يستند هذا التقرير إلى مجموعة واسعة من دراسات الحالة لتساعد على توضيح إمكانات نهج حساب التكاليف الحقيقية المكوّن من مرحلتين المقترح في تقرير حالة الأغذية والزراعة 2023 من أجل تحديد الأدوات المساعدة التي تمثّل جميع فئات النظم الزراعية والغذائية بدرجات متفاوتة، وإسناد الأولوية لها. وقد طلبت منظمة الأغذية والزراعة إجراء عدة دراسات حالة من أجل إصدار عام 2024 من التقرير وحصلت على دراسات حالة أخرى عن طريق دعوة أطلقتها لتقديم الدراسات في المنتدى العالمي بشأن الأمن الغذائي والتغذية. وتشمل دراسات الحالة أمثلة على مجالات مختلفة وتتناول جميع مكونات التكاليف المستترة أو مجموعة مختارة منها. وبالتالي، ومع أنّ بعضها قد لا يتلاءم بالضرورة مع التعريف الأساسي لحساب التكاليف الحقيقية، إلّا أنها تُظهر إمكانية تطبيق النهج المقترح في ظل القيود المفروضة على مستوى السياسات والمؤسسات والتمويل والقدرات التي من المحتمل أن تكون ملزمة في الممارسة العملية.
وتوضح دراسات الحالة الواردة في هذا التقرير وجود نهج مختلفة لتنفيذ المرحلة الثانية من عمليات تقييم حساب التكاليف الحقيقية، تتراوح بين عمليات التقييم على المستوى الوطني وعمليات التقييم للمنتجات على مستوى سلسلة القيمة. وهي تمثّل مجموعة واسعة من أنواع النظم الزراعية والغذائية وتسلط الضوء على قيمة التحوّل بالنسبة إلى الجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية (مثل المنتجين والأعمال التجارية الزراعية والمؤسسات المالية والمستهلكين)، فضلًا عن دور الحوكمة العالمية والوطنية في تيسير عمليات التحويل المنشودة.
ويبحث الفصل 2 في العملية المفضية إلى تحويل النظم الزراعية والغذائية. ويوضح أولًا تصنيف النظم الزراعية والغذائية، ثم يعرض تقديرات التكاليف المستترة وتفصيل المخاطر الغذائية للإصابة بالأمراض غير المعدية بحسب فئة النظم الزراعية والغذائية. ويقدّم الفصل بعد ذلك تفاصيل النمذجة الاقتصادية من خلال توفير رؤى ثاقبة على مسارات العمل المحتملة، وإن كانت هذه الخيارات محدودة بسبب تفاوت القدرات المؤسسية والمالية بين فئات النظم الزراعية والغذائية. ويسلط الضوء، من خلال دراسة حالة لحساب التكاليف الحقيقية في ستة بلدان مختارة، على دور المشاورات مع أصحاب المصلحة في تحديد السيناريوهات التي يمكن أن تعود بنتائج بيئية واجتماعية وصحية مستدامة تسهّل تحديد أولويات السياسات. وأخيرًا، يوضح هذا الفصل كيف يمكن حساب التكاليف الحقيقية من أجل دعم عملية صنع القرار على المستوى الوطني، كما هو جارٍ في سويسرا التي تدرس فيها الحكومة التكاليف المستترة كجزء من رؤيتها الوطنية لعام 2050. وترد أمثلة من المبادرة التي يقودها برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالشراكة مع الحكومات لتكون رديفة للمناقشة المتعلقة بالتحديات والفرص الناجمة عن هذا النهج في تحديد مسارات التحوّل الوطنية.
ويبين الفصل 3 كيف يمكن حفز التغيير من داخل سلاسل الإمدادات الغذائية بمختلف هياكلها الموجودة في أنواع النظم الزراعية والغذائية، سواء أكانت ضيقة أم واسعة النطاق، أو ذات طابع رسمي أم غير رسمي، أو محلية أم عالمية. وتؤثر هذه الهياكل على توزيع المنافع والتكاليف البيئية والاجتماعية والصحية (المستترة أو الجلية) على طول سلسلة الإمدادات. وعلى نحو ما ذكر آنفًا، كلما طال التباعد الجغرافي والزمني بين الجهات المسببة للتكاليف والجهات التي تتحملها، يصبح من الأصعب استيعاب التكاليف المستترة بسبب وجود الهياكل التحفيزية. وفي حين أنّ المنتجين والأعمال التجارية الزراعية وتجار التجزئة قد يستفيدون من التحوّل، إلّا أنّ المنافع الناجمة عنه قد تكون خفية بالنسبة إليهم، وبالتالي قد تتطلب إجراء تدخّل عام من أجل إنشاء قيمة مجتمعية له. ويحدد هذا الفصل، باستخدام دراسات الحالة، العوائق التي تحول دون تحقيق التغيير التحويلي وينظر في كيفية معالجتها بغية إنشاء قيمة لصالح جميع الجهات الفاعلة في سلسلة الإمدادات ضمن جميع فئات النظم الزراعية والغذائية. كما أنه يحدد عوامل مساعدة تكميلية يمكنها أن تساعد على إضفاء أكبر قيمة من التحوّل من خلال التعاون بين الجهات الفاعلة، بمن فيها المنتجون والأعمال التجارية الزراعية والمنظمات المالية والحكومات.
ويعرض الفصل 4 التحديات الماثلة أمام تحويل النظم الزراعية والغذائية والقيمة الناجمة عن ذلك من منظور المستهلك. وبما أنّ المستهلكين (بمن فيهم المؤسسات ذات القوة الشرائية) يشكلون أكبر فئة من الجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية، فإنّ طلبهم على منتجات النظم الزراعية والغذائية يمكن أن يؤثر بشكل كبير على اتجاه تلك النظم، ويمكن الاستفادة من ذاك التأثير لحفز التغيير نحو نظم أكثر استدامة وصحة وشمولًا. ويستخدم هذا الفصل العدد المتزايد من دراسات الحالة والمؤلفات المتعلقة بالسياسات التي تهدف إلى تحفيز التغيير السلوكي في ما يتعلق بالأنماط الغذائية لكي يبيّن قيمة التحوّل القائم على الطلب التي تضفيها كل فئة من فئات النظم الزراعية والغذائية.
ويجمع الفصل 5 الدروس المستخلصة من هذا التقرير بأكمله، باستخدام تصنيف النظم الزراعية والغذائية في توجيه تطبيق نهج حساب التكاليف الحقيقية كأداة لتحديد وترتيب أولويات الأدوات المساعدة الفعالة لتحويل النظم الزراعية والغذائية المحلية والوطنية والعالمية. كما أنه يناقش أيضًا التحديات التي تواجه التنقل بين هياكل الحوافز الحالية نتيجة لمشاكل التوزيع التي لا بدّ من أن تنشأ خلال التحولات الواسعة النطاق، مثل تلك اللازمة لضمان قدرة النظم الزراعية والغذائية العالمية على توفير أغذية صحية ومغذية للجميع على نحو مستدام.
