لا يحتاج تحويل سلاسل الإمدادات الغذائية من أجل زيادة الشمول والاستدامة والقدرة على الصمود، إلى فهم الجهات الفاعلة وأنشطتها على المستوى الفردي فحسب، وإنما أيضًا فهم الآثار غير المباشرة التي تولّد منافع وتكاليف مستترة على طول السلسلة. ويتمثل أحد التحديات الرئيسية في استقطاب اهتمام الجهات الفاعلة المعنية بالأغذية والزراعة في القطاع الخاص والتي تقارن تكاليف العمل اليوم بالمنافع التي تتحقق في المستقبل، بما في ذلك فكرة أن طرفًا آخرًا سيجني معظم المنافع. ويمكن لعمليات التقييم المحددة الأهداف لحساب التكاليف الحقيقية أن توفر الأدلة اللازمة على أن الإجراءات التحويلية ليست صفقة خاسرة بالنسبة إلى الجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية.
ويمكن لمشاركة الجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية مشاركة شاملة في تقييم التكاليف البيئية والاجتماعية والصحية المستترة الناشئة عن الأنشطة، أن تسلّط الضوء على المخاطر والفرص وأن تعزز بالتالي استمرارية السلسلة. وتملك سلاسل الإمدادات الغذائية قدرة كبيرة على التأثير لإحداث التغيير: فعندما يبيّن شريك في الأعمال التجارية لشريك آخر كيف يمكن تحسين القيمة، يكون هناك مصلحة راسخة في إحداث التغيير بشكل فعلي. وينبغي على الأعمال التجارية الزراعية والمؤسسات المالية التي لديها نفوذ أكبر أن تؤدي دورًا يتجاوز ممارسة التأثير على الجهات الفاعلة الأخرى، وذلك من خلال الاستثمار في ممارسات أفضل، سواء كان ذلك من خلال الشؤون المالية، أو الترتيبات التعاقدية، أو المساعدة الفنية، أو بناء القدرات والتوعية بشكل عام، لتكون جميعها قادرة على المساهمة في تحقيق التحوّل المنشود. وبموازاة ذلك، تقوم منتديات من قبيل المنتدى العالمي للموز، بتشجيع التعاون بين مختلف مستويات سلاسل الإمدادات الغذائية ويمكنها أن تشكل وسيلة رئيسية لضمان تحقيق تحوّل عادل.
وعلى الحكومات أن تؤدي دورًا في ضمان الإدماج الاجتماعي خلال الفترة الانتقالية. فبالإضافة إلى تحفيز القطاع الخاص على تغيير ممارساته التجارية، يمكن أن تشير الحكومات إلى مخاطر الأعمال المستقبلية من خلال الأنظمة والتنفيذ الفعال لتحفيز المتبنين الأوائل. ونظرًا إلى النطاق العالمي لسلاسل الإمدادات الغذائية التي توزّع المنافع والتكاليف عبر الحدود الوطنية، فإن التعاون الدولي ضروري لتزويد الجهات الفاعلة في سلاسل الإمدادات بالوعي، والتحفيز، والقدرة على معالجة التكاليف المستترة الناشئة عن أنشطتها. وقد تكون تحديات الاقتصاد السياسي الماثلة أمام ضمان عدم وقوع عبء دفع تكاليف التغيير بشكل غير متناسب على جهة فاعلة أو مجموعة سكانية واحدة على المستويين المحلي والعالمي – اليوم وفي المستقبل على حد سواء – كبيرة ولكن يبدو أن الجهات الفاعلة في سلاسل الإمدادات الغذائية تحرز تقدمًا في الاتجاه الصحيح.