مصايد الأسماك البحرية
حالة الموارد
تقوم منظمة الأغذية والزراعة، منذ عام 1971، بنشر تحليلات منتظمة لحالة الأرصدة السمكية (Gullandا، 1971)، بما في ذلك الموجز وتحديثات التصنيف الواردة في الإصدارات السابقة من هذا التقرير (منظمة الأغذية والزراعة، 2020). ولتعزيز الاتساق وقابلية المقارنة عبر الزمن، استندت هذه التحليلات إلى قائمة ثابتة من الأرصدة (445 رصيدًا مجمّعًا يمثّل حوالي 72 في المائة من الإنتاج العالمي لمصايد الأسماك البحرية) وعملية واضحة ومنهجية لم تشهد سوى تعديلات طفيفة منذ بدء السلسلة (منظمة الأغذية والزراعة، 2011أ).
وتشير هذه التحليلات إلى أن نسبة الأرصدة السمكية الموجودة ضمن المستويات المستدامة بيولوجيًا قد انخفضت إلى 62.3 في المائة في عام 2021، أي أقلّ بنسبة 2.3 في المائة عمّا كانت عليه في عام 2019 (الشكل 18). وكانت هذا النسبة تبلغ 90 في المائة في عام 1974. وفي المقابل، فإن نسبة الأرصدة السمكية التي يتم صيدها ضمن مستويات غير مستدامة آخذة في الارتفاع منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وذلك من 10 في المائة في عام 1974 إلى 37.7 في المائة في عام 2021. ويعامل هذا الحساب جميع الأرصدة السمكية على قدم المساواة بغض النظر عن وفرتها ومصيدها. وعند ترجيح الأرصدة المستدامة بيولوجيًا بمستويات إنتاجها، فإنها تمثّل 76.9 في المائة من عمليات إنزال المصيد لعام 2021 من الأرصدة المقدّرة الخاضعة لرصد المنظمة.
الشكل 18الاتجاهات العالمية في حالة أرصدة مصايد الأسماك البحرية في العالم، 1974–2021

وتتألف الأرصدة المستدامة بيولوجيًا من الأرصدة المصنّفة على أنه يتم صيدها بأعلى قدر من الاستدامةو أو الأرصدة غير المستغلة بالكامل،ز وهي تمثّل 50.5 في المائة و11.8 في المائة على التوالي من إجمالي عدد الأرصدة التي جرى تقييمها في عام 2021. وحافظت الأرصدة غير المستغلة بالكامل على اتجاه تنازلي خلال الفترة 1974–2018 وشهدت زيادة طفيفة خلال الفترة 2019–2021، ربما بسبب تأثيرات جائحة كوفيد–19 في إقليم آسيا والمحيط الهادئ. ومن ناحية أخرى، انخفضت نسبة الأرصدة السمكية التي تم صيدها بأعلى قدر من الاستدامة بين عامي 1974 و1989، ثم ارتفعت لتصل إلى 57.3 في المائة في عام 2019، ثم عادت لتنخفض مجددًا إلى 50.5 في المائة في عام 2021.
وفي عام 2021، من بين مناطق الصيد الرئيسية الـ 15 التي استعرضتها منظمة الأغذية والزراعة (الشكل 19)، سجلت منطقة شرق وسط المحيط الهادئ (المنطقة 77)، وشمال شرق المحيط الأطلسي (المنطقة 27)، وشمال شرق المحيط الهادئ (المنطقة 67)، وجنوب غرب المحيط الهادئ (المنطقة 81) أعلى نسبة من الصيد. تم صيد الأرصدة بمستويات مستدامة (84-76 في المائة). في المقابل، أظهرت البلدان الأربعة التالية أدنى الدرجات: شرق وسط المحيط الأطلسي (منطقة 34) 48.7 في المائة؛ شمال غرب المحيط الهادئ (منطقة 61) 44.0 في المائة؛ البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود (المنطقة 37) 37.5 في المائة؛ وأخيرًا جنوب شرق المحيط الهادئ (المنطقة 87)، حيث تم صيد 33.3 في المائة فقط من المخزونات بمستويات مستدامة في عام 2021. وكانت المناطق الأخرى تتمتع بمستويات مستدامة بيولوجيًا تتراوح بين 59 في المائة و66 في المائة.
الشكل 19النسب المئوية لأرصدة مصايد الأسماك المستدامة وغير المستدامة بيولوجيًا بحسب مناطق الصيد الرئيسية لمنظمة الأغذية والزراعة، 2021

المصدر: تقديرات منظمة الأغذية والزراعة.
وتتفاوت عمليات إنزال مصيد الأنواع المائيةح بشكل كبير بين مناطق الصيد (الشكل 20). وبالتالي، فإن أهمية كل منطقة بالنسبة إلى استدامة مصايد الأسماك على مستوى العالم تتوقف على مساهمتها النسبية في عمليات الإنزال العالمية. وغالبًا ما يكشف النمط الزمني لعمليات الإنزال في منطقة ما عن معلومات تتعلق بإنتاجيتها الإيكولوجية ومرحلة تطوّر مصايد الأسماك وإدارتها وحالة الرصيد السمكي. وبشكل عام، بعد استبعاد منطقتي القطب الشمالي والقطب الجنوبي، والتي يُعتبر مستوى عمليات الإنزال فيهما منخفضًا للغاية، يمكن ملاحظة ثلاث مجموعات من الأنماط (الشكل 20)، وهي: (1) مناطق ذات اتجاه تصاعدي متواصل في عمليات الإنزال منذ عام 1950؛ (2) ومناطق يتأرجح فيها مستوى عمليات الإنزال حول قيمة ثابتة عالميًا منذ عام 1990، بالاقتران مع هيمنة أنواع الأسماك السطحية القصيرة العمر؛ (3) ومناطق ذات اتجاه تنازلي إجمالي لعمليات الإنزال بعد بلوغ ذروات تاريخية.
الشكل 20الأنماط الزمنية الثلاثة في عمليات إنزال مصايد الأسماك، 1950–2021

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة. 2023. الإنتاج العالمي لمصايد الأسماك الطبيعية 1950-2021. [تم الاطلاع عليه في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023]. في: FishStatJ. www.fao.org/fishery/en/statistics/software/fishstatj. الترخيص:CC-BY-4.0.
وفي المناطق التي يعتبر تدخّل الإدارة فيها ضعيفًا، يدل الاتجاه التصاعدي لعمليات الإنزال (المجموعة الأولى) على تزايد نشاط صيد الأسماك، ما يشير إلى احتمال وجود استغلال مفرط ونقص في التحكم. ومع ذلك، فإن استدامة الموارد لا تشهد بالضرورة تدهورًا. ومن ناحية أخرى، يشير عادةً الاتجاه التنازلي لعمليات الإنزال (المجموعة الثالثة) إما إلى تدهور في استدامة الأرصدة السمكية أو إلى إنفاذ تدابير صارمة من دون ظهور علامات واضحة على الانتعاش. ووفقًا لنتائج التحليلات المعروضة هنا، فإن مجموعتَي المناطق الأولى والثالثة تسجلان أدنى نسبة من الأرصدة المقدَّرة ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا (60 في المائة لكل منهما)، في حين سجلت المجموعة الثانية النسبة الأعلى (68 في المائة). وتشغل عادةً المجموعة الثالثة من المناطق موقعًا بين المجموعتين الأخريين على صعيد استدامة الموارد، ولكن يبدو أن الظروف في منطقة غرب وسط المحيط الهادئ التي تقع ضمن المجموعة الثالثة شهدت تدهورًا أكبر من الأماكن الأخرى في السنوات الأخيرة، ما جعل الاختلاف بين المجموعتين الأولى والثالثة هامشيًا. ومن المرجح أن يعود السبب في المستوى الأعلى من الاستدامة الذي لوحظ في المجموعة الثانية من المناطق إلى التنمية الكاملة لمصايد الأسماك والإدارة الملائمة والتنظيم الفعّال لصيد الأسماك. غير أن هناك قضايا أخرى، مثل نوع الموارد والتغيّرات البيئية والعوامل الاجتماعية، يمكن أن تؤثر أيضًا على اتجاهات عمليات الإنزال.
الحالة والاتجاهات بحسب الأنواع الرئيسية
كانت الأنواع العشرة الأولى التي شهدت أكبر عمليات إنزال في عام 2021 هي الأنشوفة (الأنشوفة البيروفية)(Engraulis ringens)، وقدّية ألاسكا (Gadus chalcogrammus)، وسمك التونة الوثاب (Katsuwonus pelamis)، وسمك الشّك الزرو في المحيط الهادئ (Scomber japonicus)، وتونة الزعانف الصفراء (Thunnus albacares)، والرنجة الأطلسية (Clupea harengus)، والبلشار الأوروبي (Sardina Pilchardus)، وسمك الحدوق (Micromesistius poutassou)، وسردين المحيط الهادئ (Sardinops sagax)، والقد الأطلسي (Gadus morhua). وجرى في المتوسط صيد 76.9 في المائة من هذه الأرصدة ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2021، ويُعتبر ذلك أعلى قليلًا من المتوسط العالمي البالغ 62.3 في المائة. ويوضّح ذلك أيضًا أن إدارة الأرصدة الأكبر حجمًا تتم بشكل أفضل، وأن الإدارة الفعّالة لمصايد الأسماك تحصد نتائج إيجابية. غير أن بعض أرصدة سمك الشّك الزرو في المحيط الهادئ، وسردين المحيط الهادئ وقدّية ألاسكا تتعرض للاستغلال المفرط.ط
وضمن جميع الأنواع السبعة من أسماك التونة التجارية الرئيسية، تقوم المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد أسماك التونة بتقييم 23 رصيدًا (ستة أرصدة للباقور، وأربعة أرصدة للتونة السندرية، وأربعة أرصدة لتونة الزعانف الزرقاء [المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ والمحيط الجنوبي]، وخمسة أرصدة لسمك التونة الوثاب، وأربعة أرصدة لتونة الزعانف الصفراء)، وتشارك جميع بلدان المنظمات في عملية الاستعراض العلمي. وساهمت أسماك التونة التجارية الرئيسية بمقدار 4.95 مليون طن من المصيد في عام 2021، ويمثّل ذلك انخفاضًا قدره 10 في المائة بالمقارنة مع عام 2019. وشكّلت حصة سمك التونة الوثاب 57 في المائة من المصيد، تلته تونة الزعانف الصفراء (31 في المائة)، والتونة السندرية (7 في المائة)، والباقور (4 في المائة). وتشكّل تونة الزعانف الزرقاء 1 في المائة فقط من المصيد العالمي.
وعلى الصعيد العالمي، يتم صيد 87 في المائة من أرصدة أسماك التونة بشكل مستدام، في حين يتم استغلال 13 في المائة منها استغلالًا مفرطًا.ي وبالنسبة إلى مصيد أسماك التونة، فإن 99 في المائة من إجمالي المصيد يأتي من أرصدة تونة صحية من ناحية الوفرة (وتأتي النسبة المتبقية من أرصدة تونة ذات الزعانف الزرقاء المستغلة استغلالًا مفرطًا ورصيد واحد من أسماك الباقور). وعلى الصعيد العالمي، تبذل المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد أسماك التونة جهودًا متضافرة لاستخدام تقييمات استراتيجيات الإدارة من أجل تقديم المشورة بهدف إعادة بناء الأرصدة والحفاظ عليها عند مستويات من الكتلة الحيوية تتجاوز الغلة القصوى المستدامة، ويجري تحقيق نتائج إيجابية.
يتم رصد أرصدة التونة الرئيسية من الأنواع التجارية السبعة الرئيسية عن كثب ويتم التعرف على حالتها بدرجة منخفضة إلى متوسطة من عدم اليقين. غير أن أنواع التونة الأخرى والأنواع الشبيهة بها تظلّ في الغالب من دون تقييم أو يجري تقييمها بدرجة عالية من عدم اليقين. ويمثّل ذلك تحديًا كبيرًا، حيث تشير التقديرات إلى أن أسماك التونة والأنواع الشبيهة بها تمثّل ما لا يقل عن 15 في المائة من إجمالي مصيد مصايد الأسماك صغيرة النطاق في العالم (منظمة الأغذية والزراعة وجامعة ديوك والمركز العالمي للأسماك، 2023أ). وبالإضافة إلى ذلك، لا يزال طلب السوق على التونة مرتفعًا، ولا تزال أساطيل صيد التونة تتمتع بقدرة إنتاجية مفرطة. وتبرز الحاجة إلى إدارة فعّالة – بما في ذلك تحسين الإبلاغ والوصول إلى البيانات وتطبيق قواعد مراقبة عمليات الصيد أو غيرها من التدابير الفعالة لمراقبة ضغط الصيد على جميع أرصدة التونة – للحفاظ عليها عند مستوى مستدام، لا سيما إعادة بناء الأرصدة المستغلة استغلالًا مفرطًا. وعلاوة على ذلك، هناك حاجة إلى بذل جهود إضافية كبيرة على صعيد إدارة مصايد الأسماك التي تستهدف أسماك التونة والأنواع الشبيهة بالتونة بخلاف الأنواع التجارية الرئيسية.
الحالة والاتجاهات بحسب مناطق الصيد الرئيسية في منظمة الأغذية والزراعة
المحيط الأطلسي (المناطق 21، 27، 31، 34، 41، 47) والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود (المنطقة 37)
أنتجت منطقة شمال غرب المحيط الأطلسي (المنطقة 21) في المتوسط 1.7 ملايين طن (بمكافئ الوزن الحي) من الحيوانات المائية سنويًا في الفترة 2017–2021، وواصلت بذلك الاتجاه التنازلي من الذروة البالغة 4.5 ملايين طن المسجلة في أواخر ستينيات القرن الماضي (الشكل 20). ولم تُظهر أسماك القدّ الأطلسي (Gadus morhua)، والنازللي الفضي (Merluccius bilinearis)، والنازللي الأبيض (Urophycis tenuis)، والغادُس الأسمر (Melanogrammus aeglefinus) انتعاشًا جيدًا، حيث استقرت عمليات الإنزال عند مستوى 0.1 مليون طن تقريبًا منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، أي أقلّ من 5 في المائة من الذروة التاريخية البالغة 2.1 مليون طن المسجلة في عام 1965 (منذ عام 2019، شهدت انخفاضًا بنسبة 30 في المائة). ويُعزى ضعف الانتعاش على صعيد إنتاجية بعض الأرصدة، مثل سمك القدّ الأطلسي، والبلايس الأمريكي (Hippoglossoides platessoides)، وسمك الترس (Pseudopleuronectes americanus)، وسمك الترس الأصفر الذيل (Limanda ferruginea) على الأرجح إلى التغيّرات الناجمة عن البيئة. وعلى الرغم من أن عمليات الإنزال قد تكون منخفضة للغاية ومن عدم وجود علامات على حدوث استغلال مفرط، لم تسترد هذه الأرصدة عافيتها بعد. وبشكل عام، تُعتبر أرصدة اللافقاريات في حالة أفضل من أرصدة الأسماك الزعنفية. وبشكل عام، كانت 64.3 في المائة من الأرصدة المقدّرة في شمال غرب المحيط الأطلسي ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2021، أي أعلى بنسبة 4.8 في المائة مما كانت عليه في عام 2019.
وكانت منطقة شمال شرق المحيط الأطلسي (المنطقة 27) رابع أكثر المناطق إنتاجية في عام 2021، حيث بلغ حجم مصيدها 7.9 ملايين طن، ويمثّل ذلك انخفاضًا قدره 0.4 ملايين طن تقريبًا بالمقارنة مع عام 2019 (و1.4 ملايين طن بالمقارنة مع عام 2017). ووصلت عمليات الإنزال إلى ذروتها عند مستوى 13 مليون طن في عام 1976، ولكنها انخفضت ثم انتعشت بصورة طفيفة في تسعينيات القرن الماضي، وهي تشهد بشكل عام منذ ذلك الحين انخفاضًا في ظل تعرّض الموارد السمكية في هذه المنطقة لضغوط صيد كبيرة في أواخر سبعينيات ومطلع ثمانينيات القرن الماضي (الشكل 20). ومنذ ذلك الحين، تمكّنت البلدان من إدارة ضغوط الصيد على نحو أفضل لإعادة تكوين الأرصدة المستغلة استغلالًا مفرطًا. وجرت ملاحظة الانتعاش في سمك الماكريل الأطلسي (Scomber scombrus)، والتربوت (Scophthalmus maximus)، والبلايس الأوروبي (Pleuronectes platessa)، وسمك موسى الشائع (Solea solea)، وسمك القدّ في القطب الشمالي (Boreogadus saida)، وسمك القد الأطلسي (Gadus morhua) في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والبياض (Merlangius merlangus)، وسمك موسى الشائع (Solea solea) في أواخر العقد نفسه. وتتعرّض بعض الأرصدة، مثل سمك القد الأطلسي في بحر الشمال، وسمك البياض في بحر الشمال الأيرلندي والسلتي، والسمك الأحمر المنقاري (Sebastes mentella) للاستغلال المفرط أو لا تزال في مرحلة التعافي. وفي شمال شرق المحيط الأطلسي، تم صيد 79.4 في المائة من الأرصدة المقدَّرة ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2021، ويمثّل ذلك تحسنًا كبيرًا منذ التقييم الأخير، ما يجعل هذه المنطقة حاليًا ثاني أفضل منطقة أداء على مستوى العالم.
وبلغ إجمالي كميات عمليات إنزال المصيد الذي تم صيده في منطقة غرب وسط المحيط الأطلسي (المنطقة 31) حدًا أقصى قدره 2.5 ملايين طن في عام 1984، ثم انخفض تدريجيًا إلى 1.2 مليون طن في عام 2014، وانتعش بشكل طفيف ليبلغ 1.6 ملايين طن في عام 2016. وشهد بعد ذلك انخفاضًا تدريجيًا ليصل إلى 1.2 مليون طن في عام 2021. وتمثّل الأسماك السطحية الصغيرة حوالي 37 في المائة من عمليات الإنزال الإجمالية، ويُعتبر النوعان الرئيسيان ضمنها، وهما سمك رنجة خليج المكسيك (Brevoortia patronus) غير مستغل بالكامل، والسردين المبروم (Sardinella aurita)، مستغلًا بأقصى قدر من الاستدامة على الأرجح. ويبدو أنه يتم صيد الأسماك السطحية المتوسطة الحجم مثل الماكريل الملكي (Scomberomorus cavalla) والماكريل الاسباني الأطلسي (Scomberomorus maculatus) بأقصى قدر من الاستدامة، في حين يبدو أن سمك الماكريل سيرا الإسباني (Scomberomorus brasiliensis) يتعرّض على الأرجح لاستغلال مفرط. وتُعتبر أسماك النهاش والهامور من بين الأسماك الأعلى قيمة ويتم صيدها بشكل مكثف في المنطقة، ورغم انخفاض جهود الصيد الموجهة بفضل إجراءات الإدارة، إلّا أن عدة أرصدة، لا سيما أسماك الهامور، لا تزال تتعرّض للاستغلال المفرط. وتُعتبر الأنواع اللافقارية العالية القيمة مثل الأربيان في خليج المكسيك وعلى طول جرف غويانا–البرازيل في شمال شرق أمريكا الجنوبية في معظمها غير مستغلة بالكامل أو يتم صيدها بأعلى قدر من الاستدامة. ويتم صيد أرصدة الأنواع الأخرى من اللافقاريات العالية القيمة في الشعاب المرجانية، مثل جراد البحر في البحر الكاريبي (Panulirus argus)، بأقصى قدر من الاستدامة أو يتم استغلالها استغلالًا مفرطًا اعتمادًا على الموقع، في حين يتم استغلال العديد من أرصدة ملكة المحار (Lobatus gigas) في البحر الكاريبي استغلالًا مفرطًا، وجرى فرض حظر على الصيد للحد من نفوقها. وبشكل عام، تشير التقديرات إلى أن 58 في المائة من الأرصدة في هذه المنطقة كانت ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2021، ويمثّل ذلك انخفاضًا قدره 4.2 في المائة بالمقارنة مع عام 2019.
وتتميز منطقة شرق وسط المحيط الأطلسي (المنطقة 34) بتنوع بيولوجي كبير. وتشمل الموارد المستغلة مجموعات مختلفة ذات خصائص بيولوجية وإيكولوجية مختلفة وأهمية اجتماعية واقتصادية. وهي تشمل الموارد السطحية الساحلية والبحرية والموارد القاعية الساحلية والعميقة. ووصلت كمية عمليات الإنزال من المنطقة 34 إلى 5.3 ملايين طن في عام 2021 مع اتجاه تصاعدي ملحوظ منذ خمسينيات القرن الماضي. وخلال العقد الماضي، بلغ المتوسط السنوي لعمليات الإنزال 4.8 ملايين طن تقريبًا. وتُعتبر الموارد السطحية الساحلية الأكثر وفرة، وشكّلت في عام 2021 حوالي 50 في المائة من عمليات الإنزال، وتمثّلت الأنواع السائدة في السردين والسردينيلا والماكريل الحصاني والبونغا. ويُعتبر سمك السردين، الذي يمثّل 30 في المائة من إجمالي عمليات الإنزال في عام 2021 (وحوالي 50 في المائة من عمليات الإنزال في الجزء الشمالي من هذه المنطقة)، مستغلًا استغلالًا مفرطًا. وتُعدّ أرصدة السردين المبروم (Sardinella aurita) مستغلة استغلالًا مفرطًا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أرصدة السردين المسطح (Sardinella maderensis)، باستثناء الرصيد المركزي (المناطق الساحلية في نيجيريا والكاميرون)، والتي تصنَّف على أنه يتم صيدها بأقصى قدر من الاستدامة. ويتعرّض الماكريل الحصاني لتهديد أقل ويتم استغلاله استغلالًا مفرطًا في المنطقة الجنوبية فقط. وتتعرّض أسماك البونغا للاستغلال المفرط في المنطقة الشمالية ويتم صيدها بأقصى قدر من الاستدامة بالاتجاه جنوبًا. وتشمل الموارد القاعية الأسماك والقشريات ورأسيات الأرجل. وبالنسبة إلى الأسماك، تُظهر عمليات التقييم التي تم إجراؤها الاستغلال المفرط لسمك النازللي، وشعاعيات الزعانف، وأسماك بوبو كروكرز (Pseudotolithus elongatus)، وأسماك الزعانف الخيطية (القبطان الصغير أو Galeoides decadactylus). وبشكل عام، تشير التقديرات إلى أن 48.7 في المائة من الأرصدة المقدَّرة في منطقة شرق وسط المحيط الأطلسي كانت ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2021. ويمثّل ذلك تدهورًا حادًا في التقديرات في السنوات الأخيرة (كانت 60 في المائة من الأرصدة مستدامة في عام 2019).
وبلغ إجمالي عمليات الإنزال للأسماك التي تم صيدها في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود (المنطقة 37) في منتصف ثمانينيات القرن الماضي حوالي مليوني (2) طن، ولكنه انخفض تدريجيًا على مرّ العقود ليصل إلى مستوى منخفض قدره 1.1 مليون طن في عام 2014. وفي وقت لاحق، حدث انتعاش متواضع في الإنتاج مع تسجيل عمليات إنزال بلغت 1.4 ملايين طن في عام 2019، ثم تراجعت إلى حوالي 1.2 مليون طن في عام 2020 و1.1 مليون طن في عام 2021، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قيود الصيد والتجارة التي فرضتها جائحة كوفيد–19. وتشمل الأنواع الرئيسية من حيث حجم عمليات الإنزال الأسماك السطحية الصغيرة والبطلينوس المخطط. ويكشف فحص الاتجاهات في عمليات إنزال الموارد الرئيسية عن تقلبات كبيرة في أرصدة الأسماك السطحية الصغيرة وبعض الأرصدة القاعية، حيث توجد اتجاهات تنازلية، على سبيل المثال، بالنسبة إلى سمك النازللي (Merluccius merluccius)، والبياض (Merlangius merlangus)، والأخطبوط الشائع (Octopus vulgaris)، واتجاهات تصاعدية، على سبيل المثال، بالنسبة إلى أربيان المياه العميقة الوردي (Parapenaeus longirostris)، والحبّار الشائع (Sepia officinalis)، وأسماك سلطان إبراهيم (Mullus barbatus). وتتجاوز العديد من الأرصدة ذات الأهمية التجارية حدود الاستدامة البيولوجية، بما في ذلك أرصدة أسماك النازللي وبعض أرصدة أسماك السلطان إبراهيم والسردين (Sardina pilchardus). وفي عام 2021، كانت 37.5 في المائة من الأرصدة في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا – ويمثّل ذلك تحسنًا بنسبة 0.8 في المائة بالمقارنة مع عام 2019؛ك وقد يكون ذلك مؤشرًا على توقف الوضع المتدهور المسجل منذ عقود.
وتراوح إجمالي إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية في منطقة جنوب غرب المحيط الأطلسي (المنطقة 41) بين 1.5 و2.6 ملايين طن، بعد فترة أوليّة من النمو انتهت في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. ووصل إجمالي عمليات الإنزال في عام 2021 إلى حوالي مليوني (2) طن، ويمثّل ذلك زيادة بنسبة 17 في المائة بالمقارنة مع عام 2019 (الشكل 20). وُيعدّ الحبار الأرجنتيني القصير الزعانف (Illex argentinus)تاريخيًا النوع الأهم على صعيد عمليات الإنزال التي تم الإبلاغ عنها، حيث يمثّل ما يتراوح بين 10 و45 في المائة من إجمالي عمليات الإنزال في المنطقة. ووصلت عمليات الإنزال من هذا النوع إلى 447 000 طن في عام 2021، ويمثّل ذلك زيادة بنسبة 216 في المائة بالمقارنة مع عام 2019، ما يجعله أهم نوع في المنطقة من حيث الحجم. وكانت الأنواع الأخرى التي تم صيدها هي سمك النازللي الأرجنتيني (Merluccius hubbsi) والأربيان الأرجنيتني الأحمر (Pleoticus muelleri)، حيث تم الإبلاغ عن عمليات إنزال في عام 2021 تبلغ حوالي 415 000 طن و225 000 طن، على التوالي، وهي أرقام مساوية لتلك المسجلة في عام 2019. وكانت أرصدة كل من الحبار الأرجنتيني القصير الزعانف والأربيان الأرجنتيني الأحمر ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا، في حين تم التأكيد على أن أحد أرصدة النازللي تعافى إلى مستويات مستدامة بيولوجيًا. وكانت أرصدة حبار باتاغونيا (Doryteuthis gahi) ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا أيضًا وسجلت زيادة في عمليات الإنزال بنسبة 18 في المائة تقريبًا مقارنة بعام 2019؛ ونتيجة لذلك، شغلت المرتبة الرابعة ضمن أهم مصايد الأسماك في المنطقة، حيث اقتربت عمليات الإنزال من 100 000 طن. وبالإجمال، كان 58.8 في المائة من الأرصدة المقدَّرة في منطقة جنوب غرب المحيط الأطلسي ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2021، ويمثّل ذلك تحسنًا مشجعًا بنسبة 19 في المائة بالمقارنة مع عام 2017 – وهو اتجاه يعكس تحسّنًا رغم الانخفاض الهامشي في السنوات الأخيرة.
وأظهرت منطقة جنوب شرق المحيط الأطلسي (المنطقة 47) اتجاهًا تنازليًا في إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، وذلك من إجمالي قدره 3.3 ملايين طن إلى 1.5 ملايين طن في عام 2021 (الشكل 20). وأظهرت التقديرات الأخيرة لأرصدة أسماك النازللي (Merluccius capensis وMerluccius paradoxus) في جنوب أفريقيا زيادة مطردة في الكتلة الحيوية للتكاثر، وتشير التقديرات إلى أنها عند مستويات أعلى من مستوى الغلة المستدامة القصوى. وفي ناميبيا، تهيمن أسماك Merluccius capensis على موارد أسماك النازللي التي تُعتبر مستغلة استغلالًا مفرطًا حاليًا، في حين أن أرصدة السرطان الأحمر (Chaceon maritae) تُعتبر ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا. وفي جنوب أفريقيا، لا يزال مستوى الوفرة النسبية والمصيد من موارد الأسماك السطحية الصغيرة – السردين (Sardinops sagax) والأنشوفة (Engraulis capensis) – منخفضًا على الرغم من الإدارة الصارمة والرصد المستمر. وتتعرّض مصايد جراد البحر الصخري في الساحل الغربي في جنوب أفريقيا لاستغلال مفرط وتبلغ حاليًا 1.3 في المائة من مستويات ما قبل عام 1910. وفي ناميبيا، وصلت أرصدة السرطان الأحمر (Chaceon maritae) إلى مستويات مستدامة بيولوجيًا. ويدعم الماكريل الحصاني مصايد الأسماك الكبيرة في المنطقة، وقد انتعشت أرصدته إلى مستويات مستدامة بيولوجيًا بعد أنشطة الضم الجيدة وتدابير الإدارة الصارمة. وتشير عمليات تقييم أرصدة أسماك أبو الشص (Lophius vomenirus) إلى أنه يتم صيدها بشكل مستدام في مياه ناميبيا وجنوب أفريقيا. ولا تزال أرصدة السردين في جنوب أفريقيا متدهورة للغاية، وتحتاج إلى تدابير حفظ خاصة من ناميبيا (Sardinops ocellatus) وجنوب أفريقيا (Sardinops sagax). ولا تزال أرصدة السردينيلا (Sardinella aurita وSardinella maderensis) – والتي تُعتبر ذات أهمية كبيرة في أنغولا وإلى حد ما في ناميبيا – ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا. ويتم صيد معظم الأسماك ذات الأهمية المحلية في جنوب أفريقيا والتي تُستخدم السنانير لصيدها بشكل مستدام أو أنها في طور التعافي. ويتم صيد أسماك Thyrsites atun، والسريولا الأصفر (Seriola lalandi)، وأسماك Argyrozona argyrozona بشكل مستدام، ولكن لا تزال بعض الأرصدة الهامة مثل أسماك Argyrosomus inodorus تتعرّض للاستغلال المفرط. ولا تكشف البيانات المحدَّثة المتعلقة بأسماك أُذن البحر البرلمون (Haliotis midae) عن علامات تعافٍ للموارد، كما يتواصل انخفاض الأرصدة بسبب الصيد غير القانوني. وبشكل عام، تم صيد 59.5 في المائة من الأرصدة المقدّرة في منطقة جنوب شرق المحيط الأطلسي ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2021، ويمثّل ذلك انخفاضًا بنسبة 5.2 في المائة بالمقارنة مع عام 2019.
المحيط الهندي (المنطقتان 51، 57)
استمر ارتفاع الكميات الإجمالية لعمليات إنزال المصيد الذي تم صيده في منطقة غرب المحيط الهندي (المنطقة 51) ووصل إلى 5.1 مليون طن و5.4 ملايين طن في عامي 2020 و2021، على التوالي (الشكل 20). واستمرت أسماك التونة والأسماك الشبيهة بالتونة بالمساهمة بالحصة الأكبر، تليها الأسماك السطحية الصغيرة وأسماك الشعاب المرجانية المختلطة (المرتبطة في المقام الأول بالشعاب المرجانية). وساهمت الجمبريات والرخويات من رأسيات الأرجل أيضًا في عمليات الإنزال الإجمالية ولكن بمستويات أقل نسبيًا. وساهمت الأسماك السطحية بنحو 56 في المائة من عمليات الإنزال الإجمالية. ويتم صيد أرصدة أسماك التونة والأربيان – وهي مصادر هامة للعائدات الأجنبية – إما بأعلى قدر من الاستدامة أو يتم استغلالها استغلالًا مفرطًا في المنطقة. وتقوم هيئة أسماك التونة في المحيط الهندي بتحديث حالة أسماك التونة والأسماك الشبيهة بها بصورة منتظمة، في حين تسعى هيئة مصايد أسماك جنوب غرب المحيط الهندي إلى تقدير الأرصدة الإقليمية الرئيسية الأخرى في أعالي البحار باستخدام أساليب محدودة البيانات. وتشير تقديرات تقييم عام 2021 إلى أن 62.5 في المائة من الأرصدة المقدّرة في منطقة غرب المحيط الهندي كانت ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا، في حين كانت 37.5 في المائة منها مستغلة استغلالًا مفرطًا.
وأظهرت عمليات إنزال المصيد في منطقة شرق المحيط الهندي (المنطقة 57) اتجاهًا تصاعديًا ثابتًا على مدى العقود الماضية، حيث ارتفعت إلى أكثر من 7 ملايين طن في عام 2017 قبل أن تستقر عند حوالي 6 ملايين طن في السنوات الأخيرة. ولسوء الحظ، لا تزال البيانات الشاملة عن حالة الأرصدة قليلة بشكل واضح، حيث تتوفر المعلومات في المقام الأول عن أرصدة ساحلية مختارة في مناطق محددة. وتظهر أسماك الصبور والماكريل الإسباني ذي الخطوط الضيقة والماكريل الحصاني اتجاهات متزايدة في الإنتاج. ومن الجدير بالذكر أن أرصدة الأسماك السطحية الصغيرة، بما في ذلك السردين والأنشوفة والسردين الهندي، تظهر تقلبات واضحة في الإنتاج من المحتمل أن تكون ناجمة عن التغيّرات في ضغوط الصيد والظروف البيئية. ومن بين الأرصدة التي تُعتبر موجودة ضمن مستويات مستدامة أرصدة أسماك الصبور والماكريل الهندي والأنشوفة والروبيان النمري العملاق والسبيط والحبّار. وتُعتبر أرصدة أسماك Tenualosa toil والسردين الهندي والسردينيلا مستغلة استغلالًا مفرطًا. ويشير التقدير الحالي إلى أن 63.5 في المائة من الأرصدة المقدّرة تتواجد ضمن عتبات مستدامة بيولوجيًا، ويمثّل ذلك انخفاضًا قدره 1.8 في المائة بالمقارنة مع عام 2019.
المحيط الهادئ (المناطق 61، 67، 71، 77، 81، 87)
تسجل منطقة شمال غرب المحيط الهادئ (المنطقة 61) أعلى إنتاج لمصايد الأسماك ضمن مناطق الصيد الرئيسية في المنظمة، حيث بلغ الإنتاج 19.3 ملايين طن من الحيوانات المائية، وشكّل ذلك 23.8 في المائة من إنتاج مصايد الأسماك البحرية في العالم في عام 2021. ومن بين الأنواع التي تناولها التحليل وعددها 17 نوعًا، كانت قدّية ألاسكا هي الأعلى إنتاجية في عام 2021 بإنتاج قدره مليوني (2) طن. وتاريخيًا، لطالما كان هذا النوع هو الأكثر إنتاجية في المنطقة 61، وبلغ ذروته في عام 1986 بمقدار 5.1 مليون طن. أما ثاني أكثر الأنواع إنتاجية في عام 2021 فكان سمك الشّك الزرو في المحيط الهادئ (Scomber japonicus) بإنتاج قدره 1.2 مليون طن. وتلاه سردين المحيط الهادئ (Sardinox sagax) بإنتاج قدره 1.03 ملايين طن، وهي مرتبة كان يشغلها سابقًا البلشار الياباني (Sardinops melanostictus)، وهو أحد الأنواع الأخرى المنتجة تاريخيًا وبلغت عمليات إنزاله ذروتها في عام 1988 بمقدار 5.4 ملايين طن. وقد تبع هذه الأنواع عن كثب سمك السيوف (Trichiurus lepturus) بمقدار مليون (1) طن والأنشوفة اليابانية (Engraulis japonicus) بمقدار 0.9 ملايين طن. ومن بين الأنواع التي تناولها التحليل، شهدت أسماك السيوف والأنشوفة اليابانية أكبر زيادة في عمليات الإنزال منذ عام 1990. وبشكل عام، كان حوالي 44 في المائة من الأرصدة المقدّرة في عام 2021 ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا – ويمثّل ذلك انخفاضًا بنسبة 11 في المائة في الحالة المستدامة بالمقارنة مع عام 2019.
وظلت كميات عمليات إنزال المصيد الذي تم صيده في منطقة شمال شرق المحيط الهادئ (المنطقة 67) مستقرة إلى حد ما خلال الفترة 2013–2021، بما يعادل 3 ملايين طن سنويًا على وجه التقريب (الشكل 20). وظلت قدّية ألاسكا النوع الأكثر وفرة، حيث مثّلت حوالي 51 في المائة من عمليات الإنزال الإجمالية. وكان سمك النازللي في شمال المحيط الهادئ (Merluccius Productus)، وسمك قدّ المحيط الهادئ (Gadus microcephalus)، وسمك موسى أيضًا من الأنواع الرئيسية المساهمة في عمليات الإنزال. وتُعتبر معظم الأرصدة في هذه المنطقة ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا وتتم إدارتها بشكل جيد. ويعود الفضل في ذلك إلى النصيحة المستندة إلى العلم التي قدمتها هيئة مصايد أسماك شمال المحيط الهادئ ومجلس إدارة مصايد الأسماك في شمال المحيط الهادئ في الولايات المتحدة لتحديد إجمالي المصيد المسموح به عند مستوى أقلّ بكثير من قدرة الغلة القصوى المستدامة لأسماك القدّية لتحقيق أهداف الغلة القصوى المستدامة عبر جميع الأنواع التي يتم صيدها في مصايد أسماك شباك الجرّ ذات الأرصدة المختلطة، بالإضافة إلى الحوكمة الرشيدة، ما ساعد على الحد من ضغوط الصيد. غير أنه تم استغلال بعض أرصدة أسماك السلمون في المحيط الهادئ في الولايات الجنوبية (كولومبيا البريطانية في كندا، وولايات واشنطن وأوريغون وكاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية) استغلالًا مفرطًا في عام 2021، ولا تزال بعض أرصدة سمك الرنجة في المحيط الهادئ، وسرطان البحر، وسمك الصخور ذي العين الصفراء تتعافى من الاستغلال المفرط. ويُعتبر الفشل في أنشطة ضم سلطعون الثلج في بحر بيرنغ نتيجة تغيّر المناخ مصدر قلق بشأن التغييرات المحتملة الطويلة الأجل في هذه المناطق. وبشكل عام، كان 76.5 في المائة من الأرصدة المقدّرة في منطقة شمال شرق المحيط الهادئ ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2021؛ ومع أن هذه النتيجة تضع المنطقة في المرتبة الثالثة ضمن جميع المناطق التي يتم رصدها عالميًا، فإن المنطقة تشهد انخفاضًا كبيرًا يعادل 9.6 في المائة بالمقارنة مع تقييم عام 2019، وهو يتعلق بتراجع أنشطة الضم في بعض الأرصدة والتي قد يعود السبب فيها إلى تغيّر المناخ.
وأنتجت منطقة غرب وسط المحيط الهادئ (المنطقة 71) ثاني أكبر عملية إنزال للمصيد في جميع أنحاء العالم – 13.4 ملايين طن (حوالي 17 في المائة من عمليات الإنزال في المناطق البحرية في العالم) – في عام 2021. وتم إنزال العديد من أنواع الأسماك، غير أنه لم يتم تصنيف عمليات الإنزال دائمًا كأنواع محددة وتم تسجيلها في العديد من الفئات العامة مثل «أسماك بحرية غير مدرجة في أي مكان آخر» و»أسماك القرش، والرايس، وأسماك الشفنين، وغيرها». وشكّلت هذه الفئات 57 في المائة من إجمالي عمليات الإنزال في المنطقة في عام 2021. وشغلت أسماك التونة والأنواع المشابهة لها موقعًا هامًا، حيث ساهمت بحوالي 26 في المائة من عمليات الإنزال الإجمالية. وكانت نسبة الأنواع السطحية الصغيرة مثل السردين والأنشوفة والكرارج عالية أيضًا (13.7 في المائة). وتشير التقديرات إلى أن 65.2 في المائة من الأرصدة المقدّرة كانت ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا، في حين كانت 35 في المائة منها غير مستدامة. غير أنه ينبغي التعامل مع هذه النتائج بحذر بالنظر إلى عدم اليقين في بيانات المنطقة.
وتراوحت كميات عمليات إنزال المصيد الذي تم صيده في منطقة شرق وسط المحيط الهادئ (المنطقة 77) على مدى العقود القليلة الماضية بين 1.5 ومليوني (2) طن؛ وبلغت 1.7 ملايين طن في عام 2021. وتتألف عمليات الإنزال في هذه المنطقة في المقام الأول من الأسماك السطحية الصغيرة والمتوسطة الحجم والحبّار والأربيان، وهي عرضة بطبيعتها للتغيّرات بين السنوات في أحوال المحيطات ويمكن أن تسبّب تقلبات في عمليات الإنزال رغم معدلات الاستغلال المستدامة. وتشير التقديرات إلى أنه يتم صيد حوالي 84.2 في المائة من الأرصدة الموجودة في منطقة شرق وسط المحيط الهادئ بمستويات مستدامة بيولوجيًا. وتُعتبر هذه أعلى درجة مسجلة على صعيد الاستدامة بين جميع مناطق الصيد، وذلك على الرغم من الانخفاض الطفيف مقارنة بعام 2019. وتجدر الإشارة إلى أنه تتم إدارة أرصدة سردين كاليفورنيا (Sardinops caeruleus)، والأنشوفة (Engraulis mordax)، وأنشوفة المحيط الهادئ (Cetengraulis mysticetus)، والرنجة الخيطية في المحيط الهادئ (Opisthonema liberte) والحبّار الطائر العملاق (Dosidicus gigas) حاليًا ضمن مستويات مستدامة. غير أن الموارد الساحلية للأنواع العالية القيمة، بما في ذلك أسماك الهامور وسمك البهار والأربيان لا تزال تتعرّض للاستغلال المفرط. ومن المؤسف أن حالة هذه الأرصدة لا تزال غير مؤكدة إلى حد كبير بسبب محدودية البيانات.
وبلغ إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية في منطقة جنوب غرب المحيط الهادئ (المنطقة 81) في عام 2021 حوالي 390 000 طن (الشكل 20) من أنواع متنوعة إلى حد كبير. وتمثّلت الأنواع الرئيسية في أسماك القاذفة الزرقاء، وأسماك الماكريل في المياه السطحية، والحبّار، والتي تمثّل حوالي 47 في المائة من إجمالي كميات عمليات الإنزال التي تم صيدها في عام 2021. كما تُعدّ أسماك الغبر الأزرق الجنوبي، وأسماك الجراب، وأنقليس البرسم الوردي من الأسماك الهامة أيضًا في المنطقة. وتمثّل أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في انخفاض كميات عمليات الإنزال منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي في خفض حدود المصيد لضمان الاستدامة. وتُعتبر بعض الأرصدة غير مستغلة بالكامل. وبشكل عام، كان حوالي 75.9 في المائة من أرصدة مصايد الأسماك المقدّرة في منطقة جنوب غرب المحيط الهادئ ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا في عام 2021، وهو وضع مستقر منذ عام 2019.
ووصلت كميات عمليات إنزال المصيد الذي تم صيده في منطقة جنوب شرق المحيط الهادئ (المنطقة 87) إلى 10 ملايين طن في عام 2021، أي حوالي 12.5 في المائة من كميات عمليات الإنزال في العالم وثالث أكبر إنتاج لمصايد الأسماك الطبيعية في المناطق البحرية. وقد انعكس الاتجاه التنازلي الواضح في عمليات الإنزال الذي استمر من مطلع تسعينيات القرن الماضي حتى عام 2016، ويرجع ذلك في الغالب إلى الزيادات في عمليات إنزال مصيد الأنشوفة البيروفية (Engraulis Ringens) (الشكل 20). وتمثّل النوعان الأكثر إنتاجية في الأنشوفة والحبّار الطائر العملاق (Dosidicus gigas)، حيث بلغت كميات عمليات الإنزال حوالي 5.9 ملايين طن ومليون (1) طن على التوالي. وفي حين يُعتبر رصيد الأنشوفة ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا – على الأرجح بسبب الإدارة الفعّالة لمصايد الأسماك والظروف البيئية المؤاتية – فإن رصيد الحبّار الطائر العملاق يُظهر علامات على تعرّضه للاستغلال المفرط. وتشير التقديرات أيضًا إلى أن رصيد الرنجة (Strangomera bentincki) يقع ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا. وفي المقابل، تشير التقديرات إلى أن جميع أرصدة سمك بلشار أمريكا الجنوبية (Sardinops sagax)، وسمك النازللي في جنوب المحيط الهادئ (Merluccius gayi)، وسمك النازللي الجنوبي (Merluccius australis)، وسمك باتاغونيا المسنن (Dissostichus eleginoides) تقع حاليًا ضمن مستويات غير مستدامة. ومع ذلك، فقد انتعشت أرصدة سمك الشّك الزرو في المحيط الهادئ (Scomber japonicus) حتى وصلت إلى مستويات مستدامة في المنطقة. ومع أن غالبية مصيد هذه المنطقة (حوالي 83 في المائة، بسبب الأنشوفة البيروفية) يأتي من أرصدة عند مستويات مستدامة، إلّا أن 33.3 في المائة فقط من أرصدتها المقدّرة كانت على وجه العموم ضمن مستويات مستدامة في عام 2021، على غرار مستويات عام 2019.
الاستنتاجات
رغم وجود تقارير تقدير رسمية كاملة للأرصدة الرئيسية المستغلة في العديد من المناطق، الأمر الذي يسمح بإجراء تقدير فعّال لحالة تلك الأرصدة، إلّا أن ذلك لا ينطبق على العديد من المناطق الأخرى. وكثيرًا ما لا تكون المعرفة المتعلقة بتركيبة الرصيد بالنسبة إلى معظم الأنواع التي يتم صيدها كافية لإجراء تقديرات رسمية للرصيد. ويتجلى هذا الأثر بشكل ملحوظ في المناطق التي تهيمن عليها مصايد الأسماك صغيرة النطاق والمتعددة الأنواع والمعدات، والتي تُعتبر بياناتها (الكمية والنوعية) محدودة ومستوى المعرفة فيها بهيكل الأرصدة ضعيفًا بالنسبة إلى معظم الأنواع التي يتم صيدها. ولهذا السبب، يتم تقييم جزء كبير من الأرصدة التي يغطيها هذا الاستعراض باستخدام اتجاهات المصيد والبيانات التكميلية أو معرفة الخبراء بدلًا من تقديرات الأرصدة التحليلية أو البيانات المستقلة عن مصايد الأسماك.
ويعتمد التقييم العالمي الذي تجريه المنظمة في المقام الأول على تقديرات الأرصدة «التقليدية» الإحصائية الكاملة، ولكنه يعتمد أيضًا على تقديرات محدودة البيانات أو أساليب استخلاص الخبراء (منظمة الأغذية والزراعة، 2011). ويكمن أحد أسباب الاختلافات المحتملة بين نهج المنظمة، وعلى سبيل المثال، توقعات Worm العالمية لمصايد الأسماك في العالم (Worm وآخرون، 2009)، في استخدام أرصدة مختلفة لتقدير النسب المئوية للصيد المفرط عبر الدراسات المختلفة. وهناك عامل رئيسي آخر محتمل يتمثل في ميل منهجية المنظمة إلى تجميع الأرصدة في وحدات أكبر بالمقارنة مع نهج Worm وآخرين. وبغض النظر عن هذه المحاذير، فإن حصة أرصدة الأسماك الموجودة ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا وفقًا لتقييم المنظمة لموارد مصايد الأسماك البحرية قد انخفضت في عام 2021 إلى نسبة 62.3 في المائة، ويستمر بذلك الاتجاه التنازلي العام الذي تراوح بين 0.5 و1 في المائة سنويًا على مدى العقود القليلة الماضية.
وتعمل المنظمة على إدخال تحسين هام في المنهجية والعمليات المستخدمة للإبلاغ عن حالة موارد مصايد الأسماك المستغلة (انظر الإطار 28، الصفحة 160)، وسيحسّن هذا العمل جودة وموثوقية وشفافية المؤشرات العالمية التي تقوم المنظمة بالإبلاغ عنها.
آفاق تحقيق مقصد هدف التنمية المستدامة الخاص بمصايد الأسماك
تم تكليف المنظمة، بموجب أهداف التنمية المستدامة (تحديدًا الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة) بتتبّع التقدم العالمي المحرز في الاستخدام المستدام للموارد السمكية (المقصد 14–4). وفي عام 2021، تم صيد 62.3 في المائة من أرصدة مصايد الأسماك البحرية في العالم ضمن مستويات مستدامة بيولوجيًا. ويثير الاتجاه التنازلي المستمر لحصة الأرصدة التي يتم صيدها بشكل مستدام (انظر الشكل 18، الصفحة 43) قلق المجتمع الدولي وأصحاب المصلحة المعنيين، إذ تبرز الحاجة إلى خطط استعادة ملموسة عاجلة وجهود إدارية لتحقيق استدامة مصايد الأسماك. غير أن هناك بوادر إيجابية في بعض مناطق العالم (مثل شمال المحيط الأطلسي، وشمال شرق وجنوب شرق المحيط الهادئ)، التي قامت بتحسين نسبة الأرصدة التي يتم صيدها بشكل مستدام. ويرتبط ذلك بشكل مباشر بالتحسّن في التقدير والإدارة الذي يؤدي بدوره إلى تحسّن تقديرات الصيد المستدام (Hilborn وآخرون، 2020). والتغيير قادم في أجزاء أخرى من العالم، ولكن ذلك يتم لسوء الحظ بوتيرة أبطأ من الجدول الزمني المطلوب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ولا يسبب الصيد المفرط – أي الصيد الذي يؤدي إلى انخفاض وفرة الأرصدة إلى ما دون المستوى الذي يسمح بإنتاج الغلة القصوى المستدامة – تأثيرات سلبية على التنوع البيولوجي وأداء النظام الإيكولوجي فحسب، بل يقلل أيضًا من إنتاج الأسماك، وهو ما يؤدي بالتالي إلى عواقب اجتماعية واقتصادية سلبية. ويمكن لإعادة بناء الأرصدة التي تعرّضت للصيد المفرط إلى الكتلة الأحيائية التي تمكّنها من توفير الغلة المستدامة القصوى أن يزيد إنتاج مصايد الأسماك بمقدار 16.5 ملايين طن وأن يحقق ريعًا سنويًا بمقدار 32 مليار دولار أمريكيي (Ye وآخرون، 2013). وتقدّر دراسة حديثة أن سوء إدارة مصايد الأسماك يؤدي إلى ضياع إيرادات تتجاوز قيمتها 83 مليار دولار أمريكي سنويًا (البنك الدولي، 2017). كما من شأن إعادة بناء الأرصدة أن تزيد بشكل كبير مساهمة مصايد الأسماك البحرية في الأمن الغذائي، والتغذية، والاقتصاد، والرفاه لصالح المجتمعات الساحلية.
وحدد الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة (حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة) الغاية 14–4: إنهاء الصيد المفرط بحلول عام 2020. ولسوء الحظ، انحرفت مصايد الأسماك العالمية عن هذه الغاية في ظل زيادة الصيد المفرط من 35.4 في المائة في عام 2019 إلى 37.7 في المائة في عام 2021. غير أن هذه الصورة العالمية تخفي اختلافات إقليمية وبين البلدان. وتُظهر دراسة (Hilborn وآخرون، 2020) أن الأرصدة التي تتم إدارتها بشكل مكثف شهدت، في المتوسط، زيادة في الوفرة أو بلغت المستويات المستهدفة المقترحة، في حين تسجل المناطق التي تُعتبر إدارة مصايد الأسماك فيها أقل تطورًا معدلات صيد أعلى بكثير ووفرة أقل على صعيد المستويات المستهدفة. ويسلّط ذلك الضوء على الحاجة الملحة إلى تكرار وإعادة تكييف السياسات واللوائح الناجحة في مصايد الأسماك التي لا تتم إدارتها بشكل مستدام وإنشاء آليات ابتكارية تعزز الإدارة الفعّالة لمصايد الأسماك من أجل تحقيق الاستخدام المستدام للموارد البحرية في جميع أنحاء العالم بما يتماشى مع هدف التحوّل الأزرق في المنظمة المتمثل في ضمان خضوع 100 في المائة من مصايد الأسماك للإدارة الفعّالة، وبما يتوافق مع خارطة طريق التحوّل الأزرق (منظمة الأغذية والزراعة، 2022أ).
المصايد الداخلية
تساهم مصايد الأسماك الداخلية بأكثر من 12 في المائة من عمليات إنزال المصيد في العالم. ويمكن لمساهمتها أن تكون هامة بشكل خاص في البلدان النامية غير الساحلية وبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض. وفي الواقع، تُعتبر بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفص مصدر 21 في المائة (2.4 ملايين طن، 2021) من مصيد الأسماك الداخلية في العالم، ما يجعلها ذات أهمية خاصة لكفاف سكان هذه البلدان – أي لتحقيق أمنهم الغذائي والتخفيف من وطأة فقرهم. ويعمل حوالي 70 في المائة من جميع صيادي الكفاف في استغلال مصايد الأسماك الداخلية، وغالبًا ما يقومون بذلك إلى جانب أنشطة أخرى أو كنشاط تكميلي خلال أوقات تراجع الطلب على العمالة.
وتنتشر مصايد الأسماك الداخلية على نطاق واسع، كما أنها تُعتبر متنوعة إلى حدّ كبير. وبالإضافة إلى البحيرات الكبيرة والخزانات والأنهار والسهول الفيضية، يتم الصيد في المستنقعات، والجداول والبرك، والخزانات، والأقنية، والخنادق، وحقول الأرزّ. ويُعتبر الصيد في هذه المسطحات المائية بطبيعته صغير النطاق في أغلب الحالات، حيث تقوم مصايد الأسماك صغيرة النطاق بإنتاج 99 في المائة من إجمالي إنتاج المصيد الداخلي. كما يمكن أن تتسم مصايد الأسماك هذه بتنوع الصيادين، وممارسات الصيد وترتيبات الإدارة وسلاسل القيمة المرتبطة بها.
ويتركّز إنتاج مصايد الأسماك الداخلية بشكل أكبر في البلدان التي توجد فيها مسطحات مائية أو أحواض أنهار هامة. وتُعتبر آسيا موطن أكبر أربعة بلدان منتجة للأسماك الداخلية – وهي الهند، والصين، وبنغلاديش، وميانمار – وتمثّل حصتها حوالي ثلثي الإنتاج العالمي لمصايد الأسماك الداخلية. وتُعدّ السهول الفيضية الاستوائية المرتبطة بالبحيرات وأحواض الأنهار موطنًا لبعض أكبر مصايد الأسماك الداخلية في العالم وتقدّم مساهمات هامة في سبل العيش والأمن الغذائي والتغذية. وفي هذه البيئات الديناميكية، يمكن للتقلبات السنوية في الفيضانات أن تُحدث تأثيرًا أكبر على معدلات البقاء والنمو من حجم الأرصدة وإنتاجيتها. ويمكن لذلك أن يؤدي إلى تغييرات في الإنتاجية وفي تكوين الأنواع في عمليات إنزال المصيد.
ويختلف توزيع مصايد الأسماك الداخلية وطبيعتها عن مصايد الأسماك البحرية. ونظرًا إلى طبيعة الموائل المائية الداخلية، فإن العديد من الأرصدة السمكية الداخلية تمر بدورات حياة تمكّنها من اختبار مستويات نفوق عالية ترتبط بالبيئات الديناميكية التي لا يمكن التنبؤ بها والتعافي منها. ونظرًا إلى كثرة الأشخاص المعنيين، يمكن لضغط الصيد أن يكون مرتفعًا؛ غير أن العوامل البيئية تؤدي دورًا أكبر في إنتاجية هذه المصايد وقدرتها على الصمود. ويختلف الوضع في البحيرات أو الجداول ذات الحرارة المعتدلة أو القطبية الشمالية، حيث يمكن للأرصدة السمكية الأكثر عزلة أن تتعرّض للصيد المفرط؛ ولكن حتى في هذه البيئات، تؤدي التغيّرات الأخرى – مثل، التغيّرات في الاتصال ونوعية المياه وحالة أماكن التكاثر – دورًا هامًا في حالة أرصدة مصايد الأسماك وصحتها.
ويتسم الصيد في المياه الداخلية بالتنوع أيضًا. وفي حين تجري بعض عمليات الصيد على مدار السنة، إلّا أنها في حالات أخرى تكون موسمية أو عرضية، ويتم تنفيذها لتكملة أنشطة أخرى مدرّة للدخل أو عندما يتراجع الطلب على العمالة. ولا يزال هناك ضعف في تحديد الكميات والإبلاغ عن الكثير من عمليات الصيد في المسطحات المائية الموسمية والجداول الصغيرة وغيرها من الأراضي الرطبة الهامشية، بما في ذلك أنشطة ما بعد الحصاد ذات الصلة، وذلك على الرغم من الاعتراف بما تنطوي عليه من أنشطة ومساهمات في سبل العيش. وفي حين أن مساهمات مصايد الأسماك الداخلية في الحدّ من الفقر يمكن أن تكون كبيرة بالنسبة للعديد من البلدان والمجتمعات المحلية، إلّا أن صغر نطاقها وطبيعتها المشتتة والنائية في كثير من الأحيان تجعل تقديرها الشامل محفوفًا بالتحديات.
وتعتمد حالة مصايد الأسماك الداخلية ومساهماتها في الأمن الغذائي وسبل العيش والاقتصادات في نهاية المطاف على البيئات المائية الداخلية. وغالبًا ما تشهد هذه البيئات تقلبات وتتكيف المجتمعات المحلية مع هذه التغيّرات الطبيعية وتحوّل التغيرات الموسمية والسنوية الناتجة إلى مصدر قوة. غير أن هذه التغييرات تُعتبر أيضًا من ضمن أسرع التغييرات في العالم وتطرح تحديات فريدة من نوعها. ويمكن أن تنتج عن الطلبات المتنافسة على استخدام المياه في الزراعة أو الصناعة أو الاستهلاك البشري أو الترفيه، وأن تحدث على نطاقات مختلفة. ويؤدي صغر نطاق العديد من مصايد الأسماك الداخلية وطبيعتها المشتتة – وقد يتأثر كل منها بمجموعة من الدوافع المحلية – إلى تحديات محددة؛ وبالتالي، فإن الإحصاءات الإجمالية للإنتاج الوطني (في حال وجودها) لا تميل إلى توفير مؤشر موثوق لتقييم حالة مصايد الأسماك الداخلية. ولا يعكس الرصد المنتظم العديد من سبل العيش والمنافع الاقتصادية لمصايد الأسماك الداخلية. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لأنشطة صيد الأسماك المعيشية والترفيهية والعرضية والتبادلات غير الرسمية أن تمثّل جميعها مساهمات هامة بالنسبة إلى الأسر المعيشية والمجتمعات المحلية وأن تنطوي على صعوبات في قياسها الكمي. وبدلًا من ذلك، يسلّط تقدير التهديد العالمي الضوء على الأماكن التي قد توجد فيها ضغوط يمكن أن تؤثر على هذه المساهمات. وبالتالي، فإن تقييم التهديد يمكن أن يوفر الأساس لتقييم كيفية تأثير التغيّرات التي تشهدها البيئات المائية الداخلية على المنافع والفرص التي توفرها مصايد الأسماك الداخلية.
وتتطلب هذه التحديات وجود نهج قادر على وضع حالة مصايد الأسماك الداخلية في سياق التغيير الأوسع. وقد أدى ذلك، بالإضافة إلى الروابط بين البيئات المائية الداخلية، إلى اعتماد حوض النهر أو مستجمعات المياه كمقياس مناسب لتقييم التهديدات، بحيث يصبح من الممكن تحديد آثار التعديلات في استخدام الأراضي ونوعية المياه وتطوير البنية التحتية فضلًا عن تغيّر المناخ. وشكّل ذلك الأساس لنهج إنشاء خريطة التهديد العالمي لمصايد الأسماك الداخلية التي طورتها المنظمة بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للمسح الجيولوجي.
وقام هذا النهج بتحليل 20 نوعًا من التهديدات البشرية المنشأ من أجل وضع مؤشرات للتهديد الإجمالي لأرصدة الأسماك الداخلية (Stokes وآخرون، 2021). وبغية رصد مصايد الأسماك الداخلية الصغيرة النطاق المشتتة والموسمية والعرضية، يجمع هذا النهج معلومات من مصادر متعددة، بما في ذلك استخدام مؤشرات بديلة لتوفير تقديرات شفافة قابلة للتكرار للتهديدات التي تواجه مصايد الأسماك الداخلية. وتشير أحدث النتائج إلى أنه من ضمن كافة الأحواض الرئيسية المدرجة في التقدير باعتبارها هامة لمصايد الأسماك الداخلية، كانت نسبة 47 في المائة تتعرّض «لضغط منخفض»، و40 في المائة تتعرّض «لضغط معتدل»، و13 في المائة تتعرّض «لضغط مرتفع» (الشكل 21). وتعتمد معايير وصف فئة الضغط على مقياس رقمي من واحد إلى عشرة، حيث يشير الضغط المنخفض إلى الأحواض التي حصلت على درجة من 1 إلى 3، والضغط المعتدل على درجة من 4 إلى 7، والضغط المرتفع على درجة من 8 إلى 10. ويمكن أن تساعد النتائج في تحديد أولويات التدخلات في سياق الإدارة المتكاملة للموارد المائية.
الشكل 21حالة مصايد الأسماك الداخلية الرئيسية

المصدر: Stokes, G.L., Lynch, A.J., Funge-Smith, S., Valbo‐Jørgensen, J., Beard Jr, T.D., Lowe, B.S., Wong, J.P. & Smidt, S.J. 2021. A global dataset of inland fisheries expert knowledge. Scientific Data, 8(1): 182. https://doi.org/10.1038/s41597–021–00949–0
- والأرصدة المتوافرة عند أو قرب مستوى الغلة المستدامة القصوى. تعرّف منظمة الأغذية والزراعة مجموعة أسماك على أنه يتم صيدها بأعلى قدر من الاستدامة عندما تكون كتلتها الحيوية أعلى من 80 في المائة ولكن أقلّ من 120 في المائة من المستوى المستهدف، أي 0.8B/BMSY – 1.2 B/BMSY (حيث يشير BMSY إلى الكتلة الحيوية المرتبطة بالغلة القصوى المستدامة).
- زالأرصدة ذات توافر يفوق المستوى المعادل للغلة المستدامة القصوى. وتعرّف منظمة الأغذية والزراعة مجموعة أسماك بأنها غير مستغلة بالكامل عندما تكون كتلتها الحيوية أعلى من 120 في المائة من المستوى المستهدف (B/BMSY > 1.2).
- حيشير مصطلح عمليات الإنزال في هذا القسم المتعلق بمصايد الأسماك البحرية إلى إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية من الحيوانات المائية في المناطق البحرية.
- طيشير الاستغلال المفرط إلى الأرصدة التي تكون وفرتها أقل من المستوى الذي يكفل إنتاج غلة قصوى مستدامة. وتعرّف منظمة الأغذية والزراعة مجموعة أسماك ما على أنها مستغلة استغلالًا مفرطًا عندما تكون كتلتها الحيوية أقل من 80 في المائة من المستوى المستهدف (B/BMSY <0.8).
- يتفيد المؤسسة الدولية المعنية باستدامة الأطعمة البحرية (2023)، التي تستخدم تعريفًا مختلفًا لنسبة الأرصدة التي يتم صيدها بشكل مستدام، أن 61 في المائة من أرصدة التونة تم صيدها بشكل مستدام، و17 في المائة تُعتبر مستغلة استغلالًا مفرطًا، و22 في المائة توجد في مرحلة متوسطة. وكذلك وفقًا للمؤسسة الدولية المعنية باستدامة الأطعمة البحرية (2023) فإن 85 في المائة من إجمالي مصيد التونة يأتي من أرصدة صحية.
- كتوفر الهيئة العامة لمصايد الأسماك في البحر الأبيض المتوسط تقييمًا إقليميًا موازيًا لحالة الأرصدة التجارية ذات الأولوية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود بهدف دعم إدارة مصايد الأسماك. وتم نشر أحدث إصدار في عام 2023 بناءً على السنة المرجعية 2021. ويستند هذا التقييم إلى عمليات التقييم العلمية التحليلية لوحدات الإدارة (مزيج من الأنواع ذات الأولوية والمناطق الفرعية الجغرافية ذات الأهمية) التي تغطي حوالي 50 في المائة من المصيد.