إلى مجموعة مشتركة من معدلات النمو الوطنية، وتكاليف عبء المرض، والظروف الاقتصادية والديمغرافية المستقبلية، والقيم المعطاة لخدمات النظم الإيكولوجية؛ ويسمح ذلك بتحسين الاتساق والقدرة على إجراء تحليل لحساسية التكاليف عند معدلات خصم مختلفة وتكاليف مختلفة لمكافحة المرض. ويتم عرض التكاليف المستترة كقياس نقدي للخسائر التي تعزى إلى تراجع الإنتاجية أو إلى الأضرار البيئية التي يمكن مقارنتها مع الناتج المحلي الإجمالي على أساس تكافؤ القوة الشرائية والتي تقوم على معاملات السوق. وبما أن النمذجة تجرى على المستوى الوطني، فإنها تسمح بتجميع النتائج على المستويين العالمي والإقليمي وعلى مستوى الدخل.

ولكن تقدير قيمة التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية ينطوي على فرضيات وخيارات عديدة يمكنها أن تؤثر على النتائج وتفسيرها. وقبل الشروع في تحليل حجم المشكلة، لا بدّ من عرض الفرضيات الأساسية التي يجب وضعها لتقدير قيمة التكاليف المستترة وضمان إمكانية مقارنتها بين مختلف فئات التكاليف والبلدان. ويجري ذلك في القسم التالي الذي تليه مناقشة لكيفية اختلاف التقديرات المعروضة في هذا التقرير عن – وبنائها على – الجهود السابقة الرامية إلى تقدير التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية.

تحديد نطاق التحليل

تتعلّق الفرضية الأولى بأجزاء النظم الزراعية والغذائية وآثارها المندرجة في التحليل وبالدور الذي تؤديه مختلف الجهات الفاعلة الاقتصادية، إما من خلال فرض التكاليف على المجتمع أو من خلال أخذها على عاتقها. ويبيّن الشكل 5 نطاق النظم الزراعية والغذائية الذي يشمله التحليل، إضافة إلى التكاليف المستترة التي يجري النظر فيها. ويتبع التعريف المعتمد للنظم الزراعية والغذائية تعريف منظمة الأغذية والزراعة (2021)5 (أنظر مسرد المصطلحات) الذي تضاف إليه هنا سلاسل إمدادات المدخلات (غير الغذائية)، مثل الأسمدة. ولقد أضيفت هذه الأخيرة لأنه ينتج عنها عوامل خارجية بيئية.

الشكل 5 نطاق التحليل: مراحل النظم الزراعية والغذائية والمسارات التي تتجلّى من خلالهاالتكاليف المستترة

ملاحظات: لمزيد من المعلومات عن نطاق التحليل ومصادر البيانات وتقدير القيمة، يرجى الرجوع إلى الملحق 1.المصدر: Lord, S. 2023. Hidden costs of agrifood systems and recent trends from 2016 to 2023. Background paper for The State of Food and Agriculture 2023. FAO Agricultural Development Economics Technical Study, No. 31. Rome, FAO
ملاحظات: لمزيد من المعلومات عن نطاق التحليل ومصادر البيانات وتقدير القيمة، يرجى الرجوع إلى الملحق 1.
المصدر: Lord, S. 2023. Hidden costs of agrifood systems and recent trends from 2016 to 2023. Background paper for The State of Food and Agriculture 2023. FAO Agricultural Development Economics Technical Study, No. 31. Rome, FAO

ويتم تحديد نطاق الدراسة في الشكل بواسطة الحدود الحمراء الصلبة. فبالإضافة إلى سلاسل إمدادات المدخلات الزراعية، يشمل نطاق الدراسة مراحل الإنتاج الأولي للأغذية، والتصنيع، والبيع بالتجزئة، والاستهلاك، والهدر. وتُستثنى سلاسل الإمدادات غير الغذائية الواقعة في المراحل الأخيرة من الإنتاج الأولي (الإطار الرمادي) من تعريف النظم الزراعية والغذائية المستخدم هنا، وبالتالي من التحليل. ويدخل تجهيز المنتجات الحرجية وغير الغذائية ضمن حسابات قطاعات اقتصادية أخرى، على النحو المبيّن بواسطة السهم الأخضر.

وتُعدّ الحراجة (الإطار الأخضر الداكن) أيضًا أحد قطاعات الإنتاج الأولي في النظم الزراعية والغذائية، وتوفر المنتجات الحرجية الخشبية وغير الخشبية على السواء. ولكنها لا تدخل ضمن نطاق هذا التحليل بسبب عدم توافر تقديرات للتكاليف المستترة المتصلة بالأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالغابات، مثل الاستحطاب أو حصاد المنتجات غير الخشبية. ومع أن ذلك يشكل عاملًا مقيدًا، إلّا أنه ليس عاملًا أساسيًا ذلك أن التغيّرات في رأس المال الطبيعي المتصل بالغابات ترتبط في معظم الحالات بالتغيّرات في استخدام الأراضي التي تندرج في التحليل. ولذلك، تُحسب إزالة الغابات – أي تحويل الغابات إلى استخدامات أخرى للأراضي،6 مثل المراعي – في هذا التحليل بمثابة كلفة مستترة، فيما يحسب التشجير كمنفعة مستترة. ولا يؤخذ الانتقال من الغابات غير الخاضعة للإدارة إلى الغابات الخاضعة للإدارة في الحسبان، ذلك أنه لا يتم الفصل بين هذه الغابات في بيانات الأقمار الاصطناعية المتعلّقة باستخدام الأراضي. وهذا يعني مثلًا أن تدهور الغابات، أي تناقص العرض الإجمالي لمنافع الغابات في الأجل الطويل – المتصل بالأنشطة البشرية لا يؤخذ في الحسبان حتى لو أنه آخذ في التزايد على الأرجح ويشكل مصدرًا كبيرًا للانبعاثات (أنظر الإطار 5).

الإطار 5وقف تدهور الغابات أساسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولكن قياسه صعب

يؤدي تدهور الغابات إلى الحد من توفر السلع والخدمات الحرجية، وتراجع قيم التنوع البيولوجي، وتدنّي مستويات الإنتاجية والصحة. وقد يؤثر تدهور الغابات بشكل سلبي أيضًا على الاستخدامات الأخرى للأراضي (بطرق منها التسبب في تدهور نوعية المياه في مصبات مجاري المياه والتأثير على تجدد المياه الجوفية)، ويمكنه أن يشكل أيضًا مصدرًا لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ونتيجة لذلك، يُعدّ وقف تدهور الغابات عنصرًا حاسمًا في عكس مسار الدوافع الكامنة وراء تغيّر المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، وتدهور الأراضي، والتصحّر، والتهديدات المحدقة بصحة الإنسان.6

وقدّرت دراسة حديثة أن التدهور الذي شهدته الغابات بين عامي 2003 و2019 كان مسؤولًا عن 44 في المائة من خسائر الكربون في غابة الأمازون البرازيلية، مقارنة بنسبة 56 في المائة من إزالة الغابات.7 وتشكل الأنشطة البشرية التي تشمل الاستحطاب والحرائق والتعدين واستخراج النفط – والتي يُضطلع بالعديد منها بطريقة غير مشروعة – دوافع مهمة بشكل متزايد لتدهور الغابات، وبالتالي، للانبعاثات في المنطقة. وتتفاقم هذه النتائج بفعل الاضطرابات الطبيعية والآثار غير المباشرة لإزالة الغابات. ونظرت دراسة أخرى في الدوافع الكامنة وراء تدهور الغابات في البلدان النامية وحددت استخراج الأخشاب والاستحطاب كأكبر دافعين للتدهور الحاصل في آسيا وأمريكا اللاتينية حيث أنهما مسؤولين عن أكثر من 70 في المائة من جميع حالات تدهور الغابات. وفي المقابل، يشكل جمع خشب الوقود وإنتاج الفحم المصدرين الرئيسيين للتدهور في أفريقيا، بينما يكتسيان أهمية معتدلة في آسيا وأمريكا اللاتينية.8

وبالتالي، يُعدّ منع تدهور الغابات أمرًا ضروريًا للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والحفاظ على السلع الحيوية وخدمات النظم الإيكولوجية. ولكن بالرغم من أهميته، لا يقدَّر تدهور الغابات حق قدره في عمليات التقييم الاقتصادية، ويعزى ذلك جزئيًا إلى عدم وجود تعريف له مستخدم على نطاق واسع وإلى ندرة البيانات.6 وهناك حاجة إلى مزيد من البيانات لإجراء تقييم كامل للتكاليف والمنافع التي تنطوي عليها سياسات وإجراءات الإصلاح. ويشكل تقدير الموارد الحرجية العالمية خطوة أولى باتجاه تحقيق هذا الهدف، حيث يُطلب من البلدان أن تشير إلى تعريف تدهور الغابات الذي تستخدمه عند تقييم درجة تدهور الغابات وحدّته.9 وسيشكل تعميم هذه العملية المحاسبية وإتاحة التقديرات للعموم الخطوة التالية لضمان إدراج تدهور الغابات في تحليلات محاسبة التكاليف الحقيقية الشاملة المستقبلية، كالتحليل الذي أجري في هذا التقرير.

وانطلاقًا مما سبق، يتناول التحليل التكاليف الناشئة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وانبعاثات النيتروجين، واستخدام المياه الزرقاء، والتحولات في استخدام الأراضي، والفقر، وعن الخسائر في الإنتاجية الناجمة عن نماذج الأنماط الغذائية والنقص التغذوي. ولا يتم أخذ التعرّض لمبيدات الآفات وتدهور الأراضي في الحسبان بسبب الثغرات في البيانات. وتجدر الإشارة إلى أن التكاليف المستترة تختلف عن تكاليف التخفيض؛ حيث تشير هذه الأخيرة إلى التكاليف المتكبدة لتجنب التكاليف المستترة أو تخفيضها، بينما تقدّر التكاليف المستترة كلفة التقاعس عن العمل. ومع أن كلًا من التكاليف المستترة وتكاليف التخفيض ضرورية لصنع قرارات مستنيرة لتحويل النظم الزراعية والغذائية، وحدها التكاليف المستترة مدرجة بصورة جزئية في هذا التحليل بسبب صعوبة تصوّر إجراءات التخفيض لعدد كبير من البلدان وتحديد كلفتها بطريقة متسقة وقابلة للمقارنة.

وتنشأ التكاليف المستترة المحدَّدة كميًا والمعروضة في هذا التقرير عن أنشطة النظم الزراعية والغذائية من خلال ثلاثة مسارات رئيسية يتم تحديدها بواسطة ألوان مختلفة في الشكل 5، وهي:

  • المسار البيئي (الإطار الأخضر) – نتيجة (1) غازات الاحتباس الحراري التي تنبعث على طول سلسلة القيمة الغذائية بسبب إنتاج الأغذية والأسمدة واستخدام الطاقة اللذين يساهمان في تغيّر المناخ، وبالتالي في الخسائر الزراعية؛ (2) وانبعاثات النيتروجين في مرحلة الإنتاج الأولي ومن الصرف الصحي؛ (3) واستخدام المياه الزرقاء الذي يُحدث ندرة في المياه، وبالتالي خسائر زراعية وفي إنتاجية اليد العاملة بسبب ما يترتب عنه من نقص تغذوي؛ (4) وتغيير استخدام الأراضي على مستوى المزرعة والذي يتسبب بتدهور النظم الإيكولوجية وتدميرها، وبالتالي بفقدان خدماتها البيئية.
  • المسار الاجتماعي (الإطار البرتقالي) – المتصل (1) بالفشل في توزيع الإمدادات الغذائية المتوافرة، الأمر الذي يسفر عن نقص تغذوي لدى السكان الوطنيين (كما تحدده منظمة الأغذية والزراعة [2022])10 ويؤدي إلى خسائر في إنتاجية اليد العاملة بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية؛11 (2) وبالفقر المعتدل الذي يعاني منه العاملون في النظم الزراعية والغذائية بسبب الفشل في التوزيع في هذه النظم. وتذكيرًا بالفصل الأول، فإن الفشل في التوزيع هو عبارة عن حالة تعجز فيها السياسات العامة عن ضمان حد أدنى من الدخل اللائق بالرغم من توافر الموارد اللازمة للقيام بذلك. ويمكن تفسير هذا الفشل على أنه المبلغ الذي يدفعه المجتمع لإزالة الأضرار الاقتصادية التي يلحقها الفقر، مع افتراض أن دفع هذا المبلغ يكون فعالًا من حيث الكلفة حتى الخط الدولي للفقر المعتدل.
  • المسار الصحي (الإطار الأزرق) – نتيجة استهلاك أنماط غذائية غير صحية تحتوي عادة على قدر قليل من الفاكهة، والخضار، والجوزيات، والحبوب الكاملة، والكالسيوم، والدهون الواقية، وعلى نسبة عالية من الصوديوم، والمشروبات المحلّاة بالسكر، والدهون المشبَّعة، واللحوم المجهَّزة.و وترتبط هذه الأنماط الغذائية بالسمنة والأمراض غير المعدية وتؤدي إلى خسائر في الإنتاجية تؤثر سلبًا على الاقتصاد.1 ويمكن أن يعزى استهلاك الأنماط الغذائية غير الصحية إلى صعوبة الوصول الاقتصادي و/أو المادي إلى مجموعة متنوعة من الأغذية المغذية. وعلى سبيل المثال، تشير تقديرات من عام 2019 إلى أن الأنماط الغذائية الصحية كانت بعيدة المنال بالنسبة إلى حوالي 3 مليارات شخص وإلى أن مليار (1) شخص معرّض لخسارة فرص الحصول على أنماط غذائية صحية إذا تعرّض الدخل الحقيقي لصدمة معيّنة.13،12 ويمكن أن يتأثر الاستهلاك أيضًا بمجموعة متنوعة من الاعتبارات الفردية (مثل الأذواق والمعارف والدوافع) والاجتماعية (مثل التقاليد والأعراف الاجتماعية والضغوطات) والتجارية (مثل الترويج للأغذية، والتسويق والإعلانات، والعوامل الثقافية).10

ومن المهم تمييز المسارات عن الآثار. فالمسار يعكس الدوافع الكامنة وراء أثر معيّن، ويمكنه بالتالي أن يوفر نقاط دخول للعمل من أجل التصدي لهذا الأثر. ولتوضيح ذلك، يمكن أن تنشأ كلفة مستترة من خلال مسار بيئي معيّن ولكن من دون أن تنحصر تداعياتها السلبية في البيئة. وتعد المياه مثالًا على ذلك: فهي تؤثر سلبًا على البيئة من خلال خسارة خدمات النظم الإيكولوجية، وعلى الصحة أيضًا من خلال عبء المرض الناجم عن استهلاك المياه الملوثة. ولكن يعتبر هذان التأثيران السلبيان تكاليف مستترة بيئية كونهما ينشآن كلاهما عن مسار بيئي، ولذلك تبقى نقطة الدخول للتصدي لهما ضمن المجال البيئي.ز

ولهذا السبب، تعتبر نماذج الأنماط الغذائية غير الصحية والنقص التغذوي كتكاليف مستترة صحية واجتماعية على التوالي، وذلك مع أن كليهما يرتبط بالأنماط الغذائية واستهلاك الأغذية. ولأغراض هذا التحليل، تشير نماذج الأنماط الغذائية غير الصحية إلى مجموعة الأغذية المرتبطة بزيادة السمنة والأمراض غير المعدية.14 أما الأنماط الغذائية التي لا تؤمّن الحد الأدنى من متناول السعرات الحرارية والتي تؤدي إلى سوء تغذية ناجم عن نقص البروتينات والطاقة، فهي تندرج ضمن التكاليف المستترة الناشئة عن النقص التغذوي.ح وتؤدي جميع هذه الأنماط الغذائية إلى خسائر في الإنتاجية تؤثر على الاقتصادات الوطنية، ولكن الدوافع الكامنة وراءها تختلف بشكل كبير. فالنقص التغذوي مدفوع بالحرمان الشديد الذي يحد من فرص الحصول حتى على نمط غذائي أساسي كافٍ من حيث الطاقة الغذائية بسبب الفشل في التوزيع. أما التكاليف المستترة الناشئة عن نماذج الأنماط الغذائية غير الصحية، فهي تعزى إلى استهلاك الكثير من السعرات الحرارية – سعرات حرارية بنسب غير صحيحة – وهذا سلوك مدفوع بمجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفردية. ولهذا السبب، ترتبط التكاليف المستترة الناشئة عن نماذج الأنماط الغذائية غير الصحية بالبعد الصحي فيما ترتبط التكاليف المستترة الناشئة عن النقص التغذوي بالبعد الاجتماعي جنبًا إلى جنب مع الفقر الذي يُعدّ هو أيضًا نتيجة للفشل في التوزيع. وعلى سبيل المثال، يظهر تحليل حديث شمل 136 بلدًا أنه بالإمكان التصدي للنقص التغذوي من خلال السياسات المرتبطة بتوزيع الدخل، ذلك أن كلفة الأنماط الغذائية الكافية من حيث الطاقة أقل بكثير من متوسط نصيب الفرد من الدخل المخصص للإنفاق على الغذاء في جميع البلدان تقريبًا.13 ولكن تتطلب معالجة نماذج الأنماط الغذائية غير الصحية اتخاذ مجموعة من الإجراءات التحويلية في النظم الزراعية والغذائية.

ومن المهم الإشارة أيضًا إلى أنه يجري استبعاد التكاليف المباشرة، مثل تكاليف العلاج، سواء أكانت ناشئة عن نماذج الأنماط الغذائية غير الصحية أو عن النقص التغذوي. وتكون هذه التكاليف عادة مبادلات اقتصادية ظاهرة، وبالتالي لا تُعتبر كلفة مستترة.

خلاصة القول إن أنشطة النظم الزراعية والغذائية تنتج تكاليف مستترة تشكل عبئًا على الاقتصادات الوطنية ويمكن مقارنتها مع الناتج المحلي الإجمالي. ويتم تقييم هذه التكاليف المستترة على أنها خسائر زراعية وخسائر في الإنتاجية وخسائر لخدمات النظم الإيكولوجية تتجلى عن طريق ثلاثة مسارات مختلفة. وترجع التكاليف المستترة على طول سلسلة القيمة الغذائية إلى الفشل في الإسناد المادي والفشل في التوزيع المالي. ويتجلى الفشل في الإسناد المادي في الموضع الذي تظهر فيه الآثار البيئية (اللون الأخضر في الشكل 5) على طول سلسلة القيمة، بينما يشكل انخفاض دخل العاملين في النظم الزراعية والغذائية دون خط الفقر المعتدل بالرغم من المنافع الكبيرة التي يحققها تجار الجملة والمجهزون وبائعو المنتجات الغذائية بالتجزئة في المراحل النهائية مثلًا على الفشل في التوزيع المالي. ومن الأمثلة المشابهة أيضًا الفشل في التوزيع الذي يؤدي إلى نقص السعرات الحرارية لدى الأشخاص الذين يعانون من نقص تغذوي بالرغم من الفوائض الكبيرة في السعرات الحرارية المتاحة في العالم (اللون البرتقالي في الشكل 5). وكما ذُكر سابقًا، لا تنعكس بعض الأجزاء المهمة من هذه التكاليف المستترة في التحليل بسبب نقص البيانات. وينطوي ذلك على انعكاسات على تفسير النتائج، على النحو المعروض والمناقش لاحقًا في هذا الفصل.

ويجب التشديد على أن التكاليف المستترة المحدَّدة كميًا هنا ليست سوى غيض من فيض، ولذلك يميل تقدير إجمالي التكاليف المستترة إلى أن يكون أقل من الواقع. وعلى سبيل المثال، تنعكس التكاليف المستترة الناشئة عن استهلاك الأغذية في نماذج الأنماط الغذائية غير الصحية فقط. وبمعنى آخر، لا يشمل التحليل سوى عبء المرض الناجم عن استهلاك الأنماط الغذائية غير الصحية. ولا تتم تغطية التكاليف المستترة التي تنشأ مثلًا عن الأمراض الحيوانية المصدر أو عن استهلاك الأغذية غير المأمونة (الأغذية التي تحتوي على أخطار مكروبيولوجية أو كيميائية أو مادية تسبب المرض أو الوفاة حتى) بسبب عدم اتساق الأرقام العالمية مع البيانات الوطنية. ولكن قد تكون هذه التكاليف كبيرة جدًا. وتشير دراسة حديثة إلى أن قيمة الخسائر في الإنتاجية الناجمة عن الأغذية غير المأمونة قد تصل إلى 95.2 مليار دولار أمريكي في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ومن المرجح أن يكون هذا التقدير أقل من الواقع لأنه لا يشمل الخسائر التي تسببها الاختلالات في سلاسل الإمدادات الغذائية الناجمة عن الأخطار التي تحدق بسلامة الأغذية عندما يتم اكتشافها.15

ومن المرجح أيضًا أن يكون تقدير التكاليف الاجتماعية المستترة، أو التكاليف التي يتكبدها رأس المال الاجتماعي، في هذا التقرير أقل من الواقع – كما تعبّر عنه الفجوة في دخل الأشخاص الذين يعانون من الفقر المعتدل إضافة إلى الخسائر في الإنتاجية الناجمة عن عبء المرض الذي يسببه النقص التغذوي. وعلى سبيل المثال، لا تتم تغطية التكاليف المستترة التي تولّدها التشوهات الخلقية ووفيات الرضع والوزن المنخفض عند الولادة والإصابة بالأمراض المعدية المدفوعة بالنقص التغذوي – مع أنها تمثّل خسارة واضحة بالنسبة إلى المجتمع − ذلك أنه من الصعب أن تتناسب مع إطار اقتصادي يركّز على التدفقات الاقتصادية. ويمكن أن تكون هذه التكاليف المستترة غير المحدَّدة كمّيًا كبيرة جدًا، لا سيما في البلدان المنخفضة الدخل وبعض البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، ولكنها لا تتجلى في التدفقات الاقتصادية إلّا عندما يكبر الأطفال. ويصف الإطار 6 بعض هذه الفرضيات المهمة، كتلك المتعلقة بقياس الرفاه، والخصم، وجوانب أخرى من التحليل الوارد في هذا التقرير. ويمكن الرجوع إلى الملحق 1 للاطلاع على وصف شامل أكثر للنموذج ومصادر البيانات والفرضيات المعتمدة في هذا التحليل.

الإطار 6ما الذي تخفيه الأرقام الواردة في هذا التقرير في طياتها؟

يتطلب تقدير التكاليف المستترة العالمية والوطنية الناشئة عن النظم الزراعية والغذائية افتراضات واضحة، لا سيما في ما يتعلّق بالسيناريوهات؛ والخصم لمعرفة مصير الأجيال القادمة؛ وقياس الرفاه بالقيمة النقدية خلال سنة مرجعية لضمان قابلية المقارنة والتجميع؛ والبيانات؛ وعوامل التقييم.

ويساعد الخصم على قياس التكاليف المستترة التي ستتكبدها الأجيال القادمة. ويفترض النموذج المستخدم لتقدير التكاليف المستترة في هذا التقرير – والمعروف بنموذج (SPIQ–FS) 16 – وجود مسار اجتماعي واقتصادي قائم على سير الأمور على النحو المعتاد (يعرف أيضًا بالمسار الاقتصادي والاجتماعي المشترك الثاني (SSP2)).17 ولمقارنة التكاليف المستترة المختلفة، يتم تحويل البيانات إلى مقياس نقدي مشترك لخسارة الرفاه المجتمعي بسبب الخسائر في الإنتاجية. وتقاس القيم النقدية بالناتج المحلي الإجمالي على أساس تكافؤ القوة الشرائية لعام 2020، الأمر الذي يتيح إمكانية مقارنة النتائج وتجميعها بين فئات التكاليف والاقتصادات. ومن شأن ذلك أن يحسّن القدرة على دراسة المفاضلات بين فئات التكاليف، مثل التكاليف البيئية والصحية.

ويتعلّق افتراض أساسي آخر بعوامل التقييم التي يجب استخدامها، مثل كيفية تحويل الآثار المترتبة عن أنشطة النظم الزراعية والغذائية إلى قيمة نقدية. ويتسم الفرق بين أسعار السوق وأسعار الظل بالأهمية. فأسعار السوق تستند إلى الأنشطة والتبادلات الاقتصادية الظاهرة، بينما تعكس أسعار الظل التغيير في قيمة نشاط اقتصادي يرتبط بوحدة واحدة إضافية من الموارد. وتُستخدم أسعار الظل في هذا التقرير لإجراء تقييم حدّي للتكاليف المستترة، مثل تلوث المياه، وانبعاثات النيتروجين، والسمنة، وسوء التغذية. ومن ثم تتم مقارنة هذه التكاليف بالناتج المحلي الإجمالي الوطني.

وتضع الدراسات المختلفة افتراضات مختلفة في ما يتعلّق بكيفية تقدير قيمة بعد معيّن، مثل الضرر الاجتماعي الذي يرتبط بالجهة التي تتحمل التكاليف. ويتم التعبير هنا عن التكاليف المستترة الاجتماعية على أنها مزيج من الأثر على إنتاجية أيام العمل المفقودة بسبب النقص التغذوي، والتحويلات المالية التي سيلزم إجراؤها لتجنّب معاناة الأشخاص الذين يعملون في قطاع الأغذية والزراعة من الفقر المعتدل. ويتمثل الأساس المنطقي في أن هذه التكاليف هي كميات مرتبطة بالتدفقات الاقتصادية التي تُقاس بالناتج المحلي الإجمالي. ويتمثل أحد البدائل المستخدمة في دراسة تحالف استخدام الأراضي والأغذية (2019)18 في قياس تأثير نقص التغذية الذي يُحسب كخسارة في سنوات العمر المعدلة مراعاة لعامل العجز والمرتبطة بتوقف نمو الأطفال مضوربًا بنصيب الفرد من متوسط الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ما يشكل طريقة غير مباشرة لتقدير الخسائر في الإنتاجية.

ويتمثل أحد أهمّ القيود في هذا التحليل في كون البيانات المتعلقة ببعض البلدان والأقاليم وأنواع التكاليف قد تكون ناقصة أو غير مؤكدة. وينطبق ذلك بشكل خاص على تقدير قيمة خدمات النظم الإيكولوجية وحساب كلفة النيتروجين اللذين ينطويان على قدر كبير من عدم اليقين، وعلى التأثير الاقتصادي لتراجع التدفقات البيئية الذي يؤدي نقص البيانات العالمية بشأنه إلى تقييد عملية تقدير تكاليف استخدام المياه الزرقاء. وفي بعض الحالات، لا تكون نمذجة بعض القضايا مثل تآكل التربة ومقاومة مضادات الميكروبات متوافرة، الأمر الذي يجعل التحليل أقل شمولًا من حيث التكاليف التي يتم النظر فيها.

وأخيرًا، ستؤدي الافتراضات المستخدمة في تحليلات حساب التكاليف الحقيقية، كتلك المتعلّقة بالرفاه، ومعدلات الخصم، والسنة المرجعية، جنبًا إلى جنب مع استخدام مصادر مختلفة للبيانات، إلى تباين جوهري في تقديرات التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية من دون استثناء. ولكنّ النموذج المستخدم في هذا التقرير يعتمد على افتراضات مشتركة بشأن معدلات النمو الوطنية، وتكاليف عبء المرض، والظروف الاقتصادية والديمغرافية المستقبلية، وقيمة خدمات النظم الإيكولوجية، الأمر الذي يسمح بتحسين الاتساق ويتيح القدرة على إجراء تحليلات للحساسية عند معدلات خصم وتكاليف مرض مختلفة. إضافة إلى ذلك، تسمح بيانات الكلفة التاريخية المستخدمة في النموذج بالتعبير عن عدم اليقين الكامن في التكاليف المستترة كعمليات توزيع احتمالية، فضلًا عن إظهار نطاق القيم والنتائج الممكنة.

وبشكل عام، يجب أن يُنظر إلى العمل المضطلع به لإعداد هذا التقرير على أنه جزء من عملية أوسع، ولذلك يجب أن تُعتبر التقديرات المعروضة فيه تقديرات أولية تساهم بشكل خاص في المرحلة الأولى من التقييم المقترح من مرحلتين. ومع أنها تقديرات أولية وغير مكتملة، فهي تساعد على بدء حوار مع صانعي القرار بشأن حجم التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية وكيفية ارتباطها بأولويات البلدان.

مقارنة التقديرات الجديدة مع الدراسات السابقة بشأن التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية

كانت هناك عدة محاولات لتقدير التكاليف المستترة المرتبطة بالنظم الزراعية والغذائية العالمية. فقد قامت دراسة ذُكرت سابقًا وأعدّها البنك الدولي في عام 2019، بتقدير التكاليف المستترة للأمراض المنقولة عن طريق الأغذية (غير المأمونة) في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وخلصت إلى أن قيمة هذه التكاليف تبلغ 95.2 مليار دولار أمريكي.15 وقامت دراسة بارزة أخرى أجراها (Springmann, 2020)19، كوثيقة معلومات أساسية لمنظمة الأغذية والزراعة وآخرين (2020)14 بتقدير التكاليف المستترة المرتبطة بالصحة والمناخ التي ستنشأ بحلول عامي 2030 و2050. واستخدمت الدراسة نماذج الأنماط الغذائية كمنظور ونظرت في أربعة نماذج أنماط غذائية صحية بديلة لقياس إلى أي مدى ستقل التكاليف المستترة مقارنة بنماذج الأنماط الغذائية الحالية. ولكن لا تغطي أي واحدة من الدراستين جميع أبعاد التكاليف المستترة (البيئية والاجتماعية والصحية). فعلى سبيل المثال، يستبعد Springmann (2020) البعد الاجتماعي وبعض التكاليف المستترة البيئية والصحية المهمة بالرغم من تغطيته 157 بلدًا.

وحتى هذا التاريخ، حاولت دراستان أخريان فقط تقدير التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية العالمية بطريقة أكثر شمولًا، وتشكلان بالتالي محور تركيز هذا القسم، وهما: تحالف استخدام الأراضي والأغذية (2019)18 وHendriks وآخرون (2023) 20. ويجري الجدول 1 مقارنة بين الدراستين المعنيتين والمنهجية المعتمدة في هذا التقرير. ويفصّل الجدول فئات التكاليف المختلفة وكيف جرى تقديرها ويعرض ما تم التوصل إليه من تكاليف مستترة إجمالية محدَّدة كميًا ويحدد ما إذا تم وضع مقياس للرفاه وإسقاطات بشأن المستقبل. ويسمح الجدول أيضًا، من خلال تسليطه الضوء على التكاليف المستترة التي يجري تحديدها كميًا في الدراسات، بتحقيق الشفافية في ما يتعلّق بالتكاليف التي جرى استبعادها من التحليلات.

الجدول 1 مقارنة الدراسات القائمة بشأن التكاليف المستترة العالمية للنظم الزراعية والغذائية

المصادر: مقتبس من: Lord, S. 2023. Hidden costs of agrifood systems and recent trends from 2016 to 2023. – Background paper for The State of Food and Agriculture 2023. FAO Agricultural Development Economics Technical Study, No. 31. Rome, FAO.; FOLU (Food and Land Use Coalition). 2019. Growing Better: Ten Critical Transitions to Transform Food and Land Use. Annex B: Technical Annex. London. https://www.foodandlandusecoalition.org/wp-content/uploads/2019/09/FOLU-GrowingBetter-TechnicalAnnex.pdf; Hendriks, S., de Groot Ruiz, A., Acosta, M.H., Baumers, H., Galgani, P., Mason-D’Croz, D., Godde, C. et al. 2023. The True Cost of Food: A Preliminary Assessment. In: J. von Braun, K. Afsana, L.O. Fresco & M.H.A. Hassan, eds. Science and Innovations for Food Systems Transformation, pp. 581–601. Springer, Cham. https://doi.org/10.1007/978-3-031-15703-5_32 المصادر: مقتبس من: Lord, S. 2023. Hidden costs of agrifood systems and recent trends from 2016 to 2023. – Background paper for The State of Food and Agriculture 2023. FAO Agricultural Development Economics Technical Study, No. 31. Rome, FAO.; FOLU (Food and Land Use Coalition). 2019. Growing Better: Ten Critical Transitions to Transform Food and Land Use. Annex B: Technical Annex. London. https://www.foodandlandusecoalition.org/wp-content/uploads/2019/09/FOLU-GrowingBetter-TechnicalAnnex.pdf; Hendriks, S., de Groot Ruiz, A., Acosta, M.H., Baumers, H., Galgani, P., Mason-D’Croz, D., Godde, C. et al. 2023. The True Cost of Food: A Preliminary Assessment. In: J. von Braun, K. Afsana, L.O. Fresco & M.H.A. Hassan, eds. Science and Innovations for Food Systems Transformation, pp. 581–601. Springer, Cham. https://doi.org/10.1007/978-3-031-15703-5_32
المصادر: مقتبس من: Lord, S. 2023. Hidden costs of agrifood systems and recent trends from 2016 to 2023. – Background paper for The State of Food and Agriculture 2023. FAO Agricultural Development Economics Technical Study, No. 31. Rome, FAO.; FOLU (Food and Land Use Coalition). 2019. Growing Better: Ten Critical Transitions to Transform Food and Land Use. Annex B: Technical Annex. London. https://www.foodandlandusecoalition.org/wp-content/uploads/2019/09/FOLU-GrowingBetter-TechnicalAnnex.pdf; Hendriks, S., de Groot Ruiz, A., Acosta, M.H., Baumers, H., Galgani, P., Mason-D’Croz, D., Godde, C. et al. 2023. The True Cost of Food: A Preliminary Assessment. In: J. von Braun, K. Afsana, L.O. Fresco & M.H.A. Hassan, eds. Science and Innovations for Food Systems Transformation, pp. 581–601. Springer, Cham. https://doi.org/10.1007/978-3-031-15703-5_32

ومع أنه ليس من السهل تمامًا إجراء مقارنة بين الدراسات الثلاث، يبيّن الجدول 1 كيف تختلف هذه الدراسات عن بعضها من حيث النطاق والأساليب والفرضيات والنتائج. وعند النظر فقط في التقدير النهائي للتكاليف المستترة الإجمالية للنظم الزراعية والغذائية التي جرى تحديدها كميًا، يبدو أن هذا التقرير وتحالف استخدام الأراضي والأغذية (2019) قد اعتمدا منهجية مماثلة نظرًا إلى تشابه النتائج التي توصلا إليها وقدرها حوالي 12 تريليون دولار أمريكي، ولكن هناك في الواقع اختلافات مهمة.

يقرّ هذا التقرير بدايةً بالقدر الكبير من عدم اليقين الذي يحيط بتقديراته – أي بالتباين المحتمل في التكاليف المستترة المقدَّرة – ويحدد نطاقًا لعدم اليقين هذا على خلاف دراسة تحالف استخدام الأراضي والأغذية (2019). وبصورة خاصة، يحاكي التقرير عدم اليقين في التكاليف الخارجية البيئية والفقر والخسائر في الإنتاجية الناجمة عن نماذج الأنماط الغذائية والنقص التغذوي. أما دراسة تحالف استخدام الأراضي والأغذية (2019)، فإنها تُعد التقييم الأكثر شمولًا بين الدراسات الثلاث من حيث الأبعاد التي تجري تغطيتها. ولكنّ هذه التغطية الواسعة تأتي على حساب الدقة الاقتصادية: فالدراسة تعتمد على جمع تقديرات مستمدة من دراسات مختلفة تقوم على فرضيات ضمنية ومنهجيات مختلفة جدًا. كما أنها تعتمد على متوسطات عالمية للتكاليف تنطوي على تباينات إقليمية أو تأثيرات هامشية كبيرة. وتشمل الدراسة أيضًا تقديرات للأضرار غير الحدية المتعلقة بالملقحات ومقاومة مضادات الميكروبات تبلغ قيمتها حوالي 2 تريليون دولار أمريكي، ولكن هذه التقديرات لا تصلح للتحليل العكسي (للسيناريوهات) اللازم إجراؤه لصنع القرارات لاحقًا (تجري مناقشة هذه النقطة في الفصل الثالث).ط وأخيرًا، يُرجع تحالف استخدام الأراضي والأغذية جميع تكاليف السمنة وتقدير قيمة الفجوة الكبيرة في الفقر الريفي إلى النظم الزراعية والغذائية من دون النظر في الطريقة التي تتأثر فيها بالعوامل الخارجية، مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي والعوامل الأيضية في معدلات السمنة الحالية، أو في ما تؤديه القطاعات الاقتصادية الأخرى من دور مؤثر على الفقر. وفي المقابل، ينسب هذا التقرير نصف تكاليف السمنة فقط إلى النظم الزراعية والغذائية، ويستخدم عتبة أدنى للفقر، ويصف فجوات الفقر التي يعاني منها الأشخاص العاملون في قطاع الأغذية والزراعة (ليس بالضرورة في المناطق الريفية).

ويقدّم Hendricks وآخرون (2023) أعلى تقدير للتكاليف المستترة – يبلغ حوالي 19 تريليون دولار أمريكي – ونطاقًا أكبر حتى من عدم اليقين. وتُعتبر دراستهم أكثر تركيزًا من دراسة تحالف استخدام الأراضي والأغذية، ولكن تبقى تقديراتها عالمية ولا تراعي التكاليف المستترة المهمة، كتلك المتصلة بالفقر والنقص التغذوي. وتستند عملية إعطاء قيمة نقدية للتكاليف البيئية المستترة إلى عوامل تقييم تكاليف الإصلاح والتعويض المعروضة في دراسة Galgani وآخرين (2021)،21 في حين أنه يتم تقدير قيمة خسارة الحياة البشرية وخسارة الصحة باستخدام قيمة وسيطة وقيمة عالمية متوسطة واحدة على التوالي. وخلافًا للدراسات الأخرى، تنظر هذه الدراسة أيضًا في معدل الوفيات، الأمر الذي يفسر تقديرها الأعلى للتكاليف الصحية نسبة إلى تلك المقدَّرة في هذا التقرير. وفي الواقع، ينظر هذا التقرير فقط في الخسائر في الإنتاجية المتصلة بالعمالة الضائعة والرعاية غير الرسمية ويضبطها مع الناتج المحلي الإجمالي على أساس تكافؤ القوة الشرائية.ي

وتشكل المنهجية المعتمدة في هذا التقرير تحسّنًا مقارنة بالدراستين الأخريين لجهة جوانب عديدة. فتتمثل واحدة من أهم مزايا هذه المنهجية في أنها تتيح مقياسًا نقديًا مشتركًا يمكن مقارنته مع الناتج المحلي الإجمالي على أساس تكافؤ القوة الشرائية، وبالتالي مع معاملات السوق. وتتمثل ميزة رئيسية أخرى في استخدام المنهجية معدل خصم يفترض «بقاء الأمور على حالها» في مستقبل يشبه إلى حد كبير المسار الاقتصادي والاجتماعي المشترك الثاني،17 باعتبار ذلك سبيلًا لحساب التكاليف المستترة التي تؤثر على أجيال المستقبل. وتوفر المنهجية أيضًا تقديرات أحدث تم وضعها على المستوى الوطني بدلًا من المستوى العالمي، كما أنها تتسم بالشفافية إزاء عدم اليقين المحيط بالتكاليف المستترة التي جرى تقديرها. وتتبع المنهجية نهج الضرر الحدي لتقدير قيمة الخسائر في الإنتاجية والأضرار البيئية، وتعدّلها على ضوء التباينات الوطنية في الأسعار والدخل.

وفي ما يتعلّق بالمستهلكين، ينظر فيهم التحليل الذي أجري لهذا التقرير من خلال الخسائر في الإنتاجية الناجمة عن نماذج الأنماط الغذائية التي تسبب السمنة والأمراض غير المعدية. وتُستبعد هنا التكاليف المباشرة، من قبيل تكاليف العلاج: فإما هي تبادلات ظاهرة في الاقتصاد، وبالتالي لا تُعتبر تكاليف مستترة، أو أن تقديرات عدم الكفاءة من حيث الناتج المحلي الإجمالي المتصل بهذه التكاليف المباشرة ليست متوافرة. وتسبب آثار أخرى مثل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والنيتروجين أيضًا، خسائر في الإنتاجية من خلال تغيّر المناخ وتعرّض الإنسان لتلوث الهواء على التوالي. ولكن يستبعد التحليل الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها المستهلكون نتيجة الأغذية المهدرة، والخسائر الاقتصادية التي يتكبدها المنتجون نتيجة الإفراط في استخدام النيتروجين.ك

باختصار، تقدّم الدراسات الثلاث وجهات نظر مختلفة حول التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية. ولكل واحدة منها نقاط قوة ومواطن ضعف، ولا تعكس أي واحدة منها جميع الفوارق الدقيقة وأوجه عدم اليقين التي ينطوي عليها تقدير التكاليف المستترة؛ كما أنها لا تحتسب سائر التكاليف المستترة. ولكن تدعم الدراسات الثلاث كافة الفرضية القائلة إن حجم التكاليف المستترة كبير نسبة إلى قيمة المنتجات الغذائية التي يتم التداول بها في الأسواق. وهذا استنتاج مهم يمكن استخدامه لرفع مستوى الوعي بالأضرار المتصلة بنظمنا الزراعية والغذائية على المستوى العالمي؛ ولكنه ليس كافيًا لتقديم التوجيهات بشأن الإجراءات اللازم اتخاذها على المستويات الإقليمية والوطنية ودون الوطنية.

وفي هذا الصدد، يمثّل هذا التقرير تحسّنًا لجهة تقييمه التكاليف المستترة للنظم الزراعية والغذائية على المستوى الوطني باستخدام تكاليف مستترة حدّية متسقة من حيث المقاييس الاقتصادية المستخدمة، واستخدام معدل خصم اجتماعي مشترك، والفصل بين التكاليف المستترة وتكاليف التخفيض. ويصف هذا الفصل، في القسم التالي منه، نطاق النتائج المعروضة هنا والحدود المفترضة للنظم الزراعية والغذائية بمزيد من التفصيل.

back to top