حالة الأغذية والزراعة 2024

الفصل 3 تحفيز التغيير من داخل سلاسل الإمدادات الغذائية

الرسائل الرئيسية
  • من الضروري إشراك جميع الجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية والتعامل بطريقة استراتيجية مع ديناميكيات القوة التي تؤثر على تفاعلاتها لجعل عملية تحويل النظم الزراعية والغذائية أكثر شمولًا واستدامة وقدرة على الصمود.
  • يتعلّق القدر الأكبر من التغيير اللازم إحداثه بممارسات الإنتاج الأولي، ولكن لا ينبغي أن يتحمّل المنتجون هذا العبء بمفردهم؛ فيجب أن تؤدي الشراكات مع الحكومات والأعمال التجارية الزراعية والمؤسسات المالية دورًا أيضًا في إعادة تشكيل سلاسل الإمدادات الغذائية.
  • مع أن الجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية تمتثل بشكل متزايد للمعايير الطوعية والممارسات المستدامة، فإن وتيرة العمل الرامي إلى التصدي لتفاقم تغيّر المناخ لا تزال غير كافية. ولذلك، ينبغي بذل المزيد من الجهود.
  • تعمد الحكومات بشكل متزايد إلى نمذجة مخططات الحوافز والمخططات التنظيمية بالاستناد إلى المعايير الطوعية القائمة، الأمر الذي يدل على أنه يمكن الاسترشاد بالعمل الطوعي لتمهيد الطريق أمام التدابير السياساتية التي يمكنها أن تضمن النطاق.
  • إنّ أوّل من تبنّى الممارسات الأكثر استدامة وعدلًا مستعدون للتقليل من الاختلالات في الأعمال التجارية من خلال البقاء في طليعة التغيير التنظيمي المرتقب.
  • نظرًا إلى تزايد الطابع العالمي لسلاسل الإمدادات الغذائية، يُعتبر التنسيق الدولي في مجال التمويل والتجارة ضروريًا لضمان توزيع منافع التحوّل وتكاليفه توزيعًا عادلًا.

تدعم العلاقات التجارية هياكل الشبكات المختلفة التي تربط الجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية، بما في ذلك الجهات الفاعلة في سلاسل الإمدادات التي تربط المنتجين الزراعيين بالمستهلكين. وينبغي أخذ طبيعة هذه العلاقات في الاعتبار في الاستراتيجيات الرامية إلى دفع التحوّل في النظم الزراعية والغذائية.1

ومع أن معظم تركيز عملية تحويل النظم الزراعية والغذائية ينصبّ على المنتجين الأوليين أو المجهزين أو تجّار التجزئة الذين يعملون على تكييف ممارساتهم، فإن الجهات الفاعلة كافة لا تعمل بشكل منعزل عن غيرها. ففي الواقع، تتأثر أنشطة الجهات الفاعلة بديناميكيات القوة التي تشمل الشركاء في المراحل الأولية والمراحل النهائية من سلسلة الإمدادات، والكيانات الحكومية على مستويات متعددة، ومنظمات المجتمع المدني.2, 3 وفي حين يشكل الإنتاج الأولي المسار الذي يمكن من خلاله تحمّل جزء كبير من التكاليف البيئية المستترة، إلّا أن جهات فاعلة أخرى تجني المنافع بشكل أساسي. ويتوقف مدى استيعاب فرادى الجهات الفاعلة للعوامل الخارجية على الوعي والتحفيز والقدرات، وهو أمر يزداد صعوبة في ظل عولمة سلاسل القيمة. وتؤدي الحكومات، من خلال السياسات والأنظمة، دورًا حيويًا في دعم هذه الركائز الثلاث من أجل تحفيز الجهات الفاعلة في النظم الزراعية والغذائية على إزالة العوامل الخارجية السلبية أو التقليل منها.4

ويوفر النهج القائم على نظم حساب التكاليف الحقيقية لإشراك أصحاب المصلحة المتعددين، المحفل المناسب لجمع مختلف أنواع الجهات الفاعلة – من الحكومات إلى القطاع الخاص – بغية معالجة القيود التي تحدّ من الوعي والتحفيز والقدرات، وتحديد الفرص السانحة لإحداث التغيير. وبالفعل، يمكن للأعمال الزراعية والغذائية بمختلف أحجامها أن تحدد الفرص السانحة لتحسين نماذجها التشغيلية والاستراتيجية بواسطة عمليات التقييم المحددة الأهداف لحساب التكاليف الحقيقية. وتشكل هذه التقييمات وسيلة مهمة أيضًا لتحديد "الأهمية النسبية المزدوجة"، أي كيفية تأثّر الأعمال التجارية بقضايا الاستدامة، مثل المخاطر التي ينطوي عليها سير الأمور على النحو المعتاد، والطريقة التي تؤثر فيها أنشطة هذه الأعمال التجارية على المجتمع والبيئة. ويسمح البعد الاجتماعي من عمليات تقييم حساب التكاليف الحقيقية للأعمال التجارية الزراعية بأن تدمج مبادئ حقوق الإنسان في سلاسل القيمة الزراعية والغذائية لضمان الكرامة والإنصاف والحماية من الاستغلال للجهات الفاعلة كافة. ولذلك، فإن الأعمال التجارية الزراعية مسؤولة عن دعم حقوق الإنسان والامتثال للخطوط التوجيهية الدولية والأطر القانونية الناشئة، وفقًا لمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان. ويمكن لهذه المبادئ المقترنة بالهياكل التحفيزية المصمَّمة جيدًا، أن توجه التحوّل الجاري في سلاسل الإمدادات الغذائية نحو الاستدامة والإدماج.

سلاسل الإمدادات الغذائية: الوضع الحالي للتحوّل

تشير التقديرات إلى أن حوالي 1.23 مليار شخص – أو حوالي ثلث القوة العاملة العالميةم – يعملون بشكل مباشر في النظم الزراعية والغذائية لإيصال الأغذية إلى موائدنا عن طريق سلاسل الإمدادات الغذائية.6 ويعمل المنتجون الأوّليون المعنيون بالمحاصيل والثروة الحيوانية والغابات ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، مع الأشخاص العاملين في المراحل المضيفة للقيمة والمتمثلة في التخزين والنقل والتجهيز والبيع بالجملة والتوزيع بالتجزئة. وترتبط سلاسل الإمدادات الغذائية بسلاسل إمدادات المدخلات (مثل المعدات والأسمدة والوقود واليد العاملة والآلات) والخدمات (مثل التمويل). وتتراوح هذه العمليات بين الصغيرة النطاق والكبيرة النطاق، ويمكن أن تكون التفاعلات رسمية أو غير رسمية، فيما يتباين نطاق تغطية السلاسل من المحلي إلى العالمي.

ويمكن أن تنشأ التكاليف البيئية والاجتماعية والصحية المستترة في جميع مراحل سلاسل الإمدادات الغذائية وأن تهدد استمرارية هذه الأخيرة في الأجل الطويل. ولكن، تصطدم التحوّلات الأساسية التي يتعين إحداثها في الكثير من الأحيان بحواجز الاقتصاد السياسي، وحتى بالتراجع عن الإصلاحات.7 وقد تتردد الجهات الفاعلة في تغيير ممارساتها اعتقادًا منها أن ذلك سيعود بالمنفعة على جهات فاعلة أخرى في السلسلة وليس عليها أو أن المنافع ستتحقق في مناطق جغرافية بعيدة أو مع أجيال أخرى. ومن خلال إشراك أصحاب المصلحة في توثيق أوجه الترابط المعقدة، يمكن لعمليات التقييم المحددة الأهداف لحساب التكاليف الحقيقية أن تحدد نقاط الدخول السياساتية لتعظيم قيمة تحويل النظم الزراعية والغذائية بالنسبة إلى جميع الجهات الفاعلة في السلسلة.

وتشهد سلاسل الإمدادات الغذائية تحوّلات مستمرة متأثرة في ذلك بالابتكار التكنولوجي والتغيّرات الديمغرافية وأذواق المستهلكين والتنمية الاقتصادية. ومن المهم أن نفهم الحالة الراهنة لهذه السلاسل قدر الإمكان لكي تكون الجهود المبذولة من أجل دفع عجلة التحوّل مصمَّمة خصيصًا لتناسب السياقات المحلية.

استكشاف سلاسل الإمدادات الغذائية المختلفة

يمكن تحديد الأنماط الشائعة في سلاسل الإمدادات الغذائية، كتلك المتعلّقة بالإنتاج الأولي والبنية التحتية وتجهيز الأغذية، من زاوية تصنيف النظم الزراعية والغذائية، ولكن يجب الاعتراف بأن عدم تجانس سلاسل الإمدادات الغذائية موجود في كل نوع من أنواع النظم الزراعية والغذائية وفي كل بلد. وكما ذُكر في الفصل 1، يعكس التصنيف التغيّرات التي تحصل في سلاسل الإمدادات الغذائية خلال التحوّل الريفي. فعندما تزداد الإنتاجية الزراعية في النظم الزراعية والغذائية، مدفوعة في العادة بالتغيّرات التكنولوجية، تتناقص اليد العاملة الزراعية في ظل انتقال العمال إلى العمالة غير الزراعية.8, 9وتتحوّل قطاعات بيع الأغذية بالتجزئة جنبًا إلى جنب مع التحوّل الديمغرافي والتوسّع الحضري، الأمر الذي يؤدي إلى تزايد عدد المتاجر الكبرى (فالتوسّع الحضري والمتاجر الكبرى هما على السواء من المؤشرات المستخدمة لوضع هذا التصنيف). ويمكن أن تكون للانعكاسات على سلاسل الإمدادات الغذائية والعادات الاستهلاكية نتائج إيجابية (مثل ارتفاع دخل المزارع بسبب الزراعة التعاقدية وتزايد توافر المنتجات الطازجة)10، 11 ونتائج سلبية (مثل تزايد عدم المساواة وزيادة استهلاك الأغذية العالية التجهيز)12 ينبغي تقييمها باستخدام مؤشرات أخرى لتحديد الأدوات المساعدة السياسية.

وبالانطلاق من حجم المزرعة الذي يؤثر على وعي الجهات الفاعلة وتحفيزها وقدرتها على معالجة التكاليف المستترة الناشئة عن الإنتاج الأولي، يُلاحظ عادة تزايد تركّز الأراضي الزراعية في المزارع الكبيرة كلما نمت الاقتصادات. وعلى المستوى العالمي، تشغّل أكبر 1 في المائة من المزارع – التي تزيد مساحة كل واحدة منها عن 50 هكتارًا – أكثر من 70 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم. وفي المقابل، تشكل المزارع الصغيرة التي لا تتعدى مساحتها الهكتارين نسبة 84 في المائة من مجموع المزارع في العالم، ولكنها لا تشغّل سوى 12 في المائة تقريبًا من جميع الأراضي الزراعية. ويُظهر الشكل 10 توزيع المزارع بحسب حجم الأراضي في مختلف فئات النظم الزراعية والغذائية. وإن الفرق في توزيع حجم المزارع بين فئتي النظم الزراعية والغذائية الصناعية وذات الطابع الرسمي من جهة، وجميع فئات النظم الزراعية والغذائية الأخرى من جهة أخرى، كبير جدًا. ففي حين تكون المزارع التي تبلغ مساحتها 20 هكتارًا أو أكثر نادرة في جميع فئات النظم الزراعية والغذائية الأخرى، فإنها تشكل أكثر من خُمس المزارع في فئتي النظم الزراعية والغذائية الصناعية وذات الطابع الرسمي، مع تجاوز مساحة 5 إلى 7 في المائة منها 100 هكتار. وبما أن ملكية العديد من المزارع الكبيرة تعود إلى الأسر، لا ينبغي استخدام مصطلحي "المزرعة الصغيرة" و"المزرعة الأسرية" بشكل متبادل. وإنّ أكثر من 90 في المائة من المزارع الموجودة في العالم والتي يزيد عددها عن 608 ملايين مزرعة، هي مزارع أسرية تستحوذ على ما بين 70 و80 في المائة من الأراضي الزراعية وتنتج حوالي 80 في المائة من الأغذية في العالم من حيث القيمة. وتنتج المزارع الصغيرة ما يقارب 35 في المائة من الأغذية في العالم.13 ولكن، لا ينبغي الخلط بين حجم المزرعة والإنتاجية، ذلك أن الأدبيات الحديثة تسلّط الضوء على وجود علاقة عكسية بينهما.14

الشكل 10 توزيع حجم المزارع بحسب فئة النظم الزراعية والغذائية

المصدر: حسابات المؤلفين بالاستناد إلى Lowder, S.K., Sánchez, M.V. & Bertini, R. 2021. Which farms feed the world and has farmland become more concentrated? World Development, 142: 105455. https://doi.org/10.1016/j.worlddev.2021.105455.

ويمكن لمقارنة النظم الزراعية والغذائية باستخدام مؤشرات خصائص الإنتاج الأولي والثانوي للأغذية، أن يوفر سياقًا مهمًا للتحليل المحدد الأهداف لحساب التكاليف الحقيقية. ويضيئ الشكلان 11 و12 على الفوارق بين سلاسل الإمدادات الغذائية من حيث كفاءة الإنتاج وكثافة الانبعاثات واستخدام الأسمدة والبنية التحتية لسلاسل الإمدادات الغذائية وتجهيز الأغذية. ويبيّن الشكل 11 كيف يعكس التصنيف بشكل جيد مراحل التحوّل الريفي: فعندما يتراجع نصيب القيمة المضافة الزراعية من الناتج المحلي الإجمالي، تزيد إنتاجية اليد العاملة في الزراعة بشكل هائل. وتترافق هذه التغيّرات بتكثيف للإنتاج الأولي يقابله تغيّرات في كثافة الانبعاثات (الشكل 12). فعندما تزيد الانبعاثات لكل مساحة من الأراضي الزراعية بسبب التكثيف المتزايد للمدخلات، تتناقص الانبعاثات لكل وحدة من القيمة المضافة. وتسجَّل أعلى الانبعاثات لكل وحدة من القيمة المضافة في الزراعة في النظم الزراعية والغذائية التي تشهد أزمة طويلة الأمد، والآخذة في التوسّع، والتقليدية (حيث تكون إنتاجية اليد العاملة هي الأدنى)، حيث تميل التحسينات في كفاءة استخدام المدخلات وإضافة القيمة في الزراعة إلى أن تكون من بين أولويات الإنتاج الأولي. وستجري في القسم التالي مناقشة كيف يمكن تحفيز المنتجين لتجنّب الزيادة الكبيرة في الانبعاثات لكل هكتار من الأراضي الزراعية خلال هذه العملية باتباع نهج قائم على النظم.

الشكل 11 القيمة المضافة الزراعية كحصة من الناتج المحلي الإجمالي ولكل عامل بحسب فئة النظم الزراعية والغذائية

المصادر: من إعداد المؤلفين استنادًا إلى بيانات مستمدة من منظمة الأغذية والزراعة. 2023. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية: مؤشرات أهداف التنمية المستدامة: مؤشرات أهداف التنمية المستدامة. [تمّ الاطلاع على الموقع في 20 فبراير/شباط 2024]. https://www.fao.org/faostat/ar/#data/SDGB. الترخيص: CC-BY-4.0. وWorld Bank. 2023. World Bank Open Data. Agriculture, forestry, and fishing, value added per worker (constant 2015 US$). https://data.worldbank.org/indicator/NV.AGR.EMPL.KD. الترخيص: CC-BY-4.0.

الشكل 12 الانبعاثات لكل وحدة من الأراضي الزراعية ولكل وحدة من القيمة المضافة بحسب فئة النظم الزراعية والغذائية

المصدر: من إعداد المؤلفين استنادًا إلى منظمة الأغذية والزراعة. 2023. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية: تغيّر المناخ: انبعاثات النظم الزراعية والغذائية، مؤشرات الانبعاثات. [تمّ الاطلاع على الموقع في 20 فبراير/شباط 2024]. https://www.fao.org/faostat/ar/#data/EM. الترخيص: CC-BY-4.0.

ويبيّن الخط الأزرق في الشكل 13، باعتباره مؤشرًا على استخدام المدخلات من جانب المزارعين، أن متوسط استهلاك الأسمدة في كل هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة يزيد في مختلف أنواع النظم الزراعية والغذائية، مع بلوغه الذروة في فئة النظم الزراعية والغذائية ذات الطابع الرسمي قبل انخفاضه في فئة النظم الزراعية والغذائية الصناعية. وهذه التقديرات مستمدة على المستوى الوطني ولا تعطي تفاصيل عن عدم التجانس في حصول المزارعين على المدخلات، أو عن ممارسات إدارة المغذّيات، كتلك التي تؤدي إلى كفاءة الاستخدام مقابل الإفراط في التسميد، أو عن التغيّرات الحاصلة مع مرور الوقت. وعلى سبيل المثال، تشير الوثائق إلى أن كفاءة استخدام الفسفور تنخفض في بادئ الأمر عندما تتطور البلدان اقتصاديًا وتتحسن الممارسات الزراعية، ومن ثم تبقى مستقرة أو تزيد عندما تتحسّن ممارسات الإدارة وتتراكم المغذّيات في التربة.15 ويتسق هذا الاتجاه مع منحنى كوزنتس البيئي الذي يتوقع علاقة على شكل جرس بين التلوث والدخل.

الشكل 13 خصائص الإنتاج الأولي والثانوي للأغذية في مختلف فئات النظم الزراعية والغذائية

ملاحظة: يشمل استهلاك الأسمدة النيتورجين (N)، والفوسفات (P2O5)، والبوتاس (K2O).
المصدر: من إعداد المؤلفين استنادًا إلى بيانات مستمدة من: Economist Impact. 2018. Global Food Security Index (GFSI) Database [تمّ الاطلاع على الموقع في 20 فبراير/شباط 2024]. https://impact.economist.com/sustainability/project/food-security-index/download-the-index؛ ومنظمة الأغذية والزراعة. 2021. قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية: الأسمدة حسب المغذّي. [تمّ الاطلاع على الموقع في 20 فبراير/شباط 2024]. https://www.fao.org/faostat/ar/#data/RFN. الترخيص: CC-BY-4.0؛ Food Systems Dashboard. 2018. Retail value (total sales) of ultra-processed foods per capita. https://www.foodsystemsdashboard.org/indicators/food-environments/product-properties/retail-value-of-ultra-processed-food-sales-per-capita. [تمّ الاطلاع على الموقع في 20 فبراير/شباط 2024].

وتُعتبر البنية التحتية أساسية للتقليل من الفاقد من الأغذية على طول سلاسل الإمدادات وتيسير وصول الجميع إلى الأسواق. ومع ذلك، يبيّن الخط الأحمر في الشكل 13 كيف تتباين القدرة على تخزين المنتجات الغذائية ونقلها إلى الأسواق بين مختلف أنواع النظم الزراعية والغذائية. ويُعدّ مؤشر البنية التحتية الزراعية مؤشرًا مركبًا من شأنه تقييم البنية التحتية للطرقات والسكك الحديدية والموانئ والنقل الجوي والريّ في بلد معيّن، فضلًا عن الاستثمار في مرافق تخزين المحاصيل. وتشير الدرجة الأعلى من هذا المؤشر إلى وجود بنية تحتية أكثر تطوّرًا – وتكون القيمة في فئة النظم الزراعية والغذائية الصناعية أعلى بمقدار ثلاثة أضعاف منها في فئة النظم التي تشهد أزمة طويلة الأمد، الأمر الذي يدلّ على تحسّن الوصول إلى الأسواق وتزايد سلاسل التبريد جنبًا إلى جنب مع المتاجر الكبرى ومتاجر البيع بالتجزئة الحديثة.16

ويمكن ملاحظة تغيّر أنماط تجهيز الأغذية واستهلاكها في الشكل 13 (الخط الأخضر) الذي يظهر زيادة في قيمة بيع المنتجات الفائقة التجهيز بالتجزئة.ن وتحصل هذه الزيادة بالوتيرة الأسرع في النظم الزراعية والغذائية التقليدية والتي تشهد أزمة طويلة الأمد، ذلك أن سلاسل الإمدادات تنقل هذه الأغذية بشكل متزايد إلى المستهلكين حتى في الأماكن التي لا توجد فيها متاجر كبرى.17 ويدلّ بلوغ معدلات نمو مبيعات الأغذية الفائقة التجهيز الصفر أو قيمًا سلبية في النظم الزراعية والغذائية ذات الطابع الرسمي والصناعية، على تشبّع الأسواق (حيث تبلغ قيمة بيع هذه الأغذية بالتجزئة للفرد الواحد في اليوم في النظم الزراعية والغذائية الصناعية 30 ضعف القيمة في النظم الزراعية والغذائية التقليدية) وعلى تغيّر أذواق المستهلكين.

وتكشف بعض الخصائص الآنف ذكرها عن اتجاهات ينبغي تجنبها عندما تتطوّر الاقتصادات (مثل تزايد الانبعاثات ونمو مبيعات الأغذية العالية التجهيز)، فيما تشير خصائص أخرى إلى اتجاهات قد يلزم تحسينها (مثل تحسّن كفاءة الإنتاج) باستخدام عناصر مساعدة مختلفة في مراحل مختلفة من سلسلة الإمدادات. ويخلق توصيف النظم الزراعية والغذائية هذا خلفية عامة يجب استكمالها بمزيد من التحليلات لرسم صورة مكتملة ومحددة السياق للمنافع والتكاليف المستترة الناشئة عن النظم الزراعية والغذائية. وبالتالي، يجب النظر إلى هذه الخصائص على أنها وصفية للنظم الزراعية والغذائية الأوسع نطاقًا، كما ذُكر في الفصل 1، ولا يُقصد منها التلميح إلى وجود نظم زراعية وغذائية متفوّقة على غيرها خلال التحوّلات الملاحظة.

ويمكن لعمليات التقييم المحددة الأهداف لحساب التكاليف الحقيقية التي تذهب إلى أبعد من المعدلات الوطنية، أن تتعمّق في الأنشطة المترابطة التي تضطلع بها الجهات الفاعلة في قطاع الزراعة والأغذية في مختلف سلاسل الإمدادات الغذائية والأقاليم من أجل تحديد أوجه الاعتماد الجماعي بين هذه الجهات الفاعلة والآثار التي تحدثها على الأنواع الأربعة من رأس المال (الطبيعي والاجتماعي والبشري والإنتاجي). وتُعد مشاركة أصحاب المصلحة ضرورية لتحديد وتقليل المقايضات التي تنطوي عليها التدخلات الرامية إلى تعظيم المكاسب للجميع. وينبغي إشراك الجهات الفاعلة الضعيفة بشكل خاص، لضمان تحوّل شامل للنظم الزراعية والغذائية.

سدّ الفجوات وتمكين الجهات الفاعلة الضعيفة

مع أن النظم الزراعية والغذائية توفر العمالة في جميع أنحاء العالم، إلّا أنها لا توفر دائمًا مستوى معيشيًا ملائمًا ونوعية حياة مقبولة. وفي الواقع، غالبًا ما يُترك السكان الضعفاء خلف الركب في مختلف النظم الزراعية والغذائية، بما في ذلك الفقراء، والأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وصغار الجهات الفاعلة في سلسلة القيمة، والمهاجرون، واللاجئون، والنساء، والأطفال، والشباب، والأشخاص ذوو الإعاقة، والشعوب الأصلية، والمجموعات الأخرى التي تعاني من التمييز الاجتماعي والتهميش القائمين على نوع الجنس، و/أو العرق، و/أو الإثنية، و/أو الإعاقة، و/أو الطبقة الاجتماعية والاقتصادية. وتتحمّل هذه المجموعات العبء الأكبر من التكاليف الاجتماعية المستترة للنظم الزراعية والغذائية بسبب فجوات الأجور، والأشكال الأخرى من التمييز والتهميش، والحماية القانونية المحدودة وعدم تطبيقها، والفقر، وقلّة فرص العمل اللائق، ومحدودية فرص الوصول إلى التعليم الجيد، من جملة أمور أخرى. وتتفاقم أوجه عدم المساواة هذه بفعل الآثار غير المتناسبة التي يحدثها تغيّر المناخ، والكوارث الطبيعية، وانعدام الأمن الغذائي، على السكان الضعفاء.18، 19

وتشكل النساء شريحة كبيرة من العاملين في النظم الزراعية والغذائية، حيث يمثّلن 38 في المائة من القوة العاملة العالمية في النظم الزراعية والغذائية. ولكن، تواجه النساء في الكثير من الأحيان عوائق كبيرة تشمل الأعراف الاجتماعية التمييزية التي تقيّد إنتاجيتهن الزراعية ووصولهن إلى الموارد.20 ويظهر الشكل 14 أنماط العمالة في الزراعة، والأنشطة غير الزراعية في النظم الزراعية والغذائية، وأشكال العمالة الأخرى في العالم للرجال والنساء في عام 2021 وبحسب ستة أنواع من النظم الزراعية والغذائية.

الشكل 14 العمالة في النظم الزراعية والغذائية بحسب نوع الجنس والفئة، عام 2021

المصدر: حسابات المؤلفين بالاستناد إلى Costa, V., Piedrahita, N., Mane, E., Davis, B., Slavchevska, V. & Gurbuzer, Y. 2023. Women’s employment in agrifood systems – Background paper for The status of women in agrifood systems. Rome, FAO. https://doi.org/10.4060/cc9040en

وتكون النساء أكثر ميلًا إلى العمل في الزراعة في البلدان والأقاليم التي لديها نظم زراعية وغذائية تقليدية أو تشهد أزمة طويلة الأمد حيث يمثلن حوالي 60 في المائة من العمالة الزراعية. وتماشيًا مع عملية التحوّل الهيكلي، تقلّ الأهمية النسبية للزراعة في العمالة الإجمالية للرجال والنساء كلما أصبحت النظم الزراعية والغذائية صناعية أكثر. وعلى سبيل المثال، عندما تتحوّل النظم الزراعية والغذائية من نظم تقليدية إلى نظم آخذة في التوسّع، تقلّ حصة النساء في الزراعة بمقدار 31 نقطة مئوية، فيما تقلّ حصة الرجال بمقدار 11 نقطة مئوية. وإذ يستمر تنوّع النظم الزراعية والغذائية، تضيق الفجوة بين عمالة الرجال وعمالة النساء إلى 3 نقاط مئوية في النظم الزراعية والغذائية الصناعية. وفي هذه النظم الزراعية والغذائية الصناعية أكثر، يزيد انتشار الأدوار غير الزراعية بين الرجال والنساء على السواء. ومن المهم ملاحظة أن النظم الزراعية والغذائية تؤدي، في سياق الأزمات الطويلة الأمد، دورًا رئيسيًا في استراتيجيات التأقلم والقدرة على الصمود التي يتبعها السكان المتضررون. وفي هذه الحالات، يعمل الرجال والنساء على السواء في الزراعة بشكل أساسي، الأمر الذي يدل على مشاركة مدفوعة بالحاجة نتيجة انحلال فرص العمل الأخرى بسبب هجرة الذكور أو التجنيد للمشاركة في النزاع.21

وتشمل العوائق التي تواجهها النساء بالرغم من مشاركتهن الكبيرة في النظم الزراعية والغذائية، محدودية فرص الوصول إلى الأراضي والأصول الأخرى والتحكم بها، وكذلك محدودية الوصول إلى الخدمات المالية والتعليم والتكنولوجيا والأسواق وخدمات الإرشاد.22 وتميل الأدوار التي تؤديها النساء إلى التعرّض للتهميش وظروف عملهن إلى أن تكون أسوأ من الرجال في جميع أنواع النظم الزراعية والغذائية. ولا تؤدي هذه الفوارق إلى تقويض قدرات المرأة فحسب، بل أيضًا إلى الحد من كفاءة النظم الزراعية والغذائية واستدامتها، الأمر الذي يولّد تكاليف مستترة لم يتم احتسابها في إصدار عام 2023 من هذا التقرير. ويمكن لمعالجة هذه الفجوات أن تزيد إنتاجية النظم الزراعية والغذائية وقدرتها على الصمود، الأمر الذي يعزز بالتالي النمو الاقتصادي والأمن الغذائي (الإطار 11).

الإطار 11إطلاق عنان الإمكانات: قيمة معالجة التكاليف المستترة الناشئة عن الفجوات بين الجنسين في الزراعة

يمكن أن يساهم سدّ الفجوة بين الجنسين في النظم الزراعية والغذائية في تحقيق نمو اقتصادي غير مسبوق وفي التصدي لانعدام الأمن الغذائي. وتكشف التحليلات العالمية عن أنه يمكن لسدّ الفجوة في الإنتاجية بين المزارع التي يديرها رجال وتلك التي تديرها نساء أن يحدث زيادة كبيرة في القيمة المضافة الزراعية تصل إلى 3.2 في المائة. وتترجم هذه النسبة إلى مبلغ إضافي قدره 133.5 مليارات دولار أمريكي استنادًا إلى القيمة المضافة الزراعية لعام 2021 وقدرها 4.15 ترليون دولار أمريكي.23 علاوة على ذلك، يمكن لمعالجة الفوارق بين الجنسين في مجالي الإنتاجية والأجور في قطاع الأغذية والزراعة أن تحفّز زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 950 مليار دولار أمريكي، أو حوالي 1 في المائة.

ويمكن لمثل هذه التغيّرات المحورية أن تخفف من انعدام الأمن الغذائي العالمي بمقدار 2 نقاط مئوية، ما يعني أن 45 مليون شخص أقل سيعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد.23 ويكون تأثير هذه التغيّرات واضحًا بشكل خاص في البلدان الأقلّ نموًا والأكثر معاناة من انعدام الأمن الغذائي، حيث يمكنه أن يحدث زيادة في الناتج المحلي الإجمالي نسبتها 1.47 في المائة في البلدان التي لديها نظم زراعية وغذائية تقليدية و0.87 في المائة في البلدان التي لديها نظم آخذة في التوسّع. ويترجَم ذلك إلى تراجع في معدلات انعدام الأمن الغذائي نسبته 2.88 و2.25 في المائة على التوالي، كما هو مبيّن في الشكل. أما في البلدان التي تشهد أزمة طويلة الأمد، فيمكن لسدّ الفجوة بين الجنسين في مجالَي الإنتاجية والأجور أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.15 في المائة وأن يقلل معدلات انعدام الأمن الغذائي بنسبة 2.12 في المائة. وعندما تتطوّر النظم الزراعية والغذائية وتنخفض مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي، يستمر تضييق فجوة الأجور والإنتاجية بين الجنسين في النظم الزراعية والغذائية في إحداث تأثير إيجابي، ولو أصغر، على الحد من انعدام الأمن الغذائي، حيث يخفّض معدلاته بنسبة 0.84 في المائة في النظم الزراعية والغذائية ذات الطابع الرسمي وبنسبة 0.83 في المائة في النظم الزراعية والغذائية الصناعية.

وتؤكد هذه النتائج على المنافع الكبيرة التي تعود بها معالجة التكاليف المستترة للتفاوت بين الجنسين في النظم الزراعية والغذائية والذي ينجم عن عدم المساواة في تخصيص الموارد، وظروف العمل التهميشية، وتوزيع الأدوار، والمسؤوليات الراسخة في الأعراف الاجتماعية، والتمييز القائم على نوع الجنس، وليس عن التوزيع المدفوع بالكفاءة.

الشكل المكاسب التي تحققت جراء سد الفجوة بين الجنسين في النظم الزراعية والغذائية، عام 2021

المصدر: حسابات المؤلفين بالاستناد إلى Mane, E., Giaquinto, A.M., Cafiero, C., Viviani, S. & Anríquez, G. 2024. Why are women more food insecure than men? Exploring socioeconomic drivers and the role of COVID-19 in widening the global gender gap – Background paper for The status of women in agrifood systems. Rome, FAO. https://doi.org/10.4060/cc9160en

وتتمثل مسألة ملحّة أخرى في تزايد استغلال الأطفال في العمل، ولا سيما في النظم الزراعية والغذائية، الأمر الذي يولّد تكاليف اجتماعية مستترة إضافية ليس من السهل تحديدها تحديدًا كميًا. ومما يثير القلق أن عمالة الأطفال زادت في عام 2023 لأول مرّة منذ 20 سنة. وهناك في الوقت الراهن 160 مليون طفل عالق في دائرة عمالة الأطفال في العالم، من بينهم 79 مليون طفل يؤدّون أعمالًا خطيرة. وتحصل 70 في المائة من حالات عمالة الأطفال في الزراعة. غير أنّ عمالة الأطفال منتشرة أيضًا في قطاعي الخدمات والصناعة، بما في ذلك إنتاج المدخلات المستخدمة لتصنيع منتجات التصدير النهائية.24 وبالرغم من أن الاستغلال يمارَس في سياقات عديدة، فقد تمت إدانة بعض سلاسل القيمة العالمية، مثل صناعة البن، لاستخدامها عمالة الأطفال على النحو المبيّن في الإطار 12. وبما أن عمالة الأطفال ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالفقر – باعتبارها سببًا ونتيجة على السواء – فإن استئصالها يتطلب استراتيجية متعددة الجوانب. ويشمل ذلك تعاون الجهات الفاعلة من القطاع الخاص، وتعزيز إدراج منع عمالة الأطفال والقضاء عليها في السياسات العامة، وتحسين توفير الخدمات الاجتماعية، وتشجيع إعادة إلحاق الأطفال بالمدرسة واستبقائهم فيها.25

الإطار  12التكاليف المستترة لإنتاج البن في سلاسل القيمة في شرق أفريقيا

يُعدّ البن السلعة الثانية الأكثر تداولًا في العالم والسلعة الزراعية الأولى المتداولة، مع اعتماد أكثر من 30 مليون أسرة معيشية لأصحاب الحيازات الصغيرة بشكل مباشر على إيرادات البن في عام 2015 .30 وبالإضافة إلى الآثار البيئية الكبيرة التي يحدثها إنتاج البن وتجهيزه،31 هناك مخاوف اجتماعية رئيسية تتعلّق بظروف عيش وعمل مزارعي البن والعاملين في إنتاجه، وحصولهم على التعليم، والمساواة بين الجنسين، وعمالة الأطفال.32 وتهدف دراسة حالة بشأن حساب التكاليف الحقيقية أجريت لصالح هذا الإصدار من تقرير حالة الأغذية والزراعة إلى تحديد حجم العوامل الخارجية البيئية والاجتماعية الكبيرة لإنتاج البن في إثيوبيا وأوغندا وجمهورية تنزانيا المتحدة الواقعة في شرق أفريقيا، لتكون بمثابة مثال داعم لتحديد خيارات الاستيعاب الممكنة.

وتسدّ هذه الدراسة فجوة في البحوث من خلال النظر في الفوارق الخاصة بالمكان والسياق الموجودة داخل البلدان وبين أنواع البن (أرابيكا أو روبوستا) ونظم الإنتاج (الموسّع أو الكثيف) عند تحديد حجم وقيمة العوامل الخارجية الاجتماعية، أي الفجوة في الأجور المعيشية وفجوة الأجور بين الجنسين وعمالة الأطفال. وتتراوح نسبة التكاليف المستترة المحدَّدة كميًا بين 60 و150 في المائة من السعر الفعلي لكل كيلوغرام من حبوب البن الخضراء في المزرعة. وتساهم العوامل الخارجية البيئية والاجتماعية على السواء بشكل كبير في التكاليف المستترة بالرغم من أنه يصعب إجراء مقارنة مباشرة بين أحجامها بسبب اختلاف نُهج تحديد قيمتها النقدية.

وتبيّن أن بن روبوستا ينطوي على تكاليف مستترة إجمالية أعلى بكثير بسبب التكاليف الاجتماعية المستترة العالية الناشئة عن الفجوة في الأجور المعيشية نتيجة تدني الأسعار في المزرعة، كما هو مبيّن في الشكل. وفي المتوسط، تبلغ قيمة التكاليف المستترة الإجمالية لبن الحدائق ما مقداره 7.20 دولارًا على أساس تكافؤ القوة الشرائية لعام 2020، ولبن الغابات في إثيوبيا 6.45 دولارًا، ولبنّ أرابيكا ما مقداره 5.11 دولارًا، ولأصناف بن روبوستا ما مقداره 5.80 دولارًا في أوغندا، ولبن أرابيكا 2.35 دولارًا ولأصناف بن روبوستا ما مقداره 3.65 دولارًا في جمهورية تنزانيا المتحدة. ويساوي ذلك ما بين 60 و200 في المائة من سعر بن أرابيكا في المزرعة وما بين ضعفي وثلاثة أضعاف سعر بن روبوستا في المزرعة (مقارنة بأسعار المزرعة في وقت إجراء المسح). وإن التكاليف المستترة هي الأعلى في إثيوبيا حيث تكون مدفوعة بفجوة الدخل الكبيرة التي يعاني منها مزارعو البن الإثيوبيون.

الشكل متوسط التكاليف المستترة في سلاسل قيمة البن في إثيوبيا وأوغندا وجمهورية تنزانيا المتحدة، بحسب نوع البن

المصدر: Adong, A., Kornher, L., Chichaibelu, B.B. & Arslan, A. 2024. The hidden costs of coffee production in Eastern African value chains – Background paper for The State of Food and Agriculture 2024. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 24-06. Rome, FAO.

ولا تكون الأسعار في المزرعة موحدة، وهي عادة أعلى عند مزارعي البن المعتمدين. وتقدّر الدراسة أن مضاعفة سعر بن روبوستا في المزرعة لها تأثيران. فأولًا، تقلّص الفجوة في الأجور المعيشية من 3.16 إلى 1.16 دولارًا، وثانيًا، تنخفض التكاليف المستترة الإجمالية من 250 في المائة إلى 82 في المائة. وبالرغم من أن هذه الآثار كبيرة، فإنه لا يجب النظر في هذه التغيّرات بصورة منعزلة. فقد تحدث زيادة الأسعار في المزرعة – في حال لم يرتبط إصدار الشهادات ببعض المعايير البيئية – تغييرًا أيضًا في الحافز الذي يدفع مزارعي البن إلى قطع الأشجار وتوسيع مساحات أراضيهم أو إلى استخدام قدر أكبر من الأسمدة، مع ما يترتب عن ذلك من تكاليف بيئية سلبية. ويمكن إدارة هذه المقايضات المحتملة بشكل أفضل إذا تم تصنيف التكاليف البيئية والاجتماعية المستترة باستخدام نُهج حساب التكاليف الحقيقية وبالاقتران مع عمليات وضع السيناريوهات من أجل إظهار التكاليف والمنافع التي ينطوي عليها استيعاب العوامل الخارجية الأساسية التي تم الكشف عنها في إنتاج البن لجميع الجهات الفاعلة.

المصدر: Adong, A., Kornher, L., Chichaibelu, B.B. & Arslan, A. 2024. The hidden costs of coffee production in Eastern African value chains – Background paper for The State of Food and Agriculture 2024. FAO Agricultural Development Economics Working Paper 24-06. Rome, FAO.

ويرتبط الطابع غير الرسمي الذي يسود العمليات في مجال الأغذية والزراعة، بوضع الجهات الفاعلة الضعيفة ويطرح مجموعة متداخلة من التحديات أمام تحويل النظم الزراعية والغذائية. ويشكل العمال غير الرسميين والأعمال التجارية غير الرسمية جزءًا من سلاسل الإمدادات الغذائية، ولا سيما في البلدان المنخفضة الدخل، ولكن لا يتم أخذهم في الاعتبار في الإحصاءات الوطنية؛ كما أن الأنظمة الحكومية، والدعم، وبرامج الحماية الاجتماعية لا تصل إليهم. ونتيجة لذلك، لا يُدرَج القطاع غير الرسمي بشكل كافٍ في الجهود الرامية إلى تحسين سبل العيش والبيئة وسلامة الأغذية الصحية وإمكانية الحصول عليها،26 مع أن أنشطته تؤثر على سلامة الأغذية وتوافرها والقدرة على تحمّل كلفتها وإمكانية الحصول عليها وعلى أبعاد عديدة من سبل العيش (بما في ذلك الاستخدام وظروف العمل) والبيئة.27 ومن جهة، تشكل الأنشطة غير الرسمية أو شبه الرسمية المصدر الرئيسي للعائدات والدخل والأغذية الميسورة الكلفة بالنسبة إلى العديد من الشرائح الضعيفة في المجتمع.26, 28 ومن جهة أخرى، يمكن للأنشطة غير الرسمية، مثل عدم وجود عقود عمل رسمية، أن تديم ظروف العمل السيئة وعدم الامتثال للأنظمة المتعلّقة بسلامة الأغذية والنظافة الصحية.27 وتشكل تحليلات حساب التكاليف الحقيقية وسيلة لتسليط الضوء على هذه القيود التي تحول دون تحقيق تحوّل زراعي شامل. وتفيد إحدى الدراسات التي تناولت السعر الحقيقي للبن الكيني بأن الطابع غير الرسمي للقطاع والأسعار المتدنية تشكل الدوافع الرئيسية الكامنة وراء انتهاكات حقوق الإنسان.29

ولتحسين سبل العيش والرفاه، لا بدّ من مراعاة الظروف المختلفة التي يعيش فيها العمال المأجورون مقارنة بالعمال الذين يعملون لحسابهم الخاص. ويختلف هنا مفهوم الدخل المعيشي ومفهوم الأجر الكافي للعيش من حيث الممارسة العملية. فيشير مفهوم الدخل الكافي للعيش، أو المؤشر المرجعي للدخل الكافي للعيش، إلى الدخل السنوي الصافي الذي تحتاج إليه أسرة معيشية ما في مكان معيّن لتوفير مستوى معيشي لائق لجميع أعضائها. ويسمّى الفارق بين المؤشر المرجعي للدخل الكافي للعيش والمدخول الفعلي، الفجوة في الدخل الكافي للعيش. وتتباين هذه الفجوات بشكل كبير بين إقليم وآخر، ولكنها ملحوظة بشكل خاص في قطاع الأغذية والزراعة حيث تتراوح الأرقام بين 50 و94 في المائة بالنسبة إلى الأسر المعيشية النموذجية للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة.33 وفي المقابل، يعني الأجر المعيشي أنه يمكن للعاملين بأجر البالغين أن يغطوا تكاليف العيش الأساسية للأسرة كل شهر.34 وتؤدي الفجوة في الدخل الكافي للعيش المقترنة بساعات العمل الزائدة، إلى تقويض الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للعديد من المنتجين، كما تؤكده دراسة تناولت إنتاج الأرزّ والبطاطا الأيرلندية في بوتان وبوركينا فاسو وملاوي، وخلُصت إلى أن الآثار الاجتماعية أكبر من الآثار البيئية.35

back to top