حالـة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2022

الجزء الرابع القضايا الناشئة والتوقعات

الإسقاطات الخاصة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية

ملاحظة: عند إعداد هذا التقرير (مارس/آذار 2022)، كان الصراع في أوكرانيا قد أضاف مستوى آخر من عدم اليقين على سلاسل القيمة والتجارة العالمية. وكانت أسعار الطاقة والمدخلات، بما في ذلك العلف لاستزراع الأحياء المائية، قد بدأت بالارتفاع بالفعل. ويتسبب ذلك بزيادة في التكاليف التشغيلية التي تؤدي بدورها إلى ارتفاع أسعار منتجات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.13ويفرض إلغاء الرحلات الجوية و/أو تغيير مسارها، ضغوطًا على القدرة الاستيعابية للشحن ويُحدث اختلالات إضافية في سلاسل الإمدادات وتأخير في التسليم. وينطوي الصراع أيضًا على إمكانية حدوث تغييرات جيوسياسية عميقة ستكون لها تأثيرات على العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، والصين، والاتحاد الروسي، وسائر العالم. ومن المرجح أن يكون لذلك أثر كبير على قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وتنظر الإسقاطات التالية بصورة هامشية وحسب في ما قد يترتب عن الحرب من آثار محتملة. وسيتم إدخال تعديلات في عمليات المراجعة المستقبلية للتوقعات عندما تصبح عمليات تقييم الأثر متاحة.

يعرض هذا القسم التوقعات المتوسطة الأجل التي تم الحصول عليها باستخدام نموذج منظمة الأغذية والزراعة الخاص بالأسماك (منظمة الأغذية والزراعة، 2012ب، الصفحات 186–193 [النسخة الإنكليزية]) والذي أُعد في عام 2010 لتسليط الضوء على التطورات المستقبلية المحتملة في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. ويرتبط النموذج الخاص بالأسماك بنموذج ‎Aglink–Cosimo من دون أن يكون مدرجًا فيه، ويُستخدم هذا الأخير سنويا لتوليد الإسقاطات الزراعية لفترة عشر سنوات وهي إسقاطات تعدّها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومنظمة الأغذية والزراعة وتُنشر في كل عام ضمن التوقعات الزراعية المشتركة بين المنظمتين (منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومنظمة الأغذية والزراعة، 2021ب). ويستخدم نموذج المنظمة الخاص بالأسماك مجموعة من فرضيات الاقتصاد الكلي والأسعار المختارة لإعداد الإسقاطات الزراعية. وتم الحصول على الإسقاطات الخاصة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المعروضة في هذا القسم من خلال تحليل مخصص أجرته منظمة الأغذية والزراعة للفترة 2021–2030.

وتصوّر الإسقاطات المعروضة في هذا القسم التوقعات الخاصة بإنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية،13 وأوجه استخدامه، والتجارة،14 والأسعار، والمسائل الرئيسة التي قد تؤثر على العرض والطلب في المستقبل. ولا بدّ من التشديد على أن الإسقاطات ليست توقعات، وإنما سيناريوهات معقولة توفّر نظرة ثاقبة حول كيفية تطوّر هذه القطاعات في ضوء مجموعة من الفرضيات المحددة بشأن: بيئة الاقتصاد الكلي المستقبلية؛ وقواعد التجارة الدولية والتعريفات الجمركية؛ ووتيرة الأحداث وآثارها على الموارد؛ وغياب غيرها من الأحداث الشديدة مثل موجات التسونامي والعواصف الاستوائية (الأعاصير الحلزونية والأعاصير الماطرة والأعاصير الاستوائية) والفيضانات والأمراض الناشئة التي تصيب الأنواع المائية؛ والتدابير المحسّنة لإدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بما في ذلك القيود المفروضة على المصيد؛ وغياب الصدمات في السوق. ونظرًا إلى الدور الرئيسي الذي تؤديه الصين في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، تنظر الافتراضات في التطورات على مستوى السياسات في البلد (انظر منظمة الأغذية والزراعة، 2018ب، الإطار 31، الصفحة 183 [النسخة الإنكليزية]) والمبيّنة في الخطتين الخمسيتين الثالثة عشرة (2016–2020) والرابعة عشرة (2021–2025) الراميتين إلى بناء قطاع مصايد أسماك وتربية أحياء مائية أكثر استدامة ومراعاة للبيئة. وسيتأثر مستقبل قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية بعوامل عديدة مختلفة ذات أهمية عالمية وإقليمية ومحلية. ومن المتوقع أن يؤدي النمو السكاني والنمو الاقتصادي والتوسّع الحضري والتطورات التكنولوجية والتنوع الغذائي، إلى زيادة الطلب على الأغذية ولا سيما على المنتجات الحيوانية، بما في ذلك الأغذية المائية.

الإنتاج

استنادًا إلى الفرضيات المستخدمة، من المتوقع أن يتواصل ارتفاع الإنتاج الإجمالي لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية (باستثناء الطحالب13) ليصل إلى 202 مليون طن في عام 2030 (الشكل 70). ويمثّل هذا زيادة بنسبة 14 في المائة مقارنة بعام 2020 وكمية إضافية قدرها 24 مليون طن بالأرقام المطلقة (الجدول 18). ولكن في الوقت الذي تستمر فيه الكمية الإجمالية في الازدياد، يُتوقع أن يتراجع معدل النمو ومستواه المطلق مقارنة بمعدل النمو البالغ 23 في المائة (33 مليون طن) المسجّل خلال الفترة 2010–2020. وستتأتى معظم الزيادة في إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم من قطاع تربية الأحياء المائية الذي سيتجاوز إنتاجه عتبة 100 مليون طن للمرّة الأولى في عام 2027. ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج تربية الأحياء المائية إلى 106 ملايين طن في عام 2030 وأن يبلغ معدل نموه الإجمالي 22 في المائة أو نحو 19 مليون طن مقارنة بعام 2020. ومن المرجح أن تزيد حصة الأنواع المستزرعة في الإنتاج العالمي من مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية (للأغراض الغذائية وغير الغذائية) من 49 في المائة في عام 2020 إلى 53 في المائة في عام 2030 (الشكل 71).

الشكل 70الإنتاج العالمي من مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية، 1980–2030

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظات: تُستبعد منه الثدييات المائية، والتماسيح، والقاطور، والتماسيح الاستوائية والطحالب. ويُعبّر عن البيانات بمكافئ الوزن الحي.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

الجدول 18الإنتاج المتوقع من مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية حتى عام 2030

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
1 قبرص مشمولة في آسيا وفي الاتحاد الأوروبي على السواء.
2 تتضمن المجاميع لعام 2020 أيضًا 1 030 طنًا من بلدان غير محددة – وهذه بيانات غير مدرجة في أي مجاميع أخرى.
ملاحظة: تُستبعد منه الثدييات المائية، والتماسيح، والقاطور، والتماسيح الاستوائية، والطحالب.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

الشكل 71الإنتاج العالمي من مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية، 1980–2030

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظات: تُستبعد منه الثدييات المائية، والتماسيح، والقاطور، والتماسيح الاستوائية والطحالب. ويُعبّر عن البيانات بمكافئ الوزن الحي.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

وسيتراجع معدل النمو السنوي لإنتاج تربية الأحياء المائية خلال العقد القادم إلى أقل من نصف المعدل المسجّل خلال العقد الماضي، حيث أنه سينخفض من 4.2 في المائة في الفترة 2010–2020 إلى 2.0 في المائة في الفترة 2020–2030 (الشكل 72). وسيساهم عدد من العوامل في حدوث هذا التراجع،15 منها: اعتماد الأنظمة البيئية وتنفيذها على نطاق أوسع؛ ونقصان توافر المياه ومواقع الإنتاج الملائمة؛ وزيادة تفشي أمراض الحيوانات المائية المرتبطة بممارسات الإنتاج المكثّف؛ وتراجع مكاسب الإنتاجية في تربية الأحياء المائية. ومن المتوقع بشكل خاص أن تمثّل سياسات الصين سببًا رئيسيًا من الأسباب الكامنة وراء الانخفاض العام في معدل النمو. ومن المرجح أن تواصل سياسات البلاد التي تم إطلاقها في عام 2016، الانتقال في العقد القادم من تربية الأحياء المائية الموسعة إلى تربية الأحياء المائية المكثفة وأن تحقق في الوقت نفسه تكاملًا بين الإنتاج الأفضل والبيئة من خلال اعتماد ابتكارات تكنولوجية سليمة إيكولوجيًا، وخفض القدرات الأوّلية، وبالتالي تسريع وتيرة النمو. ومع أن الصين ستبقى المنتج الرئيسي في العالم حتى عام 2030، يتوقع أن يزيد إنتاج تربية الأحياء المائية فيها بنسبة 21 في المائة في الفترة 2020–2030، ما يمثّل حوالي نصف زيادة النسبة المسجّلة في الفترة 2010–2020 والبالغة 40 في المائة. واستأثرت الصين بنسبة 57 في المائية من الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية في عام 2020 ومن المتوقع أن تتراجع هذه النسبة بشكل طفيف إلى 56 في المائة بحلول عام 2030 بالرغم من مساهمة تربية الأحياء المائية في الإنتاج الإجمالي لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في الصين الذي زاد من 79 إلى 82 في المائة خلال الفترة نفسها. ومن المرجح أن يتم التعويض جزئيًا عن الانخفاض المتوقع في إنتاج تربية الأحياء المائية في الصين بزيادة الإنتاج في بلدان أخرى.

الشكل 72معدل النمو السنوي لتربية الأحياء المائية في العالم، 1980–2030

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
1 العام 2030 مشمول في العقد الثاني من الألفية الثالثة.
ملاحظة: تُستبعد منه الطحالب.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

ومن المتوقع أن يواصل إنتاج تربية الأحياء المائية نموه في جميع القارات، مع وجود تباينات في نطاق الأنواع والمنتجات بين البلدان والأقاليم (الشكل 73). ومن المرجح أن يشهد القطاع أكبر توسّع له في الأمريكيتين (بنسبة تصل إلى 29 في المائة مقارنة بعام 2020)، وأفريقيا (بنسبة تصل إلى 23 في المائة)، وآسيا (بنسبة تصل إلى 22 في المائة). وسيكون النمو في إنتاج تربية الأحياء المائية في أفريقيا مدفوعًا بالتدابير المتخذة في السنوات الأخيرة لزيادة قدرة الاستزراع وبالسياسات الوطنية التي تشجّع تربية الأحياء المائية بسبب تزايد الطلب المحلي الناجم عن النمو الاقتصادي الكبير. ولكن رغم هذا النمو المتوقع، سيبقى الإنتاج الإجمالي من تربية الأحياء المائية في أفريقيا محدودًا عند أكثر بقليل من 2.8 ملايين طن في عام 2030، وسيأتي الجزء الأكبر منه (1.9 ملايين طن) من جمهورية مصر العربية. ومن المتوقع أن تحافظ البلدان الآسيوية على هيمنتها على قطاع تربية الأحياء المائية (مع المحافظة على حصتها البالغة 88 في المائة من الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية في عام 2030) وأن تكون مسؤولة عن أكثر من 88 في المائة من الزيادة في الإنتاج بحلول عام 2030.

الشكل 73مساهمة تربية الأحياء المائية في الإنتاج الإقليمي لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظة: تُستبعد منه الثدييات المائية، والتماسيح، والقاطور، والتماسيح الاستوائية والطحالب.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

وسيتواصل ازدياد إنتاج مجموعات الأنواع المستزرعة كافة وإنّ كانت معدلات النمو متفاوتة بين المجموعات، ولذلك ستتغيّر الأهمية الكمية التي تكتسيها مختلف الأنواع. وبصورة عامة، من المرجح أن يتباطأ نمو الأنواع التي تحتاج إلى نسب أكبر من المساحيق والزيوت السمكية في نمطها الغذائي بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار المساحيق السمكية والنقص في توافرها.

ومن المرجّح أن تتعافى مصايد الأسماك الطبيعية خلال العقود القادمة، على نقيض التراجع الطفيف الذي سجّلته في عامي 2019 و2020، الأمر الذي سيؤدي إلى وصول الإنتاج العالمي منها في نهاية الفترة التي تشملها التوقعات إلى 96 مليون طن، بزيادة تفوق 5 ملايين طن عما كانت عليه في عام 2020 ونسبتها الإجمالية 6 في المائة. ولكن من المتوقع حدوث بعض التقلبات في العقد القادم نتيجة ظاهرة النينيو المناخية التي ستخفّض المصيد في أمريكا الجنوبية ولا سيما بالنسبة إلى الأنشوفة، ما يؤدي إلى انخفاض إجمالي في إنتاج المصايد الطبيعية في العالم بحوالي 2 في المائة في هذه الأعوام.16 وتعزى الزيادة الإجمالية في إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية إلى عوامل مختلفة تشمل: (1) زيادة المصيد في بعض مناطق الصيد حيث تنتعش أرصدة بعض الأنواع بفضل تحسّن إدارة الموارد؛ (2) وزيادة المصيد في مياه بعض البلدان التي تملك موارد سمكية غير مستغلّة بالكامل أو حيث تتوافر فرص صيد جديدة أو حيث تكون تدابير إدارة المصايد أقل تقييدًا؛ (3) وتحسّن استخدام المصيد، بما في ذلك تقليص المصيد المرتجع والمهدر والفاقد على النحو الذي تقتضيه التشريعات أو الارتفاع في أسعار المنتجات الغذائية وغير الغذائية من الأنواع المائية. ومن المتوقع أن تبقى الصين البلد المنتج الرئيسي حتى لو حافظ الإنتاج من مصايدها الطبيعية على المستويات التي سجّلها في عام 2020 في ظل مضي البلاد قدمًا في سياساتها البيئية خلال العقد القادم. وفي ما يتعلّق بمصايد الأسماك الطبيعية، تهدف السياسات التي تنتهجها الصين إلى الحد من المصيد المحلي من خلال فرض ضوابط على التراخيص، وتخفيض عدد الصيادين وسفن الصيد، ومراقبة الإنتاج. وتشمل الأهداف الأخرى تحديث المعدات والسفن والبنية التحتية؛ وتخفيض إعانات دعم الوقود بشكل منتظم؛ والقضاء على الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم؛ واستعادة الأرصدة السمكية المحلية عن طريق إعادة تكوين الأرصدة والشُعب الاصطناعية وفترات الإغلاق الموسمي. ولكنّ هذه السياسات تتوخى التعويض عن الانخفاض المتوقع في المصيد المحلي من خلال زيادة مصيد أسطول الصيد في المياه العميقة. ومن المتوقع في عام 2030 أن يزيد إنتاج المساحيق والزيوت السمكية خلال الفترة التي تشملها التوقعات بنسبة 11 و13 في المائة على التوالي مقارنة بعام 2020، وذلك رغم الانخفاض الطفيف في حصة إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية المستخدمة في صنع المساحيق والزيوت السمكية (17 في المائة بحلول عام 2030 مقابل 18 في المائة في عام 2018). وتعزى الزيادة المتوقعة في إنتاج المساحيق والزيوت السمكية إلى النمو الإجمالي في إنتاج المصايد الطبيعية في عام 2030 مقارنة بعام 2020، بالاقتران مع الزيادة في إنتاج المساحيق والزيوت السمكية المصنوعة من مخلفات الأسماك والمشتقات في قطاع التجهيز (الشكل 74). ومن المتوقع أن تزيد نسبة المساحيق السمكية الإجمالية المصنوعة من مخلفات الأسماك من 27 إلى 29 في المائة بين عامي 2020 و2030 في حين ستتراجع نسبة الزيوت السمكية الإجمالية تراجعًا طفيفًا من 48 إلى 47 في المائة.

الشكل 74الإنتاج العالمي لمسحوق السمك، 1990–2030

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

الاستهلاك17

سيتم استخدام معظم إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية للاستهلاك البشري، ومن المتوقع أن تستمر هذه الحصة في الازدياد من 89 في المائة في عام 2020 إلى 90 في المائة بحلول عام 2030. وبشكل عام، يتوقع أن تزيد كمية الأغذية المائية المخصصة للاستهلاك البشري بحلول عام 2030 بمقدار 24 مليون طن مقارنة بعام 2020 لتبلغ 182 مليون طن. ويمثّل ذلك زيادة إجمالية نسبتها 15 في المائة، وهذه وتيرة أبطأ بالمقارنة مع النمو بنسبة 23 في المائة المسجّل في الفترة 2010–2020. ويعكس هذا التباطؤ بشكل رئيسي تراجع كمية الإنتاج الإضافي المتوافر من مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وارتفاع أسعار الأغذية المائية بالقيمة الإسمية، وتباطؤ النمو السكاني، وتشبّع الطلب في بعض البلدان، ولا سيما البلدان المرتفعة الدخل، حيث من المتوقع أن يسجّل استهلاك الأغذية المائية نموًا طفيفًا (زيادة سنوية بنسبة 0.3 في المائة في المتوسط خلال الفترة 2020–2030).

وبشكل عام، ستشمل العوامل الرئيسية الكامنة وراء الزيادة في الاستهلاك العالمي للأغذية المائية ارتفاع الطلب نتيجة زيادة الدخل والتوسّع الحضري وما يرتبط بهما من نمو في إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية،18 وتحسّن في أساليب ما بعد الصيد، ومساهمة قنوات التوزيع في توسيع نطاق تسويق المنتجات المائية. وسيزيد الطلب أيضًا بفعل التغيّرات في الاتجاهات الغذائية السائدة التي تميل نحو زيادة التنوّع في الأغذية المستهلكة والتركيز بقدر أكبر على تحسين الصحة والتغذية والأنماط الغذائية، مع تأدية الأغذية المائية دورًا رئيسيًا في هذا الصدد.

وسيرجع نمو الطلب بشكل أساسي إلى البلدان المتوسطة الدخل التي يتوقع أن تستحوذ على 82 في المائة من الزيادة في الاستهلاك بحلول عام 2030 وأن تستهلك 73 في المائة من الأغذية المائية المتاحة للاستهلاك البشري في عام 2030 (مقارنة بنسبة 72 في المائة في عام 2020). وستستهلك البلدان الآسيوية حوالي 72 في المائة من الإنتاج العالمي من مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المتاح للاستهلاك البشري في عام 2030، فيما ستسهلك أوسيانيا النسبة الأدنى منه. ومن المتوقع أن يزداد الاستهلاك الإجمالي للأغذية المائية في جميع القارات بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2020، مع تسجيل معدلات نمو أعلى في أفريقيا وأوسيانيا (بنسبة 26 في المائة في في كلا المنطقتين) والأمريكيتين (17 في المائة) وآسيا (15 في المائة) وأوروبا (6 في المائة).

ومن حيث نصيب الفرد، من المتوقع أن يرتفع الاستهلاك الظاهري للأغذية المائية من 20.2 كيلوغرامات في عام 2020 إلى 21.4 كيلوغرامات في عام 2030. ومع ذلك، سينخفض معدل النمو السنوي المتوسط لنصيب الفرد من استهلاك الأغذية المائية من 1.0 في المائة في الفترة 2010–2020 إلى 0.6 في المائة في الفترة 2020–2030. وسيزيد نصيب الفرد من استهلاك الأغذية المائية في جميع الأقاليم باستثناء أفريقيا. ومن المتوقع أن تسجّل المعدلات الأعلى للنمو في أوسيانيا (12 في المائة)، والأمريكيتين (9 في المائة)، وآسيا (7 في المائة)، وأوروبا (6 في المائة). وعلى الرغم من هذه الاتجاهات الإقليمية، ستتباين الاتجاهات العامة من حيث كمية الأغذية المائية المستهلكة وتنوعها بين البلدان وداخلها. ومن المتوقع في عام 2030، أن ينشأ حوالي 59 في المائة من الأغذية المائية المتاحة للاستهلاك البشري من إنتاج تربية الأحياء المائية مقارنة بنسبة 56 في المائة في عام 2020 (الشكل 75).

الشكل 75اتساع دور قطاع تربية الأحياء المائية

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظة: تُستبعد منه الثدييات المائية، والتماسيح، والقاطور، والتماسيح الاستوائية والطحالب.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

ومن المتوقع أن يتراجع نصيب الفرد من استهلاك الأغذية المائية في أفريقيا بشكل طفيف من 9.9 كيلوغرامات في عام 2018 إلى حوالي 9.8 كيلوغرامات في عام 2030. وسيكون الانخفاض أكبر في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (من 8.6 إلى 8.4 كيلوغرامات خلال الفترة نفسها). ورغم الزيادة العامة المتوقعة في مجموع إمدادات الأغذية المائية نتيجة لزيادة الإنتاج والواردات، لن يكون ذلك كافيًا للتعويض عن النمو السكاني في القارة الأفريقية. وستشكّل جمهورية مصر العربية أحد الاستثناءات القليلة، ذلك أنه من المتوقع أن تواصل البلاد زيادة إنتاجها الكبير أصلًا من تربية الأحياء المائية (بنسبة تصل إلى 20 في المائة في عام 2030 مقارنة بعام 2020). ويثير التراجع المتوقع في نصيب الفرد من استهلاك الأغذية المائية في أفريقيا، ولا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مخاوف تتعلق بالأمن الغذائي نظرًا لارتفاع معدل انتشار النقص التغذوي في الإقليم (منظمة الأغذية والزراعة وآخرون، 2021) وأهمية البروتينات السمكية في الاستهلاك الإجمالي للبروتينات الحيوانية في العديد من البلدان الأفريقية (انظر القسم بعنوان استهلاك الأغذية المائية، الصفحة 82). وقد يُضعِف هذا التراجع أيضًا قدرة البلدان الأكثر اعتمادًا على المنتجات المائية على تحقيق المقصدين 2–1 و2–2 المتعلّقين بالتغذية من الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة (القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي والتغذية المحسّنة وتعزيز الزراعة المستدامة).

التجارة

سيتواصل اتساع تجارة المنتجات المائية خلال الفترة التي تشملها التوقعات ولكن بوتيرة أبطأ من العقد الماضي، الأمر الذي يعكس تباطؤ نمو الإنتاج، وارتفاع أسعار منتجات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية (ما سيكبح الطلب الإجمالي على الأنواع المائية واستهلاكها)، وارتفاع الطلب المحلي في بعض البلدان المنتجة والمصدّرة الرئيسية مثل الصين التي يتوقع أن تزيد إنتاجها من تربية الأحياء المائية لتلبية الطلب في السوق المحلية. وستستمر التجارة في تأدية دور مهم في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، لا سيما لجهة الإمدادات الغذائية والأمن الغذائي. وتشير التقديرات إلى أنه سيتم تصدير حوالي 36 في المائة من الإنتاج الإجمالي من مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في عام 2030 (31 في المائة إذا استُبعدت التجارة داخل الاتحاد الأوروبي) بشكل منتجات مختلفة للاستهلاك البشري أو سلع غير صالحة للأكل. وستساهم تربية الأحياء المائية في حصة متنامية من التجارة الدولية في المنتجات الغذائية المائية. أما في ما يتعلّق بالكميات، فستبقى الصين المصدّر الرئيسي للأغذية المائية، تليها فييت نام والنرويج. وسينشأ الحجم الأكبر من النمو في صادرات الأغذية المائية عن آسيا التي ستستأثر بحوالي 52 في المائة من حجم الصادرات الإضافية بحلول عام 2030. وستزيد حصة آسيا من التجارة الإجمالية في الأسماك المخصصة للاستهلاك البشري من 47 في المائة في عام 2020 إلى 48 في المائة في عام 2030. وستظل البلدان المرتفعة الدخل تعتمد بشكل كبير على الواردات لتلبية الطلب المحلي. وسيستحوذ الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة الأمريكية على 39 في المائة من إجمالي واردات الأغذية المائية المخصصة للاستهلاك في عام 2030، ما يمثّل انخفاضًا طفيفًا مقارنة بالنسبة المسجّلة في عام 2020 (40 في المائة).

ومن المتوقع أن تزيد تجارة المساحيق والزيوت السمكية بنسبة 9 في المائة و7 في المائة على التوالي. وستبقى بيرو وشيلي البلدين المصدّرين الرئيسيين للزيوت السمكية، فيما ستشكل النرويج والاتحاد الأوروبي المستوردين الرئيسيين، لا سيما لإنتاج تربية الأحياء المائية من السلمونيات. ومن المتوقع أن تبقى بيرو المصدّر الرئيسي للمساحيق السمكية، يليها الاتحاد الأوروبي وشيلي، بينما ستبقى الصين المستورد الرئيسي.

الأسعار

من المتوقع أن يدخل قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية عقدًا يتسم بارتفاع الأسعار بالقيمة الإسمية. وتشمل العوامل التي تدفع هذا الاتجاه نمو الدخل، والنمو السكاني، وارتفاع أسعار اللحوم من جانب الطلب؛ والزيادة الطفيفة في إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية، والتباطؤ في نمو إنتاج تربية الأحياء المائية، وضغط التكاليف بالنسبة إلى بعض المدخلات الهامة مثل العلف والطاقة وزيت السمك من جانب العرض. بالإضافة إلى ذلك، سيؤدي التباطؤ في إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في الصين إلى ارتفاع الأسعار في البلاد، ما من شأنه أن يؤثر على الأسعار العالمية. ومن المتوقع أن يسجَّل الارتفاع الأكبر في متوسط سعر المنتجات المتداولة (الذي سيرتفع بنسبة 33 في المائة في عام 2030 مقارنة بعام 2020)، يليه متوسط سعر منتجات تربية الأحياء المائية (الذي سيرتفع بنسبة 29 في المائة) والذي سيكون أعلى من متوسط سعر الأسماك التي سيتم صيدها (19 في المائة عندما تُستبعد الأسماك المخصصة لاستعمالات غير غذائية). وسترتفع أسعار الأنواع المائية المستزرعة أيضًا بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار المساحيق والزيوت السمكية بنسبة 11 في المائة و1 في المائة على التوالي بالقيمة الإسمية بحلول عام 2030 نتيجة الطلب العالمي القوي. وقد يكون لارتفاع أسعار العلف تأثير أيضًا على تركيبة الأنواع في تربية الأحياء المائية، مع التحوّل نحو الأنواع التي تتطلب كميات أقل من العلف أو علف أرخص ثمنًا أو التي لا تحتاج إلى العلف بتاتًا. وستحفز الأسعار المرتفعة على مستوى الإنتاج، المقترنة بارتفاع الطلب على الأغذية المائية، زيادة بنسبة 18 في المائة في متوسط أسعار المنتجات المائية المتداولة دوليًا بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2020.

وبالنسبة إلى الأسعار بالقيمة الحقيقية، من المفترض أن تشهد جميعها، باستثناء أسعار منتجات تربية الأحياء المائية والمنتجات المائية المتداولة، انخفاضًا طفيفًا خلال الفترة المشمولة بالتوقعات ولكنها ستظل مرتفعة نسبيًا. وعلى صعيد فرادى المنتجات المائية، قد يكون تقلّب الأسعار أكثر وضوحًا نتيجة تقلبات العرض أو الطلب. وفي ظلّ توقع أن يستحوذ قطاع تربية الأحياء المائية على حصة أكبر من إمدادات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية العالمية، يكون تأثيره أقوى على تحديد الأسعار في الأسواق الوطنية والدولية للمنتجات المائية. ومن المتوقع أن يسجَّل الانخفاض الأكبر في أسعار المساحيق وزيت السمك. ومع ذلك، تنخفض هذه الأسعار عن مستويات عالية غير مسبوقة وستبقى أسعار المساحيق السميكة بحلول عام 2030 أعلى بنسبة 28 في المائة مما كانت عليه في عام 2005، وهي السنة التي بدأت تسجّل فيها ارتفاعات كبيرة في الأسعار. وهذا الوضع أكثر وضوحًا مع زيت السمك الذي يُتوقع أن يكون سعره الحقيقي في عام 2030 أعلى بنسبة 70 في المائة منه في عام 2005. وإذا تم النظر في السعرين معًا وبقي كل شيء آخر في المستوى نفسه، فهذا يعني أن تحويل مصايد الأسماك الطبيعية ومخلفات الأسماك إلى مساحيق وزيت السمك سيظل نشاطًا مربحًا خلال الفترة التي تشملها التوقعات.

ملخص النتائج الرئيسية المنبثقة عن الإسقاطات

يُظهر التحليل الاتجاهات الرئيسية التالية للفترة الممتدة حتى عام 2030:

  • من المتوقع أن يزداد إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية واستهلاك منتجاتها وتجارتها عالميًا، غير أن معدل النمو سيتباطأ مع مرور الوقت.

  • من المتوقع أن يرتفع إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية في العالم بصورة معتدلة نتيجة نمو الإنتاج في مناطق حيث ما تمت إدارة الموارد على نحو سليم.

  • من المتوقع أن يؤدي النمو العالمي في إنتاج قطاع تربية الأحياء المائية، على الرغم من تباطئه، إلى سدّ الجزء الأكبر من الفجوة القائمة بين العرض والطلب.

  • سوف تزداد إمدادات الأغذية المائية في جميع الأقاليم، في حين أنه من المتوقع أن ينخفض نصيب الفرد من الاستهلاك بشكل طفيف في أفريقيا، ولا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ما يثير القلق بشأن الأمن الغذائي.

  • من المتوقع أن تزداد تجارة المنتجات المائية بوتيرة أبطأ من العقد الماضي، ولكن من المتوقع أن تظل حصة إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية التي يتم تصديرها مستقرة.

  • سترتفع جميع الأسعار بالقيمة الإسمية، ولكن من المتوقع أن تنخفض بالقيمة الفعلية إلّا في ما يتعلّق بمنتجات تربية الأحياء المائية والمنتجات المتداولة.

  • من المتوقع أن يكون للإصلاحات والسياسات الجديدة التي ستطبقها الصين في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية كامتداد لخطتها الخمسية الثالثة عشرة (2021–2025) والرابعة عشرة (2021–2025) تأثير ملحوظ على المستوى العالمي، مع حدوث تغيّرات في الأسعار والإنتاج والاستهلاك.

أوجه عدم اليقين الرئيسية

تستند الإسقاطات المعروضة في هذا القسم (انظر أيضًا الإطار 33، الصفحة 220) إلى سلسلة من الفرضيات الاقتصادية والسياساتية والبيئية. ويؤدي الانحراف عن أي من هذه الفرضيات إلى اختلاف الإسقاطات المتعلّقة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وفي الأجل القصير، ترتبط المستويات المرتفعة من عدم اليقين بجائحة كوفيد–19 وما يترتب عنها من آثار بما أن سلاسل القيمة والتجارة العالمية لا تزال في مرحلة التعافي، وبالصراع القائم بين أوكرانيا والاتحاد الروسي. ومن المرجح أن تكون لهذا لصراع الدائر تداعيات متعددة على التجارة والأسعار والخدمات اللوجستية والإنتاج والاستثمار والنمو الاقتصادي وسبل العيش، الأمر الذي ستترتب عنه مضاعفات هامة بالنسبة إلى الأمن الغذائي تتجاوز حدود أوكرانيا وآثار كبيرة أيضًا على قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية (الإطار 34).

الإطار 33السيناريوهات المحتملة في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية حتى عام 2050

أعدّت المنظمة مؤخرًا إسقاطات أوّلية حتى عام 2050، 1 راسمة ثلاثة سيناريوهات ممكنة في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية للنظر فيها واتخاذ إجراءات بشأنها. وتستند هذه الإسقاطات إلى توقعات منتظرة مختلفة تتعلّق بنمو القطاع وتنطلق من نتائج نموذج المنظمة الخاص بالأسماك الواردة في التوقعات الزراعية لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومنظمة الأغذية والزراعة.2 والسيناريوهات هي التالية:

سيناريو سير الأمور على النحو المعتاد

يتبع هذا السيناريو اتجاهات مماثلة لتلك التي حددتها إسقاطات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومنظمة الأغذية والزراعة حتى عام 2030، مع تسجيل زيادة طفيفة في إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية (تعزى بشكل أساسي إلى الإدارة المحسّنة) وزيادة كبيرة في إنتاج تربية الأحياء المائية (بالرغم من معدلات النمو الأبطأ مقارنة بالعقود السابقة). ويشير هذا السيناريو إلى حدوث نمو طفيف في إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية البحرية وفي المياه الداخلية يعزى جزئيًا إلى تحسّن نظم الإبلاغ الخاصة بمصايد الأسماك في المياه الداخلية. ومن المتوقع أن تنخفض نسبة إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية البحرية غير المستخدم للاستهلاك البشري المباشر انخفاضًا طفيفًا بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2030 نتيجة التحسينات التكنولوجية.

سيناريو الطريق الملتوية

يتوقّع هذا السيناريو حدوث إخفاقات عدة في توسّع تربية الأحياء المائية واستمرار اتباع ممارسات غير مستدامة، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار العديد من المشاريع الجديدة وبالتالي إلى تسجيل نمو محدود في تربية الأحياء المائية وتراجع طفيف في إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية. وستشهد مصايد الأسماك الطبيعية، البحرية وفي المياه الداخلية على السواء، تدهورًا مستمرًا لقاعدة مواردها سنويًا حتى عام 2050. ويتوقّع سيناريو الطريق الملتوية أيضًا تسجيل خسائر بنسبة 9.6 في المائة في غلّة عام 2050 بما يتماشى مع إسقاطات مسار التركيز التمثيلي 8.5 (سير الأمور على النحو المعتاد) الخاصة بآثار تغيّر المناخ.3 وسوف تظل نسبة إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية البحرية غير المستخدم للاستهلاك البشري المباشر عند مستوى مماثل لما كان متوقعًا في عام 2031، من دون الاستفادة من ابتكارات تكنولوجية أخرى.

سيناريو الطريق الصحيح

يتوقّع هذا السيناريو بعض النتائج الإيجابية التي تسمح لتربية الأحياء المائية بالنمو والتوسّع بطريقة مستدامة. وستكون معدلات النمو متواضعة ولكن مهمة في ظل زيادة الإنتاج نتيجة الاستثمارات الضخمة في تربية الأحياء المائية البحرية. ومن المتوقع تحقيق عدد من النتائج الإيجابية أيضًا في مصايد الأسماك الطبيعية البحرية مع اقتراب معدل النمو من الغلة التقديرية المستدامة القصوى من المحيطات والبحار والهدف الطموح المتمثل في 95.5 ملايين طن بحلول عام 2050. ومن المتوقع أن يزيد إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية في المياه الداخلية إلى 13.5 ملايين طن، الأمر الذي يعكس تحسّن نظم جمع البيانات وتنفيذ تدابير الإدارة التي لا تزال غير موجودة حاليًا في العديد من أحواض الأنهر. وعلاوة على ذلك، ستشهد مصايد الأسماك الطبيعية (البحرية وفي المياه الداخلية على السواء) تراجعًا بنسبة 4.05 في المائة في غلّة عام 2050 بما يتماشى مع إسقاطات مسار التركيز التمثيلي 2.6 (تخفيف شديد من الآثار) الخاصة بآثار تغيّر المناخ على مصايد الأسماك الطبيعية.3 ومن المتوقع أن تتراجع نسبة إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية البحرية غير المخصص للاستهلاك البشري المباشر نتيجة التحسينات التكنولوجية، بما في ذلك الحد من الفاقد والمهدر.

وفي ما يتعلّق بالاستهلاك، سيسمح سيناريو سير الأمور على النحو المعتاد بارتفاع نصيب الفرد من الاستهلاك الظاهري من 20.2 كيلوغرامات مقدّرة في عام 2020 إلى 22.3 كيلوغرامات بحلول عام 2050، الأمر الذي سيعزز مساهمة الأغذية المائية في مكافحة الجوع وسوء التغذية. ومن الناحية النظرية، سيكون ارتفاع نصيب الفرد من الاستهلاك إلى 25.5 كيلوغرامات على النحو الذي يتوقعه سيناريو الطريق الصحيح، ممكنًا من خلال التنمية المبتكرة والمكثّفة لتربية الأحياء المائية بالاقتران مع إدارة طموحة وفعالة لجميع مصايد الأسماك الطبيعية حول العالم. ومن جهة أخرى، قد يؤدي الفشل في معالجة أنماط الصيد المفرط السائدة حاليًا ونمو إنتاج تربية الأحياء المائية بشكل محدود، إلى تراجع نصيب الفرد من الاستهلاك إلى 18.5 كيلوغرامات بحلول عام 2050، ما يشكل عودة إلى مستويات ما قبل عام 2012 مع ما لذلك من آثار كبيرة على الأمن الغذائي، لا سيما في البلدان الأكثر اعتمادًا في أنماطها الغذائية على الأغذية المائية.

وترد نتائج هذه الإسقاطات في الجدول.

وليس الغرض من هذه الإسقاطات توقع المستقبل، إنما عرض الظروف الحديّة للسماح باتخاذ الإجراءات المناسبة من أجل تحقيق الأمن الغذائي والتغذوي (انظر الشكل). وتعتبر المنظمة سيناريو سير الأمور على النحو المعتاد بشكل خاص، السيناريو المحتمل أن يتحقق أكثر من سواه لأنه يحاول تطبيق الاتجاهات المتوسطة الأجل التي قدّرها نموذج المنظمة الخاص بالأسماك حتى عام 2050. ولا يستخدم نموذج المنظمة توقعات بشأن النمو وحسب، بل مجموعة من الافتراضات المتعلّقة بالاقتصاد الكلي وأسعار مختارة أيضًا، غير أن هذه الفرضيات تزداد غموضًا مع مرور الوقت وتحتاج إلى التعديل بصورة منتظمة. ومن جهة أخرى، تم رسم سيناريو الطريق الملتوية وسيناريو الطريق الصحيح للمساعدة على تقدير نطاق الاحتمالات المتوقعة. وتسمح مجموعة السيناريوات هذه بالاعتراف بأن الحاضر لا يبشّر بالضرورة بالخير للمستقبل، ولكن أيضًا بأن القرارات المتخذة من الآن فصاعدًا ستكون لها آثار كبيرة وكمية على مساهمة المنتجات المائية في تحقيق الأمن الغذائي والتغذية. وسيواصل القطاع تأدية دور حاسم في إطعام سكان العالم الذين قد يصل عددهم إلى 9.7 مليارات شخص بحلول عام 2050، ولكنّ هذه المساهمة يمكن أن تكون أهمّ من ذلك إذا ما تم اتخاذ القرارات الصائبة في مجال السياسات.

التوقعات المتعلّقة بإنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية واستخدامه بحلول عام 2050 وفقًا لثلاثة سيناريوات متوقعة مختلفة

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظة: تُستبعد منه الثدييات المائية، والتماسيح، والقاطور، والتماسيح الاستوائية والطحالب.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

الإنتاج والاستهلاك في عام 2020 مقارنة بعام 2050 وفقًا لسيناريوات ثلاثة

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظة: يُعبّر عن البيانات بمكافئ الوزن الحي.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

الإطار 34أوكرانيا: الأثر الأوّلي للصراع على قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية

معلومات أساسية

قبل اندلاع الصراع، كان الإنتاج الإجمالي لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في أوكرانيا يبلغ حوالي 87 200 طن، منه 26 700 طن من المياه الداخلية و41 900 طن من المياه البحرية و18 600 طن من تربية الأحياء المائية. وكانت سفن الصيد الأوكرانية تنشط في البحر الأسود وبحر آزوف ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لأوكرانيا والبلدان المجاورة وفي المياه البعيدة، ولا سيما المحيط الأطلسي ومنطقة المحيط الهادئ أنتاركتيكا. وفي عام 2020، بلغ المصيد الإجمالي من البحر الأسود وبحر آزوف حوالي 20 800 طن تم اصطيادها بواسطة 1 300 سفينة.

معظم المزارع السمكية المسجلة في أوكرانيا البالغ عددها 4 000 مزرعة صغيرة النطاق، وتنتج مجموعة من الأنواع − في الغالب أسماك الشبوط، إضافة إلى أسماك السلور والبايك والتروت التي تجري تربيتها في أحواض حرفية. وفيما يتعلق بالاستزراع المائي في المناطق البحرية، لا توجد مزارع نشطة منذ عام 2014، حيث توجد أربع مزارع محار في البلاد ومنشأة تفقيس واحدة لسمك التربوت في جمهورية القرم التي تتمتع بحكم ذاتي وفي مدينة سيفاستوبول الأوكرانية الواقعتان تحت احتلال الاتحاد الروسي بصورة مؤقتة.

وكان نصيب الفرد من استهلاك الأغذية المائية يتراوح بين 12 و13 كيلوغرامًا في السنة ويتم توفيره في الغالب من الواردات القادمة من بلدان أوروبية. ولقد شهدت السنوات الأخيرة، رغم بعض التقلبات الكبيرة، زيادة في الواردات التي بلغت ذروتها في عام 2021 عندما تجاوزت قيمتها مليار (1) دولار أمريكي. وفي السنة نفسها، قُدّرت قيمة صادرات المنتجات السمكية بمبلغ 66 مليون دولار أمريكي. وتشمل الواردات السلمونيات وأسماك الماكريل والرنجة والنازلي التي يأتي ثلثها تقريبًا (31 في المائة) من النرويج. وفي المقابل، تتألف الصادرات بشكل أساسي من السلمون وشرائح سمك القدّ ويتوجّه أكثر من نصفها إلى بلدان أوروبية عديدة.

الأثر

تشير المعلومات الواردة من الوكالة الرسمية لمصايد الأسماك في أوكرانيا إلى أن جميع مواقع إنزال المصيد والموانئ الواقعة على الساحل مغلقة وأنشطة مصايد الأسماك البحرية متوقفة بسبب الصراع القائم وما يتصل به من مخاطر على الصيّادين. ولقد تأثّرت مصايد الأسماك في المياه الداخلية تأثرًا شديدًا حيث أنها تعمل بنسبة لا تزيد عن 30 في المائة من طاقتها. وتوقفت مصايد الأسماك عن العمل بالكامل في بعض المناطق (مثل تشيرنيهيف وخيرسون وزابوريجيا)، بينما يتواصل نشاطها في مناطق أخرى في مصبّات الأنهر والخزّانات والبحيرات.

وبالمثل، تعطّل استزراع الأسماك في أوكرانيا بشكل كبير نتيجة انقطاع إمدادات الأصبعيات والعلف وخدمات أخرى، وتدمير البنية التحتية، وانخفاض الطلب على الأغذية. وتشير التقديرات الأوّلية لمنظمة الأغذية والزراعة إلى أنه في حال استمر الصراع، فسوف تصل الكلفة الاقتصادية التي سيتكبدها الإنتاج الأوّلي في عام 2022 إلى ما لا يقل عن 70 مليون دولار أمريكي ومن المرجّح أن ترتفع هذه الكلفة ثلاثة أضعاف عندما تضاف إليها قيمة ما بعد الحصاد، وذلك بالإضافة إلى خسارة صافية لمبلغ 66 مليون دولار أمريكي كانت تولّده الصادرات في السابق. وبالمثل، أثّر فقدان الواردات بشكل كبير على استهلاك الأغذية المائية. وتضررت البنية التحتية بشكل كبير، كما أن جميع عمليات الشحن التجاري متوقفة حاليًا في الموانئ الأوكرانية، مع تداعيات كبيرة على التجارة من وإلى أوكرانيا.

وخارج الحدود الأوكرانية، تأثرت أيضًا بشدة مصايد الأسماك البحرية في البحر الأسود في البلدان المجاورة. وتم تعطيل أو إيقاف العديد من الدراسات الاستقصائية والبحوث المتعلقة بمصايد الأسماك، وأنشطة الرصد والمراقبة والإشراف.

وبشكل عام، يتسبب النزاع في أوكرانيا باختلالات كبيرة في الأسواق العالمية لمنتجات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وتجدر الإشارة إلى أن قطاع مصايد الأسماك في الاتحاد الروسي (الذي كان خامس أكبر بلد منتج لمصايد الأسماك الطبيعية في عام 2020) يعتمد اعتمادًا شديدًا على التصدير. وفي عام 2021، بلغت قيمة صادراته من منتجات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية 6.1 مليار دولار أمريكي مقابل 4.9 مليارات دولار أمريكي في عام 2020. وهذه الصادرات معطّلة بشدّة في الوقت الراهن ومن غير المعروف بعد كيف ستتأثر قيمتها ووجهتها. وتتسبب الضغوط التضخمية على الاقتصاد العالمي في ظل ارتفاع تكاليف المدخلات والعمليات في البلدان الرئيسية المنتجة للأغذية المائية، في تناقص الوصول إلى الاستثمارات في قطاع يعتبر فيه الاستثمار الخاص والمؤسسي محفوفًا بالمخاطر أصلًا.

ومن المرجح أن يشهد العقد القادم تغيّرات رئيسية في البيئة الطبيعية، وتوافر الموارد، وظروف الاقتصاد الكلي، وقواعد التجارة الدولية والتعريفات الجمركية، وخصائص السوق، ما قد يؤثر في الإنتاج والأسواق والتجارة في الأجل المتوسط. ومن المتوقع أن تترتب عن تقلّب المناخ وتغيّره، بما في ذلك وتيرة الأحوال المناخية القصوى ونطاقها، آثار كبيرة ومختلفة من الناحية الجغرافية على توافر المنتجات المائية وتجهيزها وتجارتها، الأمر الذي يجعل البلدان أكثر عرضة للمخاطر. ويمكن لهذه المخاطر أن تتفاقم جراء: (1) الحوكمة الضعيفة التي تتسبب بتدهور البيئة وتدمير الموائل، الأمر الذي يؤدي إلى فرض ضغوط على قاعدة الموارد، والصيد الجائر، والصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، والأمراض، وغزو الأسماك الهاربة والأنواع غير المحلية؛ (2) وقضايا تربية الأحياء المائية المرتبطة بإمكانية الوصول إلى المواقع والموارد المائية وتوافرها والحصول على القروض والبذور والخبرات. ولكن يمكن التخفيف من حدة هذه المخاطر من خلال الحوكمة المتجاوبة والفعالة التي تعزز نظم الإدارة الصارمة لمصايد الأسماك، والتنمية الرشيدة لتربية الأحياء المائية، وتحسين التكنولوجيا والابتكارات والبحوث. ويمكن أن يكون لتنفيذ هذه التحسينات وسياسات الإدارة السليمة، آثار إيجابية جدًا في الأجل الطويل على الإنتاج الإجمالي من مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية على النحو المبيّن في سيناريو الطريق الصحيح الذي وضعته المنظمة حتى عام 2050. علاوة على ذلك، ستستمر متطلبات الوصول إلى الأسواق المتعلقة بسلامة الأغذية وجودتها ومعايير التتبّع ومشروعية المنتجات في تنظيم التجارة الدولية في منتجات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.

back to top عد إلى الأعلى