تحسين إدارة مصايد الأسماك

الأهداف والغايات

أقلّ من عشر سنوات تفصلنا عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ لذا يُعدّ تسريع وتيرة العمل التحويلي ضروريًا على طول خط الأساس الثلاثي المتمثل في الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية. ويوفر التحول الأزرق9 فرصًا كبيرة لإدارة مصايد الأسماك من أجل تحقيق ما يلي:

  • ضمان حقوق متساوية ومضمونة للوصول إلى الموارد والخدمات والبنية التحتية والعمل اللائق والنمو الاقتصادي (أهداف التنمية المستدامة 1 و8 و12 و14)؛

  • وتأمين الأغذية المغذية وفرص كسب العيش، وضمان المساواة في الوصول إلى مصايد الأسماك للنساء والرجال، والحدّ من أوجه عدم المساواة من خلال الإدماج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للجميع (أهداف التنمية المستدامة 2 و5 و10 و14)؛

  • وتحقيق الاستخدام المستدام والفعال للموارد المائية الداخلية والبحرية من أجل الاستهلاك والإنتاج المسؤولين (هدف التنمية المستدامة 12).

ولتحقيق هذه الأهداف، يجب أن تكون إدارة مصايد الأسماك قائمة على أساس علمي، ومحددة السياق، وتستند إلى سياسات شاملة وشفافة ومتعددة التخصصات، وأن تؤدي إلى وضع خطط وإجراءات بطرق منصفة. ويجب على المديرين استخدام أهدافٍ تستند إلى معايير العلوم البيولوجية والاجتماعية وأن يعتمدو، حيثما كان ذلك ممكنًا، على المعارف المحلية لوضع أهداف وأنظمة للإدارة، وجمع البيانات وتحليلها وتقييمها، ومراقبة فعالية إدارة مصايد الأسماك. في الأقسام القادمة، ستتم مناقشة المبادئ الضرورية والتغييرات التحويلية لتحسين مصايد الأسماك، بما في ذلك إصلاحات الحوكمة والسياسات، وبروتوكولات الإدارة الفعالة، وإدماج التقنيات المبتكرة وأنظمة الحماية الاجتماعية القوية.

حوكمة أفضل وإصلاح السياسات

اعتمد المجتمع الدولي إطارًا قانونيًا لمصايد الأسماك المستدامة، معترفًا بذلك بالدور الهام الذي يؤديه هذا القطاع بالنسبة إلى الأمن الغذائي والتغذية، والتنمية الاقتصادية، وحماية البيئة، ورفاه الإنسان. وتُعتبر اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التي تم اعتمادها في عام 1982، الصك الدولي الأساسي وهي توفر الإطار القانوني لجميع الأنشطة البحرية، بما في ذلك الحفاظ على الموارد البحرية الحية واستخدامها.

وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي، طور المجتمع الدولي نُهجًا جديدة لإدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، مع مراعاة الاعتبارات البيئية والاجتماعية والاقتصادية. وتمّ برعاية منظمة الأغذية والزراعة وضع عدد من الصكوك العالمية لإدارة مصايد الأسماك. وتنص مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد (المدونة)، التي تم اعتمادها في عام 1995، على أحكام تفصيلية للإدارة والاستخدام المسؤولين والمستدامين للموارد المائية الحية، مع إيلاء الاحترام الواجب للنظام الإيكولوجي والتنوع البيولوجي (منظمة الأغذية والزراعة، 2021ج). وهذه المدونة الطوعية بطبيعتها، ربما تكون أكثر مدونة بشأن مصايد الأسماك يتم الاستشهاد بها وأبرزها وأكثرها انتشارًا على نطاق واسع بعد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. وقد تمّ في إطارها وضع أربع خطط عمل دولية وستة خطوط توجيهية دولية لإدارة مصايد الأسماك بطريقة مسؤولة، كما تم اعتماد اتفاقين ملزمين قانونًا لمنظمة الأغذية والزراعة لمعالجة المسألتين التاليتين: (1) مسؤولية دولة العلم في أعالي البحار (اتفاقية الامتثال الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة)؛ (2) ومسؤوليات دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه (الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء).

وفي عام 2021، دعا أعضاء منظمة الأغذية والزراعة إلى وضع خطوط توجيهية طوعية للمسافنة للتأكد من تنظيم جميع تحركات محاصيل مصايد الأسماك ومراقبتها ورصدها بشكل كافٍ لمنع إدخال الحصاد من خلال الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم في سلسلة الإمدادات (الإطار 14)؛ وستستند الخطوط التوجيهية إلى المسؤولية الأساسية لدولة العلم في تنفيذ الأنظمة.

الإطار 14تنظيم عمليات المسافنة ورصدها ومراقبتها للحدّ من مخاطر دخول الأسماك التي تم صيدها بطريقة غير قانونية دون إبلاغ ودون تنظيم إلى الأسواق

تمارس المسافنة – وهي نقل المصيد من سفينة صيد إلى سفينة صيد أخرى أو سفينة ناقلة – على نطاق واسع في جميع المناطق لتقليل تكاليف تشغيل الصيد وزيادة فرص الصيد إلى أقصى حد. وقد أعرب المجتمع الدولي لبعض الوقت عن مخاوفه بشأن المخاطر التي تمثّلها المسافنة في دعم عمليات الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم والأنشطة الإجرامية المتصلة به. ويقوّض الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم الجهود الوطنية والإقليمية لإدارة مصايد الأسماك بشكل مستدام والحفاظ على التنوع البيولوجي البحري. كما يشوّه الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم المنافسة، ويضع الصيادين الشرعيين في وضع غير عادل، ويؤثر سلبًا على رفاه السكان وأمنهم الغذائي في المجتمعات الساحلية، ولا سيما في الدول النامية والدول الجزرية الصغيرة النامية.

وقد خلصت دراسة متعمقة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة حول المسافنة،1 دعت إليها الدورة الثالثة والثلاثون للجنة مصايد الأسماك (لجنة مصايد الأسماك، يوليو/تموز 2018) وقُدّمت في دورتها الرابعة والثلاثين (فبراير/شباط 2021)، إلى أنه إذا لم يتم تنظيم المسافنة ورصدها ومراقبتها بشكل كافٍ، فإنه يمكن أن تزيد من خطر دخول الأسماك التي يتم صيدها بشكل غير قانوني إلى سلسلة الإمدادات الغذائية. وقد أظهر تحليل ممارسات المسافنة أنه لا تزال هناك مخاطر كبيرة تتمثل في إمكانية أن تسـاهم المسـافنة في إدخال الأسماك التي يتم صـيدها بشـكل غير قانوني دون إبلاغ ودون تنظيم إلى السوق.

ورحبت الدورة الرابعة والثلاثون للجنة مصايد الأسماك بالدراسة ودعت منظمة الأغذية والزراعة إلى المضي قدمًا في وضع مشروع الخطوط التوجيهية الطوعية للمسافنة. وتهدف هذه الخطوط التوجيهية إلى تقديم المساعدة لوضع الأنظمة الخاصة بالمسافنة أو مراجعة القائم منها، بهدف دمجها في الإطار التنظيمي الأوسع، ولضمان الامتثال للأنظمة القائمة من خلال معايير للرصد والرقابة والمراقبة الفعالة. وقد أعدّت أمانة منظمة الأغذية والزراعة مشروع الخطوط التوجيهية لهذا الغرض، بناءً على المسؤولية الأساسية لدولة العلم في تنفيذ أنظمة المسافنة. ويقدّم المشروع الحالي إعلانات إعادة الشحن وإعلانات الإنزال، ما يضمن توثيق جميع تحركات الأسماك.

وعُقدت مشاورة خبراء جمعت أفضل الخبرات الفنية والتشغيلية والقانونية من جميع المناطق في أكتوبر/تشرين الأول 2021 لمراجعة مشروع الخطوط التوجيهية. ومن المقرر إجراء مشاورة فنية في عام 2022 للتفاوض بشأن الخطوط التوجيهية الطوعية للمسافنة بهدف اعتمادها قبل تقديمها إلى الدورة الخامسة والثلاثين للجنة مصايد الأسماك لاستعراضها وإقرارها.

وبناءً على استبيان يجرى كل سنتين، تعمل منظمة الأغذية والزراعة على رصد التقدم المحرز في تنفيذ المدونة والصكوك ذات الصلة. ويكشف الإبلاغ الذاتي من قبل أعضاء المنظمة عن اتجاهات مفيدة على طول مواضيع المدونة؛ غير أن الأعداد المختلفة من المستجيبين على مرّ السنين تجعل التحليل التفصيلي صعبًا. ورغم إحراز بعض التقدم، فإن التنفيذ الفعال للمدونة والصكوك ذات الصلة دونه محدودية موارد الميزانية والموارد البشرية، وعدم اكتمال الأطر السياساتية والقانونية، وعدم كفاية البحوث والمعلومات العلمية، ولا سيما بالنسبة إلى الدول النامية.

ويعتمد نجاح الصكوك العالمية والعمليات المعيارية على الجهود الإقليمية؛ ويجب تنفيذها وترجمتها إلى إجراءات على الصعيدين القطري والإقليمي، بحسب الاقتضاء. ويتضمن اتفاق الأمم المتحدة بشأن الأرصدة السمكية، وهو اتفاق تنفيذ بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، مبادئ لإدارة مصايد الأسماك ويركز على التعاون الإقليمي داخل المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك والهيئات الاستشارية الإقليمية لمصايد الأسماك، التي يشار إليها مجتمعة باسم الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك. وتؤدي الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك دورًا مركزيًا في إدارة مصايد الأسماك، وتتعاون لضمان اتباع نُهج مشتركة بشأن مختلف القضايا الشاملة، على المستويين العالمي والإقليمي وبشأن مسائل فنية محددة. وتخضع بعض الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك للإطار الدستوري لمنظمة الأغذية والزراعة، ولكن المنظمة تدعم أيضًا أجهزة إقليمية لمصايد الأسماك أخرى، بما في ذلك من خلال شبكة أمانات الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك التي تعزز التعاون وتيسّر التشاور وتقاسم الخبرات. وتدعم المنظمة هذه العمليات والتطورات، وتشرف عليها، وتساعد في عمليات إعادة التوجيه الاستراتيجي لبعض الهيئات الاستشارية الإقليمية لمصايد الأسماك.

وفي المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية، يتطلب الاستخدام المستدام لموارد مصايد الأسماك الحفاظ على التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام، وهو الهدف من المفاوضات الجارية بشأن صك دولي جديد ملزم قانونًا في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار من أجل حفظ التنوع البيولوجي في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية واستغلاله على نحو مستدام. وتوفر منظمة الأغذية والزراعة معلومات وإرشادات بشأن التنوع البيولوجي لمصايد الأسماك بشأن القضايا المتعلقة بولاية المنظمة، وتضطلع المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك بدور رئيسي في دعم تنفيذ الصك الدولي الجديد الملزم قانونًا، ولا سيما في ما يتعلق بأدوات الإدارة على أساس المناطق والتقييمات البيئية. وبالإضافة إلى ذلك، تعمل منظمة التجارة العالمية في المراحل النهائية لصياغة صك دولي جديد ملزم قانونًا بشأن الضوابط التي تلغي بعض أشكال دعم مصايد الأسماك التي تساهم في الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، والسعة المفرطة والصيد الجائر، ومن المتوقع أن يكون للأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك دور تنفيذي مهم بشأنه.

وفي وقت حافل بالتحديات نتيجة الإفراط في استغلال الموارد الطبيعية، واستمرار انعدام الأمن الغذائي والفقر، وتغيّر المناخ، يدرك المجتمع الدولي أكثر فأكثر أهمية التعاون الإقليمي والدولي عبر مختلف القطاعات لتسهيل تحقيق الأهداف المحددة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030. ولقد أعاد تفشي كوفيد–19 التأكيد على ذلك بشدة، كما أعاد التأكيد على الدور المركزي للتعاون الشامل لعدة قطاعات لمواجهة تحديات حوكمة مصايد الأسماك على الصعيد العالمي. وتستمر المبادرات الرامية إلى تعزيز التعاون الشامل لعدة قطاعات في ما بين منظمات البحار الإقليمية والأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك من أجل زيادة تعزيز أدوارها التكميلية في دعم التنفيذ المحلي والوطني والإقليمي، بدعم متضافر من منظمة الأغذية والزراعة، وأمانة اتفاقية التنوع البيولوجي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة العمل الدولية، والمنظمة البحرية الدولية. وتحتاج هذه المنظمات إلى زيادة تعزيز تعاونها، بما في ذلك من خلال مجموعة العمل المشتركة المعنية بالصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم والمسائل ذات الصلة.

إدارة أفضل وإنتاج أفضل

اعتبارات خاصة بالنظام الإيكولوجي

اعتمدت لجنة مصايد الأسماك التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة نهج النظام الإيكولوجي لمصايد الأسماك في عام 2003 باعتباره إطارًا شاملًا لإدارة مصايد الأسماك وتنميتها، وتم وضع عدد من المبادئ الهامة:

  • أولًا، يجب إدارة جميع مصايد الأسماك، وللقيام بذلك، يجب تقييمها؛

  • وثانيًا، يجب أن تكون الإدارة احترازية وأن تكون مصمَّمة وفقًا للخصائص المحددة لكل نظام من نظم مصايد الأسماك؛

  • وأخيرًا، يجب أن يتم كل من تقييم مصايد الأسماك وإدارتها بطريقة تشاركية، استنادًا إلى أفضل المعارف المتاحة، ويجب تغطية الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية لمصايد الأسماك بطريقة واضحة ومتوازنة.

وتم قبول هذه المبادئ – والحاجة إلى النظر في التفاعلات والتكافل القائم بين المكونات المتعددة للنظام الإيكولوجي وتحقيق التوازن بين الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية – على نطاق واسع من قبل معظم المنظمات والمنتديات التي تتعامل مع إدارة مصايد الأسماك. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ نهج النظام الإيكولوجي لمصايد الأسماك حتى الآن لتحويل إدارة مصايد الأسماك بالكامل، ولا تزال هناك اختلالات في الطريقة التي يتم بها النظر في الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية لمصايد الأسماك عبر الأقاليم والبلدان.

وتتطلب إدارة مصايد الأسماك وفقًا لنهج النظام الإيكولوجي لمصايد الأسماك تحديد العناصر ذات الصلة في النظام الإيكولوجي والصلات بينها. ويمكن تحقيق ذلك في حالة مصايد الأسماك واسعة النطاق والمتطورة للغاية، ولكنها مهمة شاقة في ظلّ شحّ البيانات، وتعدد الأنواع في مصايد الأسماك، ولا سيما مصايد الأسماك صغيرة النطاق. ومع أن الاحتياجات إلى المعلومات أوسع بكثير في إطار نهج النظام الإيكولوجي لمصايد الأسماك مقارنة بإدارة مصايد الأسماك وتقييمها بالطريقة التقليدية، فإن المهارات والأدوات الجديدة والنُهج المتعددة التخصصات قادرة على توفير الأساس لتحليل وإدارة سليمين.

ويمكن قياس نتائج الإدارة باستخدام مؤشرات بسيطة (يفضّل وضعها بمشاركة أصحاب المصلحة) (الإطار 15). ويتمتع الصيادون وأصحاب المصلحة الآخرون في مصايد الأسماك بمعارف وخبرات واسعة يمكن تطبيقها مباشرة في إدارة مصايد الأسماك. ويجب أن تركز الكيانات المسؤولة على تيسير النُهج التشاركية والتعاونية وعمليات الحوكمة مثل الإدارة المشتركة أو علم الجميع، من أجل تمكين أصحاب المصلحة من خلال تطوير قدراتهم والحدّ من النزاعات مع تسهيل الإدارة التكيفية. وهذه طريقة فعالة لتحقيق الاستدامة – البيئية والاجتماعية والاقتصادية – في بيئة متغيّرة.

الإطار 15قياس فعالية الإدارة

تشمل إدارة مصايد الأسماك نظامًا للأهداف المناسبة المستندة إلى العلم التي يتم تنفيذها من خلال استراتيجيات وأنظمة وأدوات محددة السياق. ويشمل ذلك نظامًا لتشجيع الامتثال والرصد لضمان قدرة الإدارة على التكيّف مع الانحرافات غير المتوقعة عن المسار المخطط. ويمكن أن تحقق نظم الإدارة الفعالة منافع اجتماعية واقتصادية مع الحفاظ على الإنتاج المستدام لموارد مصايد الأسماك ووظيفة وهيكل النظام الإيكولوجي الذي تعتمد عليه. وحيث تتم إدارة مصايد الأسماك بشكل فعال، تكون أرصدة مصايد الأسماك أعلى من المستويات المستهدفة أو يُعاد تكونيها، ما يضمن الإنتاج المستدام لموارد مصايد الأسماك.1

ومع ذلك، ينبغي أن يتجاوز تقييم وقياس فعالية الإدارة المقاييس البسيطة لما إذا كانت مستويات الأرصدة مستدامة، وينبغي أن يقيِّم ما إذا كانت العناصر الرئيسية لهذه النظم مصمَّمة جيدًا ومُنفذة بشكل فعال. ومع أن نظم الإدارة متنوعة مثل مصايد الأسماك التي تستهدفها، فإن الإدارة الفعالة لمصايد الأسماك تتطلب أربع عمليات أساسية: (1) إطار قانوني لتفويض شرعي لإدارة مصايد الأسماك؛ (2) وترتيب مؤسسي مناسب؛ (3) وعمليات شاملة وتشاركية لصنع القرار؛ (4) وآليات لتنفيذ الأنظمة ورصد فعاليتها وضمان المساءلة. وفي كل من هذه العمليات، ثمة إجراءات واستراتيجيات من الضروري أن تكون مصمَّمة وفقًا لواقع السياق (الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والثقافي مثلاً) في مناطق تشغيل مصايد الأسماك.

وقد بُذلت عدة محاولات لتطوير وتنفيذ نظم لقياس فعالية إدارة مصايد الأسماك، بما في ذلك فعالية الإدارة في المناطق الاقتصادية الخالصة،2 ومكون فعالية إدارة مصايد الأسماك في مؤشر سلامة المحيطات،3 ومؤشر إدارة مصايد الأسماك.4 ولهذه المبادرات قواسم مشتركة (على سبيل المثال، تم تحديد عناصر مماثلة لنظم الإدارة على أنها حرجة) واختلافات (على سبيل المثال كان بعضها خاصًا بأرصدة مصايد الأسماك بينما كان البعض الآخر على المستوى الوطني) وقد حققت درجات مختلفة من النجاح في توليد معلومات عالية المستوى حول فعالية نظم الإدارة على المستوى الإقليمي أو العالمي. إلّا أن قياس الفعالية على المستويات المحلية الذي يهدف إلى دعم الوكالات الوطنية لتحديد نقاط القوة والضعف في عملياتها الإدارية يتطلب جهودًا محددة داخل البلد للحصول على المعلومات من مصادر متعددة بطريقة تشاركية ومتعددة أصحاب المصلحة. وعلى القدر نفسه من الأهمية، فإن أي نظام يهدف إلى قياس فعالية الإدارة يحتاج إلى النظر في السياقات المختلفة التي يتم فيها دمج نظم مصايد الأسماك. وعلى سبيل المثال، تم تصميم أداة رصد تنفيذ نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك لمساعدة البلدان على رصد التقدم والإنجاز في تنفيذ نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك، وكذلك تحديد الفجوات والتحديات التي تتطلب بذل جهود أكبر لتحسين إدارة مصايد الأسماك على المستوى الوطني.5

ويُعدّ تطوير ومراقبة نظام وطني لقياس فعالية إدارة مصايد الأسماك يتضمن كلًا من العملية (أي ما إذا كانت العناصر والخطوات الرئيسية لإدارة مصايد الأسماك في مكانها الصحيح) ومؤشرات النتائج (أي ما إذا كانت الأهداف والغايات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المقصودة قد تم الوفاء بها) أمرًا بالغ الأهمية في السعي لتحسين إدارة مصايد الأسماك على الصعيد العالمي. وسيستلزم التنفيذ الفعال لهذه النظم بذل جهود إضافية في تحسين البيانات والمعلومات وكذلك الشمولية والمساءلة والشفافية لتوفير رؤية تشاركية في الوقت الحقيقي لأداء أهداف إدارة مصايد الأسماك ومؤشراتها واستراتيجياتها.

الحيازة والحقوق والإدارة المشتركة

هناك العديد من الأهداف المجتمعية التي يمكن أن تحققها موارد مصايد الأسماك والنظم الإيكولوجية المائية لتحسين رفاهية الإنسان والإنصاف بين مختلف أصحاب المصلحة مع ضمان عدم المساس بالنظم التي تدعم هذه الخدمات بشكل لا رجعة فيه. ويسهّل نهج النظام الإيكولوجي لمصايد الأسماك النظر الصريح والمتوازن في مجموعة واسعة من الأهداف البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تقدمها موارد مصايد الأسماك والنظم الإيكولوجية المائية، وهو ما يتطلب الانخراط والإدارة المشتركة اللذين يشملان مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة من أجل تحديد أولويات الأهداف واتخاذ القرارات الإدارية.

وتدعم الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني10 والخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر11 تحقيق الخط الثلاثي الأسس لنهج النظام الإيكولوجي لمصايد الأسماك. ويساعد كلا التوجيهين على توضيح من يجب أن يشارك في تحديد الأهداف واتخاذ القرارات الإدارية وكيف ومتى – ليس في مصايد الأسماك وحسب، ولكن أيضًا في نطاق أوسع من القطاعات التي تعمل في البيئة نفسها. وبذلك، فإن الترابط والعلاقات بين الأشخاص والمجموعات والكيانات التي لها مصالح في الموارد المائية الحية – شبكات الاهتمام – تصبح واضحة، ما يفتح الطريق للحوار البنّاء والتعاون والحلول المشتركة.

ويتطلب التعاون حتمًا مقايضات، ما يعني التخلي عن بعض الجوانب السابقة من قطاع ما لاستيعاب الجوانب الأخرى. ومع ذلك، فإن الاعتراف بالحيازة وحقوق الوصول إلى مصايد الأسماك والموارد ذات الصلة واستخدامها من قبل الصيادين ومجتمعاتهم يساعد في إبراز التفاعلات والروابط القائمة بين الاحتياجات البشرية من أجل غذاء أفضل ودخل أفضل وسبل عيش أفضل (بما في ذلك صيد الأسماك)، والحفاظ على نظم إيكولوجية مائية أفضل وتحسين الإنتاج.

مصايد الأسماك الداخلية

تقع مصايد الأسماك الداخلية دومًا في بيئات متعددة الاستخدامات، وغالبًا ما تُعتبر أنشطة ثانوية للاستخدام المحلي للمياه، والصناعة، وتوليد الطاقة الكهرومائية، والزراعة التي تستخرج المياه وتخزّنها وتلوثها، أو التي تؤدي إلى تدهور النظم الإيكولوجية المائية الطبيعية وتعطيلها. ويشكل هذا تحديًا كون السلطات المسؤولة عن مصايد الأسماك لا تنظم عادة الأنشطة خارج قطاع مصايد الأسماك، ويمكن أن تشمل الوكالات المعنية الإدارات والوزارات المسؤولة عن موارد المياه والزراعة والغابات والصحة والبيئة والسياحة والاستخدامات الاستخراجية الأخرى، من بين وكالات أخرى.

ونتيجة لذلك، ينبغي أن تكون هناك جهود تعاونية على نطاقات ومستويات مختلفة ويجب أن تكون مترابطة. وعلى المستوى المركزي، يمكن وضع ترتيب مشترك بين الوكالات لمعالجة القضايا المشتركة بين القطاعات التي تهم المصلحة الوطنية مثل الأمن الغذائي والتغذوي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. أما على النطاق المحلي، فقد تقرر لجنة إدارة المياه مشاركة المزارعين والصيادين والغابات والسلطات المحلية في الإجراءات الواجب اتخاذها في ما يتعلق بتنظيم موارد المياه المحلية والتوزيع المنصف للمنافع والتكاليف.

ويتيح هذا النهج الشامل على عدة مستويات فرصة للاعتراف بالقضايا ذات النطاق الأوسع والأطول أجلاً وبحلولها القابلة للتطبيق عبر القطاعات. كما أنه يحدّ من النزاعات، لا سيما بين مختلف القطاعات الفرعية لمصايد الأسماك وبين قطاع مصايد الأسماك والقطاعات الأخرى، كونه يتطلب تفصيلًا واضحًا لاحتياجات مصايد الأسماك الداخلية للمياه وسلامة النظام الإيكولوجي الأوسع نطاقًا بالإضافة إلى التبرير الاقتصادي والبيئي والإيكولوجي الكامن وراء ذلك. وسيتمثل دور مديري مصايد الأسماك في الدعوة للقطاع من أجل الاستفادة من الدعم والوصول إلى الموارد المالية من الحكومات والجهات المانحة والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص.

الرصد والإنفاذ الفعالان

لا يمكن ضمان نجاح إطار عمل الصكوك الدولية الملزمة وغير الملزمة التي توجه الإدارة الرشيدة لمصايد الأسماك (انظر قسم حوكمة أفضل وإصلاح السياسات، الصفحة 126) من دون نظام فعال للرصد والمراقبة والإشراف، والإنفاذ، وتعزيز التنسيق، وتبادل المعلومات بقدر أكبر بين الوكالات على المستوى الوطني.

ويحتاج نظام الرصد والمراقبة والإشراف الفعال إلى بناء ثقافة للامتثال وإنفاذ القانون. وفي هذا الصدد، ينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام لما يلي: إنفاذ خطط وبروتوكولات الرصد والمراقبة والإشراف؛ وبناء القدرات والتدريب المنتظمين؛ واستخدام تحليل المخاطر12 لتحديد أهداف الإجراءات؛ وتشاطر المعلومات عن الرصد والإنفاذ. وثمة حاجة إلى إجراءات منسقة لدعم الدول النامية في تعزيز نظام الرصد والمراقبة والإشراف، ويمكن تحقيق هذا التنسيق من خلال البوابة العالمية لتنمية القدرات التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة (منظمة الأغذية والزراعة، 2021ج).

وغالبًا ما يتم تجاهل الحاجة إلى التعاون والتنسيق بين الوكالات، رغم الثغرات التي تم تحديدها مرارًا وتكرارًا على المستوى الوطني. ويجب أن تركز الجهود على إنشاء آليات رسمية مشتركة بين الوكالات (منظمة الأغذية والزراعة، سيصدر قريبا، أ) بهدف تحقيق ما يلي: (1) تحديد ولايات الوكالات المعنية وأدوارها؛ (2) وتحديد توافر الموارد والأصول والمعلومات المجمَّعة؛ (3) واتخاذ إجراءات واضحة للتنفيذ الفعال من حيث التكلفة لأحكام الصكوك الدولية ذات الصلة التي توجه الإدارة الرشيدة لمصايد الأسماك.

وأخيرًا، على الرغم من الاعتراف بأهمية جمع المعلومات وتبادلها لفعالية الرصد والمراقبة والإشراف والإنفاذ، غالبًا ما يتم إهمال ذلك. ولتحقيق الإدارة الفعالة لمصايد الأسماك، يجب أن يكون لدى السلطات المختصة معلومات كافية للوفاء بولاياتها. ومع ذلك، غالبًا ما تكون المعلومات غير متاحة أو أنها تكون في شكل وفي إطار زمني غير مفيدين. ويعمل المجتمع الدولي على وضع إطار لتبادل المعلومات على المستوى العالمي ينبغي أن يتجنب الحواجز المبنية حول السرّية والاستخدام الخاص للبيانات والأمن والافتقار إلى التوحيد وحسن التوقيت. وتتركز الجهود على تطوير أدوات دولية – مثل سجل منظمة الأغذية والزراعة العالمي لسفن الصيد (منظمة الأغذية والزراعة، 2021ه) والنظام العالمي لتبادل المعلومات في إطار الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء (حاليًا في المرحلة التجريبية) – وترقية أو تطوير النظم الإقليمية والوطنية بحسب الاقتضاء، وإنشاء روابط أو أوجه تآزر بين هذه والنظم ونظم المؤسسات الحكومية الأخرى المكلّفة بإدارة القطاعات التي تستخدم الموارد المائية.

أفضل الممارسات والابتكارات والتكنولوجيات لتحسين إدارة مصايد الأسماك

أصبحت التطورات التكنولوجية أساسية في نظام الرصد والمراقبة والإشراف من أجل التنفيذ الفعال لتدابير الحفظ والإدارة. فمن الأجهزة المحمولة الشخصية إلى الأقمار الاصطناعية، أصبحت التكنولوجيات المتطورة متاحة بشكل متزايد وبأسعار معقولة لعدد أكبر من سلطات الدول، ما يسمح بإحداث قفزة تحولية في إدارة مصايد الأسماك.

وتساهم الابتكارات في تكنولوجيات الصيد في الأداء الاقتصادي وإدارة أساطيل الصيد في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، وفي حين أن الأساطيل الصناعية وشبه الصناعية في أوروبا وأمريكا الشمالية وشرق آسيا تبنّت بشكل مبكر التكنولوجيات الجديدة، فإن استيعاب الابتكارات أبطأ في مصايد الأسماك صغيرة النطاق في البلدان النامية. ويتم الإبلاغ عن الابتكارات التكنولوجية التي تم إدخالها في أساطيل الصيد ومعدات الصيد في التقرير عن حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2020 (منظمة الأغذية والزراعة، 2020أ) وتم تحديث هذه المعلومات مؤخرًا (Van Anrooy وآخرون، 2021). ولا تشمل الابتكارات التي تعمل على تحسين إدارة مصايد الأسماك استخدام نظام تحديد المواقع العالمي ونظام رصد السفن ونظام تحديد الهوية الآلي والسجلات الإلكترونية والرصد الإلكتروني فحسب، ولكن أيضًا التكنولوجيات الأخرى التي تزيد من كفاءة الصيد وتقلل من الأثر البيئي للصيد وتحسّن السلامة في البحر وظروف عمل الصيادين على متن السفن ونوعية المنتجات المائية.13

وتشمل التحديات التي تواجه اعتماد الابتكارات في إدارة مصايد الأسماك الانتقال من النُهج الورقية إلى الأدوات والطرق الرقمية (الإطار 16)، وحسن توقيت إعداد التقارير، والحاجة إلى حلول ذات مردودية تكاليفية لتعزيز رصد سفن الصيد على النطاق الصغير وأساطيل الصيد لمسافات طويلة وعمليات المسافنة. ويتم حاليًا إيجاد حلول لهذه التحديات بعدما تسارعت وتيرة اعتمادها في ظل تفشي كوفيد–19.

الإطار 16تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمصايد الأسماك صغيرة النطاق

تنص الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر على ما يلي:

ينبغي لجميع الأطراف أن تشجع توافر المعلومات وتدفقها وتبادلها، بما في ذلك بشأن الموارد المائية العابرة للحدود، من خلال إنشاء أو استخدام المنابر والشبكات القائمة المناسبة على مستوى المجتمع المحلي والوطني والإقليمي ودون الإقليمي، بما في ذلك تدفق المعلومات في اتجاهين على المستويين الأفقي والرأسي. ومع مراعاة الأبعاد الاجتماعية والثقافية، ينبغي استخدام النهج والأدوات والوسائط المناسبة للاتصال بمجتمعات الصيد صغير النطاق وتنمية قدراتها.1

وبالمثل، فإن المقصد 9(ج) من أهداف التنمية المستدامة يدعو إلى زيادة الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل كبير والسعي إلى توفير الوصول الشامل والميسور إلى الإنترنت في أقل البلدان نموًا بحلول عام 2020.

وتثبت الرقمنة بشكل متزايد كفاءتها كأداة مبتكرة لإدماج صغار المنتجين، بما في ذلك مصايد الأسماك صغيرة النطاق، في عمليات إدارة الموارد الطبيعية وسلاسل القيمة. وعندما تكون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بقيادة محلية أو تم تطويرها بشكل مشترك، مع مراعاة احتياجات المستخدمين النهائيين والمجموعات المهمَّشة، أو عندما تساهم في تعزيز الشبكات القائمة والتقنيات الشاملة، يكون احتمال إحداث تأثير إيجابي أعلى بكثير.2 ولا شك في أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تتمتع بالقدرة على تحسين حياة الجهات الفاعلة في مجال مصايد الأسماك صغيرة النطاق، ولكنّ سد الفجوة الرقمية يتطلّب أن تكون تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمصايد الأسماك صغيرة النطاق أخلاقية وشفافة وموجهة بشكل خاص نحو تلبية احتياجات الفقراء والمهمشين. وعلى سبيل المثال، في نظم مراقبة مصايد الأسماك، تعمل البيانات التي يتم إنشاؤها بشكل مشترك والمملوكة بشكل مشترك على تعزيز الشفافية والمساءلة، وتمكن الجهات الفاعلة في المصايد صغيرة النطاق من أن يكون لها دور نشط في اتخاذ القرارات المتعلقة بحوكمة الموارد. ولكن، نظرًا إلى عدم المساواة في الوصول إلى المعلومات بين الجنسين أو الأفراد أو الجماعات أو المجتمعات أو الأعمال التجارية، يجب أن يراعي تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كيفية إضافة قيمة للجهات الفاعلة في مجال مصايد الأسماك صغيرة النطاق لتحقيق الهدف 10 من أهداف التنمية المستدامة (الحد من أوجه عدم المساواة) وضمان عدم ترك أحد خلف الركب.

وإدراكًا للتحديات المقبلة، تم تطوير العديد من الحلول المبتكرة القائمة على التكنولوجيات الحالية للتركيز ليس على تجميع المعلومات الدقيقة عن أنشطة الصيد بغض النظر عن مكان حدوثها وحسب، ولكن أيضًا على إمكانية الوصول إليها في الوقت المناسب من قبل جميع أصحاب المصلحة. ويستخدم بعضها، من بين أمور أخرى، أقمارًا اصطناعية متطورة لتوفير صور ومعلومات شبه آنية عن تحركات السفن وهوياتها. ويستخدم البعض الآخر أدوات المراقبة الإلكترونية عن بعد التي تستخدم الكاميرات الموجودة على متن الطائرات لتجميع معلومات مستقلة ودقيقة حول أنشطة الصيد التجاري. وتحقيقًا للغاية نفسها، تم تطوير أجهزة جديدة لنظام التسجيل والإبلاغ الإلكتروني، وتم إحراز تقدّم في دمج الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحليل الكمية الكبيرة من البيانات المتعلقة بمصايد الأسماك الناتجة عن التكنولوجيات الجديدة. ويُعدّ استخدام الطائرات بدون طيار حلًا مبتكرًا واقتصاديًا لتحسين القدرة على مراقبة مصايد الأسماك والإشراف عليها. ونظرًا إلى أهمية الوصول إلى المعلومات ذات الصلة في الوقت المناسب من أجل التعاون الدولي لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وتحسين الشفافية، يتم الاعتراف بأدوات تبادل المعلومات العالمية، مثل السجل العالمي لمنظمة الأغذية والزراعة والنظام العالمي لتبادل المعلومات في إطار الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء، بشكل متزايد على أنها ضرورية لدعم نظام الرصد والمراقبة والإشراف الفعال.

حياة أفضل: الحماية الاجتماعية والعمل اللائق

تم الاعتراف بالحماية الاجتماعية والعمل اللائق باعتبارهما من القضايا ذات الأولوية في العديد من الصكوك الدولية14 والمشاورات الإقليمية التي قادتها منظمة الأغذية والزراعة. وفي الآونة الأخيرة، تضافرت جهود منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة البحرية الدولية ومنظمة العمل الدولية لتشكيل قطاع مصايد الأسماك في الغد من خلال تعزيز السلامة والعمل اللائق في مصايد الأسماك من خلال تطبيق المعايير الدولية.15 ومع ذلك، على المستوى الوطني، لم يتم اعتماد أو تنفيذ معظم هذه الأدوات بشكل كامل.16 ولا يزال القطاع يكافح ضعف إنفاذ تشريعات العمل، وانتهاكات حقوق صغار الصيادين، وعمالة الأطفال، والحواجز التي تحول دون الحصول على الحماية الاجتماعية، بما في ذلك الافتقار إلى سجلات الصيادين والسجلات الاجتماعية المحدَّثة.

واستنادًا إلى الفصل 6 من الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق ومشورة الخبراء والمشاورات الواسعة والحوارات السياساتية/بشأن السياسات بين أصحاب المصلحة الرئيسيين، تدعو منظمة الأغذية والزراعة البلدان الأعضاء إلى تعزيز الحماية الاجتماعية والعمل اللائق في مصايد الأسماك من خلال ما يلي:

  • تنفيذ مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان (الأمم المتحدة، 2011) من خلال وضع خطط عمل وطنية، بما في ذلك توفير طرق لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان، كمعيار أساسي لمنع تأثرات الانتهاكات على حقوق الإنسان المتعلقة بالأعمال التجارية، والحدّ منها ومعالجتها؛

  • والتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمل في صيد الأسماك لعام 2017 (رقم 188) وتنفيذها لتحسين ظروف العمل والمعيشة على متن سفن الصيد والمساعدة في إنفاذ اتفاقيات الصيد الأخرى؛

  • وتشجيع التدريب وبناء القدرات ذات الصلة في ما يتعلق بقوانين العمل والمهارات المهنية للعاملين في مجال صيد الأسماك لدعم الصيادين في بناء وتقوية منظماتهم المهنية ونقاباتهم العمّالية بما يمكّنهم من المشاركة على مستوى السياسات في هذا القطاع وخارجه؛

  • وتحسين المعلومات المتعلقة بالصيادين وسجلاتهم، ولا سيما صغار الصيادين والعاملين في مجال صيد الأسماك لضمان إدراج قطاع مصايد الأسماك في تصميم خطط الحماية الاجتماعية ووصول الصيادين إلى هذه البرامج؛

  • وضمان الاتساق بين سياسات مصايد الأسماك وسياسات وبرامج الحماية الاجتماعية؛

  • ومراعاة الروابط الواضحة القائمة بين الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم والعجز في العمل اللائق، والنظر في العمل المنسق والتعاون بين الإدارات والمنظمات ذات الصلة على المستويين الوطني والإقليمي لمعالجة أوجه القصور هذه.

ويمكن أن تؤثر برامج الحماية الاجتماعية وإدارة مصايد الأسماك التي تمثّل العمل اللائق وحقوق الإنسان بشكل إيجابي على كل من حفظ الموارد وحماية سبل عيش الصيادين، في حال مواءمتها مع تدابير إدارة مصايد الأسماك ضمن نظام النهج الإيكولوجي لمصايد الأسماك. وعلى سبيل المثال، أظهرت نتائج تقييم الأثر الذي أجرته Seguro Defeso (خطة التأمين ضد البطالة في البرازيل) أثناء إغلاق الصيد أنه كلما زاد تعرّض الأُسر لمزايا البرنامج، كلما زادت نسبة الأطفال الملتحقين بالمدارس، وتحسّنت جودة إسكان المستفيدين، وانخفضت نسبة الشباب غير الملتحقين بالمدارس والعاطلين عن العمل. وأشارت النتائج أيضًا إلى أن البرنامج خفف من الحاجة إلى البحث عن عمل بديل وأنه في بعض المجتمعات، كان الصيادون الذين استفادوا من خطة التأمين أقل عرضة لمخالفة حظر المواسم المغلقة (منظمة الأغذية والزراعة، سيصدر قريبًا، ب).

دعم إدارة مصايد الأسماك في المناطق التي تعاني من محدودية البيانات والقدرات

تُعدّ مصايد الأسماك الطبيعية المستدامة هدفًا مشتركًا لجميع البلدان وغاية رئيسية للهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة (الحياة تحت الماء)، إلا أن قدرة البلدان على اتخاذ الإجراءات اللازمة تختلف اختلافًا كبيرًا. وهناك حاليًا فجوة واضحة بين البلدان المتقدمة والبلدان الأقل نموًا من حيث القدرات الفنية والمؤسسية (Ye وGutierrez، 2017) عبر الخطوات الثلاثة الرئيسية في إدارة مصايد الأسماك: (1) جمع البيانات والمعلومات ومعالجتها؛ (2) وتقييم وإصدار المشورة الإدارية؛ (3) وإنفاذ تدابير الإدارة ورصدها وإعداد التقارير عنها.

وهناك حاجة إلى مبادرات لتنمية القدرات من أجل تغطية جميع هذه العمليات. ولا يمكن المبالغة في أهمية النُهج المصمَّمة خصيصًا التي يمكن تنفيذها ضمن القيود المفروضة على القدرات المالية والبشرية وتحديات الإدارة المعقدة لمصايد الأسماك في العالم النامي. وعلى سبيل المثال، أظهر تعزيز النماذج المعقدة الكثيفة البيانات التي تخدم العالم المتقدم في المقام الأول كأساس لمخصصات المصيد أو تحديد قدرات الأسطول، حدودها، كونها غير واقعية بالنسبة إلى معظم مصايد الأسماك في العالم، لا سيما مصايد الأسماك الداخلية وصغيرة النطاق (Hilborn وآخرون، 2020). ولحسن الحظ، قدّمت خبرة الأعوام الخمسين الماضية في ما يتعلق بتنمية القدرات في مجال إدارة مصايد الأسماك بعض الدروس القيّمة حول نوع العمليات التي تُعتبر أساسية لزيادة قدرة البلدان على تحقيق إدارة فعالة لمصايد الأسماك (الجدول 15).

الجدول 15القضايا والحلول الرئيسية لتعزيز قدرة إدارة مصايد الأسماك في السياقات المحدودة البيانات والقدرات

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

ونشطت منظمة الأغذية والزراعة طوال عقود عدة في دعم البلدان من أجل تعزيز قدراتها في مجال إدارة مصايد الأسماك مثلاً من خلال التدريب على جمع البيانات وبروتوكولات أخذ العينات، وطرق تقييم المخزونات ذات البيانات المحدودة، وتصميم خطط الإدارة المتوافقة مع نظام النهج الإيكولوجي لمصايد الأسماك، وتنفيذ النظم لرصد الامتثال لتدابير الإدارة. وتطور هذا الدعم بمرور الوقت استجابة للتحديات العالمية والإقليمية الجديدة واحتياجات البلدان المستفيدة منه، ولكن هناك حاجة إلى دعم إضافي لمنظمات الصيادين والعاملين في مجال صيد الأسماك من خلال التدريب على إدارة مصايد الأسماك، ومهارات التفاوض، والقيادة والاتصالات، من بين أمور أخرى، لضمان الإدارة المشتركة الناجحة (Gutierrez وHilborn وDefeo، 2011). وعلاوة على ذلك، يمكن لتنمية القدرات داخل الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك أن تكون ذات مردودية تكاليفية لزيادة القدرات التقنية والمؤسسية للبلدان.

وفي حين أن مشاريع محددة أو تدخلات لمرّة واحدة يمكنها أن تساعد البلدان في توفير حلول قصيرة الأجل، يجب أن تكون برامج تنمية القدرات طويلة الأجل ومستمرة من أجل تسهيل ملكية المعرفة الضرورية وتوفير تأثيرات دائمة في تحقيق الإدارة الفعالة. وتشمل العقبات الأخرى خارج نطاق مبادرات تنمية القدرات معدل دوران الموظفين المرتفع وعدم الاستقرار السياسي ونقص الأموال.

back to top عد إلى الأعلى
--