حالة الأغذية والزراعة 2024

الفصل 1 إنشاء القيمة في النظم الزراعية والغذائية من خلال اتباع نهج متكامل

تنقيح تقديرات التكاليف المستترة

بلغ قياس التكاليف المستترة الواردة في إصدار عام 2023 من تقرير حالة الأغذية والزراعة التي تكبّدها 154 بلدًا 12.7 تريليونات دولار أمريكي في عام 2020، ويعزى أكثر من 9 تريليونات (أو نسبة 73 في المائة) منها إلى التكاليف المتعلقة بالصحة. ونظرًا إلى النسبة الكبيرة للتكاليف الصحية المستترة والمتعلقة بالأنماط الغذائية، أجرى تقرير عام 2024 بعض التنقيحات على قياسها. وأدت هذه التنقيحات إلى توسيع نطاق التحليل ليشمل 156 بلدًا، عوضًا عن 154 بلدًا، بسبب مصادر البيانات الجديدة.ج وبلغ قياس التكاليف المستترة الجديدة المتكبدة في 156 بلدًا 11.6 تريليونات دولار أمريكي في عام 2020 على مستوى العالم، ما يؤكد الاستنتاجات الواردة في إصدار العام السابق الذي نصّ على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة واستراتيجية من أجل خفض هذه التكاليف.

وقد غيرت تقديرات التكاليف المستترة الجديدة التكاليف التي كانت تُصنَّف على أنها متعلقة بالأنماط الغذائية غير الصحية. وتناول إصدار عام 2023 قياس التكاليف المستترة الناجمة عن الأنماط الغذائية التي أدت إلى السمنة والإصابة بالأمراض غير المعدية. ولكن نظرًا إلى وجود شواغل بشأن التكاليف المستترة الناشئة عن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم المنسوبة إلى النظم الزراعية والغذائية، على نحو ما ورد نقاشه في المؤلفات، فإنّ التنقيحات لم تتطرق إلى مؤشر كتلة الجسم. كما تقسّم التغييرات أيضًا التكاليف الصحية المستترة إلى عوامل الخطر الغذائية المسببة للأمراض غير المعدية الواردة في دراسة "العبء العالمي للأمراض" بغية تسليط الضوء على نقاط الدخول المباشرة على مستوى السياسات.18 ويقدم الإطار 4 لمحة عامة عن بيانات الدراسة، بينما يقدم الإطار 5 مزيدًا من التفاصيل عن هذه التنقيحات.

الإطار 4بيانات دراسة العبء العالمي للأمراض

لا تزال بيانات العبء العالمي للأمراض هي مجموعة البيانات العالمية الأشمل والأكثر استخدامًا بشأن الأعباء المترتبة عن الأمراض في أكثر من 200 بلد. وقد استخدم الباحثون والمنظمات الوطنية والدولية التقديرات الموحدة للعبء العالمي للأمراض من أجل إجراء مقارنة بين السكان وتتبّع التغيّرات مع مرور الوقت ورصد التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف السياسات، بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة.

ولكي يقوم الباحثون في دراسة العبء العالمي للأمراض بجمع تقديراتهم، قاموا بالتواصل مع العديد من الجهات المتعاونة معهم للحصول على البيانات اللازمة، مثل السجلات والدراسات الاستقصائية الرسمية. وهم يسندون الأولوية للبيانات الواردة في الاستعراضات المنهجية والتحليلات الوصفية بغية ضمان صحة تقديراتهم من الناحية العلمية. وتلي ذلك عملية مكثفة تنطوي على تنقيح البيانات وتوحيدها. ومن ثم يختبر الباحثون مجموعة واسعة من النماذج نظرًا إلى قدراتها التنبؤية ويختارون التوليفة التي تعطي أعلى مستوى من الدقة التنبؤية.20

ورغم معالجة البيانات بعناية، إلّا أنّ الباحثين يقرّون بمحدودية تقديراتهم. حيث تكون البيانات الأوليّة اللازمة لإجراء التقديرات ناقصة في العديد من الحالات؛ بينما قد تكون منخفضة النوعية في حالات أخرى. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض المعايير ذات الأهمية التي لا تزال في المراحل المبكرة من البحث، حيث تختلف التقديرات بين دراسة وأخرى. وأخيرًا، فإنّ النماذج الرياضية المستخدمة في معالجة البيانات والتنبؤ بها يجري تحسينها في الإصدارات المتعاقبة من مجموعة بيانات العبء العالمي للأمراض.

وقد أدى التنقيح المستمر للبيانات ومنهجيات التنبؤ إلى تقلبات كبيرة في بعض العلاقات المقدرة بين الأمراض وعوامل خطر الإصابة بها، ما أثار جدلًا واسعًا بشأنها. ونخص بالذكر تقديرات الوفيات المرتبطة باستهلاك اللحوم الحمراء غير المصنَّعة التي شهدت زيادة بمقدار 36 ضعفًا من عام 2017 إلى عام 2019. ويعزى هذا الارتفاع بالدرجة الأولى إلى دمج أسباب إضافية للوفاة المرتبطة باستهلاك اللحوم الحمراء. وقد أثار هذا التغيير الكبير انتقادات بالغة طالت مصادر البيانات التي تستخدمها دراسة العبء العالمي للأمراض.22، 21 وأفادت الجهات المتعاونة في الدراسة بأنّ طبعة عام 2021 من بيانات العبء العالمي للأمراض – المستخدمة في هذا التقرير – تعالج تلك المشاكل قدر الإمكان.23

ومع مراعاة كل المعطيات، فإنّ بيانات العبء العالمي للأمراض تتسم بالدقة العلمية اللازمة للتحليل العالمي الذي أجري في طبعة عام 2023 وعام 2024 من تقرير حالة الأغذية والزراعة. إلّا أنّ التقديرات اللاحقة، حالها حال جميع النتائج التجريبية، قد يشوبها التباين بسبب الأدلة الجديدة القائمة على قدر أكبر وأفضل من البيانات الأولية والمنهجيات، لا سيما في المجالات التي تُظهر فيها نتائج البحوث مستوى أعلى من عدم التجانس.

المصدر: من إعداد المؤلفين.

الإطار 5تنقيح التكاليف الصحية العالمية المستترة وتصنيفها من أجل تحديد الأدوات المساعدة

كانت التكاليف الصحية المستترة التي جرى قياسها في 154 بلدًا في تقرير حالة الأغذية والزراعة 2023 تتعلق بالأنماط الغذائية غير الصحية التي تسبب السمنة والأمراض غير المعدية. وعلى وجه التحديد، استند التحليل إلى بيانات من دراسة العبء العالمي للأمراض لعام 2019 وأشار إلى 15 عامل خطر غذائي يؤدي إلى الإصابة بالأمراض غير المعدية.24 وقد جرى افتراض أنّ نسبة 75 في المائة من التكاليف المستترة الناجمة عن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم يمكن أن تُعزى إلى النظم الزراعية والغذائية. ويعمل التحليل الوارد في هذا الإصدار من التقرير على تنقيح تلك التقديرات باستخدام بيانات مستقاة من أحدث طبعة من دراسة العبء العالمي للأمراض التي صدرت في عام 2024، ما يوسّع نطاق التغطية إلى 156 بلدًا، بعد أن كان 154 بلدًا في عام 2023.18

وأول تنقيح في هذا الإصدار من تقرير حالة الأغذية والزراعة هو إزالة التكاليف المستترة الناشئة عن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم. ويعزى هذا التغيير إلى أنّ الافتراض المتعلق بإسناد مؤشر كتلة الجسم إلى النظم الزراعية والغذائية هو موضع جدل في المؤلفات، حيث يمكن أن يكون ارتفاع مؤشر كتلة الجسم مدفوعًا بعوامل أخرى خارج النظم الزراعية والغذائية.17 وحاول الإصدار السابق معالجة هذه المسألة من خلال تحليل الحساسية الذي جعل نسبة صحة ذاك الافتراض تتراوح بين 50 و100 في المائة بغية إثبات دقته. وثانيًا، يضيف هذا الإصدار المخاطر الغذائية للأمراض غير المعدية المرتبطة بالأنماط الغذائية الغنية بالمشروبات المحلّاة بالسكر في التقديرات العالمية المنقحة، بعدما كانت مستبعدة في السابق تفاديًا لازدواجية الحساب مع مؤشر كتلة الجسم. وثالثًا، أصبحت التكاليف الصحية المستترة مصنفة الآن بحسب عوامل الخطر المرتبطة بالإصابة بالأمراض غير المعدية الواردة في إصدار عام 2021 من دراسة العبء العالمي للأمراض. وقد أجريت هذه التنقيحات على التحليل حيث انصبّ التركيز بشكل مكثّف على نقاط الدخول المباشرة على مستوى السياسات المرتبطة بعوامل الخطر الغذائية.

وعلى مستوى العالم، تمثّل التكاليف المستترة الناشئة عن الأنماط الغذائية ذات الكميات القليلة من الحبوب الكاملة نسبة 18 في المائة من إجمالي التكاليف الصحية المستترة الناجمة عن المخاطر الغذائية المرتبطة بالأمراض غير المعدية، تليها الأنماط الغذائية الغنية بالصوديوم والقليلة الفواكه (نسبة 16 في المائة لكل منها). وفي حين أنّ الأنماط الغذائية الغنية باللحوم المصنّعة واللحوم الحمراء تحظى باهتمام كبير في المداولات المتعلقة بتغيّر المناخ بسبب آثارها الكبيرة على البيئة،14، 13 فإنّ حصتها من التكاليف المستترة الناجمة عن عوامل الخطر الغذائية المرتبطة بالأمراض غير المعدية أقلّ بكثير (نسبة 8 و7 في المائة على التوالي) وتضاهي حصة الأنماط الغذائية القليلة الخضروات أو الأنماط الغذائية القليلة الجوزيات والبذور (انظر الشكل). وبما أنّ عوامل الخطر الغذائية هي صاحبة الحصة الأكبر من التكاليف الصحية المستترة المقاسة التي تنشأ عن النظم الزراعية والغذائية، فإنّ الأدوات المساعدة المحتملة على مستوى السياسات لمعالجة هذه التكاليف المستترة بفعالية لا يمكن تحديدها إلّا من خلال إجراء عمليات تقييم أدقّ ومحددة السياق لعوامل الخطر، كما هو الحال في هذا التقرير.

ومن المهم إدراك أنه بالرغم من أنّ هذه التكاليف المستترة تساعد في توضيح بعض التغييرات اللازمة في الأنماط الغذائية، إلّا أنها لا تغطي سوى التكاليف الصحية المستترة الناجمة عن المخاطر الغذائية المتعلقة بالأمراض غير المعدية. ولم يجر إدراج الأنماط الغذائية غير الصحية التي تؤدي إلى أشكال أخرى من سوء التغذية والتي قد تكون كبيرة بدرجات متفاوتة في مختلف النظم الزراعية والغذائية، بسبب البيانات المحدودة.

الشكل الأنماط الغذائية التي تحتوي على نسبة قليلة من الحبوب الكاملة والفاكهة ونسبة عالية من الصوديوم تتصدر المخاطر الغذائية التي تساهم في التكاليف الصحية المستترة العالمية

ملاحظات: تمثل التكاليف المستترة المعروضة في الشكل التكاليف الإجمالية العالمية لسنوات العمر المعدلة بحسب الإعاقة والتي تمت خسارتها بسبب المخاطر الغذائية المرتبطة بالأمراض غير المعدية. والبيانات الخاصة بسنوات العمر المعدلة بحسب الإعاقة مستمدة من من الموقع الإلكتروني لدراسة العبء العالمي للأمراض لعام 2021 من خلال اختيار جميع المخاطر الغذائية والأمراض غير المعدية على أنها سبب الوفاة/الإعاقة. وجرى تحديد كلفة سنوات العمر المعدلة بحسب الإعاقة باستخدام نصيب الفرد العامل من الناتج المحلي الإجمالي (2019) لدى البنك الدولي.
المصادر: من إعداد المؤلفين استنادًا إلى Global Burden of Disease Collaborative Network. 2024. Global Burden of Disease Study 2021 (GBD 2021): Results. [تمّ الاطلاع على الموقع في 7 يونيو/حزيران 2024].https://vizhub.healthdata.org/gbd-results; البنك الدولي. 2021. World Development Indicators: GDP per person employed (2019). [تمّ الاطلاع على الموقع في 29 يناير/كانون الثاني 2024]. https://data.worldbank.org/indicator/SL.GDP.PCAP.EM.KD. الترخيص: CC BY-4.0.

وبعد إجراء التنقيحات، كانت التكاليف الصحية المستترة التي جرى قياسها عالميًا والمتعلقة بزيادة خطر الإصابة بالأمراض غير المعدية تبلغ 8.1 تريليون دولار أمريكي في عام 2020. ويمثّل هذا الرقم انخفاضًا بنسبة تقارب 13 في المائة، ولكن، ظلت التكاليف الصحية المستترة التي جرى قياسها تشكل نسبة 70 في المائة من التكاليف المستترة العالمية.د وبالإضافة إلى ذلك، لم يطرأ أي تغيير على الأنماط السائدة في البلدان المصنفة بحسب فئة الدخل، وكانت تلك التكاليف عند أعلى مستوى لها في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا والمرتفعة الدخل. وقام هذا الإصدار من التقرير بعزل التكاليف المستترة الناشئة عن كل عامل على حدة من عوامل خطر الإصابة بالأمراض غير المعدية المرتبطة بالأنماط الغذائية باستخدام آخر البيانات المستقاة من دراسة "العبء العالمي للأمراض"، لكي يوفر عوامل مساعدة على مستوى السياسات من أجل التخفيف منها في ظل إطار قائم على النظم. ويستعرض الفصل 2 هذه النتائج بمزيد من التفصيل من منظور تصنيف النظم الزراعية والغذائية.

back to top