الجزء 3 الدوافع الكامنة وراء مخاطر الكوارث والآثار المتوالية

في عالمنا المترابط اليوم، يؤدي تداخل المخاطر وتراكمها إلى آثار مباشرة وغير مباشرة على الزراعة. وتنتشر المخاطر في كل مكان وتتزايد بمعدل يفوق جهودنا للحد منها. ويعني الترابط في النُظم العالمية، بما فيها النُظم الغذائية، أنها أكثر قابلية للتضرر في مشهد المخاطر الذي تُخيم عليه بصورة متزايدة أجواء من عدم اليقين والتغيّر. وتُعد المخاطر العالمية، مثل تغيُّر المناخ والتدهور البيئي وفقدان التنوع البيولوجي مخاطر وجودية بطبيعتها وتُساهم في زيادة مخاطر الكوارث. وإلى جانب الأثر المباشر للكوارث، فإنها تتسبب أيضًا في آثار غير مباشرة متوالية كبيرة أيضًا، حتى على المستوى العالمي. ويُناقش هذا القسم الطابع الشامل الذي تتسم به المخاطر من منظور قطاع الزراعة.

ولا يتطلب التصدي للمخاطر تقييمًا للآثار المباشرة للكوارث فحسب، بل لا بدّ أيضًا من فهم طريقة تتابع آثار الكوارث داخل القطاعات وفي ما بينها وعلى المناطق الجغرافية، وطريقة تفاعل عناصر النُظم المتأثرة كل منها مع الآخر أثناء وقوع الظواهر المؤدية إلى كوارث والدوافع البنيوية الشاملة الكامنة وراء المخاطر. ويعتمد ذلك على السياق الذي تحدث فيه المخاطر، بما في ذلك النتائج الضارة أو الإيجابية الناشئة عن السياسات والإجراءات. وستستمر كلفة الأضرار والخسائر في الاتجاه نحو الصعود في المستقبل ما لم تُعالج القابلية للتضرر والتعرض للأخطار، إلى جانب الأزمات المتزامنة الأخرى، بصورة منهجية.

ويستند هذا الجزء من التقرير إلى التحليل الوارد في الجزء الثاني من خلال تعزيز فهم الدوافع الكامنة وازدياد التعرض للمخاطر البنيوية الشاملة في الزراعة. ويعتمد ذلك على سلسلة من دراسات الحالة المختارة بالاستناد إلى أربعة معايير: (1) نطاق الآثار؛ (2) وتوافر البيانات؛ (3) والحدوث مؤخرًا؛ (4) وأدلة توضح الآثار على مستويات تتراوح بين منشأ الخطر إلى النطاق العالمي. وتُعبِّر حالات الدراسة المعروضة عن الدوافع الرئيسية الكامنة وراء المخاطر، وهي تغيُّر المناخ، والجوائح والأوبئة، والنزاعات. ويحدّ توافر دراسات الحالة ومجموعات البيانات من الأدلة التي يمكن الاعتماد عليها، وبالرغم من أن الكوارث والأزمات تؤثر على الفئات السكانية الضعيفة، مثل النساء أو المسنين أو الأشخاص ذوي الإعاقة أو المهاجرين أو الشعوب الأصلية، لم يكن ممكنًا في هذه المرحلة تفكيك هذه الأبعاد الفرعية بالتفصيل في دراسات الحالة التي سترد الإشارة إليها أدناه.

ويُركز القسم الأول من الجزء الثالث على تغيُّر المناخ باعتباره عاملًا كامنًا وراء المخاطر في الزراعة. ويُستخدم نهج نمذجة الآثار بالاستناد إلى علم الإسناد للفصل بين التأثير الذي يسببه تغيُّر المناخ في الغلة الزراعية وازدياد مخاطر الكوارث. وإذا زالت آثار تغيُّر المناخ أكثر، من المرجح أن يزداد تواتر بعض الظواهر القصوى، ويمكن أن تزداد احتمالات ازدياد شدة تلك الظواهر إلى مستويات أو فترات أو نطاقات مكانية غير مسبوقة. ويبقى التحليل في هذا القسم محدودًا من حيث النطاق الجغرافي وعدد المنتجات، ولكن نهج النمذجة يوضح أُسلوبًا يمكن توسيعه وتمديده. ومن المهم لتعزيز فهم هذا الدافع الكامن في مشهد المخاطر المتطور تعزيز فهم تأثير تغيّر المناخ في الماضي على الغلة المتأثرة بالكوارث.

وفي القسم التالي، تنتقل المناقشة إلى آثار الأخطار البيولوجية - الجوائح والأوبئة - التي تُسبب أيضًا أضرارًا وخسائر كبيرة في الزراعة والنُظم الزراعية والغذائية. ويتناول القسم بالتحليل حالة طوارئ كوفيد- 19 كمثال على الجوائح، بينما يتناول حمى الخنازير الأفريقية كمثال على الأوبئة. ويُحلل القسم الآثار العالمية المتوالية لهذه الكوارث الناجمة عن المخاطر البيولوجية وتفاعلاتها مع الدوافع الكامنة وراء المخاطر. وتُكمل المعلومات المتعلقة بالنزاعات المسلحة في الجمهورية العربية السورية والصومال وأوكرانيا هذا القسم كمثال رئيسي على هذا النوع من الأخطار وآثارها.

وتُساهم دراسات الحالة في فهم المخاطر وما تتسم به المخاطر البنيوية الشاملة من طبيعة متوالية. ومن المرجح أن يؤدي تغيُّر المناخ إلى زيادة تواتر هذه الظواهر وشدتها. وبدأت جائحة كوفيد- 19 ككارثة صحية عامة، وأدّت إلى تضخيم المخاطر ومواطن الضعف القائمة وتفاقم الخسائر في الزراعة من خلال تقييد الوصول إلى الموارد والخدمات. ومن الأمثلة الواضحة على الآثار البنيوية الشاملة الواسعة النطاق للأمراض الحيوانية العابرة للحدود غير القابلة للانتقال إلى البشر حمى الخنازير الأفريقية، بما في ذلك عندما تحدث بالتزامن مع كوارث أخرى، مثل جائحة كوفيد- 19. وفي حالات النزاع، يؤدي التزامن بين النزاعات المسلحة والأخطار المتعددة وتغيُّر المناخ واستنفاد الموارد الطبيعية إلى تضخيم مخاطر الكوارث. ويمكن للنزاع المسلح أن يؤدي إلى تفاقم التعرض والقابلية للتضرر وانكماش القدرة على مواجهة الأخطار بجميع أنواعها.

وتُقدم هذه الأقسام الأربعة مجتمعة أدلة تثبت الطابع البنيوي الشامل للمخاطر، وتزايد القابلية للتضرر، والتعرض للكوارث التي تواجهها الزراعة حاليًا في العديد من البلدان. وتثبت الدروس المستفادة والتوصيات المنبثقة عن هذه السياسات ضرورة توجيه السياسات والخطط والبرامج والاستثمارات نحو تعزيز القدرة على الصمود.

1.3 ربط تغيُّر المناخ بخسائر الإنتاج الزراعي

يُساهم تغيُّر المناخ في زيادة حدوث الأخطار، ما يؤدي إلى زيادة القابلية للتضرر والتعرض وانكماش قدرة الأفراد والنُظم على التكيف. 5ولا تتجسد العواقب في خسائر المحاصيل والإنتاج الزراعي فحسب، بل تتجلى أيضًا في تدمير سُبل العيش الزراعية من خلال سلسلة متوالية من ردود الفعل ذات الآثار الطويلة الأمد على المستويات المحلية والمجتمعية والوطنية والإقليمية، بل والدولية أيضًا.

وتتعرض الزراعة بشكل خاص للعديد من التغيُّرات والظواهر في النظام المناخي وتتميَّز بقابليتها للتضرر منها، ما يؤثر على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي وسُبل العيش الزراعية (الشكل 33). وعندما تتزامن مع كوارث وأزمات أخرى، مثل الأخطار البيولوجية والنزاعات (التي يستكشفها لاحقًا الجزء الثالث) سيزداد تعقد مخاطر تغيُّر المناخ وستزداد صعوبة إداراتها. وتؤثر المخاطر المتصلة بالمناخ والطقس بالفعل على الأمن الغذائي، ولا سيما في الأقاليم الواقعة عند خطوط العرض المنخفضة، ومن المتوقع أن تزداد احتمالات حدوث تغيُّرات مفاجئة ولا سبيل إلى إصلاحها، إلى جانب ما سينشأ عنها من آثار، بشكل كبير مع ارتفاع مستويات الاحترار العالمي. ووفقًا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ، سترتفع أسعار الحبوب بنسبة تتراوح بين 1 و29 في المائة في عام 2050 بسبب تغيُّر المناخ، وسيتعرض ما يتراوح بين مليون (1) و183 مليون شخص لمخاطر الجوع.137 ومن الضروري لفهم كيفية تأثر النُظم الغذائية، تعزيز لفهم للطريقة التي يؤدي بها تغيُّر المناخ إلى مخاطر في النُظم الغذائية، ومن المتوقع أن يؤثر على تصميم السياسات والبرامج وآليات التمويل اللازمة لتعزيز قدرة الزراعة والنُظم الزراعية والغذائية على الصمود.

الشكل33 آثار المناخ على النُظم الزراعية والغذائية ومفاهيم الإسناد ذات الصلة

المصادر: O’Neill, B., van Aalst, M., Zaiton Ibrahim, Z., Berrang Ford, L., Bhadwal, S., Buhaug, H., Diaz, D. et al. 2022. Key Risks Across Sectors and Regions. In: Climate Change 2022: Impacts, Adaptation and Vulnerability. Cambridge, UK, Cambridge University Press and the wider literature.
المصادر: O’Neill, B., van Aalst, M., Zaiton Ibrahim, Z., Berrang Ford, L., Bhadwal, S., Buhaug, H., Diaz, D. et al. 2022. Key Risks Across Sectors and Regions. In: Climate Change 2022: Impacts, Adaptation and Vulnerability. Cambridge, UK, Cambridge University Press and the wider literature.

ويُركز أسلوب التحليل الموضح في هذا الفصل على المحاصيل الزراعية. وهو يعزل مساهمة تغيُّر المناخ ويضع نماذج يحاكي بها الآثار، مراعيًا في ذلك التفاعلات بين الأخطار المناخية المتعددة.

1.1.3 إسناد آثار تغيُّر المناخ الواقعة على الزراعة

يوفِّر علم الإسنادق نقطة دخول لتقدير تأثير تغيُّر المناخ على غلات المحاصيل ودرجة تأثر الإنتاج الزراعي بالظواهر القصوى البطيئة الظهور التي تفاقمت بسبب تغيّر المناخ. ويُعرّف علم الإسناد بأنه تقييم العلاقات المرتبطة بتغيُّر المناخ والتعريف بها138،34 مثل الروابط بين انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وظواهر المناخ والطقس القصوى وآثارها في النُظم البشرية والطبيعية. ويؤدي تجميع هذه الروابط إلى تكوين صورة عامة توضح تأثير تغيّر المناخ حتى الآن على أنواع معيّنة من الأخطار في أقاليم معيّنة، مع عدم اليقين الذي يعتمد على المخاطر والأقاليم.139

الإطار 10 منهجية إسناد تغيُّر الغلات إلى تغيُّر المناخ

  • يهدف هذا التحليل إلى تقييم كيفية تأثير تغيُّر المناخ على مستويات الغلات في مختلف السياقات. وتستند نتائج هذه الدراسة إلى مقارنة سجلات الغلة الملحوظة مع التوزيعات المقدَّرة لإنتاج المحاصيل الافتراضية والواقعية لغلات فول الصويا في الأرجنتين، وغلات القمح في كازاخستان والمغرب، وغلات الذرة في جنوب أفريقيا (انظر الملحق الفني 3 للاطلاع على وصف مفصل للأساليب والبيانات المستخدمة).
  • والغلات الفعلية هي الغلات التي جرت محاكاتها في ظروف التطور الفعلي للمناخ، في حين أن الغلات الافتراضية هي الغلات التي جرت محاكاتها في ظروف المناخ من دون حدوث زيادات في غازات الدفيئة وغيرها من العوامل المؤثرة المناخية البشرية المنشأ الأخرى. ولهذا الغرض، وُضع نموذج إحصائي متعدد المتغيرات لإنتاج المحاصيل يعتمد على بيانات غلة المحاصيل الملحوظة في كامل السجل المتاح140 والبيانات المناخية المشتقة من الملاحظة (20CRv3–W5E5).
  • ويُطبق بعد ذلك نموذج الغلة الإحصائي على مجموعة من البيانات المناخية الفعلية والافتراضية المأخوذة من مكون مشروع المقارنة بين نماذج الكشف والإسناد141 الذي يُشكل جزءًا من المرحلة السادسة من مشروع المقارنة بين النماذج المتقارنة. وتشمل مجموعة من عمليات المحاكاة التاريخية التغيُّرات التاريخية لكل من العوامل المؤثرة البشرية المنشأ (غازات الاحتباس الحراري والأوزون والهباء الجوي واستخدام الأراضي، وغيرها) والطبيعية (السطوع الشمسي والهباء البركاني). وتتكون عمليات توزيع الغلات الفعلية والافتراضية التي تُستمد منها المستويات المحتملة للغلات المرتبطة بظاهرة قصوى محددة من استخدام متغيرات الاختيار وبارامترات النموذج المأخوذة من النموذج الإحصائي المشتق من الملاحظة.
المصدر: من إعداد المؤلفين.

ولإثبات فعالية هذا النهج، طُبقت المنهجية لتقدير الخسائر والأضرار التي لحقت بالمحاصيل في أربعة بلدان: فول الصويا في الأرجنتين، والقمح في كازاخستان والمغرب، والذرة في جنوب أفريقيا - وهو ما يمثل أهم المحاصيل لكل بلد من حيث الاقتصاد والأمن الغذائي. ويلخص الجدول 5 التأثير المسند لتغيُّر المناخ - إدماج التغيُّرات البطيئة الظهور وكذلك الأنواع المختلفة من ظواهر الطقس والمناخ - على انحراف الغلات. وتُشير نتيجة «الإسناد التاريخي» إلى ما يُقدَّر بأنه تأثير تغيُّر المناخ منذ عصور ما قبل الحقبة الصناعية على الغلات إجمالًا في الفترة من 2000 إلى 2019. ويؤثر ذلك تأثيرًا سلبيًا على ثلاثة من البلدان الأربعة. ولتوضيح مقدار التأثير، يُحسب أفضل تقدير لأثر تغيُّر المناخ على متوسط الغلات. وبالإضافة إلى ذلك، تشير نتيجة «إسناد الظواهر» إلى احتمال ارتفاع مستويات الغلات المسجلة في سنة معيّنة أو انخفاضها بسبب تغيُّر المناخ. ولتحقيق ذلك، يتم اختيار سنة من الماضي القريب انخفضت فيها الغلات بصورة ملحوظة وسجلت فيها آثار اجتماعية واقتصادية كبيرة. ومن المهم ملاحظة القيود الكبيرة في النتائج بسبب وجود درجة كبيرة من عدم اليقين في تقدير هذه الإسنادات. ومع أن هذا التقييم لا يشمل أي محاولة لتقدير عدم اليقين، ينبغي التعامل مع جميع النتائج باعتبارها تقديرات تقريبية.

الجدول 5 لمحة عامة على نتائج الإسناد

المصدر: من إعداد المؤلفين. ملاحظة: تتأثر النتائج بعدم اليقين الذي لم يخضع لقياس كمي.
المصدر: من إعداد المؤلفين.
ملاحظة: تتأثر النتائج بعدم اليقين الذي لم يخضع لقياس كمي.

نتائج تحليل الإسناد

في الأرجنتين، يبين النموذج أن الاختلافات الملحوظة في درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة وغزارة الأمطار والجفاف، تُفسر ارتفاع نسبة الاختلافات المسجلة في غلات فول الصويا في المقاطعات الأعلى إنتاجًا في الأرجنتين. ويُشير النموذج إلى أن تغيُّر المناخ حتى الآن كان مفيدًا بصورة يُعتد بها إحصائيًا بالنسبة إلى غلات فول الصويا في الأرجنتين (الشكل 34). وتُشير النتائج إلى أن تغيُّر المناخ زاد من متوسط الغلات خلال الفترة بين عامي 2000 و2019 بأقل من 0.1 طن/هكتار، أي ما يعادل نحو 3 في المائة من متوسط الغلة الملحوظة خلال تلك الفترة. وتُشكل مستويات الغلات المنخفضة المسجلة في عام 2018 على وجه التحديد دراسة حالة مثيرة للاهتمام بسبب الأثر الدائم الذي أحدثته كنقطة مرجعية للسنوات السيئة، حيث تحدثت بورصة روزاريو للحبوب في عام 2022 عن «شبح كارثة الإنتاج لعام 2018».142،2 وتُشير النتائج أيضًا إلى أن احتمالات انحراف الغلات في الأرجنتين الى المستويات المنخفضة التي كانت عليها في عام 2018 أو إلى مستويات أقل منها ربما انخفضت بمقدار النصف تقريبًا بسبب تغيُّر المناخ، مع مراعاة ما يشوب ذلك من عدم يقين. ومع ذلك، يُلاحظ أن نموذج الغلة لا يُجسد سوى بعض الانحراف المسجل في الغلات.

الشكل34 التأثير المقدّر لتغيُّر المناخ على غلات المحاصيل حتى الآن: أربع دراسات حالة

ملاحظات: اللون الأحمر = توزيع الغلة الفعلي للفترة 2000-2019 بناءً على نموذج العائد الإحصائي المطبق على 50 عملية محاكاة مناخية تاريخية واقعية من نموذج البحوث المتعددة الاختصاصات بشأن المناخ (MIROC6  ) المأخوذ عن مشروع المقارنة بين نماذج الكشف والإسناد كجزء من المرحلة السادسة من مشروع المقارنة بين النماذج المتقارنة (CMIP6-DAMIP). اللون الأزرق = توزيع الغلة الافتراضي على أساس عمليات محاكاة مناخية مقابلة للواقع يتم فيها ضبط غازات الدفيئة وغيرها من العوامل المؤثرة البشرية المنشأ على قيمتها قبل الحقبة الصناعية. وتختلف التوزيعات الواقعية والافتراضية اختلافًا يُعتد به إحصائيًا في كل حالة كما هو موضح في نتائج اختبار t المذكورة. والخط الأسود المتصل = انحراف الغلة الملحوظ في عام ذي أهمية محددة كما هو موضح في النص الوارد في المخطط. والخط الأسود المتقطع = انحراف الغلة الذي تنبأ به النموذج الإحصائي بناءً على البيانات المناخية المستمدة من الملاحظة لنفس العام ذي الأهمية المحددة. وتشير قيمة RR fit المذكورة إلى التغيير المقدر في القيمة المتنبأ بها لذلك العام المحدد نتيجة لتغير المناخ.
ملاحظات: اللون الأحمر = توزيع الغلة الفعلي للفترة 2000-2019 بناءً على نموذج العائد الإحصائي المطبق على 50 عملية محاكاة مناخية تاريخية واقعية من نموذج البحوث المتعددة الاختصاصات بشأن المناخ (MIROC6 ) المأخوذ عن مشروع المقارنة بين نماذج الكشف والإسناد كجزء من المرحلة السادسة من مشروع المقارنة بين النماذج المتقارنة (CMIP6-DAMIP). اللون الأزرق = توزيع الغلة الافتراضي على أساس عمليات محاكاة مناخية مقابلة للواقع يتم فيها ضبط غازات الدفيئة وغيرها من العوامل المؤثرة البشرية المنشأ على قيمتها قبل الحقبة الصناعية. وتختلف التوزيعات الواقعية والافتراضية اختلافًا يُعتد به إحصائيًا في كل حالة كما هو موضح في نتائج اختبار t المذكورة. والخط الأسود المتصل = انحراف الغلة الملحوظ في عام ذي أهمية محددة كما هو موضح في النص الوارد في المخطط. والخط الأسود المتقطع = انحراف الغلة الذي تنبأ به النموذج الإحصائي بناءً على البيانات المناخية المستمدة من الملاحظة لنفس العام ذي الأهمية المحددة. وتشير قيمة RR fit المذكورة إلى التغيير المقدر في القيمة المتنبأ بها لذلك العام المحدد نتيجة لتغير المناخ.
المصدر: من إعداد المؤلفين، وهو يبين نتائج التحليل استنادًا إلى بيانات غلة المحاصيل المأخوذة من قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة. 2023. الأرجنتين والمغرب وجنوب أفريقيا. في: منظمة الأغذية والزراعة. روما. [ورد ذكره في يونيو/حزيران 2023]. https://www.fao.org/faostat/en/#data/QCL ، ومن مكتب الإحصاءات الوطنية في كازاخستان. 2022. Statistics of agriculture, forestry, hunting and fisheries؛ واستُمدت بيانات عمليات إعادة التحليل المناخي من: Frieler, K., Volkholz, J., Lange, S., Schewe, J., Mengel, M., del Rocío Rivas López, M., Otto, C. et al. 2023. Scenario set-up and forcing data for impact model evaluation and impact attribution within the third round of the Inter-Sectoral Model Intercomparison Project (ISIMIP3a). نسخة أولية قبل الطبع. في: EGUsphere. [ورد ذكره في يوليو/تموز 2023]. doi:10.5194/egusphere-2023-281؛ Lange, S., Mengel, M., Triu, S. and Büchner, M. 2022. ISIMIP3a atmospheric climate input data (v1.0). In: ISIMIP. في: ISIMIP. [ورد ذكره في يوليو/تموز 2023]. doi:10.48364/ISIMIP.982724 والمراجع الواردة فيه؛ واستُمدت بيانات نواتج نموذج البحوث المتعددة التخصصات بشأن المناخ (MIROC6) من: Tatebe, H., Ogura, T., Nitta, T., Komuro, Y., Ogochi, K., Takemura, T., Sudo, K. et al. 2019. Description and basic evaluation of simulated mean state, internal variability, and climate sensitivity in MIROC6. Geoscientific Model Development, 12(7): 2727–2765. doi.org/10.5194/gmd-12-2727-2019 that are part of CMIP6/DAMIP (Eyring, V., Bony, S., Meehl, G.A., Senior, C.A., Stevens, B., Stouffer, R.J. and Taylor, K.E. 2016. Overview of the Coupled Model Intercomparison Project Phase 6 (CMIP6) experimental design and organization. Geoscientific Model Development, 9(5): 1937–1958. doi.org/10.5194/gmd-9-1937-2016; Gillett, N.P., Shiogama, H., Funke, B., Hegerl, G., Knutti, R., Matthes, K., Santer, B.D. et al. 2016. The Detection and Attribution Model Intercomparison Project (DAMIP v1.0) contribution to CMIP6. Geoscientific Model Development, 9, 3685–3697. doi:10.5194/gmd-9-3685-2016);. doi:10.5194/gmd-9-3685-2016)؛ Trend-preserving bias adjustment and statistical downscaling with ISIMIP3BASD (v1.0). Geoscientific. Model Development, 12, 3055–3070. doi:10.5194/gmd-12-3055-2019 developed for ISIMIP3، وأخذت الأساليب المعدَّلة والمجمَّعة من المؤلفات المنشورة بشأن نمذجة الإسناد المناخي والأثر.

وفي كازاخستان، تُظهر النتائج أن نسبة كبيرة من الاختلافات المسجلة في غلات القمح في المناطق الأعلى إنتاجًا يمكن أن تُعزى إلى الاختلافات في درجة النمو اليومي، والتقلبات في درجات الحرارة، والطقس البارد، والتقلبات في هطول الأمطار، والجفاف. ويُعد هذا النموذج أقل قوة مما هو عليه الحال في دراسات الحالة الأخرى. ومع ذلك، تُشير عمليات النمذجة إلى أن تغيُّر المناخ حتى الآن كان ضارًا بصورة يُعتد بها إحصائيًا بالنسبة إلى غلات القمح في هذا الجزء من كازاخستان (الشكل 34). وتُشير النماذج إلى أن تغيُّر المناخ خفّض متوسط الغلات خلال الفترة بين عامي 2000 و2019 بنحو 0.1 طن/هكتار، أي أكثر من 10 في المائة من متوسط الغلات الملحوظة خلال تلك الفترة. وتُشكل مستويات الغلات المنخفضة في عام 2010 على وجه التحديد دراسة حالة مثيرة للاهتمام لأن هذا العام كشف عن انخفاض بمستوى قياسي كان أقل من 8 ملايين طن من القمح في شمال كازاخستان.143 وتُشير نتائج عمليات النمذجة أيضًا إلى أن احتمالات انحراف الغلات في هذا الإقليم من كازاخستان إلى المستويات المنخفضة المسجلة في عام 2010 أو إلى مستويات أقل منها ربما ازدادت بنحو 2.5 مرات بسبب آثار تغيُّر المناخ حتى الآن، مع مراعاة ما يشوب ذلك من عدم يقين.

ويُظهر النموذج أن نسبة كبيرة من التقلبات المسجلة في غلات القمح في المناطق الأعلى إنتاجًا في المغرب يمكن أن تُعزى إلى التغيّرات في تقلب درجات الحرارة، ودرجات الحرارة المرتفعة، والجفاف، وارتفاع معدل هطول الأمطار. وتُشير عمليات النمذجة إلى أن تغيُّر المناخ حتى الآن كان ضارًا بصورة يُعتد بها إحصائيًا بالنسبة إلى غلات القمح في المغرب (الشكل 34). ويُشير ذلك إلى أن تغيُّر المناخ خفض متوسط الغلات خلال الفترة بين عامي 2000 و2019 بأقل من 0.1 طن/هكتار وبلغ نحو 2 في المائة من متوسط الغلات الملحوظة خلال تلك الفترة. وتُشكل مستويات الغلات المنخفضة المسجلة في عام 2019 على وجه التحديد دراسة حالة مثيرة للاهتمام لأنها دفعت بنك المغرب144 إلى الاستجابة لذلك، وأعقبتها غلات أقل في عام 2020ا،145 ما أدى إلى مضاعفة الآثار المترتبة عنها. وتُشير عمليات النمذجة إلى أن احتمال انحراف الغلات في المغرب إلى المستويات المنخفضة المشتقة لعام 2019 أو إلى مستويات أقل منها ربما ازدادت بنسبة طفيفة بسبب تغيُّر المناخ، مع مراعاة ما يشوب ذلك من عدم يقين.

وفي ما يتعلق بجنوب أفريقيا، يُظهر النموذج أن نسبة كبيرة من التغيّرات المسجلة في غلات الذرة في المقاطعات الأعلى إنتاجًا يمكن أن يُعزى إلى الاختلافات في درجة النمو اليومي، وتقلب درجات الحرارة، والطقس البارد، والجفاف، وارتفاع معدل هطول الأمطار. وكان تغيُّر المناخ حتى الآن ضارًا بصورة يُعتد بها إحصائيًا بالنسبة إلى غلات الذرة في جنوب أفريقيا (الشكل 34). ويُشير النموذج إلى أن تغيُّر المناخ أدى إلى انخفاض متوسط الغلات خلال الفترة بين عامي 2000 و2019 بأكثر من 0.2 طن/هكتار، أي أكثر من 5 في المائة من متوسط الغلات الملحوظة خلال تلك الفترة، وأن الأثر السلبي لتغيُّر المناخ بلغ أشد مستوياته في السنوات التي كانت فيها الغلات أدنى. وتُشكل مستويات الغلات المنخفضة المسجلة في عام 2007 على وجه التحديد دراسة حالة مثيرة للاهتمام بسبب انعدام الأمن الغذائي الذي أعقب ذلك. وإلى جانب الانحرافات المماثلة في غلات الذرة في ليسوتو المجاورة التي تتعرض إلى حد كبير لنفس ظروف الطقس والمناخ، ساهم انخفاض الغلات في جنوب أفريقيا خلال ذلك العام في نقص الأغذية في ليسوتو.146،5 وتُشير عمليات النمذجة إلى أن احتمال انحراف غلات الذرة في جنوب أفريقيا إلى المستويات المنخفضة المشتقة لعام 2007 أو إلى مستويات أقل منها ربما ازدادت بمقدار 10 مرات بسبب تغيُّر المناخ حتى الآن، مع مراعاة ما يشوب ذلك من عدم يقين.

وتُظهر النتائج أن الآثار السلبية الناجمة عن تغيُّر المناخ في ثلاث من الحالات الأربع التي جرى تحليلها، وتبعًا لنوع المحصول والبلد، يصل نطاق خسائر الغلات التي تُعزى إلى تغيُّر المناخ الناجم عن النشاط البشري إلى 10 في المائة، ولكن النتائج تقترن بعدم يقين لم يُحدد كميًا بعد. وسيكون من المهم في المستقبل إجراء مزيد من التقييم لمدى مساهمة تغيُّر المناخ في جوانب الغلات الأخرى داخل النُظم الزراعية والغذائية. ويُعتقد أيضًا أن المحتوى الغذائي للمحاصيل يتأثر بتغيُّر المناخ147،5 إلى جانب سائر أجزاء سلسلة قيمة المحاصيل (تجهيز الأغذية، وتجميعها ونقلها وتوزيعها)، وجانب الطلب، والقطاعات الزراعية الأخرى، مثل الصحة والإنتاجية في قطاع الثروة الحيوانية، أو غلة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.5

والخلاصة أن النتائج تُشير إلى أن تغيُّر المناخ ربما يكون قد أدى بالفعل إلى تفاقم الخسائر الزراعية. وتؤكد النتائج أيضًا أهمية الاستثمار في تدابير الحد من الخسائر والأضرار. وإذا طُبقت المنهجية الواردة هنا على التوقعات المناخية في المستقبل، بدلًا من التوقعات السابقة الافتراضية، وإذا استُكملت بتقديرات كمية للخسائر الاقتصادية والنظر في الخسائر غير الاقتصادية، يمكن لهذه الأدلة أن تفيد الإدارة الشاملة لمخاطر المناخ والكوارث، ويمكن أن تُساهم في المفاوضات بشأن الخسائر والأضرار، بما في ذلك جوانب القطاعات الزراعية ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ.

وتُشير النتائج إلى أن تغيُّر المناخ يمكن أن يكون قد أدى بالفعل إلى تفاقم الخسائر الزراعية، وتؤكد أهمية الاستثمار في التخفيف من مخاطر الكوارث والتكيُّف معها والحد منها، إلى جانب تدابير أخرى، لتجنب الخسائر والأضرار والتقليل منها إلى أدنى حد ومعالجتها.

back to top