يعرض هذا القسم الإنجازات التي تحققت مؤخرًا في مجال الإدارة الفعالة لمصايد الأسماك العالمية، وأطر الحوكمة لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم ولتعزيز استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق، والابتكارات التكنولوجية الناشئة في مجال الصيد الرشيد، والدور المتزايد للأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك. كما أنه يتضمن وصفًا لمبادرة رئيسية تقودها المنظمة وتتبع نهجًا قائمًا على العلوم لتحسين تقييم حالة موارد مصايد الأسماك العالمية.
التقدم المحرز في تنفيذ اتفاق منظمة الأغذية والزراعة بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء
تتعرّض الإدارة الرشيدة لمصايد الأسماك للتقويض نتيجة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. ويقرّ المقصد 14–4 (تنظيم الصيد على نحو فعال وإنهاء الصيد المفرط والصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وممارسات الصيد المدمرة) والمقصد 14–6 (حظر أشكال معيّنة من الإعانات المقدمة إلى مصايد الأسماك التي تسهم في الإفراط في قدرات الصيد وفي صيد الأسماك، وإلغاء الإعانات التي تساهم في صيد الأسماك غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم) من الهدف 14 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، بأهمية القضاء على الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم لضمان استخدام موارد مصايد الأسماك على نحو مستدام.
ويُعدّ الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء (الاتفاق) أول صك دولي ملزم يستهدف الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، وهناك اعتراف واسع النطاق بأنه يشكل أداة قوية وفعالة من حيث الكلفة للقضاء على هذا النوع من الصيد. ولقد زاد عدد الأطراف في هذا الاتفاق بمقدار ثلاثة أضعاف منذ دخوله حيّز التنفيذ في عام 2016، الأمر الذي يجعله الاتفاق الذي يسجل أعلى معدّل انضمام من بين سائر المعاهدات المتعلّقة بمصايد الأسماك والمحيطات. وفي مايو/أيار 2024، كان هناك 78 طرفًا في الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء، بمن فيهم الاتحاد الأوروبي الذي يمثّل 28 دولة. وأصبح الاتفاق ساريًا في 54 في المائة من مجموع الدول وفي 63 في المائة من الدول الساحلية. ومن منظور إقليمي، فإن النسبة المئوية للدول الساحلية التي أصبح الاتفاق ساريًا فيها هي الأدنى في الشرق الأدنى (29 في المائة) وجنوب غرب المحيط الهادئ (44 في المائة)؛ ومتوسطة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (55 في المائة) وآسيا (63 في المائة)؛ والأعلى في أفريقيا (76 في المائة) وأوروبا (73 في المائة) وأمريكا الشمالية (100 في المائة).
وتتسم الحوكمة الدولية لمصايد الأسماك بالتعقيد كون المحيطات تنقسم جغرافيًا بين مناطق بحرية مختلفة تخضع لنظم قانونية مختلفة. ويكمّل الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ويتكيّف بشكل متواصل لمعالجة المسائل الراهنة والناشئة المتعلّقة بمصايد الأسماك – وبخاصة المسألة المطروحة باستمرار والمتمثلة في فشل بعض دول العلم في مراقبة سفنها بطريقة مسؤولة، وهو ما يُعرف بأعلام عدم الامتثال.
ومن خلال إنشاء الإطار الذي يتيح لدول الميناء طلب معلومات محددة من السفن التي ترفع علمًا أجنبيًا وتلتمس الدخول إلى موانئها، يمكّن الاتفاق دول الميناء من التحقق من مدى امتثال هذه السفن لتدابير الصون والإدارة المطبقة ورفض دخولها إلى الميناء أو استخدام خدماته في حال كان هناك دليل واضح على ممارستها الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم أو ما يتصل به من أنشطة. وبهذه الطريقة، يعزز الاتفاق الامتثال والجهود المبذولة لتنفيذ اتفاق الأمم المتحدة بشأن الأرصدة السمكية، واتفاقية منظمة الأغذية والزراعة للامتثال، وتدابير الصون والإدارة الإقليمية، والصكوك الطوعية المتعلقة بمصايد الأسماك، بما في ذلك مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد والصكوك ذات الصلة. علاوة على ذلك، يقوم الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء من خلال متطلباته المتعلّقة بتبادل المعلومات بين دولة الميناء ودولة العلم والدولة الساحلية والمنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك، بتيسير تحقيق الشفافية في قطاع مصايد الأسماك وبتعزيز التعاون والتنسيق والتشاور بين الصكوك والأطر والأجهزة الدولية ذات الصلة.
واتخذت الأطراف تدابير سريعة بدعم من المنظمة لتنفيذ الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء، بما في ذلك من خلال مجموعات العمل القائمة، وتم بلوغ منعطف حاسم بفضل تسجيل الاتفاق أعلى مستوى من الفعالية على الإطلاق. وقامت المنظمة بتيسير المناقشات بين الدول على المستوى الإقليمي لتحديد التحديات التشغيلية التي تعترض تنفيذ تدابير دولة الميناء ولإيجاد السبل الكفيلة بالتغلّب عليها. وسمحت نتائج الحوارات الإقليمية التي عُقدت ضمن مجموعة العمل المخصصة المعنية باستراتيجية الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء، للاجتماع الرابع للأطراف في الاتفاق باعتماد "الاستراتيجية لتحسين فعالية الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء لمنع الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه" (استراتيجية بالي).و
ويُعتبر تشاطر المعلومات بشأن حالات رفض الإذن بدخول الموانئ أو استخدامها وتقارير التفتيش، أمرًا أساسيًا لتنفيذ الاتفاق بشكل فعال من أجل التصدي للصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم. ويسمح النظام العالمي لتبادل المعلومات الذي طورته المنظمة بطلب من الأطراف في الاتفاق، بتبادل هذه المعلومات على المستويين الإقليمي والعالمي. وبدأ العمل بهذا النظام في نهاية عام 2023 وهو يتضمن خصائص وظيفية تتيح الاتصال بنظم مشابهة يتم استخدامها على المستوى الإقليمي. ويتم إرسال الإخطارات بصورة تلقائية من خلال هذه النظم إلى دولة العلم، والدولة التي ينتمي إليها ربان السفينة، وأي دولة ساحلية أو منظمة إقليمية لإدارة مصايد الأسماك أو منظمة دولية معنية، ومنظمة الأغذية والزراعة.
وبالتالي، يُعدّ النظام العالمي لتبادل المعلومات أول نظام من نوعه يعالج معلومات الامتثال على المستوى العالمي؛ وعلى هذا النحو، تتعلّق هذه المعلومات بالامتثال أو عدم الامتثال للتشريعات الوطنية، وتدابير الصون والإدارة الإقليمية، والمتطلبات المحددة في صكوك دولية أخرى مثل اتفاق الأمم المتحدة بشأن الأرصدة السمكية، واتفاقية منظمة الأغذية والزراعة للامتثال، والخطوط التوجيهية الطوعية بشأن المسافنة (الإطار 22).
الإطار 22الخطوط التوجيهية الطوعية لمنظمة الأغذية والزراعة بشأن المسافنة
تُعدّ المسافنة أحد الأنشطة البالغة الأهمية التي تدعم اليوم الصيد بطريقة مشروعة على المستوى العالمي. ولكنّ دراسة متعمّقة أجرتها المنظمة في عام 2020 خلُصت إلى أن الافتقار إلى أنظمة لرصد المسافنة ومراقبتها يزيد من مخاطر دخول الأسماك المتأتية من الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم إلى سلسلة إمدادات الأغذية البحرية، الأمر الذي يقوّض مصايد الأسماك المستدامة والمسؤولة من الناحية الاجتماعية. وأجرت المنظمة في عامي 2021 و2022، مشاورة فنية ومع الخبراء لإعداد الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن المسافنة التي أقرّتها لجنة مصايد الأسماك التابعة للمنظمة في عام 2022.
وتتناول الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن المسافنة* تنظيم عمليات المسافنة ورصدها ومراقبتها بالنسبة إلى الأسماك التي لم يتم إنزالها من قبل، سواء أتم تجهيزها أم لا. كما أنها تنظم تفريغ الأسماك في الميناء، مع تحديد المتطلبات لإصدار الإعلانات. وتهدف هذه الخطوط التوجيهية إلى تقديم المساعدة إلى الدول، والمنظمات/الترتيبات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك، ومنظمات التكامل الاقتصادي الإقليمية، والمنظمات الحكومية الدولية الأخرى، لدى وضع أنظمة جديدة للمسافنة وتنقيح الأنظمة القائمة ومواءمتها مع الإطار التنظيمي الدولي الأوسع نطاقًا.
ويعتبر تنفيذ هذه الخطوط التوجيهية أمرًا حاسمًا كونها تهدف إلى سد فجوة تتعلّق بنشاط رئيسي يدعم أساطيل الصيد في العديد من الأماكن التي تفتقر إلى المعايير الدولية الشاملة أو المشتركة. وتتمتع هذه الخطوط التوجيهية بدرجة عالية من الشرعية وتحظى بالتالي بمكانة جيدة تؤهلها من تأدية هذا الدور.
وتقع على عاتق دول العلم المسؤولية الأساسية عن تنفيذ نظم المسافنة؛ وتقرّ الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن المسافنة بدور الدول الساحلية ودول الميناء والمنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك وبواجباتها، وتبني على ذلك على النحو التالي:
◂ تحسين أداء دولة العلم (أمر أساسي لتطبيق الصكوك الدولية وتنفيذها) – يجب على دول العلم أن تحدد الشروط الواجب توافرها للسماح لسفنها بالمسافنة، وأن تتمتع بقدرة المراقبة والتفتيش، وأن تعمل مع المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك، وأن تطوّر إجراءات الإبلاغ لجمع بيانات المسافنة كافة المبلّغ عنها ومقارنتها؛
◂ وتعزيز الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء – تؤدي دول الميناء دورًا بالغ الأهمية في الإشراف على إعلانات الإنزال والمسافنة؛
◂ وتفعيل دور المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك – يجب أن تخضع المسافنة في أعالي البحار لنظم المنظمة الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك المختصة، بما في ذلك العضوية أو المشاركة، والتي يجب أن تكون متسقة مع المعايير الدنيا المحددة في الخطوط التوجيهية؛
◂ ودعم حق الدول الساحلية في أن تكون على اطلاع على عمليات المسافنة التي تحصل في المياه التابعة لولايتها، بما في ذلك في مناطقها الاقتصادية الخالصة، وأن ترخّص لها، وفي أن تمارس الرقابة من خلال تدابير الرصد والمراقبة والإشراف.
وبشكل عام، تبدد الخطوط التوجيهية الغموض من خلال النص على أنه يجب تحديد نقل الأسماك من سفينة إلى أخرى أو إلى الموانئ إما بأنه مسافنة أو إنزال. كما أنها تنظم أنشطة إنزال المصيد من خلال إنشاء إعلان لإنزال المصيد كمعيار عالمي يجب الالتزام به. بالتالي، يؤدي تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن المسافنة إلى دعم وتحسين القدرة على التتبع والشفافية في مصايد الأسماك الدولية بما أنه يجب توثيق جميع عمليات نقل الأسماك من خلال إصدار إعلان خاص بالإنزال أو المسافنة.
وتدعم صكوك دولية أخرى تنفيذ الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء بطرق عدة. فتقوم الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن المسافنةز بتصنيف نقل الأسماك إما كنقل من سفينة إلى أخرى أو كإنزال من خلال تقديم إعلان المسافنة أو الإنزال، الأمر الذي من شأنه أن يزيل الثغرات التي يمكن أن تسفر عن نقل للأسماك من دون رقابة ومن دون إعلان. ويعدّ ذلك أمرًا مهمًا عند الموافقة على الطلب المسبق للسماح بالدخول إلى الموانئ أو استخدامها بموجب الملحق ألف بالاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء.
وأطلقت المنظمة برنامجًا عالميًا لتنمية القدرات في عام 2017 من أجل دعم تنفيذ الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء والصكوك التكميلية لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، وهذا البرنامج آخذ في التوسّع باستمرار. وهو يتسق مع المقصد 14–4 من أهداف التنمية المستدامة ويتناول الجزء 6 من الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء.ح وقامت المنظمة من خلال هذا البرنامج بتقديم المساعدة لأكثر من 50 بلدًا حتى هذا التاريخ لتعزيز القدرة على مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم بما يتماشى مع المتطلبات الدولية؛ فضلًا عن تيسير ودعم العمليات التشاورية العالمية والإقليمية بشأن إعداد صكوك دولية ذات صلة وتنفيذها؛ط وتطوير أدوات تشغيلية وموارد للمساعدة على تنفيذ هذه الصكوك.ي
التقدم المحرز في تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر
تشكل الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر (الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق [منظمة الأغذية والزراعة، 2015])، جزءًا لا يتجزأ من عملية تنفيذ رؤية المنظمة للتحوّل الأزرق. وتعكس هذه الخطوط التوجيهية التعقيد الذي يتسم به هذا القطاع الفرعي المتنوع للغاية. فلا تقوم مصايد الأسماك صغيرة النطاق بتوريد المنتجات المائية إلى مجموعة متنوعة من الأسواق فحسب، بل توفر أيضًا سبل العيش والقيم الثقافية والأمن الغذائي والتغذية لملايين الأشخاص (منظمة الأغذية والزراعة وجامعة ديوك والمركز العالمي للأسماك، 2023ب). ولذلك، يجب على حوكمة مصايد الأسماك صغيرة النطاق أن تشمل سبل العيش باتباع نُهج تجمع بين الصيد الرشيد والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المنصفة، بما في ذلك الإنصاف بين الجنسين (الإطار 23).
الإطار 23بناء التغيير التحولي بين الجنسين في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية
تشكل المساواة بين الجنسين أحد المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها كل جانب من جوانب المجتمع. وهذه هي الحال أيضًا في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الذي يساهم بصورة مباشرة في الأمن الغذائي العالمي وسبل عيش أكثر من 600 مليون شخص حول العالم. ولا تزال هناك قيود عديدة قائمة على نوع الجنس على طول سلاسل قيمة الأغذية المائية، الأمر الذي يعيق تمتع المرأة بالمساواة في الحقوق والفرص. ترتبط القيود القائمة على نوع الجنس بعدم كفاية المعايير الجنسانية، التي تحدد الأدوار والمسؤوليات داخل المجتمعات المحلية؛ وعدم المساواة في الوصول إلى الموارد والخدمات التي تتسم بأهمية حاسمة بالنسبة إلى الأنشطة المدرة للدخل؛ والحواجز التي تمنع وصول المرأة إلى دوائر صنع القرار والسلطة; والعنف القائم على نوع الجنس. وتعيق هذه القيود تمكين المرأة وتحدّ بشكل ملحوظ من مساهمتها في نظم الأغذية المائية الصحية. ويمكن لتوزيع العمل بين الجنسين مثلًا أن يؤدي إلى عدم تكافؤ أعباء العمل، الأمر الذي يخفض مستوى الربحية ويسفر عن عدم تمتع المرأة بالقدرة الكافية على صنع القرارات. علاوة على ذلك، يتعرض استقلال المرأة وتمكينها الاقتصاديان للخطر في الكثير من الأحيان بسبب عدم تكافؤ فرص الوصول إلى الأسواق المربحة أو الافتراضات المجحفة بشأن ملكية معدات الصيد أو التجهيز، الأمر الذي يمنع المرأة من الاستثمار في عملها التجاري ويحدّ بالتالي من عائداتها والفرص السانحة لها لريادة المشاريع.
ويعدّ العنف القائم على نوع الجنس مشكلة شائعة تواجهها العديد من النساء في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وإن اختلفت طرقها وتأثيراتها: إذ يمكن للسلوك المسيء الشائع في الموانئ والأسواق ومواقع الإنزال أن يؤثر على المرأة جسديًا ومعنويًا وجنسيًا وأن يعرّضها لبيئات عمل استغلالية وعدائية. وأفادت النساء في بعض مصايد الأسماك بأن الاعتداء اللفظي يعدّ أمرًا شائعًا وبأنهنّ يواجهن في حالات كثيرة صعوبات في الوصول إلى الأسواق (Rice وآخرون، 2023) بسبب التمييز والافتقار إلى الأمن والبنية الأساسية في مواقع الإنزال (منظمة الأغذية والزراعة، 2023أ).
ويمكن لحلقة اعتماد المرأة اقتصاديًا على نظرائها الذكور للحصول على الموارد السمكية أن يعرّضها للمقايضة بالجنس، بما في ذلك "ممارسة الجنس مقابل الأسماك" وما يتصل بذلك من مخاطر تشمل العنف القائم على نوع الجنس وفيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز). ولوحظت هذه الظاهرة في عدد من البلدان. فقد أظهر العمل الميداني حيث تم عرضه أن تمتع المرأة باستقلالية مالية محدودة يعيق قدرتها على التفاوض على الحدود، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة انتشار فيروس نقص المناعة البشرية وحالات الحمل المبكر في المجتمع المحلي (منظمة الأغذية والزراعة، 2023أ). ويمكن إيجاد مثال على المعايير الاجتماعية السيئة التي تلقي اللوم على المرأة لانتشار فيروس نقص المناعة البشرية في مجتمعات صيد الأسماك حيث ذكرت النساء في المجتمعات المحلية على ضفة بحيرة تنغانيقا تعرّضهن لذلك، وبخاصة خلال الفترات التي ينخفض فيها حجم المصيد، الأمر الذي يسلّط الضوء على العلاقة بين المعايير والسلوكيات غير الملائمة والمستوى الكبير لانعدام الأمن الاقتصادي والصحي للتاجرات والمجهزات النساء أثناء ممارسة عملهن (منظمة الأغذية والزراعة، 2023ب).
ولمواجهة هذه التحديات المتعددة الأوجه، لا بدّ من اتباع نهج شامل. ويتطلب ذلك اعتماد نُهج تحويلية مراعية للمساواة بين الجنسين تكون مدعومة بالتدريب كالذي يتم تقديمه من خلال مشاريع المنظمة لدعم مصايد الأسماك صغيرة النطاق. ويسعى النهج التحويلي المراعي للمساواة بين الجنسين إلى إيجاد حلول أعمق لمعالجة اختلالات القوة على المستويين الفردي والمجتمعي وتعزيز دور المرأة كعوامل للتغيير. كما أنه ينطوي على التصدي للمعايير الجنسانية السيئة، وتعزيز صنع القرارات المنصفة، وتشجيع البيئات الداعمة التي يمكن فيها للمرأة أن تحقق النجاح في القطاع. وقام مشروع تعزيز استدامة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في مجموعة دول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ (انظر مشروع تعزيز استدامة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في مجموعة دول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ: تحويل النظم الغذائية المائية من خلال نهج سلسلة القيمة، الصفحة 180) في إطار العمل على التصدي للقيود القائمة على نوع الجنس، بوضع دراسة استقصائية خاصة للكشف عن الأدلة والبيانات المتعلّقة بظاهرة ممارسة الجنس مقابل الأسماك من أجل إرساء الأسس اللازمة لمناقشة هذه الديناميكيات وفهمها.
بالإضافة إلى ذلك، قامت منظمة الأغذية والزراعة بتطبيق النهج التحويلي المراعي للمساواة بين الجنسين لبناء نظم غذائية مائية أكثر قدرة على الصمود وإنصافًا من خلال تنمية قدرات أصحاب المصلحة على المستويين الوطني والمحلي، مثل العمل الذي تم تنفيذه من خلال مشروع "تنفيذ الخطوط التوجيهية لمصايد الأسماك صغيرة النطاق من أجل نظم غذائية وسبل عيش عادلة بين الجنسين وقادرة على الصمود أمام تغير المناخ" في مختلف المناطق.
ويمكن لتنفيذ النُهج التحويلية المراعية للمساواة بين الجنسين، جنبًا إلى جنب مع التدخلات المراعية للمنظور الجنساني، أن يمهد الطريق أمام مستقبل يتمتع فيه الرجال والنساء بالمساواة في الحقوق والفرص والتمكين في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، الأمر الذي يعزز بالتالي قيام مجتمعات محلية مستدامة وشاملة.
منظمة الأغذية والزراعة. 2023ب. The contribution of women in small-scale fisheries to healthy food systems and sustainable livelihoods in the United Republic of Tanzania. Rome. https://doi.org/10.4060/cc5368en
Rice, E.D., Bennett, A.E., Muhonda, P., Katengeza, S.P., Kawaye, P., Liverpool-Tasie, L.S.O., Infante, D.M. & Tschirely. 2023. Connecting gender norms and economic performance reveals gendered inequities in Malawian small-scale fish trade. Maritime Studies, 22: 46. https://doi.org/10.1007/s40152-023-00337-x
وبعد مرور عقد من الزمن على إقرار لجنة مصايد الأسماك في المنظمة للخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق، يستمر تنفيذ هذه الأخيرة في البناء على الشمول الذي اتسمت به عملية إعدادها. ويتطلب ذلك تقديم الدعم لمنظمات مصايد الأسماك صغيرة النطاق، والحكومات، والشركاء في التنمية، والمنظمات الإقليمية، والمنظمات غير الحكومية، والأوساط الأكاديمية، والتعاون معها.
مسارات الأثر التحويلي
الحوكمة التشاركية من خلال خطط العمل الوطنية بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق
تبنّت العمليات السياساتية والمنظمات العالمية والإقليمية الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق. وتركّز جهود التنفيذ الآن على المستويين الوطني والمحلي حيث توفر خطط العمل الوطنية بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق إطارًا منهجيًا وشاملًا لتسريع وتيرة التحوّل.
وإن عدد البلدان التي وضعت أو نفذت خطة عمل وطنية تشاركية بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق آخذ في التزايد، مع حصول هذه الخطط على الموافقة بالفعل في كل من أوغندا ومدغشقر وملاوي وناميبيا وجمهورية تنزانيا المتحدة وشروع الفلبين في هذه العملية. وعلى سبيل المثال، قامت جمهورية تنزانيا المتحدة بالاسترشاد بخطة عملها الوطنية بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق لإنشاء مكتب يُعنى بالمساواة بين الجنسين في وزارة مصايد الأسماك والثروة الحيوانية، وهي تدعم تنمية القدرات في وحدات إدارة الشواطئ من أجل تحسين الإدارة التشاركية المستدامة لمصايد الأسماك. وفي ناميبيا، شاركت مجتمعات مصايد الأسماك صغيرة النطاق في المشاورات بشأن وضع قواعد الوصول إلى سد جديد، فيما صادق أكثر من 70 من أصحاب المصلحة في مدغشقر على خطة العمل الوطنية بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق، ويجري تنفيذ إجراءات محددة مثل بناء قدرات المجموعات النسائية (بما في ذلك توفير المعدات الصغيرة). واعتمدت أوغندا وملاوي خطط عمل وطنية بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق في أواخر عام 2023، فيما شرعت الفلبين في هذه العملية.
ويُعد مدى إشارة القوانين الوطنية والسياسات والدعاوى القضائية إلى الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق أمرًا بالغ الأهمية لتنفيذها (2021 ،El Halimiو Chuenpagdeeو Nakamura)، ويشكل محور تركيز مطبوع جديد لشراكة Too Big To Ignore البحثية (2024 ،eds ،Jentofو Chuenpagdeeو Nakamura). وتفيد قاعدة البيانات السياساتية والقانونية في المنظمة (قاعدة البيانات المتعلّقة بمصايد الأسماك صغيرة النطاق) بأن 18 بلدًا يشير بالفعل إلى الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في أطره التشريعية أو السياساتية المتعلّقة بمصايد الأسماك (منظمة الأغذية والزراعة، 2023د). وتستمر مجموعة المواد المتاحة لدعم تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق بالاتساع وتشمل مطبوعات ودورات للتعلّم الإلكتروني (مثلًا بشأن حوكمة مصايد الأسماك صغيرة النطاق والتقييمات القانونية) فضلًا عن برامج تدريبية يطبقها الشركاء، مثل برنامج المعهد الدولي للمحيطات ومنظمة العمل الدولية المتعلّق بالعمل اللائق والحماية الاجتماعية.ك ويتوافر إطار للرصد والتقييم والتعلّم تم وضعه باتباع نهج تشاركي للمساعدة على تقييم التقدم المحرز (منظمة الأغذية والزراعة، 2023ه).
أبعد من مصايد الأسماك: سدّ الفجوة في الحصول على الحماية الاجتماعية وضمان العمل اللائق
تعدّ النُهج الشاملة لتحسين الاتساق بين سياسات الحماية الاجتماعية وسياسات إدارة مصايد الأسماك حاسمة لتنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق. وتشمل الأمثلة التي تم فيها تحقيق الاتساق، كلًا من باراغواي وتونس وكوبومبيا بالإضافة إلى إقليم أمريكا اللاتينية الفرعي. وجمعت الحوارات السياساتية في هذه الأماكن البرلمانيين والسلطات الوطنية المعنية بمصايد الأسماك ومنظمات صيادي الأسماك. وفي البرازيل، أظهر تقييم لأثر إعانات البطالة التي يحصل عليها الصيادون خلال مواسم حظر الصيد أن هذه الإعانات مكّنت الصيادين من الامتثال بشكل أفضل لقواعد إدارة مصايد الأسماك. وأتاحت جائحة كوفيد–19 الفرصة لتكوين فهم أفضل لأهمية المنظمات المجتمعية في توفير الدعم على صعيد الضمان الاجتماعي، خاصة خلال الصدمات الفريدة من نوعها. وعلى سبيل المثال، قدمت الصناديق المتجددة في كولومبيا قروضًا للأسر التي تواجه حالة طارئة، وأقامت الرابطات في المكسيك وتونس شراكات مع برامج الحماية الاجتماعية التي تقودها الدولة من أجل جمع الاشتراكات وتقديم معدلات اشتراك خاصة للصيادين.
وقام الجهاز الاستشاري الإقليمي لمصايد الأسماك في خليج البنغال مؤخرًا باعتماد خطة عمل لتحسين السلامة والعمل اللائق والحماية الاجتماعية في مصايد الأسماك (منظمة الأغذية والزراعة، 2023و). وتلتزم الخطة باتخاذ إجراءات مشتركة بين القطاعات لوضع سياسات وإجراءات تهدف إلى تحسين سبل العيش المتأتية من مصايد الأسماك، بما في ذلك من خلال معايير السلامة وظروف العمل اللائق والحماية الاجتماعية.
تحسين البيانات والأدلة
يقول المثل: "ليس كل ما يمكن احتسابه مهمًا ولا يمكن احتساب كل ما هو مهم". وتندرج مصايد الأسماك صغيرة النطاق في الكثير من الأحيان في هذه الفئة الأخيرة. وتحاول الدراسة العالمية لتسليط الضوء على الصيد الخفي (Illuminating Hidden Harvests) (منظمة الأغذية والزراعة وجامعة ديوك و المركز العالمي للأسماك، 2023ب) أن تتحدى هذا القول من خلال تزويد واضعي السياسات بالمعلومات الأساسية – ليس فقط عن مصايد الأسماك صغيرة النطاق، بل أيضًا عن النظم الغذائية المائية والتنمية المستدامة وسبل العيش بشكل أعمّ. وتبيّن الدراسة أن مصايد الأسماك صغيرة النطاق توفر ما لا يقل عن 40 في المائة من المصيد العالمي البحري وفي المياه الداخلية وتستحوذ على 90 في المائة من الأشخاص العاملين في سلاسل قيمة مصايد الأسماك الطبيعية. وتقدّر الدراسة التي تأخذ أنشطة الكفاف والمعالين في الأسر المعيشية في الاعتبار، أن سبل عيش حوالي 500 مليون شخص تعتمد بشكل جزئي على الأقل على مصايد الأسماك صغيرة النطاق. وتقدّم الدراسة معارف جديدة وتحدد الفجوات ونقاط الضعف الكامنة في نظم المعلومات من أجل ضمان ألّا تبقى مصايد الأسماك صغيرة النطاق غير معترف بها. وتبنّت بلدان مثل جمهورية تنزانيا المتحدة ومدغشقر نهج تسليط الضوء على الصيد الخفي من أجل استعراض مساهمات القطاع الفرعي لمصايد الأسماك صغيرة النطاق لديها وتحديد الفجوات والفرص ذات الصلة لتحسين قاعدة الأدلة المتعددة الأبعاد المتعلّقة بالإدارة والسياسات والحوكمة. علاوة على ذلك، يجري العمل على تقوية قاعدة المعارف المجزأة المتعلّقة بمصايد الأسماك الداخلية بفضل عمليات استعراض من الصين (منظمة الأغذية والزراعة، 2023ز) وغينيا (2023 ،Dia) والهند (منظمة الأغذية والزراعة، سيصدر قريبًا) وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (2023 ،eds ،Valbo-Jørgensenو Baigun).
تدعيم منظمات مصايد الأسماك صغيرة النطاق
تؤدي منظمات مصايد الأسماك صغيرة النطاق دورًا أساسيًا في الدعوة إلى تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق، وتوجيهه. ولدعم دور المرأة – التي تمثل أربعة من كل عشرة أشخاص في مصايد الأسماك صغيرة النطاق – وضعت المنظمة منهجية لرسم خريطة بالمنظمات النسائية المعنية بمصايد الأسماك واستخدمتها في سبعة بلدان (2022 ،Smith). ويعد دور الإشراف البيئي الذي تؤديه مصايد الأسماك صغيرة النطاق، بعدًا آخرًا بات يحظى بإقرار متزايد 2024 ،Hicksو Macnaughtonو Charles).
وقامت مجموعة العمل المعنية بمصايد الأسماك والتابعة للجنة التخطيط الدولية للسيادة الغذائية باستخدام منهجيتها المتمحورة حول الأشخاص لتقييم عملية تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا.
وفي عام 2022، شهدت السنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية (الإطار 24) ومؤتمر الأمم المتحدة للمحيط إطلاق دعوة إلى العمل من صغار الصيادين في جميع أنحاء العالم لدعم تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق.ل
الإطار 24إرث السنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية 2022
بالرغم من استمرار آثار جائحة كوفيد–19، سجّل 61 شريكًا أنفسهم كمؤيدين رسميين للسنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية 2022،* وقام العديد من الشركاء الآخرين باغتنام الفرصة لتركيز انتباه العالم على الدور الذي تؤديه مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية في تحقيق التنمية المستدامة ولتحفيز الحوار والمبادرات والإجراءات ذات الصلة. وأسفر ذلك عن عقد 266 حدثًا في 68 بلدًا، وإصدار 312 مطبوعًا على الأقل في 22 لغة، وإطلاق العديد من المبادرات المبتكرة والمنتجات الترويجية الأخرى، بما في ذلك الأختام الرسمية والمدونات الصوتية وأشرطة الفيديو. ويقدم التقرير النهائي الذي أصدرته المنظمة (منظمة الأغذية والزراعة، 2023أ) لمحة عامة عن أهداف السنة الدولية وأنشطتها وتوصياتها.
وتعكس توصيات السنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية 2022 الرسائل الرئيسية الواردة في خطة العمل العالمية للسنة الدولية والتي تمت المصادقة عليها والارتقاء بها وتوسيع نطاقها طيلة فترة الاحتفالات. وترتبط توصية إضافية برزت بقوة خلال السنة بدور الشباب في تحقيق أهداف التحوّل الأزرق وإجراءاته ذات الأولوية، وتدعو إلى عقد الحوارات وتشاطر المعارف والاضطلاع بأنشطة التوجيه بين الأجيال وإلى دعم إدماج التغيير الحاصل بين الأجيال في عمليات التخطيط للمحافظة على استمرارية مصايد الأسماك التقليدية وتشجيع الابتكار في الوقت نفسه. وتم تجميع توصيات إضافية خاصة بإقليم أمريكا الجنوبية – أُعدّت بدعم من اللجنة الإقليمية المعنية بالسنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية 2022 – كتوصيات في مجال السياسات العامة (منظمة الأغذية والزراعة، 2023ب).
واختتمت السنة الدولية بتوجيه دعوة قوية للحفاظ على الزخم، ذلك أن نهايتها تزامنت مع بداية حقبة جديدة لدعم وتطوير مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الصغيرة النطاق.
وتمثّل أكبر إنجاز للسنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية 2022 في الدعوة التي أطلقتها لجنة مصايد الأسماك لعقد قمة بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق** مرة كل سنتين قبل دوراتها التي تُعقد كل سنتين من أجل تهيئة منصة تشاركية تجتمع فيها الجهات الفاعلة في مجال مصايد الأسماك صغيرة النطاق لتقديم دعم جماعي للتقدم في تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر لعام 2014. وعقدت قمة مصايد الأسماك صغيرة النطاق الأولى في الفترة من 2 إلى 4 سبتمبر/أيلول 2022 في روما ونظّمها كل من مجموعة العمل المعنية بمصايد الأسماك والتابعة للجنة التخطيط الدولية للسيادة الغذائية، والهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط، ومركز الموارد والتعاون في مجال مصايد الأسماك صغيرة النطاق، بدعم من منظمة الأغذية والزراعة. وجمعت القمة أكثر من 140 مشاركًا من أكثر من 40 بلدًا وركّزت على تشجيع المشاركة والحوار بين صغار صيادي الأسماك الحرفيين، والعاملين في مجال صيد الأسماك، والداعمين الرئيسيين، والشركاء، وصانعي القرار. وتشارك الحاضرون التحديات التي يواجهونها وتعاونوا على وضع رؤية مشتركة حول المواضيع الحاسمة المتصلة بمصايد الأسماك الحرفية الصغيرة النطاق. كما أنهم اقترحوا حلولًا قابلة للتنفيذ لحقبة جديدة من الدعم لمصايد الأسماك صغيرة النطاق والمجتمعات المحلية المعتمدة عليها.
** انظر الموقع الإلكتروني لقمة مصايد الأسماك صغيرة النطاق: https://www.fao.org/artisanal-fisheries-aquaculture-2022/events/events-detail/en/c/1601136/
المصادر: FAO. 2023a. International Year of Artisanal Fisheries and Aquaculture 2022 – Final report. Rome. https://doi.org/10.4060/cc5034en
FAO. 2023b. Recomendaciones de políticas públicas para el desarrollo sostenible de la pesca y la acuicultura artesanales en pequeña escala en América del Sur - Lineamientos de políticas para las autoridades [Public policy recommendations for the development of sustainable small-scale artisanal fisheries and aquaculture in South America – Policy guidelines for authorities]. Santiago. https://doi.org/10.4060/cc4105es
وشكلت السنة الدولية لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية الحرفية 2022 فرصة لإنشاء شبكة جديدة تعنى بمصايد الأسماك صغيرة النطاق (الشبكة الأيبيرية الأمريكية لمصايد الأسماك الحرفية الصغيرة النطاق) وتضمّ المجتمعات المحلية من جميع أنحاء أمريكا اللاتينية وشبه الجزيرة الأيبيرية، وشبكة تنسيق قارية أفريقية (شبكة AFRIFISH-Net) تضم المنصات دون الإقليمية الأفريقية الخمس للجهات الفاعلة من غير الدول المعنية بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. وأعدت منصة أفريقيا الشرقية تحليلًا للفجوات في السياسات المتعلّقة بتنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق وعرضته على الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي.
وفي آسيا، قامت المجموعة الاستشارية الإقليمية للإطار الاستراتيجي العالمي بغرض مؤازرة تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق، بتنظيم ندوات إلكترونية وأجرت تقييمًا إقليميًا لتنفيذ الخطوط التوجيهية.
أما في منطقة البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، فتسترشد عملية تطوير مصايد الأسماك صغيرة النطاق وحوكمتها بخطة عمل إقليمية لمصايد الأسماك صغيرة النطاق (منظمة الأغذية والزراعة، 2023ح). وفي هذا السياق، يعمل منتدى صغار الصيادين على تنمية قدرات الجهات الفاعلة المعنية بمصايد الأسماك صغيرة النطاق من خلال ندوات إلكترونية وحلقات عملة تفاعلية تتناول مواضيع حددها ممثلو مصايد الأسماك صغيرة النطاق.
آفاق المستقبل: حقبة جديدة من الدعم لمصايد الأسماك صغيرة النطاق
أعادت الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق تأكيد دورها كعامل مسرّع في لفت الانتباه إلى القطاع الفرعي لمصايد الأسماك صغيرة النطاق وتحفيز العمل لدعمه. وينعكس ذلك أيضًا في الزيادة الملحوظة في البحوث المتعلّقة بمصايد الأسماك صغيرة النطاق وفي مشاركة الشركاء في التنمية الجدد، مثل برنامج م مصايد الأسماك صغيرة النطاق التابع لمؤسسة Oak Foundation ومركز مصايد الأسماك صغيرة النطاق ن اللذين يدعمان تنفيذ هذه الخطوط التوجيهية. وأكد العقد الأول من التنفيذ على أهمية العمليات التشاركية كتلك التي يجري تطبيقها في مجال إعداد خطط العمل الوطنية بشأن مصايد الأسماك صغيرة النطاق أو من خلال الشبكات الإقليمية لمصايد الأسماك صغيرة النطاق، وعلى قدرة هذه العمليات على إحداث تغيير دائم، ما يسلّط الضوء على المنافع التي يعود بها وجود شركاء مختلفين يعملون في إطار رؤية واحدة متفق عليها.
ويبقى التنفيذ عملية غير مستقيمة. ويؤدي التعلّم الجماعي ونشر التجارب الناجحة وتشاطر الممارسات الجيدة إلى توليد الثقة بين أصحاب المصلحة وتقويتها. ونتيجة لذلك، يمكن للشركاء الذين لديهم أدوار ومواطن قوة متكاملة أن يتعاونوا، مستفيدين في ذلك من المزيد من الإجراءات التي يتخذها الجميع.
إدارة موارد مصايد الأسماك المشتركة: الدور المتنامي للأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك
تتعرّض الموارد الطبيعية المشتركة بوجه خاص للاستغلال المفرط (2021 ،Molinaو Liu) وهناك اعتراف بأنّ التعاون الدولي بين البلدان التي لديها موارد مشتركة في مجال مصايد الأسماك هو أمر أساسي لإدارة هذه الموارد بشكل فعال.
وأدت إقامة مناطق اقتصادية خالصة بموجب الجزء الخامس من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 إلى توسيع الحدود البحرية إلى 200 ميل بحري من أجل إعطاء الدول الساحلية حقوقًا سيادية لاستغلال الموارد البحرية على نحو مستدام. ولكن تتداخل حدود المناطق الاقتصادية الخالصة مع توزيع العديد من الأنواع، الأمر الذي حوّل الأرصدة غير المقيّدة بالحدود البشرية إلى موارد مشتركة. وبالمثل، تتطلب إدارة أرصدة مصايد الأسماك الداخلية المشتركة التي تمتد على بلدان عديدة، تعاونًا دوليًا ونُهجًا فعالة للتعاون بين المستخدمين.
ومن المرجح أن تزداد أهمية القضايا العابرة للحدود في مجال مصايد الأسماك في السنوات القادمة. فقد زاد عدد البلدان التي تمارس الصيد والعدد الإجمالي لمصايد الأسماك المشتركة زيادة مطردة منذ خمسينات القرن الماضي، الأمر الذي ولّد منافسة إضافية (2015 ،Sumailaو Teh). علاوة على ذلك، يتسبب تغيّر المناخ بتغيير التوزيع الطبيعي للأنواع (Pinsky وآخرون، 2013)، ما يزيد من الحاجة إلى اتفاقات الإدارة الدولية الفعالة (Cheung وآخرون، 2012؛ Pinsky وآخرون، 2018).
وتُعدّ الموارد المائية الحيّة موارد عالمية مشتركة تجري إدارتها بموجب الولايات الوطنية (مثل المياه الإقليمية) ومن جانب منظمات دولية مختلفة وأجهزة إقليمية لمصايد الأسماك.س وتشجّع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الدول على التعاون في ما بينها لصون الموارد البحرية الحيّة وإدارتها من خلال إنشاء منظمات إقليمية لإدارة مصايد الأسماك.
ويعزز التحوّل الأزرق السياسات والحوكمة والمؤسسات الفعالة لدعم مصايد الأسماك من خلال إجراءات تؤدي إلى اعتماد وتنفيذ الصكوك الدولية، وآليات التنسيق الإقليمي، وخطط العمل، والخطوط التوجيهية الجديدة والقائمة.
ولتنفيذ الصكوك والعمليات المعيارية العالمية تنفيذًا فعالًا، يجب دمجها في الأدوات والإجراءات القانونية والسياساتية على المستويين القطري والإقليمي. وفي هذا الصدد، يتيح إضفاء الطابع الإقليمي على حوكمة مصايد الأسماك فرصًا لمعالجة الشواغل المشتركة والقيام في الوقت نفسه بتعزيز أوجه التآزر لتحقيق الأهداف العالمية لأجهزة الأمم المتحدة المعنية (Løbach وآخرون، 2020).
وقامت المنظمة منذ إنشائها، بتشجيع المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك والأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك وبدعمها، بما في ذلك تعاونها من خلال شبكة أمانات الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك.ع ويتسم الدور الذي تؤديه هذه الأجهزة، حاضرًا ومستقبلًا، بأهمية خاصة اليوم في ظل مواجهة البلدان تحديات قديمة وجديدة تتطلب اتخاذ إجراءات تحويلية لتنفيذ الصكوك الدولية لإدارة مصايد الأسماك وحوكمة المحيطات تنفيذًا فعالًا.
ويحتل الاتفاق بشأن التدابير التي تتخذها دولة الميناء الذي اعتمدته المنظمة في عام 2009 لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، الصدارة في جدول الأعمال. ويكتسي دور المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك أهمية بارزة في مختلف الأحكام التي ينص فيها الاتفاق على وجوب تعاون الأطراف بالكامل لتنفيذه بشكل فعال، بما في ذلك من خلال المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك.
وبالمثل، يُعتبر دور المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك بالغ الأهمية في اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن الإعانات لمصايد الأسماك لعام 2022، ذلك أن 80 في المائة من الأعضاء في منظمة التجارة العالمية والبالغ عددهم 164 عضوًا هم أطراف أيضًا في منظمة إقليمية واحدة على الأقل لإدارة مصايد الأسماك و74 عضوًا هم أطراف في أكثر من واحدة من هذه المنظمات. ويهدف الاتفاق الذي يشكل خطوة كبيرة باتجاه تحقيق استدامة المحيطات، إلى حظر الإعانات الضارة بمصايد الأسماك التي يتم تقديمها للأطراف المنخرطة مثلًا في الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، وصيد الأرصدة المستغلة استغلالًا مفرطًا، والعمليات في مناطق أعالي البحار غير الخاضعة لإدارة المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك. كما أنه يحظر جميع الإعانات المقدمة لأنشطة الصيد والأنشطة ذات الصلة التي يُضطلع بها في مناطق تقع خارج ولاية الدول الساحلية ونطاق اختصاص المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك (انظر اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن الإعانات لمصايد الأسماك واستدامة أرصدة مصايد الأسماك ودور المنظمة، الصفحة 169).
وتواجه الإدارة المستدامة لمصايد الأسماك الداخلية تحديًا يتمثل في المنافسة على استخدام المياه من أجل الريّ أو الثروة الحيوانية أو الطاقة الكهربائية المائية والتي تتفاقم بفعل تزايد ندرة المياه وتلوّثها. ولمواجهة هذه التحديات، تشجع المنظمة التعاون وأوجه التآزر بين الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك الداخلية والمنظمات المعنية بإدارة الأحواض والمسؤولة عن أنشطة مثل توليد الطاقة الكهربائية المائية والزراعة والتعدين (الإطار 25).
الإطار 25الإدارة المتكاملة للموارد المائية – حالة حوض نهر كومادوغو يوبي في بحيرة تشاد
تشكل الإدارة المتكاملة للموارد المائية كما حددها برنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 2002، نهجًا شاملًا ينسق بين إدارة المياه والأراضي والموارد ذات الصلة. وهي تهدف إلى تعظيم الرفاه الاقتصادي والاجتماعي بصورة منصفة، مع المحافظة في الوقت نفسه على النظم الإيكولوجية الحيوية. ويتم في الكثير من الأحيان التغاضي عن مصايد الأسماك الداخلية التي تتسم بأهمية بالغة بالنسبة إلى التغذية والأمن الغذائي وسبل عيش العديد من المجتمعات المحلية، في خطط الإدارة المتكاملة للموارد المائية.
وفي حالة حوض نهر كومادوغو يوبي الذي يقع في أعالي بحيرة تشاد في شمال نيجيريا، أظهر تنفيذ الإدارة المتكاملة للموارد المائية كيف يمكن للنُهج المتكاملة أن تضمن تحقيق نتائج منصفة على مستوى الرفاه الاقتصادي والاجتماعي وأن تحافظ في الوقت نفسه على النظم الإيكولوجية الأساسية. وأسفر بناء سدّين كبيرين في سبعينات القرن الماضي – بالاقتران مع السحب المكثف للمياه من أجل الريّ وآثار تغيّر المناخ الإقليمي – عن تغييرات كبيرة في التدفقات الموسمية للنهر، وبالتالي عن تدهور بيئي شديد. وأثرت هذه التغيّرات التي تفاقمت بفعل الأنظمة المجزأة وتداخل المسؤوليات المؤسسية، تأثيرًا سلبيًا على الصيد والزراعة وسبل عيش الرعاة وولّدت نزاعات على استخدام الموارد.
وأمكنت مواجهة هذه التحديات من خلال اعتماد استراتيجية للإدارة المتكاملة للموارد المائية عبر التخطيط لإدارة المستجمعات. وشددت هذه الاستراتيجية على التعاون والمشاركة الفاعلة لجميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك المجموعات الممثلة تمثيلًا ناقصًا مثل النساء. وأعرب القادة المجتمعيون مثل Alhaji M. Ibrahim Chedi الذي هو قائد إحدى القرى وصيّاد أسماك أيضًا، عن استعدادهم لاتخاذ أي تدابير لازمة لضمان سلامة النهر التي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بسبل عيشهم (Barchiesi وآخرون، 2012).
وأدت خطة إدارة المستجمعات واعتماد ميثاق للمياه إلى إنشاء مؤسسات جديدة وتمكين أصحاب المصلحة للمشاركة في عملية التخطيط. وأوصلت هذه المبادرة صوت أصحاب المصلحة في تخطيط الموارد المائية وزوّدتهم بالأدوات اللازمة لإدارة التحديات المحتملة. ويجري الآن نسخ هياكل الحوكمة هذه في مختلف أنحاء نيجيريا وتعزيزها من خلال الهيئة المعنية بحوض بحيرة تشاد.
وأدّى بروز هيكل مجدد لحوكمة المياه إلى تيسير تعزيز الشفافية في تنسيق الموارد المائية بهدف معالجة النظم الإيكولوجية المتدهورة واستعادة الأنماط التقليدية لتدفق النهر. واتسمت الحوارات المفتوحة بأهمية بالغة في الحد من النزاعات، ما عكس تجدد تفاؤل المجتمع المحلي وثقته بإمكانات الحوض. واستجابة لذلك، التزمت حكومات الولايات والحكومة الاتحادية في نيجيريا بتخصيص أموال ضخمة للنهوض بالحوض.
وتشكل مبادرة حوض نهر كومادوغو يوبي مثالًا على المنافع البيئية والاجتماعية التي يعود بها اتباع نهج متكامل ومتعدد القطاعات في إدارة الموارد المائية المشتركة. كما أنها تبيّن أهمية إشراك جميع أصحاب المصلحة في إيجاد الحلول ودعم الممارسات المستدامة في مصايد الأسماك والزراعة وتربية الأحياء المائية والحراجة من أجل بناء مجتمعات محلية قادرة على الصمود. وتظهر دراسة الحالة هذه أن الإدارة الشاملة والجامعة للموارد بالغة الأهمية لتحقيق التنمية المستدامة، وتبرز دور الإدارة المتكاملة للموارد المائية في تيسير تحقيق هذه النتائج.
وفي عام 2023، تم تحقيق إنجاز مهم بفضل اعتماد صك دولي جديد ملزم قانونًا لصون التنوع البيولوجي البحري واستخدامه على نحو مستدام في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية، وهو: الاتفاق بشأن التنوع البيولوجي في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية. وتشدد الأحكام العديدة الواردة في هذا الاتفاق على الحاجة إلى تحقيق الاتساق والتنسيق مع الصكوك الدولية ذات الصلة والأجهزة القطاعية المعنية وإلى تقوية المنظمات القائمة. ولكنه لم يتم التركيز بقدر كافٍ على العلاقة المهمة بين الاتفاق بشأن التنوع البيولوجي في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية وخدمات النظم الإيكولوجية المقدمة في المياه الخاضعة للولاية الوطنية. وهناك في الواقع علاقة بين إدارة البيئة البحرية في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية وإنتاجية مصايد الأسماك والتنوع البيولوجي في المياه الإقليمية (Popova وآخرون، 2019؛ Ramesh وآخرون، 2019). وتتطلب هذه العلاقة وضع أطر تعاونية بين الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك، بحسب الاقتضاء. ويقدم الإطار 26 مثالًا على عمل المنظمة الرامي إلى تعزيز الشراكات لإدارة الموارد في أعالي البحار.
الإطار 26الشراكات لإدارة الموارد في أعالي البحار
تدعو رؤية المنظمة للتحوّل الأزرق إلى إدارة 100 في المائة من مصايد الأسماك إدارة فعالة من أجل تحقيق الأهداف الإيكولوجية والاجتماعية والاقتصادية. كما أنها تسند الأولوية للإجراءات التي من شأنها أن تيسّر تطوير نظم البيانات والمعلومات المبتكرة لدعم صياغة السياسات المتعلّقة بمصايد الأسماك وتقييم هذه المصايد وإدارتها من خلال إقامة شراكات قوية ومعترف بها، خاصة في ما يتعلّق بالموارد في أعالي البحار.
برنامج المحيطات المشتركة. برنامج المحيطات المشتركة (2022–2027) هو شراكة عالمية يموّلها مرفق البيئة العالمية وتجمع منظمات إقليمية لإدارة مصايد الأسماك، ومنظمات حكومية دولية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص بهدف تعزيز الاستخدام المستدام للموارد البحرية وصون التنوع البيولوجي في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية. ويتم تنفيذ البرنامج بصورة مشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويهدف البرنامج إلى إحداث تغييرات تحويلية من خلال استخدام أفضل المعارف والخبرات العلمية التي يملكها أكثر من 65 شريكًا وإلى تشجيع العمل العالمي المنسق والابتكار وتحسين الأداء في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية. ويرد في ما يلي وصف للأنشطة الرئيسية التي تضطلع بها الشراكة.
◂ يقوم مشروع التونة في المحيطات المشتركة بمتابعة العمليات الجارية في خمس منظمات إقليمية لإدارة مصايد أسماك التونة. ويشمل ذلك دعم تنفيذ نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك واعتماد استراتيجيات للصيد خاصة بجميع أرصدة التونة الرئيسية البالغ عددها 23. ويجري تعزيز مصايد الأسماك المستدامة من خلال الحوافز للسوق في أربعة بلدان جزرية نامية تقع في المحيط الهادئ. وتعمل مجموعات العمل المشتركة المعنية بمواضيع ذات اهتمام مشترك والتابعة للمنظمات الإقليمية لإدارة مصايد أسماك التونة على تعزيز التعاون وتبادل الخبرات والدروس المستفادة وتحديد الإجراءات المتسقة المحتملة. ويعمل الشركاء على تعزيز الرصد والمراقبة والإشراف والامتثال من خلال بناء القدرات، والدورات التدريبية، وبعثات دعم الامتثال. وفي ما يتعلّق بالحد من الآثار البيئية التي تحدثها مصايد أسماك التونة، يروّج المشروع لست أدوات مبتكرة تهدف إلى تحسين الرصد، والحد من المصيد العرضي، وزيادة القدرة على التتبع، والحد من التلوّث البحري.
◂ ويقوم مشروع مصايد أسماك المياه العميقة بتطبيق نُهج تشاركية لمواجهة التحديات الفنية والعلمية والإجرائية التي تعترض إدارة الموارد في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية. ويهدف المشروع إلى تعزيز إدارة مصايد أسماك المياه العميقة من خلال التدريب وبناء القدرات لتقييم الأرصدة مثلًا، ومن خلال تطوير الأدوات والخطوط التوجيهية والأطر اللازمة لتنفيذ نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك في ثماني منظمات إقليمية لإدارة مصايد الأسماك، ومن خلال تشجيع الحوار بين مختلف القطاعات. ويسعى المشروع كذلك إلى الحد من آثار مصايد أسماك المياه العميقة على النظم الإيكولوجية البحرية الهشة من خلال رسم خرائط المواقع التي فيها نظم أيكولوجية بحرية هشة ووضع توجيهات بشأن حمايتها، وعلى أسماك القرش في المياه العميقة من خلال وضع دلائل لتحديدها وبروتوكولات لجمع البيانات بشأنها.
◂ وعملت المنظمة على وضع قاعدة بيانات عالمية بشأن النظم الإيكولوجية البحرية الهشة في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية بناءً على طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة (القرار 61/105)، وذلك لمساعدة المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك والترتيبات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك والدول على تشاطر المعلومات ورفع مستوى وعي واضعي سياسات مصايد الأسماك والمديرين والعلماء والجمهور العريض حول مصايد أسماك المياه العميقة وتفاعلاتها مع النظم الإيكولوجية البحرية الهشة. وتشكل قاعدة البيانات هذه – التي تمثل مجهودًا مشتركًا بين ثماني منظمات إقليمية لإدارة مصايد الأسماك ومنظمة الأغذية والزراعة – مثالًا جيدًا على الشراكة لدعم إدارة الموارد في أعالي البحار.*
◂شراكة نظام رصد الموارد السمكية: تهدف شراكة نظام رصد الموارد السمكية** إلى تيسير الحصول على المعلومات العالية الجودة القائمة على الموقع الإلكتروني والمتعلّقة بموارد مصايد الأسماك البحرية العالمية وإدارتها. وتسعى الشراكة إلى تزويد صانعي القرار بالمعلومات اللازمة لوضع سياسات مصايد الأسماك الفعالة وفقًا لمدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد. وتجمع الشراكة – التي تم إنشاؤها في عام 2004 – ما مجموعه 22 مؤسسة، بما فيها 18 منظمة حكومية دولية تمثّل 23 من الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك التي تساهم بما يزيد عن 1 000 سجل من أصل 2 400 من سجلات قوائم الجرد التي يضعها نظام رصد الموارد السمكية في ما يتعلّق بوحدات تقييم الأرصدة وحوالي 300 من مصايد الأسماك التي تقوم هذه المنظمات برصدها أو توجيهها أو إدارتها.
وترد بين المعلومات المتعلّقة بالموارد في أعالي البحار التي يتم تشاطرها بواسطة نظام رصد الموارد السمكية، التقارير التي ترفعها المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد أسماك التونة الخمسة في ما يتعلّق بمصيد التونة والأنواع الشبيهة بالتونة الخاص بكل منطقة إلى الأطلس العالمي للتونة التابع لنظام رصد الموارد السمكية والذي تم إصداره في مايو/أيار 2022؛ ويرفع شركاء المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك في أعماق أعالي البحار تقارير منتظمة عن حالة إدارة مصايد الأسماك الواقعة تحت ولايتهم.
وتشمل القرارات الاستراتيجية الصادرة عن نظام رصد الموارد السمكية للعقد القادم، نشر البيانات المتعلّقة بحالة الأرصدة في الوقت المناسب دعمًا لتحقيق المؤشر 14-4-1 من أهداف التنمية المستدامة (نسبة الأرصدة السمكية ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا) من أجل الإبلاغ عن إدارة مصايد الأسماك في سياق اللجنة الفرعية الجديدة المختصة بإدارة مصايد الأسماك والتابعة للجنة مصايد الأسماك، الأمر الذي يساهم في جمع البيانات عن مصايد الأسماك صغيرة النطاق وتشجيع التشغيل البيني لنظم البيانات.
** انظر: FAO. 2023. Fisheries and Resources Monitoring System (FIRMS). في: منظمة الأغذية والزراعة [ورد ذكره في 28 سبتمبر/أيلول 2023]. https://firms.fao.org/
وظهرت قضايا تداخل الولايات وتجزئتها في ظل وجود أكثر من 50 جهازًا إقليميًا لمصايد الأسماك يعنى بمصايد الأسماك في المياه البحرية والداخلية في العالم. وكانت مسألة تحسين التعاون والتنسيق بين الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك على مدى سنوات عديدة مدرجة على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وقراراتها المتعلّقة بمصايد الأسماك المستدامة. ويتعاون حوالي 50 في المائة من الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك بصورة فعالة لوضع معايير إحصاءات مصايد الأسماك (انظر التكنولوجيا والابتكار من أجل مصايد أسماك مستدامة، الصفحة 164). وفي عام 2021، طلبت منظمة الأغذية والزراعة إلى الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك أن تعتمد نُهجًا مشتركة إزاء العديد من القضايا المشتركة. وفي عام 2023، عقدت المنظمة مشاورتين إقليميتين لدعم وإعداد إطار لتحديد أولويات التنسيق والتعاون بين الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك من أجل تحقيق الحوكمة الفعالة لمصايد الأسماك. ونتيجة لذلك، اجتمعت منظمات من الإقليم نفسه لتبادل الآراء واكتساب معلومات قيمة عن المسائل والمواضيع التي تثير اهتمامًا وقلقًا مشتركين، ولإيجاد الحلول وتحديد الأدوات والخدمات الداعمة (منظمة الأغذية والزراعة، 2023ي). وستواصل المنظمة وشركاؤها تطوير آليات التعاون في مجال إدارة الموارد المشتركة بهدف ضمان خضوع موارد مصايد الأسماك كافة لإدارة فعالة.
إدارة مصايد الأسماك البحرية لتحقيق الاستدامة: التركيز على مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد
تعرّف إدارة مصايد الأسماك على أنها:
العملية المتكاملة المتمثلة في جمع المعلومات، والتحليل، والتخطيط، والتشاور، وصنع القرارات، وتخصيص الموارد، وإعداد وتنفيذ الأنظمة أو القواعد التي تحكم أنشطة مصايد الأسماك، وإنفاذها بحسب الاقتضاء، من أجل ضمان استمرار إنتاجية الموارد وتحقيق الأهداف الأخرى المتعلّقة بمصايد الأسماك (منظمة الأغذية والزراعة، 1997).
وتتناول المادة 7 من مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد المتطلبات والسبل والوسائل الكفيلة بتحقيق الإدارة الفعالة لمصايد الأسماك. وتتمثل واحدة من الخطوات الأولى الأساسية لتصميم الإدارة الفعالة لمصايد الأسماك وتنفيذها في الاتفاق على الأهداف التي يفضل صياغتها بشكل رسمي في خطط للإدارة. وتشدد المادة 7-2 على الحاجة إلى وضع أهداف طويلة الأجل بشأن الإدارة من دون التأثر بالاعتبارات القصيرة الأجل. وهذا أمر بالغ الأهمية – ولكن صعب جدًا – في سياق الضعف أو عدم الاستقرار الذي تعاني منه الترتيبات المؤسسية. وفي هذا الصدد، من المهم جدًا تمكين أصحاب المصلحة والمؤسسات من تصميم القرارت المتعلّقة بإدارة مصايد الأسماك وتنفيذها ورصدها ومن ضمان الامتثال للأنظمة، الأمر الذي يؤدي إلى قيام مصايد أسماك قادرة على الصمود، وتحسين سبل العيش، وتحقيق استدامة الموارد في الأجل الطويل. وتكتسي الأطر المؤسسية والتنظيمية، جنبًا إلى جنب مع رأس المال الاجتماعي والثقافي والبشري، أهمية بالغة لتحقيق ذلك.
وتشدد رؤية المنظمة للتحوّل الأزرق (منظمة الأغذية والزراعة، 2022أ) على الحاجة إلى تسريع وتيرة وضع السياسات وهياكل الحوكمة والمؤسسات الفعالة من أجل دعم إدارة مصايد الأسماك. وينطوي ذلك على اعتماد الصكوك الوطنية والدولية القائمة وتعزيز آليات التنسيق الإقليمي وتنفيذ خطط العمل الوطنية. وتهدف هذه الرؤية إلى إخضاع نسبة 100 في المائة من مصايد الأسماك للإدارة الفعالة، مع تأمين العمالة الكاملة والمنتجة واللائقة لجميع النساء والرجال في القطاع بحلول عام 2030.
وإن القدرة على إدارة مصايد الأسماك محدودة في العديد من البلدان النامية. ومالت نظم الحوكمة التشاركية إلى وضع استجابات متعمدة وجماعية لتقوية إدارة مصايد الأسماك. ويمكن للدروس المستفادة من مختلف أشكال الإدارة التقليدية والمجتمعية أن تكون مفيدة في توجيه عملية تنفيذ هذه الاستجابات (Galappaththi وآخرون، 2021). ويتسم التدريب الصحيح وتنمية قدرات الموظفين في القطاع والحكومة الذين يدعمون الإدارة والحوكمة الفعالتين والتشاركيتين لمصايد الأسماك، بأهمية بالغة ولا سيما في سياق مصايد الأسماك صغيرة النطاق. ويقوم القسم 5 من الجزء الثاني من الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر، بتوفير مسار عمل شامل لتعزيز تطوير نظم الإدارة المشتركة التكيفية مع إسناد دور نشط للمجتمعات المحلية الممكنة في حوكمة حيازة مصايد الأسماك صغيرة النطاق وإدارة الموارد (منظمة الأغذية والزراعة، 2015).
وتقرّ مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد بالحاجة إلى الذهاب إلى أبعد من ضمان استدامة موارد مصايد الأسماك في الأجل الطويل وتعزيز استخدامها الأمثل لدعم تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية (المادة 7-4-5). وخلال الجزء الأكبر من القرن العشرين، تمحورت أهداف إدارة مصايد الأسماك إلى حد كبير حول تعظيم غلة مصايد الأسماك الطبيعية. وركّزت معظم أساليب تقييم الأرصدة المطبقة في البلدان المتقدمة التي لديها قدرات فنية وموارد كبيرة، على كيفية تقدير الغلة المثلى من فرادى الأنواع داخل مصايد أسماك محددة. أما في القرن الحادي والعشرين، فقد اتسع نطاق أهداف إدارة مصايد الأسماك بشكل تدريجي لمعالجة المخاطر التي ينطوي عليها الإفراط في صيد الأرصدة المستهدفة وحماية التنوع البيولوجي لهذه الأرصدة وللنظم الإيكولوجية البحرية الأوسع (Caddy ا، 1999؛ Cochraneا، 2000؛ منظمة الأغذية والزراعة، 1995؛ اMaceا، 2001). وانطوت هذه التغيّرات على زيادة الاعتراف بالنُهج الوقائية في إدارة مصايد الأسماك وتطويرها وتنفيذها (المادة 7-5). واتسع نطاق أهداف الإدارة بشكل تدريجي ليشمل النظر في النظم الاجتماعية والإيكولوجية الأوسع التي تعمل فيها مصايد الأسماك. وقد أسفر ذلك عن اعتماد واسع النطاق لنهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك الذي يغطي المجموعة الواسعة من الأهداف الإيكولوجية والاقتصادية والاجتماعية.ف
وعلى صعيد فرادى مصايد الأسماك، يمكن السعي إلى تحقيق العديد من هذه الأهداف ولكن ليس بالضرورة جميعها: فقد تكون بعض الأهداف خاصة بالسياق الفريد لمصايد أسماك فردية، فيما قد يكون لبعضها الآخر وزن أكبر من غيرها. وفي بعض مصايد الأسماك، تكون الأهداف محددة بشكل صريح كما مثلًا في خطة لإدارة مصايد الأسماك؛ أما في سياقات أخرى، فقد يشار إلى الأهداف بصورة ضمنية فقط كجزء من أهداف الإدارة الأوسع.
ومع اتساع نطاق أهداف إدارة مصايد الأسماك، أقرّ المديرون بالحاجة إلى النظر في المقايضات ذات الصلة. وتشمل المقايضات المشتركة بين الأهداف، المصيد (هدف إنتاج الأغذية) مقابل نطاق الاستنفاد المقبول للأرصدة. وقد يتعارض الهدف الاجتماعي من استحداث فرص العمل مع زيادة الكفاءة أو الربحية الاقتصادية. وبالمثل، يمكن للتقليل من الآثار على البيئة المائية – من خلال الحد بشكل ملحوظ من الصيد أو عدم ممارسته – أن يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي أو البطالة أو المنافع الاقتصادية. وتتطلب المقايضات بين تصدير المصيد إلى الأسواق الدولية المربحة وبيعه في السوق المحلية في الكثير من الأحيان إجراء تقييم للعائدات الاقتصادية مقارنة بالأثر الاجتماعي على الأمن الغذائي والتغذية. ويتوقف تحقيق التوازن المناسب بين الأهداف المتعارضة إلى حد كبير على السياسات الوطنية والأهداف الخاصة بمصايد الأسماك، إذ تقيّم البلدان المختلفة (أو القيّمون على إدارة مصايد الأسماك داخل البلد نفسه) الأهداف البديلة بطرق مختلفة. وتوصي المادة 10 من مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد بصنع القرارات (عند المقارنة بين أهداف الإدارة) على أساس البحوث المتعددة الاختصاصات من أجل تقييم المنافع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعود بها موارد مصايد الأسماك. وتحقيقًا لهذه الغاية، قامت منظمة الأغذية والزراعة والمركز العالمي للأسماك وجامعة ديوك مؤخرًا بإعداد وإصدار دراسة لشرح المساهمات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والتغذوية التي تقدمها مصايد الأسماك صغيرة النطاق والإبلاغ عنها (منظمة الأغذية والزراعة والمركز العالمي للأسماك وجامعة ديوك، 2023). وفي عام 2020، أفاد الأعضاء في المنظمة بأن حوالي 92 في المائة من مصايد الأسماك في المتوسط كانت خاضعة لخطط للإدارة في البلدان المتقدمة، مقارنة بنسبة 60 في المائة فقط في البلدان النامية. وتتسع الفجوة عند النظر في نسبة خطط إدارة مصايد الأسماك التي يجري تنفيذها بالفعل: 92 و56 في المائة على التوالي.ص وتتمثل واحدة من المشاكل الرئيسية التي تم الإبلاغ عنها في الافتقار إلى القدرة على تصميم خطط الإدارة وتنفيذها في البلدان النامية، وبخاصة في ما يتعلّق بمصايد الأسماك صغيرة النطاق.
وتؤكد خارطة طريق المنظمة للتحوّل الأزرق من جديد على التزام المنظمة بدعم تنمية القدرات لاعتماد وتنفيذ خطط واستراتيجيات إدارة مصايد الأسماك التي تراعي المقايضات وتعالج الأهداف الإيكولوجية والاجتماعية والاقتصادية. كما أنها تشترط أن تستند عملية تصميم خطط واستراتيجيات الإدارة وتنفيذها ورصدها إلى أفضل العلوم والبيانات المتاحة، بما في ذلك المعارف التقليدية، للاسترشاد بها في قرارات الإدارة.
وتعزى رداءة البيانات في الكثير من الأحيان إلى عدم كفاية الموارد المالية والبشرية لإقامة نظم دقيقة لجمع البيانات أو إلى عدم كفاية القدرات الفنية لتحليل البيانات المتوافرة وتفسيرها. ولقد تم تنفيذ نُهج متعددة لمعالجة أوجه القصور في مجال البيانات والمعلومات، بما في ذلك إقامة الشراكات مع القطاع لتقاسم المعلومات التي تم جمعها خلال الصيد (Mackinson وآخرون، 2023)، وإضفاء الطابع المؤسسي على برامج جمع البيانات القائمة على المجتمعات المحلية بالتشاور مع صيادي الأسماك والعلماء (Schroeter وآخرون، 2009؛ Haridhi وآخرون، 2021)، وتعظيم استخدام المعارف التقليدية (Al Mamun وآخرون، 2023)، وتطوير القدرات الفنية لتصميم نظم جمع البيانات الفعالة من حيث الكلفة وإدارة البيانات والمعلومات وتنظيمها وتفسيرها وتحليلها (Gutierrez وآخرون، 2023). ومع أن تنفيذ هذه الحلول آخذ في التزايد، تبقى البيانات المتوافرة بشأن العديد من مصايد الأسماك محدودة، الأمر الذي يتطلب النظر في اتباع نهج وقائي. وكما تنص عليه مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد، "ينبغي ألّا يكون عدم وجود معلومات علمية كافية مبررًا لإرجاء تدابير الصون والإدارة أو عدم اتخاذها".
وتقوم المدونة، والخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق، ونهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك، ورؤية التحوّل الأزرق، مجتمعة بتعزيز إدارة مصايد الأسماك المسؤولة بيئيًا واجتماعيًا الضرورية لضمان حيوية النظم الإيكولوجية المائية والتقاسم المنصف للمنافع. كما أنها توفر الأساس اللازم لإعداد أطر الحوكمة المناسبة لإدارة مصايد الأسماك والتي تحترم المعارف والممارسات التقليدية وتدمجها في نُهج الإدارة البيئية والاقتصادية والاجتماعية الأوسع نطاقًا (الإطار 27).
الإطار 27برنامج نانسن لنهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك: الإنجازات في مجال إدارة مصايد الأسماك وتقييمها
يشكل برنامج نانسن شراكة قائمة منذ أمد طويل بين منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والنرويج بهدف تحسين مساهمة نظم الأغذية المائية في الأمن الغذائي والتغذوي في البلدان الشريكة.
وفي عام 2017، قامت الوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي ومنظمة الأغذية والزراعة والمعهد النرويجي للبحوث البحرية بالتوقيع على مرحلة جديدة من اتفاق برنامج نانسن لنهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك. وكان من شأن ذلك أن يوسع نطاق الدعم الذي يقدمه البرنامج لتنفيذ نهج النظام الإيكولوجي في إدارة مصايد الأسماك وأن يزيد الجهود التي يبذلها البرنامج للتصدي للتهديدات الناشئة المحدقة باستدامة المحيطات، بما في ذلك تغيّر المناخ، بالاتساق مع رؤية المنظمة للتحوّل الأزرق.
وحقق البرنامج العديد من الإنجازات المهمة من خلال توليد المعارف بشأن الموارد والنظم الإيكولوجية البحرية، وتعزيز تنفيذ إطار نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك، وتنمية قدرات الشركاء في مجال البحوث والإدارة الخاصة بمصايد الأسماك.
وبين عامي 2017 و2023، استضافت سفينة Dr Fridtjof Nansen البحثية 672 باحثًا (216 باحثة و456 باحثًا) من 42 بلدًا لاكتساب المعارف والبيانات والمعلومات وتحليلها من أجل استخدامها لإسداء المشورة في مجال إدارة مصايد الأسماك. وأسفر البرنامج عن صدور أكثر من 100 مطبوع علمي بشأن مجموعة واسعة من المواضيع العلمية التي شملت الإيكولوجيا، والبيولوجيا، والقيمة التغذوية، والموائل، وتغيّر المناخ. وتم اكتشاف 24 نوعًا بحريًا جديدًا، الأمر الذي رفع المجموع إلى 88 نوعًا جديدًا منذ انطلاق البرنامج.
وساهم البرنامج في عمليات إسداء المشورة العلمية التي اضطلعت بها منظمات إقليمية مثل لجنة مصايد أسماك شرق وسط الأطلسي، وهيئة مصايد أسماك جنوب غرب المحيط الهندي، واتفاقية تيار بنغويلا، ومنظمة مصايد الأسماك في جنوب شرق المحيط الأطلسي، حيث أجرى دراسة استقصائية بحرية وساند عمليات التحليل والتقييم التي أجرتها مجموعات العمل العلمية الإقليمية وقام بنشر المشورة والمعارف والمعلومات في الاجتماعات الدستورية التي عقدتها هذه المنظمات.
وقام البرنامج أيضًا بتطوير أداة تشخيص لتنفيذ نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك من خلال الأطر السياساتية والقانونية بغية دعم الشركاء في تقييم درجة الاتساق مع هذا النهج (منظمة الأغذية والزراعة، 2021أ). وخضع ما مجموعه 144 شخصًا (44 امرأة و100 رجل) للتدريب على استخدام هذه الأداة، وتم إعداد 31 تقريرًا وطنيًا لتقييم نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك، وحصلت ستة بلدان على الدعم لاستعراض تشريعاتها وسياساتها المتعلّقة بمصايد الأسماك من أجل مواءمتها بشكل أفضل مع نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك. وتمت مساعدة تسعة بلدان وإقليمين من خلال توفير خطط لإدارة مصايد الأسماك الوطنية ومصايد الأرصدة المشتركة تمتثل لنهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك. وتم تطوير أداة مختلفة لرصد تنفيذ نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك، وخضع أكثر من 250 من أصحاب المصلحة المعنيين بمصايد الأسماك للتدريب على تطبيق هذه الأداة في 40 من مصايد الأسماك في سبعة بلدان أفريقية من أجل تحديد خطوط الأساس ورصد التقدم المحرز. وبفضل التدريب المحدد الأهداف، تم تعزيز قدرة 794 شخصًا (301 امرأة و493 رجلًا) من المؤسسات الشريكة في ما يتعلّق بنهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك، وإدارة الأرصدة المشتركة، وتعميم مراعاة المساواة بين الجنسين، وتحليل بيانات الدراسات الاستقصائية، وأساليب وأدوات تقييم الأرصدة، وممارسات جمع البيانات.
ويدخل برنامج نانسن لنهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك في عام 2024 في مرحلة جديدة تمتد على خمس سنوات وتقوم على الدروس المستفادة والإنجازات التي تحققت في السنوات السابقة. وسيركز البرنامج بدرجة أكبر على العلاقة بين إدارة مصايد الأسماك والعلوم، وعلى توثيق الروابط بإطار حوكمة المحيطات الأوسع نطاقًا من أجل المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وعقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة (2021–2030).

FAO/Mariano Silva ©

FAO/Mariano Silva ©
منظمة الأغذية والزراعة. 2021ب. Ecosystem approach to fisheries implementation monitoring tool – A tool to monitor implementation of the ecosystem approach to fisheries (EAF) management. User manual. Rome. https://doi.org/10.4060/cb3669en
تطوير طريقة تقييمنا لحالة أرصدة مصايد الأسماك البحرية
تجري المنظمة منذ إصدارها الاستعراض العالمي لأرصدة مصايد الأسماك البحرية للمرة الأولى في عام 1971 (Gullandا، 1971)، تقييمًا منتظمًا لحالة موارد مصايد الأسماك البحرية في العالم ويتم الإبلاغ عن هذه النتائج منذ عام 1997 في تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم. ويتمثل الهدف من عمليات التقييم التي تجريها المنظمة في توفير لمحة عامة عن حالة موارد مصايد الأسماك البحرية الإقليمية والعالمية لدعم صياغة السياسات وإجراءات الإدارة من أجل ضمان استدامة موارد مصايد الأسماك في الأجل الطويل. وشهدت أساليب التقييم والبيانات الداعمة لها تغيّرات كبيرة على مر الزمن. وتم اعتماد المنهجية المتبعة حاليًا في عام 2011 (منظمة الأغذية والزراعة، 2011أ)، فيما لم تتغيّر قائمة أرصدة مصايد الأسماك التي يجري النظر فيها من أجل المحافظة على سلامة السلاسل الزمنية. ولقد حان الوقت لتحديث منهجية التقييم وقائمة أرصدة مصايد الأسماك من أجل الاستجابة للتغيّرات الحاصلة في إدارة مصايد الأسماك البحرية العالمية وضمان سلامة السلاسل الزمنية في الوقت نفسه.
سوف تتسم المنهجية المحدّثة بقدر أكبر من الشفافية، وستوضع صيغات شكلية جديدة لرفع التقارير، وسيجري العمل بصورة مباشرة أكثر مع المجتمع المتنامي من خبراء ومراكز التقييم والإدارة في البلدان الأعضاء. وستبدأ العملية بوضع استراتيجية إقليمية لتحديث قائمة الأرصدة التي يشملها التحليل في كل إقليم بما يعكس الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي السائد حاليًا في مصايد الأسماك في جميع أنحاء العالم بشكل أفضل. وسيتحقق ذلك بالتعاون مع المراكز والخبراء المحليين من خلال عقد حلقات عمل إقليمية وأشكال جديدة من المشاورات، بما في ذلك لإعداد التقديرات الخاصة بالمؤشر 14-4-1 من أهداف التنمية المستدامة (المتمثل في نسبة الأرصدة السمكية ضمن المستويات المستدامة بيولوجيًا (انظر حالة مؤشرات الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة التي ترعاها منظمة الأغذية والزراعة، واتجاهاتها، الصفحة 101).
ومن ثم سيتم تطبيق نهج للتقييم المتدرج تبعًا لجودة البيانات والمعلومات التكميلية المتوافرة لكل إقليم:
- المستوى 1 – الأرصدة التي تتوافر بشأنها عمليات تقييم تقليدية للأرصدة وتُعتبر موثوقة. يتم استخدام النتائج الرسمية كما أبلغت عنها الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك أو السلطات الوطنية.
- المستوى 2 – الأرصدة التي لا تتوافر بشأنها عمليات تقييم رسمية، ولكن يمكن اعتماد نُهج بديلة لها (مثل تحليل انخفاض الأرصدة + (SRA+)ق). وينطبق ذلك إذا كانت هناك معلومات تكميلية، مثل البيانات الخارجية عن عمليات الإنزال مع مؤشرات الوفرة (أو معايير المصيد الموحّدة لكل وحدة جهد والمعتمدة على مصايد الأسماك) أو عندما تكون مؤشرات الاستنزاف التي يقودها الخبراء (في غياب معايير المصيد لكل وحدة جهد/بيانات الوفرة) متاحة لاشتقاق حالة أرصدة معينة.
- المستوى 3 – إذا لم تكن البيانات كافية لنهجي المستوى 1 أو المستوى 2، يتم استخدام نهج يوازن بين الأدلةر لتصنيف حالة الأرصدة بناءً على المعلومات النوعية/شبه الكمية (Souza وآخرون، سيصدر قريبًا).
يعرض الإطار 28 مؤشرات حالة الأرصدة لمنظمة الأغذية والزراعة لعام 2021 والتي تم الحصول عليها باستخدام المنهجية الحالية والمحدثة الناتجة عن المجموعة الأولى من المشاورات الإقليمية التي أجريت في ستة مجالات إحصائية لمنظمة الأغذية والزراعة. عُرضت نتائج هذه المشاورات على الدورة الأولى للجنة الفرعية المعنية بإدارة مصايد الأسماك التابعة للجنة مصايد الأسماك في يناير/كانون الثاني 2024، مع مقارنة المقاييس المشتقة باستخدام المنهجية الحالية والمحدثة لعام 2019. وسيجري وصف المنهجية بالتفصيل في نسخة ستصدر قريبًا من الورقة الفنية بعنوان استعراض حالة موارد مصايد الأسماك البحرية في العالم.
الإطار 28المشاورات الإقليمية بشأن تقييم أرصدة مصايد الأسماك البحرية
عُقدت المشاورات الإقليمية بشأن النهج الجديد لتقييم الأرصدة بصورة افتراضية بين عامي 2022 و2023 بالنسبة إلى: (1) المنطقة 31 (غرب وسط المحيط الأطلسي)؛ (2) والمنطقة 34 (شرق وسط المحيط الأطلسي)؛ (3) والمنطقة 37 (البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود)؛ (4) والمنطقة 41 (جنوب غرب المحيط الأطلسي)؛ (5) والمنطقة 51 (غرب المحيط الهندي)؛ (6) والمنطقة 57 (شرق المحيط الهندي). وتم توسيع نطاق مشاركة الخبراء والمحللين المحليين والإقليميين: فقد تم تدريب 200 شخص وجهًا لوجه و65 شخصًا إضافيًا بصورة افتراضية؛ وتمت استشارة 63 بلدًا في ما يتعلّق بمؤشر حالة الأرصدة لمنظمة الأغذية والزراعة؛ وزادت الأرصدة التي جرت دراستها من 189 مجمعة إلى 1 093 مصنفة (انظر الجدول).
مقارنة مؤشرات حالة الأرصدة لمنظمة الأغذية والزراعة: المنهجيات الحالية مقابل المنهجيات المحدثة في ستة مناطق رئيسية لصيد الأسماك تابعة لمنظمة الأغذية والزراعة (السنة المرجعية 2021)

* تُعتبر البيانات الخاصة بالمنطقتين 37 و51 بيانات أولية.
المصدر: من إعداد المؤلفين.
نتائج المرحلة التجريبية
في حين أن النتائج الخاصة بالمنطقتين 51 و37 لا تزال أولية، وبالنسبة للمنطقتين 41 و34، فإن النسبة المئوية للأرصدة المستغلة استغلالًا مفرطًا متشابهة نسبيًا (41.2 في المائة مقابل 39.3 في المائة مستغلة استغلالًا مفرطًا في المنطقة 41، و51.3 في المائة مقابل 48.8 في المائة مستغلة استغلالًا مفرطًا في المنطقة 34)، مقارنة مع انخفاض كبير من 42.0 إلى 31.8 في المائة في المنطقة 31 ومن 36.5 إلى 28.9 في المائة في المنطقة 57 (انظر الشكل). ومن المحتمل أن يكون سبب التراجع المسجل في هاتين المنطقتين هو إضافة العديد من الوحدات الأصغر حجمًا التي تتسم بالأهمية على المستوى الإقليمي، الأمر الذي أدى إلى زيادة الأرصدة ذات الأهمية التي يتم صيدها بشكل مستدام وتراجع نسبة الأرصدة المستغلة استغلالًا مفرطًا.
مقارنة الأرقام القياسية لحالة الأرصدة: المنهجيات الحالية مقابل المنهجيات المحدثة في أربعة مناطق رئيسية لصيد الأسماك تابعة لمنظمة الأغذية والزراعة (السنة المرجعية 2021)

المصدر: من إعداد المؤلفين.
معلومات مصوّرة عن المنطقة 57 تبيّن أهمية مصايد الأسماك من حيث القيمة الاقتصادية، والعمالة، وجهود الصيد، وحالة الأرصدة في الإقليم

وأسفرت بعض المشاورات أيضًا عن إنتاج معلومات مصوّرة توليفيّة مفيدة كما هو مبيّن في المنطقة 57. ويوضح الرسم البياني بيانات مصايد الأسماك الرئيسية من المنطقة، بما في ذلك حالة الأرصدة وأهمية مصايد الأسماك من حيث سفن الصيد والصيادين.
ودعمت المشاورات التي عقدت على المستوى الإقليمي المعلومات المستمدة من مطبوعات المنظمة في ما يتعلّق بهذه المعلومات المصوّرة لنقل الرسالة إلى الإقليم بكامله. ويمكن أن يكون ذلك مفيدًا لإعداد موجزات السياسات على المستوى الإقليمي أو القطري.
ونظرت اللجنة الفرعية في برنامج عمل مفصل يهدف إلى دعم تحقيق أهداف تحديث مؤشر حالة الموارد البحرية. ويقدم هذا البرنامج أمثلة على التحليل المتدرج ونُهج التواصل (انظر مخطط المعلومات البياني في الإطار 28) التي سترد في طبعة عام 2026 من هذا التقرير بعد تنفيذها على نطاق واسع في معظم المناطق الإحصائية للمنظمة. وستستفيد عملية تحديث المنهجية من الجهود التي تبذلها الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك وغيرها من الشركاء في شراكة نظام رصد الموارد السمكية (انظر الإطار 26، الصفحة 155) لجمع عمليات التقييم المنشورة وتشاطرها ونشرها في الوقت المناسب ولإدارة قائمة فريدة بالأرصدة التي جرى تقييمها من خلال قاعدة بيانات مخصصة تحفظ تحليل حالة الأرصدة. وتهدف العملية أيضًا إلى زيادة قدرة المؤسسات الوطنية والإقليمية المعنية بمصايد الأسماك على تقييم حالة الأرصدة باستخدام أدوات مبتكرة ومنصات افتراضية، مثل بيئة i-marine للبحوث الافتراضية. وسيشجّع البرنامج زيادة المشاركة في التحليل العالمي. وسيتم تعزيز المشاركة النشطة للمؤسسات الوطنية القادرة على تقديم تحليلاتها بصورة منتظمة كمدخلات في المطبوع الأساسي للمنظمة بالتزامن مع رفع التقارير عن التقدم المحرز على المستوى الوطني في ما يتعلّق بالمؤشر 14-4-1 من أهداف التنمية المستدامة. ومن شأن ذلك أن يدعم التقارب التدريجي بين إجراءات إعداد التقارير وسوف يسمح بالتوسع في استخدام هذا المؤشر لأهداف متعددة.
أولويات الإدارة الخاصة بمصايد الأسماك الداخلية
تعدّ مصايد الأسماك الداخلية صغيرة النطاق بمعظمها وتتسم في الكثير من الأحيان بطابع منعزل أو موسمي أو متقطع. كما أنها تشمل في غالب الأحيان أنواعًا متعددة يُعتبر العديد منها أنواعًا مهاجرة تسافر عادة مسافات كبيرة. إضافة إلى ذلك، تتأثر مصايد الأسماك الداخلية بضغوط الصيد والعوامل البيئية التي يمكن أن تتأثر بدورها بعوامل خارجية تشمل تغيّر المناخ، وتوليد الطاقة الكهربائية المائية، وتطوير الريّ، والتلوّث، واستخراج المياه. ونظرًا إلى تنوع مصايد الأسماك الداخلية وتشتتها، تجري إدارتها في معظم الأحيان من جانب المجموعات المحلية والشعوب الأصلية التي تستخدم المعارف وممارسات الإدارة التقليدية. وتتكيّف هذه الممارسات عادة مع التغيير، بما في ذلك في فرص كسب المعيشة الأخرى. وسيسمح تسليط الضوء على المعارف والخبرات المتأصلة في هذه الممارسات بزيادة المشاركة في التقييمات والجمع بين الاختصاصات فيها، الأمر الذي يؤدي إلى اكتساب أفكار جديدة عن المساهمات الخفيّة في غالب الأحيان التي تقدمها مصايد الأسماك الداخلية في تحقيق الأمن الغذائي والتخفيف من حدّة الفقر (انظر الإطار 25، الصفحة 154).
ولا تقدم بيانات المصيد وحدها معلومات كافية عن حالة مصايد الأسماك الداخلية. فمن الضروري معالجة العلاقات والروابط القائمة في العديد من مصايد الأسماك مع البيئات المائية الأوسع نطاقًا ومع المجتمعات المحلية والنظم الغذائية. ويتطلب ذلك اتباع نُهج منهجية توسّع نطاق التقييم وتكون ذات صلة بالنسبة إلى الواقع العملي.
عمليات التقييم التشاركية والمتكاملة
يلبّي نهج النظام الإيكولوجي في مصايد الأسماك هذه الاحتياجات من خلال توسيع نطاق عمليات التقييم لتشمل الجوانب الإيكولوجية، والاجتماعية، والاقتصادية، والقانونية، والمؤسسية. ويقرّ هذا النهج أيضًا بأهمية معارف الشعوب الأصلية والمعارف المحلية بالنسبة إلى التخطيط والإدارة المشتركة. وتحتاج النُهج والأساليب المعتمدة إلى معالجة هذا الترابط، مع دعم الاحتياجات إلى التقييم في مصايد الأسماك الديناميكية والمشتتة التي تتوافر لها بيانات وموارد محدودة. وهذه هي حال نُهج النمذجة التطبيقية والمستندة إلى الطول التي يمكن توسيع نطاقها لقياس أدوار وقيم مصايد الأسماك الداخلية وعلاقتها بأنشطة كسب العيش والأماكن الأخرى. وتحتاج هذه النُهج إلى إظهار الممارسات الاقتصادية المتنوعة التي تحصل في مصايد الأسماك الداخلية، بما في ذلك التعاون وتقديم الهدايا والمبادلة والاستثمارات الجماعية في الإدارة، والتي يمكنها أن تحد من النزاعات وتيسّر الحماية الاجتماعية.
التقييم على نطاق الأحواض
يميل مديرو مصايد الأسماك الداخلية إلى أن يكون لهم القليل من التأثير على القرارات المتعلّقة باستخدام المياه والأراضي على نطاق المستجمعات أو الأحواض، أو دور محدود في صنعها. ويمكن لتهميش مصالح مصايد الأسماك أن يكون له تداعيات كبيرة على الموائل المائية والمجتمعات المحلية المعتمدة عليها، ولذلك فإنه من المهم تطوير أشكال متكاملة وشاملة من عمليات التقييم على نطاق الأحواض. ويقوم أحد نُهج الأحواض بتقييم وعرض أنواع التهديدات ومستوياتها (انظر حالة الموارد السمكية، الصفحة 42)، ويمكنه أن يساعد على تحديد أولويات التدخلات وإظهار كيف تساهم أجزاء مختلفة من الأحواض في مستوى التهديد العام، الأمر الذي يبيّن بالتالي ما هي أولويات الإدارة والصون وإصلاح النظم الإيكولوجية.
مؤشر مصايد الأسماك الداخلية
بناءً على تقييم التهديدات على مستوى الأحواض، تتمثل أولوية أخرى في تطوير الأساليب اللازمة لتتبّع مجموعة من مصايد الأسماك المهمة على المستوى العالمي من خلال شبكة من مؤشرات مصايد الأسماك الداخلية. وتقدم كل واحدة من مصايد الأسماك هذه معلومات عن حالة البيئات المائية في الحوض المعني والاتجاهات السائدة فيها. ومن شأن استخدام إطار مشترك لمؤشر مصايد الأسماك الداخلية أن يوفر الأساس اللازم للتقييمات على المستوى العالمي وفرصًا لتقدم المنظمات المحلية والوطنية والمعنية بالأحواض مساهمات فاعلة. ويمكن لمعايير اختيار مؤشر مصايد الأسماك الداخلية أن تشمل مصايد الأسماك التي يجري رصدها بالفعل وتلك التي يحتمل أن يولّد الرصد فيها معلومات عن الحالة والاتجاهات، بما في ذلك أمثلة عن مصايد الأسماك التي يتوقع أن تتأثر بالتغيير. ويجب أن تشمل المعايير أيضًا المساهمات في الأمن الغذائي، والاقتصادات، وسبل العيش. كما يجب منح الأفضلية لبروتوكولات جمع البيانات الموثوقة والبسيطة، مثلًا لرصد تركيبة المصيد بحسب الأنواع أو المجموعات الإيكولوجية (مثل الأنواع المهاجرة، والأنواع المعمّرة، والأنواع غير المحلية).
التكنولوجيا والابتكار من أجل مصايد أسماك مستدامة
شهد العقد الأخير مجموعة واسعة من التطورات التكنولوجية في ما يتعلّق بمصايد الأسماك المستدامة. وأدت الابتكارات في تكنولوجيات الصيد، مثل معدات الصيد، والسفن، ونظم الدفع، والمعدات على متن السفن لمناولة المصيد وحفظه، إلى تحسين كفاءة الصيد العالمي وقابلية الصيد وجودة الأسماك. ولكن لا تستطيع إدارة مصايد الأسماك والعمليات التشريعية أن تجاري دائمًا وتيرة التغيير. وتشكل الحوافز الاقتصادية والمكاسب في الكفاءة، دوافع رئيسية كامنة وراء الابتكار في المعدات. فعلى سبيل المثال، يمكن لأدوات تجميع الأسماك أن تتضمن أجهزة للتعرّف على أماكن الأسماك وأجهزة مستجيبة لإبلاغ الصيادين عن طريق الأقمار الاصطناعية عن مدى وفرة الأسماك في الأماكن المجاورة. وتستجيب التحسينات في معدات الصيد للوائح الخاصة بمصايد الأسماك من أجل الحد من آثار عمليات الصيد على الموائل المائية والتنوع البيولوجي. وتركّز الابتكارات في شباك الجرّ بشكل عام على التدابير الرامية إلى الحد من المصيد العرضي وتحسين الكفاءة الاقتصادية. ويمكن الرجوع مثلًا إلى استعراض المنظمة لمعدات الصيد بحسب النوع (He وآخرون، 2021) وإلى الخطوط التوجيهية الدولية لإدارة الصيد العرضي والحد من المصيد المرتجع (منظمة الأغذية والزراعة، 2011ج).
ويتشارك العلماء في مجموعة العمل المعنية بتكنولوجيا الصيد وسلوك الأسماك كل سنة الابتكارات في معدات الصيد من حول العالم، بدعم من المجلس الدولي لاستكشاف البحار ومنظمة الأغذية والزراعة (منظمة الأغذية والزراعة، 2023و). إضافة إلى ذلك، يعقد الخبراء الأوروبيون حلقات عمل منتظمة بشأن الابتكار في معدات الصيد براعية المجلس الدولي لاستكشاف البحار، من أجل إنتاج صحائف وقائع عن المعدات وأساليب الصيد الجديدة.
ويتم تبني الابتكارات المتسقة مع الخطوط التوجيهية الطوعية للمنظمة بشأن وسم معدات الصيد (منظمة الأغذية والزراعة، 2019ب) والأدلّة ذات الصلة في جميع أنحاء العالم من أجل تيسير تحديد الجهة المالكة للمعدات والتصدي للتلوّث الناجم عن مصايد الأسماك، بما في ذلك معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة (انظر مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في سياق الاتفاقات العالمية المتعلّقة بالتنوع البيولوجي، الصفحة 205). ويقدم دليل المنظمة بشأن وسم معدات الصيد (Einarsson He وLansleyا، 2023) توجيهات عملية للامتثال لمتطلبات وسم المعدات المحددة في الصكوك والاتفاقات الدولية.
وفي الكثير من الأحيان، تكون الابتكارات في سفن الصيد مدفوعة بالحوافز الاقتصادية، الأمر الذي يؤدي عادة إلى وجود سفن أكبر ذات قدرة صيد أهم من حيث الحمولة والطول وقوة المحرك. وقامت المنظمة مؤخرًا بتحديث استعراضها لسفن الصيد الصناعية بحسب النوع (Thermes وآخرون، 2023)، مع توثيق الاتجاهات السائدة في مجال التصميم ودعم تحسين عملية جمع البيانات الاحصائية بشأن سفن الصيد. وباتت سفن الصيد الصغيرة تُصنع بشكل متزايد من المواد البلاستيكية المعززة بالألياف الزجاجية بدلًا من الخشب. إضافة إلى ذلك، بدأ استخدام سفن الصيد الصغيرة الحجم ذات الهيكل المصنوع من البلاستيك (البولي إثيلين/بولي إثيلين عالي الكثافة) في مصايد الأسماك مؤخرًا. ويسمح ذلك بتعزيز السلامة والمتانة وفرص إعادة التدوير. وهناك أيضًا ابتكارات تكنولوجية لزيادة السلامة في البحر ويتم عرضها في الإطار 29.
الإطار 29الابتكارات التكنولوجية دعمًا للسلامة في البحر
يُعتبر الصيد التجاري أحد أكثر المهن خطورة في العالم. وفي عام 2019، قدّرت المنظمة أن 32 000 حالة وفاة تحدث على نطاق العالم سنويًا في مصايد الأسماك. ولكنّ البحوث الجديدة تشير إلى أن معدل الوفيات في مصايد الأسماك أعلى بمقدار ثلاثة إلى أربعة أضعاف (2022 ،Hollidayو Willis). كما أن الإصابات غير المفضية إلى الوفاة شائعة جدًا هي أيضًا بين الصيادين ومستزرعي الأسماك والعاملين في مجال صيد الأسماك (مثل كسر الذراع أو الساق، والإصابات في الرأس والعنق، وبتر الأصابع واليد والذراع والساق) بالرغم من أنه يتم الإبلاغ عنها إبلاغًا ناقصًا بشكل فادح.
وتقع معظم الحوادث والوفيات في مصايد الأسماك صغيرة النطاق التي تُعدّ مصدر العمالة الأكبر في مصايد الأسماك الطبيعية حول العالم. وتُعدّ الأحوال الجوية السيئة، وتعطل المحركات، والتصادم، والحرائق، وبناء السفن بطريقة غير سليمة، والحمولة الزائدة، والإرهاق، وعدم كفاية تدابير السلامة والتدريب، من بين المخاطر العديدة التي يواجهها الصيادون. ومن الممكن أن يصبح صيد الأسماك والأنشطة ذات الصلة أكثر خطورة في ظل تزايد الطلب على الأغذية المائية في جميع أنحاء العالم وتأثير تغيّر المناخ على ظروف الصيد.
وتعمل المنظمة من خلال المشاريع الميدانية، مع المنظمات الإقليمية والأعضاء وصيادي الأسماك ومجتمعات الصيد المحلية لتحسين تصميم سفن الصيد وبنائها ومعداتها، بما يشمل المواد والأساليب والاستقرار والسلامة. وتنصح المنظمة بوجوب أن تحمل سفن الصيد الصغيرة على متنها معدات وأدوات للسلامة تشمل – كحد أدنى – سترات النجاة، وأطواق النجاة، وبوصلة بحرية، وجهاز اتصال لا سلكي، وتطبيق النظام العالمي لتحديد المواقع من أجل الملاحة، وعدة إسعافات أولية، ومطفأة للحرائق، وشعلات ضوئية لحالات الطوارئ، وجهاز تنبيه راديوي يدل على موقع الطوارئ، ومرساة، ومجاذيف، وأضواء ملاحة للسلامة في الليل.
وتتوقف جدوى تكنولوجيا السلامة على موثوقية المعدات وقدرة الطاقم على استخدامها بشكل صحيح. وعند الصيد في عرض البحر، يجب أن يكون من الممكن التعويل على المحرّك وأن يكون أفراد الطاقم على دراية بكيفية استخدام أجهزة الملاحة والاتصال وإطفاء الحرائق. ويُعتبر توافر سترات النجاة وتقديم التدريب المحدد الأهداف أمرين أساسيين لرفع مستوى الوعي بالسلامة وبناء القدرة على الحد من المخاطر في البحر. ومن الضروري أن تتعاون السلطات وصانعو القوارب ومالكوها وأفراد الطاقم – بالإضافة إلى إشراك شركات التأمين والمجتمعات المحلية – من أجل إيجاد ثقافة السلامة في مصايد الأسماك. ويتزايد استخدام المنصات الرقمية المجتمعية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين السلامة في البحر، مع ما لذلك من تأثير إيجابي على إنقاذ الأرواح والحد من الإصابات.
وتشمل الابتكارات التكنولوجية الحديثة التي من شأنها أن تحسّن سلامة الصيد وظروف العمل على متن السفن، كلًا من نظم سحب الشباك والأشراك الجديدة، وشباك الجرّ المزودة بكاميرات تصوير تحت المياه، والسفن الذاتية التصحيح وغير القابلة للغرق، وسترات النجاة الأكثر أمانًا، ونظم الملاحة ذات القدرات الموسّعة (التي تدمج بيانات وخرائط الأقمار الاصطناعية مع ارتفاع الأمواج، وتيارات المحيطات، والخدمات الجوية، والنظم الإلكترونية لعرض الخرائط والمعلومات، وأجهزة الموجات الصوتية المتعددة الحزم).
وقام المؤتمر الدولي السادس للسلامة والصحة في قطاع مصايد الأسماك الذي استضافته المنظمة في يناير/كانون الثاني 2024، باستعراض الابتكارات التكنولوجية الحديثة الخاصة بالسلامة في مصايد الأسماك الصناعية. ويتعاون المسؤولون عن السلامة البحرية، ومديرو مصايد الأسماك، والصيادون، والخبراء في مجال سلامة الصيد، في أجزاء عديدة من العالم لضمان أن تعود الابتكارات التكنولوجية لتحسين السلامة وظروف العمل على متن السفن بالمنفعة أيضًا على صغار صيادي الأسماك في جميع أنحاء العالم.

FAO/Kolitha Bandara ©

FAO/Kolitha Bandara ©
وأدت التطورات في التكنولوجيات الرقمية إلى تحويل السفن والمعدات وأدوات تجميع الأسماك إلى منصات لجمع البيانات لمجموعة واسعة من الأغراض التي تشمل نظم رصد السفن، ودفاتر التسجيل، وأجهزة الاستشعار للكشف عن الأسماك، وتسجيلات الفيديو، وإدارة مصايد الأسماك (الإطار 30)، وبيانات الاستشعار عن بُعد من قبيل نظام تحديد الهوية الآلي. وتولّد هذه التكنولوجيات وغيرها، مثل الحمض النووي من أجل التوصيف الوراثي أو صور الأقمار الاصطناعية، تدفقات من البيانات الجديدة والضخمة في الكثير من الأحيان، الأمر الذي يتيح فرصًا جديدة لتحسين المعارف العلمية والفنية التي تملكها مصايد الأسماك وتفاعل هذه الأخيرة مع نظمها الإيكولوجية.
الإطار 30الذكاء الاصطناعي يدعم إدارة مصايد الأسماك في المملكة العربية السعودية
سمح نظام للرصد الإلكتروني لمصايد الأسماك أنشأته منظمة الأغذية والزراعة والمملكة العربية السعودية بتحويل عملية جمع البيانات التماثلية إلى نظام رقمي بالكامل لإدارة مصايد الأسماك في البلاد.
فقد عملت المديرية العامة لمصايد الأسماك التابعة لوزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية مع منظمة الأغذية والزراعة لتطوير هذه التكنولوجيا الجديدة التي تمكّن الحكومة من أتمتة عملية جمع البيانات والإحصاءات في مختلف القطاعات المرتبطة بمصايد الأسماك. وتساعد آلات التصوير المثبتة على متن سفن الصيد وفي مواقع إنزال المصيد وقاعات المزادات، المسؤولين عن مصايد الأسماك على الحصول على البيانات والمعلومات عبر الإنترنت؛ ومن ثم تتم معالجة هذه البيانات باستخدام خوارزميات التعلّم العميق ويتم تحليل النتائج بصورة تلقائية بواسطة برمجيات إحصائية. وتدرك إدارة إحصاءات مصايد الأسماك بوزارة البيئة والمياه والزراعة أن هذه خطوة مهمة إلى الأمام في نظام إحصاءات مصايد الأسماك في البلد، لأنها تزيد من كمية ونوعية البيانات التي يجمعها القائمون على التعداد في مواقع الإنزال، والتغلب على المشاكل الناشئة عن الظروف الجوية القاسية و مواقع المناطق النائية وصعوبات تحديد الأنواع.
وزادت مصايد الأسماك الطبيعية في المملكة العربية السعودية من 49 000 طن في عام 2000 إلى 79 500 طن في عام 2022. وهناك أكثر من 30 000 صياد أسماك معني بشكل مباشر بمصايد الأسماك الطبيعية، فيما يعمل حوالي 150 000 شخص في القطاع الذي شهد توسّعًا سريعًا في البلد خلال السنوات الأخيرة بفضل دعم الحكومة والحوافز والطلب القوي في السوق.
وقبل اعتماد التكنولوجيا الرقمية في عام 2021، كان يجري إيفاد المسؤولين في مصايد الأسماك بصورة منتظمة إلى الميدان لجمع الإحصاءات والمعلومات يدويًا – وهذه عملية مكلفة كانت تؤخر الإبلاغ والتحليل وتخطيط السياسات. وفي نهاية عام 2021، قام نظام رقمي جديد يعمل مع تطبيقات الهواتف المحمولة بتحويل هذه العملية الطويلة إلى عملية مبسطة لتقديم المعلومات المحدّثة الفورية بشأن القطاع من خلال خرائط ورسومات وجداول تفاعلية. وأدت خطوة إضافية إلى الأمام تم اتخاذها في عام 2023 إلى إدخال آلات التصوير وخوارزميات التعلّم العميق التي تسمح بأتمتة عملية جمع البيانات وبالتالي بتشغيل النظام بكامله بصورة ذاتية.
فالنظام الجديد سيوفر معلومات سريعة ودقيقة للحكومة وسيساهم في نمو القطاع بصورة مستدامة وسيساعد صناع القرار على اتخاذ القرارات الصحيحة عند تخطيط السياسات والاستثمارات الخاصة بهذا القطاع.
وهذا النظام الرقمي – الذي يعتبر واحدًا من الابتكارات الرئيسية في مشروع منظمة الأغذية والزراعة الجاري تنفيذه بعنوان "تعزيز قدرة وزارة البيئة والمياه والزراعة في المملكة العربية السعودية على تنفيذ برنامج التنمية الزراعية الريفية المستدامة (2019–2025) – سوف يحسّن الإدارة المستدامة لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وسيساعد على ضمان الامتثال للمعايير الدولية المتعلّقة بإدارة النظم الإيكولوجية البحرية.
ويمكن للأغذية المائية المستدامة أن تساعد على التصدي للجوع وسوء التغذية وأن تقلل البصمة البيئية التي تتركها النظم الزراعية والغذائية في المملكة العربية السعودية، مع القيام في الوقت نفسه بتوفير الدخل والعائدات للمجتمعات المحلية التي تعتمد على مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.

FAO/Pedro Guemes ©
ويجب أن تعتمد الإدارة المستدامة لمصايد الأسماك اليوم أكثر من أي وقت مضى على نظم جمع البيانات الموثوقة التي تستوجب توافر بيانات تشغيلية وإحصائية عالية الجودة والدقة (منظمة الأغذية والزراعة، 2016). ويجب على فيض البيانات المتاحة اليوم أن يدمج مفاهيم البيانات الضخمة في عمليتي التصميم والتحليل، الأمر الذي ينطوي أيضًا على تكامل البيانات بشكل ناجح عبر مختلف المجالات. ولضمان أن تستوفي البيانات متطلبات الجودة، أعدّت المنظمة مؤخرًا معيار البيانات الوصفية المتعلّق بالبيانات الضخمة لإحصاءات مصايد الأسماك. ولتشجيع الابتكارات القابلة للتعزيز والمدفوعة بالبيانات، تتعاون المنظمة مع أصحاب المصلحة الآخرين من أجل توحيد النظم الإحصائية والتشغيلية ومواءمتها (منظمة الأغذية والزراعة، 2018ب)، حيث مثلًا: تنظر مجموعة العمل المعنية بتنسيق الإحصاءات الخاصة بمصايد الأسماك في كيفية إدماج المؤشرات المستمدة من السفن التي تبث البيانات (الضخمة) مثلًا عن صيد الأسماك القائم على نظام تحديد الهوية الآلي، كمعيار إحصائي. ويقوم نظام رصد الموارد السمكية من خلال سياسته المتعلّقة بإدارة المعلومات، بجمع المعايير والتعاريف وأفضل الممارسات الكامنة وراء البيانات التي جمعها وخزنها ونشرها ووراء استخدامها الصحيح في نظم معلومات مصايد الأسماك.
وتوفر المنظمة أيضًا أدوات لنظم الإحصاءات ومعلومات الإدارة الوطنية المتعلّقة بمصايد الأسماك (مثل نظام Calipseo) (منظمة الأغذية والزراعة، 2020)، وتدعم قواعد بيانات الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك التي تعتمد معيار مجموعة العمل المعنية بتنسيق الإحصاءات من أجل مواءمة المراجع. وتشكل هذه الأدوات أمثلة على النظم الوطنية الأكثر كفاءة لجمع البيانات المتعلّقة بمصايد الأسماك والنظم الإقليمية المحسّنة لتشاطر البيانات. وتشمل الابتكارات تشاطر البيانات ونشر البيانات المفتوحة عن طريق منصات مفتوحة مثل المنصة الجغرافية المكانية للعمل يداً بيد في منظمة الأغذية والزراعة، والأطلس العالمي للتونة التابع لنظام رصد الموارد السمكية، ونظام المعلومات عن مصايد الأسماك في غرب وسط المحيط الأطلسي، والسجلات العالمية للأرصدة السمكية ومصايد الأسماك. ومن شأن تحسين التوحيد أن يشجع التشاور بين أصحاب المصلحة في ما يتعلّق بجودة البيانات وصحتها، الأمر الذي يسفر عن تحليلات تعاونية لبيانات مصايد الأسماك الأعلى جودة.
ومع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي الكثيفة البيانات مؤخرًا، أصبح من الممكن إعادة استخدام البيانات التي تملكها منظمات مصايد الأسماك في سياقات جديدة بالكامل. وتشمل الأدوات المقترحة حديثًا نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل ChatGPT، والنماذج القائمة على الذكاء الاصطناعي لتصنيف صور الأقمار الاصطناعية، والتعلّم الآلي للتنبؤ بتوزيع الأنواع الغازية وتتبّعه. ولكن تترافق خدمات البيانات المبتكرة مع العديد من التحديات والتساؤلات المتعلّقة بالإنصاف الاجتماعي، والقدرة على الوصول إلى البيانات، وتقاسم منافع المنتجات؛ ولهذا السبب، هناك حاجة إلى توجيهات وسياسات مصمَّمة خصيصًا لضمان المساهمة بشكل إيجابي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتشارك المنظمة بصورة نشطة في العديد من الشراكات مثل نداء روما حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي (منظمة الأغذية والزراعة، 2021ج)، بهدف تعزيز الاستخدام الآمن والمنصف للذكاء الاصطناعي في بيئة شاملة ومفيدة على نحو متبادل.
وهناك اليوم أكثر من 7 مليارات مستخدم للهواتف المحمولة، وعدد لا يحصى من أجهزة الاستشعار والأدوات التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي لتوليد البيانات الضخمة. ويمكن لهذه البيانات أن تحسّن إدارة مصايد الأسماك شرط أن يتم الامتثال للتوجيهات الصحيحة بشأن الوصول والاستخدام المسؤولين والمنصفين على طول سلسلة المعلومات. وعلى سبيل المثال، تُعتبر المؤشرات الخاصة بجودة البيانات وموثوقيتها واكتمالها ضرورية لبناء الثقة بين أصحاب المصلحة. ويتطلب تطوير علم الجميع الذي تصبح فيه الجهات الفاعلة في مصايد الأسماك جهات مقدمة للبيانات، دراسة إمكانية وصول هذه الجهات إليه وتقاسم منافعه. وتقوم المنظمة بتكييف سياساتها لإدارة البيانات بصورة متواصلة، بالتعاون مع شركائها، من أجل مواكبة هذه التغيّرات وتوجيه الاستخدام الرشيد للتكنولوجيات الجديدة.