تشكل التغييرات في الأنماط الغذائية عنصرًا مساعدًا مهمًا لمعالجة التكاليف المستترة الناشئة عن تحويل النظم الزراعية والغذائية ولتوجيه الناس نحو الآفاق المستقبلية الأكثر صحة واستدامة. وعندما يشتري المستهلكون منتجات أو سلع صحية أكثر وتم إنتاجها بطريقة مستدامة ومسؤولة اجتماعيًا، يعلنون أولوياتهم للجهات الفاعلة في سلسلة الإمدادات الغذائية. وبفضل الزخم الكافي، ستستجيب الأعمال التجارية الزراعية والغذائية قدر المستطاع من خلال تغيير ممارساتها لتلبية احتياجات المستهلكين.
ولكن، لا تحصل هذه التغييرات في الأنماط الغذائية بالسرعة الكافية. فيواجه الكثير من المستهلكين قيودًا اقتصادية على قدرتهم على تغيير محتوى سلتهم الغذائية. ويفضّل مستهلكون آخرون بقاء أنماط استهلاكهم للأغذية كما هي أو يعمدون إلى تغيير جزء فقط من أنماطهم الغذائية ومشترياتهم. ونتيجة لذلك، تكاثر عدد الجهات الفاعلة في سلسلة الإمدادات الغذائية التي تسعى إلى تحقيق أهداف الاستدامة وأهداف اجتماعية – مثلًا من خلال الإعلان والإبلاغ عن الأداء البيئي والاجتماعي وعلى صعيد الحوكمة – ولكن المشهد غير متكافئ، الأمر الذي يجعل المستهلكين يتعاملون مع معلومات متناقضة ومربكة بشأن المنتجات التي يختارونها.
وبالتالي، يتطلب إحداث هذه التغييرات في الأنماط الغذائية لتحويل النظم الزراعية والغذائية، مزيجًا من الأدوات المساعدة. ولا يسمح الجمع بين عدة عناصر مساعدة بزيادة تأثيرها الإيجابي فحسب، بل يحقق التوازن بين إيجابياتها وسلبياتها أيضًا، ما يعزز الدعم العام للتدخلات.145 ويمكن أن تستخدم الأدوات المساعدة مؤثرات اقتصادية مثل الضرائب والإعانات وشبكات الأمان الاجتماعي؛ فيما تهدف أدوات أخرى إلى التأثير على التغيير السلوكي من خلال زيادة الإلمام بالقضايا المتعلّقة بالأغذية ورفع مستوى الوعي بشأن الآثار المتعددة الأبعاد التي تحدثها الخيارات الغذائية المتاحة. إضافة إلى ذلك، تُعدّ القيود على التسويق، ولا سيما تسويق الأغذية غير الصحية للأطفال، مهمة. وتؤدي منظمات ورابطات المستهلكين دورًا مهمًا في ضمان حقوق المستهلكين وتثقيفهم. ويمكن أن تؤدي المؤسسات أيضًا دورًا حاسمًا من خلال تيسير قيام بيئة غذائية فريدة، مثل المدارس التي توفر الوجبات الغذائية وتشرك الأطفال في الأنشطة العملية وأنشطة بناء المهارات المتعلّقة بالأغذية، ومن خلال توجيه مشترياتها نحو تحقيق مصلحة المجتمع الأوسع نطاقًا. وتشكل عمليات تقييم حساب التكاليف الحقيقية أداة قوية تساعد على تحليل أوجه التبادل والتآزر لتصميم تدخلات فعالة.
وإذ يتم التذكير بأن كل جهة فاعلة في النظم الزراعية والغذائية – من المزارعين، والعاملين في الأعمال التجارية الزراعية وأصحابها إلى تجار التجزئة، والمستثمرين، والسياسيين – هي أيضًا مستهلكة للأغذية، يشكل المستهلكون مجموعة مكونة ذات تأثير كبير وقادرة على إعادة توجيه قوتها لصالح تحويل النظم الزراعية والغذائية. وينبغي على التدخلات في مجال السياسات التي ترمي إلى تكثيف الجهود لتسخير هذه القوة، أن تتبع نهجًا قائمًا على النظم وأن تجمع بين عدة عناصر مساعدة لإحداثالأثر الأكبر مع ضمان في الوقت نفسه الحق في الغذاء.
