info
close
بنغلاديش. تربية الأسماك الداخلية على مستوى المجتمع المحلي.
FAO/Saikat Mojumder ©

حالـة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2024

الجزء الثالث آفاق المستقبل والقضايا المعاصرة

الأغذية المائية: إمكانات غير مستغلة لتوفير أنماط غذائية صحية

يمكن للأغذية المائية أن تشكل جزءًا لا يتجزأ من الأنماط الغذائية الصحية المستدامة بيئيًا واجتماعيًا واقتصاديًا. ولكن للأسف، لا يتم الاعتراف في الكثير من الأحيان بالدور الذي تؤديه في النظم الغذائية المستدامة. ويسلّط هذا القسم الضوء على هذا الدور وعلى الطريقة التي يمكن فيها للحلول البسيطة أن تحسّن مساهمة الأغذية المائية في الأنماط الغذائية الصحية وفي تحقيق الأفضليات الأربع (إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل) من خلال خارطة طريق التحوّل الأزرق.

لماذا الأغذية المائية

تُعدّ نظم الأغذية المائية فريدة من نوعها بطرق عديدة. فلها بصمة كربونية أدنى وتترتب عنها آثار بيئية أقل من نظم الأغذية الحيوانية الأخرى. ويتم حصد حوالي نصف الأغذية المائية من مصايد الأسماك البرّية، فيما يتم استزراع النصف الآخر. ويمكن لمصايد الأسماك الخاضعة لإدارة جيدة أن توفر إمدادات مستدامة من الأغذية المائية الصحية. ولكنّ موارد مصايد الأسماك محدودة، ويقتضي الطلب العالمي المتزايد على الأغذية المائية أن يقوم قطاع تربية الأحياء المائية الخاضع لإدارة جيدة بسدّ هذه الفجوة. وإن معدل نمو إنتاج تربية الأحياء المائية يتجاوز معدل نمو جميع نظم إنتاج الأغذية الأخرى ولا تزال لديه إمكانات كبيرة للتوسّع. ومع ذلك، تبقى معظم الأغذية المنتجة أغذية برّية. ولقد زاد النمو السنوي لنصيب الفرد من إمدادات الأغذية المائية على المستوى العالمي بوتيرة أسرع من النمو السكاني، مما أدى إلى زيادة نصيب الفرد من الاستهلاك العالمي السنوي من 9.1 كغم في عام 1961 إلى 20.6 كغم عام 2021. ويتباين هذا المعدل بشكل كبير بين البلدان ويتوقف على عوامل عديدة مثل التوافر، وإمكانية الوصول، والطابع الموسمي، والثقافة، وأذواق الأفراد. وبالمثل، تتطلب زيادة إنتاج الأغذية المائية واستهلاكها توافر سلاسل قيمة محسّنة تضمن الجدوى الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لنظم الأغذية المائية.

الأغذية المائية من أجل تغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل

تشكل الأغذية المائية المعروفة بأنها مصدر ممتاز للبروتينات مصدرًا أهم حتى لمغذيات أخرى، وبخاصة الأحماض الدهنية أوميغا-3 ذات السلسلة الطويلة والعديد من المغذيات الدقيقة التي يصعب إيجادها في أغذية أخرى، مثل اليود والسيلينيوم والكالسيوم والحديد والزنك. وتُعتبر الأغذية المائية من بين أكثر الأغذية صحة ويرتبط استهلاكها بتحسّن نتائج الصحة العامة (هيئة الأمم المتحدة للتغذية، 2021). ويُعتبر اليود والأحماض الدهنية أوميغا-3 ذات السلسلة الطويلة مهمَّين لنمو دماغ الأطفال. كما تؤدي الأحماض الدهنية أوميغا-3 دورًا مهمًا في الوقاية من أمراض الشريان التاجي (منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية، 2010)، وتحتوي الأغذية المائية على نسبة قليلة من الدهون المشبَّعة المعروفة بأنها تساهم في الإصابة بالعديد من الأمراض غير المعدية.

وهناك اعتراف متزايد بأن استهلاك الأسماك كاملة (وليس فقط شرائح السمك) يوفر المغذيات الأساسية المهمة للأنماط الغذائية المحلية، وبخاصة المعادن والفيتامينات، كما أنه ميسور الكلفة بالنسبة إلى السكان ذوي الدخل المنخفض، الأمر الذي يضمن إمكانية حصول بعض السكان الضعفاء من الناحية التغذوية على أغذية مغذية (Robinson وآخرون، 2022) (الإطار 44). وأظهرت الدراسات بشأن كثافة المغذيات الموجودة في الأغذية المائية وما يترتب عنها من انبعاثات لغازات الدفيئة، أن هذه الأغذية تتمتع بقيمة تغذوية استثنائية ولها آثار مناخية قليلة (Bianchi وآخرون، 2022؛ Hallstrom وآخرون، 2019؛ Hillborn وآخرون، 2018). وتساهم الأسماك السطحية الصغيرة مثل الأنشوفة والسردين والأنواع في أسفل السلسلة الغذائية (المعروفة بأنها غنية بالمغذيات) في انبعاث كميات من غازات الاحتباس الحراري أقل من تربية الأحياء المائية المغذّاة بالعلف مثلًا. كما أن للأنواع المستزرعة غير المغذّاة بالعلف، مثل الرخويات الثنائية الصمامات والأعشاب البحرية، بصمة كربونية أدنى حتى ويمكنها أن تحدث آثارًا بيئية إيجابية. وبشكل عام، تبقى تربية الأحياء المائية بديلًا تغذويًا وبيئيًا جيدًا مقارنة بإنتاج لحوم الأبقار أو الخنزير و الدجاج مثلًا.

الإطار 44الأسماك الصغيرة في خدمة الأمن الغذائي والتغذية

يتسم دور صغار المنتجين، مثله مثل تنويع الأغذية، بأهمية بالغة في النضال من أجل الحد من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. وأظهرت دراسة تسلّط الضوء على الصيد الخفي (Illuminating Hidden Harvests) في نسختها الثانية أن الأسماك الصغيرة (التي لا يتخطى طولها 25 سنتمترًا) تشكل الجزء الأكبر من مصيد مصايد الأسماك صغيرة النطاق في العالم ويمكنها أن توفر 20 في المائة من المتناول الغذائي الموصى به من الكالسيوم والسيلينيوم والزنك لـ137 مليون امرأة في أفريقيا و271 مليون امرأة في آسيا (منظمة الأغذية والزراعة وجامعة ديوك والمركز العالمي للأسماك، 2023). وتُعدّ الأسماك الصغيرة غنية بالمغذيات وتشكل مصدرًا مهمًا للأحماض الدهنية أوميغا-3، والمغذيات الدقيقة، والبروتينت، خاصة عندما يتم استهلاكها كاملة. وإن تنوع أنواع الأسماك الصغيرة وقدرة المستهلكين على شرائها بكميات صغيرة يجعلانها في الكثير من الأحيان غذاء ميسور الكلفة في الكثير من المجتمعات المحلية المنخفضة الدخل في البلدان النامية. ويساهم استهلاك الأسماك الصغيرة بكميات مناسبة جنبًا إلى جنب مع أغذية أخرى، في توفير نمط غذائي صحي ومتنوع من أجل التصدي لسوء التغذية. إضافة إلى ذلك، غالبًا ما يكون من الأسهل تجهيز الأسماك الصغيرة وحفظها باستخدام تكنولوجيات منخفضة الكلفة مثل التجفيف والتمليح والتدخين بسبب حجمها وتركيبتها الدهنية، الأمر الذي يسمح بالحد من الرطوبة فيها بشكل أسرع لزيادة مدة صلاحيتها (Fitri وآخرون، 2022). ومن شأن التسويق غير الرسمي للأسماك الصغيرة، إضافة إلى تكنولوجيات تجهيزها وحفظها وتخزينها الملائمة والميسورة الكلفة، أن يضمن توافر هذه الأسماك على مدار السنة وإمكانية حصول المستهلكين ذوي الدخل المنخفض عليها بكلفة ميسورة (Bavinck وآخرون، سيصدر قريبًا).

ولذلك، من المهم جدًا تثمين الأسماك الصغيرة ليس فقط من الناحية الاقتصادية والاعتراف بمساهمتها في النظم الغذائية والمجتمعات المحلية القادرة على الصمود والتي تنعم بصحة جيدة، خاصة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ولكن، من الضروري دعم الأشخاص العاملين في سلاسل إمدادات الأسماك الصغيرة ونظم الأغذية المائية وتشجيع التعاون بين الجهات الفاعلة المعنية بحوكمة مختلف القطاعات إذا ما أريد تطوير نظم الأغذية المائية من أجل خدمة الأمن الغذائي والتغذية (Bavinck وآخرون، سيصدر قريبًا). وتؤدي الحوكمة دورًا أساسيًا في تحسين نظم الأغذية المائية وسلاسل إمدادات الأسماك الصغيرة، حيث أنها لا تقوم فقط بإدارة الأرصدة السمكية لضمان الأمن الغذائي والتغذية اليوم وفي المستقبل، بل تدعم أيضًا صغار المنتجين للامتثال لمعايير سلامة الأغذية والمحافظة في الوقت نفسه على الكلفة الميسورة للمنتجات من أجل ضمان قيام نظم غذائية منصفة توفّر المغذيات للجميع.

المصادر: .Bavinck, M., Ahern, M., Hapke, H.M., Johnson, D.S., Kjelevold, M., Kolding, J., Overå, R. & Schut, T., eds. 2023. Small fish for food security and nutrition. FAO Fisheries and Aquaculture Technical Paper, No. 694. Rome, FAO. https://doi.org/10.4060/cc6229en
FAO, Duke University & WorldFish. 2023. Illuminating Hidden Harvests – The contributions of small-scale fisheries to sustainable development. Rome. https://doi.org/10.4060/cc4576en
Fitri, N., Chan, S.X.Y., Che Lah, N.H., Jam, F.A., Misnan, N.M., Kamal, N., Sarian, M.N. et al. 2022. A Comprehensive Review on the Processing of Dried Fish and the Associated Chemical and Nutritional Changes. Foods, 11(19): 2938. https://doi.org/10.3390/foods11192938

تحسين الأمن الغذائي والتغذية وسبل العيش من خلال التجهيز

عندما يجري تجهيز الأغذية المائية، تتم في غالب الأحيان إزالة الأجزاء التي تُعتبر غير صالحة للأكل – مثل الرأس والعظام والجلد والقشور والشذابات التي تمثّل ما بين 30 و70 في المائة من وزن الأسماك الكاملة. وهذه الأجزاء غنية بالمغذيات الدقيقة، ولكن بعضها يحتاج إلى مزيد من التجهيز ليصبح صالحًا للأكل. ويمكن للتكنولوجيات البسيطة المنخفضة الكلفة مثل التجفيف، والتدخين، والتخمير، والطحن، أن تحوّل هذه الأجزاء إلى منتجات مغذية وميسورة الكلفة وذات قيمة تغذوية أعلى حتى من شرائح السمك (Glover-Amengor وآخرون، 2012؛ Toppe وآخرون، 2007). وتحتوي هذه الأغذية المائية على نسبة عالية من الأحماض الدهنية أوميغا-3، والمعادن مثل الحديد والزنك والكالسيوم، والفيتامينات A وD وB12 (هيئة الأمم المتحدة للتغذية، 2021).

ويمكن لتحسين استخدام المنتجات الثانوية السمكية أن يحد من الآثار السلبية على البيئة وأن يولّد أنشطة اقتصادية إضافية لسكان المناطق الساحلية (انظر القسم 2-3-6). ولقد دعمت المنظمة برامج التغذية المدرسية القائمة على المنتجات المحلية لتشجيع الإنتاج المحلي للأسماك والمنتجات السمكية، مثل الأسماك المحلية الصغيرة والمستخدمة استخدامًا ناقصًا ومساحيق الأسماك التي يتم إنتاجها انطلاقًا من المنتجات الثانوية لمصايد الأسماك. ومن شأن ذلك أن يعزز النمو الاقتصادي الشامل وسبل عيش صغار المنتجين، وأن يحسّن التغذية في المدارس التجريبية التي يتم فيها تقديم الأسماك كجزء من الوجبات المدرسية الصحية (Ahern وآخرون، 2021؛ Toppe وآخرون، 2021) (الإطار 45). وقامت دراسة أجرتها المنظمة في غانا (Glover-Amengor وآخرون، 2012) بالترويج لاستخدام مسحوق الأسماك المجففة المنتج انطلاقًا من هياكل التونة. وشهد المنتج مستوى عالٍ من القبول عندما أُدرج في الأطباق التقليدية في أحد برامج الوجبات المدرسية. وفي غواتيمالا، تم تضمين أسماك البلطي في الوجبات المدرسية؛ وبالإضافة إلى شرائح السمك، تم إنتاج منتجات أخرى مثل كعك السمك الذي لقي مستوى عالٍ من القبول. ويمكن أن توفر هذه الأسماك وجبتين أو ثلاثة بدلًا من أن تساهم في وجبة واحدة – الأمر الذي من شأنه أن يحسّن مستوى المغذيات الدقيقة في الوجبات وأن يحد من التكلفة والآثار البيئية على السواء.

الإطار 45التغذية المدرسية القائمة على المنتجات المحلية

تهدف التغذية المدرسية القائمة على المنتجات المحلية إلى توفير أغذية مغذية وآمنة ومتنوعة ومحلية المصدر للأطفال في المدارس. كما أنها تعود في الوقت نفسه بمنافع على المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة والمجتمع المحلي الأوسع. وتتميّز التغذية المدرسية القائمة على المنتجات المحلية عن مبادرات التغذية المدرسية التقليدية بتركيزها على التزوّد بالأغذية على المستوى المحلي من المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، الأمر الذي يشجّع العلاقات التي تعود بالنفع المتبادل. وتهدف برامج التغذية المدرسية القائمة على المنتجات المحلية في جوهرها إلى تقوية الأسواق الزراعية والغذائية المحلية من خلال المشتريات المباشرة من صغار المزارعين. وللمحافظة على الطابع المحلي لهذه البرامج، يجب أن يتم التزوّد بجزء من الأغذية على الأقل من مصادر محلية للتشديد على الهدف الإضافي المتمثل في دعم المجتمعات المحلية.

وبفضل شراء مجموعة متنوعة من الأغذية المغذية من صغار المزارعين والمنتجين المحليين، تصبح المدارس عوامل محفزة للنمو في القطاعات الزراعية داخل المجتمعات المحلية، الأمر الذي يشجّع التنوع في إنتاج الأغذية ويعود بالمنفعة على المنطقة بكاملها. وتتجاوز هذه البرامج تغذية الأطفال لبناء نظم زراعية وغذائية مستدامة.

إضافة إلى ذلك، تتبع برامج التغذية المدرسية القائمة على المنتجات المحلية نهجًا متعدد الأوجه، حيث أنها تعالج جوانب عديدة من رفاه المجتمع، بما في ذلك الإنتاج والتجهيز والتوزيع والتغذية وإدارة النفايات. ويجعل هذا النهج المتعدد الوظائف من هذه البرامج أداة متعددة الاستخدامات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما أنه يساهم في تحقيق الاستدامة من خلال تقديم دعم فاعل للممارسات التي تساعد على المحافظة على البيئة، والحد من التلوّث المتصل بالمناولة والنقل والتخزين عبر تبسيط سلسلة الإمدادات، والتقليل في نهاية الأمر من البصمة الكربونية. ويساهم الإنتاج المستدام للأغذية المائية في الحفاظ على النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي المائي. ويحفّز هذا النهج المجتمعات المحلية على حماية مواردها المائية واعتماد ممارسات صديقة للبيئة في مجال إنتاج الأغذية.

ومن شأن إدماج الأغذية المائية في برامج التغذية المدرسية القائمة على المنتجات المحلية أن يحسّن القيمة التغذوية لهذه الأغذية واستدامتها. وتشكل الأغذية المائية مصدرًا غنيًا بالبروتينات العالية الجودة، والأحماض الدهنية الأساسية، والفيتامينات، والمعادن، الأمر الذي يجعلها بالغة الأهمية لتحسين الأنماط الغذائية للأطفال وتغذيتهم وصحتهم. وتؤدي التغذية الجيدة دورًا محوريًا في النمو المعرفي والأداء المدرسي. وبتزوّدها بالأغذية المغذية المنتجة محليًا، تضمن المدارس أن يحصل الأطفال على وجبات متوازنة لا تدعم نموهم الجسدي فحسب، بل تحسّن قدرتهم على التركيز والتعلّم بفعالية أيضًا.

وباختصار، يمكن لبرامج التغذية المدرسية القائمة على المنتجات المحلية أن تعالج مجموعة واسعة من التحديات التي تواجهها المجتمعات المحلية. وبفضل التزوّد بالأغذية محليًا وتعزيز الدعم للمزارعين والصيادين المحليين ودمج مجموعة واسعة من الأغذية المائية الغنية بالمغذيات، لا تعزز هذه المبادرات الرفاه الجسدي والفكري للأطفال فحسب، بل تحسّن أيضًا النمو الاقتصادي وتقوّي المجتمعات المحلية - من خلال الحد من اعتمادها على مصادر الأغذية الخارجية. وتقدم التغذية المدرسية القائمة على المنتجات المحلية مساهمات كبيرة في الأمن الغذائي، والاستدامة، واستقرار المجتمعات المحلية، ورفاه النظم الإيكولوجية التي تعتمد عليها، وتمثّل نهجًا فعالًا لإحداث تغيير إيجابي في العلاقة بين التربية وإنتاج الأغذية والتغذية.

وأبلغت دراسات عديدة عن مستويات عالية من الفاقد والمهدر من الأغذية في سلسلة القيمة السمكية. وتركّز معظم هذه الدراسات على الفواقد المادية للأسماك، فيما قام عدد قليل منها فقط بتقدير الفاقد من المغذيات. ويعزى ذلك جزئيًا إلى محدودية البيانات المتعلّقة بتركيبة الأغذية المائية المستهلكة في العالم بأشكال مختلفة (أي الأسماك الطازجة، والمجففة تحت أشعة الشمس، والمدخنة، والمخمّرة، فضلًا عن صلصات ومعجون السمك) وبأجزائها كافة (أي العظام والأعين والأنسجة العضلية). وتعمل المنظمة وشركاء آخرون في الوقت الراهن على بذل الجهود لتوسيع نطاق البيانات المتعلّقة بتركيبة الأغذية المائية من أجل تكوين فهم أفضل للمتناول والفاقد منها (الإطار 46).

الإطار 46البيانات المتعلّقة بتركيبة الأغذية المائية

تُعدّ الأغذية المائية مصدرًا رئيسيًا للأحماض الدهنية أوميغا-3 الأساسية، وحمض الإيكوسابنتينويك، وحمض الدوكوساهيكسانويك، والمغذيات الدقيقة مثل اليود، والحديد، والزنك، والكالسيوم، والفيتامين B-12، والفيتامين D، والبروتينات. ورغم الاعتراف بقدرة الأغذية المائية على إطعام الناس في جميع أنحاء العالم بصورة مستدامة، لا يزال هناك ميل إلى تجاهلها في الجهود الرامية إلى القضاء على الجوع وسوء التغذية. وثمة حاجة إلى المزيد من البيانات المحدثة والدقيقة بشأن تركيبة الأغذية المائية من أجل زيادة مستوى الوعي بمنافعها التغذوية والسماح بوضع سياسات وبرامج للتغذية تكون قائمة على الأدلة.

وللمساعدة على سدّ هذه الفجوة، أطلقت المنظمة مشروعًا لإعداد جدول عالمي لتحويل المغذيات من أجل تطبيقه على حسابات استخدام الإمدادات الخاصة بالمنظمة بالاستناد إلى البيانات الوطنية أو الإقليمية المتعلّقة بتركيبة الأغذية. ولم تشمل إحصاءات حسابات استخدام الإمدادات (المتاحة من خلال قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في المنظمة) حتى عام 2023 سوى الطاقة والمغذيات الدقيقة (البروتينات والدهون)، في حين أن الجدول العالمي لتحويل المغذيات سيوفر البيانات اللازمة لتوليد الإحصاءات المتعلّقة بالطاقة، والمغذيات الدقيقة، والفيتامينات (A وB-6 وB-12 والثيامين والريبوفلافين والفيتامين C) والمعادن (الكالسيوم، والحديد، والمغنيسيوم، والفسفور، والبوتاسيوم، والزنك، والنحاس، والسيلينيوم) والأحماض الدهنية (إجمالي الأحماض الدهنية المشبعة وغير المشبعة الأحادية والمتعددة، وحمض الإيكوسابنتينويك، وحمض الدوكوساهيكسانويك) في الأسماك وغيرها من المنتجات المائية.

وتم وضع قاعدة بيانات تركيبة الأغذية العالميّة المتعلّقة بالأسماك والمحار (uFish) التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة والشبكة الدولية لنظم البيانات الخاصة بالأغذية، في عام 2016. وتتضمن قاعدة البيانات هذه في الوقت الراهن 78 نوعًا من الأسماك الزعنفية والقشريات والرخويات. وللأسف، فإنها لا تزال تفتقر إلى البيانات التي تشتد الحاجة إليها والتي تتعلّق بأنواع الأسماك الصغيرة المهمة بالنسبة إلى الأمن الغذائي والتغذية في العديد من البلدان المنخفضة الدخل. كما أن مرتسمات المغذيات الكاملة للمجموعة المتنوعة الكبيرة من الأغذية المائية المستهلكة في جميع أنحاء العالم غير مكتملة هي أيضًا، وتفتقر بشكل خاص إلى الإحصاءات الموثوقة بشأن الفيتامينات والمعادن. وتُعد قواعد البيانات التي تحتوي على هذه المعلومات مهمة بالنسبة إلى اختصاصيي التغذية، والعاملين في القطاع الصحي، ومديري مصايد الأسماك، والباحثين، وواضعي السياسات.

ولتكوين فهم أفضل للبيانات المتعلّقة بتركيبة الأغذية المائية وإدراك قوة مختلف قواعد البيانات المتاحة، أجرت المنظمة وشركاؤها استعراضًا لقواعد البيانات التي تتضمن بيانات بشأن تركيبة المغذيات في الأغذية المائية (انظر الشكل). وبعد ذلك، بدأت المنظمة تقود مشروعًا يمتد على ثلاث سنوات لتحديث قاعدة البيانات التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة والشبكة الدولية لنظم البيانات الخاصة بالأغذية من أجل زيادة المعلومات المتعلّقة بتركيبة المغذيات في أنواع الأسماك الصغيرة، والأسماك المجهزة (المدخنة والمملحة والمجففة مثلًا)، وأنواع الأعشاب المائية.

موجز عن قواعد بيانات مختارة تتضمن بيانات بشأن تركيبة المغذيات في الأغذية المائية

إتاحة البيانات بشأن تركيبة المغذيات في الأغذية المائية

يمكن للقيمة التغذوية للأسماك والأغذية المائية الأخرى أن تخفف من حدّة "الجوع المستتر" أو النقص في المغذيات الدقيقة الذي يعاني منه الكثير من الأشخاص في مجموعة متنوعة من المناطق الجغرافية. ولكن لا تتوافر قياسات للمغذيات في العديد من الأنواع والأغذية والمناطق الجغرافية، كما أن تحديدها باهظ الكلفة. ولذلك، تُعدّ قواعد البيانات التي تتضمن البيانات المتاحة مهمة جدًا بالنسبة إلى العاملين في القطاع الصحي، ومديري مصايد الأسماك، والباحثين، وواضعي السياسات. وهناك العديد من قواعد البيانات - وكلها مفيدة ومتداخلة ومتميزة بطرق مختلفة. وفي ما يلي موجز بقواعد البيانات المهمة هذه، وبالمستخدمين الذين تعمل لخدمتهم، وبأنواع البيانات التي تتضمنها وكيفية المقارنة بينها - الاطلاع هنا على الوصف الكامل لقواعد البيانات والمقارنة بينها.

المصدر: مقتبس بتصرف عن Cohen, P., Consalez, F., Ahern, M., Masangwi, S., Rittenschober, D., Holmes, B., Kjellevold, M., Golden, C. & Hicks, C. 2022. Serving up Data on Nutrient Composition of Aquatic Foods. Bayan Lepas, Malaysia, WorldFish. [ورد ذكره في 9 يناير/كانون الثاني 2024]. https://digitalarchive.worldfishcenter.org/handle/20.500.12348/5329

المفارقة

ازداد التركيز مؤخرًا على الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية – الذي تشير التقديرات بأنه يمثّل ما بين 30 و35 في المائة من الإنتاج – بما في ذلك من البيئات المائية. ولا تُعتبر المشتقات السمكية عادة كغذاء؛ ففي الواقع، يتم استخدامها في الكثير من الأحيان لأغراض غير غذائية، وبالتالي لا يُنظر إليها على أنها أغذية مفقودة. ويتيح الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية بموازاة زيادة استخدام المنتجات الثانوية لأغراض غذائية، إمكانات لزيادة الحصول على الأغذية المائية وتوافرها، الأمر الذي يكمّل نمو إنتاج تربية الأحياء المائية لتلبية الطلب المتزايد. والأهم من ذلك هو أنه يمكن لتجهيز المشتقات السمكية من أجل الاستهلاك البشري أن يعالج نقص المغذيات مثل الحديد والكالسيوم والعديد من المغذيات الدقيقة الأخرى. ويظهر الشكل 61 الإمكانات التي ينطوي عليها استخدام مشتقات أسماك البلطي من أجل تحقيق الأمن الغذائي وتلبية الاحتياجات التغذوية والحد من الفاقد والمهدر من الأغذية.

الشكل 59مقارنة الإمكانات الغذائية النظرية للقضاء على الفاقد والمهدر من أسماك البلطي، والإمكانات المتاحة لاستخدام المنتجات الثانوية لهذه الأسماك لأغراض غذائية

ملاحظات: بالنظر إلى 100 كلغ من سمك البلطي، يقدّر متوسط الفاقد والمهدر من الأغذية بنسبة 30 في المائة ويتم استهلاك 23 كلغ فقط كغذاء، فيما يبلغ حجم المشتقات 47 كلغ. ومن شأن القضاء على الفاقد والمهدر من الأغذية أن يزيد كمية الأسماك المتاحة للاستهلاك من 23 كلغ إلى 33 كلغ (بزيادة نسبتها 43 في المائة). ومن شأن تحويل جميع المشتقات إلى غذاء أن يزيد كمية الأسماك المتاحة للاستهلاك من 23 كلغ إلى 70 كلغ (بزيادة نسبتها 204 في المائة).
المصدر: المصدر: من إعداد المؤلفين.

الشكل 60لمحة عامة عن دراسات الحالة والمبادرات المتعلّقة بالأغذية المائية التي تم تقديمها إلى الحوار السنوي بشأن المحيطات وتغيّر المناخ لعام 2023

ملاحظات: قدمت البلدان والمنظمات حوالي 100 دراسة حالة ومبادرة. ويأتي إقليم آسيا والمحيط الهادئ في الصدارة مع 41 في المائة من دراسات الحالة والمبادرات المقدمة، يليه إقليم أوروبا وأمريكا الشمالية (23 في المائة ). وساهم إقليم أفريقيا وإقليم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي بنسبة 9 و8 في المائة من دراسات الحالة والمبادرات المقدمة على التوالي. واحتلت دراسات الحالة والمبادرات المتعلّقة بالتكيّف وبناء القدرة على الصمود المرتبة الأولى (47 في المائة )، تليها دراسات الحالة والمبادرات المتعلّقة بالمجتمعات المحلية (23 في المائة ) والتخفيف من الآثار (13 في المائة ) وتمكين التمويل المناخي (17 في المائة ). وبشكل عام، قدمت البلدان النامية عددًا أقل من دراسات الحالة والمبادرات (35 في المائة ) مقارنة بالبلدان المتقدمة (40 في المائة ). ويصنّف الوضع الإنمائي بالاستناد إلى صفحة تصنيف الإحصاءات الخاصة بمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (متاحة على العنوان التالي: https://hbs.unctad.org/classifications/).
المصدر: من إعداد المؤلفين.

الشكل 61أمثلة على المشاريع والبرامج الميدانية للمنظمة المتعلّقة بالتكيّف مع تغيّر المناخ في قطاع الأغذية المائية

ملاحظات: تم تنفيذ المشاريع والبرامج بدعم مالي من الصندوق الأخضر للمناخ، ومرفق البيئة العالمية، والوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي، وبالتعاون مع الشركاء (مثل المركز العالمي للأسماك، ولجنة جنوب المحيط الهادئ).
المصدر: من إعداد المؤلفين.
back to top عد إلى الأعلى