هناك عدد من الاتفاقات العالمية المتعلّقة بالتنوع البيولوجي التي هي ذات صلة بالنسبة إلى قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية. فاتفاقية التنوع البيولوجي هي معاهدة متعددة الأطراف لصون التنوع البيولوجي وضمان استخدام مكوناته بطريقة عادلة ومستدامة وتقاسم المنافع الناشئة عن الموارد الوراثية تقاسمًا منصفًا.
وفي ظل رؤية اتفاقية التنوع البيولوجي لعام 2050 المتمثلة في “العيش في وئام مع الطبيعة”، اجتمعت الأطراف في الاتفاقية في عام 2022 لوضع اللمسات الأخيرة على إطار جديد يحدد الطموح العالمي للناس والطبيعة. وستستخدم البلدان الآن إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي ه من أجل تخطيط الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية بشأن التنوع البيولوجي. إضافة إلى ذلك، سيؤثر هذا الإطار على تطبيق اتفاقات أخرى متعددة الأطراف تركّز على الصون (مثل اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض،و والاتفاق المتعلّق بصون التنوع البيولوجي في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنيةز)، وعلى جهود الصون التي تبذلها الأعمال التجارية والمجتمع المدني.
ونظرًا إلى التغيير التحويلي الذي يجب إحداثه بصورة عاجلة للحفاظ على التنوع البيولوجي وإصلاحه والاستثمار فيه، يربط هذا الاتفاق الجديد بشكل أفضل بين أهداف الاتفاقية. ويتمحور الإطار حول الحد من التهديدات المحدقة بالتنوع البيولوجي وضمان تلبية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للناس. كما أنه يتضمن أربعة أهداف و23 مقصدًا لدعم مجموعة واسعة من الغايات المتعلّقة بالطبيعة والناس - والتي تغطي النظم الإيكولوجية، والأنواع والتنوع الوراثي، والتقاسم العادل لمنافع الطبيعة، وتهيئة الظروف التمكينية لتنفيذ الإطار العالمي للتنوع البيولوجي. وخلال الجمعية السابعة لمرفق البيئة العالمية في عام 2023، صدّق الأعضاء بالإجماع على إنشاء صندوق الإطار العالمي للتنوع البيولوجي من أجل تمويل الإطار وإنجاز تنفيذه.
وعلى عكس الخطط السابقة لاتفاقية التنوع البيولوجي، يتعلّق العديد من المقاصد الـ23 بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وبنظم الأغذية المائية بشكل أعمّ. ومن المقرر تحقيق بعض الأهداف في عام 2030 والأهداف الأخرى في عام 2050. وتتناول المقاصد 1 إلى 3 الإدارة المكانية، بما في ذلك تخطيط المساحات المائية أو إصلاحها أو حمايتها. وتسعى النُهج المركّزة على الأنواع إلى الحد من مخاطر الانقراض بشكل ملحوظ (المقصد 4)، وتعزيز استخدام الأنواع البرّية والتجارة فيها بطريقة آمنة ومشروعة ومستدامة (المقصد 5)، وزيادة الإجراءات الهادفة إلى ردع الأنواع الغريبة الغازية والتخفيف من آثارها (المقصد 6). ويتناول المقصدان 7 و8 مسألتي التلوّث وتغيّر المناخ، فيما تسعى مقاصد أخرى إلى تعزيز إدارة نظم الإنتاج وضمان التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام التنوع البيولوجي (المقاصد 9 إلى 13). ويتم ذكر “تعميم التنوع البيولوجي” في الحوكمة القطاعية في المقصد 12 فقط، ولكنه يبقى واحدًا من الاعتبارات المهمة في معظم المقاصد وبخاصة المقاصد 10 إلى 23 التي تهدف إلى تعزيز استدامة خدمات النظم الإيكولوجية وقدرتها على الصمود من خلال ممارسات الأعمال التجارية.
ولبناء سردية مشتركة لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والمساهمة في بلوغ المقاصد الآنف ذكرها، تعمل المنظمة مع مجموعات أصحاب المصلحة من أجل الحصول على التعقيبات بشأن الفرص والتحديات المتعلّقة بتنفيذ الإطار العالمي للتنوع البيولوجي في نظم الأغذية المائية في الوقت المناسب. وسيساعد ترتيب أولويات القطاع وتوثيقها على تحديد الاستثمارات اللازمة لتحويل سياسات وممارسات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
وخلال العقد القادم وما بعده، سيتم استخدام المؤشرات التي اقترحتها البلدان من أجل رصد التقدم العالمي المحرز في تنفيذ الإطار العالمي للتنوع البيولوجي.ح وسيشكل الحرص على أن تكون هذه المؤشرات متواءمة جيدًا، مهمة مستمرة بالنسبة إلى اتفاقية التنوع البيولوجي، والمنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية، والأوساط الأكاديمية، والأعمال التجارية، ومنظمات المجتمع المدني. وهناك حاجة إلى تشاطر البيانات والمعلومات (بما في ذلك معارف الشعوب الأصلية) بصورة منتظمة وإلى نقل التكنولوجيا لدعم الجهات الفاعلة المحلية في النهوض بصون التنوع البيولوجي ولتيسير الإدارة التكيّفية لتطبيق الإطار العالمي للتنوع البيولوجي ورفع التقارير العالمية.
وتشكل الرؤية الموسّعة المتمثلة في “الإدارة بنسبة 100 في المائة ” نداءً تم إطلاقه في مختلف هيئات الأمم المتحدة والشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لحشد طاقات البلدان التي تعمل الآن على تحويل خططها الوطنية لصون التنوع البيولوجي (اتفاقية التنوع البيولوجي، 2019). وتهدف منظمة الأغذية والزراعة من خلال رؤية التحوّل الأزرق (منظمة الأغذية والزراعة، 2022) إلى بلوغ نسبة 100 في المائة من مصايد الأسماك الخاضعة للإدارة من أجل توفير أرصدة صحية، وإصلاح النظم الإيكولوجية، وتأمين سبل عيش منصفة – وكل ذلك لإحداث تغيير إيجابي لصالح التنوع البيولوجي. ولتحقيق التغيير المتفق عليه في الأهداف والمقاصد الواردة في الإطار، تتطلب مهمة حشد التمويل المتناسب مع طموح الإطار العالمي للتنوع البيولوجي وتوزيع هذه الموارد بشكل منصف، وضع استجابة عالمية منسقة.
وبموازاة عمليات اتفاقية التنوع البيولوجي، اتفقت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2023 تحت مظلة الجمعية العامة للأمم المتحدة،ط على صك دولي ملزم قانونًا في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار يتعلّق بصون التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية واستغلاله على نحو مستدام (اتفاق صون التنوع البيولوجي في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية). ويغطي هذا الاتفاق نسبة 64 في المائة من المساحة الإجمالية للمحيطات وحوالي نصف مساحة سطح الأرض. ولقد جعلت الأطر القانونية المجزأة التنوع البيولوجي في هذه المناطق عرضة للتهديدات المتفاقمة التي تشمل تغيّر المناخ، والتلوّث بالمواد البلاستيكية، والانسكابات النفطية، والصيد المفرط، وتدمير الموائل، وتحمّض المحيطات، والضوضاء تحت المياه.
ومن المتوقع أن يحدث اتفاق صون التنوع البيولوجي في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية تغييرًا في حوكمة أعالي البحار من خلال الارتقاء بالجهود الدولية لتعزيز الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي البحري وتوجيه الموارد نحو تقوية القدرات لتعزيز صون التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية.
ويتضمن الاتفاق أحكامًا خاصة بالموارد الوراثية البحرية، بما في ذلك التقاسم العادل والمنصف لمنافعها؛ وإنشاء نظام شامل من أدوات الإدارة على أساس المناطق؛ وعمليات تقييم الأثر البيئي؛ وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا البحرية لمساعدة الأطراف، وبخاصة البلدان النامية، على تنمية قدراتها العلمية والتكنولوجية لصون التنوع البيولوجي في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية واستخدامه على نحو مستدام. إضافة إلى ذلك، يتضمن الاتفاق أحكامًا فاعلة بشأن الترتيبات المؤسسية، والموارد المالية، والتنفيذ، والامتثال، وتسوية النزاعات.
ويتمثل أحد المبادئ الرئيسية للاتفاق في عدم وجوب أن يقوّض المنظمات والمبادرات القائمة؛ ويجب على إجراءاته أن تعزز الاتساق والتنسيق مع الصكوك والأطر القانونية ذات الصلة والأجهزة العالمية والإقليمية ودون الإقليمية والقطاعية المعنية، بما في ذلك الأجهزة الإقليمية لمصايد الأسماك. وفي هذا السياق، يمثّل الاتفاق فرصة للبناء على الصكوك السياساتية والعمليات القائمة وعلى عمل الأجهزة القطاعية. وهناك حاجة ملحّة إلى مصادقة الحكومات على الاتفاق الجديد، ذلك أنه يجب إيداع 60 صك تصديق ليدخل حيّز التنفيذ. وفي حال لم تنضم الدول التي تعد جهات فاعلة رئيسية في الأنشطة المضطلع بها في أعالي البحار إلى الاتفاق الجديد، سوف يؤثر ذلك تأثيرًا شديدًا على فعاليته.
وسيكتسي التعاون والتآزر بين الأجهزة التي لديها ولايات ومبادرات ذات صلة بتنفيذ الصكوك، أهمية حاسمة لنجاح الاتفاق. وفي بعض الحالات، يتمتع الاتفاق بشأن التنوع البيولوجي في المناطق الواقعة خارج الولاية الوطنية والإطار العالمي للتنوع البيولوجي بأهداف متوازية، وبخاصة هدف صون 30 في المائة من أراضي وبحار الأرض من خلال إنشاء مناطق محمية وأدوات أخرى للإدارة على أساس المناطق بحلول عام 2030. وفي حالات أخرى، قد يكون ضمان أوجه التآزر الفعالة أمرًا صعبًا لأنه يجب توضيح الأحكام “غير التقويضية” من خلال مثلًا السعي إلى وضع رؤية مشتركة بين الاتفاق الجديد، والمنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك، والصكوك والأطر والأجهزة القانونية الأخرى ذات الصلة. وأخيرًا، سيحتاج التنفيذ إلى توافر موارد مالية أكبر بكثير من تلك التي يتم تخصيصها حاليًا لحوكمة المحيطات.
وتجدر الإشارة إلى أنه ثمة الآن منتديان دوليان يعملان على وضع تدابير ملزمة قانونًا للتصدي للتلوّث بالمواد البلاستيكية، وهما:
- لجنة التفاوض الحكومية الدولية بقيادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة – التي أنشئت من أجل وضع صك دولي ملزم قانونًا بشأن التلوث بالمواد البلاستيكية، بما في ذلك في البيئة البحريةي – التي تتبع نهجًا شاملًا لمعالجة دورة الحياة الكاملة للمواد البلاستيكية. وقامت الدورة الثالثة للجنة بمناقشة نص المسودة الصفرك الذي تضمن أحكامًا بشأن إدارة النفايات تناولت مسألة معدات الصيد المصنوعة من المواد البلاستيكية ومعدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة مناولة صريحة. وخلال المناقشات، شدد بعض الأعضاء على ضرورة أن يتناول الصك معدات الصيد طيلة دورة حياتها فضلًا عن التلوّث الناشئ عنها، وقدموا مقترحات لوضع الأحكام ذات الصلة في مكان بديل، فيما دعى أعضاء آخرون إلى حذف هذه الإحكام من نص المسودة. وعبّر بعض الأعضاء أيضًا عن الحاجة إلى العمل في الفترة ما بين الدورات على إدارة دورة حياة معدات الصيد.ل
- وتعمل لجنة حماية البيئة البحرية التابعة للمنظمة البحرية الدولية، ولجنتها الفرعية المعنية بالوقاية من التلوّث والاستجابة له،م على وضع تدابير محددة ضمن الملحق الخامس من الاتفاقية الدولية لمنع التلوث الناجم عن السفن بغية منع التخلي عن معدات الصيد وإهمالها في البحر والحد منهما.
وتصنع معدات الصيد عادة من بوليمرات البلاستيك الخطيرة أو التي تمثّل مشكلة عندما يتم فقدانها أو تركها أو إهمالها في البحر. ويمكن لمعدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة أن تلحق أضرارًا مباشرة وغير مباشرة بالبيئة البحرية والتنوع البيولوجي، والأنواع التجارية وغير التجارية، وصحة الإنسان، والأمن الغذائي، وسبل العيش، وأن تتسبب في تدهورها. كما تمثّل هذه المعدات خطرًا على الملاحة والسلامة في البحر وتساهم في تلوّث المحيطات بالمواد البلاستيكية (فريق الخبراء المشترك المعني بالجوانب العلمية لحماية البيئة البحرية، 2021).
وتشارك منظمة الأغذية والزراعة بصورة فاعلة في العمليتين من خلال توفير المشورة الفنية لمعالجة قضايا مصايد الأسماك بطريقة فعالة. وتشجع المنظمة إنشاء نظم لوسم معدات الصيد بالاستناد إلى الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن وسم معدات الصيد (منظمة الأغذية والزراعة، 2019) باعتبار ذلك التدبير الأكثر فعالية في مجال إدارة مصايد الأسماك للوقاية والحد من معدات الصيد المتروكة أو المفقودة أو المهملة ومن آثارها على التنوع البيولوجي وسلامة الصيادين وسبل عيشهم.