يُفترض في كثير من الأحيان أن ثورة زراعية رابعة قد بدأت وستؤدي فيها التكنولوجيات الرقمية دورًا حاسمًا في تحويل الإنتاج الزراعي – بما في ذلك المحاصيل والثروة الحيوانية وتربية الأحياء المائية والغابات – في خطوة نحو زيادة الكفاءة والاستدامة. وتشمل هذه التكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، والطائرات المسيَّرة، والروبوتات، وأجهزة الاستشعار، والنظام العالمي لسواتل الملاحة، وكذلك الآلات الرقمية الأخرى التي تساعد على أتمتة التشخيص واتخاذ القرارات والأداء في مختلف الأنشطة الزراعية، ما يتيح زيادة الدقة والكفاءة.2 ويتاح بعض هذه التكنولوجيات على المستوى التجاري، بينما تقترب تكنولوجيات أخرى من مراحل الجاهزية.26
وتُشير مختلف سيناريوهات الزراعة في السنوات والعقود المقبلة إلى زيادة محتملة في استخدام مختلف التكنولوجيات الرقمية وتكنولوجيات الأتمتة.28،27 وأصبح الانتشار الواسع للأجهزة المحمولة باليد (على سبيل المثال الهواتف المحمولة والهواتف الذكية وأجهزة الاستشعار وأجهزة إنترنت الأشياء) في السنوات الأخيرة واضحًا للعيان، وهو ناشئ في جانب كبير منه عن تحسن إمكانية الوصول إلى شبكات الهاتف المحمول واتساع نطاق تغطية الإنترنت، حتى في أبعد المناطق النائية في العالم. وعلى سبيل المثال، في عام 2020، حصل 69 في المائة من السكان في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، و64 في المائة في آسيا والمحيط الهادئ، و45 في المائة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، على هاتف ذكي، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام إلى 81 في المائة أو 79 في المائة أو 67 في المائة على التوالي بحلول عام 2025.9 ويرجع ذلك إلى الاستثمارات الهائلة في البنية التحتية من جانب الحكومات والقطاع الخاص على حد سواء. وعلى سبيل المثال، تستثمر شركة Google في أول كابل بحري للإنترنت في أفريقيا من خلال برنامج Equianoا.30
وفي ما يلي عرض وتحليل لإمكانات هذه التكنولوجيات في تحويل مشهد الميكنة الآلية والعمليات الزراعية بصفة عامة.
التكنولوجيات الرقمية تُحوّل الآلات الزراعية التقليدية
ينظر صانعو السياسات والمنظمات الدولية على نحو متزايد إلى الرقمنة باعتبارها تغيّر قواعد اللعبة في قطاع الزراعة. ومن المحوري لمعظم التكنولوجيات الرقمية إمكانية جمع البيانات وتبادلها لدعم عملية صنع القرار من جانب المنتجين الزراعيين أو غيرهم من أصحاب المصلحة، وفي نهاية المطاف، لتعزيز الفعالية والكفاءة.32،31 وفي السنوات الأخيرة، لاقت هذه التكنولوجيات والخدمات الرقمية اهتمامًا كبيرًا من جانب المانحين ومراكز البحوث ووكالات التنمية.35،34،33،29 ويتزايد إدماجها في الآلات المزوّدة بمحرّكات، ويمكن أن تُحدث تحوّلًا في استخدامها: تحقيق مزيد من الكفاءة والدقة في أداء العمليات الزراعية، وزيادة إمكانية الوصول إلى الآلات الزراعية ليشمل مناطق جديدة أو مجموعات اجتماعية واقتصادية جديدة، مثل صغار المنتجين.
ويعتمد كثير من هذه التكنولوجيات على تطبيقات تُشغّلها الهواتف الذكية، أو تعمل من خلال خدمة الاتصالات الهاتفية أو الرسائل. وتُمثّل خدمات الوصول المشتركة فئة فرعية من الخدمات الرقمية تتميَّز بإمكاناتها الكبيرة في توسيع الوصول إلى الميكنة الآلية، وتربط مالكي المعدّات (على سبيل المثال، الجرّارات أو الطائرات المسيَّرة) وأحيانًا أيضًا المشغّلين، بالمنتجين الزراعيين الذين يحتاجون إلى هذه المعدّات. ويدفع المنتجون الزراعيون لمالكي المعدات رسوم استخدام معداتهم عن كل ساعة أو لكل منطقة تخدمها المعدات، وتوجه نسبة مئوية أو رسوم ثابتة إلى الوسطاء. وأفضل مثال معروف على خدمة الأصول المشتركة هو شركة Hello Tractor (التي تعمل في سبعة بلدان أفريقية وكذلك في بنغلاديش والهند وباكستان).1 انظر في الإطار 3 حالتين ناجحتين في بعض البلدان الأفريقية وفي ميانمار.
الإطار 3الأدوات الرقمية لتحسين الوصول إلى خدمات الميكنة
تشهد الأدوات الرقمية القائمة على نموذج أوبر (Uber) لسيارات الأجرة اتجاهًا تصاعديًا وتُبشّر بخفض كلفة معاملات خدمات الجرّارات. وتؤجر شركة TROTRO Tractor في غانا وشركة Tun Yat في ميانمار الآلات وخدمات التشارك من خلال منصة رقمية وخدمات الهاتف المحمول. وتُظهر هذه الأدوات الإمكانات الحقيقية للميكنة الزراعية الشاملة للجميع.
وتوّفق شركة TROTRO Tractor بين صغار المنتجين والآلات الزراعية التي يحتاجون إليها، وهي الجرّارات في المقام الأول، ومالكي الآلات، من خلال منصة رقمية يمكن الوصول إليها من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، وكذلك من خلال بيانات الخدمات التكميلية غير المهيكلة للمستخدمين الذين لا يمتلكون هاتفًا ذكيًا. ويوجد حاليًا لدى شركة 75 000 TROTRO Tractor مزارع مسجّل من جميع أنحاء بنن وغانا ونيجيريا وتوغو وزامبيا وزمبابوي. وتعتمد الشركة على العلاقات بين الشركات والعملاء والعلاقات بين الشركات، مع الاحتفاظ بنسبة عمولة على كلفة الخدمة.
وبالإضافة إلى الجرّارات (التي تُقدّم أي نوع من الخدمات التي تتراوح بين الحرث إلى التمشيط ومن الغرس والبذر إلى الرش) وآلات الضم والدرس، تربط أيضًا منصة TROTRO Tractor المنتجين بمالكي الطائرات المسيَّرة الذين يقدّمون خدماتهم لرسم الخرائط ورش مبيدات الأعشاب الضارة. ويزداد الطلب على رسم الخرائط باستخدام الطائرات المسيّرة، إذ يُقدِّر المزارعون أهمية حيازة الأراضي ويدركون أن دقة بيانات الأراضي يمكن أن تكون حاسمة عند طلب الخدمات المالية من المصارف أو شركات التأمين.
وتُقدّم شركة Tun Yat خدمات جرّارات مماثلة من خلال تطبيق على الهاتف الذكي، وتستهدف من خلال هذه الخدمات على وجه التحديد المزارعين الصغار والمتوسطين، مع التركيز على النساء (اللواتي يمثّلن 30 في المائة من العملاء) والشباب (حيث تقلّ أعمار ما نسبته بين 25 و30 في المائة من العملاء عن 30 عامًا). وتملك شركة Tun Yat خمسة جرّارات وخمس آلات ضم ودرس، وتُقدّم مجموعة من خدمات الميكنة والوساطة إلى أكثر من 000 20 عميل. وتشمل خدمات الحرث، وتسوية الأرض، والبذر، والضم والدرس، بأسماء مختلفة للأنواع المختلفة من الحصاد (على سبيل المثال، فاصولياء مونغو الذهبية أو الذرة)، والالتقاط (على سبيل المثال، السمسم أو الفول السوداني). وينتمي معظم العملاء إلى فئة صغار المنتجين الذين تقل حيازاتهم من الأراضي عن هكتارين ويحتاجون بصفة خاصة إلى خدمات ميكنة موثوقة وميسورة الكلفة.
ويشمل نموذج أعمال شركة Tun Yat التنويع من خلال خدمات تشمل إعادة بيع المدخلات (مثل الأسمدة)، والوساطة الائتمانية، وتسوية الأرض بالليزر لمساعدة المزارعين في المناطق المعرّضة للفيضانات الذين يحتاجون إلى تسوية قطع الأراضي وتطوير الصرف. وتُقدّم الشركة أيضًا خدمات الشراء المباشر من مجموعات المزارعين الذين ينتجون المواد الخام التي يتم بعد ذلك تجهيزها في شكل وجبات خفيفة وبيعها في متاجر البقالة السريعة.
وإجمالًا فإن نموذج الأعمال الشبيه بخدمة أوبر لسيارات الأجرة مفيد سواءً للمزارعين الذين لا يمتلكون جرّارات ولمالكي المعدات؛ ويمكن لمالكي المعدات زيادة استخدام الآلات واستهلاك الوقود إلى أقصى حد ورصدهما عن كثب وتخطيطهما، ما يوفِّر أسعارًا تنافسية لقاعدة من العملاء على نطاق أوسع.
وتتمثل الفائدة الرئيسية لخدمات الأصول المشتركة في تحسّن نسبة الكلفة إلى العائد، إذ يحصل المزارعون على المعدات التي يحتاجون إليها من دون الحاجة إلى شرائها، في حين أن الرسوم التي يدفعونها تجعل المعدات أكثر فعالية من حيث الكلفة بالنسبة إلى المالك. وتتسم هذه الخدمات بأهمية خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث الملكية محدودة للغاية (انظر الإطار 2).
وهناك مجموعة أخرى من الخدمات الرقمية، وهي حلول رصد المعدات، أي التطبيقات البسيطة التي تعمل على أتمتة تشغيل معدات مثل مضخات الري،37،36 أو أجهزة النظام العالمي لسواتل الملاحة لتتبّع تحرّكات المعدات أو الحيوانات على سبيل المثال. وتُعدّ هذه الأنواع من الخدمات أول حلول زراعية ذكية تظهر في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.38 وتشمل الخدمات الأكثر تقدمًا حلول إنترنت الأشياء المستخدمة، على سبيل المثال، لرصد القرارات المتعلقة بالعناية بالمحاصيل أو الثروة الحيوانية أو الأسماك وأتمتتها (جزئيًا) في بعض الأحيان من أجل تحسين التشخيص واتخاذ القرارات والأداء. ويؤدي ذلك بدوره إلى تعزيز الدقة وتحسين الكفاءة وزيادة الإنتاجية، ويُقلل في الوقت نفسه من مشقة العمل. ويوجد أحد الأمثلة الملموسة على استخدام إنترنت الأشياء في الزراعة الدقيقة في الصين التي تدعم نظامًا متكاملًا للاستشعار التلقائي عن بُعد، والإنذار المبكر والري بالرش الدقيق في إنتاج الشاي؛ وتُكتشف التغييرات في الظروف البيئية، وتُقدّم التحذيرات في الوقت المناسب، ويبدأ الري تلقائيًا، عند الاقتضاء، ويؤدي ذلك بالتالي إلى تجنب الأضرار الناجمة عن الحرارة أو البرودة أو الجفاف.39
ولا يزال التحوّل الذي تحققه التكنولوجيات الرقمية في استخدام الآلات المزوَّدة بمحركات، مثل الجرّارات ومعدات الحصاد، محدودًا نوعًا ما، خاصة في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا.2،1 ومن ناحية أخرى، تشهد النماذج التنظيمية لاستخدام الآلات المزوّدة بمحركات تغييرات كبيرة. ويزداد التركيز على الملكية المشتركة للآلات بدلًا من ملكيتها الفردية من جانب المنتجين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وكان التشارك في الأصول موجودًا منذ فترة طويلة، ولكنّ نجاحه كان محدودًا، وذلك على سبيل المثال بسبب انعدام الثقة بين المزارعين والمشغلين ومالكي الآلات، والمسائل المتعلقة بصيانتها. وفي الآونة الأخيرة، يستخدم مقدمو الخدمات على نطاق واسع حلول تكنولوجيا الأشياء والنظام العالمي لسواتل الملاحة مع أنها لا تزال محدودة جدًا بين صغار المنتجين (بما فيها الحلول المشار إليها في الإطار 3). وهي تُعزز الشفافية والثقة بين مقدمي الخدمات والمستخدمين من خلال تحسين رصد الآلات. ولعل أهم تغيير هو ربط معدات الميكنة التقليدية بأجهزة إنترنت الأشياء (على سبيل المثال، الجمع بين معدات الحصاد الآلية من خدمات التأجير، والبيانات المستمدة من النظام العالمي لسواتل الملاحة، والمشغلين المدربين على قيادة الجرّارات)، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الفعالية في استخدام الآلات، فضلًا عن زيادة الغلات.1
إمكانات التكنولوجيات الرقمية في الزراعة الدقيقة غير المميكنة
تناول القسم السابق بالوصف الطريقة التي يمكن من خلالها للتكنولوجيات الرقمية تحويل مشهد الآلات الزراعية، ما يجعل الميكنة أكثر دقة وأكثر سهولة. ومع ذلك، لا يزال الأخذ بالميكنة الزراعية الآلية محدودًا في العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وهناك بحوث متزايدة بشأن الإنتاج غير المميكن في مجال الزراعة الدقيقة ويزداد الأخذ بها.42،41،40 ووُضعت منهجيات للمعالجة بالأسمدة يدويًا في مواقع محددة منذ فترة طويلة – على سبيل المثال، تكنولوجيا المعدل المتغيِّر للأسمدة في زراعة الأرزّ43 – في حين أن ماسحة التربة AgroCares المحمولة باليد، متاحة في العديد من البلدان المنخفضة في أفريقيا وآسيا.44 وتستخدم المزارع غير المميكنة في أفريقيا وآسيا خدمات المركبات الجوية غير المأهولة (المعروفة أيضًا باسم الطائرات المسيَّرة)، بينما يمكن استخدام النظام العالمي لسواتل الملاحة في المزارع غير المميكنة لرسم خرائط حدود الحقول وتحديد حيازات الأراضي.45
غير أن هناك نقصًا في المعلومات المتعلقة بمستويات الأخذ بالأتمتة؛ ولا يُعرف بوضوح عدد المنتجين الزراعيين الذين يستخدمون التكنولوجيات الرقمية بالفعل.46 وتُشير نتائج دراستين فنيتين – صدر تكليف بإجرائهما لهذا التقرير2،1 – إلى أن صغار المنتجين الزراعيين والرعاة في جميع أنحاء العالم يستخدمون بصورة متزايدة مجموعة متنوعة من الأدوات الرقمية وتكنولوجيات الاستشعار عن بُعد وتكنولوجيات رسم الخرائط على المستوى الميداني (انظر الإطار 4). وتُمثّل الهواتف الذكية المزوَّدة بأجهزة استشعار متنوعة وآلات تصوير مدمجة عالية الدقة، أكثر الأجهزة التي يمكن للجميع الوصول إليها في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل اليوم. وبالاقتران مع التطبيقات المدمجة في الهواتف الذكية والبرمجيات المناسبة، يمكنها بالفعل إتاحة ابتكارات مفيدة للغاية تُناسب سياقات البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل والزراعة على النطاق الصغير، ويمكنها إحداث فرق حقيقي. ومن الأمثلة على ذلك جهاز GoMicro الذي يعمل من خلال عدسة مجهرية مثبتة على آلة التصوير في الهاتف، بالاقتران مع الذكاء الاصطناعي، لدعم التشخيص السريع للآفات والأمراض،47 والمساعدة على مراقبة الجودة وتصنيف المنتجات الزراعية بكفاءة وبدقة، مثل البذور الغذائية والحبوب والأسماك والفاكهة والخضار.1 وهناك حلول رقمية أخرى تشمل البيانات المستمدة من السواتل أو الطائرات المسيَّرة (على سبيل المثال، البيانات المتعلقة بالغلات وظروف التربة وصحة النبات) يتم تحليلها باستخدام خوارزميات؛ ويمكن استخدام النتائج للتحقق من صحة البيانات التي يقدّمها المنتجون الزراعيون (استنادًا إلى الملاحظة والخبرة) أو لإسداء المشورة للمنتجين.1
الإطار 4الأدوات الرقمية غير المرتبطة بالميكنة – الحلول غير المدمجة
لا ترتبط الحلول الرقمية غير المدمجة (انظر مسرد المصطلحات) بالميكنة. وهي بشكل أساسي حلول قائمة على البرمجيات التي لا تعتمد على استخدام الآلات الزراعية. وتتطلب عوضًا عن ذلك موارد حاسوبية محدودة، وتكون عمومًا في شكل هاتف ذكي أو حاسوب لوحي أو أداة برمجية (مثل تطبيقات المعلومات التحذيرية)، أو برمجية لإدارة المزرعة، أو منصة على الإنترنت. ويميزها ذلك عن الحلول الرقمية المدمجة التي تقترن فيها الأدوات الرقمية بالآلات للتفاعل مع البيئة.
ويمكن أن تشمل الحلول غير المدمجة الاستشعار عن بُعد، ولكنها تقتصر على البيانات اللازمة لدعم اتخاذ القرار والاستكشاف. ويزداد استخدام هذه الحلول في جميع أنحاء العالم، كما هو موضح في الأمثلة الواردة أدناه من جميع أنحاء العالم. وتعمل شركة Aerobotics في 18 بلدًا، وتُقدّم حلولًا غير مدمجة من خلال منظومة جوية غير مأهولة، والاستشعار عن بُعد لدعم مزارعي الفاكهة والجوزيات في اتخاذ القرارات. وتسمح التكنولوجيات بالكشف المبكر عن الآفات والأمراض، وتُمكّن من رصد المياه والأسمدة ومتطلبات المغذّيات في الوقت المناسب، وتُيسِّر إدارة الغلات.
وفي المغرب، تُقدّم شركة SOWIT حلولًا غير مدمجة باستخدام الاستشعار عن بُعد، ومنظومات جوية غير مأهولة لجمع الصور، وتعلّم الآلة استنادًا إلى البيانات المستمدة من قواعد بيانات الحقول أو الأحوال الجوية. ويمكن تطبيق التكنولوجيات على أشجار الفاكهة والحبوب وبذور اللفت وهي تبلّغ المزارعين بمتطلبات الري والتسميد، وتقدير الغلات، ورصد محتوى المادة الجافة في الأعلاف، وإجراء عمليات التفتيش على قطع الأراضي.
وفي نيبال، تُقدّم شركة Seed Innovations تطبيقًا باستخدام نظام Android للمزارعين من أجل استخدام التحليلات الساتلية والنظام العالمي لسواتل الملاحة والذكاء الاصطناعي لرصد أداء المحاصيل – بما في ذلك تحديد نقص المياه والمغذّيات أو فوائضها، والتهديدات الناشئة عن الآفات والأمراض – والوصول إلى المعلومات الزراعية وتبادلها.
ويتعامل بالفعل مع شركة TraSeable Solutions التي يقع مقرها في فيجي، 000 2 عميل في جميع أنحاء الدول الجزرية الصغيرة النامية السبع في المحيط الهادئ. وتُقدّم الشركة حلين رئيسيين. الحل الأول هو تطبيق هاتفي يُطلع المزارعين بمعلومات عن قطاع الزراعة، ويُسجل بيانات المزرعة ويديرها، ويحتفظ بسجل للموارد والمخزونات والمبيعات والنفقات. ويُساعد التطبيق أيضًا على إنشاء روابط سوقية بين أصحاب المصلحة في سلسلة القيمة الزراعية. ويُركز الحل الثاني على مصايد الأسماك، وتحديدًا مصايد أسماك التونة. ويشمل هذا الحل وسم أسماك التونة الفردية وتتبّعها على طول سلسلة القيمة من مرحلة الإنزال وصولًا إلى التوزيع. ويساعد هذا الحل أيضًا على إدارة الأساطيل من خلال توفير معلومات عن الأطقم وكلفة التشغيل والصيانة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يوفِّر تفاصيل عن محصول التونة، بما في ذلك معلومات عن رحلة الصيد، وسجلات المصيد، وتحليلات مناطق الصيد، وخدمات الإبلاغ.
وفي بيرو، تُقدّم شركة Coopecan خدمات رقمية على طول سلسلة قيمة ألياف الألبكة بأكملها. وتوفِّر مجموعة من التكنولوجيات حلولًا رقمية لجملة أمور تشمل إدارة المراعي (الصور الساتلية)، وصحة الحيوان (بطاقات وسم الحيوان)، ومعالجة الألياف ومبيعات التصدير (تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية). وبالإضافة إلى ذلك، تتوافر المساعدة الفنية للمربين الذين يحتاجون إلى الدعم في إدارة قطعان الماشية (على سبيل المثال، بشأن صحة الحيوان) أو في إدارة المراعي الطبيعية (التي يزداد تدهورها بسبب الرعي المفرط). وتُستكمل هذه الخدمات ببناء القدرة على كيفية استخدام الحلول ونظام للتتبّع لاعتماد الإنتاج من حيث رعاية الحيوان، وجودة الألياف، والمسؤولية البيئية والاجتماعية، ما يؤدي إلى ظروف عمل أفضل، وأجور عادلة، وتحسّن في رعاية الحيوان.
وأخيرًا، تُمثّل شركة Agrinapsis، التي تعمل في دولة بوليفيا المتعددة القوميات وكوستاريكا وإكوادور وغواتيمالا والمكسيك، منصة وسائط اجتماعية متخصصة في الزراعة. وتُيسِّر هذه المنصة التي يديرها معهد البلدان الأمريكية للتعاون في مجال الزراعة، تبادل المعارف المشتركة بين صغار المنتجين. ويتم التحقق من المعلومات التي تُجمع من خلال الاستعانة بمصادر خارجية من الجمهور ويقيّمها جميع العملاء، وإذا اعتُبرت مشكوكًا فيها أو ذات جودة رديئة، يقوم فريق فني بفحصها وتحسينها. وتُمكّن شركة Agrinapsis التجارة الإلكترونية التي تستهدف صغار المنتجين الذين يمكنهم بيع منتجاتهم أو شراء المدخلات التي تستجيب للشواغل البيئية.
وتستحق الحلول الرقمية اهتمام صانعي السياسات والمنظمات الدولية. وهناك حاجة إلى تكييف مزيد البحوث مع احتياجات صغار المنتجين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وخاصة في البلدان التي تنخفض فيها معدلات الميكنة إلى أدنى مستوياتها، مثل أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.1 وتُشير البحوث والخبرة إلى أنها تُمكِّن من إدارة المحاصيل تبعًا لكل موقع، وهو ما يمكن بدوره أن يُحسّن الغلات ويُقلل المدخلات في المزارع غير المميكنة. ولكن، هناك قيدان لا بدّ من الإشارة إليهما. أولًا، قد تكون التكنولوجيات الرقمية باهظة الكلفة أكثر من اللازم بالنسبة إلى صغار المنتجين نظرًا للكلفة الحالية للمعدات. وعلى سبيل المثال، يتراوح سعر أجهزة استشعار النيتروجين المحمولة باليد بين 300 و600 دولار أمريكي، وهو سعر كبير بالنسبة إلى صغار المزارعين الذين لا يرغبون في استخدام أجهزة الاستشعار سوى عدة مرات في السنة،48 في حين أن الماسحة AgroCares الأكثر تطورًا، التي توفِّر معلومات عن مجموعة واسعة من مغذيات التربة، تُباع بأكثر من 000 3 دولار أمريكي. وثانيًا يحتاج المنتجون إلى تعلّم كيفية استخدام التكنولوجيات؛ ومن دون الدراية الفنية، يمكن أن يؤدي التنفيذ غير الصحيح إلى نتائج غير مرغوب فيها، مثل زيادة استخدام المدخلات.
ولا تزال الهواتف الذكية بعيدة عن متناول صغار المنتجين والسكان الريفيين في بعض الأماكن، ولا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.2،1 وتكشف بيانات عام 2020 أيضًا عن وجود فجوة كبيرة بين المناطق الريفية والحضرية من حيث الوصول إلى الإنترنت في البلدان النامية؛ حيث تتاح إمكانية الوصول إلى الإنترنت لنسبة 65 في المائة من السكان في المناطق الحضرية مقابل 28 في المائة فقط في المناطق الريفية.49 وتُشير الأدلة إلى ارتفاع الكلفة كعامل أساسي يعوق الأخذ بهذه التكنولوجيات من جانب صغار المنتجين، على الرغم من إمكاناتها الكبيرة في تحسين الإنتاجية. ويُشير ذلك إلى أن وصول المنتجين إلى التكنولوجيات الرقمية التي يدعمها المانحون والمنخفضة الكلفة قد يكون غير ممكن عمليًا.
ولذلك، هناك حاجة إلى جهود أكبر – وأكثر تنوعًا – لإتاحة هذه الأدوات على نطاق أوسع. ويمثّل مقدمو خدمات الأصول المشتركة الذين سبقت الإشارة إليهم أعلاه، أحد الحلول، ويقدّمون بالفعل مجموعة من الآلات المناسبة للمزارع الصغيرة والكبيرة على حد سواء. ومع ذلك، يمكن أن يُشكل أيضًا انخفاض مستوى الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية بين المنتجين الزراعيين عاملًا مهمًا في بطء وتيرة الأخذ بالأدوات الرقمية. ولهذا السبب، تُستخدم الرسائل النصية القصيرة وخدمات الرد الصوتي التفاعلي، وخدمات بيانات الخدمات التكميلية غير المهيكلة للتواصل مع صغار المنتجين في كثير من البلدان الأفريقية. وعلى سبيل المثال، تبنّت شركة ICT4BXW وشركة Justdiggit – وكلتاهما تعملان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى – في البداية تكنولوجيات متقدمة، مثل الهواتف الذكية، ولكنهما قررتا بعد ذلك استخدام وسائل أبسط (الرسائل النصية القصيرة، وبيانات الخدمات التكميلية غير المهيكلة، وخدمات الرد الصوتي التفاعلي) بسبب انخفاض انتشار الهواتف الذكية وتدني مستوى الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية في الإقليم.1
وما دام المزارعون يعانون من انخفاض مستوى الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية، يجب توفير دعم فني مكثف ومستمر ومعلومات عن التكنولوجيات الرقمية. ومع أن الهواتف المحمولة الأساسية متاحة الآن للجميع تقريبًا، لا تزال الهواتف الذكية محدودة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ولذلك، هناك حاجة إلى استخدام الهواتف بالاقتران مع الخدمات الاستشارية المستندة إلى المعلومات الساتلية التي تُناسب احتياجات المنتجين (المتعلقة على سبيل المثال بمصادر المياه وأراضي الرعي للرعاة الذين يزاولون تربية الماشية، وبحالات تفشي الأمراض لمزارعي الموز).1