2.3 الجائحة والوباء: جائحة كوفيد- 19 وحمى الخنازير الأفريقية
يعرض هذا القسم الفرعي الآثار الواقعة على الزراعة والأمن الغذائي بسبب الكارثتين البيولوجيتين الأخيرتين هما جائحة كوفيد- 19 وحمى الخنازير الأفريقية، ويحللها. ولم تكن لهاتين الكارثتين آثار واسعة النطاق على صحة الإنسان والحيوان فحسب، بل كانت لهما أيضًا آثار متوالية على النُظم الزراعية والغذائية وأدّت إلى تفاقم مخاطر الكوارث في المجتمع ككل. ويُقدّم هذا القسم لمحة عامة عن الآثار على الزراعة والمنتجين الزراعيين في 19 بلدًار من البلدان المصنفة على أنها تمر بأزمة غذائيةش ثم يُركز على تحليل يشمل 11 بلدًا من البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي لتقديم رؤى حول كيفية تأثير القيود المفروضة لوقف انتشار الجائحة على حالة الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي غير المستقرة بالفعل في هذه البلدان. وبالإشارة إلى الأدبيات المتاحة حول آثار الجائحة على قطاع الزراعة وبالاستناد إلى تلك الأدبيات، استُخلصت النتائج الواردة في هذا القسم من استقصاءات الرصد التي أجراها نظام البيانات في حالات الطوارئ في الفترة بين عامي 2020 و2022 في أكثر من 000 44 أسرة معيشية زراعية في 19 بلدًا.ت وتُقدم النتائج رؤى وتوصيات بشأن الطريقة التي يمكن بها لواضعي السياسات والممارسين إدماج الدروس المستفادة في الخطط والاستراتيجيات وترتيبات تمويل مخاطر الكوارث للحد من مخاطر الكوارث المتعددة الأخطار في المستقبل.
وترد الأدلة على الآثار الشديدة للأمراض الحيوانية العابرة للحدود على الاقتصادات والأمن الغذائي في القسم الخاص بوباء حمى الخنازير الأفريقية. وتُعد حمى الخنازير الأفريقية، وهي مرض فيروسي يصيب الخنازير الأليفة والبرية، واحدًا من أخطر التهديدات المحدقة بصحة الحيوان على الإطلاق. وكان لتفشي حمى الخنازير الأفريقية في الفترة بين عامي 2020 و2019 آثار سلبية واسعة النطاق على المستوى العالمي، ما تسبب في خسائر اجتماعية واقتصادية كبيرة عبر سلسلة قيمة الخنازير، وهدد الإنتاج والأمن الغذائي وسُبل العيش، وأثر على الأسواق العالمية. ومع أن هذا الوباء لا ينتقل إلى البشر، فإنه يُشكل تهديدًا كبيرًا للأمن الغذائي والتنمية المستدامة. ويُقدم هذا القسم أيضًا حلولًا وطرقًا للمضي قدمًا نحو معالجة الأمراض العابرة للحدود وإدارتها من خلال نُهج وقائية واستباقية واعية بالمخاطر - بما في ذلك الأخذ بنهج الصحة الواحدة على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية والمحلية.
1.2.3 تأثير القيود المفروضة خلال جائحة كوفيد- 19 على إنتاج المحاصيل
تُشير التقديرات إلى أن ما يتراوح بين 691 و783 مليون شخص في العالم قد واجهوا الجوع في عام 2022. ويزيد ذلك بمقدار 122 مليون شخص على ما كان عليه الحال في عام 2019، أي قبل تفشي جائحة كوفيد - 19 العالمية. 148 وتأثر السكان في بلدان الأزمات الغذائية بشدة بالقيود المفروضة في عام 2020، ما أثر على دخل الأُسر المعيشية في القطاعات الاقتصادية. ومع أن جائحة كوفيد - 19 كانت أزمة صحية في المقام الأول، فقد تسببت في آثار متوالية على سُبل العيش والنُظم الزراعية والغذائية والمدخلات والخدمات والإنتاج.
ورغم الإعفاءات التي مُنحت للقطاع الزراعي من القيود المفروضة في العديد من البلدان، تكشف عمليات التقييم الأوّلية المستمدة من الاستقصاءات التي أجراها نظام البيانات في حالات الطوارئ عن أن التدابير المتعلقة بالجائحة قد أثرت سلبًا على سُبل عيش المزارعين. وأدّت الجائحة إلى تعطيل النُظم الغذائية بسبب نقص اليد العاملة، وعرقلة تحركات اليد العاملة الموسمية، ولا سيما في نُظم الإنتاج الكثيفة اليد العاملة. وأدّت أيضًا الاضطرابات في خدمات النقل والخدمات اللوجستية للمنتجات الزراعية إلى انخفاض أسعارها في أماكن زراعتها، تمامًا كما ارتفعت أسعار البيع بالتجزئة، ما أثر على دخل المزارعين في ظل ارتفاع كلفة المعيشة.
وأكدت التقارير الاستقصائية لنظام المعلومات في حالات الطوارئ أن الأثر المباشر لجائحة كوفيد - 19 على الزراعة قد أثر سلبًا على سُبل عيش المزارعين على الرغم من إعفاء قطاع الزراعة من القيود المفروضة. وفي بنغلاديش، ارتفعت أسعار الأرزّ والأغذية بأكثر من 35 في المائة، بينما انخفضت أسعار تسليم المنتجات داخل المزرعة بسبب القيود المفروضة على النقل والوصول إلى الأسواق، ولا سيما بالنسبة إلى المنتجات ذات مدة الصلاحية القصيرة.149 وفي النيجر، أبلغت الأُسر المعيشية عن صعوبات استثنائية في تسويق منتجاتها بسبب زيادة كلفة النقل، وانخفاض أسعار بيع المنتجات داخل المزرعة بالنسبة إلى المزارعين، وانخفاض الطلب من التجار الذين تعذر عليهم السفر إلى المزارع.150 ولوحظت اتجاهات مماثلة في الهند.151
وتبيّن من تحليل شامل لعدة بلدان أجرته منظمة الأغذية والزراعة حول قطاع الزراعة في 11 بلدًا من البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي ث أن جائحة كوفيد - 19 تسببت في صدمة للأمن الغذائي وسُبل العيش مماثلة لتلك التي تسببها النزاعات أو الكوارث الناجمة عن الأخطار الطبيعية.152 وبناءً على البيانات التي جُمعت في الفترة بين يونيو/حزيران ونوفمبر/تشرين الثاني 2020، أظهرت الدراسة كيفية تباين تأثير القيود داخل قطاع الزراعة على القطاعات الفرعية. وتعتمد مسارات الأثر بصورة كبيرة على مدى حاجة الأُسر إلى تأمين مدخلات الإنتاج، والقيود المفروضة في سلسلة الإمداد، والقدرة على تخزين المنتج الزراعي أو الاحتفاظ به عند مواجهة تأخيرات في الوصول إلى الأسواق.
وكان من بين أكثر المتضررين منتجو الثروة الحيوانية والمحاصيل النقدية الذين أبلغوا عن صعوبات في الحصول على المدخلات وبيع منتجاتهم والوصول إلى المراعي (بسبب القيود المفروضة على الحركة) والوصول إلى الأسواق الدولية. وساعدت آليات التكيُّف، بما في ذلك تأخير البيع أو الشروع في البيع بأي ثمن في أوقات الشدة في الحالات التي باتت فيها تغذية قطعان الحيوانات مكلفة أكثر من اللزوم، هؤلاء المنتجين على تجنب الخسائر الإجمالية. وبالنسبة إلى صغار التجار ومنتجي الأسماك والخضراوات، تسببت صعوبة الوصول إلى الأسواق في خسارة كاملة للسلع السريعة التلف وأدى ذلك إلى حدوث صدمة مباشرة في الدخل. وتبيّن من تقارير الرصد الاستقصائية الأخرى التي أجراها نظام البيانات في حالات الطوارئ حدوث اختناقات في الوصول إلى المدخلات في كل بلد تقريبًا من البلدان التي شملتها الدراسة. 163،162،161،160،159،158،157،156،155،154،153
وأكدت عمليات تقييم إضافية لعمليات الإغلاق التي فُرضت بسبب جائحة كوفيد- 19 في مختلف البلدان حدوث انكماش في إمدادات المدخلات الزراعية ونقص في اليد العاملة، فضلًا عن انخفاض معدل تقديم الخدمات البيطرية.164 ولم تتمكن الغالبية العظمى من المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين شملهم الاستقصاء في عام 2021 في جنوب أفريقيا من شراء البذور والشتلات، وواجه أكثر من 75 في المائة منهم قيودًا في الوصول إلى المعدات الآلية اللازمة لدورة زراعة المحاصيل 2020/2021ا.165 وتأثر المزارعون في بنغلاديش والهند وباكستان بنقص اليد العاملة والمدخلات الوسيطة، بما فيها الأسمدة والمبيدات الحشرية والبذور وأعلاف الماشية، بل وإمدادات الطاقة، ولا سيما لموسم الخريف.166 وفي بنغلاديش، واجه أكثر من 90 في المائة من المزارعين صعوبات في الحصول على المدخلات الزراعية، والقوى العاملة، والآلات اللازمة لزراعة الأرزّ وحصاده ودرسه، وواجه أكثر من 60 في المائة صعوبات في تسويق منتجاتهم، ما أدى إلى زيادات في أسعار الأغذية.167 وفي الهند، أبلغ أكثر من 50 في المائة من المزارعين عن اختلالات في واحد على الأقل من المدخلات الزراعية، وأشار أكثر من ثلثهم إلى ارتفاع أسعار الأسمدة، وأدّت هذه التحديات، بالاقتران مع انخفاض أسعار المنتجات داخل المزرعة وارتفاع كلفة الإنتاج، إلى صعوبات واجهها المزارعون في سداد ديونهم، ما أدى إلى تفاقم التوترات في سلسلة الإمداد وتآكل القدرة على التكيّف.151
ومع تخفيف القيود، تراجع الارتفاع الحاد في أسعار الأغذية في البلدان واستقرت الأسعار،169،168 ولكنها لم تعد إلى مستويات ما قبل الجائحة، وأثرت الصدمات على مستوى الدخل الناجمة عن انخفاض الأسعار عند باب المزرعة أو الخسائر في الإنتاج على الأمن الغذائي عن طريق خفض القوة الشرائية للمزارعين. وتسببت جائحة كوفيد- 19 في تأثيرات طويلة الأمد على قطاع الزراعة، ما أدى إلى حدوث أزمات في سلسلة الإمداد استمرت في دفع الأسعار صعودًا على الرغم من التعافي الاقتصادي العالمي في عام 2021.
ومع أن اضطرابات النقل داخل البلدان عادت إلى ما كانت عليه في نهاية عمليات الإغلاق، أثرت القيود المفروضة على الحركة الدولية على تجارة الأسمدة العالية التركيز. وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية، ما دفع منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي من التحذير من إمكانية «أن تؤثر على الغلات وعلى إنتاج المحاصيل في عامي 2020 و2021، ولا سيما في البلدان النامية.»170 وأدّت الموجات المتتالية من الأوبئة الناتجة من متحورات كوفيد- 19 إلى فرض قيود إضافية في البلدان، ولا سيما في الأقاليم التي ظل فيها الحصول على اللقاحات محدودًا. وكما هو موضح في الشكل 35، قوبلت صعوبات كبيرة في النقل في عام 2020 وبلغت تلك الصعوبات ذروتها في عام 2021، ثم انخفضت عمومًا في 2022. وفي المقابل، زاد الوصول إلى المدخلات بصورة حادة في عامي 2021 و2022 في أقاليم كثيرة.
الشكل35 النسبة المئوية للمزارعين الذين أفادوا عن صعوبات في نقل المنتجات والحصول على المدخلات
![المصدر:بيانات رصد التحليل التجميعي للبيانات في حالات الطوارئ (منظمة الأغذية والزراعة، سبتمبر/أيلول 2022) منظمة الأغذية والزراعة. 2022. نظام معلومات البيانات في حالات الطوارئ - الرصد: رصد الصدمات وسُبل العيش الزراعية في البلدان ذات الأولوية. في: منظمة الأغذية والزراعة. روما. [ورد ذكره في يوليو/تموز 2023]. https://data-in-emergencies.fao.org/pages/monitoring](../img/CC7900AR_fig35.jpg)
وفي عام 2022، وبعد فترة طويلة من رفع القيود المفروضة بسبب جائحة كوفيد-19، واصل المزارعون في العديد من البلدان الإبلاغ عن التحديات في الحصول على المدخلات الكيميائية والبذور. وفي ميانمار، أدّت الصعوبات إلى انكماش المساحة المزروعة وانخفاض الإنتاج.158 وكان انخفاض إمكانية الحصول على الأسمدة هو السبب الرئيسي لانكماش المساحة المزروعة بالقمح في باكستان.171 وفي الشرق الأدنى، تفاقمت صعوبات الحصول على المدخلات بسبب انخفاض قيمة العملات الوطنية في لبنان والعراق.173،172
جائحة كوفيد- 19 والمساحة المزروعة
تبين نتائج تحليل الانحدار أن المساحات المزروعة انخفضت على الأرجح في حالة الحبوب والخضراوات مقارنة بمحاصيل الفاكهة أو المحاصيل النقدية، حيث تُنتَج هذه الأخيرة لقيمتها التجارية وليس لاستخدام المزارعين. وجرت في النماذج مراعاة آثار الانحرافات في هطول الأمطار ونوع جنس عائل الأسرة المعيشية والنزاعات. وكما كان متوقعًا، تبيّن من النماذج أن هذه العوامل ساهمت في تقليص المساحة المزروعة.
وتُظهر النتائج أن فرض قيود بسبب جائحة كوفيد- 19 في الموسم الزراعي الرئيسي تسبب في حدوث انكماش واضح في المساحة المزروعة. ويبلغ معامل الاحتمالات اللوغاريتمية للقيود المفروضة على تجمعات الأفراد -0.157، مع درجة ثقة نسبتها 95 في المائة،خ ويُترجم ذلك إلى قيمة متوسطة متنبأ بها من حيث احتمالات قيام المزارعين بالإبلاغ عن زراعة مساحة أقلّ أو أقل بكثير، وتزيد المساحة من نحو 22 في المائة في الحالات التي لا تُفرض فيها قيود على تجمعات الأفراد لتصل إلى نحو 50 في المائة إذا كانت قيود التجمع صارمة جدًا (عندما فُرض حظر على مجموعات من عشرة أشخاص أو أقل). وكان للقيود المفروضة على تجمعات الأفراد أثر سلبي امتد إلى موسم نمو المحاصيل في وقت كان المحصول المزروع فيه هو الأرزّ والذي كان لا بدّ من شتله بعد فترة زراعته الأولى.
وعند التحكم في إغلاق أنشطة الأعمال بالإضافة إلى أوامر البقاء في المنازل، مع استمرار فرض القيود على التجمعات، تزداد فرص انكماش المساحة المزروعة من احتمال مقداره نحو ثلث واحد من دون قيود البقاء في المنزل إلى 50 في المائة عندما فُرضت متطلبات البقاء في المنازل، مع معامل احتمالات لوغاريتمية قيمته -0.127، وأدى إغلاق أنشطة الأعمال إلى زيادة بأكثر من الضعف في احتمالات تقليص المساحة المزروعة - من 29 إلى 64 في المائة - عند ثبات مستوى القيود الأخرى، لأنها حرمت المزارعين من الوصول إلى المدخلات والمعدات أو الحيوانات اللازمة لتمهيد الأرض.
كوفيد- 19 والتغييرات المتصورة في المحاصيل
اتساقًا مع نتائج تحليل التغيُّرات في المساحة المزروعة، كان التأثير الواقع على منتجي الفاكهة والمحاصيل النقدية أقل نسبيًا مقارنة بمنتجي الأغذية الأساسية (الحبوب والبقول). ويرجع كثير من التغييرات السلبية في المحاصيل إلى التغيُّرات التي طرأت على المساحة المزروعة، حيث بلغ متوسط الاحتمالات المتوقعة لقيام المزارعين المتضررين من إغلاق أماكن العمل أثناء وقت الزراعة بالإبلاغ عن انخفاض في المحاصيل بنسبة تصل إلى 97 في المائة (مقابل 40 في المائة من دون قيود إغلاق أنشطة الأعمال).
وخلال فترة الحصاد، لوحظ أن عمليات الإغلاق ارتبطت بانخفاض كبير في احتمالات الإبلاغ عن التغيُّرات الإيجابية في الحصاد، وكانت احتمالات الإبلاغ عن نتائج حصاد إيجابية لمن يخضعون لعمليات إغلاق 73 في المائة فقط من احتمالات من لم يواجهوا مثل تلك القيود. وبعبارة أخرى، ومع ثبات العوامل الأخرى، كان متوسط الاحتمالات المتوقعة للإبلاغ عن حدوث تغييرات سلبية في الحصاد 55 في المائة لدى المزارعين الذين لم يخضعوا فيها لقيود الإغلاق خلال فترة الحصاد، وبلغت النسبة 75 في المائة في حالات عدم الخضوع لقيود الإغلاق أثناء ذلك الوقت الحرج.
وبالمثل، أظهرت الأماكن الخاضعة للقيود المفروضة على التجمع احتمالات أقل في ما يتعلق بالإبلاغ عن نتائج بخصوص تحسن الحصاد، وكانت احتمالات الإبلاغ عن زيادة في الحصاد في الأماكن التي فرضت قيودًا على التجمعات 56 في المائة فقط من تلك الموجودة في المناطق التي لم تُفرض فيها تلك القيود أثناء فترة الحصاد. وعند ثبات العوامل الأخرى، يعني ذلك أن فرض قيود على التجمع أثناء فترة الحصاد قد ضاعف تقريبًا فرصة الإبلاغ عن حدوث تغييرات سلبية في الحصاد بنسبة احتمال قدرها 77 في المائة. ويرتبط إغلاق أماكن العمل أثناء الحصاد أيضًا بفرصة أقل بنسبة 64 في المائة للإبلاغ عن حدوث تغييرات إيجابية في الحصاد، ما يزيد من احتمالات قيام المزارعين بالإبلاغ عن انخفاض في محصولهم من النصف تقريبًا إلى 84 في المائة في حال ثبات العوامل الأخرى.
القيود المفروضة خلال جائحة كوفيد- 19 والوصول إلى المدخلات
أخيرًا، يُظهر التحليل وجود ارتباطات بين القيود المفروضة خلال جائحة كوفيد- 19 واحتمال إبلاغ المزارعين عن صعوبة في الوصول إلى المدخلات الزراعية. ومن أكثر من يرجّح تأثرهم بصعوبات الحصول على المدخلات الزراعية منتجو الحبوب والبقول، بينما تقل على الأرجح احتمالات قيام منتجي الفاكهة والمحاصيل النقدية، خاصة أولئك الذين يزرعون المحاصيل النقدية، بالإبلاغ عن صعوبات في الحصول على هذه المدخلات.
وتُظهر النتائج أن تقييد التحركات الداخلية أثناء فترة النمو قد أدى إلى زيادة كبيرة في احتمال الإبلاغ عن مثل تلك الصعوبات، ويرجع ذلك على الأرجح إلى أن فترة النمو هي الوقت الذي يكسب فيه المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة في البلدان النامية أيضًا دخلًا من مصادر ثانوية، والتي كانت أكثر تأثرًا بالقيود المفروضة خلال جائحة كوفيد- 19.
وعندما يؤخذ سعر الأرزّ في الحسبان، يتبين أن حصول المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة - الذين يمثلون معظم المستجيبين - على المدخلات مرهون بالقدرة على النفاذ إلى أسواق الأغذية. وهذا تذكير حاسم الأهمية بأن القيود المفروضة بسببكوفيد- 19 أثرت على إمكانية الحصول على المدخلات ليس فقط من خلال الصدمات على مستوى العرض، ولكن أيضًا بسبب أثرها السلبي المباشر على مصادر الدخل من خلال الحيلولة دون وصول المزارعين إلى أسواق الأغذية واليد العاملة.ذ،174
وكانت لمتطلبات ملازمة المنازل وكذلك القيود المفروضة على التجارة الدولية خلال موسم الزراعة هي أشد ما أثر على الوصول إلى المدخلات في هذه المجموعة الفرعية من البلدان، ما زاد من احتمال الإبلاغ عن صعوبات في الحصول على المدخلات بنسبة 33 و53 في المائة على التوالي. وأدّت القيود المفروضة على الحركة الداخلية خلال فترة الزرع إلى تقليل احتمال شكوى المزارعين من الوصول إلى المدخلات، وهو ما يمكن عزوه بسهولة إلى انكماش مساحات الزراعة بسبب تلك القيود.
الإطار 11 منهجية تقدير أثر جائحة كوفيد- 19 على الزراعة باستخدام البيانات المسجلة في نظام معلومات البيانات في حالات الطوارئ
- تُحدد خصائص مسارات أثر جائحة كوفيد- 19 على الإنتاج الزراعي باستخدام البيانات المستمدة من استقصاءات نظام معلومات البيانات في حالات الطوارئ التي أُجريت في 11 بلدًا من البلدان التي تعاني انعدام الأمن الغذائي. وتأثر الإنتاج الزراعي بانخفاض فرص الوصول إلى المدخلات أو نقص اليد العاملة. وأدّت الاضطرابات في النقل والخدمات اللوجستية للمنتجات الزراعية إلى انخفاض الأسعار عند باب المزرعة. وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار البيع بالتجزئة، وأثر ذلك على دخل المزارعين وأدى بالتالي إلى ارتفاع كلفة المعيشة.
- وتُستخدم نماذج الانحدار اللوجستي الترتيبي لتقييم الارتباط بين القيود المرتبطة بجائحة كوفيد- 19 والتغيُّرات في المساحة المزروعة والتغيُّرات المتصورة في الحصاد، والوصول إلى المدخلات. ويجري تقييم الآثار المميزة بالنسبة إلى منتجي الحبوب والخضراوات والفاكهة والمحاصيل النقدية. وجرت في النماذج مراعاة آثار انحراف معدلات هطول الأمطار، وجنس عائل الأسرة، والنزاعات. وتُقدّر تأثيرات قيود جائحة كوفيد- 19 بالاعتماد على وقت تطبيقها (فترة الزراعة أو فترة النمو أو فترة الحصاد) وأنواعها (إغلاق الأعمال أو الأوامر القاضية بالبقاء في المنازل، أو القيود على الحركة الداخلية أو القيود المفروضة على التجمعات).
واحتاج المزارعون بصفة خاصة إلى الحصول على مدخلات مثل البذور خلال موسم الزراعة عندما تسببت القيود في أكبر الأضرار، وعندما تسبب نقص هذه المدخلات في أكبر تأثير ضار على الإنتاج الزراعي. وتدعم تقارير استقصائية كثيرة هذا الاستنتاج. وفي سيراليون، على سبيل المثال، أشارت التقارير إلى أن توفير إمدادات البذور، ولا سيما بذور الخضراوات، كان صعبًا بسبب قيود كوفيد- 19. وفي الصومال، يرى المزارعون الذين قلصوا إلى حد كبير المساحة التي زرعوها في عام 2021 أن هذه الانخفاضات كان سببها عدم القدرة على السيطرة على أمراض الآفات، وصعوبة الحصول على البذور، وارتفاع أسعار المدخلات بصورة عامة.175 وأشارت التقارير أيضًا إلى أن عدم القدرة على استيراد قطع الغيار الضرورية للآلات اللازمة لتمهيد الأرض أدى إلى تضييق سُبل الوصول إلى الآلات الضرورية، ما تسبب في انكماش المساحات المزروعة.
وخلال فترة الزرع، كان إغلاق الشركات وإصدار أوامر بملازمة المنازل وفرض قيود على التجمعات والقيود المفروضة على الحركة الداخلية، هو الأكثر ضررًا بالزراعة من حيث حجم التأثيرات. وخلال فترة الحصاد، أدى توافر اليد العاملة وحظر التجمعات وإغلاق أماكن العمل إلى إعاقة الإنتاج الزراعي، بما في ذلك منع العمال من الوصول إلى الحقول التي تحتاج إلى يد عاملة إضافية.
وارتبطت العوامل المذكورة أعلاه بانكماش المساحة المزروعة وانخفاض الإنتاج الزراعي. ويبعث ذلك على القلق بشكل خاص في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا حيث تعتمد نسبة كبيرة من السكان على زراعة الكفاف، وفي البلدان التي يمكن أن يتعرض فيها الأمن الغذائي بسهولة لتهديدات بسبب التقلبات في الإنتاج الزراعي.
وينبغي النظر في النتائج الواردة أدناه بالاقتران مع نتائج عمليات التقييم الأخرى عبر البلدان في ما يتعلق بأثر جائحةكوفيد- 19 على القطاع الزراعي. وفي حين أنه من الضروري إجراء مزيد من البحوث لتقييم الأثر الدائم للصدمات على صعيد الأمن الغذائي على الصحة مقابل المرض والوفاة بسبب جائحة كوفيد- 19، من الأهمية بمكان بالنسبة إلى الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي المحافظة على العمليات.
2.2.3 الوباء: حمى الخنازير الأفريقية كمثال على الأمراض الحيوانية العابرة للحدود
قد تكون للأمراض الحيوانية العابرة للحدود، مثل حمى الخنازير الأفريقية، آثار كارثية على التنمية المستدامة، ما يضر بسُبل العيش والأمن الغذائي للأشخاص المشاركين في سلسلة قيمة الثروة الحيوانية، ويؤثر على الأسواق العالمية. ومع أن حمى الخنازير الأفريقية توطنت على مر التاريخ في أفريقيا الشرقية،176 أشارت التقارير إلى تفشي حالات منها في جميع أنحاء أفريقيا والأمريكيتين وآسيا وأوروبا وأوسيانيا في الفترة بين يناير/كانون الثاني 2020 ومارس/آذار 2022. وقد أثرت على أكثر من مليون رأس من الخنازير الأليفة وتسببت في فقدان 1.8 ملايين رأس من الحيوانات بسبب نفوق الحيوانات المصابة، فضلًا عن الحيوانات التي أُعدمت وجرى التخلص منها في إطار تدابير المكافحة.177
وتُمثّل حمى الخنازير الأفريقية أحد أكثر الأمراض الفيروسية تعقيدًا التي تؤثر على الخنازير الأليفة والبرية. وتُشكل أحد أخطر التهديدات العالمية لصحة الحيوان في التاريخ، وتبلغ نسبة النفوق بين الحالات المصابة نحو 100 في المائة، ولا يوجد لقاح أو علاج تجاري فعال وآمن متاح حاليًا.178 ويمكن أن يحدث انتقال العدوى من خلال الاتصال المباشر مع خنزير مصاب، أو تناول الخنزير (لحم الخنزير) أو غير ذلك من منتجات لحم الخنزير الملوثة، أو الأدوات الملوثة الناقلة للعدوى، والمركبات، والأحذية، وكذلك نواقل المرض القوية، ومنها على سبيل المثال المفصليات الناقلة للمرض، مثل القُراد الناعم الذي ينتمي إلى نوع Ornithodorosا.179 وتنتشر حمى الخنازير الأفريقية عبر مسارات رئيسية تشمل حركة الخنازير أثناء التجارة، وبيع اللحوم المصابة، وعن طريق الأدوات الملوثة الناقلة للعدوى، مثل الأدوات الزراعية أو البيطرية وتربية الخنازير الطليقة.
ويمثّل انتقال حمى الخنازير الأفريقية بواسطة الإنسان العامل السائد الكامن وراء انتشار حمى الخنازير الأفريقية في جميع أنحاء العالم، حيث تنتشر الفيروسات في العادة لمسافات طويلة، ويلي ذلك توطنها المستمر وانتشارها في المناطق والبلدان المجاورة. ومنذ يناير/كانون الثاني 2020، أفيد عن انتشار حمى الخنازير الأفريقية في 35 بلدًا في خمس قارات.ض وكانت العواقب العالمية لانتشار حمى الخنازير الأفريقية أكثر وضوحًا منذ انتشارها في آسيا، نظرًا لكون سوق لحم الخنزير في الصين هي الأكبر في العالم. وأدى إدخال حمى الخنازير الأفريقية إلى الصين التي تستأثر بنحو 45 في المائة من الإنتاج والاستهلاك العالميين، إلى صدمات على مستوى العرض أثرت على أسواق الخنازير العالمية.180 وخلال الفترة بين عامي 2018 و2019، تسبب تفشي حمى الخنازير الأفريقية في الصين في إتلاف أكثر من 1.2 مليون رأس من الخنازير.181
آثار حمى الخنازير الأفريقية على الإنتاج والأسواق في الصين والعالم
في الفترة بين تفشي أول موجة من موجات حمى الخنازير الأفريقية في الصين في 3 أغسطس/آب 2018 و1 يوليو/تموز 2022، أُبلغ النظام العالمي لمعلومات صحة الحيوان التابع للمنظمة العالمية لصحة الحيوان عن حالات تفشت فيها حمى الخنازير الأفريقية وصلت في مجموعها إلى 218 حالة. وثبت أن إتلاف الحيوانات يُقلل من القيمة القصوى والعدد التراكمي لحالات حمى الخنازير الأفريقية بنسبة تبلغ 99 في المائة، وإلى جانب التحسينات في معدل اكتشاف الخنازير المعدية وانتشار الأمن البيولوجي، فإنه يمثل إجراءً فعالًا ضد حمى الخنازير الأفريقية في الصين.182 ومع ذلك، أدى إتلاف 1.2 مليون رأس من الخنازير اعتبارًا من عام 2019 إلى خسائر اقتصادية فادحة.181
وفي حين لم يسجّل متوسط السعر الوطني للخنازير الحيّة تغييرات كبيرة في عام 2018 (12.2 يوان صيني للكيلوغرام في 1 أغسطس/آب 2018 مقابل 13.1 يوان صيني للكيلوغرام في 28 ديسمبر/كانون الأول 2018)، ازداد فرق أسعار الخنازيرغبين المقاطعات من 2.01 يوان صيني للكيلوغرام إلى 8.1 يوان صيني للكيلوغرام خلال الفترة نفسها.ظ
وبحلول نهاية عام 2019، بات واضحًا أنه من غير الممكن تلبية الطلب الوطني على لحم الخنزير، وهو ما يتضح من متوسط أسعار الخنازير ولحم الخنزير، التي ارتفعت بنسبة 161 و141 على مستويات ما قبل تفشي وباء حمى الخنازير الأفريقية، على التوالي. وتفاقمت الآثار الناجمة عن حمى الخنازير الأفريقية وجائحة كوفيد-19، وانخفض إنتاج لحم الخنزير في الصين في عام 2020 بنسبة 25.8 في المائة مقارنة بعام 2017ا.183
ومن حيث الحجم، شهد إنتاج لحم الخنزير في الصين انكماشًا بنسبة 22 في المائة عند مقارنة الإنتاج في عام 2017 بالإنتاج في عام 2019ا.184 ومع ذلك، وخلال الفترة نفسها، تقلصت أعداد إناث الخنازير المخصصة للتربية بنسبة 35 في المائة. وأدت تصفية قطيع التربية كإجراء احترازي ضد تفشي حمى الخنازير الأفريقية إلى زيادة الإمدادات المعروضة من لحوم الخنازير الأليفة مؤقتًا بنسبة 25 في المائة تقريبًا.
وفي حين حاولت حكومة الصين تثبيت أسعار لحم الخنزير عن طريق طرح احتياطيات لحم الخنزير في السوق، لم تكن الفجوة التي غطتها الاحتياطيات كافية لإحداث أثر كبير في الأسعار. ومن ذلك على سبيل المثال أن احتياطيات لحم الخنزير التي طرحتها الحكومة في عامي 2019 و2020 لم تكن تمثّل سوى 0.4 و1.8 في المائة من الإنتاج المحلي للحم الخنزير، على التوالي.
وحاولت الصين سد الفجوة جزئيًا عن طريق استيراد لحم الخنزير الذي ازداد من 000 501 طن إلى 000 281 5 طن. وارتفعت واردات لحم الخنزير إلى الصين من 20 في المائة من التجارة العالمية بلحم الخنزير في عام 2017 إلى 45 في المائة في عام 2020. وبالمقارنة مع الإنتاج المحلي للحم الخنزير، ارتفعت الواردات من 2.8 في المائة في عام 2017 إلى 14.5 في المائة في عام 2020 ويرجع ذلك في جانب منه إلى انكماش الإنتاج المحلي الموضح أعلاه. وكان للزيادة في الواردات تداعيات عالمية وسُجلت زيادات كبيرة في أسعار لحم الخنزير في الأسواق الدولية. وأتاح ذلك فرصًا جديدة أمام البلدان المصدّرة، ولكنه أثر على البلدان المستوردة التي كانت مضطرة إلى التنافس مع الصين لشراء لحم الخنزير.
وكما ثبت في آسيا، يمكن أن تنتشر حمى الخنازير الأفريقية بسرعة في المناطق الشديدة الترابط بسبب الحركة المستمرة للأشخاص والسلع. ومنذ اكتشاف حمى الخنازير الأفريقية في هايتي والجمهورية الدومينيكية، تستمر جهود التعاون في التصدي لحمى الخنازير الأفريقية في الأمريكيتين.185 وتبيّن من تقييم للمخاطر أجرته مؤخرًا منظمة الأغذية والزراعة أن المرض إذا انتشر في جميع أنحاء الأمريكيتين، يمكن فقد أكثر من 48 مليون رأس من الخنزير، ما يؤدي إلى خسائر مباشرة بما قيمته 7.8 مليارات دولار أمريكي، بما في ذلك الآثار على معدل النفوق وإنتاج لحم الخنزير والتجارة وأسعار السوق وفرص العمل.186 وستحدث هذه الخسائر بشكل أساسي في البلدان الأربعة التي لديها قطاعات كبيرة في مجال صناعة لحم الخنزير، وهي الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل والمكسيك وكندا. وفي عام 2019، صدّرت هذه البلدان الأربعة لحم الخنزير إلى أكثر من 100 بلد، أي ما يمثل 27 في المائة من الصادرات العالمية للحم الخنزير.187
وبالإضافة إلى الكلفة المباشرة، يمكن لحمى الخنازير الأفريقية أن تؤثر تأثيرًا كبيرًا على الأمن الغذائي في البلدان التي يُشكل فيها لحم الخنزير مصدرًا مهمًا للبروتينات. وفي الأمريكيتين، ينطبق ذلك على بليز وكوبا وإكوادور وهايتي وباراغواي التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي بمعدلات أعلى من المتوسط الإقليمي. وفي هايتي، أشار Jean-Pierre وHagerman وRich إلى أن الأسعار المرتفعة الناجمة عن حمى الخنازير الأفريقية تؤدي إلى زيادة الخسائر على مستوى الإنفاق الاستهلاكي بنسبة تصل إلى 200 في المائة خلال فترة تفشي المرض.188 ويمكن أيضًا أن يؤدي الوباء، تبعًا لشدته، إلى زيادة في أسعار البروتينات الحيوانية الأخرى وزيادة طلب المستهلكين على البدائل. ولوحظ ذلك في عام 2019 في الصين التي ارتفعت فيها أسعار الدواجن ولحوم الأبقار بأكثر من 20 في المائة (من سنة إلى أخرى)، ما أدى إلى تحديات إضافية للأمن الغذائي والتغذية. وتناول تقييم المخاطر الذي أجرته منظمة الأغذية والزراعة بالتحليل الموسع والمناقشة أثر إدخال حمى الخنازير الأفريقية في الأمريكيتين.186
وبلغت كلفة تفشي حمى الخنازير الأفريقية في مقاطعة لاو كاي في فييت نام في عام 2020 نحو 911 826 دولارًا أمريكيًا باستخدام أداة OutCosT، أي ما يمثّل 234 دولارًا أمريكيًا لكل خنزير مفقود. وبالمقارنة، كانت خسائر الخنازير في هذه المقاطعة في عام 2019 أعلى بمقدار عشرة أضعاف مما كانت عليه في عام 2020. واستنادًا إلى بيانات OutCosT لعام 2020، تُقدر كلفة تفشي حمى الخنازير الأفريقية لعام 2019 في المقاطعة نفسها بنحو 8.6 ملايين دولار أمريكي. جويُعبِّر هذا التفاوت الكبير في الكلفة بين عامي 2019 و2020 عن الانتشار السريع لحمى الخنازير الأفريقية في مراحلها الأوّلية وفعالية تدابير المكافحة التي استُخدمت في المراحل اللاحقة.
وفي الفلبين، تأثرت عشر مقاطعات بحمى الخنازير الأفريقية في عام 2019، ولكن الوباء أثر على 32 مقاطعة بحلول نهاية عام 2020. وبلغت كلفة كل خنزير مفقود بسبب حمى الخنازير الأفريقية في عام 2019 ما قيمته 281 دولارًا أمريكيًا189 وهو ما يمكن استخدامه لتقييم كلفة موجات تفشي حمى الخنازير الأفريقية في عام 2020، أي استخدام النسبة الأرجح للانخفاض في عدد الخنازير المذبوحة (النهج ألف) واستخدام الحد الأعلى لنسبة الانخفاض في عدد الخنازير المذبوحة (النهج باء). وفي ما يلي التفاصيل:
أ. حساب عدد الخنازير المفقودة بسبب حمى الخنازير الأفريقية باعتباره النسبة الأرجح للانخفاض في عدد الخنازير المذبوحة (38 في المائة)ببباستخدام عام 2019 كسنة مرجعية. وباستخدام هذا الأسلوب، بلغ عدد الخنازير المفقودة000 689. جج
ب. يمكن تقدير الحد الأعلى لنسبة الانخفاض في عدد الخنازير المذبوحة باستخدام معدل الانكماش في حجم الخنازير المذبوحة في الفترة بين عامي 2019 و2020، وهو 1.8 ملايين رأس من الخنازير. ومع ذلك، يمكن أن يتأثر هذا الانكماش بعوامل أخرى لا يمكن قياسها غير حمى الخنازير الأفريقية.دد
وباستخدام هذه التقديرات، تراوحت الكلفة التقريبية لتفشي حمى الخنازير الأفريقية في عام 2020 في الفلبين بين 194 مليون دولار أمريكي و507 ملايين دولار أمريكي، أي أعلى بما يتراوح بين 3.3 و8.7 مرات من الكلفة في عام 2019. وهذه الكلفة الكبيرة ليست مفاجئة نظرًا إلى الانتشار الجغرافي الكبير في عام 2020. وفي فييت نام والفلبين، تُعزى الخسائر المقدّرة بشكل أساسي إلى الخنازير الأليفة والكلفة الوطنية مقارنة بألمانيا التي تُعزى الخسائر فيها إلى الخنازير البرية والخسائر في سوق التصدير.
ويمكن لأدوات مثل OutCosT أن تدعم البلدان في تقييم كلفة تفشي المرض في ظل سيناريوهات انتشار المرض المختلفة، ويمكن أن توجه عمليات صنع القرار، بما في ذلك تخصيص موارد لمكافحة المرض ومنع استمرار انتشاره. وفي حين يمكن استقراء النتائج بسهولة، من المهم معايرة الأداة بطريقة سليمة، بحيث تكون النتائج متسقة مع ظروف السوق المحلية والسياسات المطبقة.
تقدير الخسائر غير المباشرة
يتطلب تقييم الأثر غير المباشر لحمى الخنازير الأفريقية نُهجًا، مثل تحليل سلسلة القيمة لأن الاضطرابات في عقدة محددة في سلسلة القيمة (عقدة الإنتاج في هذه الحالة) تتسبب في آثار غير مباشرة في المراحل الأوّلية وفي المراحل النهائية من السلسلة. وهناك بعض الأدلة على التداعيات الكبيرة لحمى الخنازير الأفريقية بالنسبة إلى موردي الأعلاف، على الرغم من التعويض الجزئي المرتبط بالتحول إلى أنواع أخرى من الماشية.190 وتظهر الآثار غير المباشرة بوضوح أكبر في المراحل النهائية من السلسلة نتيجة للاستخدام غير الفعال للأصول الإنتاجية، ما يؤدي إلى انخفاض توافر موارد الإنتاج والمدخلات والتي تحتاج إليها الجهات الفاعلة في تلك المراحل النهائية من سلسلة القيمة. وفي فييت نام، ارتبط أقل من 35 في المائة من حالات فقدان الوظائف بتفشي حمى الخنازير الأفريقية في قطاع إنتاج الخنازير، وتوزّعت النسبة المتبقية على سائر القطاعات ذات الصلة، مثل البيع بالجملة والتجزئة والأعلاف والخدمات البيطرية.191
وفي النُظم العالية الكثافة، تتجاوز النفقات غير المباشرة المرتبطة بتفشي الأمراض الحيوانية التي يجب الإبلاغ عنها، مثل حمى الخنازير الأفريقية، في العادة الكلفة المباشرة بكثير ولكنها تظل غير مفهومة بسبب طبيعتها المعقدة. وفي إحدى دراسات النمذجة التي أُجريت مؤخرًا، أشار Savioli وآخرون192 إلى أن أهم تدابير مكافحة حمى الخنازير الأفريقية في حالة تفشيها في سويسرا تتعلق بالجوانب اللوجستية للنقل والذبح، والطلب من المستهلكين، ومنع الاتصال بين الخنازير البرية والخنازير الأليفة. ونتجت أكبر كلفة مرتبطة بمنع الاتصال عن الانخفاض الجزئي أو الكلي المفترض في مزارع تسمين الخنازير لتقليل أحجام القطعان وبالتالي الامتثال لأنظمة المكافحة بحسب المحاكاة.
الشكل36 الأضرار والخسائر في القطاعين الفرعيين للمحاصيل والثروة الحيوانية في أوكرانيا (بملايين الدولارات الأمريكية والنسب المئوية)
