هناك اعتراف متزايد على مدى العقدين الماضيين بقطاعي مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية لمساهمتهما الأساسية في الأمن الغذائي والتغذية في العالم. ويستدعي توسيع هذا الدور توسيع نطاق التغييرات التحويلية في السياسات، والإدارة، والابتكار والاستثمارات من أجل تحقيق الاستدامة والإنصاف في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم. ويعرض تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2022 1 إحصاءات محدثة ومثبتة2 للقطاع ويتناول بالتحليل سياقه السياساتي الدولي وإجراءات مختارة عالية الأثر جرى اتخاذها لتسريع الجهود الدولية الرامية إلى دعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويبحث التقرير في أثر جائحة كوفيد–19 وتبعاتها على إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية3 واستخدامها وتجارتها، كما يقدم نظرة مستقبلية لهذا القطاع.

1– الاستعراض العالمي

وصل إجمالي إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية إلى رقم قياسي غير مسبوق بلغ 214 مليون طن في عام 2020، بما شمل 178 مليون طن من الحيوانات المائية و36 مليون طن من الطحالب،3 ما يمثّل زيادة طفيفة (3 في المائة) بالمقارنة مع الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2018 (213 مليون طن). ويعود سبب النمو المحدود بشكل أساسي إلى انخفاض بنسبة 4.4 في المائة في مصايد الأسماك الطبيعية بسبب تراجع مصيد أنواع الأسماك السطحية، لا سيما الأنشوفة، وانخفاض المصيد في الصين وتأثيرات جائحة كوفيد–19 في عام 2020. وجرى التعويض عن هذا الانخفاض من خلال استمرار نمو قطاع تربية الأحياء المائية، وإن كان ذلك بمعدل سنوي أبطأ خلال العامين الماضيين.

وبالنسبة إلى إنتاج الحيوانات المائية، يخفي هذا الاتجاه العام وجود اختلافات كبيرة بين القارات والأقاليم والبلدان. وفي عام 2020، كانت البلدان الآسيوية المنتج الرئيسي، حيث بلغت حصتها 70 في المائة من المجموع، تلتها الأمريكيتان وأوروبا وأفريقيا وأوسيانيا. وظلت الصين المنتج الرئيسي بحصة بلغت 35 في المائة من المجموع. وأدى توسع تربية الأحياء المائية في العقود الأخيرة إلى تعزيز النمو الإجمالي لإنتاج الحيوانات المائية في المياه الداخلية، وذلك من 12 في المائة من إجمالي الإنتاج في أواخر ثمانينات القرن الماضي إلى 37 في المائة في عام 2020.

وفي عام 2020، بلغ إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية (باستثناء الطحالب) في العالم 90.3 ملايين طن، وذلك بقيمة تقديرية بلغت 141 مليار دولار أمريكي، وشمل ذلك 78.8 ملايين طن من المياه البحرية و11.5 ملايين طن من المياه الداخلية – ما يمثّل انخفاضًا بنسبة 4.0 في المائة مقارنة بمتوسط السنوات الثلاث الماضية. وتمثّل الأسماك الزعنفية حوالي 85 في المائة من إجمالي إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية البحرية، وتُعدّ الأنشوفة مجددًا أفضل الأنواع التي يتم صيدها. وفي عام 2020، ظل المصيد من المجموعات الأربع الأعلى قيمة (أي التونة ورأسيات الأرجل والأربيان وجراد البحر) عند أعلى مستوياته أو تراجع بشكل طفيف عن ذروة المصيد المسجلة سابقًا.

وظل المصيد العالمي في المياه الداخلية، المقدّر بنحو 11.5 ملايين طن، عند مستوى تاريخي مرتفع واستفاد من تحسّن الإبلاغ من قبل البلدان المنتجة، وذلك على الرغم من الانخفاض بنسبة 5.1 في المائة الذي شهده منذ عام 2019. وأنتجت آسيا حوالي ثلثي إجمالي مصايد الأسماك الداخلية، تلتها أفريقيا – ويعتبر المصيد الداخلي هامًا للأمن الغذائي في كلا الإقليمين. ولأول مرة منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، لم تكن الصين أكبر جهة منتجة لمصايد الأسماك الداخلية، حيث تجاوزتها الهند بإنتاج بلغ 1.8 ملايين طن.

ووصل إنتاج تربية الأحياء المائية في العالم في عام 2020 إلى 122.6 ملايين طن، وشمل ذلك 87.5 ملايين طن من الحيوانات المائية بقيمة بلغت 264.8 مليارات دولار أمريكي، و35.1 مليون طن من الطحالب بقيمة بلغت 16.5 مليارات دولار أمريكي. وتم استزراع حوالي 54.4 ملايين طن في المياه الداخلية، فيما تم إنتاج 68.1 مليون طن من تربية الأحياء المائية البحرية والساحلية.

وشهدت جميع الأقاليم، باستثناء أفريقيا، نموًا مستمرًا في تربية الأحياء المائية في عام 2020، وذلك بفعل التوسع في شيلي والصين والنرويج – وهي أكبر الجهات المنتجة في أقاليمها. وشهدت أفريقيا انخفاضًا في البلَدين المنتجين الرئيسيين، أي جمهورية مصر العربية ونيجيريا، في حين سجلت باقي المناطق في أفريقيا نموًا بنسبة 14.5 في المائة اعتبارًا من عام 2019. وواصلت آسيا هيمنتها على تربية الأحياء المائية في العالم، حيث أنتجت أكثر من 90 في المائة من المجموع.

ووصلت مساهمة تربية الأحياء المائية في الإنتاج العالمي للحيوانات المائية إلى مستوى قياسي بلغ 49.2 في المائة في عام 2020. وما زالت تربية الأحياء المائية المغذاة بالعلف تتفوق على الأنواع الحيوانية التي لا تتم تغذيتها بالعلف. ورغم التنوع الكبير في الأنواع المائية المستزرعة، إلا أن عددًا صغيرًا فقط من الأنواع «الأساسية» يهيمن على إنتاج تربية الأحياء المائية، وخاصة الشبوط العشبي على صعيد تربية الأحياء المائية الداخلية في العالم وسلمون الأطلسي على صعيد تربية الأحياء المائية البحرية.

وتواصل المنظمة الإبلاغ عن حالة الموارد السمكية. ويؤكد رصد المنظمة الطويل الأجل لأرصدة مصايد الأسماك البحرية المقدّرة استمرار تدهور موارد هذه المصايد. وتراجعت حصة أرصدة مصايد الأسماك التي يتم صيدها ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا من 90 في المائة في عام 1974 إلى 64.6 في المائة في عام 2019، حيث بلغت نسبة الأرصدة السمكية التي يتمّ صيدها بأعلى قدر من الاستدامة 57.3 في المائة والأرصدة غير المستغلة بالكامل 7.2 في المائة.

لكن رغم تدهور الاتجاهات من حيث العدد، إلا أن الأرصدة المستدامة بيولوجيًا شكّلت في عام 2019 نسبة 82.5 في المائة من عمليات إنزال المنتجات المائية،4 وذلك بزيادة قدرها 3.8 في المائة بالمقارنة مع عام 2017. وعلى سبيل المثال، تمّ في المتوسط صيد 66.7 في المائة من أرصدة الأنواع العشرة الأكثر إنزالًا في عام 2019 – وهي الأنشوفة، وقدّية ألاسكا، والتونة الوثابة، والرنجة الأطلسية، والتونة الصفراء، والغبر الأزرق، والبلشار الأوروبي، والشك الزرو في المحيط الهادئ، والقد الأطلسي وسمك السيوف – ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا، وهي تعتبر أعلى بشكل طفيف مما كانت عليه في عام 2017. ويثبت ذلك أن إدارة الأرصدة الأكبر حجمًا تتم بفعالية أكبر.

ويمكن أن تؤدي إعادة بناء الأرصدة التي يتم استغلالها استغلالًا مفرطًا إلى زيادة إنتاج مصايد الأسماك البحرية بمقدار 16.5 ملايين طن، وأن تسهم بالتالي في الأمن الغذائي، والتغذية، والاقتصادات ورفاه المجتمعات الساحلية. وشهدت الأرصدة التي تم تقديرها علميًا والمدارة بشكل مكثف، في المتوسط، وفرة متزايدة عند المستويات المستهدفة المقترحة؛ وفي المقابل، تسجل المناطق ذات الإدارة الأقل تطورًا لمصايد الأسماك معدلات صيد أعلى بكثير ووفرة أقلّ. ويسلّط ذلك الضوء على الحاجة الملحة إلى تكرار وإعادة تكييف السياسات والأنظمة الناجحة في مصايد الأسماك التي لا تتم إدارتها بشكل مستدام، وتنفيذ آليات ابتكارية قائمة على النظم الإيكولوجية بما يعزز الاستخدام المستدام والحفظ في جميع أنحاء العالم.

والعديد من مصايد الأسماك الداخلية الهامة موجودة في البلدان الأقل نموًا والبلدان النامية، حيث تمثّل محدودية الموارد البشرية والمالية المتاحة لرصد هذه المصايد وإدارتها عقبة رئيسية. وحتى في بعض البلدان المتقدمة، يعني تدني مكانة مصايد الأسماك الداخلية أنّ تقييم الأرصدة ورصدها قد يشكّل أولوية منخفضة نسبيًا ضمن الاحتياجات المتنافسة الأخرى. وفي عام 2016، بدأت المنظمة في رسم خريطة للتهديدات العالمية لمصايد الأسماك الداخلية من أجل توفير مقياس خط أساس لتتبع التغيرات الحاصلة في الأحواض الرئيسية وتحسين مصايد الأسماك الداخلية. وتشير النتائج الأولية إلى أن 55 في المائة من مصايد الأسماك الداخلية في جميع الأحواض الرئيسية تتعرض إلى ضغط معتدل و17 في المائة تتعرض إلى ضغط مرتفع.

وفي ما يتعلق بأسطول الصيد، قُدّر إجمالي عدد سفن الصيد في عام 2020 بنحو 4.1 مليون سفينة، ويمثّل ذلك انخفاضًا قدره 10 في المائة منذ عام 2015، الأمر الذي يعكس الجهود التي تبذلها العديد من البلدان، لا سيما الصين والدول الأوروبية، من أجل خفض حجم الأسطول العالمي. ولا تزال آسيا تملك أكبر أسطول صيد يمثّل حوالي ثلثي الإجمالي العالمي. وظل الإجمالي العالمي للسفن المزودة بمحرك ثابتًا عند 2.5 ملايين سفينة، حيث شكًلت حصة آسيا حوالي 75 في المائة؛ وتتوزع حوالي 97 في المائة من السفن غير المزودة بمحرك في العالم بين آسيا وأفريقيا.

وعلى صعيد التوظيف في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، كان في عام 2020 ما يقدّر بحوالي 58.5 ملايين شخص يعملون في قطاع الإنتاج الأولي بدوام كامل أو جزئي. وكان حوالي 35 في المائة منهم يعملون في قطاع الزراعة، وحافظ هذا الرقم على ثباته في السنوات الأخيرة، في حين تقلص عدد الصيادين في العالم. وفي عام 2020، تركّز 84 في المائة من مجموع الصيادين ومستزرعي الأسماك في آسيا. وبالإجمال، شكّلت النساء 21 في المائة من العاملين في القطاع الأولي (28 في المائة في تربية الأحياء المائية و18 في المائة في مصايد الأسماك)، ولكنهن يملن إلى العمل غير المستقر في تربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك، حيث مثّلن 15 في المائة فقط من العاملين بدوام كامل في عام 2020. غير أنه عند النظر في البيانات المتاحة لقطاع التجهيز فقط، فإن حصة النساء شكّلت ما يزيد قليلًا عن 50 في المائة من الوظائف بدوام كامل و71 في المائة من العمل بدوام جزئي.

وشهد استخدام وتجهيز إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية تغيرات كبيرة في العقود الماضية. ففي عام 2020، تم استخدام 89 في المائة (157 مليون طن) من الإنتاج العالمي (باستثناء الطحالب) للاستهلاك البشري المباشر مقارنة بنسبة 67 في المائة التي تم تسجيلها في ستينات القرن الماضي. وجرى استخدام النسبة المتبقية (ما يتجاوز 20 مليون طن) لأغراض غير غذائية – الغالبية العظمى لمسحوق وزيت السمك وما تبقى لأسماك الزينة، والطعوم، والتطبيقات الصيدلانية، وأغذية الحيوانات الأليفة والتغذية المباشرة في تربية الأحياء المائية وتربية الماشية وحيوانات الفراء. ولا تزال الأشكال الحية والطازجة والمبردة تمثّل الحصة الأكبر من الأغذية المائية5 (باستثناء الطحالب) للاستهلاك البشري المباشر، تليها الأشكال المجمدة والمحضرة والمحفوظة والمعالجة. وفي آسيا وأفريقيا، تعتبر حصة إنتاج الأغذية المائية المحفوظة بالتمليح أو التدخين أو التخمير أو التجفيف أعلى من المتوسط العالمي. ويتم استخدام حصة متزايدة من المنتجات المشتقة للأغراض الغذائية وغير الغذائية. وعلى سبيل المثال، جرى الحصول على أكثر من 27 في المائة من الإنتاج العالمي من مسحوق السمك و48 في المائة من إجمالي إنتاج زيت السمك من منتجات مشتقة.

وزاد الاستهلاك العالمي للأغذية المائية (باستثناء الطحالب) بمعدل سنوي بلغ 3.0 في المائة في المتوسط من عام 1961 إلى عام 2019، وهو معدل يقارب ضعف معدل النمو السكاني السنوي في العالم (1.6 في المائة) خلال الفترة نفسها، حيث وصل الاستهلاك السنوي للفرد الواحد إلى مستوى قياسي قدره 20.5 كلغ في عام 2019. وتشير التقديرات الأولية إلى تراجع الاستهلاك في عام 2020 بسبب انكماش الطلب الناجم عن جائحة كوفيد–19، وأعقب ذلك زيادة طفيفة في عام 2021. ورغم بعض الاستثناءات، أبرزها اليابان، شهدت معظم البلدان ارتفاعًا في نصيب الفرد من استهلاك الأغذية المائية بين عامي 1961 و2019، حيث سجلت البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا أقوى نمو سنوي. وعلى مستوى العالم، وفّرت الأغذية المائية في عام 2019 حوالي 17 في المائة من البروتينات الحيوانية و7 في المائة من جميع البروتينات. وبالنسبة إلى 3.3 مليارات شخص، توفر الأغذية المائية ما لا يقل عن 20 في المائة من متوسط متناول الفرد من البروتينات الحيوانية. وتساهم الأغذية المائية في كمبوديا، وسيراليون، وبنغلاديش، وإندونيسيا، وغانا، وموزامبيق وبعض الدول الجزرية الصغيرة النامية، بنصف المتناول الإجمالي من البروتينات الحيوانية أو أكثر من ذلك.

وشهدت التجارة الدولية بالمنتجات المائية نموًا ملحوظًا خلال العقود الأخيرة حيث اتسعت عبر القارات والأقاليم. وفي عام 2020، بلغت قيمة الصادرات العالمية من المنتجات المائية، باستثناء الطحالب، 151 مليار دولار أمريكي – ويمثّل ذلك انخفاضًا قدره 7 في المائة بالمقارنة مع أعلى مستوى قياسي تم تسجيله في عام 2018 والبالغ 165 مليار دولار أمريكي. وشكّلت قيمة المنتجات المائية المتداولة 11 في المائة من إجمالي التجارة الزراعية (باستثناء الحراجة) وحوالي 1 في المائة من إجمالي تجارة البضائع في عام 2020. وتُعدّ هذه الحصص أعلى بكثير في العديد من البلدان، إذ أنها على سبيل المثال تتجاوز 40 في المائة من إجمالي قيمة تجارة البضائع في كابو فيردي وآيسلندا وكيريباس وملديف. وتتألف حوالي 90 في المائة من كمية المنتجات المائية المتداولة، باستثناء الطحالب، من منتجات محفوظة تم تجميد معظمها. وشملت الصادرات الأخرى 1.9 مليارات دولار أمريكي من الأعشاب البحرية والطحالب الأخرى، والمنتجات المائية المشتقة غير الصالحة للأكل، والإسفنج والمرجان.

وزادت قيمة تجارة المنتجات المائية من عام 1976 إلى عام 2020 بمعدل سنوي بلغ في المتوسط 6.9 في المائة بالقيمة الإسمية و3.9 في المائة بالقيمة الحقيقية (بعد التعديل استنادًا إلى التضخم). ويعكس تسارع معدل النمو على صعيد القيمة بالمقارنة مع الكمية تزايد نسبة التجارة في الأنواع العالية القيمة والمنتجات التي تخضع للتجهيز أو الأشكال الأخرى من إضافة القيمة.

ولا تزال الصين تُعتبر أكبر جهة مصدّرة في العالم لمنتجات الحيوانات المائية، تليها النرويج وفييت نام، ويُعدّ الاتحاد الأوروبي أكبر سوق مستوردة منفردة. وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر بلد مستورد تليها الصين واليابان. وعلى صعيد الحجم (الوزن الحي)، تُعدّ الصين أكبر بلد مستورد لكميات كبيرة من الأنواع، ليس لأغراض الاستهلاك المحلي فحسب، وإنما أيضًا لاستخدامها كمواد خام يتم تجهيزها في الصين ليعاد تصديرها لاحقًا.

2– نحو التحول الأزرق6

يجب أن يؤدي عقد العمل الحالي لتحقيق الأهداف العالمية7 إلى تسريع الإجراءات من أجل التطرق إلى الأمن الغذائي مع الحفاظ على مواردنا الطبيعية. ويمكن للأغذية المائية التي من المتوقع أن تزيد بنسبة إضافية قدرها 15 في المائة بحلول عام 2030 أن توفر نسبة أكبر من المتطلبات البشرية من الأغذية المغذية. ويعتبر التحول الأزرق بمثابة رؤية للتحول المستدام لنظم الأغذية المائية كحل معترف به للأمن الغذائي والتغذوي والرفاه البيئي والاجتماعي عن طريق الحفاظ على صحة النظام الإيكولوجي المائي، والحد من التلوث، وحماية التنوع البيولوجي وتعزيز المساواة الاجتماعية.

ويركّز التحول الأزرق على توسيع نطاق تربية الأحياء المائية وتكثيفها على نحو مستدام، والإدارة الفعالة لجميع مصايد الأسماك، والارتقاء بسلاسل القيمة. ويتطلب ذلك نُهجًا شاملة وقابلة للتكيف تأخذ بعين الاعتبار التفاعل المعقد ضمن النظم الزراعية والغذائية وتدعم التدخلات المتعددة أصحاب المصلحة باستخدام المعارف والأدوات والممارسات الحالية والناشئة من أجل تأمين وتعظيم مساهمة نظم الأغذية المائية في الأمن الغذائي والتغذية في العالم.

وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يشهد إنتاج الأغذية المائية زيادة إضافية بنسبة 15 في المائة، وذلك بشكل أساسي عن طريق تكثيف الإنتاج المستدام لتربية الأحياء المائية وتوسيع نطاقه. ويجب أن يحافظ هذا النمو على سلامة النظام الإيكولوجي المائي، ويتفادى التلوث، ويحمي التنوع البيولوجي والمساواة الاجتماعية. ويهدف التحول الأزرق إلى: (1) زيادة تطوير واعتماد الممارسات المستدامة في تربية الأحياء المائية؛ (2) وإدماج تربية الأحياء المائية في استراتيجيات التنمية والسياسات الغذائية الوطنية والإقليمية والعالمية؛ (3) وتوسيع نطاق إنتاج تربية الأحياء المائية وتكثيفه لتلبية الطلب المتزايد على الأغذية المائية وتعزيز سبل العيش الشاملة؛ (4) وتحسين القدرات على المستويات كافة لتطوير واعتماد تكنولوجيا وممارسات إدارة ابتكارية من أجل تعزيز كفاءة قطاع تربية الأحياء المائية وقدرته على الصمود.

ويجب التصدي للحواجز الأساسية التي تواجه نظم إنتاج تربية الأحياء المائية، والحوكمة، والاستثمار، والابتكارات وبناء القدرات. ويتطلب تحسين نظم تربية الأحياء المائية المزيد من الابتكارات الفنية – مع التركيز على التحسينات الوراثية في برامج التربية، والأعلاف، والأمن البيولوجي ومكافحة الأمراض – وذلك بالاقتران مع سياسات متسقة وحوافز مناسبة على طول سلسلة القيمة بأسرها. وتتمثل مجالات التركيز ذات الأولوية للممارسات الابتكارية في تربية الأحياء المائية في الأعلاف المائية، والتغذية، والرقمنة وتعزيز الممارسات الفعالة والمراعية للبيئة. ويستدعي تنفيذ هذه الحلول قدرات ومهارات كافية، وتدريبًا وبحثًا وشراكات، ويمكن أن يستفيد من التطورات في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والوصول الأوسع إلى تطبيقات الهاتف المحمول ومنصاته.

وتعتبر الحوكمة الجيدة القائمة على أطر قانونية ومؤسسية سليمة وقابلة للإنفاذ أساسية لتهيئة بيئة تمكينية لجذب الاستثمارات من أجل التوسع في تربية الأحياء المائية. وتبرز الحاجة إلى مزيج متوازن من خدمات التمويل والتأمين على المستويات كافة من أجل تحسين البنية التحتية ودعم الابتكارات والآليات التكنولوجية، مثل ائتمانات الكربون أو النيتروجين والسندات الزرقاء لمكافأة الاستثمار الأزرق على الفوائد البيئية وخدمات النظم الإيكولوجية.

وتشكّل الإدارة الفعالة لجميع مصايد الأسماك أحد الأهداف الأساسية للتحول الأزرق. ويُعدّ تحسين إدارة مصايد الأسماك أمرًا ضروريًا لإعادة بناء أرصدة مصايد الأسماك، وزيادة المصيد، وإصلاح النظم الإيكولوجية لإعادتها إلى حالة سليمة ومنتجة بموازاة إدارة الموارد المستغلة ضمن حدود النظام الإيكولوجي. ويتطلب ذلك إجراء تغييرات تحويلية من أجل تعزيز الحوكمة وإصلاح السياسات، وأطر الإدارة الفعالة، والتكنولوجيات المبتكرة والحماية الاجتماعية الملائمة.

ويجب أن توجه الصكوك الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ومدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد وأدوات التنفيذ ذات الصلة، بما في ذلك اتفاقية تدابير دولة الميناء، الحوكمة وإصلاح السياسات في جميع أنحاء العالم من أجل إنفاذ إجراءات الإدارة على المستويين القطري والإقليمي. ويجب على المنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص تكثيف التعاون عبر القطاعات وترتيبات التعاون بهدف مواصلة تعزيز أدوارها التكميلية في التصدي لقضايا إدارة مصايد الأسماك على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية.

ويجب على الإدارة الفعالة أن تعتمد نهج النظم الإيكولوجية لمصايد الأسماك مع إيلاء الاعتبار الواجب للحيازة والحقوق والإدارة المشتركة، ومراعاة الفوائد والمقايضات الخاصة بالأهداف الإيكولوجية والاجتماعية والاقتصادية لموارد مصايد الأسماك والنظم الإيكولوجية المائية. ومن خلال آليات الإدارة المشتركة، ينبغي إشراك أصحاب المصلحة المعنيين في صنع القرار، ودعمهم بالرصد الفعال والمراقبة والإشراف، وزيادة تبادل المعلومات، والإنفاذ والتنسيق المعزز.

ويُعدّ التقدم التكنولوجي أساسيًا من أجل التنفيذ الفعال لتدابير الحفظ والإدارة، وذلك عن طريق تحسين جمع البيانات وتحليلها ونشرها، والرصد والمراقبة والإشراف، والكفاءة، وحماية البيئة والسلامة في البحر. وتؤثر برامج الحماية الاجتماعية التي تراعي العمل اللائق وحقوق الإنسان بصورة إيجابية على الحفاظ على الموارد وحماية سبل العيش.

وتملك البلدان النامية – لا سيما أقل البلدان نموًا – قدرات فنية ومؤسسية محدودة لضمان الإدارة الفعالة لمصايد الأسماك. وهي تتطلب مبادرات مخصصة لتنمية القدرات وتقوم على نُهج مكيّفة مع القيود على قدراتها المالية والبشرية.

ويعتمد توسيع نطاق تربية الأحياء المائية والإدارة الفعالة لمصايد الأسماك على الابتكار في سلاسل قيمة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وهو ما يحتاج بدوره إلى شراكات عامة وخاصة لدعم التكنولوجيات الجديدة، وزيادة وعي المستهلكين بالأغذية المائية وتوافرها، والحد من الفاقد والمهدر من الأغذية، وتحسين الوصول إلى الأسواق المربحة. ويتطلب الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية تنفيذ إجراءات متعددة الأبعاد تدمج الحوكمة، والتكنولوجيا، والمهارات والمعرفة، والخدمات والبنية التحتية وروابط السوق. ويستلزم الوصول إلى الأسواق المربحة القدرة على الاستجابة لمتطلبات السوق، لا سيما التدابير غير الجمركية التي تعالج مسائل حماية المستهلك والحماية البيئية والاجتماعية وتستخدم نظمَ تتبّع شفافة وموثوقة.

وتقوم السنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية في عام 2022، التي أعلنتها الأمم المتحدة من أجل تعزيز الوعي والفهم لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية في العالم؛ وتعزيز العمل لدعم مساهمتها في التنمية المستدامة؛ والترويج للحوار والتعاون بين الجهات الفاعلة والشركاء وفي ما بينهم وإشراك أصحاب المصلحة الرئيسيين في القطاعين العام والخاص لمواجهة التحديات والفرص المتاحة لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على نطاق صغير للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

3– التحول الأزرق لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030

مع تبقي أقل من ثماني سنوات حتى حلول عام 2030، لا يسير العالم على المسار الصحيح نحو القضاء على الجوع وسوء التغذية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقامت جائحة كوفيد–19 بعكس الاتجاهات المواتية سابقًا. وتماشيًا مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030، يهدف عقد العمل لتحقيق الأهداف العالمية إلى تعزيز استراتيجيات البلدان، والمنظمات الحكومية الدولية، والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني من أجل الترويج لعالم عادل ومزدهر ومستدام.

وتساهم مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في تحقيق معظم أهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف 14 (الحياة تحت الماء) المكرّس للمحيطات ومواردها البحرية. وتقوم منظمة الأغذية والزراعة، بصفتها الجهة الراعية لأربعة مؤشرات خاصة بأهداف التنمية المستدامة وذات صلة بالاستخدام المستدام للموارد البحرية الحية، بالاستفادة من آليات الرصد والإبلاغ القائمة في العالم وتكييفها لدمج البيانات الوطنية. ويكشف مؤشرا أهداف التنمية المستدامة 14–6–1 و14–ب–1 حاليًا عن اتجاهات مشجعة على صعيد مستويات تنفيذ السياسات. وجرى تصميم تحسينات حديثة مقبلة في المنهجية من أجل معالجة محدودية القدرات الوطنية في العديد من البلدان النامية لقياس استدامة أرصدة مصايد الأسماك البحرية (مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–4–1)، والسماح للبلدان بفهم أفضل لأهمية مصايد الأسماك المستدامة بالنسبة إلى اقتصاداتها الوطنية (مؤشر هدف التنمية المستدامة 14–7–1). وفي ما يتعلق بالحالة البيئية للمحيطات (أهداف التنمية المستدامة 14–1 و14–3 و14–5)، ومع أن بعض المؤشرات تكشف عن اتجاهات تزداد سوءًا ومعدلات تلوث متسارعة، إلا أن هناك تقدم واضح وإرادة سياسية قوية لسنّ تشريعات وطنية على صعيد حماية البيئات البحرية.

والأهم من ذلك هو أن الإبلاغ عن المساهمة الحقيقية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في خطة عام 2030 لا يزال يواجه عقبات لأن مؤشرات الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة تغطي بشكل رئيسي مصايد الأسماك الطبيعية البحرية؛ ولم يتم تحديد مساهمة تربية الأحياء المائية أو الإبلاغ عنها بوضوح بشكل دائم، كما أن مساهمة مصايد الأسماك الداخلية وتربية الأحياء المائية في الأغذية والتغذية غائبة عن النصوص الحالية لأهداف التنمية المستدامة.

ويعترف عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة (2021–2030) بأن التفاعل القوي بين العلوم والسياسات أمر بالغ الأهمية لتصميم حلول مستدامة وترسيخ القرارات والاتفاقيات والإجراءات المستندة إلى أفضل الأدلة المتاحة في نهاية المطاف. وتعتبر خطة تنفيذ عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة عملية تشاركية وشاملة للغاية وتستند إلى الإنجازات الحالية من أجل تحقيق النتائج عبر المناطق الجغرافية والقطاعات والتخصصات والأجيال، وتتصدى للتحديات العشرة ذات الأولوية وتجمع شركاء العقد في عمل جماعي. ولمواجهة التحديات المتصلة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، يسعى الشركاء إلى توليد المعرفة ودعم الابتكار ومعالجة أوجه عدم المساواة في قدرات علوم المحيطات وتطوير حلول ترمي إلى تحسين دور المحيطات في الأمن الغذائي في ظل الظروف البيئية والاجتماعية والمناخية المتغيرة.

ويدعو عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية إلى الإنعاش العالمي للنظم الإيكولوجية وخدماتها من خلال إعادة الصحة إلى الموائل والأنواع وضمان النظم الاجتماعية والبيئية المنتجة والقادرة على الصمود في وجه حالات الإجهاد المستمرة والمتوقعة.

ويتطلب إصلاح النظم الإيكولوجية الداخلية والساحلية والبحرية حوكمة ملائمة ودعمًا لإدماج إجراءات الحفظ والإنتاج المستدام من قبل جهات فاعلة وقطاعات وسلطات قضائية متعددة. ويُعتبر هذا العقد بمثابة فرصة متاحة لبناء الشبكات والشراكات عبر العالم والربط بينها، وتعزيز الصلة بين الإصلاح والعلوم والسياسات.

وتستدعي استعادة إنتاجية مصايد الأسماك إعادة تأهيل غابات المانغروف والأعشاب البحرية والشعاب المرجانية، ومستجمعات المياه والأراضي الرطبة، والإدارة الفعالة لإعادة بناء أرصدة مصايد الأسماك والحد من الآثار السلبية لصيد الأسماك على النظم الإيكولوجية. وتهدف الإجراءات في مجال تربية الأحياء المائية إلى استعادة هيكل النظام الإيكولوجي ووظيفته لدعم توفير الأغذية بموازاة تقليل التلوث والأنواع الغريبة الغازية والنفايات ونشوء الأمراض.

ويواجه الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 ثلاثة تحديات هامة من أجل: (1) توسيع نطاق اعتماده وتنفيذه خارج مجتمع الحفظ، وتوسيع نطاق ملكية التحديات والحلول لصالح التنوع البيولوجي؛ (2) ومواءمة الموارد اللازمة لإحداث التغيير مع طموح مهامه؛ (3) والانخراط في عملية ديناميكية يمكن قياسها والإبلاغ عنها بشكل جيد.

ولإدماج هذه التحديات في خطط عمل أصحاب المصلحة، يجدر بهم دعم تعزيز الصلة بين استعادة التنوع البيولوجي والفوائد الاقتصادية وسبل العيش. وتوفر المبادرات والإجراءات – بما في ذلك تلك التي تنفذها المنظمة – الدعم المطلوب لاستعادة الأنواع والموائل المعرضة للخطر، بما في ذلك تحديد مواصفات الأنواع المهددة بالانقراض، وخطط العمل الوطنية المتعلقة بأسماك القرش والطيور البحرية، وإدارة مصايد الأسماك القائمة على المناطق، وإدارة مصايد الأسماك الداخلية القائمة على الأحواض. وتهدف الإجراءات الأخرى إلى تحقيق الاستخدام المستدام الأمثل للتنوع البيولوجي عن طريق معالجة المخاطر والتخفيف المرتبط بالتنوع المائي المستزرع، والحد من الصيد العرضي والتلوث الناجم عن معدات الصيد المتروكة والمفقودة والمهملة، واستخدام تكنولوجيا انتقائية للصيد.

4– القضايا الناشئة والتوقعات

منذ مارس/آذار 2020، اجتاحت جائحة كوفيد–19 القارات والبلدان مخلّفة أضرارًا صحية واجتماعية واقتصادية غير مسبوقة، وشمل ذلك مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وفي جميع أنحاء العالم، سببت جائحة كوفيد–19، وهي أزمة لا مثيل لها، حالات من الإقفال العام وإغلاق للأسواق والموانئ والحدود أدت إلى تباطؤ كبير في التجارة، ونتج عن ذلك اختلال في إنتاج الأغذية المائية وتوزيعها وفقدان فرص العمل وسبل العيش.

وشهد الصيد اختلالات وواجهت تربية الأحياء المائية صعوبة في الحفاظ على دورات الإنتاج المخطط لها. وكانت سلاسل الإمدادات التي تهيمن عليها الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم معرضة على وجه الخصوص لقيود جائحة كوفيد–19. وتأثر السكان الضعفاء والمهمشون بشكل غير متناسب، حيث عانت النساء بشكل أكبر من تراجع فرص العمل وفقدان سبل العيش الأسرية. وأتى التعافي بصورة تدريجية عن طريق تنويع دخل الأسر بواسطة أنشطة زراعية أخرى، وخفض تكاليف الأعمال، واستهداف الأسواق المحلية وتبني التسويق عبر شبكة الإنترنت والتسليم المباشر.

واعتمدت الحكومات تدابير دعم صحية واجتماعية واقتصادية وتعليمية وبيئية متنوعة ومعقدة، وذلك وفقًا للأولويات والقدرات والموارد الوطنية. واستجابت البلدان التي تتمتع بنظم فعالة للحماية الاجتماعية بمزيد من الكفاءة للتخفيف من آثار الجائحة. ولسوء الحظ، غالبًا ما تم استبعاد العمال غير النظاميين الذين يعمل الكثيرون منهم في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.

وكشفت الجائحة عن الترابط القائم بين الأسواق وسلاسل الإمدادات والحاجة إلى نظم حماية اجتماعية وطنية شاملة ومستجيبة للصدمات. ومن الناحية الإيجابية، سرّعت الأزمة الرقمنة، وشجعت الرصد الإلكتروني والإنفاذ، واستخدام الطاقة الخضراء والتكنولوجيات النظيفة، وتطوير الإنتاج المحلي والأسواق.

وتسبب تزايد الاحترار بتغيرات لا رجوع عنها وتستدعي إجراءات عاجلة قائمة على المحيطات من أجل تعزيز وتسريع تدابير التخفيف من حدة المناخ والتكيف معه، ويزيد ذلك من الحاجة الملحة إلى تكيف مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية مع تغير المناخ. ويستدعي ذلك النظر بصورة صريحة في عوامل الإجهاد المناخية في إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية عن طريق ربط خطط التكيف بإجراءات الإدارة أو التنمية، بما في ذلك المؤشرات المحلية والمتعلقة بالسياق المرتبطة بعوامل الضغط المناخية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.

وتعتبر خطط التكيف التحويلية ضرورية على المستويين الوطني والمحلي، مع إيلاء اهتمام خاص للفئات الأضعف باستخدام نهج شامل وتشاركي مع مراعاة احتياجات وفوائد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على نطاق صغير. وستستفيد هذه الخطط من تبني نُهج الإدارة المكانية المستنيرة باعتبارات المناخ، وإدماج اعتبارات المساواة وحقوق الإنسان والاستثمار في الابتكار.

وفي الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في غلاسكو، تم تعزيز الدور الرئيسي للمحيطات وإتاحة الفرص أمام مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية لتوسيع مساهمتها في الجهود العالمية، وتقاسم حلول التكيف والتخفيف، وإبراز مكانة مصايد الأسماك الداخلية وتربية الأحياء المائية في المناقشات المناخية الدولية.

ويُعدّ التقدم نحو تحقيق المساواة بين الجنسين في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية أمرًا أساسيًا لتحقيق الاستدامة والشمول. ورغم الدور الهام الذي تؤديه النساء في هذا القطاع، إلا أنهن غالبًا ما يعملن ضمن شرائح القوى العاملة غير النظامية التي يتدنى فيها مستوى الأجر والاستقرار والمهارات. وهن غالبًا ما يواجهن، بسبب السياقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، قيودًا قائمة على النوع الاجتماعي تمنعهن من استكشاف أدوارهن في هذا القطاع والاستفادة منها بصورة كاملة. ويزداد الأمر تعقيدًا بسبب محدودية الوصول إلى المعلومات، والخدمات، والبنية التحتية، والأسواق، والحماية الاجتماعية، والعمالة اللائقة وعملية صنع القرار والمناصب القيادية.

وقد وجّهت سياسة المنظمة بشأن المساواة بين الجنسين اعتماد أدوات المنظمة الرئيسية وسبل تعزيز النُهج التحويلية المراعية للمساواة بين الجنسين التي تدعم دور النساء كعناصر رئيسية للتغيير من أجل تحقيق التحول الأزرق.

وبالاستناد إلى الفرضيات الاقتصادية والسياساتية والبيئية، تقوم المنظمة بإعداد توقعات لإنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية واستخدامها وتجارتها وأسعارها والقضايا الرئيسية التي قد تؤثر على العرض والطلب في المستقبل. وتشير إسقاطات المنظمة على صعيد مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية حتى عام 2030 إلى زيادة الإنتاج والاستهلاك والتجارة، وإن كان ذلك بمعدلات نمو أبطأ. ومن المتوقع أن يصل إجمالي إنتاج الحيوانات المائية إلى 202 مليون طن في عام 2030، حيث ستأتي الزيادة الرئيسية من تربية الأحياء المائية التي ستصل مساهمتها إلى 106 ملايين طن في عام 2030. ومن المتوقع أن تزداد حصة مصايد الأسماك الطبيعية العالمية لتصل إلى 96 مليون طن، وذلك نتيجة استعادة أرصدة بعض الأنواع بفضل تحسين إدارة الموارد، والنمو في مصيد الموارد غير المستغلة بشكل كامل، وخفض المصيد المرتجع والفواقد والهدر.

وفي عام 2030، سيتم استخدام 90 في المائة من إجمالي إنتاج الحيوانات المائية للاستهلاك البشري، ويمثّل ذلك زيادة إجمالية قدرها 15 في المائة مقارنة بعام 2020. ويعني ذلك أن نصيب الفرد من الاستهلاك السنوي سيرتفع من 20.2 كلغ في عام 2020 إلى 21.4 كلغ في عام 2030، ويأتي ذلك نتيجة ارتفاع الطلب بسبب ارتفاع الدخل والتوسع الحضري، وهو يرتبط بدوره بتوسع الإنتاج والتحسينات في عمليات ما بعد الصيد والتوزيع والتغيرات في اتجاهات الأنماط الغذائية. وستزداد إمدادات الأغذية المائية في جميع الأقاليم، في حين من المتوقع أن يشهد استهلاك الفرد في أفريقيا انخفاضًا طفيفًا، لا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مما يثير مخاوف بشأن الأمن الغذائي.

وسيتواصل اتساع تجارة المنتجات المائية ولكن بوتيرة أبطأ مما كان عليه في العقد الماضي، مما يعكس تباطؤ نمو الإنتاج، وارتفاع الأسعار الذي يحد من إجمالي الطلب والاستهلاك، وزيادة الطلب المحلي في بعض البلدان المنتجة والمصدرة الرئيسية، مثل الصين. وسيتم تصدير حصة ثابتة (36 في المائة) من إجمالي الإنتاج في عام 2030 مع زيادة مساهمة تربية الأحياء المائية. ومن حيث الكمية، ستظل الصين المصدّر الرئيسي للأغذية المائية، تليها فييت نام والنرويج. وسوف تمثّل حصة الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة الأمريكية 39 في المائة من إجمالي حجم استهلاك واردات الأغذية المائية في عام 2030.

وتشير التقديرات إلى أن أسعار المنتجات المائية المتداولة في التجارة الدولية سترتفع بنسبة 33 في المائة بالقيمة الإسمية في عام 2030. وستكون هذه الزيادة مدفوعة بتحسن الدخل والنمو السكاني والطلب القوي وتراجع العرض وزيادة ضغط كلفة الإنتاج من المدخلات مثل الأعلاف والطاقة وزيت السمك.

back to top عد إلى الأعلى